الفصل الثالث : مرحلة التحقيق النهائي (المحاكمة)
تعتبر المحاكمة ثالث وآخر مرحلة تمر بها إجراءات الدعوى العمومية وهي تستهدف أساسا البحث في الأدلة المقدمة إلى قاضي الحكم من طرف الضبطية القضائية وجهات التحقيق الابتدائي ممثلة في قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام بالنسبة للجنايات.
كما يبحث القاضي عن أدلة جديدة من شأنها إظهار الحقيقة، وفي نهاية المحاكمة يتم الفصل في موضوع الدعوى العمومية سواء بالبراءة أو الإدانة لذاك سميت "مرحلة التحقيق النهائي" .
وتتميز مرحلة المحاكمة بخصائص من شانها تحقيق العدالة الجنائية وذلك بتوفير كافة السبل لضمان حق المتهم في الدفاع وأهمها العلنية والشفهية والحضورية والتدوين.
تطرح الدعوى على المحكمة الجنائية في الحالات التالية :
- تكليف المتهم بالحضور في الجنح والمخالفات التي لا يتطلب إجراء ا تحقيق ابتدائي فيها والجنح المتلبس بها المنصوص عليها في المادة 58 من ق إ ج، والجرائم التي نصت عليها المادة 337 مكرر ق إ ج، التي يجوز فيها للمضرور تحريك الدعوى العمومية عن طريق الاستدعاء المباشر.
- أمر الإحالة الصادر من قاضي التحقيق في مواد الجنح والمخالفات.
- قرار الإحالة الصادر من غرفة الاتهام في مواد الجنايات.
ويخضع قضاة الحكم لمبدئي الاستقلالية والحياد لضمان حماية الحريات والحقوق الفردية.
المبحث الأول: تنظيم القضاء الجنائي
لقد أخذ المشرع بمعيار الخطورة في تقسيم الجرائم إلى جنايات وجنح ومخالفات، بحيث لا يتغ ير نوع الجريمة إذا أصدرت المحكمة حكما بعقوبات تطبق أصلا على جريمة أخرى بسبب توافر ظرفا مخففا أو مشددا للعقوبة طبقا للمادتين 27 و 28 من قانون العقوبات.
وتبعا لهذا التقسيم، فإن الجهات القضائية الجزائية التي تنظر في الدعوى العمومية تختلف باختلاف نوع الجريمة وفئة الأشخاص المتابعين أمامه ا. فهناك قواعد عامة مشتركة تحكم إجراءات الفصل في الدعوى العمومية أمام مختلف هذه الجهات القضائية.
المطلب الأول: الجهات القضائية الجزائية
يمكن تقسيم الجهات القضائية الجزائية إلى جهات عادية وجهات خاصة أو استثنائية فالصنف الأول يختص في محاكمة جميع المتهمين في كل الجرائم إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك.
أما الصنف الثاني فيختص في الفصل في نوع محدد من الجرائم أو محاكمة فئة معينة من الأشخاص
الفرع الأول: الجهات القضائية الجنائية العادية
تشمل هذه الجهات محكمة الجنح والمخالفات ومحكمة الجنايا ت والغرفة الجزائية لدى المجلس القضائي والغرفة الجزائية وغرفة الجنح والمخالفات لدى المحكمة العليا.
أولا: محكمة الجنح والمخالفات
تختص هذه المحكمة بنظر الدعاوى العمومية المرفوعة أمامها في مواد الجنح والمخالفا ت. وتعتبر جنحة كل جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس مدة تتراوح بين شهرين الى 05 سنوات أو بغرامة تزيد عن 20.000 دج.
أما المخالفة فهي كل جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس لمدة أقل من شهرين أو بغرامة تتراوح ما بين 2000 دج و 20.000 دج (المادة 328 من ق إ ج).
ويتحدد الاختصاص المحلي للمحكمة في نظر الجنح بمكان وقوع الجر يمة أو بالمكان المتواجد فيه محل إقامة المتهم أو بمكان القبض على المتهم حتى ولو كان القبض لسبب آخر والمحكمة المختصة محليا في نظر المخالفة هي إما المحكمة التي ارتكبت في دائرتها المخالفة أو المحكمة المتواد فيها محل إقامة المتهم.
وطبقا للقانون 04 - 14 المؤرخ في 10 - 11 - 2004 يجوز امتداد الاختصاص المحلي لمحكمة الجنح والمخالفات إلى محاكم أخرى في جرائم المخدرات؛ الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية؛ الجرائم الماسة بأنظمة ممارسة المعالجة المالية للمعطيات؛ جرائم تبييض الأموال؛ جرائم الموصوفة بأفعال الإرهاب أو التخريب؛ الجرا ئم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف.
ثانيا: محكمة الجنايات
تختص محكمة الجنايات بنظر الجرائم التي تحمل وصف جنايات والجنح والمخالفات المرتبطة بها والجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية المحلة إليها بقرار من غرفة الاتهام باعتبارها درجة ثانية في التحقيق (المادة 248 من ق إ ج).
ولمحكمة الجنايات كامل الولاية في نظر الدعاوى العمومية والحكم على كل المتهمين البالغين، كما ينعقد اختصاص المحكمة في الحكم على الأحداث البالغين من العمر 16 سنة كاملة والمحالين إليها بقرار من غرفة الاتهام بتهمة ارتكابهم جرائم موصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية (المادة 249 من ق إ ج).
وليس للمحكمة أن تقرر عدم اختصاصها بالنسبة للاتهامات التي تضمنها قرار غرفة الاتهام، أما إذا كان الاتهام غير وارد في قرار الإحالة فلا تنظر فيه المحكمة أصلا (المادة 251 من ق إ ج).
ثالثا: الغرفة الجزائية لدى المجلس القضائي
تشكل لدى كل مجلس قضائي غرفة جزائية تستأنف أمامها الأحكام الضرورية الصادرة في الجنح والمخالفات، وهي تتكون من ثلاثة 03 مستشارين على الأقل يعينون من بين قضاة المجلس ويقوم النائب العام أو احد مساعديه بوظيفة النيابة العامة، أما مهمة قلم الكتاب فيقوم بها كاتب الجلسة.
لا يجوز لقضاة الغرفة الذين يفصلون في الاستئناف أن يكون قد سبق لهم أن شاركوا في إصدار الحكم الابتدائي أو باشروا إجراءات التحقيق الابتدائي .
