أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
 الظروف المشددة و الأعذار لجريمة القتل العمد في القانون الجزائري(ج2) 580_im11 ENAMILS  الظروف المشددة و الأعذار لجريمة القتل العمد في القانون الجزائري(ج2) 580_im11

المواضيع الأخيرة

» مدونة القوانين الجزائرية - محدثة يوميا -
 الظروف المشددة و الأعذار لجريمة القتل العمد في القانون الجزائري(ج2) I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed

»  شركة التوصية بالاسهم -_-
 الظروف المشددة و الأعذار لجريمة القتل العمد في القانون الجزائري(ج2) I_icon_minitimeالجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin

» مكتبة دروس
 الظروف المشددة و الأعذار لجريمة القتل العمد في القانون الجزائري(ج2) I_icon_minitimeالإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
 الظروف المشددة و الأعذار لجريمة القتل العمد في القانون الجزائري(ج2) I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
 الظروف المشددة و الأعذار لجريمة القتل العمد في القانون الجزائري(ج2) I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
 الظروف المشددة و الأعذار لجريمة القتل العمد في القانون الجزائري(ج2) I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
 الظروف المشددة و الأعذار لجريمة القتل العمد في القانون الجزائري(ج2) I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin

» بحث حول المقاولة التجارية
 الظروف المشددة و الأعذار لجريمة القتل العمد في القانون الجزائري(ج2) I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl

» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
 الظروف المشددة و الأعذار لجريمة القتل العمد في القانون الجزائري(ج2) I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique

» الدفاتر التجارية:
 الظروف المشددة و الأعذار لجريمة القتل العمد في القانون الجزائري(ج2) I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma

ENAMILS


كتاب السنهوري


    الظروف المشددة و الأعذار لجريمة القتل العمد في القانون الجزائري(ج2)

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

     الظروف المشددة و الأعذار لجريمة القتل العمد في القانون الجزائري(ج2) Empty الظروف المشددة و الأعذار لجريمة القتل العمد في القانون الجزائري(ج2)

    مُساهمة من طرف Admin الأربعاء أغسطس 07, 2013 8:57 pm



    مذكرة التخرج لنيل إجازة المعهد الوطني للقضاء

    بعنوان : الظروف المشددة و الأعذار لجريمة القتل العمد في القانون الجزائري
    من إعداد الطالبة القاضية: نوال عبد اللا وي الدفعة الثانية عشر:

    .../... تابع

    المطلب الثاني: قتل الفروع.

    - بعد استعراضنا لقتل الأصول في المطلب السابق، وبينا الأحكام المتعلقة به والعلة في تشديد هذا الوصف من جريمة القتل العمد، تبادر إلى أذهاننا سؤالا يفرض نفسه علينا ألا وهو هل أن المشرع الجزائري قد تناول قتل الفروع كصورة نظيرة للوصف الأول الذي قمنا بتناوله في المطلب السابق ؟

    في الوهلة الأولى نلاحظ أن المادة 258 ق.ع السابقة الذكر نصت على قتل الأصول أي حسب هذه المادة نقول وأن التشريع الجزائري من التشريعات الجزائية التي اتجهت حيال هذا الظرف المشدد المبني على أساس صلة القرابة إلى التضييق في مدلول القرابة واقتصر التشديد على قتل الأصول فقط دون الفروع.

    إلا أن الدكتور "اسحاق ابراهيم منصور" يرى وأن قتل الفروع يعد ظرفا مشددا لجريمة القتل العمد.
    لذلك سوف نتناول رأي هذا الدكتور في فرع أول لنقف على الأسانيد التي اعتمد عليها ثم نقدم رأينا عن قتل الفروع في الفرع الثاني.

    الفرع الأول: استعراض الرأي الذي يرى وأن قتل الفروع ظرف مشدد لجريمة القتل العمد.

    - ذهب هذا الرأي(1) إلى أن المشرع الجزائري تناول قتل الفروع في القسم الأول من هذا القانون المتعلق بأعمال العنف العمدية في نص المادة 272 ق.ع والتي نصت على أنه: "إذا كان الجناة هم أحد الوالدين الشرعيين أو غيرهما من الأصول الشرعيين أو أي شخص آخر له سلطة على الطفل أو يتولى رعايته، وبهذا قد تناول حالة قتل الفروع ويرى أن المادة 272 ق.ع تضمنت شروط التشديد والتي تتمثل في أنه يجب أن تقع جريمة القتل بأركانها الثلاثة ثم أنه يجب أن يرتكب القتل من طرف الأصل أو أحد الأشخاص الذين عددتهم المادة 272 ق.ع ثم أخيرا يشترط أن يكون الفرع هو المجني عليه وميز في هذا الشرط بين حالتين:

    الحالة الأولى: إذا كان الفرع تجاوز سن السادسة عشر.
    فيرى أنه يجب أن تطبق القواعد العامة فلا يطبق نص المادة 272 ق.ع.ج. بل نطبق نص المادة 263/03 ق.ع فتكون عقوبة السجن المؤبد وقد تكون عقوبة الإعدام إذا توافر ظرف قانوني مشدد كسبق الإصرار والترصد والقتل بالتسمم أو غيرها من الظروف المشددة التي سبق ذكرها.
    الحالة الثانية: الفرع الذي لم يبلغ سن 16 سنة وقت ارتكاب الجريمة.
    فيرى أن هذه الحالة هي التي يطبق عليها نص المادة 272/04 ق.ع. فمتى تحققت هذه الجريمة جاز عقاب مرتكبيها بعقوبة الإعدام بدل عقوبة السجن المؤبد ومبرر ذلك هو سلطة الأصل على الفرع في هذه الفقرة.



    (1) أنظر الدكتور إسحاق ابراهيم منصور، المرجع السابق ص 42.

    الفرع الثاني: رأينا في مسألة قتل الفروع.

    * حسب رأينا أن قتل الفروع لا يعد قتلا مشددا بالنظر إلى صفة المجني عليه-الفرع- لذلك فإننا نعترض عما جاء به الرأي الذي سبق عرضه من عدة أوجه:

    -أولا: نحن نرى أنه لا يمكن تشديد عقوبة القتل العمد في حالة ما إذا كان المجني عليه أحد الفروع والجاني أحد الأصول ذلك أن المشرع الجزائري لم يخصص لهذه الحالة نص خاص وصريح مثلما فعل بالنسبة لقتل الأصول والتي أورد لها نص صريح هو نص المادة 258 ق.ع. لذلك نعيد ونكرر أن التشريع الجزائري يبدو أنه إتجه حيال هذا الظرف المشدد المبني على أساس صلة القرابة إلى التضييق في مدلول القرابة واقتصر التشديد على قتل الأصول فقط دون الفروع هذا من جهة.

    -ثانيا: ومن جهة أخرى لا يمكن ان نعتبر أن المشرع تناول قتل الفروع كظرف مشدد في القسم المتعلق بأعمال العنف العمدية إستنادا إلى منع قياس هذا الفرض مع الفرض المنصوص عليه في المادة 272/04 ق.ع طبقا إلى ما هو مستقر عليه من حظر القياس في مجال التجريم ومن ثمة في مجال التشديد.

    -ثالثا: من أجل ما سبق فنحن نرى أن صفة الفرع الواردة في المادة 272 ق.ع فقرة 04 لا يمكن أن نعتبرها بأي حال من الأحوال أنها ظرف مشدد لجريمة القتل ذلك أن هذه المادة كما سبق القول جاءت ضمن القسم الخاص بجرائم العنف العمدية وعلى هذا الأساس فإن ظرف الفروع في هذه الحالة هو فعلا ظرفا مشددا ولكن ليس لجريمة القتل العمد وإنما لجريمة الضرب والجرح العمدي. المفضي إلى الوفاة دون قصد إحداثها المنصوص عليها في المادة 264/02 فالمبدأ أن هذه الجناية معاقب عليها بالسجن من 10 إلى 20 سنة إلا أنه في حالة ما إذا كان القاصر الذي لم يتجاوز 16 سنة مجني عليه (وضحية) والجاني من أحد الأصول أو ممن لهم سلطة عليه أو يتولى رعايته فتصبح في هذه الحالة جناية مشددة وعقوبتها ترفع إلى الإعدام طبقا للمادة 272/04 ق.ع.

    - وأنه في حالة القاصر الذي تجاوز 16 سنة نرجع إلى تطبيق نص المادة 264/04 ق.ع لتكون عقوبته (السجن من 10 إلى 20 سنة لا السجن المؤبد طبقا للمادة 263/03 ق.ع كما جاء في الرأي السابق.

    - وتعود حكمة التشديد المنصوص عليها في المادة 272/04 ق.ع إلى أنه إذا كان لمن يتولى تربية القاصر حق تأديبه وهذا الحق يبيح الضرب لأجل التعليم والتربية فإن ليس له الحق في أن يتجاوز الضارب حدود هذا الحق بأن يؤدي هذا الضرب إلى الوفاة. فإن حصل ذلك وجب العقاب ورفعه إلى عقوبة أشد.

    - من أجل كل ما سبق فإننا نعيب على الرأي السابق، نرى أنه لا يمكننا أن نعتبر صفة الفرع المجني عليه في جريمة القتل ظرفا مشددا، بل أن الأب الذي يقتل أحد فروعه يكون طبقا للتشريع الجزائري خاضعا للنصوص العادية المجرمة للقتل العمد.

    -نخلص في نهاية هذا الفصل إلى أنه إذا كان المتهم متابع بجناية القتل العمد المقترن بأي ظرف من الظروف المشددة التي سبق دراستها ظرفا ظرفا، فإنه يجب أن يطرح سؤال عن أركان جريمة القتل العمد ثم الأسئلة الخاصة بالظروف المشددة، والتي يجب أن تكون مستقلة ومتميزة وهذا ما نصت عليه المادة 305 من ق.إ.ج.وأكدته المحكمة العليا-غرفة جنائية- في العديد من قراراتها نذكر منها: القرار الصادر بتاريخ 23/102001 ملف رقم 277661 جاء فيه: "يجب أن يطرح السؤال مجردا عن كل ظرف شديد و أن طرح سؤال ومستقل عن هذا الظرف لا يصحح الخطأ الوارد في السؤال الرئيسي"(1).
    كذلك القرار الصادر بتاريخ 24/03/1998-ملف رقم 186222 جا فيه أنه: "من المبادئ العامة أن الأسئلة توضع وتطرح عن كل واقعة معينة في منطوق قرار الإحالة وكل ظرف مشدد يكون محل سؤال مستقل وإن دمج الوقائع والظروف المشددة لهما في الأسئلة المطروحة من محكمة الجنايات يعرض حكمها للنقض"(2).

    - كما انه لا يجوز الجمع بين ظرفين أو أكثر من الظروف المشددة تحت طائلة البطلان مثال ذلك الجمع بين ظرف الترصد وسبق الإصرار في سؤال واحد، وهذا ما قضت به المحكمة العليا- غرفة جنائية- في قرارها الصادر بتاريخ 23/11/99 ملف رقم 20293 جاء فيه: "من المقرر قانونا أن جمع ظرفين أو أكثر من الظروف المشددة في سؤال واحد يجعله متشعبا"(3).

    - ثم انه لا يكفي وضع سؤال مستقل للظرف المشدد لكي يكون الحكم صحيحا، بل يجب بعد ذلك أن تكون طريقة طرحه سلمية وصحيحة، خاصة إذا علمنا أن طريقة طرح السؤال تعد من المسائل القانونية الخاضعة لرقابة المحكمة العليا، باعتبارها تعليلا وتسبيبا لحكم محكمة الجنايات.

    - لذلك فإننا نعيب على اكتفاء قضاة الموضوع في السؤال المتعلق بالظروف المشددة بذكرها بلفظها فقط، مثال ذلك في ظرف الترصد عادة ما يكون السؤال كما يلي: "هل أن المتهم مذنب لإرتكابه في نفس الظروف الزمانية والمكانية جرم القتل العمد مع الترصد طبقا للمادة 275 ق.ع، فحسبنا أن مثل هذا السؤال يعد ناقصا كونه لا يتضمن العناصر القانونية الواردة في التعريف الذي جاء به المشرع في المادة 257 ق.ع والتي يجب أن تستخلص من وقائع الدعوى وملابساتها هذا من جهة، من جهة أخرى أن مثل هذه الطريقة تجعل قضاة الموضوع لا يتخذون الحيطة في تحرير السؤال ولا يتحملون المسؤولية التامة عند إثبات وجود هذا الظرف من عدمه على النحو الذي تطرقنا إليه سابقا ذلك أن هناك بعض القرائن والملابسات التي رجعنا إليها في بعض الملفات لا يمكن أن تؤدي عقلا ومنطقا إلى ما انتهت إليه محكمة الموضوع بل لا تتفق أصلا مع التعريف الوارد للظرف المشدد في ق.ع.



    (1) أنظر الإجتهاد القضائي للغرفة الجنائية عدد خاص 2003-المحكمة العليا قسم الوثائق ص 529.
    (2) أنظر د.أحسن بوسقيعة-قانون الإجراءات الجزائية في ضوء الممارسة القضائية الطبعة الثانية- الديوان الوطني للأشغال التربوية 2002 ص 117.
    (3) أنظر الإجتهاد القضائي للغرفة الجنائية عدد خاص 2003 المرجع السابق ص 475.



    - ولكي نتجنب سوء تطبيق القانون على الوقائع وما يرتبه من آثار في حق المتهم في بعض الأحيان ومن أجل تمكين المحكمة العليا من فرض رقابتها على طريق طرح السؤال باعتباره المجال الخصب لنقض أحكام محكمة الجنايات، فإننا نقترح أن تذكر الوقائع والظروف التي تثبت وجود الظرف المشدد في صلب السؤال المتعلق به وجوبا وبذلك يكونوا قد سببوا وعللوا حكمهم تعليلا صحيحا. فعوض مثلا أن يكون السؤال المتعلق بالترصد على النحو الذي سبق ذكره لما لا يكون مثلا على النحو التالي: "هل أن وجود ضغينة سابقة بين الجاني والمجني عليه ووجود الأول مختبئا ومعه سلاح في طريق المجني عليه دون أن يكون هناك مبرر لإختفائه في هذا الطريق يعد ترصدا طبقا للمادة 258 ق.ع".

    - وعلى هذا الأساس سوف يكون السؤال ناقص وغامض ومنعدم التعليل متى كان غير متضمن للوقائع والملابسات التي استشف منها الظرف بالرغم من الإجابة عليه بالنفي أو الإيجاب، ومتى كان كذلك أرى أنه يتوجب نقض وإبطال مثل هذا الحكم على أساس القصور في التسبيب.

    - ذلك أن قضاة محكمة الجنايات إن كانوا غير ملزمين بتبرير ما توصلوا إليه طبقا لقناعتهم الشخصية فإنهم ملزمون بطرح الأسئلة بطريقة صحيحة ذلك أن الأمر يتعلق بمسألة قانونية لا موضوعية تخضع لرقابة المحكمة العليا.

    - قد يكون السؤال المطروح عن الظرف المشدد سؤال احتياطي، إذا تبين من خلال المرافعات والمناقشات التي دارت بالجلسة أن هناك ظروف مشددة غير مذكورة في منطوق قرار الإحالة للرئيس أن يطرح أسئلة خاصة بعد سماع طلبات النيابة العامة وشرح الدفاع وهذا ما نصت عليه المادة 306 ف1 ق.إ.ج ولا يجوز لهيئة المحكمة الإجابة عن أي سؤال إحتياطي لم يطرح بالجلسة ومخالفة هذه المادة يؤدي إلى البطلان.

    - ومتى ثبت توافر أي ظرف من الظروف المشددة السابقة الذكر في حق المتهم فإنه يجب أن ترفع العقوبة من السجن المؤبد إلى الإعدام وهذا ما رأيناه سابقا- فضلا عن العقوبة الأصلية فإنه يجوز للقاضي أن يحكم على المتهم بأحد العقوبات التكميلية المنصوص عليها في المادة 09 ق.ع والمتمثلة في(1):

    1- تحديد الإقامة لمدة لا تتجاوز 5 سنوات، وذلك من تاريخ إنقضاء العقوبة أو الإفراج عن المحكوم عليه.
    2- المنع من الإقامة لمدة لا تتجاوز 10 سنوات من تاريخ الإفراج عن المحكوم عليه.
    3- مصادرة الأسلحة والأشياء والآلات التي استعملت في ارتكاب الجريمة مع التحفظ بضمان حقوق الغير حسن النية.
    إضافة إلى العقوبات التبعية التي تطبق في هذه الحالة بقوة القانون والمنصوص عليها في المادة 07 ق.ع. والمتمثلة في الحجر القانوني والحرمان من الحقوق الوطنية



    (1) للمزيد من المعلومات حول العقوبات التكيملية والتبعية راجع الدكتور أحسن بوسقيعة-الوجيز في القانون الجزائي المرجع السابق ص 220 وما بعدها



    الفصل الثاني : الأعذار القانونية المخففة لجريمة القتل العمد.

    - بعد تناولنا للظروف المشددة لجريمة القتل العمد في القانون الجزائري في الفصل الأول من بحثنا هذا سوف نتناول في هذا الفصل الثاني الأعذار القانونية المخففة لهذه الجريمة في التشريع الجزائري بشيء من التفصيل وقبل الشروع في عرض هذه الأعذار سوف نحاول أولا أن نميزها عن الظروف المخففة والأعذار المعفية من العقاب من خلال إبراز أوجه التشابه وأوجه الإختلاف بينها.

    - فالظروف المخففة هي تلك الظروف والوقائع التي تدعو إلى أخذ الجاني بالرأفة وتخفيف العقوبة عليه حالة اقترانها بالجريمة فهي أسباب عامة تركها المشرع لتقدير القاضي لذلك هناك من يطلق عليها إسم الأعذار أو الأسباب القضائية(1). وقد نص المشرع عليها في المادة 53 من ق.ع.ج.
    -أما الأعذار القانونية المخففة فهي حالات محددة في القانون على سبيل الحصر ويترتب عليها مع قيام الجريمة المسؤولية تخفف العقوبة وهذا ما نصت عليه المادة 52 ق.ع.

    ومن هنا نستنتج أن الأعذار القانونية لا تختلف عن الظروف المخففة من حيث آثارها فكليهما يخفف العقوبة بالنزول عن حدها المقرر قانونا. وإنما تختلف عنها من حيث حصرها مسبقا بنصوص خاصة في صلب القانون أين يتم بيان أحكامها وتحديد العقاب عند توافرها وبالتالي يكون القاضي ملزما بها عندما يصدر حكمه في القضية على خلاف الظروف المخففة التي ينظر إليها القاضي دائما عند الحكم وتقدير العقاب من خلالها، عند النطق به دون الخروج عن الإطار الذي حدده المشرع للجريمة مهما توفرت هذه الظروف.

    -أما الأعذار المعفية فهي ظروف تعفي من العقوبة شخص ثبت قضائيا أنه ارتكب جريمة وهذه الأعذار وإن كانت تمحو العقاب عن الجاني إلا أنها لا ترفع المسؤولية ولا تمحو الجريمة وهذا ما نصت عليه المادة 52 ق.ع.

    وبعد هذه المقارنة البسيطة بين المصطلحات السابقة نتطرق للأعذار القانونية المخففة لجريمة القتل العمد في المباحث التالية:

    المبحث الأول: قتل الأم لإبنها حديث العهد بالولادة.
    المبحث الثاني: عذر تجاوز حد الدفاع الشرعي.
    المبحث الثالث: عذر تلبس أحد الزوجين بالزنا.

    -----------------
    01) أنظر د.أحسن بوسقيعة، الوجيز في القانون الجنائي العام المرجع السابق ص 247.

    المبحث الأول: قتل الأم لإبنها حديث العهد بالولادة.

    - جريمة قتل الأطفال حديثي العهد بالولادة هي أكثر الجرائم اتصالا بأوضاع المجتمعات وشعوبها ونظمها الإجتماعية والدينية والخلقية والإقتصادية والغالب ما ترتكب هذه الجريمة من طرف الأمهات العذارى الخاطئات، لذلك فإن المشرع الجزائري ومن زاوية الإشفاق على النساء اللواتي يردن القضاء على نتائج الخطيئة وإخفاء لعارهن اعتبر الأم التي تقتل وليدها الحديث العهد بالولاد تستفيد من عذر مخفف ونص عليه في المادة 259 و 261 ع. حيث جاء في نص المادة 259 ق.ع تعريف لقتل الأطفال وذلك بقولها: "قتل الأطفال هو إزهاق روح طفل حديث العهد بالولادة.
    ونص في المادة 261 ق.ع على استفادة الأم وحدها من هذا العذر بقولها: "...ومع ذلك تعاقب الأم سواء كانت فاعلة أصلية أو شريكة في قتل إبنها حديث الولادة بالسجن المؤقت من 10 سنوات إلى 20 سنة على أن يطبق هذا النص على من ساهموا أو اشتركوا معها في ارتكاب الجريمة".
    - وعلى ضوء هاتين المادتين سوف نتطرق للأركان الواجب توافرها لجريمة قتل الأم لإبنها حديث العهد بالولادة (مطلب أول) ثم كيفية إثباته وبيانه في الحكم (مطلب ثاني).

    المطلب الأول: أركان جريمة قتل الأم لإبنها حديث العهد بالولادة.

    إن بحث أركان جريمة قتل الوليد لا يمس الركنيين المادي والمعنوي لجريمة القتل العمد فحسب ولكنه يتناول أيضا شخص الجاني وشخص المجني عليه والدافع إلى ارتكاب الجريمة وزمن ارتكابها وسوف نحاول إجمال ذلك في أركان عامة، وهذا ما سنتناوله في الفرع الأول وأركان خاصة ومميزة للجريمة في الفرع الثاني.

    الفرع الأول: الأركان العامة:
    1- تحقق حياة الضحية: فجريمة القتل تقتضي أن يكون الإنسان حي وبما أننا بصدد قتل الأطفال فيجب أن يكون الطفل حي ولمعرفة وقت بداية هذه الحماية يجب بيان بداية حياة الإنسان فمتى تبدأ إذن الحياة التي لا يعود بعدها الكائن البشري جنينا وإنما يكتسب وصف (الإنسان الحي) وتحميه قواعد القتل لا قواعد الإجهاض ؟ المتفق عليه أن الحياة تبدأ لدى الإنسان ببداية لحظة ميلاده، وإن لم تكن عملية الولادة تمت بعد، فالحياة متوفرة في اللحظة التي يقرر فيها الأطباء بداية الحياة، حتى ولو تأخر نزوله بسبب عسر في الولادة أو ضيق في الرحم أو انحراف في وضعه الطبيعي ما دام من المؤكد أنه استقل بدورته الدموية بمعنى أن أحكام قانون العقوبات المجرمة للقتل تمتد لتشمل المولود في أثناء الوقت الذي تستغرقه عملية الولادة ما دام الجنين قد استقل بكيانه عن كيان أمه باكتمال نضجه واستعداده للخروج للحياة مهما تعسرت ولادته وأيا كان الوقت الذي استغرقته(1).

    ---------------------------------------------------------------------------------
    (1) أنظر د.أحسن بوسقيعة، الوجيز في القانون الجنائي الخاص المرجع السابق ص 09 وما بعدها

    وإثبات حياة الطفل يقع على عاتق النيابة العامة ومن أهم وسائل الإثبات في هذه الحالة اللجوء إلى الخبرة الطبية الشرعية، والتي يمكن لها أن تبين لنا ما إذا كان الطفل قد تنفس بصورة كاملة أم لا، وتكون ظاهرة التنفس تلك أحد دلائل الحياة(1).

    ومما تقدم يتضح جليا أنه يشترط تحقق حياة الطفل بالمفهوم الجنائي السابق الذكر وإن كان بعدها غير قابل لأن يعيش طويلا أو كان مشوه الخلقة، ففي كل هذه الحالات تقوم المسؤولية الجزائية ولا تنتفي إلا إذا ولد الطفل ميتا فنكون في هذه الحالة بصدد جريمة مستحيلة.

    2- الفعل المادي للقتل:
    يعد قتل الأطفال صورة من صور القتل العمد، وعليه يتعين وجود نشاط مادي يقوم به الجاني وتتحقق به وفاة الطفل سواء كان في صورة إيجابية أو سلبية يقصد بها القضاء على حياة المولود، وهذا ما قضت به المحكمة العليا –غرفة جنائية- في قرارها الصادر بتاريخ 04 جانفي 1983 ملف رقم 30100 جاء فيه: "لا يشترط القانون لتطبيق المادة 259 ق.ع. أن يكون السلوك الإجرامي للأم فعلا إيجابيا وإنما يمكن أن يكون إمتناعا كعدم ربط الحبل السري للوليد، وعدم الإعتناء به والإمتناع عن إرضاعه"(2).

    ومثال الفعل الإيجابي قضية: "مراح نصيرة المتهمة بقتل طفل حديث العهد بالولادة عن طريق حتفه ولفه في قطعة قماش ثم وضعته داخل كيس من البلاستيك ورمت به في خم الدجاج(3) فهنا النشاط المادي لجريمة قتل طفل حديث عهد بالولادة تمثل في فعل إيجابي وهو الخنق وهناك أمثلة أخرى للنشاط الإيجابي كالإغراق مثلا.
    في قضية "دريد نصيرة" المتهمة هي الأخرى بقتل وليدها حديث العهد بالولادة والتي بعد أن وضعت حملها رمت به وسط بركة من المياه العكرة"(4).

    3- الركن المعنوي:
    فلا بد أن يتوفر في هذه الجريمة القصد العام والمتمثل في العلم بأن الطفل حي المقترن بإرادة إحداث الوفاة(5) وعليه إذا انتفت الإرادة الجنائية لدى الأم المتهمة بقتل وليدها كأن كان سبب الوفاة هو عدم الحذر أو نقص الإسعاف والعناية فهنا تكون المتابعة على أساس وجود قتل خطأ (غير عمدي) لإنتفاء إرادة القتل.


    ------------
    (1) أنظر الأستاذ بن شيخ لحسين المرجع السابق ص 34.
    (2) أنظر الدكتور أحسن بوسقيعة قانون العقوبات في ضوء الممارسة القضائية المرجع السابق ص 101.
    (3) قرار إحالة صادر عن غرفة الإتهام بمجلس قضاء تبسة بتاريخ 18/03/2003 في القضية رقم 114/2003 رقم الفهرس 352/99.
    (4) قرار إحالة صدر عن غرفة إتهام بمجلس قضاء تبسة بتاريخ 8/12/1999 رقم القضية 352/99 رقم الفهرس 352/99.
    (5) د.إسحاق ابراهيم منصور المرجع السابق ص 22.

    - لذلك يجب إثبات الركن المعنوي في جريمة قتل طفل حديث عهد بالولادة، إلا أن ما تجدر الملاحظ إليه أن وجود آثار العنف على جسم الطفل لا يكون دليلا على أنها كانت تقصد قتله بل على الطبيب المختص أن يبين ذلك بعد الفحص الدقيق لطبيعة الجروح وخطورتها والطريقة التي استخدمت في إحداثها وبالتالي بأنها إرادية أم لا.

    2- الأركان أو العناصر المميزة لجريمة قتل طفل حديث العهد بالولادة.
    1- صفة المجني عليه: حتى نكون في إطار تطبيق هذا العذر فيجب أن يقع القتل على طفل حديث العهد بالولادة وهذا ما نص عليه المشرع الجزائري في نص المادة 259: "قتل الأطفال هو إزهاق روح طفل حديث العهد بالولادة".

    - ما يلاحظ على هذا النص أن المشرع الجزائري لم يحدد المقصود بحديث العهد بالولادة وعليه فالتساؤل الذي يطرح ما هي المدة الزمنية التي يكون فيها الطفل حديث العهد بالولادة والتي يجب أن تقع فيها جريمة القتل حتى يمكننا تطبيق هذا العذر ؟ فكما سبق القول أن المشرع لم يحدد المدة الزمنية التي ينطبق فيها وصف حديث العهد بالولادة ويزول بمرورها تطبيق هذا العذر.

    - لذلك فإن الفقه متفق على أن هذه المسألة متروك تقديرها لقضاة الموضوع وتطبيقا لذلك يكون القتل واقعا على وليد إذا نفذ من طرف الأم في مدة قصيرة وقريبة جدا من ميلاده ولم تسترجع فيها الأم بعد هدوئها النفسي وخروجها مما اصابها نتيجة الإنزعاج العاطفي الذي تلى فترة الوضع. (وإلا خضعت في غير هذا إلى النصوص العادية المجرمة للقتل)

    ويرى القضاء الفرنسي أن حداثة العهد بالولادة تنتهي بانقضاء أجل تسجيل المولود في سجلات الحالة المدنية (وهو محدد بخمسة أيام في قانون الحالة المدنية الجزائري)(1).
    - لذلك فإن الأستاذ لحسين بن شيخ ذهب إلى أن "صفة المولود الحديث تنتفي إذا تم تسجيله في سجلات الحالة المدنية" 5 أيام طبقا للمادة 61 من قانون الحالة المدنية رقم 70/20 المؤرخ في 19 فبراير 1970"(2)

    فحسب هذا الرأي أن المدة التي يجب أن تكون بين ميلاد الطفل وواقعة القتل لا تتجاوز 05 أيام. أما إذا كان القتل تم بعد ميلاد الطفل بأكثر من 05 أيام أصبح قتلا عاديا لا قتلا لطفل حديث عهد بالولادة وتخضع بذلك الأم للنصوص المجرمة للقتل العادي ولا تستفيد من العذر.

    لذلك فيتعين إذن إثبات أولا بتاريخ ميلاد الطفل وعادة ما يتم بعرض الأم على طبيب مختص في أمراض النساء ليؤكد تاريخ وصنعها لحملها ثم تاريخ ارتكاب الواقعة وعادة ما تتم في نفس يوم وضع نظرا لخصوصية هذه الجريمة.

    -----------
    (1)أنظر د.أحسن بوسقيعة الوجيز في القانون الجنائي الخاص المرجع السابق ص 32.
    (2) الأستاذ لحسين بن شيخ المرجع السابق ص 37.


    إلا أنه أمام سكوت المشرع عن تحديد النطاق الزمني لحداثة العهد بالولادة وكذا أمام غياب إجتهاد قضائي يقضي بأن المدة التي تختفي بها صفة حداثة العهد بالولادة هي 05 أيام فإن الأمر يبقى متروك للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع المهم أن تكون المدة بين واقعة القتل ولحظة الميلاد قصيرة وقريبة منه ويتقبلها العقل، ومثل ذلك قضية "دريد شهرة" التي سبق ذكرها فإن الفحص الطبي الذي أجري عليها من طرف الطبيب المختص في أمراض النساء أكد وضعها لحملها في غضون الأيام الخمسة الفارطة ثم اعترفت أن واقعة القتل تمت في نفس اليوم الذي وضعت فيه حملها خوفا من أهلها.

    والسؤال الذي تبادر إلى أذهاننا في شأن الطفل الحديث بالولادة، هل يشترط أن يعثر عليه لقيام مسؤولية الأم ؟
    لقد قضت المحكمة العليا في قرار صادر عنها في 21 أفريل 1987 في الملف رقم 46463 أن: "عدم العثور على جثة الطفل المقتول لا ينفي حتما عدم قيام الجريمة طالما محكمة الجنايات اقتنعت بأن الطفل ولد حيا وأن أمه هي التي أزهقت روحه عمدا(1).
    وعلى أساس هذا الإجتهاد إذا كان العثور على جثة الطفل قد يسهل لنا إثبات تحقق حياة الطفل وذلك بإجراء خبرة طبية عليه، إلا أن عدم العثور على الطفل المقتول لا ينفي قيام مسؤولية الأم، إذا ما اعترفت مثلا بأنه ولد حيا وأنها قامت بقتله فاعترافها يعد دليل إثبات يناقش من طرف قضاة الموضوع وإذا ما تم الأخذ به أدينت الأم على أساس تهمة قتل طفل حديث العهد بالولادة بالرغم من عدم العثور عليه.

    العنصر الثاني: يجب أن يكون القتل قد وقع من الأم.
    لقد رسم المشرع الجزائري حدود تطبيق هذا العذر على الأم وحدها وهذا ما يتضح من خلال ما تناوله في مضمون المادة 261/02 ق.ع بقوله: "ومع ذلك تعاقب الأم سواء كانت فاعلة أصلية أو شريكة في قتل إبنها حديث العهد بالولادة بالسجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة".
    وبذلك خالف منهج المشرع المصري الذي لم ينص إطلاقا على هذا العذر، كما اتجه اتجاها معاكسا لما سلكه الشارع الإيطالي، الذي جعل الإستفادة من هذا العذر تمتد لأي شخص تربطه بالطفل قرابة مباشرة كالزوج، الأب، الأم، الأخت، العم أو الخالة أو العمة أو الخال.
    وبالتالي في التشريع الجزائري لا يتصور أن يطبق هذا العذر إذا ارتكب القتل من طرف شخص غير الأم حتى وإن كان الأب أو الأخ أو الأخت ومهما كان دافعه إلى ذلك.

    كذلك لكي يطبق هذا العذر يجب أن تكون الأم قد ارتكبت جريمتها على طفلها الحديث العهد بالولادة فهذا العنصر والعنصر الأول متلازمان على النحو الذي رأيناه سابقا وإلا فلا يسمح لها بالإستفادة من هذا العذر المخفف المنصوص عليه في المادة 261/02 ق.ع وبالتالي تعاقب بعقوبة القتل العمدي أو الإغتيال حسب الحالات.
    كذلك يبدو أن المشرع جعل نص المادة 261 ق.ع مطلقا من خلال عدم تحديده لدافع الأم لقتل ابنها حديث العهد بالولادة. فهل هذا يعني أن الأم تستفيد من هذا العذر ولو لم يكن دافعها هو اتقاء العار ؟ يجمع الفقه على وجوب توفر هذا الدافع بل في الحقيقة هو ما يبرر ارتكاب الأم لجريمة القتل وبالتالي لا يكفي القصد العام المشترط لأية جريمة وإنما لا بد أن يتوفر لدى الأم قصدا خاصا والذي يتجلى في اتجاه نيتها إلى القتل قصد اخفاء الفضيحة وصيانة الشرف في الوسط الإجتماعي الذي تعيش فيه(2).
    ---------------
    (1) أنظر د.أحسن بوسقيعة: قانون العقوبات في ضوء الممارسة القضائية المرجع السابق ص 101.
    (2) أنظر د.جلال ثروت نظرية القسم الخاص الجزء الأول جرائم الإعتداء على الأشخاص الدار الجامعية ص 271.

    فالمشرع الجزائري شدد العقوبة حيث يتعين التشديد وخففها بدوافع إنسانية حيث يجب التخفيف، فظرف التخفيف لا يتناول سوى الأم الجانية التي حبلت بولدها المجني عليه سفاحا ثم دفعها إلى قتله درء الفضيحة واتقاء العار، وبهذا لا يتوفر هذا التخفيف بالنسبة للأم وإلا إذا كان الولد غير شرعي وكان ذلك لإخفاء العار، وبالتالي تخرج من تطبيق هذا العذر الأم التي لا تصون عرضها ولا تخفي العار بأن جهرت به وذاع أمر حملها بين الناس وانتشرت فضيحتها بعد أن قتلت وليدها بعد الولادة.
    كما أن الأم التي قتلت وليدها بعد أن استردت توازنها النفسي وانتهى عنها اضطرابها وانزعاجها العاطفي تكون علة التخفيف بذلك قد انتهت وبالتالي تسأل على أساس القتل العمد طبقا للنصوص العادية المجرمة له.
    - وإذا قلنا أنه يشترط أن يكون الدافع هو إتقاء العار يعني ذلك بالضرورة أن يكون الولد غير شرعي(1).

    المطلب الثاني: إثباته وبيانه في الحكم

    إذا كانت الأم متهمة بقتل طفلها حديث العهد بالولادة، فإنه يقع على النيابة العامة اثبات مسألتين مهمتين، المسألة الأولى هي إثبات أن الطفل ولد حيا، ثم اثبات واقعة القتل في حد ذاتها، ويكون لها في ذلك الإعتماد على جميع وسائل الإثبات القانونية كشهادة الشهود، الإعتراف، التحضير المسبق لوسائل ارتكاب الجريمة من طرف الأم، وكل الظروف السابقة للجريمة أو المصاحبة أو التالية لها، إلا أنه وفي غالب الأحيان يتم اللجوء إلى الخبرة الطبية الشرعية. فإثبات هذه الجريمة يكون بكافة طرق الإثبات ويترك تقدير ذلك فيما بعد إلى قضاة الموضوع.

    - وإذا اقتنعت محكمة الجنايات توافر هذه الجريمة في حق الأم وقررت إدانتها على ذلك فإنه يجب أن تستظهر الأسئلة المتعلقة بالإدانة عناصر الجريمة التي سبق ذكرها وعلى الخصوص صفة الأمومة للجانية وكون القتيل طفلا حديث العهد بالولادة.

    وهذا ما قضت به الغرفة الجنائية بالمحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 21 أفريل 1981 رقم 24442.(2).

    كما صدر عنها قرار في بتاريخ 23/12/1997 ملف رقم 190676 جاء فيه: السؤال يجب أن يتضمن ذكر طفل حديث العهد بالولادة ضحية قتل وقد ولد حيا وليس من الضروري أن يكون قابلا للحياة.

    وأنه باغفال إبراز هذا الركن الجوهري في قيام جناية قتل طفل حديث عهد بالولادة تكون محكمة الجنايات قد خرقت مقتضيات المادة 305 ق.إ.ج. و 259 ق.ع ومن ثمة عرض حكمها للنقض"(3).

    -----------
    (1) هناك من التشريعات لا تشترط أن يكون الولد غير شرعي كما لا يهمها بالتالي أن يكون الدافع إلى قتل الوليد الرغبة في ستر العار كالزوجة التي يهجرها زوجها فلا يعولها ولا ينفق عليها وتضع طفلا شرعيا فقد تشعر بضنك مادي أو معنوي لا يقل مرارة عن الذي تشعر به المرأة الخاطئة فكلتا المرأتين جديرتان بالرأفة وتخفيف العقاب، أنظر د.محمد الفاضل الجرائم الواقعة على الأشخاص الطبعة الثالثة ص 417.
    (2) أنظر الدكتور أحسن بوسقيعة قانون العقوبات في ضوع الممارسة القضائية المرجع السابق ص 101.
    (3) الموسوعة القضائية قرص مضغوط CD : 01 مارس 2003.

    - أما ما توصلت إليه محكمة الجنايات من اقتناع حول إدانة أو تبرئة المتهمة فلا رقابة عليه من طرف المحكمة العليا ذلك أن الأمر يتعلق بمسألة الإقتناع الشخصي لقضاة الموضوع طبقا للمادة 307 ق.إ.ج.

    لذلك قضت المحكمة العليا في القرار السابق ذكره بما يلي:

    "حيث أنه ومن هذا الوجه الثاني يناقش النائب العام لدى مجلس قضاء سكيكدة إدانة المتهمة المحكوم ببراءتها وهي مسألة تدخل في اختصاص قضاة الموضوع الذين لهم كامل السيادة في التقدير وتخضع لإقتناعهم الشخصي طبقا لمقتضيات المادة 307 ق.إ.ج.

    - وقد خص المشرع الجزائري الأم التي تقتل طفلها حديث العهد بالولادة بعذر مخفف، يجعل من عقوبتها السجن من عشر سنوات إلى عشرين سنة بدلا من السجن المؤبد والإعدام حسب الأحوال، وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 261 ق.ع.

    - وعليه وطبقا لهذا النص فإن القضاة عند توفر هذا العذر فإن العقوبة المذكورة سابقا هي التي تطبق وإلا عرضوا حكمهم للنقض باعتبار الأمر يتعلق بمسألة قانونية، يتعين رقابة المحكمة العليا عليها.
    - ثم أن المادة 261 نصت في آخرها على أنه لا يطبق هذا النص على من ساهموا أو اشتركوا معها في ارتكاب الجريمة.

    - ومؤدي ذلك أنه إذا ساهم مع الأم مجرم آخر في قتل إبنها الحديث العهد بالولادة فإنه يعاقب طبقا للنصوص العادية المجرمة للقتل وتعاقب هي بالسجن من عشرة إلى عشرين سنة.

    - فعذر التخفيف هنا هو عذر شخصي فلا ينبغي أن يتعدى أثره الأم سواء أقدمت على هذا الفعل محرضة أو فاعلة أو شريكة، وتطبيقا لذلك قضت المحكمة العليا-الغرفة الجنائية- في قرارها الصادر بتاريخ 24 جويلية 1990 ملف رقم 69053 ج بما يلي: "يعاقب القانون الأم التي قتلت طفلها حديث العهد بالولادة لا بالعقوبة المقررة للقتل العمد وإنما بعقوبة مخففة هي السجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين عاما غير أنه لا يستفيد من هذا العذر المخفف غيرها ممن ساهموا أو اشتركوا معها في ارتكاب الجريمة كالزوج مثلا وذلك طبقا لأحكام المادة 261 الفقرة الثانية من قانون العقوبات"(1).

    - وإن الأم المتهمة بقتل طفلها الحديث العهد بالولادة غالبا ما تستفيد إلى جانب هذا العذر المخفف من الظروف المخففة طبقا للمادة 53 ق.ع وبذلك تنزل عقوبتها إلى غاية 03 سنوات.






    (1) أنظر الدكتور أحسن بوسقيعة قانون العقوبات في ضوء الممارسة القضائية المرجع السابق ص 102.


    المبحث الثاني: عذر تجاوز حد الدفاع الشرعي.


    - إن المتفحص لقانون العقوبات الجزائري يتبين له أن المشرع الجزائري لم يتناول أحكاما خاصة لهذا العذر، من خلال عدم وضع نصوص أو نص خاص به(1). إلا أن ما ورد في المادتين 277 و 278 من قانون العقوبات يعد من حالات تجاوز حد الدفاع الشرعي التي يترتب على تحققها تخفيف العقوبة.

    - وتجاوز الدفاع الشرعي لا يكون له وجود إلا بتوافر حالة الدفاع الشرعي، والمقصود انتفاء التناسب بين جسامة فعل الدفاع والخطأ الذي وقع على المتعدي عليه، وعليه فليس المقصود انتفاء شرط من شروط الدفاع الشرعي، وإنما المقصود انتفاء شرط معين منها وهو التناسب. أما إذا انتفى الشرط آخر سواء لعدم وجود الإعتداء أو عدم وجود خطر حال أو كان هذا الخطر لا يشكل جريمة أو كان استعمال القوة بعد انتهاء الخطر فإن الجاني لا يكون متجاوزا لحدود حقه، و يضحي الدفاع الشرعي لا وجود له أصلا، ولا محل للبحث في تجاوز حدوده، لأن البحث محله إثبات قيام الحق أم لا.

    - وسوف نتطرق فيما يلي للحالتين الذين نص عليهما المشرع الجزائري وهما عذر الضرب والعنف اللذان يبرران القتل وعذر التسلق أو ثقب الأسوار أو تحطيم داخل المنازل.

    المطلب الأول: القتل لدفع اعتداء شديد.

    لقد نص المشرع الجزائري على هذا العذر المخفف في المادة 277 ق.ع كما يلي: "يستفيد مرتكب جرائم القتل و الجرح والضرب من الأعذار إذا دفعه إلى ارتكابها وقوع ضرب شديد من أحد الأشخاص".

    - فالحقيقة أن الشخص الذي يتعرض لضرب شديد من آخر إما أن يدفع الاعتداء عليه بالضرب أو باعتداء آخر يتناسب مع الفعل المعتدي به عليه، وفي هذه الحالة يعتبر في حالة دفاع شرعي وإما أن يرتكب في سبيل دفع ذلك الاعتداء جريمة قتل أو جرح وفي هذه الحالة يكون فعل الدفاع غير متناسب مع فعل الاعتداء ويكون المدافع بهذا قد تجاوز حد الدفاع الشرعي ولذا فإن القانون يعتبره معذورا ويعاقبه بعقوبة مخففة إذا حدثت الوفاة.

    الفرع الأول: أعمال الإثارة التي تبر التجاوز.

    باستقرار نص المادة 277 ق.ع باللغة العربية نستنتج أنه قصر أعمال الإثارة أو الإستفزاز على نوع واحد فهو وقوع ضرب شديد من أحد الأشخاص، إلا أن النص باللغة الفرنسية يلاحظ أنه أضاف عبارة أخرى والمتمثلة في "الضرب والعنف الشديدين"(2).
    ----------------------------------------------------------------------------
    (1) إذ هناك العديد من التشريعات التي لم تضع نصوصا تنظم بها حالة تجاوز الدفاع الشرعي مثل قانون العقوبات الفرنسي، ومنها ما نص على هذا العذر في نص خاص كقانون العقوبات المصري في المادة 251 ق.ع على اعتبار تجاوز حد الدفاع الشرعي جنحة في جميع الأحوال يعاقب عليها بالحبس لمدة من 24 ساعة إلى ثلاث سنوات.
    (2) Article 277 c.p: "Le meurtre, les blessures et les coups sont excusables s'ils ont été provoqués pas des coups ou Violences graves envers les personnes".


    وإن الترجمة الفرنسية هي الأصح لأنها تتماشى مع الآراء الفقهية ذلك أن التهديد الجسيم بالإعتداء يجعل الخطر وشيك الوقوع وعندئذ يتساوى مع الضرب الشديد في أن كلا منهما يصلح علة للإثارة(1).
    - ومن هذا المنطلق يتجلى أنه ليست كل أعمال الإستفزاز غير المشروعة أو أعمال الإثارة تصح أن تكون علة للإستفادة من هذا العذر، بل حصرها المشرع في الضرب الشديد والعنف الجسيم

    1- الضرب الشديد: لقد تم النص على هذا النوع من أعمال الإثارة في المادة 277 ق.ع من خلال عبارة"…وقوع شديد…." وبالتالي نستنتج بمفهوم المخالفة أنه لا يعد الضرب الخفيف عذرا يبرر القتل، فلا يتصور أن يكون رد الإعتداء بالضرب الخفيف بنتيجة القتل وتترك مسألة تقدير ما إذا كان نوع الضرب يدخل في نظاق أعمال الإثارة التي تعتبر عذرا للقتل لسلطة قاضي الموضوع فهو الذي يقرر مدى وجوده من انتفائه.

    2- العنف الجسيم.
    يعتبر هذا النوع من أعمال الإثارة التي تعتبر عذرا للقتل وفقا لما قررته الترجمة الفرنسية لنص المادة 277 ق.ع كما تم بيانه سابقا، فما المقصود بالعنف الجسيم ؟

    - العنف عاد ما يكون عنفا ماديا ويتحقق ذلك بالإعتداء المادي على الشخص لدرجة إيذائه فعليا ومن هذا القبيل استعمال القوة الجسدية او أية وسيلة مادية لإكراه المجني عليها على الصلة الجنسية-(هتك العرض بالقوة) أو استعمال وسائل أدت إلى إحداث جروح بالغة- ففي مثل هذه الحالات إذا ما تجاوز المعتدي عليه لدفع مثل هذا الاعتداء حد فعل الإعتداء اعتبره المشرع معذورا ويعاقبه بعقوبة مخففة إذا حدثت الوفاة.

    - ويطرح السؤال بشأن العنف المعنوي فهل يشترط أن يكون الاعتداء الذي يجوز دفعه بالقتل اعتداءا ماديا بحتا ؟

    - يرى الدكتور إسحاق ابراهيم منصور"أنه لا يشترط أن يكون العنف ماديا فقد يكون معنويا كالتهديد بالتعدي أو القتل كإستخدام الجاني آلة حادة أو مسدس أو أي وسيلة يمكن أن تتحقق بها نتيجة القتل، فبحمل الجاني لأي نوع من هذه الوسائل تتحقق لدى المجني عليه إثارة تكون عذرا للقتل فهذا التهديد يعتبر عذر مخفف ويستحق تطبيق المادة 277 ق.ع."(2)

    - أما إذا كان العنف بسيط لدرجة لا تتحقق معه الإثارة التي تكون عذرا للقتل فإن الجاني في هذه الجريمة يعاقب على أساس النصوص العادية المجرمة للقتل دون أن يستفيد من هذا العذر، ومثال ذلك من يقوم بتهديد آخر شفويا فيقوم هذا الأخير بقتله فلا يمكن أن يتمسك في هذه الحالة بأحكام هذا العذر أو من يدفع شخص إلى أن يسقط أو يجلبه من شعره ويلوى ذراعه، وكل ذلك يبقى لسلطة قضاة الموضوع.



    (1) أنظر د.إسحاق ابراهيم منصور المرجع السابق ص 48.
    (2) أنظر د.إسحاق ابراهيم منصور المرجع السابق ص 48.

    الفرع الثاني: شروط تطبيق هذا العذر:

    يشترط لتطبيق هذا العذر 04 شروط والتي تتضح من خلال قراءة المادة 277 ق.ع والتي يستشفها الدارس لها والمتمثلة فيما يلي:

    -أن يكون أعمال الإثارة موجهة لشخص الجاني، أن تكون هذه الأعمال غير مشروعة، حلول الخطر مع عدم التناسب بين الإعتداء، أن يكون تجاوز حد الدفاع الشرعي بحسن نية من جانب الجاني وسوف نتطرق لكل شرط على حدى.

    - الشرط الأول : أن تكون أعمال الإثارة موجهة لشخص الجاني: حتى نكون بصدد تطبيق عقوبة مخففة على الجاني بعد ارتكابه لجريمته لتوفر العذر، يجب أن تكون أعمال الإثارة المتمثلة في الضرب الشديد والعنف الجسيم كما سبق بيانه موجهة إلى ذات شخص الجاني، الذي قام بعد ذلك بالرد عليها بالإعتداء بالقتل، وبمفهوم المخالفة فإننا لا نكون بصدد تطبيق هذا النص، إذا كانت هذه الأعمال قد وقعت على الحيوانات أو أشياء يملكها الجاني، وإنما نطبق في هذه الحالة قواعد العامة "حالة الإيذاء الحاصل على الحيوانات أو الأشياء".

    - بالإضافة إلى ذلك يجب أن تكون أعمال الإثارة واقعة مباشرة على شخص الجاني ولا تدخل فيها الأعمال الواقعة على شخص الغير. وهذا راجع للعلة التي تبرر عقوبة التخفيف والمتمثلة في الإثارة والغضب اللذان يتملكان شخصية الجاني مما يدفعان به إلى استخدام أية وسيلة لرد الخطر الموجه إليه. وهذا ما لا يتوفر إذا كان الإعتداء موجها لشخص آخر غير شخص الجاني ومثال ذلك لو قام (أ) بالإعتداء بالضرب أو العنف الجسيم على (ب) فقام (ج) بقتل (أ) دفاعا على (ب)، فلا يمكن ل (ج) أن يستفيد من تطبيق هذا النص.

    الشرط الثاني: أن تكون أعمال الإثارة غير مشروعة: بالإضافة إلى الشرط الأول، فإنه لا بد من توافر شرط آخر يتمثل في أن تكون أعمال الإثارة المتمثلة في الضرب الشديد والعنف الجسيم غير مشروعة حتى نطبق العقوبة المخففة على الجاني وبالتالي يخرج تطبيق المادة 277 إذا كانت الأعمال التي سببت الإثارة للجاني أعمالا مشروعة وأمثلة هذه الأعمال، أعمال أداء الواجب كالشرطي أو الدركي وغيرهم ممن يمارسون مهمهم بحكم القانون أو الوظيفة.

    كذلك الأعمال الناتجة من ممارسة الحق، كحق الأب في تأديب أبنائه، وحق الزوج في تأديب زوجته كالضرب الخفيف الذي لا يترك أثرا لا يجوز دفعها بالقوة ولا التمسك بهذا العذر.
    بالإضافة إلى ذلك لا يطبق النص إذا كان العمل متمثلا في الدفاع الشرعي(1).
    ويدخل في الأعمال غير المشروعة الأعمال التي تصدر عن موظف عام خارج نطاق وظيفته لأنه يأخذ وصف الفرد العادي لا يمكن له الدفع بأحكام المادة 39 عقوبات(2).






    (1) أسحاق ابراهيم منصور المرجع السابق ص 49.
    (2) تنص المادة 39 عقوبات جزائري "لا جريمة إذا كان الفعل قد أمر أو أذن به القانون.

    3- حلول الخطر: وقد تضمن مضمون المادة 277 هذا الشرط من خلال قولها: "….لدفع الضرب…." حيث يستفاد من هذه العبارة حلول الخطر على الجاني من خلال تلقيه لضرب شديد أو عنف جسيم بشخص ليس له أية سلطة تبرر ارتكابه لهذه الأعمال وبالتالي يتحقق للجاني عذر الإستفزاز الناتج عن ارتكاب أعمال الإثارة عليها وقتها. حيث يشترط أن يكون الإعتداء واقعا وحالا وآتيا على وشك الوقوع، وبمفهوم آخر لا يمكن تطبيق النص إذا تم الإعتداء وانصرف المعتدي عليه ثم وجد المعتدي مرة أخرى فقام بقتله، لأنه في هذه الحالة يعتبر انتقاما شخصي ولا يمكن له الإستفادة من العذر لأن هناك مجالا آخر يمكنه من الإقتصاص من غريمه والمتمثل في القضاء.

    الفرع الثالث: الفرق بين عذر تجاوز الدفاع الشرعي وحالة الدفاع الشرعي.

    يتفق هذا العذر مع عذر الدفاع الشرعي في أن كليهما يعتبر من الأعذار القانونية التي نص عليها المشرع الجزائري حيث تناول أحكام العذر الأول في المادة 277 وأحكام العذر الثاني المتمثل في الدفاع الشرعي في نص المادتين 39 ف2 والمادة 40 ق. ع. بينما يختلفان عن بعضهما في أن العذر المخفف ينطبق في حالة عدم تناسب الإعتداء والدفاع، بالإضافة إلى ذلك فإن العذر المخفف يطبق إلا في حالة وقوع أعمال الإثارة على شخص الجاني فقط، وبتعبير آخر نقول أن العذر حالة من حالات التعرض للخطر لا يلزم أن تتوفر فيها شروط استعمال حق الدفاع الشرعي كاملا، لأنه إذا توفرت شروط الدفاع الشرعي فهو أولى بالتطبيق لأنه في صالح المتهم، وواقع الحال في رأينا أن هذا العذر لا يطبق إلا في حالات تجاوز الدفاع الشرعي(1).

    المطلب الثاني: عذر التسلق أو ثقب الأسوار أو تحطيم مداخل المنازل الذي يبرر القتل:

    نص المشرع على هذا العذر المخفف في المادة 277 ق.ع كما يلي: "يستفيد مرتكب جرائم القتل والجرح والضرب من الأعذار إذا ارتكبها لدفع تسلق أو ثقب أسوار أو حيطان أو تحطيم مداخل المنازل أو الأماكن المكونة أو ملحقاتها إذا حدث ذلك أثناء النهار".
    وإذا حدث ذلك أثناء الليل فتطبق أحكام الفقرة الأولى من المادة 40 ق.ع أي يعمل هذا ضمن حالة الدفاع الشرعي.

    - وقد جعل المشرع الجزائري من هذا الفعل عذرا مخففا لما في السطو على المنازل المسكونة وملحقاتها من خطورة على أموال الناس وأنفسهم ذلك لأن الشخص الذي يتسلق جدران المنازل ويثقبها ليتسلل إلى داخلها قد يكون مجرما شديد الخطورة لا يحجم عن ارتكاب أفضع الجرائم ويخشى أن لا يقف إجرامه عند حد نهب الأموال أو سرقتها بل قد يتجاوز ذلك إلى إيذاء سلامة الأشخاص أو الفتك بحياتهم.

    - وقد أراد الشارع بهذا النص أن يضفي على المساكن حصانة وحرمة وأن يضع مؤيدا قويا لمبدأ من مبادئ الحقوق العامة ويصون مظهر من مظاهر الحريات المدنية الواردة في صلب الدستور، ولا جدال في أن حرمة المساكن من الحريات الدستورية الغالية التي ينبغي صونها وفرض احترامها بالمؤيد الجزائي.



    (1) د.إسحاق ابراهيم منصور المرجع السابق ص 48.


    الفرع الأول: الأفعال المادية المنصوص عليها في مضمون المادة.

    من خلال تحليل نص المادة 278 ق.ع يتضح لنا أن المشرع قد استلزم وقوع أفعال مادية مذكورة على سبيل الحصر في نص المادة السابقة الذكر وهي التسلق الثقب أو التحطيم.

    1- التسلق: لقد عرفت المادة 357 ق.ع :"يوصف بالتسلق الدخول إلى المنازل أو المباني أو الأحواش أو حضائر الدواجن أو أي أبنية أو بساتين أو حدائق أو أماكن مسورة وذلك بطريق تسور الحيطان أو الأبواب أو السقوف أو أية أسوار أخرى.
    والدخول عن طريق مداخل تحت الأرض غير تلك التي أعدت للدخول يعد ظرفا مشددا كالتسلق.

    2- الثقب: وقع الثقب على الأسوار أو الحيطان والمقصود بالثقب هي إحداث فتحة يمكن الدخول منها والتسلل إلى داخل المنزل.

    3- التحطيم: حيث يقع على مداخل المنازل كما جاء في نص المادة 278 ق.ع والمقصود بالتحطيم هو تكسير الأبواب أو إتلافها قصد اختراقها والدخول منها، وقد يتحقق ذلك أحيانا باستخدام مفاتيح مصطنعة وقد تم تعريفها من قبل المشرع الجزائري بنص المادة 358 حيث نص على :"توصف بالمفاتيح مصطنعة كافة الكلاليب وال……والمفاتيح الصالحة لفتح جميع الأقفال والمفاتيح المقلدة أو المزورة أو المزيفة أو التي لم يعد المالك أو المستأجر أو صاحب فندق أو صاحب مسكن لفتح الأقفال الثابتة أو الأفعال غير ثابتة أو أية أجهزة للإغلاق والتي استعملها الجاني ليفتح بها، ويعتبر مفتاحا مصطنعا المفتاح الحقيقي الذي احتجزه الجاني دون حق."

    الفرع الثاني: شروط تطبيق هذا العذر.
    يستفاد من نص المادة 278 ق.ع أن المشرع الجزائري قد اشترط شروطا معينة حتى ينطبق العذر.

    1- أن يقع الفعل المادي على محل مسكون أو معد للسكن:

    - وهذا ما يستشف من نص المادة 278ق.ع والتي تقرر بوجوب وقوع فعل مادي من الأفعال المادية السابقة الذكر على محل مسكون أو المعد للسكن ولم يكن مسكونا بقولها: "لدفع تسلق أو ثقب أسوار أو حيطان أو تحطيم مداخل المنازل أو الأماكن المسكونة أو ملحقاتها…ولقد تناول المشرع الجزائري تعريف المنزل من خلال نص المادة 335 بقولها:يعد منزلا مسكون كل مبنى أو دار أو غرفة أو خيمة أو كشك ولو متنقلا متى كان معدا للسكن إن لم يكن مسكونا وقت ذلك وكافة توابعه مثل الأحواش وحظائر الدواجن ومخازن الغلال والإسطبلات والمباني التي توجد بداخلها مهما كان استعمالها حتى ولو كانت محاطة بسياج خاص داخل السياج أو السور العمومي".

    2- أن يكون وقوع الفعل المادي بقصد إرتكاب الجريمة:
    حتى نكون بصدد تطبيق نص المادة 278 ق.ع يجب أن تقع الأفعال المادية التي تناولناها سابقا قصد تحقيق غرض غير مشروع أي القصد منها ارتكاب جريمة كالسرقة أو القتل وغيرها من الأفعال التي يعاقب عليها القانون. وبالتالي تظهر لنا من خلال ما تقدم علة تخفيف العقوبة، في هذه الح

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 08, 2024 1:47 am