تعريـف عقـد الكفالـة و خصائصـه
تعــريفهـا :
نصت المادة 644 من التقنين المدني الجزائري على ما يلي :
« الكفالة عقد يكفل بمقتضاه شخص تنفيذ إلتزام بأن يتعهد للدائن بأن يفي بهذا الالتزام إذا لم يف به المدين نفسه ».
من هذا التعريف يتبين لنا في البداية أن عقد الكفالة هذا، إنما ينشأ عن وجود علاقة مديونية، تقوم بين دائن و مدين، وأن الكفيل إنما يأتي لضمان الوفاء بهذه المديونية، وأنه لولا عقد الكفالة لظل الكفيل غريبا عن هذه العلاقة، ومن ثمة كان عقد الكفالة بهذا المعني يتم بين شخصين أساسين هما : الدائن في الالتزام الأصلي و بين الكفيل، وأن المدين في الالتزام الأصلي ليس طرفا في عقد الكفالة، رغم أنه يلعب دورا في إنعقادها، ذلك أن المعتاد أو الغالب أنه من يدعو الكفيل للتعاقد مع الدائن، ليوفر له الثقة و الإئتمان، و مع ذلك يظل أجنبي عن عقد الكفالة و لا يعتبر طرفا فيها، هذا وقد تتم الكفالة من جهة أخرى دون علم المدين، وحتى رغم معارضته، إذ تنص المادة 647 من التقنين المدني على أنه: « تجوز كفالة المدين بدون علمه، و تجوز أيضا رغم معارضته ». فالكفالة بما أنها ترتكز على التزام أصلي، و تعمل على الوفاء به، فهي تابعة دائما له، ومن ثمة فهي ترتب إلتزام شخصي في ذمة الكفيل محله الوفاء بالالتزام الأصلي إن لم يف به المدين.
ومنه لا يكون مصدر الالتزام المكفول هو العقد دائما بل تتعدد مصادره بمصادر الالتزام، المعروفة وهي : العقد، الإرادة المنفردة، شبه العقد، الفعل المستحق للتعويض أو القانون، بينما التزام الكفيل الناشئ عن عقد الكفالة، مصدره دائما واحد وهو العقد (1).
-هذا، ومما تجدر الإشارة إليه أنه لا ينبغي أن يفهم من العبارة الأخيرة الواردة، بنص المادة 644 : « إذا لم يف به المدين نفسه ».أن التزام الكفيل معلق على شرط واقف، وهو عدم قيام المدين، الأصلي بالوفاء لأن التزام الكفيل التزام بأن يترتب في ذمة الكفيل بمجرد انعقاد الكفالة، فالمراد من هذا التنصيص العمل على إبراز الصفة الاحتياطية به للكفالة، والتي تجعل الكفيل ملتزم من الدرجة الثانية، بمعنى أن الدائن ملزم بأن يطالب المدين أولا وهو ما نصت عليه المادة 660 من ق.م.ج(2)، وأن يبدأ بالتنفيذ على أمواله قبل التنفيذ على أموال الكفيل أيضا، وهو الشيء الذي سنتعرض له تفصيلا عند دراستنا لأثار عقد الكفالة في الفصل الثاني من هذا البحث.
من هذا التحليل المختصر لمضمون المادة 644 ق.م نخلص أخيرا بالقول إلى أن الكفالة، عقد تأمين شخصي، يلتزم بموجبه شخصي الكفيل بالوفاء بالتزام المدين متى عزف هذا الأخير عن أدائه، وذلك بضم ذمته المالية لذمة المدين.
(1)ترد الكفالة على أي التزام مهما كان نوعه، مادام يمكن تقديره نقدا أو ما يترتب على عدم تنفيذه كالحكم بالتعويضات.
(2)زاهية سي يوسف، عقد الكفالة، دار الأمل، صفحة 18.
خصائصها :
يمكن أن نحدد خصائص عقد الكفالة من التعريف السابق إيراده، كالتالي:
أولا :عقد الكفالة عقد ضمان شخصي
وذلك لأنها تضمن وفاء المدين بالدين، فهي تأمين للدائن ضد امتناع المدين عن الوفاء بالتزامه، فتعهد الكفيل بالوفاء بالدين يزيد ثقة الدائن في حصوله على حقه فيتحقق به الضمان، حيث يضيف الكفيل ذمته إلى جانب ذمة المدين للوفاء للدائن، أي أن الكفيل يضم ضمانه العام إلى الضمان العام للمدين، ويرد هذا على كل مفردات العنصر الإيجابي في ذمته المالية، وللطابع الشخصي للكفالة يميزها عن الكفالة العينية التي يقدم الكفيل فيها مالا معينا لضمان الوفاء بدين المدين وهو لا يضمن الوفاء إلا في حدود المال الذي قدمه تأمينا له، فمسئوليته تنحصر في قيمة العين التي قدمها تأمينا لحق الدائن، فهو مسؤول في حدود المال المخصص لهذا الضمان.
هذا و يترتب على اعتبار الكفالة عقد من عقود الضمان الشخصي أنها لا تجنب الدائن تماما مخاطر الإعسار لأنها وإن كانت تجنبه مخاطر إعسار مدنية إلا أن الإحتمال نفسه لا يزال قائما أيضا بالنسبة للكفيل، لكن في الوقت الحاضر، أصبح الضمان الذي تقدمه الكفالة أكثر أمانا، خاصة بعد تدخل البنوك و المؤسسات المالية لتقديم ضمانها للحصول على الائتمان اللازم.
ثانيا : الكفالة عقد ملزم لجانب واحد هو الكفيل
ينشأ عقد الكفالة بين الدائن والكفيل فقط، أين يتعهد الكفيل في هذا العقد أمام الدائن بضمان وفاء الدين إن لم يف به المدين الأصلي، فالعقد كما سبق وأن قلنا يرتب التزاما بالضمان على عاتق الكفيل، أما الدائن فلا يلتزم عادة بشيء نحو الكفيل، لذا يقال بأن الكفالة عقد ملزم لجانب واحد، وهو الكفيل، وليس معنى أن الكفالة عقد ملزم لجانب واحد أنها تصرف بإرادة منفردة، بل هي عقد لا يتم إلا بتبادل و تطابق إرادتي كل من الكفيل والدائن، فالكفالة لا تقوم بمجرد إعلان من جانب الكفيل وحده.
إن الأصل هو أن الكفالة عقد ملزم لجانب واحد، إلا أنه إذا التزم الدائن نحو الكفيل بدفع مقابل نظير كفالته للدين، فإن الكفالة تصبح عقدا ملزما للجانبين حيث تنشأ عنه التزامات متبادلة على عاتق كل من الدائن والكفيل، هذه الالتزامات المتقابلة يرتبط بعضها ببعض، بحيث يعتبر كل منها سببا لقيام الالتزام المقابل.
فإذا تمثل المقابل الذي يدفعه الدائن للكفيل مقابل كفالته للدين في مبلغ من النقود، ثار الشك حول طبيعة هذا العقد، هل يظل كفالة أم ينقلب إلى عقد تأميني من خطر إعسار المدين؟
والحال أن المرجع هو قصد المتعاقدين الذي يتضح من عبارات العقد و مضمونه، فإذا اتجه قصد الطرفين إلى أن المبلغ الذي يدفعه الدائن هو مقابل تعهد الكفيل بتأمينه من خطر الإعسار، و تعوضيه عن الضرر اللاحق به من جراء ذلك، فإن العقد يصبح صورة من صور التأمين وبتعبير أدق تأمين الائتمان، وهو في هذه الحالة عقد أصلي و احتمالي و ليس تابع و محدد لأنه أضحى تأمين و ليس كفالة، أما إن اتجهت إرادة الأطراف إلى أن الكفيل يقتصر دوره على التعهد بتنفيذ التزام المدين إذا لم يقم بوفائه فإن العقد يظل كفالة و لا ينفي عنه هذه الصفة دفع مبلغ من النقود مقابل كفالته.
هذا و يمكن أن يشترط الكفيل على الدائن، عند إبرام الكفالة، بعض الاشتراطات لمصلحة المدين ( أو الغير ) كاشتراط منح المدين أجلا أوسع للوفاء بالدين أو اشتراط زيادة مقدار القرض له، فهنا تكون الكفالة ملزمة للجانبين في صورة اشتراط لمصلحة الغير، حيث يتعهد الدائن في مواجهة الكفيل، مقابل كفالته للدين بآداء معين لمصلحة المدين الذي يعتبر من الغير بالنسبة للعقد.
ويمكن أن يلتزم المدين بدفع مبلغ معين للكفيل مقابل كفالته له، و يتحقق ذلك عندما يقوم البنك بكفالة المدين من خلال تقديم خطاب ضمان، و يتقاضى أجرا على ذلك، في هذه الحالة تظل الكفالة عقد ملزما لجانب واحد لأن الكفيل ( البنك ) هو الملتزم بالضمان تجاه الدائن الذي لا يلتزم بأي شيء، فالمدين هو الذي يدفع المقابل للبنك، وهو ليس طرفا في الكفالة.
هذا و إذا كان القانون يفرض على الدائن بعض الالتزامات فإنها ليست ناشئة عن عقد الكفالة، وإنما يفرضها القانون عليه وهو ما نصت عليه المادة 659 ق.م.ج التي تلزم الدائن وقت إستيفائه الدين تسليم المستندات للكفيل لاستعمال حقه في الرجوع على المدين، وحقيقة الأمر أن مثل هذا الالتزام لا يقع على الدائن نتيجة عقد الكفالة، ولكنه يترتب عن واقعة الوفاء بالدين، والتي تعتبر لاحقة لإبرام عقد الكفالة، ومن ثمة يكون من غير المتصور أن نصف عقد بأنه ملزم لجانبين بما يترتب من آثار عن واقعة مستقلة و خارجة عنه.
وكذلك الحالات المنصوص عليها بالمواد 657، 658، 659 من ق.م.ج وهي ألا يعمل الدائن بخطئه على تضيع التأمينات الأخرى وأن يرجع على المدين خلال 6 أشهر من تاريخ إنذار الكفيل له وأن يدخل في تفلسة المدين و حقيقة هذه الالتزامات أنها شروط يفرضها القانون على الدائن لرجوعه على الكفيل وفي حالة الإخلال بها ينقضي الالتزام.
إن مثل هذه الالتزامات لا تغير من طبيعة عقد الكفالة، و تجعله عقدا ملزما للجانبين لأنها لا تنشأ عن عقد الكفالة نفسه، بل تترتب عن وفاء الدين كواقعة لاحقة إبرام العقد و مستقلة عنه، أو كشروط لازمة لإمكان المطالبة والعودة على الكفيل.
ثالثا- عقد الكفالة عقد رضائي :
تنعقد الكفالة بمجرد التراضي بين طرفيها، الكفيل والدائن، ولا يشترط لهذا الانعقاد أي شكلا خاص، و لا يؤثر في الطابع الرضائي لعقد الكفالة اشتراط المشرع الجزائري في المادة 645 ق. م وجود ثبوتها بالكتابة و لو كان من الجائز إثبات الالتزام الأصلي بالبينة.
ومن ثمة كانت الكتابة هنا شرط للإثبات و ليس للانعقاد، فهي بذلك تخضع للقاعدة العامة في إبرام العقود وهي الرضائية.
أن هذا النص جاء استثناء على القاعدة العامة في الإثبات و الواردة بنص المادة، 333 ق.م والتي أوجبت الكتابة في كل علاقة مديونية تزيد قيمتها عن 1000 دج، ومن ثم لا يطبق هذا النص على عقد الكفالة لورود نص المادة السالف ذكرها بالتنصيص على الكتابة كشرط للإثبات ولو قلت قيمة الدين عن 1000 دج، هذا في الوقت الذي أكدت فيه المادة على هذا الشرط في عقد الكفالة أضافـت في شطرها الثاني على إمكان أن يثبت الالتزام الأصلي بالبينة مما يفيد حصر أدلة إثبات عقد الكفالة إلا في الكتابة أو ما يقوم مقامها كالإقرار و اليمين، ويجوز الإثبـات
بالبينة استثناء إن وجد مبدأ ثبوت بالكتابة الذي يعني كل كتابة صادرة من الخصم يكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال هذا و تجوز البينة في الإثبات إن وجد هناك مانع مادي أو أدبي حال دون الحصول على دليل كتابي أو إذا فقد الدائن سنده الكتابي بسبب أجنبي خارج عن إرادته(1).
و الواقع أن الخروج على القواعد العامة في إثبات عقد الكفالة يرجع أساسا إلى التزام الكفيل الذي يعد تبرعا الشيء الذي يوجب أن يستند إلى رضا صريح وقاطع، والهدف من هذا كله يعود إلى إرادة المشرع في حماية الكفيل وذلك باقتضاء أن يستند التزامه إلى رضا صريح و قاطع.
وقد صدر في هذا الشأن عن المحكمة العليا قرار جاء في حيثياته:« من المقرر قانونا أن الكفالة لا يجوز إثباتها إلا بالكتابة ولو كان من الجائز إثبات الالتزام الأصلي بالبينة ومن ثم فإن النعى على القرار المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون غير وجيه و يستوجب الرفض ولما كان من الثابت في قضية الحال أن عقد الكفالة لا يثبت بوثيقة كتابية فإن قضاة الموضوع طبقوا القانون صحيحا حين أخرجوا المطعون ضده من الخصومة باعتباره ليس كفيلا ومتى كان ذلك استوجب رفض الطعن(2).
رابعا- عقد الكفالة عقد تبعي :
تتميز الكفالة، بتبعيتها المباشرة والضيقة للالتزام المكفول و تفسير ذلك يرجع إلى أن محل التزام الكفيل هو الوفاء بالتزام المدين الأصلي عند عدم وفاء هذا الأخير به، فإن كان هناك علاقتان، علاقة بين المدين والدائن و علاقة بين الدائن والكفيل فإن هناك أيضا التزامان مستقلان، التزام المدين في مواجهة الدائن و التزام الكفيل في مواجهة الدائن، إلا أنه و مع ذلك يوجد دين واحد يجب الوفاء به لذا فإن كل ما يمس هذا الدين ينعكس بالضرورة على التزام الكفيل.
ومنه فإن كل اتفاق للضمان لا يتوفر فيه صفة التبعية فإنه لا يعتبر كفالة، وعلى العكس فإن كل اتفاق للضمان الشخصي يتصف بهذه الصفة فإنه كفالة، أيا كانت الألفاظ المستخدمة من جانب المتعاقدين.
من هذا المنطلق اعتبرت التبعية من الأمور الحتمية بالنسبة للكفالة وهو ما يتضح من نص المادة 648 ق.م والتي جاء فيها على أن لا تكون الكفالة صحيحة إلا إذا كان الالتزام المكفول صحيح، وكذا ما جاء بالمادة 652 ق.م والتي تنص على أن لا تجوز الكفالة في مبلغ أكبرهما هو مستحق على المدين ولا بشروط أشد من شروط الدين المكفول.
لكن يجب أن لا يفهم من ذلك أن صفة التبعية من النظام العام، فمبدأ الرضائية في العقود يسمح بأن يستبعد الأطراف هذه الصفة ومع ذلك لا تكون أية مخالفة للنظام العام، إلا أنهم بذلك يكونوا قد استبعدوا صفة الكفالة من هذا الاتفاق.
(1)المادة 335، 336 قانون المدني.
(2)قرار بتاريخ 13/07/1988، ملف 65336 بين القرض الشعبي الجزائري صد ( ص ب ومن معه ). منشور في المجلة القضائية لسنة 1991.
كما أن اشتراط التضامن بين الكفيل والمدين لا ينزع عن الكفالة صفة التبعية، كل ما هنالك أن هذا الشرط يعط للدائن ضمان أكبر باعتبار أن الكفيل يعد متنازلا عن الدفع بالتجريد أو بالتقسيم، لكن ورغم ذلك يحتفظ دائما بالحماية اللّصيقة لصفة التبعية و بصفة خاصة الاحتجاج بالدفوع الناشئة عن الالتزام المكفول و له من ثمة أن يتمسك بجميع الأوجه التي يحتج بها المدين ( المادة 654 ق. م ) وكذلك التمسك ببراءة ذمته بقدرما أضاعه الدائن بخطئه من الضمانات ( المادة 656 ق.م) و كذا براءة ذمة الكفيل إن لم يقم باتخاذ الإجراءات ضد المدين خلال ستة أشهر من إنذار الكفيل للدائن ( المادة 657 ق.م)
إن لصفة التبعية هذه نتائج نجملها فيما يلي :
1/ فالكفالة لا تكون صحيحة إلا إذا كان الالتزام المكفول صحيح ( المادة 648 ق.م)
2/ لا تجوز الكفالة في مبلغ أكبر مما هو مستحق على المدين و لا يشرط أشد من شروط الدين المكفول، ولكن تجوز في مبلغ أقل و بشرط أهون ( المادة 652 ق. م )
3/ يستفيد الكفيل من كل تغيير طارئ في الالتزام المكفول و لكن لا يضار من هذا التغيير.
4/ أن مصير التزام الكفيل مرتبط من عدة جوانب بمصير الالتزام الأصلي :
أ) فينقض التزام الكفيل بالتقادم نتيجة لانقضاء الالتزام الأصلي بالتقادم و لو لم تكتمل مدة التقادم الخاصة به، حيث أن إلتزام الكفيل لا يمكن أن يقوم دون أن يرتكز إلى إلتزام أصلي يعمل على ضمان الوفاء به.
ب) حجية الشيء المقضي ضد المدين الأصلي والمتعلقة بوجود الدين المكفول يحتج بها في مواجهة الكفيل.
ج) كما أن انقضاء الالتزام الأصلي بالوفاء بمقابل يؤدي إلى براءة ذمة الكفيل ولو إستحق الشيء المقضي للوفاء في يد الدائن ( 655 ق.م).
د) هذا و يترتب على تجديد الالتزام المكفول انقضاؤه بتوابعه و ينشأ مكانه إلتزام جديد و لا ينتقل إلى هذا الالتزام الجديد الكفالة عينية كانت أو شخصية إلا إذا رضى الكفلاء بذلك.
هذا وأن صفة التبعية لا تؤدي بالضرورة إلى تطابق تام في النظام القانوني للالتزامين لأن محل إلتزام الكفيل هو الوفاء بالتزام المدين إن لم يف به، إلا أن إلتزام الكفيل مع ذلك ينشأ من عقد مستقل، هذا العقد يخضع لقواعد خاصة، ومن صور مظاهر الاستقلال:
1/ أن الكفالة لا تثبت إلا بالكتابة ولو كان من الجائز إثبات الإلتزام الأصلي بالبينة ( المادة 645 ق.م)
2/ أن الاتفاق على تحديد الإختصاص المحلي في العقد لا يسري على الكفيل
3/ تحديد الطبيعة المدنية، أو التجارية للكفالة يؤدي غالبا إلى أن الكفالة تبقى مدنية بالرغم من أن الالتزام الأصلي تجاري ولو كان الكفيل تاجر ( المادة 651 ق.م) مما يؤدي إلى أن كل من الإلتزامين يخضعان لإختصاص نوعي و محلي مختلف.
خامسا- عقد الكفالة عقد تبرعي :
إن القول لهذه الصفة تستوجب علينا دراسة القواعد الواجبة التوفر للقول بأن تصرف ما ينطوي على تبرع، فطبق للقواعد العامة فإن عقد التبرع هو العقد الذي لا يأخذ فيه أحد المتعاقدين مقابلا لما يعطي مع إنصراف النية لذلك، ومنه نخلص بالقول إلى أن معيار التفرقة بين عقود المعاوضة و التبرع ذو شقين:
الأول : انتفاء المقابل أو العوض المعادل.
الثاني : نية التبرع أي أن تنصرف نية أحد المتعاقدين إلى إعطاء المتعاقد الأخر قيمة مالية دون مقابل.
ونحن نعلم أن العلاقة المتولدة من عقد الكفالة تنشئ لنا علاقين مستقلتين:
أ/العلاقة بين الكفيل و الدائن:
وهنا نجد أن الكفيل يؤدي خدمة بدون مقابل، فهو يلزم بالضمان دون أن يتلقى أي مقابل من الدائن لقاء إلتزامه، فالتزامه عند إبرام العقد، ذهب إلى أن يلتزم شخصيا أمامه بأن يفي له بالإلتزام الذي على عاتق المدين إن لم يف به هذا الأخير، رغم أن البعض ذهب بالقول إلى أن عقد الكفالة على مستوى هذه العلاقة لا يعد تبرعا لأن الكفيل يفتقد لنية التبرع، إلا أن هذا الرأي مهجور تماما و مردود لإن الكفيل وإن كان- من حيث المبدأ – يعود على المدين بعد الوفاء بالالتزام إلا أن المدين هو طرف يعتبر خارج عن العلاقة، ومنه العلاقة بينهما لا تؤثر بتاتا على صفة التبرع لهذا العقد(1).
ب/العلاقة بين الكفيل والمدين:
العلاقة بين الكفيل و المدين هي علاقة تمت بصلة عميقة من حيث طبيعتها إلى عقد التفضل الذي يعتبر كما نعلم من عقود التبرع، أين يقدم المتبرع بغير مقابل خدمة أو منفعة للمتبرع له دون أن يخرج مال من ذمته فهو لا يلتقي أي مقابل إلا أن صفة المجانية ليست من مستلزماته لأنه لا يوجد ما يمنع أن يشترط الكفيل مقابلا عادلا في نظير المخاطر التي يتعرض لها و الصعاب التي يمكن أن يلاقيها عند رجوعه، وهذا ما يحدث غالبا عند ما يكون أحد البنوك كفيلا لأحد عملائه.
ومن ثمة نخلص إلى أن العلاقة بين الدائن و الكفيل تكون دائما عقد تبرع، بمعنى أن الدائن لا يعطي أي مقابل للكفيل لقاء كفالته أما إذا تعهد الدائن للكفيل بمقابل لالتزامه كمبلغ من النقود فإننا لا تكون بصدد عقد كفالة بل تأمين إئتمان ومن ثمة تصبح عقدا أصليا لا تابعا و إحتماليا لا محددا على نقيض الكفالة(2) هذا و يترتب على إعتبار عقد الكفالة من عقود التبرع آثار مهمة نوردها فيما يلي :
1-إشتراط أهلية التبرع في الكفيل حتى يعتبر العقد صحيحا(3).
2-لا يجوز إبرام عقد الكفالة بطريق الوكالة إلا إذا صدر توكيل خاص يعين فيه محلها على وجه التخصيص بأن يعين فيها على الأقل المدين المكفول و الالتزام المكفول، وهو الأمر الذي نصت عليه المادة 574 ق.م.
3-يجوز الطعن في الكفالة بالدعوى البوليصية دون إشتراط تواطؤ المدين لا مع الدائن و لا مع الكفيل، وفي هذا المجال تطبيق للقواعد العامة إذ تنص المادة 192 ق.م " إذا كان تصرف المدين بعوض، فإنه لا يكون حجة على الدائن إلا إذا كان هناك غش صدر من المدين و إذا كان الطرف الآخر قد علم بذلك الغش يكفي لإعتبار التصرف منطوي على الغش أن يكون قد صدر من المدين، وهو عالم بعسره.
(1)هذا و بينما تعتبر طبيعة العلاقة بين الكفيل الدائن عقد تبرع بالنسبة للكفيل فإنها تكون بالنسبة للدائن عقد معاوضة لأنه يلتزم بمنح الدين للمدين مقابل كفالة الكفيل له.
(2)عبد الرزاق أحمد السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، الجزء العاشر صفحة 56.
(3)المادة 40 ق.م.ج حددت سن الرشد بـ 19 سنة وهي السن اللازمة لابرام تصرفات ذات طبيعة تبرعية.
كما يعتبر من صدر له التصرف عالما بالغش إذا كان قد علم أن هذا المدين في حالة عسر".
4-كما أنه يترتب على إعتبار الكفالة من أعمال التبرع أنها تكون في الأصل تصرف مدني وإن كان الالتزام المكفول تجاري، والكفيل تاجرا وهذا طبقا لنص المادة 651/1 ق.م، والسبب يعود لكون نية التبرع غريبة عن التجارة وأن التجارة تقوم على فكرة المضاربة، إلا أنها ورغم صفتها المدنية فإنها تعتبر عملا تجاريا إذ نشأت عن ضمان الأوراق التجارية(1) ضمانا إحتياطيا و يتم ذلك إما بالكتابة على الورقة التجارية ذاتها أو على ورقة مستقلة فتعتبر تجارية في جميع الأحوال إن وردت على كمبيالة ( سفتجة) أما إذا وردت على سند أذني فلا تعتبر تجارية إلا إذا كان السند الأدنى نفسه تجاريا بأن كان محرره تاجر حرر لعمل تجاري أو مدني أو كان غير تاجر ولكن لعملية تجارية أو عن تظهير هذه الأوراق وفقا للقانون التجاري طبقا لنص المادة 651/2.
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma