ان مامور الضبط القضائي هو اول من يواجه عملا اي حادثة او واقعة تشكل تعديلا في الانطلاقة الطبيعية لنظام الحياة او تمثل عدوانا على الامن او خطرا عليه .
فاول اتصال بالحادثة او الواقعة يجريه عادة مامور الضبط .
وهولذلك يلعب اخطر دور في المراحل الاجرائية ، لانه دور الفاتحة والانطلاق . وهو يطبع اية قضية منذ بدايتها بطابع من المتعذر عملا ان يزول في المراحل اللاحقة ولو توافرت اسباب ازالته .
ومن هنا تبدو الاهمية القصوى لمهمة مامور الضبط ويتعين بسبب خطورتها رسم الاصول الواجب ان تسير عليها .
في التعريف بالضبط :
--- للضبط لغة وقانونا عدة مفاهيم .
فهو يعني دقة التحديد اولا ، ويقال ضبط الامر ( بضم الضاد ) بمعنى انه حدد على وجه الدقة .
وهو يعني ثانيا وقوع العينين ثم القاء اليدين على شخص او شيء كان خافيا ويجري البحث عنه ، فيقال قد ضبط ذلك الشخص او هذا الشيء .
ويعني ثالثا التدوين الكتابي المشتمل على معالم واقعة يخشى لو ترك امرها دون تسجيل لها ان تتبدد معالمها ويزول اثرها من ذاكرة من عاينها وشاهدها .
وهذا المعنى الثالث للضبط ، يدخل في عنصر التدوين الكتابي الذي يسمى في لغة القانون بتحرير محضر ، ولذا يقال ان ضبط الواقعة يعني تحرير محضر لها ، وخصوصا لان الكلمة الشفوية طائرة بينما الكلمة المكتوبة ثابتة . Verba volant ******a manent
واخيرا . وهذا هو المعنى الرابع للضبط ، يفهم من الضبط العود بالامور الى وضعها الطبيعي المنسجم مع القانون الحاكم لها ، وذلك عقب خلل او اضطراب اصابها منحرفا بها عن حكم هذا القانون.
وهنا يشتمل الضبط على معنى التنظيم والتنسيق الكفيلين بانضباط الامر المختل او بتقويم الامر المعوج .
وهذه المعاني كلها تعبر عن مهام مامور الضبط . فعليه ان يتقن التحديد . وعليه ان يكشف النقاب عما خفي من اشياء وعمن خفي من اشخاص وعليه ان يحرر للوقائع التي ابلغ بها محضرا بل محاضر .
وعليه اخيرا ان يصلح ما فسد ويقوم ما اعوج ، وذلك حين يتصدى لكل خطر مانعا اياه من التحول الى ضرر ، او حين يواجه الضرر ليضع حدا له ويحول دون امتداده في الزمن .
وواضح ان مهام مامور الضبط ، يتم اداؤها تارة بافعال مادية بحتة ، وتارة بافعال مادية ذات مضمون نفسي .
فالقاء القبض ماديا على شخص ، هذا فعل مادي بحت .
واما اصدار امر الى احد رجال السلطة العامة وبالقاء القبض على شخص ، فهذا فعل مادي ذو مضمون نفسي ، شقه المادي هو ما يطرق السمع من عيارات شفوية اذا كان الامر شفويا ، وما يطرق البصر من عبارات مكتوبة اذا كان الامر مكتوبا ، وشقه المعنوي هو المحتوى الفكري الذي تجري به تلك العبارات .
مصادر خطأ مامور الضبط :
---- ان مامور الضبط من وجهة نظر علم النفس القضائي ، عرضة للزلل والخطأ في قيامه بواجبات وظيفته . ومصادر الخطأ المحتمل ان يحدث من جانبه ، تتلخص في مصدرين :
المصدر الاول هو انه كعضو في السلطة التنفيذية لا يملك استقلالا في الراي يؤمنه ضد الاوامر التي تملى عليه ، او ضد غدر من يدين لهم الطاعة .
والمصدر الثاني : انه كاداة للسلطة العامة ، له من العتاد المتوافر تحت يديه ومن الرجال الذين ياتمرون بامره ويعظمونه عسكريا ، ما يجعله فريسة سهلة لغرور يركب راسه ويؤدي به الى الشطط عن جادة الصواب .
فالمصدر الاول للخطأ تنشا عنه ظاهرة اضطرار مامور الضبط الى مجاملة رئيس له او شخص ذي سطوة ونفوذ ، طمعا في نيل الحظوة لديه او استدرار ترقية او مغنم منه ، فيؤدي به ذلك الى غض الطرف عن واقعة كان يلزم ان تضبط ، او الى تشديد وطاة الملاحقة لواقعة كان يلزم صرف النظر عنها .
وقد يصل الامر الى تهاون غير مغتفر مع شخص من العتاه والى افتراء غير سائغ على شخص من الابرياء .
وعلى هذا النحو ، ينتهي الامر بامور الضبط الى ان يكيل للناس بكيلين مع انهم امام القانون سواسية .
وعن المصدر ذاته ، تنشاء كذلك ظاهرة الحرص على الظهور باكثر من الحقيقة في حسن القيام بمهام الضبط ، ولا سيما بمهمة التنظيم والتقويم وصون الامن من كل ما يخل به .
وقد يؤدي هذا الحرص بمامور الضبط الى التهوين من جسامة واقعة حتى لا تفضح خطورتها تقصيرا محتملا ان ينسب اليه في العمل على تفاجي حدوثها ، فيسدل الستار مثلا على عنصر من عناصرها .
كما ان الحرص ذاته يؤدي به احيانا الى الصاق التهمة بانسان برئ منها وحبك حيائل الاتهام ولوكانت صلة الانسان بالجريمة غير مقطوع بها .ويتفادى مامور الضبط بذلك ما يصيب سمعته من اذى الشائعات التي تنسب اليه العجز عن ملاحقة المجرمين والقصور عن تعقب الجناة واماطة اللثام عنهم ، فتحت تاثير هذا الحرص ، يوجد للجريمة فاعلا ولو لم يكن فاعلها معروفا ، ويعبر عن ذلك بان مامور الضبط حريص على ان يجد للجريمة مذنبا .
ولا يخفى ما في هذه الامور من اخطاء تهدد حسن سير العدالة ،ذلك لان الامور التي يدونها ماور الضبط في محضره ، تظل مؤثرة على مجرى القضية منذ بدايتها حتى النهاية . ومن العسير في مرحلة لاحقة ان تدحض هاذه الامور او ان يقتنع وكيل النيابة او القاضي بزيفها . فاذا اتيح الاقتناع بوجه الباطل فيها احيانا ، فانه كثيرا ما لا يتهيا في مرات عديدة سبيل لهذا الاقتناع .
والمصدر الثاني لخطا مامور الضبط ، وهو كما قلنا الغرور الراجع الى السيادة على العتاد والرجال ، قد يفضي به الى تشديد وطاة الملاحقة على انسان بدا له او سلك معه على صورة بغيضة الى نفسه ولم يطاطئ له تذللا و تملقا ونفاقا فكم من صريح بريء وكم من منافق مجرم .
وقد يصل الغرور بمامور الضبط الى حد استعمال القسوة بل الالتجاء احيانا الى التعذيب انتزاعا لاعتراف بامر ما .
ذلك لان الغرور يقف عقبة في طريق الصبر ورحابة الصدر .
وما احوج اقضية الناس الى صير لا ينفد يدعمه احساس مستمر بالعجز عن ادراك الحقيقة ، وتواضع جم امام هول المشقة اللازة في سبيل التوصل اليها .
وهذا ما يفسر نشأة القاعدة الاجرائية الناهية عن قيام مامور الضبط باستجواب المتهم ، والناهية كذلك عن تكليف قاضي التحقيق او النيابة اياه بهذا الاستجواب .
وهو ا يفسر كذلك على ضوء الاحداث التاريخية نشاة مبدا تبعية الضبط القضائي من الناحية الرئاسية للنيابة العمومية كي تباشر هذه صفاء ودون تحيز رقابتها على استقامة اعمال الضبط .
بل ان هناك من يخشى على النيابة العمومية طغيان السلطة التنفيذية عليها عن طريق وزير العدل ، بان يتولى التحقيق قضاء للتحقيق يتميز بنزاهة القاضي وعدم خضوعه في عمله لاوامر تصدر له وباستقلال رايه والعمل بوازع من ضميره فحسب .
واما عن الشهادة التي يؤديها مامور الضبط بناءا على استدعاء له لادائها في المحكمة ، فيسري في صددها ما سنراه لاحقا في شان الشهود عموما ، كما يسري ذلك على المعاينة التي يجريها مامور الضبط ويثبت خلاصتها في محضر .
** هذا مقال نقلته من احد المنتديات القانونية
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma