Read more: بحث قيم حول القرار الاداري ج4
ثانيا : القرارات الإدارية المعيبة
الأصل أنه يجوز للإدارة أن تسحب قرارها المعيب (غير مشروع)[111] حتى تسقط بأثر رجعي ويترتب على هذا السحب للقرار المعيب سواء كان تنظيما أم فرديا زواله بأثر رجعي يمتد إلى تاريخ صدوره. ويختلف الوضع في سحب القرارات الإدارية بين القرارات التي يترتب عليها حقوقا مكتسبة لأطرافها، والقرارات التي لا يترتب عليها حقوقا مكتسبة لأطرافها.
فالقرارات المعيبة التي يترتب عليها حقوقا مكتسبة لأطرافها يجوز سحبها سواء خلال المدة المحددة للسحب أم بعد انقضائها.
أما القرارات المعيبة التي يترتب عليها حقوقا مكتسبة لأصحابها فلا يجوز سحبها الإخلال المدة القانونية المحددة لإجراء السحب أي خلال الفترة التي يجوز فيها الطعن في القرار وهي في الأصل ستون يوما من تاريخ صدور القرار الإداري المخالف للقانون.
ويترتب على ذلك أن سحب القرار الإداري المعيب "المنشئ لحقوق مكتسبة" بعد انتهاء المدة المحددة للسحب من شأنه أبطال القرار الساحب ذاته[112].
وهناك حالات استثنائية يجوز فيها سحب القرارات الإدارية دون التقيد بالمدة وهي :
õ حالة انعدام القرار : وتتوفر هذه الحالة عندما تبلغ درجة جسامة العيب في القرار المعدم حدا يفقده صفته كقرار إداري، فيجوز سحبه في أي وقت.
õ حالة قيام القرار على غشت أو تدليس : إن الغش أو التدليس كما هو معلوم من عيوب الرضا فإذا ثبت قيام القرار الإداري على ذلك الغش أو التدليس من صاحب المصلحة فإنه يجوز سحب القرار دون التقيد بمدة جواز الطعن لأن الغش كقاعدة يفسد كل شيء، كما أن أحسن نية المستفيد من القرار هي التي تبرر عدم جواز المساس به بعد فوات مواعيد الطعن، أما إذا انتفى حسن النية لذا المستفيد من القرار فإنه يكون جدير بالحماية[113].
õ حالة القرار الذي لم يعلن أو ينشر : إن القرارات الإدارية لا تصبح سارية المفعول تجاه الأفراد الأمن تاريخ شهرها بالإعلان أو النشر حسب طبيعة تلك القرارات سواء أكانت فردية أم تنظيمية فإذا لم يتم الشهر عن تلك القرارات بأية طريقة من طرف الإعلان فإن مدة السحب لا تبدأ في مواجهة الإدارة إذ تستطيع سحبها في أية لحظة وفي مواجهة الأفراد الذين يستطيعون الطعن فيها قضائيا دون التقيد بميعاد غير أن الوضع لا ينطبق الأعلى القرارات الإدارية الصريحة فقط بدون غيرها. أما بالنسبة للقرارات الإدارية الضمنية التي تنشأ حسب القانون من سكوت الإدارة خلال هذه معينة فإنها تصبح نهائية بانتماء هذه المدة ولا يجوز للإدارة سحبها إبان مدة جواز الطعن.
õ حالة تأخر عدم مشروعية القرار الفردي المتخذ أساسا لغيرة : وتتحقق هذه الحالة عند صدور القرار المترتب عليه قد فات، ولا تظهر عدم مشروعية القرار الذي صدور مؤخرا إلا بعد فوات ميعاد الطعن فيه. في هذه الحالة يجوز سحب هذا القرار كما يجوز الطعن فيه قضائيا يصرف النظر عن فوات هذه الطعن. ومثال ذلك أن يصدر قرار بنقل الموظف من مكان إلى آخر بحجة المصلحة العامة. وبتعيين آخر في مكان ولم يكتشف سر نقل الموظف الأول الذي يكمن في تعيين الثاني على أساس رابطة النسب إلا بعد انتهاء مواعيد الطعن. فإن إبطال قرار نقل الموظف مثلا يسمح بسحب القرار الصادر بتعيين خلفه رغم انتهاء مواعيد الطعن في هذا القرار[114].
والأصل أن يتم سحب القرار (المعيب) من نفس الجهة التي قامت بإصداره وبنفس الأداة المستخدمة في الإصدار. وسواء كان اختصاص هذه بالسحب مقررا بنص قانوني أو بموجب قاعدة توازي الاختصاص، فالسلطة الرئاسية مثلا تملك سحب القرارات الإدارية الصادرة عن مرؤوسها لأنها تملك سلطة التعقيب على قرارات هؤلاء المرؤوسين بسحبها لعدم مشروعيتها.
ويترتب عن سحب القرار الإداري أن يعتبر كأن لم يكن من تاريخ صدوره وهو نفس آثار الإلغاء القضائي وبناء على أن السحب بأثر رجعي إزالة للقرار وكل ما يترتب عليه من آثار وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل صدور القرار المسحوب وزوال آثار السحب قد يكون جزئيا أو كليا إن كان القرار المراد سحبه قابل للتجزئة[115].
وخلاصة القول فإن سحب القرارات الإدارية المعيبة تعتبر أسلوبا قانونيا وضروريا بالنسبة لسير نشاط المرفق العالم ووسيلة لضمان مبدأ الشريعة، كما أن قيام الإدارة بسحب قراراتها اللاشرعية يعبر عن نضجها في مراقبة عملها مراقبة ذاتية بحيث تحكم نفسها بنفسها قبل أن تتبخر العدالة في شؤونها.
وبناء على ما سبق يتبين لنا أن القرارات الإدارية طالما استكملت مقوماتها الذاتية، وبمجرد صدورها عن السلطة الإدارية التي تملكها أصبحت نافذة وتعد سارية في جانب الإدارة من هذا التاريخ بيد أنها لا تسري في حق الأفراد الذين توجه إليها إلا إذا عملوا بها بإحدى وسائل العلم المقررة قانونا. والقرارات الإداري تسري على الماضي كقاعدة عامة ولا يجوز تأجيل آثار القرار الإداري إلا في حالات معينة. كما يمكن للإدارة أن تقوم بتنفيذ قراراتها الإدارية بطريقتين عن طريق التنفيذ المباشر دون حاجة للالتجاء إلى القضاء وهذا يرجع إلى أن الإدارة تتمتع بقرينة سلامة القرارات والدعوى المدينة الذي تعتبر ضمانة لاحترام حقوق وحريات الأفراد. فبعدما يستنفد القرار الإداري كل مضمونه وتحدد المدة المعينة لتطبيقه فبعد انقضاء هذه المدة ينتهي القرار. وتقوم الإدارة بنفسها يسحبه وإلغاء وتختلف عملية السحب عن عملية الإلغاء بحسب طبيعة القرار الإداري. فالقرارات التنظيمية التي لا تنشئ حقوقا مكتسبة ولا تخلق اللامركز قانونية يجوز إلغاءها. في حين أن القرارات الفردية لا يجوز إلغاءها لأنه يترتب على إلغاء مساس بالحقوق المكتسبة للأفراد. أما إذا كانت لا ترتب حقوقا مكتسبة فلأنه يمكن تعديلها أو إلغاءها أما عملية السحب فإنها تختلف إذا كان القرار سليما أو معيبا، فالمقررات الإدارية، السليمة لا يجوز سحبها إذا ولدت حقوقا مكتسبة للأفراد. أما بشأن القرارات الإدارية المعيبة يجوز سحبها حتى ولو تعلقت بها حقوق مكتسبة للأفراد.
لقد خول المشرع الإدارة سلطات وامتيازات تمكنها من أداء مهامها ووظائفها، فأدى ذلك إلى سمو المركز القانوني للإدارة في مواجهة الأفراد. بحيث تملك الوسائل والإمكانات التي تحملها على تنفيذ قراراتها طواعية أو إكراها. تحت ذريعة تحقيق المصلحة العامة. وبذلك يعتبر القرار الإداري غير مشروع إذا ما استهدف هدفا آخر غير المصلحة العامة، وهو ما يعرف لدى القضاء الإداري بالانحراف في استعمال السلطة.
لذلك يخشى أن تتجاوز الإدارة حدودها وتتشطط في استعمال امتيازاتها لغير صالح الأفراد، وترفض الالتزام بالقيود التي فرضها المشرع عليها. فينكب نشاطها الذي يراد به الأفراد إلى نشاط تعسفي يهدر حقوقهم وحرياتهم، فرجل الإدارة قد ينحرف عن المصلحة العامة، والتزام الصمت من ذوي المصلحة عن هذا الخرق غير الأخلاقي يمده بنفس جديد يشجعه على التمادي في غيه واعوجاجه.
ومن ثم كان لزاما على المواطن ومن أجل مصلحته أن لا يلتزم الصمت عن أي قرار إداري غير مشروع والذي أحدث له ضررا ومس مركزه القانوني، وبالمقابل ليس له سوى وسيلة التظلم ملتمسا الإدارة –بصفته صاحب المصلحة داخل الآجال القانونية- التراجع عن قراراتها، التوجه إلى القضاء طالبا إنصافه عن طريق إلغاء القرار المعيب أو التوجه إلى ديوان المظالم الذي عهد له بمراقبة تصرفات الإدارة وحث المحاكم على تنفيذ القرارات الحائزة على قوة الشيء المقضى به.
وللوقوف على أنواع الرقابة التي تخضع لها القرارات الإدارية وكذا أسسها، ارتأينا أن نقسم هذا الفصل إلى ثلاث مباحث :
المبحث الأول : مبدأ مشروعية القرارات الإدارية
المبحث الثاني : دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة
المبحث الثالث : ديوان المظالم –لبنة جديدة في دولة الحق والقانون والمؤسسات-
b المبحث الأول : مبدأ مشروعية القرارات الإدارية
يعد مبدأ المشروعية مدخلا ضروريا لدراسة الرقابة على أعمال الإدارة، تلك الرقابة التي تستهدف مشروعية أعمال الإدارة والتحقق من عدم مخالفتها للقانون. وأساس الرقابة على أعمال الإدارة هو إخضاع هذه الأعمال كما هو الشأن بالنسبة لتصرفات الأفراد وجميع الهيئات الحكومية للقانون، وهو ما يعبر عنه بمبدأ المشروعية أو مبدأ سيادة القانون.
e المطلب الأول : مفهوم مبدأ الشرعية
يقصد بهذا المبدأ أن تكون جميع تصرفات الإدارة في حدود القانون، ويؤخذ القانون –في المجال- بمدلوله العام أي جميع القواعد الملزمة في الدولة سواء أكانت مكتوبة أو غير مكتوبة، وأيا كان مصدرها مع مراعاة التدرج في قوتها وأيا كان نوع تصرف الإدارة[116] سواء كان عملا ماديا أو قرارا إداريا.
ويكاد الفقه يجمع أن مبدأ المشروعية يعني "سيادة حكم القانون" وهو في الحقيقة تعريف مناسب تماما لمبدأ المشروعية[117].
e المطلب الثاني : طرق الرقابة على مشروعية قرارات الإدارة
تتفرع طرق رقابة المشروعية –في المجال الإداري- إلى نوعين : رقابة إدارية ورقابة قضائية.
Ãأولا : الرقابة الإدارية
تتميز الرقابة الإدارية بأنها رقابة ذاتية تقوم بها الإدارية على أعمالها بغية تصحيح الأخطاء التي وقعت فيها ومراجعتها إما بتعديلها أو إلغائها أو سحبها، وتتم هذه الرقابة من طرف الإدارة إما من تلقاء نفسها أو بناء على تظلمات من يعنيهم الأمر سواء قدمت إلى مصدر القرار أو رئيس هذا الأخير أو إلى لجنة خاصة[118].
وتنقسم هذه الرقابة إلى أنواع مختلفة :
1) التظلم الاستعطافي :
ويتم بتقديم طلب صاحب المصلحة إلى مصدر القرار يبصره فيه بالخطأ الذي ارتكبه، فيطلب منه تبعا لذلك إعادة النظر في قراره وذلك إما بسحبه أو إلغائه أو تعديله أو استبداله بغيره[119].
2) التظلم الرئاسي :
ويتم بتظلم صاحب المصلحة إلى رئيس مصدر القرار من القرار الذي أصدره في حقه والذي يتسم بعدم المشروعية، فيتولى رئيس مصدر القرار بعد ذلك البحث في هذا التظلم، فإذا تبين صحة ما يطلبه المتضرر فإنه يقضي بسحب القرار أو إلغائه أو تعديله مما يجعله مطابقا للقانون، وقد يتولى الرئيس الأعلى هذه المسألة من تلقاء نفسه دون تظلم من صاحب المصلحة بمقتضى ما يملكه من سلطة رئاسية على مصدر القرار[120].
3) التظلم أمام لجنة إدارية خاصة :
يكون هذا التظلم أمام لجنة إدارية وهذه اللجنة نجدها في مختلف الأنظمة ذات المناهج الإدارية المتقدمة وهي ما يطلق عليها في التشريع المغربي اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء، إذ تتشكل من ممثلين عن الموظف وممثلين عن الإدارة، يحق للموظف المتضرر من القرار الإداري غير السليم أن يتظلم منه أمام هذه اللجنة. فإذا تبينت صحة تظلم الموظف فإنها تصدر رأيا معللا في الموضوع وتوجهه إلى الرئيس مصدر القرار، إلا أن رأيها استشاري غير ملزم[121].
4) التظلم الوصائي :
يكون أمام الجهة التي تملك الوصاية على جهة معينة، فإذا حصل أن قامت هيئات عمومية تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي في تسيير شؤونها بعمل أو امتنعت عن القيام بعمل، خالفت بذلك الهدف الذي قامت من أجل تحقيقه أو خالفت به النصوص التشريعية أو التنظيمية المتعلقة بالنشاط الذي تقوم به فإنه يحق للمتضررين من ذلك، التظلم أمام السلطة التي تملك الوصاية على تلك الهيئة.
