أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
 عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء 580_im11 ENAMILS  عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء 580_im11

المواضيع الأخيرة

» مدونة القوانين الجزائرية - محدثة يوميا -
 عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed

»  شركة التوصية بالاسهم -_-
 عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء I_icon_minitimeالجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin

» مكتبة دروس
 عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء I_icon_minitimeالإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
 عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
 عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
 عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
 عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin

» بحث حول المقاولة التجارية
 عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl

» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
 عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique

» الدفاتر التجارية:
 عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma

ENAMILS


كتاب السنهوري


    عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

     عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء Empty عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أغسطس 08, 2013 2:34 am





    عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء


    المقـــدمة :

    إن الهدف الأساسي للقانون الجمركي هو ضمان الاقتصاد الداخلي وتمويـل الخزينة العمومية بالمواد المالية بواسطة الضرائب المفروضة على عمليات الاستيراد والتصديـر كما يهـدف إلى حماية الصحة والأمن العمومي والتراث الثقافي.
    وتكريسا لهذه الأهداف تتولى إدارة الجمارك تطبيق أحكام القانون الجمركي الذي جاء بأحكام خاصة جعلته يصنف ضمن القوانين الخاصة لمحاربة كل مخالفة للنصوص أو الأنظمة الجمركية، ولا يرجع هذا التصنيف لمجرد طبيعة المصلحة محل الحماية، ولا إلى مجرد كون هذا النوع من الجرائم خارج قانون العقوبات، وإنما يرجع إلى استقلالية أحكامه ، وخضوعه لقانون العقوبات العام إلا استثناء وذلك عند النقص في أحكامه، أو الإحالة عليه .
    فخروج القانون الجمركي عن القانون العام أضفى عليه الطابع الصارم والمتشدد لاعتبارات حمائية وذلك بفرض رقابة خاصة على أصناف من البضائع ، واتخاذ إجراءات معينة بغرض تحقيق أهداف اجتماعية وسياسية واقتصادية وبالتالي فإن أي تحلل من المنع أو القيد يشكل مخالفة للتشريع الجمركي ومن واجب الدولة زجره .
    ونظرا لتعاطف المجتمع مع مرتكبي الجرائم الجمركية برزت بصفة جلية الصرامة والتشدد أضفى على قانون الجمارك خصوصية تتأتى في مدى تحقيق التوازن بين أهدافه الرامية إلى حماية البنية الاقتصادية للدولة، وتحقيق الحريات والحقوق الفردية من خلال قواعد المسؤولية والجزاء المترتب عنها.
    وتجسيدا لهذه الأهداف فأي خروج عن هذه القواعد يعد منطلقا لأي منازعة جمركية التي ترتبط ارتباطا وثيقا بتنوع المهام الموكلة إلى إدارة الجمارك والتي اعتبرها كلا من الفقيهين " جان كلود بار " ، و " تريمو " أن المنازعة الجمركية هي مجموع النزاعات التي تكون إدارة الجمارك طرفا فيها، وهذا ما يعطي مجال واسع للنزاع الجمركي يشمل المجال الإداري كون إدارة الجمارك مؤسسة عمومية إلا أن هذا يخرج عن إطار دراستنا باعتبارها ترتكز أساسا على المسؤولية الجزائية وما ينتج عنها من جزاء إضافة إلى المسؤولية المدنية، ويرجع ذلك إلى أن أغلب المنازعات الجمركية هي منازعات ذات طابع جزائي تمثل 90% من مجموع المنازعات المطروحة .
    ونظرا لكون قواعد القانون العام لا تسع لتحوي صور التجريم الجمركي ولا ترقى لتوفير الصرامة والتشدد الطابع المميز للقانون الجمركي فهذا الخروج يشكل خصوصية بارزة لهذا القانون سواء من حيث إجراءات المتابعة وطرق إثبات الجريمة الجمركية وكذا قواعد تحديد المسؤولية والجزاء .
    فدراستنا تنحصر في مجال تحديد المسؤولية والجزاء وتبرر أهميتها في حصر القواعد المميزة للطابع الجمركي ، دون التطرق إلى القواعد المشتركة بين القانون الجمركـي والقانون العام .
    نخلص من خلالها إلى إبراز مجرد القواعد الخاصة بالقانون الجمركـي في ظل التغيرات التي عرفها انطلاقا من أول تعديل لسنة 1998 بموجب القانون 98/10 وصدور الأمر 05/06 المؤرخ في 23/08/2005 المتعلق بمكافحة التهريب الذي جاء بعدة تغييرات وفصل أعمال التهريب عن باقي الأفعال المجرمة في القانون الجمركي، كما جاءت في ظل التعديل الأخير لقانون العقوبات 06/23 المؤرخ في 20/12/2006 مس جانب من دراستنا، ومن خلال ما سبق ولبلوغ الهدف المرجو ، طرحنا إشكاليات تشكل منطلق لموضوعنا تتمثل في : ما هي الأسس القانونية التي تقوم عليها المسؤولية الجنائية و المدنية في المجال الجمركي؟ و ما هي الأحكام القانونية المميزة لهـاتيـن المسؤوليتين في المجال الجمركي ؟ ما هي الطبيعة القانونية للقصد الجنائي في المجال الجمركي؟ و ما هي خصوصيات نظام التضامن في المجال الجمركي ؟ من جهة أخرى ما مدى خروج قواعد الجزاء الجمركي عن القواعد المقررة في القانون العام ؟
    إجابة على هذه الإشكالات إنتهجنا منهج المقارنة لإبراز الخصوصية، كما إعتمدنا المنهج التحليلي من جهة أخرى ، للوصول إلى الهدف المرجو من هذه الخصوصية.و من أجل بلوغ الغاية من دراستنا إعتمدنا خطة بحث تتجسد في فصلين إنطلقنا من خصوصيات المنازعة الجمركية من حيث المسؤولية، كون أول إشكال يطرح بصدد المنازعة الجمركية هو إسناد الفعل المجرم إلى الشخص ، و قيام مسؤولية الفاعل إتجاه الفعل المرتكب، فقيام المسؤولية يؤدي إلى ترتيب جزاء يطبق على المسؤول و هذا ما يشكل عنوان الفصل الثاني ،و تتمثل الخطة فيما يلي:

    الفصل الأول: خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية

    من الواضح أن من يقدم على إنتهاك أو خرق القانون بارتكابه الفعل الإجرامي, فإنه يتحمل تبعة فعله ومن ثمة يعتبر مسؤولا, و يعاقب على ذلك, فأي شخص يمكن أن يصبح مسؤولا, و هذا غما على أساس مسؤوليته الجزائية أو على أساس مسؤوليته المدنية, فالمسؤولية الجزائية تتميز خاصة بوجود قرائن قانونية عليها بالتوازي مع وجود قرائن قانونية للتهريب بالنسبة لقانون الجمارك, و أكثر من ذلك, فإن إدارة الجمارك غير مطالبة بالبحث عن المسؤول الحقيقي, فالمسئول الظاهر "l’auteur apparent " هو وحده الذي يتابع جزائيا, و يبقى أمام هذا الأخير سوى الرجوع على الفاعل الأصلي و بالتالي فإن ما يميز المسؤولية الجزائية في المجال الجمركي هو أن المسؤولين معددين قانونا و من ثمة المشاركين أو المساهمين بطريقة غير مباشرة في ارتكاب الجريمة و هؤلاء تطبق عليهم عقوبات فردية بالمقابل و هذا ما يبرر فكرة مادية الجريمة الجمركية تميزا بينها و بين الجرائم الأخرى التي تحكمها قواعد القانون العام . و هو ما سوف تتطرق إليه في الفصل الأول.
    المبحث الأول: المسؤولية الجنائية الجمركية

    المطلب الأول :المسؤولية الجنائية بحكم المساهمة في الجريمة الجمركية

    الأصل أن المسؤولية الجزائية شخصية كما أشرنا في تمهيدنا للفصل الأول، و ما يميز التشريع الجمركي الجزائي هو عدم تقيده في بعض أحكامه بالقاعدة المذكورة، و أضاف إلى المسؤولية الشخصية صنفا من المسؤولية تقوم على الحيازة المادية أو على القيام بأنشطة مهنية معينة و هو ما يعبر عنه بالمسؤولية الجزائية التامة، وهي تلك الناتجة عن المساهمة في الجريمة و التي يندرج ضمنها مسؤولية كل من الفاعل سوءا الفاعل الأصلي أو المعنوي, و كذا مسؤولية الشريك و المستفيد من الغش, أما النوع الثاني من المسؤولية المتمثل في المسؤولية الجنائية الناقصة فنترك الحديث عنها في حينها.

    الفرع الأول : المسؤولية الجنائية للفاعل في الجريمة الجمركية.

    يعرف الفاعل على أنه من يقوم بالأعمال المادية التي لها طابعا إجراميا في نظر التشريع الجمركي أو حرض عليها.
    و المادة 41 من قانون العقوبات تنص :" كل من ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة أو حرض على إرتكاب الفعل بالهبة أو الوعد أو التهديد أو إساءة إستعمال السلطة أو الولاية أو التحايل أو التدليس الإجرامي" و هذا يعني أن الفاعل إما أن يكون فاعلا ماديا و ذلك بمساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة و إما فاعلا معنويا حمل غيره على إرتكابها ( الفاعل المعنوي).

    و هو المفهوم الذي ينطبق بدوره على مرتكب الجريمة الجمركية بما فيها أعمال التهريب و على من يكشف له الطريق
    و يعتبر مسؤولا و فاعلا أصليا ما جاء في المواد 303 من قانون الجمارك و المواد 304-305 هذا و يشمل مفهوم الفاعل أشخاصا آخرين هم : الحائز و الناقل و المصرح.و الوكيل لدى الجمارك والموكل و الوكيل طبقا للمواد 306 و 307 والمادة 315 من قانون الجمارك و هو ما سنوضحه في حينه.و تجدر الإشارة إلى أن الفاعل قد يكون مرتكبا للجريمة أو يكون قد شرع فيها فقط دون أن ترتكب, و هو ما جاء في نص المادة 30 من قانون العقوبات في تعريفها للمحاولة على " إنها البدء في التنفيذ أو القيام بأفعال لا لبس فيها تؤدي إلى إرتكاب الجريمة إذا لم توقف أو لم يخب أثرها إلا نتيجة لظروف مستقلة عن إرادة مرتكبها حتى و لو لم يكن بلوغ الهدف المقصود بسبب ظرف مادي يجهله مرتكبها ".و بذلك فإن الجريمة تمرعموما بثلاثة مراحل :
    1- مرحلة التفكير : القانون لا يعاقب على مجرد التفكير في الجريمة.
    2-مرحلة التحضير : و هي تتوسط مرحلة التفكير و مرحلة البدء في التنفيذ و هي مرحلة. يسعى من خلالها المجرم على خلق الوسط الملائم لتنفيذ الجريمة و هي مجرد أفعال مبهمة لا تكشف عن نية الجاني بصورة قاطعة و القاعدة أنه لا عقاب على المرحلة التحضيرية.
    إذا لا تعد شروعا في الجريمة كما حرصت على توضيحه المادة 45/02 من قانون العقوبات المصري إذا نصت بدورها " لا يعد شروعا في الجناية أوالجنحة مجرد العزم على إرتكابها و الأعمال التحضيرية لذلك"
    3-مرحلة التنفيذ:هي المرحلة التي من خلالها يبدأ الشخص في تجسيد الركن المادي للجريمة التي فكر فيها ووفر لها الجو الملائم لتنفيذها، و في الوقت نفسه قد يتمكن الشخص الجاني من إرتكاب الجريمة فتكون تامة كما قد لا يتمكن من تنفيذها فتكون بصدد شروع
    و هذه المرحلة يعاقب عليها القانون و هو ما يتضح من نص المادة 30 من قانون العقوبات بنصها على الشروع في إرتكاب الجناية يعتبر كالجناية نفسها، أما في الجنح فلا عقاب على الشروع فيها إلا بناءا على نص صريح في القانون كما لا عقاب على الشروع في المخالفة إطلاقا. فهذا نص صريح في قاعدة قانونية من قواعد القانون العام تجسدت في المادة 30 أعلاه.
    و هنا يطرح السؤال الأتي : هل أن القانون أو التشريع الجمركي ينسجم و أحكام قواعد القانون العام في العقاب على الشروع في الجريمة الجمركية من عدمه؟
    - بداية نشير على أن الجرائم الجمركية لم تعد منذ صدور الأمر رقم : 05/06 المؤرخ في 23/08/2005 مقصورة على الجنح و المخالفات و إنما ضاف الجنايات.
    و الإجابة على السؤال هو أن قانون الجمارك الجزائري لم يخرج عن الأحكام المقررة في القواعد العامة, و بالرجوع إلى نص المادة 318 مكرر من قانون الجمارك نصت على أن محاولة إرتكاب جنحة جمركية تعد كالجنحة ذاتها إلا انه سكت عن الشروع في المخالفة.
    فهل أن سكوت المشرع يحمل على أنه يتبنى الأحكام المشار إليها أعلاه؟
    في الواقع نجد من خلال بعض أحكام قانون الجمارك أن المشرع قد خرج عن تلك الأحكام و ذلك بورود بعض الحالات اعتبرها محاولة تهريب خاصة منها نقل و حيازة البضائع المحظورة داخل المنطقة البرية من النطاق الجمركي دون أن تصحب بمستندات قانونية و تجاوز مكتب الجمارك عندما تكون البضائع مصحوبة بسند يتضمن إلتزاما بتأشيرة لدى مكتب المرور دون قيام بهذا الإلتزام ، كذلك فقد اعتبر المشرع الجمركي خرق أحكام المواد 221 ،222 ،225 قانون الجمارك من قبيل أعمال التــهريب و التي تخضع وتفرض على ناقلي البضائع الخاضعة لرخصة التنقل داخل المنطقة البرية من النطاق الجمركي إحضارها إلى أقرب مكتب جمركي للتصريح بها و الإلتزام بالتعليمات الواردة في رخصة التنقل .على عكس ما يراه الدكتور بوسقيعة ا حسن أنها ليست سوى أعمال تحضيرية يتعدر القول معها بأنها تؤدي مباشرة إلى ارتكاب الجريمة.
    كما أن الأمر رقم 05/06 المتعلق بالتهريب نصت المادة 25 منه على " أن محاولة إرتكاب جنح التهريب تعاقب بنفس العقوبات المقررة الجريمة التامة"
    أما بالنسبة للمحاولة في الجنايات فإنها تخضع للقانون العام الذي يعاقب عليها كالجناية التامة دون حاجة إلى وجود نص خاص.
    - هذا و نرى من جانبنا أن تلك الأفعال التي اعتبرها المشرع الجمركي من قبيل المحاولة التهريب أو تلك التي رفعها إلى مصاف التهريب، خروجا منه عن القواعد العامة فإنها في الحقيقة لا تعدو أن تكون طريقا مباشرا لتنفيذ الجريمة بقدر ما هي طريقا أو مرحلة من المراحل التي يهيئ فيها الجاني نفسه لتنفيذ الجريمة و لكنها لا تعتبر منفذة أو بمثابة أنها تصل إلى وصف الجريمة التامة. ومن جهة أخرى حتى لا يكون هناك نوع من التعسف و الإجحاد في المساس بالعقاب للأشخاص و يشكل يتعارض والحقوق والحريات.

    الفرع الثاني :المسؤولية الجنائية للشريك في الجريمة الجمركية

    تجدر الإشارة إلى أن مفهوم الإشراك يكتسي في مجال الجريمة الجمركية مفهوما خاصا يخرج عن نطاق القواعد العامة.
    و بالرجوع إلى المادة 309 من قانون الجمارك قبل إلغائها,تحيل بخصوص تحديد مفهوم الشريك في الجريمة الجمركية لأحكام المادتين 42 و 43 من قانون العقوبات، و من ثمة فإن المادة 42 من قانون العقوبات عرفت الشريك بأنه : " كل من لم يشترك اشتركا مباشرا في إرتكاب الجريمة و لكنه ساعد بكل الطرق أو عاون الفاعل أو الفاعلين على إرتكاب الأفعال التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة لها مع علمه بذلك".

    و هو المفهوم الذي طبقته المحكمة العليا حتى على من ساعد الفاعل على إخراج البضاعة محل الغش من الميناء دون المرور على المكتب الجمركي
    - غير انه يعتبر فاعلا من حرض على إرتكاب الجريمة بالهبة أو الوعد أو التهديد أو التحايل أو التدليس الإجرامي، خلافا لما تنص عليه معظم التشريعات كالتشريع الفرنسي أو التشريع المصري وتشريعات بلدان المغرب العربي التي تعتبر المحرض على إرتكاب الجريمة شريكا و ليس فاعلاk[5].
    فبالرجوع إلى نص المادة 41 من قانون العقوبات فاشترطت لقيام الإشتراك توافر الركن المعنوي بنصها " مع علمه بذلك" مما يجعل التساؤل يثور ما إذا كان جائز للشريك في جريمة جمركية الدفع بحسن نيته بينما المادة 281 (282 سابقا) من قانون الجمارك تمنع مسامحة المخالف على نية . هذا من جهة و من جهة أخرى فإن القانون العام لا يعاقب على إشتراك في المخالفة على الإطلاق فهل يمكن تطبيق هذه الأحكام في المجال الجمركي خاصة و أن قانون الجمارك و الأمر المتعلق بمكافحة التهريب إلتزاما الصمت حيال هذه المسألة ؟
    فالبرجوع إلى القضاء الفرنسي فإنه استقر على وجوب تطبيق الأحكام العامة حيث قضى بضرورة إثبات سوء نية الشريك كما قضى أيضا بإستبعاد معاقبة الشريك عندما تكتسي الجريمة الجمركية طابع المخالفة
    في الواقع و تماشيا مع هده المبادئ الأساسية التي يكن لها قانون الجمارك و المتمثلة بالذات في إستبعاد حسن نية المتهم سيفقد كثيرا من قوته لو تم التسليم بالإجابة على السؤال المطروح بخصوص إمكانية الأخذ بعنصر العلم المنصوص عليه طبقا للقواعد العامة لقيام مسؤولية الشريك فإن ذلك من شأنه إدخال نوع من التناقض في بنية القانون الجمركي بوجه عام و نظرا للدور الذي يلعبه المساهمون الثانويون.في الجرائم الجمركية
    و يرى الدكتور أحسن بوسقيعة بخصوص إمكانية معاقبة الشريك عندما تكتسي الجريمة الجمركية طابع المخالفة ، و هو عدم موافقة حول ما نص عليه القضاء في فرنسا بالنسبة للإشتراك في المخالفة و ذلك من باب فني قانوني محض أولا و من باب الملائمة ثانيا فمن باب القانون أن المخالفة في قانون الجمارك تختلف عن المخالفة.في قانون العقوبات من حيث الطبيعة إذا تكتسي المخالفة في قانون الجمارك طابعا جنائيا يختلط فيه الجزء بالتعويض و من تم يصعب تسويتيها بالمخالفة في قانون العقوبات التي تكتسي طابعا جزائيا محضا.
    أما من باب الملائمة, فانه بالنظر إلى طابع المخالفة الغالب في الجرائم الجمركية سيؤدي تطبيق القواعد المقررة في قانون العقوبات بشان الإشتراك في مخالفة إلى إفلات نسبة معتبرة من المجرمين من الجزاء الجمركي بما يؤثر سلبا على الخزينة العمومية
    و رأينا في هذه المسالة يأتي مدعما لرأي الأستاذ الدكتور أحسن بوسقيقة و هذا من منطقين إثنين أولهما يرجع أساسا إلى كون القواعدالتقليدية للإشتراك لا تستجيب لكل متطلبات القمع في المجال الجمركي نظرا لكون نظرية الاشتراك تتميز بمجالها الضيق المحدد في نصوص القـانون وهو ما يظهر من خلال تحديد القانون بدقة الأشكال المساهمة المادية للشريك, حيث يشترط ضرورة إثبات نشاط إيجابي و أن مجرد الامتناع يتعارض مع مختلف مظاهر الركن المادي المحدد قانونا إضافة إلى ضرورة أن يكون هذا النشاط سابقا أو معاصرا لإرتكاب الجريمة مما يخرج أعمال المساهمة اللاحقة على تمام الجريمة من حكم قواعد الإشتراك و هذه الحدود و عن كانت لا تمنع من عقاب بعض المساهمين في الغش الجمركي باعتبارهم شركاء فيه إلا أنها لا تسمح في كثير من الحالات بتسليط العقاب على بعض المستفيدين الحقيقيين من هذا الغش.
    و من منطق أخر و بخصوص عنصر القصد في الإشتراك في الجريمة الجمركية فإن ذلك من شأنه التعارض مع مبدأ إستبعاد حسن نية المخالف طبقا النص المادة 281 من قانون الجمارك و كذلك إنقاصا كبير من دور النشاط الذي يقوم به المساهمون الثانويون في الجرائم الجمركية مما قد لا يتحقق معه تحقيق القمع الفعال في الجريمة الجمركية.
    و عليه و تحقيقا لرغبة المشرع في تفادي كل هذه النتائج السلبية من اجل تحقيق قمع فعال في المجال الجمركي تظهر أكثر خصوصية للمسؤولية الجنائية في الجريمة الجمركية تم تكوين منذ زمن بعيد نظرية في الإشتراك خاصة بالمجال الجمركي تم تطويرها بصفة مستمرة إلى أن وصلت إلى ما هو معروف بنظرية الإستفادة من الغش و هو ما ستطرق إليه بالتفصيل في الفرع الموالي.
    أهم الإجتهادات القضائية في هدا الصدد:
    بالرغم من أن الفاعل الأصلي غير متابع فإن هذا لا يمنع أن المتهمين قد شاركوا في الغش طبقا للمادة 310 من قانون الجمارك.
    - إن مساعدة المهربين يقع تحت طائلة أحكام المادة 311 من قانون الجمارك و يعتبر الناقل مسؤولا عن الغش طبقا للمادة 303 من ق.ج
    - حيث انه بخصوص متابعة مالك العربة و بصفة عامة مفهوم الإشتراك فإنه يكتسي في مجال الجريمة الجمركية مفهوما خاصا و يخرج عن نطاق القواعد العامة.
    - فالمادة 287 من قانون الجمارك لا تلزم إدارة الجمارك بإدخال في الخصام مالك البضاعة محل الغش من جهة و من جهة أخرى فإن المواد 303, 306, 310 من قانون الجمارك تسمح بمتابعة الوكيل الذي ارتكب الفعل الجنحي.أي التصريح المروربخصوص القوة الضريبية للعربة بهدف الاستفادة من إمتيازات ليست من حقه حيث أنه مادام لم يتم متابعة المالك على مستوى الجزائي, فلا يمكن الحكم بعقوبات ضريبية و بالنتيجة فلا يمكن تطبيق عليه المواد 315, 316, 317 من قانون الجمارك

    الفرع الثالث : المسؤولية الجنائية للمستفيد من الغش

    تجدر الإشارة إلى أن مفهوم المستفيد من الغش مفهوم دخيل عن قـواعد القانون العام فهو خاص بقانون الجمارك ( من خصوصيات قانون الجمارك), و هو مفهوم يتضمن في أن واحد الإشتراك بدون نية إجرامية و كذا الإشتراك مع توافر النية الإجرامية.إلا أن الإشتراك في المجال الجمركي أوسع من الإشتراك المقرر في القانون العام بحيث انه يمتد ليشمل السلوك اللاحق لتمام الجريمة.
    و بالرجوع إلى قانون الجمارك الجزائي لم يورد تعريفا دقيق لنظام الإستفادة من الغش وإنما اكتفى خلافا للمشرع الفرنسي بالصياغة العامة في تحديد صفة المستفيد من الغش و ذلك بالإشارة إلى الأفعال التي يعتبر مرتكبها مستفيدا من الغش بوجه عام و خص بالتعداد البعض منها.
    و بدلك تنص المادة 310 من قانون الجمارك الجزائري على " يعتبر مستفيدا من الغش الشخص الذي شارك بصفة ما في جنحة التهريب و الذي يستفيد مباشرة من هذا الغش"
    و تجدر الإشارة بأن مفهوم الإستفادة من الغش أوسع من مفهوم الإشتراك كونها تمتد إلى السلوك اللاحق لتمام الجريمة و لا تشترط سوء النية عكس أحكام الإشتراك المقررة وفق القواعد العامة و أكثر من ذلك فهي أضيق من حيث التطبيق كونها تقتصر في جنحة التهريب فقط.
    فمن هم الأشخاص الذين هم في حكم المستفيدين من الغش و تقررت مسؤوليتهم في المجال الجمركي؟ بمعنى ما هي الحالات التي يعد فيها الشخص مستفيدا من الغش هذا من جهة و من جهة أخرى ما هي الشروط الواجب توافرها للقول بقيام الإستفادة من الغش؟
    أولا : للشروط الواجب توافرها لقيام الإستفادة من الغش
    بالرجوع إلى نص المادة 310j[15] من قانون الجمارك تنصت على 03 شروط المتمثلة في :
    أ- أن تكون الجريمة جنحة تهريب, و بذلك تستبعد من مجال الإستفادة من الغش كل من المخالفات و الجنح التي تضبط بمناسبة استيراد أو تصدير البضائع عبر المكاتب الجمركية طبقا لنص المادة 325 من قانون الجمارك، إلا أن التساؤل يطرح منذ صدور الأمر رقم : 05/06 المؤرخ في 23/08/2005 المتعلق بالتهريب بخصوص الجناية فهل تستبعد جناية التهريب من مجال الإستفادة من الغش بإعتبار أن المادة 310 من قانون الجمارك المحال إليه تحصر الإستفادة من الغش في جنحة التهريب؟
    ففي الواقع نرى أن نص المادة 310 من قانون الجمارك واضح بالنص صراحة على " الأشخاص الذين شاركوا بصفة ما في جنحة تهريب....."
    و من هنا نرى أن مقصود المشرع هو اقتصار الإستفادة من الغش في جنحة التهريب دون المخالفة و جناية التهريب ، و إدا كان الأمر مخالف لذلك، فما على المشرع الجمركي إعادة صياغة المادة 310 من ق .ج و ذلك من خلال تعديل القانون الجمركي لسنة 1998 لتفادي أي تأويل طبقا للمبدأ القانوني المعروف " لا إجتهاد مع وجود النص القانوني و وضوحه"
    ب– أن يشارك المستفيد من الغش بصفة ما في إرتكاب الجنحة فهنا يتضح أن المشرع لم يشترط سلوكا معينا للإشتراك كما هو الحال بالنسبة للشريك مما يحمل على الفهم بأن ما ورد في تعريف الشريك يصلح شرطا لقيام الإستفادة من الغش
    ج- أن يستفيد الحاني من الغش مباشرة ، رغم أن المشرع لم يوضح الكيفية التي تتم بها الإستفادة من الغش و هذا ما يجعل عبء الإثبات للإستفادة المباشرة على عاتق إدارة الجمارك.
    و بالرجوع إلى القضاء الفرنسي فقد عمل على توضيح مفهوم الكيفية التي تتم بها الإستفادة من الغش حيث قضىبما يلي :
    أن المحرض على التهريب بغرض ضمان التموين من بضاعة نادرة يصعب الحصول عليها بعد مستفيدا مباشرا من الغش
    أنه ليس من الضروري أن يستفيد المتهم شخصيا من الغش و قضي كذلك بان مسير الشركة الذي ساهم في التخطيط للغش يعد مستفيدا مباشرة منه
    أما بالنسبة للسؤال المتعلق بحالات الإستفادة من الغش فلقد وردت في نص المادة 31 من قانون الجمارك قبل إلغاءها (أي أن هذه المادة ألغيت بموجب قانون الجمارك لسنة 1998) و هي ثلاثة حالات :
    الحالة الأولى:محاولة منح مرتكبي الغش إمكانية الإفلات من العقاب عن دارية، و تشكل هذه الصورة مظهرا أخر من خطة المشرع المستهدفة الحد من التفاصيل لتحديد أشكال الإستفادة من الغش, و تضم هذه الصياغة كل أعمال المساعدة اللاحقة بما فيها التي عبر عنها المشرع الفرنسي بتغطية تصرفات مرتكبي الغش و التي يتحقق بها منح إمكانية الإفلات من العقاب لمرتكبي الغشl.
    كما يشترط في نص المادة 311 من قانون الجمارك قبل التعديل أن يقوم الفاعل بسلوك إيجابي يتمثل في البدء في التنفيذ فطبقا للقواعد العامة لا تقوم المسؤولية الجنائية على أساس الامتناع إلا إذا ترتب عنه خرق إلتزام يقع على عاتق الممتنع و لا يشترط أن يكون هذا السلوك قد حقق النتيجة المرجوة]
    الحالة الثانية :حيازة بضائع مهربة بمكان ماعن دراية: فيشترط القانون في هذه الحالة أن تكون البضائع مهربة فقط دون الحديث عن البضائع التي تكون محل استيراد بدون تصريح, و نشير إلى أن المقصود من الحيازة مجرد الإحراز كما سبق توضيحه .
    الحالة الثالثة: شراء بضائع مهربة عن دارية : ويشترط القانون في هذه الحالة أن يتم شراء البضاعة و أن تكون تلك البضاعة مهربة.
    و في هذا الاتجاه قضى في فرنسا بان شراء بضائع مستوردة من الخارج مصدرة عن طريق التهريب يعد فعلا مكونا للاستفادة من الغش متى تبت أن الشراء تم عن دراية, كما قضى أيضا و في فرنسا دائما بأنه لا يكفي أن تكون البضائع محل الإخفاء ناتجة عن جنحة من القانون العامm , بل يجب أن تكون مصدرها تهريبا أو استيراد بدون تصريح.
    إلا أن الشخص الذي اشترى أو حاز بضائع مهربة دون أن تثبت سوء نيته لا يتحلل من المسؤولية الجنائية. و من أجل ذلك وضع المشرع المادة 312 من قانون الجمارك، و لتطبيق هذه المادة يكفي إثبات أن البضائع التي حازها المتهمون بالغش أو اشتروها بعد استيرادها عن طريق التهريب أو بدون التصريح بها و تتجاوز كمياتها حاجيات استهلاكهم العائلي، و طبقا لهذا النص لا تكون سلطات المتابعة ملزمة بإثبات القصد و لا بإثبات أن الجريمة الرئيسة جنحة و هما الشرطان الواجب إثباتهما في حالة المادة 311 من قانون الجمارك و يأتي ذلك إستثناءا للقاعدة العامة التي تحصر استفادة من الغش في جنحة التهريب.
    و يظهر الفرق بين النصين المشار إليهما 311-312 من ق.ج على الصعيد العقوبات المطبقة التي هي في المادة 312 من ق .ج مجرد عقوبات المخالفات من الدرجة الثانية للفئة الثانية و هذا النوع من المخالفات تم إلغائها بموجب قانون الجمارك لسنة 1998, و من ثمة نلاحظ أن المشرع لم يتفطن إلى تعديل المادة 312 ق.ج لتنسجم و الأحكام المعدلة في القانون الجديد.
    فإلغاء نص المادة 311 من قانون الجمارك بموجب القانون الجديد الذي جاء في عرض أسبابه المرفق بهذا النص أن هذه الصورة من الاستفادة من الغش مندمجة في أحكام المادة 310 من قانون الجمارك و يعني ذلك جعل التدخل اللاحق في الغش صورة من صور "المساهمة بصفة ما في الغش"
    دون اشتراط علم الفاعل بوجود الغش و هذا يشكل تراجعا صارحا في حماية حقوق الأفراد بخصوص أحكام المسؤولية، كما انه غير جائز من الناحية القانونية اعتبار التدخل اللاحق لا يتوافق مع أحكام القواعد العامة أو نظام الإستفادة من الغش إلا إذا تم عن دراية و بالنص عليه صراحة في القانون لكونه صورة استثنائية في الاشتراك
    أما عن الحالات الإعفاء من المسؤولية في الاستفادة من الغش فهي غير منصوص عليها في التشريع الجمركي الجزائري بصفة صريحة و واضحة إلا انه بالرجوع إلى التشريع الفرنسي فإنه نص على حالتين للإعفاء من المسؤولية في هذه الحالة و هما :
    - حالة الضرورة و هي تلك التي يكون فيها الشخص مضطرا لإرتكاب جريمة و ذلك بدافع سلامة نفسه أو غيره أو للحفاظ عن ملك أساسي.
    - حالة الغلط المبرر وقد عرفته محكمة النقض الفرنسية بأنه ذلك الذي لا يمكن تجنبه بقدر من الفحص و الحذر .


    يتبـــــــــــــع ....


    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

     عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء Empty رد: عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أغسطس 08, 2013 2:35 am





    الـمطلب الثـاني: المسؤولية الجنائية المترتبة بحكم الحيازة العرضية للبضاعة و ممارسة نشاط مهني

    تتميز المسؤولية الجنائية الجمركية في هذه الحالة بكونها مسؤولية جنائية ناقصة من نوع خاص بحيث تقتصر أساسا- على عكس المسؤولية الجنائية الجمركية بحكم المساهمة في الجريمة بتحمل الجزاءات الجنائية إلا في حالات إسثتنائيةj
    و يندرج ضمن هذا النوع من المسؤولية الجنائية الجمركية كل من الحائزون و الناقلون و المالك و كذا المسؤولية الجنائية للحائز داخل النطاق الجمركي لوسيلة نقل, و مخزن مخصص للتهريب التي جاء بها الأمر رقم 05/06 المؤرخ في 23/08/2005 المتعلق بالتهريب و هي مسؤولية جزائية تامة و ليست ناقصة.
    و أيضا المسؤولية الجنائية الجمركية لكل من ربان السفن و قادة المراكب الجوية و الوكلاء لدى الجمارك والمصرحون لدى الجمارك.
    مع الإشارة إلى أن كل من المسؤولية الجنائية الجمركية المترتبة بحكم الحيازة العرضية, و ممارسة نشاط مهني فهي تصنف ضمن ما يسمى بالمسؤولية الجنائية القائمة على قرينة الإهمال و عدم الإحتياط و التي تمتاز بالتشدد كما سنوضحه في حينه.

    الفرع الأول : المسؤولية الجنائية الجمركية بحكم الحيازة العرضية للبضاعة محل الغش.

    تندرج المسؤولية الجنائية بحكم الحيازة ضمن المسؤولية الجنائية القائمة على قرينة الإهمال و عدم الإحتياط و هي مسؤولية من نوع خاص, بحيث أنها تقتصر أساسا على تحمل الجزاءات الجنائية فقط دون العقوبات الجزائية إلا في حالات استثنائية نوردها في حينها.
    فمن هم الأشخاص المسئولون بحكم حيازتهم العرضية للبضاعة محل الغش ؟ و ماهي أهم مميزات المسؤولية الجنائية الجمركية في هذا النوع بالذات؟ و ماهي حدودها او حالات الإعفاء منها؟
    هذا ما سنجيب عنه بإيضاح مدعم بأهم قرارات و مواقف القضاء الجزائري المجسد في القرارات المحكمة العليا مع الإشارة إلى أحكام محكمة النقض الفرنسية في هذا الصدد. و ذلك بعد توضيح معنى الحيازة الذي يختلف تماما عن المعنى الحقيقي و المعروف في مجال القانون العام ( القانون المدني) مقارنة مع أحكام القانون الجمركي نظرا الأهمية هذه المسألة بالذات و أقل ما يقال عنها في البداية بأنها تعتبر خصوصية من خصوصيات قانون الجمارك.

    أولا : المسؤولية الجنائية للحائز

    تجدر الإشارة إلى أن الحيازة في المجال الجمركي تأخذ مفهوما مغايرا عن ذلك الذي يتضمنه مجال القواعد العامة بحيث أن الحيازة في قانون الجمارك تعني مجرد الإحراز أو الإستيلاء المادي على الشيء دون البحث عن ما إذا كان الشخص يجوز بصفته مالكا و يتظاهر بمظهر المالك كما هو الشأن في الحيازة بالنسبة للقانون العام الذي يتضمن المفهوم الحقيقي للحيازة و هو ما ذهبت إليه المحكمة العليا في عدة إجتهادات لها لتوضيح أن المقصود بالحيازة بهذا الصدد هو الإحراز المادي و ليس الحيازة بمعناها الحقيقي
    - قرار رقم : 34071 مؤرخ في : 12-03-1985 غ ج المحكمة العليا
    - قرار رقم : 47835 مؤرخ في : 18- 10-1988
    و هو ما ذهب إليه القضاء في فرنسا حيث قضى بقيام الحيازة و لو لم تكن للفاعل الحيازة المدنية
    وهو أيضا ما ذهب إليه القضاء في مصر كونه لا يشترط الإعتبار الشخص حائزا للمواد المضبوطة أن يكون محرزا عاديا لها بل يكفي أن يكون سلطانة عليها و لو كان المحرز شخصا أخرا نائبا عنه, و أن الحيازة تتحقق لمجرد وضع اليد على تلك المواد و لو لم تتحقق الحيازة المادية
    و بالنسبة للمسؤولية الجنائية للمالك القائمة على قرينة الإهمال و عدم الإحتياط أو ما يسمى بالمسؤولية الجنائية بحكم الحيازة العرضية للبضاعة محل الغش:
    حيث انه في الأصل بعد المالك حائزا للبضاعة مالم يثبت تنقل الحيازة لغيره عن طريق التنازل المؤقت أو النهائي و هو ما انتهى إليه قضاء المحكمة العليا في بلادنا بخصوص مستوردي السيارات بوكالة من المجاهدين معطوبي الحرب المستفيدين من شهادة عطب تحيز لهم استيراد سيارات سياحية بالإعفاء من الرسوم و الحقوق الجمركية, و قضت في عدة مناسبات بان المستورد هو الذي يعد حائزا للسيارة و ذلك بمفهوم المادة 303 من قانون الجمارك و من ثمة فهو المسؤول جزائيا عن الغش و ليس صاحب الشهادة بصرف النظر عن كون الوثائق تحمل إسم هذا الأخير
    أهم الإجتهادات (أو القرارات) القضائية في هذا الصدد
    حسب المادة 303 من قانون الجمارك، فإنه يعتبر مسؤولا عن الغش كل شخص يحوز بضائع محل الغش، وأنه في قضية الحال, فقد تم إيقاف المدعي من قبل رجال الدرك الوطني و هو يسوق سيارته ويحمل على متنها مجسمات كرة أرضية ضوئية بدون وثائق تبين شرعيتها و لم يصرح أمام الضبطية القضائية أنها ليست له
    - قرار رقم : 142012 مؤرخ في : 26/05/1997 غ ج م ق ع 03
    طبقا لأحكام المادة 303 من قانون الجمارك يعتبر مسؤولا عن الغش كل شخص يحوز بضائع محل غش, و بما انه في قضية الحال يتبين من محضر الجمارك ان المحكوم عليه ليس هو الذي يحوز السيارة عين النزاع بحيث قد تم بيعها و توجد بحوزة شخص أخر كان من الضروري التعرف عليه و هذا ليتسنى للإدارة متابعته وفقا للمادة 303 المشار إليها أعلاه.
    - قرار رقم : 146276 مؤرخ في :21/07/1997 غ ج م ق ع 03
    طبقا المادة 303 من قانون الجمارك فإنه يعتبر مسؤولا عن الغش كل شخص يحوز بضائع محل غش وفي قضية الحال فإن المدعو لخميسي هو حائز للسيارة محل النزاع و الإدارة غير مطالبة بالبحث عن المسؤول الحقيقي لأن المسؤول الظاهر هو وحده الذي يتابع .
    - قرار رقم : 146918 مؤرخ في : 04/11/1997 غ ج م ق ع 03
    أن المدعى عليه في الطعن يعد مسؤولا عن المخالفة التي إقترفها و هي حيازته لوسيلة من أصل أجنبي مستوردة باستعمال وثائق مزورة وهذا طبقا لنص المادة 303 من قانون الجمارك.
    وإن قضاء المجلس ببراءة المتهم مع المر بإسترجاع سيارته لصاحبها على أساس حسن نيته و إعتباره أن شخصا هو الذي زور وثائق الشاحنة و على إدارة الجمارك البحت عنه, يعد خطا في تطبيق القانون بينما نص المادة 303 من قانون الجمارك التي تنص صراحة 'يعد مسؤولا عن الغش كل شخص يحوز بضائع محل الغش.
    - قرار رقم : 243259 مؤرخ في : 05/06/2001 غ ج م ق عدد 03
    - و فضلا عن الحالة التي يضبط فيها الشيء محل الغش لدى المتهم أو بين يديه(الحائز) هناك حالات أخرى تتحقق فيها الحيازة المجرمة في مجال الجمركي و هما:

    ثانيا: المسؤولية الجنائية لحائزالبضائع في حالة إيداع

    حيث جرى القضاء على إعتبار الحائز الحقيقي للبضاعة هو ذلك الشخص الذي يتمتع بحق إستغلال الأماكن التي أودعت بها البضاعة سواء كان ذلك عن طريق الملكية أو الإيجار أو الشغل المؤقت أو الحراسة
    و يشترط لقيام الحيازة المعاقب عنها في قانون العقوبات الجمركية أن يكون مكان الإيداع ملكية خاصة ,و من ثمة لا تقوم الحيازة إذا كان المكان مفتوحا للعامة مثل الأماكن التابعة للدومين العام, و هنا يتعين على إدارة الجمارك و النيابة العامة البحث عن الفاعل الحقيقي و إثبات إسناد المسؤولية له.
    إذن ففي حالة ما إذا كان صاحب حق الإستغلال غير معروف، فهنا نجد ان المالك يعد الحائز للبضاعة محل الغش التي تضبط لديه, و بصفة عامة يعد المالك هما حائزا لها ما لم يتبث تنقل الحيازة لغيرهوهنا تبرز خصوصية المسؤولية الجنائية لحائزالبضاعة في حالة إيداع في مجال الجمركي. هذا من جهة و من جهة أخرى فقد قضى بتطبيق مفهوم الحائز علة ميسر المستودع الذي ضبطت فيه السيارة محل الغش على أساس انه منوط به رقابة السيارة و حراستها
    و بالرجوع إلى القضاء الفرنسي حيث قضى بجواز الدفع عقد الإيجار المحل لتحلل من المسؤولية و ذلك بإثبات تقديم عقد الإيجار كما يجوز أيضا للمستأجر التحلل من المسؤولية إذا أثبتت انه استأجر المحل من الباطن غير أن مجرد الترخيص الشفوي أو الضمني بشغل المحل لا يكفي دليلا عكسيا للتحلل من المسؤولية.
    و إذا كان المحل قد إستأجر لعدة أشخاص يكون كل واحد من المستأجرين مسؤولا فرديا عن البضائع المكتشفة في المكان الذي يشغله بصفة شخصية بيد انه يكون المستأجرين مسؤولين جماعيا إذا كانت البضاعة محل الغش مودعة بمكان يشغلونه بصفة جماعية.
    كما انه تجدر الإشارة بأنه لا يكفي للإعفاء من المسؤولية التذرع بأن المحلات لا تغلق بالمفاتيح أو أن القطع الأرضية غير مسيجة و لا يهم أيضا إن كانت المحلات الخاصة تستقبل الجمهور و من تم يصعب حراستها,ذلك أن المسؤولية قي الحيازة مرتبطة بتخصيص المحلات وليس بالممارسة الفعلية لحراستها

    ثالثا: المسؤولية الجنائية لحائزالبضائع في حالة تنقل

    فبالرجوع إلى نص المادة 303 من قانون الجمارك, فإن مفهوم الحائز لا ينحصر في شخص مالك المركبة التي اكتشفت فيها البضاعة محل الغش, بل يمتد ليشمل أيضا كل شخص منوط به بأية صفة.
    - حراسة المركبة و قيادتها و يستوي في ذلك أن يكون الناقل خصوصيا أو عموميا.
    Ø قرار رقم : 111970 بتاريخ : 17/12/1995 غ ج م ق عدد 03 غير منشور
    Ø قرار رقم : 140292 بتاريخ : 30/12/1996 غ ج م ق عدد 03 غ منشور
    و من ثمة فإن المسؤولية الجزائية للحائز تنطبق عند نقل البضائع على قائدي المراكب المنوط بهم القيادة و بوجه عام كل شخص يتعيين عليه بأية صفة كانت رقابة و لولم يكن مالكا لها.
    Ø المجلس الأعلى قرار بتاريخ 22/03/1984
    غير أن مفهوم الحائز لا ينطبق على من يقتصر دوره على مساعدة السائق
    Ø قرار رقم : 158684 بتاريخ : 25/05/1998 غ ج م ق عدد 03
    كما أن مسؤولية الناقل تبدأ منذ و قت شحن البضاعة الذي يعد عملا أوليا للنقل إلى غاية تسليمها.
    Ø قرار رقم : 97027 بتاريخ : 18/07/1993 غ ج م المحكمة العليا غير منشور
    و لا يعفى من المسؤولية إلا في حالة القوة القاهرة.
    Ø قرار رقم : 30282 بتاريخ 22/03/1984 غ ج 2
    كما يجوز للمالك التحلل من المسؤولية بإثبات ضياع وسيلة النقل
    Ø قرار رقم :107314 بتاريخ 17/04/1994 غ ج م ق ع 03
    - فناقل البضائع المهربة يعد مسؤولا بقرينة عن المخالفة و تقوم مسؤوليته نتيجة لإكتشاف البضاعة المهربة في مركبته دون حاجة لإثبات مساهمته الشخصية و بغض النظر عن كونه ناقلا عموميا و بغض النظر أيضا عن كونه يجهل أن البضاعة المنقولة مستوردة عن طريق التهريب.
    Ø قرار رقم :156730 مؤرخ في : 24/11/1997 غ ج م ق ع 03 غير منشور
    وبهذه المناسبة قضي بقيام الحيازة والمسؤولية في المثالين الآتيين:
    - قيام الحيازة في حق سائق سيارة أجرة ضبطت بداخلها بضاعة محل غش حتى وإن إعترف الراكب بأنها ملكا له وبأن السائق لايعرف أنه أخفاها تحت مقعده.
    Ø قرار رقم :119970 مؤرخ في : 17/12/1995 غ ج م ق ع 03 غير منشور
    Ø قرار رقم :127872 مؤرخ في : 30/12/1996 غ ج م ق ع 03 غير منشور
    - قيام الحيازة في حق شخص استورد سيارة لفائدة شخص أخر و بتوكيل منه.
    Ø قرار رقم : 141893 مؤرخ في 03/12/1996 غ ج م ق ع 03 غير منشور
    - قيام الحيازة في حق ناقل بصرف النظر عن العلاقة المتهم بالبضاعة محل الغش سواء كان صاحبها أو مجرد ناقل لها و سوءا كان على علم سابق بطابعها الإجرامي أو يجهله.
    Ø قرار رقم :140314 مؤرخ في 30/12/1996 ع ج م ق ع 03 غير منشور
    كما تجدر الإشارة إلى انه إذا لم يكن هناك قائد المركبة منوط به القيادة فإن مالك وسيلة النقل هو الذي يعد حائزا مسؤولا عن نقل البضاعة المهربةj[9]
    غير انه يجوز للمالك التحلل من تلك المسؤولية بإثبات تأجير السيارة أو بيعها.
    و هنا قضت المحكمة العليا الجزائرية بإعفاء مالك السيارة من المسؤولية بعدما ثبت أنه " لم يضبط و هو يقود السيارة كما انه ليس حارسا عليها, فالسيارة لم تعد في حيازته و لا في حراسته بعدما تصرف فيها بالبيع.
    Ø قرار رقم :151438 مؤرخ في : 24/11/1997 غ ج م ق 03 غير منشور
    - أما بالنسبة لحالة التحلل من المسؤولية بإثبات ضياع وسيلة النقل فقضت المحكمة العليا أيضا بموجب قرارها الصادر بتاريخ 17/04/1994 بمايلي:
    "إعفاء مالك السيارة من المسؤولية الجزائية بعدما أثبت ضياع السيارة منه قبل إكتشاف الغش, و تتخلص وقائع القضية فيما يلي:
    " كون أعوان إدارة الجمارك لولاية سكيكدة عثروا بالقرب من مدينة عزابة على سيارة من نوع يبجو 504 ليس بها أحد متوقفة على حافة الطريق بسبب إصابة إحدى عجلاتها بعطب و على إثر تفتيشها وجدوا بداخلها بضائع أجنبية المصدر مستوردة عن طريق الغش و بعد التحقيق تبت أن صاحب السيارة هو المدعو ع .س المقيم بولاية ميلة فتبع و أدين على أساس المادة 303 من قانون الجمارك باعتباره مسؤولا عن البضائع محل الغش التي إكتشفت بداخل سيارته بصفته مالكا لها.
    - و مما جاء في القرار في حيث يأته ما يلي :
    "حيث أنه إذا كانت ملكية المتهم للسيارة قريبة على مسؤوليته عن الغش فغن هذه القرينة ليست مطلقة و غنما تقبل الدليل العكسي و هذا ما فعله المطعون ضده عندما قدم للمجلس النفي مسؤولية عن الغش وثيقة محررة من طرف مصالح أمن ولاية عنابة مفادها أن المتهم تقدم إلى مصالحهم بتاريخ 13/05/1991 على الساعة التاسعة صباحا أي قبل تاريخ إكتشاف السيارة بيوم واحد ليصرح بضياع السيارة من مدينة عنابة في ذلك اليوم.
    " و حيث أن قضاة مجلس سكيكدة بإستنادهم إلى هذه الشهادة الصادرة عن جهة رسمية لنفي مسؤولية المطعون ضده عن الغش يكونوا قد طبقوا القانون أحسن تطبيق"

    رابعا: المسؤولية الجنائية للحائز داخل النطاق الجمركي لمخزن معد للتهريب او وسيلة نقل مهيأة خصيصا للتهريب

    و هذه الصورة من المسؤولية بحكم الحيازة جاء بها المر رقم 05/06 المؤرخ في :23/08/2005 المتعلق بالتهريب في نص المادة 11 منه و يتعلق الأمر في هذه الحالة بالمسؤولية الجنائية التامة و ليس كما هو الحال بالنسبة لقانون الجمارك و من ثمة ففي مجال الأمر 05/06 أعلاه فيتحمل المسؤول في هذه كل من الجزاء الجنائي و الجزاء الجبائي إذا تعاقب المادة أعلاه من الأمر المشار إليه على هذا الفعل بالحبس من عامين إلى عشرة (10) سنوات و بمصادرة البضاعة محل الغش ووسيلة النقل و بغرامة تساوي 10 مرات مجموع قيمتي البضاعة المصادرة ووسيلة النقل كما تفترض مسؤولية الناقل حريته في فحص محتوى الطرود المنقولة التي تقدم و رفض البضائع الممنوعة و بهذا المناسبة نجد في القضاء الفرنسي محكمة النقض الفرنسية قضت بإعفاء شركات نقل الطرود البريدية من المسؤولية عن نقل البضائع مهربة إستنادا إلى أن تلك الشركات ملزمة بقبول تلك الطرود مغلقة و لا يجوز لها فتحها و تفتيشها شريطة أن تكون إجراءات إرسال الطرود قد تمت صحيحة وفق أحكام القانون
    إذن نخلص في الأخير بمناسبة المسؤولية الجنائية المترتبة على حيازة بضاعة في حال تنقل أن المشرع الجزائري قد جاء بقرينة مزدوجة لإسناد الجريمة و قيام مسؤولية الحائز و هما :
    - قرينة إسناد مادية للجريمة حيث أن مجرد معاينة الحيازة تعفى من إثبات المساهمة في إرتكاب الفعل المجرم.
    - قرينة إسناد معنوية للجريمة حيث أن الحيازة تنطوي بالضرورة على وجود خطأ جزائي يتمثل في عدم الاحتياط و الإهمال و لا يعفى الحائز من المسؤولية إلا في حالة القوم القاهرة.

    الفرع الثاني : المسؤولية الجنائية الجمركية بحكم ممارسة نشاط مهني

    اولا: المسؤولية الجنائية الجمركية بحكم ممارسة نشاط مهني بصفة دائمة

    نجد أن الأشخاص المسؤولين جنائيا هم ربابنة السفن و قادة المركب الجوية و الوكلاء المعتمدين لدى الجمارك. و تتميز المسؤولية الجنائية الجمركية في هذه الحالة بالتشدد و الصرامة و ذلك يتبين من خلال دراستنا لهذا لفرع

    أ: المسؤولية الجنائية الجمركية بالنسبة لربابنة السفن و قادة المركب الجوية :

    تنص المادة 304 من قانون الجمارك على أن ربابنة السفن مهما كانت حمولاتها و قادة المراكب الجوية مسؤولون عن جميع أشكال السهو و المعلومات غير الصحيحة التي تضبط في التصريحات الموجودة و الوثائق التي تقوم مقامها و بصفة عامة عن كل المخالفات المرتكبة على متن هذه السفن و المراكب الجوية
    و في هذا الصدد قضى بقيام مسؤولية ربان السفينة عن المخالفات المرتكبة علة متن السفينة.
    Ø قرار رقم :143910 مؤرخ في 24/02/1997 غير منشور.

    ب: المسؤولية الجنائية الجمركية بالنسبة للوكيل المعتمد لدى الجمارك

    إن الوكيل المعتمد لدى الجمارك بتوقيعه على التصريح المفصل فإنه يلزم نفسه بصفة لا رجعية فيها أمام إدارة الجمارك من الناحية المدنية و الجنائية على حد سواء[15]j, فيما يخص الأخطاء أو السهو أو المخالفات الواردة في التصريح المفصل للبضائع, كما أنه مسؤول عن عدم القيام بالعمل المكلف به إتجاه زبونه .
    - فنتطرق بهذا الصدد إلى المسؤولية الجنائية للوكيل لدى الجمارك و الأحكام التي تتميز بها من باب المسؤولية الجنائية مع إرجاء الحديث عن المسؤولية المدنية للوكيل لدى الجمارك إلى حينها.
    - فيعد الوكيل لدى الجمارك مسؤولا جزائيا عن العمليات الجمركية المنجزة من طرفه و هو ما تنص عليه المادة 307 من قانون الجمارك : " إن الوكلاء المعتمدين لدى الجمارك مسؤولون عن العمليات التي يقومون بها لدى الجمارك, و يجب أن تسند إليهم مسؤولية إرتكاب المخالفات التي تضبط في التصريحات الجمركية".
    - كما أن المادة 306 من قانون الجمارك تنص على أنه "تقوم المسؤولية عن المخالفات التي تضبط في التصريح الجمركي على موقع هذا التصريح"

    ثانيا: المسؤولية الجنائية الجمركية بحكم ممارسة نشاط مهني بصفة عرضية

    فمن هم الأشخاص المسؤولون في هذا الصدد؟

    أ: المسؤولية الجنائية لمتعهدون

    بداية يقصد بالمتعهد الشخص الذي يحرر التعهد بإسمه و يهدف هدا التعهد إلى ضمان الوفاء بإلتزامات التي تقع على عاتق المستفيد من نظام من النظم الإقتصادية الجمركية المنصوص عليها في المادة 115 مكرر من قانون الجمارك و مايليها, و المتمثلة في نظام العبور و المستودع الجمركي والقبول المؤقت و إعادة التموين بإعفاء و المصانع الموضوعة تحت المراقبة الجمركية و التصدير المؤقت وتسمح هذه المعظم بالاستفادة من تعليق الحقوق و الرسوم و كذا التدابيرالحظر ذات الطابع الإقتصادي الخاضع لها.
    و جاءت المادة 117 من قانون الجمارك بخصوص تغطية البضائع الموضوعة تحت إحدى النظم المشار إليها أعلاه من أجل إلزام المستفيد منها بأن يكتسب تعهدا مكفولا يتمثل في سند الإعفاء بكفالة التي تهدف إلى ضمان مبلغ الرسوم و الحقوق و تحصيل الغرامات المحتملة المنجزة عن عدم إحترام الإلتزامات المكتسبةو قد يكون هذا التعهد مكتتبا بإسم المستفيد من النظام الإقتصادي الجمركي.
    مثال( المؤسسة المستوردة ), أو بإسم الوكيل المعتمد لدى الجمارك الذي يقدم التصريح لدى الجمارك .
    ففي الحالة الأولى تكون المؤسسة المستوردة هي المتعهد و في حالة الثانية فإن المتعهد هو الوكيل المعتمد لدى الجمارك.
    - كما تجدر الإشارة إلى أن المسؤولية الجزائية لمتعهدون تختلف عن المسؤولية الجزائية لمصرحون لدى الجمارك, ففي حالة عدم الوفاء بالتعهدات الموقعة, فهنا تقع المسؤولية على عاتق المتعهد و الكفيل و ليس على عاتق المصرح لدى الجمارك, و للمتعهد بعد ذلك الرجوع على الموكل و ليس هناك ما يمنعه طبقا لنص المادة , من قانون الجمارك.

    ب:المسؤولية الجنائية للمصرحون لدى الجمارك

    كانت المادة 77 من قانون الجمارك قبل إلغائها بموجب قانون 1998 تنص في الفصل الخاص بالتصريح المفصل عن فئة من المصرحين لدى الجمارك كفئة مميزة عن الوكلاء لدى الجمارك, و قد عرفت المادة المذكورة أعلاه المصرح على انه " الشخص الذي يوقع على التصريح الجمركي أو الذي يوقع بإسمه هذا التصريح" و ما يستفاد من خلال هذا التعريف أن قانون الجمارك كان يخير صاحب البضاعة بين أن يقوم هو بالتصريح بنفسه أو بواسطة غيره الذي يكون وكيلا معتمدا أو أي شخص يتصرف بالنيابة عنه و بذلك يتحمل المسؤولية في الحالة الأولى المستفيد ذاته و في الحالة الثانية يتحملها الغير.
    فإذا ما أوكل صاحب البضاعة المستوردة أو المصدرة مهمة التصريح بها إلى تابع أو أي موكل أخر يأخذ هذا الأخير بحكم توقيعه على التصريح صفة المصرح لدى الجمارك و يتحمل بهذه الصفة التبعة الجزائية عن أي سهو أو عدم صحة و عموما عن مخالفة تراد في محتوى التصريحات التي يحررها طبقا لنص المادة 306 من قانون الجمارك.
    هذا و لا يمكن رد هذه المسؤولية بأي صحة كانت حتى و إن كان المصرح يجهل أن المعلومات التي تلقاها من الموكل خاطئة أو غير صحيحة
    و السند الذي يقف من وراء هذه المسؤولية هو أن المصرح هو المرتكب الشخصي للجريمة و من ثمة فمن الطبيعي أن يتحمل المسؤولية الجزائية عن المخالفات التي ترد في محتوى تصريحه وليس موكله.
    في الواقع لم نجد في القضاء الجزائري قضاء المحكمة العليا من قرارات بخصوص المسؤولية الجنائية للمصرح و بذلك نعود إلى القضاء الفرنسي و ما قضى به في هذا الصدد: " قيام مسؤولية المصرح حتى و عن إقتصر دوره على تنفيذ تعليمات الموكل بصورة سلبية أي كما هي بدون زيارة أو نقصان" القرار الصادر بتاريخ :06/11/1922
    " قيام مسؤولية المصرح حتى و إن كان التصريح موقعا بناءا على وكالة, بإعتباره انه من غير الجائز للمصرح الدفع بأن الوكالة تحمله علة مخالفة النظام العام" القرارالصادر بتاريخ : 14/12/1907
    " تحمل الرئيس القطار ما يترتب من متابعات جزائية على التصريحات التي قدمها بإسم شركة النقل بالسكك الحديدية " القرارالصادر بتاريخ 24/10/1922
    و تجدر الإشارة إلى أن القضاء الفرنسي إستقر منذ زمن بعيد على عدم شمول هذه المسؤولية المؤسسات التي تتكفل بنقل الطرود البريدية لحساب إدارة البريد إذا ما تبين من دفتر الشروط أنها ملزمة بتلقي هذه الطرود مغلقة و إنها كانت في وضعية إستحالة قانونية لفتح هذه الطرود للتحقيق في محتواها و هو قضاء صادر بتاريخ :23/01/1885.
    - و فضلا عن ذلك, فإن المشرع الفرنسي حاول التلطيف من هذه المسؤولية بإضافة حكم إلى المادة 35 من قانون الجمارك و ذلك من خلال نص المادة 35 مكرر التي نصت علة وجوب تقديم شهادة من طرف المستورد تتضمن العناصر المتعلقة بتحديد القيمة لدى الجمارك على ان ترفق هذه الشهادة بالتصريح المفصل المقدم الإدارة الجمارك إلا انه بعد إلغاء المادة 77 من قانون الجمارك بموجب قانون الجمارك لسنة 1998 فأصبح الأمر محصورا في شخص الوكيل المعتمد لدى الجمارك و المادة 78 مكرر وضحت بانها مهمة التصريح بالبضاعة تم حصرها في صاحبها أو في الوكيل المعتمد و هذا يعد تضييقا من المشرع للنشاط التجاري

    المبحث الثاني : القصد الجنائي في المسؤولية الجنائية وأسباب الإعفاء منها

    المطلب الأول : القصد الجنائي في المسؤولية الجنائية

    إذا كان الأصل في القواعد العامة أن الجريمة تتطلب لقيامها توافر القصد لدى مرتكبها أي الوعي بمخالفة ما يقرره القانون وأن قيام هذا العنصر يقع على النيابة العامة عبء إثباته, غير أن قانون الجمارك خرج عن الأصل العام خروجا متميزا جدا و هو ما تقرر في نص المادة 281 منه قاعدة عامة وهي عدم جواز تبرئة المخالف. استنادا إلى نيته, رغم ما ورد في تبرئة ذاته من استثناءاته على القاعدة العامة (م 281 ق ج)

    الفرع الأول : قاعدة إستبعادالقصد الجنائي

    إن المبدأ العام في التشريع الجمركي هذا أن القصد الجنائي غير متطلب إلزاميا لتقرير المسؤولية و هو ما يتضح بصفة صريحة في نص المادة 281 قانون الجمارك في فقرتها الأولى :" لا يجوز للقاضي تبرئة المخالفين استثناءا إلى نيتهم", و من ثمة تقوم المسؤولية الجنائية الجمركية لمجرد وقوع الفعل المادي المخالف للقانون دون البحث في توافر النية أو إثباتها حيث تكتفي الإدارة بمتابعة المسؤول كما أشرنا في مطلع دراستنا و ذلك عن طريق اللجوء إلى قرائن الإدانة المنصوص عليها في قانون الجمارك و التي تعني عن إلزامية إثبات المساهمة الشخصية للشخص المتابع فيها نسب إليه من عمل مجرمj
    و هكذا فانطلاقا من كون أن الجريمة الجمركية يغلب عليها الطابع المادي, بمعنى يكفي لقيامها تحقق الفعل المادي المرتكب من قبل الشخص المخالف دون تطلب ذلك البحث عن نية المخالف و هو القاعدة في المسؤولية الجنائية الجمركية المكرسة في المادة 281 ق.ج المشار إليها سابقا و تدعمها بصفة عامة كل مواد قانون الجمارك و في كل مناسبة من المناسبات التي ينص من خلالها المشرع الجمركي في قانون الجمارك أو في الأمر 05/06 المتعلق بالتهريب عند الحديث عن كل فعل مجرم طبقا للقانون.
    بمعنى أنه كل خرق للأنظمة و القوانين التي تتولى إدارة الجمارك تطبيقها الجنائية لمرتكبها ( أو مرتكبيها) مع افتراض العلم بها الذي يميله مبدأ " لا عذر بجهل القانون" من جهة و بصفة أساسية قرائن الإدانة التي تعتبر جوهر القانون الجزائي الجمركي مخالفة لقرينة البراءة التي تقضي أن يعتبر الشخص بريئا حتى تنبث جهة قضائية إدانته.
    و هكذا فإذا قام شخص مثلا بإستيراد بضائع محضورة بدون تصريح أو اجتاز حدود الإقليم الجمركي بصفة غير شرعي خارج الطريق القانوني فإنه يعتبر مرتكبا لجريمة جمركية و يترتب على ذلك قيام مسؤوليته الجنائية دونما حاجة إلى إثبات أي شيء أخر غير إتيانه الفعل المادي المتمثل في الاستيراد وبدون تصريح في الحالة الأولى وفي فعل التهريب في الحالة الثانية و هذا انطلاقا من الاعتبارات التي اشرنا إليها مسبقا المتمثلة في كل من المبدأ العام المادة 281 قانون الجمارك و قرائن الإدانة جوهر القانون الجمركي و كل هذا و ذاك يعد تعبيرا عن فكرة أساسية يمكن استخلاصها بداية وهي مادية الجريمة الجمركية و الطابع المادي الغالب عليها و الذي يستنتج من خلال الرجوع إلى كيفية صياغة النص القانوني ذاته في التشريع الجمركي ، و إلى مضمونه في نفس الوقت.
    و هنا نعرج إلى أهم قرارات المحكمة العليا في بلادنا قصد إبراز موقفها وفي نفس الوقت يعتبر ذلك إيرادا لبعض القرارات الهامة التي تؤكد بدورها المبدأ العام المقرر في نص المادة 281 من قانون الجمارك في استبعادها لنية المخالف في المسؤولية الجنائية الجمركية .و ذلك من خلال القضاء الثابت للمحكمة العليا حول رفض العذر المؤسس على حسن النية و ذلك بأنه :"لا دور للقصد (النية ) في تحديد المسؤولية الجنائية للمتهمين ، إذ أن الجريمة الجمركية بوجه عام جريمة مادية بحته تقوم مسؤولية مرتكبيها بمجرد تحقق العناصر المادية المؤلفة لها ، أو بتعبير أخر بمجرد خرق القوانين و التنظيمات وعلى سبيل المثال لدينا القرارات التالية الصادرة عن الغرفة الجنائية بالمحكمة العليا ، مجلة الجمارك ، عدد خاص، مارس 1992 ،ص 51 و هي كالأتي:
    · قرار رقم: 37376 مؤرخ في 20/ 05/ 1986 .
    · قرار رقم: 37855 مؤرخ في 11/03/1986 .
    · قرار رقم: 48957 مؤرخ في 04/10/1988.
    · قرار رقم : 48802 مؤرخ في 29/11/1988.
    و عليه, فإن نص المادة 281 من قانون الجمارك من جهة أولى هام جدا حتى و لو غاب هذا النص لكانت المسؤولية الجنائية الجمركية متغيرة تماما و أصبح من الواجب على القضاة البحث عن إثبات عنصر النية في إدانة المتهمين.
    و من جهة ثانية, فإن قرينة الإدانة التي تستنتج من خلال المبدأ العام المقرر في نص المادة 281 ق.ج و باقي النصوص الأخرى التي احتواها التشريع الجمركي و كذا الآمر05 /06 المتعلق بالتهريب بخصوص الجرائم الجمركية البحثة ( أو ما يسمى بالجرائم الجمركية العامة و التي يغلب عليها الطابع المادي للجريمة و من ثمة فلا دور للقصد فيها و لا لقرينة البراءة التي تقضي بأن الشخص بريء حتى تنبث إدانته.
    و هنا بالرجوع إلى محكمة النقض الفرنسية على إثر دفع احد المتهمين بقرينة البراءة و حقوق الدفاع انتهت إلى تعزيز و تكريس أيضا ما ذهبت إليه الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان بإعتبارها أنها لا تخطر بصفة مطلقة نظام القرائن القانونية للإدانة متى كانت هذه الأخيرة ضرورية لحماية الأنظمة التي تحدتها في مختلف شؤون سياسية المجتمع أو الصحة أو الاقتصاد و تراعي حقوق الدفاع
    و يعتبر هذا الموقف مبررا بما يتميز به الجريمة الجمركية بطابع الصرامة, يستلزم إعتماد نظام الأدلة القانونية متى كانت هذه الأخيرة قابلة لإثبات العكس, و هو ما يتحقق في القانون الفرنسي الذي ألغى بموجب المادة 23 من قانون 28 جويلية 1987 الفقرة 2 من المادة 369 من قانون الجمارك الفرنسي التي تقضي بعدم جواز مسامحة المخالف علة نيته, و هذا الإلغاء و إن لم يؤثر على نيته الجريمة الجمركية فقد مكن المتهم من منافسة أوجه الاتهام و تقديم دفوعه أمام القضاء بعدما كان ذلك محضورا بصفة مطلقة.
    - و يبقى نظام المسؤولية الجنائية في القانون الجمركي الجزائري مخالف لما تقتضيه قرينة البراءة لاحتفاظ قرائن الإدانة بطابعها المطلق غير القابل لإثبات العكس إلا في حالة القوة القاهرة و الغلط المبرر و هذه الحالة الأخيرة التي سوف يأتي الحديث في حينها بمناسبة أسباب الإعفاء من المسؤولية- ذلك أن نص المادة 281 من قانون الجمارك الجزائري عند مقارنة بنص المادة 369/2 بعد تعديلها بموجب القانون رقم :87-502 المؤرخ في 08/07/1987 و التي نصت على جواز القضاة التصريح ببراءة المخالفين لغياب النية, في حين نص المادة 282 من قانون الجمارك الجزائري القديم نصت على عدة جواز إفادة المخالف بالظروف المخففة حتى و لو كانت له حسن النية.
    عدم جواز التصريح ببراءته لكنه بعد تعديل المادة 282 بموجب المادة 281 من قانون الجمارك لسنة 1998 أعطت هذه الأخيرة للقضاة جوازية إعمال الظروف المخففة عند تحقق حسن نية المخالف و لكن دون الحكم ببراءته و لو توفرت حسن النية و هو من اجل تدعيم فكرة مادية الجريمة الجمركية أو طغيان فكرة مادية الجريمة في المجال الجمركي.
    غير أن قانون الجمارك تضمن استثناءا علة هذه القاعدة و أورد بعض الأحكام التي إشترط فيها توافر النية لقيام المسؤولية الجنائية للمخالف و ذلك في حالات معدودة و بنصوص قانونية صريحة لا يمكن تجاوزها أو الإحالة بصددها إلى أي قانون أخر.
    و هذا ما ستناوله في الفرع الثاني المتضمن الاستثناء الوارد على قاعدة إستبعاد القصد الجنائي في المسؤولية الجنائية الجمركية و ذلك في الحالات التالية:

    الفرع الثاني : الإستثناء الواردة على قاعدة إستبعاد القصد الجنائي

    حيث أنه و كما أشرنا أعلاه فلقد وردته هذه الحالات بنصوص قانونية صريحة لا تقبل تجاوزها, و هي المادتين 309 و 311 من قانون الجمارك القديم المعدل بموجب القانون الجمارك لسنة 1998 و ذلك بالنسبة للشريك و المستفيد من الغش و في المادة 320 الفقرة الأولى منها, و كذلك الثالثة و الرابعة و الخامسة و السادسة إضافة إلى ما جاءت به المادة 318 مكرر من نفس القانون بخصوص الشروع.

    أولا: بالنسبة للشريك و المستفيدين الغش

    حيث أن المادة 309 من قانون الجمارك قبل إلغائها تحيل بشأن الإشتراك إلى أحكام المادتين 42 و من قانون العقوبات و بالرجوع إلى هاتين المادتين المذكورتين نجدهما يشترطان لقيام الإشتراك توافر القصد الجنائي المتمثل في الإرادة و العلم, و من ثمة فلا يكفي الفعل المادي المجرم لإعتبار الشريك مرتكبا للجريمة و من ثمة القول بقيام المسؤولية الجنائية له بل لابد من توافر العلم و الإرادة لإدانته رغم عدم إشترط توافرها لدى الفاعل الأصلي و في نفس المذهب, ذهب المشرع في نص المادة 311 من قانون الجمارك قبل أن يتم إلغاؤها بموجب قانون الجمارك لسنة 1998 إلى إعتبار كل من حاول عن علم ((دارية) منح مرتكبي المخالفات الجمركية إمكانية الإفلات من العقاب مستفيدا من الغش و بذلك إشترطت هذه المادة لقيام المسؤولية الجنائية للمستفيد من الغش توافر القصد الجنائي المتمثل في سبق العلم.
    هذا و تجدر الإشارة إلى أن إلغاء حكم المادة 311 من قانون الجمارك له تأثير على المستفيد من الغش من حيت تحديد المسؤولية الجنائية بعد أن أصبح القانون الجديد الجمركي لا يشترط سبق العلم لديه.
    إلا أن إلغاء نص المادة 309 من قانون الجمارك لا أثر له و لا يغير في الأمر شيئا بالنسبة للشريك في الجريمة الجمركية الذي تبقى مسؤوليته الجنائية موقوفة على توافر القصد الجنائي طبقا لما هو مقرر في قانون العقوباتطالما أن قانون الجمارك لم يتضمن أي حكم أخر مخالف و متميز عنه, بل أحال الأمر المؤرخ في : 23/08/05 المتعلق بالتهريب صراحة إلى قانون العقوبات بشأن الإشتراك في أعمال التهريب و هو ما سبقت الإشارة له في معرض حديثنا عن المسؤولية الجنائية للشريك و هو ما نتوافق في غياب نص في القانون الخاص نعود إلى القواعد العامة هدا من جهة و من جهة أخرى على أن تضمن على الأقل, إحترام الحريات و الحقوق سيما حقوق الدفاع.

    ثانيا: المخالفات المنصوص عليها في المادتين 320 و 322 قانون الجمارك

    حيث أن المادة 320 من قانون الجمارك تشترط لقيام مخالفات الدرجة الثانية أن يكون الهدف منها هو التمكن من تحصيل الحقوق و الرسوم.
    في حين اشترطت المادة 322 من نفس القانون لقيام مخالفات الدرجة الرابعة أن ترتكب هذه المخالفات بواسطة فواتير أو شهادات أو وثائق أخرى مزورة.

    ثالثا: المخالفات التي تضبط في المكاتب أو المراكز الجمركية

    أثناء عملياته الفحص و المراقبة المنصوص عليها في الفقرات 3-4-5-6 من المادة 325:
    - طبقا لنص المادة 325 تعتبر جنحة من الدرجة الأولى كل حصول علة تسليم إحدى السندات المنصوص عليها في المادة 21 من قانون الجمارك أو محاولة الحصول عليها بواسطة تصريحات ضرورة أو بكل طريقة تدليسية أخرى و كل تصريح مزور يكون هدفه التغاضي من تدابير الخطر و كل تصريح مزور من حيث النوع و القيمة و منشأ البضائع أو من حيت تعيين المرسل إليه الحقيقي أو المرسل الحقيقي عندما ترتكب هذه المخالفات بواسطة وثائق مزورة و كل تصريح مزور أو محاولة يكون هدفها الحصول كليا أو جزئيا على استيراد أو إعفاء أو رسم مخفض أو أي امتياز أخر.
    - كما تجدر الإشارة إلى أن نص المادة 327 من قانون الجمارك قبل تعديلها بموجب قانون 1998, حيث كانت تعتبر إستيراد البضائع و تصديرها بدون تصريح " عندما تخفى البضائع محل غش عن تفتيش أعوان الجمارك و ذلك بمواراتها في مخابئ أعدت خصيصا لذلك" فعلا من أفعال التهريب
    فالإخفاء مسألة توحي على توافر القصد الجنائي بعنصرية العلم والإرادة مما يؤدي قيام المسؤولية الجنائية لمرتكبيها .
    علاوة على ذلك فلقد كانت نفس المادة أعلاه تعد كل محاولة تستهدف الإخلال بنجاعة و سائل الموضوعة في نظام " الإيقاف ا لجمركي " فعلا من أفعال التهريب

    رابعا: الشروع في الجنحة الجمركية

    و هذا لا بد من الإشارة إلى أن قانون الجمارك الجزائري أشار بخصوص الشروع في الجنحة الجمركية إلى نص المادة 30 من قانون العقوبات.
    حيث تنص المادة 318 مكرر من قانون الجمارك على انه " تعديل محاولة الإرتكاب جنحة جمركية كالجنحة ذاتها, طبقا لأحكام المادة 30 من قانون العقوبات" , إذن فالنص صريح.
    و يستخلص من ذلك أن الشروع في الجنحة يقتضي إنطلاقا من العناصر المتكون منها الشروع في وفق القواعد العامة, فإنه يقتضي بالضرورة توافر القصد الجنائي و من ثم فإن الشروع في الجريمة الجمركية يتطلب بدوره قصدا جنائيا
    ما يستخلص من خلال القاعدة العامة في إستبعاد القصد الجنائي في المسؤولية الجنائية الجمركية, في ظل ما سبق ذكره أن القوة المعترف بها لقاعدة عدم جواز مسامحة المخالف على نيته في قانون الجمارك و هيمنتها في أغلب صور الجرائم الجمركية, فتجعلها بكل وضوح تتناقض تناقضا صارخا مع مبادئ القانون الجنائي التقليدي و في نفس الوقت فهي من أهم خصوصيات المسؤولية الجنائية في المجال الجمركي رغم شدتها و قسوتها مما قد يمس لا محالة بالحقوق و الحريات سيما حقوق الدفاع, أو على الأقل المساس بأشخاص كان من الممكن على الأقل عدم مساءلتهم.

    المطلب الثاني: أسباب الإعفاء من المسؤولية الجنائية الجمركية

    فضلا عن الموانع المسؤولية الجنائية المقررة في القانون العام و بصفة خاصة في قانون العقوبات في المواد من 47 إلى 51 و التي تجد مجالا لتطبيقها في الميدان الجمركي و هي المتمثلة في الجنون و الإكراه بنوعية المادي و المعنوي وصغر السن أو ما يسمى بالحالات الإعفاء أو الأسباب الإعفاء العامة ومن ثمة سوف لن نتطرق في دراستنا هذه إلى الأسباب العامة للإعفاء من المسؤولية الجنائية في المجال الجمركي نظرا لإتفاق هذه الأخيرة مع قواعد القانون العام و بصفة خاصة قانون العقوبات و عدم ورود أي اختلاف أو ميزة خاصة في قانون الجمارك فيما يتعلق بالأسباب العامة للإعفاء بين المسؤولية الجنائية و من ثمة, فإننا نحيل بخصوص ذلك إلى ما ورد في أحكام القواعد العامة.
    و فضلا عن ذلك فلقد إستقر القضاء على إعتبار حالات القوة القاهرة و الغلط المبرر من موانع المسؤولية الجزائية في المجال الجمركي, زيادة عن حالات الإعفاء الخاصة ببعض الفئات المهنية بالنسبة لنوع من الجرائم الجمركية و تقيدا مع موضوع دراستنا المتضمن- خصوصيات المنازعة الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء-تكمن دراستنا في الأسباب الخاصة أي الموانع الخاصة للإعفاء من المسؤولية الجنائية الجمركية, فما المقصود بالموانع الخاصة؟
    إن المقصود من الموانع الخاصة, موانع المسؤولية المستقر عليها قضاءا و يتعلق الأمر بصفة أساسية في القوة القاهرة و الغلط المبرر فشلا عن حالات الإعفاء الخاصة بربابنة السفن و قادة المراكب الجوية.
    ففي مسألة أولى نتطرق إلى كل من القوة القاهرة و الغلط المبرر و من مسالة ثانية نتطرق إلى حالات الإعفاء الخاصة ببعض الفئات المهنية بالنسبة لنوع من الجرائم الجمركية .

    الفرع الأول : القوة القاهرة و الغلط المبرر كأسباب خاصة للإعفاء

    من المسؤولية الحنائية في المجال الجمركي.

    أولا: القوة القاهرة

    و يقصد بالقوة القاهرة في الفقه الجزائري عامل طبيعي يتصف بالعنف أكثر من المفاجأة يسخر على جسم الإنسان ماديا و يحمله على إرتكاب الجريمة و قد نص قانون الجمارك الجزائري على القوة القاهرة كسبب من أسباب الإعفاء من المسؤولية الجزائية في المادتين 56 و 64 منه
    و يشترط في القوة القاهرة ثلاثة شروط للقول بقيامها و هي :
    1- أن يكون من الممكن توقعها
    2- أن لا يكون في استطاعة الشخص دفعها
    3- و أن لا يكون قيامها راجعا إلى خطأ المتهم
    و من قيل ما قضى به القضاء في فرنسا و إعتبره ضمن القوة القاهرة و هو نفس ماحذا حذوه القضاء الجزائري:
    -" حيث بعد من قبل القوة القاهرة سرقة مواشي كان صاحبها قد إلتزام بتقديمها إلى الجمارك عند أول طلب". و نتخلص وقائع القضية في كون شخص قام بسرقة مواشي من صاحبها و هرب بها إلى الخارج حيث ضبط و لوحق من اجل السرقة و أدين بها.
    - كما بعد من قبل القوة القاهرة, فيضان نهر أدى إلى إغلاق المعبر و جعله غير صالح لمرور المواشي التي كان صاحبها قد إلتزام بالمرور عليه لتنفيذها لأول مكتب جمركي .
    - كما يعد من قبل القوة القاهرة من تضطره الظروف الجوية إلى الهبوط بطائرته في مكان لا يوجد به مكتب جمركي أو من تضطره العواصف و الرياح إلى الرسوم على احد الشواطئ بعيدا عن المكاتب الجمركية
    - كما قضى أيضا في فرنسا, بان جهل مالك السيارة طبيعة المواد المنقولة لا يعد من قيل القوة القاهرة و كذلك إلتزام سائق السيارة الأجرة بقبول طلب نقل أي يتقدم إليه و إستحالة رفض ذلك.

    ثانيا: الغلط المبرر

    في الواقع لا نجد في كل من القضاء و التشريع الجزائريين ذكر الغلط المبرر كسبب من أسباب الإعفاء من المسؤولية الجنائية في المجال الجمركي, و من ثمة سنلجأ إلى إيراد ما قضى به القضاء الفرنسي’ غير أن هذا لا يعني بالضرورة أن القضاء الجزائري لا يأخذ بالغلط المبرر.
    - فالبر جوع إلى القضاء الفرنسي, فقد عرفت محكمة النقض الفرنسية الغلط المبرر بأنه ذلك الغلط الذي لا يمكن تجنبه بقدر من الفحص و الحذر, و فيه يكون الفاعل قد إرتكب فعله و هو يعتقد مشروعيته و كان إعتقاده مقبولا إذا لم يكن ناشئا عن خطأه أو إهماله
    فقد جرى القضاء الفرنسي على الأخذ بالغلط المبرر إذ قضت محكمة النقض الفرنسية بمايلي:
    · أن تقدم المتهمين بخطاب الإدارة الجمارك و حصولهم نباءا عليه على معلومات دقيقة و حول البضائع المستوردة و بنود التعريفة الجمركية المطبقة عليها من شانه أن يعفيهم من المسؤولية.
    · كما أن القضاء الفرنسي تشدد بخصوص الإعفاء من المسؤولية بناءا على الغلط المبرر, حيث يتطلب أن يثبت الفاعل أنه قام بكل التحقيقات للازمة التي كان عليه القيام بها أو أنه بذل العناية الكافية التي كان عليه بذلها بمعنى أخر يتعين علة من يدفع بهذا الغلط أن يثبت أنه كان في حالة إستحالة إكتشاف الغلط , أما مجرد الصعوبة في إكتشافه و لو كانت جسيمة فغنها لا تكفي بل يجب أن لا تكون في وسع المتهم مقاومة الخطأ.


    الفرع الثاني : حالات الإعفاء الخاصة ببعض الفئات المهنية بالنسبة لنوع من الجرائم الجمركية

    أولا: حالات الإعفاء الخاصة بربابنة السفن

    فقد نص قانون الجمارك الجزائري في المادة 305 منه على حالتين يعفى فيها ربابنة السفن من المسؤولية الجنائية و حصر تطبيق هذا الإعفاء في نوع خاص من الجرائم الجمركي و هي تلك التي وردت في المادة 330 من قانون الجمارك (القديم) و هي المادة 325 من قانون الجمارك الجديد لسنة 1998 والمتعلقة بأعمال الإستيراد و التصدير بدون تصريح و التي أصبحت تدعى بموجب تعديل سنة 1998 بالمخالفات المتعلقة ببضائع محضورة أو خاضعة لرسم مرتفع و التي تضبط في المكاتب أو المراكز الجمركية أثناء عمليات الفحص و المراقبة
    إلا انه تجدر الإشارة على أن أحكام المادة 305 من قانون الجمارك المشار إليها أعلاه, نصت على إعفاء ربابنة السفن من المسؤولية الجنائية في حالتين هما :
    1- إذا تم إكتشاف المرتكب الحقيقي
    2- إذا كانت الخسائر الكبيرة التي أثبتت و قيدت في يومية السفينة قد حتمت تغير إتجاه السفينة قبل تدخل إدارة جزائرية
    و توجد صورة ثالثة أضافها كل من المشرع الفرنسي و التونسي إلى الصورتين المشار إليهما في التشريع الجزائري و هي إذا قام ربان السفينة الدليل على انه أدعا كل الواجبات الرقابة المفروضة عليه.
    و تجدر الإشارة إلى أن الصورة الثانية الواردة في المادة 305 من قانون الجمارك بخصوص حالات إعفاء ربان السفينة من المسؤولية الجنائية هي صورة واردة أيضا في القواعد العامة للإعفاء من المسؤولية أيا كان نوع الجريمة أو من ثمة عند تمعن النظر في المادة 305 أعلاه و أحكام قانون الجمارك نجد أن الصورة المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 305 هي المانع أو السبب الخاص الوحيد الذي يتضمنه قانون الجمارك الجزائري لإعفاء من المسؤولية الجنائية
    ثانيا: حالة الإعفاء من المسؤولية الجنائية بالنسبة لقادة المراكب الجوية:
    يعفى قادة المراكب الجوية من المسؤولية الجنائية في الحالتين الآتيتين طبقا المادة 64 من قانون الجمارك:
    1- في حالة وجود أسباب قاهرة
    2- في حالة وجود رخصة من السلطات المختصة بالنسبة لبعض العمليات.


    يتبـــــع...



    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

     عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء Empty رد: عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أغسطس 08, 2013 2:35 am




    المبحث الثالث : المسؤولية المدنية في المجال الجمركي و التضامن

    تجدر الإشارة إلى أن أحكام المسؤولية المدنية المقررة في قواعد القانون العام تجد تطبيقا لها في بعض أحكام القانون الجمركي، مثل المسؤولية المدنية على أفعال الغير بما فيها مسؤولية المتبوع عن أفعال تابعه المنصوص عليها في المادتين 134 و 137 من القانون المدني و ذلك بنفس أحكامها و شروطها و من ثمة نحيل بخصوص أحكام المسؤولية المدنية المقررة وفق قواعد القانون العام إلى ما هو منصوص عليه في هذا القانون بالذات أي القانون المدني لنحصر مجال دراستنا حول أحكام المسؤولية المدنية التي ينفرد بها القانون الجمركي و التي تعتبر من خصوصيات قانون العقوبات الجمركي, هذا من جهة, و من جهة ثانية سوف تخصص جزءا من دراستنا حول نظام التضامن الذي يجد أصله و جذوره في القانون العام (القانون المدني ) تم انتقل إلى القانون الجزائي و في كلا القانونين يأخذ التضامن أحكاما خاصة بكل قانون على حدة, إلا أن الأمر يختلف تماما بالعودة إلى قانون الجمارك كون هذا الأخير ينفرد بقواعد مميزة و خاصة به و من ثمة نتطرق إلى المسؤولية المدنية لكل من المالك و الكفيل و الوكيل المعتمد لدى الجمارك تم نعرج على دراسة نظام التضامن في مجال قانون الجمارك وفق الشكل الأتي :
    في الجزء الأول :من الدراسة نتناول فيه المسؤولية المدنية وفق أحكام قانون الجمارك.
    و في الجزء الثاني: من الدراسة نتناول فيه نظام التضامن في المجال الجمركية

    المطلب الأول : المسؤولية المدنية في المجال الجمركي

    الفرع الأول: المسؤولية المدنية للمالك في المجال الجمركي

    اولا: الأساس القانوني للمسؤولية المدنية للمالك

    حيث تنص المادة 315 من قانون الجمارك, الفقرة الأولى منها على أن أصـحاب البضائع مسؤولون مدنيا عن تصـرفات مستخدميهم فيما يتعلق بالحـقوق و الرسوم الجـمركية والمصادرات و الغرامات و المصاريف .
    فمسؤولية المسؤول المدني تقوم دون أن يكون بالضرورة البحث ما إذا قام عماله بالفعل بمناسبة الممارسة العادية لأعماله أم لا و هو ما يتضح من نص الفقرة 01 من المادة أعلاه .
    فما نلاحظ إنطلاقا من نص المادة أعلاه أنه خلافا للمسؤولية عن فعل الغير المؤسسة على أحكام القانون المدني التي تشترط لقيامها بصفة خاصة إثبات خطأ التابع عند تأدية وظيفته أو بسبها إلا أن خصوصية المسؤولية المدنية للمالك في المجال الجمركي يكفي معها إقامة الدليل على أنه صاحب البضائع محل الغش حتى يتحمل المسؤولية المدنية دون البحث فيها إذا كان (العامل أو المستخدم) إرتكب خطأ حال تأدبه وظيفته أو بسببها.فأساس مسؤولية المالك في هذه الحالة هو:
    نص المادة القانونية ذاتها
    لكون المالك هو صاحب البضاعة محل الغش أو مالكا لوسيلة النقل المستعملة في إرتكاب المخالفة.
    هذا و تجدر الإشارة إلى أن التصريح بالمصادرة يبقى واجبا حتى و إن لم يساهم المالك شخصيا في الغش أو بواسطة أعوانه و هو ما أشارت إليه نص المادة 287 من قانون الجمارك. و لا يجوز لصاحب البضاعة المصادرة أن يطالب بها إلا عن طريق الطعن ضد مرتكب الغش و هو ما أشارت إليه نص المادة 289 من قانون الجمارك.
    و أكثر من ذلك فجاء في نص المادة 317 ف .ج أن أصحاب البضائع محل الغش متضامنين و قابلين للإكراه البدني لدفع الغرامات و المبالغ التي تقوم مقام المصادرة.

    ثانيا:موقف المحكمة العليا

    لا يهم أن يكون المتهم قد تصرف بدون علم المستخدم أو مخالفة لتعليماته أو لحسابه الشخصي, و هو ما أكدته المحكمة العليا في عدة مناسبات و ذلك في قرار لها تحت رقم : 156703 مؤرخ في : 22/12/1997 و هو قرار غير منشور.
    و بالرجوع إلى القضاء الفرنسي, فإنه قد طبق المسؤولية المدنية للمالك على وجه الخصوص على أصحاب السفن و مجهزيها عن أفعال البحارة الذين قاموا بتفريغ بضائع عن طريق الغش تلك البضائع التي إعتبرت مؤنا للسفينة[2]j, كما طبقت أيضا هذه المسؤولية على من قاموا بنقل أشياء محل التهريبk[3].
    أما بالنسبة للدعوى المدنية , فإنه يجوز أن تمارس ضد المالك في نفس الوقت الذي تمارس فيه الدعوى الجنائية ضد التابع, كما يجوز أن تمارس لا حقا أمام الجهات القضائية التي تنظر في المسائل المدنية.

    الفرع الثاني : المسؤولية المدنية للكفيل في الجمركي

    أولا: الأساس القانوني للمسؤولية المدنية للكفيل

    الكفيل هو الشخص الملتزم و يطلق عليه لفظ الضامن و قانون الجمارك تضمن حكما خاصا بالكفالة و ذلك بموجب نص المادة 117 منه, و هو ما تناولته أيضا بعض النظم الجمركية, الإقتصادية أين يفرض القانون إكتتاب سند بكفالة.
    كما أن نص المادة 120 فقرة ثانية من قانون الجمارك تلزم الكفيل بدفع الحقوق و الرسوم والعقوبات المالية وغيرها من المبالغ المستحقة على المدنيين المستفدين من كفالتهم و هو نفس الحكم الذي جاء في المادة 315 من قانون الجمارك المشا إليها مسبقا في فقرتها الثانية.
    كما أن خصوصية المسؤولية المدنية للكفيل في قانون الجمارك تظهر في كون الكفيل ملزم شأنه شأن الملزم الرئيسي و من ثمة ليس له الحق كما هو مقرر في القواعد العامة للمسؤولية المدنية في الكفالة, أن يدفع بحق التجريد و لا بحق التقسيم

    ثانيا:موقف المحكمة العليا

    و هو ما يظهر من خلال القرار الأتي بيانه:" حيث بالرجوع للقرار المطعون فيه و الحكم المؤيد و مستندات ملف الدعوى و خاصة الكشف البياني المتضمن التصريح بالإستيراد المؤقت المرموز بـ D18 و الذي تستدل به مصالح الجمارك يبين حاليا أن البنك الخارجي الجزائري قد إلتزم بصفته كفيل لشركة "كوسفور" و ذلك بشأن إستيراد هذه الأخيرة عتاد و سيارات بالتراب الوطني و انه نتيجة لذلك ملزم بدفع المبالغ الواقعة على ذمة المكفول حيث أن قضاة المجلس بقضائهم بخلاف ما تقدم و بإعتبارهم أن الدعوى الراهنة تتناول مسألة الحجز ما للمدين لدى الغير فيكونوا قد شوهوا الوقائع
    و أفقدوا قضائهم الأساس القانوني
    قرار رقم : 225844 مؤرخ في : 22/04/2000 غ ج م ق عدد 03

    الفرع الثالث :المسؤولية المدنية للوكيل المعتمد لدى الجمارك

    حيث أن النصوص المطبقة في هذا المجال تتمثل في نصوص المواد :306-307-308 من قانون الجمارك مع إرجاء نص المادة 315 من قانون الجمارك عند الحديث عن نظام التضامن.
    لا بد من الإشارة إلى أن المسؤولية المدنية للوكيل المعتمد لدى الجمارك تنشأ بمجرد تبوث ارتكابه لمخالفة جمركية و نشير إلى أن المسؤولية المدنية نعني بها المسؤولية المدنية بالتبعية و التي يكون الهدف منها تعويض إدارة الجمارك عن الضرر اللاحق بها جزاء تلك المخالفة
    فالوكيل المعتمد لدى الجمارك بإعتباره مسؤولا شخصيا عن التصاريح المنجزة من طرفه و النتائج المترتبة عنها فإنه يبقى هو المسؤول الوحيد إتجاه إدارة الجمارك عن حقوق المستحقة و الغرامات الناتجة عن هذه المخالفات و مسؤولية الوكيل المعتمد تكون إما عن فعله الشخصي و هذا وفقا لأحكام المادة 124 من القانون المدني.
    كما أنه تقع على الوكيل المعتمد مسؤولية عن عمل الغير و نقصد هنا مسؤولية عن أعمال مستخدمية أثناء تأدية وظائفهم، مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة, و لكي تقوم هذه المسؤولية لابد من توفر شروط قيامها و هي ما نصت عليها المادة 136 من القانون المدني.
    فيكون إذن المتبوع مسؤول عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعا منه في حال تأدية وظيفته أو على الأقل بمناسبتها. و هذا بغض النظر ما إذا كان الفعل غير المشروع من أعمال الوظيفة أم لا. بل يكفي ان تكون أعمال الوظيفة قد سمحت له بالقيام بهذا الفعل غير المشروع

    المطلب الثاني : التضامن في المجال الجمركي

    التضامن نظام معروف أصلا في القانون المدني ، و مؤداه أنه في حالة تعدد المدنين يصبح كل مدين مسؤولا نحو الدائن عن كامل الدين،و يمثل هدا النظام ضمانا للدائن إتجاه مدينيه إدا تعددوا إد بإمكانه استيفاء كامل الدين منه جميعا أو من أحدهم و من ثم فإنه لا يضار من إعسار أحدهم .أما في المجال الجمركي نص قانون الجمارك الجزائري على التضامن.

    الفرع الأول :تبريرات نظام التضامن في القانون الجزائري

    لقد عرف القانون الجمركي نظام التضامن و كرسه في قواعده في نص المادة 316 قانون الجمارك وهو تضامن المحكوم عليهم لإرتكابهم الغش نفسه بالنسبة للعقوبات المالية . و يجد هدا النظام أساسه في الطابع التعويضي الدي تشتمل عليه الغرامات و المصادرة الجمركية ، من أهم تبريراته أنه يضمن حماية مصالح الخزينة العامة بوصفه وسيلة للتحصيل أكثر يسرا و سهولة ومن ثمة فإنه يحقق لإدارة الجمارك غرضها الأساسي الممثل في حمايتها كدائن ضد خطر إعسار أحد المحكوم عليهم . كما يجد تبريره في كون الجرائم تقع تبعا لإتفاق الفاعلين .إلا أن هدا يعد إعتداء صارخ على مبدأ شخصية العقوبة . و على مبدأ التفريد القضائي للعقاب متجاهلا الظروف الشخصية للمحكوم عليه. طبقا لرأي أخر. و مهما كانت من تبريرات فإن هدا النظام يزيد من قساوة و إجحاف قانون الجمارك مما جعل المشرع الفرنسي يعمل على التلطيف منه بحيث أصبح من الجائز للقاضي تحديد نطاق التضامن في سداد الغرامات و بدل المصادرة بالنسبة للمتهمين المستفيدين بالظروف المخففة أو إعفائهم منه غير أن المشرع الجزائري أدخل بموجب تعديله لقانون الجمارك في 1998 على نص المادة 316 منه أنه يجوز لقابض الجمارك إفادة المدينين الشركاء من خصم التضامن حسب الشروط التي يحددها المدير العام للجمارك بمقرر .

    الفرع الثاني : شروط التضامن

    إن الشرط الأساسي لقيام التضامن هو وحدة فعل الغش إد يشترط أن يتعلق الأمر بنفس الجريمة و دات المشاركين فيها سواء أكانوافاعلين أو شركاء أو مستفيدين من الغش . وعلى دلك قضت المحكمة العليا : " حيث أنه بمقتضى المادة 316 قانون الجمارك تكون الأحكام الصادرة في المجال الجمركي على العديد من الأشخاص ، لإرتكابهم الغش نفسه تضامنا بالنسبة للغرامات على حد السواء ..."
    و لقد أوردت المادة 316/2إستثناء على قاعدة التضامن في سداد الغرامات الجمركية و يتعلق الأمر بحالتي إرتكاب المخالفات المنصوص عليها في المادة 35 التي تم إلغاؤها بموجب قانون 1998 في حين أنها لم تعد مجرمة بإلغاء المادة 323 ق الجمارك القديم كما نصت المادة 43 من قانون الجمارك على الإستثناء الوارد على نظام التضامن أين تكون العقوبة فردية ولا يطبق على مرتكبيها نظام التضامن.


    يتبـــــــــع ...
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

     عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء Empty رد: عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أغسطس 08, 2013 2:36 am





    الفصل الثاني : خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث الجزاء

    إن الجزاءات المطبقة على مرتكبي الجرائم الجمركية تبدوا عند النظرة الأولى أنها جزاءات لا تخرج عموما عن القواعد العامة ، و هي كذلك خاصة من حيث نوعها ، إذ لا يتضمن قانون الجمارك على الأقل في الظاهر أي نوع من الجزاءات غير المعروفة في هذه القواعد ، و لكن نظرة معمقة تفرض التمييز في هذا الصدد بين جزاءات منصوص عليها بهدف المساس بشخص الجاني مباشرة و جزاءات مرتبطة بالفعل الإجرامي ذاته و بالأحرى بالضرر الناتج عنه و مهما يكن من أمر فإن مختلف الجزاءات السالبة للحرية التي يمكن أن تطبق في المجال الجمركي لا تتمتع كقاعدة عامة بخصوصيات تميزها عن مثيلاتها التي يحكم بها في القانون العام ، على خلاف الجزاءات المرتبطة بالضرر الحاصل عن الجريمة التي تظهر خصوصية قوية مما يجعلها تستحوذ على مصطلح الجزاءات الجمركية و هذا ما تشمله دراستنا من إظهار لهذه الخصوصيات سواء من حيث المضمون الذي لا بد من التطرق إليه قبل معالجة الطبيعة القانونية و هذا على خلاف مجمل الدراسات كون أن الجزاءات الجمركية أكثر من غيرها تحتاج أن يتعرف عليها قبل الاهتمام بها من حيث الطبيعة لأنها مستقلة في مضمونها عن باقي الجزاءات المقدرة في القانون العام .غير أنــه منذ صدور الأمر 05-06 المؤرخ في 23/08/2005 المتعلق بمكافحة التهريب أعطى للجزاءات الشخصية المقررة لأعمال التهريب بعض الخصوصيات من حيث سلطة القاضي في تقدير الجزاء. وظهور ما يعرف بالفترة الأمنية.التي لم تعد تشكل خصوصية بحد ذاتها بظهور التعديل الأخير لقانون العقوبات 06‑23 المؤرخ في 20‑12‑2006 و إنما تخرج عنه من حيث قواعد تطبيقها. ومن أجل إبرازهذه الخصوصيات نتناول هدا الفصل ضمن ثلاث مباحث. نتطرق إلى مضمون الجزاءات الجمركية وطبيعتها القانونية و أخيرا إلى النظام القانوني لها.

    المبحث الأول : خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث مضمون الجزاءات الجمركية

    إن الجزاءات الجمركية هي ظاهريا مستعارة عن القواعد العامة، ولكن هذه الاستعارة شكلية، فحتى تستجيب لمقتضيات العقاب في المواد الجمركية كان لزاما على المشرع تكييفها مع هذه المقتضيات خاصة بإعطائها مضمون متميز عن مضمونها في القواعد العامة.
    فما هي خصوصية مضمون الجزاء الجمركي ؟ و مدى سلطة القاضي في تقديـرالغرامة؟

    المطلب الاول : مضمون الغرامة الجمركية

    الغرامة بوجه عام مبلغ نقدي يحكم به على مرتكب الجريمة كجزاء على هذه الجريمة كما يمكن أن تعرف على أنها إلزام المحكوم بأن يدفع إلى الخزينة العامة مبلغا نقديا، بالقدر الذي يحدده الحكم على سبيل العقوبة ) فإذا كانت الغرامة الجمركية تلتقي مع غرامة القواعد العامة في النظرةالعامة إليها في كثير من النقاط، إلا أن اختلافهما من حيث مضمونها يطغي على كل مظاهر التقارب ويقف وراء هذا الإختلاف هدف أساسي يسعي المشرع إلى تحقيقه وهو حماية مصالح الخزينة الذي يتقدم على أهداف قانون العقوبات )
    ونتاج إتباع هذا المسعى تقوية معتبرة لصرامة القانون العقابي الجمركي الذي أضفي على الغرامة الجمركية طابع الصرامة.
    و لتحديد مضمون الغرامة الجمركية استعمل المشرع عدد من التقنيات الأصلية وتبعا لذلك تتميز الغرامة الجمركية بتنوع صورها وقواعد تحديد مقدارها.

    الفرع الاول: صور الغرامة الجمركية

    تتحدد صور الغرامة الجمركية في الغرامة النسبية والغرامة المحددة إضافة على غرامة ذات حدين التي لا توجد في هذا القانون إلا بصفة استثنائية تماما ومثالها ما ورد بالأمر 05/06 المؤرخ في 23/08/2005 المتعلق بمكافحة التهريب بالنص على مسؤولية الشخص المعنوي طبقا للمادة 24 منه التي نصت على عقوبة الغرامة في جنايات الشخص المعنوي تتراوح بين 50000000دج الي 250000000دج.

    أولا: الغرامة النسبية

    هي التي لا يعلم مقدارها سلفا ولكن يتحدد بنسبة معينة من قيمة مرجعية بحسب الحالات إما قيمة البضاعة محل الغش وإما قيمة حقوق الرسوم كما هو الحال بالنسبة للجنح التي تضبط بمناسبة استيراد أو تصدير البضائع عبر المكاتب أو المراكز الجمركية التي يرجع فيها تقدير الغرامة إلى قيمة البضاعة محل الغش طبقا للمادة 325 ق. الجمارك ، كما تعاقب على هذا النوع من الجنح بغرامة تساوي قيمة البضاعة المصادرة ، و من أجل تحديد قيمتها لابد من الربط على ما نصت عليه المادة 325 ق.الجمارك بخصوص الغرامة بما نصت عليه بخصوص المصادرة حيث نصت على مصادرة البضائع محل الغش و البضائع التي تخفي الغش و من ثمة تكون الغرامة الجمركية بجمع قيمة البضاعة محل الغش مع البضائع التي تخفي الغش إن وجدت .
    أما فيما يخص أعمال التهريب فطبقا للأمر 05/06 المؤرخ في 23/08/2005 المتعلق بمكافحة التهريب فلقد أحدث المشرع الغرامة المخصصة للشخص المعنوي و يختلف مقدار الغرامة استنادا إلى طبيعة الجريمة و خطورتها فطبقا للمادة 10/01 من الأمر السابق الذكر فالغرامة محددة بخمس مرات قيمة البضاعة المصادرة ، بمعنى البضائع المهربة و البضائع المستعملة لإخفاء التهريب إن وجدت .
    و طبقا للمادة 10/02 ،10/03، 11.13 من الأمر رقم 05/06 فان جنح التهريب المشددة بدون استعمال وسيلة النقل التي تقترن بظرف التعدد أو بظرف إختفاء بضائع عن التفتيش أو المراقبة أو بحمل السلاح علاوة على حيازة مخزن داخل النطاق الجمركي مخصصا للتهريب فالغرامة تقدر ب 10 مرات قيمة البضائع المصادرة .
    أما فيما يخص جنحتي التهريب المشدد بظرف إستعمال وسيلة نقل طبقا للمادة 11.12 من الأمر 05/06 السالف الذكر فالغرامة تقدر ب 10 مرات البضاعة المصادرة و وسيلة النقل .
    أما الجنايات التي إستحدثها الأمر 05/06 السالف الذكر فلم ينص على عقوبة الغرامـة و هذا ما لا يتوافق و جناية تهريب الأسلحة .
    في حين نجد أن المجال الطبيعي و الخصب للغرامة هي المقررة للشخص المعنوي فطبقا للمادة 24 من الأمر 05/06 السابق الذكر فبالنسبة للجنح )[3]( هي نفسها المقررة للشخص الطبيعي.و الملاحظ منذ صدور الأمر 05/06 الطابع الصارم و المتشدد فخلاف قانون الجمارك قبل التعديل الذي أخذ معيار طبيعة البضاعة محل الغش على أساسها تحدد الغرامة في حين الأمر 05/06 أصبحت الغرامات المقررة لأعمال التهريب تطبق بصرف النظر عن طبيعة البضاعة محل الغش )[4](.
    ثانيا : الغرامة المحددة
    جزاء مالي محدد المقدار يعلنه المشرع من خلال رقم حسابي معين لا يقبل التأويـل ، و يتحدد مجال الغرامة المحددة بحد واحد في مواد المخالفات فطبقا للمادة 319 ق. الجمارك تقدر العقوبة ب 5000 دج و المادة 322 ق. الجمارك المخالفات من الدرجة الرابعة و طبقا للمادة 323 ق الجمارك قبل إلغاءها بموجب الأمر 05/05 المؤرخ في 25/07/2005 .
    ثالثا: الغرامة التهديدية
    نصت المادة 330 ق الجمارك على الغرامة التهديدية ، وهي جزاء يصدر عن الهيئة القضائية التي تبث في المسائل المدنية بناء على طلب إدارة الجمارك و تبقى ذات الجهة مختصة بتصفيتها.حصرت المادة 330ق الجمارك مجال تطبيقها في مخالفــاترفض تبليغ الوثائق المشار إليها في المادة 48 ق الجمارك إلى أعوان الجمارك. و المتمثلة في سندات التسليم، جداول الإرسال و عقود النقل والدفاتر و السجلات.فلقد حددت المادة 330 قانون الجمارك مقدارها بمبلغ 1000 دج عن كل يوم تأخير و تكون مستقلة عن الغرامة المقرة جزاء لمخالفة رفض تبليغ الوثائق المنصوص و المعاقب عليها بالمادة 319 قانون الجمارك.
    لقد أضفى عليها الفقه طابعا جزائيا باعتبارهاعقوبة تكميلية استنادا إلى قانون الجمارك ذاته الذي جاء بها في القسم الخاص بالعقوبات التكميلية .
    الفرع الثاني: كيفية تقدير الغرامة الجمركية
    لا يطرح مشكل تحديد الغرامة بالنسبة لبعض الجرائم التي فضل المشرع تحديد مقدارها مسبقا و سيان أن يتحدد بين حدين أدنى و أقصى أو يكون عبارة عن مبلغ ثابت محدد برقم حسابي معين فهنا لا يتميز تحديد الغرامة بأي خصوصية بالنسبة للغرامات المماثلة في القواعد العامة .
    لكن الإشكال يطرح بالنسبة للجنح التي جعل المشرع فيها قيمة البضاعة محل الغش و البضاعة التي تخفي الغش إن وجدت أساسا لاحتساب الغرامة الجمركية ، فطبقا لنص المادة 337 ق. الجمارك ، فقد أحالت إلى المادة 16 ق. الجمارك فيما يخص أساس حساب الغرامة الجمركية ، و بالرجوع إلى المادة 16 من ق. الجمارك نجدها تنص على قيمة البضائع عند الاستيراد في حين أن البضائع منها ما هو منتج محليا و مخصص للتصدير و منها ما هو منتج محليا و مخصص للاستهلاك الداخلي و منها ما هو غير جائز بالإتجار به كالمخدرات مثلا ، غير أن المشرع طبقا للمادة 337 نص بأن الإستناد إلى المادة 16 لإحتساب الغرامة ليس عاما و لا مطلقا و إنما مالم ينص على ما يخالف ذلك )
    و تبعا لذلك نميز في كيفية الاحتساب بين ثلاث حالات :

    أولا/ البضاعة المستوردة

    لقد عرفت المادة 16 ق. الجمارك اثر صدور القانون 98/10 المؤرخ في 22/08/1998 تعديلات جوهرية حيث تخلى المشرع عن تعريف اتـفاقية بروكسـل للقيمة و استبدله بالتعريف الوارد في المادة 07 من الاتفاق العام للتعريفات الجمركية و التجارة لسنة 1994GATT([6]) الذي يعترف بوجود عدة طرق للتقويم يتعين على إدارة الجمارك أن تختار الطريقة المناسبة من ضمنها و هناك خمس طرق مرتبة ترتيبا تدريجيا حسب درجة الأفضلية طبقا للمادة 16 مكرر 16مكرر 2.16 مكرر3 ،16 مكرر 4، 16 مكرر5 من قانون الجمارك ، كما يمكن بناءا على طلب من المستورد أن يسبق الطريقة المنصوص عليها بالمادة 16 مكرر 5 على المنصوص عليها بالمادة 16 مكرر 4.

    أ- طريقة التقويم على أساس القيمة التعاقدية

    طبقا لنص المادة 16 مكرر 01 فقد اعتمد المشرع السعر المتفق عليه من الأطراف في البيع الدولي أساسا لتحديد القيمة لدى الجمارك مع تعديله طبقا للمادة 16 مكرر 6 و بالرجوع إلى المادة 16 مكرر 6 نجدها تنص على العناصر التي تضاف إلى الســعر المدفوع فعلا و هي العمولات، مصاريف السمسرة، تكلفة الحاويات، التغليف، الـيد العاملة، الــمواد، قيـمة المنتجات و الخدمات التي يقدمها المشتري و المتعلقة بإنتاج البضاعة المستوردة .

    ب- طرق التقويم ا لأخرى :

    إذا لم يكن تحديد القيمة ممكنا على أساس القيمة التعاقدية يكون اللجوء إلى طرق أخرى و ذلك بالتعاقب حتى الوصول إلى الطريقة التي تسمح بتحديد قيمة البضاعة و لقد نصت المواد 16 مكرر 5.4.3.2 على:
    1- طريقة التقويم بالرجوع إلى القيمة التعاقدية لبضائع مطابقة و هي تلك البضائع المنتجة في نفس البلد و التي تتطابق في كل النواحي بما في ذلك الخصائص الطبيعية و السمعة .
    2- طريقة التقويم بالرجوع إلى القيمة التعاقدية لبضائع مماثلة القيمة التعاقدية لبضائع مماثلة ثم بيعها قصد التصدير اتجاه الجزائر و التي صدرت في نفس وقت تصدير البضائع التي يجري تقييمها .
    3- طريقة التقويم بناءا على الاقتطاع : تستند على سعر الوحدة الذي بيعت به البضائع المستوردة أو البضائع المطابقة أو البضائع المماثلة المستوردة بأكبر كمية إجمالية وقت استيراد البضائع التي يجري تقييمها .
    4- طريقة التقويم بناءا على القيمة المحسوبة : تتمثل في جمع مختلف العناصر التي تدخل في تحديد سعر بيع البضاعة محل التقويم و يتعلق الأمر بالعناصر الآتية : قيمة المواد و التصنيع و غيره ، مقدار الربح و الأعباء العامة .
    5- طريقة التقويم بناءا على الوسائل المعقولة : و هي الطرق التي تكون ملائمة و المبادئ و الأحكام العامة و كذا المادة 07 من الاتفاق العام للتعريفة ، و لا يحسب المقدار على أساس قيمة البضاعة وحدها بل تضاف إليها الحقوق و الرسوم الواجب أدائها .
    فطبقا لقانون الجمارك الذي نص على فئتين من الحقوق و الرسوم الواجبة الأداء .
    الأولى ذات طبيعة جمركية و الثانية تحصلها إدارة الجمارك لحساب الخزينة و المجموعات و المؤسسات و الهيئات العمومية .
    و تنقسم الأولى بدورها إلى نوعين :
    - حقوق جمركية أصلية و هي المفروضة على البضائع عند دخولها أو خروجها من الإقليم و تسمى أيضا حقوق الوارد و الصادر .
    - حقوق التعويض و هي رسوم ظرفية تهدف إلى حماية الإنتاج الوطني من المنافسة غير المشروعة عند الاستيراد إما الفئة الثانية فمن الصعب حصرها و لذا نكتفي بذكر أهمها :
    - الرسم الجزافي و هو رسم يغطي جميع الحقوق و الرسوم المستحقة على البضائع بمناسبة استيرادها يخص البضائع التي تكتسي طابع تجاري مثالها أمتعة المسافرين أو الطرود الصغيرة .
    - الرسوم الداخلية مثل الرسم الداخلي على استهلاك المطبق على المنتوجات البترولية طبقا للمادة 237 ق.الجمارك .
    - الرسم على القيمة المضافة و يفرض على كل عمليات الاستيراد و التصدير.
    ثانيا/ البضاعة المنتجة محليا :
    يختلف الأمر عندما يتعلق الأمر بالبضاعة المنتجة محليا بحسب ما إذا كانت معاينة المخالفة قد تمت عند التصدير أو عند عرضها للاستهلاك الداخلي .
    أ/ معاينة المخالفة عند التصدير : تطبق أحكام المادة 16 مكرر 11 لا تؤخذ بعين الاعتبار عند تحديد قيمة البضاعة المعدة للتصدير الحقوق و الرسوم الداخلية الأخرى و التي تكون معفاة منها هذه البضائع بمناسبة تصديرها .
    ب/ معاينة المخالفة عند عرضها للاستهلاك الداخلي : فإن القيمة الواجب الاستناد إليها هي قيمة البضاعة حسب سعرها في السوق الداخلي.

    ثالثا/ البضاعة غير مشروعة :

    استقر قضاء المحكمة العليا بالنسبة للمخدرات على أن تحسب الغرامة على أساس سعرها في السوق وقت ارتكاب الجريمة يستوي ذلك في الاستيراد و التصدير )

    الفرع الثالث : سلطة القاضي في تقدير الغرامة الجمركية

    لقد كانت المادة 281 ق.الجمارك قبل التعديل 98/10 تمنع على القاضي صراحة التخفيض من الغرامات الجمركية، فهذا الحكم مجحف في حق القاضي قبل المتقاضي )
    و لم يتغير الأمر مع التعديل نص المادة 281 بموجب القانون 1998 الذي بمقتضاه أجاز المشرع للقاضي إفادة المخالف بالظروف المخففة، و الذي لم يشمل الغرامات الجمركية، فيعد خرق أحكام المادة 281 ق.الجمارك الوجه الذي تستند إليه إدارة الجمارك في اغلب طعونها.
    و عليه استقرت المحكمة العليا على ثلاثة مبادئ فيما يخص سلطة القاضي في تحديد الغرامة الجمركية تتمثل أساسا في :
    1/ إدارة الجمارك هي الجهة المختصة بتقدير قيمة البضائع المتخذة كأساس لاحتساب الغرامة الجمركية و القاضي ملزم بطلباتها ما لم يطعن المتهم في قيمة البضائع
    2/ حق المتهم في الاعتراض على القيمة و يكون لقاضي الموضوع في هذه الحالة سلطة مطلقة للتحقق من القيمة الواجب الاستناد إليها في حساب الغرامة و له في ذلك أن يلجأ إلى الخبرة و ذلك إذا أبدى اعتراضه أمام قضاة الموضوع .
    3/ إذا نازع المتهم في قيمة البضاعة الواجب الاستناد إليها في حساب الغرامة و طلب إجراء خبرة لتحديد قيمتها فللقاضي أن يلجأ إلى الخبرة ، كما أنه غير ملزم بالاستجابة للطلب ،فإذا لم يستجب فعليه أن يبين أسباب الرفض و إلا كان حكمه معيبا بالقصور )[9](
    من خلال هذه المبادئ فان المحكمة العليا وبنصها على اللجوء إلى الخبرة تترك نوعا من هامش الحركة لمبادرة القاضي و لكنها تبقى حازمة بخصوص منع تخفيض الغرامات )[10]( عند احتساب الغرامة دون أن يكونوا ملزمين بتبرير ذلك و مع ذلك أصدرت المحكمة قرارا ذهبت فيه مذهبا مغايرا إذ قضت بنقض قرار قضائي لكونه لم يشر في أسبابه إلى قيمة البضائع التي على أساسها حددت الغرامة الجمركية .
    إلا أن قضاة الموضوع مطالبين بذكر محتوى طلبات إدارة الجمارك في حكمـهم والملاحظ بشأن الأمر الصادر في 23/08/2005 المتعلق بمكافحة التهريب و المتعلق بالغرامة المنصوص عليها للشخص المعنوي المرتكب لجناية فقد استرجع القاضي سلطته في تحديد الغرامة ضمن الحدين الأدنى و الأقصى .

    المطلب الثاني: مضمون المصادرة

    لقد نص قانون العقوبات على المصادرة بالمادة 15 منه و عرفها بأنها الأيلولة النهائية إلى الدولة لمال أو لمجموعة أموال معينة كما تعرف بأنها نزع ملكية المال المصادر من مالكه جبرا و نقلها بدون مقابل إلى ملكية الدولة )(سواء كان المال ملكا له أو لغيره إذا ما استعمل في ارتكاب جريمة جمركية.

    و تعتبر المصادرة الجزاء الأنسب للجرائم الجمركية بما فيها أعمال التهريب لكونها تنصب على الشيء محل الغش غير أن الأمر ليس دائما كذلك ، لأن قانون الجمارك لا يعاقب على كل الجرائم الجمركية بالمصادرة و أنها لا تنحصر دائما على الشيء محل الغش وحده و علاوة على ذلك فالمصادرة لا تكون دائما عينا و إنما قد تكون بمقابل و هذا ما سندرسه ضمن الفروع الآتية )

    الفرع الأول : محل المصادرة

    تشكل البضاعة في المجال الجمركي جوهر النشاط الإجرامي باعتبارها محرك هذا النشاط ، فمن الطبيعي إذن أن تكون الشيء الأول الذي ترد عليه المصادرة ، كما تشمل كل شيء من شأنه تسهيل عملية الغش )

    أولا : البضاعة محل الغش
    لابد من التطرق أولا بمفهوم البضاعة، فما هو مفهومها ؟
    طبقا للمادة 05 من قانون الجمارك فقد اخذ المشرع بالمفهوم الواسع للبضاعة و كرس هذا المفهوم في القانون و القضاء فالبضاعة تشمل كل المنتوجات و الأشياء التجارية و غير التجارية المعدة لعبور الحدود الجمركية و بصفة عامة جميع الأشياء القابلة للتداول و التملك .
    و قد أيد القضاء هذا التعريف و اعتبر أن المحذرات بضاعة بمفهوم المادة 05 من قانون الجمارك و أن قيمتها تحدد حسب سعرها في السوق الداخلية )[14]( .
    فالبضاعة محل الغش ليس البضاعة المغشوشة أو الفاسدة أو غير الصالحة و إنما البضاعة التي انصبت عليها الجريمة و هذا ما تبنته المحكمة العليا في قراراتها ، كما قد تنصرف البضاعة محل الغش إلى توابعها )[15]( .
    غير انه إذا اختلطت بضائع محل الغش مع أخرى مرخص بها بتعيين المصادرة في البضائع محل الغش دون المرخص بها إلا إذا كانت هذه البضاعة استعملت للتمويه و بالتالي تعتبر من أدوات الغش التي تكون محل للمصادرة و هذا ما قضت به المحكمة العليا .
    ثانيا : وسائل النقل
    عرفت المادة 05 من قانون الجمارك وسيلة النقل على أنها كل حيوان أو آلة أو سيارة أو أية وسيلة نقل أخرى استعملت أية صفة كانت لتنقل البضائع محل الغش أو التي يمكن أن تستعمل هذا الغرض و هي نقل البضاعة من مكان إلى آخر و بوجه عام على كل مركبة أو عربة كما ينطبق أيضا على الحقائب و الصناديق و الأكياس .
    أ/ حالات وجوب النطق بمصادرة وسائل النقل
    لقد نص المشرع الجزائري قبل صدور الأمر 05/06 و بعد تعديل 1998 على أن المصادرة وسيلة النقل يجب النطق بها دون الأخذ في الاعتبار للكيفية التي استعملت فيها هذه الوسائل متى كانت الجريمة تمثل جنحة التهريب طبقا لنص المادة 328 ق. الجمارك التي ألغت بموجب الأمر 05/06 لمكافحة التهريب حيث نصت المادة 16 منه على أن المصادرة تقرر للجنح و الجنايات الجمركية دون المخالفات )[16](.
    و من التطبيقات القضائية في فرنسا و الجزائر فيما يتعلق بكيفيات استعمال وسيلة النقل حتى تكون محل للمصادرة فالقضاء الفرنسي يسهر على تطبيق المصادرة لوسيلة النقل في كل الحالات التي ينص فيها القانون على ذلك ، و يكفي لتطبيقها أن تستعمل وسائل النقل بصفة ما في إدخال بضائع الغش حتى و إن لم تكن في اتصال مباشر مع البضاعة
    و يثور التساؤل حول وسيلة النقل المملوكة للدولة ؟
    إن الحكم بمصادرة هذه الوسيلة يتعذر قانونا و لكن تطبيقها يتجه نحو النطق بمصادرة تكون في صورة مبلغ مالي يعادل نظريا قيمة وسيلة النقل و هذا ما اخذ به الاجتهاد القضائي الجزائري بقرار سنة 1984 )
    فإذا كان المشرع الجزائري الأصل فيه أن تصادر وسيلة النقل في حالة ارتكاب أعمال التهريب ، إلا انه أورد تلطيفا عاما لهذه القاعدة بنصه في المادة 281 ق. الجمارك ، إثر تعديل سنة 1998 على جواز إعفاء المخالف من مصادرة وسيلة النقل و ينص في المادة 340 مكرر منه .
    ب/ حالات الإعفاء من مصادرة وسيلة النقل :
    لقد نص المشرع على حالتين :
    - الإعفاء من المصادرة جوازيا - المصادرة غير الجائزة
    01/ الإعفاء من المصادرة جوازيا :
    لم يحدد المشرع الجزائري في القانون الجمركي الحالات التي يجوز له الإعفاء من مصادرة وسيلة النقل و إنما جاء بصفة عكسية بنصه في المادة 281 ق. الجمارك إثر تعديل سنة 1998 على الحالات التي لا يجوز له إعفاء الجاني من مصادرة وسيلة النقل و عليه القول انه أصبح للقاضي إعفاء المحكوم عليه من مصادرة وسيلة النقل في كل الأحوال باستثناء ما نصت عليه المادة 281 ق. الجمارك و المتمثل في :
    01/ إذا كانت الجريمة الجمركية تتعلق ببضائع محظورة عند الاستيراد أو التصدير بمفهوم المادة 21/01 من ق. الجمارك .
    02/ إذا كان المتهم في حالة عود و هو العود من جنحة تهريب مهما كانت درجتها إلى جنحة تهريب باستعمال وسيلة النقل .
    02/ مصادرة وسيلة النقل غير جائزة :
    اثر إلغاء المادة 326 مكرر ق. الجمارك التي حلت محلها المادة 340مكرر ق. الجمارك التي ضيقت من حالات الاستفادة من الإعفاء من المصادرة و حصرتها فيما يلي:
    01/ حالة المخالفات المرتكبة من قبل ربابنة السفن و قادة المراكب الجوية و كذا المخالفات المرتكبة على متن هذه السفن و المراكب الجوية الموجودة في حدود الموانئ و المطارات التجارية و التي لم تذكر في بيانات الشحن .
    02/ حالة التفريغ أو الشحن غشا في الموانئ و المطارات المفتوحة للملاحة الدولية
    ثالثا : البضائع التي تخفي الغش .
    نصت المادة 05/ط ق. الجمارك على المقصود بالبضائع التي تخفي الغش و هي البضائع التي يرمي وجودها إلى إخفاء الأشياء محل الغش و التي هي على صلة بها .
    إن المشرع لم يعد يشترط أن تستعمل هذه البضائع بصفة بينة في إخفاء الغش بعدما كان ينص على هذا الشرط قبل تعديل سنة 1998 حيث تعاقب المادة 325 من ق. الجمارك و المادة 16 من الأمر 05/06 على الجنح التي ترتكب في المكاتب الجمركية و على أعمال التهريب سواء كانت جنحا أو جنايات بمصادرة الأشياء التي تخفي الغش .

    الفرع الثاني : الجرائم المعاقب عليها بالمصادرة الجمركية

    لم ينص المشرع الجزائري على المصادرة كجزاء لكل الجرائم الجمركية بل حصرها في جرائم معينة و هي على نوعين :
    01/ جزاء أساسي : التي تطبق على كافة الجنح الجمركية و أعمال التهريب بما فيها الجنايات طبقا للمادة 16 من الأمر 05/06 و هي جزاء أساسي بصرف النظر عن طبيعة الجريمة و درجة خطورتها و نص عليها في مجال المخالفات ، مخالفات الدرجتين الثالثة و الرابعة المنصوص عليها بالمادتين 323،322 ق. الجمارك .
    02/ جزاء تكميلي : نصت على أن تكون المصادرة جزاء تكميلي في الحالات المنصوص عليها في المادة 329 ق. الجمارك و يتعلق الأمر بالبضائع التي تستبدل أو تكون محاولة استبدال في الأحوال الآتية :
    أ - أثناء النقل : إذا كانت بسند كفالة أو توثيق مماثلة .
    ب- أثناء وجود البضاعة في نظام المستودع الخاص أو المستودع الصناعي أو المصنع الموضوع تحت المراقبة الجمركية.
    ج – كل أنواع الاستبدال التي تخص البضائع الموجودة تحت مراقبة الجمارك .

    الفرع الثالث : شكل المصادرة

    يمكن النطق بالمصادرة الجمركية في احد الشكلين فإما أن ينطق بها في صورتها المعتادة و التي تمثلها المصادرة العينية و إما أن يحكم بمبلغ من المال ليحل محلها فتؤخذ شكل المصادرة بمقابل نقدي .
    أولا : المصادرة العينية
    إن المصادرة العينية تنصب على أشياء محل الغش و على وسيلة النقل و البضائع التي تخفي الغش كما تم التطرق إليه في الفرع الأول من نفس المطلب .
    فينتج عن المصادرة نقل ملكية لمصادرات و تحويلها للدولة و طبقا لأحكام المادة 289 ق. الجمارك قبل تعديله في سنة 1998 فإنه لا يجوز لأصحاب الأشياء المحجوزة أو المصادرة أن يطالبوا بثمنها سواء كان مودعا أو لا .
    كما أن التعديل الذي لحق المادة 288 بموجب القانون لسنة 1998 حيث غيرت كلمة الأشياء بالبضائع و بالتالي فتح المجال بذلك لإمكانية استرداد الوسائل المستعملة في الغش إذا توفرت الشروط المنصوص عليها بهذه المادة برفع اليد عنها قبل فتح المزاد العلني مقابل مبلغ مالي عوض ما تم استرداده )[19]( .
    ثانيا : المصادرة بمقابل
    المصادرة بمقابل ينطق بها أحيانا كبديل عن المصادرة العينية و تتمثل في النطق بمصادرة مبلغ نقدي يعادل قيمة الأشياء القابلة لان تكون محلا لهذا الإجراء و هذا ما يتفق و نص المادة 336 ق. الجمارك )[20](.
    فطبقا لنص المادة 336 ق. الجمارك تصدر المحكمة بناء على طلب من إدارة الجمارك الحكم بدفع مبلغ يعادل قيمة الأشياء القابلة للمصادرة ليحل محلها ، و عليه يتضح من هذا النص أن إدارة الجمارك التي أوكل إليها وحدها حق طلب الحكم بمصادرة بمقابل تتمتع بحق ممارسته بكيفية شبه مطلقة فهي التي تحدد و تخضع لتقديرها وحدها أما القضاء فلا يتمتع بأية سلطة تقديرية في مجال الاختيار بين النوعين من المصادرة بل و عليه أن تأخذ بطلب إدارة الجمارك و النطق بالمصادرة وفقا للاختيار الذي تعبر عنه هذه الإدارة في طلبها ، إلا إذا كان طلبها مخالف للقانون كان تطلب مثلا مصادرة أشياء غير قابلة أصلا للمصادرة )
    و إذا كانت المادة 336 ق. الجمارك لم تذكر الحالات التي يطبق فيها بديل المصادرة فيمكننا الرجوع إلى اجتهاد القضاء حصر هذه الحالات و هي ثلاث :
    1/ إذا لم تضبط البضائع محل الجريمة
    2/ إذا كانت المصادرة تنصب على وسيلة نقل مملوكة للدولة
    3/ الحالتان المنصوص عليهما في المادة 245 ق. الجمارك قبل تعديل سنة 1998 التي تفرض على الأعوان المثبتين للمخالفات الجمركية عرض رفع اليد عن وسائل النقل وجوبا في حالتين هما ، عندما تكون وسيلة النقل ملكا للغير ذي نية حسنة و تشكل أداة عمل بالنسبة إليه و كذا عندما لا توجد مقارنة بين قيمة الشيء محل الغش و قيمة السيارة و إذا ما رفعت إدارة الجمارك اليد عن وسيلة النقل عملا بأحكام المادة 245 و تعذر عليها فيما بعد استرجاعها تقضي جهات الحكم بناء على طلب إدارة الجمارك على المخالف بمبلغ مالي يقوم مقام مصادرة وسيلة النقل .

    يتبــــــــــع ...





    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

     عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء Empty رد: عنوان المذكرة :خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث تحديد المسؤولية و الجزاء

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أغسطس 08, 2013 2:37 am



    المبحث الثاني : خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث الطبيعة القانونية للجزاءات الجمركية

    لم يتجرأ المشرع في الكثير من البلدان على حسم مسألة طبيعة الجزاءات الجمركية المالية المتمثلة في الغرامة الجمركية و المصادرة في حين أن الحبس و السجن عقوبتان جزائيتان لا يختلف عليهما اثنان و بالتالي تظهر خصوصية المنازعات الجمركية في تحديد الطبيعة القانونية لجزاءاتها المالية ، و من ثمة أدى هذا الاختلاف إلى فتح المجال للنقاش الفقهي الحاد و الواسع بشأنهما و على خلاف هذا الاتجاه العام للقوانين الوضعية المختلفة اتخذ المشرع الجزائري قبل تعديل 1998 لقانون الجمارك موقف إيزاء هذه المسالة عبر عنها بنص المادة 259/04 من قانون الجمارك و اعتبرها تعويضات مدنية إلا انه تراجع و تركها للفقه و القضاء بالغاءه الفقرة 4 من المادة 259 ق.الجمارك بتعديل 1998.
    و لهذا تنحصر دراستنا حول الطبيعة القانونية للغرامة الجمركية فقها و قضاءا و للمصادرة دون العقوبات الشخصية باعتبارها لا تجسد خصوصية المنازعات الجمركية و تخضع للقانون العام من حيث الطبيعة القانونية .

    المطلب الأول : الطبيعة القانونية للغرامة الجمركية

    أخذت مسألة الطبيعة القانونية للغرامة الجمركية اهتمام الفقه و القضاء منذ وقت بعيد ، وإذا كانت نظرة الوحدوية هي التي سادت في المراحل الأولى في النقاش الفقهي فإن هذا النقاش قد اتجه بعد ذلك إلى تبني نظرة مزدوجة بشأنها

    الفرع الاول : وحدة طبيعة الغرامة الجمركية

    فهناك اختلاف في حقيقة طبيعة الغرامة الجمركية ، فرأي قائل أنها جزاء جنائي خالص ، يقف رأي مناقض له كونها مجرد تعويض بصالح الخزينة .
    أولا : الغرامة الجمركية عقوبة جزائية
    يرى أنصار هذا الرأي أن الغرامة الجمركية هي عقوبات كغيرها من العقوبات التي ينص عليها القانون )[2](، مستندين في ذلك على الطابع العام للجزاءات فهي جزاءات تفرضها الدولة لعقاب مرتكبي الجرائم في مجال معين هو المجال الجمركي ،و لا يتم تطبيقها إلا عن طريق محاكمة جزائية تخضع لمبدأ الشرعية الجنائية كغيرها من الجزاءات الجنائية و لا ترتبط بوجود ضرر، كما تخضع لمبدأ شخصية العقوبة فلا يحكم بها على الورثة بعد وفاة المتهم )
    بالرغم من قوة الحجج إلا انه لم ينج من الانتقاد كون أن الغرامة الجمركية قد تتواجد إلى جانب الغرامة الجنائية مما يؤكد اختلاف الطبيعة لكل منها و مثالها في تشريع الصرف الملغى حيث ينطق بالغرامة طبقا لقانون العقوبات تتم كغرامة طبقا لقانون الجمارك ، كما أن خضوعها لأحكام التضامن ينفي عنها الصيغة الجزائية .
    ثانيا : الغرامة الجمركية تعويض مدني
    إن الانتقادات السابقة هي أساسا أقيم عليها رأي ثان مفاده أن الغرامة الجمركية ما هي في الواقع إلا مجرد تعويض بصالح الخزينة مما أصابها من ضرر نتيجة عدم سداد الضريبة الجمركية ، و يستند هذا الرأي إلى أن مبلغ الغرامة الجمركية يؤول إلى مصلحة الجمارك بينما تضاف الغرامة الجزائية إلى خزانة الدولة ، كما يستند رأيهم إلى حجة في الفرق بين كيفيات تحصيل العقوبات المالية الخالصة والغرامات الجمركية حيث تنص المادة 293 ق.الجمارك على انه تحصل الغرامات من طرف إدارة الجمارك ، الذي يشكل استناد على نص المادة 597 ق. إ الجزائية الذي بمقتضاها تتولى إدارة المالية تحصيل المصاريف القضائية و الغرامات.
    غير أن هذا الفرق ناتج على إرادة المشرع إعطاء اكبر قدر من الفعالية لتنفيذ الغرامات الجمركية لما لإدارة الجمارك من اختصاصات و سلطات .
    أما فيما يخص الاختلاف بين التعويض المدني و مبالغ الغرامة الجمركية التي قد تتجاوز الضرائب المتهرب منها فيفسره أصحاب هذا الرأي بأن الأمر يتعلق في المجال الجمركي بتعويض إجباري حدده القانون و أن ما يتجاوز مقدار الضريبة يعد بمثابة تعويض للدولة عما فاتها من كسب لعدم تسديد الضرائب و استغلالها في منافع عامة )[4](.
    لكن النقد الرئيسي الذي وجه إلى هذا الرأي يتمثل فيما يؤخذ عليه من افتراضه وقوع ضرر مالي يستوجب التعويض و هو ما لا يتحقق في كافة حالات الجريمة الجمركية ، فالقانون الجمركي يعاقب على التهريب غير الضريبي ، كما يعاقب على الشروع في التهريب ، و هذا ما يؤكد أن الغرامة الجمركية ليست تعويض مدني .

    الفرع الثاني : ازدواجية طبيعة الغرامة الجمركية

    أمام التناقض بين الاتجاه القائل بالطابع الجزائي للغرامة الجمركية و التعويض المدني ظهر تيار في الفقه أكثر مرونة و قابلية للتعبير عن حقيقة الغرامة الجمركية فاعتبارها جزاء ذو طابع مزدوج .
    يرى أصحاب هذا الرأي أن الغرامة الجمركية ذات طابع مختلط تجمع بين صفتي العقوبة و التعويض المدني )
    فبالرغم من القبول الواسع الذي تحضى به هذه النظرية إلا أنها لم تسلم من الانتقادات من كونها تجمع بين العقوبة و التعويض في جزاء واحد و هو جمع بين نقيضين و هذا لكونهما يختلفان ليس فقط من حيث أساسهما بل أيضا من حيث الغاية .
    كما وجه إليها نقد آخر كونها تنشئ جزاء غير معروف في القانون ، فبالرغم من الانتقادات إلا أنه صار من الأمور التقليدية التي لا ينازع فيها الفقه بل صار من الثوابت المعتمدة في الفقه الفرنسي أن الغرامة الجمركية هي جزاء ذو طبيعة مختلطة و لكون الانتقادات الموجهة لهذه النظرية يمكن تفاديها فالقول مثلا أن صفة العقوبة لا تستبعد كلية صفة التعويض و إنما تغطيها ، أما كون الجزاء المختلط غير معروف في القانون فيمكن الرد على ذلك بأن صفة تغطي دائما أخرى بحيث لا تظهر الغرامة الجمركية في نهاية الأمر إلا كجزاء تلتصق به خصوصيات فرضها القانون الجمركي ذاته و أيا ما كان الأمر فإن النظام القانوني لهذا الجزاء يؤيد تواجد صفتي التعويض و العقوبة )

    الفرع الثالث : الطبيعة القانونية للغرامة الجمركية في القانون الجزائري

    لقد اتخذ القانون الجزائري و تبنى نظرية وحدة طبيعة الغرامة الجمركية كتعويض مدني إلا أنه تخلى عن هذا التكريس و لهذا سنتطرق إلى تطور موقف المشرع الجزائري من مسألة الطبيعة القانونية للغرامة الجمركية في ظل القانون القديم و بعد التعديل بموجب القانون 98/10 و إثر صدور الأمر 05/06 المتعلق بمكافحة التهريب.
    أولا : قبل تعديل قانون الجمارك بموجب القانون 98/10
    على خلاف العديد من التشريعات اتخذ المشرع الجزائري بموجب المادة 259/4 ق.الجمارك قبل تعديلها بموجب القانون 1998 موقفا إزاء طبيعة الغرامة الجمركية التي نص فيها " تشكل الغرامات و المصادرات الجمركية المنصوص عليها بموجب هذا القانون تعويضات مدنية " هذا الموقف الذي يبدو على الأقل في ظاهره صريحا و واضحا لا يسمح مع ذلك من التساؤل عما إذ كان حسم مسألة طبيعة الغرامة الجمركية بهذه الكيفية من شأنه حقا أن يضع حدا للنقاش التقليدي في هذا المجال ، فالمتمعن في القواعد المتعلقة بالجزاءات المالية يبين لنا مضمون عدد منها يتناقض مع فكرة التعويض المرتبطة بهذه الجزاءات يظهر جليا من خلال المصطلحات المستعملة مثالها استعمال الغرامة كجزاء لمرتكبي الجرائم الجمركية و مصطلح عقوبة للدلالة على الغرامة الجمركية و كذلك منع التخفيض في الحقوق و العقوبات طبقا للمادة 281ق.الجمارك و تنفيذ العقوبات طبقا للمادة 293ق.الجمارك .
    و في ظل التناقضات بين موقف المشرع و التطبيقات الفعلية و القضائية جاء تعديل قانون الجمارك لسنة 1998 .
    ثانيا : بعد صدور قانون رقم 98/10
    و أهم ما حوى من تعديلات من الوجهة الفقهية هو إلغاء مضمون الفقرة الرابعة من المادة 259 ق.الجمارك و بالتالي يكون المشرع الجزائري قد حذا حذو المشرعين الفرنسي و التونسي اللذين امتنعا عن تعريف الغرامة الجمركية و فضلا إلتزام الصمت اتجاه هذه المسألة تاركين إياها للفقه و القضاء .
    ثالثا : في ظل الأمر المؤرخ في 23/08/2005 المتعلق بمكافحة التهريب
    إن قراءة للأمر المتعلق بمكافحة التهريب توحي بالطابع الصارم و المتشدد الذي اقره المشرع من خلال العقوبات المتخذة و الجزاءات المالية المطبقة و هذا ما يجعلنا نقول أن المشرع من خلال هذا الأمر يميل للأخذ بالطابع الجزائي للغرامة الجمركية من خلال نصه على أحكام العود بالمادة 29 منه ، و الجزاء المقرر للشخص المعنوي الذي خرج عن صورة النسبية في تحديد الغرامة الجمركية و أصبحت صورة محددة وفق حدين كما هو الحال في القانون العام مما يسمح للقاضي بإعمال سلطته التقديرية في تحديدها .
    فما طبيعة الغرامة المنصوص عليها للشخص المعنوي ؟
    إن الغرامة المنصوص عليها كجزاء للشخص المعنوي هل تندرج ضمن دراستنا السابقة كونها ذات طابع مزدوج أم أنها جزاء جنائي بحث يسترجع بموجبها القاضي السلطة التقديرية في تحديد الجزاء المقرر ضمن الحد الأدنى و الأقصى؟ فمن خلال الدراسة السابقة فالغرامة المنصوص عليها للشخص المعنوي هي غرامة تنطبق عليها خصوصيات الغرامة المقررة للشخص الطبيعي، و دليلنا في ذلك أن المشرع لم يستثنها ولا يوجد ما يثبت خلاف ذلك،غير أنها تختلف عن المقررة للشخص الطبيعي في كون المشرع خرج عن القواعد الخاصة بالقانون الجمركي في تحديدها، بتبنيه القاعدة العامـة و ذلك بتحديدها ضمن حدين يكون للقاضي أكثر سلطة و صلاحية لتحديدها وفق ظروف القضية و مقتضياتها،إلا أنه يبقى مقيد بتطبيق المادة 281 ق الجمارك بعدم إعمال ظروف التخفيف.
    رابعا : موقف القضاء الجزائري
    غير أن التطبيقات القضائية في السنوات الأخيرة تميل نحو تغليب الطبيعة المزدوجة للغرامات الجمركية و اتخاذها موقف على غرار باقي التشريعات التي تبنت الطبيعة المزدوجة للغرامة الجمركية ، و هذا ما قضت به المحكمة العليا في قرار المؤرخ في 03/01/1993 التي قضت فيه أن الغرامة الجمركية تتسم بصفتين ، صفة العقوبة و صفة التعويض عن الضرر اللاحق بالخزينة العامة )[7](و قد أوضحت في قرارها " إذا كانت المادة 259 من قانون الجمارك تنص فعلا على أن الغرامات الجمركية تشكل تعويضات مدنية فإنها لم تقل صراحة بأنها تعويضات مدنية و شتان بين تشكل تعويضات مدنية و بين أن تكون تعويضات مدنية" .

    المطلب الثاني : الطبيعة القانونية للمصادرة

    إن التكلم عن الطبيعة القانونية للمصادرة يطرح نفس الإشكال الذي سبق و أن درسناه بمناسبة الطبيعة القانونية للغرامة الجمركية كونها جزاءات مالية جمركية اختلف الفقه و القضاء في تحديد طبيعتها و هذا الاختلاف يشكل خصوصية من خصوصيات الجزاء في المادة الجمركية.

    الفرع الأول: وحدة طبيعة المصادرة الجمركية

    لقد اتفق الفقه حول الطابع الوقائي للمصادرة الجمركية إذا كانت تنصب على بضائع محظورة ، أما إذا كانت المصادرة منصبة على بضائع غير محظورة فهذا الأمر يختلف فيه حول تحديد طبيعتها .
    أولا : عقوبة جزائية
    يرى جانب من الفقه أن المصادرة إذا انصبت على بضائع غير محظورة نكون أقرب إلى العقوبة منه إلى التعويض المدني على أساس أن الضرر الذي يلحق الخزينة العامة من وراء الجرائم الجمركية ينطوي على فعل ضار و لا يكفي مجرد تعويض الخزينة عما لحقها من ضرر و إنما يلزم أن يكون الفعل محل عقاب .
    ثانيا : المصادرة تعويض مدني
    يذهب جانب آخر من الفقه على اعتبار أن المصادرة في الحقيقة ما هي إلا تعويض مدني لصالح الخزينة مما أصابها من ضرر نتيجة عدم سداد الضريبة الجمركية و هو نفس الاتجاه القائل بأن الغرامة الجمركية هي تعويض مدني و نفس المبررات المقيم لهذا الرأي فيما يخص كلا من الغرامة الجمركية و المصادرة .

    الفرع الثاني : ازدواجية طبيعة المصادرة الجمركية

    إن الرأي الغالب في الفقه يتجه إلى أن المصادرة الجمركية ذات طابع مختلط إذ تجمع بين صفتي العقوبة و التعويض في آن واحد فهذا الرأي يعتبر رأي أكثر مرونة و قابلية للتعبير بالرغم من الانتقادات الموجهة إليه باعتباره يجمع بين نقيضين .
    إلا أن هذا الرأي لقي قابلية كبيرة و هذا ما اخذ به المشرع الفرنسي بأن المصادرة الجمركية ذات طابع مزدوج و لكنها أقرب إلى التعويض المدني منه إلى العقوبة الجزائية ثم غلب جانب العقوبة على التعويض المدني و ذلك إثر صدور قانون 19/12/1977.
    و هذا ما سلكه القضاء المصري حين تراجعه بالقرار الصادر بتاريخ 01/03/1994 عن اعتبار المصادرة تعويض مدني و اعتبر أن التعويضات المنصوص عليها في قانون الجمارك هي في حقيقتها عقوبات تكميلية .

    الفرع الثالث : الطبيعة القانونية للمصادرة في القانون الجزائري

    لقد عرف القانون الجزائري بخصوص مسألة الطبيعة القانونية للمصادرة نفس ما سبق القول عليه في مسألة الغرامة الجمركية حيث تبنى نظرية وحدة طبيعة المصادرة كتعويض مدني إلا أنه تراجع عن هذا الموقف و هذا ما سيأتي بيانه من خلال دراسة موقف المشرع و ما استقر عليه القضاء .
    أولا : قبل تعديل قانون الجمارك بموجب القانون 98/10
    نص صراحة كما هو الحال بالنسبة للغرامة الجمركية في نص المادة 259/04 على أن المصادرة تعويض مدني لكن المشرع الجزائري بنصه هذا لم يتبع هذا المسعى و ذلك بذهابه إلى أقصى الحدود ما يفرضه منطق هذا النص الصريح من نتائج على الصعيد النظري العملي خاصة حيث يلاحظ استمرار خضوع المصادرة الجمركية لنظام في جانب منه جزائي بحت .
    و على إثر هذا جاء تعديل لسنة 1998 و الذي أعطى بعد آخر لموقف المشرع الجزائري إزاء الطبيعة القانونية للمصادرة .
    ثانيا : بعد تعديل قانون الجمارك سنة 1998
    لقد تراجع المشرع الجزائري في إطار هذا التعديل عن موقفه الصريح كون المصادرة تعويض مدني و التزم حيال هذه المسألة الصمت بإلغائه الفقرة 04 من المادة 259 ق. الجمارك في حين جاء بنص المادة 281 ق.الجمارك التي تخول للقاضي سلطة الإعفاء من مصادرة وسيلة النقل و بالتالي تمنح له سلطة لم تقر له بها إذا اعتبرنا أن المصادرة تعويض مدني و هذا يحمل الاعتقاد على أن المشرع الجزائري أضفى صيغة الازدواجية من حيث الطبيعة على المصادرة مع تغليبه الجانب الجزائي لها .
    ثالثا : في ظل الأمر 05/06 المتعلق بمكافحة التهريب
    طبقا لنص المادة 16 من الأمر 05/06 فإن المصادرة تكون لصالح الدولة ، و بهذا النص يكون المشرع قد غلب الجانب الجزائي للمصادرة على طابعها التعويضي .
    غير أن المشرع لم يتخذ موقف حاسم اتجاه هذه المسألة و يبين موقفه الصريح ، هل المصادرة تعويض مدني أو عقوبة جزائية ؟
    و هذا ما يجعلنا نتطرق إلى موقف القضاء إزاء هذه الطبيعة القانونية و ماذا أخذ في هذا الصدد .
    رابعا : موقف القضاء الجزائري
    لقد ذهب القضاء الجزائري في بداية الأمر إلى اعتبار المصادرة تعويض مدني و على هذا الأساس قضى المجلس الأعلى سنة 1981 على استبعاد تطبيق نص المادة 02 قانون العقوبات على المصادرة ) .
    لكن تطور هذا الموقف نحو الأخذ بالطابع المزدوج للمصادرة الجمركية و هذا وفق قرار أصدرته المحكمة العليا غير منشور أنه من الثابت من تلاوة نص المادة 324ق.ج أن الغرامة و المصادرة المقررتين لجنحة التهريب ليست تعويضات مدنية و إنما هما جزاءان لهما طبيعة جبائية و نفس الاتجاه أصدرت المحكمة العليا قرارا آخر بتاريخ 30/12/1996 و اعتبرت الغرامة الجمركية و المصادرة جزاءا جبائيا و ليس تعويضا مدنيا ).

    المبحث الثالث : النظام القانوني للجزاءات الجمركية

    لقد سبق و أن درسنا من خلال المبحث السابق أن الجزاءات الجمركية وخصوصا الجزاءات المالية منها، أن المشرع الجزائري إثر تعديل 1998 ألغى الفقرة 4 من المادة 259 ق.الجمارك و سكت عن الطبيعة القانونية بعدما كان يقر بالطابع التعويضي لهذه الجزاءات و بهذا التعديل أعطى المشرع الطابع المزدوج للجزاءات المالية فإعتبارها جزاء و ربطها بارتكاب الجريمة و أخضعها للعديد من القواعد المطبقة على الجزاء المالي المطبق في القواعد العامة ، كما إعتبرها تعويض لا تخضع للعديد من القواعد المطبقة على الجزاءات المالية طبقا للقانون العام منها عدم خضوعها لظروف التخفيف و من أجل تحقيق الجزاء لوظيفته تبنى القانون العديد من المبادئ تنحصر دراستنا على ما يتميز به القانون الجمركي من خروجه عن القواعد العامة في تطبيقه و استبعاده لبعض المبادئ المكرسة في القانون العام .
    فما مدى تطبيق قانون الجمارك لمبادئ القانون العام؟ و ما هي القواعد الخاصة في تنفيد الجزاء الجمركي؟

    المطلب الأول: تضييق مجال تطبيق قانون العقوبات

    يقوم القانون العام على عدة مبادئ،و نظرا لخصوصية القانون الجمركي فلقد استبعد بعضها، وطبق بعضها إستثناءا و هذا ما سيتم توضيحه.

    الفرع الأول: إستبعاد مبدأ التفريد العقابي

    يعتبر مبدأ التفريد القضائي للجزاء من بين المبادئ الأساسية التي يقوم عليه قانون العقوبات الحديث ، و يتحقق هذا المبدأ من خلال ما يمتلكه القاضي من سلطة تقديرية يختار بمقتضاها العقوبة المناسبة لكل حالة معروضة عليه على حدة .
    و يعبر القضاء الجزائري عن نفس الفكرة بإقراره صراحة أن الصلاحيات الممنوحة للقاضي في تطبيق العقوبة ترجع لتقديراته و لا يسأل عن ذلك ).
    و تعد الظروف المخففة الوسيلة النموذجية التي يمكن أن يحقق القضاء بواسطتها اكبر قدر ممكن من التفريد القضائي للعقوبة و بالتالي أكبر قدر من العدل ، كما يمكن أن تكون وسيلة لتلطيف الأحكام القاسية جدا لبعض القوانين .
    لذا كان من الفروض أن يجد مبدأ التفريد القضائي للعقوبة في القانون الجمركي نظرا لقساوته الشديدة ميدانا خصبا يطبق فيه قصد التخفيف من هذه القساوة ، غير أن المشرع الجمركي ذهب عكس ذلك تماما وإستخدم كل الوسائل المتاحة له لمنع القضاة من ممارسة أية سلطة تقديرية بالنسبة للجزاءات المالية.
    فبالرغم من أن المشرع الجزائري أدخل بعض التعديلات على هذه القاعدة بجعلها أكثر ليونة و أعطى للقاضي من خلالها السلطة التقديرية في الجزاءات الشخصية إثر تعديله لنص المادة 281 بموجب قانون 1998 و ذلك بإعطاء السلطة التقديرية للقاضي في إعمال نص المادة 53 من قانون العقوبات إذا تعلق الأمر بعقوبة الحبس[11] ، و أجاز إعفاء المخالفين من مصادرة وسيلة النقل إذا لم تتعلق بأعمال التهريب المتعلقة بالبضائع المحظورة عند الاستيراد أو التصدير و في حالة العود .
    إلا انه ما فتئ أن حد من هذه السلطة و قيدها و ذلك بصدور الأمر 05/06 المتعلق بمكافحة التهريب فمن خلال نص المادة 22 من الأمر السالف الذكر أصبح من غير إمكان القاضي إعمال ظروف التخفيف إذا كان المتهم المدان محرضا في ارتكاب الجريمة أو إذا كان يمارس وظيفة عمومية أو مهنة ذات صلة بالنشاط المجرم و ارتكب الجريمة أثناء تأديته وظيفته أو بمناسبتها . إلا أن الإشكال المطروح بخصوص عقوبة السجن المستحدثة بموجب الأمر 05/06 فيما يخص إعمال ظروف التخفيف؟ ففي غياب نص في قانون الجمارك، و في الأمر 05/06 فهنا لا بد من الرجوع إلى قانون العقوبات بإعتباره الشريعة العامة في إرساء القواعد العامة، يرجع إليها عند غياب نص في القواعد الجزائية الخاصة.
    إن وضع قيود على السلطة التقديرية المعترف بها للقضاة في المواد الجنائية يعتبر من بين أخطر القيود الواردة على هذه السلطة في الميدان الجمركي ، إن لم نقل أخطرها على الإطلاق، لكونه جاء في نص صريح يعطل مبدأ يعد من صميم السلطة التقديرية للقاضي و نتيجة لذلك طبق القضاء بصراحة نص المادة 281 ق.الجمارك و هكذا أصدر عدة قرارات أكد فيها بكل وضوح على إستبعاد مبدأ التفريد العقابي خاصة بعدم الأخذ بالظروف المخففة يخضع لحكم مطلق لا استثناء عليه )
    فضلا على النتائج الخطيرة على الصعيد النظري و المتمثلة في تعطيل أحد أبرز مبادئ القانون الحديث ألا و هو مبدأ التفريد القضائي للعقوبة كذلك تبرز من الناحية العملية نتائج خطيرة تتمثل في الطابع غير العادل لإستبعاد هذا المبدأ ، فالقاضي عليه تطبيق الجزاءات المتميزة عموما بقساوتها كما هي محددة في القانون و مقدمة في طلبات إدارة الجمارك

    الفرع الثاني: التطبيق الاستثنائي لمبدأ شخصية العقوبة

    يقصد بمبدأ شخصية العقوبة ضرورة تحمل المسؤول عن الجريمة وحده عبء العقوبة التي توقع عليه كجزاء عن الجريمة و يترتب عن ذلك وجوب ألا يتحمل الغير عبء العقوبة المحكوم بها على مرتكب الجريمة .
    إلا انه يوجد العديد من الاستثناءات على هذا المبدأ تشكل مساسا به تتحدد مجالها في الإدانات النقدية حينما ينطق بها لصالح الخزينة و لهذا يشكل قانون الجمارك مثالا نموذجيا لهذه الاستثناءات فمن المعلوم أن الطابع المزدوج للجزاءات المالية الجمركية يترتب عنه تعدد الوسائل المستعملة لضمان فعالية تحصيلها لصالح الخزينة و تكمن بعض هذه الوسائل بالذات في نقل عبء الإدانات النقدية المنطوق بها ضد مرتكب الجريمة نحو غيره و هذا ما يجعل الجزاءات المالية الجمركية تشكل مثالا واضحا عن الخروج على مبدأ شخصية العقوبة حيث ينص قانون الجمارك في العديد من الفرضيات على تحمل الغير لعبء الغرامات التي يحكم بها على مرتكب الجريمة و هكذا مثلا يمكن أن نذكر النصوص المتضمنة التضامن طبقا للمادة 316 ق.الجمارك )[14]( ، كما يتحمل متبوعوا المحكوم عليه عبء الإدانات المالية بموجب المادة 315 ق.الجمارك و تشكل الغرامات التي ينطق بها ضد المتهم بحكم نهائي قبل وفاته مثالا آخر باعتبار إمكان مواصلة تحصيلها ضد التركة و لكن في حدودها طبقا للمادة 293 مكرر1 ق الجمارك.
    و لقد خص المشرع حكم خاص للمصادرة التي يمكن أن ينطق بها بالرغم من وفاة المتهم ، فيما انه من غير الممكن مباشرة المطالبة بها أو الاستمرار في ذلك بعد وفاة المتهم أمام المحكمة الجزائية باعتبار طابعها العقابي فقد اضطر المشرع حفاظا على حقوق الخزينة العامة إلى السماح لإدارة الجمارك بان تباشر ضد التركة دعوى أمام الهيئة التي تبث في القضايا المدنية قصد النطق بمصادرة الأشياء الخاضعة لهذه العقوبة أو الحكم بدفع مبلغ يعادل قيمة هذه الأشياء استنادا إلى نص المادة 261 ق.الجمارك
    أما بالنسبة للغرامة فان المشرع إلتزم إزاءها ما يقضي به مبدأ شخصية المسؤولية من إنقضاء الدعوى العمومية بشأنها بوفاة المتهم .

    المطلب الثاني :تطبيق قواعد خاصة

    لقد خرج المشرع الجمركي عن بعض القواعد العامة في النطق بالجزاء الجمـركـي، و كيفية تنفيذه. و إتخذ قواعد خاصة به تمكنه من الوصول إلى هدفه ، سواء من حيث النطق بالعقوبة و في كيفية تنفيذها.

    الفرع الأول : قاعدة النطق بالجزاء الجمركي

    أولا:الجزاء المالي الجمركي
    من بين أبرز القواعد التي تطبق عند النطق بالجزاء الجمركي و التي يتبين منها بوضوح خروج القانون الجمركي عن القواعد العامة لقانون العقوبات القاعدة التي تجعل الجزاء المالي الجمركي و الغرامة بشكل خاص يرتبط بالجريمة لا بمرتكبها.
    فترتبط الجزاءات المالية التي تترتب عنها وحدة و تعددا و هكذا تفرض الجريمة الواحدة ، وحدة الجزاء المالي بينما يترتب على ارتكاب جرائم متعددة وجوب الجمع بين الجزاءات المالية و هكذا لا يمكن النطق بصدد جريمة واحدة إلا بغرامة واحدة و لو اجتمع على تنفيذها العديد من الأشخاص فاعلين و شركاء و مستفيدين من الغش ، أما الاستثناءات الواردة على هذا المبدأ فلا تعد أن تكون تأكيد له و هو ما نصت عليه المادة 316 ق.الجمارك ، حيث تتعدد الغرامات بتعدد المحكوم عليهم إذا كانت الجريمة المتابعين بها تتعلق بالمادتين 35 و 43 من قانون الجمارك .
    كما عبر القانون الجمركي صراحة على أنه ينطق بعدة غرامات إذا كان هناك تعدد للجرائم طبق لنص المادة 339 ق.الجمارك تقضي بأنه في حالة تعدد المخالفات أو الجنح الجمركية تصدر العقوبات المالية على كل مخالفة يثبت ارتكابها قانونا.
    و هذا ما ثبت من خلال القرار الصادر )[15]( حيث انه مادام قد ثبت أن الوكيل لدى الجمارك أهمل قيد عمليات جمركية في الفهرس الخاص بها و ذلك خلال 4 سنوات حيث عاين أعوان الجمارك السهو عن تسجيل 175 عملية فان عدد الخالفات المرتكبة يكون 175 مخالفة و في مثل هذه الحالة تصدر عن كل مخالفة عقوبة و يكون الحكم بغرامة تساوي مجموع العقوبات المقررة ل 175 مخالفة طبقا لنص المادة 339/02 ق.الجمارك
    كما كرس ق.الجمارك في شأن الجرائم الجمركية البحتة في حالة التعدد المعنوي إذ تقضي المادة 339/07 ق.الجمارك بأن كل فعل يقع تحت طائلة أحكام جزائية متميزة نص عليها هذا القانون يجب أن يفهم بأعلى درجة عقابية يحتمل أن تترتب عنه و هكذا إعتبر القضاء مثلا من قبيل التعدد المعنوي لجرائم جمركية تزامن جنحة مع مخالفة فإن عقوبة واحدة فقط يجب النطق بها و هي العقوبة الأشد .
    إلا أن الإشكال المطروح بخصوص الجنايات في حالة التعدد؟ فهل تطبق نفس القاعدة بخصوص الجمع في الغرامات الجبائية .
    ففي هذه الحالة ونظرا لحداثة الأمر وفي ظل غياب الممارسات القضائية نرى أنه لابد من تطبيق القاعدة الخاصة بجمع الغرامات الجبائية في حالة التعدد، لكون الهدف الأساسي هو تمويل الخزينة العامة.
    ثانيا:الجزاء الشخصي
    إن النطق بالجزاء الشخصي في الجرائم الجمركية يستوجب على القاضي تقدير الجزاء طبقا والقانون ،وذلك بإعمال سلطته التقديرية،غير أنه منذ صدور الأمر05/06 خرج عن القاعدة العامة، و ذلك بتشديد العقوبة ، و مدى تطبيق وقف تنفيد العقوبة.
    فبالنسبة لتشديد العقوبة جاء الأمر السابق الذكر بظروف خاصة، تـتمثل في الظروف الشخصية و، الظروف الواقعية ذات الصلة بالوقائع الخارجية تؤدي إلى تغليظ الجرم والتي وردت بالمادة 10 و المواد من 11إلى15 تتمثل في التعدد،إستعمال وسائل النقل وحمل السلاح الناري و تهريب الأسلحة، وإضافة إلى العود طبقا للقواعد العامـة.
    اما بالنسبة لوقف التنفيذ فهو تعليق تنفيذ العقوبة طبقا للشروط المنصوص عليها بالقانون العام،و متى توافرت شروط وقف التنفيذ طبقا للقاعدة العامة، يجوز تطبيق إجراء وقف التنفيذ على عقوبة الحبس المقررة للجنح الجمركية، بما فيها أعمـال التـهريب ، دون الغـرامـة و المصادرة المقررتين في المواد الجمركية اللتين تمتزج فيهما العقوبة بالتعويض المدني.

    الفرع الثاني: قواعد تنفيذ الجزاء الجمركي

    أولا:تحصيل الجزاء المالي الجمركي
    يتولد عن النطق بالجزاءات المالية الجمركية دين لصالح الخزينة يخضع تحصيله طبقا للمادة 293/01 ق.الجمارك من طرف إدارة الجمارك و هذا ما يشكل استثناء بالنسبة للمادة 597 من قانون الإجراءات الجزائية ، أما عن كيفية تحصيله فتخضع للقواعد العامة التي تطبق في مجال الديون الجبائية .
    حيث يخول القانون إدارة الجمارك العديد من الضمانات الخاصة و هكذا تستطيع هذه الإدارة قصد تحصيل أي دين جمركي واقع تحت امتيازها الرجوع ضد جميع المؤتمنين و كل المدينين بأموال تعود ملكيتها إلى الملزم بالدين و ذلك في حدود مبلغ الدين و المبالغ المستحقة على هؤلاء طبقا للمادة 298 ق.الجمارك .
    كما تتمتع إدارة الجمارك لنفس الغرض من جهة أخرى و بالنظر إليها كإدارة عمومية إمكانية متابعة المدنيين عن طريق إصدار الأوامر بالإكراه ضدهم و ذلك بمجرد ما يتسنى لممثليها المؤهلين إثبات أن مبلغا ما أصبح مستحقا لها طبقا للمادة 262ق.الجمارك كما لإدارة الجمارك عددا من الامتيازات التي تأخذ شكل تأمينات فلها حق امتياز عام على منقولات المدنيين كما لها حق توقيع الرهن على عقاراتهم طبقا للمادة 292ق.الجمارك .
    ثانيا :تطبيق نظام الإكراه البدني
    الإكراه البدني طريق تنفيذ يأخذ مظهر عقوبة سالبة للحرية إذ يتمثل في حبس المدين لإجباره على إظهار أمواله التي يحتمل أنه يخفيها و أداء ما عليه من دين ترتب في ذمته بمقتضى حكم جزائي و يمارس هذا الإجراء في القانون الجمركي وفق كيفيتين مختلفتين ، فإلى جانب الإكراه البدني المطابق للقواعد العامة يمكن أيضا ممارسة كيفية من الإكراه البدني الخاص بالقانون الجمركي كونه يخرج عن القواعد العامة و يمثل إحدى خصوصيات هذا القانون .
    فالإكراه البدني طبقا للقواعد العامة لا يمكن ممارسته إلا عند صيرورة الحكم بالإدانة حائزا لقوة الشيء المقضي به طبقا للمادة 597ق الإجراءات الجزائية ، و على خلاف ذلك يعرف قانون الجمارك كيفية خاصة من الإكراه البدني تمارس خارج هذه القواعد تماما و هو ما يعرف بالإكراه البدني المسبق فطبقا للمادة 299 ق.الجمارك " يحبس كل شخص حكم عليه لارتكابه عمل تهريب إلى أن يدفع قيمة الغرامات المالية الصادرة ضده، و ذلك بغض النظر عن كل استئناف أو طعن بالنقض إلا أن مدة الحبس لا يمكن أن تتجاوز المدة التي يحددها التشريع فيما يخص الإكراه البدني ".
    هكذا إذن و خلافا للقواعد العامة فهذا النوع من الإكراه البدني يطبق بالرغم من كون الحكم غير نهائي ، فلا يحيل تطبيق هذا الإكراه البدني إلى القواعد العامة إلا فيما يخص مدة الحبس .
    كما أن هذا النوع من الإكراه البدني المسبق لا يطبق إلا بصدد العقوبات المالية التي يحكم بها ضد مرتكبي أعمال التهريب و إن الخروج عن القواعد العامة في مثل هذا النظام يرجع إلى فكرة التشديد التي تبناها القانون الجمركي و أيضا ما تمليه مصلحة الخزينة (في تحصيل ديونها.
    ثالثا:الفـترة الأمنيـــة
    تعتبر الفترة الأمنية إجراء لم يعرفه القانون الجزائري من قبل، و كرسه في نص المادة 23 من الأمر 05/06 ، بحيث كانت الفترة الأمنية إجراء يميز المنازعة الجمركية ،إلى حين صدور تعديل قانون العقوبات بالقانون رقم 06/23 المؤرخ في 20/12/2006. الذي أصبح ينص طبقا للمادة 60 مكرر،60مكرر01 على الفترة الأمنية و جاء بتعريف لها طبقا للمادة 60مكرر على أنها : هي حرمان المحكوم عليه من تدابير التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة ، و الوضع في الو رشات الخارجية أو البيئة المفتوحة ،وإجازات الخروج، و الحرية النصفية و الإفراج المشروط.
    إلا أنه طبقا للأمر 05/06 المتعلق بمكافحة التهريب ،فالفترة الأمنية المنصوص عليها من أجل إرتكاب أفعال التهريب تختلف عما هو منصوص عليه بتعديل قانون العقوبات06/23 . هذا ما يشكل خروج عن القواعد العامة في تنفيد العقوبة المنصوص عليها من أجل إرتكاب أفعال التهريب .فطبقا لنص المادة 23 من الامر السابق الذكر تـطبق الفترة الأمنية على النحو الأتي:
    1/عشرين سنة سجن ،إذا كانت العقوبة المنصوص عليها هو السجن المؤبد.
    2/ثلثي العقوبة في جميع الحالات الأخرى .
    و ما يلاحظ على المشرع الجزائري لم يحصر الجرائم التي تطبق عليها الفترة الأمنية ،وإنما عمم تطبيقها لكافة جرائم التهريب.كما أنه لم يحدد طبيعة الحكم الذي يطبق فيه الفترة الأمنية .و إستند في تحديدها إلى العقوبة المنصوص عليها ، على خلاف القانون العام الذي يحددها طبقا للعقوبة المحكوم بها طبقا للمادة 60 مكرر/2، 3، 4 من القانون 06/23 المعدل و المتمم لقانون العقوبات.
    و هذا ما يجعل تطبيق الفترة الأمنية على جرائم التهريب،أمر عسير خاصة إذا إستفادة الجاني من ظروف التخفيف.و بالتعديل 06/23 لقانون العقوبات، الذي يسمح بالرجوع إلى القانون العام في تعريف لإجراء الفترة الأمنية،إلا أن التعارض في كيفية تطبيقهــا و في أحكامها يشكل خروج عن القواعد العامة مشكلا بذلك خصوصية من الخصوصيات تنفيذ الجزاء الشخصي الجمركي.

    الخاتمة :

    تناولت دراستنا خصوصيات المنازعات الجمركية من حيث المسؤولية و الجزاء محاولة منا لاستظهارها و الوقوف على مظاهر اختلافها و القانون العام. خلصنا من خلالها إلى أن المنازعة الجمركية تحكمها قواعد تخرج عن القواعد العــامة، و هذا ما هو إلا تكريسا و تفعيلا لهدفه الذي أعطى طابع الصرامة و التشديد على قواعده، والتي عجزت في بعض الحالات القواعد العامة في احتوائها.
    فمن خلال دراستنا خلصنا أن المشرع الجمركي في مجال المسؤولية إضافة إلى تبنيه القواعد العامة في قيامها من مبدأ المسؤولية الشخصية،إلا أنه وسع من مفهوم المسؤولية و نطاقها، و إستحدث مفاهيم جديدة تخرج عن المألوفة في القانون العام و المتمثلة في مفهوم المستفيد من الغش ، المسؤولية المترتبة على حيازة البضاعة و ممارسة نشاط مهني. كما أقر بقيام المسؤولية المدنية إضافة إلى المعروفة في القانون المدني ، تعرف المسؤولية المدنية في المجال الجمركي قواعد مميزة ، فتعرف المسؤولية الملقاة على المالك و الكفيل و الوكيل المعتمد لدىالجمارك.و في نفس الإطار يتخد قانون الجمارك أحكاما مميزة للتضامن. بحيث لا يقتصر على الجزاءات المدنية و إنما يمتد ليشمل الجزاءات الجمركية المالية .
    فالأصل أنها تقوم المسؤولية بتوافرالقصد الجنائي لدى الفاعل ، إلا أنه في المجال الجمركي يعرف ضعف الركن المعنوي في قيامها ، ذلك بتقرير المبدأ العام في نص المادة 281 من قانون الجمارك التي تعتبر أهم مبدأ في قيام المسؤولية الجنائية الجمركية ، و من أبرز خصوصياته عدم جواز في أي حال من الأحوال القضاء ببراءة المخالف بناءا على حسن النية .
    أما في مجال الجزاء ، عرف نوعا من الغموض سواء من حيث المضمون الذي لا يظهر خصوصية في ظاهره ، فالجزاء الجمركي لا يعرف نوع أخر من الجزاءات المقررة في القانون العام ،ففيما يخص العقوبات السالة للحرية عموما لا تجسد أي خصوصية إلا أنه بموجب الأمر 05/06 المتعلق بمكافحة التهريب شدد من ظروف قيام جريمة التهريب و بالتالي الطابع الصارم و المتشدد للعقوبة من خلال تبنيه لظروف التشديد خاصة به إضافة إلى المقررة في القانون العام و خضوع العقوبة إلى إجراء الفترة الأمنية .أما فيما يخص العقوبات المالية فتعتبر المجال الخصب في تجسيد خصوصيات الجزاء االجمركي،نظرا للطبيعة القانونية لها التي طرحت مجال واسع للنقاش إلى حد الساعة .
    بين كون الجزاءاءات الجمركية المالية دات طبيعة جزائية ، كونها تتقرر بمناسبة إرتكاب جريمة . و كونها تعويضات مدنية باعتبار لا يملك القاضي سلطة إعمال ظروف التخفيف عند النطق بها ، ويكون مقيد بطلبات إدارة الجمارك التي تقومها طبقا للبضاعة محل الغش ، او وسيلة النقل ، أو البضاعة التي تخفي الغش . و جانب يرى الطابع المزدوج للجزاءات المالية الجمركية .ومن ثمة تبرز خصوصية الجزاءات المالية الجمركية في إزدواجية طبيعتها القانونية ، و هدا ما يبرر خروج القانون الجمركي عن القواعد العامة في قيام النظام القانوني للجزاء الجمركي بحيث تبنى مبادىء القانون العام بشكل مضيق كما هو الحال في مبدأ التفريد القضائي للعقاب مستبعدا سلطة القاضي في تقدير الجزاءات المالية وتقيده في مجال الجزاء الشخصي بموجب الأمر 05/06 المتعلق بمكافحة التهريب . الدي عرف صرامة أكبر في حين كان عليه التخلي عن هدا النظام من أجل تحقيق التوازن بين الهدف الإقتصادي و الحقوق والحريات الفردية ، كما يجدر بالمشرع تحيين المادة 281 قانون جمارك وفق التعديل الأخير لقانون العقوبات بموجب القانون 06/23 . و إحالة إجراء الفترة الأمنية إلى القواعد العامة لتكون اكثر فاعلية .
    و مع أهمية بهدا المجال الواسع الدي عبر عنه بالشاطىء الصخري و المتجدد بشكل يوازي التطور الإقتصادي ، إلا أن االدراسات تقل فيه ، ومن أجل هدا يبقى المجال مفتوح أمام كل مبادرة للتعريف به.

    منقول

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 16, 2024 8:47 pm