أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
 نظام السجون في الجزائر: نظرة على قانون السجون الجديد 580_im11 ENAMILS  نظام السجون في الجزائر: نظرة على قانون السجون الجديد 580_im11

المواضيع الأخيرة

» مدونة القوانين الجزائرية - محدثة يوميا -
 نظام السجون في الجزائر: نظرة على قانون السجون الجديد I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed

»  شركة التوصية بالاسهم -_-
 نظام السجون في الجزائر: نظرة على قانون السجون الجديد I_icon_minitimeالجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin

» مكتبة دروس
 نظام السجون في الجزائر: نظرة على قانون السجون الجديد I_icon_minitimeالإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
 نظام السجون في الجزائر: نظرة على قانون السجون الجديد I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
 نظام السجون في الجزائر: نظرة على قانون السجون الجديد I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
 نظام السجون في الجزائر: نظرة على قانون السجون الجديد I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
 نظام السجون في الجزائر: نظرة على قانون السجون الجديد I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin

» بحث حول المقاولة التجارية
 نظام السجون في الجزائر: نظرة على قانون السجون الجديد I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl

» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
 نظام السجون في الجزائر: نظرة على قانون السجون الجديد I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique

» الدفاتر التجارية:
 نظام السجون في الجزائر: نظرة على قانون السجون الجديد I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma

ENAMILS


كتاب السنهوري


    نظام السجون في الجزائر: نظرة على قانون السجون الجديد

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

     نظام السجون في الجزائر: نظرة على قانون السجون الجديد Empty نظام السجون في الجزائر: نظرة على قانون السجون الجديد

    مُساهمة من طرف Admin الأربعاء أغسطس 07, 2013 5:26 pm




    نظام السجون في الجزائر: نظرة على قانون السجون الجديد

    أ . مصطفى شريك

    باحث في الجريمة والانحراف- جامعة محمد بوضياف بالمسيلة - - الجزائر





    أولا: مقدمة الدراسة

    مما لاشك فيه هو أن الانحراف بمختلف أشكاله يعتبر خروجا عن المعايير الاجتماعية المتعارف عليها، مما يجعل من ظاهرة الانحراف كظاهرة اجتماعية محل رفض ومعارضة من قبل المجتمع وأفراده، والواقع أن شدة هذا الرفض من قبل المجتمع هذا أو ذاك تبقى عملية متفاوتة ومتباينة حسب طبيعة المجتمع، وآليات الضبط المعتمدة فيه.

    كما تعد ظاهرة الانحراف ظاهرة اجتماعية وقانونية، تتضافر العديد من العلوم والفنون لأجل فهمها، وتفسيرها، وإيجاد الحلول لمواجهتها ، والتحكم فيها، ذلك أن السلوك الانحرافي أو الفعل الإجرامي ما هو إلا عدوان على الحقوق، وانتهاك للقيم والأخلاق الاجتماعية الثابتة، وهو أيضا انتهاك للقيم والآداب، وعدوانا على الأشخاص والأموال والممتلكات، مما يجعل من الانحراف ظاهرة سلبية لها آثار خطيرة على أمن الفرد وسلامة المجتمع، خصوصا إذا عرفت لواقعها استفحالا، وانتشارا في مختلف جوانب الحياة، مما يجعل من هذه الظاهرة بيئة خصبة للدراسة والمعالجة، ومكانة تأخذ طابع التميز في البحث لدى الكثير من الدارسين، وفي مختلف العلوم والفنون، خصوصا من رجال القانون والنفس والاجتماع والتربية.

    لما تتضافر هذه العلوم كلها من اجل فهم ظاهرة الانحراف أو تفسير الفعل الإجرامي والوقوف على محركاته، فإنه وبلا شك سنكون أمام تناولات عدة، تجعل من الدراسة والبحث آلية مثلى لإرساء منهجية علمية في التعامل مع الظاهرة، ومقابلتها برد فعل اجتماعي منطقي وعقلاني، مبني على أسس علمية، ومنهجية واقعية، ذلك أنه في أي مجتمع من المجتمعات لما يحدث وأن يرتكب شخص ما فعلا مخالفا للضوابط الاجتماعية المتعارف عليها داخل ذلك المجتمع، يقابله رد فعل قد يطلق عليه عقابا أو إصلاحا، أو حتى علاجا، حسب طبيعة الفعل المرتكب، والضرر الناجم عليه، ومن منظور البيئة المرتكب فيها الفعل.

    وفق هذا المدخل كانت دراستنا الحالية محاولة لبحث دور المؤسسات العقابية باعتبارها مؤسسات اجتماعية، يتم فيها تنفيذ الحكم القضائي الصادر بحق من ارتكبوا أفعالا مخالفة للقانون، وأصبحوا بموجب القانون أفرادا محكوما عليهم، يستوجب إيداعهم بمؤسسات الاحتجاز، والتي تعرف في أغلبية المجتمعات بمؤسسات السجون، وسيكون محور دراستنا هذه هو آلية التعامل مع المسجونين المودعين بمؤسسات السجون في الجزائر وفق ما تمليه لوائح ومواد قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين بالمقارنة مع ما توصي به لوائح وتوصيات القوانين الدولية المتعارف عليها في إطار القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء التي اعتمدتها الأمم المتحدة في مؤتمرها الأول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين، أو ضمن ما أقرته الجامعة العربية في القانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون، حيث أوصت كل من هيئة منظمة الأمم المتحدة و جامعة الدول العربية بضرورة تطبيق أساليب وقواعد تقوم على مبدأ الدفاع الاجتماعي الذي يحفظ للمحبوس كرامته الإنسانية، ولا يحط من قيمته كإنسان.

    ثانيا: إشكالية الدراسة:

    تتمحور إشكالية الدراسة في نقطة أساسية نحاول معالجتها ألا وهي واقع عملية تأهيل وإصلاح السجناء بمؤسسات السجون في الجزائر باعتبار السجن مؤسسة اجتماعية كغيرها من المؤسسات التي تحاول إكساب الفرد جملة من السلوكات الاجتماعية المقبولة والتي لا تتعارض مع السلوكيات الاجتماعية المتبعة، من هنا كان دور السجون إعادة تربية الفرد النزيل، أو بالأحرى إعادة شخصنته بما يتوافق والآداب العامة، والقيم المتوافق عليها، بالتنسيق مع مختلف أجهزة التنشئة الاجتماعية والمؤسسات الرسمية وكذا جمعيات المجتمع المدني.

    تعتبر عقوبة السجن أحد أنواع الأساليب العقابية التي تقع على الأشخاص (مثل عقوبة التعذيب الجسدي، الغرامات المالية، النفي والإبعاد، عقوبة الإعدام...)، وليس كل الأشخاص بل المحكوم عليهم نتيجة اقتراف أفعال إجرامية مست بأمن المجتمع، وسلامة أفراده، وعقوبة السجن هي من العقوبات الماسة بالحرية ومقيدة لها، بحيث يوضع المحكوم عليهم في بيئة مغلقة.

    إن أسلوب تطبيق الجزاء الجنائي في المؤسسات العقابية هو أسلوب يمثل نظام قائم بذاته، له فلسفته الخاصة، وشروطه المقننة التي تحكمه، والأسس التي تحدده، وترسم أهدافه المرجوة، كل ذلك يؤكد على أن نظام العقاب هو منظومة بحجم المنظومات الأخرى التي تحتاج بدورها إلى الكثير من الاهتمام. ويعتبر مفهوم السجن مفهوم قديم، إذ تم وروده في الكثير من التناولات لما يمثله من ارتباط بواقع الحياة العامة للفرد والمجتمع، ولأجل أن تكون المؤسسات العقابية أو الإصلاحية بمثابة مؤسسات اجتماعية، وتساهم كغيرها من المؤسسات في إعادة تربية الأفراد المنحرفين، وتأهيلهم اجتماعيا، وتربويا، ومهنيا، والتكفل بهم صحيا، ونفسيا، ينبغي على المجتمع توفير الآليات الكفيلة بإنجاح هذا الدور، وهنا يطرح السؤال هل المؤسسات العقابية أو الإصلاحية بإمكانها أن توفي بالغرض الذي أنشأت من أجله؟، بتعبير آخر هل النصوص التنظيمية الجديدة تتوافق وآلية تأهيل المحبوسين وإعادة إدماجهم اجتماعيا التي يفرضها الواقع وتتماشى ومبادئ الخدمة الاجتماعية باعتبار أن ما يقدم من تكفل في السجون هو خدمة تقدم من قبل المجتمع لأفراده الذين انحرفوا عن المعايير التي يقرها ذلك المجتمع؟، هذا التساؤل يجعلنا نحاول استكشاف المنظومة العقابية المطبقة في الجزائر على ضوء النصوص التنظيمية المتخذة في تطبيق قانون السجون بالمقارنة مع ما تمليه المعاهدات الدولية في مجال رعاية المسجونين والتكفل بهم، وكذا إعادة إدماجهم في المجتمع كأفراد أسوياء، وهذا في قراءة تحليلية لما ورد في نصوص القانون الجديد رقم 05- 04 المؤرخ في 27 ذي الحجة عام 1425 الموافق لـ06 فبراير سنة 2005، المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين.

    رابعا: المفاهيم الأساسية للدراسة:

    1- مفهوم السجن:

    وردت الإشارة إلى كلمة السجن في القرآن الكريم في قصة سيدنا يوسف (عليه السلام) عند قوله تعالى ﴿ يَا صَاحِبَيِ السّجْن أأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْر؟ أَمِ اللهُ الوَاحِدُ القَهّار﴾ ( سورة يوسف (الآية 39)، وكانت هذه الآية حول رؤيا لسيدنا يوسف (عليه السلام)، وقوله تعالى أيضا ﴿ قَال رَبّ السجنُ أحَبُّ إليَّ ممّا يَدْعُونَنَي إِلَيْه...﴾ (سورة يوسف (الآية 33).

    ومعنى السجن في اللغة هو الحبس، والحبس معناه المنع، ومعناه الشرعي هو تعويق الشخص ومنعه من التصرف بنفسه، سواء أكان في بلد أو بيت أو مسجد أو سجن معد للعقوبة أو غير ذلك (عزالدين الخطيب التميمي وآخرون،(د. ت)، ص 239)، والسجن بالكبير المحبس، وصاحبه سجان، والسجين المسجون (عبد الفتاح خضر،1984، ص 16).

    أما اصطلاحا فيقصد بالسجن تلك المؤسسات المعدة خصيصا لاستقبال المحكوم عليهم بعقوبات مقيدة للحرية (اسحق إبراهيم منصور، 1989، ص 163) وسالبة لها وهي تشترك في ذلك مع الحكم بالأشغال الشاقة والاعتقال، حيث يحرم المحكوم عليهم من الخروج أو متابعة الحياة بشكل عادي وفي أجواء طليقة، والحيلولة دون ممارسة أي نشاط ما، وعادة ما يرتبط بالسجون عدة مفاهيم وتسميات مثل الإصلاحيات أو مراكز التأديب أو دور الإصلاح والتهذيب أو التقويم أو مؤسسات إعادة التربية أو غير ذلك من التسميات (اسحق إبراهيم منصور، 1989، ص 163)، كما يعرف النظام القانوني الجزائري السجن أو المؤسسة العقابية على أنها "هي مكان للحبس تنفذ فيه وفقا للقانون العقوبات السالبة للحرية، والأوامر الصادرة عن الجهات القضائية، والإكراه البدني عند الاقتضاء" (المادة (25) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين لسنة 2005).

    أما السجين فيعرف على أنه "الشخص الذي منعت حريته بقصد تعويقه ومنعه من التصرف بنفسه ونقصد بالسجين هنا الشخص الذي عوق ومنع من التصرف بنفسه سواء كان ذلك من خلال وضعه في بيت أو مسجد أو قبوا كما كان سائدا في الوقت الماضي أو كان ذلك من خلال وضعه في بناء مقفل يوضع فيه الأشخاص المتهمون في انتظار محاكمتهم أو تنفيذ الأحكام الصادرة ضدهم كما هو سائد ومعمول به في الوقت الحاضر" (عبد الله عبد العزيز اليوسف، 1999، ص 176)، وهو ما يتوافق مع ما ذهب إليه المشرع الجزائري في تعريفه للسجين أو المحبوس والذي يقال عنه أنه "الشخص الذي ارتكب جريمة أو أكثر، مخالفا بذلك نصا في القانون عمدا، ومودعا في إحدى المؤسسات العقابية" (محمد حسن غانم، 1994، ص75)، وهذا التعريف له الخصائص الآتية:

    1- ركز على الفرد المرتكب لجريمة أو أكثر.

    2- من المحتمل أن يرتكب الفرد جريمة أو أكثر.

    3- أن ارتكاب الجريمة يكون بصورة عمدية وليست عفوية.

    4- أن المسجون لابد وأن يودع في إحدى المؤسسات العقابية.

    ويشترط في السجن أن يكون مكانا لاستقبال كل من كان على استعدادا للإصلاح والتربية والتقويم، لأنه لو يفقد المحكوم عليه هذه القابلية للإصلاح فلن يجدي إيداعه في السجن، وبالتالي وجوب تسليط آلية أخرى لتطبيق الحكم عليه كبديل للإيداع في مؤسسة السجن.

    كما أرتبط مفهوم إعادة التربية بمفهوم السجن، الذي هو الآخر مرادف لمفهوم الحبس، ومؤسسات إعادة التربية هي مراكز للتكفل والتأهيل، وهو وصفا لم يكن من قبل، وإنما جاء بعد مراحل، لتحل بذلك "فكرة التهذيب والإصلاح محل فكرة الزجر والردع، وتجاوزت رسالة السجن عن حد وقاية المجتمع من الخارجين على نظمه إلى المساهمة إيجابيا في تقدم المجتمع بتخريج أكبر عدد ممكن من نزلائه إلى الحياة الاجتماعية مهيئين مهنيا وثقافيا واجتماعيا، وصالحين جسميا وعقليا لاستعادة أماكنهم في عملية الإنتاج في المجتمع" (سلوى عثمان الصديقي وآخرين،2002، ص 263)، وبهذا لا فرق بين مؤسسة إعادة التربية والمؤسسة الإصلاحية في التسمية، ذلك أن مراكز إعادة التربية لم تكن سوى بيوتا للإصلاح والتقويم كما عبر عن ذلك السيد رمضان عندما تحدث عن تحول دور السجن من العقاب إلى الإصلاح وأنه "لم يصبح الغرض من إرسال السجين إلى السجن القضاء عليه أو الانتقام منه، وإنما إبعاده عن المجتمع فترة يشعر فيها بالندم، ويعاد علاجه وتأهيله للتعاون مع المجتمع تعاونا مثمرا بناءا" (سلوى عثمان الصديقي وآخرين، مرجع سابق، ص263)، ومن هذا تصبح مؤسسة إعادة التربية (دراسة للباحث منشورة بالشروق اليومي، العدد 660، 2002) مؤسسة علاج، ومؤسسة رعاية، ومؤسسة تأهيل، ومؤسسة إدماج، ونحن هنا نعرف السجون على أنها تلك "المؤسسات المعدة لاستقبال المحكوم عليهم بعقوبات مقيدة للحرية، وعادة ما تسمى بمراكز التأهيل أو الإصلاحيات، هدفها تأهيل السجين اجتماعيا، ونفسيا، وصحيا، ومهنيا، وفكريا، ودينيا،...، حتى يجد نفسه بعدها مندمجا ضمن سياق اجتماعي وتفكير رسمي، متطلعا إلى الارتقاء بشخصيته إلى مرتبة الإنسان الواعي والمسئول".

    2- مفهوم التأهيل:

    إن كلمة التأهيل في العربية تعني في الواقع مساعدة الشخص وخدمته، ويقابلها في اللغة الفرنسية كلمة ( Réhabilitation ) والتي تعني مساعدة الشخص العاجز على التكيف ( Adaptation )، أو العمل على إعادة تكييفه ( Réadaptation ) (صالح شيخ كمر،(د. ت)، ص 205)، وهو يعني بذلك عملية تنشئته وإعداده وفق ما تستدعيه خدمته ليتمكن من استعادة قدراته وقواه التي فقدها.

    تختلف النظرة للتأهيل حسب اختصاص كل عالم أو باحث، أو حسب نوعية البحث ومجال تموقعه، وفي هذا نجد أن نظرة علماء النفس لعملية التأهيل على أنه "العملية التي يصل بها الراشدون في المراحل المختلفة من مشاعر العجز والاضطراب الانفعالي والتبعية إلى تحقيق استبصار جديد في ما يتصل بأنفسهم، وإلى اكتساب المهارات اللازمة لحالتهم الجديدة، وإلى أسلوب جديد من السيطرة على انفعالاتهم وبيئتهم" (توماس. ج. كارول، 1964، ص132)، والمقصود من هذا هو العمل على تحرير الشخص من كل ما يعتريه من سمات شخصية سلبية مثل العجز واليأس، وبعث فيه روح التمسك بالحياة من خلال الاستناد على ركائز ودعامات قوية للتصدي لأي عارض سلبي.

    أما علماء الاجتماع فينظرون إلى عملية التأهيل على أنها "عملية تستند ما وسعها الاستناد إلى قوة الجماعة ومؤازرة الجماعة، ولكنها تشكل بدقة على مقاس الطابع الفرد للشخصية والمشكلات النوعية الخاصة بكل فرد الذي تجرى له عملية التأهيل"(توماس. ج. كارول، 1964، ص133)، وهذا يشير إلى إمكانية تعدد أوجه عملية التأهيل، وفي نفس الوقت أن يكون التأهيل كلا متكاملا، وكما ينبغي أن يبدأ من مقعد المؤسسة التي يودع فيها الشخص، وبذلك تتنوع الإجراءات التي تقوم عليها التأهيل وتعتمد عليها وفق ما تفرضه مبادئ الخدمة الاجتماعية، لأنها كما يرى –ورنهايم- عملية "تهدف إلى مساعدة الأفراد والجماعات عن طريق الأنشطة الموجهة نحو علاقاتهم الاجتماعية، بما في ذلك التفاعل بين الإنسان والبيئة المحيطة، وتؤدي هذه الأنشطة ثلاث وظائف رئيسية وهي علاج يلحق بالأفراد من أضرار في قدراتهم وتقديم الخدمات الفردية والجماعية والوقاية من الآفات الاجتماعية" (أحمد مصطفى خاطر، ط2، 1995، ص 124)، وهنا تكمن الفائدة الفردية، كما أنها توجد مصلحة اجتماعية، مما يجبر المجتمع على تطبيقها (إجراءات التأهيل) قهرا بصرف النظر عن إرادة الجاني(أحمد مصطفى خاطر، ط2، 1995، ص 133)، مثل هذه العملية تستوجب توفر طاقات كبرى لأنها تلقي بأعباء جسيمة على هيئة الأخصائيين، ذلك أن التأهيل الحقيقي هو "علم وفن مما يتطلب سعة في المعرفة والخبرة، كما يتطلب القدرة على منح الحب الناضج، إنها (عملية التأهيل) تتطلب القدرة على تقديم العون، والقدرة على سحب هذا العون في الوقت المناسب بالطريقة المناسبة، فكل عون ينبغي أن يكون عونا في اتجاه الاعتماد على الذات.

    إن برنامج التأهيل الشامل إنما هو نسيج مرهف تتداخل فيه المهارات والاتجاهات لصالح الشخصية الكلية(توماس. ج. كارول، 1964، ص133)، ومن هذا فإن التأهيل قبل أن يكون مهمة مسؤولية إنسانية بالدرجة الأولى من تعديل اتجاهات الأفراد المنحرفين وتهذيب طبائعهم وتهيئتهم للحياة العادية، وتعويدهم على احترام النظام، والامتثال لضوابط المجتمع من قانون وعرف وتقاليد...

    يمكن القول أن التأهيل الذي قيل عنه أنه عملية دراسة وتقييم قدرات وإمكانات الفرد العاجز، والعمل على تنمية هذه القدرات لتحقيق أكبر نفع ممكن له في الجوانب الاجتماعية والشخصية والبدنية والاقتصادية (أحمد مصطفى خاطر، 1997، ص 265)، هذا التأهيل لا يمثل غاية، بل هو وسيلة إلى هدف نهائي وهو تحقيق زيادة في القدرات الشخصية إلى أقصى حد ممكن، وتحقيق القوة الجسمانية والمعنوية، حتى يقبل على الحياة ويعيش فيها حياة طبيعة، ويشمل التأهيل أنواعا مختلفة منها الجانب الاجتماعي والنفسي والصحي، والتأهيل المهني والتعليمي، والتهذيب الديني والأخلاقي وحتى الخدمات الترفيهية والترويحية التي يكون توفيرها أمرها ضروريا، ونعني بالتأهيل في دراستنا هذه "مجمل الأساليب المتبعة في مؤسسات إعادة التربية، سواء الخاصة بالمنحرفين الأحداث أو البالغين، والمتضمنة في الإجراءات التربوية والاجتماعية والنفسية والصحية والمهنية والتعليمية والتهذيبية وحتى الترفيهية، التي تقوم على أسس الخدمة الاجتماعية التي يقصد من ورائها إصلاح المحكوم عليه وإعادة إدماجه في المجتمع كفرد سوي".

    خامسا: الدراسات السابقة

    قبل أن نعرض لتراث الدراسات العلمية السابقة التي تناولت السجون عامة وعملية التأهيل والإصلاح داخل السجون، وكذا كيفية التعامل مع المسجونين، تجدر الإشارة إلى أنه هناك قلة محسوسة في الدراسات التي تناولت قضايا السجون، إن لم نقل هناك ندرة، باعتبار المواضيع التي تتعلق بالسجون وأوضاع المساجين هي من الطابوهات والمحرمات التي يمنع البحث فيها، وهذا لطبيعة النظام السياسي السائد في البلاد العربية، مما جعل المؤسسات المغلقة البحث فيها من القرارات المغلقة وبإحكام شديد، إلا أنه وفي السنوات الأخيرة بدأ عصر الانفتاح على القضايا المتعلقة بالسجون والسجناء، وبدأت المنظمات المهتمة تلج القطاع، ولكن بحذر.

    صدرت بعض الدراسات التي تناولت السجون والتي يعود فيها الفضل لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية التي سهرت على الإشراف على الكثير من الرسائل الجامعية المتعلقة بالموضوع، وكذا تخصيص العديد من ندواتها لموضوع السجون، كما كانت هناك بعض المحاولات لكنها تعتبر دراسات إما رسمية، من تقارير ومناشير، أو محاولات كتابة لا تستند إلى التحكيم والمنهجية العلمية.

    1) دراسة سلطان بن صالح الغفيلي (1426هـ)، تحت عنوان "دور مديري السجون في تفعيل البرامج الإصلاحية للنزلاء)، وهي دراسة تمثل محاولة لكشف دور القائمين على السجون في العمل على تطوير نظم المؤسسات العقابية أو الإصلاحية وتسييرها بطرق حديثة، وقد استخدم فيها الباحث المنهج الوصفي، معتمدا في ذلك على المسح الاجتماعي الشامل لعينة من الضباط العاملين بالمؤسسات الإصلاحية والسجون الرئيسية بالمملكة العربية السعودية، وقد كشفت هذه الدراسة على أن هناك دعما أقل من قبل مدراء المؤسسات العقابية والإصلاحية في متابعة برامج التهذيب الديني والأخلاقي، على الرغم من أن هذا التدبير هو واحد من أعمدة التأهيل وإعادة التربية والإدماج بالنسبة للنزلاء، إذ سجل نقص في تدعيم اختبارات حفظ القرآن الكريم، ونقص في تدعيم برامج الوعظ والإرشاد (عبد العزيز عبد الله الشعيبي، 2007، ص10).

    2) دراسة حسن بن محمد عبد الرحمن الأحمري (1419) تحت عنوان (فاعلية برامج السجون في تغير اتجاهات النزلاء وسلوكهم)، استخدم الباحث في هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي معتمدا في ذلك على المسح الاجتماعي الشامل سواء كانت دينية أو ثقافية أو منهجية على تغير اتجاهات النزلاء وتعديل سلوكهم، وقد خلصت الدراسة إلى بعض النتائج من أهمها(عبد العزيز عبد الله الشعيبي،2007، ص11):

    - أن نسبة 90 % من مجموع أفراد العينة قد اقتنعوا بضرورة مشاركتهم في البرامج الإصلاحية المعتمدة وهذا لمنفعتهم الشخصية.

    - أن نسبة 85 % من مجموع أفراد العينة يشاركون في البرامج هذه بهدف إرضاء القائمين على المؤسسات بغية الحصول على العفو.

    كما توصلت الدراسة هذه إلى نتائج جد هامة حول البرامج والتدابير المتخذة في المؤسسات العقابية أو الإصلاحية، إذ وجد أن البرامج الدينية والتهذيبية المقدمة قد ساهمت في تعديل سلوك النزلاء بما نسبته 81.25 % ، كما ساهمت البرامج الثقافية في ذلك بنسبة 78 % ، أيضا ساهمت البرامج الاجتماعية بنسبة 75.25 % ، وبرامج التدريب المهني بنسبة 74.75 % ، والبرامج الرياضية بنسبة 73.5 % .

    كما أظهرت الدراسة أن تأثير البرامج المعتمدة في السجون على مجمل علاقات النزلاء بأسرهم وذلك بنسبة 85.25 % ، أما تأثير البرامج على تعديل سلوكيات النزلاء بنسبة 87.25 % ، واتفقت مفردات العينة حول المشكلات التي تضعف أثر البرامج الإصلاحية وحسب الترتيب هي: انشغال النزلاء بالمشكلات الأسرية عن متابعة برامج التأهيل، والرغبة والتفكك الأسري والشجار مع النزلاء.

    وأهمية الدراسة هذه تكمن في معالجتها للمشكلات التي قد تعترض برامج التأهيل وإعادة الإدماج بالنسبة لنزلاء المؤسسات العقابية والإصلاحية والوقوف على أهم مشكلات السجناء ومدى ارتباط البرامج والإجراءات المتخذة في طرق وأساليب المعاملة على سلوكيات النزلاء ومدى تقبلهم لها، وكذا الامتثال للضوابط المعتمدة قصد الوقوف على سلبيات وإيجابيات هذه التدابير ومن ذلك تقييم البرامج وتقويمها.

    3) هي دراسة للباحث السعودي العبيد (2004) تحت عنوان (مدى فاعلية المؤسسات الإصلاحية)، وهي دراسة اجتماعية لتغير اتجاهات نزلاء المؤسسات الإصلاحية نحو بعض القيم الاجتماعية والمعايير السلوكية، وكانت هذه الدراسة تهدف إلى معرفة مدى فاعلية المؤسسات الإصلاحية في تأهيل نزلائها، حيث اعتمد الباحث المنهج الوصفي التحليلي وذلك عن طريق عملية المسح الاجتماعي الشامل، واستخدم في جمع بيانات الدراسة استمارة بحث ضمت من البنود التي تخدم محتوى الموضوع.

    خلصت دراسة العبيد إلى جملة من النتائج كان من أهمها وما يرتبط بدراستنا الحالية ما يلي (طارق بن محمد زياد الزهراني، الرياض، 2004، ص34):

    - وجد أن هناك محدودية في الاتجاهات الإيجابية نحو مختلف القيم والمعايير.

    - أن هناك علاقة إيجابية وقوية بين مدة بقاء النزيل في الدار ورأيه في الوسائل المؤسسية والمناخ المؤسسي.

    - أن هناك تذبذبا محدودا في قيمة معامل الارتباط بين المدة والاتجاهات نحو مختلف القيم والمعايير السلوكية والاتجاه العام عند ضبط المتغيرات الشخصية.

    - أن متغيري عدد مرات الدخول إلى الدار ومدة البقاء السابقة لهما تأثير سلبي على العلاقة بين المدة واتجاه النزيل.

    - يظهر بوضوح أثر متغير طريقة قبول الأسرة للنزيل بعد الإفراج عنه، أي بمعنى كل ما توقع النزيل استقبال جيد من أسرته فإن اتجاهه يتأثر بشكل إيجابي أكبر.

    كما خلص الباحث في الأخير إلى نتيجة مؤداها أن المتغيرات المؤسسية لها تأثير إيجابي قوي على العلاقة بين المدة والاتجاه نحو مختلف القيم والمعايير السلوكية والاتجاه العام.

    سادسا: منهج الدراسة

    يعرف الدكتور عبد الرحمن بدوي منهج البحث على أنه "الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم بواسطة طائفة من القواعد العامة التي تهيمن على سير العقل وتحديد عملياته حتى يصل إلى نتيجة معقولة" (عبد الرحمن بدوي، القاهرة، 1993، ص 97)، وطبيعي أن تعتمد دراستنا على منهج علمي نستند فيه وعليه للوصول إلى فهم أكثر لواقع الحال، لذا كانت هذه الدراسة في مجملها تعتمد على منهج تحليل المضمون كأحد أساليب البحث العلمي الوصفي والذي يعد حسب تعريف برلسون (1952 berlson ) " أحد الأساليب البحثية التي تستخدم في وصف المحتوى الظاهري أو الصريح وصفاً موضوعياً منتظماً وكمياً" (عبد الحفيظ عبد الحبيب الجزولي، محمد عبد الرحمن الدخيل، الرياض، 2000، ص 185).

    إذا كنا نعتمد في دراستنا هذه على منهج تحليل المضمون، فإنه ولابد من الاعتماد أساسا على قراءة تحليلية للنصوص القانونية الواردة في قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين الصادر في سنة 2005، وتحليل هذه النصوص القانونية من منظور سوسيولوجي يستند على بعض الأرقام الإحصائية، كما يعتمد في هذه الدراسة على مراجعة نظرية مقارنة للقوانين المتعلقة بالسجناء حسب ما تقره القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء لمنع الجريمة ومعاملة السجناء الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة، وكذا القانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون الصادر عن الجامعة العربية، وذلك بغية تقديم دراســة منهجيـة، من خلال إتباع طريقـة منظمة، وصارمة، متمثلة في أسلوب تحليل المضمون.

    سابعا: السجن من منظور التشريع الجزائري

    تعتبر الجزائر كغيرها من الدول التي أقرت قوانين وسنت شرائع خاصة بالسجناء أو المحبوسين وفق ما تمليه قواعد وأسس معاملة السجناء التي تقرها الأمم المتحدة في القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، حيث صدر القانون السابق المتمثل في الأمر رقم 72/ 02 المؤرخ في 10 فيفري 1972 المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين، أين جاءت فاتحة القانون مؤكدة على ما يلي:

    - تمسك الجزائر بالحريات الفردية ومبدأ المساواة في العقوبات التي تحافظ السلطة القضائية عليها وتقوم بتطبيقها.

    - الهدف من العقوبة المانعة للحرية هو إصلاح المحكوم عليهم وإعادة تربيتهم وتكيفهم الاجتماعي.

    - تطبيق توصيات منظمة الأمم المتحدة في معاملة المسجونين.

    - إن التربية والتكوين ثم الأعمال النافعة هي من الوسائل الفعالة لإعادة التربية بالإضافة إلى العامل الدائم لترقيتها.

    - الإيمان بتهذيب خاصيات المسجونين الفكرية والأخلاقية بصفة دائمة، مستهدفة حماية المجتمع.

    أما القانون الجديد فإن مادته الأولى فقد اختصرت كل ذلك في عبارة واحدة وهي أنه "يهدف هذا القانون إلى تكريس مبادئ وقواعد لإرساء سياسة عقابية قائمة على فكرة الدفاع الاجتماعي التي تجعل من تطبيق العقوبة وسيلة لحماية المجتمع بواسطة التربية وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين" (المادة (1) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005)، وهو ما يتوافق مع القانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون الذي جاء في مادته الأولى والتي نصت على ما يلي "تنفيذ الأحكام الجزائية السالبة للحرية وسيلة للدفاع الاجتماعي وصيانة للنظام العام وبه يتحقق أمن الناس في أنفسهم وأعراضهم وأموالهم ويساعد الأفراد الجانحين على إعادة تربيتهم وتأهيلهم وذلك برفع المستوى الفكري والمهني لهم" (الفقرة (1) من المادة (1) للقانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون، 2000)، كما نصت المادة (2) على أن "يعامل المحبوسون معاملة تصون كرامتهم الإنسانية، وتعمل على الرفع من مستواهم الفكري والمعنوي بصفة دائمة، دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي"(المادة (2) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005)، وهو ما يتوافق مع القانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون في المادة (1) حيث أكدت على أنه "لا يجوز التمييز بين المسجونين على أساس العنصر أو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي"(الفقرة (2) من المادة (1) للقانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون، 2000)، كذلك يتوافق هذا مع ما نادت به القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء التي اعتمدتها هيئة الأمم المتحدة، وهذا في مادتها الخامسة والتي نصت على أنه "لا يجوز أن يكون هناك تمييز في المعاملة بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو المنشأ القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر" (المادة (5) القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، 1948)، كما نادى المشرع الجزائري بضرورة تفريد العقوبة حيث ورد في المادة (3) على أنه "يرتكز تطبيق العقوبة لسالبة للحرية على مبدأ تفريد العقوبة الذي يتمثل في معاملة المحبوس وفقا لوضعيته الجزائية، وحالته البدنية والعقلية"(المادة (3) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005).

    يعتبر السجن أو المؤسسة العقابية حسب المشرع الجزائري وفق ما نصت عليه المادة (25) من قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين "مكان للحبس تنفذ فيه وفقا للقانون العقوبات السالبة للحرية، والأوامر الصادرة عن الجهات القضائية، والإكراه البدني عند الاقتضاء" (المادة (25) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005)، وهو ما يتوافق مع القانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون الذي جاء في مادته الأولى والتي نصت على ما يلي "المكان المعد لإيواء الأشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام أو أوامر سالبة للحرية من سلطة مختصة"، وقد عرفه القانون القديم المعروف بقانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين من خلال المادة (4) والتي نصت على أن السجن يمثل "مركز للاعتقال تابع لوزارة العدل، ويوضع فيه الأشخاص المعتقلون طبقا للقانون" (المادة (4) من الأمر رقم 72/ 02 المؤرخ في 10 فيفري 1972 المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين)، وتضيف المادة (5) من ذات القانون "أن المعتقلون من حيث القصد وفقا للمادة السابقة هم "الأشخاص المذكورون على وجه الترتيب التالي:

    - الأشخاص الملاحقون بتدبير مانع للحرية كمسجونين.

    - الأشخاص الملاحقون جزائيا ولم يحكم عليهم نهائيا كمسجونين متهمين.

    - الأشخاص الذين صدر بحقهم حكم قضائي أصبح نهائيا كمسجونين محكوم عليهم.

    أما القانون الجديد فإنه ينظر للمحبوس أو السجين على أنه "كل شخص تم إيداعه بمؤسسة عقابية، تنفيذا لأمر، أو حكم، أو قرار قضائي.

    ويصنف المحبوسون حسب المادة (3) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين إلى:

    1- محبوسين مؤقتا، وهم الأشخاص المتابعون جزائيا، والذين لم يصدر بشأنهم أمر، أو حكم، أو قرار قضائي.

    2- محبوسين محكوم عليهم، وهم الأشخاص الذين صدر في حقهم حكم أو قرار أصبح نهائيا.

    3- محبوسين تنفيذا لإكراه بدني".

    من خلال هذا الإيراد يتضح لنا أن السجون هي أماكن كبيرة لاحتجاز المحكوم عليهم، أو الذين صدر بحقهم حكم قضائي في قضايا "ما" يوقع عليهم عقوبة الحبس، وتعريف المحبوس هما يتفق إلى حد كبير مع تعريف جامعة الدول العربية، حيث نصت المادة (2) من القانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون على أن السجين هو "الشخص المودع في السجن بناء على حكم قضائي أو أمر صادر من سلطة مختصة".

    يسهر على تنفيذ قرارات العدالة في تطبيق العقوبات على المحكوم عليهم من الأصناف السابقة هيئة تسمى "لجنة تطبيق العقوبات"، حيث أفرد المشرع الجزائري حسب المادة (14) من قانون السجون جملة من المهام التي تسهر على تنفيذها هذه اللجنة في كل مؤسسة عقابية أو إصلاحية، حيث نصت المادة على ما يلي "تنشأ لدى كل مؤسسة وقاية وكل مؤسسة إعادة التربية، وكل مؤسسة إعادة التأهيل، وفي المراكز المخصصة للنساء، لجنة تطبيق العقوبات يرأسها قاضي تطبيق العقوبات.

    تختص لجنة تطبيق العقوبات بما يلي:

    1- ترتيب وتوزيع المحبوسين، حسب وضعيتهم الجزائية، وخطورة الجريمة المحبوسين من أجلها، وجنسهم وسنهم وشخصيتهم، ودرجة استعدادهم للإصلاح.

    2- متابعة تطبيق العقوبات السالبة للحرية والبديلة عند الاقتضاء.

    3- دراسة طلبات إجازات الخروج وطلبات التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة، وطلبات الإفراج المشروط، أو الإفراج المشروط لأسباب صحية.

    4- دراسة طلبات الوضع في الوسط المفتوح، والحرية النصفية، والورشات الخارجية.

    5- متابعة تطبيق برامج إعادة التربية، وتفعيل آلياتها.

    تحدد تشكيلة هذه اللجنة، وكيفيات سيرها عن طريق التنظيم.

    تتهيكل وزارة العدل وفق تنظيم إداري يضم في مكوناته مجموعة من المديريات التي تسهر على تطبيق العدالة، إذ يشير دليل المتعامل مع العدالة إلى وجود كل من المديرية العامة للشؤون القضائية، والمديرية العامة للموارد البشرية، والمديرية العامة للمالية والوسائل، والمديرية العامة لعصرنة العدالة، والمديرية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، هذه الأخيرة التي تمثل الإطار العام لنظام السجون في الجزائر، وتسهر على تسيير قطاع السجون وقضايا السجناء، وقد أنشأت المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة التربية طبقا للمرسوم رقم 2002- 98 المؤرخ في 20 جوان 1998، هدفها التكفل بتسيير هذا القطاع، وتتمثل مهمتها الرئيسية في عملية تنفيذ إصلاح قطاع المؤسسات العقابية، الذي تمت برمجته في إطار عملية الإصلاح الشامل لجهاز العدالة، ويتمحور إصلاح المؤسسات العقابية الذي يؤطره جهاز تشريعي وتنظيمي جديد (من بيانات المديرية العامة لإدارة السجون، www.mjustice.dz )، ويتمحور هذا الإصلاح الذي تهدف إليه مهمة المديرية العامة لإدارة السجون في الأهداف التالية (دليل المتعامل مع العدالة، منشورات وزارة العدل، www.mjustice.dz ، ص19):

    · إعادة تكييف المنظومة القانونية والتنظيمية.

    · تحسين ظروف الاحتباس.

    · تعزيز برامج إعادة التربية وإعادة الإدماج لصالح المحبوس.

    · تدعيم حقوق المحبوسين.

    ثامنا: الإصلاحات المدخلة على قانون السجون في الجزائر

    المؤسسة السجنية في الجزائر هي أيضا بدأت تنحو باتجاه الانفتاح على العالم الخارجي من خلال فتح المجال أمام المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية ومختلف الفاعلين الاجتماعين بتنظيم زيارات عديدة إلى مختلف السجون ومقابلة كل فئات السجناء، حتى أن الجزائر قد وقعت على الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجامعة العربية، مضيفة إليه عددا من التعديلات في 2004، وقد نص الميثاق في مادته (15) على "أنه يجب أن يعامل المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية معاملة إنسانية (تقرير المنظمة العربية لإصلاح الجنائي 2006 حول أوضاع السجون والسجناء في بعض البلدان العربية، (حالة الجزائر) ص 81)، خصوصا لما كان قطاع السجون والسجناء من بين أولويات اللجنة الوطنية لإصلاح العدالة المشكلة في شهر أكتوبر من سنة 1999 إذ كان عنصر "عصرنة العدالة أهم المحاور الأساسية للإصلاح، حيث تهدف أساسا إلى جعل العدالة في متنازل الجميع، وبأكثر فعالية وسرعة بإعطاء القاضي الوسائل التقنية الضرورية للقيام بمهامه على أحسن وجه" (من كلمة وزير العدل وحافظ الأختام، في الكلمة الافتتاحية للندوة الوطنية لإصلاح العدالة المنعقدة يومي 28 و29 مارس 2005 بالجزائر).

    1) البدايات الأولى لإصلاحات المنظومة العقابية الأخيرة :

    كانت الفترة ما بين 1999 و2004 هي فترة تحول بالنسبة للعدالة الجزائرية إذ تم إحداث موجة التغيير مست كما قال رئيس الجمهورية "العديد من القوانين الهامة والأساسية، كالقانون المدني، وقانون الإجراءات المدنية والإدارية، وقانون العقوبات، وقانون الإجراءات الجزائية، وذلك بالتوازي مع قوانين هامة أخرى تصب في تأطير النمو الاقتصادي والاجتماعي للأمة، وتكرس جدية التحولات الجارية، والحرص على إحاطتها بالضوابط القانونية الواجبة، ومنها القانون التجاري، والقانون المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية، وقم الاستعمال والاتجار غير المشروعين بها، والقانون المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتها"(من كلمة رئيس الجمهورية في كلمة افتتاحه للندوة الوطنية لإصلاح العدالة المنعقدة يومي 28 و29 مارس 2005 بالجزائر)، وهذا الحرص من قبل الدولة في إحداث هذه النقلة في ميدان العدالة هو مجاراة ما يجري في العالم من تغير، وتأمين جملة من الإصلاحات في كثير من القطاعات قال عنها رئيس الجمهورية أنه "يشملها الإصلاح ترتبط فيما بينها ارتباطا وثيقا، وأن تصميم العلاقات الجديدة بين الدولة والمجتمع لا يقوم على قطاع دون آخر، بل يحتاج إلى فتح عدة جبهات إصلاحية متزامنة ومتناغمة، فإننا نعتبر أن قطاع العدالة هو من أهم ما ينقل ويوصل دلائل رشاد الحكم، وأنه إذا ما أحكم تنظيمه وبلغ فيه الإصلاح مداه، وقام عليه رجال ونساء نزهاء وأكفاء، فإنه بواقع الحال يكون قادرا على المساهمة في عملية إعادة تركين دائم للدولة والتمكين لهيبتها"(من كلمة رئيس الجمهورية في كلمة افتتاحه للندوة الوطنية لإصلاح العدالة المنعقدة يومي 28 و29 مارس 2005 بالجزائر)، وهو ما انعكس فعلا عندما خلصت اللجنة الوطنية لإصلاح العدالة إلى إعداد قانون رقم 05- 04 المؤرخ في 27 ذي الحجة عام 1425 الموافق 06 فبراير سنة 2005 يتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين كبديل عن القانون السابق "الأمر رقم 72- 02 المؤرخ في 25 ذي الحجة عام 1391 الموافق 10 فبراير سنة 1972 والمتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين"، والهادف إلى تعزيز وتحسين ظروف السجين واحترام حقوق الإنسان من جهة، وإلى مسايرة الرؤية الجدية حول مسألة إعادة تربية وتأهيل المساجين بغية إدماجهم في المجتمع كأفراد أسوياء.

    وحسب وزارة العدل فإن الأحكام الجديدة تندرج ضمن الاحترام الدقيق للمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الجزائر، لاسيما المتعلقة بحقوق الإنسان، وتنص على:

    · تعزيز مشاركة المجتمع المدني في إعادة الإدماج الاجتماعي للمساجين.

    · قواعد أكثر مرونة، تضمن للقاضي المكلف بتطبيق العقوبات ولمختلف اللجان المنصوص عليها في القانون، إمكانية اتخاذ التدابير اللازمة من أجل تحسين ظروف السجن وإعادة إدماج المساجين.

    · عملية مراجعة القوانين العقابية وقوانين الإجراءات الجزائية التي يجب أن تتكفل بالتوجيهات، والأهداف التي يتبعها إصلاح المؤسسات العقابية، ويفسره القانون الجديد حول التنظيم العقابي.

    · مراجعة النصوص التنظيمية التي تخضع لها المؤسسات العقابية والهادفة إلى تحسين وعصرنة مناهج التسيير والعمل.

    · عملية المراجعة مست أيضا القوانين الأساسية لمجموع موظفي القطاع العقابي(المديرية العامة لإدارة السجون www.mjustice.dz ).




    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

     نظام السجون في الجزائر: نظرة على قانون السجون الجديد Empty رد: نظام السجون في الجزائر: نظرة على قانون السجون الجديد

    مُساهمة من طرف Admin الأربعاء أغسطس 07, 2013 5:29 pm


    2) أهداف إصلاح المنظومة العقابية:

    الهدف الأساسي من اتجاه الدولة نحو عصرنة السجون هو جعلها تتماشى وفق المعايير الدولية، وكذا محاكاة التجارب المختلفة في التعامل مع المساجين، وهذا السعي إلى تجسيد البرامج والخطط الرامية إلى أنسنة ظروف الاحتباس وتنفيذ برامج إعادة الإدماج الاجتماعي والتكفل النفسي بالنزلاء قد أرضى المنظمة العربية للإصلاح الجنائي في تقريرها الصادر سنة 2005 عندما رأت أن ذلك الجهد "بلغ مرحلة إيجابية متقدمة إلى أن أصبحت الوضعية الخاصة بشروط النظافة والطعام والعناية الصحية النفسية والجسدية تدعو للارتياح"(تقرير المنظمة العربية لإصلاح الجنائي 2006 حول أوضاع السجون والسجناء في بعض البلدان العربية، (حالة الجزائر)، ص 129)، ولما كان قانون السجون الجديد يتماشى والمعايير التي أوصت بها الأمم المتحدة بشأن أنسنة شروط الاحتباس كان لقطاع العدالة أن يضع في الحسبان جملة من الأهداف من وراء تجسيد عملية إصلاح المنظومة العقابية، وهذه الأهداف تمثلت في إعداد قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمسجونين وفق ما تقتضيه المعاهدات الدولية كقواعد الحد الأدنى لمعاملة المسجونين الصادر عن الأمم المتحدة، أو ما يقابله من القانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون الصادر عن الجامعة العربية، هذا القانون تضمن كذلك مقتضيات جديدة تمكن المحبوسين الاستفادة من تطبيق العقوبات البديلة للحبس المتمثلة في:

    - نظام الحرية النصفية.

    - نظام الورشات الخارجية.

    - نظام البيئة المفتوحة.

    وفي هذا الإطار جاء القانون الجديد الخاص بتنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين لسنة 2005 بهدف تعزيز وتحسين ظروف السجين واحترام حقوق الإنسان، بالإضافة إلى إدراج رؤية عصرية لمسألة التعامل مع المساجين وإعادة إدماجهم في المجتمع، وفي هذا كانت الأحكام الجديدة تراعي حقوق الإنسان التي يكفلها القانون الدولي والتي تنص على ما يلي:

    - مشاركة المجتمع:

    التمكين الفعلي لمشاركة المجتمع المدني في إعادة الإدماج الاجتماعي للمساجين (وهذا ما تجلى في انعقاد المنتدى الذي خصص موضوعه لدور الحركة الجمعوية في إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، وتناول الدور الذي تلعبه السياسة العقابية في الجزائر في تقويم سلوك المحبوسين وكذا إعدادهم للإدماج في المجتمع كمواطنين عاديين سويين، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى استحداث المنظمة الوطنية لرعاية إدماج المساجين، وهي جمعية وطنية اجتماعية، مستقلة، أنشأت وفق القانون 90- 31 المتعلق بالجمعيات غير السياسية).

    - تعزيز صلاحيات قاضي تطبيق العقوبات:

    ضمان "قواعد أكثر مرونة، تضمن للقاضي بتطبيق العقوبات، ولمختلف اللجان المنصوص عليها في القانون، إمكانية اتخاذ التدابير اللازمة من أجل تحسين ظروف السجن وإعادة إدماج المساجين"(المديرية العامة لإدارة السجون www.mjustice.dz )، وتوسيع صلاحيات القاضي تسمح له بالبت في إجراءات الوضع بالبيئة المفتوحة والحرية النصفية والإفراج المشروط وإجازة الخروج.

    - مراجعة القوانين العقابية وقوانين الإجراءات الجزائية:

    هذه العملية مست كل ما يتعلق بالمنظومة العقابية، ومست كل الجوانب التي يجب أن تتكفل بالتوجيهات، والأهداف التي يتبعها إصلاح المؤسسات العقابية، ويفسره القانون الجديد حول التنظيم العقابي، وهذا بتوسيع صلاحيات إدارة السجون للتحكم أكثر في أمن المؤسسات وعصرنة تسييرها.

    - مراجعة النصوص التنظيمية:

    التي تخضع لها المؤسسات العقابية والهادفة إلى تحسين وعصرنة مناهج التسيير والعمل، وذلك من خلال "دعم التدابير المنظمة لأنسنة شروط الحبس ومعاملة المساجين، خاصة في المسائل المتعلقة بالزيارات، والرعاية الصحية والاتصال بالمحيط الخارجي وإدراج إجراءات جديدة لحماية الحقوق العينية والشخصية للمساجين"(مختار فليون، 2005).

    - عملية المراجعة مست أيضا القوانين الأساسية لمجموع موظفي القطاع العقابي :

    وتمثلت في "ترقية آليات إعادة التربية وإعادة الإدماج الاجتماعي وذلك عن طريق إدخاله المرونة في الإجراءات الخاصة بالاستفادة من أنظمة إعادة التربية وبإحداث مصالح خارجية تابعة لإدارة السجون تتولى متابعة المفرج عنهم ومساعدتهم في إعادة الإدماج"(مختار فليون، 2005).


    تاسعا: أساليب التكفل بالسجناء وتأهيلهم في الجزائر

    من أجل دعم نشاط مؤسسات إعادة التربية وضعت إدارة السجون تنفيا لما نص عليه قانون 06 فيفري 2005 برنامج يعمل على إصلاح المؤسسات العقابية وتأهيل وإعادة إدماج المحبوسين اجتماعيا كأولى الأولويات، وفي هذا وضعت كل الوسائل الضرورية لضمان إعادة الإدماج تحت تصرف المساجين، حتى أن مراجعة قانون تنظيم السجون جاء لوضع سياسة جنائية جديدة تتوافق وتتناسب مع المعايير الدولية في مجال تسيير السجون ومعاملة السجناء، من خلال المحافظة على الحقوق والحريات واحترام حقوق الإنسان، وهو نجد ان القانون الجديد جاء في شكل جديد يتجاوز نقائص قانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين المؤرخ في 10 فيفري 1972 إذ أدخلت عليه تعديلات ملموسة من شأنها أن تكيف الإطار القانوني للوسط العقابي مع تحولات المجتمع وتطور الجريمة، ذلك أنه "تهدف عملية إعادة تربية المحبوس إلى تنمية قدراته ومؤهلاته الشخصية، والرفع المستمر من مستواه الفكري والأخلاقي وإحساسه بالمسئولية، وبعث الرغبة فيه للعيش في المجتمع في ظل احترام القانون"(المادة (88) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005) كبرمجة دروس لمحو الأمية لدى المساجين الأميين، إضافة إلى برامج تحسين المستوى بتقديم دروس تعليمية تتوافق والبرامج الدراسية في المؤسسات التعليمية الرسمية، وتشجيع الدراسة في جامعة التكوين المتواصل وفتح ورشات للتكوين المهني، كما هناك سلسلة من البرامج الموجهة لتأمين فضاءات فكرية وثقافية ورياضية وترفيهية للمساجين، وقد تمثلت إجراءات الخطة لتأمين تأهيل فعلي للمساجين وإعادة إدماجهم في المجتمع كأفراد أسوياء نجد الإجراءات التالية(مختار فليون، 2005):

    * المحور الداخلي: ويتمثل في:

    - اتخاذ تدابير وإجراءات تحفيزية لتشجيع المساجين على القراءة والمشاركة في الامتحانات ومتابعة دورات التكوين المهني.

    - تجهيز المؤسسات بورشات إضافية للتكوين المهني.

    - الرفع المستمر لمناصب العمل للموظفين المختصين في التعليم والتكوين والتربية البدنية والمتخصصين النفسانيين إلى غاية سد احتياجات المؤسسات.

    - دعم مكتبات المؤسسات وتشجيع القراءة في أوساط المساجين.

    - تجهيز المؤسسات بالوسائل السمعية البصرية للاستعمالات الثقافية وحتى التعليمية.

    - إحداث (12) مؤسسة للبيئة المفتوحة خلال الفترة ما بين 2005 و2009.

    - إحداث ورشات خارجية لاستصلاح الأراضي الفلاحية مع البحث عن الاستفادة من الامتيازات التي تمنحها الدولة في تملك الأرض واستثمارها.

    - إحداث مصالح خارجية تابعة لإدارة السجون تولي متابعة المفرج عنهم والموضوعين في أنظمة الحرية النصفية والإفراج المشروط.

    * المحور الخارجي:

    ويتمثل في تجنيد كافة القطاعات ذات العلاقة بعملية إعادة الإدماج، ومحاربة الجريمة إلى المساهمة في تقليص حالات العود بتنشيط علاقات التعاون مع القطاعات العمومية المعنية بالتعليم والتكوين المهني والرياضة والصحة والشؤون الدينية والخدمات الاجتماعية والتضامن الوطني.

    1) التكفل الاجتماعي بالمساجين:

    سبق وأشرنا على أن الخدمة الاجتماعية تعتبر من بين الركائز الأساسية في مجال التكفل بالمساجين داخل المؤسسات العقابية، ووجدنا أن دور الأخصائي الاجتماعي بالغ الأهمية، بداية باستقبال المحكوم عيه وبحث حالته، وأثناء الجلسات التي تتم بين الفينة والأخرى، ومتابعته خلال تواجده بالمؤسسة، إلى غاية الإفراج عنه، وهذا ما دفع بالحاجة إلى وجود متخصصة اجتماعية حسب ما أقره القانون "تحدث في كل مؤسسة عقابية مصلحة متخصصة، مهمتها ضمان المساعدة الاجتماعية للمحبوسين، والمساهمة في تهيئة وتيسير إعادة إدماجهم الاجتماعي"(المادة (90) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005)، ووجود الأخصائي الاجتماعي هو مطلب أساسي تفرضه ظروف السجين الاجتماعية والنفسية من اجل مساعدته على التكيف مع واقع الحياة الجديدة، وإعادة تكيف مع المجتمع وضوابطه.

    أ/ وضع الاحتباس :

    المؤسسات العقابية في الجزائر سواء ما تضمنه الأمر رقم 72/ 02 المؤرخ في 10 فيفري 1972 المتعلق بقانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين أو بما جاء به القانون الجديد رقم 05- 04 المؤرخ في 06 فيفري سنة 2005، المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين فإنها تسعى إلى تعزيز الجانب الاجتماعي لدى نزلائها، سواء داخل المؤسسة في علاقة السجين بالمحيطين به، أو خارج المؤسسة، وفي هذا الإطار تضمن القانون الجديد كيفية تأمين أوضاع المساجين، فقد قسم القانون النظام العام للاحتباس إلى أقسام منها نظام الاحتباس الجماعي وهو شكل من الأشكال التي تحفظ للمحكوم عليه وضعا يحتك فيه مع باقي الأفراد داخل المؤسسة السجنية وفي هذا يقر القانون بأنه "يطبق نظام الاحتباس الجماعي في المؤسسات العقابية، وهو نظام يعيش فيه المحبوس جماعيا"(المادة (45) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005)، تفاديا لأي ضرر يمكن أن تحدثه العزلة عن باقي الأفراد، ذلك أن انعزال الفرد عن الحياة الاجتماعية له آثاره السلبية على شخصية الفرد، حتى أن السياسة الجنائية المعاصرة واستنادا إلى الدراسات المتخصصة تعارض سياسة العزلة المطبقة على السجناء في بعض السجون، وهذا للأثر النفسي الذي ينجر عن منع السجناء من الالتقاء بعضهم بالبعض داخل الزنزانات، لكن هذا لا يعني أنه يتم التخلي عن نظام الحبس الانفرادي الذي أوردته أيضا المادة (45) من قانون السجون الجزائري والتي نصت على أنه "يمكن اللجوء إلى الحبس الانفرادي ليلا، عندما يسمح به توزيع الأماكن، ويكون ملائما لشخصية المحبوس، ومفيدا في عملية إعادة تربيته"، ويعرف القانون الحبس الانفرادي على أنه "نظام يخضع فيه المحبوس للعزلة عن باقي المحبوسين ليلا ونهارا، ويطبق على الفئات الآتية(المادة (46) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005):

    1- المحكوم عليه بالإعدام، مع مراعاة أحكام المادة 155 من هذا القانون.

    2- المحكوم عليه بالسجن المؤيد، على ألا تتجاوز مدة العزلة ثلاث (3) سنوات.

    3- المحبوس الخطير، بناء على مقرر يصدره قاض تطبيق العقوبات كتدبير وقائي في العزلة لمدة محددة.

    4- المحبوس المريض أو المسن، ويطبق عليه كتدبير صحي، بناء على رأي طبيب المؤسسة العقابية".

    إلا أنه وفي ظل سعي المجتمعات الحالية إلى احترام حقوق الإنسان، وحفظ كرامة السجناء فإنه يتم تحاشي سياسة العزلة التي لها آثارها المدمرة، كما أقرت القوانين الدولية في العديد من المواثيق والقرارات كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948، وكذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الذي بدأ سريانه عام 1976، وكذلك ما أقرته المواد المتضمنة في القواعد النموذجية للحد الأدنى من معاملة السجناء، والتي تقر كلها حماية الأفراد، وصون كرامتهم، ومعاملتهم بطرق تحفظ لهم شخصياتهم، دون ضغط أو تعسف أو انتهاك.

    ب/ الزيارات والمحادثة:

    ومن الإجراءات التي سمح بها المشرع الجزائري للسجين هو السماح له بتوطيد علاقاته بالمحيط الاجتماعي وكذا الأسري، وفي هذا جاء القانون الجديد الذي عزز الروابط الاجتماعية للمساجين، إذ أقر بأن "للمحبوس الحق في أن يتلقى زيارة أصوله وفروعه إلى غاية الدرجة الرابعة، وزوجه ومكفوله، وأقاربه بالمصاهرة إلى غاية الدرجة الثالثة.

    يمكن الترخيص استثناء، بزيارة المحبوس من طرف أشخاص آخرين أو جمعيات إنسانية وخيرية، إذا تبين أن في زيارتهم له فائدة لإعادة إدماجه اجتماعيا.

    كما للمحبوس الحق في ممارسة واجباته الدينية، وفي أن يتلقى زيارة رجل دين من ديانته"(المادة (66) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005)، والسماح بالزيارة حدده القانون وفق شروط وآليات حتى لا تستغل هذه الزيارات في أمور قد تعقد من وضعية السجين، أو لا تساهم في عملية إصلاحه، إذ أقر القانون بأنه "يسمح للمحبوس المحادثة مع زائريه دون فاصل، وفقا للنظام الداخلي للمؤسسة العقابية، وذلك من أجل توطيد أواصر العلاقات العائلية للمحبوس من جهة، وإعادة إدماجه اجتماعيا أو تربويا من جهة ثانية، أو لأي سبب آخر، لاسيما إذا تعلق بوضعه الصحي"(المادة (69) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005)، كما سمح القانون بإجراء اتصالات خارجية بما توفره له المؤسسة العقابية المتواجد بها، وهذا سواء عن طريق المراسلة أو بالاتصالات الهاتفية، إذ أقر القانون أنه "يحق للمحبوس تحت رقابة مدير المؤسسة العقابية، مراسلة أقاربه أو أي شخص آخر شريطة ألا يكون ذلك سببا في الإخلال بالأمن وحفظ النظام داخل المؤسسة العقابية، أو بإعادة تربية المحبوس وإدماجه في المجتمع"(المادة (73) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005)، كما يسعى النظام العقابي في الجزائر إدخال آلية الاتصال بالهواتف العمومية، وذلك بتركيبها داخل المؤسسات العقابية لتسهيل عملي الاتصال.

    وتساعد هذه الإجراءات في تسهيل عملية علاج السجين وتامين تأهيله بما يخدم عملية إدماجه في المجتمع، ذلك أن الوقوف على جانبه الاجتماعي يدفع بتنمية قدراته، وتعويده على الأنماط السلوكية السوية، وبهذا لا يصبح السجن من وجهة نظر البعض مكان لحرمان الشخص من حقوقه، وتصبح بذلك عقوبة السجن محل شك ونقاش للبحث في آليات بديلة عنها، كما تساعد الزيارات التي يقوم بها الأهل لقريبها المحكوم عليه في تعزيز الشعور بالانتماء لدى السجين إلى مجتمعه، مما يحفز لديه عوامل إيجابية تحثه على الرجوع إلى أهله ومجتمعه كفرد سليم وتقلل لديه احتمالات العودة إلى الأعمال المخالفة للقانون.

    2) التكفل النفسي بالمساجين:

    ونقصد به الحاجة إلى وجود متخصصين نفسانيين داخل المؤسسات العقابية، باعتبار أن للأفعال الإجرامية أو السلوكات المنحرفة بعض العوامل والمحركات النفسية مثلما تثبته الدراسات، من هنا ألزم المشرع الجزائري ضرورة تواجد المختص النفساني بالقرب من النزلاء داخل المؤسسات العقابية، إذ جاء بأنه "يكلف المختصون في علم النفس والمربون العاملون في المؤسسة العقابية بالتعرف على شخصية المحبوس، ورفع مستوى تكوينه العام، ومساعدته على حل مشاكله الشخصية والعائلية، وتنظم أنشطته الثقافية والتربوية والرياضية"(المادة (91) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005)، وهو ما يبرز بوضوح دور الأخصائي النفساني داخل المؤسسة العقابية، لاحتياج المساجين إلى "تكفل نفسي متخصص، بسبب حالتهم النفسية الناجمة عن تقييد حريتهم، أو ما يصطلح عليه في علم العقاب بحالة "ذهان الوسط العقابي" التي ينتاب الشخص فيها ضرب من الاضطراب في الشخصية والوظائف العقلية، نتيجة تواجده في الوسط العقابي، وهو الاضطراب الذي عادة ما يكون مصحوبا بانفعالات خفية، وخوف من المجهول، وأرق، هوس، واضطرابات عصبية، ومظاهر قلق واكتئاب ويأس وشك، وكل ما يوسوس به الشيطان من ريبة، وخواطر وأفكار قاتمة، مما يدمر عزيمة الشخص ويثبط همته، ويجعله غير قادر على مواجهة متطلبات الحياة، ومجابهة مشكلاتها، إلى حد الإحباط" (من كلمة وزير العدل في مداخلته في افتتاح أشغال اليومين الدراسيين حول "التكفل النفسي في الوسط العقابي" المنظم يومي 6 و7 جوان 2006 بزرالدة)، وحسب تقديرات وزارة العدل وصل عدد المختصين في علم النفس العيادي العاملين بالمؤسسات العقابية إلى 230 أخصائي عيادي، ويضمن هذا العدد تغطية 93 مؤسسة عقابية، وقد استطاع القيام، خلال سنة 2005 بإجراء فحوصات نفسية على ما يناهز ستين ألف (60.000) محبوس، أي بمعدل خمسة آلاف (5.000) فحص نفسي شهريا، وهذا الإجراء يسمح بتحسين وضعية السجناء وتحقيق جانب من جوانب التكفل بالمساجين وفق ما تقتضيه مبادئ الخدمة الاجتماعية، الهادفة إلى جعل قطاع السجون فضاء لإعادة التربية والاندماج الاجتماعي الفعلي.

    2) التكفل الصحي بالمساجين:

    من بين الاحتياجات الأساسية التي يحتاج إليها السجين أثناء تواجده بالمؤسسة العقابية الجانب الصحي، وهو حق يكفله له القانون مثلما أقر قانون السجون عندما أكد على "الحق في الرعاية الصحية مضمون لجميع فئات المحبوسين.

    يستفيد المحبوس من الخدمات الطبية في مصلحة المؤسسة العقابية، وعند الضرورة في أي مؤسسة استشفائية أخرى"(المادة (57) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005)، فبمجرد دخول المحكوم عليه المؤسسة يخضع لجملة من الفحوص، وفي هذا نص القانون "يتم فحص المحبوس وجوبا من طرف الطبيب والأخصائي النفساني عند دخوله إلى المؤسسة العقابية وعند الإفراج عنه، وكلما دعت الضرورة لذلك"(المادة (58) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005)، وفي هذا نجد أن الدولة قد حاولت تكييف القوانين الجديدة مع ما تقتضيه المعاملة الحسنة للنزلاء، ومن اجل تعزيز التكفل الصحي، تم على مستوى النظام العقابي، تحسين مستوى المستخدمين والرفع من قدراتهم على مستوى الخدمة، ذلك أن يحتاج السجين إلى إجراء كشوفات طبية شاملة أثناء إيداعه بالمؤسسة العقابية، ومتابعة حالته الصحية بصفة دورية وتلقائية بشكل مستمر مثلما أكد المشرع الجزائري على أن "تقدم الإسعافات والعلاجات الضرورية للمحبوس، وتجرى له الفحوصات الطبية والتلقيحات والتحاليل للوقاية من الأمراض المتنقلة والمعدية، تلقائيا"(المادة (59) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005)، إضافة إلى تركيز وحدات صحية بكافة السجون وإفرادها بالإطار الطبي وشبه الطبي اللازم مع تجهيزها بالمعدات وتوفير الأدوية الضرورية، وكشف مخطط التكوين لسنة 2007 الصادر عن المديرية العامة لإدارة السجون أنه و"بغية الوقاية من بعض الأمراض الأكثر انتشارا في الوسط العقابي وتحسين التكفل الصحي بالمحبوسين، أصبح ضروريا مواصلة تنظيم دورات تكوينية لفائدة الأطباء العامون حول موضوع الاستعجالات الطبية، للعلم فإن الفحوصات الطبية خلال سنة 2006 داخل السجون بلغت (789.867) فحص طبي، بينهم فحوصات تلقائية، دورية، وفحوصات استعجالية، إضافة إلى عدد (61.055) وضعية تطلبت فحوصات متخصصة داخل وخارج المؤسسة العقابية، كما أن عدد الفحوصات في طب الأسنان لنفس السنة قدرت بـ(110.820) مما يستوجب تنظيم دورات تكوينية لجراحي الأسنان، إضافة إلى تنظيم دورات تكوينية لفائدة الأخصائيين في علم النفس العيادي حول موضوع الاضطرابات النفسية الناتجة عن الوسط العقابي إذ بلغ عدد الفحوصات النفسية سنة 2006 (372.266) فحص، إضافة إلى علاجات شبه طبية والتي قدرت بـ(100.654).

    بالإضافة إلى ذلك وبغية دعم الرعاية الصحية والنفسية داخل المؤسسات العقابية تم ارتفاع الاعتمادات المالية المخصصة لشراء الأدوية ومواد النظافة من 75.863.000 دج سنة 1999 إلى498.698.000 دج سنة 2007.

    3) المستوى التعليمي والمهني للمساجين:

    حسب المسئولين عن قطاع السجون فإن هناك سعي حثيث لتكثيف البرامج وتوسيع الجهود لتطهير المجتمع من الدوافع المغذية لظاهرة الجريمة والسلوكات المنحرفة، من خلال اعتماد سياسة كفيلة بتأهيل المسجونين وفق مبادئ الخدمة الاجتماعية، وتشمل الرعاية داخل المؤسسات تعليم النزلاء، الأميين منهم بتمكينهم من مزاولة برامج محو الأمية وتعليم الكبار، أو الذين يرغبون في مواصلة مشوارهم الدراسي، بتمكينهم من الدروس التدعيمية وتسهيل عملية تسجيلهم في المؤسسات التعليمية المناسبة، وانخراطهم وكذا ترشحهم في المسابقات الرسمية كشهادة التعليم الأساسي أو المتوسط، وكذا شهادة البكالوريا، وقد نص القانون صراحة على تأمين تعليم المحكوم عليهم بإقراره ضرورة أن "تنظم لفائدة المحبوسين دروس في التعليم العام والتقني والتكوين المهني والتمهين والتربية البدنية، وفقا للبرامج المعتمدة رسميا، مع توفير الوسائل اللازمة"(المادة ( 94 ) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005)، و وقد كشفت الإحصائيات (من كلمة وزير العدل في مداخلته في المنتدى الوطني حول "دور الحركة الجمعوية في إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين") أن 59 % من المساجين لا تزيد أعمارهم عن 30 سنة أي أن نسبة عالية من المسجونين الشباب المنحرف، كما تكشف إحصائيات شهر ماي من سنة 2004 التي صنفت 16959 سجين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و27 سنة ، وهم يشكلون نسبة 44.2 % من التعداد الإجمالي للمساجين، وأن ما يعادل 15271 سجين تتراوح أعمارهم ما بين 27 و40 سنة أي بنسبة 39.62 % من مجموع المساجين، وبذلك فإن شريحة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و40 سنة تشكل 83.62 % من إجمالي المساجين (مختار فليون، 2005)، كما كشفت الإحصائيات أن 84 % من مجموع المساجين لا يتعدى مستواهم الدراسي مستوى التعليم الأساسي، وأن النسبة الغالبة تنحدر من منحنيات المدينة وتجاعيدها(من كلمة وزير العدل في مداخلته في المنتدى الوطني حول "دور الحركة الجمعوية في إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين")، وتكشف الأرقام التالية عن واقع برنامج إصلاح السجون وإعادة تربية المساجين وإدماجهم اجتماعيا، من خلال العمل على ترقية النشاط التربوي والتأهيلي داخل السجون(المديرية العامة لإدارة السجون، www.mjustice.dz ):


    جدول يوضح عدد المستفيدين من الدروس التعليمية داخل المؤسسات العقابية

    السنوات
    عدد المستفيدين

    1999/ 2000
    1125

    2000/ 2001
    1666

    2001/ 2002
    1831

    2002/ 2003
    2365

    2003/ 2004
    2454

    2004/ 2005
    3127

    2005/ 2006
    5697






    جدول يوضح عدد المستفيدين من التكوين المهني داخل المؤسسات العقابية



    السنوات
    عدد المستفيدين

    1999/ 2000
    797

    2000/ 2001
    830

    2001/ 2002
    1026

    2002/ 2003
    1676

    2003/ 2004
    1459

    2004/ 2005
    2219

    2005/ 2006
    3920




    هذه الأرقام تؤكد وجود إقبال على البرامج المقدمة من قبل المؤسسات العقابية، وأن هناك قناعة لدى المساجين على مزاولة الدراسة والتكوين، وهذا الإقبال حسب الإحصائيات هو في تزايد مستمر، وهو ما يشجع على الاستقامة والاعتدال في السلوك.

    جدول يوضح عدد الناجحين في شهادتي التعليم الأساسي والبكالوريا

    السنوات
    شهادة التعليم الأساسي
    شهادة البكالوريا

    1999/ 2000
    13
    04

    2000/ 2001
    53
    20

    2001/ 2002
    45
    24

    2002/ 2003
    86
    62

    2003/ 2004
    151(من مجموع 327 مترشح)
    117

    2004/ 2005
    243
    259

    2005/ 2006



    2006/ 2007
    735
    455


    هذه المعدلات تؤكد أن ما نسبة واحد من خمسة مساجين يزاولون إما تعليما عاما أو تكوينا مهنيا، لكن يلاحظ أن عدد المساجين المترشحين لنيل شهادة البكالوريا دورة جوان 2007 كان 885 مترشح على مستوى 32 مؤسسة عقابية موزعة على التراب الوطني ونجح من هؤلاء المترشحين 455 مترشح أي بنسبة 51.14 % من من مجموع المترشحين، أما بالنسبة لمترشحي شهادة التعليم الأساسي فقد سجال ترشح 1344 سجين على مستوى 26 مؤسسة عقابية، نجح منهم 735 سجين وهو ما يعادل نسبة 54.68 % من مجموع المساجين المترشحين(المديرية العامة لإدارة السجون، www.mjustice.dz )، وهي نتائج تعكس بوضوح التجاوب الذي يبديه المساجين مع سياسة الدولة في تشجيع التعليم والتكوين والتشغيل ونشاطات الترفيه داخل المؤسسات العقابية،

    بالنسبة لتعزيز برامج إعادة التربية وإعادة الإدماج لصالح المحبوسين للموسم 2002/ 2003 تم توسيع النشاطات لتشمل(المديرية العامة لإدارة السجون، www.mjustice.dz ):

    - تعليم 612 سجين في إطار برنامج محو الأمية.

    - تدريب 1912 سجين في إطار التكوين المهني والتكوين عن بعد والتكوين ضمن الإفراج الجزئي.

    - مواصلة 1600 سجين تعليمهم من خلال التعليم العام عن طريق المراسلة.

    النتائج المتحصل عليها:

    - 83 سجين تحصل على شهادة البكالوريا من بين 237 مترشح.

    - 162 سجين متحصل على شهادة التعليم الأساسي من بين 185 مترشح.

    - 185 سجين يكمل تعليمه بجامعة التكوين المتواصل.

    تمثل البرامج التعليمية المقدمة للنزلاء بمؤسسات إعادة التربية إجراء بالغ الأهمية سواء بالقضاء على الأمية من خلال برامج محو الأمية، أو من الاهتمام بتحسين المستوى ومواصلة التعليم العام، أو التعليم العالي بالالتحاق بإحدى الجامعات، وفي هذا يتطلب جهود فعلية بتأمين مدرسين أكفاء قادرين على تزويد المساجين بشتى المعارف، وهنا يتجلى دور الهيئات الوصية على تأطير المرافق التعليمية بكل الوسائل والتجهيزات المناسبة حتى يتناسب التعليم داخل المؤسسات العقابية بالتي تتواجد خارجها من مؤسسات تعليمية، وكذا تسهيل عملية تقبل السجين للبرامج التعليمية التي تشرف عليها المؤسسة العقابية.

    ما ينطبق على التعليم ينطبق على التدريب المهني، ذلك أن دوره هو جد فعال في إكساب السجون مهنة تساعده على كسب رزقه بعد الإفراج عنه، وهو هدف بعدي ، أما الهدف الأول هو فه شغل أوقات فراغ السجين أثناء تواجده بالمؤسسة العقابية، لتكون له مدخلا فعالا في إكساب شخصيته مهارات وخبرات إيجابية.

    5) التأهيل التربوي : تحاول المؤسسات العقابية تكييف نظمها والقوانين المسيرة لها تطبيق الإجراء التربوي الهادف إلى صقل شخصية المسجون، وجعلها تتكيف مع نظام البيئة المغلقة، ذلك أن التكيف كما يعرف على أنه "إتباع العادات والتقاليد في بيئة السجن، والعمل وفق القواعد والنظم المعمول بها في المؤسسة... إذ بامتصاص هذه الأساليب الحياتية الجديدة، والعمل وفق متطلباتها اليوم تلو الآخر، والتشبع بها من خلال الممارسة والتطبيق "وحتى التقليد" يتم استبدال ثقافة المجتمع خارج السجن بالثقافة الجديدة" (مصطفى عبد المجيد كاره، الرياض، 1987، ص 45)، وتأكيد ما لتسمية إعادة التربية التي تطلق على السجون من حقيقة، باعتبار أن التربية أو إعادة التربية تهيئ السجين للاستقامة، وتدفعه إلى الشعور بالثقة والأمن، وتحيي فيه ألوان الوعي الاجتماعي، والتربية المستقيمة، مثلما ما نص عليه قانون السجون عندما أقر تنظيم البيئة المغلقة، وجعلها بيئة تربوية، إذ "تهدف عملية إعادة تربية المحبوس إلى تنمية قدراته ومؤهلاته الشخصية، والرفع المستمر من مستواه الفكري والأخلاقي وإحساسه بالمسئولية، وبعث الرغبة فيه للعيش في المجتمع في ظل احترام القانون"(المادة (88) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005)، ولأجل تحقيق هذه الغاية أقر القانون بوجوب أن "يعين في كل مؤسسة عقابية مربون وأساتذة ومختصون في علم النفس، ومساعدات ومساعدون اجتماعيون يوضعون تحت سلطة المدير ويباشرون مهامهم تحت رقابة قاضي تطبيق العقوبات"(المادة ( 89 ) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005)، ولا يختلف دور المربي أو المربي المختص عن دور الطبيب المعالج، أو المساعدة الاجتماعية، أو حتى المختص النفساني، في السهر على تربية المساجين وتكوينهم أخلاقيا، ويكون العمل جنبا إلى جنب مع باقي التخصصات مثلما أقرته المواد القانونية، إذ "يكلف المختصون في علم النفس والمربون العاملون في المؤسسة العقابية بالتعرف على شخصية المحبوس، ورفع مستوى تكوينه العام، والعمل على مساعدته في حل مشاكله الشخصية والعائلية، وتنظيم أنشطته الثقافية والتربوية والرياضية"(المادة ( 91 ) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005).



    خاتمة البحث:

    ما يمكن أن نخلص في الأخير هو أن قانون السجون الجديد أصبح نوعا ما ذا طابع إنساني، رغم وجود بعض النقائص، إلا أنه في مجمله نموذجي، بحيث يحفظ للمسجون كرامته، ولا يحط من قيمته، حتى وإن كانت معالجتنا للقانون من زاوية الخدمة الاجتماعية المقدمة للسجناء أثناء وجودهم بالمؤسسة العقابية، إلا أنه يبقى القانون مجالا خصبا للتناول والإثراء باعتبارها يضم العديد من المواد التي تتعلق بالسجن والسجناء.

    كما يجب التنويه إلى أنه يجب على المشرع الجزائري أن يستفيد من التجربة الأجنبية وحتى العربية في مجال معاملة السجناء، ذلك أن بعض من الدول العربية اتجه بقطاع السجون إلى حالة من التطور، والتقدم، وقدموا قوانين نموذجية في هذا المجال.

    وفي قراءتنا للقانون السجون الجديد تبين لنا ما يلي:

    - أولى القانون اهتماما بالغا بالمحبوسين وتحسين سبل معاملتهم داخل المؤسسات العقابية، من خلال صون كرامتهم الإنسانية، وكذا بعدم الاعتماد على العقوبات البدنية القاسية في معاملة المحبوس.

    - كما أعطى أهمية جد هامة للرعاية الصحية داخل السجون، من خلال ضمان أفضل للظروف الصحية الممكنة، ذلك أن السجناء لا يمكنهم حماية أنفسهم، مما يستوجب على القائمين على المؤسسات العقابية توفير الظروف الصحية الملائمة والتي تتناسب مع ما هو معمول به خارج المؤسسة.

    - جاء القانون الجديد ومعه دعم أكبر لمجال التدريب والتكوين المهنيين، من خلال تشجيع السجناء على التزود بحرفة، أو مهارة، قد تساعدهم على إحداث تغييرات في حياتهم، وبالسير اتجاه المعايير الاجتماعية المقبولة، بدلا من عودتهم إلى الوضع الاجتماعي الذي يؤدي بهم إلى الإجرام، لأن التكوين يساعد على كسب الرزق بطرق مشروعة، كما أن العمل يساعد على التكيف الاجتماعي السليم.

    - أيضا جاء القانون الجديد مشجعا على تحسين المستوى الفكري والعلمي والدراسي، من خلال السماح للمسجونين بمزاولة تعليمهم سواء داخل المؤسسة أو خارجها، وهذا ما يسمح باستئصال عامل الجهل الذي قد يكون دافعا كبيرا نحو الفعل الإجرامي.

    - أعطى جانبا هاما من برامج الرعاية اللاحقة للمفرج عنهم قبل الإفراج وذلك بتهيئتهم قبل مغادرتهم المؤسسة، حرصا من القائمين على تأمين خروج السجين قادرا على التكيف مع البيئة الخارجية مثلما استطاع أن يتكيف مع البيئة المغلقة، ذلك أن صدمة الإفراج لها وقع كبير في نفسية المفرج عنه.



    المراجع المعتمدة في الدراسة:

    الكتب:

    1) محمد حسن غانم، ديناميات صورة السلطة لدى المسجونين، مجلة الثقافة النفسية، العدد 19، المجلد 5، بيروت، جوان 1994.

    2) إسحق إبراهيم منصور، الموجز في علم الإجرام والعقاب، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، ط3، 1989،163.

    3) سلوى عثمان الصديقي وآخرين، انحراف الصغار وجرائم الكبار، المكتب الجامعي الحديث، الازاريطة، 2002، ص 263.

    4) صالح شيخ كمر، الجوانب الطبية والنفسية للتخلف العقلي في الطفولة، دار الهدى، عين مليلة، (د. ت)، ص 205.

    5) توماس. ج. كارول، رعاية المكفوفين (نفسيا، اجتماعيا، مهنيا)، ترجمة: صلاح مخيمر، عالم الكتب، القاهرة، 1964

    6) أحمد مصطفى خاطر، الخدمة الاجتماعية، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، ط2، 1995

    7) عبد العزيز عبد الله الشعيبي، أثر الدعوة إلى الله في إصلاح نزلاء المؤسسة الإصلاحية، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2007.

    Cool طارق بن محمد زياد الزهراني، دور الأنشطة الثقافية والرياضية في تأهيل الأحداث في الإصلاحيات، رسالة ماجستير (غير منشورة)، قسم العلوم الاجتماعية، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2004

    9) عبد القادر سميد، الحماية الصحية للمساجين والإصلاح، مداخلة مدير الأنشطة الصحية الخاصة بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات في الندوة الوطنية لإصلاح العدالة، المنعقدة في مارس 2005.

    10) عبد الحفيظ عبد الحبيب الجزولي، محمد عبد الرحمن الدخيل، طرق البحث في التربية والعلوم الاجتماعية، دار الخريجي للنشر، الرياض، سنة 2000،

    11) بدوي (عبد الرحمن) : " مناهج البحث العلمي" دار النهضة, القاهرة، 1993.

    12) مصطفى عبد المجيد كاره، السجن كمؤسسة اجتماعية، دار النشر بالمركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، الرياض، 1987.

    المراسيم والأوامر والمناشير:

    1) دليل المتعامل مع العدالة ، منشورات وزارة العدل،الموقع: www.mjustice.dz

    2) الأمر رقم 72/ 02 المؤرخ في 10 فيفري 1972 المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين، وزارة العدل، الجزائر، 1979.

    3) القانون رقم 05- 04 المؤرخ في 06 فيفري سنة 2005، المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، الجريدة الرسمية، العدد 12، الصادر بتاريخ 13/02/ 2005.

    4) القرار رقم 365 –د 16- المؤرخ في 06 نوفمبر 2000 المتضمن القانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون، جامعة الدول العربية.

    5) الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الأمم المتحدة في مؤتمرها الأول المنعقد في 10 ديسمبر 1948 والمتضمن القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء لمنع الجريمة ومعاملة السجناء.

    6) الأمر رقم 72/ 02 المؤرخ في 10 فيفري 1972 المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين.



    التقارير:

    1) تقرير المنظمة العربية لإصلاح الجنائي 2005 حول أوضاع السجون والسجناء في بعض البلدان العربية

    2) تقرير المنظمة العربية لإصلاح الجنائي 2006 حول أوضاع السجون والسجناء في بعض البلدان العربية

    3) توصيات ورشة إصلاح المنظومة العقابية المجتمعة بقصر الأمم بنادي الصنوبر يومي 28 و29 مارس 2005، أنظر موقع وزارة العدل: www.mjustice.dz .

    البيانات:

    1) كلمة رئيس الجمهورية في كلمة افتتاحه للندوة الوطنية لإصلاح العدالة المنعقدة يومي 28 و29 مارس 2005 بالجزائر

    2) كلمة وزير العدل وحافظ الأختام، في الكلمة الافتتاحية للندوة الوطنية لإصلاح العدالة المنعقدة يومي 28 و29 مارس 2005 بالجزائر.

    3) كلمة وزير العدل في مداخلته في افتتاح أشغال اليومين الدراسيين حول "التكفل النفسي في الوسط العقابي" المنظم يومي 6 و7 جوان 2006 بزرالدة.

    4) مختار فليون، إصلاح المنظومة العقابية، مداخلة المدير العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج في الندوة الوطنية لإصلاح العدالة، المنعقدة في مارس 2005.

    5) من كلمة وزير العدل في مداخلته في المنتدى الوطني حول "دور الحركة الجمعوية في إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين".

    الجرائد والدوريات:

    مصطفى شريك، نظام السجون في الجزائر، دراسة منشورة بجريدة الشروق اليومي، العدد 660، بتاريخ 28/ 12/ 2002.

    المراجع الأجنبية:

    jenine guindom, les étapes de la rééducation des jeans délinquants, paris, Fleurus, 1982,








      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 10:12 am