واللجوء إلى التظلم الإداري في التشريع المغربي سواء أكان تظلما استعطافيا أو رئاسيا قبل سلوك طريق التظلم القضائي، وهو مسألة اختيارية غير ملزمة- الفصل 360، الفقرة 2 من قانون المسطرة المدنية[122]، بحيث يجوز للمعني بالأمر أن يلجأ إلى الطعن القضائي مباشرة دون أن يسلك طريق التظلم الإداري، أما إذا اختار طريق التظلم الإداري قبل التظلم القضائي وجب عليه احترام المسطرة الواجبة الإتباع.
وقد عمل المشروع المغربي خيرا في جعل التظلم الإداري –سواء الاستعطافي منه أو الرئاسي- اختياريا (باستثناء بعض الحالات التي تقضي فيها بعض النصوص التنظيمية بالالتزام بمسطرة خصوصية للطعن الإداري)، على خلاف ما يجري عليه الوضع قبل تعديل قانون المسطرة المدنية بظهير 1974، لأن وجود الرقابة القضائية كأساس إلى جانب الرقابة الإدارية قد لا تفي بالغرض المرجو من ضمان مبدأ المشروعية وذلك لرغبتها أو لمصلحة معينة في التحرر من قيود تلك المشروعية، أو لرفض جهة معينة الاعتراف بالخطأ لسبب ما. وقد تجاريها الجهة الأعلى منها في ذلك. ولنفرض أننا استبعدنا هذه المواقف فإن المنطق نفسه يرفض ترك النزاع بين الإدارة والأفراد بيد الإدارة لتفصل فيه بنفسها. فهذا الأمر لا يبث بل يوحي بالثقة في نفوس الأفراد، لأن من مقتضيات العدالة ألا يكون الحكم خصما في النزاع لذلك فإن الرقابة القضائية لها أهميتها في هذا المجال[123].
Ãثانيا : الرقابة القضائية
تخضع الأعمال الإدارية في هذه الحالة لمراقبة القضاء الذي يتولى رعاية حقوق الأفراد ضد تعسف الإدارة وذلك عن طريق إلغاء قراراتها أو التعويض عنها أوهما معا إذا كانت تلك القرارات غير مشروعية ومست حقا من حقوق الأفراد أو نالت بحرية من حرياتهم. وتختلف هذه الرقابة من دولة لأخرى حسب تاريخها وتقاليدها وظروفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث اعتنقت بعض الدول نظام القضاء الموحد وأخضعت أقضية الإدارة إلى اختصاص المحاكم العادية، بينما سلكت دول أخرى وعلى رأسها فرنسا نظام القضاء المزوج وأسندت المنازعات الإدارية لاختصاص المحاكم الإدارية، إلا أن الرقابة القضائية تختلف عن الرقابة الإدارية في نقط كثيرة وإن كانت تسير معها جنبا إلى جنب وأهم نقط الاختلاف ما يلي :
õ الرقابة الفضائية من اختصاص القضاء وهي تخضع للمبادئ المقررة في هذا الصدد، وأهمها أن القضاء لا يملك حق النظر في قضايا، إلا بعد رفعها من صاحب المصلحة. إذ لا يملك أن ينظر فيها من تلقاء نفسه كما هو الشأن بالنسبة للرقابة الإدارية التي يحق لها أن تمارس رقابتها من تلقاء نفسها أو بناء على تظلم المعني بالأمر.
õ الرقابة القضائية تقتصر على جانب المشروعية في العمل الإداري ولا تمتد تلك الرقابة إلى جانب الملائمة، أما الرقابة الإدارية فإنها تشمل الجانبين، جانب المشروعية وجانب الملائمة.
õ الرقابة القضائية في إطار مبدأ المشروعية لا تملك إلا الحكم بسلامة التصرف المشكو منه أو بعدم سلامته والتعويض عنه، ولا تملك حق إنزال سلطاتها في المسألة المعروضة عليها، بخلاف الوضع في الرقابة الإدارية إذ لها الحق في تعديل التصرف المعيب أو الغير الملائم واستبداله بغيره.
õ إذا ما رفعت دعوى على الإدارة أمام القضاء فإن القضاء يكون ملزما بالنظر فيها وإلا ارتكب جريمة إنكار العدالة بخلاف الوضع بالنسبة للإدارة فهي غير ملزمة بالرد على التظلمات التي رفعها إليها الأفراد، ما لم يقر المشرع غير ذلك.
õ الرقابة القضائية ملزمة بإتباع الإجراءات القانونية بالنظر في الدعوى إلا إذا كان الحكم باطلا لعيب الشكل والإجراءات، أما الرقابة الإدارية فإجراءاتها بسيطة، إذ المتظلم معفى من الرسوم ومن وجوب توكيل محام عنه... إلخ.
õ تنتهي الرقابة القضائية بالنظر في القضية إذا أصبح الحكم بشأنها حائزا على حجية الشيء المقضي فيه، إذ لا يجوز المعني بالأمر إثارة النزاع من جديد مرة أخرى. أما في الرقابة الإدارية فيجوز للمعني بالأمر أن يثير المسألة من جديد ويحق للإدارة أن تعيد النظر فيه ويمكن رفع دعوى بشأنها أمام القضاء[124].
e المطلب الثالث : موازنة مبدأ المشروعية
مما لاشك فيه أن خضوع الإدارة لمبدأ المشروعية في جميع الحالات والظروف يعتبر المثل الأعلى لحماية حقوق وحريات الأفراد ويشكل صرحا متينا لدولة الحق والقانون.
غير أن تقييد الإدارة بذلك المبدأ بكيفية صارمة ومطلقة، من شأنه أن يوصم عمل الإدارة بطابع الآلية والروتين ويسلب معها روح الابتكار والخلق والإبداع ولذلك كان طبيعيا أن يتم تطبيق مبدأ المشروعية بشيء من المرونة، خاصة وأن مقتضيات التطور الحديث قد استلزمت تدخلها في كثير من مجالات الحياة التي كانت من قبل محظورة عليها والتي تلتمس فيها الإدارة منفذا للخروج على ذلك القيد وعذرا يبيح لها موازنة المصلحة العامة مع مصلحة الأفراد.
ونتيجة لهذه المقتضيات ابتدع الفقه والقضاء بل والمشرع أيضا بعض النظريات التي تسمح للإدارة بالخروج على مبدأ المشروعية في حالات محددة تعتبر بعضا منها عوامل موازنة لهذا المبدأ نظرية الظروف الاستثنائية ونظرية السلطة التقديرية بينما تعتبر إحداها استثناءا حقيقيا له نظرية أعمال السيادة[125].
Ãأولا : نظرية الظروف الاستثنائية
إذا كانت الأوضاع العادية للدولة تقتضي التزام الإدارة بالقانون وفقا لمفهوم مبدأ المشروعية، إلا أنه قد يصعب تطبيقه في أوقات الأزمات أو الاضطرابات التي لا تخلو من حياة أي دولة، إذ قد يترتب على الإصرار على تطبيقه استفحال الأزمة بما قد يؤدي إلى انهيار الدولة ذاتها أو على الأقل تعريض سلامتها لمخاطر شديدة تعصف بوجودها وبكل ما حافظ عليه مبدأ المشروعية ذاته.
ولذلك تقررت للإدارة في الحالة الاستثنائية سلطة واسعة لتتخذ من التدابير السريعة الحاسمة ما تواجه به الموقف الخطير الذي يهدد الأمن والطمأنينة بقدر ما تطلق حريتها في تقرير ما يجب اتخاذه من إجراءات وتدابير لصون الأمن والنظام ولا يتطلب من الإدارة في مثل هذه الظروف الخطيرة ما يتطلب منها. في الظروف العادية من الحيطة والدقة والحذر، حتى لا يفلت الزمام من يدها (حكم المحكمة الإدارية العليا بمصر في القضية رقم 1517 المجموعة القضائية –السنة الثانية- ص : 886)[126].
ونظرا لخطورة السلطات الاستثنائية التي تتمتع بها الإدارة في الظروف الاستثنائية فإن الإدارة قد تتوارى وراء الظرف الاستثنائي للإساءة إلى حريات الأفراد وحقوقهم بما يتجاوز القدر اللازم، ومن أجله تفادي ذلك عمل القضاء الفرنسي وعلى رأسه مجلس الدولة على موازنة السلطات الاستثنائية للإدارة بضمانات مقابلة للأفراد عن طريق تطبيق المبدأ المشهور : "الضرورة تقدر بقدرها" فلا سلطات استثنائية إلا للضرورة وبالقدر اللازم فقط[127].
Ãثانيا : نظرية السلطة التقديرية
تمثل السلطة التقديرية للإدارة الجانب المقابل للسلطة المقيدة، فإذا كان المشرع يحدد في حالات معينة مجالات تدخل الإدارة ووسائل هذا التدخل ووقته ويحدد الشروط والإجراءات الخاصة بهذا التدخل، فإن المشرع قد يعمل أيضا في حالات أخرى إلى تمتيع الإدارة بقدر من الحرية في التصرف تستعمله حسب الظروف والملابسات، وبعبارة أخرى فإن الإدارة في حالة السلطة التقديرية هي التي تقرر وحدها ما إذا كان الإجراء المزمع اتخاذه ملائما أو غير ملائم. وفي هذا المعنى يقول أحد الفقهاء أنه : "إذا تمتعت الإدارة بسلطة تقديرية فإن معنى ذلك أن القانون قد منحها الحرية في مباشرة نشاطها دون أن يضع شروطا وقيود تكبل من حرية تقدير ملائمة أعمالها"[128].
Ãثالثا : نظرية أعمال السيادة
تعتبر أعمال السيادة من أخطر امتيازات الإدارة على الإطلاق، لأن الإقرار لعمل من أعمال الإدارة بأنه من أعمال السيادة أو الحكومة، يقتضي إخراجه من رقابة القضاء ويفضي عليه حصانة مطلقة تبعده عن دعوى الإلغاء ودعوى التعويض.
وفي مجال تحصين هذه الأعمال من الرقابة أنكر البعض وجودها منادين في ذلك بأن النظام الديمقراطي يحتم ضرورة خضوع جميع أعمال السلطة التنفيذية لرقابة القضاء وإمكان الطعن فيها عن طريق دعوى الإلغاء ودعوى التعويض، والقيام بإلغاءها والتعويض عنها لعدم مشروعيتها، واكتفى البعض بالتلطيف من حدة النظرية منادين في ذلك بحل وسط بإمكان التعويض عن أعمال السيادة دون إمكان الطعن فيها بالإلغاء[129].
إلا أنه بالرغم من ذلك فإن نظرية أعمال السيادة لها الوجود الفعلي، وهي تجد مبرراتها في اعتبارات عملية، أساسها الضرورات السياسية والعملية اللازمة لتحقيق الدفاع عن الدولة وسلامة الشعب، ويقضي الحرص على سلامة الدولة والشعب عدم إلزام السلطة التنفيذية بالإفصاح عن أساليبها وأسرارها[130].
b المبحث الثاني : دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة
تعتبر دعوى الإلغاء من أهم الدعاوي الإدارية وأكثرها قيمة من الناحية النظرية والعملية، إذ من جهة تمثل ضمانة لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم وتعمل على توجيه القائمين على الإدارة العامة للإلتزام حدود القانون وعدم الخروج عليه من جهة أخرى.
وعليه سنتناول في هذا المبحث : تعريف دعوى الإلغاء، شروط قبولها، أسباب عدم المشروعية، وأخيرا إجراءت رفعها وكيفية تنفيذ الأحكام.
e المطلب الأول : ماهية دعوى الإلغاء
دعوى الإلغاء هي الدعوى التي يتقدم بها صاحبها إلى القاضي طالبا إلغاء قرار إداري غير مشروع بحجة عدم مشروعيته، ويتضح من هذا التعريف أن دعوى الإلغاء، طعن قضائي ضد قرار إداري لعيب في أحد أركانه، وذلك بهدف إلغائه وإزالة أثاره، ويتعين على صاحب الشأن أن يستند في دعواه إلى أسباب قانونية تسوغ دعواه، وذلك بخلاف التظلم الإداري الذي يشترط فيه الاستناد إلى هذه الأسباب. وتعتبر دعوى الإلغاء الوسيلة الأساسية لتحقيق طمأنينة الأفراد بعلاقتهم بالإدارة. إذ تتأكد بها سيادة القانون وعلو سلطانه على أعمالها بترتيب هذه الدعوى بطلان قرارات الإدارة جراء مخالفتهما القانون[131].
وإذا كانت دعوى الإلغاء تعرف في فرنسا بدعوى تجاوز السلطة، فإنه في المغرب وقبله صدور قانون المحاكم الإدارية كانت هذه الدعوى تعرف بدعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة، أما بعد صدور هذا القانون فإن المشرع استعاض عن الشطط بمصطلح التجاوز فأصبحت دعوى الإلغاء تعرف بمقتضى المادة 8 من القانون المذكور بدعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة.
ولئن كانت دعوى الإلغاء وقبل إحداث المحاكم الإدارية، تدخل ضمن الاختصاصات المحددة للمجلس الأعلى بمقتضى ظهير 27 شتنبر 1957 والتي كان ينظر فيها ابتدائيا وانتهائيا، فإن هذه الدعوى قد أصبحت من اختصاص المحاكم الإدارية بدرجة أولى ويمكن استئناف أحكامها أمام الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى مع مراعاة الاستثناء الوارد في المادة 9 من قانون المحاكم الإدارية 90-41 والذي يظل بمقتضاها المجلس الأعلى مختص بالبث ابتدائيا وانتهائيا في طلبات الإلغاء بسبب تجاوز السلطة المتعلقة بالمقررات التنظيمية والفردية الصادر عن الوزير الأول وكذلك قرارات السلطات الإدارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة الاختصاص المحلي لمحكمة إدارية[132].
وتتميز دعوى الإلغاء بجملة من الخصائص، تجعل منها دعوى مستقلة ومتميزة عن غيرها من الدعاوي القضائية الأخرى، ولقد حاول الفقهاء رد هذه الخصائص إلى الأمور التالية :
õ دعوى الإلغاء دعوى القانون العام بمعنى أنها توجه إلى أي قرار إداري دون حاجة إلى نص صريح في القانون بذلك.
õ دعوى الإلغاء دعوى المشروعية بحيث يتجه أغلب الفقه إلى اعتبارها دعوى المشروعية وعليه فإن رقابة القاضي تقتصر على فحص المشروعية ولا تبعدها إلى مراقبة الملائمة.
õ دعوى الإلغاء من الدعاوي العينية (الموضوعية) لأنها لا ترمي إلى حماية حق شخصي، بل ترمي إلى الدفاع عن سيادة القانون وذلك بإلغاء كل قرار صادر عن الإدارة يخالف القانون.
e المطلب الثاني : شروط قبول دعوى الإلغاء
استقر الفقه والقضاء الإداريان الفرنسية والمغربي على أنه يجب لقبول دعوى الإلغاء شكلا توافر شروط تتعلق بطبيعة العمل موضع الطعن، صفة الطعن، ميعاد الطعن، وأخيرا شروط الدعوى الموازية، وفيما يلي سنلقي الضوء على هذه الشروط.
Ãأولا : الشروط المتعلقة بطبيعة القرار المطعون فيه :
يشترط في العمل الإداري موضع الطعن بالإلغاء أن يكون القرار إداريا نهائيا صادرا عن سلطة وطنية، ومؤثرا في المركز القانوني للطاعن. ويترتب على ذلك عدم جواز الطعن بالإلغاء في الأعمال التي لا تتوفر فيها هذه الشروط.
1) أن يكون القرار الإداري نهائيا :
بمعنى أن يكون قابلا للتنفيذ بغير حاجة إلى تصديق أو أي إجراء لاحق أي أن يكون تام الأركان.
وتبعا لذلك لا يجوز الطعن بالإلغاء في الأعمال التحضيرية للقرار الذي لم يكتمل بعد ومن هذا القبيل ما ذهب إليه المحكمة الإدارية بالرباط في حكمها بتاريخ 15/06/1995[133]، من أن قرار المجلس التأديبي لا يعتبر مقرا ذا صبغة تنفيذية بل لا يعدو أن يكون مجرد رأي استشاري يدخل ضمن الأعمال التحضيرية للقرار الإداري الذي يمكن اتخاذه من طرف السلطة الإدارية التي لها حق التسمية والتأديب وتبعا لذلك قضت المحكمة بعدم قبول الطعن. وأيضا لا يجوز الطعن في الإجراءات اللاحقة للقرار كإجراءات التنفيذ لأنها لا تضيف جديدا. وهذا ما أكدته محكمة الرباط الإدارية في حكمها الصادر بتاريخ 9/2/1995 بقولها أن القرارات التي يتخذها وزير العدل تنفي أعمال المجلس الأعلى للقضاء، بعد مصادفة الجناب الشريف عليها، تعد إجراءات تنفيذية محضة، ولا تعتبر قرارات إدارة وبالتالي فإن المحكمة الإدارية غير مختصة في النظر فيها[134].
2) أن يكون القرار الإداري مؤثرا في مركز الطاعن :
فلكي تقبل دعوى الإلغاء ضد القرار الإداري، ينبغي أن يكون هذا القرار قد أثر في المركز القانوني للطاعن، أي ينبغي أن يكون قد ألحق ضررا بمصالح الطاعن المادية أو الأدبية، وتطبيقا لذلك قررت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى أنه يكون مشوبا بعيب الشطط في استعمال السلطة ويحلق ضررا بصاحب المصلحة، فالقرار الصادر عن الكاتب العام للحكومة بواسطة رسالة عامل يأمر جراحا للأسنان أن يغلق تطبيقا لنظام المهنة إحدى عياداته قبل تاريخ معين[135].
واستنادا على ما سبق فإن القرارات الإدارية التي لا تولد أثار قانونية لا يمكن الطعن فيها بالإلغاء، وتستبعد بالتالي من نطاق دعوى الإلغاء.
3) أن يكون القرار صادرا عن سلطة إدارية وطنية :
إن القرارات التي تقبل الطعن بالإلغاء هي القرارات الصادرة عن سلطات إدارية وطنية وليس من سلطة أو هيئة أجنبية، ويعتبر القرار الإداري صادرا عن سلطة إدارية وطنية إذا كان مثلا متخذا باسم وسيادة المملكة المغربية. فتصدق بذلك صفة القرارات الإدارية حتى على تلك المتخذة من طرف ممثلي السلطات المغربية ولو كانوا خارج تراب المملكة في السفارات والقنصليات المغربية[136].
Ãثانيا : الشروط الخاصة برافع الدعوى
نص المشرع في الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية لسنة 1974 صراحة على أنه "لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة والأهلية والمصلحة للإثبات حقوقه" بل إنه جعل توفرها من النظام العام، إذ أضاف قائلا "يثير القاضي تلقائيا انعدام الصفة أو الأهلية أو المصلحة..." فالأهلية هنا لا تختلف عن مثيرتها في الدعاوي الأخرى[137].
أما شرط الصفة فقد قضى بإدماجه في شرط المصلحة[138] في دعوى الإلغاء إذ يتوفر في صاحب المصلحة الذي يجب توفره في رافع دعوى الإلغاء. لأنه من المبادئ القانونية المسلمة قاعدة تقوم حيث "لا مصلحة فلا دعوى" بمعنى أنه لا يقبل طلب الإلغاء إلا من المتضرر من القرار الإداري المطعون فيه أو الذي ألحق به ضررا حقيقيا.
والمصلحة المطلوب توفرها في هذا المجال هي أن يكون الطاعن في حالة قانونية خاصة إزاء القرار المطعون فيه، والتي من شأنها أن تجعل القرار بالنسبة له مؤثرا مباشرا ومعنى ذلك أن تكون المصلحة محتملة كما يشترط في تلك المصلحة استمرارها لتاريخ صدور الحكم وإلا قضى القضاء بعدم قبول الدعوى[139] وقد أدى القضاء الإداري على أن سكوت المجلس البلدي عن الجواب على طلب رخصة التجزئة العقارية لا يعتبر رفضا وإنما يعتبر قبولا ضمنيا طبقا لمقتضيات الفصل الثامن من ظهير 7/6/1996 بشأن التجزئات العقارية والمجموعة الحضرية لدى فليست للطاعنين أية مصلحة في إقامة الدعوة الرامية إلى إلغاء القرار الضمني القاضي بالمرافقة على إقامة التجزئة[140].
Ãثالثا : الشروط المتعلقة بالمواعد والطعون
1) آجال رفع دعوى الإلغاء وبدء سريانها :
حدد المشرع المغربي ميعاد رفع دعوى الإلغاء، في أجل معين، وهو ستون يوما. بحيث نصت المادة 360 من قانون المسطرة المدنية على أنه "...يجب أن تقدم طلبات إلغاء مقررات السلطات الإدارية للشطط في استعمال السلطة داخل أجل ستين يوما من يوم نشر أو تبليغ المقرر المطعون فيه".
كما تنص المادة 23 من قانون المحاكم الإدارية على أنه "يجب أن تقدم طلبات إلغاء القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية بسبب تجاوز السلطة داخل أجل ستين يوما يبتدئ من نشر أو تبليغ القرار المطلوب إلغاؤه إلى المعني بالأمر".
وهكذا يبتدأ ميعاد الستون يوما، من تاريخ نشر أو تبليغ القرار الإداري في حالة عدم التظلم الإداري. أما إذا تم تقديم هذا الطعن. فإن الستين يوما، يبتدئ من يوم صدور القرار الإداري الصريح أو الضمني المتعلق بالجواب على الطعن الإداري[141].
والحكمة من تحديد هذا الميعاد القصير نسبيا هي ما تقتضيه المصلحة العامة من استقرار الأوضاع الإدارية من جهة وتأمين الحقوق المكتسبة من جهة أخرى.
2) وقف سريان ميعاد الطعن بالإلغاء :
يوقف سريان ميعاد الطعن بالإلغاء عند حدوث طارئ معين، ويواصل سريان ذلك الميعاد بزوال الظرف الطارئ، وذلك من نفس النقطة التي توقف عندها وصف أهم أسباب وقت سريان أجل دعوى الإلغاء، القوة القاهرة كحدوث فيضانات أو زلازل أو الإصابة بمرض شديد.
3) انقطاع سريان الميعاد :
ينقطع سريان ميعاد الطعن بالإلغاء بكل إجراء إداري أو قضائي يلجأ إليه المتضرر ويترتب عليه إنهاء المدة السابقة وفتح ميعاد جديد يبدأ من تاريخ انتهاء بسبب القطع، ويشمل أسباب القطع حالات مختلفة منها ما نص عليها القانون صراحة، ومنها ما يرجع اجتهاد القضاء[142]، ويمكن أن نذكر على سبيل المثال الأسباب التالية :
¯ تقديم طلب المساعدة القضائية من شأنه أن يقطع سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء[143] حتى يصدر القرار في طلب المساعدة سواء بالقبول أو الرفض.
¯ التظلم الإداري كذلك من شأنه أن يقطع سريان ميعاد رفع الدعوى سواء كان رئاسيا أو استعطافيا[144].
¯ رفع الدعوى إلى جهة قضائية غير مختصة ينقطع به أجل طلب إلغاء القرار الإداري بسبب تجاوز السلطة[145].
¯ تأخر اكتشاف المصلحة لتعذر إدراك هدف الإدارة في هذه الحالة لا يحاسب المتضرر على فوات ميعاد الطعن في ذلك القرار المعيب.
Ãرابعا : شرط انعدام الدعوى الموازية
ينص الفصل 360 في فقرته الأخيرة من قانون المسطرة المدنية على أنه لا يقبل طلب الإلغاء الموجه ضد المقررات الإدارية إذا كان في استطاعة من يعينهم الأمر المطالبة بحقوقهم لدى المحاكم العادية.
كما نصت على نفس المقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 23 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية لسنة 1993.
بمعنى أنه إذا كان أمام المدعي طريق قضائي آخر يمكنه من الوصول إلى نفس النتائج التي ترتبها دعوى الإلغاء، فإنه ينبغي عليه أن يسلك ذلك الطريق القضائي، وإلا كان مصير طعنه الرفض وهذا ما أكدته الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى في قرارها عدد 26/11/1989[146]. بقولها "وحيث أنه بإمكان الطاعن المطالبة بحقوقه أمام المحاكم الابتدائية وهي ذات قضاء شامل للأمر الذي يجعل دعوى الإلغاء غير مقبولة لوجود دعوى موازية"[147].
e المطلب الثالث : أسباب عدم المشروعية أو أوجه الإلغاء
بعد أن يقوم القاضي للممارسة رقابته على شروط قبول دعوى الإلغاء في المنازعات المطروحة أمامه ويستبعد بذلك كل دفع بعدم القبول فإنه يمد رقابته بعد ذلك على موضوع النزاع وهو المتعلق بمدى مشروعيته القرار المطعون فيه والقاضي يستند في هذه المراقبة على ما يدعيه الطاعن من أوجه عدم المشروعية التي قد تلحق القرار الإداري، ومن ثم فإن الأساس الذي تقوم عليه مرحلة الفصل في موضوع الدعوى هو دراسة أوجه الطعن وهي العيوب التي تصيب القرار الإداري وتؤدي إلى إلغائه.
ويكون القرار غير مشروع إذا كان مشوبا بعيب من العيوب أو بسبب من الأسباب التي تأدي إلى بطلانه، وعيوب القرار الإداري عددية ومتنوعة، وللقضاء الإداري الفرنسي دور كبير في تحديد معالمها، ويعتبر عيب الاختصاص من أولى العيوب التي ظهرت في اجتهادات القضاء الإداري الفرنسي، حيث أن مجلس الدولة لا يقبل الطعن بسبب تجاوز السلطة إلا بالنسبة للقرارات التي تصدر من جهة غير مختصة بإصدارها، ثم ظهر بعد ذلك عيب الشكل والإجراءات، فأخذ مجلس الدولة يلغي القرارات الإدارية التي تكون تجاهلت الإدارة في إصدارها الشكل الذي يقرره القانون أو الإجراءات التي يرسمها، ثم ظهر بعد ذلك عيب الانحراف في استعمال السلطة (الغاية)، ثم أخذ بعد ذلك بعيب مخالفة القانون (المحل) وحديثا أخذ مجلس الدولة يعيب السبب كسبب من أسباب إلغاء القرارات الإدارية.
وقد حل المشرع المغربي، قبل صدور قانون المحاكم الإدارية، حدو المشرع الفرنسي إذ أن قانون المجلس الأعلى لم يحدد أسباب الإلغاء، وترك للقاضي سلطة تحديد معنى الشطط وحالاته، وقد تولت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى هذه المهمة مستهدية في ذلك ما جرى عليه القضاء الإداري الفرنسي.
إلا أنه مع صدور قانون المحاكم الإدارية فإن المشرع قد تولى بنفسه تحديد الحالات التي تعتبر تجاوزا للسلطة والتي تؤدي إلى إلغاء القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية، حيث نصت المادة 20 من القانون المذكور على أن كل قرار إداري صدر عن جهة غير مختصة أو لعيب في شكله أو الانحراف في السلطة أو للانعدام التعليل أو لمخالفة القانون يشكل تجاوزا في استعمال السلطة ويحق للمتضرر الطعن فيه أمام الجهة القضائية المختصة[148].
وما يجدر ذكره، أن عيوب القرار الإداري التي تجعله قابلا للإلغاء تتداخل مع بعضها البعض في كثير من الأحيان، ولكن طبيعة الدراسة العلمية تتطلب أن نفصل بينها لكي نبحث في كل واحد منها على حدة، كما أنه من ناحية أخرى، يكفي أن يصاب القرار الإداري بأحد هذه العيوب لكي يطعن فيه بالإلغاء وحتى يقضي بإلغائه
وتقوم الجهات القضائية المختصة بمراقبة مشروعية القرار الإداري في مختلف عناصره، غير أن رقابته في اختصاص الإدارة المقيد تكون أوسع إطارا من رقابته في حالة السلطة التقديرية، إذ في حالة الاختصاص المقيد يبحث القاضي في توفر كافة الوقائع والشروط التي استلزمها القانون كسبب لصدور القرار على نحو معين، فإذا وجد أن القرار لم يصدر كما فرضه القانون حكم ببطلانه لعيب في محله أو لمخالفته القانون بالمعنى الضيق أما في حالة السلطة التقديرية التي لا يحدد فيها القانون محل القرار فإن هذا المحل لا يكون باطلا إلا إذا كان في حد ذاته مخالفا للقانون ويقتصر دور القاضي الإداري على مراقبة سبب القرار من حيث ثبوت مبررات اتخاذه وصحة تكييفها من الناحية القانونية، وذلك لتحقق من مشروعية محل القرار.
والأصل أن الإدارة هي التي تقدر مدى فائدة أو ملائمة ما تتخذه من قرارات في نطاق ما هو مشروع، غير أن القضاء الإداري في رقابته على محل القرار الإداري تجاوز ذلك إلى مراقبة استخدام الإدارة لسلطتها التقديرية فيما يسمى برقابة الملائمة ولكن على أساس أن تكون تلك الملائمة على شروط المشروعية كما سنبين ذلك من خلال الآتي بيانه.
لكن ما هو الجانب المقيد والجانب التقديري من تلك السلطات حتى يتبين حدود رقابة القضاء على الجانبين ؟
إذا استعرضنا هذه العناصر سنجد عنصر الاختصاص وعنصر الشكل وعنصر الغاية لا محل للسلطة التقديرية فيها، لأن الإدارة تكون ملزمة باحترام قواعد الاختصاص وبإتباع القواعد الشكلية وتحقيق الغاية التي حددها المشرع بحيث يكون عملها معدوما إذا ما خرجت عن القواعد السابقة[149] فلا مجال لتقدير في هذه العناصر. أما العنصران الآخران وهما عيب السبب وعيب المحل فإنهما يضمان في جانب منهما اختصاصا مقيدا وفي جانب آخر اختصاص تقدرينا. وبما أن الجانب المقيد يخضع لرقابة القضاء بناء على مبدأ المشروعية وأن الجانب التقديري لا يخضع لمراقبة القضاء –كما سنرى ذلك- فالمطلوب هو بيان الكيفية التي اعتمدها القضاء في التمييز بين الجانبين وقصر رقابته على جانب المشروعية دون جانب الملائمة في القرارات الإدارية[150].
إن تحليل هذه الأمور يتطلب تقسيم الموضوع إلى نقطتين : النقطة الأولى سنتناول فيها حدود رقابة القضاء على المجال المقيد في القرارات الإدارية أما النقطة الثانية فسنتطرق فيها إلى رقابة القضاء على مجالين التقديري والمقيد في القرارات الإدارية.
Ãأولا : رقابة القضاء على المجال المقيد في القرارات الإدارية
إن عناصر القرار الإداري التي تحتوي فقط على الجانب لسلطات الإدارة هي عنصر الاختصاص، عنصر الشكل وعنصر الغاية : بحيث إذا اعترى تلك العناصر أي عيب من العيوب فإن القرار يصبح مشوبا بعيب عدم المشروعية وبالتالي يكون قابلا للإلغاء.
1) رقابة القضاء على عيب الاختصاص في القرار الإداري :
أ- تعريف عيب عدم الاختصاص وأهميته :
يقصد بعيب الاختصاص خرق القواعد التي تحدد الجهة المختصة بالقيام بتصرفات معينة، بمعنى أنه إذا قام المشرع بتحديد اختصاص ما أوكل به إلى فرد معين أو إلى هيئة بذاتها دون مشاركة، أو أوكل به إلى عدة موظفين أو هيئات ليمارسه كل على حدة، أو اشترط لممارسة اختصاص ما مشاركة عدة أفراد أو هيئات وتعاونها معا، بحيث لا يكون العمل الإداري صحيحا إلا بموافقتهم جميعا وإذ صدر العمل أو التصرف الإداري من جهة مخالفة للجهة التي حددها المشرع للقيام بذلك العمل فإن تصرفها يعتبر صادرا ممن لا يملك هذا الحق لأنها غير مختصة به ويكون قابلا للإلغاء لتوفر عيب الاختصاص[151].
وتظهر أهمية عدم الاختصاص في كونه أول عيب اعتمده القضاء لقبول دعوى الإلغاء، ولعل من ضروب التكرار والقول بأنه العيب الذي انبثق منه بقية العيوب، وبأن دعوى الإلغاء في بدايتها حملت اسم دعوى عدم الإختصاص وتجاوز حد السلطة[152].
وعيب الاختصاص لا يزال العيب الوحيد الذي يتعلق بالنظام العام، بحيث يستطيع القاضي أن يتصدى له من تلقاء نفسه حتى ولو لم يثره طالب الإلغاء، كما أن الإدارة لا تستطيع أن تتفق مع الأفراد على مخالفة قواعد الاختصاص، لأن هذه القواعد مقررة للصالحالعام وليس لمصلحة الإدارة، كما أن العيب الذي يلحق القرارات الإدارية بعدم الاختصاص يجعلها قرارات باطلة لا يمكنتصحيحها بإجراء لاحق من حق السلطة المختصة[153].
ب- صور عيب الاختصاص :
لعيب الاختصاص صورتان بينهما الفقه والقضاء الإداريان، فالصورة الأولى هي التي يكون فيها عيب الاختصاص جسيما، ويسمى اغتصاب السلطة، أما الصورة الثانية فيكون فيها عيب الاختصاص بسيطا.
Ÿ عيب الاختصاص الجسيم : ويتحقق عندما يصدر القرار من فرد عادي ليس له الصفة القانونية أو من موظف لا صلة له بإصدار القرارات الإدارية، أو من سلطة إدارية في موضع من الاختصاص إحدى السلطتين التشريعية أو القضائية ويترتب على ذلك أن القرار لا يعتبر باطلا فحسب، بل معدوما وفاقدا لصفته الإدارية، فلا يتحصن بفوات الأوان – ميعاد الطعن – وتدخل إجراءات تنفيذه ضمن أعمال التعدي، وهذا ما جاء في قرار المجلس الأعلى رقم 84/60 بتاريخ 21 ماي 1960[154] إذا اعتبر قرار رجل السلطة المحلية (قائد) بإغلاق محل التنازع حول استغلاله بين الشركاء فيه قرارا يتجاهل مبدأ الفصل بين اختصاص السلطتين القضائية والإدارية ويشكل اعتداء على اختصاص السلطة القضائية.
Ÿ عيب الاختصاص البسيط : ويكون عندما يتعلق الأمر بمخالفة قواعد الاختصاص في نطاق الوظيفة الإدارية، وهذا العيب أقل خطورة وأكثر حدوثا من العيب السابق ذكره وينقسم إلى أنواع مختلفة، فهناك عدم الاختصاص الموضوعي وعدم الاختصاص الزمني ثم عدم الاختصاص المكاني.
2) رقابة القضاء على عيب الشكل في القرار الإداري :
أ- ماهية عيب الشكل :
الأصل في القرارات الإدارية، أن رجل الإدارة المختصة غير مقيد بشكل معين في إصدارها، وعلى ذلك فقد يرد القرار كتابة كما يرد شفاهة، غير أن المشرع قد يفرض على الإدارة إفراغ إرادتها في شكل معين ووفق إجراءات معينة، فإذا خالفت الإدارة هذا الشكل أو تلك الإجراءات يكون قرارها غير مشروع ومعيبا بعيب الشكل. وعلى هذا الأساس يمكن تعريف عيب الشكل بأنه عدم احترام القواعد الإجرائية أو الشكلية المحددة لإصدار القرارات الإدارية المنصوص عليها في القوانين المختلفة[155].
وقواعد الشكل والإجراءات في إصدار القرارات الإدارية على جانب كبير من الأهمية، فهي مقررة لحماية المصلحة العامة ومصلحة الأفراد على السواء، وذلك بتجنيب الإدارة المواطن الزلل والتسرع، ومنحها فرصة معقولة للتروي ودراسة وجهات النظر المختلفة، فليست قواعد الشكل والإجراءات أمور ثانوية واختيارية إن شاءت أهملتها، ولكنها ضمانات أصلية للأفراد ضد تعسف الإدارة فهي تمثل ضمانات حقيقية توازن سلطات الإدارة[156].
ب- حالات عيب الشكل :
يقصد بهذه الحالات العيوب الجوهرية التي تصيب المظهر الخارجي للقرار وتؤدي إلى بطلانه.
ü الحالة الأولى : الكتابة
الأصل أن يأخذ القرار الإداري شكلا كتابيا، إلا أنها لا تعتبر شكلية جوهرية يترتب البطلان على الإخلال بها. وقد اعترف القضاء والفقه بوجود القرار الشفوي بشرط إثباته وبشرط أن يكون المشرع اشترط أن يكون القرار مكتوبا صراحة أو ضمنا.
وفي هذا الاتجاه استقر قرار المجلس الأعلى، على قبول الطعن بالإلغاء في القرارات الشفوية، فقد ألغت الغرفة الإدارية في قضية لحسن بن عبد المالك السوسي القرار الشفوي الذي صدر عن قائد مدينة الخميسات القاضي بإغلاق مقهى لعيب عدم الاختصاص والانحراف في استعمال السلطة[157].
ü الحالة الثانية : التوقيع على القرار وذكر تاريخ إصداره :
بحيث يجب أن يذيل القرار بتوقيع مصدره أو مصدرية إن تعددوا، وغياب التوقيع ينفي وجود القرار، وكذلك إغفال ذكر تاريخ إصداره لا يعد في حد ذاته عيب شكل جوهري يترتب عليه البطلان، بل يعد من الأخطاء المادية أو بتعبير آخر قد يعد عيب شكل ثانوي، ولا يؤثر أيضا على صحة القرار كون التاريخ الموضوع عليه لاحق للتوقيع، وهذا بطبيعة الحال لا يقلل من أهمية التاريخ لأنه في حالة الطعن في مشروعية القرار تلك المشروعية وفقا للنظام القانوني السائد وقت اتخاذ القرار علاوة على أن القانون قد يفرض اتخاذ القرار في فترة زمنية معينة، كما قد يدعي صاحب الشأن بأن يبين التوقيع وكتابة التاريخ جد ظرف قانوني أو واقعي يستدعي تغيير القرار.
ü الحالة الثالثة : الخطأ في الإحالة أو إغفالها :
بحيث إذا تم إغفال النص التشريعي الذي يستند عليه القرار أو الخطأ فيه يعتبر من الأخطاء المادية أو بتعبير آخر من عيوب الشكل الثانوية التي لا تؤثر على مشروعية القرار، يستثني من هذه الحالة كون النص التشريعي هو السبب الذي أوحى بالقرار[158].
ü الحالة الرابعة : تسبيب القرار الإداري :
يقصد به الإفصاح عن الأسباب القانونية والواقعية التي يجد فيها القرار أساسه القانوني وعلته السببية، والتسبيب وفق هذا التعريف يتعلق بركن الشكل وهو أحد عناصر الجانب الشكلي للقرار وهذا ما يميزه عن السبب الذي يمثل في حد ذاته ركنا مستقلا من أركان القرار الإداري.
والأصل أن الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها أي تضمينها الأسباب التي قامت عليها، غير أن القانون قد يشترط ذلك في بعض القرارات وفي هذه الحالة يجب على الإدارة ذكر سبب القرار، وإذا أغفلت هذا الإجراء كان قرارها معيبا من حيث الشكل، مثل ما جاء في الفقرة الأخيرة من الفصل 66 من قانون الوظيفة العمومية لسنة 1958 « ويقع الإنذار والتوبيخ لمقرر تصدره السلطة التي لها حق التأديب...».
3) رقابة القضاء على عيب الغاية في القرار الإداري – عيب الانحراف في استعمال السلطة :
أ- ماهية عيب الانحراف بالسلطة :
يعرف عيب الانحراف بالسلطة الذي يطلق عليه أيضا عيب تحويل السلطة، بأن تصدر الجهة الإدارية قرارا إداريا داخلا في اختصاصها إلا أنها تصدره لتحقيق هدف مخالف للهدف الذي رسمه القانون وهو دائما المصلحة العامة[159] وهو عيب موضوعي يتعلق بالبواعث والأهداف غير المشروعة، يصبح على عاتق القضاء مهمة اكتشافها، وهي مهمة صعبة ودقيقة.
والقاعدة هنا أن الإدارة ليست حرة في اختيار الغاية من تصرفاتها بل عليها أن تلتزم بالغرض الذي حدده المشرع لكل اختصاص يضعه بين يدي الإدارة فإذا خالفت الغاية المحددة حتى ولو كانت حسنة النية أصبحت قراراتها مشوبة بعدم المشروعية لاتسامها بعيب التجاوز في استعمال السلطة[160].
ب- حالات الانحراف في استعمال السلطة :
يظهر عيب الانحراف في السلطة في صورتين وذلك تبعا لأهداف السلطة ذاتها، فإذا كان الهدف من تصرف السلطة عاما غير محدد بهدف قانوني معين، فإن عيب الانحراف بالسلطة يتحقق كلما استهدف رجل الإدارة من إصدار لقراره هدفا مخالفا للهدف العام المتمثل بالمصلحة العامة.
أما إذا كان الهدف خاصا فإن عيب الانحراف بالسلطة يظهر عندما تكون نية رجل الإدارة قد اتجهت نحو تحقيق أهداف غير الهدف المحدد قانونا، حتى ولو كانت تلك الأهداف تدخل ضم
ثانيا : القرارات الإدارية المعيبة
الأصل أنه يجوز للإدارة أن تسحب قرارها المعيب (غير مشروع)[111] حتى تسقط بأثر رجعي ويترتب على هذا السحب للقرار المعيب سواء كان تنظيما أم فرديا زواله بأثر رجعي يمتد إلى تاريخ صدوره. ويختلف الوضع في سحب القرارات الإدارية بين القرارات التي يترتب عليها حقوقا مكتسبة لأطرافها، والقرارات التي لا يترتب عليها حقوقا مكتسبة لأطرافها.
فالقرارات المعيبة التي يترتب عليها حقوقا مكتسبة لأطرافها يجوز سحبها سواء خلال المدة المحددة للسحب أم بعد انقضائها.
أما القرارات المعيبة التي يترتب عليها حقوقا مكتسبة لأصحابها فلا يجوز سحبها الإخلال المدة القانونية المحددة لإجراء السحب أي خلال الفترة التي يجوز فيها الطعن في القرار وهي في الأصل ستون يوما من تاريخ صدور القرار الإداري المخالف للقانون.
ويترتب على ذلك أن سحب القرار الإداري المعيب "المنشئ لحقوق مكتسبة" بعد انتهاء المدة المحددة للسحب من شأنه أبطال القرار الساحب ذاته[112].
وهناك حالات استثنائية يجوز فيها سحب القرارات الإدارية دون التقيد بالمدة وهي :
õ حالة انعدام القرار : وتتوفر هذه الحالة عندما تبلغ درجة جسامة العيب في القرار المعدم حدا يفقده صفته كقرار إداري، فيجوز سحبه في أي وقت.
õ حالة قيام القرار على غشت أو تدليس : إن الغش أو التدليس كما هو معلوم من عيوب الرضا فإذا ثبت قيام القرار الإداري على ذلك الغش أو التدليس من صاحب المصلحة فإنه يجوز سحب القرار دون التقيد بمدة جواز الطعن لأن الغش كقاعدة يفسد كل شيء، كما أن أحسن نية المستفيد من القرار هي التي تبرر عدم جواز المساس به بعد فوات مواعيد الطعن، أما إذا انتفى حسن النية لذا المستفيد من القرار فإنه يكون جدير بالحماية[113].
õ حالة القرار الذي لم يعلن أو ينشر : إن القرارات الإدارية لا تصبح سارية المفعول تجاه الأفراد الأمن تاريخ شهرها بالإعلان أو النشر حسب طبيعة تلك القرارات سواء أكانت فردية أم تنظيمية فإذا لم يتم الشهر عن تلك القرارات بأية طريقة من طرف الإعلان فإن مدة السحب لا تبدأ في مواجهة الإدارة إذ تستطيع سحبها في أية لحظة وفي مواجهة الأفراد الذين يستطيعون الطعن فيها قضائيا دون التقيد بميعاد غير أن الوضع لا ينطبق الأعلى القرارات الإدارية الصريحة فقط بدون غيرها. أما بالنسبة للقرارات الإدارية الضمنية التي تنشأ حسب القانون من سكوت الإدارة خلال هذه معينة فإنها تصبح نهائية بانتماء هذه المدة ولا يجوز للإدارة سحبها إبان مدة جواز الطعن.
õ حالة تأخر عدم مشروعية القرار الفردي المتخذ أساسا لغيرة : وتتحقق هذه الحالة عند صدور القرار المترتب عليه قد فات، ولا تظهر عدم مشروعية القرار الذي صدور مؤخرا إلا بعد فوات ميعاد الطعن فيه. في هذه الحالة يجوز سحب هذا القرار كما يجوز الطعن فيه قضائيا يصرف النظر عن فوات هذه الطعن. ومثال ذلك أن يصدر قرار بنقل الموظف من مكان إلى آخر بحجة المصلحة العامة. وبتعيين آخر في مكان ولم يكتشف سر نقل الموظف الأول الذي يكمن في تعيين الثاني على أساس رابطة النسب إلا بعد انتهاء مواعيد الطعن. فإن إبطال قرار نقل الموظف مثلا يسمح بسحب القرار الصادر بتعيين خلفه رغم انتهاء مواعيد الطعن في هذا القرار[114].
والأصل أن يتم سحب القرار (المعيب) من نفس الجهة التي قامت بإصداره وبنفس الأداة المستخدمة في الإصدار. وسواء كان اختصاص هذه بالسحب مقررا بنص قانوني أو بموجب قاعدة توازي الاختصاص، فالسلطة الرئاسية مثلا تملك سحب القرارات الإدارية الصادرة عن مرؤوسها لأنها تملك سلطة التعقيب على قرارات هؤلاء المرؤوسين بسحبها لعدم مشروعيتها.
ويترتب عن سحب القرار الإداري أن يعتبر كأن لم يكن من تاريخ صدوره وهو نفس آثار الإلغاء القضائي وبناء على أن السحب بأثر رجعي إزالة للقرار وكل ما يترتب عليه من آثار وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل صدور القرار المسحوب وزوال آثار السحب قد يكون جزئيا أو كليا إن كان القرار المراد سحبه قابل للتجزئة[115].
وخلاصة القول فإن سحب القرارات الإدارية المعيبة تعتبر أسلوبا قانونيا وضروريا بالنسبة لسير نشاط المرفق العالم ووسيلة لضمان مبدأ الشريعة، كما أن قيام الإدارة بسحب قراراتها اللاشرعية يعبر عن نضجها في مراقبة عملها مراقبة ذاتية بحيث تحكم نفسها بنفسها قبل أن تتبخر العدالة في شؤونها.
وبناء على ما سبق يتبين لنا أن القرارات الإدارية طالما استكملت مقوماتها الذاتية، وبمجرد صدورها عن السلطة الإدارية التي تملكها أصبحت نافذة وتعد سارية في جانب الإدارة من هذا التاريخ بيد أنها لا تسري في حق الأفراد الذين توجه إليها إلا إذا عملوا بها بإحدى وسائل العلم المقررة قانونا. والقرارات الإداري تسري على الماضي كقاعدة عامة ولا يجوز تأجيل آثار القرار الإداري إلا في حالات معينة. كما يمكن للإدارة أن تقوم بتنفيذ قراراتها الإدارية بطريقتين عن طريق التنفيذ المباشر دون حاجة للالتجاء إلى القضاء وهذا يرجع إلى أن الإدارة تتمتع بقرينة سلامة القرارات والدعوى المدينة الذي تعتبر ضمانة لاحترام حقوق وحريات الأفراد. فبعدما يستنفد القرار الإداري كل مضمونه وتحدد المدة المعينة لتطبيقه فبعد انقضاء هذه المدة ينتهي القرار. وتقوم الإدارة بنفسها يسحبه وإلغاء وتختلف عملية السحب عن عملية الإلغاء بحسب طبيعة القرار الإداري. فالقرارات التنظيمية التي لا تنشئ حقوقا مكتسبة ولا تخلق اللامركز قانونية يجوز إلغاءها. في حين أن القرارات الفردية لا يجوز إلغاءها لأنه يترتب على إلغاء مساس بالحقوق المكتسبة للأفراد. أما إذا كانت لا ترتب حقوقا مكتسبة فلأنه يمكن تعديلها أو إلغاءها أما عملية السحب فإنها تختلف إذا كان القرار سليما أو معيبا، فالمقررات الإدارية، السليمة لا يجوز سحبها إذا ولدت حقوقا مكتسبة للأفراد. أما بشأن القرارات الإدارية المعيبة يجوز سحبها حتى ولو تعلقت بها حقوق مكتسبة للأفراد.
لقد خول المشرع الإدارة سلطات وامتيازات تمكنها من أداء مهامها ووظائفها، فأدى ذلك إلى سمو المركز القانوني للإدارة في مواجهة الأفراد. بحيث تملك الوسائل والإمكانات التي تحملها على تنفيذ قراراتها طواعية أو إكراها. تحت ذريعة تحقيق المصلحة العامة. وبذلك يعتبر القرار الإداري غير مشروع إذا ما استهدف هدفا آخر غير المصلحة العامة، وهو ما يعرف لدى القضاء الإداري بالانحراف في استعمال السلطة.
لذلك يخشى أن تتجاوز الإدارة حدودها وتتشطط في استعمال امتيازاتها لغير صالح الأفراد، وترفض الالتزام بالقيود التي فرضها المشرع عليها. فينكب نشاطها الذي يراد به الأفراد إلى نشاط تعسفي يهدر حقوقهم وحرياتهم، فرجل الإدارة قد ينحرف عن المصلحة العامة، والتزام الصمت من ذوي المصلحة عن هذا الخرق غير الأخلاقي يمده بنفس جديد يشجعه على التمادي في غيه واعوجاجه.
ومن ثم كان لزاما على المواطن ومن أجل مصلحته أن لا يلتزم الصمت عن أي قرار إداري غير مشروع والذي أحدث له ضررا ومس مركزه القانوني، وبالمقابل ليس له سوى وسيلة التظلم ملتمسا الإدارة –بصفته صاحب المصلحة داخل الآجال القانونية- التراجع عن قراراتها، التوجه إلى القضاء طالبا إنصافه عن طريق إلغاء القرار المعيب أو التوجه إلى ديوان المظالم الذي عهد له بمراقبة تصرفات الإدارة وحث المحاكم على تنفيذ القرارات الحائزة على قوة الشيء المقضى به.
وللوقوف على أنواع الرقابة التي تخضع لها القرارات الإدارية وكذا أسسها، ارتأينا أن نقسم هذا الفصل إلى ثلاث مباحث :
المبحث الأول : مبدأ مشروعية القرارات الإدارية
المبحث الثاني : دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة
المبحث الثالث : ديوان المظالم –لبنة جديدة في دولة الحق والقانون والمؤسسات-
b المبحث الأول : مبدأ مشروعية القرارات الإدارية
يعد مبدأ المشروعية مدخلا ضروريا لدراسة الرقابة على أعمال الإدارة، تلك الرقابة التي تستهدف مشروعية أعمال الإدارة والتحقق من عدم مخالفتها للقانون. وأساس الرقابة على أعمال الإدارة هو إخضاع هذه الأعمال كما هو الشأن بالنسبة لتصرفات الأفراد وجميع الهيئات الحكومية للقانون، وهو ما يعبر عنه بمبدأ المشروعية أو مبدأ سيادة القانون.
e المطلب الأول : مفهوم مبدأ الشرعية
يقصد بهذا المبدأ أن تكون جميع تصرفات الإدارة في حدود القانون، ويؤخذ القانون –في المجال- بمدلوله العام أي جميع القواعد الملزمة في الدولة سواء أكانت مكتوبة أو غير مكتوبة، وأيا كان مصدرها مع مراعاة التدرج في قوتها وأيا كان نوع تصرف الإدارة[116] سواء كان عملا ماديا أو قرارا إداريا.
ويكاد الفقه يجمع أن مبدأ المشروعية يعني "سيادة حكم القانون" وهو في الحقيقة تعريف مناسب تماما لمبدأ المشروعية[117].
e المطلب الثاني : طرق الرقابة على مشروعية قرارات الإدارة
تتفرع طرق رقابة المشروعية –في المجال الإداري- إلى نوعين : رقابة إدارية ورقابة قضائية.
Ãأولا : الرقابة الإدارية
تتميز الرقابة الإدارية بأنها رقابة ذاتية تقوم بها الإدارية على أعمالها بغية تصحيح الأخطاء التي وقعت فيها ومراجعتها إما بتعديلها أو إلغائها أو سحبها، وتتم هذه الرقابة من طرف الإدارة إما من تلقاء نفسها أو بناء على تظلمات من يعنيهم الأمر سواء قدمت إلى مصدر القرار أو رئيس هذا الأخير أو إلى لجنة خاصة[118].
وتنقسم هذه الرقابة إلى أنواع مختلفة :
1) التظلم الاستعطافي :
ويتم بتقديم طلب صاحب المصلحة إلى مصدر القرار يبصره فيه بالخطأ الذي ارتكبه، فيطلب منه تبعا لذلك إعادة النظر في قراره وذلك إما بسحبه أو إلغائه أو تعديله أو استبداله بغيره[119].
2) التظلم الرئاسي :
ويتم بتظلم صاحب المصلحة إلى رئيس مصدر القرار من القرار الذي أصدره في حقه والذي يتسم بعدم المشروعية، فيتولى رئيس مصدر القرار بعد ذلك البحث في هذا التظلم، فإذا تبين صحة ما يطلبه المتضرر فإنه يقضي بسحب القرار أو إلغائه أو تعديله مما يجعله مطابقا للقانون، وقد يتولى الرئيس الأعلى هذه المسألة من تلقاء نفسه دون تظلم من صاحب المصلحة بمقتضى ما يملكه من سلطة رئاسية على مصدر القرار[120].
3) التظلم أمام لجنة إدارية خاصة :
يكون هذا التظلم أمام لجنة إدارية وهذه اللجنة نجدها في مختلف الأنظمة ذات المناهج الإدارية المتقدمة وهي ما يطلق عليها في التشريع المغربي اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء، إذ تتشكل من ممثلين عن الموظف وممثلين عن الإدارة، يحق للموظف المتضرر من القرار الإداري غير السليم أن يتظلم منه أمام هذه اللجنة. فإذا تبينت صحة تظلم الموظف فإنها تصدر رأيا معللا في الموضوع وتوجهه إلى الرئيس مصدر القرار، إلا أن رأيها استشاري غير ملزم[121].
4) التظلم الوصائي :
يكون أمام الجهة التي تملك الوصاية على جهة معينة، فإذا حصل أن قامت هيئات عمومية تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي في تسيير شؤونها بعمل أو امتنعت عن القيام بعمل، خالفت بذلك الهدف الذي قامت من أجل تحقيقه أو خالفت به النصوص التشريعية أو التنظيمية المتعلقة بالنشاط الذي تقوم به فإنه يحق للمتضررين من ذلك، التظلم أمام السلطة التي تملك الوصاية على تلك الهيئة.
واللجوء إلى التظلم الإداري في التشريع المغربي سواء أكان تظلما استعطافيا أو رئاسيا قبل سلوك طريق التظلم القضائي، وهو مسألة اختيارية غير ملزمة- الفصل 360، الفقرة 2 من قانون المسطرة المدنية[122]، بحيث يجوز للمعني بالأمر أن يلجأ إلى الطعن القضائي مباشرة دون أن يسلك طريق التظلم الإداري، أما إذا اختار طريق التظلم الإداري قبل التظلم القضائي وجب عليه احترام المسطرة الواجبة الإتباع.
وقد عمل المشروع المغربي خيرا في جعل التظلم الإداري –سواء الاستعطافي منه أو الرئاسي- اختياريا (باستثناء بعض الحالات التي تقضي فيها بعض النصوص التنظيمية بالالتزام بمسطرة خصوصية للطعن الإداري)، على خلاف ما يجري عليه الوضع قبل تعديل قانون المسطرة المدنية بظهير 1974، لأن وجود الرقابة القضائية كأساس إلى جانب الرقابة الإدارية قد لا تفي بالغرض المرجو من ضمان مبدأ المشروعية وذلك لرغبتها أو لمصلحة معينة في التحرر من قيود تلك المشروعية، أو لرفض جهة معينة الاعتراف بالخطأ لسبب ما. وقد تجاريها الجهة الأعلى منها في ذلك. ولنفرض أننا استبعدنا هذه المواقف فإن المنطق نفسه يرفض ترك النزاع بين الإدارة والأفراد بيد الإدارة لتفصل فيه بنفسها. فهذا الأمر لا يبث بل يوحي بالثقة في نفوس الأفراد، لأن من مقتضيات العدالة ألا يكون الحكم خصما في النزاع لذلك فإن الرقابة القضائية لها أهميتها في هذا المجال[123].
Ãثانيا : الرقابة القضائية
تخضع الأعمال الإدارية في هذه الحالة لمراقبة القضاء الذي يتولى رعاية حقوق الأفراد ضد تعسف الإدارة وذلك عن طريق إلغاء قراراتها أو التعويض عنها أوهما معا إذا كانت تلك القرارات غير مشروعية ومست حقا من حقوق الأفراد أو نالت بحرية من حرياتهم. وتختلف هذه الرقابة من دولة لأخرى حسب تاريخها وتقاليدها وظروفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث اعتنقت بعض الدول نظام القضاء الموحد وأخضعت أقضية الإدارة إلى اختصاص المحاكم العادية، بينما سلكت دول أخرى وعلى رأسها فرنسا نظام القضاء المزوج وأسندت المنازعات الإدارية لاختصاص المحاكم الإدارية، إلا أن الرقابة القضائية تختلف عن الرقابة الإدارية في نقط كثيرة وإن كانت تسير معها جنبا إلى جنب وأهم نقط الاختلاف ما يلي :
õ الرقابة الفضائية من اختصاص القضاء وهي تخضع للمبادئ المقررة في هذا الصدد، وأهمها أن القضاء لا يملك حق النظر في قضايا، إلا بعد رفعها من صاحب المصلحة. إذ لا يملك أن ينظر فيها من تلقاء نفسه كما هو الشأن بالنسبة للرقابة الإدارية التي يحق لها أن تمارس رقابتها من تلقاء نفسها أو بناء على تظلم المعني بالأمر.
õ الرقابة القضائية تقتصر على جانب المشروعية في العمل الإداري ولا تمتد تلك الرقابة إلى جانب الملائمة، أما الرقابة الإدارية فإنها تشمل الجانبين، جانب المشروعية وجانب الملائمة.
õ الرقابة القضائية في إطار مبدأ المشروعية لا تملك إلا الحكم بسلامة التصرف المشكو منه أو بعدم سلامته والتعويض عنه، ولا تملك حق إنزال سلطاتها في المسألة المعروضة عليها، بخلاف الوضع في الرقابة الإدارية إذ لها الحق في تعديل التصرف المعيب أو الغير الملائم واستبداله بغيره.
õ إذا ما رفعت دعوى على الإدارة أمام القضاء فإن القضاء يكون ملزما بالنظر فيها وإلا ارتكب جريمة إنكار العدالة بخلاف الوضع بالنسبة للإدارة فهي غير ملزمة بالرد على التظلمات التي رفعها إليها الأفراد، ما لم يقر المشرع غير ذلك.
õ الرقابة القضائية ملزمة بإتباع الإجراءات القانونية بالنظر في الدعوى إلا إذا كان الحكم باطلا لعيب الشكل والإجراءات، أما الرقابة الإدارية فإجراءاتها بسيطة، إذ المتظلم معفى من الرسوم ومن وجوب توكيل محام عنه... إلخ.
õ تنتهي الرقابة القضائية بالنظر في القضية إذا أصبح الحكم بشأنها حائزا على حجية الشيء المقضي فيه، إذ لا يجوز المعني بالأمر إثارة النزاع من جديد مرة أخرى. أما في الرقابة الإدارية فيجوز للمعني بالأمر أن يثير المسألة من جديد ويحق للإدارة أن تعيد النظر فيه ويمكن رفع دعوى بشأنها أمام القضاء[124].
e المطلب الثالث : موازنة مبدأ المشروعية
مما لاشك فيه أن خضوع الإدارة لمبدأ المشروعية في جميع الحالات والظروف يعتبر المثل الأعلى لحماية حقوق وحريات الأفراد ويشكل صرحا متينا لدولة الحق والقانون.
غير أن تقييد الإدارة بذلك المبدأ بكيفية صارمة ومطلقة، من شأنه أن يوصم عمل الإدارة بطابع الآلية والروتين ويسلب معها روح الابتكار والخلق والإبداع ولذلك كان طبيعيا أن يتم تطبيق مبدأ المشروعية بشيء من المرونة، خاصة وأن مقتضيات التطور الحديث قد استلزمت تدخلها في كثير من مجالات الحياة التي كانت من قبل محظورة عليها والتي تلتمس فيها الإدارة منفذا للخروج على ذلك القيد وعذرا يبيح لها موازنة المصلحة العامة مع مصلحة الأفراد.
ونتيجة لهذه المقتضيات ابتدع الفقه والقضاء بل والمشرع أيضا بعض النظريات التي تسمح للإدارة بالخروج على مبدأ المشروعية في حالات محددة تعتبر بعضا منها عوامل موازنة لهذا المبدأ نظرية الظروف الاستثنائية ونظرية السلطة التقديرية بينما تعتبر إحداها استثناءا حقيقيا له نظرية أعمال السيادة[125].
Ãأولا : نظرية الظروف الاستثنائية
إذا كانت الأوضاع العادية للدولة تقتضي التزام الإدارة بالقانون وفقا لمفهوم مبدأ المشروعية، إلا أنه قد يصعب تطبيقه في أوقات الأزمات أو الاضطرابات التي لا تخلو من حياة أي دولة، إذ قد يترتب على الإصرار على تطبيقه استفحال الأزمة بما قد يؤدي إلى انهيار الدولة ذاتها أو على الأقل تعريض سلامتها لمخاطر شديدة تعصف بوجودها وبكل ما حافظ عليه مبدأ المشروعية ذاته.
ولذلك تقررت للإدارة في الحالة الاستثنائية سلطة واسعة لتتخذ من التدابير السريعة الحاسمة ما تواجه به الموقف الخطير الذي يهدد الأمن والطمأنينة بقدر ما تطلق حريتها في تقرير ما يجب اتخاذه من إجراءات وتدابير لصون الأمن والنظام ولا يتطلب من الإدارة في مثل هذه الظروف الخطيرة ما يتطلب منها. في الظروف العادية من الحيطة والدقة والحذر، حتى لا يفلت الزمام من يدها (حكم المحكمة الإدارية العليا بمصر في القضية رقم 1517 المجموعة القضائية –السنة الثانية- ص : 886)[126].
ونظرا لخطورة السلطات الاستثنائية التي تتمتع بها الإدارة في الظروف الاستثنائية فإن الإدارة قد تتوارى وراء الظرف الاستثنائي للإساءة إلى حريات الأفراد وحقوقهم بما يتجاوز القدر اللازم، ومن أجله تفادي ذلك عمل القضاء الفرنسي وعلى رأسه مجلس الدولة على موازنة السلطات الاستثنائية للإدارة بضمانات مقابلة للأفراد عن طريق تطبيق المبدأ المشهور : "الضرورة تقدر بقدرها" فلا سلطات استثنائية إلا للضرورة وبالقدر اللازم فقط[127].
Ãثانيا : نظرية السلطة التقديرية
تمثل السلطة التقديرية للإدارة الجانب المقابل للسلطة المقيدة، فإذا كان المشرع يحدد في حالات معينة مجالات تدخل الإدارة ووسائل هذا التدخل ووقته ويحدد الشروط والإجراءات الخاصة بهذا التدخل، فإن المشرع قد يعمل أيضا في حالات أخرى إلى تمتيع الإدارة بقدر من الحرية في التصرف تستعمله حسب الظروف والملابسات، وبعبارة أخرى فإن الإدارة في حالة السلطة التقديرية هي التي تقرر وحدها ما إذا كان الإجراء المزمع اتخاذه ملائما أو غير ملائم. وفي هذا المعنى يقول أحد الفقهاء أنه : "إذا تمتعت الإدارة بسلطة تقديرية فإن معنى ذلك أن القانون قد منحها الحرية في مباشرة نشاطها دون أن يضع شروطا وقيود تكبل من حرية تقدير ملائمة أعمالها"[128].
Ãثالثا : نظرية أعمال السيادة
تعتبر أعمال السيادة من أخطر امتيازات الإدارة على الإطلاق، لأن الإقرار لعمل من أعمال الإدارة بأنه من أعمال السيادة أو الحكومة، يقتضي إخراجه من رقابة القضاء ويفضي عليه حصانة مطلقة تبعده عن دعوى الإلغاء ودعوى التعويض.
وفي مجال تحصين هذه الأعمال من الرقابة أنكر البعض وجودها منادين في ذلك بأن النظام الديمقراطي يحتم ضرورة خضوع جميع أعمال السلطة التنفيذية لرقابة القضاء وإمكان الطعن فيها عن طريق دعوى الإلغاء ودعوى التعويض، والقيام بإلغاءها والتعويض عنها لعدم مشروعيتها، واكتفى البعض بالتلطيف من حدة النظرية منادين في ذلك بحل وسط بإمكان التعويض عن أعمال السيادة دون إمكان الطعن فيها بالإلغاء[129].
إلا أنه بالرغم من ذلك فإن نظرية أعمال السيادة لها الوجود الفعلي، وهي تجد مبرراتها في اعتبارات عملية، أساسها الضرورات السياسية والعملية اللازمة لتحقيق الدفاع عن الدولة وسلامة الشعب، ويقضي الحرص على سلامة الدولة والشعب عدم إلزام السلطة التنفيذية بالإفصاح عن أساليبها وأسرارها[130].
b المبحث الثاني : دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة
تعتبر دعوى الإلغاء من أهم الدعاوي الإدارية وأكثرها قيمة من الناحية النظرية والعملية، إذ من جهة تمثل ضمانة لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم وتعمل على توجيه القائمين على الإدارة العامة للإلتزام حدود القانون وعدم الخروج عليه من جهة أخرى.
وعليه سنتناول في هذا المبحث : تعريف دعوى الإلغاء، شروط قبولها، أسباب عدم المشروعية، وأخيرا إجراءت رفعها وكيفية تنفيذ الأحكام.
e المطلب الأول : ماهية دعوى الإلغاء
دعوى الإلغاء هي الدعوى التي يتقدم بها صاحبها إلى القاضي طالبا إلغاء قرار إداري غير مشروع بحجة عدم مشروعيته، ويتضح من هذا التعريف أن دعوى الإلغاء، طعن قضائي ضد قرار إداري لعيب في أحد أركانه، وذلك بهدف إلغائه وإزالة أثاره، ويتعين على صاحب الشأن أن يستند في دعواه إلى أسباب قانونية تسوغ دعواه، وذلك بخلاف التظلم الإداري الذي يشترط فيه الاستناد إلى هذه الأسباب. وتعتبر دعوى الإلغاء الوسيلة الأساسية لتحقيق طمأنينة الأفراد بعلاقتهم بالإدارة. إذ تتأكد بها سيادة القانون وعلو سلطانه على أعمالها بترتيب هذه الدعوى بطلان قرارات الإدارة جراء مخالفتهما القانون[131].
وإذا كانت دعوى الإلغاء تعرف في فرنسا بدعوى تجاوز السلطة، فإنه في المغرب وقبله صدور قانون المحاكم الإدارية كانت هذه الدعوى تعرف بدعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة، أما بعد صدور هذا القانون فإن المشرع استعاض عن الشطط بمصطلح التجاوز فأصبحت دعوى الإلغاء تعرف بمقتضى المادة 8 من القانون المذكور بدعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة.
ولئن كانت دعوى الإلغاء وقبل إحداث المحاكم الإدارية، تدخل ضمن الاختصاصات المحددة للمجلس الأعلى بمقتضى ظهير 27 شتنبر 1957 والتي كان ينظر فيها ابتدائيا وانتهائيا، فإن هذه الدعوى قد أصبحت من اختصاص المحاكم الإدارية بدرجة أولى ويمكن استئناف أحكامها أمام الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى مع مراعاة الاستثناء الوارد في المادة 9 من قانون المحاكم الإدارية 90-41 والذي يظل بمقتضاها المجلس الأعلى مختص بالبث ابتدائيا وانتهائيا في طلبات الإلغاء بسبب تجاوز السلطة المتعلقة بالمقررات التنظيمية والفردية الصادر عن الوزير الأول وكذلك قرارات السلطات الإدارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة الاختصاص المحلي لمحكمة إدارية[132].
وتتميز دعوى الإلغاء بجملة من الخصائص، تجعل منها دعوى مستقلة ومتميزة عن غيرها من الدعاوي القضائية الأخرى، ولقد حاول الفقهاء رد هذه الخصائص إلى الأمور التالية :
õ دعوى الإلغاء دعوى القانون العام بمعنى أنها توجه إلى أي قرار إداري دون حاجة إلى نص صريح في القانون بذلك.
õ دعوى الإلغاء دعوى المشروعية بحيث يتجه أغلب الفقه إلى اعتبارها دعوى المشروعية وعليه فإن رقابة القاضي تقتصر على فحص المشروعية ولا تبعدها إلى مراقبة الملائمة.
õ دعوى الإلغاء من الدعاوي العينية (الموضوعية) لأنها لا ترمي إلى حماية حق شخصي، بل ترمي إلى الدفاع عن سيادة القانون وذلك بإلغاء كل قرار صادر عن الإدارة يخالف القانون.
e المطلب الثاني : شروط قبول دعوى الإلغاء
استقر الفقه والقضاء الإداريان الفرنسية والمغربي على أنه يجب لقبول دعوى الإلغاء شكلا توافر شروط تتعلق بطبيعة العمل موضع الطعن، صفة الطعن، ميعاد الطعن، وأخيرا شروط الدعوى الموازية، وفيما يلي سنلقي الضوء على هذه الشروط.
Ãأولا : الشروط المتعلقة بطبيعة القرار المطعون فيه :
يشترط في العمل الإداري موضع الطعن بالإلغاء أن يكون القرار إداريا نهائيا صادرا عن سلطة وطنية، ومؤثرا في المركز القانوني للطاعن. ويترتب على ذلك عدم جواز الطعن بالإلغاء في الأعمال التي لا تتوفر فيها هذه الشروط.
1) أن يكون القرار الإداري نهائيا :
بمعنى أن يكون قابلا للتنفيذ بغير حاجة إلى تصديق أو أي إجراء لاحق أي أن يكون تام الأركان.
وتبعا لذلك لا يجوز الطعن بالإلغاء في الأعمال التحضيرية للقرار الذي لم يكتمل بعد ومن هذا القبيل ما ذهب إليه المحكمة الإدارية بالرباط في حكمها بتاريخ 15/06/1995[133]، من أن قرار المجلس التأديبي لا يعتبر مقرا ذا صبغة تنفيذية بل لا يعدو أن يكون مجرد رأي استشاري يدخل ضمن الأعمال التحضيرية للقرار الإداري الذي يمكن اتخاذه من طرف السلطة الإدارية التي لها حق التسمية والتأديب وتبعا لذلك قضت المحكمة بعدم قبول الطعن. وأيضا لا يجوز الطعن في الإجراءات اللاحقة للقرار كإجراءات التنفيذ لأنها لا تضيف جديدا. وهذا ما أكدته محكمة الرباط الإدارية في حكمها الصادر بتاريخ 9/2/1995 بقولها أن القرارات التي يتخذها وزير العدل تنفي أعمال المجلس الأعلى للقضاء، بعد مصادفة الجناب الشريف عليها، تعد إجراءات تنفيذية محضة، ولا تعتبر قرارات إدارة وبالتالي فإن المحكمة الإدارية غير مختصة في النظر فيها[134].
2) أن يكون القرار الإداري مؤثرا في مركز الطاعن :
فلكي تقبل دعوى الإلغاء ضد القرار الإداري، ينبغي أن يكون هذا القرار قد أثر في المركز القانوني للطاعن، أي ينبغي أن يكون قد ألحق ضررا بمصالح الطاعن المادية أو الأدبية، وتطبيقا لذلك قررت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى أنه يكون مشوبا بعيب الشطط في استعمال السلطة ويحلق ضررا بصاحب المصلحة، فالقرار الصادر عن الكاتب العام للحكومة بواسطة رسالة عامل يأمر جراحا للأسنان أن يغلق تطبيقا لنظام المهنة إحدى عياداته قبل تاريخ معين[135].
واستنادا على ما سبق فإن القرارات الإدارية التي لا تولد أثار قانونية لا يمكن الطعن فيها بالإلغاء، وتستبعد بالتالي من نطاق دعوى الإلغاء.
3) أن يكون القرار صادرا عن سلطة إدارية وطنية :
إن القرارات التي تقبل الطعن بالإلغاء هي القرارات الصادرة عن سلطات إدارية وطنية وليس من سلطة أو هيئة أجنبية، ويعتبر القرار الإداري صادرا عن سلطة إدارية وطنية إذا كان مثلا متخذا باسم وسيادة المملكة المغربية. فتصدق بذلك صفة القرارات الإدارية حتى على تلك المتخذة من طرف ممثلي السلطات المغربية ولو كانوا خارج تراب المملكة في السفارات والقنصليات المغربية[136].
Ãثانيا : الشروط الخاصة برافع الدعوى
نص المشرع في الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية لسنة 1974 صراحة على أنه "لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة والأهلية والمصلحة للإثبات حقوقه" بل إنه جعل توفرها من النظام العام، إذ أضاف قائلا "يثير القاضي تلقائيا انعدام الصفة أو الأهلية أو المصلحة..." فالأهلية هنا لا تختلف عن مثيرتها في الدعاوي الأخرى[137].
أما شرط الصفة فقد قضى بإدماجه في شرط المصلحة[138] في دعوى الإلغاء إذ يتوفر في صاحب المصلحة الذي يجب توفره في رافع دعوى الإلغاء. لأنه من المبادئ القانونية المسلمة قاعدة تقوم حيث "لا مصلحة فلا دعوى" بمعنى أنه لا يقبل طلب الإلغاء إلا من المتضرر من القرار الإداري المطعون فيه أو الذي ألحق به ضررا حقيقيا.
والمصلحة المطلوب توفرها في هذا المجال هي أن يكون الطاعن في حالة قانونية خاصة إزاء القرار المطعون فيه، والتي من شأنها أن تجعل القرار بالنسبة له مؤثرا مباشرا ومعنى ذلك أن تكون المصلحة محتملة كما يشترط في تلك المصلحة استمرارها لتاريخ صدور الحكم وإلا قضى القضاء بعدم قبول الدعوى[139] وقد أدى القضاء الإداري على أن سكوت المجلس البلدي عن الجواب على طلب رخصة التجزئة العقارية لا يعتبر رفضا وإنما يعتبر قبولا ضمنيا طبقا لمقتضيات الفصل الثامن من ظهير 7/6/1996 بشأن التجزئات العقارية والمجموعة الحضرية لدى فليست للطاعنين أية مصلحة في إقامة الدعوة الرامية إلى إلغاء القرار الضمني القاضي بالمرافقة على إقامة التجزئة[140].
Ãثالثا : الشروط المتعلقة بالمواعد والطعون
1) آجال رفع دعوى الإلغاء وبدء سريانها :
حدد المشرع المغربي ميعاد رفع دعوى الإلغاء، في أجل معين، وهو ستون يوما. بحيث نصت المادة 360 من قانون المسطرة المدنية على أنه "...يجب أن تقدم طلبات إلغاء مقررات السلطات الإدارية للشطط في استعمال السلطة داخل أجل ستين يوما من يوم نشر أو تبليغ المقرر المطعون فيه".
كما تنص المادة 23 من قانون المحاكم الإدارية على أنه "يجب أن تقدم طلبات إلغاء القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية بسبب تجاوز السلطة داخل أجل ستين يوما يبتدئ من نشر أو تبليغ القرار المطلوب إلغاؤه إلى المعني بالأمر".
وهكذا يبتدأ ميعاد الستون يوما، من تاريخ نشر أو تبليغ القرار الإداري في حالة عدم التظلم الإداري. أما إذا تم تقديم هذا الطعن. فإن الستين يوما، يبتدئ من يوم صدور القرار الإداري الصريح أو الضمني المتعلق بالجواب على الطعن الإداري[141].
والحكمة من تحديد هذا الميعاد القصير نسبيا هي ما تقتضيه المصلحة العامة من استقرار الأوضاع الإدارية من جهة وتأمين الحقوق المكتسبة من جهة أخرى.
2) وقف سريان ميعاد الطعن بالإلغاء :
يوقف سريان ميعاد الطعن بالإلغاء عند حدوث طارئ معين، ويواصل سريان ذلك الميعاد بزوال الظرف الطارئ، وذلك من نفس النقطة التي توقف عندها وصف أهم أسباب وقت سريان أجل دعوى الإلغاء، القوة القاهرة كحدوث فيضانات أو زلازل أو الإصابة بمرض شديد.
3) انقطاع سريان الميعاد :
ينقطع سريان ميعاد الطعن بالإلغاء بكل إجراء إداري أو قضائي يلجأ إليه المتضرر ويترتب عليه إنهاء المدة السابقة وفتح ميعاد جديد يبدأ من تاريخ انتهاء بسبب القطع، ويشمل أسباب القطع حالات مختلفة منها ما نص عليها القانون صراحة، ومنها ما يرجع اجتهاد القضاء[142]، ويمكن أن نذكر على سبيل المثال الأسباب التالية :
¯ تقديم طلب المساعدة القضائية من شأنه أن يقطع سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء[143] حتى يصدر القرار في طلب المساعدة سواء بالقبول أو الرفض.
¯ التظلم الإداري كذلك من شأنه أن يقطع سريان ميعاد رفع الدعوى سواء كان رئاسيا أو استعطافيا[144].
¯ رفع الدعوى إلى جهة قضائية غير مختصة ينقطع به أجل طلب إلغاء القرار الإداري بسبب تجاوز السلطة[145].
¯ تأخر اكتشاف المصلحة لتعذر إدراك هدف الإدارة في هذه الحالة لا يحاسب المتضرر على فوات ميعاد الطعن في ذلك القرار المعيب.
Ãرابعا : شرط انعدام الدعوى الموازية
ينص الفصل 360 في فقرته الأخيرة من قانون المسطرة المدنية على أنه لا يقبل طلب الإلغاء الموجه ضد المقررات الإدارية إذا كان في استطاعة من يعينهم الأمر المطالبة بحقوقهم لدى المحاكم العادية.
كما نصت على نفس المقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 23 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية لسنة 1993.
بمعنى أنه إذا كان أمام المدعي طريق قضائي آخر يمكنه من الوصول إلى نفس النتائج التي ترتبها دعوى الإلغاء، فإنه ينبغي عليه أن يسلك ذلك الطريق القضائي، وإلا كان مصير طعنه الرفض وهذا ما أكدته الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى في قرارها عدد 26/11/1989[146]. بقولها "وحيث أنه بإمكان الطاعن المطالبة بحقوقه أمام المحاكم الابتدائية وهي ذات قضاء شامل للأمر الذي يجعل دعوى الإلغاء غير مقبولة لوجود دعوى موازية"[147].
e المطلب الثالث : أسباب عدم المشروعية أو أوجه الإلغاء
بعد أن يقوم القاضي للممارسة رقابته على شروط قبول دعوى الإلغاء في المنازعات المطروحة أمامه ويستبعد بذلك كل دفع بعدم القبول فإنه يمد رقابته بعد ذلك على موضوع النزاع وهو المتعلق بمدى مشروعيته القرار المطعون فيه والقاضي يستند في هذه المراقبة على ما يدعيه الطاعن من أوجه عدم المشروعية التي قد تلحق القرار الإداري، ومن ثم فإن الأساس الذي تقوم عليه مرحلة الفصل في موضوع الدعوى هو دراسة أوجه الطعن وهي العيوب التي تصيب القرار الإداري وتؤدي إلى إلغائه.
ويكون القرار غير مشروع إذا كان مشوبا بعيب من العيوب أو بسبب من الأسباب التي تأدي إلى بطلانه، وعيوب القرار الإداري عددية ومتنوعة، وللقضاء الإداري الفرنسي دور كبير في تحديد معالمها، ويعتبر عيب الاختصاص من أولى العيوب التي ظهرت في اجتهادات القضاء الإداري الفرنسي، حيث أن مجلس الدولة لا يقبل الطعن بسبب تجاوز السلطة إلا بالنسبة للقرارات التي تصدر من جهة غير مختصة بإصدارها، ثم ظهر بعد ذلك عيب الشكل والإجراءات، فأخذ مجلس الدولة يلغي القرارات الإدارية التي تكون تجاهلت الإدارة في إصدارها الشكل الذي يقرره القانون أو الإجراءات التي يرسمها، ثم ظهر بعد ذلك عيب الانحراف في استعمال السلطة (الغاية)، ثم أخذ بعد ذلك بعيب مخالفة القانون (المحل) وحديثا أخذ مجلس الدولة يعيب السبب كسبب من أسباب إلغاء القرارات الإدارية.
وقد حل المشرع المغربي، قبل صدور قانون المحاكم الإدارية، حدو المشرع الفرنسي إذ أن قانون المجلس الأعلى لم يحدد أسباب الإلغاء، وترك للقاضي سلطة تحديد معنى الشطط وحالاته، وقد تولت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى هذه المهمة مستهدية في ذلك ما جرى عليه القضاء الإداري الفرنسي.
إلا أنه مع صدور قانون المحاكم الإدارية فإن المشرع قد تولى بنفسه تحديد الحالات التي تعتبر تجاوزا للسلطة والتي تؤدي إلى إلغاء القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية، حيث نصت المادة 20 من القانون المذكور على أن كل قرار إداري صدر عن جهة غير مختصة أو لعيب في شكله أو الانحراف في السلطة أو للانعدام التعليل أو لمخالفة القانون يشكل تجاوزا في استعمال السلطة ويحق للمتضرر الطعن فيه أمام الجهة القضائية المختصة[148].
وما يجدر ذكره، أن عيوب القرار الإداري التي تجعله قابلا للإلغاء تتداخل مع بعضها البعض في كثير من الأحيان، ولكن طبيعة الدراسة العلمية تتطلب أن نفصل بينها لكي نبحث في كل واحد منها على حدة، كما أنه من ناحية أخرى، يكفي أن يصاب القرار الإداري بأحد هذه العيوب لكي يطعن فيه بالإلغاء وحتى يقضي بإلغائه
وتقوم الجهات القضائية المختصة بمراقبة مشروعية القرار الإداري في مختلف عناصره، غير أن رقابته في اختصاص الإدارة المقيد تكون أوسع إطارا من رقابته في حالة السلطة التقديرية، إذ في حالة الاختصاص المقيد يبحث القاضي في توفر كافة الوقائع والشروط التي استلزمها القانون كسبب لصدور القرار على نحو معين، فإذا وجد أن القرار لم يصدر كما فرضه القانون حكم ببطلانه لعيب في محله أو لمخالفته القانون بالمعنى الضيق أما في حالة السلطة التقديرية التي لا يحدد فيها القانون محل القرار فإن هذا المحل لا يكون باطلا إلا إذا كان في حد ذاته مخالفا للقانون ويقتصر دور القاضي الإداري على مراقبة سبب القرار من حيث ثبوت مبررات اتخاذه وصحة تكييفها من الناحية القانونية، وذلك لتحقق من مشروعية محل القرار.
والأصل أن الإدارة هي التي تقدر مدى فائدة أو ملائمة ما تتخذه من قرارات في نطاق ما هو مشروع، غير أن القضاء الإداري في رقابته على محل القرار الإداري تجاوز ذلك إلى مراقبة استخدام الإدارة لسلطتها التقديرية فيما يسمى برقابة الملائمة ولكن على أساس أن تكون تلك الملائمة على شروط المشروعية كما سنبين ذلك من خلال الآتي بيانه.
لكن ما هو الجانب المقيد والجانب التقديري من تلك السلطات حتى يتبين حدود رقابة القضاء على الجانبين ؟
إذا استعرضنا هذه العناصر سنجد عنصر الاختصاص وعنصر الشكل وعنصر الغاية لا محل للسلطة التقديرية فيها، لأن الإدارة تكون ملزمة باحترام قواعد الاختصاص وبإتباع القواعد الشكلية وتحقيق الغاية التي حددها المشرع بحيث يكون عملها معدوما إذا ما خرجت عن القواعد السابقة[149] فلا مجال لتقدير في هذه العناصر. أما العنصران الآخران وهما عيب السبب وعيب المحل فإنهما يضمان في جانب منهما اختصاصا مقيدا وفي جانب آخر اختصاص تقدرينا. وبما أن الجانب المقيد يخضع لرقابة القضاء بناء على مبدأ المشروعية وأن الجانب التقديري لا يخضع لمراقبة القضاء –كما سنرى ذلك- فالمطلوب هو بيان الكيفية التي اعتمدها القضاء في التمييز بين الجانبين وقصر رقابته على جانب المشروعية دون جانب الملائمة في القرارات الإدارية[150].
إن تحليل هذه الأمور يتطلب تقسيم الموضوع إلى نقطتين : النقطة الأولى سنتناول فيها حدود رقابة القضاء على المجال المقيد في القرارات الإدارية أما النقطة الثانية فسنتطرق فيها إلى رقابة القضاء على مجالين التقديري والمقيد في القرارات الإدارية.
Ãأولا : رقابة القضاء على المجال المقيد في القرارات الإدارية
إن عناصر القرار الإداري التي تحتوي فقط على الجانب لسلطات الإدارة هي عنصر الاختصاص، عنصر الشكل وعنصر الغاية : بحيث إذا اعترى تلك العناصر أي عيب من العيوب فإن القرار يصبح مشوبا بعيب عدم المشروعية وبالتالي يكون قابلا للإلغاء.
1) رقابة القضاء على عيب الاختصاص في القرار الإداري :
أ- تعريف عيب عدم الاختصاص وأهميته :
يقصد بعيب الاختصاص خرق القواعد التي تحدد الجهة المختصة بالقيام بتصرفات معينة، بمعنى أنه إذا قام المشرع بتحديد اختصاص ما أوكل به إلى فرد معين أو إلى هيئة بذاتها دون مشاركة، أو أوكل به إلى عدة موظفين أو هيئات ليمارسه كل على حدة، أو اشترط لممارسة اختصاص ما مشاركة عدة أفراد أو هيئات وتعاونها معا، بحيث لا يكون العمل الإداري صحيحا إلا بموافقتهم جميعا وإذ صدر العمل أو التصرف الإداري من جهة مخالفة للجهة التي حددها المشرع للقيام بذلك العمل فإن تصرفها يعتبر صادرا ممن لا يملك هذا الحق لأنها غير مختصة به ويكون قابلا للإلغاء لتوفر عيب الاختصاص[151].
وتظهر أهمية عدم الاختصاص في كونه أول عيب اعتمده القضاء لقبول دعوى الإلغاء، ولعل من ضروب التكرار والقول بأنه العيب الذي انبثق منه بقية العيوب، وبأن دعوى الإلغاء في بدايتها حملت اسم دعوى عدم الإختصاص وتجاوز حد السلطة[152].
وعيب الاختصاص لا يزال العيب الوحيد الذي يتعلق بالنظام العام، بحيث يستطيع القاضي أن يتصدى له من تلقاء نفسه حتى ولو لم يثره طالب الإلغاء، كما أن الإدارة لا تستطيع أن تتفق مع الأفراد على مخالفة قواعد الاختصاص، لأن هذه القواعد مقررة للصالحالعام وليس لمصلحة الإدارة، كما أن العيب الذي يلحق القرارات الإدارية بعدم الاختصاص يجعلها قرارات باطلة لا يمكنتصحيحها بإجراء لاحق من حق السلطة المختصة[153].
ب- صور عيب الاختصاص :
لعيب الاختصاص صورتان بينهما الفقه والقضاء الإداريان، فالصورة الأولى هي التي يكون فيها عيب الاختصاص جسيما، ويسمى اغتصاب السلطة، أما الصورة الثانية فيكون فيها عيب الاختصاص بسيطا.
Ÿ عيب الاختصاص الجسيم : ويتحقق عندما يصدر القرار من فرد عادي ليس له الصفة القانونية أو من موظف لا صلة له بإصدار القرارات الإدارية، أو من سلطة إدارية في موضع من الاختصاص إحدى السلطتين التشريعية أو القضائية ويترتب على ذلك أن القرار لا يعتبر باطلا فحسب، بل معدوما وفاقدا لصفته الإدارية، فلا يتحصن بفوات الأوان – ميعاد الطعن – وتدخل إجراءات تنفيذه ضمن أعمال التعدي، وهذا ما جاء في قرار المجلس الأعلى رقم 84/60 بتاريخ 21 ماي 1960[154] إذا اعتبر قرار رجل السلطة المحلية (قائد) بإغلاق محل التنازع حول استغلاله بين الشركاء فيه قرارا يتجاهل مبدأ الفصل بين اختصاص السلطتين القضائية والإدارية ويشكل اعتداء على اختصاص السلطة القضائية.
Ÿ عيب الاختصاص البسيط : ويكون عندما يتعلق الأمر بمخالفة قواعد الاختصاص في نطاق الوظيفة الإدارية، وهذا العيب أقل خطورة وأكثر حدوثا من العيب السابق ذكره وينقسم إلى أنواع مختلفة، فهناك عدم الاختصاص الموضوعي وعدم الاختصاص الزمني ثم عدم الاختصاص المكاني.
2) رقابة القضاء على عيب الشكل في القرار الإداري :
أ- ماهية عيب الشكل :
الأصل في القرارات الإدارية، أن رجل الإدارة المختصة غير مقيد بشكل معين في إصدارها، وعلى ذلك فقد يرد القرار كتابة كما يرد شفاهة، غير أن المشرع قد يفرض على الإدارة إفراغ إرادتها في شكل معين ووفق إجراءات معينة، فإذا خالفت الإدارة هذا الشكل أو تلك الإجراءات يكون قرارها غير مشروع ومعيبا بعيب الشكل. وعلى هذا الأساس يمكن تعريف عيب الشكل بأنه عدم احترام القواعد الإجرائية أو الشكلية المحددة لإصدار القرارات الإدارية المنصوص عليها في القوانين المختلفة[155].
وقواعد الشكل والإجراءات في إصدار القرارات الإدارية على جانب كبير من الأهمية، فهي مقررة لحماية المصلحة العامة ومصلحة الأفراد على السواء، وذلك بتجنيب الإدارة المواطن الزلل والتسرع، ومنحها فرصة معقولة للتروي ودراسة وجهات النظر المختلفة، فليست قواعد الشكل والإجراءات أمور ثانوية واختيارية إن شاءت أهملتها، ولكنها ضمانات أصلية للأفراد ضد تعسف الإدارة فهي تمثل ضمانات حقيقية توازن سلطات الإدارة[156].
ب- حالات عيب الشكل :
يقصد بهذه الحالات العيوب الجوهرية التي تصيب المظهر الخارجي للقرار وتؤدي إلى بطلانه.
ü الحالة الأولى : الكتابة
الأصل أن يأخذ القرار الإداري شكلا كتابيا، إلا أنها لا تعتبر شكلية جوهرية يترتب البطلان على الإخلال بها. وقد اعترف القضاء والفقه بوجود القرار الشفوي بشرط إثباته وبشرط أن يكون المشرع اشترط أن يكون القرار مكتوبا صراحة أو ضمنا.
وفي هذا الاتجاه استقر قرار المجلس الأعلى، على قبول الطعن بالإلغاء في القرارات الشفوية، فقد ألغت الغرفة الإدارية في قضية لحسن بن عبد المالك السوسي القرار الشفوي الذي صدر عن قائد مدينة الخميسات القاضي بإغلاق مقهى لعيب عدم الاختصاص والانحراف في استعمال السلطة[157].
ü الحالة الثانية : التوقيع على القرار وذكر تاريخ إصداره :
بحيث يجب أن يذيل القرار بتوقيع مصدره أو مصدرية إن تعددوا، وغياب التوقيع ينفي وجود القرار، وكذلك إغفال ذكر تاريخ إصداره لا يعد في حد ذاته عيب شكل جوهري يترتب عليه البطلان، بل يعد من الأخطاء المادية أو بتعبير آخر قد يعد عيب شكل ثانوي، ولا يؤثر أيضا على صحة القرار كون التاريخ الموضوع عليه لاحق للتوقيع، وهذا بطبيعة الحال لا يقلل من أهمية التاريخ لأنه في حالة الطعن في مشروعية القرار تلك المشروعية وفقا للنظام القانوني السائد وقت اتخاذ القرار علاوة على أن القانون قد يفرض اتخاذ القرار في فترة زمنية معينة، كما قد يدعي صاحب الشأن بأن يبين التوقيع وكتابة التاريخ جد ظرف قانوني أو واقعي يستدعي تغيير القرار.
ü الحالة الثالثة : الخطأ في الإحالة أو إغفالها :
بحيث إذا تم إغفال النص التشريعي الذي يستند عليه القرار أو الخطأ فيه يعتبر من الأخطاء المادية أو بتعبير آخر من عيوب الشكل الثانوية التي لا تؤثر على مشروعية القرار، يستثني من هذه الحالة كون النص التشريعي هو السبب الذي أوحى بالقرار[158].
ü الحالة الرابعة : تسبيب القرار الإداري :
يقصد به الإفصاح عن الأسباب القانونية والواقعية التي يجد فيها القرار أساسه القانوني وعلته السببية، والتسبيب وفق هذا التعريف يتعلق بركن الشكل وهو أحد عناصر الجانب الشكلي للقرار وهذا ما يميزه عن السبب الذي يمثل في حد ذاته ركنا مستقلا من أركان القرار الإداري.
والأصل أن الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها أي تضمينها الأسباب التي قامت عليها، غير أن القانون قد يشترط ذلك في بعض القرارات وفي هذه الحالة يجب على الإدارة ذكر سبب القرار، وإذا أغفلت هذا الإجراء كان قرارها معيبا من حيث الشكل، مثل ما جاء في الفقرة الأخيرة من الفصل 66 من قانون الوظيفة العمومية لسنة 1958 « ويقع الإنذار والتوبيخ لمقرر تصدره السلطة التي لها حق التأديب...».
3) رقابة القضاء على عيب الغاية في القرار الإداري – عيب الانحراف في استعمال السلطة :
أ- ماهية عيب الانحراف بالسلطة :
يعرف عيب الانحراف بالسلطة الذي يطلق عليه أيضا عيب تحويل السلطة، بأن تصدر الجهة الإدارية قرارا إداريا داخلا في اختصاصها إلا أنها تصدره لتحقيق هدف مخالف للهدف الذي رسمه القانون وهو دائما المصلحة العامة[159] وهو عيب موضوعي يتعلق بالبواعث والأهداف غير المشروعة، يصبح على عاتق القضاء مهمة اكتشافها، وهي مهمة صعبة ودقيقة.
والقاعدة هنا أن الإدارة ليست حرة في اختيار الغاية من تصرفاتها بل عليها أن تلتزم بالغرض الذي حدده المشرع لكل اختصاص يضعه بين يدي الإدارة فإذا خالفت الغاية المحددة حتى ولو كانت حسنة النية أصبحت قراراتها مشوبة بعدم المشروعية لاتسامها بعيب التجاوز في استعمال السلطة[160].
ب- حالات الانحراف في استعمال السلطة :
يظهر عيب الانحراف في السلطة في صورتين وذلك تبعا لأهداف السلطة ذاتها، فإذا كان الهدف من تصرف السلطة عاما غير محدد بهدف قانوني معين، فإن عيب الانحراف بالسلطة يتحقق كلما استهدف رجل الإدارة من إصدار لقراره هدفا مخالفا للهدف العام المتمثل بالمصلحة العامة.
أما إذا كان الهدف خاصا فإن عيب الانحراف بالسلطة يظهر عندما تكون نية رجل الإدارة قد اتجهت نحو تحقيق أهداف غير الهدف المحدد قانونا، حتى ولو كانت تلك الأهداف تدخل ضم
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma