أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
اعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين  580_im11 ENAMILS اعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين  580_im11

المواضيع الأخيرة

» مدونة القوانين الجزائرية - محدثة يوميا -
اعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين  I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed

»  شركة التوصية بالاسهم -_-
اعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين  I_icon_minitimeالجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin

» مكتبة دروس
اعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين  I_icon_minitimeالإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
اعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين  I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
اعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين  I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
اعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين  I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
اعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين  I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin

» بحث حول المقاولة التجارية
اعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين  I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl

» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
اعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين  I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique

» الدفاتر التجارية:
اعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين  I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma

ENAMILS


كتاب السنهوري


    اعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

    اعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين  Empty اعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين

    مُساهمة من طرف Admin الجمعة يوليو 19, 2013 5:35 pm



    اساليب و آليات اعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين

    مقدمــــة:

    لقد ظلت مسألة البحث عن الهدف و الغاية من توقيع العقاب ضد المجرمين و الجانحين محل اهتمام الفكــر البشري طوال عقود من الزمن. فبعد أن كانت العقوبة في العصور القديمة و الوسطى في التشريعات الوضعية شر يقابل شرا ، و أن المجتمع حين يوقع العقوبة فغايته في ذلك ليست حفظ كيانه فحسب بل لتحقيق فائدة في المستقبل أيضا ، إلى جانب أنها وسيلة لإعادة التوازن للمجتمع بعد إخلال الجريمة بقواعد السلوك و النظام الواجبة الاحتـرام و ردع للجاني و تخويف لغيره ، و أنها حسب التعاليم المسيحية تحقيق للمنفعة الاجتماعية مهما بلغت قسوتها ، إذ الجريمــة خطيئة تنطوي على عصيان لتعاليم الكنيسة في التسامح و الصفــح و العيش في سلام و العقوبة إصلاح لما اجتاح المجتمع من اضطراب بسبب الخطيئة ، و في أحكام الشريعة الإسلامية يرمي تطبيق العقوبة الشرعية إلى حمايـة المجتمع من الجريمة من خلال السعي إلى تكوين مجتمع الفضيلة و تكوين جماعة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكـر و المؤمن القوي الأمين و إعادة المجرم إلى حظيرة الإيمان من جهة ، و من جهة أخرى تهدف إلى تحقيق العدالة و القصــاص و ردع المجرم و زجر غيره.
    أخذت في العصر الحديث تبريرات مختلفة للغاية من توقيعها فظهرت عدة مدارس عقابية ، فمن فكــرة الردع العام و المنفعة الاجتماعية التي نادى بها الفلاسفة روسو و مونتسكيو و بيكاريا انطلاقا من إقرارهم و دفاعهــم عن مبدإ الشرعية في التجريم و العقاب الذي ينتقد النظم الجنائية السائدة آنذاك و التي تميزت بالقسوة ، إلى فكرة العدالة المطلقة و التدرج في حرية الاختيار بما يفيد الاهتمام بشخص الجاني في تحديد مسؤوليته و التي نادى بها هيجـل و كانت ، إلى فكرة الردع الخاص بإصلاح حال الجاني مستقبلا دون محاسبته عما مضى و التي نــادى بها لومبروزو و فيري و جاروفالو مادام أن الإنسان و نتيجة للعوامل العضوية و النفسية و للمؤثرات و العوامل الخارجية يكـون مجبرا على ارتكاب الجريمة ، و بالتبعية تستوجب إنزال تدبير احترازي لدرء الخطورة الكامنة في شخصه و هو تدبير يتجـرد من الإيلام الذي تتميز به العقوبة ، إلى فكرة الدفاع الاجتماعي التي نادى بها جراماتيكا و انسل و التي مفادها تأهيــل الشخص المنحرف بالشكل الذي يتكيف به مع الجماعة عن طريق انتزاع دوافـع الشر من نفسه و استعادته أخلاقيا و اجتماعيا ، و هذا استنادا إلى فكرة التضامن الاجتماعــي في تحمل المسؤولية عن الجريمة التي لم تعد مجرد واقعـة فردية يتحملها الجاني بمفرده ، بل ظاهرة اجتماعية يتحمل المجتمع قسطا من المسؤولية في وجودها لما فيه من ظـروف و متناقضات دفعت أحد أعضائه إلى السلوك المنحرف، لذا يقع واجب عليه بإعانة المحكوم عليه على إعـادة اندماجه في المجتمع (1).
    ــــــــــــــ
    (1) لمزيد من الايضاح انظر:
    د/ اسحاق ابراهيم منصور: موجز علم الإجرام و علم العقاب ، الطبعة الثانية ، 1991،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،ص 125 إلى 144.
    د/ محمد صبحي نجم : المدخل إلى علم الإجرام و علم العقاب ، الطبعة الثانية ، 1988 ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر ، ص 59 إلى 69.
    د/ فتوح الشاذلي : علم العقاب ، طبعة 1993 ، الإسكندرية جمهورية مصر العربية ، ص 42 إلى 80.
    أ/ احمد هبة : موجز أحكام الشريعة الإسلامية في التجريم و العقاب ، الطبعة الأولى ، 1985 ،عالم الكتب للنشر ، القاهرة ، ص 160 إلى 170.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    و قد أخذت معظم التشريعات الحديثة بمبادئ الدفاع الاجتماعي إلى درجة أن أنشأت علما قائما بذاته و هو علم العقاب ، يدرس بالجامعات و يهتم بدراسة الحكمة من فرض الجزاء الجنائي و تحديد افضل الطــرق و انسب
    الوسائل و الآليات لتنفيذ هذا الجــزاء، حتى يكون التنفيذ في ذاته محققا للغرض الذي يستهدفه المجتمع بمنع وقوع الجرائم أولا ، و تهذيب المجرم و إصلاحه و تقييمه حتى يكون أهلا للاندماج في المجتمع بعد ارتكاب الجريمة ثانيا.
    و التشريع الجزائري واحد من هذه التشريعات ، حيث تبنى بصفة صريحة نظام إصلاح المحكوم عليهم و إعادة تربيتهم و تكييفهم الاجتماعي بموجب الأمر 72/02 المؤرخ في 1972.02.10 المتضمن قانون تنظيم السجـون و إعادة تربية المساجين (1) ، إذ نصت المادة 01 /01 منه على "إن تنفيذ الأحكام الجزائية وسيلة للدفاع الاجتماعي و هو يصون النظام العام و مصالح الدولة و يحقق أمن الأشخاص و أموالهم و يساعـــد الأفراد الجانحين على إعادة تربيتهم و تكييفهم بقصد إعادة إدراجهم في بيئتهم العائلية و المهنية و الاجتماعية".
    كما وضع اليات لتنفيذ هذه السياسة العقابية تحت عنوان مؤسسات الدفاع الاجتماعي في الفصل الثاني من البـاب الأول من الأمر المذكور تتمثل في لجنة التنسيق و قاضي تطبيق الاحكام الجزائية.

    و نظرا لان امر 72/02 لم يعد قادرا على التجاوب مع المعاملة العقابية الحديثة و عدم توفره على الاليات المناسبـة لضمان تطبيق انظمة اعادة التربية ، تم إلغاؤه بموجب القانون 05/04 المتضمن قانون تنظيم السجـــون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين (2) و الذي أكد على النهج الذي انتهجه المشرع الجزائري في ظل الامر الملغــى فيما يخص الاخذ بمبادئ الدفاع الاجتماعي لتبرير توقيع العقاب و تضمن احكاما جديدة مستوحاة من الانعكاسات التي افرزتها البيئة الدولية في السنوات الاخيرة لاسيما من ضرورة التكفــل بحقوق الإنسان و الارتقاء بها الى مستويات مثلى و التي تضمنتها الاتفاقيات و المعاهـدات الدولية ذات الصلة بوضع نظام ناجع يضمن اعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين.
    و على صعيد الهياكل و الموارد البشرية و تجسيدا لسياسة إعادة الإدماج الاجتماعي للمساجين ، تم إطلاق برنامج بناء مؤسسات جديدة مصممة بما يتفق و المعايير المطلوبة في مجال حقوق الإنسان بطاقة استيعاب تتســع إلى 36000 مكان احتباس إضافة إلى إعادة تكييف برنامج تكوين موظفي إدارة السجون بما يتماشى و متطلبات المعاملة العقابيـة
    الحديثة في إطار عصرنة التسيير الإداري و المالي للمؤسسات العقابية و ترقية النشاطات التربوية و الصحية و النفسيـة للمحبوسين قصد تحضيرهم لإعادة إدماجهم اجتماعيا.
    ــــــــــــــ
    (1) أمر 72/02 المؤرخ في 1972.02.10 المتضمن قانون تنظيم السجون و إعادة تربية المساجين ، جريدة رسمية عدد 15 لسنة 1972.
    (2) قانون 05/04 المؤرخ في 2005.02.06 يتضمن قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين ، جريدة رسمية عدد 12
    لسنة 2005.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    و قد ارتأينا الخوض في موضوع بحثنا هذا المتمثل في السياسة العقابية الحديثة التي تبناها المشرع الجزائري في ظـل قانون 05/04 انطلاقا من:
    - حداثة الإصلاحات المنتهجة و التي تم إثراؤها بمجموعة من التدابير و الصيغ و الآليات الجديدة.
    - نقص الكتابات و المؤلفات في التعريف بالسياسة العقابية الجديدة التي من شانها الدفع بوتيرة تفتح قطاع السجون على مختلف فعاليات المجتمع.
    و هذا من خلال التطرق إلى مختلف الأساليب و الآليات التي جاء بها المشرع بغرض إعادة إدماج المحبوسين في أحضان المجتمع في ظل القانون الجديد ، مع إضفاء نوع من المقارنة بينها و بين الأساليب و الآليات المنصوص عليها بالأمـر 72/02 الملغى ، و هذا من خلال الإجابة على الإشكاليات التالية:
    - ماهي أساليب المعاملة العقابية المطبقة في الوسط المغلق و خارجه؟
    - ماهي الأنظمة و الآليات المستحدثة للتجسيد الحقيقي لسياسة إعادة الإدماج؟
    مع تدعيم بحثنا بالإجراءات المتخذة و الإحصائيات المسجلة في هذا الميدان من قبل وزارة العدل للإجابة عن إشكالية اكبر و هي مدى فعالية و كفاية الأساليب و الآليات المعتمدة في تحقيق الغرض المنشود.
    و بناء على ما سبق سوف، نتناول في هذا البحث أساليب و آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمساجين في ظل القانون 05/04 وفقا لما يلي:
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    الفصل الأول:أساليب إعادة التربية و الادماج الاجتماعي للمحبوسين
    لقد نظم المشرع الجزائـري أساليب و طرق اعادة التربية و الادماج الاجتماعي للمساجين في الباب الرابـع من قانون 05/04 و قسمها الى مرحلتين : اعادة التربية في البيئة المغلقة أي داخل المؤسسة العقابية ، و إعادة التربية خارج البيئة المغلقة باعتماد وسائل تختلف باختلاف مرحلة الاحتباس ، و جعلها تخضع لرقابة هيئات قضائية تسهـر على متابعتها و دعم اليات اعادة تربية المحبوسين لادماجهم اجتماعيا. لذا سنتطرق في هذا الفصـل إلى إبراز أساليب إعادة التربية و الادماج الاجتماعي في كل بيئة.

    المبحث الأول:أساليب إعادة التربية و الادماج الاجتماعي في البيئة المغلقة.
    تتنوع أساليب إعادة التربية و الإدماج الاجتماعي للمحبوسين في الوسط المغلق الذي يشمل مجموعـــة مؤسسات نص عليها المشرع الجزائري في قانون تنظيم السجون الجديد، لذلك سنتطرق إلى تبيان مؤسسات البيئة المغلقة في مطلب أول ، ثم نعدد مختلف الأساليب المنتهجة في مطلب ثان.
    المطلب الأول: مؤسسات البيئة المغلقة.
    لم يعرف المشرع الجزائري مؤسسات البيئة المغلقة و إنما ذكر بعض مميزاتها من خلال نص المـادة 25/3 من القانون 05/04 بقوله " يتميز نظام البيئة المغلقة بفرض الانضباط و باخضاع المحبوسين للحضور و المراقبة الدائمة "، كما انه تطرق الى تصنيفها بموجب المادة 28 و ما يليها الى مؤسسات و مراكز متخصصة.
    أما علماء العقاب فقد عرفوها بانها سجون مرتفعة الاسوار بشكل ملحوظ ، قاتمة الالوان ، تعتمد نظام الحراسـة المشددة و المكثفة في الداخل و الخارج ، تكون معاملة المساجين فيها قاسية و حريتهم مسلوبـة تماما مع إخضاعهم للجزاءات التأديبية في حالة اخلالهم بنظام الاحتباس (1) على اساس ان الراي العام لازال ينظر الى مرتكبي الجرائم على انهم أفرادا خطرون مما يلزم عزلهم عن المجتمع تفاديا لاضرارهم و ردعا لهم (2).أما في العصر الحديث فـان نظام البيئة المغلقة يعد اسلوبا من اساليب المعاملة العقابية يهدف اساسا الى تحقيق اعادة التاهيل الاجتماعي للمساجين باخضاعهم الى طرق علاجية داخلها.
    على أن هذا النظام لا يعزل المحبوسين عزلا تاما عن العالم الخارجي بل قرر لهم حق الزيارات و المحادثة ، حق المراسلات ، حق الحصول على الجرائد و الطرود و النقود الضرورية لاستهلاكهم الشخصي (3).
    ــــــــــــــ
    (1) د/ اسحاق ابراهيم منصور : المرجع السابق ، ص 180.
    أ/ طاشور عبد الحفيظ : دور قاضي تطبيق الأحكام القضائية الجزائية في سياسة إعادة التأهيل الاجتماعي في التشريع الجزائري، طبعة 2001،
    ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر، ص 93.
    (2) أ/ محمد صبحي نجم: المدخل إلى علم الإجرام و علم العقاب، المرجع السابق ، ص 76.
    (3) المواد من 57 الى 79 من قانون 05/04.
    الفصل الاول: اساليب اعادة التربية و الادماج الاجتماعي للمحبوسين
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    و قد صنف المشرع الجزائري مؤسسات البيئة المغلقة الى صنفين : (1)
    - المؤسسات و تشمل مؤسسة الوقاية ، مؤسسة اعادة التربية ، و مؤسسة اعادة التاهيل.
    - المراكز المتخصصة و تشمل مراكز متخصصة للنساء و مراكز متخصصة للأحداث.
    و نظام البيئة المغلقة هو اكثر الانظمة العقابية استعمالا في النظام العقابي الجزائري ، و مرجع ذلك النسبة العالية للعقوبات القصيرة المدة التي تصدر عن المحاكم الجزائية سنويا و التي لا يمكن معها تسطير علاج عقابي يتماشى و المفهوم المتعارف عليه لهذه العملية (2).
    و قد نظمت وزارة العدل ندوة وطنية لاصلاح العدالة يومي 28 و 29 مارس 2005 على شكل ورشات أهمها ورشة إصلاح المنظومة العقابية و الـتي أوصت في ختام اشغالها ببناء مؤسسات عقابيـة وفق المعايير الدولية الحديثة تضمن الظروف الانسانية للاحتباس و اعداد خريطة عقابية تراعي نشاط الجهات القضائية و الجانب الديمغرافي و تصنيف المساجين و اخراج السجون من الوسط العمراني (3).
    المطلب الثاني: الرعاية النفسية و الاجتماعية و الصحية للمحبوسين.
    الفرع الاول: الرعاية النفسية.
    هناك مجموعة أمراض نفسية تصيب الفرد في قواه النفسية كالغرائز و العواطف و تؤدي الى انحراف نشاطها على نحو غير طبيعي يصل الى حد ارتكاب الجرائم.
    و حسب علماء علم الاجرام ، فحالات الشذوذ النفسي التي لها صلة وثيقة بالاجرام تجعل من الفرد غير قادر على التحكم في غرائزه و يتميز بسلوك اجتماعي منحرف ، بحيث يرتكب اعمالا عدائية للمجتمع (4).
    و في داخل السجن تنشأ علاقات إنسانية عميقة بين المساجين انفسهم ، او بينهم و بين الاعوان ، و بذلك يلعب السجن دورا هاما في اعادة بعث المهارات النفسية في نفوس المساجين و منها مهارة الاتصال التي تساعدهم على حل او تجنب المشكلات النفسية الناجمة عن الجو المغلق الذي تفرضه ظروف الاحتباس ، مما يساعــد على تنمية قدرات السجناء العقلية التي تساعدهم في اعادة الاندماج مستقبلا في المجتمع.
    و لاجل تحقيق ذلك ، فقد تم تعيين مختصين في علم النفس في كل مؤسسة عقابية تطبيقا لنـص المادة 89 من قانون 05/04 و هذا لاجل الاتصال بالمساجين ، و قد حددت المادة 91 دور الأخصائي في علــم النفس و المتمثل في التعرف على شخصية المحبوس و رفع مستوى تكوينه العام و مساعدته على حل مشاكله الشخصية و العائلية و ذلك من خلال الاتصال بالمساجين داخـل القاعات أو الفناءات أو في أي مكان يتواجدون به حيث يلاحظهم عن قرب و يتحدث معهم او عن طريق اللقاءات الفردية بمكتب الفحص و العلاج.
    ــــــــــــــ
    (1) المواد من 28 الى 32 من نفس القانون.
    (2)أ/ طاشور عبد الحفيظ : المرجع السابق ، ص 93.
    (3) مجلة رسالة الادماج: المديرية العامة لادارة السجون و اعادة الادماج، العدد الثاني لسنة 2005، دار الهدى للطباعة و النشر، ص 17.
    (4) د/ إسحاق إبراهيم منصور: المرجع السابق، ص 49.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    فالسجين يتخـــذ في السجن عدة مظاهر للتعبير عما يختلج في نفسه سواء باللفظ كالثرثرة و النميمة و التلفيـق ( عن طريق مخالطة المساجين الجدد الذين يزودونه باخر اخبار العـالم الخارجي ، أو عن طريق الاتصال بمن سبقه الى السجن و الذين يزودونه باخبار العالم الداخلي فيتخلـــى عن الصفات الشخصية و الطبائـع الذاتية و يذوب في
    الشخصية الجماعية الجديدة بالتقليد ) ، و سواء بالكتابة اين يجد السجين مخرجا للتنفيس عن حياته الماضية او معاناته الحالية و عواطفه فيسلمها الى الاخصائي النفساني قصد الاطلاع عليها او يحتفظ بها لنفسه ، و قد يعبر السجــين بالكتابة شاكيا لمدير السجن او لاي موظف مختص و حتى للمنظمات الوطنية و الدولية الصعوبات التي يعاني منهـا داخل السجن ، و في حالات اخرى يقوم بالخربشة على الطاولات و الكراسي و المراحيض و الفناءات لتمرير رسائل معينة كالوشاية بمسجون او باحد الحراس أو لتحديد مواعيد مشفرة و اشارات غرامية.
    كما قد يتخذ السجين وسائل اخرى للتعبير كالاضراب عن الطعام محاولا جلب انظار مسؤولي السجن و السلطات القضائية لمشاكله و التاثير عليهم للاسراع في اتخاذ اجراء معين لصالحه ، و قد يلجأ الى تشويه جسمه و محاولـــة الانتحار كرسالة انذار لحالة الياس التي يعيشها.
    اضافة الى كل ما سبق ، هناك انماط اتصال اخرى تصدر عن السجين تساعد الاخصائي النفساني على مراقبة و معرفة مرجعية سلوكــه كالتعابير و الارتسامات الوجهية مثل الضحك و الحزن ، و حركات اليد كالرفـض و الوداع و استعمال الحيز المكاني كالمكوث في مكان واحد مدة طويلة و حتى انخفاض و ارتفاع الصوت و الاهتمام بالنظافة او التفريط فيها ، فهي كلها دلالات لحالات نفسية يريد السجين من وراءها الحصول على العلاج المناسب.
    و الأخصائي النفساني لنجاح مهمته يعتمد على مجموعة مهارات من خلال اتصاله بالمساجين و هي تتمثل في1)
    - مهارات الاتصال اللفظي: و يتم بمكتب الفحص و العلاج حيث تكون للمسجون كامــل الحرية في التعبير عن مشاعره و افكاره و تطلعاته ، أين يقوم الأخصائي النفساني بالاستماع إليه باهتمام و اعطائه الاعتبار اللازم من خلال التشجيع احيانا و التوجيه احيانا اخرى ، و تزويده بصورة عن التصرفات الواجب التقيد بها اتجاه المجتمع محاولا بذلك تغيير فكرة شخصية المجرم التي يحملها عن نفسه و التي نمت لديه داخل السجن ، مما يبعث ثقة لديه تؤهله للتاقلم بدون مشاكل و لا عقد نقص اتجاه الاخرين و تساهم في اعادة اندماجه في المجتمع.
    - مهارات الاتصال الجسمي: و تقوم على وضع السجين في حالة استرخاء تام فوق اريكة و دعوته للتخلــي عن الأفكار المزعجة و المقلقة ، حتى يتم إدخال أفكار سارة في تفكير المسجون بالاستعانة بالصـور الجميلة و الموسيقى المريحة مع قيام الاخصائي بتمرير يده من حين لاخر على جبهته او يديه لتحسس الحرارة المتدفقة اليها.
    - مهارة الاتصال الجماعي :حيث يقوم الاخصائي النفساني باصطحـاب سجين أو أكثر لحضور الخطب و الدروس الدينية التي يلقيها إمام منتدب من طرف مديرية الشؤون الدينية داخل السجن بما يساعدهــم على تحسين سلوكهم و الالتزام بتعاليم دينهم في السجن ، كما يقوم بزيارات إلى مختلف أجنحة السجن للوقوف على المشاكـل الشخصية ــــــــــــــ
    (1) أ/ امزيان وناس : دور الأخصائي النفساني بالوسط العقابي ، مقال منشور بمجلة رسالة الإدماج ، العدد الثاني: المرجع السابق ، ص28.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    و الاجتماعية للمساجين من خلال محاورتهم و مشاركتهم بعض الألعاب و الجلوس معهم في الفناء و في اوقات تناول الوجبات الغذائية فيحاول خلق جو من التآخي و التفاهم بينهم. و بالنسبــة للمساجين الطلبة و الممتهنين ، يعمل الأخصائي على تزويدهم بنصائح تخص كيفية مراجعة الدروس و الاستفادة منها و التحضير للامتحانات دون خوف،
    كما يقوم بالاتصال بأهالي المساجين خلال محادثتهم فيتعرف على طرق التعبير لدى المساجين من محيطهـم الأصلي و كذا سلوكهم امام اوليائهم فيقدم لهم بعض التوجيهات اللازمة التي تخدم المسجـون أثناء تأدية عقوبته.
    - مهارات الاتصال عن بعد: حيث يتم إصدار مجلة تحت إشراف الأخصائي النفساني تسمح للمساجين المساهمة فيها بكتاباتهم ، كما يعمل الأخصائي على تنشيط حصص تبث عبر الإذاعة الداخلية للمؤسسة العقابية أين يقدم خطابات مباشرة أو مسجلة توجه للمساجين الذين يمكنهم متابعتها على شاشة التلفـاز أو الراديو مباشرة من السجن.
    و من بين الاحكام الجديدة التي تضمنها قانون 05/04 النص على وجوب استفـــادة المحبوسين من الفحص النفساني عند الدخول و الخروج من المؤسسة ( المادة 58 ).
    الفرع الثاني: الرعاية الاجتماعية.
    تعتبر الرعاية الاجتماعية عنصرا من اهم عناصر البرامج التاهيلية للمساجين لذلك حرص المشرع الجزائري على تعيين مساعدات و مساعدون اجتماعيون في كل مؤسسة عقابية ( المادة 89 ) يشكلون مصلحة مستقلة تعمل على ضمان المساعدة الاجتماعية للمساجين و المساهمة في تهيئة و تسيير اعادة ادماجهم الاجتماعي ( المادة 90 ).
    و يكمن دور المساعدون الاجتماعيون في دراسة مشاكل المساجين الاسرية و المادية و الاستعلام حولها منذ لحظة دخولهم السجن خاصة و ان المسجون قد يترك وراءه اسرة تقتات من جهده و تحيا لمجرد وجوده بينها فيحاولون إيجاد الحلول المناسبة لها و اخطاره بها فترتاح نفسيته و ينقاد للنظام و التاهيل بنفس مطمئنة (1).
    و حسب الأستاذ بطاهر تواتي فان طرق تطبيق المساعدة الاجتماعية يكمن في ضمان الصلة بين المؤسسات العقابية و مختلف المؤسسات الاجتماعية الخارجية من جهة ، و من جهة اخرى بين المحبوسين و الادارة العقابيـــة "dans les modalités d’exécution l’assistance sociale assure la بقوله و عائلاتهم liaison et facilite la collaboration ,d’une part, entre les établissements dans lesquels elle est engagée et les différents services sociaux extérieurs d’autre part , entre les détenus et l’administration pénitentiaire ainsi que leurs famille et , enfin , sous sa réspensabilite , entre ces derniers et les services sociaux locaux (2).
    على أن يوضع المساعدون الاجتماعيون تحت سلطة المدير و يباشرون مهامهم تحت رقابة قاضي تطبيق العقوبــات ( المادة 89 ).
    ــــــــــــــ
    (1) د/ فتوح الشاذلي: المرجع السابق ، ص 272.
    (2) Bettahar Touati : organisation et système pénitentiaires en droit algerien , 1ere édition ,
    office national des travaux educatifs , 2004 , p 46.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    كما يعمل الأخصائيون الاجتماعيون على تنظيم اوقات الفراغ للمحبوسين حتى لا يسقطون في فـخ الاستسلام لماضيهـم الأسود ،و بالتالي اليأس من التغيير في حالتهم و التفكير في إيذاء أنفسهم أو المحيطين بهم.
    على أن الرعاية الاجتماعية تعتمد على وسيلة أخرى لها من الفعالية ما يساعد على تأهيل المسجونين تتمثل في كفالة الاتصال الخارجي بين المحبوس من جهة ، و أفراد أسرته و أصدقائه و بالمجتمع ككل من جهة اخرى نظرا لما له من تأثير ايجــابي على نفسية المحبوس و يتم ذلك بـ:
    - السماح بالزيارات و المحادثة : حيث تمنح تراخيص للآخرين لزيارة المحبوسين المحكوم عليهم نهائيا أو مؤقتا داخل المؤسسة العقابية و قد جاء القانون 05/04 باحكام جديدة في هذا المجال دعما لحقوق المحبوسين و أنسنة المعاملــة و ذلك بـ :
    * توسيع قائمة الأشخاص المستفيدين من الترخيص بالزيارة إلى غاية الدرجة الرابعـة للأصول و الفروع، و الدرجة الثالثـة للاصهار.
    * الترخيص للجمعيـات الإنسانية و الخيرية و رجال الدين بزيارة المحبوسين متى تبين أن في زيارتهم فائــدة لإعادة إدماجهم ( المادة 66/2،3).
    * إجراء المحادثة بين المحبوس و زائريه دون فاصل من اجل توطيد أواصر العلاقات العائلية للمحبوس من جهة ،و إعادة إدماجه اجتماعيا أو تربويا من جهة اخرى ( المواد 50 ، 69 ، 119).
    * الترخيص للمحبوسين بالاتصال بعائلاتهم بمناسبة التحويل أو المرض أو البعد و ذلك باستعمال وسائل الاتصال عن بعد ( المادتين 72 ،119 ).
    * تمكين المحبوس من الممارسة الكاملة لحقوقه الشخصية و العينية في حـدود أهليته القانونية و ذلك بتلقيه زيــارة الأشخاص المؤهلين و استيفاء الاجراءات الادارية التي يفرضها القانون ( المادة 67 ).
    * كما تضمن القانون الجديـد أحكاما أكثر مرونة للتكفل بفئتي الأحداث و النساء في مجال الرعاية الاجتماعية، فإلى جانب اعتماد نظام الزيارات دون فاصل ( 50 ، 119 ) نص في المادة 125 منه على صلاحية مدير مركـز إعادة تربية و إدماج الأحداث أو مدير المؤسسة العقابية في منح الحدث المحبوس أثناء فصل الصيف إجازة لمدة ثلاثين ( 30) يوما، يقضيها عند عائلته أو بإحدى المخيمات الصيفية أو مراكز الترفيه و اشترط فقط اخطار لجنة اعادة التربية دون أخذ رأيها كما كان في ظل الامر الملغى ، كما رفع مجموع مدد العطل الاستثنائية إلى 10 أيام بدلا من 07 في كل ثلاثة أشهر التي كانت سابقا ، و في هذا الإطار نظمت عطلة صيفية لفائدة عدد من المحبوسين الأحداث لمدة 09 أيام خلال صيف 2005 بغابة مسيلة بوهران أشرفت عليه الكشافـة الإسلامية الجزائرية (1) ، في حين نصت المادة 50 على جعل المحبوسة الحامل تستفيد من ظروف احتباس ملائمة و حال وضعها لحملها تسهـر إدارة المؤسسة العقابية بالتنسيق مع المصالح المختصة بالشؤون الاجتماعية علـى إيجاد جهة تتكفل بالمولود و تربيته ( المادة 51).
    ــــــــــــــ
    (1) مجلة رسالة الإدماج: العدد الثاني، المرجع السابق ، ص 48.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    - اعتماد نظام المراسلات : بتبادل الرسائل بين المحبوسيـن و أقاربهم أو أي شخص اخر و العكس شريطة ألا يخل ذلك بأمن المؤسسة العقابية أو بإعادة تربية المساجـين و إدماجهم في المجتمع ( المادة 73 ) ، و الهدف من كل ذلك الحفاظ على روابط الاتصال بين المحبوس و محيطه الخارجي فلا يحس بالوحـدة و انقطاعه عن أخبار أقرب الناس إليه خاصـة و أن نظام الزيارات مقتصر على فئة معينة لا تشمل كل معارف المحبوس و أصدقائه ،و يدخل في هذا النظام الحق في تلقي الحوالات البريدية او المصرفية و الطـرود و الأشياء التي ينتفع بها المحبوس في حدود النظام الداخــلي للمؤسسة العقابية و تحت رقابـة إدارتها ( المادة 76 ).
    على أن للمحبوس الحق في تقديم شكوى و تظلم عند المسـاس بأي حق من الحقوق السالفة الذكر إلى مدير المؤسسة العقابيـة لاتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة في شأنها ، مع تقييـد حق المدير في الرد على هذا التظلـم خلال 10 أيام مـن اتصاله به تحت طائلة إخطار قاضي تطبيق العقوبات مباشرة من طرف المحبوس.
    و في المقابل قد يتم الحد من حق مراسلة المحبوس لعائلته لمدة لا تتجاوز شهرين على الأكثر أو الحد من الاستفادة من المحادثة دون فاصل و من الاتصال عن بعد لمدة تتجاوز شهرا واحدا أو المنع من الزيارة لمدة لا تتجاوز شهر واحد فيما عدا زيارة المحامي ، متى أخل المحبوس بالقواعد المتعلقة بسير المؤسسة العقابية و نظامها الداخلــي و أمنها و سلامتها أو اخل بقواعد النظافـة و الانضباط داخلها ( المادة 83 ).
    الفرع الثالث: الرعايـة الصحيـة.
    لقد كفل المشرع الجزائري الرعاية الصحية لكل محبوس منذ دخوله للمؤسسة العقابية إلى غاية الإفراج عنه خاصة متى كان المرض هو العامل الذي كان له اثر في انحراف المجـرم ، إذ تنص المـادة 61 من قانون 05/04 على وضع المحبوس المحكوم عليه الذي ثبتت حالة مرضه العقلـي أو الذي ثبت إدمانه على المخدرات أو المدمن الذي يرغب في إزالة التسمم بهيكـل استشفائي متخصص لتلقيه العلاج.
    و الرعاية الصحية تتناول جانبين: الوقاية و العلاج.
    أولا- الوقاية: يقـال أن الوقاية خير من العلاج لذا حرص المشرع الجزائري من خلال قانون 05/04 على النص على مجموعة من الأحكام للحيلولة دون إصابة المحكوم عليهم بالأمراض سواء المتنقلة أو المعدية تشمل قواعد الصحة و النظافة داخـل أماكن الاحتباس سواء تعلـق الأمر بالهيكل المادي للمؤسسات العقابية أو بالمساجين.
    أ- الهيكل المادي للمؤسسات العقابية:
    يجب أن تقام مباني المؤسسة العقابية على حسب أصول الفن الهندسي بحيث تشمل أماكن مخصصة للعمـل و أخرى للتعليم و الترفيـه و أخرى للنوم بشكل يجعلها معرضة للشمس و الهواء الطلق و مزودة بالكهرباء ، مع تخصيص أماكن لدورات المياه يقضي فيها المساجين حاجاتهم.
    و مع ذلك أضاف المشرع أحكاما أخرى تساهم في دعم الرعاية الصحية داخل هذه المؤسسات ، إذ وضع التزاما على عاتق طبيب المؤسسة العقابية أن يتفقد مجموع الأماكن بها و يخطر المدير بكل معاينة للنقائص أو كــل الوضعيات التي من شانها الإضرار بصحة المحبوسين (1) و هـذا لاتخاذ التدابير الضرورية للوقاية من ظهور و انتشـار الأوبئة أو الأمراض المعدية حتى و إن اقتضى الأمر التنسيـق مع السلطات العمومية المؤهلة (2) ،كما اخضــع كل المؤسسات العقابية و المراكز المتخصصة بالنساء و المراكز المتخصصة للأحداث إلى مراقبة دورية (3) يقوم بها القضـاة و حتى الوالي مع إعداد تقارير تقييمية لسير هذه المؤسسات توجـه إلى وزير العدل بما فيها مدى توفر شروط الرعاية الصحيـة داخلها.
    على أن المحافظة على نظافة أماكن الاحتباس جعل منها المشرع الجزائري واجبا من واجبات المحبوسين لأنهـا شرعت لأجلهم بالدرجة الأولى ، لذلك نص علـى أن يعين في كل مؤسسة عقابية محبوسين للقيام بالخدمة العامة من أجل المحافظة على النظافة مع مراعاة الظروف الصحية لهم (4)، تحت طائلة تعرض المحبوس للعقوبات التأديبية المنصوص عليها في المادة 83 من قانون 05/04 في حالة الإخلال بقواعد النظافة بأعمال مختلفة تشمل الأماكن و صيانة المباني و نظافة المطابخ و الساحـات و الأماكن المشتركة.
    ب- نظافة المحبوس و تغذيته:
    تشمل نظافة المحبوس جسمه و ملابسه لذا يجب على كل مؤسسة عقابية توفير الإمكانيات اللازمة لمتابعة ذلك من ماء ساخن و صابون و استحمام و حلاقة شعر و قص للأظافر على أن يتاح للمسجون الانتفاع بها بشكل دوري ، كما يجب تزويد المساجين بملابس ملائمة للظـروف المناخية صيفا و شتاء و تختلف باختلاف نوع العمـل الذي يكلفون به ( العمل في الورشة ، المطبخ ، الرياضة ، التعليم ...) ، و ذلك بهدف عدم إشعار المحبوس بالاحتقار و رفع معنوياته باستمـرار إلى جانب الحفاظ على صحته.
    و في مجال الوقاية من الأمراض نصت المادة 58 من قانون 05/04 على ضـرورة فحص المحبوس من طرف الطبيب عند دخوله الى المؤسسة العقابية و عند الافراج عنه و كلما دعت الضرورة لذلك ، و هذا لتشخيـص حالته و اتخـاذ الإجراءات اللازمة التي تحول دون تعرض المحبوس لمرض ما أو تقديم العلاج المناسب إذا ما تبين أن المحبوس يعـاني أعراضا صحية معينة.
    و في نفس الإطار أعفى المشرع الجزائـري من خلال نص المادة 48 المحبوس مؤقتا من العمل باستثناء العمل الضروري للحفاظ على نظافة أماكن الاحتباس و من ارتداء البذلة الجزائية بعد اخذ راي طبيب المؤسسة العقابية، كما أوقف تنفيذ إجراء الوضع في العزلة كتدبير تأديبي ضد المحبوس على ضرورة استشارة الطبيب و الأخصائي النفسـاني للمؤسسة العقابية و في حالـة اتخاذ هذا الإجراء يظل المحبوس محل متابعة طبية مستمرة ( المادة 85 ).
    ــــــــــــــ
    (1) المادة 60 من قانون 05/04.
    (2) المادة 62 من نفس القانون.
    (3) المادة 33 و ما بعدها من نفس القانون.
    (4) المادتين 80 و 81 من نفس القانون,
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    و إذا كان المحبوس امرأة حامل فإن رعايتها الصحية تتطلب اهتماما من نوع خاص لاسيما من حيث التغذية المتوازنة و الرعاية الطبية المستمرة ، فلا تكلف بأعمال شاقة ترهقها أو تضعف مقومات تكوين الجنين تكوينا سليما، و في حالة الوضع تسهـر إدارة المؤسسة العقابية على إيجاد جهة تتكفل بالمولود و تربيته بالتنسيق مع المصالح المختصة بالشؤون الاجتماعية ، و في حالة تعذر ذلك يسمح للمرأة بالاحتفاظ بمولود ها معها إلى غاية بلوغه ثلاث سنوات مع إحاطتها بظـروف احتباس ملائمة ( المادتين 50 و 51 ).
    و يدخل كذلك في مجال الرعاية الصحية للمسجون من الناحية الوقائية توفير الغذاء الملائم له حسب سنه (1) و حالته الصحية و نوع العمل الذي يؤديه حتى لا يصـاب بأمراض نقص التغذية تجعله يعجز عن القيـام بواجباته ، و يسهر طبيب المؤسسة العقابية على مراقبة نوعية الغذاء المقدم للمساجين في إطار مهام مراعاة قواعد الصحة داخـل أماكن الاحتباس.
    ثانيـا- العـلاج: و يكون في مرحلة لاحقة على الوقاية ببيان الوسائل الواجب اتخاذها إذا ثبت المــرض أو وقعت الإصابة به فعلا ، و نظرا لأن العلاج الطبي حق من حقوق المساجين تلتزم به الدولة فقد نص المشرع الجـزائري في المادة 57 من قانون 05/04 على أن يستفيد المحبوس من الخدمات الطبية في مصحة المؤسسة العقابية و عند الضرورة في أي مؤسسة استشفائية اخرى.
    و ذهب المشرع إلى أبعد من ذلك حينما نص على وجوب إخضاع المحبوس الرافض للعلاج للعلاجات الضرورية تحت مراقبة طبية مستمرة إذا أصبحت حياته معرضة للخطر ( المادة 64/3 ) ، لأن رفض العلاج في نظره مرده الحالة النفسية السيئة التي يعيشها المحبوس إلى درجة التفكير و العمل علـى الإضرار بنفسه ، و قد تم إبـرام اتفاقية بتاريخ 1997.05.13 بين وزارة العدل و وزارة الصحة و السكان بخصوص التغطية الصحية الشاملـة على مستوى المؤسسات العقابية ( 2) بما فيها تكوين و هيكلـة الأطباء و الممرضين العاملين بأماكن الاحتباس.
    و من الناحية الإدارية يتولى الطبيب فتح ملف طبي لكل سجين مريض يسجل فيه كل المعلومات الطبية الخاصة به لاسيما تاريخ الفحص، تاريخ الشفـاء، تحويل المحبوس لتلقي العـلاج خارج المؤسسة العقابية و عزله عن باقـي المساجين.
    و بالنسبة للنساء المحبوسات الحوامل نصت الاتفاقية على أن عملية الوضع تتـم إجباريا بالمصحات العامة.
    في حين إذا ثبت وجود محبوس يعاني من مرض عقلي أو مدمن على المخدرات أو أن مدمنا يرغب في إزالة التسمم فإنه و حسب نص المادة 61 يتعين وضعه بهيكل استشفائي متخصص لتلقي العـــلاج.
    ــــــــــــــ
    (1) إذ تنص المادة 119 من قانون 05/04 على أن يستفيد الحدث المحبوس من وجبة غذائية متوازنة و كافية لنموه الجسدي و العقلي.
    (2) Bettahar Touati : l’ouvrage précédent, p 33.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    و لأجل السهر على متابعة تطبيق بنود الاتفاقية ، تم النص على إنشاء لجان محلية تجتمع كل ثلاثة أشهــر و استثنائيا كلما دعت الضرورة لذلك تعد إثرها تقريرا تقييميا ترسله إلى وزارتي العدل و الصحـة أين يدرس من طرف لجنـة وزارية مشتركة لاتخاذ التدابير اللازمة.
    و ذهب اهتمام المشرع الجزائري بصحة المساجين الى درجة مساءلة كل مستخدم تابع لإدارة السجون سبب تهاونـه أو عدم حيطته أو عدم مراعاته الأنظمة في تعريض صحة المحبوسين للخطر و معاقبته بالحبس من شهرين إلى سنتين و بغرامة من 000 10 إلى 000 50 دج (1).
    المطلب الثالث: التعليم و التكوين المهني.
    بما أن الجهل و نقص التعليم من اهم العوامل في انتشار الجريمة ، كان التعليم و التكوين المهني مـن أهم أساليب المعاملة العقابية التي تكفل تأهيل المساجين ، و قد ساير المشرع الجزائري ذلك من خلال تنويــع أساليب التعليم و التكـوين و أماكنه.
    الفـرع الأول: التعليــم
    إن التعليم في السجن يحقق أغراضا متعددة ، فإعادة التأهيل الاجتماعي للمسجون الذي يرمي النظام العقابي لتجسيده يتطلب توجيه المسجون و مساعدتــه على القيام بعمل في المجتمع يتعيش منه على الوجـه الذي يتفق مع القانون عن طريق إصلاح جوانب عديدة في شخصيته ، و لا يتأتى ذلك إلا بتلقين المسجون المعلومـات الضروريـة و الرفع من مستواه الذهني و الاجتماعي بغرس قيم و مبادئ أخلاقية تساعده على التكيف داخل المؤسسة و خارجها كما أن التعليم يقوي في الفـرد القدرة على ضبـط النفس مما يجعله أكثر استعدادا لاحترام النظام و تنفيـذ مختلف الالتزامات التي تفرض عليه ، و يساعد المحكوم عليه الذي لم يسبق له تلقي أي قدر من التعليـم أن يحصل على القدر الأدنى الذي يكفي لحل مشاكل اجتماعية عدة ترتبط كثيرا بحالات الجهل و الامية ،كما يمكنه من قضاء أوقات فراغه فـي أوجه من النشاط المفيد كالقراءة و الرسم و بالتالي صرفه عن التفكير في الإقدام على سلوك إجرامي (2).
    و في هذا الإطار، نص قانون 05/04 في مادته 94 على تنظيم دروس في التعليم العام و التقني وفقا للبرامج المعتمدة رسميــا لفائدة المساجين و تم تجسيد ذلك بإبرام اتفاقية بين إدارة السجون و وزارة التربية الوطنية بتاريخ 2006.12.26 ( الملحق رقم 1_أ ).
    و من أجل إنجاح العملية رسم المشرع إطارها المادي و البشري حيث يشمل التعليم مختلف المستويات من محو الأمية ، التعليم بالمراسلة و التعليم الجامعي ، إذ تنص المادة 89 من نفس القانون علـى تعيين أساتذة في كل مؤسسـة عقابية يوضعون تحت سلطة المدير و يباشرون مهامهم تحت رقابة قاضي تطبيق العقوبات.
    ــــــــــــــ
    (1) انظر المادة 167 من قانون 05/04.
    (2) د/ علي عبد القادر القهوجي و فتوح عبد الله الشاذلي: علم الإجرام و علم العقاب، طبعة 2003، دار المطبوعات الجامعية بالإسكندرية مصر ، ص 263.
    د/ فتوح الشاذلي: المرجع السابق، ص 257.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    و لم يتوقف الاهتمام بالتعليم عند هذا الحد فقط و إنما يسمح للمساجين الحاصلين علـى شهادة البكالوريا بمتابعة دراستهم الجامعية بعد ترخيص من وزير العدل (1).
    أما عن وسائل التعليم فهي متعددة يمكن إيجازها في:
    01- إلقاء الدروس و المحاضرات:
    و يتم ذلك حسب المستوى التعليمي للمساجين و وفقا للبرامج المعتمدة رسميا من طرف وزارة التربيـة، إذ يتلقى الأميون مبادئ القراءة و الكتابة و الحساب في حين يتم تنظيم تدريس من يحسن القراءة و الكتابة تبعا لمستواهم و في حدود الإمكانيات المتاحة بالمؤسسة العقابية ، على أن تتضمن هذه الدروس و المحاضرات مناقشات هادئة تنمي في المحبوس روح التفاهم و الإقناع العلمي و ذلك بغرض استئصال العنف من نفسه.
    02- توزيع الجرائد و المجلات و الكتب:
    حرصا من المشرع الجزائري على بقاء الاتصال المستمر للمساجين بالعالم الخارجي، نص في المادة 92 من قانون 05/04 على حق المساجين في الاطلاع على الجرائد و المجلات باعتبارها من الوسائل التي تثير الواقع المعـاش وطنيا و دوليا من نواحي مختلفة اقتصادية ، اجتماعية ، ثقافية و رياضية. كما تساهم هذه الجرائد و المجلات في ترفيه و تسلية المساجين إذ كثيرا ما تتضمن قصص و حكايات و نكت مسليـة و العاب تنمي الذكاء.
    كما أن إنشاء مكتبة داخل المؤسسات العقابية تساهم في تعليم المساجين و إعادة تربيتهم من خلال نوعية الكتب و المؤلفات و التي يجب أن تستجيب لأهداف عملية إعادة التأهيل الاجتماعي (2).
    و يدخل في مجـال التعليم تهذيب المساجين عن طريق غرس و تنمية القيم المعنوية فيهم ، سواء كانت دينية أو خلقية ، إذ أن انعدام الوازع الديني يكون عاملا يدفع الفرد إلى ارتكاب الجرائم دون نـدم أو تقدير لعواقب فعله و أن من شأن التهذيب الديني جعل الفرد يعاود التفكير فيما ارتكب من جرم ، و يحثه على التوبة و الاستغفـــار و اعتزام الطريق المستقيم بعد ذلك. و نظرا لهـذه الأهمية فقد سمح المشـرع من خلال نص المادة 66/3 للمحبوس بممارسة واجباته الدينية و في أن يتلقى زيارة رجل دين من ديانته.
    و التهذيب الديني يعتمد على مجموعة من الوسائل أهمها:
    أ- تنظيم المحاضرات و الدروس الدينية من طرف رجال دين ذوي علم و خبرة للتوصل إلى نفوس المجرمين عن طريق مخاطبة عقولهم بأسلوب مناسب.
    ب- إقامة الشعائر الدينية بتخصيص مكان لإقامة الصلاة حتى لا تنقطع صلة المسجون بربه ، مما يساعد على تأهيله بالتوبة و الاستغفار و الندم على ما اقترفه من جرائم فيصحو ضميره و يقرر عدم العودة الى ميدان الجريمة مطلقا، على أن يتم فتح أماكن العبادة في غير مواعيد العمل للمساجين حتى لا يتذرعوا بملازمتها للصلاة بقصد التهرب من العمل الموكول اليهم.
    ــــــــــــــ
    (1) أ/ طاشور عبد الحفيظ : المرجع السابق ، ص 103.
    (2)Bettahar Touati : l’ouvrage précèdent, p 56
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    أما بخصوص التهذيب الخلقي، فيتم غرس و تنمية القيم الخلقية في نفس المسجون فتتشبع بمكارم الأخـلاق، و يقوم بهذا الدور فريق من المتخصصين في علم التربية و علم النفس و علم العقاب عن طريـق الإنفراد بالمسجـون و تحليل شخصيته و نفسيته و محاولة معرفة الأسباب التي دفعته للإجرام ، و بالتالي إيجاد الحلول المناسبة عن طريـق استبدال النزعة الإجرامية بغرس القيم الأخلاقية في وجدانه و التي تشجع على نبذ الجريمة و احترام الغير و مؤاخـاته و الحرص على عدم الإضرار به.
    03- إصدار نشريات داخلية و مجلات: بحيث تكون فضـاء للمساجين يعبرون من خلاله عن أفكارهـم بإنتاجاتهم الأدبية و الثقافية ( المادة 93 ). و قد تجسد ذلك من خلال إصدار المديرية العامة لإدارة السجون و إعادة الإدماج لمجلة دورية سميت رسالة الإدماج حيث خصص بها جناح للمساجين تحت عنوان نشريات السجـون ، أين تضمن العدد الثاني لشهر اوت 2005 ثلاث مقالات لمساجين ، أخذت هي الأخرى من مجلات صادرة بمؤسسات إعادة التأهيل و إعادة التربية تتمثل في مجلة التهذيب عن مؤسسة إعادة التأهيل بابار ، مجلة الإدماج عن مؤسسة إعادة التربية بتبسة و مجلة منارة النزلاء عن مؤسسـة إعادة التأهيل بسيدي بلعباس (1).
    04- متابعة برامج الإذاعة و التلفزة : تعتبر هذه البرامج من أهم و أكثر الوسائل تأثيرا على الفـرد نظرا لاعتمادها علـى أسلوب الخطاب المباشر ، لذا نص المشرع في المادة 92 من قانون 05/04 علـى ضرورة تمكين المساجين من متابعة برامج الإذاعة و التلفزة ، مع إخضاعها لمراقبة إدارة المؤسسة العقابية خاصة بالنسبة للتلفزة إذ أن ظهور الهوائيات المقعرة أدى إلى تخصص بعض القنوات الأجنبية في التشجيع على الجريمة و العنف و فساد الأخـلاق لذا يتعين منع المساجين من مشاهدة مثل هذه البرامج حتى لا تأثر سلبا على عملية إعادة تأهيلهم و تربيتهم.
    و حسب إحصائيات المديرية العامة لإدارة السجون و إعادة الإدماج ، فإن مجال التعليم عرف ارتفاعـا في عدد الدارسين بمختلف الأطوار سواء في محو الأمية أو التعليم عن طريق المراسلة أو الدراسة الجامعية ، حيث انتقل عدد الدارسين من 500 محبوس خلال سنة 1994 إلى 6594 سنة 2006 ، كما أن عدد الناجحين في شهـادتي البكالوريا و التعليم الاساسي بلغ 234 محبوسا ناجحا في شهادة البكالوريا سنة 2005 بعدما كان 13 ناجحا سنة 1999 و 259 محبوسا ناجحا في شهادة التعليم الأساسي سنة 2005 بعدما ما كان لا يتجـاوز 04 ناجحين في سنة 1999 (2) .
    و هي نتائج تعكس المجهــود المبذول من طرف إدارة المؤسسات العقابية في تطبيق برنامج إعادة تأهيـل المساجين و تحضيرهم للعودة إلى أحضان المجتمع أفرادا صالحين و مسلحين بالعلم بعدما ارتموا في أحضان الجريمة.
    و قد اسند المشرع مهمة إعداد برامج التعليم بالنسبة للمحبوسين الأحداث إلى لجنة إعادة التربية على أن يتم ذلك اعتمادا على البرامج الوطنية.
    ــــــــــــــ
    (1) مجلة رسالة الادماج: العدد الثاني، المرجع السابق ، ص 42 الى 44.
    (2) مجلة رسالة الادماج: نفس المرجع ، ص 37 الى 39.
    - أبواب مفتوحة على العدالة السياسة العقابية الجديدة في ظل الإصلاحات ، إدارة السجون 25 إلى 27 افريل 2006 ، ص 15.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    الفـرع الثـاني: التكوين المهـني.
    يعد التكوين المهني من أنجع الطرق لتحقيـق التأهيل الاجتماعي في البيئة المغلقة لذلك خصه المشرع بعناية خاصة من حيث عدد أماكن التكوين ، فنص في المادة 95 من قانون 05/04 على أن يتم التكوين المهني داخـل المؤسسة العقابية أو في معامل المؤسسات العقابية أو في الورشات الخارجية أو في مراكز التكوين المهني ، و يشترط أن يتماشى هذا التكوين و إمكانيات تشغيل المحكوم عليه بعد إطلاق سراحه أو بالنظر للعمل الذي يمكن أن يسند إليه بعد إلحاقه بورشة خارجية أو بيئة مفتوحـة (1). و لتحقيق هذا الغرض تم فتح ورشـات داخل المؤسسة العقابية حسب نـوع التكوين ، كما تم إبرام اتفاقية بين وزارتي العدل و التكوين المهني بتاريـخ 1987.07.26 و المعدلة بتاريخ 1997.11.17 و التي حـددت ثلاث طرق لتنظيم التكوين المهني للمساجين (2):
    - على مستوى الفرع الملحق الذي يمكن إنشاؤه داخل المؤسسات العقابية في حدود إمكانياتها.
    - على مستوى احد الفروع بمراكز التكوين المهني.
    - فتح ورشات للتمهين داخل المؤسسات العقابية تحت إشراف و متابعة مراكز التكوين المهني.
    و قد نصت الاتفاقية أيضا على أن المحبوسين الأحداث و البالغين الذين لم يتجاوزوا سن 25 سنة و تم اطلاق سراحهم دون استكمال فترة التكوين ، بإمكانهم مواصلة ذلك على مستوى مراكز التكوين الأقرب لمقر إقامتهــم و استثناء بالنسبة لمن تتراوح سنه بين 25 و 30 سنة ، و يتم ذلك باقتراح من مدير التشغيل و التكوين المهني و مدير المؤسسة العقابية.
    و يسهر على متابعة التكوين بالمؤسسات العقابية أساتذة مختصون يتم انتدابهم من طرف وزارة التكوين المهني.
    كما نصت الاتفاقية على عدم خضوع المساجين لامتحانات القبول سواء على مستوى المؤسسات العقابيـة أو على مستوى مراكز التكوين المهني ، و إنما يتم توجيههم نحو مختلف أصناف مواد التكـوين حسب معايير خاصة و يتلقون تكوينا حسبما هو معتمد في مراكـز التكوين سواء من حيث البرنامج أو الفترة الزمنية. و علـى مستوى مراقبة سير التكوين المهني للمساجين فقد نصت الاتفاقية على أن يتكفل به مدير المؤسسة العقابيـة و ممثل عن مصالح التكوين المهني على مستوى الولاية تحت إشراف قاضي تطبيق العقوبات ، مع إعداد تقرير تقييمي لسير العملية يرسل إلى وزارة العدل و وزارة التكوين المهني ،كما يمكن لمدراء مؤسسات التكوين المهني فضلا عن المسؤولين البيداغوجيين القيام بزيارات تفقدية لورشات التكوين على مستوى المؤسسات العقابية الملحقة بهم و ملاحظة مدى وجود الشروط الملائمة لنجاح العملية ، و في المقابل لمدراء المؤسسات العقابية القيام بزيـارات تفتيشية لأقسام التكوين الخاصــة بالمساجين على مستوى مراكز التكوين المهني ، و الإطلاع على الظروف التي يخضـع لها المساجين و مدى التزامهم بالنظام الداخلي للمراكز.
    ــــــــــــــ
    (1) أ/ طاشور عبد الحفيظ: المرج السابق ، ص 102.
    المادة 01 من الاتفاقية المتعلقة بتكوين المساجين مهنيا الملحق رقم 1-ب.(2)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    و حتى يتم تطبيق الاتفاقية بشكل ايجابي من حيث المحتوى و الأهداف ،تم إنشاء لجنة وزارية مشتركة تتشكل من:
    - مدير إدارة السجون و إعادة التربية بوزارة العدل.
    - نائب مدير اعادة التربية بوزارة العدل.
    - نائب مدير حماية الأحداث بوزارة العدل.
    - مدير التمهين و التكوين المتواصل بكتابة الدولة للتكوين المهني.
    - نائب مدي
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

    اعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين  Empty رد: اعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين

    مُساهمة من طرف Admin الجمعة يوليو 19, 2013 5:39 pm



    03- صدور مقرر الاستفادة : لقد منحت المادة 106/2 من قانون 05/04 صلاحية إصدار مقرر وضع المحبوس في نظام الحرية النصفية لقاضي تطبيق العقوبات بعد استشارة لجنة تطبيق العقوبات ، خلاف ما كان سائدا في ظل أمر 72/02 الملغى حيث منحت الصلاحية لوزير العدل بعد إشعاره من قاضي تطبيق الأحكـام الجزائية الذي يقــدم اقتراحاته بعد إشعار لجنة الترتيب و الانضباط (1).
    الفرع الثاني: طرق تطبيق نظام الحرية النصفية.
    قبل سريان مقرر الاستفادة من نظام الحرية النصفية ،يتعين على المحبوس إمضاء تعهد يلتزم بموجبه باحترام الشروط التي يتضمنها هـذا المقرر و التي تدور أساسـا حول سلوكه خارج المؤسسـة و حضوره الفعلي إلى مكـان العمل و مواظبته و اجتهاده في ادائه لعمله ، احترام أوقات خروجـه من المؤسسة العقابية و عودته إليها و احترام شـروط التنفيذ الخاصة التي تحدد بصفة فردية بالنظر لشخصية كل محكوم عليه (2).
    كما تلتزم المؤسسة العقابية بمنح المسجون المستفيد وثيقة خاصة يستظهرها أمام السلطات المختصة لتبرير استفادته من نظام الحرية النصفية كلما طلب منه ذلك ، في حين تلتزم الهيئة المستخدمة بدفع أجرة المحبوس لدى كتابة ضبـط
    المحاسبة للمؤسسة العقابية التي ينتمي إليها لتودع بحسابه ، على أن يؤذن له وفقا لأحكـام المادة 108 بحيازة مبلـغ مالي من مكسبه المودع بحسابه لتغطية مصاريف النقل و التغذية عند الاقتضاء ، و التي يجب عليه تبريرها و إرجاع ما بقي من المبلغ المسحوب إلى حسابه لدى كتابة ضبط المحاسبة.
    و في إطار علاقة العمل التي تربط المسجون المستفيد من نظام الحرية النصفية بالهيئة المستخدمة ، يستفيد المسجون من أحكام تشريع العمل لاسيما الأحكام المتعلقة بحوادث العمل و الأمراض المهنية.
    و في مقابل هذه الامتيازات ، نظم المشرع بموجب نص المادة 107/2 جزاء إخلال المحبوس بالتعهد الذي أمضاه أو خرقه لأحد شروط الاستفادة ، حيث منح لمدير المؤسسة صلاحية الأمر بإرجاع المحبوس و إخبـار قاضي تطبيق العقوبات الذي له صلاحية تقرير الإبقاء على الاستفادة من نظـام الحرية النصفية أو وقفها أو إلغائهـا و ذلك بعد استشارة لجنة تطبيق العقوبات.
    كما اعتبر بموجب المادة 169 المحبوس الذي استفاد من تدابير الحرية النصفية و لم يرجع إلى المؤسسة العقابية بعد انتهاء المدة المحددة له في حالة هروب و يتعرض للعقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات و الواردة بالمادة 188 منه (3).
    ــــــــــــــ
    (1) Bettahar Touati : l’ouvrage précédent , p 136 .
    (2) أ/ طاشور عبد الحفيظ: المرجع السابق ، ص 112.
    Bettahar Touati : l’ouvrage précédent , p 137
    (3) تنص المادة 188 من قانون العقوبــات: يعاقب بالحبس من شهرين إلى ثلاث سنوات كل من كان مقبوضا عليه أو معتقلا قانونا بمقتضى أمـر أو حكم قضائي و يهرب أو يحاول الهروب من الأماكن التي خصصتها السلطة المختصة لحبسه أو من مكان العمل أو أثناء نقله.
    و يعاقب الجاني الحبس من سنتين إلى خمس سنوات إذا وقع الهروب أو الشروع فيه بالعنف أو التهديد ضد الأشخاص أو بواسطة الكسر أو تحطيـم باب السجن.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    و رغم النتائج المرضية التي حققها نظام الحرية النصفية عمليا ،حيث بلغ عدد المحبوسين المستفيدين من التكوين في إطار الحرية النصفيـة 377 سنة 2006/2007 ( الملحق رقم 3-أ ) ، انتقده البعض على أساس أنه يشكل قرارا
    خطيرا بالنسبة لنظام المؤسسة العقابية و سيرها من حيث التفاوت الذي يتسبب فيه ما بين المحكوم عليهم ،و بالنسبة للمجتمع إذ يهدد أمنه و يمس بحقه في العقاب ، و بالنسبة للسلطة القضائية إذ يمس بقدسية أحكامها. كما أنه من ناحية أخرى يشكل صعوبة بالنسبة للمحكوم عليه من الجانب النفسي بخصوص عودته كل مساء إلى المؤسسة العقابية فيقدم على الهروب (1).
    المطلب الثـالث: مؤسسات البيئـة المفتوحة.
    لقد حاول المشرع الجزائري من خلال المادة 109 من القانون 05/04 تعريف مؤسسات البيئة المفتوحـة بتبيان أشكالها ، فنصت على أن تتخـذ مؤسسات البيئة المفتوحة شكل مراكز ذات طابع فلاحـي أو صناعي أو حـرفي أو خدماتي أو ذات منفعة عامة و تتميز بتشغيل و ايواء المحبوسين بعين المكان ، في حين عرفها المؤتمر الجنائي و العقابي الدولي الثاني عشر الذي انعقد في لاهاي سنة 1950 على أنها المؤسسـات العقابية التي لا تزود بعوائق ماديـة ضد الهروب مثل الحيطان و القضبان و الأقفال و تشديد الحراسة ، و التي ينبغـي احترام النظام فيها من ذات النزلاء فهم يتقبلونه طواعية و دونما حاجة إلى رقابة صارمة دائمة، و يتميز هذا النظام بخلق روح المسؤولية لدى النزيل و تعويده
    على تقبل المسؤولية الذاتية (2). فهذا النظام يقوم على نوع من الاتفاق الضمني ما بين المحكــوم عليه الـذي يلتزم باحترام عدد من الشروط ، و بين الإدارة التي تضع أمامه الوسائل التي تساعده على التأقلم و الاستعداد للإندمــاج مجددا في المجتمع ،بأن تقيم له مؤسسات خارج المدينة أو في الريف على وجه أخص تمتاز بضعف الحراسة فييها و ترك الأبواب و النوافذ مفتوحة و توفر له فرص الإقامة بها و العمل في ميادين الفلاحة ، الصناعة ، الحرف أو الخدمات.
    و عن أسباب و تاريخ ظهور هذا النظام ، فإنها ترجع إلى ظروف ما بعد الحرب العالمية الثانية و المجهـودات التي بذلت من أجل إعادة بناء ما تم تحطيمه ، فكان يتم تخصـيص فئات من المحكوم عليهم و وضعهم داخل معسكرات متخصصة ليقوموا بعمليات إعادة البناء ، هذه العملية كشفت فيما بعد عن نجاعة المؤسسات المفتوحة و أفضليتها في معاملة النزلاء خاصة بعدما تبين أن المعاملة التي تتم في وسط مفتوح تزيد في فرص إعادة تكييف النزلاء ، و بالتـالي تكون أكثر فاعلية في مكافحة الجريمة من المعاملة التي تتم في سجن الطراز التقليدي (3).
    و هو ما دفع الأمم المتحدة إلى إصدار مجموعة قواعد خاصة منها القاعدتين 60/1 و 60/2 تحث من خلالها الدول
    على جعل نظام الاحتباس يهدف إلى تقريب الحيـاة العقابية من الحياة الحرة ، سواء داخل المؤسسة العقابيـة نفسها بانتهاج برنامج تحضيري للحرية ، أو خارج المؤسسة العقابية عن طريق منح الحرية للمساجين مقترنة بالخضوع لرقابة
    ــــــــــــــ
    (1) أ/ طاشور عبد الحفيظ: المرجع السابق ، ص 112.
    (2) أ/ طاشور عبد الحفيظ: نفس المرجع ، الهامش ، ص 114.
    أ/ محمد صبحي نجم: المدخل إلى علم الإجرام و علم العقاب ، المرجع السابق ، ص 77.
    (3) أ/ طاشور عبد الحفيظ: نفس المرجع ، ص114.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    ائتمانية تتطابق مع المساعدة الاجتماعية الفعالة (1).
    الفرع الأول: شروط الاستفادة من هذا النظام.
    للاستفادة من هذا النظام ينبغي استيفاء مجموعة من الشروط تتمثل في:
    01- أن يكون المحبوس محكوم عليه نهائيا: بأن يكون قد صدر في حقه حكما أو قرارا أصبح نهائيا ، قضى عليـه بعقوبة سالبة للحرية و تم ايداعه بمؤسسـة عقابية تنفيذا لذلك ، و بالتالي يستثنى المحبوسين مؤقتـا و المحبوسين تنفيذا لإكراه بدني من الاستفادة من هذا النظام.
    02- قضاء فترة معينة من العقوبــة: و في هذا المجال ميز قانون تنظيم السجـون و إعادة الإدماج الاجتماعـي للمحبوسين بين المحبوس المبتدئ و اشترط أن يكون قد قضى ثلث (1/3 ) العقوبة المحكوم بها عليه، و بين المحبـوس الذي سبق الحكم عليه بعقوبة سالبة للحرية و الذي يتعين عليه أن يكون قد قضى نصف العقوبة المحكوم بها عليه.
    03- صدور مقرر الوضع في نظام البيئة المفتوحة: يتولى قاضي تطبيق العقوبات طبقا لأحكام المادة 111 صلاحية إصدار مقرر الوضع في نظام البيئة المفتوحة بعد استشارة لجنة تطبيق العقوبات مع إشعار المصـالح المختصة بـوزارة
    العدل و بذلك خفف القانون الجديد من مركزية القرار التي كانت في ظل أمر 72/02 الملغى ، حيث كان يتــم الوضع بموجب قرار من وزير العدل و باقتراح من قاضي تطبيق الأحكام الجزائية بعد أخذ رأي لجنة الترتيب (2).
    و في حالة مخالفة المحبوس للالتزامات المفروضة عليه يقرر إرجاعه إلى نظام البيئة المغلقة بنفس الطريقة التي تم بهـا الوضع في نظام البيئة المفتوحة بموجب مقرر صادر عن قاضي تطبيق العقوبات.
    و قد استفاد من نظام البيئة المفتوحة حسب إحصائيات إدارة السجون 152 سنة 2006 ( الملحق رقم 3-د )، منهم 98 مسجون تم تشغيلهم في ميدان الفلاحة بالمستثمرات الفلاحية الواقعة بتليلات ولاية ادرار ، الخيثر ولايــة البيض ، البيوض ولاية النعامة ، البرواقية ولاية المدية و مسرغين ولاية وهران (3).
    الفرع الثاني: مزايا و مساوئ نظام البيئة المفتوحة(4).
    أ- المزايا: لنظام البيئة المفتوحة مزايا كثيرة مقارنة مع نظام البيئة المغلقة يمكن إجمالها في:
    - تعتبر أقل تكلفة مقارنة مع مؤسسات البيئة المغلقة لأنها لا تتطلب بنايات قوية و مدعمة.
    - توفر للمساجين العاملين حياة صحية باعتبارها تطبق في أماكن بعيدة عن المدينة و اكتظاظها.
    - تجنيب المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية لمدة قصيرة أو المحكوم عليهم لأول مرة مخالطة المودعين في السجـون المغلقة و ما يترتب عن ذلك من آثار سلبية.
    ــــــــــــــ
    (1) Bettahar Touati : l’ouvrage précédent , p 132 .
    (2) المادة 175 من أمر 72/02 الملغى.
    (3) مجلة رسالة الإدماج: العدد الثاني، المرجع السابق، ص 41.
    (4) أ/ محمد صبحي نجم: المدخل إلى علم الإجرام و علم العقاب، المرجع السابق، ص 78.
    Bettahar Touati : l’ouvrage précédent, p 134.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    - يسمح للمسجون المستفيد من نظام البيئة المفتوحة و المفرج عنه و يسهل له ايجاد عمل ، إذ أن الظروف المحيطـة بالعمل الذي يزاوله داخل تلك البيئة لا تختلف في طبيعتها عن ظروف العمل خارج المؤسسة ، مما يكسبه خبرة خاصة و يجعله أكثر استعدادا و مقدرة على أداء عمله على الوجه المطلوب.
    - تجنيب المساجين العاملين الشعور بالتوتر الذي كثيرا ما يعاني منه المساجين الآخرين بالمؤسسات المغلقة و الذي قد ينعكس أثره على حالتهم النفسية فيصابون باضطرابات مختلفة قد تؤثر في مدى قدرتهم على التكيف.
    ب- المساوئ: من أهم أوجه النقد التي وجهت إلى هذا النظام أنه يساعد على هروب المساجين خاصة و أنه يطبق في مراكز فلاحية و مؤسسات صناعية مفتوحة و غير مزودة بعوائق مادية كالحيطان و الأقفال تحت رقابة مخففة، كما انه يهدر القيمة الردعية للعقوبة و التي لا تظهر إلا بانتهاج أسلوب البيئة المغلقة حيث الأسوار العالية و الحراسة المشـددة و الأشغال الشاقة.
    لكن هذه الانتقادات لم تثبت أمام النتائج الإيجابية التي حققها نظام البيئة المفتوحة من جهــة و من جهة أخرى فالغرض الرادع للعقوبة ليس هو الغرض الوحيد الذي تهدف إليه في ظل السياسة العقابية الحديثة ، بالإضافة إلى ذلك فإن الإيداع في المؤسسات المفتوحة يتضمن سلبا للحرية و هذا ما يحقق في حد ذاته الردع المطلوب.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    الفصل الثاني:أنظمة و آليات إعادة التربية و الإدماج الاجتماعي للمحبوسين
    لقد بينا فيما تقدم أن تنفيذ برنامج إصلاح العدالة يعد أولوية وطنية باعتباره ركنا أساسيا في بناء دولــة الحق و القانون ، هذا الإصلاح الذي أولى أهمية قصوى لعصرنه قطاع السجون من خلال رسم معالم سياسة عقابية حديثة تواكب مسارات الأنظمة الدولية المتطورة في هذا المجال.
    و من هذا المنطلق و بعد التحول الذي عرفته السياسة العقابية الحديثة و التي ترجح كفـة إعادة التربية و الإدماج الاجتماعي للمحبوسين ضمن المجتمع مجددا ، بما يضع حدا لسياسة الحبس من أجل الحبس و العقاب من أجل العقاب إذ هي سياسة غير مجدية و عقيمة من حيث أنها لا تفضي إلى تغيير سلوك المحبوس بما يحقق اندماجه بنجاح في المجتمع و يضع حدا لظاهرة معاودة الجنوح و الإجرام.
    و في سبيل ذلك ، شرع المشرع في إدخال إصلاحات على المنظومة العقابية شملت الجوانب القانونية و التنظيميــة و الهيكلية و في مقدمتها صدور قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين رقم 05/04 و الذي ألغى الأمر رقم 72/02 ، حيث جاءت مادته الأولى لتجسيد شعار المعاملة العقابية الحديثة بنصها:" يهدف هــذا القانون إلى تكريس مبادئ و قواعد لإرساء سياسة عقابية قائمة على فكرة الدفـاع الاجتماعي التي تجعل من تطبيق العقوبة وسيلة لحماية المجتمع بواسطة إعادة التربية و الإدماج الاجتماعي للمحبوسين".
    هذا و قد جاءت أحكام قانون تنظيم السجون أعلاه و بقية المراسيم التنفيذيـة و النصوص التطبيقية الـتي تلت صدوره كعصارة لأحدث ما توصلت إليه البحوث و الدراسات في السياسة العقابية الحديثة من جهــة ، و تكييف أحكامه تماشيا مع المبادئ العامة التي أقرتها بلادنا في إطار ما صادقت عليه من الاتفاقيات الدولية و إلمامها بتوصيـات مجموعة قواعد الحد الأدنى لمعاملة المساجين الصادرة بجنيف سنة 1955 و المستوحـاة أساسا من مبـادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من جهة أخرى.
    و لمزيد من التفصيل في أهداف المعاملة العقابية الحديثة التي سطرها قانون 05/04 ، سنتطرق في هذا الفصــل لتحديد مضمون سياسة إعادة الإدماج الاجتماعي وفق الأنظمة و التدابير الجديدة ( مبحث أول ) ، و عرض مختلف الآليات المستحدثة لتطبيق برامج إعادة التربية و الإدماج الاجتماعي للمحبوسين ( مبحث ثان ).
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    المبحث الأول:مضمون سياسة إعادة الإدماج وفق الأنظمة و التدابير المستحدثة
    إن التوجه التحديثي لمفهوم العقوبة يولي أهمية بالغة لمسألة إصلاح المحبوسين و إعادة إدماجهم في المجتمع ، و ما من شك أن القراءة الجديدة التي جاء بها قانون تنظيم السجـون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين الجديـد تمثل عصارة ما وصلت إليه القوانين و الأنظمة المقارنـة في المعاملة العقابية الحديثة ، لا سيما تكريسه لمبــادئ الدفاع الاجتماعي التي تجعل من تطبيق العقوبة وسيلة لحماية المجتمع و الجاني معا ،عن طريق إعادة تربيته ثم إعادة إدماجه في المجتمع.
    ولضمان تحقيق الغرض المنشود ، استحدث المشرع العقابي مجموعة من الأنظمة و التدابير التي من شأنها التأثير على المحبوسين كمـا و كيفا ، بإخضاعهم إلى علاج عقـابي وفق أسس علمية مدروسة تتناسب مع درجـة خطورتهم و شخصيتهم (1 ) ، بما يضمن إصلاحهم خلال مرحلة تنفيذ العقوبة و رعايتهم لاحقـا بعد الإفراج عنهم لتحضير عودتهم للعيش ضمن المجتمع في ظروف عادية .
    و لتبيان ذلك يتطلب منا في مرحلة أولى تحديد مضمون سياسة إعادة الإدماج (المطلب الأول ) ، ثم نحــاول في مرحلة ثانية تبيان الأنظمة و التدابير الجديدة التي تضمنها قانون تنظيم السجـون (المطلب الثاني ) ، مدعمين عرضنا بمجموعة من الإحصائيات العددية التي حققتها إدارة السجــون ميدانيا في سعيها الحثيث لإعادة إدماج المحبـوسين و ذلك منذ تنصيب آليات إعادة الإدماج سنة 2005.
    المطلب الأول:مضمون عملية إعادة الإدماج الاجتماعي
    قديما، اقتصرت مهمة إدارة السجـون على سلب حرية المحكوم عليهم بحبسهم في السجـون العالية الأسوار لمنع هروبهم و معاملتهم معاملة قاسية.
    لكن تطور أغراض العقوبة أدى بإدارة السجون إلى التخلي عن هذا الدور التقليدي ، كون سلب الحرية لم يصبـح هدفا في ذاته كما كان في الماضي و إنما أصبح وسيلة تسمح بتحقيق أغراض العقوبة و على رأسها تأهيل المحكوم عليه و إصلاحه (2) ، و هذا ما تنبه إليه المشرع الجزائري من خلال انتهاجه في أحكام قانون تنظيم السجون رقم 05/04 و الذي ألغى الأمر 72/02 ما توصلت إليه الدراسات العقابية الحديثة و التي تولي أهمية قصوى لعملية تأهيل المحبوس و إصلاحه حتى يعود إلى المجتمع مواطنا صالحا ، لذلك فإن أساليب المعاملة العقابية الحديثة تنوعت و تعددت حـتى تلاءم ظروف كل حالة على حدة.
    ــــــــــــــ
    (1) أ/ طاشور عبد الحفيظ: المرجع السابق ، ص 74.
    (2) د/ محمد صبحي نجم: أصول الإجرام و العقاب، طبعة 2002، المكتبة القانونية، ص 116.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    و قد اقتضى ذلك تنوع المؤسسات العقابية و تخصيصها و تقسيم المحكوم عليهم داخل المؤسسة الواحدة ، حتى يمكن تحقيق فكرة التدرج في المعاملة .
    فنظام المعاملة العقابية الحديثة التي تبناها قانون تنظيم السجون أوجدت صيغا و تدابير و آليـات متنوعة ، تتضمن في مجملها نظام علاجي يخضع له المحبوس أثناء تنفيذ عقوبته السالبة للحرية داخل المؤسسة العقابية كمرحلـة أولى ، و يمتد هذا النظام العلاجي بعد الإفــراج على المحبوس لاستكمال عملية إعادة الإدماج التي بدأت داخـل السجن و تدعيمها بالرعاية اللاحقة كمرحلة ثانية.
    و لمزيد من التفصيل سنحاول تبيان مضمون المعاملة العقابية الحديثة و التي سايرها المشرع الجزائري على مرحلتين، خلال تنفيذ المحبوس للعقوبة السالبة للحرية ،ثم استكمال ما تم تحقيقه من إصلاح و تأهيل له لإعادة إدماجه في المجتمع بإمداده بالرعاية اللاحقة عند الإفراج عنه.
    الفـــرع الأول:مضمون عملية الإدماج خلال مرحلة تنفيذ العقوبة
    لم تعد العقوبة وسيلة للانتقام من الجاني كما كان عليه في الماضي ، بل أصبحت تهدف إلى إعادة تربية المحبـوس و العمل على تحضيره و إعداده الجيد لإعادة إدماجه مجددا بعد الإفراج عنه.
    فخلال مدة سلب الحرية يخضع المحبوس لنظام علاجي حديث يتضمن برنامجه مجموعة من الطـرق و الأساليب التي يشرف على تحديدها و تطبيقها جهاز يتكون من أطباء و مربون و أخصائيون نفسانيون و مساعدات اجتماعيات ، مهمتهم المساهمة في إعادة إصلاح المحبوس و إدماجه في المجتمع .
    و حتى يؤدي النظام العلاجي الذي يخضع له المحبـوس خلال هذه المرحلة النتائج المسطـرة ، نص قانون تنظيم السجون على أن تحدث كل مؤسسـة عقابية مصلحة متخصصة مهمتها ضمان المساعدة الاجتماعيـة للمحبوسين و المساهمة في تهيئة و تسيير إعادة إدماجهم الاجتماعي (1).
    و صدر قرار وزاري مؤرخ في 2005.05.21 يتعلق بتنظيم و سير المصلحة المتخصصة أعلاه ، و هي مصلحة متخصصة للتقييم و التوجيه بالمؤسسات العقابية مهمتها دراسة شخصية المحكوم عليه و تقييم الخطر الذي يشكله على نفسه و على غيره من المحبوسين و الموظفين و على المجتمع ، و تعد برنامج إصلاح خاص به قصد إعادة إدماجـه في المجتمـــع.
    و يشرف على إدارة و تسيير المصلحة مدير المؤسسة (2) و تضم مستخدمين مختصين في الطب العــام و الطب العقلي و علم النفس و المساعدة الاجتماعية و أمن المؤسسات ، و في سبيل أداء مهامها يمكنها أن تستشير أي شخص مؤهل في مجالات تدخلها ، و تزود بالتجهيزات الخاصة بالدراسـات و الأبحاث البيولوجية و النفسانية و الاجتماعية
    ــــــــــــــ
    (1) المادة 90 من قانون 05/04.
    (2) انظر المادة 03 من القرار الوزاري المؤرخ في 2005.05.21 المذكور أعلاه، الجريدة الرسمية عدد 44 لسنة 2005.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    و يوجه إليها المحبوسين المحكوم عليهـم بعقوبات سالبة للحريـة تساوي سنتين أو أكثر ، و يخضع الموجهين إليهـا للفحوصات الطبية و النفسية و كذلك تلك الخاصة بقياس قدراتهم المعرفية و المهنية .
    و تقوم المصلحة بعملية التقييم و التوجيه في أجل ستون (60) يوما على الأقل و تسعون (90) يوما على الأكثر، يتلقى خلالها المحبوس المتابعة من طرف المصلحة حصصا تحسيسية و توعوية في ميادين مثل الإدمان على المخـدرات و الوقاية من الانتحار ، و تحسيسه بسلبيات و آثار الوسط العقابي المغلق و كل برنامج آخر تعتمده المديرية العامـة لإدارة السجون و إعادة الإدماج.
    تصدر المصلحة عند تمام العملية تقريرا مفصلا يتضمن أساسا درجة خطورته ، و صنف المؤسسة العقابية المناسبـة لدرجة خطورتـه و برنامج إصلاحه بالاعتمـاد على الميادين الآتية : العمل ، التربية و التعليـم ، التكوين المهني ، الانحراف الجنسي و الوقاية من إدمان المخدرات.
    و تبلغ هذه التوصيات لكل من مدير المؤسسة و قاضي تطبيق العقوبات قصد متابعة تطبيقها.
    هـذا و إذا كانت مرحلة سلب الحرية هي المكان المناسب لتحقيق النتائج المرجوة من العلاج العقابي ، فإنه يبقى من الضروري تدعيمها بعد الإفراج عن المحبوس ،و هذا ما نصت عليه المادة 14 من نفس القرار الوزاري أعــلاه: " لا يتوقف تنفيذ برنامـج الإصلاح إذا استفاد المحكوم عليه من نظام الإفراج المشروط أو أية تدابير أخرى لإعادة الإدماج ".
    الفـــرع الثاني:الرعاية اللاحقة بعد الإفراج عن المحبوس
    غالبا ما يواجه المحبوس المفرج عنه حديثا صعوبات و عقبات و ظروف قاسية تعيقه في اندماجه مجددا في المجتمـع و الانخراط في الحياة العملية كبقية أفراد المجتمع ، و هذا ما يسمى بأزمة الإفراج أو أزمة الثقة بين المحبوس المفرج عنه و بين الناس في قبوله بينهم أو رفضهم له (1).
    و هذا ما نوهت إليه روح القاعدة 80 من مجموعة قواعد الحد الأدنى لمعاملة المساجين بقولها :" يجب أن توجـه العناية ابتداء من تنفيذ العقوبة إلى مستقبل المسجون عقب الإفراج عنه ".
    و على هذا الأساس ،فمن الضروري أن يتحمل المجتمع المدني مسؤوليته في محاربة الجريمة و القضاء على مسبباتها إذ أن واجب المجتمع لا ينتهي بالإفراج عن المسجون ، و لذلك يجب أن توجد هيئات حكومية أو خاصة قادرة علـى مـد المسجون المفرج عنه برعاية لاحقة فعالة تهدف إلى تقليل التحامل عليه و إلى إعادة تأهيله الاجتماعي (2).
    و هذا ما يؤكد أن عملية إعادة تربية و إدماج المحبوس اجتماعيا هي عملية متكاملة و متواصلة ، ذلك أن الرعاية اللاحقة تدخل ضمن مضمون المعاملة العقابية الحديثة ،خاصة و أنها تكمل هدف العقوبة المتمثل في إصلاح و إعـادة
    ــــــــــــــ
    (1) د/ محمد صبحي نجم: أصول الإجرام و العقاب، المرجع السابق، ص 169.
    (2) انظر القاعدة 64 من قواعد الحد الأدنى لمعاملة المساجين.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    الإدماج و هي المرحلة الثانية من مجمل مضمون عملية الإدماج الحديثة التي أقرها تنظيم السجون 05/04 ،و الـذي نص في المادة 114 منه على أن " تؤسس مساعدة اجتماعية و مالية تمنح للمحبوسين و المعوزين عند الإفراج عنهم" و قد صدر قرار وزاري مشترك(1) يحدد طريقة و كيفيات تنفيذ إجراء منح المساعدة الاجتماعية و المالية لفائدة المحبوسين المعوزين عند الإفراج عنهم و بموجبها يتحصل المحبوس المعوز على:
    أ- مساعدة عينية: ألبسة، أدوية ...
    ب- مساعدة مالية : نفقات النقل و المحددة ب 2000 دج .
    و يتم إعداد ملف من طرف المحبوس المستفيد منها و يتعين على مدير المؤسسة العقابية إعداد تقارير سنوية مفصلــة تتضمن حصيلة المساعدات الاجتماعية و المالية و ترسل إلى السلطات الوصية ( إدارة السجون ).
    إلى جانب المساعدات و التبرعات التي يتلقاها المحبوس عند الإفراج عنه (2).
    و حرصا من المشرع الجزائري على إزالة العقبـات و الصعوبات التي تواجه المفرج عنه من نفور أفراد المجتمع عنـه، بسبب سوابقه الإجرامية و احتقـاره و يرفضون قبوله في أي مهنة أو عمل مما يسبب تهميشه و معاودته الانحـراف و الإجرام ، نص في المادة 115 من القانون أعلاه على إنشاء مؤسسة عمومية تقوم بتشغيل اليد العاملة العقابية.
    و قد بلغ عدد المفرج عنهم المدمجين في إطار الأنشطة ذات المنفعة العامة 83 مستفيدا خلال شهر أفريل 2006.
    و تفريعا على ما تم تقديمه من توضيح حول مضمون عملية الإدماج ، بأنها تبدأ بإخضـاع المحبوس خلال تنفيـذ عقوبته السالبة للحرية إلى نظام علاجي بالتركيز على مجموعة من التدابير الجزائية و الاجتماعية و التربويـة و النفسية و الطبية داخل المؤسسة العقابية و مواصلة العملية إلى ما بعد إطلاق سراحه بإمداده بالرعاية اللاحقة ، نتطرق إلى هذه الفقرة المدعمة لشرحنا السابق كالآتي :
    Le processus de préparation a la sortie et a la resocialisation commence en prison et continue après la libération et que doit exister une solution de continuité entre : l'avant et l’après.
    Dans la nécessiter d'une collaboration effective entre l'administration pénitentiaire et les associations d'aide a la resocialisations (3).
    كما أنه و إلى جانب تعزيز أساليب إعادة التربية و الإدماج ، تضمن قانون تنظيم السجون و إعادة الإدمــاج الاجتماعي للمحبوسين ترتيبات لتطبيق العقوبات على مستويات مختلفة ، و يتيح التعاطي فرديا مع الحالات و تكييف
    ــــــــــــــ
    (1) انظر القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 2006.08.02 الذي يحدد كيفيات تنفيذ إجراء منح المساعدة الاجتماعية و المالية لفائدة المحبوسين المعوزين عند الإفراج عنهم ، الجريدة الرسمية عدد 62 لسنة 2006.
    (2) انظر الجدول المرفق بالملحق رقم 2-ج و الذي يوضح نموذج عن قائمة المحبوسين المستفيدين من الإعانات و المساعدات الاجتماعية بمؤسسة إعادة التربية بتمنراست.
    (3) Pratique de la prison du bon usage des règles pénitentiaire internationale – pénal reform international, paris août 1997, p 115.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    العقوبات لأسباب استثنائية إنسانية و تربويـة و صحية من خلال تمكين المحبوس من التمتع بأنظمة إعـادة الإدماج الجديدة نتعرض إليها كما يلي:
    المطلب الثــاني:الأنظمة و التدابير الجديدة لإعادة الإدماج
    لأجل إنجاح السياسة العقابية الجديدة و التي تتضمن معاملة عقابية حديثة تقوم على ترجيح كفـــة الإصلاح و إعادة تأهيل المحبوس لتحضير عودته و الاندماج في المجتمع، يتطلب إدخال أنظمة و تدابير جديدة في التشريع العقابي الأمر الذي تنبه إليه المشرع في الإصلاح الجديد من أجل تيسير تطبيق أنظمة إعادة التربية و إعادة الإدمــاج، نص قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج على عدة تدابير تهدف إلى جعل إعادة الإدماج حركية مستمرة و متواصلـة ترافق المحبوس و تتدرج به ، منها ما سبق عرضه في الفصل الأول عند دراستنا لأساليب إعادة التربية في البيئة المغلقـة و في البيئة المفتوحة . و سنحاول في دراستنا في هذا المطلب تبيان ما استحدثه المشرع في القانون الجديد تحت عنوان تكييف العقوبة (1) كما يلي :
    - نظام الإفراج المشروط.
    - إجازة الخروج.
    - التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة .
    - استعمال وسائل الاتصال عن بعد.
    مع تدعيم ذلك بإحصائيات عددية اعتمدتها إدارة السجون في تطبيق هذه الأنظمة العلاجية منذ تنصيب لجنة تطبيـق العقوبات في شهر جويلية 2005 ، و ما تم تحقيقه من نتائج على مستوى مؤسسة إعادة التربية بتمنراست.
    الفـرع الأول: نظام الإفراج المشروط.
    يشكل نظام الإفراج المشروط إحدى صور التنفيـذ الجزئي للعقوبة خارج أسوار السجن ،و خاصة بعد إدخـال تعديلات جوهرية على هذا النظام بموجب قانون تنظيم السجون رقم 05/04 ، بحيث أصبح يشكل أهم مؤشر على حسن سير السياسة الإصلاحية المنتهجة بموجب القانون أعلاه من خلال النتائج المحققة ميدانيا ، و ذلك بالنظـر إلى الدور الذي يلعبه هذا النظام في إعادة تأهيل المحبوسين اجتماعيا (2). و لمزيد من الشرح نتعرض إلى:
    أولا: تعريف الإفراج المشروط.
    يقصد بالإفراج المشروط تعليق تنفيذ الجزاء الجنائي قبل انقضاء كل مدته المحكوم بها ، متى تحققت بعض الشروط و التزام المحكوم عليه باحترام ما يفرض عليه من إجراءات خلال المدة المتبقية من ذلك الجزاء (3).
    ــــــــــــــ
    (1) انظر المواد من 129 إلى 150 من القانون 05/04.
    (2) Revue Pénitentiaire et de droit pénal – beltin de la société général des prisons et de législation criminelle – janvier, mars 1976, N 1, p 117.
    (3) د/ محمد صبحي نجم: أصول الإجرام و العقاب، المرجع السابق، ص 160.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    و يرجع ظهور هذا النظام إلى كل من ميرابو و بونفيل دي مارسا نجي ،بفضل الدراسة التي أنجزاها و تقدما بها إلى الجمعية الوطنية الفرنسية عام 1848 و طبقته فرنسـا لأول مرة في 1885.08.05 ، في حين سبقتها كـل من إنجلترا التي أخذت به سنة 1803 ثم انتقل بعـد ذلك إلى البرتغال و ألمانيا و دول أخرى ، و قد أخذ به المشـرع الجزائري في أحكام الأمر رقم 72/02 الملغى.
    و بالرغم من الضجة و الجدل الفقهي الكبير الذي دار حول تبني هذا النظام باعتبار أنه يمس مبدأ حجية الشـيء المقضي فيه من جهة ، و يخالف مبدأ الفصل بين السلطات من جهة أخرى،إلا أن هذا النظام يبرز عدة اعتبارات منها تشجيع المحبوس على التزام السلوك الحسن و الانضباط داخل السجن و خارجه حتى يستفيد من مزاياه ،خاصة إذا عرفنا أن المحبوس لا يستفيد منه بقوة القانون ، بمعنى أنه ليس حق له بـل هو منحة أو مكافأة للمحبوس الذي يلتزم بالنظام الداخلي للمؤسسة العقابية و يقدم ضمانات إصلاح حقيقــة من خلال استقامته طول فترة زمن الاختبار ، هذا ما أخذ به المشرع الجزائري في نص المادة 134 من القانون 05/04 و التي تنص:" يمكن للمحبوس الذي قضــى فترة اختبار من مدة العقوبة المحكوم بها عليه أن يستفيد من الإفـراج المشروط إذا كان حسن الســيرة و السلوك و أظهر ضمانات جدية لاستقامته".
    ثانيا: شروط الإفراج المشروط.
    من خلال استقراء نصوص قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين لا سيما المـادة 134 و ما يليها ، نستخلص منها شروط موضوعية و أخرى قانونية لاستفادة المحبوس من نظام الإفراج المشروط هي:
    أ- الشروط الموضوعية: و هي شروط متصلة بصفة المستفيد نوردها فيما يلي:
    - أن يكون للمحبوس سيرة حسنة داخل المؤسسة العقابية في الفترة التي أمضاها في الحبس.
    - أن يقدم المحبوس ضمانات إصلاح حقيقية لاستقامته، من خلال وجـود أمارات تدل بما لا يدع مجالا للشك على سهولة اندماجه في المجتمع و تكيفه معه.
    و إذا كان معيار حسن السيرة و السلوك معيارا ذاتيا يخشى من سوء استعماله ، فإن معيار إظهار ضمانات جدية للاستقامة معيار فضفاض يصعب التأكد منه، و لهذا نجد بعض التشريعات ( الايطالي و الألماني ) لم تأخذ به (1).
    ب- الشروط القانونية:
    - أن يكون المحبوس محكوما عليه نهائيا.
    - قضاء المحبوس نصف العقوبة إذا كان مبتدئ ،و ثلثيها إذا كــان معتاد الإجرام و في هذه الحالة يجب أن لا تقل العقوبة عن سنة ، في حين المحبوس المحكوم عليه بعقوبة المؤبد فلا يمكنه الاستفادة من هذا النظام إلا بعد قضائـه فعليا 15 سنة سجنا.
    - تسديد المصاريف القضائية و الغرامات و التعويضات المدنية المحكوم عليه بها، أو ما يثبت تنازل الطرف المدني عنها.
    ــــــــــــــ
    (1) د/ احسن بوسقيعة: الوجيز في القانون الجزائي العام، الطبعة الثالثة 2006 ، دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع بوزريعة الجزائر، ص 336.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    إضافة إلى شروط شكليــة تضمنها بالتفصيل المنشور رقم 01/05 و المتعلق بكيفية البت في ملفات الإفـراج المشروط (1) أهمها:
    - الطلب أو الاقتراح.
    - الوضعية الجزائيـة.
    - صحيفة السوابق القضائية رقم 02.
    - نسخة من الحكم أو القرار.
    - تقرير مدير المؤسسة العقابية عن وضعية المحبوس و سيرته و سلوكه خلال مدة حبسه.
    ثالثا: السلطة المختصة بالإفراج المشروط.
    إن السياسة الإصلاحية التي تبناها المشرع في قانون تنظيم السجون مست بشكل جوهري نظام الإفراج المشروط، حيث حسم في أمر سلطة منح الإفراج التي كانت محتكرة في يد وزير العدل حافظ الأختام في ظل الأمر 72/02 ، و بموجب المادة 141من القانون 05/04 تم التخلي عن مركزية القرار في السلطة التقريرية و توسيعها لقاضي تطبيق العقوبات في إطار نشاط لجنة تطبيق العقوبات ،و التي تختص بالفصل في ملفات الإفراج المشروط لفائدة المحكوم عليهم الذين بقي من عقوبتهم ما يساوي أو يقل عن أربع و عشرين (24) شهرا ، فيما أبقى على اتخاذ قرار الإفراج المشروط بالنسبة للمحكوم عليهم و الباقي على عقوبتهم مدة أكثـر من أربعة و عشرون (24) شهرا من اختصاص وزير العدل حافظ الأختام (2).
    و بغرض تفصيل دور الإفراج المشروط بما لديه من أهمية في إعادة تأهيل و إدماج المحبوس في المجتمع مجددا ، جاء استثمار المشرع في هذا النظام في محله و هذا ما تبينه النتائج المسجلة في الميدان، منذ دخول هذا القانون حيز التنفيـذ و تنصيب الآليات المختصة في منحه، و سوف تقدم هذه الإحصائيات في موضعها.
    كما أن الإصلاح المستحدث نوع من صور الإفراج المشروط إلى صور أخرى جديدة هي:
    الصورة الأولى: الإفراج المشروط لأسباب صحية.
    هذه الصورة نصت عليها المادة 148 من القانون أعلاه ،و يمكن أن يستفيد منها المحبوس دون استيفائه لشـروط المادة 134 المتمثلة في مدة الاختبـار ، في حين حددت المادة 149 من نفس القانون أعلاه إجـراءات و شـروط الاستفادة من هذه الصورة و هي:
    - أن يكون المحبوس المستفيد مصاب بمرض خطير أو إعاقة تتنافى مع بقائه في الحبس ،و من شأنها التأثير سلبا و بصفة مستمرة و متزايدة على حالته الصحية و البدنية و النفسية .
    - أن يكون مقرر الإفراج المشروط لأسباب صحية و الذي يصدره قاضي تطبيق العقوبات بعد أخذه رأي لجنة تطبيق
    ــــــــــــــ
    (1) انظر المنشور رقم 01/05 المؤرخ في 2005.06.05 المتعلق بكيفية البت في ملفات الإفراج المشروط الصادر عن وزير العدل حافظ الأختام،
    الملحق رقم 4-د.
    (2) المادة 142 من القانون 05/04.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    العقوبات مسببا بناءا على تقرير مفصل من طبيب المؤسسة العقابية مرفوقـا بتقرير خبرة طبية أو عقلية حسب الحالة
    يعدها ثلاثة أطباء أخصائيين في هذا المرض
    الصورة الثانية: الإفراج المشروط للمحبوس المبلّغ.
    هذه الصورة المستحدثة بموجب نص المادة 135 من قانون 05/04 و التي يستفيد منها المحبوس المبلغ للسلطات المختصة عن حادث خطير قبل وقوعه ، من شانه المساس بأمن المؤسسة أو يقدم معلومات للتعرف على مدبريـــه
    أو بصفة عامة يكشف عن مجرمين و إيقافهم.
    و الغاية من تقرير الصورتين ،هو انه إذا كانت الأولى تعود إلى اعتبارات إنسانية بالدرجة الأولى إلى جانب توفير الخزينة العامة لمصاريف تثقل كاهلها ، فان الثانية تعود إلى اعتبار امني بالدرجة الأولى للحفاظ على أمن المؤسسـات العقابيــــة.
    رابعا: الطعن و اثاره (1).
    في حالة الطعن في مقرر الإفراج المشروط من قبل النائب العام في أجل ثمانية ( 08) ايام من تاريخ التبليغ ، يوقف تنفيذه إلى غاية الفصل فيه من طرف لجنة تطبيق العقوبات في غضون خمسة و أربعين ( 45 ) يوما من تاريخ الطعن، و نكون هنا أمام حالتين:
    - في حالة رفض الطعن، يبلغ مقـرر الرفض الصادر عن لجنة تكييف العقوبـات بواسطة النيابة العامة لقاضي تطبيق العقوبات الذي يسهر على تنفيذه.
    - و في حالة قبول الطعن يقوم بإلغاء مقرر الإفراج المشـروط و يقوم امين اللجنة بتسجيل المقرر في السجل المعد لذلك.
    و إذا تم إلغاء مقرر الإفراج المشروط الصادر عن قاضي تطبيق العقوبات ،لا يمكن تقديم طلب جديد للاستفادة من الافراج المشروط قبل انقضاء مدة ثلاثة ( 03 ) أشهر من تاريخ مقرر لجنة تكييف العقوبات.
    و يترتب على استفاد المحبوس من الإفراج المشروط اثر فوري يتمثل في إخلاء سبيله قبل الأجل من خلال إعفاءه مؤقتا من قضاء ما تبقى من عقوبته و اثر آخر في إمكانية الرجوع في قرار الإفراج المشروط إذا طرأت إشكالات عرضية من شانها إبطاله كصدور حكم جديد بإدانة المستفيد من الإفراج المشروط قبل انقضاء مدة العقوبة التي استفاد من اجلها من الإفراج و في حالة إخلاله بالالتزامات المفروضة عليه سواء تعلق الأمر بتدابير المراقبة و المساعـــدة أو بإجراءات المنصوص عليها في مقرر الإفراج المشروط نفسه.
    و قد ذهب الدكتور احسن بوسقيعة إلى انه من المستحب أن لا ينظر عند منح الإفراج أو رفضه إلى ماضي المحبوس أي إلى الأفعال التي ارتكبها ، ذلك أن الإفراج المشروط مؤسسة موجهة للمستقبل و ليس للماضي(2).
    ــــــــــــــ
    (1) انظر المادة 141 و ما يليها من قانون 05/04.
    (2) د/ احسن بوسقيعة: المرجع السابق، ص 342.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    خامسا: النتائج المسجلة بعد تنصيب لجنة تطبيق العقوبات.
    منذ تخلي المشرع العقابي على نظام مركزية منح مقرر الإفراج المشـروط و الذي احتكره وزير العــدل حافظ الأختام في ظل أمر 72/02 بالقانون 05/04 و الذي جعل هذه السلطة في يد قاضي تطبيق العقوبات للفئة المحددة في نص المادة 141، و بعد تنصيب لجنة تطبيق العقوبات منذ شهر جويلية 2005 انعكس ذلك على النتائج المسجلة في الميدان من خلال نشاط هذه اللجنة الفعال، نبينه فيما يلي:
    أ- النتائج المسجلة على المستوى الوطني ( مختلف المؤسسات العقابية ):
    الملاحظ أن عدد المستفيدين من نظام الإفراج المشروط ارتفع بصورة نوعية و ذلك بداية من شهر جويلية 2005 تاريخ بداية نشاط لجان تطبيق العقوبات إلى غاية شهر افريل 2006 ، حيث بلغ العدد 1719 محبوس مستفيــد
    و من مختلف فئات المحبوسين المحكوم عليهم نهائيا (1) ،و بلغ العدد 6618 مستفيد إلى غاية شهــر ديسمبر 2007 ( الملحق رقم 3-ب ).
    ب- النتائج المسجلة على مستوى مؤسسة إعادة التربية بتمنراست:
    نفس الشيء يلاحظ بخصوص النتائج المسجلة على مستوى مؤسسة إعادة التربية بتمنراست ، و يتجلى ذلك من خلال تزايد عدد المستفيدين من نظام الإفراج المشروط و خاصة بعد تنصيب لجنة تطبيق العقوبات التي يترأسها قاضي
    تطبيق العقوبات ، إذ تمت استفادة ثلاثة ( 03 ) محبوسين سنة 2005 و ارتفع العدد إلى أربعة عشر ( 14 ) سنة 2006 و قفـز إلى ثلاثة و ثلاثون ( 33 ) مستفيد سنة 2007 ( الملحق رقم 3-ج ).
    الفــرع الثاني: إجازة الخروج (2).
    هذا التدبير مستحدث بموجب قانون تنظيم السجون الجديد،و بمقتضاه يتم السماح للمحبوس بترك السجن خلال فترة محددة ( 10 ايام ) لملاقاة و الاجتماع بأسرته و الاتصال بالعالم الخارجي ككل ، و قد نص المشرع علـى هذه الصيغة في المادة 129 من القانون أعلاه:" يجوز لقاضي تطبيق العقوبات بعد أخذ رأي لجنة تطبيق العقوبات مكافـأة المحبوس حسن السيرة و السلوك المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية تساوي ثلاث ( 03 ) سنوات أو تقل عنها بمنحه إجازة خروج من دون حراسة لمدة اقصاها عشرة ( 10) أيام.
    ــــــــــــــ
    (1) مجلة رسالة الإدماج : العدد الثالث جويلية 2006 ، المديرية العامة لإدارة السجون و إعادة الإدماج، ص 30.
    (2) ننبه إلى اختلاف إجازة الخروج عن رخصة الخروج المنصوص عليها في المادة 56 من نفس القانون من حيث:
    تمنح في حالات استثنائية ( ظروف إنسانية و عائلية ملحة كوفــاة ( AUTORISATION DE SORTIE ) - أن رخصة الخروج
    أحد أفراد العائلة ) و غالبا ما تكون ليوم واحد و لا تتجاوز ثلاثة أيام. في حين أن إجازة الخروج تمنح كمكافأة للمحبوس دون اعتبارات أخرى
    - تمنح رخصة الخروج للمحبوس مهما كانت وضعيته الجزائية متهم أو محكوم عليه عكس إجازة الخروج التي تمنح للمحبوس المحكوم عليه فقط.
    - تمنح رخصة الخروج من طرف القاضي المختص الذي يتواجد على مستواه الملف ( قاضي التحقيق ، وكيل الجمهورية ، النائب العام ، غرفــة
    الاتهام ) في حين تمنح إجازة الخروج من طرف قاضي تطبيق العقوبات في إطار نشاط لجنة تطبيق العقوبات.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    يمكن أن يتضمن مقرر منح إجازة الخروج شروطا خاصة تحدد بموجب قرار من وزير العدل حافظ الأختام".
    في حين تمنح إجازة لمدة 30 يوما أثناء فصل الصيف للحدث المحبوس من طرف مدير مركز إعادة تربية و إدمــاج
    الأحداث أو مدير المؤسسة العقابية،كما يستفيد من عطل استثنائية بمناسبة الأعياد الوطنية و الدينية مع عائلته في حدود 10 أيام في كل ثلاثة أشهر ، مكافأة لحسن سيرتــه و سلوكه حسب المادة 125 من نفس القانون .
    من خلال نص المادة 129 أعلاه ، نستخلص شروط الاستفادة من إجازة الخروج كمرحلة أولى ، ثم نحدد طبيعتهــا القانونية كمرحلة ثانية ، و نصل إلى دورها في إعادة إدماج المحبوس المستفيد منها كمرحلة أخــرى ، و سندعم فقرتنا هذه بآخر إحصائيات إدارة السجون في هذا المجال.
    أولا: شروط الاستفادة منها.
    - أن يكون المحبوس محكوم عليه نهائيا.
    - أن يكون المحبوس حسن السيرة و السلوك.
    - أن يكون محكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية تساوي ثلاث ( 03 ) سنوات أو تقل عنها.
    - إمكانية تضمين مقرر منح الإجازة شروطا خاصة يحددها وزير العدل حافظ الأختام.
    و بالنسبة للأحداث فان استفادتهم من هذا التدبير غير مقترن بالشروط المذكورة أعلاه.
    ثانيا: طبيعتها القانونية.
    بالرجوع إلى نص المادة 129 أعلاه،تتضح الطبيعة القانونية لإجازة الخروج من حيث أنها لا تعد حقا للمحكوم عليه ، بل هي آلية جوازية في يد قاضي تطبيق العقوبات و الذي يكافئ عن طريقها المحبوس الذي تتوفر فيه الشروط المبينة أعلاه ، تشجيعا له على مواصلة حسن السيرة و السلوك داخل المؤسسة العقابية.و تجدر الإشارة إلى أن هذه الآلية تمنح لقاضي تطبيق العقوبات سلطة تقديرية في منحها من عدمه ،و كذا في تقدير مدة الاجازة بحسب جدية استقامة كل محبوس ، و لا تتعدى عطلة أو إجازة الخروج عشرة ( 10 ) أيام كأقصى حد لهـــا.
    ثالثا: دورها في إعادة إدماج المحبوس المستفيد.
    تبنى المشرع هذه الصيغة و النظام ( إجازة الخروج ) في قانون تنظيم السجون الجديد على غرار بقية التشريعـات و الأنظمة المقارنة المتطورة في هذا المجال ،منها النظام الفرنسي الذي أخذ بهذه الصيغة و صيغ أخرى لم يتبناها المشرع الجزائري بعـد ، بموجب المادة 9- 149D من قانون الإجراءات الجزائية الفرنســي و كذا المرسوم المــؤرخ في 1972.09.12 ( 1) ، و ذلك لما تحققه هذه الصيغة من فوائد في إعادة إدماج المحبوسين اجتماعيا نوردهـا في:
    - أن خروج المحبوس و اجتماعه بأسرته يحقق فوائد عظيمة ، إذ يطمئن على أحوالهم و على أحوال المجتمع بصفــة عامة فتهدأ نفسه و تثمر معه المعاملة العقابية مما يساعد على تأهيله و إصلاحه (2).
    ــــــــــــــ
    (1) revue pénitentiaire et de droit pénal : ouvrage précèdent, p 109.
    (2) د/ محمد صبحي نجم: أصول الإجرام و العقاب، المرجع السابق، ص 149.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    - أن إجازة الخروج تعد عطلة يكافأ من خلالها المحبوس و التي يستغلها في التقليل من حدوث المشاكل العائلية جراء اعتقالـــه.
    - كما تعد إجازة الخروج في ظل السياسة العقابية الحالية المطبقة في النظام الجزائري أنجع علاج للمشكلة الجنسيـة ، ذلك أن الحرمان الطويل من إشباع الرغبـة الجنسية - و خصوصا في العقوبات الطويلة المدة - كثيرا ما تنشأ عنـه اضطرابات نفسية و عصبية و يفضي كذلك إلى ظواهر شـاذة كالعادة السرية و اللواط (1) ، لاسيمـا و أن المشرع الجزائري لم يسمح بإتاحة المحبوس زيارات زوجية ( حق الخلوة ) كما هو عليه في بعض الأنظمة المقارنـة التي تسمح للمحبوس أن يجامع زوجته إن كان متزوجا.
    و في هذه النقطة أكدت منظمة الإصلاح الجنائي الدولي P.R.I و المهتمة بقطاع السجون على ما يلي:
    - mais la meilleure façon d’encourager les relations des détenus avec l’extérieur est l’octroi de permissions ou de congés :
    - le retour périodique du détenu dans son foyer peut atténuer certain
    problèmes inhérents a l’incarcération.
    En particulier les difficultés sexuelles et relationnelles avec leur
    partenaires (2).
    رابعا: النتائج المسجلة.
    بلغت حصيلة نشاط لجان تطبيق العقوبات منذ تاريخ تنصيبها شهر جويلية 2005 على مستوى المؤسســات العقابية حيث تم منح 1186 إجازة خروج (3)، و بلغ العدد 7046 مستفيد إلى غاية شهر ديسمبر 2007 ( الملحق رقم 3-ب ).
    و الملاحظ على مستوى نشاط لجنة تطبيق العقوبات بمؤسسة إعادة التربية بتمنراست أنها لم تطبق هذه الصيغة، أي لم تمنح إجازة الخروج للمحبوسين عكس ما هو عليه في باقي لجان تطبيق العقوبات الأخرى ، و يرجع ذلك حسب قاضي تطبيق العقوبات بصفته رئيس لجنة تطبيق العقوبات على مستوى هذه المؤسسة العقابية إلى طبيعة الجمهــور العقابي الذي يشكل المؤسسة العقابية ، حيث أن نسبة كبيرة منهم أجانب إضافة إلى نسبة كبيرة من المحبوسين ليس لهم إقامة ثابتة و مستقرة على مستوى مدينة تمنراست مما يتنافى و تحقيق الهدف المنشود من الاستفادة من هذا النظام المقرر أساسا للحفاظ على الروابط العائلية.
    ـــــــــــــ
    (1) د/ رمسيس بهنامر: علم الإجرام ، الجزءان الثاني و الثالث علم الاجتماع الجنائي و علم السياسة الجنائية أو الوقاية و التقويم ، الكتب القانونية ، منشاة المعارف بالإسكندرية ، ص 511-512.
    (2) pratique de la prison : ouvrage précédent , p 99.
    (3) أبواب مفتوحة على العدالة : المرجع السابق ، ص 110.

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

    اعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين  Empty رد: اعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين

    مُساهمة من طرف Admin الجمعة يوليو 19, 2013 5:40 pm

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    الفرع الثالث:التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة (1)
    يمثل نظام التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة أحد التدابير و الأنظمة المستحدثة بموجب القانون الجديـد 05/04 ، مضمونه انه إذا كان الإفراج المشروط ينطوي على تغيير في كيفية تنفيذ الجزاء من الوسط المغلق إلى وسـط حر، فان
    التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة يقتصر على مجرد تعليق و رفع قيد سلب الحرية خلال فترة تنفيذ العقوبة لمدة معينـة لا تتجاوز ثلاثة (03 ) اشهر ، و يواصل تنفيذ مدة العقوبة الباقية داخل الوسط المغلق.
    و قد نصت المادة 130 من القانون 05/04 أعلاه انه يجوز لقاضي تطبيق العقوبات بعد أخذ رأي لجنـة تطبيق العقوبات إصدار مقرر مسبب بتوقيف تطبيق العقوبة السالبة للحرية لمدة لا تتجاوز ثلاثة ( 03 ) اشهر إذا كان باقي العقوبة المحكوم بها على المحبوس يقل عن سنة ( 01 ) واحدة أو يساويها.
    أولا: شروط الاستفادة من هذا الإجراء.
    من نص المادة 130 نستخلص هذه الشروط و هي:
    - أن يكون المحبوس محكوما عليه نهائيا.
    - أن يكون باقي العقوبة المحكوم بها اقل من سنة واحدة أو تساويها.
    - أن يكون توقيف العقوبة مؤقتا في حدود ثلاثة اشهر.
    - أن تتوفر في المحبوس إحدى الأسباب المذكورة في نص المادة 130 أعلاه.
    ثانيا: آثار هذا الإجراء.
    لهذا الإجراء أثرين هما:
    - رفع القيد ( سلب الحرية ) مؤقتا خلال فترة توقيف العقوبة.
    - لا تخصم فترة توقيف العقوبة من مدة العقوبة المحكوم بها.
    ثالثا: إجـــراءاته.
    للاستفادة من هذا النظام يجب:
    - أن يقدم المحبوس أو ممثله القانوني أو احد أفراد عائلته طلب الاستفادة من تعليق العقوبة.
    - يوجه الطلب إلى قاضي تطبيق العقوبات و الذي يفصل فيه خلال عشرة (10 ) أيام من تاريخ إخطاره.
    - تبليغ مقرر التوقيف أو رفضه إلى النائب العام و المحبوس حسب الحالة في أجل ثلاث (3) أيام من تاريخ البت فيه.
    - إمكانية الطعن في مقرر التوقيف المؤقت للعقوبة أو رفض الطلب في أجل ثمانية (Cool أيام من تاريخ التبليغ و يكون له اثر موقف.
    ــــــــــــــ
    (1) و يختلف هذا التدبير عن نظام التأجيل المؤقت لتنفيذ العقوبة المنصوص عليه في المادة 15 من قانون 05/04 في أن هذا الأخير يستفيد منه المحكوم عليه نهائيا قبل تنفيذ العقوبة السالبة للحرية إذا توفرت الحالات المنصوص عليها في المادة 16 من نفس القانون.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    و المشرع الجزائري بتبنيه لهذا النظام ،فهو يراعي من خلاله ظروف المحبوس الاجتماعية و العائلية و لأسبــاب إنسانية (1) ملحة تعترض حياة المحبوس أثناء تنفيذه لعقوبته تقتضي وجوده خارج أسوار السجن ، للمساهمة في تقديم ما تفرضه تلك الأسباب أو الظروف من واجبات. فقد يمرض احد أفراد أسرته مرضا خطيرا يكشف عن دنـو اجله، أو قد يموت احدهم فيكون من المناسب خروج المحكوم عليه لكي يقف بجانب أسرته في هذا الظرف الإنساني، فيعود المريض الذي أشرف على الموت و يشترك في تشييع جنازة من مات منهم ، و يمكن أن يكون تعليق العقوبة مؤقتـا لمناسبات سعيدة مثل تأدية امتحان.
    و قد نصت القاعدة 44/2 من مجموعة قواعد الحد الأدنى لمعاملة المساجين على:
    - un détenu doit informé immédiatement du décès ou de la maladie grave d’un proche parent, en cas de maladie dangereuse d’une t’elle personne lorsque les circonstances le permettent.
    Le détenu devait être autorisé a se rendre a son chevet soit sans escorte, soit librement (2).
    و حرصا من المشرع على استعمال هذه التدابير أعلاه وفق ما سطره قانون تنظيم السجون بخصوص التجسيد الحقيقي و الفعلي لسياسة إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين اعتبر المحبوس المستفيد منها و لم يرجع إلى المؤسسة العقابية بعد انتهاء المدة المحددة له في حالة هروب و يتعرض للعقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات ( المادة 169 من قانون 05/04 ).
    الفرع الرابع: وسائل الاتصال عن بعد.
    إن الإصلاحات التي تبناها قانون تنظيم السجون الجديد أولت أهمية قصوى لتحديث عتاد و تجهيزات المؤسسات العقابية و تزويدها بالوسائل الحيوية ، التي من شانها التقليل من فوارق الحياة الموجودة بين خارج السجن و داخلـه ، لذا فالمشرع نص في المادة 72 من القانون أعلاه على انه " يمكن أن يرخص للمحبوس الاتصـال عن بعد باستعمال الوسائل التي توفرها له المؤسسة العقابية.
    تحدد كيفيات تطبيق أحكام هذه المادة عن طريق التنظيم".
    و قد جاء المرسوم التنفيذي رقم 05/430 الصادر في 2005.11.08 و الذي يحدد وسائل الاتصال عن بعـد و كيفية استعمالها من قبل المحبوسين (3) بهدف إبقاء المحبوس على علاقة مستمرة بأسرته ، و ذلك لما للرابطة العائلية من تأثير علـــى شخصيته و الرفع من معنوياته و تخفيف أعباء تنقل أفراد الأسرة لزيارته.
    و يستفيد الحدث المحبوس على وجه الخصوص من استعمال وسائل الاتصال عن بعد تحت رقابة الإدارة ( المادة 119/2 من قانون 05/04 ).
    ــــــــــــــ
    (1) انظر المادة 130 من القانون 05/04.
    (2) pratique de la prison : ouvrage précédent, p 107.
    (3) انظر الجريدة الرسمية عدد 74 لسنة 2005.
    الفصل الثاني: أنظمة و آليات إعادة التربية و الإدماج الاجتماعي للمحبوسين
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    كما مكن القانون الجديد المحبوس بالمحادثة مع زائريه دون فاصلrapproché parloir وفقا للنظام الداخلي للمؤسسة العقابية ، و ذلك من اجل توطيد أواصر العلاقات العائلية للمحبوس من جهة ،و إعادة إدماجه اجتماعيـا أو تربويا من جهة ثانية ،أو لأي سبب اخر لاسيما إذا تعلق بوصفه الصحـي (1).
    إن برنامج إصلاح السجون الذي جاء بتدابير و إجراءات قانونية جديدة سمح بترقية النشاط التربوي و الإصلاحي داخل المؤسسات العقابية و جعلها متفتحة اكثر مع العالم الخارجي ، و هذا ما تعكسه النتائج المسجلة خلال السنوات الأخيرة من حيث ارتفاع عدد المحبوسين المسجلين لمزاولة التعليم و التكوين في كل المستويات و التخصصات ، و كذا عدد المستفيدين من مختلف الأنظمة الجديدة من إفراج مشروط و إجازة الخروج و حرية نصفية ... إلا أن تطبيــق برامج إعادة التربية و الإدماج الاجتماعي للمحبوسين بشكل فعال ، يبقى بحاجة لتدخل المشرع من جديد لإثــراء قانون تنظيم السجون أسوة بقانون العقوبات و قانون الإجراءات الجزائية ، على غرار باقي التشريعات المقارنـــة و المتطورة في هذا المجال، بمجموعة من التدابير و الجزاءات البديلة للعقوبة السالبة للحرية و التي أثبتت فعالية نتائجها بخصــوص إصلاح المحبوس و حماية المجتمع معا ، و أكثر هذه الأنظمة شيوعا ما يلي:
    العمل للصالح العام ، حبس نهاية الأسبوع Weekend pénal ، تخفيض العقوبة réduction de peine
    و تجدر الإشارة إلى أن تطبيق هذه الأنظمة الجديدة التي سطرها المشرع بموجب الإصلاح العقابي الجديد ،بحاجـة إلى تضافر جهود الجميع من قطاعات دولة و مؤسسات المجتمع المدني، و هذا ما سوف نتطرق إليه في دراستنا الآتية.
    ــــــــــــــ
    (1) المادتين 69 ، 119/2 _5 من القانون 05/04.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    المبحث الثـاني:الآليات الجديدة لإعــادة التربية و الإدماج الاجتماعي للمحبوسـين
    إذا كان المشروع الإصلاحي للسياسة العقابية الذي تبناه قانون تنظيم السجون فرضته التغيرات و المستجــدات الحديثة ، و في سبيل تقوية فرص الإدماج الاجتماعي للمحبوسين سواء أثناء مرحلة تنفيذ العقوبة أو بعد الإفــراج عنهم ، فان القانون المذكور أعلاه وضع آليات جديدة تتمثل في مختلف اللجان و المصالح و الهيئات و الجمعيــات المدنية ، و التي تعمل بالتنسيق فيما بينها قصد إعداد و تحضير المحبوسين للعودة للعيش ضمن مجتمعهم بصفة عادية كمرحلة أولى ، ثم التكفل بهم لنجاح إعادة إدماجهم من جديد و اتقاء انتكاسهم و معاودتهم الإجرام و بؤر الفساد كمرحلة ثانية ، من خلال إشراك المجتمع المدني باعتبار أن إصلاح المجتمعات لا يكون إلا بإصلاح الأفراد.
    لذا سنحاول في هذا المبحث ، التعرض لمختلف اللجان و المصالح المتواجدة على مستوى المؤسسات العقابيــة و الإدارة المركزية المسندة لها مهام تطبيق برامج إعادة التربية و الإدماج خلال مرحلة تنفيذ العقوبة ( المطلب الأول )، ثم نتطرق إلى المصالح الخارجية و دور المجتمع المدني و مختلف الجمعيات في التكفل بالمحبوسين بعد الإفراج عنهـــم ( المطلب الثاني ).
    المطـلب الأول:الآليــات الجديدة لإعادة التربيةو الإدماج خلال مرحلة سلب الحرية
    سبق و أن تناولنا أن عملية إعادة تربية و إدماج المحبوسين اجتماعيا تجد إطارها الفعال خلال مرحلة سلب الحرية، أي داخل الوسط المغلق باعتباره المكان المناسب لإخضاع المحبوسين لأساليب المعاملة العقابية الحديثة ، بحكم ما تتوفر عليه المؤسسة العقابية من إمكانيات مادية و بشرية هائلة تجعل من تطبيق برامج إعادة التربية و الإدمـاج الاجتماعي المستحدثة بموجب القانون الجديد ، و التي ترجح كفة الإصلاح و إعادة الإدماج و التأهيل عن طريق تغيير و توجيه سلوك المحبوسين إلى ما يفيد إعادة إدماجهم ضمن المجتمع بعد إطلاق سراحهم و استرجاع حريتهم.
    و في سبيل ذلك ، يتعين أن يتولى تطبيق هذه البرامج و أنظمة إعادة الإدماج المستحدثة بموجب القانون أعلاه، جهاز فعال يتكون من مجموعة من الآليات أو اللجان و المصالح التي من شانها الدفع بوتيرة الإصلاحات إلى أن تحقق مراميها كاملة ، و سوف نتطرق إليها كما يلي:
    الفـرع الأول: قاضي تطبيق العقوبات
    تبنى قانون تنظيم السجون الجديد مصطلح قاضي تطبيق العقوبات على غرار النظام الفرنسي و الذي اخذ بنفس المصطلح Le juge de l’application des peines ، عكس بعض الأنظمة التي أخذت بمصطلح قاضي الإشراف على التنفيذ (1).
    أولا: اختيار و تعيين قاضي تطبيق العقوبات.
    طبقا لنص المادة 22 من قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين يعين قاضي تطبيـــق العقوبات بموجب قرار من وزير العدل حافظ الأختام و يختار من بين القضاة المصنفين في رتب المجلس القضائي و ممن لهم دراية و يولون عناية خاصة بمجال السجون.
    و قد يعين قاض أو أكثر في دائرة كل مجلس قضائي تسند له مهام قاضي تطبيق العقوبات.
    من خلال المادة أعلاه ، نستنتج أن اختصاص قاضي تطبيق العقوبات يشمل كافة المؤسسات العقابية التي تتواجد في دائرة اختصاص المجلس القضائي الذي يعين فيه.
    إلا أن الإشكال الذي يعيق قاضي تطبيق العقوبات في أداء مهامه على احسن وجه ، هو مدى إمكانية تفرغه كليا لهذه المهام فقط و إعفاءه من باقي المهام المكلف بها كقاضي حكم أو نيابة.
    ثانيا: اختصاصات قاضي تطبيق العقوبات.
    يختص قاضي تطبيق العقوبات بالسهر و الإشراف و مراقبة مشروعية تطبيق العقوبات السالبة للحرية و العقوبات البديلة عند الاقتضاء ، و على ضمان التطبيق السليم لتدابير تفريد العقوبة.
    و بموجب القانون 05/04 فان مركز قاضي تطبيق العقوبات يعد من أهم آليات إعادة الإدمـاج ، خاصة و أن صلاحياته و سلطاته في إصدار القرارات و إبداء الرأي توسعت بشكل يساعد على أداء مهامه على النحــو الذي سطره هذا القانون.
    و من أهم هذه المهام و الصلاحيات ما تضمنته نصوص قانون تنظيم السجون الجديد نجملها فيما يلي:
    - دوره في النزاعات العارضة في تنفيذ الأحكام الجزائية: نصت المادة 14/2 من القانون أعلاه " يرفع هذا الطلب أمام الجهة القضائية التي أصدرت الحكم أو القرار أو من قاضي تطبيق العقوبات ".
    - دوره في أنظمة الاحتباس: نصت المادة 46/3 من نفس القانون على أن المحبوس الخطير يتم وضعه في العزلة لمدة محدودة بناءا على مقرر يصدره قاضي تطبيق العقوبات كتدبير وقائي.
    - دوره في حركة المحبوسين : جاء في المادة 53/2 على أن يأمر القاضي المختص باستخراج المحبوس لمثوله امام الجهة القضائية المختصة و يأمر به قاضي تطبيق العقوبات في الحالات الأخرى.
    ــــــــــــــ
    (1) من بين التشريعات التي أخذت بقاضي التنفيذ التشريع الايطالي.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    - دوره في الزيارات و المحادثة : نصت المادة 67 من القانون أعلاه على أن " للمحبوس الحق في أن يتلقـى زيارة الوصي عليه و المتصرف في أمواله و محاميه أو أي موظف أو ضابط عمومي متى كانت أسباب الزيارة مشروعة.
    تسلم رخصة الزيارة للأشخاص المذكورين أعلاه من طرف قاضي تطبيق العقوبات ".
    - دوره في شكاوى المحبوسين و تظلماتهم ( المادة 79 من نفس القانون ):
    تم توسيع تدخل قاضي تطبيق العقوبات في تلقي شكاوى و تظلمات المحبوسين بغض النظر عن وضعيتهم الجزائيــة ( متهمين ، مستأنفين ، طاعنين ، محكوم عليهم نهائيا ) و هذا من خلافا للأمر الملغى رقم 72/02 و الذي كــان يحصر تدخل قاضي تطبيق العقوبات على فئة المحكوم عليهم نهائيا فقط.
    - دوره في النظام التأديبي ( المادة 83 من القانون أعلاه ):
    صنف القانون الجديد التدابير التأديبية إلى ثلاث ( 03 ) درجات و ترك أمر تحديد طبيعة الأخطاء التأديبية للنظام الداخلي للمؤسسة العقابية (1).
    و تتخذ التدابير بمختلف درجاتها بمقرر مسبب من طرف مدير المؤسسة بعد الاستماع للمحبوس المعني.
    مع الإشارة إلى أن القانون الجديد قلص من مدة الوضع في العزلة التأديبية من 45 يوما في ظل القانــون القديم إلى 30 يوما.
    كما أن صلاحية الوضع في العزلة التأديبية لم يعد من صلاحيات قاضي تطبيق العقوبات بل يعود القرار إلى مدير المؤسسة العقابية ، إلا انه للمحبوس المعاقب بموجب هذا التدبير أن يطعن فيه أمام قاضي تطبيق العقوبات في اجــل 48 ساعة من تاريخ التبليغ ، و يفصل فيه هذا الأخير في أجل خمسة ( 05 ) أيام من تاريخ الإخطار به.
    كما انه لقاضي تطبيق العقوبات دور في إطار نشاط لجنة تطبيق العقوبات بصفته رئيسا لها نتناوله في الفرع الموالي.
    ــــــــــــــ
    (1) في ظل الأمر 72/02 الملغى كان ينص على مصطلح العقوبات التأديبية بدل التدابير التأديبية.
    الفصل الثاني: أنظمة و آليات إعادة التربية و الإدماج الاجتماعي للمحبوسين
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    الفــرع الثاني: لجنة تطبيق العقوبات
    من أهم الآليات المستحدثة بموجب قانون تنظيم السجون الجديد ما نصت عليه المادة 24 منه (1) و ما تضمنه المرسوم التنفيذي رقم 05/180 المؤرخ في 2005.05.17 ،إنشاء لجنة تطبيق العقوبات (2) يرأسها قاضي تطبيق العقوبات.
    إن هذه اللجنة التي يكون مقرها بالمؤسسات العقابية تعد وسيلة فعالة تساعد على إعادة التربية و الإدماج الاجتماعي للمحبوسين.
    و في إطار تأطير نشاطات إعادة تربية الأحداث و إدماجهم الاجتماعي،نصت المادة 126 من القانون أعلاه على إنشاء لجنة إعادة التربية لدى كل مركز لإعادة التربية و إدماج الأحداث و المؤسسات العقابية المهيأة بجناح استقبال الأحداث ، و يترأسها قاضي الأحداث (3) إضافة إلى عضوية كل من مدير المركز أو مدير المؤسسة العقابية، الطبيب، الأخصائي النفساني ، المربي ، ممثل الوالي ، رئيس المجلس الشعبي البلدي أو ممثله.
    و سوف نركز في دراستنا هذه على لجنة تطبيق العقوبات من خلال النقاط الآتية:
    أولا: تشكيلة اللجنة.
    نصت المادة 02 من المرسوم التنفيذي رقم 180/05 على تشكيلة لجنة تطبيق العقوبات كمايلي:
    - قاضي تطبيق العقوبات رئيسا.
    - مدير المؤسسة العقابية أو المركز المتخصص للنساء حسب الحالة عضوا.
    - المسؤول المكلف بإعادة التربية عضوا.
    - رئيس الاحتباس عضوا.
    - مسؤول كتابة الضبط القضائية للمؤسسة العقابية عضوا.
    - طبيب المؤسسة العقابية عضوا.
    - الأخصائي النفساني بالمؤسسة العقابية عضوا.
    - مربي من المؤسسة العقابية عضوا.
    - مساعدة اجتماعية من المؤسسة العقابية عضوا.
    ــــــــــــــ
    (1) تنص المادة 24 من قانون 05/04 على: تنشأ لجنة تطبيق العقوبات لدى كل مؤسسة وقاية و كل مؤسسة إعادة التربية و كل مؤسسة إعادة التأهيل و في المراكز المخصصة للنساء.
    (2) انظر الجريدة الرسمية عدد 35 لسنة 2005.
    (3) يعين رئيس لجنة إعادة التربية بقرار من وزير العدل حافظ الأختام لمدة 03 سنوات قابلة للتجديد بناء على اقتراح من رئيس المجلس القضائي
    المختص و ذلك ما نصت عليه المادة 127 من قانون 05/04.
    الفصل الثاني: أنظمة و آليات إعادة التربية و الإدماج الاجتماعي للمحبوسين
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    ثانيا: مهــام اللجنة.
    إن ما يميز عمل لجنة تطبيق العقوبات هو العمل الجماعي الذي يرمي إلى معرفة شخصية المحبوس ، و من ثم إخضاعه للعلاج العقابي الذي يناسب و يتماشى مع شخصيته ، و درجة خطورته ، و استعداده لتقبله، و تدرجه نحو إعادة تربيته و إدماجه من جديد ضمن المجتمع . و بغرض تحقيق ذلك ، ارتأى المشرع ضرورة استحداث هذه اللجنة بدلا من لجنة الترتيب و التأديب (1) الواردة في القانون السابق ، و خولها جملة من المهام و الصلاحيات هي:
    - ترتيب و توزيع المحبوسين حسب وضعيتهم الجزائية و خطورة الجريمة المحبوسين من اجلها ، و جنسهم ، و سنهم ، و شخصيتهم ، و درجة استعدادهم للإصلاح.
    - متابعة تطبيق العقوبات السالبة للحرية و البديلة عند الاقتضاء.
    - دراسة طلبات إجازات الخروج ،و طلبات التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة ،و طلبات الإفراج المشروط و الإفراج المشروط لأسباب صحية.
    - دراسة طلبات الوضع في الوسط المفتوح و الحرية النصفية و الورشات الخارجية.
    - متابعة تطبيق برامج إعادة التربية و تفعيل آلياتها (2).
    و أهم ما يميز إنشاء لجنة تطبيق العقوبات في الإصلاح الجديد هو:
    أ- انه في كل مؤسسة عقابية سواء وقاية أو إعادة التربية أو إعادة التأهيل تنشئ لجنة تطبيق العقوبات ،عكس ما كان عليه الحال في ظل الأمر 72/02 حيث اقتصر تواجد لجنة الترتيب و التأديب على مستوى مقر مؤسسة إعادة التربية و إعادة التأهيل دون مؤسسات الوقاية ، و هذا لتدارك التأخر في الفصل في الملفات المطروحة على مختلف اللجان المتواجدة و إعطاء حركية أكثر فاعلية لسياسة إعادة الإدماج.
    ب- فيما يخص صلاحيات لجنة تطبيق العقوبات ،فقد توسعت بشكل واضح بموجب القانون الجديد و أصبح لها سلطة اتخاذ القرار ، بعد أن كانت سلطتها في القانون القديم تقتصر على مجرد الاقتراح و إبداء الرأي بخصوص المنح أو التعديل أو الإلغاء لأنظمة و تدابير إعادة التربية و الإدماج، و ذلك بتخلي المشرع عن مركزية القرار و الذي كان بيد وزير العدل حافظ الأختام، ليمتد بموجب قانون 05/04 إلى قاضي تطبيق العقوبات في إطار ترأسه لنشاط لجنة تطبيق العقوبات التي لها اتخاذ القرار السيد دون الرجوع إلى الإدارة المركزية و بالخصوص:.
    - منح الإفراج المشروط إذا كان باقي العقوبة يساوي أو يقل عن 24 شهر.
    - منح مقرر الاستفادة من التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة لمدة لا تتجاوز ثلاثة ( 03 ) أشهر.
    ـــــــــــــ
    (1) انظر المادة 24 من قانون 05/04.
    (2) جاء تعويض لجنة تطبيق العقوبات بدلا من لجنة الترتيب و التأديب على غرار المشرع الفرنسي الذي كان سباقا في هذا الشأن.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    - منح إجازات الخروج لمدة أقصاها عشرة ( 10 ) أيام.
    - الوضع في الوسط المفتوح ، الحرية النصفية ، الورشات الخارجية.
    إضافة إلى مهام أخرى لا تقل أهمية عن ما ذكر أعلاه ، حيث تسهر على ترتيب و توزيع المحبوسين فور دخـولهم المؤسسة ، و متابعة تطبيق العقوبات السالبة للحرية و البديلة عند الاقتضاء ،و متابعة تطبيق برامج إعادة التربيـــة و تفعيلهـــا.
    ج- جعل القانون الجديد رئاسة لجنة تطبيق العقوبات لقاضي تطبيق العقوبات كما كان الشأن بالنسبة للجنــة الترتيب و التأديب سابقا ، إلا انه بموجب الإصلاح الجديد أصبح عمل لجنة تطبيق العقوبات اكثر جماعية و تشاوريا، و أصبح القرار الذي تتخذه اللجنة تداولي بين أعضائها و في حالة تساوي الأصوات يرجح صوت رئيس اللجنــة المتمثل في قاضي تطبيق العقوبات ، بعدما كان رأي أعضاء لجنة الترتيب و التأديب سابقا استشاري فقط و سلطة اتخاذ القرار النهائي تعود لقاضي تطبيق العقوبات.
    ثالثا: دراسة الطلبات و آجال البت فيها.
    تجتمع لجنة تطبيق العقوبات شهريا (1) و بطلب من رئيسها قاضي تطبيق العقوبات ،و بعد تحديد تاريخ الجلسة يقوم أمين ضبط اللجنة بتحرير الاستدعاءات لحضور الجلسة ، و يرسلها بعد توقيعها من الرئيس إلى أعضاء اللجنـة و ذلك في آجال معقولة. يقوم أمين اللجنة بتحرير محضر الاجتماع و الذي يحمل توقيع أعضاء اللجنة و الرئيس و أمين الضبط.
    كما يمسك أمين اللجنة سجلات مرقمة و مؤشر عليها من طرف قاضي تطبيق العقوبات.
    تتداول لجنة تطبيق العقوبات في الملفات المعروضة عليها بحضور ثلثي أعضاء اللجنة على الأقل ، و تتخذ مقرراتها بأغلبية الأصوات و في حالة تعادلها يكون صوت الرئيس مرجح.
    يقوم أمين اللجنة بتبليغ مقررات اللجنة و خاصة الفاصلة في :
    - ملفات الإفراج المشروط.
    - طلبات الاستفادة من التوقيت المؤقت لتطبيق العقوبات.
    و ذلك لأن المقررات الفاصلة فيها سواء بالمنح أو الرفض ، تخضع حسب الحالة إلى إجراء الطعن في غضون ثمانية أيام من تاريخ التبليغ سواء من النائب العام أو من المحبوس، و توجه الطعون إلى لجنة تكييف العقوبات في خلال خمسة عشر يوما ابتداء من تاريخ تسجيل الطعن.
    ـــــــــــــــ
    (1) انظر المادة 06 من المرسوم التنفيذي رقم 05/180 المشار إليه أعلاه.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    الفــرع الثالث: لجنة تكييف العقوبات
    هي آلية جديدة نصت عليها المادة 143 من قانون تنظيم السجون و تحدث لدى وزير العدل حافظ الأختام في حين يتواجد مقرها على مستوى المديرية العامة لإدارة السجون و إعادة الإدماج ، أنشئت بموجب المرسوم التنفيذي
    رقم 05/181 المؤرخ في 2005.05.17 ( جريدة رسمية عدد 35 لسنة 2005 ) .
    أولا: مهامهـــا.
    نصت المادة 143 من قانون تنظيم السجون الجديد و المادة 10 من المرسوم التنفيذي رقم 05/181 الذي يحدد تشكيلة لجنة تطبيق العقوبات و تنظيمها و سيرها ،على مهام اللجنة و التي تتداول فيها بحضور 2/3 من أعضائها على
    الأقل، و يمكن إجمالهــــا في:
    01- دراسة طلبات الإفراج المشروط التي تفوق مدتها (24 ) أربعة و عشرون شهرا و التي يؤول الاختـصاص فيها إلى وزير العدل.
    02- البث في الطعون المرفوعة ضد مقررات لجنة تطبيق العقوبات و خاصة :
    - مقررات منح الإفراج المشروط أو الرفض.
    - مقررات التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة أو الرفض.
    03- الفصل في الإخطارات المعروضة عليها من طرف وزير العدل طبقا لنص المادة 159 من قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين 05/04 .
    04- إبداء رأيها في طلبات الإفراج المشروط التي يؤول الاختصاص فيها إلى وزير العدل .
    ثانيا: آجال البث في الطعون و الإخطارات.
    فيما يخص آجال البت نفرق بين:
    أ- بالنسبة للطعون : يتم الفصل في الطعون المعروضة عليها في أجل خمسة و أربعون (45) يوما ابتداء من تاريـخ الطعن ( المادة 141 من قانون 05/04 و المادة 11 من المرسوم التنفيذي رقم 05/181 ).
    ب- بالنسبة للإخطارات : تفصل في الإخطارات المعروضة عليها طبقا للمادة 161 من قانون تنظيم السجون في أجل 30 يوما ابتداء من تاريخ الإخطار ( المادة 11/2 من المرسوم التنفيذي رقم 05/181 ).
    - في إطار نشاط لجنة تكييـف العقوبات التي يترأسها قاضي من قضاة المحكمة العليا منذ تاريخ تنصيبها شهـر جوان 2005 إلى غاية شهر ديسمبر 2007، و بمناسبة نظرها في الطعون المرفوعة أمامها و الخاصة بملفات الإفراج المشروط، تم إحصاء مايلي ( الملحق رقم 3-ه ):
    مجموع الملفات المطعون فيها:1529 المقبولة: 906 المرفوضة: 514 بدون موضوع: 109
    هذا فيما يخص الآليات المنوط بها متابعة المحبوسين خلال مرحلة تنفيذ العقوبة ، بحيث تطرقنا إلى الأهمية البالغة التي أولاها قانون تنظيم السجون الجديد لهيئة قاضي تطبيق العقوبات بإعطائه صلاحيات واسعة تساعده علـى أداء مهامه على النحو الذي سطره القانون ، و إلى جانب تنصيب لجان تطبيق العقوبات على مستوى كل مؤسســة عقابية تحت رئاسة قاضي تطبيق العقوبات و لجنة تكييف العقوبات لدى وزير العدل (مديرية إدارة السجون ) ، ممـا سمح من إعطاء فعالية ميدانية لتجسيد الإصلاحات التي جاء بها قانون تنظيم السجون أعلاه ، و لضمان استمــرار تجسيد هذه السياسة ميدانيا نعرج إلى تبيان أهم الآليات المستحدثة و التي تتولى متابعة المحبوسين خلال مرحلة الإفراج.
    المطلب الثـــاني:الآليات الجديدة لمتابعة المحبوسين خلال مرحلة ما بعد الإفراج
    ينبغي أن نضع في عين الاعتبار أن عودة المفرج عنهم حديثا للاندماج في حظيرة المجتمع من جديد مشكلة عويصة متعددة الجوانب ، و أنها ما لم تواجه بإجراءات فعالة فإن أي مفرج عنه حديثا سيجد أبواب العمل الشريف موصدة في وجهه بطبيعة الحال ، و عندئذ سيضطر اضطرارا إلى سلوك طريق الانحراف من جديد (1) . و قد جاءت التوصية الصادرة عن الحلقة العلمية العربية لدراسة قواعد الحد الأدنى لمعاملة المساجين سنة 1973 ببغداد بمايلي :" إن الحلقة تؤكد دور الرعاية اللاحقة للمفرج عنهم كمرحلة مكملة للتنفيذ العقابي و إجراء لا غنى عنه لحماية المجتمع و المفرج عنه من خطر العودة إلى الجريمة " ، و أوصت بأن تحظى هذه الرعاية بما تستحقه من اهتمام بأن تعد له الأجهــزة المتخصصة و المدربة ، و ترصد لها الأموال الكافية و تتولى الدولة تنظيمها على نحو مباشر و دون إغفال لمساهمــة الهيئات و الأفراد . و قد عنى المشرع الجزائري بما أوصت به المؤتمرات الدولية و الإقليمية ،و ما جاء في مجموعة قواعد الحد الأدنى لمعاملة المساجين خاصة القاعدتين 80 و81 و ذلك إدراكا منه أن المحبوس هو إرث المجتمع ككل و هوما يجعل مهمة إعادة إدماجه اجتماعيا لا تقع على عاتق وزارة العدل وحدها ، بل تستدعي مساهمة مختلف قطاعات الدولة و المجتمع المدني.
    هذا و قد نص قانون تنظيم السجون على وضع آليات و مصالح و لجان ، مهمتها استكمال تنفيذ عملية الإدماج الاجتماعي من خلال مد المفرج عنهم حديثا بالرعاية اللاحقة ، وسوف نتعرض إليها فيما يلي :
    الفرع الأول: اللجنة الوزارية المشتركة لتنسيق نشاطات إعادة
    تربية المحبوسين و إعادة إدماجهم الاجتماعــي
    استحدثها قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين في مادته 21 ، و الغرض من إنشـاء
    هذه اللجنة يهدف إلى إشراك كل قطاعات الدولة التي لها علاقة بعملية إعادة الإدماج.
    و تعد هذه اللجنة الهيئة العليا التي تسهر على حسن تطبيق و فعالية السياسة العقابية الوطنية ، من خلال تركيبتها
    التي تشمل كافة القطاعات و كل الفاعلين في مجال مكافحة الجريمـة ، على غرار ما هو معمول به في الأنظمــة
    الراشدة في هذا المجال .
    و قد تم تنصيب هذه اللجنة بموجب المرسوم التنفيذي رقم 05/429 المؤرخ في 2005.11.08 الذي حـدد
    ـــــــــــــــ
    (1) د/ عبد الرؤوف عبيد: أصول علمي الإجرام و العقاب ، الطبعة السادسة 1985 ، دار الفكر العربي ، ص 612-613.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    و نظم مهام و سير هذه اللجنة الوزارية المشتركة المختصة بتطبيق برامج إعادة التربية والإدماج الاجتماعــــي للمحبوسين (1).
    أولا: تشكيلة اللجنة.
    نصت المادة 2 من المرسوم التنفيذي رقم 05/429 أعلاه على: يرأس اللجنة وزير العدل حافظ الأختام أو ممثله و تتشكل من ممثلي القطاعات الوزارية ( للاطلاع على تشكيلة اللجنة انظر الملحق رقم 4-أ ).
    و قد راعى المشرع في ضبط تشكيلة اللجنة على أن مسؤولية تحقيق سياسة إعادة الإدماج يتعدى حجمها ماديــا و بشريا إمكانيات و ميزانية قطاع وزارة العدل لوحدها ،و هذا بإشراك جميع القطاعات الوزارية.
    كما خول اللجنة في إطار ممارسة مهامها الاستعانة بممثلي الجمعيات و الهيئات الآتية:
    - اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان و حمايتها.
    - الهلال الأحمر الجزائري.
    - الجمعيات الوطنية الفاعلة في مجال الإدماج الاجتماعي للجانحين.
    و يمكنها أن تستعين أيضا بخبراء أو مستشارين لتوضيح المواضيع التي تدخل في إطار مهمتها.
    و طبقا للمادة 3 من نفس المرسوم، يتم تعيين أعضاء اللجنة بقرار من وزير العدل حافظ الأختام لمدة أربـــع سنوات، بناء على اقتراح من السلطات التي ينتمون إليها.
    ثانيا:مهام اللجنة ( المادة 04 و 05 من المرسوم ).
    في إطار عمل اللجنة تعقد اجتماعاتها في دورة عادية مرة كل ستة أشهر ،كما يمكنها أن تجتمع في دورة غير عادية بمبادرة من رئيسها ،أو بطلب من ثلثي أعضائها ، و تتولى المهام التالية:
    01- تنسيق نشاطات القطاعات الوزارية و الهيئات الأخرى المساهمة في إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين.
    02- تقييم وضعية مؤسسات البيئة المفتوحة و نظام الإفراج المشروط و كذا النشاطات المرتبطة بمجالات التشغيل في الورشات الخارجية و الحرية النصفية.
    03- اقتراح كل نشاط في مجال البحث العلمي يهدف إلى محاربة الجريمة أو في مجالي الثقافة و الإعلام بهـدف محاربة الجنوح و الوقاية منه و كل تدبير تراه يعمل على تحسين ظروف الحبس بالمؤسسات العقابية.
    04- المشاركة في إعداد و متابعة برامج الرعاية اللاحقة لهم بعد الإفراج عنهم.
    و ما يستخلص من مهام هذه الآلية المستحثة بموجب المادة 21 من القانون 05/04 أن لها دور مزدوج وقائـي و علاجي ، إذ يبدأ بنشاطها التنسيقي بين مختلف القطاعات للوقاية من حدوث الجريمة و يستمر بعد وقوع الجريمـة و حبس الجناة بالعمل على تحسين ظروف الحبس و أنسنتها ، و من ثم إعداد و متابعة تطبيق برامج إعادة التربيـة
    ــــــــــــــ
    (1) انظر الجريدة الرسمية عدد 74 لسنة 2005.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    و الإدماج ، ليمتد نشاطها إلى ما بعد الإفراج من خلال منـح المساعدة و الرعاية اللاحقة للمحبوسين المفرج عنهم حديثــا.
    و بغرض استكمال هذا الدور البالغ الأهمية ( و الصعب من جهة أخرى ) و تأثيره الايجابي على المجتمع و المحبوس معا ، تم استحداث إلى جانب اللجنة أعلاه آليات أخرى.
    الفــرع الثاني:المصالح الخارجية لإدارة السجون
    تطبيقا لنص المادة 113 من قانون 05/04 و التي استحدثت المصالح الخارجية لإدارة السجون، و المكلفة بالتعاون مع المصالح المختصة للدولة و الجماعات المحلية بتطبيق برامج إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، صدر المرسوم التنفيذي رقم 07/06 المؤرخ في 2007.02.19 يحدد كيفيات تنظيم و سير المصالح الخارجية لإدارة السجـون(1) و الذي يتضمن 16 مادة ، إذ نصت المادة الأولى منه على تسمية هذه المصالح الخارجية بمصطلح المصلحة في حين نصت المادة الثانية من الفصل الخاص بالأحكام العامة: "أن المصلحة تنشأ على مستوى كل مجلس قضائي و يمكن إحداث فروع لها عند الاقتضاء و بقرار من وزير العدل".
    أولا: مهامهـا.
    حددت المادة 03 من المرسوم أعلاه مهام المصلحة حيث تكلف بتطبيق البرامج المتعددة في مجال إعادة الإدماج
    الاجتماعي للمحبوسين ، و بهذا الصدد تتولى على الخصوص:
    أ- متابعة وضعية الأشخاص الخاضعين لمختلف الأنظمة و لا سيما الإفراج المشروط أو الحرية النصفية أو التوقيـف المؤقت لتطبيق العقوبة .
    ب- السهر على استمرارية برنامج إعادة الإدماج الاجتماعي بالنسبة للأشخاص المفرج عنهم بناءا على طلبهم.
    ج- اتخاذ الإجراءات الخاصة لتسهيل عملية إعادة الإدماج الاجتماعي للأشخاص الذين تتولى التكفل بهم ، و تزويد القاضي المختص بناءا على طلبه أو تلقائيا بكل المعلومات التي تمكنه من اتخاذ التدابير الملائمة لوضعيـة كل شخص.
    تمارس المصلحة نشاطها بالتعاون مع السلطات القضائية و المصالح الأخرى المختصة للدولة و الجماعات المحليــة و المؤسسات و الهيئات العمومية (2).
    ثانيا: تنظيم و سير المصلحة.
    يدير المصلحة رئيس يعين بقرار من وزير العدل و تنهى مهامه بنفس الأشكال ، و يقوم مستخدمي المصلحــة
    بزيارة المحبوسين الباقي عن تاريخ الإفراج عنهم ستة أشهر قصد تحضيرهم لمرحلة ما بعد الإفراج ، كما يمكـن ان تكون الزيارة بناءا على طلب المحبوس.
    ــــــــــــــــــــــــــتــ
    (1) انظر الجريدة الرسمية عدد 13 لسنة 2007.
    (2) انظر المادة 4 من المرسوم التنفيذي 07/06.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    و يمكن لمستخدمي المصلحة القيام بتحقيق اجتماعي على المحكوم عليهم أو المتهمين بطلب من السلطـات القضائيـة
    المختصــة.
    و يستفيدون من مساعدة و مساهمة و تعاون كافة الإدارات و الهيئات العمومية أثناء أو بمناسبة أداء عملهم ومهامهم.
    و تمسك المصلحة ملفات الأشخاص الذين تتكفل بهم ،و تعد تقريرا سنويا عن النشاط الذي تقوم به إلى السيد وزير العدل، و ترسل نسخة منه إلى النائب العام وقاضي تطبيق العقوبات المختصين.
    و حتى تضطلع هذه المصالح الخارجية بمهامها على أحسن وجه، فقد صدر قرار وزاري مشتـــرك مؤرخ في
    2006.08.02 يحدد كيفيات تنفيذ المرسوم التنفيذي رقم 05/431 المؤرخ في 2005.11.08 الذي يحدد شروط و كيفيات منح المساعدة الاجتماعية و المالية لفائدة المحبوسين المعوزين عند الإفراج عنهم(1).
    و قد حددت المادة 02 من القرار الوزاري المشترك المساعدة الاجتماعية و المالية الممنوحة لفائدة المحبوســين
    المعوزين عند الإفراج عنهم كما يأتي :
    1- مساعدة عينية (ألبسة، أدوية ).
    2- إعانة مالية (نفقات النقل و المحددة بألفين دينار جزائري ).
    و نصت المادة 03 من المقرر الوزاري أعلاه على توقف منح الإعانة المشار إليها أعلاه بتقديم ملف.
    و يتعين على مدير المؤسسة العقابية إعداد تقارير سنوية مفصلة تتضمن حصيلة المساعدات الاجتماعية و الماليـــة
    و إرسالها إلى السلطة الوصية .
    مثل هذه الرعاية تحتمها جميع الاعتبارات الإنسانية و الاجتماعية و الوقائية بل و الاقتصادية أيضا ، إذا ما روعي
    في تحقيقها بذل عناية خاصة للمحبوس المفرج عنهم حديثا بتدبير وسائل العمل الشريف لهم ، و لتحقيق ذلك نـص
    المشرع الجزائري في قانون تنظيم السجون على إنشاء مؤسسة عمومية تقوم بتشغيل اليد العاملة العقابية ، و قد بلـغ
    عدد المفرج عنهم المدمجين في إطار الأنشطة ذات المنفعة العامة 510 مستفيد من سنة 2005 الى سنة 2006.
    ـــــــــــــــ
    (1) انظر الجريدة الرسمية العدد 62 لسنة 2006.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    الفـــرع الثالث:
    دور المجتمع المدني و الحركة الجمعويــة
    في إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين
    إذا كان نجاح تطبيق برامج إعادة التربية و الإدماج مرتبط إلى حد كبير بمختلف الآليات التي بيناها فيما سبـق و خاصة في ظل الإمكانات و التدابير المستحدثة في ظل الإصلاح الجديد الذي تبناه قانون تنظيم السجون ، إلا أن عملية التأهيل و إعادة إدماج المحبوسين بشكل حقيقي و فعال، يتوقف بتفهم و تقبل المجتمع لأهداف السياسة العقابية
    الجديدة ، و التي تجعل من تقارب المجتمع المدني و أعضائه المنحرفين كأحسن وسيلة لتقليل الفوارق بين الحياة داخل السجن و خارجه (1).
    و قد جاء نص المادة 112 من قانون تنظيم السجون ليكرس احد المحاور الهامة في برنامج إصلاح السجــون،
    و المتضمن إشراك المجتمع المدني في عملية إعادة التأهيل و الإدماج الاجتماعي للمحبوسين،و يمكن إشراك المجتمع المدني
    بالعمل على توجيه و توعية المجتمع بالسياسة العقابية الجديدة و الآليات لتطبيق هذه العملية يفرض كسب ثقة المجتمع
    والحصول على مساهمته الفعلية في سير هذه الآليات و المصالح.
    هذا و قد سعت وزارة العدل بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من خلال تنظيم المنتدى الوطني حـول
    دور المجتمع المدني في إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين يومي 12 و 13 نوفمبر 2005 إلى تبصير المجتمــع
    بدوره في محاربة الجريمة و مساعدة المحبوسين على الاندماج، لاسيما و إن المنتدى عرف مشاركة واسعة لممثلي الحركة
    الجمعوية إذ بلغ عدد الجمعيات المشاركة 49 جمعية ناشطة عبر 39 ولاية من الوطن إضافة إلى ممثلي مختلف الدوائر
    الوزارية (2).
    و تكللت أشغال المنتدى باعتماد عدد من التوصيات الهامة التي تهدف أساسا إلى:
    - تقليص الهوة بين السجن و المجتمع و فتح السجون أمام نشاط الجمعيات و إعانات المتطوعين.
    - ترسيخ ثقافة الإدماج الاجتماعي في سلوك الأفراد و نشاط الحركة الجمعوية.
    - تفضيل دور التعاون بين قطاعات الدولة و المجتمع المدني في مجال إعادة إدماج المحبوسين.
    و موازاة لذلك و قصد تفعيل و تجسيد هذه التوصيات على ارض الواقع ،شرعت إدارة السجون في إبرام عـدة
    اتفاقيات مع هيئات الدولة و المجتمع المدني منها:
    01- الاتفاقية المبرمة بين المديرية العامة لإدارة السجون و المكتبة الوطنية الجزائرية بتاريخ 2004.12.21.
    02- الاتفاقية المبرمة بين المديرية العامة لإدارة السجون و جمعية أمل لمساعدة المساجين بتاريخ 2003.10.02.
    03- الاتفاقية المبرمة بين إدارة السجون و المنظمة الجزائرية للكشافة الإسلامية بتاريخ 2003.07.09 ( الملحــق رقم 1-ج ).
    04- الاتفاقية المبرمة مع الجمعية الجزائرية لمحو الأمية " اقرأ " بتاريخ 2001.02.19.
    ـــــــــــــــ
    (1) انظر عبد الحفيظ طاشور: المرجع السابق ، ص 250.
    (2) مجلة رسالة الإدماج : العدد الثالث لسنة 2006 ، المرجع السابق، ص 13.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    و قد حرصت إدارة السجون على تجسيد مضمون الاتفاقيات المبرمة من خلال سعيها الحثيث لعقد اجتماعات جهوية مع جمعيات المجتمع المدني التي تنشط في مجال إعادة إدماج المحبوسين اجتماعيا ، و هذا ما ترجمه موضوع الإرسالية رقم 1976/06 الصادرة عن المديرية العامة لإدارة السجون و إعادة الإدماج و الموجهة إلى السادة النواب العامون للمجالس القضائية ،لأجل دعوة قضاة تطبيق العقوبات لتحضير مداخلات حول ملامح فئـــات المحبوسين القابلين لإعادة الإدماج الاجتماعي ( انظر الملحق رقم 2-ب ).
    هذا إضافة إلى اتفاقيات أخرى تم إبرامها بين وزارة العدل و مختلف الوزارات الحكومية منها المبرمة مع وزارة الصحة
    سنة 1997 و كذا مع وزارة العمل و الحماية الاجتماعية في نفس السنة.
    و على صعيد آخر عرف قطاع السجون في ظل مسار الإصلاح تفتحا على العالم الخارجي، هذا ما جسدته المادة
    36 من القانون 05/04 بنصها يمكن بترخيص من وزير العدل أو النائب العام المختص إقليميا أن تستقبل المؤسسات العقابية زيارة الباحثين و الجمعيات و المنظمات الحكومية أو غير الحكومية ذات الطابع الإنساني أو الخيري المهتمــة بعالم السجون.
    و عززت المادة 66/2 من نفس القانون هذا المسعى بقولها: يمكن الترخيص استثناء بزيارة المحبوس من طرف أشخاص آخرين و جمعيات إنسانية و خيرية إذا تبين أن في زيارتهم فائدة لإعادة إدماجه اجتماعيا.
    من هذا المنطلق ، و إدراكا من المشرع لشمولية هذا المسعى و الذي يتطلب إشراك و مساهمة جميع الفعاليـات الحكومية و غير الحكومية ذلك لان حجمه يتجاوز إمكانيات وزارة العدل وحدها، تم فتح السجــون على مختلف القطاعات الوزارية المعنيـة ، و كذا على فعاليات المجتمع المدني و وسائل الإعلام كما يشمل هذا التفتــح كافة المنظمات و الجمعيات الإنسانية و بعالم السجون بصفة عامة.
    و في هذا الصدد ، أبرمت اتفاقيات مع مختلف القطات الوزارية و مختلف الهيئات منها اتفاقية مع صندوق الأمم المتحدة للطفولة بتاريخ 2004.04.05 .
    كل هذه الإجراءات ترمي إلى التقارب بين المجتمع و أفراده المنحرفين ،و تعمل على تغيير نظرة المجتمع المدني بخصوص دور المؤسسة العقابية الذي لم يعد يقتصر على مجرد تقييد للحرية ، إلى جانب تعزيز ترقية حقوق الإنسان في الوسط العقابي بفتح السجون أمام الزيارات الميدانية التي تقوم بها المنظمات العاملة تحت لواء الأمم المتحدة و كذا المنظمـات الناشطة في مجال حقوق الإنسان و نسوق كمثال عنها منظمة العفو الدولية ، اللجنة الدولية للصليب الأحمر ، منظمة الإصلاح الجنائي (P R I)و هذا بغرض وقوف هذه الأخيرة على الانجازات الإصلاحية التي حققتها إدارة السجون في مجـال عصرنة المؤسسات العقابية و انسنة ظروف الاحتباس ، فضلا على أن هذه الزيارات تسمح لإدارة السجون
    بالاستفادة من تطبيق أحسن الانطمة المتعلقة بمعاملة المحبوسين و تجاربها في هذا الشأن.

    تفريعا على ما تم تفصيله من دراسة للسياسة العقابية الحديثة التي تبناها المشرع الجزائري بتاريـــــخ
    2005.02.06 بموجب القانون رقم 05/04 المتضمن قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج للمحبوسين يعد قفزة
    نوعية نحو تجسيد أغراض المعاملة العقابية الحديثة تحت شعار" العقوبة وسيلة لحماية المجتمع بواسطة إعادة التربيـــة
    و الإدماج الاجتمـاعي للمحبوسين" الذي ورد في روح القانون أعلاه في فحوى مادته الأولى. و أسندت هذه المهمة
    لإدارة السجون التي تسهر على ضمان تطبيق العقوبات السالبة للحرية و العقوبات البديلة تحت إشراف قاضي تطبيق العقوبات الذي يتولى مراقبة مشروعية تطبيقها.
    و ما من شك أن التطورات التي يشهدها قطاع السجون في ظل مسار الإصلاح و عصرنة جهاز العدالــة
    يعود أساسا إلى جملة التدابير العاجلة المتخذة من طرف وزارة العدل ، بخصوص إعادة الاعتبار لهذا القطاع باعتباره أحد الركائز الأساسية في إصلاح جهاز العدالة ككل ، و تتمثل في إعادة تأهيل المؤسسات العقابية الموروثة جلها من العهد الاستعماري و الإسراع في إطلاق برنامج بناء مؤسسات جديدة مصممة بما يتفق و المعايير المطلوبة في مجال حقوق الإنسان .
    هذا بالموازاة مع الحركة الإيجابية التي شهدتها المنظومة القانونية بصدور قانون تنظيم السجون الجديـــد ،
    و الذي ألغت أحكامه الأمر رقم 72/02 و المتضمن تنظيم السجون و إعادة تربية المساجين و الذي لم تعد أحكامه
    و التحولات التي يشهدها المجتمع و بالخصوص تطور النشاط الإجرامي.
    و بغرض سد هذه النقائص ، تم إثراء قانون 05/04 بمجموعة من الترتيبات و التدابير العلاجية التي جاءت
    ملمة بالأبعاد الثلاثة التي ترمي إليها المعاملة العقابية الحديثة و هي الوقايـة و العلاج ثم الرعاية اللاحقة ، بحيث تطبق
    على مستويات مختلفة بشكل يسمح بتحقيق الأهداف المسطرة في مجال تقرير طرق العلاج المناسبة ، و تتيح التعاطـي
    فرديا مع الحالات و تكييف العقوبات لأسباب استثنائية ، إنسانية و تربوية بتمكين المحبوسين من الاستفادة من أنظمة
    الحرية النصفية ، الإفراج المشروط ، إجازات الخروج ، التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة.
    فضلا على وضع آليات جديدة تسمح بإشراك جميع فعاليات و قوى المجتمع في إعادة إدماج المحبوسين من خلال إمدادهم بالمساعدة الضرورية و الرعاية اللاحقة بعد انتهاء مدة حبسهم.
    و يمكن اجمال الاحكام الجديدة للقانون 05/04 في النقاط التالية:
    اولا: توسيع مجال تدخل ادارة السجون و عصرنة تسييرها و ادارتها.
    ثانيا: وضع اليات جديدة لتطبيق انظمة اعادة التربية و الادماج الاجتماعي .
    ثالثا: دعم حقوق المحبوسين و انسنة المعاملة.
    رابعا: ادخال تدابير خاصة للتكفل بفئتي الاحداث و النساء.
    خامسا: دعم الرعاية الصحية للمحبوسين.
    سادسا: انسنة النظام العقابي المطبق على المحكوم عليهم بالاعدام.
    سابعا: دعم صلاحيات قاضي تطبيق العقوبات.

    الخاتمة
    و إذا كانت النتائج المسجلة في الميدان مشجعة و واعدة و تبعث على التفاؤل ،فإن الدفع بوتيرة الإصلاحات إلى أن تتحقق مراميها كاملة من أهم الرهانات المستقبلية لإدارة السجون، يتوقف نجاحها على ما يتم تقديمـــه من اقتراحات و توصيات نجملها فيما يلي:
    - تعزيز المعاملة العقابية الحديثة المنتهجة بموجب قانون 05/04 و إثراء الترسانة القانونية المتعلقة بالسياسة الجنائيـة ككل عن طريق تعديل أحكام قانون العقوبات و قانون الإجراءات الجزائية بشكل يتماشى و أهداف سياسة إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين و خاصة تبني الجزاءات البديلة عن العقوبة السالبة الشائعة في الأنظمة المقارنة أهمها العمل للصالح العام ، حبس نهاية الأسبوع ، تخفيض العقوبة و الوضع تحت الاختبار.
    - الإسراع في تجسيد المشاريع المبرمجة في إطار إصلاح قطاع السجون من خلال بناء مؤسسات عقابية متنوعة وفق المعايير الحديثة بشكل يسمح من توجيه و تصنيف المحبوسين حسب شخصيتهم و درجة خطورتهم و معاملتهم العقابية.
    - التجسيد الحقيقي لمركز قاضي تطبيق العقوبات المستحدث بموجب قانون تنظيم السجون الجديد عن طريق دعم استقلاليته و العمل على تفرغه الكامل لمهامه و إعفائه من المهام القضائية الأخرى.
    - إعادة الاعتبار لدور مدير المؤسسة العقابية و توسيع صلاحياته في اتخاذ القرارات و طرق العلاج المقترحة في مجال تكييف العقوبة تعزيزا لمهام و اختصاصات قاضي تطبيق العقوبات.
    - العمل على توعية و تحسيس المجتمع و تعريفه بمختلف الأنظمة المستحدثة لتحقيق سياسة إعادة الإدماج باستعمال كافة الوسائل و استغلال الامكانيات المتاحة لاسيما منها الإعلام و تكنولوجيات الاتصال.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 7:18 pm