إذا كان المتهم الذي استأنف الحكم محبوسا مؤقتا وجب على الغرفة الجزائية عقد جلستها في مهلة شهرين تسري ابتد اء من تاريخ الاستئناف (المادة 429 من ق إ ج). ويرفع الاستئناف في مهلة 10 أيام من تاريخ النطق بالحكم ويتم الفصل فيه في الجلسة بناء على تقرير شفوي من أحد المستشارين بعد استجواب المتهم.
وإذا رأت الغرفة الجزائية أن الاستئناف لم يرفع في الآجل القانونية أو كان غ ير صحيحا شكلا قرت عدم قبوله، أما إذا رفع خلال المهلة وكان صحيحا تصدر الغرفة قرارا بقبوله شكلا وموضوعا (المادة 432 من ق إ ج).
كما يجوز للغرفة الجزائية أن تقضي بتأييد الحكم أو إلغائه كليا أو جزئيا لصالح المتهم أو لغير صالحه إذا كان الاستئناف مرفوعا من النيابة العامة (المادة 433 / 1 من ق إ ج).
رابعا: المحكمة العليا
في المواد الجزائية تتشكل المحكمة العليا من غرفتين هما الغرفة الجنائية وغرفة الجنح والمخالفات . تختص الغرفة الجنائية بالنظر في الطعون بالنقض:
- في قرارات غرفة الاتهام باستثناء القرارات المتعلقة بالحبس ا لمؤقت والرقابة القضائية فهي نهائية غير قابلة للطعن فيها.
- في الأحكام التي تصدرها محكمة الجنايات سواء بالبراءة أو الإدانة.
وتختص غرفة الجنح والمخالفات بالفصل في الطعون بالنقض في القرارات التي تصدرها الغرفة الجزائية لدى المجلس القضائي عند نظرها الاستئناف المرفوعة في الأحكام في مواد الجنح والمخالفات (المادة 445 من ق إ ج).
ويجوز للخصوم الطعن بالنقض خلال 08 أيام من تاريخ النطق بالحكم أو صدور القرار وتتشكل كل غرفة من 03 مستشارين على الأقل، ويمثل النيابة العامة النائب العام أو أحد مساعديه ويقوم بوظيفة قلم الكتابة كاتب الجلسة.
ونشير في الأخير إلى أن المحكمة العليا لا تعتبر محكمة موضوع بحيث لا تعيد النظر في القضايا المعروضة عليها وإنما يقتصر دورها في التأكد من مدى مطابقة الحكام والقرارات المطعون فيها بطرق النقض للقانون أم لا، فإذا كانت مخافة للقانون قضت بإلغائها وإحالة القضية من جديد على الجهة القضائية التي أصدرتها بتشكيلة أخرى.
الفرع الثاني: الجهات القضائية الجنائية الخاصة
تشمل هذه الجهات قضاة الأحداث والمحاكم العسكرية
أولا: قضاة الأحداث
يكون بلوغ سن الرشد الجزائي بتمام الثامنة عشرة 18 والعبرة في تحديد هذا السن تكون بسن المتهم يوم وقوع الجريمة لا يوم المحاكمة، إذا ارتكب شخص دون هذا السن الجريمة يكون قضاء الأحداث هو المختص في الفصل في هذه الجريمة.
وتبعا لنوع الجريمة ينقسم قضاء الأحداث إلى ثلاث جهات:
- محكمة المخالفات؛
- قسم الأحداث؛
- غرفة الأحداث.
-1 محكمة المخالفات: في مواد المخالفات، يحال الحدث الذي لم يبلغ 18 سنة مباشرة على محكمة المخالفات، ويفصل في كل قضية على حدى بدون حضور باقي المتهمين ولا يسمح بحضور المرافعات إلا لشهود القضية والأقارب المقربين للحدث ووصيه أو نائبه القانوني وأعضاء النقابة الوطنية للمحامين وممثلي ا لجمعيات أو الرابطات أو المصالح أو الجهات المهتمة بشؤون الأحداث ورجال القضا ء. وإذا كانت المخالفة ثابتة جاز للرئيس الحكم على الحدث بالتوبيخ البسيط وبعقوبة الغرامة (المادة 466 من ق إ ج).
-2 قسم الأحدا ث: يوجد في كل محكمة قسم للأحداث أين يباشر وكيل الجمهورية الدعوى العمومية المتعلقة بالجنايات والجنح التي يرتكبها الحدث دون 18 سمنة من عمره (المادة 448 من ق إ ج).ويعين قاضي واحد أو أكثر يختارون لكفاءتهم ولعنايتهم بالأحداث لمدة 03 سنوات بموجب قرار من وزير العدل، هذا إذا كانت المحكمة تقع بمقر المجلس القضائي. أما المحا كم الأخرى فيعين قضاة الأحداث بموجب أمر من رئيس المجلس القضائي بناءا على طلب النائب العام.
ويشكل قسم الأحداث من قاضي الأحداث ومن قاضيين محلفين (المادة 450-1 من ق إ ج). ويختص قسم الأحداث الموجود على مستوى المحكمة بنظر الجنح التي يرتكبها الأحداث ويختص قسم الأ حداث الموجود بمقر المجلس القضائي بنظر الجنايات التي يرتكبها الأحداث (المادة 451 من ق إ ج).
-3 غرفة الأحدا ث: تشكل على مستوى كل مجلس قضائي غرفة للأحداث تنظر في استئناف أوامر قاضي الأحداث واستئناف الأحكام الصادرة من قسم الأحداث في الجنايات والجنح ومحكمة المخالفات في المخالفات.
ويعهد إلى مستشار واحد أو أكثر من قضاة المجلس القضائي بمهام المستشارين لحماية الأحداث بموجب قرار من وزير العدل، حيث يتمتع هذا المستشار في حلة الاستئناف بكافة السلطات الممنوحة لقاضي الأحداث.
وتشكل غرفة الأحداث من رئيس ومستشارين مساعدين، وي قوم بوظيفة النيابة العامة النائب العام أو أحد مساعديه بحضور كاتب الضبط (المادة 473 من ق إ ج).
وتنعقد غرفة الأحداث وفقا للأوضاع المقرة في المادة 468 من ق إ ج.
ثانيا: القضاء السكري (المحاكم العسكرية)
تم تنظيمها وفقا للأمر رقم 71 - 28 المؤرخ في 22 - 04 - 1971 والمتضمن قانون القضاء العسكري والمحاكم العسكرية التي تختص في نظر الجرائم التي يرتكبها العسكريون التابعون لمختلف الأسلحة والمصالح والأفراد المماثلون للعسكريين التابعين لهذه المصالح (المادة 3 فقرة 1 قانون القضاء العسكري).
تنشا محاكم عسكرية دائمة لدى النواحي العسكرية الأولى والثانية والخامسة يمتد الاختصاص الإقليمي للمحكمة العسكرية للناحية العسكرية الثانية إلى الناحية العسكرية الثالثة كما يمتد الاختصاص الإقليمي للمحكمة العسكرية للناحية الثالثة إلى الناحية العسكرية الرابعة (المادة 04 قانون القضاء العسكري).
وتتشكل المحكم ة العسكرية الدائمة من ثلاث أعضاء رئيس وقاضيين مساعدين ويتولى رئاسة المحكمة قاضي من المجالس القضائية.
وعندما يكون المتهم جنديا أو ضابط صف يتعين أن يكون أحد القاضيين المساعدين ضابط صف، أما إذا كان المتهم ضابطا يتعين أن يكون القاضيان المساعدان ضابطين على الأ قل من نفس رتبته (المادة 07 قانون القضاء العسكري).
ويعين لدى كل محكمة عسكرية دائمة وكيل الجمهورية عسكري واحد ومساعده وغرفة واحدة للتحقيق أو أكثر تضم كل واحدة قاضيا للتحقيق وكاتب للضبط ويتم تعيين أعضاء النيابة العامة وقضاة التحقيق بموجب قرار من وزير الدفاع الوطني (المادة 10 قانون القضاء العسكري).
وتمر الإجراءات في الجرائم العسكرية بنفس المراحل التي تمر ?ا في الجرائم العادية والنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية وهي:
- مرحلة البحث والتحري والاستدلال معهودة إلى ضابط الشرطة القضائية العسكرية؛
- مرحلة التحقيق الابتدائي معهودة إلى ضابط التحقيق العسكري؛
- مرحلة المحاكمة معهودة إلى قاضي الحكم العسكري.
تختص المحاكم العسكرية بنظر الدعاوى العمومية فقط ولا يجوز للمضرور من الجريمة رفع دعوى مدنية أمامها للمطالبة بالتعويض وإلا كانت غير مقبولة (المادة 24 قانون القضاء العسكري).
تصدر المحاكم العسكرية أحكاما ?ائية يجوز الطعن فيها بالنقض أمام المحكمة العليا في أي وقت، وتتبع في هذا الشأن الإجراءات المنصوص عليها في المادة 495 وما يليها من ق إ ج والمادة 180 من قانون القضاء العسكري.
المطلب الثاني: القواعد العامة المشتركة للمحاكمة
نظر لأهمية المحاكمة فقد وضع القانون قواعد عامة تلتزم بها الجهات القضائية أيا كان نوعها أو درجتها من شانها حماية الحقوق والحريات الفردية وتحقيق عدالة كاملة.
الفرع الأول: قواعد المحاكمة
أولا: علانية الجلسات
الأصل أن الجلسات تكون علنية أي يسمح للجمهور حضورها، وهذا المبدأ مقر في كل التشريعات الإجرائية حتى يكون الأفراد قريبين من المحاكم الجنائية وحتى يكون القضاة أكثر حرصا على تحقيق العدالة وبالتالي تتحقق الوظيفة الردعية للعقوبة المحكوم بها على المتهمين.
فقد تقتضي أهمية بعض القضايا السماح لعدد محدود من الجمهور بح ضور الجلسات بسبب خطورتها فتظل الجلسة علنية.
وتكون المرافعة علنية ما لم يكن في علانيتها خطرا على النظام العام أو الآداب وفي هذه الحالة تصدر المحكمة حكما يقضي بعقد جلسة سرية علنية غير أن للرئيس أن يحضر على القصر دخول الجلسة، وإذا تقررت سرية الجلسة تعين صدور الحكم في الموضوع في جلسة علنية (المادة 285 من ق إ ج).
فإذا رأت المحكمة أن مقتضيات النظام والآداب تستلزم سرية الجلسة جاز لها الحكم بذلك وهنا يمنع على الجمهور حضورها ما عدا الخصوم، وقد تشمل السرية كل جلسات المحاكمة أو بعضه ا. وفي جميع الأحول يجب النطق بالحكم في جلسة علنية.
أما المرافعات أمام قضاة الأحداث فهي سرية حيث يسمع أطراف الدعوى ويتعين حضور الحدث شخصيا مع نائبه القانوني ومحاميه (المادة 461 من ق إ ج).
ثانيا: شفهية المرافعات
يقصد بشفهية المرافعات أثناء الجلسة أن يتم مناقشة الدفوع التي قدمها الخصوم وطلبات ا لنيابة العامة شفاهة استنادا إلى أوراق الدعوى المقدمة من قبل جهة التحقيق أو من قبل النيابة العامة ولقد نصت المواد 287 و 288 .
و 289 من ق إ ج على شفهية المرافعات أمام محكمة الجنايات بحيث يجوز لأعضاء المحكمة توجيه أسئلة للمتهم والشهود بواسطة الرئيس.
وللمتهم أو محاميه والمدعي المدني أو محاميه الحق في توجيه الأسئلة بواسطة الرئيس أما النيابة العامة فتوجه الأسئلة مباشرة للمتهم والشهود.
وكذلك نصت المادة 353 من ق إ ج على شفهية المرافعات أمام محكمة الجنح والمخالفات ففي نهاية التحقيق
بالجلسة تسمع طلبات المدعي المدني وال نيابة العامة ودفاع المتهم وأقوال المسؤول عن الحقوق المدنية عند الاقتضاء وللمدعي والنيابة العامة حق الرد على باقي الخصوم.
ثالثا: حضور الخصوم
لا يجوز للقاضي أن يؤسس حكمه على دليل لم يطرح من طرف أحد الخصوم أمامه ولم يناقش أثناء الجلسة وعليه فإن حضور الخصوم ضروري لتمكينهم من مناقشة الأدلة في الجلسة.
والخصوم الواجب حضورهم الجلسة هم:
- النيابة العامة: باعتبارها تدخل في تشكيل المحكمة ولا تنعقد الجلسة في غيابها.
- المتهم: باعتباره الخصم الثاني في الدعوى العمومية وإعطائه فرصة للدفاع عن نفسه عن طريق محاميه، وتكون له دائما الكلمة الأخيرة قبل إقفال باب المرافعة (المادة 353 الفقرة الأخيرة من ق إ ج).
- المدعي المد ني: يلزم القانون بوجوده أثناء الجلسة في حالة رفع دعوى مدنية تبعية أمام المحكمة الجنائية حيث تفصل هذه الأخيرة في الدعوى العمومية وفي نفس الجلسة تفصل في الدعوى المدنية.
- المسؤول عن الحقوق المدنية: ففي حالة توافر مانع من موانع المسؤولية جاز للمضرور من الجريمة رفع دعوى مدنية تبعية لمطالبة المسؤول عن الحقوق المدنية بالتعويض عن الأضرار التي لحقته من جراء الجريمة التي ارتكبها مثلا صغير السن أو المجنون.
يعتبر حضور الخصوم متمما ل شفهية المرافعات أثناء الجلسة ولقد نصت المواد 287 و 288 و 292 و 293 و 294 و 343 و 344 و 347 و 349 و 353 من ق إ ج على وجوب حضور الخصوم للجلسات.
رابعا: التدوين
يناط بكاتب الضبط مهمة تدوين الإجراءات والأحكام حيث يدخل في تشكيل محكمة الجنايات فلا تنعقد الجلسات إلا بحضوره (المادة 257 من ق إ ج).
ويحرر كاتب الجلسة في مهلة 03 أيم على الأكثر تاريخ النطق بالحكم محضرا عن كل إجراءات التحقيق النهائي التي قام بها الرئيس ليشمل طلبات المدعي المدني وطلبات النيابة العامة وأقوال الشهود ودفوع المتهم ومحاميه والقرارات التي تصدر فقي المسائل العارضة التي كانت محل نزاع، ويوقع من طرف الرئيس.
وعند تحرير الحكم يجب على الكاتب مراعاة جميع الإجراءات الشكلية كما يجب أن يحتوي على بيانات نص عليها صراحة المادة 314 من ق إ ج.
ويوقع كل من الرئيس وكاتب الجلسة على أصل الحكم في مهلة 15 يوما على الأكثر من تاريخ صدوره.
وطبقا للمادة 3801 من ق إ ج، يحرر كاتب الجلسة لدى محكمة الجنح والمخالفات الحكم حيث تؤرخ النسخة الأصلية ويذكر فيها أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم وكاتب الجلسة واسم المترجم عند الاقتضاء ثم يوقع من طرف الرئيس وتودع نسخة لدى قلم كاتب المحكمة.
الفرع الثاني: قواعد الاختصاص
يتحدد اختصاص المحكمة للفصل في الدعوى المعروضة أمامها وفق ثلاثة شروط :
- أن تكون مختصة بالنسبة للمتهم المحال إليها؛
- أن تكون مختصة بالنسبة لنوع الجريمة التي تنظرها؛
- أن تكون مختصة بمكان وقوع الجريمة أو محل إقامة أو مكان القبض عليه.
أولا: الاختصاص الشخصي
أحيانا يحدد القانون اختصاص المحكمة على أساس مواصفات معينة تتميز بها فئة من المتهمين عن الفئات الأخرى والهدف من ذلك ليس تمييز فئة أخرى فمثلا يختص قضاة الأحداث بمحاكمة المتهمين الذين لم يكتملوا سن الرشد الجنائي وهو 18 سنة (المواد 446 و 447 و 451 من ق إ ج)، وتختص المحاكم العسكرية بمحاكمة المتهمين العسكريين المنصوص عليها في المادة 03 من قانون القضاء العسكري الذين ارتكبوا جرائم القانون العام أو الجرائم العسكرية البحتة.
ولمحكمة الجنايات كامل الولاية في الحكم جزائيا على الأشخاص البالغين (المادة 249 من ق إ ج)، وكذلك الشأن بالنسبة لمحكمة الجنح والمخالفات.
ثانيا: الاختصاص النوعي
يتحدد الاختصاص النوعي للمحكمة تبعا لنوع الجريمة التي تنظر فيها وعليه فتختص:
-1 محجمة الجنيات في الفصل في الجنايات والجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية المحالة إليها من غ رفة الا?ام
(المادة 248 من ق إ ج).
-2 محكمة الجنح والمخالفات بنظر الجنح والمخالفات (المادة 328 من ق إ ج).
-3 محكمة المخالفات بنظر المخالفات التي يرتكبها الأحداث وفي حالة وقوع جناية أو جنحة يحال الحدث على قسم
الأحداث لدى المحكمة أو ا?لس القضائي (المواد 446 و 448 و 451 من ق إ ج).
-4 المحاكم العسكرية بنظر جرائم القانون العام إذا ارتكبها أحد العسكريين (المادة 03 والمادة 26 من قانون القضاء العسكري)
ثالثا: الاختصاص المحلي
يتحدد الاختصاص المحلي للمحكمة بمكان وقوع الجريمة وبمحل إقامة المتهم وبمكان القب ض. هذه الحالات الثلاثة التي تكون فيها المحكمة مختصة محليا بنظر الدعوى المحالة عليها.
ولقد نصت المادة 252 من ق إ ج على الاختصاص المحلي لمحكمة الجنيات الذي يتحدد بدائرة اختصاص المجلس القضائي.
كما حددت المادة 329 من ق إ ج الاختصاص المحلي لمحكمة الجنح والمخالفات بالأماكن الثلاثة المذكورة أعلاه في مواد الجنح.
أما بالنسبة للمخالفات فيتحدد الاختصاص إما بمكان وقوع المخالفة أو بمحل إقامة المتهم لأنه لا يجوز القبض على المتهم في المخالفات.
أما قسم الأحداث فيكون مختصا محليا بمكان وقوع الجريمة أو بمحل إقامة الحدث أو والديه أو وصيه أ و بالمكان الذي عثر فيه عليه أو بالمكان الذي أودع به مؤقتا أو نهائيا (المادة 451 / 3 من ق إ ج).
كما يتحدد الاختصاص المحلي للمحكمة العسكرية بدائرة المحكمة التي وقعت فيها الجريمة او التي تم فيها القبض على المتهم أو التي تخضع لها الوحدة التابع لها المتهم.
وفي حا لة تنازع الاختصاص تكون المحكمة المختصة هي المحكمة التي وقعت الجريمة في دائرة اختصاصها (المادة 30 من قانون القضاء العسكري).
رابعا: امتداد قواعد الاختصاص
هناك حالات يمتد فيها اختصاص المحكمة إلى دعوى ليست مختصة بنظرها سواء تعلق الأمر بالاختصاص الشخصي أو النوعي أو المحلي:
-1 امتداد اختصاص محكمة الجنايات بنظر الجرائم الإرهابية أو التخريبية التي يرتكبها القصر البالغين من العمر 16 سنة كاملة والمحالين إليها بقرار من غرفة الاتهام (المادة 249 / 2 من ق إ ج)، كما تنظر محكمة الجنايات في الجنح والمخالفات المرتبطة بالجنايات والتي تضمنها قرار الإحالة (المادة 248 من ق إ ج).
-2 امتداد الاختصاص المحلي لمحكمة الجنح والمخالفات إلى دائرة اختصاص محاكم أخرى في جرائم المخدرات والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات وجرائم تبييض الأموال والإرهاب والجرائم الخاصة بالتشريع الخاص بالصرف (المادة 329 / 5 من ق إ ج) المعدل بالقانون رقم 04 / 14 المؤرخ في 10- 11 / 2004
-3 امتداد اختصاص المحكمة العسكرية بمحاكمة المدنيين الذين يرتكبون إحدى الجرائم العسكرية المنصوص عليها في قانون العقوبات إذا كانت مدة عقوبة الحبس تزيد على 05 سنوات (المادة 25 من قانون القضاء العسكري).
-4 امتداد اختصاص المحاكم الجزائية بنظر الدعوى المدنية التبعية إليها من المدعي المدني طبقا للماد ة 03 / 01 من ق إ ج بحيث يجوز مباشرة الدعوى المدنية مع الدعوى العمومية في وقت واحد وأمام المحكمة الجزائية نفسها.
فبعد أن تفصل المحكمة في الدعوى العمومية تفصل في الدعوى المدنية في نفس الجلسة (المادة 316 من ق إ ج) بالنسبة لمحكمة الجنايات لكن بدون حضور المحلفين والمادة 357 من ق إ ج بالنسبة لمحكمة الجنح والمخالفات.
خامسا: تنازع الاختصاص
يتخذ الاختصاص إحدى الصورتين إما أن يكون إيجابيا وإما سلبيا فيقوم الأول عندما تتمسك أكثر من جهة من جهات الحكم أو التحقيق باختصاصها بنظر الدعوى.
ويقوم الثاني عندما تقر أكثر من جهة من جهات الحكم أو التحقيق عدم اختصاصها بنظر الدعوى.
ولقد نظمت المواد 545 و 546 و 547 من ق إ ج إجراءات الف صل في تنازع الاختصاص إيجابيا كان أو سلبيا:
-1 حالات تنازع الاختصاص:
يتحقق الاختصاص بين القضاة في الحالات التالية:
- إذا كانت المجلس القضائية أو المحاكم أو قضاة التحقيق تابعين لمحاكم مختلفة قد أخطروا بجريمة واحدة بعينها؛
- إذا قضت عدة جهات قضائية بعدم اختصاصها بنظر جريمة واحدة بأحكام أو أوامر أو قرارات نهائية؛
- إذا أصدر قاضي التحقيق أمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة وقضت هذه الأخيرة بعد اختصاصها بنظر الدعوى بحكم نهائي؛
- إذا أخطر عدة قضاة تحقيق تابعين لمحاكم مختلفة بالتحقيق في قضية واحدة فلا يقوم تنازع بينهم إذا أصدر أحدهم أمر بالتخلي بناءا على طلب النيابة العامة (المادة 545 من ق إ ج) .
-2 جهة الفصل في تنازع الاختصاص:
يقدم طلب النظر في تنازع الاختصاص من النيابة العامة أو المتهم أو المدعي المدني ويحرر في شكل عريضة تودع لدى قلم كتابة الجهة الفاصلة في القضية في مهلة شهر.
حيث تعلن الجهة العريضة إلى جميع الخصوم ولهم مهلة 10 أيام لإيداع مذكرا?م (المادة 547 من ق إ ج).
يرفع الطلب إلى الجهة المشتركة الأعلى درجة فإذا كانت هذه الجهة مجلسا قضائيا فإن غرفة الاتهام هي التي تنظر فيه، وفي حالة عدم وجود جهة عليا مشتركة فإن تنازع الاختصا ص بين قضاة التحقيق والمحاكم يطرح على الغرفة الجزائية لدى المحكمة العليا (المادة 546 من ق إ ج).
المبحث الثاني: الإثبات في المواد الجنائية
إذا رفعت الدعوى إلى المحكمة أصبحت هي المختصة بإجراء التحقيق فيها، مما يبرز الدور الإيجابي للقاضي في الإثبات. بحيث لا يكتفي بما قدمته النيابة من أدلة لإثبات التهمة وما قدمه المتهم من أدلة لنفيها، وإنما يتخذ القاضي كل إجراء التحري والتحقيق للكشف عن الحقيقة وذلك بتكليف الخصوم بتقديم أدلة معينة كسماع شهود أو ندب خبراء.
غير أنه يجوز للقاضي أن يثبت حكمه على أدلة لم تطرح في الجلسة ولم تناقش من طرف الخصوم أمامه، حيث تنص المادة 212 من ق إ ج على ما يلي: "يجوز إثبات الجرائم بأي طريق من طرق الإثبات ما عدا الأحوال التي ينص القانون على خلاف ذلك؛ وللقاضي أن يصدر حجمه تبعا لاقتناعه الخاص.
ولا يسوغ للقاضي أن يبني حكمه إلا على الأدلة المقدمة له في معرض المرافعات والتي حصلت المناقشة فيها حضوريا أمامه".
ولقد نص القانون على بعض الأدلة المقدمة التي يعتمد عليها القاضي في الإثبات فهذا لا يعني بأن القاضي يتقيد بهذه الأدلة بل يجوز له الاعتماد على أي دليل آخر يكون مفيدا في إظهار الحقيقة، كالدلي ل المستمد من تطابق البصمات أو التنويم المغناطيسي أو أجهزة كشف الكذب أو فحص الدم أو غسل المعدة...إلخ.
المطلب الأول: الاعتراف
تنص المادة 231 من ق إ ج على ما لي: "الاعتراف شانه شان جميع عناصر الإثبات يترك لحرية تقدير القاضي"
الاعتراف هو إقرار صادر من المتهم بارتكابه الوقائع المنسوبة إليه في التهمة.
الفرع الأول: شروط الاعتراف
حتى يكون الاعتراف دليلا لإثبات يؤخذ به لابد من توافر الشروط التالية:
-1 أن يصدر من متهم يتوافر لديه الإدراك والتمييز وحرية الاختيار، فلا يعتبر اعترافا الإقرار الصادر من مجنون أو صغير الس ن أو الواقع تحت إكراه أو سكر اضطراري بسبب الخمر أو المخدر أو العقاقير كما يبطل الاعتراف إذا وقع نتيجة خداع أو غش أو احتيال.
-2 أن يكون صريحا لا يحمل أي تأويل، فلا يشترط لوضوح الاعتراف هنا استعمال عبارات دون غيرها بل يكفي أن تدل أقوال المتهم مهما كانت أنها إقرار كما يجب أن ينصب على نفس الواقعة الإجرامية.
3 – أن يصدر أمام القاضي نفسه حيث يكتفي به هذا الأخير في تأسيس حكمه.
أما الاعتراف أمام الضبطية القضائية أو جهات التحقيق الابتدائي فلا يعتد به القاضي.
-4 أن يصدر بناء على إجراءات صحيحة، حيث يتطلب القانون مثلا أن يكون التفتيش أو القبض صحيحا، أما إذا كان الإجراء الذي ترتب عليه الاعتراف باطلا فيكون الاعتراف باطلا.
الفرع الثاني: تقدير الاعتراف
إن الاعتراف كدليل للإثبات متروك للسلطة التقديرية للقاضي ولا يتقيد به في تأسيس حكمه لأن الاعتراف قد يصدر في ظروف لا يطمئن إ ليها القاضي في صحته كون المتهم كان تحت إكراه مادي أو معنوي أو انه لم ستوفي شروطه القانونية أو المتهم يحاول تحمل مسؤولية جريمة ارتكبها غيره.
إذن للقاضي كامل الحرية في تقدير الاعتراف حتى ولو كان صادر عن إرادة حرة وسواء تم أمام جهة التحقيق أو أمام الضبطية القضائية أو أمام القاضي نفسه.
المطلب الثاني: شهادة الشهود
لقد نظم المشرع أحكام شهادة الشهود كالدليل للإثبات في المواد من 220 إلى 238 ق إ ج . وللقاضي تكيف أي شاهد يرى فائدة من سماع شهادته لإظهار الحقيقة للحضور أمام المحكمة المادة 220 من ق إ ج.
الشهادة هي أقوال تصدر عن شخص تتلق بالواقعة الإجرامية ذاتها وعاينها بحواسه عن طرق السمع أو البصر أو الشم أو الذوق أو اللمس وهي دليل شفوي (المادة 233 من ق إ ج).
الفرع الأول: شروط شهادة الشهود
حتى تكون الشهادة دليلا للإثبات يعتد به، لابد من توافر الشروط التالية:
-1 أن يكون في استطاعته الشاهد أداء الشهادة أي قادرا على التعبير بأي طريقة سواء بالكلام أو بالإشارة أو بالكتابة أو بالرسم.
-2 أن تنصب الشهادة على ما أدركه الشاهد من وقائع بحواسه أو على ظروف ذات تأثير في وصف الجريمة وتقدير عقوبتها كوجود صلة القرابة أو الماضي الإجرامي للمتهم (المادة 225 من ق إ ج).
-3 أن تكون صادرة عن شاهد بلغ 16 سنة وإلا سمعت على سبيل الاستدلال بدون حلف اليمين (المادة 228 ).
-4 أن يحلف الشاهد اليمين قبل أداء الشهادة (المادة 227 من ق إ ج)، ويعفى من حلف اليمين أصول المتهم وفروعه وزوجه وأخواته وأصهاره على درجته من عمود النسب (المادة 228 / 2 من ق إ ج).
الفرع الثاني : تقدير شهادة الشهود
الأخذ بشهادة الشهود كدليل إثبات يرجع إلى السلطة التقديرية للقاضي، لذلك جاز للقاضي الأخذ بالشهادة كلها أو بعضها أو رفضها أو ترجيح شهادة شاهد على آخر.
وإذا تبين من المرافعات شهادة زور في أقوال أحد الشهود، أمر الرئيس إما من تلقاء نفسه أو بناء على طلب النيابة العامة أو احد الخصوم، هذا الشاهد بان يلزم مكانه ويحضر كل المرافعات حتى النطق بقرار المحكمة، وفي حالة مخالفة هذا الأمر يتم القبض على الشاهد بأمر من الرئيس.
وقبل إقفال باب المرافع ة يطلب الرئيس من الشاهد قول الحق ثم يأمر باقتياده بواسطة القوة العمومية بغير تمهل إلى وكيل الجمهورية الذي يطلب من قاضي التحقيق فتح التحقيق معه (المادة 237 من ق إ ج).
المطلب الثالث: الخبرة
الفرع الأول: تعريف الخبرة
يلجأ القاضي إلى ندب الخبراء كلما كانت هنا ك مسألة فنية أو علمية لا يستطيع إبداء الرأي فيها تدخل في نطاق التحقيق الذي يقوم به القاضي.
والخبرة بهذا المعنى هي الاستعانة بأحد أهل الاختصاص له دراية وكفاءة علمية وفنية للحصول على إيضاحات في المسائل التي تخرج عن نطاق معرفة القاضي توصلا إلى الحقيقة.
لم ينظم القانون كيفية ندب الخبراء أمام المحكمة لذلك تسري في هذا الشأن القواعد المعمول بها في مرحلة التحقيق الابتدائي والتي نصت عليها المواد من 143 إلى 156 والمادة 219 من ق إ ج.
الفرع الثاني: تقدير الخبرة
للقاضي مطلق الحرية في تقدير ما يقدمه الخبراء من تقارير فإذ ا لم يقتنع القاضي بتقرير الخبير جاز ندب خبير آخر لمعرفة رأي هذا الأخير في مسألة لم يجزم فيها الخبير الأو ل. كما يجوز له أن يفصل في مسألة لم يفصل فيها الخبير إذا كانت تتماشى مع وقائع القضية.
ولا يجوز للقاضي الأخذ بتقرير الخبير كدليل إثبات إلا إذا طرح في الجلسة وناقشه الخصوم.
المطلب الرابع: المحررات والمحاضر
المحررات هي عبارة عن أوراق تحمل بيانات تتعلق بواقعة ذات أهمية خاصة في إثبات ارتكاب الجريمة ونسبتها إلى المتهم فهذه المحررات قد تكون هي الجريمة نفسها كالسند المزور أو رسالة التهديد.
أما المحاضر أو التقارير التي تحررها جهات جمع الاستدلالات وجهات التحقيق فتعد أهم المحررات في الدعوى العمومية ودليلا لإثبات الجرائم.
ولا يكون للمحضر والتقرير قوة الإثبات إلا إذا كان صحيحا بتوافر شروطه الشكلية ويكون ضابط الشرطة القضائية أو كاتب التحقيق هو الذي حرره أثناء مباشرة أعم ال الوظيفة وتضمن موضوع داخل في نطاق اختصاصه (المادة 214 من ق إ ج).
الفرع الأول: أنواع المحاضر
يمكن تقسيم المحاضر إلى ثلاثة أنواع :
-1 محاضر جمع الاستدلالات:
هي تلك المحاضر التي يحررها ضابط الشرطة القضائية وتتضمن إجراءات البحث والتحري والاستدلال عن الجرائم وعن مرتكبيه ا. ولقد أوجب القانون على ضباط الشرطة القضائية أن يحرروا محاضر بأعمالهم ويوقعون عليها ويبينون فيها الإجراءات التي قاموا بها ويرسلوها إلى وكيل الجمهورية ليقر ما يتخذه بشأنها (المادة 18 من ق إ ج).
-2 محاضر التحقيق الابتدائي:
يقوم قاضي التحقيق با تخاذ جميع الإجراءات التي يراها ضرورية للكشف عن الحقيقة بالتحري عن أدلة الاتهام وأدلة النفي.
حيث تحرر محاضر عن هذه الإجراءات ويؤشر كاتب التحقيق أو ضابط الشرطة القضائية المنتدب على كل نسخة وترقم، كما تجرد جميع أوراق ملف التحقيق بمعرفة كاتب التحقيق أولا بأول حس ب تحريرها أو ورودها لقاضي التحقيق (المادة 08 من ق إ ج).
-3 المحاضر الخاصة:
هي المحاضر التي يحررها الموظفون أو أعوان المصالح والإدارات العامة الذين أنيطت بهم بعض مهام الضبطية القضائية بموجب قوانين خاصة ونذكر على سبيل المثال:
- القانون رقم 98- 10 المؤرخ في 02 -08- 1998 المتضمن قانون الجمارك لاسيما المادة 241 منه والتي أجازت لأعوان الجمارك معاينة المخالفات الجمركية وتحرير محاضر بذلك.
- القانون رقم 90- 11 المؤرخ في 21 - 04 - 1990 المتعلق بعلاقات العمل، لاسيما المادة 138 منه والتي أجازت لمفتش العمل معاينة مخالفات هذا القانون وتحرير محضر.
- القانون رقم 87- 17 المؤرخ في 01 -08 - 1987 المتعلق بحماية الصحة النباتية لاسيما المادة 53 منه.
- القانون رقم 96- 13 المؤرخ في 15 - 07 - 1996 المتضمن قانون المياه لاسيما المادة 143 منه.
- القانون رقم 05 -04 المؤرخ في 06 - 02 -2005 المتضمن تنظيم السجون وإعا دة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين لاسيما المادة 171 منه.
الفرع الثاني: تقدير المحاضر
تخضع المحاضر مثل باقي الأدلة إلى السلطة التقديرية للقاضي بحيث لا يتقيد بها تأسيس حكمه كأصل (المادة 2/212 من ق إ ج). غير أنه هناك محاضر لها حجية على القاضي.
أولا: محاضر جمع الاستدلالات
وهي المحاضر التي يحررها ضابط الشرطة القضائية حيث يأخذ بها القاضي على سبيل الاستدلال والاستئناس ولا يلتزم بها في إصدار حكمه، فتنص المادة 215 من ق إ ج على ما يلي: "لا تعتبر المحاضر والتقارير المثبتة للجنايات أو الجنح إلا مجرد استدلالات ما لم ينص القانون على خلاف ذلك".
كما يدخل في هذا الإطار التقارير التي يحررها أعوان الشرطة القضائية الذين نصت عليهم المادة 19 من ق إ ج.
ثانيا: محاضر التحقيق الابتدائي
إن الأخذ بمحاضر التحقيق كدليل إثبات يرجع إلى السلطة التقديرية للقاضي وتطبق في هذا الصدد إحكام المادة 215 السالفة الذكر.
ثالثا: المحاضر الخاصة
نميز بين نوعين من المحاضر :
-1 في الأحوال التي يخول القانون فيها بنص خاص لضباط الشرطة القضائية أو أعوانهم أو الموظفين أو أعوانهم الموكلة إليهم بعض مهام الضبط القضائي سلطة إثبات جنح في محاضر أو تقرير تكون لهذه المحاضر أو التقارير حجيتها ما لم يدحضها دليل عكسي بالكتابة أو شهادة الشهود (المادة 216 من ق إ ج). ومن أمثلة المحاضر التي تؤخذ كدليل إثبات يتقيد به القاضي في تأسيس حكمه إلى أن يقوم الدليل العكسي ما يلي:
- المحاضر المحررة في مواد المخالفات حيث تثبت إما بمحاضر أو تق رير وإما بشهادة الشهود في حلة عدم وجود هذه المحاضر أو التقارير.
ويأخذ القاضي بالمحاضر والتقارير المحررة بمعرفة ضباط وأعوان الشرطة القضائية والضباط المنوط بهم مهام معينة للضبط القضائي الذين خول لهم القانون سلطة إثبات المخالفات كدليل إثبات إلى أن يقوم الدليل العكسي على ما تضمنته وذلك عدا الحالات التي ينص فيها القانون على خلاف ذلك، ولا يقوم الدليل العكسي إلا بالكتابة أو بشهادة الشهود (المادة 400 من ق إ ج).
- المحاضر الجمركية التي يحررها عون واحد وهي ملزمة للقاضي ما لم يقوم الدليل العكسي بالكتابة او بشهادة الشهود (المادة 254 من قانون الجمارك).
- إن معاينة المخالفات المرتكبة في مجال المياه تثبت في محاضر وهي ملزمة للقاضي إلى حين إثبات العكس ( المادة 2/143 من قانون المياه).
- تنص المادة 55 من قانون الصحة النباتية على ما يلي :"تصلح المحاضر التي يحررها الأعوان والموظ فون المذكورون في المادة 53 دليلا أمام القضاء إلى أن يثبت ما يخالف ذلك".
-2 تنص المادة 218 من ق إ ج على ما يلي : " إن المواد التي تحر عنها محاضر لها حجيتها إلى أن يطعن فيها بالتزوير تنظمها قوانين خاصة".
إن المحاضر التي لها حجية على قاضي إلى أن يطعن فيها بال تزوير هي التي يحررها بعض الموظفون وأعوان الإدارات والمصالح العامة الذين منحت لهم بعض مهام الضبط القضائي بموجب قوانين خاصة (المادة 27 من ق إ ج)، ومن أمثلة هذه المحاضر:
- المحاضر المحررة من طرف مفتشي العمل لها حجية إلى حين إثبات عدم صحتها عن طريق الطعن بالتزوير.
- المحاضر المحررة من طرف عونين تابعين لإدارة الضرائب لها حجيتها إلى حين الطعن فيها بالتزوير.
- المحاضر الجمركية المحررة من طرف عونين محلفين على الأقل من بين أعوان الجمارك لها حجية إلى حين الطعن فيها 1 من قانون الجمارك). / بالتزوير (المادة 254
المطلب الخامس: المعاينات
تساهم المعاينة في تكوين عقيدة المحكمة إذ تمنحها أفكارا أو انطباعات مادية ناجمة عن الإطلاع أو الفحص أو المناظرة المباشرة لمحل المعاينة دون وساطة شهود أو خبراء، كما أنها تجسد لديها ما حوته الدعوى من عناصر الإثبات فتوقن بصحتها أو بفسادها.
ولذلك تنص الماد 235 من ق إ ج على ما يلي : "يجوز للجهة القضائية إما من تلقاء نفسها أو بناء على طلب من النيابة العامة أو المدعي المدني أو المتهم أن تأمر بإجراء الانتقالات اللازمة لإظهار الحقيقة.
ويستدعى أطراف الدعوى ومحاموهم لحضور هذه الانتقالات ويحرر محضر ?ذه الإجراءات".
إن القاضي في حاجة إلى كل ما يفيده من أدلة للفصل في الدعوى، وعليه فإذا لم يقتنع بالنتائج التي تمخضت عنها المعاينة التي قامت بها الضبطية القضائية أو جهات التحقيق جاز له أن يأمر بمعاينة من تلقاء نفسه أو بناء على
طلب أحد الخصوم.
والمعاينة هي الانت قال إلى المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة لمشاهدة آثارها وأدلتها المادية، وفي كل الحالات تخضع المعاينة التي قام بها ضابط الشرطة القضائية أو قاضي التحقيق أو المحكمة إلى السلطة التقديرية للقاضي حيث يأخذ بها
على سبيل الاستدلال، غير أن هناك حالة واحدة تكون لمحاضر المعاينة حجية على القاضي (قرار الصادر عن المحكمة العليا المؤرخ في 05 -04 - 1988 حيث جاء فيه : "من المقر قانونا أن المعاينات المبينة في المحاضر الجمركية تعتبر صحيحة على أن يطعن فيها بالتزوير وإثبات عكس ما تحتويه هذه المحاضر ...").
الطلب السادس: القرائن
القرائن هي حكم أو نتيجة تستنبط من واقعة أو أكثر قام الدليل عليها وهي وسيلة إثبات غير مباشرة، إذ لا يتوافر الدليل المحسوس فيها وإنما تستنتج من الواقعة الثابتة. القرائن هي الصلة الضرورية التي ينشئها القانون بين وقائع معينة أي استنتاج الواقعة المطلوب إثباتها من و اقعة أخرى قام عليها دليل للإثبات. ومثال القرائن في الدعوى العمومية أن يتهم شخص بسرقة مترل دون وجود أي شاهد ولكن عند أخذ البصمات أتضح أنها نفس بصمات المتهم وعليه فتعد قرينة على ارتكابه السرقة أو ضبط المشتبه فيه وبحوزته الأشياء المسروقة، فحيازة الأشياء تعتبر قرينة على ارتكابه السرقة.
والقرائن نوعان : قرائن قانونية وقرائن قضائية
الفرع الأول: القرائن القانونية
وهي استنتاج واقعة يتحتم على القاضي والخصوم الأخذ بها أو هي نتيجة يفترض القانون صحة استخلاصها من واقعة أخرى.
قد تكون القرينة قطعية لا يجوز إثبات عكسها مثالها صغر السن أو الجنون في دلالته على عدم التمييز ونشر القانون في الجريدة الرسمية في دلالته على العلم بالقانون، وقد تكون القرينة بسيطة تقبل إثبات العكس مثالها قرينة البراءة المنصوص عليها في المادة 45 من الدستور حيث يعتبر المتهم بريء حتى تثبت إدانته بصدور حكم نهائي وبات في الدعوى العمومية.
الفرع الثاني: القرائن القضائية
وهي استنتاج يستخلصه القاضي من واقعة معلومة للحكم في واقعة مجهولة أي كل الظروف التي يمكن من خلالها أن نستنتج ثبوت التهمة أو براءة المته م. وعليه فلا يمكن حصر القرائن القضائية فقد يستخلص من وجود شعر المتهم على جسد المجني عليها أنه هتك عرضها أو تعرف الكلب البوليسي على المتهم أن مرتكب الجريمة وقد يستخلص من ماضي المتهم الإجرامي انه ارتكب الجريمة.
الفرع الثالث: تقدير القرائن
باعتبار أن القرائن هي دليل من أدلة الإثبات فلا تلزم القاضي وتخضع لسلطته ال تقديرية سواء كانت قرائن قانونية أو قضائية.
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma