قضاء الإلغاء والأعمال المادية للإدارة
تمهيد
قضاء الالغاء احد اوجه الرقابة على اعمال الادارة، واهمها على الاطلاق، والاقدر على حماية مبدا المشروعية والدفاع عن الحقوق والحريات الفردية، ودور قاضي الالغاء ينحصر في التصرف الاداري محل المنازعة من حيث مطابقته أو عدم مطابقته لمبدأ المشروعية دون ان تمتد هذه الرقابة إلى حيث مدى ملاءمة هذا التصرف بحيث يبقى تقدير هذه الملاءمة من المسائل المتروكة للادارة بما لها من سلطة تقديرية في هذا المجال (1). وعليه، فان الرقابة القضائية هي رقابة قانونية بسلطها القضاء للتعرف على مدى مشروعية العمل الاداري فيقف نشاطه في فحص الاعمال الإدارية عند حد المشروعية أو عدمها دون تجاوزها إلى وزن مناسبات القرار، وغير ذلك مما يدخل في نطاق الملاءمة التقديرية التي تملكها الادارة بغير معقب عليها (2).
ويستنتج من راي الاستاذين الطماوي وجمال الدين ان قضاء الالغاء يقتصر دوره ـ في مجال ممارسته للرقابة على اعمال الادارة في الحكم بمشروعية أو عدم مشروعية التصرف الاداري حيث يلغي هذا الأخير ويبت في تعويض الأضرار الناتجة عنه إذا ما طلب منه ذلك الطرف الطاعن، فلا يجوز له اذن التدخل في عمل الإدارة كان يحل محلها في اصدار قرار، أو ان يامرها بالقيام بعمل معين أو بالامتناع عن القيام به ولا ان يكرهها على ذلك عن طريق الحكم بالغرامات التهديدية، اذ تظل الادارة حرة ـ في نطاق سلطتي الملاءمة والتقدير ـ في اتخاذ ما تراه من القرارات بمقتضى وظيفتها الإدارية طالما ان هذه القرارات غير مخالفة للقانون ومستندة إلى الشرعية وإلا خضعت لمراقبة القضاء الإداري الذي وسع من مراقبته على سلطتي الملاءمة والتقدير في العقود الاخيرة، وضيق من مجالهما لفائدة حريات وحقوق الافراد والجماعات.
على ان هذه الرقابة القضائية تنصب فقط على القرارات الإدارية المحضة دون غيرها من الاعمال والقرارات التي لا تدخل في خانتها حسبما حددته التشريعات واقره الفقه والاجتهاد القضائي، واهم هذه الاعمال والقرارات التي لا تخضع لرقابة قضاء الالغاء من منظور الاجتهاد القضائي المغربي:
1. القرارات الملكية في المجال الاداري،
2. اعمال البرلمان " القانون"
3. الاعمال القضائية " الاحكام"
4. اعمال السيادة أو الحكومة،
5. مقررات الادارة الخاصة،
6. الاعمال المادية للادارة،
7. القرارات الإدارية التي لا تحمل طابعا تنفيذيا،
8. القرارات الصادرة عن الجمعيات والهيئات والأشخاص المعنوية الخاصة.
انظر الهامش (3)
وما يهمنا في بحثنا هذا هي الاعمال المادية للادارة.
يعرف الفقه والاجتهاد القضائي في كل من فرنسا، ومصر والمغرب الاعمال المادية للادارة بانها تلك الاعمال التي تقوم بها الإدارة دون قصد احداث نتائج قانونية جديدة أو تعديل اوضاع قائمة وذلك تنفيذا للمقررات والاوامر الإدارية مثل القاء القبض على الافراد، والاستيلاء على املاكهم، واقامة اعمدة كهربائية أو هاتفية في أراضيهم، والقيام بهدم منازل آيلة للسقوط، الخ. أو ارتكاب اعمال غير قانونية نتيجة خطا احد مستخدمي الادارة كحوادث السيارات والقطارات التي هي في ملكية الإدارة حيث يصيب موظف الادارة أو مستخدمها فردا أو عدة افراد باضرار مادية أو جسدية، أو اصدار منشورات أو تعليمات من جانب الادارة تتعلق بتنظيم داخلي للمرفق العام، أو القيام باعمال غير مشروعة تنطوي على خطا جسيم اثناء التنفيذ وتمس بملكية خاصة أو حرية شخصية وهو ما يطلق عليه اسم " الاعتداء المادي " (4).
وهذه الحالة الاخيرة من حالات الاعمال المادية للادارة هي التي سنتناولها بالدرس والتحليل في هذا البحث نظرا لاهميتها من جهة، ولعدم اجماع المحاكم الإدارية كلها بالمغرب على تحديد موقف موحد منها.
وعليه سنقسم هذا البحث إلى ثلاثة مباحث :
1. المبحث الأول : الاعتداء المادي في الفقه والاجتهاد القضائي الفرنسي.
2. المبحث الثاني : الاعتداء المادي في الفقه والاجتهاد القضائي المصري.
3. المبحث الثالث : الاعتداء المادي في الفقه والاجتهاد القضائي المغربي.
وتتفرع عنه اربعة مطالب.
أ ـ المطلب الأول : مرحلة ما قبل انشاء المجلس الاعلى.
ب ـ المطلب الثاني : مرحلة ما بعد انشاء المجلس الأعلى إلى غاية اصلاح سنة 1974.
ج ـ المطلب الثالث : مرحلة ما بعد اصلاح سنة 1974 إلى غاية انشاء المحاكم الإدارية.
د ـ المطلب الرابع : مرحلة ما بعد انشاء المحاكم الإدارية
المبحث الأول : الاعتداء المادي في الفقه والاجتهاد القضائي الفرنسي
يعرفه الفقه الفرنسي بانه كل عمل مادي تنفيذي غير مشروع ماس بالملكية الخاصة أو بالحريات العامة أو بحقوق الافراد والجماعات صادر عن سلطة ادارية في غير حالة الضرورة أو الظروف الاستثنائية بحيث يصعب ربطه بسلطة الإدارة،
وبالتالي يصبح مجردا من صفته الإدارية، وتفقد الإدارة بسببه كل الامتيازات المعترف لها بها كسلطة عامة فتنزل بذلك منزلة الافراد العاديين، ويخرج عملها هذا عن رقابة القضاء الإداري (5).
اما الاجتهاد القضائي الفرنسي فيعرفه بالعمل المخالف للقانون مخالفة صارخة لا تسمح باعتباره مظهرا لممارسة اختصاص تملكه جهة الإدارة التي اصدرته بدرجة يتعذر معها القول بان يعتبر تطبيقا لقانون أو مرسوم تنظيمي فهو بذلك مقطوع الصلة بينهما لمساسه بالملكية الخاصة أو الحريات الفردية مراقبة الإدارة (7)
والاعتداء المادي لا يتحقق الا بتوافر شرطين : الشرط الأول يقتضي ان هناك مساسا خطيرا بالملكية الخاصة أو الحريات الاساسية والشرط الثاني يستوجب ان يكون تصرف الادارة مجردا من صفة النشاط الاداري، ويصعب ربطه بتنفيذ نص قانوني أو تنظيمي.
الشرط الأول
أ ـ وقوع مساس خطير بالملكية الخاصة
ان الإدارة تلجأ احيانا إلى احتلال عقار أو وضع يدها على منقول مملوك لاحد الخواص دون اتباع الإجراءات القانونية والمسطرة اللازمة لذلك لتجنب طول الإجراءات والمساطر تحت عطاء حالة الاستعجال لتحقيق مصلحة عامة فتخرق بذلك القانون ويجرد عملها هذا من اية صفة ادارية وتنزل منزلة الافراد العاديين، لكن هناك حالات يرفض فيها القضاء تكييف تصرف الادارة على انه يشكل اعتداءا ماديا بالرغم من تعددها وينتقي فيها عنصر المساس بحق الملكية الخاصة مثال ذلك : تشييد طريق من طرف جماعة محلية لحماية المجال الغابوي من الحرائق على قطعة ارضية في ملكية الجماعة نفسها لكنها مسلمة إلى الغير على سبيل الكراء (.
المثال الثاني : وجود اتفاق مبدئي بين الإدارة والمالك أو ترخيص من هذا الأخير للاولى للاستيلاء على ملكه والتصرف فيه بشتى انواع التصرف حيث ينتفي عنصر المساس بحق الملكية وتعدم ظاهرة الاعتداء المادي بالرغم من تحققهما قانونيا (9).
لكن إذا استغلت الإدارة ترخيص المالك واضافت منشات أو قامت بعمليات مهمة جدا غير الواردة في الاتفاق أو الترخيص ودون موافقة المالك مجددا، فاننا نكون بصدد اعتداء مادي حقيقي يرجع النظر فيه للمحاكم العادية(10).
المثال الثالث : العمل المادي غير المشروع الذي لا يرقى إلى درجة الاعتداء المادي بالمفهوم السالف الذكر لارتكابه في ظل حالة الضرورة أو الظروف الاستثنائية مع انه اعتداء مادي فعلا لو ارتكب في ظل الظروف العادية (11).
باستثناء هذه الحالات، فان المساس الخطير بحق الملكية ـ سواء تعلق بالمنقول أو العقار ـ يشكل اعتداء ماديا صرفا.
ب ـ وقوع مساس خطير بالحريات الاساسية
ان مجال نظرية الاعتداء المادي أوسع من مجال نظرية الغصب فهي لا تقتصر على حماية الملكية الخاصة للعقارات وانما تشمل المنقولات ايضا كما تمتد إلى حماية الحريات الاساسية من التصرفات الخطيرة التي قد تصدر عن الادارة ـ الا ان الاجتهاد القضائي الفرنسي يرفض مع ذلك وفي حالات محدودة تكييف تصرف الادارة على انه اعتداء على الحريات الفردية اما لعدم الاتسامة بالخطورة أو الجسامة أو لكون الحرية المعتدى عليها لا تعتبر من الحريات الاساسية (12).
ومن امثلة الحريات الاساسية التي اعتبر الاجتهاد القضائي الفرنسي بان المساس بها يشكل اعتداء ماديا : حرية التنقل، حرية الراي، حرية الصحافة، حرية العقيدة (13، 14، 15)
وقد استقر الاجتهاد القضائي الحديث على ان المساس ايضا بحق ممارسة نشاط مهني هو مساس بحرية اساسية ويشكل في حد ذاته اعتداء ماديا (16).
الشرط الثاني : غياب السند المبرر لتصرف الإدارة
ان تكييف تصرف الإدارة بانه يشكل اعتداء ماديا يقتضي ان يكون هذا التصرف على قدر كبير من الخطورة والجسامة وان يبلغ خرق المشروعية فيه مستوى قياسيا غير معتاد، ومعنى ذلك ان تخرج الإدارة عن حدود القانون وتتصرف بدون سند بمعزل عن القوانين والنصوص التنظيمية التي تحكم ممارسة النشاط الاداري.
ويميز الأستاذ روني شابو في مؤلفه القانون الإداري بين ثلاثة اشكال للاعتداء المادي :
1. قرار متخذ دون أي سند قانوني،
2. تنفيذ جبري خارج الحالات المسموح بها قانونا.
3. غياب قرار مسبق.
وترى محكمة التنازع ان احتلال الادارة لملك خاص دون سند قانوني أو ترخيص من المالك يشكل اعتداءا ماديا (17).
كما ان التطاول على اختصاص سلطة اخرى قضائية أو تشريعية أو غيرهما يعتبر اعتداء ماديا واضحا (18).
وترى كما ان استمرار الإدارة في تجاهل قرار صادر عن القضاء قضى بابطال سند كانت تعتقده صحيحا لتبرير تصرفها يعد من قبيل الاعتداء المادة (19).
المحكمة الإدارية لباريس من جهتها على ان حجز اشرطة تتضمن تسجيلا لمحاضرة بدعوى تهديدها للامن العام يشكل اعتداء ماديا على الحريات الاساسية وتطاولا صارخا على اختصاص القضاء الجنائي الذي يرجع له النظر في مثل هذه النوازل (20).
وفي قرار لمحكمة النقض الفرنسية اعتبر ان صنع السند من طرف الادارة نفسها لتبرير تصرفها يشكل اعتداء ماديا مادام هذا السند غير مرتكز على أساس قانوني (21).
الجهة القضائية المختصة بنظر الاعتداء المادي ان الاجتهاد القضائي الفرنسي والى غاية سنة 1966 كان يعتبر ان المحاكم العادية ( الا في حالات خاصة كحالة الضرورة، وحالة الظروف الاستثنائية) هي المختصة بنظر الدعاوي الناتجة عن الاعتداء المادي مستندا في ذلك إلى التبريرات الاتية :
1. كون هذه المحاكم هي الحامية الطبيعية للملكية الخاصة والحريات الاساسية.
2. كون القاضي العادي في هذه المحاكم يملك سلطة قوية واستثنائية لا يملكها القاضي الإداري للوقاية من الاعتداء أو ايقافه، أو تعويض الأضرار الناتجة عنه، بل تمتد هذه السلطة إلى حد فحص شرعية القرارات الإدارية أو الاعمال المادية التنفيذية المتعلقة بالاعتداء المادي وذلك استثناء وخروجا عن القاعدة العامة التي تمنح الاختصاص للقاضي الاداري كلما تعلق الامر بعمل أو نشاط اداري.
3. كون الاعتداء المادي وطبيعته والشكل الذي صدر عليه، أو الطريقة التي نفذ بها هو الذي انزل الإدارة منزلة الافراد العاديين وافقدها ميزة التقاضي أمام القضاء الاداري واخضعها لمراقبة القضاء العادي الذي يحاكم تصرفها هذا وكانه صادر من الخواص.
الا ان الاجتهاد القضائي ما لبث ان قرر الاختصاص المشترك لجهتي القضاء العادي والقضاء الاداري سنة 1966 بمناسبة القرارين التاريخيين لكل من مجلس الدولة ومحكمة التنازع (22) في قضية جيجون " guigon" (23) واستمرت محكمة التنازع وكذا مجلس الدولة على هذا النهج إلى تاريخه لكن في حالات معدودة ودقيقة (24، 25) ويبقى القضاء العادي في جل قضايا الاعتداء المادي هو المختص بالدرجة الأولى للبث فيها وقاية وذلك بمنع الادارة من القيام بعمله أو تنفيذه (26) أو ايقافا وذلك بايقاف الاشغال الجارية بدون سند في ملك احد الخواص (27) أو ارجاعا للحالة الأولى (28) أو طردا من العقار المحتل تحت غرامة تهديدية (29) أو هدما للبناء أو المنشات المقامة على ملك الغير بصفة غير شرعية.
الا ان الاجتهاد القضائي اشترط بالنسبة للهدم أو الايقاف الا تكون الاشغال الجارية قد اشرفت على نهايتها أو قطعت اشواطا مهمة كلفت مصاريف حيث يكتفي في هاتين الحالتين بالحكم بالتعويض فقط.
وتجدر الإشارة في نهاية هذا المبحث الأول إلى ان الاجتهاد القضائي الفرنسي وحتى بعد قضية guigon"" سنة1966 المشار إليها انفا والتي اقر فيها بالاختصاص المشترك لجهتي القضاء العادي والاداري بنظر دعاوى الاعتداء المادي ـ في حالات محدودة ودقيقة ـ لا زال كله متفقا على ابقاء الاختصاص للقضاء العادي وحده ـ دون غيره ـ بالنظر في طلبات التعويض المرتبطة بالاعتداء المادي كيفما كان نوعه ومصدره وطبيعته، وايا كانت الجهة القضائية التي بتت في اصل النزاع ادارية ام عادية.
انظر على سبيل المثال : حكم محكمة التنازع الصادر فلي 23 يناير1987 في قضية Boisson.
المبحث الثاني : الاعتداء المادي في الفقه والاجتهاد القضائي المصري
1. يعرفه الفقه المصري بانه ارتكاب الادارة لخطأ جسيم اثناء قيامها بعمل مادي تنفيذي يتضمن اعتداء على حرية فردية أو ملكية خاصة، ويكون مقطوع الصلة تماما بالمشروعية اما لخروجه عن اختصاصها أو لكونه داخلا في اختصاصها ولكنها لم تتبع في اتخاذه الاوضاع، والإجراءات القانونية (30).
وهناك بعض الفقه من يطلق عليه " اعمال الغصب والتعدي المادي " ويحتفظ له ببعض الخصائص التي يشترك فيها مع الاعتداء المادي ويبرز المميزات التي يتسم بها كل منهما ونقط الاختلاف والالتقاء بينهما والتي لا يتسع هذا البحث لتعدادها جميعها (31).
في حين يعرفه الاجتهاد القضائي المصري الذي اخذ بمعيار اغتصاب السلطة وبمعيار المخالفة الجسيمة ايضا بانه ارتكاب الإدارة لخطا جسيم وصارخ اثناء قيامها بعمل مادي تنفيذي يتضمن اعتداء على حرية فردية أو على مال مملوك لاحد الافراد أو يتعلق بعيب جسيم ينهض إلى حد اغتصاب السلطة، ويجعل العمل المادي عديم الاثر قانونا.
الا ان ما يجدر ذكره هو ان القضاء الاداري المصري لا يشترط كالقضاء العادي وجود اعمال مادية تنفيذية للقول بتوافر حالة الاعتداء المادي بل يكفي ان يصدر قرارا معدوما يتضمن تنفيذه في طياته دون حاجة إلى تنفيذه فهو يستنفذ غايته بمجرد صدوره كالامر باغلاق مقر جريدة يومية أو منع عقد اجتماع حزبي أو نقابي بكيفية تعسفية وخارج حدود القانون واللوائح الجاري بهما العمل، وهذا ما اكدته محكمة القضاء الإداري في حكمها الصادر بتاريخ 11 مايو 1950 وكذا في حكمها الصادر في 16 دجنبر1953 كما اكدته المحكمة الإدارية العليا في حكمها المؤرخ في 14 يناير1956 وحكمها ايضا في 23 نونبر1968 كما اكدته أيضا المحكمة الإدارية بالقاهرة في حكمها الصادر بتاريخ 17 يونيه 1962.
الجهة المختصة بنظر دعاوى الاعتداء المادي في مصر سبق ان اشرنا إلى هذه النقطة عند تعرضنا للجهة القضائية المختصة بنظر دعاوى الاعتداء المادي في فرنسا وقلنا بانها جهة القضاء العادي باستثناء حالات معينة ومحدودة يختص بها القضاء الإداري خاصة المتعلقة بحالات الضرورة والظروف الاستثنائية كاعلان حالة الحصار، والحرب، واعلان حالة الاستثناء، الخ وان القضاء العادي يختص في الأصل بنظر دعاوى الاعتداء نزاعا ( اي رفع الاعتداء وايقافه ومنعه) وتعويضا. أي جبر جميع الأضرار الناتجة عن الاعتداء المذكور.
اما في مصر فقد كانت المحاكم المختلفة والمحاكم الاهلية، والمحاكم القضائية عموما هي المختصة أساسا بنظر دعاوى الاعتداء المادي إلى ان صدر القانون رقم 112 لسنة 1946 المتضمن انشاء مجلس الدولة المصري واعلان اتباع مصر منذ ذلك التاريخ لنظام القضاء المزدوج حيث اصبحت دعاوى الاعتداء المادي من اختصاصه كما اعترف للمحاكم الإدارية ومحاكم القضاء الإداري بهذا الاختصاص وكرسته ايضا المحكمة الإدارية العليا فيما بعد (32)، على ان محكمة النقض والمحاكم العادية استمرت في الاعلان عن اختصاصها بنظر تلك اسوة بالاجتهاد القضائي الفرنسي (33).
وبالرغم من صدور قانون مجلس الدولة الجديد رقم47 لسنة 1972 والذي جعل هذا المجلس صاحب الاختصاص العام في مجال المنازعات الإدارية بما فيها تلك المتعلقة بدعاوى الاعتداء المادي فان المحاكم الإدارية ومحاكم القضاء الاداري ومحكمة النقص لم تتوازن في الاعلان عن اختصاصها بنظر تلك الدعاوي استنادا إلى انها اعمال مادية صرفة ولا علاقة لها بالقرارات الإدارية متاثرة في ذلك بالاجتهاد القضائي الفرنسي كما اسلف القول (34).
ومن الاحكام التي اعلنت فيها محاكم القضاء الاداري اختصاصها لنظر دعاوى الاعتداء المادي نزاعا وتعويضا نذكر على سبيل المثال فقط حكم محكمة القضاء الإداري دائرة المنصورة المؤرخ في 19 ابريل1987، حكمها ايضا في 23 دجنبر1989 كما نذكر على سبيل المثال كذلك حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بتاريخ 13 مايو1989، وحكمها الصادر بتاريخ 1 يونيه 1985 (35، 36، 37).
ومن الاحكام التي اعلنت فيها المحاكم العادية ومحكمة النقض اختصاصها بنظر نفس الدعاوى نذكر على سبيل المثال ايضا : حكم محكمة جنوب القاهرة الصادر في 18 فبراير1988 حكمها ايضا في القضية رقم 990 لسنة1987، بدفع تعويضات إلى احد ضحايا الاعتداء المادي في مسالة تهم الحرية الشخصية وحكمها في القضية رقم 12 لسنة 1974 وحكم محكمة الاستئناف بالقاهرة الصادر في 17/1/1989 لسنة 105 وحكم محكمة القاهرة الصادر في المادة الاستعجالية بتاريخ 23/12/1989 في القضية رقم 7789 وكذلك حكم استئنافية الاسكندرية بتاريخ 1/9/1982 في القضية رقم 145 السنة 36 وكذلك حكم محكمة النقص الصادر بتاريخ 11/3/1984 في القضية رقم 1570 وحكمها المؤرخ في 14/6/1984 القضية عدد 1656.
ونشير إلى ان طلبات التعويض المرتبطة بدعاوى الاعتداء المادي تطبق بشانها قواعد القانون المدني إذا رفعت إلى
القضاء العادي وقواعد المسؤولية الإدارية إذا رفعت إلى القضاء الاداري كما نشير إلى ان القضاء المصري بنوعيه يحمل الادارة التعويض الكامل إذا كان خطا مرفقيا كما يحمل الموظف المخطئ خطا جسيما كامل التعويض إذا ثبت خطاه الشخصي في حين يوزع المسؤولية بينهما بقدر اسهام كل واحد منهما في الخطا المرتكب عندما يكون هذا الخطا مشتركا، أي مرفقيا وشخصيا، وفي جميع الحالات فان الادارة تؤدي عن الموظف ما نابه على ان ترجع عليه فيما بعد باسترداد ما دفعته لفائدته (38).
المبحث الثالث، الاعتداء المادي في الفقه والقضاء المغربي
يعرفه الفقه المغربي بانه ارتكاب الادارة لعدم مشروعية جسيم وظاهر اثناء قيامها بنشاط مادي تنفيذي يتضمن اعتداء على حق الملكية أو مساسا بحرية من الحريات العامة ويكون في حد ذاته منعدم الاتصال بتطبيق أي نص قانوني أو تنظيم أو حتى باحدى السلطات المخولة للادارة (39).
بينما يعرفه الاجتهاد القضائي المغربي بانه عمل مادي غير مرتبط بأي نص تشريعي أو تنظيمي وليست له اية صلة بالقرارات الإدارية الصادرة عن السلطات الإدارية ونتج عنه ان الإدارة قد تخلت عن صفتها كسلطة متمتعة بالامتيازات ووضعت نفسها في منزلة الخواص العاديين واصبحت تحت رقابة القضاء العادي الذي يطبق عليها في هذه الحالة مقتضيات القانون الخاص (40).
بعد هذين التعريفين سنقسم هذا المبحث الى اربعة مطالب : المطلب الأول : ستتناول فيه الاجتهادات القضائية في مرحلة ما قبل انشاء المجلس الاعلى وسنتناول في المطلب الثاني الاجتهادات القضائية في مرحلة ما بعد انشاء المجلس الاعلى والى غاية الاصلاح القضائي لسنة 1974 وفي مطلب ثالث سنتطرق إلى مرحلة ما بعد سنة1974 والى غاية احداث المحاكم الإدارية وسنتعرض في مطلب رابع إلى مرحلة ما بعد انشاء المحاكم الإدارية.
المطلب الأول : الاعتداء المادي في الاجتهاد القضائي المغربي لمرحلة ما قبل انشاء المجلس الاعلى.
ان مرحلة ما قبل انشاء المجلس الاعلى تنقسم إلى قسمين الأول فترة ما قبل الحماية، والثاني اثناء فترة الحماية.
أ ـ الوضعية في فترة ما قبل الحماية : كان النظام القضائي المغربي مستمدا بدوره من القضاء الاسلامي المستند على الشريعة الإسلامية كمصدر وحيد للقضاء، وكانت المحاكم الشريفة انذاك تتوفر على اختصاص عام وشامل، مدني، اداري، جنائي، شرعي، الخ. إلى جانب وزارة الشكايات التي كانت لها هي الاخرى اختصاصات قضائية فضلا عن اختصاصاتها الادارية حيث شبهها بعض الفقهاء بمجلس قضائي لتلقي الطعون الادارية الرئاسية والبت فيها ضد تعسفات الادارة من جهة وبمجلس للدولة في مجال التسيير الاداري من جهة اخرى، واهم النزاعات التي كانت تختص بها وهي منعقدة كمجلس قضائي :
1. فحص الشطط في استعمال السلطة وكذا اعمال التعدي المرتكبة من طرف الولاة والعمال.
2. النظر في الشكايات المقدمة لاجل ارجاع الاشياء المنتزعة من الافراد بالقوة.
3. النظر والبت في المنازعات الادارية على وجه الاستئناف بعد ان نظرت فيها الادارة نفسها ابتدائيا (41).
وبعبارة اخرى، فهذه المؤسسة تستمد جذورها من ولاية المظالم المعروفة في القضاء الاسلامي المعمول به في الدول الإسلامية وتكرس عدم فصل السلط، اذ كانت وظيفة القضاء موزعة بين القضاة المحترفين والادارة.
وباستقرائنا للاختصاص المذكور نجد ان القضاء المغربي قبل عهد الحماية كان يعرف قضاء اداريا غير مستقل عن القضاء العادي، كما كان يعرف نظرية الاعتداء المادي تحت اسم " اعمال التعدي" المقترفة من طرف الولاة والعمال ومستخدمي الادارة، وكان للمجلس القضائي المذكور وكذا القضاة الشرعيين، والمحتسبين كامل الولاية في اصدار أوامر للادارة بالقيام بالعمل أو بالامتناع عن القيام بعمل كالاخلاء والهدم والقلع والازالة والترميم والاصلاح الخ.
ومعنى ذلك، ان نفس القاضي أو نفس الجهة القضائية تبت في ان واحد في المادة المدنية والمادة الإدارية (42).
ب ـ فترة الحماية : ان المحاكم العصرية الابتدائية منها والاستئنافية كانت تمارس اختصاصا مزدوجا فهي تبت في النزاعات الإدارية إلى جانب القضايا المدنية المعروضة عليها وذلك استنادا إلى مقتضيات الفصل الثامن من الظهير الشريف المؤرخ في 12 غشت 1913 الذي اسند لها الاختصاص بالبت في بعض القضايا الإدارية المحدودة مستثنيا في ذلك عدة نزاعات ودعاوى من اهمها دعاوى الالغاء التي كانت ترفع أمام مجلس الدولة الفرنسي من طرف الفرنسيين المقيمين في المغرب فقط وذلك بموجب ظهير1/9/1928، إلى جانب الطعن بالنقض أمام هذا المجلس نفسه أو أمام محكمة النقض حسب طبيعة النزاع المعروض : عمل إداري ام اعتداء مادي، ام مدني والذي كان مقصورا على الإدارة وحدها دون غيرها.
والقضايا الإدارية المحدودة كما اسلفنا القول حددها الفصل الثامن المذكور فيما يلي: جميع الدعاوي التي ترمي إلى تقرير مديونية الادارات العمومية سواء بسبب تنفيذ العقود المبرمة من جانبها أو بسبب الاشغال التي امرت بها، أو بسبب أي عمل من جانبها الحق ضررا بالغير (43)، كما ان المشرع حمل الإدارة مسؤولية الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير ادارتها وعن الاخطاء المصلحية لمستخدميها ( الفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود)، أو مسؤولية المستخدمين مباشرة وبكيفية شخصية إذا كان هناك تدليس أو اخطاء جسيمة صادرة عنهم اثناء مزاولتهم لوظيفتهم ( الفصل 80 من قانون العقود والالتزامات (44)
ان القضاء في هذه الفترة كان يتميز بعدة خصائص :
1. ازدواجية القانون،
2. وحدة القضاء،
3. عدم وجود قضاء اداري مستقل عن القضاء العادي،
4. الاقرار التدريجي لمبدا فصل السلطات.
حيث جاء في الفصل الثامن من الظهير الشريف المتعلق بالتنظيم القضائي الصادر في 12 غشت 1913 انه يمنع على المحاكم اصدار اوامر للادارة أو العمل على عرقلة أي عمل أو نشاط من نشاطاتها بكيفية مباشرة أو غير مباشرة أو الغاء أي قرار من قراراتها.
لكنه وبالرغم من ذلك فقد استطاع القضاء في هذه المرحلة ان يوفق ما بين متطلبات هذا الفصل ومتطلبات احترام المشروعية، اذ اعتبر ان اعمال التعدي والغصب وبعبارة جامعة الاعتداءات المادية الصادرة من الإدارة على الملكية الخاصة والحقوق الاساسية للافراد والجماعات وحرياتهم الشخصية لا يمكن اعتبارها اعمالا اداريا وبالتالي لا يمكن اضفاء الحماية عليها ومن ثمة فهي تخضع للقضاء العادي (45).
ونظرا لاهمية الاحكام المشار إليها بالهامش نورد مقتطفا للحكم الأول فقد جاء فيه : " واذا كان الفصل الثامن من الظهير الشريف الصادر بشان التنظيم القضائي يمنع المحاكم القضائية من اتخاذ أي اجراء من شانه عرقلة سير المصالح العمومية، فانه لا يمنع هذه المحاكم من ان تحقق في كل الحالات هل توافرت الشروط الجوهرية اللازمة للقول بان هناك عملا اداريا، وبان تنفيذه وقع وفقا للقانون وللمقتضيات الامرة والمبادئ العامة".
كما نورد مقتطفا للحكم الثالث الذي جاء فيه : " إذا كانت القاعدة العامة تقضي بان المحاكم القضائية لا يمكنها ( الا في حالات محدودة) ان تبت بشان مشروعية القرارات الإدارية التنظيمية والفردية على السواء، فان الامر يكون بخلاف ذلك عندما يتعذر بصورة واضحة اسناد القرار الاداري إلى نص تشريعي أو تنظيمي بحي لم يعد يمثل الا مسا بحرمة مسكن وبالتالي مسا بالحرية الشخصية وباحترام حق الملكية : " أي اعتداءا ماديا.
وهكذا يتجلى ان القضاء المغربي كان يعرف نظرية الاعتداء المادي سواء قبل فترة الحماية ام اثناءها، وان الفصل الثامن من ظهير12 غشت 1913 الصادر في عهد الحماية لم يقف حجر عثرة في سبيل بسط الرقابة القضائية على اعمال ونشاطات الادارة غير المشروعة وارجاع الامور إلى نصابها متاثرا في ذلك بالاجتهادات القضائية الفرنسية العديدة في هذا المجال والصادر في ان واحد عن محكمة التنازع ومجلس الدولة، ومحكمة النقض.
لكن هل استمر القضاء على هذا النهج بعد الاستقلال، وخاصة انشاء المجلس الاعلى ؟هذا ما ستتعرض له بحول الله في المطلب الثاني من هذا المبحث الثالث.
المطلب الثاني، الاعتداء المادي بعد تاسيس المجلس الأعلى إلى غاية الاصلاح القضائي لسنة 1974.
اسس المجلس الأعلى كما هو معلوم بمقتضى الظهير الشريف رقم 1-57- 223 المؤرخ في ثاني ربيع الأول 1377 الموافق 27 شتنبر1957 وكان هذا التاسيس اول لبنة في تشييد قضاء مغربي مستقل عن القضاء الفرنسي.
ولقد استمر مبدأ وحدة القضاء ساري المفعول حتى بعد تاسيس المجلس الاعلى. اذ بامكان كل غرفة من غرف هذا المجلس ان تنظر في النزاعات الإدارية إلى جانب الغرفة الإدارية كما يمكن للغرف مجتمعة ان تبت في اية قضية حتى ولو كانت ادارية بالإضافة إلى ان المحاكم الابتدائية والمحاكم الاستئنافية واصلت البت في القضايا المدنية العادية إلى جانب القضايا الإدارية دون تمييز بينهما الا فيما يتعلق بتخصيص غرفة أو قسم خاص بالقضايا الإدارية، وكذا تطبيق قواعد المسؤولية الإدارية المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود مما يكرس مبدا وحدة القضاء وازدواجية القانون.
وفي هذا الاطار ما انفك القضاء المغربي سواء على مستوى الغرفة الإدارية بالمجلس الاعلى، أو على مستوى محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية يعلن استبعاد الاعمال المادية للادارة ـ وعلى الاخص الاعتداءات المادية ـ من مجال مراقبة القضاء وهو ينظر في المادة الإدارية، واخضاعها له وهو يبت في المادة المدنية العادية، أي استبعاد تطبيق القانون العام، وتطبيق قواعد القانون الخاص.
وعلى الرغم من عدم وجود قرارات واحكام كثيرة في هذا المجال كما هو الحال بالنسبة لفرنسا ومصر فان الصادر منها كان مهما جدا وملفتا للنظر كما سياتي بيانه.
ففي قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الاعلى تحت عدد 27 وبتاريخ4/12/1958 ملف عدد 667 (46) اعتبر ان محكمة الاستئناف بالرباط قد خرقت طبيعة سلطاتها عندما فصلت في دعوى مرفوعة ضد الدولة المغربية تتعلق باستيلاء هذه الاخيرة على ارض الطاعنين بدون سند قانوني، وهي تبت في المادة الإدارية في حين كان عليها ان تبت فيها طبقا للقواعد القانون المدني وفي اطار سلطتها القضائية العادية لكون الادارة قامت بعمل مادي لا علاقة له باي شكل من الاشكال بممارسة السلطات التي تختص بها".
وفي قرار لها بتاريخ 21 نونبر1969 (47) اعتبر ان اختصاص المجلس الاعلى رهين بان يكون طلب الالغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة متعلقا بقرار اداري اما إذا كان عملا ماديا بحثا فانه يخرج عن اختصاص المجلس.
وجاء في امر استعجالي صادر عن رئيس المحكمة الإقليمية سابقا بالرباط بتاريخ1 نونبر1969 (48) ما يلي : " وحيث انه إذا كان لا يمكن مخالفة مقتضيات الفصل الثامن من ظهير التنظيم القضائي الصادر في 12 غشت 1913 التي تمنع على المحاكم المدنية اتخاذ إجراءات من شانها ان تعوق عمل الادارات العمومية بعرقلة تنفيذ القوانين الصادرة عنها فينبغي ان تكون القرارات والاعمال التي تتخذها مرتبطة بتطبيق نص قانوني، الشيء الذي لا وجود له في هذه النازلة اذ لم يتخذ أي قرار اداري سابق يستند على مقتضيات نصوص قانونية، وان استناد الادارة على نظرية نزع الملكية غير المباشرة لا يمكن ان يعفيها من الإجراءات المذكورة أعلاه أو يعوضها وان الاعمال التي تقوم بها تكتسي صبغة العنف".
وحيث يتعين والحالة هذه اصدار امر بإيقاف الاعمال من دون ان تتعرض لارجاع الحالة إلى ما كانت عليه من قبل مادام الامر لا يكتسي صبغة الاستعجال بالنسبة لهذا الشق من الطلب.
المطلب الثالث
الاعتداء المادي في الفقه والاجتهاد القضائي المغربي بعد الاصلاح القضائي لسنة 1974 والى غاية احداث المحاكم الإدارية
انه بعد ادخال الاصلاح القضائي لسنة 1974 لحيز التنفيذ ابتداء من فاتح اكتوبر1974 أصبحت المحاكم الابتدائية مختصة بالنظر في القضايا الإدارية بموجب الفصلين 18 و25 من قانون المسطرة المدنية الجديد الصادر ضمن الاصلاح القضائي بتاريخ 28 شتنبر1974 والفصل الأول من قانون التنظيم القضائي الصادر في 15 يوليوز1974 وكذا الفصل الثاني منه ومحاكم الاستئناف كذلك بموجب نفس الفصول في حين وقع التاكيد على اختصاص المجلس الأعلى بنظر طلب الإلغاء ضد المقررات الإدارية في الفصل 353 من قانون المسطرة المدنية الجديد الصادر في 28 شتنبر 1974 وكذا في طلبات النقض ضد الأحكام الانتهائية الباتة في القضايا الإدارية الاخرى غير الالغاء إلى جانب القضايا والنزاعات الاخرى المسندة صراحة إلى المجلس الأعلى والتي لا تهمنا في هذا البحث.
ومما هو جدير بالملاحظة ان الفصل 18 من قانون المسطرة المدنية لسنة1974 منح اختصاصا عاما وشاملا للمحاكم الابتدائية في المادة الإدارية ولم تعد هذه مقتصرة على الدعاوى الرامية إلى اقرار مديونية الادارات العمومية كما كان يشترط الفصل 8 من ظهير التنظيم القضائي لسنة 1913.
وفي هذه الفترة بالذات ـ أي بعد إصلاح سنة 1974 إلى حين إنشاء المحاكم الإدارية ـ صدرت اجتهادات قضائية مهمة في موضوع الاعتداء المادي سواء على مستوى الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى أو على مستوى محاكم الاستئناف أو على مستوى المحاكم الابتدائية وشملت هذه الاجتهادات تفسير الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية لسنة 1974 والذي حل محل الفصل الثامن من ظهير التنظيم القضائي لسنة 1913 السالف الإشارة إليه تفسيرا حكيما وموضوعيا وان أساءت تطبيقه بعض المحاكم متأثرة على ما يبدو بالقرارين الصادرين عن الغرفة المدنية بالمجلس الأعلى الأول بتاريخ 5 يوليوز 1974 في الملف المدني عدد39716 والثاني بتاريخ 24 فبراير1982 تحت عدد 117 في الملف المدني عدد 69038 واللذين سنتعرض إليهما بتفصيل عند مناقشة مقتضيات الفصل المذكور، والتطبيق السليم له.
لكن جل الاجتهادات الصادرة في هذا المجال ـ باستثناء اجتهادات تعد على رؤوس الاصابع من بينها الاجتهادان السابق ذكرهما ـ كانت تكرس اسناد الاختصاص بدعاوى الاعتداء المادي إلى المحاكم الابتدائية والاستئنافية، وهي تبت في المادة المدنية، كما انها كانت تفسر الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية تفسيرا قانونيا سليما وتطبقه تطبيقا صحيحا، وكمثال على ذلك نورد اجتهادات صادرة عن المجلس الأعلى ومحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية خلال هذه الفترة.
ففيما يخص اختصاص قاضي المستعجلات للبت في رفع الاعتداء المادي أو ايقافه أو منعه اكد ذلك المجلس في عدة قرارات نذكر من بينها: قرار المجلس الاعلى عدد 769 صادر في 15 دجنبر1976 وقراره عدد 198 وتاريخ 15 يونيو1979 وقراره عدد 143 صادر بتاريخ 6 يونيو1976 ومما جاء في هذا القرار : " ان قرار عامل إقليم ورزازات القاضي باغلاق مقهى في ظرف مؤقت لموقعه الاستراتيجي قصد مواجهة ظروف طارئة يعد عملا ماديا لا علاقة له بقرار اداري، وعليه، فان طلبات الالغاء بسب الشطط في استعمال السلطة لا توجه الا ضد القرارات الإدارية وليس ضد الاعمال المادية الصرفة (49).
والقرار الصادر في 5 دجنبر1979 تحت عدد 641 (50).
والقرار الصادر تحت عدد 155 بتاريخ : فاتح يوليوز1983 (51) في قضية الجماعة المحلية باولاد ميمون ووزير الداخلية ضد ورثة بن عمر حيث تصدى المجلس نفسه للقضية وامر بطرد الجماعة المحلية من الارض المحتلة من طرفها بدون سند ولا قانون، ومما جاء في حيثيات هذا القرار : " لكن حيث ان احتلال محل الغير بدون حق ولا سند يكون وضعية غير قانونية وغير مشروعة، ومن المصلحة العامة وكذا مصلحة الطرف المعني بالامر جعل حدا لهذه الوضعية في اقرب وقت ممكن، الامر الذي يجعل الدعوى الرامية إلى الحكم بافراغ المحل المحتل بدون حق ولا سند دعوى استعجالية، يختص قاضي المستعجلات بالنظر فيها".
وبالنسبة لاسناد الاختصاص في دعاوى الاعتداء المادي إلى محاكم الموضوع نورد القرارات التالية : قرار عدد371 وتاريخ 20/12/1974 ( قضية الحاج عبد السلام حمادي الصديق ضد عامل إقليم الناضور (52) والقرار عدد 74 وتاريخ 12/3/1992 (53)، ومما جاء فيه : " وبقيام الإدارة بالاعتداء المادي تكون قد تخلت عن صفتها كسلطة متمتعة بالامتيازات ووضعت نفسها في منزلة الخواص العاديين، وتطبق عليها مقتضيات القانون الخاص"
قرار عدد 169 وتاريخ 29 مايو1981 ملف اداري عدد50492.
قرار عدد 184 وتاريخ 8 يونيو1989 ملف اداري عدد 7069 ( قضية نيكولا كوليادس ضد عامل إقليم يفرن ومما جاء في هذا القرار الهام : " ان اعمال التعدي المادية لعدم ارتباطه باي نص تشريعي أو تنظيمي يسمح بهذا المنع، وان النزاع بهذا الشان يعد من اختصاص المحاكم العادية، ولهذا فان الطعن بالشطط يكون غير مقبول.
ومما جاء في القرار رقم 169 : " ان اختصاص المجلس الأعلى ينحصر بالنظر في طلبات الالغاء الموجهة ضد مقررات السلطة الادارية دون غيرها من الاعمال المادية وان الوقائع والملابسات المتعلقة بهذه النازلة تتعلق باعمال مادية صرفة ينبغي عرضها على الجهة القضائية المختصة للنظر فيها ولا صلة لها اطلاقا باي مقرر إداري لهذا يصرح المجلس بعدم اختصاصه بالنظر في الطلب.
ويلاحظ ان المجلس الأعلى يصرح تارة بعدم الاختصاص واخرى بعدم القبول، ويظهر بالنسبة للأولى انه يقصد رفع الاعتداء المادي أو ايقافه أو منعه من طرف المحاكم العادية وبالنسبة للثانية وجود دعوى موازية أو ان الطاعن كان باستطاعته مقاضاة الإدارة والحصول على مبتغاه لدى تلك المحاكم دونما حاجة للجوء إليه.
كذلك القرار عدد 345 المؤرخ في 4 غشت 1978 ملف إداري 54269.
اما على مستوى محاكم الاستئناف فنكتفي بالاشارة إلى : القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بالبيضاء بتاريخ 11 نوفمبر1980 والقرار الصادر عن نفس المحكمة بتاريخ 28 غشت 1982 تحت عدد 1300 (54)
القرار الصادر عن محكمة الاستئناف باكادير بتاريخ 30 يناير1979 تحت عدد 87/78 في الملف رقم 1472.
اما على مستوى المحاكم الابتدائية فتكتفي ايضا بالاشارة إلى : الامر الاستعجالي الصادر عن قاضي المستعجلات بابتدائية اكادير بتاريخ 15 شتنبر1975 تحت عدد 372/76 في الملف الاستعجالي رقم 1155/75.
والامر الاستعجالي الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية باسفي بتاريخ 17 غشت 1989 تحت عدد 263 في الملف الاستعجالي عدد 234، ونظرا لاهمية هذا الامر نورد بعض فقراته، " وحيث ان انعدام مشروعية هذا العمل جسيم وظاهر، اذ ان السيد العامل كآمر، والسلطة المحلية كمنفذة تدخلا في عمل من اعمال السلطة القضائية التي ينص عليها الفصل 76 من الدستور على انها مستقلة عن السلطة التنفيذية والتشريعية الشيء الذي يجعل امر السيد العامل وتنفيذ السلطة المحلية اعتداء ماديا صرفا عاريا عن اية مشروعية.... وحيث ان السلطة الإدارية عند ارتكابها اعتداء ماديا صرفا تسقط عنها الامتيازات القانونية والاجرائية التي خولها اياها القانون لتصبح شخصا عاديا يخضع لرقابة القاضي العادي".
امر استعجالي صادر عن قاضي المستعجلات بنفس المحكمة بتاريخ 23/7/1992 تحت عدد 316 في الملف الاستعجالي عدد 193/92 سيصب في نفس الاتجاه.
ـ التطبيق السليم لمقتضيات الفصل25 من قانون المسطرة المدنية (الفقرة الأولى)
ـ لقد سبق لنا ان ذكرنا بان اجتهاد المجلس الأعلى سواء قبل الاصلاح القضائي لسنة 1974 أو بعده كان يقر باختصاص المحاكم بنظر دعاوى الاعتداء المادي وان مقتضيات الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية لا تحول دون التصدي لها ما دام عمل الإدارة غير مشروع، الا انه في القرارين المشار إليهما انفا ونعني بهما، القرار الصادر بتاريخ 5 يوليوز1974 في الملف المدني عدد 39716 والقرار الصادر بتاريخ 24 فبراير1982 في الملف المدني عدد 69038 (55) ذهب خلاف ذلك واعتمد على مقتضيات الفصل المذكور الذي يمنع على المحاكم عرقلة عمل ونشاط الادارة بالرغم من ان عملها كان خارجا عن نطاق المشروعية، ولا يستند على أي أساس تشريعي أو تنظيمي أو يوجد هناك ارتباط بينهما.
وقد لقي هذا الاجتهاد الأخير انتقادا شديدا من طرف الفقه في ابانه وخاصة من طرف الاستاذين : الحسن الوزاني شاهدي وعبد الله درميش.
ومما جاء في انتقاد الأستاذ عبد الله درميش (56) : " يلاحظ اخيرا ان اعمال الادارة التي تحظى بالحماية القانونية طبقا للفصل 25 من قانون المسطرة المدنية هي الاعمال التي تقوم بها الادارة في دائرة القانون وهي ما عبر عنها المشرع " بعمل الادارات العمومية" اما الاعمال التي تصل إلى درجة الاستيلاء المادي دون سلوك مسطرة قانونية أو وجود ظروف خاصة تسمح بذلك فهي اعمال مادية تزول عنها الحماية القانونية ويرجع النظر للاختصاص فيها إلى المحاكم العادية
بحكم انها الحامية للحريات الفردية والملكية الخاصة...." الا ان المجلس الاعلى وكما اسلف القول تراجع عن هذا القرار : وعاد ليكرس اختصاص المحاكم العادية البت في دعاوى الاعتداء المادي وعدم تطبيق الفصل25 المذكور إذا قامت الادارة بعمل أو نشاط اداري غير مشروع ولا يرتبط مطلقا باي نص تشريعي أو تنظيمي (57).
كما ان محاكم الاستئناف المحاكم الابتدائية سارت على نفس المنوال واصدرت قرارات واحكاما بهذا المعنى (58).
التعويض : لقد سبق لنا ان تعرضنا لهذا الجانب في معرض الحديث عن دعوى الاعتداء المادي " نزاعا وتعويضا" وقلنا بان الاجتهاد القضائي الفرنسي يسند هذا الاختصاص بشقيه إلى القضاء العادي الا في حالات استثنائية ومحدودة جدا يختص بالبت فيها القضاء الاداري، كما قلنا بان القضاء الاداري المصري يختص بالبت فيها بشقيها نزاعا وتعويضا، وينافسه على ذلك القضاء العادي.
اما بالنسبة للاجتهاد القضائي المغربي فقد استقر هذا الاجتهاد على اسناد هذا الاختصاص للمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف وهي تبت في القضايا المدنية العادية إذا كان الامر يتعلق برفع الاعتداء وبالتعويض عنه في ان واحد، اما إذا كان يتعلق بدعوى اصلية بطلب تعويض ناتج عن اعتداء مادي دون طلب رفع الاعتداء فان تلك المحاكم تبت في المادة الإدارية على أساس مسؤولية الدولة المنصوص عليها في الفصلين 79 و80 من قانون العقود والالتزامات (59) وعلى ضوء الفصل 18 من قانون المسطرة المدنية (60).
لكن ما هو الموقف بعد احداث المحاكم الادارية ؟ ذلك ما سنتطرق إليه بحول الله ضمن المطلب الرابع الذي سنقسمه إلى اربعة محاور وخاتمة، سنتناول في المحول الأول : " رفع الاعتداء والثاني " تطبيق الفصل 25 من ق م م والثالث فحص الشرعية" والرابع التعويض" ثم ننهي هذا المطلب بخاتمة.
المطلب الرابع : الاعتداء المادي بعد احداث المحاكم الإدارية
أ ـ رفع الاعتداء : سبق ان اشرنا إلى ان المحاكم الابتدائية والاستئنافية كانت ولا زالت مختصة بنظر دعاوى الاعتداء المادي وهي تبت في القضايا المدنية العادية كما تنظر دعاوى التعويض المرتبطة بها والمستقلة عنها أي طلب التعويض دون سابق دعوى برفع الاعتداء وهي تبت في المادة الإدارية على ضوء الفصل 18 من قانون المسطرة المدنية والفصلين 79 و80 من قانون العقود والالتزامات.
لكن ما هو الموقف بعد احداث المحاكم الإدارية ؟
ان هذه المحاكم احدثت كما هو معلوم بمقتضى قانون 90/41 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 225/91/1 بتاريخ 22 من ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر1993) وشرعت في مزاولة مهامها ابتداء من فاتح مارس 1994 على اثر الخطاب الملكي السامي التوجيهي ليوم 8 ماي1990 بمناسبة تاسيس المجلس الاستشاري لحقوق الانسان والاعلان عن قرب تاسيس المحاكم الإدارية وشرح اسباب انشائها والاهداف المتوخاة منها.
لقد اختلفت المحاكم الإدارية السبع بالمملكة حول اختصاصها بنظر دعوى الاعتداء المادي خاصة رده أو رفعه أو ايقافه أو منعه والسبب يعود إلى كون قانون 90/41 لم يسند لها هذا الاختصاص صراحة، اذ بمراجعة المادة 8 منه يتضح ان المشرع استعمل عبارة " الغاء قرارات السلطات الإدارية " وفي المادة 20 نجده يستعمل عبارة " كل قرار اداري صدر..." وفي المادة 23 استعمل عبارة " يجب ان تقدم طلبات الغاء القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية... وفي نفس المادة " الفقرة الأخيرة " يستعمل عبارة " لا يقبل الطلب الهادف إلى الغاء قرارات ادارية إذا كان ..."
وفي المادة 24 يستعمل نفس العبارة " بوقف قرار إداري ...." وفي المادة 25 نفس الشيء " ينقطع اجل قبول طلب الغاء قرار إداري بسبب..." وفي المادة 44 تستعمل عبارة " قرار اداري عدة مرات".
وهكذا يتضح من خلال تنسيق هذه المواد مع بعضها ان المحكمة الإدارية تختص فقط بالغاء القرارات الإدارية الصادرة عن السلطات الإدارية، مما يعني انها غير مختصة بنظر الدعاوي المتعلقة بالاعمال المادية ومنها دعاوى الاعتداء المادي، اذ لو كانت نية المشرع متجهة إلى ذلك لاستعمل عبارة " الاعمال الإدارية" التي هي اعم، واشمل من القرارات الإدارية، اذ تدخل في الأولى كل القرارات الإدارية والاعمال المادية التنفيذية ومنها الاعتداء المادي.
ومما يؤكد ذلك هو ان المشرع في المادة 44 من نفس القانون نص على احالة تقدير شرعية " القرار الاداري" إلى المحكمة الإدارية من لدن محكمة عادية مدنية ولم ينص على احالة كل عمل اداري أو نشاط اداري إلى نفس المحكمة مما يفيد بمفهوم المخالفة انه ارتأى الابقاء على فحص شرعية كل عمل مادي تنفيذي غير مسبوق بقرار اداري من طرف المحكمة العادية التي يرجع لها الاختصاص كما اسلفنا بنظر دعوى الاعتداء المادي، إلى جانب الدعاوي الاخرى المرتبطة بالاعمال المادية التنفيذية.
ب ـ اختصاص المحاكم العادية بنظر دعاوى الاعتداء المادي وتطبيق مقتضيات الفصل25 من قانون المسطرة المدني
ان اهم ما يصطدم به القاضي العادي وهو ينظر دعاوى الاعتداء المادي هو مقتضيات الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية التي تمنع على المحاكم عرقلة عمل أو نشاط الادارات العمومية.
لكن بالاستمرار في التطبيق السليم لمقتضياته والذي أوردنا نماذج من قرارات واحكام صادرة عن المجلس الأعلى والمحاكم في المبحث الثالث من هذا البحث لتوضيحه والذي يتلخص في كون المشرع لا يحمي الاعمال المادية للادارة غير المشروعة، وان المقصود " بعمل الادارات العمومية" المشار إليه في الفصل المذكور هو العمل المشروع المرتكز على القانون والشرعية، أي المرتبط بنص تشريعي أو تنظيمي كما عبر عنه المجلس غير ما مر في قراراته.
لذا نعتقد جازمين ان اختصاص المحاكم العادية في هذه المسالة قائم وان الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية لا يحول دون هذا الاختصاص إذا ما طبق تطبيقا سليما وحكيما.
ج ـ فحص الشرعية : انه قبل الاصلاح القضائي لسنة 1974
وحتى بعده والى غاية احداث المحاكم الإدارية كان بامكان المحاكم العادية ان تفحص شرعية القرارات الإدارية لا لإلغائها وانما لتحديد الضرر الناتج عن تطبيق قرار غير شرعي، ويقع البت في طلب التعويض بناء على الفصل 18 من قانون المسطرة المدنية، وكذا الفصلين 79 و80 من قانون
منقول للفائدة
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma