الأحكـام و القـرارات الإداريـة الكبـرى فـي القضـاء الفرنسـي
تعريـب و تلخيـص المستشـار نجيمـي جمـال
1- حكم محكمة التنازع الفرنسية – 22 يناير 1921 – الشركة التجارية لغرب إفريقيا
Société commerciale de l’Ouest africain
التعليق: مؤسسات عامة ذات طابع صناعي و تجاري
بموجب هذا القرار أقرت محكمة التنازع الفرنسية بوجود مرافق عامة تُسَيّر وفق نفس الشروط التي تحكم سير المؤسسات الخاصة وبذلك ظهرت المؤسسات العامة ذات الطابع الصناعي و التجاري.
بيان الوقائع و الإجراءات :
الشركة التجارية لغرب إفريقيا كانت تملك إحدى العربات التي تضررت في الحادث الذي وقع لعبّارة "إيلوكا " Bac d’Eloka و هي مصلحة الربط البحري على ضفاف ساحل العاج المستغلة مباشرة من طرف المستعمرة.
و من أجل تحديد القاضي المختص لتعيين الخبير الذي تطالب به الشركة كان على محكمة التنازع أن تحدد ما إذا كانت مصالح ما تابعة للإدارة يمكن أن تعتبر بأنها تسير بنفس الشروط التي تسير بها المؤسسات الخاصة و بالتالي يكون القاضي العادي هو القاضي المختص.
و قد كان من المقبول أن تتصرف الإدارة في بعض العمليات المعزولة مثل الخواص دون استعمال امتيازات السلطة العامة ، و لكن كانت هذه أول مرة يتم قبول الفكرة بالنسبة لمرفق كامل.
و هكذا أصبح بإمكان الإدارة العامة أن تعمد إلى استغلال مرافق عامة وفق هذا الأسلوب .
و من أجل وصف ا لمؤسسات العامة بأنها ذات طابع اقتصادي و تجاري فإن القاضي لا يكتفي بالوصف الوارد في النصوص ( إلا إذا كانت تشريعية ) و لكنه يبحث عن توافر عدة معايير أهمها : موضوع النشاط و مصدر الموارد المالية و كيفيات التسيير.
و إن وصف مؤسسة عامة ما بأنها ذات طابع اقتصادي و تجاري يترتب عليه اختصاص القاضي العادي للفصل في المنازعات المتعلقة بها، غير أن هذه القاعدة ليست عامة في فرنسا و ذلك على التفصيل التالي :
- في باب الأضرار الناجمة عن الأشغال العامة التي تحدث للغير و كذا عند حدوث أضرار من طرف هذه المرافق حال استعمالها امتيازات السلطة العامة.
- و في حالة إبرام المرفق لبعض العقود مثل : عقود تنفيذ الأشغال العامة ،و عقود شغل الدومين العام ، و العقود التي تتضمن شروطا خارجة عن القانون العادي ( Clauses exorbitantes du droit commun ) .
- و فيما يتعلق بالعاملين فإن منازعاتهم مع المؤسسة تعود لاختصاص القاضي العادي ما عدا المدير و المحاسب (إذا كانت لديه صفة المحاسب العام).
- و يختص القاضي الإداري بفحص مشروعية القرارات ذات الطابع العام للمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي و التجاري .
2- حكم محكمة التنازع الفرنسية بتاريخ 08 فبراير 1873 - قضية بلانكو Blanco
التعليق :
إن محكمة التنازع الفرنسية بموجب قرار بلانكو قد قررت من جهة مسؤولية الدولة عن الأضرار الناجمة عن المرافق العامة ، و من جهة أخرى اختصاص القضاء الإداري بالفصل في المنازعات المتعلقة بها.
بيان الوقائع و الإجراءات : مسؤولية مرافق الدولة
تتمثل الوقائع في كون طفل قد صُدم و جُرح بفعل عربة تابعة لشركة التبغ التي تستغلها الدولة الفرنسية عن طريق الاستغلال المباشر.
و قد رفع أب الطفل دعواه أمام المحاكم العادية للمطالبة بتحميل الدولة المسؤولية المدنية عن الضرر اعتمادا على المواد 1382 إلى 1384 من القانون المدني.
و رفع الأمر إلى محكمة التنازع التي أسندت الاختصاص إلى القضاء الإداري للفصل في النزاع.
و بذلك أقر قرار بلانكو مسؤولية الدولة ووضع حدّا للمفهوم القديم القاضي بعدم مسؤوليتها ، غير أنه أخضع هذه المسؤولية لنظام خاص يميزها عن المبادئ الواردة في القانون المدني في باب المسؤولية بين الأفراد و ذلك بفعل حاجيات المرفق العام.
و النتيجة التي ترتبت على ذلك هي اختصاص القضاء الإداري في هذا الشأن تطبيقا لقانون 16 و 24 غشت 1790 الذي يمنع على المحاكم العادية التدخل بأي شكل كان في عمل الجهاز الإداري .
و إذا كان قرار بلانكو يعتبر من بين القرارات المُنشئة للقضاء الإداري فإن التطورات اللاحقة للاجتهاد القضائي قد أدت إلى تغيير القواعد المعمول بها ، و من ذلك أن المرفق العام لم يعد هو المعيار المتميز لتحديد الاختصاص النوعي وبالخصوص النزاعات المتعلقة بالمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي والتجاري التي أصبحت من اختصاص القضاء العادي . كما أن المشرع قد تدخل في بعض الميادين لتوزيع الاختصاص مثل قانون 31 ديسمبر 1957 الذي أحال على المحاكم العادية منازعات الأضرار التي تتسبب فيها المركبات ( مثل قضية بلانكو) .
و قد تكَوّن قانون المسؤولية الإدارية منذ قرار بلانكو على أسُس قضائية بالدرجة الأولى ، و بصفة متميزة عن القانون المدني ، غير أن النتائج المتوصل إليها لم تكن حتما مغايرة للحلول التي توصل إليها القاضي العادي ، كما أنه لم يقع استبعاد قواعد القانون المدني و مبادئه بصفة كلية .
و إذا كانت مِيزة القضاء الإداري في البداية تتمثل في غياب الطابع العام و المطلق لمسؤولية الدولة ، فإن هذه الأخيرة قد توسعت شيئا فشيئا إلى غاية إقرار المسؤولية دون خطأ ، سواء بناءً على المخاطر أو على اختلال المساواة أمام الأعباء العامة ، وبذلك ظهر نظام مناسب للضحايا أكثر من القانون المدني.
3 - حكم محكمة التنازع الفرنسية في 08 أبريل 1935 - جريدة " أكسيون الفرنسية " Action Française
التعليق :
هذا القرار كان هو نقطة الانطلاق لنظرية التعدي (La théorie de la voie de fait ).
بيان الوقائع و الإجراءات :
صبيحة 07 فبراير 1934 قام محافظ الشرطة بباريس بحجز جريدة لاكسيون الفرنسية لدى كل المستودعين في باريس و في محافظة السين.
و قامت الجريدة بمرافعته أمام القضاء العادي و وصل الأمر إلى محكمة التنازع التي قضت بأن الإجراء المطعون فيه يشكل تعديا يستتبع اختصاص القاضي العادي.
و بعد ذلك التاريخ حدد الاجتهاد القضائي معالم التعدي ، فنص على وجوده في حالة المساس الخطير بإحدى الحريات الأساسية أو بالملكية الخاصة عن طريق قرار إداري يكون غير مرتبط بكل وضوح بالسلطات المخولة للإدارة ، أو عن طريق التنفيذ الجبري لقرار إداري حتى ولو كان شرعيا و لكن لم تكن الإدارة مخولة لتنفيذه بالقوة.
فالتنفيذ الجبري لقرار إداري لا يكون مشروعا إلا إذا كان القانون ينص عليه صراحة ، أو كانت هناك حالة استعجال تتطلب ذلك ، أو لم تكن هناك أية عقوبة جزائية في حالة مخالفة القرار الإداري.
و يترتب على نظرية التعدي نتائج هامة للغاية : فتصرف الإدارة بخروجها عن إطار الشرعية يؤدي إلى تشويه تصرفاتها و بالتالي لا يعود هناك ( في فرنسا ) فصل بين القضاء الإداري و العادي ، و يكون لهذا الأخير الولاية القضائية الكاملة لمعاينة التعدي و توجيه الأوامر للإدارة للكف عن التعدي و تعويض ما حدث من ضرر. أما القاضي الإداري ( في فرنسا ) إذا عرض عليه قرار إداري يشكل تعديا فإنه يكتفي بمعاينة ذلك و يعتبر القرار لاغيا و بلا أثر.
4 - حكم محكمة التنازع الفرنسية في 02 ديسمبر 1902 الشركة العقارية سان جيست
Société immobilière de Saint-Just
التعليق : تنفيذ الإدارة لقراراتها جبراً
هذا القرار مشفوعا بشروح محافظ الحكومة روميو Le commissaire du -gouvernement Romieu - يقر بأن من حق الإدارة اللجوء إلى التنفيذ الجبري لقراراتها و يحدد شروط ذلك.
بيان الوقائع و الإجراءات :
الشركة العقارية "سان جيست" كانت تملك عقارا تقيم فيه راهبات جماعة دينية. وتنفيذا لمرسوم قضى بغلق هذه المؤسسة غير المرخص لها ، قرر محافظ محافظة الرّون الإخلاء الفوري للعمارات و وضع الأختام على الأبواب و النوافذ، و تم تنفيذ ذلك في اليوم ذاته . و طالبت الشركة قضائيًا برفع الأختام و وصل الأمر إلى محكمة التنازع التي أسندت الاختصاص إلى القضاء الإداري على أساس أن الإدارة تملك امتياز التنفيذ التلقائي ، أي أنها من أجل تنفيذ قراراتها يمكنها اللجوء إلى التنفيذ الجبري ، بخلاف المتقاضين الأفراد ، و يعود الاختصاص في حالة النزاع إلى القضاء الإداري.
و ما لم يرد صراحة في منطوق هذا الحكم و لكنه مشروح في مذكرة محافظ الدولة روميو التي تعتبر إلى اليوم " قانون التنفيذ الجبري " هو أن امتياز التنفيذ التلقائي محددَ المجال و لا يطبق إلا بصفة ثانوية. فالقاعدة أن الإدارة لا تقوم بالتنفيذ الجبري لقراراتها بل إنها تستعمل ما بحوزتها من عقوبات جزائية أو إدارية ، و ليس التنفيذ الجبري إلا وسيلة ثانوية تلجأ إليها الإدارة في حالة عدم وجود أي نص عقابي حتى لا تبقى مكتوفة الأيدي. و قد توسع اجتهاد القضاء الإداري في فرنسا في منع الإدارة من اللجوء إلى التنفيذ التلقائي كلما كان هنالك أمام الإدارة سبيل آخر للوصول إلى غايتها.
و إلى جانب هذا الشرط الجوهري ، فإن اللجوء إلى التنفيذ التلقائي لا يكون مشروعا إلا إذا :
- كان القرار الإداري المراد تنفيذه يجد مصدره في نص قانوني.
- و أن الإدارة وجدت نفسها أمام مقاومة المنفذ عليه.
- و أن إجراءات التنفيذ التلقائي لا تتجاوز ما هو ضروري لفرض احترام القانون فقط.
و هذا التحديدُ الواردُ بشأن التنفيذ التلقائي حسب قرار 02 ديسمبر 1902 يتميز عن الحالتين الأخرَيَيْن اللتيْن يُسمح فيهما للإدارة بالتنفيذ التلقائي و هما :
- حالة الاستعجال ( L’urgence ) .
- وجود نص قانوني يسمح بذلك ( مثل حالة وضع المركبات في الحظيرة في قانون المرور ) .
5 - قرار مجلس الدولة الفرنسي في 31 ماي 1957 - قضية روزان جيرار Rosan Girard
التعليق : القرارات الإدارية المعدومة
بموجب هذا القرار قضى مجلس الدولة الفرنسي أن بعض قرارات الإدارة تكون مشوبة بعدم الشرعية إلى درجة أن ينظر إليها كأنها غير موجودة ، و بالتالي يمكن منازعتها أو استبعادها في أي وقت ، حتى ولو كان أجل الطعن فيها قد فات وانقضى.
بيان الوقائع و الإجراءات :
إن الانتخابات المحلية في بلدية مول في قوادالوب La commune du Moule à la Guadeloupe في شهر أبريل 1953 تميزت ببعض الاضطرابات التي دفعت المحافظ عند عمليات الفرز أن يطلب من رئيس البلدية - المنتهية ولايته - الذي يرأس مكتب تركيز النتائج نقل صناديق الاقتراع إلى مجلس المحافظة حتى يتولى المحافظ بنفسه فرز الأصوات و إعلان النتائج .
رئيس البلدية رفض ، غير أن أحد الصناديق تم حجزه من طرف رجال الدرك ، ولكن مع ذلك صرح مكتب التركيز بالنتائج و أعلن فوز رئيس البلدية المنتهية ولايته.
عندئذ قرر المحافظ إلغاء تلك الانتخابات و شكل مندوبية بلدية خاصة أعادت الانتخابات و نتج عنها انهزام رئيس البلدية المنتهية ولايته دون إحالة الأمر على قاضي الإنتخابات.
السيد روزان جيرار طعن بالإلغاء ضد قرار المحافظ القاضي ببطلان الإنتخابات وإعادتها من جديد ، و قد استجاب له مجلس الدولة رغم أن أجل الطعن قد انقضى واعتبر مجلس الدولة أن القرار المطعون فيه يعتبر لاغيا و بدون أثر بسبب خطورة تعدي الإدارة على صلاحيات قاضي الإنتخابات.
و مجلس الدولة الفرنسي لا يقرر بأن القرار الإداري "يعتبر قانونيا غير موجود" إلا في حالات نادرة ، فالقرار غير الموجود قانونيا يكون مشوبا بعيوب فاضحة وجسيمة الخطورة إلى درجة تُقرّبُه من فعل التعدي ، أي أن القرار الإداري يكون منقطع الصلة بصفة واضحة بالسلطات الشرعية للإدارة و فيه مساس خطير بحق الملكية أو بإحدى الحريات الأساسية.
و القرار المعدوم يمكن طرحه أمام قاضي تجاوز السلطة في أي وقت دون التقيّد بأي أجل ، و يمكن سحبه في كل حين ، و لا يمكن أن تنشأ عنه أية حقوق ، و أخيرا فإن القاضي يمكنه أن يثير تلقائيا هذا العيب.
6 - قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 30 نوفمبر 1923 - قضية كويتياس Couitéas .
التعليق : نظرية المخاطر
هذا القرار يعطي إشارة الانطلاق للاجتهاد القضائي الذي قرر مسؤولية الإدارة دون خطأ بفعل نقض المساواة أمام الأعباء العامة .
بيان الوقائع و الإجراءات :
فالسيد كويتياس قد تمّ الإعتراف له بملكية أراضي فلاحية مساحتها 38000 هكتار (في تونس المستعمرة من طرف فرنسا ) و حصل بموجب حكم على حقه في طرد شاغليها ( السكان الأصليين ). و لكن الحكومة الفرنسية ،التي لجأ إليها عدة مرات للتنفيذ ، قد رفضت مدّهُ بالقوة العسكرية اللازمة خشية الاضطرابات الخطيرة التي من الممكن أن يثيرها السكان الأصليون لتلك الأراضي لأنهم يعتبرون أنفسهم هم المالكون الشرعيون منذ غابر الأزمان.
و لما رفضت الإدارة تعويض السيد كويتياس عن الأضرار الحاصلة له طُرِح الأمرُ على مجلس الدولة الفرنسي الذي رأى بأن الحكومة من حقها رفض تقديم القوة المسلحة لأن من واجبها تقدير ظروف تنفيذ الحكم القضائي و رفض ذلك إن كان هناك خطر يهدد الأمن و النظام العام، و لكن من حق السيد كويتياس أن يطالب بالتنفيذ مع استعمال القوة فإذا طالت مدة الرفض فوق الحد المعقول فإن ذلك سيكون حِمْلا من غير المعقول أن يتحمله وحدَه لأن الضرر المفروض عليه في هذه الحالة هو حرمانه من الانتفاع لمدة غير محددة ، و بالتالي من حقه أن يطالب بالتعويض عنه.
و هكذا يمكن للقاضي في بعض الأحيان أن يقدر بأن السلطة العامة من حقها أن تجعل على كاهل بعض أفراد المجتمع بعض الأعباء الخاصة باسم المصلحة العامة ، و لكن مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة المأخوذ من بيان حقوق الإنسان و المواطن لعام 1789 يوجب أن يُمنحوا تعويضا مقابل ذلك.
و لكن تجدر الإشارة إلى أن الضرر الواجب تعويضه في هذه الحالة يجب أن يكون خاصا و غير عادي ، أي يجب أن يصل إلى درجة من الأهمية ، و أن يقتصر على عدد محدد من الأشخاص.
غير أن القضاء قد رفض في حالات أخرى منح أي تعويض بسبب اختلال التوازن أمام الأعباء العامة ، خشية أن يعطل تماما كل نشاط للإدارة ، و ذلك في مثل حالات تغيير اتجاهات السّيْر العام أو إحداث اتجاهات جديدة و ما يتبع ذلك من أضرار جسيمة للنشاط التجاري.
7- قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 30 مارس 1916 - قضية الشركة العامة للإنارة في بوردو
Compagnie générale d’éclairage de Bordeaux
التعليق :
بموجب هذا القرار وضع مجلس الدولة نظرية الحوادث الطارئة La théorie de l’imprévision التي تسمح باستمرارية و دوام العقود الإدارية في حال اضطراب توازنها الإقتصادي بفعل أحداث لم يتوقعها الأطراف.
الوقائع و الإجراءات :
إن الشركة العامة للإنارة في بوردو كانت تريد أن تتحمل بلدية بوردو زيادة الكلفة التي ترتبت عليها بفعل الإرتفاع الكبير في أسعار الفحم التي تضاعفت خمس مرات منذ إبرام عقد الإمتياز بين الطرفين في 1916 ؛ ذلك أنه بسبب الحرب العالمية الأولى ( 1914 / 1918) سقطت معظم المناطق المنتجة للفحم في يد الاحتلال الألماني و أصبح النقل عن طريق البحر أكثر صعوبة.
بمناسبة هذه القضية قضى مجلس الدولة بأن من المفروض أن عقد الإمتياز يحدد بصفة نهائية إلتزامات الطرفين و تكون تغيرات أسعار المواد الأولية بسبب الظروف الإقتصادية من بين مخاطر السوق التي يتعين على الملتزم أن يتكفل بها ؛ و لكن عندما يضطرب التوازن الإقتصادي للعقد إلى درجة كبيرة جداً لم يكن يتوقعها الأطراف ، فإنه لا يمكن للملتزم أن يضمن سير المرفق في الظروف المتفق عليها في البداية. و لهذا فإن مجلس الدولة الفرنسي قرر بأن الشركة تبقى ملزمة بضمان سير المرفق و لكن يجب تعويضها عن النتائج المالية المترتبة عن هذا الإضطراب و التي تتجاوز المخاطر الإقتصادية العادية.
و في الفترة اللاحقة تم تحديد شروط تطبيق نظرية المخاطر من طرف الاجتهاد القضائي على النحو التالي :
أولا: يجب أن تكون الأحداث المؤثرة على تنفيذ العقد غير متوقعة.فقد تكون ظروفاً اقتصادية ، أو ظواهر طبيعية ، أو إجراءات تتخذها السلة العامة ، و لكن في جميع الأحوال يجب أن تؤدي إلى زعزعة التوقعات التي كان من المعقول أن يفكر فيها أطراف العقد عند إبرامه.
ثانيا: أن تكون هذه الأحداث أجنبية عن الأطراف ؛ فإن كانت بفعل الإدارة المتعاقدة فإن نظرية فعل الأمير La théorie du fait du prince هي التي تطبق.
ثالثا: أن تؤدي هذه الأحداث إلى زعزعة اقتصاديات العقد بحيث ل ا تكون مجرد نقص بسيط في الربح و لا تكون من جهة أخرى عقبة تمنع تنفيذ العقد لأنها في هذه الحالة الأخيرة لا يمكن مقاومتها و تؤدي إلى إعفاء المتعاقد من التزاماته.
إن الحدث الطارئ ليس قوة قاهرة و بالتالي فإن المتعاقد يجب أن يواصل تنفيذ العقد، فإن توقف فقد ارتكب خطأ ، و في المقابل فمن حقه التعويض على الأقل عن التكلفة المفاجئة الخارجة عن توقعات العقد أي عن الخسارة الحاصلة خلال التنفيذ بفعل الأحداث المفاجئة .
و من الملاحظ أن هذه النظرية قد دفعت بالإدارة و المتعاقدين معها إلى تدارك الأمر و النصّ في العقود المبرمة على شروط للمراجعة تسمح بالتكيف مع تطور الأوضاع الاقتصادية و المالية مما أدى إلى تضاؤل تطبيق النظرية.
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma