[size=18]
مقدمة تمهيدية:
الإثراء بلا يعد مصدرا من مصادر الالتزام، ويقصد به أن كل شخص يثري على حساب شخص آخر يلتزم بتعويض هذا الشخص الذي لحقه من خسارة. وأنه عبارة عن انتقال جزء من ذمة مالية الى أخرى، فتنقص تلك مما يؤدي الى زيادة هذه دون موجب من تعاقد قانوني مثلا اذا دفع شخص لآخر مبلغا من النقود على أساس أنه يدفع دينا عليه والواقع أنه غبر مدين ، أو من ناحية أخرى كما لو قام شخص ببناء مسكن في أرض بمواد مملوكة لغيره ، ويمكن في هذه الحالة لمن افتقرت ذمته حق الرجوع على الطرف الذي أثرت ذمته بهدف تعويض هذا المفتقر عما أنفقه في شراء تلك المواد ن فان لم يفعل ذالك ؟أقام عليه دعوى الإثراء.
ان نظرية الإثراء بلا سبب في حد ذاتها معروفة منذ قديم الزمان بكونها أول مصادر الالتزام بالإضافة إلى أنها تمثل روح الإنصاف والعدالة ، وقد عرفت تطورا مهما بداية بالقانون الروماني الذي اعتمد على طائفتين من الدعاوى، الاولى دعاوى الاسترداد لما دفع دون سبب ، والثانية دعاوى الإثراء بلا سبب، وقد سار على هذا النهج بعده القانون الفرنسي القديم الى حدود القرن 17 والذي لم يعترف بكون الإثراء بلا سبب كقاعدة عامة وهذا ما سجله الفقيه " دوما" في كتابه المشهور حول القوانين المدنية .
بينما القانون الفرنسي الحديث مر بثلاثة مراحل، بداية بانكار المبدأ العام أ القاعدة العامة للاثراء بلا سبب ، ثم المرحلة الثانية الفضالة الناقصة، أما المرحلة الثالثة الاعتراف بالمبدأ العام ، وذالك على أثر الحكم الشهير لمحكمة النقض الفرنسية لتقرير الشروط المطلوبة في دعوى الاثراء بلا سبب في أحكام لاحقة ، خاصة في تاريخ 12 ماي 1914 و 2 مارس 1912. ويمكن تمثيل ذالك في شرطين أساسيين ن الأول أن دعوى الاثراء بلا سبب هي دعوى احتياطية ، اما الثاني هو أن يكون الاثراء بلا سبب قائما وقت رفع الدعوى، وهذا ما قاله الفقهاء الفرنسيين كبل من " بوتييه" و " رو" و "أو بري".
أما من جهة قانون الالتزامات والعقود المغربي ، فقد تطرق الى موضوع الاثراء بلا سبب في الباب الثاني من القسم الاول المخصص لمصادر الالتزامات ، حيث بحث دفع غير المستحق في الفصول من 66 الى 75، أما الفضالة فقد بحثهما في الباب الخامس من القسم السادس وجعلها من أشباه العقود المنزلة منزلة الوكالة وخصها بالفصول من 943 الى 958.
أما من جانب الفقه الإسلامي، فهو لم يعترف بكون الاثراء بلا سبب مصدرا للالتزام الا في حدود ضيقة، ذالك بأنه اعترف فقط بالدفع غير المستحق ولم يعترف بالعمل الفضولي مصدرا للالتزام، أما الاثراء بلا سبب كقاعدة عامة لم يعترف به الفقه الإسلامي.
وأمام انتماء قاعدة الاثراء بلا سبب الى القانون المدني ، ونظرا لأهمية موضعه في حياتنا اليومية من جهة وندرة الدراسة حوله من جهة أخرى ، خاصة لدى الفقه والتشريع المغربي ، لهذا ارتأينا من خلال بحثنا الى دراسة الموضوع والإحالة به من جميع الجوانب ، وهذا ما جعلنا نواجه بعض الصعوبات بخصوص اختيار المراجع التي يمكن الاعتماد عليها ، ومن ناحية أرخى البحث عما هو جديد حول الموضوع ، وذالك بهدف اغتناء بحثنا، مع إضافة معلومات جديدة الى المعرفة القانونية، لدى اعتمادنا من خلال بحثنا على مجموعة من المراجع الهامة: كمأمون الكزبري ، عبد الحق الصافي، الفصايلي الطيب، عبد الكريم شهبون ، ادريس العلوي العبدلاوي، محمد بقالي، عبد الرزاق السنهوري، أنوار طلبنة، أما بالنسبة للكتب النادرة التي حصلنا عليها إلا وهما الكتابان الخاصان بالمحامي حسن الفكهاني ، بينما الأشخاص الذين مدوا لنا يد المساعدة وأرشدونا من خلال مختلف مراحل بحثنا فقهم كثيرون وفي مقدمتهم الدكتور الأستاذ عبد الخالق أحمدون (المشرف على البحث) والمحامي خالد الدهدوه. ومشرفي كل من مكتبة الكلية ومكتبة مقاطعة الشرف – السواني 'الخزانة الجماعية' والمكتبة المدينة بمحكمة الاستئناف، بجانب مساعدة أصدقائنا وطلبة السلك الثالث.
أما من جهة المنهج الذي سوف نعتمده في بحثنا هو منهج تاريخي مقارن، وهكذا انطلاقا من مما سبق يمكن طرح الأسئلة التالية: فماهر الاثراء بلا سبب؟ ومتى يتحقق؟ وما هي أحكامه وتطبيقاته؟ وما هي الأحكام والجزاءات المترتبة عن هذه التطبيقات؟ . وهذا ما يقودنا في حد ذاته الى دراسة البحث من خلال فصلين:
القاعدة العامة يف الاثراء (الفص الأول)
تطبيقات الاثراء بلا سبب( الفصل الثاني)
الفصل الأول: القاعدة العامة للإثراء.
يعتبر الإثراء في حد ذاته واقعة قانونية، اذا من خلالها يجعل أن يثري شخص ما فتزداد ذمته المالية على حساب شخص آخر ، فهي أما ان تكون مبنية على أساس ويكون لها سبب مشروع ، كما في اثراء الموهوب الذي يتسلم هدية، أو في اثراء البائع الذي يقبض لقاء ثمن البيع مبلغا يفوق قيمة هذا المبيع، واما أن يفتقر هذا الاثراء الى مبرر قانوني ولا يعتمد على سبب مشروع كما في اثراء من يقبض مبلغا من المال دون وجه حق مثل الشخص الذي ياخذ مال الغير باعتباره دائنا لهذا الاخير الا أنه ليس كذالك. وقد تناول المشرع المغربي الاثراء بلا سبب في الفصول 66 و67و 75 و76 من ق.ل.ع ولكي يكون هذا الاثراء واقعة صحيحة لا بد أن يتوفر على شروط معينة ( المبحث الاول) الى جانب ما يصدر عن هذه الشروط من أسباب ( المبحث الثاني).
المبحث الاول: شروط الاثراء بلا سبب.
ان الاثراء بلا سبب يكون صحيحا ، لا بد من أن تتوفرلا فيه عدة شروط وهذه الاخيرة تعرف اختلاف وتباين فيما بينها، اذ كل واحد منها يكمل الرخ أي في إطار علاقة وطيدة وتكاملية، وقد استقر أغلب الفقه والقضاء خاصة في المرغب وفرنسا على وجود أربعة شروط أساسية ورئيسية ، وفي نفس الوقت حتى يمكننا أن نقول لكون الاثراء بلا سبب واقعا بالفعل، اذا لابد أن يكون المدين في حالة اثراء (المطلب الاول) بالمقابل افتقار الدائن (المطلب الثاني)الى جانب انعدام السبب القانوني لهذا الاثراء ( المطلب الثالث) وكذا الدعوى الاحتياطية التي يلجأ اليها الدائن في حالة تعذر الحلول الأخرى لاسترجاع حقه (المطلب الرابع).
المطلب الاول: اثراء المدين.
ان الاثراء بلا سبب باعتباره عملا غير مشروع يجب لقيامه أن يحقق الاغتناء والاثراء في جانب المدين ذالك أن هذا النوع من الاثراء بال سبب هو مصدر الالتزام الذي ينشا في ذمته فلا بد من قيام الاثراء حتى يقوم هذا الالتزام ، والاثراء مرده قد يكون ماديا أو معنويا ( الفقرة الاولى) أو ايجابيا أو سلبيا من جهة (الفقرة الثانية) ومن جهة أخرى قد يكون مباشرا وغير مباشر (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: الاثراء المادي أو المعنوي.
الاثراء المادي يتحقق في حالة الكسب المالي الذي يحصل عليه المثري دون وجهن كما في حصوله على مبلغ مالي دون سببن او انتفاعه من سكن دار دون عقد ايجار ولا دفع أجرة.
وهكذا اعتبر المجلس الاعلى في قراره تحت عدد 86 بتاريخ 26-11-1976 في ملف المدني 55090 "...أن الطاعنة انتفعت من رافعة المطلوب في النقض في بناء عمارة لها دون أن يكون هناك اتفاق مسبق يبرر هذا الانتفاع تشكل صورة الاثراء بلا سبب المنصوص عليها في الفص 67 من ق.ل.ع..ولهذا فان المطلوب في النقض الذي اثبت انتفاع الطاعنة برافعته دون مبرر يكون قد أثبت حقه في الحصول على التعويض في حدود الاثراء وكان على الطاعنة التي تدعي أن الانتفاع كان بدون مقابل أن تثبت عقد التبرع أو كارية الاستعمال.."
الاثراء المعنوي: كأن يكون اثراء عقليا أو أدبيا أو صحيا، فالمدرس وهو يعلم التلميذ يجعله يثري اثراء عقليا ، والمحامي وهو يحصل على حكم ببراءة المتهم يجعله يثري اثراء أدبيا وهو اثراء يقبل التقويم بالنقود ويجب فيه الاسترداد بقدر الافتقار والانتفاع.
الفقرة الثانية: الاثراء الايجابي أو السلبي.
الاثراء الايجابي هو الاثراء الذي يجني فيه الشخص كسبا ماديا أو معنويا، بحيث تزداد ذمته المالية او المعنوية بعد الاثراء عما كانت عليه من قبل لدخول عنصر جديد مادي أو معنوي في هذه الذمة كالمستأجر ينتفع بالعين المؤجرة ثم يحكم ببطلان إجارته.
أما الاثراء السلبي ،فيكون بتجنب الشخص كان عليه أن ينفقها ن ومثاله أن يفي شخص بدين واجب على غيره ، وهذا ما قضت به محكمة الاستئناف المصرية، بأن الشخص الذي أدى ثمن الدين عن أرض مرهونة ، والتي كان على الأشخاص الذين اشتروها من قبله بأداء ذالك الذين، لذا قضت المحكمة وفق المادة 800 من القانون المدني بالرجوع عليهم بدعوى الاثراء على حساب الغير عملا بالمادة 179.
الفقرة الثالثة: الاثراء المباشر أو الغير المباشر.
الاثراء المباشر هو الذي يكون فيه الافتقار بسبب مباشر متمثل في اثراء المدين ، وتقوم السببية المباشرة ما بين الافتقار والاثراء اذا كانت واقعة واحدة هي السبب المباشر لكل منهما، فاذا دفع شخص دين غيره او ينتفع شخص بمنزل بمكله غيره من دون عقد ولا انفاق.
أما الاثراء غير المباشر: فهو الاثراء الذي يقع نتيجة لتدخل شخص وسيط ينقله من ذمة المفتقر الى ذمة المثري كربان السفينة يلقي ببعض ما تحمل الى البحر لانقاذ الباقي من الغرق.
وقد يكون المتدخل الأجنبي بعمل مادي هو ناظر الوقف يقترض مالا بدون اذن القاضي يدخل به تحسينات على العين الموقوفة ن فيبطل القرض ويرجع المقرض على الوقف بدعوى الاثراء
المطلب الثاني: افتقار المدين.
ان الافتقار اذا نظرنا اليه من جهة فهو الخسارة التي تصيب الشخص نتيجة خروج شيء من ذمته المالية أو فوات كسب مشروع، أو من جهة أخرى يتمثل الافتقار في نقص أموال المدعى، أو في التزامه بدين أو أي تكليف عيني ، أو فوات منفعة عليه تقدر بمال ، أو في قبضه ثمن خدمة أداها للغير ولكي يكون هذا الاثراء واقعا بالفعل يجب أن يؤدي الى اثراء المدين بجانب افتقار الدائن(الفقرة الاولى)، كما أن هذا الافتقار في صميمه يتميز بتنوع أشكاله(الفقرة الثانية)، وكذالك بتواجد علاقة سببية بين افتقار الشخص المفتقر واثراء الشخص المثري( الفقرة الثالثة) .
الفقرة الاولى: وجوب افتقار المدين
يجب أن يتحقق افتقار شخص حتى يتمكن من ممارسة دعوى الاثراء بلا سبب، ففي حالة حصول الاثراء في جانب شخص ما لم يقابله افتقار في جانب آخر فلا تطبق القاعدة هنا كان يتولى ناقد منح عمل أدبي او فني ، أو علمي فينتج في ازدياد عدد النسخ المبيعة للمؤلف أو يتزايد الإقبال على مسرحية أو شريط سينمائي. هنا لا يعد الجهد المبذول من قبل الناقد بمثابة افتقار، ولا يحق للناقد أن يرجع على المثري.
وهذا ماجاءت به محكمة النقض في سورية بعدما أكدت على ان دعوى الاثراء بلا سبب مشروع تقوم على ثلاثة أركانك الاثراء من جانب المدين وخسارة لاحقة بجانب الدائن وانعدام السبب القانوني لهذا الاثراء ، لذا قررت أنه"اذا توفر الاثراء للجانب الاول ولم يتم شرط لحوق الخسارة الى الجانب الثاني.. فلا مجال لتطبيق قاعدة الاثراء بال سبب مشروع والحكم بالتعويض"
الفقرة الثانية: أشكال الافتقار.
ان افتقار المدين في حد ذاته كالإثراء قد يكون ماديا أو معنويا كما يكون ايجابيا أو سلبيا او مباشرا أو غير مباشر.
أ- الافتقار المادي والمعنوي: فالنوع الاول يحدث اما بنقصان الجانب الايجابي للذمة المالية، أو عدم زيادة هذا الجانب وهذا ما جاء به القضاء المغربي في قراره عدد 444 بتاريخ 31 /1/2001 بالـمـلف المــدني عــدد 1457 بــــــــأن:
" المحكمة أيدت قرارها بأن الطاعنة لا تنازع في كون المطلوبين أديا واجبات التسجيل عوضا عنها قسرا في إتمام إجراءات نقل ملكية المبيع أو تسلمه دون أن تنصرف ارادة الجهة السابقة الى أداء تلك الواجبات تبرعا وترتبا عليه فان المستأنف عليهم 'البائعين' محقين في استرداد ما أثرت به المثرية على حسابهم . بالفصل 69 من ق.ل.ع ويتمثل في أداء واجب التسجيل فكان قرارها معللا تحليلا سليما
أما الافتقار المعنوي فهو فقد حق من الحقوق المعنوية، كأن يفتح شخص متجرا بصلاته التجارة الواسعة، أو افتقار المهندس الذي يعمل في مصنع فيعثر على اختراع يفيد منه المصنع
ب-الافتقار الايجابي أو المعنوي: فالنوع الاول هو الذي يحصل بمقتضى انتقاص في ذمة المفتقر المالية كما في حالى الشخص يدفع دينا غير مترتب عليه أما النوع الثاني فيشتمل في فوات منفعة على المفتقر كان من حقه ان يحصل عليها فيكون له الرجوع على المثري بقدر ما ما فاته من منفعة، كأن يسكن شخص في منزل لغيره من دون عقد ايجا ر فيفتقر المالك بما فاته من منفعة عي أجرة العين
ج-الافتقار المباشر او الغير المباشر: فالنوع الاول يحدث انتقاص في ذمة المفتقر دون وساطة أحد، كأن يدفع زيد مبلغا غير مستحق عليه لعمرو؟، أما النوع الثاني يتمثل في انتقال هذه القيمة المالية بتدخل أجنبي تدخلا ماديا او قانونيا ، كأن ياخذ زيد أدوات لعمرو ليبني بها بناء في أرض بكر
الفقرة الثالثة: السببية المباشرة بين الافتقار والاثراء
ان قيام السببية أمر هام وضروري لقيام قاعدة الاثراء ، أي اذا التقت العلاقة السببية بين الافتقار والاثراء ، امتنع قيام الاثراء بلا سبب فينبغي إذن أن يكون الافتقار هو السبب المباشر للاثراء الذي تحقق ، والعلاقة السببية في حد ذاتها اما ان تكون مباشرة أو غير مباشرة ، فتكون مباشرة عندما يكون الافتقار والاثراء ناشئين عن واقعة واحدة كما في حالة بناء الشخص ، بحسن نية فوق ملك الغير فنتيجة لفعل البناء يحص لافتقار هذا الشخص بما صرفه في البناء ، ويحدث اثراء صاحب الارض ، كما لمل انجز بناء فوق أرضه
اما في حالة تعدد أسباب الاثراء يجوز أن تحلل علاقة السببية المباشرة بين الاثراء والافتقار على النحو الذي تحلل به علاقة السببية ما بين الخطأ والضرر في المسئولية التقصيرية ، ويمكن من هنا أن تكون مفاضلة بين نظرية تكافؤ الاسباب من جهة ، والتي تعني أن كل الاسباب التي ساهمت في احداث نتيجة معينة لها نفس الاهمية يف حدوث هذه النتيجة بين نظرية السبب المنتج والتي تعني الايقتصر البحث في أسباب نتيجة معينة على تحديد حضور كل الظروف التي أدت الى حصرها ، وانما يجب تحديد السبب المؤدي اليها بدقة والذي يرجح بانه السبب المنتج والوقوف عند نظرية السبب المنتج للقول بوجود سببية مباشرة ما بين الافتقار والاثراء.
ويمكن اعطاء مثال على ما سبق في المدية ، وذالك اذا ما اتسعت رقعتها وعلت قيمة مبانيها فليس من الضروري أن تكون هناك سببية مباشرة ما بين اتساع رقعة المدينة وعلو قيمة المباني ، فعلو هذه القيمة قد يرجع الى أسباب متعددة قد يكون اتساع رقعة المدينة من بينها ولكن بهذا السبب لا يكون في الراجح هو السبب المنتج ، اذ أن المباني في كثير من المدن الصغيرة عالية القيمة بل يحدث أن يكون صغر المدينة هو السبب في علو قيمة المباني ولكن توسيع شارع قديم او فتح شارع جديد يكون في كثير من الاحوال هو السبب المنتج في علو قيمة الارض الواقعة على جانبها الشارع. وبناء على ما تقدم فان قيام العلاقة السببية بين الافتقار والاثراء هي من الامور الواقعية التي يعود تقديرها لقاضي الموضوع والتي تخرج عن رقابة المجلس الأعلى.
المطلب الثالث: انعدام السبب القانوني للاثراء.
ان الاثراء لكي يقوم فعلا ن ينبغي ألا يكون هناك أي مبرر أو سند قانوني يخول للمثري حق الإبقاء على الاثراء ، وأن يجعل المفتقر يتحمل قيمة افتقاره ، وانعدام السبب القانوني هنا أمر ضروري لنشوء التزام المدين برد ما اثري به على حساب الغير . الا انه اذا سلمنا بتوفر هذا السبب (الفقرة الاولى) فانه سيمنح للمثري رخصة الاثراء لا من حيث الحكم القضائي من جهة (الفقرة الثالثة) ولا من ناحية العمل الغير مشروع من جهة أخرى ( الفقرة الثالثة) وكذالك بجانب هذا الأساس القانونية لهذا السبب (الفقرة الرابعة).
الفقرة الاولى: المقصود بالسبب القانوني.
المقصود بالسبب القانوني: حيث نجد القضاء السوري يفسره بكونه المصدر القانوني او السند الحقوقي الذي يخول المثري الحق في الاثراء. فالتصرف القانوني عقدا كان أم ارادة منفردة ، والحكم الصادر عن القضاء او عن المحكمين والعمل الغير المشروع ن والقانون ن كل ذالك يشكل سبب صحيحا يحق معه للمثري الاحتفاظ بما أثرى به ى، ويحول دون امكان مطالبته بالرد. وقد عمد الفقهاء الى تحديد معنى السبب. الا أنهم لم يتفقوا أنهم لم يتفقوا تفسير مستقر له، وهكذا نجد ان في فرنسا أن الفقه منقسم الى رأيين:
الرأي الاول:يعتبر فكرة السبب فكرة قانونية صرفة حيث يستبعد استرداد الاثراء، اذا استــنــــد في اكتسابه الى مصدر قانونيي كالعقد مثلا أو غيره. أما الرأي الثاني: فيعتبر فكرة السبب مستمدة من مبادئ العدالة. بينما الفقيه السنهوري يعطي للسبب معنى أدبيا أو اقتصاديا، وانطلاقا من هذه الآراء السابقة فانه يترتب على نتائج أهمها:
لا يسوغ للمفتقر أن يطالب المثري بتعويضه عما افتقر به اذا كان ما أدلى من مال أو قام به عمل قد تم على سبيل التبرع برضا افتقاره.
لا يسوغ للمفقر أن يدعي الافتقار اذا كان الاثراء المستحدث للمثري مما يحميه القانون.ن وذالك اما بمقتضى نص خاص وصريح واما تطبيقا لقاعدة قانونية عامة.
الفقرة الثانية: التصرف القانوني.
التصرف القانوني سواء كان تصرفا تعاقديا ام كان تصرفا اردايا منفردا ، يشكل سببا صحيحا يجيز للمثري الاحتفاظ بما أثراه، ويقف حائلا دون وقوع المطالبة بالرد. ويرى الفقيه السنهوري بانه اذا كان السبب الذي كسب الثري به الاثراء هو العقد فيمتنع الرد. مثال ذالك حالة الاتفاق المؤجر والمستأجر على أن يتملك المؤجر التحسينات التي قوم بها المستأجر خلال مدة الايجار عندما ينتهي عقد الايجار، ففي هذه الحالة لا يملك المستأجر الرجوع الى المؤجر بالثراء لان هذا الاخير قد اكتسب حقا على التحسينات مستندا في ذالك الى سببن وهو الاتفاق في عقد الايجار. وفي هذا الصدد قرر القضاء المغربي على انه" اذا استعمل مشتري قطعة من الارض التصميم المتعلق ببنائها استنادا على الاتفاق بينه وبين البائع باعتبار التصميم داخلا في البيع لم يخول القول بان المثري أثرى بدون سبب لان البيع هو ذالك السبب القانوني للاثراء ".
الا أنه قد يكون العقد الذي هو سبب الاثراء مبرما بين المثري والغير ، دون ان يكون المفتقر طرفا يفه ويقوم العقد مع ذالك سببا قانونيا للاثراء يمنع المفتقر من الرجوع على المثري . مثل المستأجر الذي يستحدث تحسينات على العين المؤجرة، وينكرها للمؤجر عند نهاية الايجار طبقا للعقد، فيكون عقد الايجار هنا مانعا من الرجوع على المؤجر، بينما من جهة أخرى قد يكون العقد مبرما بين المفتقر والغير دون أن يكون المثري طرفا فيه، ومع ذالك يبقى العقد سببا قانونيا للاثراء، مثل أن يتعاقد شخص مع أحد الشركاء في شركة محاماة، فلا يحق لهذا الشخص المفتقر أن يرجع على أحد الشركاء الذين أثروا من وراء العقد.
وكذالك الشأن لو أن أحد مصدر الاثراء يرجع الى تصرف قانوني منفرد. وهكذا مثلا اذا أعلن شــخــص عــن جائزة لمن يعثر على شيء مفقود ن وعثر أحد من الجمهور على الشيء المفقود، فانه في هذه الحالة يستحق الجائزة كاملة، ولا يحق للواعد استرداد الجزء منها عن طريق دعوى الاثراء بلا سبب ، بكون المستحق في نظره لم يبذل أي جهد للحصول على الجائزة ، ويشترط في العقد المبرر للاثراء ان يكون عقدا صحيحا غير باطل لان العقد الباطل لا أثر له.
الفقرة الثالثة: الحكم القضائي.
ان الحكم القضائي في نظر الفقه قد يكون سببا من أسباب الاثراء، سواء كان حكما ما أحكام القضاء أو حكم صادر عن هيئة تحكيمية وكلاهما يخول للمثري الاحتفاظ بما أخذه تنفيذا لهذين الحكمين. فمثلا اذا صدر حكم يلزم أحد المتنازعين بدفع مبلغ مالي للطرف الأخر، وحاز المحكوم له هذا المبلغ فلا يحق للمحكوم عليه ان يطالب باسترداده استنادا الى دعوى الاثراء بلا سبب.
الفقرة الرابعة: العمل غير المشروع.
يعتبر العمل الغير المشروع في حد ذاته سندا صحيحا مانعا من سماع دعوى الاثراء بلا سبب، فمثلا المضرور الذي حصل على تعويض عن ضرر أصابه نتيجة عمل غير مشروع قام به شخصن لا يمكن ان يطالبه به مرتكب العمل الضار باسترداد جزء مما قبض على أساس الاثراء بلا سبب بحجة أن التعويض المقبوض يفوق الضرر الحاصل، لان اثراء المضرور يرتكز على سند قانوني هو العمل غير المشروع.
الفقرة الخامسة: القانون.
يكون سبب الاثراء بحكم القانون، مثل التقادم يمنع من استرداد الاثراء، فاذا أقر ناظر الاوقاف بدين على الوقف كان اقراره باطلا ، فاذا رجع الدائن بدعوى الاثراء فيما يتعلق بفوائد الدين فلا يرجع بها الا فيما يسقط منها بخمس سنوات، وما سقط بهذه المدة يمنع التقادم استرداده. كذالك الشخص الذي يتملك الشيء بالتقادم ن فلا يجوز لمن فقد الملكية ان يطالب المثري برد الشيء على أساس الاثراء، اذ أن حكم القانون، هو سبب اثراء مكتسب الملكية .
المطلب الرابع:المختلف فيه دعوى الاثراء هي دعوى احتياطية.
ان مسألة دعوى الاثراء الاحتياطية في حد ذاتها، لا يتم اللجوء اليها الا عندما يتعذر على المفتقر الوصول الى الوصول الى حقه عن طريق دعوى اخرى، ومن هنا هل تعتبر هذه الدعوى احتياطية أم لا؟، لذا نجد اختلاف آراء الفقه حولها ، ولا من جهة الفقه الفرنسي والمصري بصفة عامة ، ولا من جهة الفقه المغربي بصفة خاصة.
1) الفقه الفرنسي: اتفق الفقه والقضاء الفرنسيين في البداية على أن دعوى الاثراء بلا سبب هي دعوى احتياطية ، بمعنى انه لا يجوز للمفتقر ممارستها كانت لديه دعوى أخرى لاسترداد حقه من المثري، وترجع الصفة الاحتياطية لدعوى الاثراء بلا سبب الى الفقيهين " أوبري" و "رو" والذين اشترطا في دعوى الاثراء بلا سبب ألا يكون هناك لدى المدعي ' دعوى أخرى ناشئة من عقد أو شبه عقد أو جريمة او شبه جريمة الا اذا لم يكن لديه دعوى اخرى . وما لبثت محكمة النقض الفرنسية أن اعتنقت هذا المذهب في حكمها المشهور الصادر في 12ماي 1914 عن محكمة النقض ' وانعقد اجماع الفقه والقضاء في فرنسا بعد ذالك على هذا المبدأ. الا أنه سرعان ما تزعزع الفقه الفرنسي عن موقفه ، وبدأ يتعمق في بحث هذه الصفة الاحتياطية التي خلعها على دعوى الاثراء بداية بالأستاذ 'باتان' ويليه الأستاذان 'رواست' والموزينو ثم خطا بعد ذالك الأستاذ كابينان خطوة أبعد ، فتشكك في أن تكون دعوى الاثراء بلا سبب دعوى احتياطية، وتساءل لماذا لا تكون دعوى أصلية؟.
2) أما من جانب القانون المدني الايطالي فقد نص في مادته 2042، صراحة الى الطابع الاحتياطي لدعوى الاثراء عندما علق قبول دعوى الاثراء على ألا يكون للمضرور "دعوى أخرى يستطيع استعمالها لإصلاح الضرر"
3) الفقه والقضاء في مصر: سار في بداية الامر على الطريق الذي سلكه الفقه والقضاء في فرنسا، فقالا بالصفة الاحتياطية للدعوى ولكن جانب الفقه ما لبث أن ان شق لنفسه طريقا آخر، وأخذ يتساءل ل هل صحيح ما يقال من أن دعوى الاثراء بلا سبب دعوى احتياطية.
أما التقنين المدني المصري الجديد، فقد عرف صدى من لدن الفقه في مرحلته الاخيرة، جاعلا من دعوى الاثراء دعوى أصلية ، اذ لم سند اليها أية صفة احتياطية، فرفعها بذالك الى مرتبة دعوى العقد ودعوى المسئولية التقصيرية.
التشريع المغربي: ان المشرع المغربي في حد ذاته اختلف عن المشرع الفرنسي بكونه خص عدة مواد للاثراء بلا سبب ولم يتطرق في أي مادة من هذه المواد الى الصفة الاحتياطية لدعوى الاثراء، لا بل هو نص في المادة 66 على أن " من تسلم أو حاز شيئا أو أية قيمة اخرى مما هو مملوك للغير لا بدون سبب يبرر هذا الاثراء التزم برده لمن أثرى على حسابه"مانحا بذالك للمالك صراحة حق ممارسة دعوى الاثراء بلا سبب لاسترداد ملكه من الحائز ن ورغم أن للمالك ممارسة دعوى الاستحقاق للوصول الى حقه ، الامر الذي يترتب عليه أن المشرع المغربي نفى الصفة الاحتياطية عن دعوى الاثراء واعتبرها دعوى أصلية يجوز اللجوء اليها بصرف النظر عن وجود او انتفاء وسيلة قانونية اخرى يستطيع المفتقر ان يصل الى حقه عن طريقها.
أما بالنسبة للفقه المغربي، فقد نصب في اتجاه مخالف للفقهاء الفرنسيين فهناك جانب من الفقه اعتبر أن دعوى الاثراء بلا سبب بكونها دعوى احتياطية، لا تستخدم الا اذا لم يكن للمضرور طريق آخؤ للرجوع به على المثري، بل هي دعوى أصلية ، يقوم الحق فيها من مجرد توافر شروط قيام الالتزام برد الاثراء ، ولو توفرت في نفس الوقت شروط الالتجاء الى طريق آخر للرجوع على المثري، على أساس آخر غير الاثراء.
بينما جانب من الفقه الأخر أيد المواقف السابقة بحجة قطعية، وهي أن الشروط الثلاثة السالفة الذكر كافية لتحقيق الاثراء بلا سبب، ولا مجال لإضافة الشرط الرابع القائل بوجود اعتبار دعوى الاثراء دعوى احتياطية ولا تقبل الا اذا امتنع على المفتقر وجود وسيلة قانونية اخرى يصل عن طريقها الى حقه
وهذا ما استنتجته محكمة النقض الفرنسية، بكون أن دعوى الاثراء في المغرب ليست مطلقا صفة الدعوى الاحتياطية
المبحث الثاني: أحكام الاثراء بلا سبب.
انطلاقا من الشروط السابقة نجد أن المثري يلتزم بتعويض المفتقر وذالك مما لحق به من ضرر حيث يكون هذا التعويض في حدود ما أثرى به.
وهذا يعني أن الاثراء لا يعد حاصلا الا في حدود حصول الافتقار وبذالك يكون للمفتقر أن يرفع دعوى الاثراء ضد المثري. وهذا ما سنعالجه في (المطلب الاول) باعتبارها أي دعوى الاثراء كطريق الى حق التعويض عند الافتقار الذي يعد كجزاء على ذالك الاثراء وهذا ما سنتطرق اليه في (المطلب الثاني).
المطلب الاول:دعوى الاثراء.
راينا فيما سبق أنه لكي يتحقق الاثراء بلا سبب كمصدر من مصادر الالتزام يجب أن يثري شخص وهو الذي يصبح مدينا بالالتزام ، وان يترتب على الاثراء افتقار شخص آخر سيصبح دائنا بالالتزام، وألا يكون هناك سبب مشروع للالتزام.
وانطلاقا من ذالك فاننا سنتحدث عن أطراف الدعوى وذالك في الفقرة الاولى اما الفقرة الثانية فسنخصصها للحديث عن تقادم هذه الدعوى
الفقرة الاولى: أطراف الدعوى.
عندما تتحقق الأركان السالفة ذكرها ،كان للمفتقر أن يرفع دعوى الاثراء ونجد بان طرفا هذه الدعوى هما الدائن أي المدعي وهو المفتقر ن ولا يشترط فيه توفر أية أهلية فاذا كان قاصرا ناب عنه وليه أو وصيه. والمدعى عليه أي المدين وهو المثري ولا يشترط فيه أية أهلية فقد يكون غير مميز.
وعبئ الإثبات يقع على الدائن أي المفتقر ان يثبت الاثراء من جانب المثري ومقداره والافتقار من جانبه ومقداره وأنه ليس للاثراء سبب قانوني. فالمفروض كما سبق أن للاثراء سبب قانوني وهو الملكف بأن يثبت أن لا سبب له وبما أن الاثراء والافتقار وانعدام السبب هي وقائع مادية فان يجوز له الإثبات بجميع وسائل الإثبات بما فيه البينة والدائن
الفقرة الثانية: تقادم الدعوى.
نجد أن هناك بعض التشريعات سارت بالنسبة لدعوى الاثراء بلا سبب على نفس المنحى الذي سارت عليه دعوى المسئولية التقصيرية ()، فقد نصت المادة 180 من القانون المصري على مدتين لتقادم دعوى الاثراء حيث يبدأ التقادم القصير (3 سنوات) من اليوم الذي يعلم فيه المفتقر بحقه في التعويض وبالشخص المسئول عن التعويض ام لا.
ويلاحظ أن المشرع المصري سار في نفس الاتجاه الذي عليه بالنسبة لتقادم دعوى المسئولية التقصيرية وذالك في المادة 172 من نفس القانون.
وقد وردت نفس المقتضيات في كل من القانون السوري في المادة 171 وكذالك القانون العراقي في المادة 244 منه
اما من ناحية المشرع المغربي فقد نص الفصل 387 من ق.ل.ع على أن" كل الدعاوي الناشئة عن الالتزام تتقادم بخمسة عشر سنة فيما عدا الاستثناءات الواردة من بعد والاستثناءات التي يقضي بها القانون في حالات خاصة"
المطلب الثاني:الجزاء والتعويض عن الاثراء بلا سبب.
متى توافرت أركان الاثراء بلا سبب ترتب عن ذالك نشوء التزام في ذمة المثري برد ما أثرى به، لان ما حصل عليه من اثراء ليس له سبب يبرر احتفاظه به، فيلزم برده للمفتقر الذي حدث الاثراء على حسابه. ولا يعد الاثراء حاصلا على حساب الغير الا في حدود قيمة الافتقار اما ما يجاوز ذالك فهو اثراء بدون سبب ولكن ليس على حساب المفتقر فلا يستحق الاخير شيئا عنه.
وتتركز الآثار التي تترتب على الاثراء بلا سبب في رد الشيء الى المفتقر مع التعويض عليه عند الاقتضاء أو التعويض على المفتقر وحسب ، عندما يتعذر رد الشيء لسبب من الأشياء ومن أجل كل ما ذكرناه يتعين علينا ان نبحث التزام المثري برد العين وذالك في الفقرة الاولى ومن ثم في التزامه بالتعويض عن المفقود في الفقرة الثانية.
الفقرة الاولى: التزام المثري برد العين.
تنص المادة 66 من ق.ل.ع على أن " من تسلم أو حاز شيئا أو أية قيمة أرخى مما هو مملوك للغير دون سبب يبرر هذا الاثراء التزام برده لمن أثرى على حسابه" كمال نصت المادة 75 على : "من اثرى بغير حق اضرارا بالغير لزم أن يرد له عين ما تسله اذا كان ما زال موجودا او أن يرد له قيمته في يوم تسلمه اياه، اذا كان قد هلك او تعيب بفعله أو بخطئه ، وهو ضامن في حالة التعيب أو الهلاك الحاصل بقوة قاهرة من وقت وصول الشيء اذا كان قد تسلمه بسوء نية يلتزم أيضا برد الثمار والزيادات التي جناها وتلك التي كان واجبه أن يجنيها لوا حسن الادارة وذالك منم يوم حصول الوفاء له او من يوم تسلمه الشيء بغير حق واذا كان المحرز حسن النية فانه لا يسال الا في حدود ما عاد عليه من نفع ومن تاريخ المطالبة
ومن هنا يتضح ان أنه يترتب على المثري برد العين التي حازها بدون سبب اذا كانت مازالت موجودة بحوزته كما يظهر الفرق جليا بالنسبة للالتزام بملحقات العين من ثمار وغيرها بين المثري سيئ النية والمثري حسن النية .
الفقرة الثانية: التعويض.
من خلال منطوق المادة 75 من ق.ل.ع على أن" من اثرى بغير حق اضرارا بالغير لزم أن يرد له عين ما تسله اذا كان ما زال موجودا او أن يرد له قيمته في يوم تسلمه اياه، اذا كان قد هلك او تعيب بفعله أو بخطئه ، وهو ضامن في حالة التعيب أو الهلاك الحاصل بقوة قاهرة من وقت وصول الشيء اذا كان قد تسلمه بسوء نية يلتزم أيضا برد الثمار والزيادات التي جناها وتلك التي كان واجبه أن يجنيها لوا حسن الادارة وذالك منم يوم حصول الوفاء له او من يوم تسلمه الشيء بغير حق واذا كان المحرز حسن النية فانه لا يسال الا في حدود ما عاد عليه من نفع ومن تاريخ المطالبة."
اذا ومن خلال منطوق هذه المادة سنقسم هذه الفقرة الى ثلاث بنود.
البند الاول: الحكم في حالة هلاك العين وتلفها.
اذا هلكت العين أو تلفت فيتعين التعويض بين الحالة التي يكون فيها الهلاك أو التلف نتيجة فعل المثري أو خطئه ، وبين الحلة التي يكون فيها التلف أو الهلاك قد حصل بقوة قاهرة
حيث أنه اذا هلكت العين أو تلفت بفعل المثري أو خطئه ، فهل يلزم بان يرد لصاحبها قيمتها يوم تسلمه اياها دون ما تمييز بين المثري حسن النية والمثري سيء النية مع الابقاء على التمييز الذي حددته المادة 75 من ق.ل.ع الذي أشرنا اليها آنفا .
-أما اذا هلكت العين او تلفت نتيجة أو تلفت نتيجة قوة قاهرة فالمقري سيء النية يضمن التلف او الهلاك ويلزم في هذه الحالة بان يرد لصاحبها قيمتها في يوم تسلمه اياها مع الزيادات والثمار والمنافع التي جناها وتلك التي قصر في جنيها من يوم تسلمه العين حتى تلفها او هلاكها أما المثري حسن النية فلا يضمن التلف أو الهلاك الحاصل ولا يسال في هذه الحالة عن شيء باستثناء المنافع التي عادت عليه ترتبت على هذا الهلاك او التلف.
البند الثاني: الحكم في حالة تعذر رد العين لبيعها.
نجد أن المادة 76 من قانون الالتزامات والعقود قد نصت على أنه:
" اذا كان من تسلم الشيء بحسن نية قد باعه فانه لا يلتزم برد ثمنه أو بتحويل ماله من حقوق على المثري اذا استمر حسن النية الى وقت البيع"
حيث يتضح لنا من هذا النص انه اذا تعذر رد العين الى المفتقر بسبب بيعها من قبل المثري حسن النية ، فان هذا الاخير لا يسال الا فير حدود الثمن الذي تم به البيع ، حتى لو كانت قيمته تفوق ذالك فان المثري حسن النية تبرأ ذمته اذا ما حول المفتقر الحقوق المترتبة له على المثري.أما اذا كان المثري سيء النية فانه يلتزم بقيمة الشيء وقت تسلمه اياه وذالك قياسا على حالة الهلاك أو التلف اذا كانت هذه القيمة أصلح للمفتقر من الثمن الذي بيع به الشيء
البند الثالث: الحكم في حالة كون الاثراء نفعا جناه المثري من عمل الغير.
نصت المادة 67 من قانون الالتزامات والعقود على أنه:
" من استخلص، بحسن نية، نفعا من شغل الغير أو شيئه بدون سبب يبرر هذا النفع التزم بتعويض من أثرى على حسابه، في حدود ما أثرى به من فعله أو شيئه."
وقد أوضحت لنا هذه المادة انه في حالة ما اذا كان الاثراء عليه المثري حسنا للنية عبارة عن نفع جناه من عمل المفتقر أو شيئه فانه يلتزم بتعويض ما أثرى على حسابه في حدود ما أثرى به من فعله أو شيئه، فاذا انتفع شخص من دار عن طريق السكن فيها عن حسن النية فانه يلزم باجر مثل هذه الدار ليس الا، اذ العبرة في تقدير التعويض .في حالة كون الاثراء نفعا جناه المثري حسن النية عن عمل الغير أو شيئه هي لقيمة الاثراء الذي حصل عليه المثري حسن النية ويلزم الا بقدر هذا الاثراء حتى لو كانت الخسارة تزيد على ذالك.
أما حكم المثري سيء النية بالنسبة للنفع الذي يجنيه بدون سبب من عمل الغير أو شيئه فقياسا على النهج الذي سار عليه المشرع في التشديد من حيث الحكم على المثري سيء النية ولا سيما من حيث الزامه بكامل الثمار لا في حدود ما دخل عليه منها فحسب فانه يلتزم بالتعويض عن كامل ما افتقره المضرور أي كامل خسارة هذا الاخير حتى لو كان النفع الذي حصل عليه المثري أقل من ذالك
انطلاقا مما سبق، يمكننا أن نستخلص بان الاثراء بلا سبب في جوهره ناتج عن علاقة غير متكافئة وعادلة بين طرفي الكفة القانونية بكونه يحدث افتقار في جانب الدائن واغتناء في جانب المدين ، وذالك عندما تتحقق شروط هذا النوع من الاثراء، والتي بتوفرها يمكن رفع دعوى الاثراء بلا سبب والمطالبة في نفس الوقت بالتعويض، الا ان هذا الاثراء في حد ذاته له تطبيقات يمكن تمثلها من حيث الموضوع في صورتين أساسيتين هما دفع غير المستحق والفضالة، وهذا ما سنعالجه في الفصل الثاني.
الفصل الثاني: تطبيقات الاثراء بلا سبب.
ان أهم تطبيقات الاثراء بلا سبب يمكن تمثلها في دفع غير المستحق والفضالة، وهما يعدان في حد ذاتهما متميزتان لهذا النوع من الاثراء.
فمن جهة دفع غير المستحق فهو يعد صورة متميزة من صور الاثراء، فلان المفتقر يدفع دينا ليس واجبا عليه ولكن يعتقد أنه ملزم بدفعه ، فيرجع على المدين الحقيقي بدعوى الاثراء في صورتها العادية، أو يرجع على الدائن الذي دفع له الدين بدعوى غير المستحق وهذه هي الصورة المتميزة لدعوى الاثراء.
أما من ناحية الفضالة فهي ايضا صورة متميزة من صور الاثراء، فذالك لان الفضولي وهو يفتقر ليثري غيره قد فعل ذالك متفضلا عن عمد، فكان أحق بالرعاية من المفتقر الذي لا يتعمد هذا التفضل ولهذا كانت حقوق الفضولي قبل المثري، وهو رب العمل ، أوسع من مدى من حقوق المفتقر في دعوى الاثراء.
لهذا سنعمل على توضيح هذان الصورتان السابقتان وفق التصميم الآتي:
دفع غير المستحق (المبحث الأول)
الفضالة (المبحث الثاني)
المبحث الاول: دفع غير المستحق.
دفع غير المستحق هو أن يدفع شخص ما ليس متوجبا عليه، ظنا منه أنه مدين به بنتيجة غلط في القانون، أو في الواقع، وهو صورة من صور الاثراء بلا سبب، فالمفتقر هنا يسمى الموفي يدفع دينا ليس واجبا عليه، ولكنه يعتقد أنه ملزم بدفعه، فيرجع على الدائن الذي دفع له الدين بدعوى دفع غير المستحق
وقد عالجت هذا الموضوع مجموعة من التشريعات العربية على راسها التشريع المصري في المادة 181، والسوري ي المادة 182، والليبي 184، واللبناني 143، والعراقي 233، وأخيرا المشرع الأردني في المادة 296، أما من جهة المشرع المغربي فاه تطرق إلى فكرة دفع غير المستحق بجانب الاثراء بلا سبب اذ اعتبره من تطبيقاته، وقد خصص له المواد من 68 الى 74 من قانون الالتزامات والعقود. إلا أن هذا دفع غير المستحق يكون موجودا فعلا ، وذالك عندما تتوفر شروطه ( المطلب الاول) كما انه بتواجده يترتب عنه جزاءات (المطلب الثاني).
المطلب الاول:شروط دفع غير المستحق.
ان دفع غير المستحق لا يعطي للشخص الحق في رفع دعوى الاسترداد ، الا بتوافر ثلاثة شروط، ألا وهي أن يكون هناك وفاء (الفقرة الاولى) كما يجب أن يكون هذا الوفاء غير مستحق( الفقرة الثانية) الى جانب أن يكون الموفي قد قام بالوفاء ظنا منه انه مدين (الفقرة الثالثة).
الفقرة الاولى: يجب أن يكون هناك وفاء.
الوفاء واقعة مختلطة تجمع ما بين التنفيذ من طرف المدعي لما في ذمته من التزامات، أي قيامه بأعمال مادية، مثل بناء عمارة أو تسليم مبلغ من المال أو نقل شخص بضاعة من مكان لآخر . وبين إجراء تصرف قانوني أي الاتفاق مع الطرف الدائن على قضاء الدين وابراء ذمة المدين.
ان هذه الحالة تطرقت إليها مجموعة من التشريعات العربية والأوروبية ، وقد خصص لها المشرع المغربي الفصل 68 من قانون الالتزامات والعقود حيث جاءت تقضي في مستهلها: " من دفع ما لم يجب عليه، ظنا منه أنه مدين به كنتيجة في الغلط أو القانون، كان له حق الاسترداد على من دفعه له.." .
وسواء كان هذا الوفاء عينيا ، بأن يدفع مبلغا من النقود محل الالتزام أو يسلم الشيء الذي ينصب الالتزام على تسلمه، أم كان وفاء بما يقوم مقام التنفيذ العيني كالاتفاق على تجديد الالتزام أو الاتفاق على المقاصة بين الالتزام وبين حق الموفى له كما قد يكون تصرفا معادلا للوفاء، كالوفاء بمقابل، أو التجديد، أو الإنابة، أو المقاصة، وهذا يعني انه ليس من الضروري أن يكون المفتقر قام بوفاء الدين وفاء مباشرا، بل يكفي أن يكون قد أعطى مقابلا للوفاء، أو طلب تحديد الدين، أو لكف أحدا من الغير بالوفاء عنه، ولو لم يكن هذا الغير مدن له، وهو ما يعر بالإنابة أو قاص الدين بدين له على المثري .
وهكذا نجد أن المشرع الموريتاني تطرق الى بعض الحالات التي تعتبر بمثابة الوفاء، وخصص لها المادة 94، بينما نجد المشرع المغربي نص على ذالك في الفصل 74 من قانون الالتزامات والعقود حيث جاء فيها " يعادل الدفع في الحالات المنصوص عليها أعلاه بـمــقــابــــل إقـــامـــة إحدى الضمانات وتسليم حجة تتضمن الاعتراف بدين أو أية حجة أرخى تهدف الى إثبات وجود التزام أو التحلل منه"
وهذا ما جاء به القضاء المصري في إحدى أحكامه، حيث اعتبر أن الدين كذالك لا وجود له أصلا، اذا تقاضى شريك أرباحا لا يستحقها من الشركة.
الفقرة الثانية: يجب أن يكون الوفاء غير مستحق.
ان الوفاء في خد ذاته هو تصرف قانوني، ومن ثم فان صحته مشروطة بتحقيق جميع أركان وشروط صحة التصرفات القانونية عامة، حيث اذا اختل واحد منها يضحى له الوفاء في حكم غير المستحق، ولمن قام به أن يسترد الموفى به وعدم استحقاق الوفاء عادة ما يتحقق في صورتين هما: انعدام سبب الوفاء وانتفاء رضا الموفى أو تعيبه بأحد عيوب الرضا.
انعدام سبب الوفاء:
يقصد بانعدام السبب هنا هو أداء الموفي لدين غير مستحق، وهو ما يؤدي الى بطلان الوفاء ويصير بذالك من حق الموفي استرداد ما أوفى به، والغالب أن ينشا هذا الحق في خمس حالات ، وهي أن يكون الوفاء بدين غفير موجود أصلا أو معلق على شرط، أو أن يكون الدين قد انقضى قل الوفاء به أو أن يكون الدين موجودا بالفعل ولكن أجل الوفاء به لم يحل بعد، وأن يكون الوفاء بين يدي الغير.
1- الوفاء بدين غير موجود أصلا: وهو أن يقوم الشخص بأداء دين ظنا منه أنه موجود ومثاله أن يظن الوارث أن مورثه قد أوصى لشخص معين بمبلغ معين ،2- فيدفعه له،3- فيتبين له أن المتوفى لم يوصي بالمبلغ،4- أو أنه كان قد رجع عن وصيته ،5- أوأن السند الذي يثبته مزور،6- ففي هذه الحالة له أن يسترد ما دفعه ،7- وفق المادة 296 من القانون المدني الأردني،8- وكذا ما قضت به المحكمة الفرنسية.
9- الوفاء بدين معلق على شرط : أي توفر السبب الحقيقي لأداء الدين،10- سواء كان هذا الشرط واقف لم يتحقق بعد ،11- أو أن يكون الدين معلقا على شرط فاسخ وتحقق بعد الوفاء،12- .
فمن جهة الشرط الواقف فقد أورد المشرع المغربي في المادة 70 من ق.ل.ع والذي جاء فيها: " يجوز استرداد ما دفع لسبب مستقبل لم يتحقق، أو لسبب كان موجودا ولكنه زال" وهذا ما قضت به المحكمة المغربية في احدى قراراتها كالآتي:" يعتبرا لجفاف قوة قاهرة تعفي المكتري من أداء الكراء للدولة كليا أو جزئيا، حسب ما نص عليه الفصل 70 من قانون الالتزامات والعقود، تكون المحكمة قد عللت قضاءها بما فيه الكفاية حيث صرحت بان النقصان الواقع في المحصول الفلاحي راجع الى حالة الجفاف التي أصابت السنة الفلاحية وأن هذا السبب الأجنبي الذي لم يكن في الوسع ولا توقعه يكون قوة قاهرة تعفي من تنفيذ الالتزام بتمامه .
أما من ناحية الشرط الفاسخ فهو دين نافذ اذا دفعه المدين فانه يكون قد دفع دينا مستحقا، وإذا تحقق الشرط الفاسخ صار هذا وفاء مستحقا وقت الوفاء ثم أصبح غير مستحق. فيجوز له استرداده.
ج-انقضاء الدين قبل الوفاء: ففي هذه الصورة وجد الدين في ذمة الموفي للموفي له، ولكنه انقضى قبل الوفاء به ومثال ذالك أن يقوم الوارث بسداد دين على مورثه ثم يتبين له أن المورث سبق له أن وفى بالدين قبل وفاته، أو ان يقوم شخص بالوفاء بدين سبق أن انقضى بسبب آخر من أسباب الانقضاء كالمقامة، والوفاء بالدين بالرغم من انقضائه يجعل الموفي قد وفى دينا غير مستحقا الأداء ، ومن ثم يجوز له استرداده.
د- وجود الدين فعلا ولكن أجل الوفاء به لم يحل بعد: أي أن يؤدي المدين دينا قبل حلول الأجل، وهكذا يكون دفعه لدين غير مستحق وقت الوفاء، لذا له الحق أن يسترد ما وفى به. وهذا ما جاء في المادة 183 من القانون المدني المصري:" يصح كذالك استرداد غير المستحق ، اذا كان الوفاء قد تم تنفيذ الالتزام لم يحل أجله وكانت الوفي جاهلا قيام الأجل" بمعنى أن المدين وفى بدين مؤجل وهو جاهل قيام الأجل أو مكره على ذالك لانه لو رضي وهو عالم بقيام الاجل غير مكره عد نزولا عن الاجل، فلا يرجع بشيء على الدائن والأصل أنه في حالة الوفاء قبل حلول الاجل يكون للمدين أن يسترد ما دفع بدعوى غير المستحق ثم يوفي الدين عند حلول الاجل().
ع- الوفاء بدين الغير: تتحقق هذه الـصـورة في حـالـة قيام الـمدين باـلوفاء بين يدي شـخـص غيــر دائـنـه كـأن ينفذ وريـث وصــيـة مـورثه لـصـالح شــخـص غــيـر الـمـوصـى لـه الحقيقي، ففي هذا المثال للوريث استرداد ما أوفى به حتى يتمكن من تبرئة ذمته اتجاه الموصى له الحقيقي.()
انتفاء رضا الموفي أو تعيبه: يمكن تمثيل ذالك في حالتين:
بالنسبة للحالة الاولى وهي دفع غير مستحق، وذالك عن طريق القيام بعمل من أعمال الوفاء قد شابه عيب جعله قابل للابطال: سواء أكان العيب في ارادة الشخص كغلط أو تدليس أو اكراه، أو أن يقع الوفاء من شخص ناقص الاهلية، كالمجنون مثلا أو صبي غير مميز. وهذا ماجاء في مضمون المادة 306 من قانون الالتزامات والعقود المغربي بأن: " الالتزام الباطل بقوة القانون لا يمكن أن ينتج أي اثر الا استرداد ما دفع بغير حق تنفيذا له. ويكوون الالتزام باطلا بقوة القانون:
13- إذا كان ينقصه احد الأركان اللازمة لقيامه.
14- اذا قرر القانون في حالات خاصة بطلانه .
كما تجدر الاشارة الى أن من استغل حاجة شخص آخر او ضعف ادراكه او عدم تجربته وجعله يرتضي من أجل الحصول على قرض ، أو لتجديد قرض قديم عند حلول أجله فوائده أو منافع أخرى تتجاوز الى حد كبير السعر العادي للفوائد وقيمة الخدمة المؤداة، وفقا لمقتضيات المكان وظروف التعامل، ويمكن أن يكون محلا للمتابعة الجنائية ويسوغ ابطال الشروط والاتفاقيات المبرمة بمخالفة هذا الحكم بناء على طلب الخصم، بل حتى من تلقاء نفس المحكمة ويجوز انقاص السعر المشترط، ويحق للمدين استرداد ما دفعه زيادة على السعر الذي تحدده المحكمة على أساس أنه دفع ماليس مستحقا عليه، واذا تعدد الدائنون ، كانوا مسئولون على سبيل التضامن وفق المادة 878 من قانون الالتزامات والعقود المغربي .
أما من ناحية الحالة الثانية، يمكن إسنادها الى قاعدة الاثراء بلا سبب، التي يفي الشخص من خلالها بدين غير مستحق زال سبب استحقاقه وذالك بتحقق الشرط الفاسخ، أو بفسخ العقد او ابطاله كما تم توضيحه سابقا.
الفقرة الثالثة:يجب أن يكون الموفي قد قام بالوفاء ظنا منه أنه مدين.
يجب لقيام دفع غير المستحق، أن يكون الموفي قد قام بالوفاء ظنا منه أنه مدين، بمعنى أنه لكي يقوم دفع غير المستحق، يجب أن يكون قد أوفى وهو ضحية عيب الغلط، سواء كان هذا الغلط هو غلط في القانون ، أو غلط في الواقع، وهذا ما تضمنته المادة 68 من قانون الالتزامات والعقود المغربي والتي جاء في مستهلها بان " من دفع مالم يجب عليه دفعه ظنا منه انه مدين به، نتيجة غلط في القانون أو في القانون أو في الواقع كان له حق الاسترداد ع
مقدمة تمهيدية:
الإثراء بلا يعد مصدرا من مصادر الالتزام، ويقصد به أن كل شخص يثري على حساب شخص آخر يلتزم بتعويض هذا الشخص الذي لحقه من خسارة. وأنه عبارة عن انتقال جزء من ذمة مالية الى أخرى، فتنقص تلك مما يؤدي الى زيادة هذه دون موجب من تعاقد قانوني مثلا اذا دفع شخص لآخر مبلغا من النقود على أساس أنه يدفع دينا عليه والواقع أنه غبر مدين ، أو من ناحية أخرى كما لو قام شخص ببناء مسكن في أرض بمواد مملوكة لغيره ، ويمكن في هذه الحالة لمن افتقرت ذمته حق الرجوع على الطرف الذي أثرت ذمته بهدف تعويض هذا المفتقر عما أنفقه في شراء تلك المواد ن فان لم يفعل ذالك ؟أقام عليه دعوى الإثراء.
ان نظرية الإثراء بلا سبب في حد ذاتها معروفة منذ قديم الزمان بكونها أول مصادر الالتزام بالإضافة إلى أنها تمثل روح الإنصاف والعدالة ، وقد عرفت تطورا مهما بداية بالقانون الروماني الذي اعتمد على طائفتين من الدعاوى، الاولى دعاوى الاسترداد لما دفع دون سبب ، والثانية دعاوى الإثراء بلا سبب، وقد سار على هذا النهج بعده القانون الفرنسي القديم الى حدود القرن 17 والذي لم يعترف بكون الإثراء بلا سبب كقاعدة عامة وهذا ما سجله الفقيه " دوما" في كتابه المشهور حول القوانين المدنية .
بينما القانون الفرنسي الحديث مر بثلاثة مراحل، بداية بانكار المبدأ العام أ القاعدة العامة للاثراء بلا سبب ، ثم المرحلة الثانية الفضالة الناقصة، أما المرحلة الثالثة الاعتراف بالمبدأ العام ، وذالك على أثر الحكم الشهير لمحكمة النقض الفرنسية لتقرير الشروط المطلوبة في دعوى الاثراء بلا سبب في أحكام لاحقة ، خاصة في تاريخ 12 ماي 1914 و 2 مارس 1912. ويمكن تمثيل ذالك في شرطين أساسيين ن الأول أن دعوى الاثراء بلا سبب هي دعوى احتياطية ، اما الثاني هو أن يكون الاثراء بلا سبب قائما وقت رفع الدعوى، وهذا ما قاله الفقهاء الفرنسيين كبل من " بوتييه" و " رو" و "أو بري".
أما من جهة قانون الالتزامات والعقود المغربي ، فقد تطرق الى موضوع الاثراء بلا سبب في الباب الثاني من القسم الاول المخصص لمصادر الالتزامات ، حيث بحث دفع غير المستحق في الفصول من 66 الى 75، أما الفضالة فقد بحثهما في الباب الخامس من القسم السادس وجعلها من أشباه العقود المنزلة منزلة الوكالة وخصها بالفصول من 943 الى 958.
أما من جانب الفقه الإسلامي، فهو لم يعترف بكون الاثراء بلا سبب مصدرا للالتزام الا في حدود ضيقة، ذالك بأنه اعترف فقط بالدفع غير المستحق ولم يعترف بالعمل الفضولي مصدرا للالتزام، أما الاثراء بلا سبب كقاعدة عامة لم يعترف به الفقه الإسلامي.
وأمام انتماء قاعدة الاثراء بلا سبب الى القانون المدني ، ونظرا لأهمية موضعه في حياتنا اليومية من جهة وندرة الدراسة حوله من جهة أخرى ، خاصة لدى الفقه والتشريع المغربي ، لهذا ارتأينا من خلال بحثنا الى دراسة الموضوع والإحالة به من جميع الجوانب ، وهذا ما جعلنا نواجه بعض الصعوبات بخصوص اختيار المراجع التي يمكن الاعتماد عليها ، ومن ناحية أرخى البحث عما هو جديد حول الموضوع ، وذالك بهدف اغتناء بحثنا، مع إضافة معلومات جديدة الى المعرفة القانونية، لدى اعتمادنا من خلال بحثنا على مجموعة من المراجع الهامة: كمأمون الكزبري ، عبد الحق الصافي، الفصايلي الطيب، عبد الكريم شهبون ، ادريس العلوي العبدلاوي، محمد بقالي، عبد الرزاق السنهوري، أنوار طلبنة، أما بالنسبة للكتب النادرة التي حصلنا عليها إلا وهما الكتابان الخاصان بالمحامي حسن الفكهاني ، بينما الأشخاص الذين مدوا لنا يد المساعدة وأرشدونا من خلال مختلف مراحل بحثنا فقهم كثيرون وفي مقدمتهم الدكتور الأستاذ عبد الخالق أحمدون (المشرف على البحث) والمحامي خالد الدهدوه. ومشرفي كل من مكتبة الكلية ومكتبة مقاطعة الشرف – السواني 'الخزانة الجماعية' والمكتبة المدينة بمحكمة الاستئناف، بجانب مساعدة أصدقائنا وطلبة السلك الثالث.
أما من جهة المنهج الذي سوف نعتمده في بحثنا هو منهج تاريخي مقارن، وهكذا انطلاقا من مما سبق يمكن طرح الأسئلة التالية: فماهر الاثراء بلا سبب؟ ومتى يتحقق؟ وما هي أحكامه وتطبيقاته؟ وما هي الأحكام والجزاءات المترتبة عن هذه التطبيقات؟ . وهذا ما يقودنا في حد ذاته الى دراسة البحث من خلال فصلين:
القاعدة العامة يف الاثراء (الفص الأول)
تطبيقات الاثراء بلا سبب( الفصل الثاني)
الفصل الأول: القاعدة العامة للإثراء.
يعتبر الإثراء في حد ذاته واقعة قانونية، اذا من خلالها يجعل أن يثري شخص ما فتزداد ذمته المالية على حساب شخص آخر ، فهي أما ان تكون مبنية على أساس ويكون لها سبب مشروع ، كما في اثراء الموهوب الذي يتسلم هدية، أو في اثراء البائع الذي يقبض لقاء ثمن البيع مبلغا يفوق قيمة هذا المبيع، واما أن يفتقر هذا الاثراء الى مبرر قانوني ولا يعتمد على سبب مشروع كما في اثراء من يقبض مبلغا من المال دون وجه حق مثل الشخص الذي ياخذ مال الغير باعتباره دائنا لهذا الاخير الا أنه ليس كذالك. وقد تناول المشرع المغربي الاثراء بلا سبب في الفصول 66 و67و 75 و76 من ق.ل.ع ولكي يكون هذا الاثراء واقعة صحيحة لا بد أن يتوفر على شروط معينة ( المبحث الاول) الى جانب ما يصدر عن هذه الشروط من أسباب ( المبحث الثاني).
المبحث الاول: شروط الاثراء بلا سبب.
ان الاثراء بلا سبب يكون صحيحا ، لا بد من أن تتوفرلا فيه عدة شروط وهذه الاخيرة تعرف اختلاف وتباين فيما بينها، اذ كل واحد منها يكمل الرخ أي في إطار علاقة وطيدة وتكاملية، وقد استقر أغلب الفقه والقضاء خاصة في المرغب وفرنسا على وجود أربعة شروط أساسية ورئيسية ، وفي نفس الوقت حتى يمكننا أن نقول لكون الاثراء بلا سبب واقعا بالفعل، اذا لابد أن يكون المدين في حالة اثراء (المطلب الاول) بالمقابل افتقار الدائن (المطلب الثاني)الى جانب انعدام السبب القانوني لهذا الاثراء ( المطلب الثالث) وكذا الدعوى الاحتياطية التي يلجأ اليها الدائن في حالة تعذر الحلول الأخرى لاسترجاع حقه (المطلب الرابع).
المطلب الاول: اثراء المدين.
ان الاثراء بلا سبب باعتباره عملا غير مشروع يجب لقيامه أن يحقق الاغتناء والاثراء في جانب المدين ذالك أن هذا النوع من الاثراء بال سبب هو مصدر الالتزام الذي ينشا في ذمته فلا بد من قيام الاثراء حتى يقوم هذا الالتزام ، والاثراء مرده قد يكون ماديا أو معنويا ( الفقرة الاولى) أو ايجابيا أو سلبيا من جهة (الفقرة الثانية) ومن جهة أخرى قد يكون مباشرا وغير مباشر (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: الاثراء المادي أو المعنوي.
الاثراء المادي يتحقق في حالة الكسب المالي الذي يحصل عليه المثري دون وجهن كما في حصوله على مبلغ مالي دون سببن او انتفاعه من سكن دار دون عقد ايجار ولا دفع أجرة.
وهكذا اعتبر المجلس الاعلى في قراره تحت عدد 86 بتاريخ 26-11-1976 في ملف المدني 55090 "...أن الطاعنة انتفعت من رافعة المطلوب في النقض في بناء عمارة لها دون أن يكون هناك اتفاق مسبق يبرر هذا الانتفاع تشكل صورة الاثراء بلا سبب المنصوص عليها في الفص 67 من ق.ل.ع..ولهذا فان المطلوب في النقض الذي اثبت انتفاع الطاعنة برافعته دون مبرر يكون قد أثبت حقه في الحصول على التعويض في حدود الاثراء وكان على الطاعنة التي تدعي أن الانتفاع كان بدون مقابل أن تثبت عقد التبرع أو كارية الاستعمال.."
الاثراء المعنوي: كأن يكون اثراء عقليا أو أدبيا أو صحيا، فالمدرس وهو يعلم التلميذ يجعله يثري اثراء عقليا ، والمحامي وهو يحصل على حكم ببراءة المتهم يجعله يثري اثراء أدبيا وهو اثراء يقبل التقويم بالنقود ويجب فيه الاسترداد بقدر الافتقار والانتفاع.
الفقرة الثانية: الاثراء الايجابي أو السلبي.
الاثراء الايجابي هو الاثراء الذي يجني فيه الشخص كسبا ماديا أو معنويا، بحيث تزداد ذمته المالية او المعنوية بعد الاثراء عما كانت عليه من قبل لدخول عنصر جديد مادي أو معنوي في هذه الذمة كالمستأجر ينتفع بالعين المؤجرة ثم يحكم ببطلان إجارته.
أما الاثراء السلبي ،فيكون بتجنب الشخص كان عليه أن ينفقها ن ومثاله أن يفي شخص بدين واجب على غيره ، وهذا ما قضت به محكمة الاستئناف المصرية، بأن الشخص الذي أدى ثمن الدين عن أرض مرهونة ، والتي كان على الأشخاص الذين اشتروها من قبله بأداء ذالك الذين، لذا قضت المحكمة وفق المادة 800 من القانون المدني بالرجوع عليهم بدعوى الاثراء على حساب الغير عملا بالمادة 179.
الفقرة الثالثة: الاثراء المباشر أو الغير المباشر.
الاثراء المباشر هو الذي يكون فيه الافتقار بسبب مباشر متمثل في اثراء المدين ، وتقوم السببية المباشرة ما بين الافتقار والاثراء اذا كانت واقعة واحدة هي السبب المباشر لكل منهما، فاذا دفع شخص دين غيره او ينتفع شخص بمنزل بمكله غيره من دون عقد ولا انفاق.
أما الاثراء غير المباشر: فهو الاثراء الذي يقع نتيجة لتدخل شخص وسيط ينقله من ذمة المفتقر الى ذمة المثري كربان السفينة يلقي ببعض ما تحمل الى البحر لانقاذ الباقي من الغرق.
وقد يكون المتدخل الأجنبي بعمل مادي هو ناظر الوقف يقترض مالا بدون اذن القاضي يدخل به تحسينات على العين الموقوفة ن فيبطل القرض ويرجع المقرض على الوقف بدعوى الاثراء
المطلب الثاني: افتقار المدين.
ان الافتقار اذا نظرنا اليه من جهة فهو الخسارة التي تصيب الشخص نتيجة خروج شيء من ذمته المالية أو فوات كسب مشروع، أو من جهة أخرى يتمثل الافتقار في نقص أموال المدعى، أو في التزامه بدين أو أي تكليف عيني ، أو فوات منفعة عليه تقدر بمال ، أو في قبضه ثمن خدمة أداها للغير ولكي يكون هذا الاثراء واقعا بالفعل يجب أن يؤدي الى اثراء المدين بجانب افتقار الدائن(الفقرة الاولى)، كما أن هذا الافتقار في صميمه يتميز بتنوع أشكاله(الفقرة الثانية)، وكذالك بتواجد علاقة سببية بين افتقار الشخص المفتقر واثراء الشخص المثري( الفقرة الثالثة) .
الفقرة الاولى: وجوب افتقار المدين
يجب أن يتحقق افتقار شخص حتى يتمكن من ممارسة دعوى الاثراء بلا سبب، ففي حالة حصول الاثراء في جانب شخص ما لم يقابله افتقار في جانب آخر فلا تطبق القاعدة هنا كان يتولى ناقد منح عمل أدبي او فني ، أو علمي فينتج في ازدياد عدد النسخ المبيعة للمؤلف أو يتزايد الإقبال على مسرحية أو شريط سينمائي. هنا لا يعد الجهد المبذول من قبل الناقد بمثابة افتقار، ولا يحق للناقد أن يرجع على المثري.
وهذا ماجاءت به محكمة النقض في سورية بعدما أكدت على ان دعوى الاثراء بلا سبب مشروع تقوم على ثلاثة أركانك الاثراء من جانب المدين وخسارة لاحقة بجانب الدائن وانعدام السبب القانوني لهذا الاثراء ، لذا قررت أنه"اذا توفر الاثراء للجانب الاول ولم يتم شرط لحوق الخسارة الى الجانب الثاني.. فلا مجال لتطبيق قاعدة الاثراء بال سبب مشروع والحكم بالتعويض"
الفقرة الثانية: أشكال الافتقار.
ان افتقار المدين في حد ذاته كالإثراء قد يكون ماديا أو معنويا كما يكون ايجابيا أو سلبيا او مباشرا أو غير مباشر.
أ- الافتقار المادي والمعنوي: فالنوع الاول يحدث اما بنقصان الجانب الايجابي للذمة المالية، أو عدم زيادة هذا الجانب وهذا ما جاء به القضاء المغربي في قراره عدد 444 بتاريخ 31 /1/2001 بالـمـلف المــدني عــدد 1457 بــــــــأن:
" المحكمة أيدت قرارها بأن الطاعنة لا تنازع في كون المطلوبين أديا واجبات التسجيل عوضا عنها قسرا في إتمام إجراءات نقل ملكية المبيع أو تسلمه دون أن تنصرف ارادة الجهة السابقة الى أداء تلك الواجبات تبرعا وترتبا عليه فان المستأنف عليهم 'البائعين' محقين في استرداد ما أثرت به المثرية على حسابهم . بالفصل 69 من ق.ل.ع ويتمثل في أداء واجب التسجيل فكان قرارها معللا تحليلا سليما
أما الافتقار المعنوي فهو فقد حق من الحقوق المعنوية، كأن يفتح شخص متجرا بصلاته التجارة الواسعة، أو افتقار المهندس الذي يعمل في مصنع فيعثر على اختراع يفيد منه المصنع
ب-الافتقار الايجابي أو المعنوي: فالنوع الاول هو الذي يحصل بمقتضى انتقاص في ذمة المفتقر المالية كما في حالى الشخص يدفع دينا غير مترتب عليه أما النوع الثاني فيشتمل في فوات منفعة على المفتقر كان من حقه ان يحصل عليها فيكون له الرجوع على المثري بقدر ما ما فاته من منفعة، كأن يسكن شخص في منزل لغيره من دون عقد ايجا ر فيفتقر المالك بما فاته من منفعة عي أجرة العين
ج-الافتقار المباشر او الغير المباشر: فالنوع الاول يحدث انتقاص في ذمة المفتقر دون وساطة أحد، كأن يدفع زيد مبلغا غير مستحق عليه لعمرو؟، أما النوع الثاني يتمثل في انتقال هذه القيمة المالية بتدخل أجنبي تدخلا ماديا او قانونيا ، كأن ياخذ زيد أدوات لعمرو ليبني بها بناء في أرض بكر
الفقرة الثالثة: السببية المباشرة بين الافتقار والاثراء
ان قيام السببية أمر هام وضروري لقيام قاعدة الاثراء ، أي اذا التقت العلاقة السببية بين الافتقار والاثراء ، امتنع قيام الاثراء بلا سبب فينبغي إذن أن يكون الافتقار هو السبب المباشر للاثراء الذي تحقق ، والعلاقة السببية في حد ذاتها اما ان تكون مباشرة أو غير مباشرة ، فتكون مباشرة عندما يكون الافتقار والاثراء ناشئين عن واقعة واحدة كما في حالة بناء الشخص ، بحسن نية فوق ملك الغير فنتيجة لفعل البناء يحص لافتقار هذا الشخص بما صرفه في البناء ، ويحدث اثراء صاحب الارض ، كما لمل انجز بناء فوق أرضه
اما في حالة تعدد أسباب الاثراء يجوز أن تحلل علاقة السببية المباشرة بين الاثراء والافتقار على النحو الذي تحلل به علاقة السببية ما بين الخطأ والضرر في المسئولية التقصيرية ، ويمكن من هنا أن تكون مفاضلة بين نظرية تكافؤ الاسباب من جهة ، والتي تعني أن كل الاسباب التي ساهمت في احداث نتيجة معينة لها نفس الاهمية يف حدوث هذه النتيجة بين نظرية السبب المنتج والتي تعني الايقتصر البحث في أسباب نتيجة معينة على تحديد حضور كل الظروف التي أدت الى حصرها ، وانما يجب تحديد السبب المؤدي اليها بدقة والذي يرجح بانه السبب المنتج والوقوف عند نظرية السبب المنتج للقول بوجود سببية مباشرة ما بين الافتقار والاثراء.
ويمكن اعطاء مثال على ما سبق في المدية ، وذالك اذا ما اتسعت رقعتها وعلت قيمة مبانيها فليس من الضروري أن تكون هناك سببية مباشرة ما بين اتساع رقعة المدينة وعلو قيمة المباني ، فعلو هذه القيمة قد يرجع الى أسباب متعددة قد يكون اتساع رقعة المدينة من بينها ولكن بهذا السبب لا يكون في الراجح هو السبب المنتج ، اذ أن المباني في كثير من المدن الصغيرة عالية القيمة بل يحدث أن يكون صغر المدينة هو السبب في علو قيمة المباني ولكن توسيع شارع قديم او فتح شارع جديد يكون في كثير من الاحوال هو السبب المنتج في علو قيمة الارض الواقعة على جانبها الشارع. وبناء على ما تقدم فان قيام العلاقة السببية بين الافتقار والاثراء هي من الامور الواقعية التي يعود تقديرها لقاضي الموضوع والتي تخرج عن رقابة المجلس الأعلى.
المطلب الثالث: انعدام السبب القانوني للاثراء.
ان الاثراء لكي يقوم فعلا ن ينبغي ألا يكون هناك أي مبرر أو سند قانوني يخول للمثري حق الإبقاء على الاثراء ، وأن يجعل المفتقر يتحمل قيمة افتقاره ، وانعدام السبب القانوني هنا أمر ضروري لنشوء التزام المدين برد ما اثري به على حساب الغير . الا انه اذا سلمنا بتوفر هذا السبب (الفقرة الاولى) فانه سيمنح للمثري رخصة الاثراء لا من حيث الحكم القضائي من جهة (الفقرة الثالثة) ولا من ناحية العمل الغير مشروع من جهة أخرى ( الفقرة الثالثة) وكذالك بجانب هذا الأساس القانونية لهذا السبب (الفقرة الرابعة).
الفقرة الاولى: المقصود بالسبب القانوني.
المقصود بالسبب القانوني: حيث نجد القضاء السوري يفسره بكونه المصدر القانوني او السند الحقوقي الذي يخول المثري الحق في الاثراء. فالتصرف القانوني عقدا كان أم ارادة منفردة ، والحكم الصادر عن القضاء او عن المحكمين والعمل الغير المشروع ن والقانون ن كل ذالك يشكل سبب صحيحا يحق معه للمثري الاحتفاظ بما أثرى به ى، ويحول دون امكان مطالبته بالرد. وقد عمد الفقهاء الى تحديد معنى السبب. الا أنهم لم يتفقوا أنهم لم يتفقوا تفسير مستقر له، وهكذا نجد ان في فرنسا أن الفقه منقسم الى رأيين:
الرأي الاول:يعتبر فكرة السبب فكرة قانونية صرفة حيث يستبعد استرداد الاثراء، اذا استــنــــد في اكتسابه الى مصدر قانونيي كالعقد مثلا أو غيره. أما الرأي الثاني: فيعتبر فكرة السبب مستمدة من مبادئ العدالة. بينما الفقيه السنهوري يعطي للسبب معنى أدبيا أو اقتصاديا، وانطلاقا من هذه الآراء السابقة فانه يترتب على نتائج أهمها:
لا يسوغ للمفتقر أن يطالب المثري بتعويضه عما افتقر به اذا كان ما أدلى من مال أو قام به عمل قد تم على سبيل التبرع برضا افتقاره.
لا يسوغ للمفقر أن يدعي الافتقار اذا كان الاثراء المستحدث للمثري مما يحميه القانون.ن وذالك اما بمقتضى نص خاص وصريح واما تطبيقا لقاعدة قانونية عامة.
الفقرة الثانية: التصرف القانوني.
التصرف القانوني سواء كان تصرفا تعاقديا ام كان تصرفا اردايا منفردا ، يشكل سببا صحيحا يجيز للمثري الاحتفاظ بما أثراه، ويقف حائلا دون وقوع المطالبة بالرد. ويرى الفقيه السنهوري بانه اذا كان السبب الذي كسب الثري به الاثراء هو العقد فيمتنع الرد. مثال ذالك حالة الاتفاق المؤجر والمستأجر على أن يتملك المؤجر التحسينات التي قوم بها المستأجر خلال مدة الايجار عندما ينتهي عقد الايجار، ففي هذه الحالة لا يملك المستأجر الرجوع الى المؤجر بالثراء لان هذا الاخير قد اكتسب حقا على التحسينات مستندا في ذالك الى سببن وهو الاتفاق في عقد الايجار. وفي هذا الصدد قرر القضاء المغربي على انه" اذا استعمل مشتري قطعة من الارض التصميم المتعلق ببنائها استنادا على الاتفاق بينه وبين البائع باعتبار التصميم داخلا في البيع لم يخول القول بان المثري أثرى بدون سبب لان البيع هو ذالك السبب القانوني للاثراء ".
الا أنه قد يكون العقد الذي هو سبب الاثراء مبرما بين المثري والغير ، دون ان يكون المفتقر طرفا يفه ويقوم العقد مع ذالك سببا قانونيا للاثراء يمنع المفتقر من الرجوع على المثري . مثل المستأجر الذي يستحدث تحسينات على العين المؤجرة، وينكرها للمؤجر عند نهاية الايجار طبقا للعقد، فيكون عقد الايجار هنا مانعا من الرجوع على المؤجر، بينما من جهة أخرى قد يكون العقد مبرما بين المفتقر والغير دون أن يكون المثري طرفا فيه، ومع ذالك يبقى العقد سببا قانونيا للاثراء، مثل أن يتعاقد شخص مع أحد الشركاء في شركة محاماة، فلا يحق لهذا الشخص المفتقر أن يرجع على أحد الشركاء الذين أثروا من وراء العقد.
وكذالك الشأن لو أن أحد مصدر الاثراء يرجع الى تصرف قانوني منفرد. وهكذا مثلا اذا أعلن شــخــص عــن جائزة لمن يعثر على شيء مفقود ن وعثر أحد من الجمهور على الشيء المفقود، فانه في هذه الحالة يستحق الجائزة كاملة، ولا يحق للواعد استرداد الجزء منها عن طريق دعوى الاثراء بلا سبب ، بكون المستحق في نظره لم يبذل أي جهد للحصول على الجائزة ، ويشترط في العقد المبرر للاثراء ان يكون عقدا صحيحا غير باطل لان العقد الباطل لا أثر له.
الفقرة الثالثة: الحكم القضائي.
ان الحكم القضائي في نظر الفقه قد يكون سببا من أسباب الاثراء، سواء كان حكما ما أحكام القضاء أو حكم صادر عن هيئة تحكيمية وكلاهما يخول للمثري الاحتفاظ بما أخذه تنفيذا لهذين الحكمين. فمثلا اذا صدر حكم يلزم أحد المتنازعين بدفع مبلغ مالي للطرف الأخر، وحاز المحكوم له هذا المبلغ فلا يحق للمحكوم عليه ان يطالب باسترداده استنادا الى دعوى الاثراء بلا سبب.
الفقرة الرابعة: العمل غير المشروع.
يعتبر العمل الغير المشروع في حد ذاته سندا صحيحا مانعا من سماع دعوى الاثراء بلا سبب، فمثلا المضرور الذي حصل على تعويض عن ضرر أصابه نتيجة عمل غير مشروع قام به شخصن لا يمكن ان يطالبه به مرتكب العمل الضار باسترداد جزء مما قبض على أساس الاثراء بلا سبب بحجة أن التعويض المقبوض يفوق الضرر الحاصل، لان اثراء المضرور يرتكز على سند قانوني هو العمل غير المشروع.
الفقرة الخامسة: القانون.
يكون سبب الاثراء بحكم القانون، مثل التقادم يمنع من استرداد الاثراء، فاذا أقر ناظر الاوقاف بدين على الوقف كان اقراره باطلا ، فاذا رجع الدائن بدعوى الاثراء فيما يتعلق بفوائد الدين فلا يرجع بها الا فيما يسقط منها بخمس سنوات، وما سقط بهذه المدة يمنع التقادم استرداده. كذالك الشخص الذي يتملك الشيء بالتقادم ن فلا يجوز لمن فقد الملكية ان يطالب المثري برد الشيء على أساس الاثراء، اذ أن حكم القانون، هو سبب اثراء مكتسب الملكية .
المطلب الرابع:المختلف فيه دعوى الاثراء هي دعوى احتياطية.
ان مسألة دعوى الاثراء الاحتياطية في حد ذاتها، لا يتم اللجوء اليها الا عندما يتعذر على المفتقر الوصول الى الوصول الى حقه عن طريق دعوى اخرى، ومن هنا هل تعتبر هذه الدعوى احتياطية أم لا؟، لذا نجد اختلاف آراء الفقه حولها ، ولا من جهة الفقه الفرنسي والمصري بصفة عامة ، ولا من جهة الفقه المغربي بصفة خاصة.
1) الفقه الفرنسي: اتفق الفقه والقضاء الفرنسيين في البداية على أن دعوى الاثراء بلا سبب هي دعوى احتياطية ، بمعنى انه لا يجوز للمفتقر ممارستها كانت لديه دعوى أخرى لاسترداد حقه من المثري، وترجع الصفة الاحتياطية لدعوى الاثراء بلا سبب الى الفقيهين " أوبري" و "رو" والذين اشترطا في دعوى الاثراء بلا سبب ألا يكون هناك لدى المدعي ' دعوى أخرى ناشئة من عقد أو شبه عقد أو جريمة او شبه جريمة الا اذا لم يكن لديه دعوى اخرى . وما لبثت محكمة النقض الفرنسية أن اعتنقت هذا المذهب في حكمها المشهور الصادر في 12ماي 1914 عن محكمة النقض ' وانعقد اجماع الفقه والقضاء في فرنسا بعد ذالك على هذا المبدأ. الا أنه سرعان ما تزعزع الفقه الفرنسي عن موقفه ، وبدأ يتعمق في بحث هذه الصفة الاحتياطية التي خلعها على دعوى الاثراء بداية بالأستاذ 'باتان' ويليه الأستاذان 'رواست' والموزينو ثم خطا بعد ذالك الأستاذ كابينان خطوة أبعد ، فتشكك في أن تكون دعوى الاثراء بلا سبب دعوى احتياطية، وتساءل لماذا لا تكون دعوى أصلية؟.
2) أما من جانب القانون المدني الايطالي فقد نص في مادته 2042، صراحة الى الطابع الاحتياطي لدعوى الاثراء عندما علق قبول دعوى الاثراء على ألا يكون للمضرور "دعوى أخرى يستطيع استعمالها لإصلاح الضرر"
3) الفقه والقضاء في مصر: سار في بداية الامر على الطريق الذي سلكه الفقه والقضاء في فرنسا، فقالا بالصفة الاحتياطية للدعوى ولكن جانب الفقه ما لبث أن ان شق لنفسه طريقا آخر، وأخذ يتساءل ل هل صحيح ما يقال من أن دعوى الاثراء بلا سبب دعوى احتياطية.
أما التقنين المدني المصري الجديد، فقد عرف صدى من لدن الفقه في مرحلته الاخيرة، جاعلا من دعوى الاثراء دعوى أصلية ، اذ لم سند اليها أية صفة احتياطية، فرفعها بذالك الى مرتبة دعوى العقد ودعوى المسئولية التقصيرية.
التشريع المغربي: ان المشرع المغربي في حد ذاته اختلف عن المشرع الفرنسي بكونه خص عدة مواد للاثراء بلا سبب ولم يتطرق في أي مادة من هذه المواد الى الصفة الاحتياطية لدعوى الاثراء، لا بل هو نص في المادة 66 على أن " من تسلم أو حاز شيئا أو أية قيمة اخرى مما هو مملوك للغير لا بدون سبب يبرر هذا الاثراء التزم برده لمن أثرى على حسابه"مانحا بذالك للمالك صراحة حق ممارسة دعوى الاثراء بلا سبب لاسترداد ملكه من الحائز ن ورغم أن للمالك ممارسة دعوى الاستحقاق للوصول الى حقه ، الامر الذي يترتب عليه أن المشرع المغربي نفى الصفة الاحتياطية عن دعوى الاثراء واعتبرها دعوى أصلية يجوز اللجوء اليها بصرف النظر عن وجود او انتفاء وسيلة قانونية اخرى يستطيع المفتقر ان يصل الى حقه عن طريقها.
أما بالنسبة للفقه المغربي، فقد نصب في اتجاه مخالف للفقهاء الفرنسيين فهناك جانب من الفقه اعتبر أن دعوى الاثراء بلا سبب بكونها دعوى احتياطية، لا تستخدم الا اذا لم يكن للمضرور طريق آخؤ للرجوع به على المثري، بل هي دعوى أصلية ، يقوم الحق فيها من مجرد توافر شروط قيام الالتزام برد الاثراء ، ولو توفرت في نفس الوقت شروط الالتجاء الى طريق آخر للرجوع على المثري، على أساس آخر غير الاثراء.
بينما جانب من الفقه الأخر أيد المواقف السابقة بحجة قطعية، وهي أن الشروط الثلاثة السالفة الذكر كافية لتحقيق الاثراء بلا سبب، ولا مجال لإضافة الشرط الرابع القائل بوجود اعتبار دعوى الاثراء دعوى احتياطية ولا تقبل الا اذا امتنع على المفتقر وجود وسيلة قانونية اخرى يصل عن طريقها الى حقه
وهذا ما استنتجته محكمة النقض الفرنسية، بكون أن دعوى الاثراء في المغرب ليست مطلقا صفة الدعوى الاحتياطية
المبحث الثاني: أحكام الاثراء بلا سبب.
انطلاقا من الشروط السابقة نجد أن المثري يلتزم بتعويض المفتقر وذالك مما لحق به من ضرر حيث يكون هذا التعويض في حدود ما أثرى به.
وهذا يعني أن الاثراء لا يعد حاصلا الا في حدود حصول الافتقار وبذالك يكون للمفتقر أن يرفع دعوى الاثراء ضد المثري. وهذا ما سنعالجه في (المطلب الاول) باعتبارها أي دعوى الاثراء كطريق الى حق التعويض عند الافتقار الذي يعد كجزاء على ذالك الاثراء وهذا ما سنتطرق اليه في (المطلب الثاني).
المطلب الاول:دعوى الاثراء.
راينا فيما سبق أنه لكي يتحقق الاثراء بلا سبب كمصدر من مصادر الالتزام يجب أن يثري شخص وهو الذي يصبح مدينا بالالتزام ، وان يترتب على الاثراء افتقار شخص آخر سيصبح دائنا بالالتزام، وألا يكون هناك سبب مشروع للالتزام.
وانطلاقا من ذالك فاننا سنتحدث عن أطراف الدعوى وذالك في الفقرة الاولى اما الفقرة الثانية فسنخصصها للحديث عن تقادم هذه الدعوى
الفقرة الاولى: أطراف الدعوى.
عندما تتحقق الأركان السالفة ذكرها ،كان للمفتقر أن يرفع دعوى الاثراء ونجد بان طرفا هذه الدعوى هما الدائن أي المدعي وهو المفتقر ن ولا يشترط فيه توفر أية أهلية فاذا كان قاصرا ناب عنه وليه أو وصيه. والمدعى عليه أي المدين وهو المثري ولا يشترط فيه أية أهلية فقد يكون غير مميز.
وعبئ الإثبات يقع على الدائن أي المفتقر ان يثبت الاثراء من جانب المثري ومقداره والافتقار من جانبه ومقداره وأنه ليس للاثراء سبب قانوني. فالمفروض كما سبق أن للاثراء سبب قانوني وهو الملكف بأن يثبت أن لا سبب له وبما أن الاثراء والافتقار وانعدام السبب هي وقائع مادية فان يجوز له الإثبات بجميع وسائل الإثبات بما فيه البينة والدائن
الفقرة الثانية: تقادم الدعوى.
نجد أن هناك بعض التشريعات سارت بالنسبة لدعوى الاثراء بلا سبب على نفس المنحى الذي سارت عليه دعوى المسئولية التقصيرية ()، فقد نصت المادة 180 من القانون المصري على مدتين لتقادم دعوى الاثراء حيث يبدأ التقادم القصير (3 سنوات) من اليوم الذي يعلم فيه المفتقر بحقه في التعويض وبالشخص المسئول عن التعويض ام لا.
ويلاحظ أن المشرع المصري سار في نفس الاتجاه الذي عليه بالنسبة لتقادم دعوى المسئولية التقصيرية وذالك في المادة 172 من نفس القانون.
وقد وردت نفس المقتضيات في كل من القانون السوري في المادة 171 وكذالك القانون العراقي في المادة 244 منه
اما من ناحية المشرع المغربي فقد نص الفصل 387 من ق.ل.ع على أن" كل الدعاوي الناشئة عن الالتزام تتقادم بخمسة عشر سنة فيما عدا الاستثناءات الواردة من بعد والاستثناءات التي يقضي بها القانون في حالات خاصة"
المطلب الثاني:الجزاء والتعويض عن الاثراء بلا سبب.
متى توافرت أركان الاثراء بلا سبب ترتب عن ذالك نشوء التزام في ذمة المثري برد ما أثرى به، لان ما حصل عليه من اثراء ليس له سبب يبرر احتفاظه به، فيلزم برده للمفتقر الذي حدث الاثراء على حسابه. ولا يعد الاثراء حاصلا على حساب الغير الا في حدود قيمة الافتقار اما ما يجاوز ذالك فهو اثراء بدون سبب ولكن ليس على حساب المفتقر فلا يستحق الاخير شيئا عنه.
وتتركز الآثار التي تترتب على الاثراء بلا سبب في رد الشيء الى المفتقر مع التعويض عليه عند الاقتضاء أو التعويض على المفتقر وحسب ، عندما يتعذر رد الشيء لسبب من الأشياء ومن أجل كل ما ذكرناه يتعين علينا ان نبحث التزام المثري برد العين وذالك في الفقرة الاولى ومن ثم في التزامه بالتعويض عن المفقود في الفقرة الثانية.
الفقرة الاولى: التزام المثري برد العين.
تنص المادة 66 من ق.ل.ع على أن " من تسلم أو حاز شيئا أو أية قيمة أرخى مما هو مملوك للغير دون سبب يبرر هذا الاثراء التزام برده لمن أثرى على حسابه" كمال نصت المادة 75 على : "من اثرى بغير حق اضرارا بالغير لزم أن يرد له عين ما تسله اذا كان ما زال موجودا او أن يرد له قيمته في يوم تسلمه اياه، اذا كان قد هلك او تعيب بفعله أو بخطئه ، وهو ضامن في حالة التعيب أو الهلاك الحاصل بقوة قاهرة من وقت وصول الشيء اذا كان قد تسلمه بسوء نية يلتزم أيضا برد الثمار والزيادات التي جناها وتلك التي كان واجبه أن يجنيها لوا حسن الادارة وذالك منم يوم حصول الوفاء له او من يوم تسلمه الشيء بغير حق واذا كان المحرز حسن النية فانه لا يسال الا في حدود ما عاد عليه من نفع ومن تاريخ المطالبة
ومن هنا يتضح ان أنه يترتب على المثري برد العين التي حازها بدون سبب اذا كانت مازالت موجودة بحوزته كما يظهر الفرق جليا بالنسبة للالتزام بملحقات العين من ثمار وغيرها بين المثري سيئ النية والمثري حسن النية .
الفقرة الثانية: التعويض.
من خلال منطوق المادة 75 من ق.ل.ع على أن" من اثرى بغير حق اضرارا بالغير لزم أن يرد له عين ما تسله اذا كان ما زال موجودا او أن يرد له قيمته في يوم تسلمه اياه، اذا كان قد هلك او تعيب بفعله أو بخطئه ، وهو ضامن في حالة التعيب أو الهلاك الحاصل بقوة قاهرة من وقت وصول الشيء اذا كان قد تسلمه بسوء نية يلتزم أيضا برد الثمار والزيادات التي جناها وتلك التي كان واجبه أن يجنيها لوا حسن الادارة وذالك منم يوم حصول الوفاء له او من يوم تسلمه الشيء بغير حق واذا كان المحرز حسن النية فانه لا يسال الا في حدود ما عاد عليه من نفع ومن تاريخ المطالبة."
اذا ومن خلال منطوق هذه المادة سنقسم هذه الفقرة الى ثلاث بنود.
البند الاول: الحكم في حالة هلاك العين وتلفها.
اذا هلكت العين أو تلفت فيتعين التعويض بين الحالة التي يكون فيها الهلاك أو التلف نتيجة فعل المثري أو خطئه ، وبين الحلة التي يكون فيها التلف أو الهلاك قد حصل بقوة قاهرة
حيث أنه اذا هلكت العين أو تلفت بفعل المثري أو خطئه ، فهل يلزم بان يرد لصاحبها قيمتها يوم تسلمه اياها دون ما تمييز بين المثري حسن النية والمثري سيء النية مع الابقاء على التمييز الذي حددته المادة 75 من ق.ل.ع الذي أشرنا اليها آنفا .
-أما اذا هلكت العين او تلفت نتيجة أو تلفت نتيجة قوة قاهرة فالمقري سيء النية يضمن التلف او الهلاك ويلزم في هذه الحالة بان يرد لصاحبها قيمتها في يوم تسلمه اياها مع الزيادات والثمار والمنافع التي جناها وتلك التي قصر في جنيها من يوم تسلمه العين حتى تلفها او هلاكها أما المثري حسن النية فلا يضمن التلف أو الهلاك الحاصل ولا يسال في هذه الحالة عن شيء باستثناء المنافع التي عادت عليه ترتبت على هذا الهلاك او التلف.
البند الثاني: الحكم في حالة تعذر رد العين لبيعها.
نجد أن المادة 76 من قانون الالتزامات والعقود قد نصت على أنه:
" اذا كان من تسلم الشيء بحسن نية قد باعه فانه لا يلتزم برد ثمنه أو بتحويل ماله من حقوق على المثري اذا استمر حسن النية الى وقت البيع"
حيث يتضح لنا من هذا النص انه اذا تعذر رد العين الى المفتقر بسبب بيعها من قبل المثري حسن النية ، فان هذا الاخير لا يسال الا فير حدود الثمن الذي تم به البيع ، حتى لو كانت قيمته تفوق ذالك فان المثري حسن النية تبرأ ذمته اذا ما حول المفتقر الحقوق المترتبة له على المثري.أما اذا كان المثري سيء النية فانه يلتزم بقيمة الشيء وقت تسلمه اياه وذالك قياسا على حالة الهلاك أو التلف اذا كانت هذه القيمة أصلح للمفتقر من الثمن الذي بيع به الشيء
البند الثالث: الحكم في حالة كون الاثراء نفعا جناه المثري من عمل الغير.
نصت المادة 67 من قانون الالتزامات والعقود على أنه:
" من استخلص، بحسن نية، نفعا من شغل الغير أو شيئه بدون سبب يبرر هذا النفع التزم بتعويض من أثرى على حسابه، في حدود ما أثرى به من فعله أو شيئه."
وقد أوضحت لنا هذه المادة انه في حالة ما اذا كان الاثراء عليه المثري حسنا للنية عبارة عن نفع جناه من عمل المفتقر أو شيئه فانه يلتزم بتعويض ما أثرى على حسابه في حدود ما أثرى به من فعله أو شيئه، فاذا انتفع شخص من دار عن طريق السكن فيها عن حسن النية فانه يلزم باجر مثل هذه الدار ليس الا، اذ العبرة في تقدير التعويض .في حالة كون الاثراء نفعا جناه المثري حسن النية عن عمل الغير أو شيئه هي لقيمة الاثراء الذي حصل عليه المثري حسن النية ويلزم الا بقدر هذا الاثراء حتى لو كانت الخسارة تزيد على ذالك.
أما حكم المثري سيء النية بالنسبة للنفع الذي يجنيه بدون سبب من عمل الغير أو شيئه فقياسا على النهج الذي سار عليه المشرع في التشديد من حيث الحكم على المثري سيء النية ولا سيما من حيث الزامه بكامل الثمار لا في حدود ما دخل عليه منها فحسب فانه يلتزم بالتعويض عن كامل ما افتقره المضرور أي كامل خسارة هذا الاخير حتى لو كان النفع الذي حصل عليه المثري أقل من ذالك
انطلاقا مما سبق، يمكننا أن نستخلص بان الاثراء بلا سبب في جوهره ناتج عن علاقة غير متكافئة وعادلة بين طرفي الكفة القانونية بكونه يحدث افتقار في جانب الدائن واغتناء في جانب المدين ، وذالك عندما تتحقق شروط هذا النوع من الاثراء، والتي بتوفرها يمكن رفع دعوى الاثراء بلا سبب والمطالبة في نفس الوقت بالتعويض، الا ان هذا الاثراء في حد ذاته له تطبيقات يمكن تمثلها من حيث الموضوع في صورتين أساسيتين هما دفع غير المستحق والفضالة، وهذا ما سنعالجه في الفصل الثاني.
الفصل الثاني: تطبيقات الاثراء بلا سبب.
ان أهم تطبيقات الاثراء بلا سبب يمكن تمثلها في دفع غير المستحق والفضالة، وهما يعدان في حد ذاتهما متميزتان لهذا النوع من الاثراء.
فمن جهة دفع غير المستحق فهو يعد صورة متميزة من صور الاثراء، فلان المفتقر يدفع دينا ليس واجبا عليه ولكن يعتقد أنه ملزم بدفعه ، فيرجع على المدين الحقيقي بدعوى الاثراء في صورتها العادية، أو يرجع على الدائن الذي دفع له الدين بدعوى غير المستحق وهذه هي الصورة المتميزة لدعوى الاثراء.
أما من ناحية الفضالة فهي ايضا صورة متميزة من صور الاثراء، فذالك لان الفضولي وهو يفتقر ليثري غيره قد فعل ذالك متفضلا عن عمد، فكان أحق بالرعاية من المفتقر الذي لا يتعمد هذا التفضل ولهذا كانت حقوق الفضولي قبل المثري، وهو رب العمل ، أوسع من مدى من حقوق المفتقر في دعوى الاثراء.
لهذا سنعمل على توضيح هذان الصورتان السابقتان وفق التصميم الآتي:
دفع غير المستحق (المبحث الأول)
الفضالة (المبحث الثاني)
المبحث الاول: دفع غير المستحق.
دفع غير المستحق هو أن يدفع شخص ما ليس متوجبا عليه، ظنا منه أنه مدين به بنتيجة غلط في القانون، أو في الواقع، وهو صورة من صور الاثراء بلا سبب، فالمفتقر هنا يسمى الموفي يدفع دينا ليس واجبا عليه، ولكنه يعتقد أنه ملزم بدفعه، فيرجع على الدائن الذي دفع له الدين بدعوى دفع غير المستحق
وقد عالجت هذا الموضوع مجموعة من التشريعات العربية على راسها التشريع المصري في المادة 181، والسوري ي المادة 182، والليبي 184، واللبناني 143، والعراقي 233، وأخيرا المشرع الأردني في المادة 296، أما من جهة المشرع المغربي فاه تطرق إلى فكرة دفع غير المستحق بجانب الاثراء بلا سبب اذ اعتبره من تطبيقاته، وقد خصص له المواد من 68 الى 74 من قانون الالتزامات والعقود. إلا أن هذا دفع غير المستحق يكون موجودا فعلا ، وذالك عندما تتوفر شروطه ( المطلب الاول) كما انه بتواجده يترتب عنه جزاءات (المطلب الثاني).
المطلب الاول:شروط دفع غير المستحق.
ان دفع غير المستحق لا يعطي للشخص الحق في رفع دعوى الاسترداد ، الا بتوافر ثلاثة شروط، ألا وهي أن يكون هناك وفاء (الفقرة الاولى) كما يجب أن يكون هذا الوفاء غير مستحق( الفقرة الثانية) الى جانب أن يكون الموفي قد قام بالوفاء ظنا منه انه مدين (الفقرة الثالثة).
الفقرة الاولى: يجب أن يكون هناك وفاء.
الوفاء واقعة مختلطة تجمع ما بين التنفيذ من طرف المدعي لما في ذمته من التزامات، أي قيامه بأعمال مادية، مثل بناء عمارة أو تسليم مبلغ من المال أو نقل شخص بضاعة من مكان لآخر . وبين إجراء تصرف قانوني أي الاتفاق مع الطرف الدائن على قضاء الدين وابراء ذمة المدين.
ان هذه الحالة تطرقت إليها مجموعة من التشريعات العربية والأوروبية ، وقد خصص لها المشرع المغربي الفصل 68 من قانون الالتزامات والعقود حيث جاءت تقضي في مستهلها: " من دفع ما لم يجب عليه، ظنا منه أنه مدين به كنتيجة في الغلط أو القانون، كان له حق الاسترداد على من دفعه له.." .
وسواء كان هذا الوفاء عينيا ، بأن يدفع مبلغا من النقود محل الالتزام أو يسلم الشيء الذي ينصب الالتزام على تسلمه، أم كان وفاء بما يقوم مقام التنفيذ العيني كالاتفاق على تجديد الالتزام أو الاتفاق على المقاصة بين الالتزام وبين حق الموفى له كما قد يكون تصرفا معادلا للوفاء، كالوفاء بمقابل، أو التجديد، أو الإنابة، أو المقاصة، وهذا يعني انه ليس من الضروري أن يكون المفتقر قام بوفاء الدين وفاء مباشرا، بل يكفي أن يكون قد أعطى مقابلا للوفاء، أو طلب تحديد الدين، أو لكف أحدا من الغير بالوفاء عنه، ولو لم يكن هذا الغير مدن له، وهو ما يعر بالإنابة أو قاص الدين بدين له على المثري .
وهكذا نجد أن المشرع الموريتاني تطرق الى بعض الحالات التي تعتبر بمثابة الوفاء، وخصص لها المادة 94، بينما نجد المشرع المغربي نص على ذالك في الفصل 74 من قانون الالتزامات والعقود حيث جاء فيها " يعادل الدفع في الحالات المنصوص عليها أعلاه بـمــقــابــــل إقـــامـــة إحدى الضمانات وتسليم حجة تتضمن الاعتراف بدين أو أية حجة أرخى تهدف الى إثبات وجود التزام أو التحلل منه"
وهذا ما جاء به القضاء المصري في إحدى أحكامه، حيث اعتبر أن الدين كذالك لا وجود له أصلا، اذا تقاضى شريك أرباحا لا يستحقها من الشركة.
الفقرة الثانية: يجب أن يكون الوفاء غير مستحق.
ان الوفاء في خد ذاته هو تصرف قانوني، ومن ثم فان صحته مشروطة بتحقيق جميع أركان وشروط صحة التصرفات القانونية عامة، حيث اذا اختل واحد منها يضحى له الوفاء في حكم غير المستحق، ولمن قام به أن يسترد الموفى به وعدم استحقاق الوفاء عادة ما يتحقق في صورتين هما: انعدام سبب الوفاء وانتفاء رضا الموفى أو تعيبه بأحد عيوب الرضا.
انعدام سبب الوفاء:
يقصد بانعدام السبب هنا هو أداء الموفي لدين غير مستحق، وهو ما يؤدي الى بطلان الوفاء ويصير بذالك من حق الموفي استرداد ما أوفى به، والغالب أن ينشا هذا الحق في خمس حالات ، وهي أن يكون الوفاء بدين غفير موجود أصلا أو معلق على شرط، أو أن يكون الدين قد انقضى قل الوفاء به أو أن يكون الدين موجودا بالفعل ولكن أجل الوفاء به لم يحل بعد، وأن يكون الوفاء بين يدي الغير.
1- الوفاء بدين غير موجود أصلا: وهو أن يقوم الشخص بأداء دين ظنا منه أنه موجود ومثاله أن يظن الوارث أن مورثه قد أوصى لشخص معين بمبلغ معين ،2- فيدفعه له،3- فيتبين له أن المتوفى لم يوصي بالمبلغ،4- أو أنه كان قد رجع عن وصيته ،5- أوأن السند الذي يثبته مزور،6- ففي هذه الحالة له أن يسترد ما دفعه ،7- وفق المادة 296 من القانون المدني الأردني،8- وكذا ما قضت به المحكمة الفرنسية.
9- الوفاء بدين معلق على شرط : أي توفر السبب الحقيقي لأداء الدين،10- سواء كان هذا الشرط واقف لم يتحقق بعد ،11- أو أن يكون الدين معلقا على شرط فاسخ وتحقق بعد الوفاء،12- .
فمن جهة الشرط الواقف فقد أورد المشرع المغربي في المادة 70 من ق.ل.ع والذي جاء فيها: " يجوز استرداد ما دفع لسبب مستقبل لم يتحقق، أو لسبب كان موجودا ولكنه زال" وهذا ما قضت به المحكمة المغربية في احدى قراراتها كالآتي:" يعتبرا لجفاف قوة قاهرة تعفي المكتري من أداء الكراء للدولة كليا أو جزئيا، حسب ما نص عليه الفصل 70 من قانون الالتزامات والعقود، تكون المحكمة قد عللت قضاءها بما فيه الكفاية حيث صرحت بان النقصان الواقع في المحصول الفلاحي راجع الى حالة الجفاف التي أصابت السنة الفلاحية وأن هذا السبب الأجنبي الذي لم يكن في الوسع ولا توقعه يكون قوة قاهرة تعفي من تنفيذ الالتزام بتمامه .
أما من ناحية الشرط الفاسخ فهو دين نافذ اذا دفعه المدين فانه يكون قد دفع دينا مستحقا، وإذا تحقق الشرط الفاسخ صار هذا وفاء مستحقا وقت الوفاء ثم أصبح غير مستحق. فيجوز له استرداده.
ج-انقضاء الدين قبل الوفاء: ففي هذه الصورة وجد الدين في ذمة الموفي للموفي له، ولكنه انقضى قبل الوفاء به ومثال ذالك أن يقوم الوارث بسداد دين على مورثه ثم يتبين له أن المورث سبق له أن وفى بالدين قبل وفاته، أو ان يقوم شخص بالوفاء بدين سبق أن انقضى بسبب آخر من أسباب الانقضاء كالمقامة، والوفاء بالدين بالرغم من انقضائه يجعل الموفي قد وفى دينا غير مستحقا الأداء ، ومن ثم يجوز له استرداده.
د- وجود الدين فعلا ولكن أجل الوفاء به لم يحل بعد: أي أن يؤدي المدين دينا قبل حلول الأجل، وهكذا يكون دفعه لدين غير مستحق وقت الوفاء، لذا له الحق أن يسترد ما وفى به. وهذا ما جاء في المادة 183 من القانون المدني المصري:" يصح كذالك استرداد غير المستحق ، اذا كان الوفاء قد تم تنفيذ الالتزام لم يحل أجله وكانت الوفي جاهلا قيام الأجل" بمعنى أن المدين وفى بدين مؤجل وهو جاهل قيام الأجل أو مكره على ذالك لانه لو رضي وهو عالم بقيام الاجل غير مكره عد نزولا عن الاجل، فلا يرجع بشيء على الدائن والأصل أنه في حالة الوفاء قبل حلول الاجل يكون للمدين أن يسترد ما دفع بدعوى غير المستحق ثم يوفي الدين عند حلول الاجل().
ع- الوفاء بدين الغير: تتحقق هذه الـصـورة في حـالـة قيام الـمدين باـلوفاء بين يدي شـخـص غيــر دائـنـه كـأن ينفذ وريـث وصــيـة مـورثه لـصـالح شــخـص غــيـر الـمـوصـى لـه الحقيقي، ففي هذا المثال للوريث استرداد ما أوفى به حتى يتمكن من تبرئة ذمته اتجاه الموصى له الحقيقي.()
انتفاء رضا الموفي أو تعيبه: يمكن تمثيل ذالك في حالتين:
بالنسبة للحالة الاولى وهي دفع غير مستحق، وذالك عن طريق القيام بعمل من أعمال الوفاء قد شابه عيب جعله قابل للابطال: سواء أكان العيب في ارادة الشخص كغلط أو تدليس أو اكراه، أو أن يقع الوفاء من شخص ناقص الاهلية، كالمجنون مثلا أو صبي غير مميز. وهذا ماجاء في مضمون المادة 306 من قانون الالتزامات والعقود المغربي بأن: " الالتزام الباطل بقوة القانون لا يمكن أن ينتج أي اثر الا استرداد ما دفع بغير حق تنفيذا له. ويكوون الالتزام باطلا بقوة القانون:
13- إذا كان ينقصه احد الأركان اللازمة لقيامه.
14- اذا قرر القانون في حالات خاصة بطلانه .
كما تجدر الاشارة الى أن من استغل حاجة شخص آخر او ضعف ادراكه او عدم تجربته وجعله يرتضي من أجل الحصول على قرض ، أو لتجديد قرض قديم عند حلول أجله فوائده أو منافع أخرى تتجاوز الى حد كبير السعر العادي للفوائد وقيمة الخدمة المؤداة، وفقا لمقتضيات المكان وظروف التعامل، ويمكن أن يكون محلا للمتابعة الجنائية ويسوغ ابطال الشروط والاتفاقيات المبرمة بمخالفة هذا الحكم بناء على طلب الخصم، بل حتى من تلقاء نفس المحكمة ويجوز انقاص السعر المشترط، ويحق للمدين استرداد ما دفعه زيادة على السعر الذي تحدده المحكمة على أساس أنه دفع ماليس مستحقا عليه، واذا تعدد الدائنون ، كانوا مسئولون على سبيل التضامن وفق المادة 878 من قانون الالتزامات والعقود المغربي .
أما من ناحية الحالة الثانية، يمكن إسنادها الى قاعدة الاثراء بلا سبب، التي يفي الشخص من خلالها بدين غير مستحق زال سبب استحقاقه وذالك بتحقق الشرط الفاسخ، أو بفسخ العقد او ابطاله كما تم توضيحه سابقا.
الفقرة الثالثة:يجب أن يكون الموفي قد قام بالوفاء ظنا منه أنه مدين.
يجب لقيام دفع غير المستحق، أن يكون الموفي قد قام بالوفاء ظنا منه أنه مدين، بمعنى أنه لكي يقوم دفع غير المستحق، يجب أن يكون قد أوفى وهو ضحية عيب الغلط، سواء كان هذا الغلط هو غلط في القانون ، أو غلط في الواقع، وهذا ما تضمنته المادة 68 من قانون الالتزامات والعقود المغربي والتي جاء في مستهلها بان " من دفع مالم يجب عليه دفعه ظنا منه انه مدين به، نتيجة غلط في القانون أو في القانون أو في الواقع كان له حق الاسترداد ع
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma