أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
القانون المدني 580_im11 ENAMILS القانون المدني 580_im11

المواضيع الأخيرة

» مدونة القوانين الجزائرية - محدثة يوميا -
القانون المدني I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed

»  شركة التوصية بالاسهم -_-
القانون المدني I_icon_minitimeالجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin

» مكتبة دروس
القانون المدني I_icon_minitimeالإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
القانون المدني I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
القانون المدني I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
القانون المدني I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
القانون المدني I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin

» بحث حول المقاولة التجارية
القانون المدني I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl

» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
القانون المدني I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique

» الدفاتر التجارية:
القانون المدني I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma

ENAMILS


كتاب السنهوري


    القانون المدني

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

    القانون المدني Empty القانون المدني

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أغسطس 15, 2013 10:51 am

    القانون المدني
    جميع دروس السداسي الأول المستوى الثانية قانون علاقات اقتصادية ودولية

    تمهيـــد:
    " مفهوم وتطور نظرية] الالتزام"

    يعرف القانون المدني بأنه مجموعة القواعد القانونية التي تنظم وضعية الإنسان باعتباره فردا في وسط اجتماعي إنساني.
    ويقتصر القانون المدني في مضمونه على تنظيم الأحوال العينية أو الروابط المالية أو المعاملات، تاركا بعض الموضوعات الأخرى إلى القوانين الخاصة التي بلغت درجة الاستقلال والانفصال عن القانون المدني، ومنها قانون الأسرة، والقانون التجاري...إلخ وعلى هذا الأساس فتنظيم القانون المدني لعلاقات الأشخاص من حيث المال أي الحق المالي الذي ينقسم إلى نوعين رئيسيين، وهما الحقوق الشخصية والحقوق العينية، والالتزام هو الوجه السلبي للحق الشخصي.
    هذا ما يستوجب التمييز بين الحق الشخصي والحق العيني باعتبارهما يشكلان موضوع نظرية الالتزام.
    فالحق العيني مثل حق الملكية، هو سلطة محددة يخولها القانون لشخص معين على شيء معين، وهو بذلك يتكون من عنصرين أساسيين: هما صاحب الحق (Le sujet) وموضوع الحق(l objet)، ولصاحب الحق بمقتضى هذه السلطة المباشرة، أن يستعمل الشيء موضوع الحق وأن ينتفع به، وأن يتصرف فيه دون حاجة إلى وساطة شخص آخر.
    أما الحق الشخصي، فهو رابطة قانونية بين شخصين يسمى أحدهما بالدائن والآخر بالمدين يكون بمقتضاها للدائن مطالبة المدين بأداء معين، سواء بإعطاء شيء أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل وبذلك يتكون الحق الشخصي من ثلاثة عناصر و هي:
    الدائن sujet actif، والمدين sujet passif، ومحل الحق (L objet).
    ومن أمثلة هذا الحق، حق من يداين آخر بألف دينار وحق المستأجر في الحصول على منفعة العين المؤجرة من المؤجر. وتتميز هذه الحقوق عن بعضها البعض، وهي كثيرة جدا.

    وقد ذهب فقهاء القانون في تعريفهم للالتزام إلى الانقسام بين اتجاهين أو مذهبين، المذهب الشخصي والمذهب المادي. والتعريف السليم المأخوذ به هو الذي يقول بأن الالتزام رابطة قانونية بين طرفين محلها إعطاء شيء أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل له قيمة مالية يقتضيه أحدهما ويسمى الدائن بين الآخر الذي يسمى المدين.
    إن هذا التعريف يتفق مع نظرة المشرع الجزائري الذي عرف الالتزام في المادة 54م.
    وتسمى بالرابطة الشخصية بين الدائن والمدين، القائمة على ثلاثة أركان، وهي: الرابطة القانونية، المحل، والسبب.
    فالرابطة القانونية (un bien de droit) هي ذلك القيد الذي يرد على إرادة المدين أومدينه، وكان هذا القيد في القوانين القديمة ماديا يقع على شخص المدين، ثم صار بعض تطوره رابطة قانونية بحتة تقع على الذمة المالية والتي بمقتضاها يجبر المدين بواسطة السلطة العامة عند الضرورة على تنفيذ التزامه.
    أركان المحل أي محل الالتزام، هو الشيء الذي يلتزم به المدين وهو إما يكون بالإعطاء (Donner) كما في التزام البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري بقصد استيفاء ثمنه، أو بالعمل (faire) كما في التزام المؤجر بتسليم العين المؤجرة للمستأجر، أو بالامتناع عن العمل (ne pas faire)، كما في التزام التاجر ألا يزاحم منافسا له في التجارة.
    وأما السبب في الالتزام (cause) فهو الغرض القانوني الذي من أجله أوجب المدين الالتزام على نفسه، فالبائع غنما التزم بنقل ملكية المبيع بسبب الحصول على ثمنه.
    هذه العلاقة بين البائع والمشتري تسمى رابطة قانونية محلها نقل ملكية الشيء المبيع وسببها قيام المشتري بالتزامه من الوفاء بالثمن.
    وقد تأثرت نظرية الالتزام منذ عهد الحضارات القديمة بدءا بحضارة العراق القديم، مرورا بالحضارة الفرعونية والحضارة اليونانية إلى غاية تبلورها بشكل كبير في الحضارة الرومانية، خاصة المفهوم الذي جاء به فقهاء الرومان وعلى رأسهم موسوعات جوستيان، التي تعمقت في القوانين بشكل كبير، ثم جاء الفكر الإسلامي ليطور هذه النظرية على أسس ومبادئ موضوعية منطقية ساهمت بشكل كبير في تطوير نظرية الالتزام.
    إن التشريع الإسلامي في مواضيع القانون المدني قد سيق التشريع الروماني والقوانين الأوروبية الحديثة في تقرير بعض المبادئ العظيمة، منها مبدأ النيابة، ومبدأ الرضائية، والقوة الإلزامية للعقود، والعقود المشروعة ، والتعسف في استعمال الحق، وحوالة الدين، والحوادث غير المتوقعة وكلها نظم قانونية واقعية الصياغة والموضوعية والإنسانية في نتائجها.
    ونظرا لهذه الأهمية التي يتميز بها التشريع الإسلامي، فقد أخذ المشرع الجزائري بجعل الشريعة الإسلامية في المرتبة الثانية باعتبارها مصدرا رسميا للقانون الجزائري يأتي مباشرة بعد النصوص التشريعية.
    القسم الأول: مصادر الالتزام

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

    القانون المدني Empty رد: القانون المدني

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أغسطس 15, 2013 10:52 am


    المقصود بمصدر الالتزام سبب نشوئه، أ, الواقعة التي يترتب على حدوثها نشوء الالتزام، لأن الالتزام كما يقول الأستاذ سليمان مرقس، أمر عرض في حياة الأشخاص لابد من سبب ينشئه في ذمتهم. فالتزام المشتري بدفع الثمن يشكل مصدر عقد البيع والتزام المستأجر بدفع ثمن الإيجار يشكل مصدره عقد الإيجار، والتزام المتسبب في ضرر بتعويض هذا الضرر مصدره الفعل الضار، والتزام الأب بالإنفاق على أولاده مصدره نص في القانون.
    وقد قسم فقهاء القانون منذ القدم مصادر الالتزام خمسة مصادر وهي: العقد، وشبه العقد، والجريمة أو الجنحة، وشبه الجريمة، والقانون.
    وقد صنف فقهاء القانون هذه الأقسام الخمسة في طائفتين: مصادر إرادية للالتزام، وتضم العقد، والإرادة المنفردة، ومصادر غير إرادية، وتضم العمل غير المشروع، والإثراء بلا سبب، والقانون.

    الفصل الأول: العقـــد

    المبحث الأول: تعريف العقد

    يعتبر العقد أهم صورة للتصرف القانوني في الحياة الاجتماعية، لأن الإرادة المنفردة ليست سوى مصدر استثنائي للالتزام، وقد عرف القانون المدني الجزائري العقد في المادة 54 بقوله:" العقد اتفاق يلتزم بموجبه شخص أو عدة أشخاص آخرين بمنح، أو فعل، أو عدم فعل شيء ما". و واضح أن هذا التعريف يتضمن العقد والالتزام معا، ذلك أنه إذا كان موضوع العقد هو إنشاء الالتزام فموضوع الالتزام هو عمل إيجابي أو سلبي.

    ويندرج نظام العقد ضمن النظرية العامة للعقد باعتبارها جزءا من النظرية العامة للالتزام التي لا تنطبق إلا حيث يكون الاتفاق في نطاق القانون الخاص وفي دائرة المعاملات المالية.
    وتأسيسا على ذلك فلا تنطبق على العقود التي تدخل في مجال القانون العام، مثل المعاهدات الدولية والعقود الإدارية وكذلك العقود الواردة في قسم الأحوال الشخصية كالزواج والتبني.
    وتأسيسا على الإرادة الحاصلة عن الاتفاق فإن القوة الملزمة للعقد، تتجسد في مبدأ سلطان الإرادة وهو المبدأ الذي يأخذ به المذهب الفردي. أما المذهب الاجتماعي فيقول بمبدأ ضرورات الحياة في المجتمع، والمأخوذ به إجماعا هو مبدأ سلطان الإرادة القائمة على وجوب احترام حرية التعاقد، وأن القوة الملزمة للعقد المستمدة من مشيئة المتعاقدين فلا يجوز نقض العقد أ, تعديله، وليس للمشرع أو القاضي أن يتدخل في العقد.
    وقد ذهب فقهاء القانون في تقسيم العقود إلى أنواع من حيث التنظيم القانوني، ومن حيث التكوين، ومن حيث الأثر والطبيعة القانونية.
    ولقد تعرض المشرع الجزائري في المواد من 55 إلى58 من ق.م إلى تعريف بعض العقود مقلدا بذلك القانون المدني الفرنسي غير أن هذه المواد لم تستوعب كل أنواع العقود، لأن العقود تتطور بسرعة وبصفة مستمرة مما يؤدي إلى ظهور عقود جديدة، ولا يمكن حصرها في تعاريف محددة.

    المطلب الثاني: أنواع العقود

    لم يذهب المشرع الجزائري في تشريعاته إلى حصر أنواع هذه العقود بمواد مقننة بل ترك مجالها مفتوحا لإحتواء كافة التطورات الحاصلة في هذا النطاق. وعلى هذا الأساس أوجد الفقه أنواع كثيرة من العقود تحت أسماء مختلفة. وهي كالتالي:


    الفرع الأول:العقود الرضائية والشكلية والعينية

    العقد الرضائي (Contrat consensual) هو العقد الذي يكفي لإنعقاده مجرد التراخي، أي مجرد تطابق الإرادتين عليه أيا كانت وسيلة التطابق كتابة، أو مشافهة أو إشارة، والرضائية هي القاعدة العامة في ق.م.ج.
    أما العقد الشكلي (Contrat solonnel) فهو ما لا يكفي التراضي بانعقاده بل يجب بجانب التراخي اتباع شكل معين يوجب القانون مثل تحرير العقد بواسطة موظف مختص.
    وهو ما يعرف بالعقد الرسمي، ومثال ذلك عقد الهيبة وعقد الرهن الرسمي. وعقد الشركة، وعقد بيع العقار، وعقد بيع المحلات التجارية.
    أما العقد العيني: (Contrat réel) فهو ما لا يكفي فيه التراضي لانعقاده بل يجب إلى جانب ذلك تسليم العين قبل محل التعاقد ومن هنا يعتبر التسليم ركنا فيه، أما قبل التسليم فالعقد لا يكون موجودا.

    الفرع الثاني: العقود الملزمة بجانب واحد والعقود الملزمة لجانبين

    العقد الملزم للجانبين أو العقد التبادلي(contrta synallgmatique)
    هو الذي ينشئ التزامات متقابلة في ذمة كل من المتعاقدين (م55 ق.م) ويعتبر كل متعاقد بموجبه دائنا ومدينا في آن واحد كعقود البيع والإيجار والمقايضة والمقاولة والعمل.
    أما العقد الملزم بجانب واحد أو العقد غير التبادلي (contrat unilateral) هو الذي لا ينشئ التزامات إلا في جانب واحد، أي يكون بمقتضاه أحد الطرفين مدينا والآخر دائنا (م56 ق.م) ومثال ذلك عقود القرض، والهيبة والوكالة بغير أجر والوديعة بغير أجر.

    الفرع الثالث: عقود المعاوضة وعقود التبرع

    عقد المعاوضة (contrat à titre onéreux) والذي يأخذ فيه كل من المتعاقدين مقابلا لما أعطى ولما التزم ( م58 ق.م) مثل عقود البيع والمقايضة وافجارة والشركة والصلح والعمل وغيرها. أما عقد التبرع (Contrat à titre gratuit) فهو الذي يأخذ فيه أحد المتعاقدين عوضا لما أعطاه كالهيبة والعارية والوديعة والقرض بدون فائدة والوكالة بدون أجر وغيرها. وتكمن أهمية التقسيم إلى عقود معاوضة وعقود تبرع إلى أنه في مجال المسؤولية العقدية أن مسؤولية المتبرع أخذ عادة من مسؤولية المعاوض.

    الفرع الرابع: العقود المحددة والعقود الاحتمالية

    العقد المحدد (contrat commutatif) هو الذي تنشأ عنه في ذمة طرفين التزامات محققة الوجود ومحددة القدر بحيث يستطيع كل منهما أن يحدد وقت انعقاده والقدر الذي أخذه والقدر الذي أعطاه. م57/ ق.م.
    أما العقد الاحتمالي أو عقد الغر(Contrat aléatoire)فهو الذي لا يستطيع فيه كل من طرف لحظة انعقاده لعقد أن يحدد القدر الذي سيعطيه أو الذي سيأخذه، لأن هذا وذاك يكون متوقفا على أمر المستقبل غير محقق الوقوع ( م57/2 ق.م) ومثال ذلك عقود التأمين واليانصيبوالمقامرة وبيع لثمار قبل انعقادها بثمن جزافي.

    الفرع الخامس: العقود الفورية والعقود الممتدة

    العقد الفوري (Contrat instantané) هو العقد الذي لا يكون الزمن فيه عنصرا جوهريا، فيتم تنفيذه دفعة واحدة كما هو في عقد البيع عادة.

    أما العقد الممتد أو المستمر (Contrat successif) فهو الذي ينفذ فيه الالتزام بأداءات مستمرة أو آداءات دورية كعقد الإيجار وآداءات دورية كعقد التوريد.

    الفرع السادس: العقود المسماة والعقود غير المسماة
    العقد المسمى (Contrat nommé) هو عقد خصه المشرع باسم معين، وبنصوص تنظم أحكام بالذات في المجموعة المدنية كالبيع والمقايضة والشركة والقرض والصلح والإيجار.....إلخ.
    أما العقد غير المسمى (contrat innomé) فهو الذي لم يضع الشارع له تنظيما خاصا ومن ثم فهو يخضع في تكوينه وآثاره للمبادئ العامة لنظرية الالتزام وهي غير محصورة وللإدارة الحرية في إنشاء ما نريد من عقود في حدود النظام العام.

    الفرع السابع: العقود البسيطة والعقود المختلطة

    تنقســم العقـود المسماة إلى عقود بسيطة وعقود مختلطة فالعقد البسيط (Contrat simple) هو الذي يتناول نوعا واحدا من العقود كالبيع والإيجار. أما العقد المختلط (Contrat mixte) فهو الذي يجمع بين عدة عقود متعاصرة امتزج بعضها بالبعض الآخر، وعادة يكون من العقود غير المسماة مثل العقد بين صاحب الفتدق والنزيل والعقد بين صاحب المسرح والجمهور.


    المبحث الثاني: إبرام العقد

    يقوم العقد أساسا على الإرادة أي التراضي بين المتعاقدين وللتراضي عنصرين أساسيين هما: المحل (L objet) والسبب ( la cause) لذلك فقد جرى التقليد في الفقه المدني بأن أركان العقد ثلاثة: الرضا والمحل والسبب.

    المطلب الأول: التراضي أو الإرادة

    الفرع الأول: معنى وجود الإرادة
    المقصود بوجود الإرادة سواء أكانت إيجابا أو قبولا هو صدورها من شخص لديه إرادة ذاتية يعقد بها القانون، بغية إحداث أثر قانوني معين، فإذا كان الشخص قادرا على أن يرضى جر البحث عن أمر آخر هو توافر النية لدى الشخص في ترتيب أثر قانوني، إذ قد يكون هازلا أو مجاملا وفي كلتا الحالتين لا يكون ملتزما. وقد تنعدم الإرادة نتيجة فقدان الوعي أو السكر أو مرض أو غيب عقلية.

    الفرع الثاني: أهمية التعبير عن الإرادة

    إن الإرادة في ذاتها عمل نفسي لا يعلم به إلا صاحبه وهي لا تتخذ مظهرها الاجتماعي وبالتالي لا يعتد بها القانون إلا بالتعبير عنها، ويتم التعبير عنها باللفظ أو بالكتابة أو بالإشارة المتداولة عرفا أو باتخاذ موقف لا يدع أي شك في دلالته على حقيقة مقصود صاحبه (م6م/ن ق.م).
    وقد يكون التعبير عن الإرادة صريحا أو ضمنيا، وينص المشرع الجزائري على أنه يجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمننيا إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحا.(م60/2ق.م).

    الفرع الثالث: صلاحية السكوت للتعبير عن الإرادة

    الأصل هو أن السكوت المجرد لا يتضمن أي دلالة على القبول لأن الرضا عمل إيجابي والسكوت شيء سلبي، وفي هذا المعنى قرر فقهاء الشريعة الإسلامية قاعدتهم المشهورة لألا ينسب الساكت قول:" وهو المبدأ الذي يقول به جمهور الفقهاء وعمل به القضاء. وأخذت به التشريعات الحديثة، على أن هناك أحوال استثنائية يعتبر فيها السكوت قبول (م68 ق.م).

    الفرع الرابع: الإرادة الظاهرة والإرادة الباطنة

    من الحتمي وجوب التعبيرعن الإرادة كي تتحول من ظاهرة نفسية إلى ظاهرة اجتماعية يعتد بها القانون، وهذه الحقيقة تقودنا إلى البحث في تحديد قيمة التعبير في تكوين العقد خاصة عندما تختلف الإرادة الكامنة عن الإرادة المعلنة وقد اتجه الفقه اتجاهات مختلفة.

    الفرع الخامس: الوقت الذي ينتج فيه التعبير عن الإرادة أثره القانوني
    لا ينتج التعبير عن الإرادة ( صريحا أو ضمنيا) أثره القانوني إلا منذ أن يتصل بعلم من وجه إليه (م61 ق.م) ولا يكون له قبل هذا الوقت إلا وجود فعلي ليس له أثر قانوني.

    الفرع السادس: أثر الوفاة أو فقدان الأهلية في التعبير عن الإرادة

    المبدأ المقرر في النظرية التقليدية الفرنسية أن موت أي من الطرفين أو فقده الأهلية قبل انعقاد العقد، يحول دون انعقاده. وذلك يعكس المذهب في الفقه الألماني الذي يجعل للتعبير وجودا ذاتيا لا يتأثر بموت موجهه أو الموجه إليه ولا بفقد أهلية أحدهما.
    وقد أخذ المشرع الجزائري بالمذهب الجرماني في هذه المسألة بالقدر الذي يقضيه استقرار المعاملات ويتفق مع التطور الموجود في القوانين (م62 ق.م). وأساس هذا الحكم هو النظرية الحديثة المستمدة من الإسلام التي ترى أن الإرادة لا تموت ولا تنعدم بوفاة الشخص الذي تصدر عنه.


    المطلب الثاني: توافق الإراديتين

    توافق الإراديتين أو التراضي هو اقتران الإيجاب بقبول مطابق له. ذلك أن يلزم لقيام العقد وفقا للمادة 59 ق.م أن يصدر تعبير عن إرادة شخص هو الإيجاب (l offre) الـذي يتضمـن عرضا منه، وأن يصدر تعبير يقابله عن إرادة شخص آخر هو القبول (l acceptation) الذي يأتي مطابقا للإيجاب.

    الفرع الأول: الإيجــــاب

    الإيجاب (L offer ou pollicitation) هو العرض الصادر من شخص يعبر بوجه جازم عن إرادته في إبرام عقد معين، بحيث إذا ما اقترن به قبول مطابق له انعقد العقد (م54 و 59 ق.م).
    وعليه ينعقد العقد في كثير من الحالات بناء على دعوة موجهة من أحد الطرفين أو دعوة موجهة إلى الجمهور كالإعلان عن البضائع عن طريق الصحف. أو العرض في وجهات المحلات. غير أن الدعوة إلى التفاوض لا تعد إيجابا رغم أنه يشكل عمل مادي.
    و يشترط في الإيجاب أن يكون جازما أي ينطوي على إرادة الموجب في إبرام العقد مجرد اقتران القبول به.
    ولا يتعارض الجزم في افيجاب على تعليقة على شروط صريحة أو ضمنية وهو ما يسمى بالإيجاب المعلق.
    كما أن يكون كاملا، أي أن تتوافر فيه العناصر الرئيسية للعقد المراد إبرامه، بحيث ينعقد العقد بمجرد اقتران القبول به وتتحقق هذه الخصائص في الإيجاب تصير له قوة ملزمة وهو إحداث أثر قانوني للإيجاب، ولا أثر لمن لا يصله الإيجاب.
    ومتى كان الإيجاب ملزما فإن الموجب لا يملك الرجوع فيه، وينعقد العقد متى صدر القبول من خلال المدة المحددة لضرورة ويسقط الإيجاب. يتوفر أحد الأسباب التالية:
    -إما بالرفض الصادر ممن وجه إليه الإيجاب.
    -وإما بانقضاء المهلة التي التزم فيها الموجب بالبقاء على ايجابه.
    -ويسقط الايجاب كذلك إذا كان معلم على وتخلف ذلك الشرط.
    -كما يسقط الايجاب إذا انقضى الاجتماعي بين الطرفين الحاضرين قبول صدور القبول.
    الفرع الثاني: القبـــول

    القبول (L acceptation) هو التعبير البات عن إرادة الطرف الذي وجه إليه الإيجاب، فهو الإرادة الثانية في العقد إذ لا ينعقد العقد إلا باتفاق ارادتين وعلى هذا الأساس فإن لصحة القبول يستلزم توفر شروط لإحداث أثر قانوني.

    الفرع الأول: الحرية في القبول

    هذا يعني أن الموجب له يستطيع أن يقبل الإيجاب أو يرفضه كما يكون له أن يدعه يسقط لأن الأصل هو الحرية في التعاقد، غير أن حرية من يوجه إليه الإيجاب في قبوله أو رفضه ليست مطلقة في جميع الأحوال، وإنما هي مقيدة بعدم التعسف في استعمال رخصة الرفض، وذلك إذا كان هو الذي دعا الموجب إلى التعاقد بعد أن حدد شروطه.
    ويشترط في القبول الذي ينعقد به العقد شرطان أساسان: أن يكون مطابقا للإيجاب، وأن يتم قبل سقوط افيجاب.
    أ-مطابقة القبول للإيجاب:
    ومعناه صدور القبول بالموافقة على كل المسائل التي تضمنها الإيجاب، ويستوي أن تكون هذه المسائل رئيسية أو ثانوية، فالقبول يجب أن يكون جوابا" بنعم" عن الإيجاب. (م65،66 ق.م) ، وأن الاتفاق الذي يعد له محلا المتعاقدين أو أحدهما بإبرام عقد معين في المستقبل لا يكون له أثر إلا إذا عينت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه والمدة التي يجب إبرامه فيها (م171 ق.م). وإذا اشترط القانون بتمام العقد استيفاء شكل معين فهذا الشكل يجب أن يطبق أيضا على الاتفاق المتضمن الوعد بالتعاقد.
    ب-صدور القبول قبل سقوط الإيجاب:
    معناه أنه يجب أن يكون الإيجاب ما يزال قائما، فإذا كانت هناك مدة للإيجاب صريحة أو ضمنية تعين أن يصدر القبول قبل فوات هذه المدة، وإلا اعتبر ايجابا جديدا.
    وإذا كان الإيجاب قد صدر في مجلس العقد ولم تحدد له مدة، فيجب أن يصدر القبول قبل انفضاض مجلس العقد.

    الفرع الثاني: تطابق الإيجاب والقبول

    قلنا سابقا بأنه لا ينعقد العقد إلا إذا أتى القبول مطابقا للإيجاب تمام المطابقة. غير أن اقتران القبول بالإيجاب قد تختلف ظروفهما بحسب ما إذا كان العاقدان يجمعهما مجلس واحد أم يقيمان في مكانين مختلفين.
    أ-المتعاقدين حاضرين:
    يقصد باتحاد مجلس التعاقد وأن يكون التعاقد بين حاضرين بمعنى أن يجمع العاقدين مكان واحد فيكونان على اتصال مباشر بحيث لا تكون هناك فترة زمنية تفصل بين صدور القبول وعلم الموجب به والأصل أن يستوي في ذلك أن عقد المجلس حقيقيا أو حكميا بالتعاقد بالتليفون.
    ب-التعاقد بين غائبين أو بالمراسلة:
    إن التعاقد بين غائبين هو الذي لا يجمع المتعاقدين في مجلس واحد يجعل بينهما اتصالا مباشرا حيث تكون هناك فترو زمنية تفصل بين صدور القبول وعلم الموجب به.
    ويقع التعاقد بين غائبين عن طريق المراسلة أو البرق أو رسول وقد يصدر القبول في مكان ويتم العلم به في مكان آخر، ومن هنا يثور التساؤل عن زمان وعن مكان التعاقد.
    وقد انقسم الفقه بين نظريتين: نظرية إعلان القبول (Théorie de la declaration)
    والتـي ترى بأن العقد ينعقد بقبول الإيجاب ممن وجه إليه ونظرية تسليم القبول (théorie de la reception) والتي ترى بأن العقد ينعقد في الوقت الذي يتسلم فيه الموجه فعلا القبول وقد أخذ المشرع الجزائري في المادة 67 ق.م نظرية العلم الحكمي الذي يستخلص من وصول القبول إلى الموجب...).
    وتبرز أهمية تحديد زمان الانعقاد في معرفة الوقت الذي يبدأ فيه تنفيذ الالتزام، ومعرفة بدء سريان تقادم الالتزام المترتب على العقد.

    الفرع الثالث: أهم الصور الخاصة بتطابق الإرادتين
    وهي المقصود بالتطبيقات الخاصة بالتراضي وأهما النيابة في التعاقد، الوعد بالتعاقد، التعاقد بطريق الميزانية، التعاقد بالعربون، عقود الإذعان وأخيرا العقود المفروضة أو الموجهة.

    أ-النيابة في التعاقد:
    النيابـــة (la representation) هــي إبـرام شخـص يسمـى النائـب (Le représentant) عمـلا قانونـيا لحســاب شخص آخر وباسمه يسمى الأصيل (le représenté) بحيث ينتج هذا العمل القانوني آثاره مباشرة في ذمة الأصيل.
    وتنقسم النيابة من حيث مصدر سلطة النائب إلى اتفاقية وقضائية وقانونية، ويشترط لقيام النيابة أن تحل إرادة النائب محل إرادة الأصيل (م 73 ق.م) وأن يتعاقد النائب باسم الأصيل وأخيرا أن يكون التعاقد في حدود السلطة المخولة للنائب (م74 إلى 77 ق.م).
    ب-الوعد بالتعاقد:
    الوعد بالعقد (promesse de contrat) وفق ما تصرح به المادة 71 ق.م، اتفاق بعد بموجبه كلا المتعاقدين أو أحدهما بإبرام عقد معين في المستقبل، فالوعد بالتعاقد عقد بمعنى الكلمة يمهد بإبرام عقد آخر وهو العقد الموعود به وهذا الوعد قد يكون ملزما لجانبين، كما قد يكون ملزما لجانب واحد،
    والوعد بالتعاقد في حقيقته القانونية هو عقد ملزم بجانب واحد هو الواعد الذي يلتزم في مدة محددة بإبرام العقد إذا أعلن الوعود له إرادته خلال هذه المدة في إبرامه (م71 ق.م)
    ويشترط لانعقاد الوعد بالتعاقد أن تعين فيه جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه. وأن نعين المدة التي يجب خلالها إظهار الرغبة في التعاقد، وكذلك مراعاة الشكلية التي يشترطها القانون وإلا كان باطلا.
    جـ-التعاقد بطريق المزايدة أو المناقصة:
    جـاء في نص المــادة 69 ق.م علـى أنـه: لا يتم العقد في المزايدات،(les enchéres) ألا يرسو المزاد (l adjudication) ويسقط المزاد بمزاد أعلى ولو كان باطلا. ولذلك فإن البيوع الاختيارية التي تتم عن طريق المزاد بصفة علنية أو سرية ( في صورة مصاريف مغلقة) يعتبر ما يصدر من المكلف بالمزاد هو مجرد دعوة إلى التعاقد، أما الإيجاب فهو التقدم بالعطاء الذي يسقط بعطاء يزيد عليه، ولو كان هذا العطاء الآخر باطلا.
    د-التعاقد بالعربون:
    العربون (les arches) مبلغ من المال (أو منقول من نوع آخر) يدفعه أحد المتعاقدين للآخر وقت التعاقد، هو ظاهرة شائعة الاستعمال يقصد بها أما أن العقد قد تم نهائيا وأن الهدف من دفع العربون هو ضمان تنفيذه. وأما احتفاظ كل من المتعاقدين بخيار العدول عن العقد ويحدد مقدما مقدار التعويض الذي هو العربون. وقد أخذ الفقه الجزائري بدلالة الدول اقتداء بالقانون الفرنسي، ومن ثم يكون حكم العربون في ق.ج أنه يؤخذ أولا بما اتفق عليه المتعاقدان فإن سكتا عن دلالة العربون اعتبر مقابلا للحق في العدول.

    هـ-عقد الإذعان:
    عقد الإذعان (contrat d adhesion) هو الذي ينفرد فيه أحد المتعاقدين بوضع شروطه بحيث لا يكون للتعاقد الآخر أن يقبل هذه الشروط كلها أو يرفضها كلها، ومن أمثلة ذلك عقود الاشتراك في الكهرباء والغاز والمياه وعقود النقل والتأمين والعمل في المشروعات الكبرى وهي ظاهرة في التطور الاقتصادي الحديث.
    ولقد اعتبر المشرع الجزائري عقود الإذعان عقودا حقيقية (م70 ق.م) وراعى في تطبيقها أن العقد شريعة المتعاقدين.
    و-العقود المفروضة أو الموجهة:
    على إثر التطور الاقتصادي والاجتماعي، وتقدم الصناعة وجميع رؤوس الأموال تدخلت الدولة في توجيه القواعد الأساسية والشروط في عقود النقل والتأمين والإيجار والمرافق العامة وسمية هذه العقود بالعقود الموجهة (contrat dirigé) كما أظهرت الفكرة إلى العقود بالعقود المفروضة أو الخيرية. كعقود التنمية والعقود الجماعية التي تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة.

    المبحث الثالث: عيوب الرضا

    في اُلأصل لكي يستقر نهائيا أن يكون التراضي صحيحا. وذلك بأن يكون التراضي صادرا من ذي أهلية وسليما من عيوب الإرادة، وهي الغلط والتدليس والإكراه، والاستغلال ولقد أضاف إليها المشرع الجزائري الغبن في المادة 91 ق.م غير أن الغبن في حقيقته ليس عيبا في الإرادة ولكنه عيب في العقد وتأسيسا على ما تقدم تقسم عيوب التراضي إلى خمسة مطالب، وهي : نقص الأهلية، الغلط، التدليس، الإكراه، الاستغلال.

    الفرع الأول: نقص الأهلية (L incapacité)
    الأصل أن يكون الشخص كامل الأهلية (م 78 ق.م) وأن أحكام الأهلية من النظام العام، بحيث لا يجوز لأحد التنازل عنها أو تغيير أحكامها إلا بمقتضى نص في القانون.
    إن المقصود بالأهلية في نطاق دراسة صحة التراضي هو أهلية الآداء، وهي صلاحية الشخص للقيام بالأعمال أو التصرفات القانونية وتكون الأهلية معدومة في حالة الصبي غير المميز و* والمعتوه وانعقاد العقد من هؤلاء يكون باطلا بطلانا مطلقة.
    وتكون الأهلية ناقصة كما في حالة الصين غير المميز والسفيه وذي الغفلة والإرادة معيبة والتراضي غير صحيح.
    وعليه لا يكون أهلا لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقد الأهلية أو ناقصها.
    وعليه فمن بلغ سن الرشد (19 سنة)، كاملة، ولم يحجر عليه فيعتبر كامل الأهلية وفقا لأحكام المادة 40 ق.م
    أما من بلغ سن التمييز ( أي 16 سنة) ولم يبلغ سن الرشد. وفقا للمداة 43 ق.م. تكون تصرفاته نافذة إذا كانت نافعة له وباطلة إذا كانت ضارة له.

    الفرع الثاني: الغلط l erreur
    الغلط هو وهم يقوم في ذهن شخص يحمله على اعتقاد غير الواقع بمعنى أن تصور غير الحقيقة، كأن يعتقد المشتري بأن التحفة يقوم على شرائها مصنوعة من الذهب الخالص مع أن الحقيقة أنها من النحاس المطلى بلون الذهب. وقد اختلف الفقهاء في تحديد الغلط المعيب للإرادة فهناك الغلط المانع، والغلط المعيب للرضا والغلط غير المؤتمر. أما الرأي الراجح الحديث فيسمى الغلط الدافع إلى التعاقد أي الاعتداد بالصفة الجوهرية التي اعتبرها المتعاقد في الشيء.
    وقد حاول المشرع الجزائري في المواد من 81 إلى 85 ق.م التوفيق بين قواعد القانون في قيام العقد على رضا صحيح ومقتضيات التعامل التي تتنافى مع جواز مفاجأة العاقد ببطلان العقد، وعليه اشترط في الغلط الذي يوجب إبطال العقد أن يكون جوهريا من ناحية وداخلا في نطاق العقد من ناحية أخرى.
    ويكون الغلط جوهريا إذا بلغ من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط (م82 ق.م/1).
    أما الغلط الداخل في نطاق العقد، فيعني أن يكون الأمر الذي دفع العاقد إلى إبرامه معلوما من العاقد الآخر، ومن هنا ظهرت فكرة أن يتصل الغلط بالمتعاقد الآخر وأن يقع المتعاقد الآخر في نفس الغلط أو أن يكون على علم به، أو يكون من السهل عليه تبينه.
    في حين أن الغلط في القانون طبقا لنص المادة 83 ق.م. يعني أنه يكون العقد قابلا للإبطال لغلط في القانون. إذا توفرت فيه شروط الغلط طبقا لنص المادة 81 ق.م وهذا النوع يبيح طلب إبطال العقد إذا وقع على الشيء أو على الشخص وكان جوهريا.
    ويجوز للمتعاقد الذي وقع ف يغلط جوهري وقت إبرام العقد أن يطلب من القضاء إبطاله م81 ق.م ويقع عبء الإثبات على الوعي ويكون ذلك بكافة الطرق بما فيها القرائن.

    الفرع الثالث: التدليس (le dal)
    التدليس أو الخداع هو استعمال حيلة توقع المتعاقد في غلط يدفعه إلى التعاقد أو هو استعمال طريق احتيالية لخديعة، حد المتعاقدين خديعة تدفع إلى التعاقد. والتدليس يرتبط بنظرية المسوؤلية التقصيرية، فهو عمل غير مشروع يستوجب التعريض باعتباره غلطا مديرا باستعمال طرق احتيالية وعليه فالتدليس خطأ عمدي م86 ق.م التي تقض بأن يجوز إبطال العقد للتدليس إذا كانت الحيل من الجسامة بحيث لولاها لما أبرم الطرف الثاني العقد.
    وإذا اكتملت شروط التدليس كان العقد قابلا للإبطال لمصلحة الطرف المدلس عليه. ويقع عبء إثبات التدليس وفقا للقواعد العامة.

    الفرع الثالث: الإكـــراه (La violence)
    أ-مفهوم الإكراه:
    الإكراه هو ضغط يتعرض العاقد قبوله في نفسه رهبة أو خوفا يحمله على التعاقد، والإكراه بهذا المعنى يفسد الرضا ولا يعدمه، فإرادة المكره موجودة، ولكنها معيبة بفقدانها لأحد عناصرها الأساسية وهو عنصر الحرية والإختيار، ولقد عرفه المشرع الجزائري في المادة 88/1 بأنه هو الرهبة التي نبعت دون حق في نفس أحد المتعاقدين فتحمله على التعاقد.
    ولقد بحث فقهاء التشريع اٌلإسلامي هذه المسألة تحت عنوان الإكراه، أو الضغط منذ زمن طويل، وسبقوا القوانين الوضعية الحديثة في جعل الإكراه من شوائب الرضا وعيوبه انطلاقا من آيات القرآن وأحاديث السنة النبوية.
    وينقسم الإكراه إلى قسمين حسب ما هو متفق عليه فقها وشرعا.
    1-الإكراه المادي أو الحسي (violence physique):
    وهو الإكراه الذي تستخدم فيه قوة مادية تمارس على الفاعل مباشرة، فتشل إرادته وتفقده حرية الاختيار. ووسيلة الإكراه الجسماني كالضرب الشديد أو إمساك اليد بالقوة للتوقيع على صك مزور، وغيرها.
    2-الإكراه المعنوي أو النفسي (violence morale):
    وهو التهديد الذي يوجه إلى العاقد فيخلو فيه حالة نفسية من الخوف والفزع فيندفع إلى التعاقد، ووسيلته الإكراه المعنوي كالتهديد بالفشل أو يقطع عضو من أعضاء الجسم أو هلاك المال أو الماس بالعرض والشرف.
    3-الإكراه في الفقه الإسلامي:نوعان كذلك باعتبار قوته ودرجة تأثيره:
    الإكراه الملجىء أو الشاع وهو الضغط الذي يعرض النفس كالتهديد بالقتل أو بإتلاف المال. وهو بعدم الرضا.
    والإكراه غير الملجىء أو الناقص وهو كالتهديد بالضرب أو الحبس وهو بعدم الرضا ولا يفسد الإختيار.
    وقد اشترط المشرع الجزائري في المادتين 88.89 ق.م لكي يتحقق الإكراه ثلاثة شروط:
    التهديد بخر جسيم محدق الوصول الرهبة أو الخوف التي تدفع إلى التعاقد. وشرط اتصال الإكراه بالعقد الآخر.
    ويقع عبء إثبات الإكراه في جميع الأحوال على من يدعيه (م 393 ق.م) وعليه يحق للمتعاقد الذي اندفع تحت سلطان الرهبة أن يطلب إبطال العقد (م88/1.، س101/1 ق.م) ويسقط هذا الحق إذا لم يتمسك به صاحبه خلال 10 سنوات. من يوم انقطاع الإكراه.
    والإكراه سواء كان ماديا أو معنويا هو مانع من موانع العقاب في قانون العقوبات الجزائري، وسبب من أسباب امتناع المسؤولية الجنائية، (م48 ق.ع.ج).

    الفرع الرابع: الاستغلال والغبن(l’exploitation et la lesion)
    مفهوم الاستغلال والغبن

    يقصد بالغبن اختلال التوازن الاقتصادي في عقد المعاوضة، نتيجة عدم التعادل بين ما يأخذه كل عاقد فيه وما يعطيه، فهو الخسارة التي تلحق بأحد المتعاقدين في ذلك العقد، فهو بهذا المظهر المادي للاستغلال.
    وأما الاستغلال فهو أمر نفسي، لا يعتبر الغبن إلا مظهرا ماديا له فهو عبارة عن استغلال أح د المتعاقدين لحالة الضعف التي يوجد فيها المتعاقد الآخر للحصول على مزايا تقابلها منفعة لهذا الأخير وقد سلك المشرع الجزائري الطريق الذي سلكت فيه القوانين الحديثة فأخذ بفكرة الاستغلال، وذلك مع الإبقاء على بعض الحالات في الغبن المادي بمقتضى نصوص متفرقة.
    ولقد حرمت الشريعة الإسلامية الربا الفاحشين وجعلت سببا من أسباب فسخ العقود، وكذا استعمال العقد كأداة للاستغلال.
    وقد فرق علماء الشريعة بين الغبن الفاحش والغبن اليسير. إن هذا الأخير لا يؤثر في صحة العقد ولا يعطي للمغبون خيار الغبن إلا إذا كان مدينا حجر عليه بسبب دينه المستغرق لماله.
    وقد جعل المشرع الجزائري من الاستغلال عيبا في الإرادة ينطبق على سائر التصرفات ويتبين من نص المادة 90 ق.م أن يشترط لقيام الاستغلال عنصرين وهما: العنصر المادي للاستغلال ويتحقق إذا كانت التزامات أحد الأطراف المتعاقدين متفاوتة كثيرا في الشيبة مع ما حصل عليه هذا المتعاقد من فائدة بموجب العقد ، ومعنى ذلك أن يكون هناك اختلالا فاحشا.
    والعنصر النفسي وهو عنصر مزدوج يقوم في جانب كلا الطرفين فهو بالنسبة لأحد الطرفين ضعف نفسي وبالنسبة للطرف الآخر الاستفادة من هذا الضعف، وضعف أحد الطرفين لابد أن يكون واحد من أمرين: طيش بين، أو هوى جامح.
    ومن هنا يتعين أن يكون العاقد المغبون قد تعاقد تحت تأثير الطيش البين أو الهوى الجامح.
    إن حكم الاستغلال والغبن في التشريع الجزائري. ففي الاستغلال إذا توافرت عناصره كان للمغبون أن يطعن في العقد وله الخيار بين إبطال العقد أو انقاص الالتزامات إلى الحد الذي يكفي لرفع الغبن أما في حالة الغبن المادية فقد أكد المشرع على أن يراعي في تطبيق المادة:90 ق.م. عدم الإخلال بالأحكام الخاصة بالغبن في بعض العقود وهذه التطبيقات واردة على سبيل الحصر في نصوص متفرقة ولا يجوز للقاضي التوسع فيها أو القياس عليها.

    المبحث الثاني: المحل أو الموضوع

    المحل (l objet) ركن في الالتزام كما ركن في العقد ومحل الالتزام l objet de l obligation هو ما يتعهد به المدين وهذا الأخير قد يلتزم بإعطاء شيء، أو بتأدية شيء، أو بالامتناع عن عمل.
    أما محل العقد فهو العملية القانونية التي تراض الطرفان على تحقيقها ففي عقد البيع نجد أن محله هو نقل الملكية مقابل ثمن نقدي.
    ولتحقيق هذه العملية القانونية بنشىء العقد التزامات في ذمة أطرافه.
    هذا ولقد نص المشرع الجزائري على المحل في المواد من 92 إلى 98 ق.م.

    المطلب الأول: شروط المحل
    نص التقنين المدني الجزائري على شروط المحل في المواد من 92 إلى 96 ويستخلص من هذه المواد أن شروط المحل ثلاثة وهي: أن يكون المحل ممكنا أو موجود، أن يكون معينا أو قابلا للتعيين، أن يكون مشروعا.
    الفرع الأول: أن يكون المحل ممكنا أو موجودا
    إذا كان محل الالتزام إعطاء شيء (obligation de donnes) يجب أن يكون هذا الشيء موجودا، وإذا كان محله عملا أو امتناع عن عمل (obligation de faire au de ne pas faire) يجب أن يكون العمل أو الامتناع ممكنا فالوجود في الالتزام بإعطاء، يقابل الإمكان في الالتزام بعمل أو الامتناع عنه، وفي هذا الصدد فقد نصت المادة 93 ق.م بقولها: إذا كان محل الالتزام مستحيلا في ذاته كان العقد باطلا بطلانا مطلقا." وعليه فإن معنى المحل الممكن هو أن يكون غير مستحيل في ذاته.
    وقد ميز الفقه بين الاستحالة المطلقة الموجودة وقت التعاقد بمنع قيام الالتزام ويترتب عليها بطلان العقد، وسواء كانت استحالة طبيعية أو قانونية.
    أما الاستحالة النسبية فتتحقق إذا كان موضوع الالتزام مستحيلا على بعض الأشخاص دون البعض.
    وقد اشترطت الشريعة الإسلامية أن يكون المعقود عليه موجودا عند إنشاء العقد، وأن المعدوم الذي لا يمكن وجوده في المستقبل لا يصلح أن يكون محلا للعقد.

    الفرع الثاني: أن يكون معينا أو قابلا للتعيين
    (objet determine ou determinable)
    إن تعيين هل الالتزام أمر لابد من توافره، أو هو ما تفرضه طبيعة الأشياء، وهذا الشرط واجب توافره في محل الالتزام أيا كانت صورته. فإذا ورد الالتزام على شيء معين بذاته يجب أن تحدد ذاتية الشيء على وجه يميزها عن غيرها ويمنع الاختلاط بغيرها.
    إما إذا لم يكن محل الالتزام معينا بذاته وجب أن يكون معينا بنوعه وصنفه ومقداره وإلا كان العقد باطلا (م 94 ق.م).
    إذا كان الشيء محل الالتزام تقودا يجب تعيين مقداره، ويلتزم المدين بقدر عددها المذكور في العقد.
    إما إذا كان محل الالتزام عملا أو امتناعا عن عمل، فيجب أن يكون هذا العمل أو الامتناع معينا. أو قابلا للتعيين، فإذا تعهد مقاولا بناء منزلا فلابد من تحديد أوصافه على الأقل. وأن يكون قابلا للتعيين.
    الفرع الثالث: أن يكون مشروعا
    لا يقوم الالتزام إلا إذا كان محله مشروعا (licite) أي غير مخالف للنظام العام والآداب العامة، وشرط المشروعية هو شرط عام أيا كان محل الالتزام عملا أو امتناعا عن عمل أو منعا لشيء وهو ما نص عليه المشرع الجزائري في المادة 96 ق.م، بقوله:" إذا كان محل الالتزام مخالفا للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلا".

    المبحث الثالث: السبب (la cause)
    تناول المشرع الجزائري السبب في المادتين 97،98 من ق.م والسبب يعرف عادة بأن الغرض المباشر أو القريب المجرد الذي يقصد إليه المتعاقد من التزامه، أما العنصر غير المباشر فهو الباعث أو الدافع إلى التعاقد والسبب بهذا المفهوم لا يكون عنصرا في كل التزام بل هو يقتصر على الالتزام العقدي دون الالتزام غير العقدي الذي لا يقوم على إرادة الملزم ومن هنا، يتصل السبب كعنصر في الالتزام العقدي بالإرادة. والإرادة المعتبرة لابد لها من سبب مشروع وقد اختلف فقهاء القانون حول نظرية السبب نظرا لطبيعتها المعقدة والغامضة.

    وقد أخذت النظرية التقليدية بالغرض المباشر المجرد الذي يريد المدين تحقيقه بالتزامه.
    أما النظرية الحديثة. فهي من ابتكار القضاء الفرنسي الذي اعتبر الباعث هو سبب الالتزام ما دام أنه كان معروفا من المتعاقدين معا. حتى لو لم يكون جزءا من الاتفاق فيما بينهما.
    أما المشرع الجزائري فقد نص في المادتين: 97،98/1. بقوله :" إذا كان التزام المتعاقد لسبب غير مشروع أو لسبب مخالف للنظام العام أو للآداب العامة كان العقد باطلا". " محل التزام مقترض أن له سببا مشروعا ما لم يقم الدليل على غير ذله".
    وعلى هذا الأساس فإنه يشترط في السبب شرطان.
    أولا: أن يكون موجودا بمعنى أنه سبب الالتزام يجب أن يكون موجودا فإذا كان معدوما بطل العقد.
    ثانيا: أن يكون مشروعا. وهذا الشرط يتعلق بسبب الالتزام وبسبب العقد، والعبرة هنا بالباعث الدافع على التعاقد وأن يكون الباعث مشروعا، وألا يخالف النظام العام والآداب العامة وإلا كان العقد باطلا.
    إن عبء الإثبات يقع وفقا للقاعدة العامة على من يرعبه، ويصف إثبات السبب ومشروعيته، وقد فرق القانون بين حالتين :
    حالة ما إذا كان السبب مذكور في العقد، وهو قرينة من مقتضاها أن السبب المذكور حقيقي حتى يقوم الدليل على ما يخالف ذلك.
    وحالة ما إذا لم يذكر السبب في العقد. وهنا يفترض المشرع أن للالتزام سببا موجودا وأن للعقد سببا مشروعا وعلى من يدعى العكس أن يثبت ذلك.
    المطلب الثالث: نظرية البطلان
    الفرع الأول: مفهوم البطلان و أنواعه (la nullité)
    البطلان هو الجزء الذي فرضه القانون على عدم توفر ركن من أركان العقد أو شرط من شروط صحته وهو عبارة عن انعدام أثر العقد بالنسبة إلى المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير والعقد الذي لم تراع قواعد القانون في تركيبه يكون باطلا، فلا ينتج أثرا قانونيا ولا ينشأ عنه حق أو التزام، وتختلف قوة الجزاء باختلاف نوع القاعدة التي لم تراع في تكوين العقد، فإذا كانت القاعدة حتى المصلحة العامة كان البطلان مطلقا، أما إذا كانت تلك القاعدة حتى مصلحة خاصة كان البطلان نسبيا، فيكون للعقد وجودة إلى أن يطلب بطلانه.
    وقد قسمت النظرية التقليدية البطلان إلى قسمين، بطلان مطلق وبطلان نسبي.
    أولا: البطلان المطلق (nulllite absolue) هو جزاء العقد الذي تخلف فيه شرط من شروط الانعقاد وهي الرضا والمحل والسبب والشكل في العقود الشكلية، فلا يكون وجود لهذا العقد وإلا ينتج أي أثر.
    ثانيا: البطلان النسبي (nullité relative) وهو جزاء تخلف شرط من شروط الصحة كعدم توافر الأهلية اللازمة لإبرام العقد لدى كل من المتعاقدين، أو فساد الإرادة بأحد عيوب الرضا وهي الغلط والإكراه والتدليس والغبن والاستغلال.
    إن العقد الباطل بطلانا نسبيا يأخذ حكم العقد الصحيح وتترتب عليه كافة الآثار القانونية، حتى يتمسك بالبطلان من يكون البطلان في مصلحته. وقد أخذ المشرع الجزائري بهذا الاتجاه في المواد 103،105 ق.م.
    ثالثا: أثر البطلان بالنسبة للمتعاقدين
    القاعدة العامة في أثر البطلان فيما بين المتعاقدين هي إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانت عليها قبل التعاقد وما يرد عليها، ويتعين على كل عاقد أن يرد ما تسلمه أما حصل عليه بمقتضاه.

    رابعا: أثر العقد بالنسبة للغير
    لا يقتصر أثر البطلان على العاقدين، بل يمتد إلى الغير، فللبطلان أثر مطلق ويحتج به في مواجهة الكافة والمقصود بالغير هنا كل من اكتسب حقا على العين محل العقد الذي تقرر بطلانه، كما لو كان العقد الباطل بيعا وتصرف المشتري في العين التي اشتراها الآخر بالبيع فالأصل أنه إذا بطل العقد الأول فيجب أن يبطل العقد الآخر تطبيقا للأثر الرجعي للبطلان.
    ولكن الأثر الرجعي للبطلان لا يمنع بداهة بقاء حق الغير إذا استند إلى سبب آخر لكسبه كالتقادم المكسب القصير المدة أو الحيازة في المنقول.
    خامسا: الاستثناءات الواردة على القاعدة العامة

    تستثنى من القاعدة العامة بعض الأحكام الخاصة بحماية الغير حسن النية، ويتعين التفرقة هنا بين عقود الإدارة وعقود التصرف، والشركات التجارية الباطلة.


    المبحث الرابع: آثار العقد
    إذا قام العقد صحيحا واستوفى جميع أركانه وشروطه على الوجه الذي تقدم ذكره، توفرت له قوته الملزمة، فيصبح مضمونه واجب التنفيذ وبحسن نية (م106، 107 ق.م) وهذا الوجوب هو ما يعرف بالقوة الملزمة للعقد. طبقا للقاعدة المشهورة العقد شريعة المتعاقدين. وقد استقر قضاء المحكمة العليا بأن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو لأسباب يقررها القانون.
    وقد تناول المشرع الجزائري أحكام العقد وآثاره القانونية في المواد من 106 إلى 118 من ق.م.
    وتأسيسا على ذلك فإن أثر العقد تتحدد في المسائل التالية:
    -القوة الملزمة بالنسبة للأشخاص.
    -تحديد مضمون القوة الملزمة.
    -جزاء القوة الملزمة للعقد.





    المطلب الأول: القوة الملزمة بالنسبة للأشخاص
    تخضع القوة الملزمة للعقد بالنسبة للأشخاص إلى مبدأ هام يسمى مبدأ نية أثر العقد (principe de la relativité)
    والذي مفاده بأن أثر العقد يقتصر على طرفيه وقد جاء في نص م 113 ق.م " لا يترتب العقد التزاما في ذمة الغير و لكن يجوز أن يكسبه حقا".
    وفي هذا الصدد تعرض القانون إلى الخلف العام الذي يعني من يخلف الشخص في ذمته المالية من حقوق والتزامات أو في جزء منها باعتبارها مجموعا من المال، كالوارث والموصى له بجزء من التركة والخلافة العامة يكون بعد الموت. وتتحقق عن طريق الميراث أو الوصية.
    أما بالنسبة لأثر العقد على الخلف الخاص، وهو من يتلقى من السلف حقا معينا كان قائما في ذمته سواء أكان هذا الحق عينيا أم شخصيا أم يرد على شيء غير مادي كالمشتري، يخلف البائع في المبيع والموصى له بعين بالتركة. والمنتفع يخلف المالك في حق الانتفاع والموهوب له بمال يخلف الواهب في هذا المال ( م109 ق.م).
    فالخلف الخاص يتأثر بالعقود التي أبرمها السلف طبقا لنص المادة 109 ق.م.
    أما في الحقوق. فقد انعقد إجماع في الفقه والقضاء على انتقال الحق الذي عقده السلف إلى الخلف الخاص ما دام متصلا بالشيء الذي استخلف فيه.
    أما بشأن الالتزامات، فالسائد في الفقه والقضاء أن القاعدة العامة هي عدم انتقال هذه الالتزامات إلى الخلف الخاص ولو كانت متعلقة بالمال الذي استخلف فيه. فهو يعتبر من الغير بالنسبة إليها. وترتيبا على ذلك قضى بأن مشتري المحل التجاري لا يلتزم بالالتزام الذي عقده البائع مع بعض منافسيه بعدم فتح المحل في يوم معين من أيام الأسبوع.
    أثر العقد بالنسبة للدائنين العاديين.
    لا يعد الدائن العادي خلفا عاما ولا خلفا خاصا، ومع ذلك يتأثر الدائن بالعقود التي يبرمها مدينه، إذ هو كقاعدة عامة يتأثر بتصرف المدين، فإن اكتسب هذا التصرف المدين حقا زادت فرصة الدائن في استيفاء حقه، وبأن حمله التزاما ضاقت هذه الفرصة، إذ ينجم عن نقص أمواله ضعف الضمان فهو يتأثر بشكل غير مباشر أي لا تتحمل بالتزام ولكنه يستفيد من اكتساب المدين حقا.
    ولقد خول القانون للدائن حماية قانونية تجاه التصرفات الضارة به والتي تؤثر على حق الضمان العام، ومن هذه الوسائل القانونية الدعوى غير المباشرة حتى يحافظ على أموال مدينه نيابة عنه والدعوى البوليصة أو دعوى عدم نفاذ التصرف ضد التصرفات التي تنقص من حقوق المدين والتي تنطوي على غش منه وأخيرا دعوى الصورية إذا صدر عن المدين تصرف صوري ضار بالدائن.

    المطلب الثاني: التعهد عن الغير
    الفرع الأول:يقصد بالتعهد عن الغير(la promesse du porte forte) أن يلتزم أحد الطرفين في عقد بحمل أجنبي عنه على قبول التزام معين، فهو بعبارة أخرى ذلك العقد الذي يتعهد فيه أحد الطرفين بأن يجعل شخصا آخر يلتزم بالتزام معين قبل الطرف الآخرللعقد(أي عقد التعهد عن الغير) ومثاله أن يملك شخصان أرضا على الشيوع مناصفة، فيبيع أحدهما هذه الأرض فيتعاقد مع المشتري عن نفسه، ويتعهد لهذا الأخير عن شريكه الغائب فيلتزم بالحصول على رضائه بالبيع.
    ويشترط القانون في التعهد عن الغير الشروط التالية: (م114 ق.م)
    أولا: أن يتعاقد المتعهد باسمه وليس باسم الغير الذي يتعهد عنه، فهو يختلف عن الوكيل الذي يتعامل باسم الموكل وعن الفضول الذي يعمل باسم رب العمل لمصلحته، أما المتعهد فيتعاقد باسمه وينصرف إليه أثر العقد.
    ثانيا: أن تتجه إرادة المتعهد إلى إلزام نفسه لا إلزام الغير الذي تعهد عنه وإلا كان التعهد باطلا.
    ثالثا: أن يكون مضمون التزام المتعهد هو الحصول على رضا الشخص الثالث، والتزام المتعهد هو التزام بتحقيق غاية وليس التزاما ببذل عناية، وعليه يعتبر المتعهد مخلا بالتزامه إذا لم يقبل الغير بتعهده.

    الفرع الثالث: أحكام التعهد عن الغير
    للغير حرية مطلقة في قبول التعهد أو رفضه لأن أثر العقد الذي يتضمن التعهد ينصرف إليه، فهو أجنبي أصلا عنه ولا يمكن أن ينشئ التزاما في ذمته، ويترتب عن التعهد حالتين إما الإقرار و إما الرفض:
    أولا: حالة الإقرار
    إذا أقر الغير التعهد صراحة أو ضمنيا ترتب على إقراره انصراف أثره إليه، وبإقراره يقوم عقد جديد بينه وبين المتعاقد مع المتعهد، ويكون انعقاده منذ الوقت الذي علم فيه مع تعاقد مع المتعهد بهذا القبول. ( م 114 ق.م). وبنينا على قبول الغير أن يعتبر المتعهد قد أوفى بالتزامه.
    ثانيا: رفض الغير للتعهد
    قلنا بأن للغير مطلق الحرية في إقرار التعهد أو عدم إقراره، غير أن رفض الغير معناه أن المتعهد قد أخل بالتزامه ويجب عليه أن يعوض من تعاقد معه، ويقدر التعويض وفقا للمبادئ العامة في تقديره. ويرى المشرع الجزائري بأنه يجوز للمتعهد أن يتخلف من التعويض بأن يقوم بنفسه بتنفيذ الالتزام الذي تعهد به طبقا لنص المادة 114 ق.م

    المطلب الثالث: الاشتراط لمصلحة الغير
    (la stipulation pour autrui)
    الفرع الأول: تعريف الاشتراط
    هو اتفاق بين المشترط والمتعهد ينشأ عنه على عاتق الأخير حق للمنتفع وهو عبارة عن بند في عقد ينشأ بمقتضاه حق لأجنبي. أصلا عنه.
    وقد نظم القانون الجزائري أحكام الاشتراط لمصلحة الغير في المواد:110، 117، 118 ق.م. ومن صوره أن يتعهد أحد العاقدين للآخر بأن يلتزم قبل شخص ثالث، أجنبي أصلا عن العقد فينشأ حق بمقتضاه.
    ولقاعدة الاشتراط لمصلحة الغير تطبيقات عملية كثيرة تصب في العديد من العقود، مسماة أم غير مسماة. وفي الغالب تكون في عقد التأمين.

    الفرع الثالث: أهم شروط الاشتراط لمصلحة الغير
    طبقا لنص المادة 110 ق.م هذا يستلزم الشروط التالية:
    أولا: أن يتعاقد المشترط باسمه.
    ثانيا: أن تتجه إرادة المتعاقدين إلى إنشاء حق مباشر للمنتفع.
    ثالثا: أن يكون للمشترط في هذا الاشتراط مصلحة شخصية

    الفرع الثالث: أحكام الاشتراط لمصلحة الغير
    تتعلق آثار الاشتراط لمصلحة الغير بثلاثة أشخاص وهم: المشترط، المتعهد، المنتفع.
    أولا: علاقة المشترط بالمتعهد
    يلتزم كل من المشترط والمتعهد بتنفيذ الالتزامات التي نشأت في ذمتها بمقتضى الاشتراط ووفقا ليؤده. وإذا قصر أحدهما في الوفاء جرى حكم القواعد العامة المتعلقة بتنفيذ الالتزامات، فيجوز لكل منهما أن يطلب التنفيذ العيني إذا كان ممكنا، أو يطلب التعويض كما يجوز أن يطلب الفسخ. أو يدفع بعدم التنفيذ.
    ثانيا: علاقة المشترط بالمنتفع

    تتحدد هذه العلاقة وفقا لطبيعتها القانونية، بحسب ما إذا كانت علاقة ، تبرع، أم علاقة معاوضة، أي ضرورة التفرقة بين حالة وأخرى وتطبيق القواعد القانونية الخاصة بتلك الحالة.

    ثالثا: علاقة المتعهد بالمنتفع
    ينجر في هذه الحالة العلاقة أهم طابع يميز الاشتراط لمصلحة الغير في الخروج على قاعدة نسبية أثر العقد، وسيترتب عليها أن المنتفع يكسب حقا مباشرا من عقد الاشتراط، وهذا الحق يكون قابلا للنقض من جانب المشترط، وذلك إلى أن يظهر المنتفع رغبته في الاستفادة من الاشتراط، ويترتب عن ذلك المسائل التالية:
    1-حق مباشر وشخص ينشأ للمنتفع
    يكسب المنتفع من الاشتراط لمصلحته حقا مباشرا قبل المتعهد مصدره عقد الاشتراط، وهذا الحق المباشر هو حق شخصي للمنتفع يخوله أن يرفع دعوى مباشرة يطالب فيها المتعهد بالوفاء بما التزم ( م116 ق.م).
    ومقابل ذلك يستطيع المتعهد أن يتمسك قبل المنتفع بالدفوع التي تنشأ عن العقد، كالبطلان أو الفسخ.


    2-جواز نقض الاشتراط: (la révocation de la stipulation)
    جاء في نص المادة 117 ق.م أنه " يجوز للمشترط دون دائنيه أو ورثته أن ينقض المشاركة قبل أن يعلن المنتفع إلى المتعهد أو إلى المشترط رغبته في الاستفادة منها، ما لم يكن ذلك مخالفا لما يقتضيه العقد.
    وليس للنقض شكل خاص، فقد يكون صريحا أو ضمنيا، وبجوز أن يوجه إلى المنتفع أو إلى المتعهد، وإن كان يجب على كل حال إعلانه إلى هذا الأخير ليمتنع عن الوفاء بالتزام للمنتفع.
    3-وجوب إظهار المنتفع رغبته في الاستفادة من الاشتراط
    وينتهي حق المشترط في النقض إذا أظهر المنتفع رغبته في الاستفادة من الاشتراط فيجب أن يظهر المنتفع هذه الرغبة حتى يستقر حقه، وإذا صدر نقض من المشترط وظهرت رغبة من المنتفع دون أن يعلم أحدهما بموقف الآخر، فلا يكون العبرة بتاريخ صدور النقض أو إظهار الرغبة بل بالأسبقية في إعلان أيهما المتعهد.
    إن قبول المتعهد للاشتراط لا يكسبه الحق لأن هذا الحق قد ثبت له من وقت انعقاد عقد الاشتراط، وإنما الم
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

    القانون المدني Empty رد: القانون المدني

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أغسطس 15, 2013 10:53 am

    الفرع الثالث: حدود القوة الملزمة للعقد
    يقصد بالقوة الملزمة للعقد احترام القانون الذي نشأ عنه ولتحديد ما يترتب عنه من التزامات بحسن نية، وفقا لمضمونه الذي تحدد على النحو السابق (106-107 ق.م). غير أن هذه القاعدة العامة يرد عليها فيما يتعلق بسلطان القاضي استثناءات: أحدهما خاص بقيود اٌلإذعان (110 ق.م) والثاني يتعلق بنظرية الظروف الطارئة (107/ف ق.م)
    أولا: المبدأ العام العقد شريعة المتعاقدين
    تقضي المادة 106 ق.م، بأن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه، ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون.
    وهذا معناه أن العقد هو القانون الإتفاقي الذي يلتزم به المتعاقدين وهو يقوم مقام القانون في تنظيم العلاقات العقدية. ويطبقه القاضي عليهما كما يطبق القانون.
    وطبقا لهذا المبدأ العام، يجب على كل طرف أن ينقذ الالتزامات الملقاة على عاتقه وفقا لمضمون العقد مع مراعاة حسن النية.
    وظاهر من نص المادة 106 ق.م أنه لا يملك أحد المتعاقدين أو حتى القاضي نقض العقد أو تعديله يكون اتفاق بين إرادتين ولا تستطيع إرادة واحدة أن تعفى منه أو تعدل فيه. غير أن هناك استثناءات يجيز القانون فيها للقاضي، لاعتبارات تتعلق بالعدالة أن يعدل العقد ( م184/1 ق.م). والمادة 110 ق.م التي تجيز للقاضي سلطة تعديل الشروط التعسفية في عقد الإذعان والإعفاء منها. والمادة 119 ق.م التي تخول للقاضي سلطة منح أجل للمدين.
    الإستثناء الأول: عقود الإذعان
    نصت المادة 110 ق.م على " أنه إذا تم العقد بطريق الإذعان جاز للقاضي أن يعدل هذه الشروط أو أن يعفي الطرف المذعن منها وذلك وفقا لما تقضي به العدالة ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك.
    الاستثناء الثاني: نظرية الظروف الطارئة
    تقضي المادة 107 ق.م بأنه " إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي، وإن لم يصبح مستحيلا صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للقاضي تبعا للظروف وبعد مراعاة لمصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك.
    ومن هنا، فإن فكرة نظرية الظروف الطارئة تفترض وجود عقود يتراضى فيها التنفيذ إلى أجل أو إلى أجل، تعقد توريد، أو عقد بيع شيء مستقبل، وعند حلول أجل التنفيذ تكون الظروف الاقتصادية قد تغيرت بسبب حدث لم يكن متوقعا، مما يؤدي إلى فقدان التوازن الاقتصادي بين الالتزامات الناشئة عن العقد في ذمة طرفيه، الأمر الذي يجيز للقاضي أن يتدخل ليوزع تبعث هذا الحادث على عاتق الطرفين، ويرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول والمألوف في مثل هذه الحالة.

    المبحث الثالث: جزاء القوة الملزمة للعقد
    إذا نشأ العقد صحيحا ، يكون واجب التنفيذ بحيث يتعين على كل متعاقد تنفيذ الالتزامات الملقاة على عاتقه طبقا لما استمل عليه وبحسن نية.
    وعليه فإنه من الطبيعي أن ينفذ كل متعاقد التزاماته العقدية باختياره، أما إذا امتنع عن تنفيذ التزاماته أجبر على تنفيذها بالقوة الجبرية.
    غير أنه في بعض الأحوال يتعذر تنفيذ الالتزام تنفيذا عينيا، ولا يبقى للدائن إلا أن يلجأ إلى ما يسمى بالتنفيذ بمقابل بطريق التعويض، وذلك طبقا لأحكام المسؤولية العقدية (176-187 ق.م) والمواد: (123،119،122 ق.م).
    وترتيبا على هذه المواد سنبحث في أحكام المسؤولية العقدية وأحكام الدفع بعدم التنفيذ، وأحكام موضوع الفسخ.
    المطلب الأول: المسؤولية العقدية
    الفرع الأول:مفهوم المسؤولية العقديةLa responsabilité contractuelle
    المسؤولية العقدية هي جزاء الإخلال بالالتزامات الناشئة عن العقد أو عدم تنفيذها، وهي لا تقوم إلا عند استحالة التنفيذ العيني، ولم يكن من الممكن إجبار المدين على الوفاء بالتزاماته المتولدة عن العقد عينيا، فيكون المدين مسؤولا عن الأضرار التي يسببها للدائن نتيجة عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عن العقد.
    وعلى هذا الأساس فقيام المسؤولية العقدية يفترض وجود عقدا صحيحا واجب التنفيذ لم يقم المدين بتنفيذه، وأن يكون عدم التنفيذ راجع إلى خطأه. أما حيث ينتفي الخطأ بقيام السبب الأجنبي فلا محل للمسؤولية ولا مساءلة المدين.(176 ق.م).

    الفرع الثاني: الخطأ العقدي في مسؤولية العاقد عن فعله الشخصي
    يفرق القانون المدني الجزائري في هذا الموضوع بين ثلاثة أنواع من الالتزامات وهي:
    -الالتزام بتحقيق نتيجة أو غاية: obligation de résultat .
    -الالتزام ببذل عناية: obligation de moyen.
    -الالتزام بالسلامة obligation de résultat.
    فبالنسبة للنوع الأول، يكون تنفيذه بتحقيق نتيجة معينة كالالتزام بنقل ملكية، والالتزام بإقامة بناء. أو الالتزام بتسليم بضاعة، ويكفي لعدم تحقيق الغاية لوقوع الخطأ. العقد، من جانب المدين.
    أما فيما يتعلق بالنوع الثاني وهو الالتزام ببذل عناية فإن الواجب الملقى على عاتق المدين في هذا الالتزام هو بذل العناية في تنفيذ التزامه، دون أن يكون مطالبا بإدراك النتيجة أو تحقيق الهدف النهائي الذي يسعى إليه الدائن.
    والعناية المطلوبة هي عناية الرجل العادي (المادة 172/1 ق.م) والقانون الجزائري يفرض هذه العناية على المستأجر والمودع لديه والمستعير والوكيل، والطبيب.
    وأما فيما يتعلق بالنوع الثالث: من الالتزام وهو الالتزام بالسلامة كما هو الشأن في ناقل المسافرين، وجراح الأسنان وعيادة الأمراض النفسية ومحطة المياه المعدنية، ومحل رياضة.

    الفرع الثالث: الخطأ العقدي في المسؤولية عن فعل الغير وعن الأشياء
    يتحقق الخطأ العقدي بمجرد عدم وفاء المدين بالتزامه، ولا يؤثر في تحقيقه أن يكون عدم الوفاء راجع إلى فعل شخص آخر غير المدين، سواء أكان هذا الشخص تابعا له أم كان بديلا منه أو نائبا أو مساعدا في تنفيذ العقد. ففي كل هذه الأحوال تتحقق مسؤولية المدين عن فعل الغير. ولا يعد فعل هذا الغير من قبيل السبب الأجنبي بالنسبة للمدين إلا إذا كان هذا الغير أجنبيا عن المدين( م178/2 ق.م).
    هذا، وإذا ما تحققت مسؤولية المدين العقدية عن فعل الغير قبل دائنه، كان له أن يرجع بدوره على الغير إما بالمسؤولية العقدية إذا كان قد كلف بتنفيذ العقد، وإما بالمسؤولية التقصيرية إذا كان الغير قد قام بتنفيذ العقد بتكليف من القانون.

    الفرع الرابع: إثبات الخطأ العقدي
    يتعين على الدائن إثبات الالتزام العقدي وتحديد مضمونه فإذا أثبت عدم التنفيذ أو التأخير فيه يكون قد أثبت الخطأ العقدي.
    فإذا أثبت الضرر أيضا، يكون قد اضطلع بما يقع على عاتقه من إثبات فاستحق التعويض، وهذا ما لم ينف المدين علاقة السببية المفترضة بإثبات السبب الأجنبي (176 ق.م).
    فالمدين هو الذي يتحمل عبء نفي الخطأ العقدي. سواء كان الالتزام بتحقيق نتيجة أو ببذل عناية، و سواء كان الدائن يرجع على المدين بالتنفيذ العيني أو بالتنفيذ بطريق التعويض.
    الفرع الخامس: تعديل أحكام المسؤولية العقدية
    إذا كان العقد يرجع في مصدره إلى إرادة طرفيه فإن هذه الإرادة المشتركة تملك أيضا سلطة التعديل من أحكام المسؤولية التي تترتب على الإخلال بهذا العقد. فالإرادة المشتركة تملك سلطة التخفيف من مسؤولية المدين إلى درجة الإعفاء منها، وهي أيضا تملك سلطة التشديد من هذه المسؤولية إلى أقصى حد، ولا يحد من الإرادة المشتركة في هذا الشأن إلا فكرة النظام العام والطبيعة الفنية لتكوين العقد.
    المطلب الثاني: الضـــرر Le prejudice
    الضرر هو الركن الثاني من أركان المسؤولية العقدية، ذلك أن وقوع الخطأ لا يكفي وحده لقيامها، وإنما يجب أن يترتب على هذا الخطأ ضرر يصيب الدائن، فلا تنهض المسؤولية العقدية وفقا للمادة 176 ق.م إلا بتحقيقه ويتعين على الدائن إثباته لأنه هو الذي يدعيه.
    والضرر لا يمكن اقتراضه حتى ولو ثبت بشكل قاطع عدم تنفيذ الالتزام، أي الخطأ العقدي. فإذا إنعدم الضرر لم تقم المسؤولية العقدية ولا محل للتعويض.
    وبهذا فالضرر هو الأذى الذي يصيب الشخص في حق من حقوقه أو في مصلحة مشروعة له.

    الفرع الأول: أنواع الضرر
    الضرر نوعان مادي:dommage matériel أو معنويdommage moral وكلاهما يجب التعويض عنه ولا فرق بينهما من حيث الشروط التي يجب توافرها ليؤدي الحق في التعويض عنه.
    الضرر المادي هو الذي يمكن تقويمه بالنقود، وهو أكثر شيوعا في المسؤولية العقدية من الضرر الأدبي. وهو مثل الضرر الذي يصيب البضعة في عقد النقل.
    أما الضرر الأدبي أو المعنوي فهو الذي لا يمس المال وإنما يصيب الشخص في حساسيته كالشعور أو العاطفة أو الكرامة ومن مثله الألم الناتج عن فقدان شخص عزيز وقد استقر القضاء المعاصر جواز التعويض عن الضرر الأدبي في المسؤولية العقدية.

    الفرع الثاني: شروط الضرر
    يشترط في الضرر، سواء كان ماديا أو معنويا، أن يكون ضرر محققا، ويكون كذلك إذا كان حالا أي وقع فعلا كإصابة المسافر بخطأ أمين النقل.
    أما الضرر المستقبل، فإذا كان من الممكن تقدير التعويض عنه في الحال جاز للدائن أن يطالب به فورا.
    أما بالنسبة للضرر المحتمل، فإنه لا يعوض عنه إلا إذا تحقق فعلا، إن المدين لا يسأل عن تعويض الضرر غير المتوقع إلا إذا ارتكب في إخلاله بالتزامه فشا أو خطأ جسيما طبقا لنص المادة (176 ق.م) ويجب أن يكون الضرر مباشرا، أي أن يكون نتيجة طبيعية لعدم تنفيذ الالتزام أو التأخر فيه وهو يعتبر كذلك إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوقاه ببذل جهد معقول ( م 182 ق.م).

    الفرع الثالث: إثبات الضرر
    إذا كان الدائن يطالب بالتنفيذ العيني، فإنه لا يطالب بإثبات الضرر. لأن عدم التنفيذ يؤدي إلى ثبوت الضرر حتما.
    أما إذا كان الدائن يطالب بالتنفيذ بمقابل، أي التنفيذ بطريق التعويض. فعليه في هذه الحالة أن يقيم الدليل على الضرر الذي لحقه من عدم تنفيذ المدين لالتزامه، أو من تأخيره في القيام بتنفيذه.

    ويقتصر تطبيق هذه القاعدة على التعويض القضائي الذي يقدره القاضي ولا يؤخذ بها في التعويض القانوني، ولا في التعويض الإتفاقي المنصوص عليه في العقد وهو ما يسمى بالشرط الجزائي (176، 181، 183 ق.م).

    الفرع الرابع:العلاقة السببية بين الخطأ العقديوالضرر
    lien de causalité entre la faute et le dommage
    هذه العلاقة هي الركن الثالث في المسؤولية المدنية عموما، فلا يكفي أن يقع خطأ من المدين وأن يلحق ضرر بالدائن حتى تقوم المسؤولية العقدية بل لابد أن يكون هذا الخطأ هو السبب في هذا الضرر وهذا هو معنى العلاقة السببية.
    أولا:اثبات علاقة السببية
    يقع على الدائن عبء اثبات علاقة السببية بين عدم تنفيذ الالتزام(أو الخطأ العقدي). والضرر الذي لحقه، أما علاقة السببية بين عدم تنفيذ الالتزام وسلوك المدين فهي مقبوضة في نظر المشرع الذي يقترض أي الخطأ راجع إلى الضرر، وعلى المدين إذا كان يدعى عكس ذلك أن يقوم بنفي السببية بين عدم التنفيذ وسلوكه.
    ثانيا: نفي علاقة السببية بين عدم تنفيذ الالتزام وسلوك المدين.
    لا يستطيع المدين أن يدفع المسؤولية عنه إلا بنفي علاقة السببية بين عدم تنفيذ الالتزام وسلوكه. وذلك بإثبات السبب الأجنبي ويقصد به كل أمر غير منسوب إلى المدين أدى إلى حدوث الضرر الذي لحق الدائن، والسبب الأجنبي الذي يجعل التنفيذ مستحيلا قد يكون قوة قاهرة، أو حادثا فجائيا. أو يكون فعل الدائن أو يكون فعل الغير.

    المطلب الثاني: الدفع بعدم التنفيذ l exception d inéxécution
    الدفع بعدم التنفيذ هو حق كل متعاقد في العقد الملزم للجانبين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر في نفس العقد بتنفيذ ما عليه من التزام وهو بذلك يمهد إما إلى التنفيذ وإما إلى الفسخ، ومن ثم يتصل بالجزاء الذي يترتب عل القوة الملزمة للعقد.
    الفرع الأول: أساس الدفع بعدم التنفيذ
    عرف الفقهاء الشريعة الإسلامية مبدأ تنفيذ الالتزامات المتقابلة على أساس الوفاء بالعهد، والتعادل والقصاص، كما عرفوا الدفع بالغش في حالة فقدان حسن النية في تنفيذ العقود بصفة عامة.
    وأساس الدفع بعدم التنفيذ في القانون والفقه فهي نظرية السبب التي تقيم ارتباطا بين الالتزامات المتقابلة في العقد الملزم للجانبين. وهو الأساس الذي يقوم عليه الفسخ.

    الفرع الثاني: شروط التمسك بالدفع بعدم التنفيذ
    يتضح من نص المادة (123 ق.م) أن ينبغي أن يتوافر ثلاثة شروط لإمكان التمسك بالدفع بعدم التنفيذ:
    -أن يكون العقد ملزم للجانبين.
    -استحقاق الآداء.
    -عدم قيام أحد الطرفين بتنفيذ التزامه.

    الفرع الثالث: أثر الدفع بعدم التنفيذ
    يترتب على الدفع بعدم التنفيذ أن يقف تنفيذ الالتزام، ويقتصر أثره على هذا الوقف، فلا يزود الالتزام كما في الفسخ وقد يترتب على ذلك. إما أن يقوم المتعاقد الآخر بتنفيذ التزامه. فيترك المتمسك بهذا الدفع دفعه، ويقوم هو الآخر بتنفيذ التزامه اختيار أو يجبر على ذلك جبرا إذا لم يعد هناك مبرر لاستمراره في تمسكه بعدم التنفيذ بعد أن قام الطرف الآخر بتنفيذ التزامه.
    وقد لا يترتب على الدفع قيام الطرف الآخر بالتنفيذ وفي هذه الحالة يجوز لأن يعدل المتمسك بالدفع عن هذا الموقف السلبي ويطلب فسخ العقد بصفة نهائية.
    إن الدفع بعدم التنفيذ ينتج أثره ليس فقط في مواجهة المتعاقد الآخر، بل وفي مواجهة الغير أيضا.

    المطلب الرابع: الفســــخ
    الفسخ نظام قانوني يقوم إلى جوار المسؤولية العقدية وهو يتمثل في الجزاء على عدم تنفيذ أحد المتعاقدين لما رتبه العقد من التزامات في ذمته، ومعناه هو كل عاقد في العقد الملزم للجانبين في أن يطلب متى لم يقم العاقد الآخر بتنفيذ التزامه على الرابطة العقدية. وزوال آثارها بأثر رجعي فيتخلص من الالتزامات التي فرضتها عليه (م123،119 ق.م) وقد فرق القانون بين الفسخ، والانفسخ، وانحلال العقد.

    الفرع الأول: الفسخ بسبب عدم التنفيذ
    الفسخ هو حق المتعاقد في العقد الملزم للجانبين إذا لم يوف المتعاقد الآخر بالتزاماته في أن يطلب حل الرابطة العقدية، وكما ذكرنا فإن أساس الفسخ هو نظرية السبب أو فكرة الارتباط بين الالتزامات المتقابلة في العقود الملزمة للجانبين.
    والفسخ باعتباره وسيلة قانونية لفك الارتباط العقدي فإنه يلتزم توفر ثلاثة شروط، يجب لقيام الحق في الفسخ (م119/1 ق.م) مايلي:
    -أن يكون العقد ملزما للجانبين.
    -أن يكون أحد المتعاقدين قد أخر بالتزامه.
    -ألا يكون طالب الفسخ مقصرا في تنفيذ التزامه.

    الفرع الثاني: تفريق الفسخ
    القاعدة العامة في الفسخ أن يكون قضائيا أي بمقتضى حكم من القضاء. غير أنه يجوز للمتعاقدين الاتفاق على وقوع الفسخ إذا أخر أحدهما بتنفيذ التزامه.

    الفرع الثالث: أثر الفســخ
    يترتب على الفسخ سواء كان قضائيا أم اتفاقيا إعادة المتعاقدين إلى الحالة الأولى التي كان عليها قبل التعاقد. فإذا استحال ذلك جاز للمحكمة أن تقضي بالتعويض. ويعتبر العقد كأن لم يكن أصلا كما هو الحال في الإبطال، كما لا يقتصر هذا الأثر على المتعاقدين بل يمتد إلى الغير. ذلك أن للفسخ أثر مطلق ويحتجج به في مواجهة الكافة كقاعدة عامة.
    الفرع الرابع:سقوط حق الفسخ
    يسقط حق الفسخ وفقا للقواعد العامة بتنازل العاقد عنه صراحة أو ضمنا ويسقط بالتقادم الطويل أي بمعنى خمسة عشر سنة في القانون الجزائري.
    والحق في الفسخ يثبت من وقت حلول الوفاء بالالتزام إلى ترتب على الإخلال به في دعوى الفسخ. (م119 ق.م).

    المطلب الخامس: الفسخ لعدم إمكان التنفيذ (الانفساخ)
    إذا استحال تنفيذ الالتزام، وكانت هذه الاستحالة ترجع إلى سبب أجنبي لابد للمدين فيه، فإن هذا الالتزام ينقض باستحالة تنفيذه. ويترتب على انقضائه انفساخ في العقد من تلقاء نفسه ويحكم القانون، وفي ذلك تنص المادة 121 ق.م بأنه " في العقود الملزمة للجانبين إذا انض التزام سبب استحالة تنفيذه انقضت معه الالتزامات المتقابلة، وينفسخ العقد بحكم القانون.
    الفرع الأول: الفرق بين الفسخ والانفساخ
    ما يجري عليه الفقه هو أن الانفساخ صورة للفسخ ويتكلم على أثر الفسخ، عقب الحديث عن الفسخ لعدم التنفيذ والانفساخ لعدم إمكان التنفيذ (121 ق.م،119،120 ق.م) الأمر الذي يفيد أن أثر الفسخ لا يختلف في الحالتين وبالرغم من ذلك فإن هناك فرقا بين الفسخ والانفساخ وهو كالتالي:
    1-لا محل لإعذار المدين في الإنفساخ، بينما في الفسخ يجب أن يقدم طالب الفسخ بإعذار الطرف الآخر.
    2-الفسخ نظام ذو طابع احتياطي وذو طابع تأميني وذو طابع جزائي. أما الانفساخ لاستحالة التنفيذ ويحكم القانون الذي يقع دون أدنى ارتباط بالخطأ، فالانفساخ لا يخضع لرقابة القضاء ولا عليه القضاء في شأنه أن يمنح آجلا، أو أن يحكم بالتعويض.
    3-الانفساخ لاستحالة التنفيذ هو سبب من أسباب انقضاء الالتزام. أما الفسخ لعدم التنفيذ فإنه بوقوعه يعتبر الالتزام كأن لم يقع أصلا.
    4- إذا وقع الفسخ لعدم التنفيذ أعيد الطرفان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، أما الانفساخ لاستحالة التنفيذ، فإن هذا الأثر لا ينطبق بل تنطبق فكرة أخرى وهي تحمل التبعة.
    الفرع الثاني: مفهوم استحالة التنفيذ في الانفساخ
    المقصود باستحالة التنفيذ في الانفساخ هو الاستحالة المطلقة والطارئة التي يكون مرجعا إلى سبب أجنبي لابد للمدين فيه وأن تكون الاستحالة قد طرأت بعد انعقاد العقد، فاستحالة التنفيذ تؤدي إلى انقضاء العقد من تلقاء نفسه ويحكم القانون إن آثار انفساخ العقد، هي بذاتها آثار فسخ العقد بحكم القاضي أو باتفاق من المتعاقدين، من حيث إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كان عليها قبل العقد، ولكن لا يحكم بالتعويض في أي حال.

    الفرع الثالث: التفرقة في أثر القوة القاهرة بين الانفساخ ووقف العقد
    لا ينتج عن القوة القاهرة انفساخ العقد إلا إذا كانت الاستحالة الناشئة عنها نهائية. أما إذا كانت استحالة تنفيذ الالتزام مؤقتة فلا ينفسخ بها العقد، بل يقف تنفيذه حتى نزول هذه الاستحالة.

    الفرع الرابع: تحمل التبعة في العقد الملزم للجانبين
    في العقد الملزم للجانبين، إذا انفسخ العقد بقوة القانون لاستحالة تنفيذ الالتزام بسبب أجنبي، انطبق مبدأ مشهور يعرف بمبدأ تحمل التبعة (la théorie des risques) ومعنى ذلك أنه يترتب على انفساخ العقد تحمل المدين وحدة الخسارة الناشئة عن عدم تنفيذ العقد وانفساخه، ولا يستطيع مطالبة الدائن بتنفيذ ما تعهد به.
    المبحث الثالث: زوال العقد
    المطلب الأول: الفرق بين انقضاء العقد وزواله
    يختلف انقضاء العقد(restinction) عن زوال العقد disparition وانقضاء العقد يتحقق بتنفيذ الالتزامات الناشئة عنه أي بالوفاء وهو الطريق الطبيعي لزواله، أما إذا كان أحد الالتزامات هو الذي انقضى، فإن العقد يظل باقيا حتى تنقضي بقية الالتزامات، على أنه يجب التفرقة هنا بين العقود الفورية وعقود المدى.
    فالعقد الفوري كالبيع، سواء كان حالا أم مؤجل التنفيذ ينقضي بتنفيذ ما يرتبه من التزامات في ذمة كل من الطرفين وهذا التنفيذ لا يؤدي إلى زوال العقد.
    أما عقد المدة قينقضي بانقضاء المدة المحددة لأن المدة تعتبر ركن من أركان هذا العقد، مثل عقد الإيجار.
    المطلب الثاني: انحلال العقد
    المقصود بانحلال العقد هو وزواله بعد إبرامه، أما بعد البدء في تنفيذه أو قبل البدء في تنفيذه والانحلال قد يكون كاملا بتناول الرابطة التعاقدية بأسرها إلى الماضي والمستقبل أو بالنسبة إلى المستقبل فقط، وقد يكون انحلالا جزئيا يقتصر على إعفاء المدين من بعض التزاماته.
    ويختلف الانحلال عن الإبطال، ذلك أن الانحلال يرد على عقد صحيح قبل أن ينقضي بالتنفيذ. ويؤدي إلى زواله حسب الأحوال بأثر رجعي أو بأثر غير رجعي. أما الأبطال فهو يرد على عقد غير صحيح، فهو الجزاء على تخلف ركن من أركانه انعقاده أو شرط من شروط صحته. ويترتب عليه في جميع الأحوال إذا تقرر البطلان زوال العقد بأثر رجعي ويعتبر كأنه لم يكن.

    المطلب الثالث: إلغاؤه بالإرادة المنفردة لأحد المتعاقدين
    في الأصل عدم جواز ذلك لأن العقد لا يجوز نقضه إلا بإرادة المتعاقدين. معا (106 ق.م) غير أن المشرع أجاز ذلك في بعض العقود دون الإضرار بحقوق الغير، والإلغاء بالإرادة المنفردة لا ينتج أثره إلا بالنسبة للمستقبل. مثل عقد الوكالة، والوديعة، والعادية، وعقد التأمين، وعقد المقاولة.
    المطلب الرابع: إلغاؤه بالإرادة المشتركة التي كانت مصدر العقد
    وهو ما يعرف بالتقابل أو الإقالة، ويتم الإلغاء باتفاق جديد أي بإيجاب وقبول جديدين، والتقابل ليس آخر رجعي فهو عقد جديدة. ينتج آثاره من وقت حدوثه.
    ويجوز للطرفين أن يتفقا على الأثر الرجعي لزوال العقد واعتباره كأن لم يكن.

    المطلب الخامس: ينحل العقد دون أثر رجعي بوفاة طرف فيه
    على خلاف الأصل إذا كان قائما على الاعتبار الشخصي كوفاة العامل في عقد العمل أو المستعير في عقد العارية و الموكل أو الوكيل. في عقد الوكالة.

    الفصل الثاني: الإرادة المنفردة la volonté unilatérale

    المبحث الأول: مفهوم الإرادة المنفردة
    يقصد بالإرادة المنفردة إرادة شخص واحد، وهي تختلف في هذا عن العقد الذي يقوم على تطابق إرادتين لشخصين مختلفين.
    فالإرادة المنفردة تصرف قانوني من جانب واحد وهي قادرة على إحداث آثار قانونية، متعددة، كإنشاء الأشخاص الاعتبارية، أو الوقف أو المؤسسات الخاصة، كما أنها قادرة على أن تنشئ حقا عينيا كما في الوصية. وأن تنهي حقا عينيا كما في النزول عن حق ارتفاق أو رهن، وهي قادرة تصحيح عقد قابل للإبطال. كما في الإجازة.

    المطلب الأول: هل تشكل الإرادة المنفردة مصدر عام للالتزام
    ظل العقد خلال فترة طويلة من الزمن يشكل لمصدر الوحيد للالتزام الإرادي. أما الإرادة المنفردة فقد مرت بمراحل مختلفة ميزت بين الرفض والقبول، ويقول الأستاذ/تالير عبارته المشهورة"إن الالتزام بالإرادة المنفردة بناء على رمال متحركة، وقد أخذ المشرع الجزائري بالإرادة المنفردة كمصدر للالتزام في حالات محددة، وليس باعتبارها مصدرا عاما. وإنما جعلها استثناء في الأحوال التي ينص عليها القانون.
    والحقيقة أنه ليس هناك ما يحول قانونا أو عدالة دون أن تكون الإرادة المنفردة مصدرا للالتزام في الحالات التي تدعو الحاجة فها، ومن التطبيقات التي أقرها المشرع الجزائري. مثل الوعد بالجائزة الموجهة إلى الجمهور. والوعد من جانب واحد بالبيع أو بالشراء. قبل
    إعلان الطرف الآخر رغبته وإنشاء المؤسسات الخاصة والاشتراط لمصلحة الغير وتجدر الملاحظة أن نشير هنا بموقف الفقه الإسلامي الذي سبق الفقه الغربي في هذا الشأن أي في اتخاذ الإرادة المنفردة كمصدر للالتزام. ومن تطبيقاتها إنشاء الوقف، الوصية، الايجاب الملزم. الكفالة ، الإبراء، الطلاق....إلخ.
    المبحث الثاني: أحكام الوعد بالجائزة
    يترتب على الوعد بالجائزة آثار قانونية وهي تختلف بحسب ما إذا كان الواعد قد حدد لوعده مدة معينة أم لم يحدد له مدة ما.

    المطلب الأول: تغيير الوعد بمدة محددة
    إذا حددت للوعد مدة معينة، كأن يشترط الواعد مدة معينة يتم العمل خلالها. فإن الواعد يلتزم نهائيا بإرادته المنفردة بحيث لا يجوز له الرجوع في وعده قبل فوات هذه المدة. كما أنه الواعد يلتزم قبل مستحق الجائزة إذا أتم هذا الأخير العمل المطلوب قبل انقضاء هذه المدة.
    أما إذا انقضت المدة دون أن يقوم أحد بالعمل المطلوب انقضى التزام الواعد، وإذا قام شخص بعد ذلك بهذا العمل فلا يلتزم الواعد إلا على أساس الإثراء بلا سبب.

    المطلب الثاني: عدم تقييد الوعد بمدة معينة
    إذا لم تحدد للوعد مدة معينة، فإن الواعد يلتزم كذلك بالوعد الصادر منه، فإنه يلتزم بإعطاء الجائزة لمن قام بالعمل المطلوب، ويجوز للواعد ما دام لم يحدد مدة معينة لوعده أن يرجع فيه على أن يكون رجوعه بذات العلانية. التي توفرت في الوعد حتى يصل نبأ العدول إلى الجمهور ( م115/ف ق.م).
    ويتعين على من قام بالعمل أن يطالب الواعد بالجازة خلال ستة (6) أشهر من تاريخ إعلانه للرجوع للجمهور، إن هذه المدة هي مدة سقوط وليست مدة تقادم، ولذلك فلا يراد لها الوقف أو الانقطاع.
    وفي غير حالة العدول عن الوعد، فغن حق من قام بالعمل لا يتقادم إلا بخمس عشرة سنة (15) فهو حق ناشئ عن التزام إرادي ولم تحدد مدة خاصة لتقادمه، فترى عليه القاعدة العامة في التقادم الواردة في المادة 308 ق.م.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مارس 29, 2024 10:29 am