نظام السجون في الجزائر: نظرة على قانون السجون الجديد
أ . مصطفى شريك
باحث في الجريمة والانحراف- جامعة محمد بوضياف بالمسيلة - - الجزائر
أولا: مقدمة الدراسة
مما لاشك فيه هو أن الانحراف بمختلف أشكاله يعتبر خروجا عن المعايير الاجتماعية المتعارف عليها، مما يجعل من ظاهرة الانحراف كظاهرة اجتماعية محل رفض ومعارضة من قبل المجتمع وأفراده، والواقع أن شدة هذا الرفض من قبل المجتمع هذا أو ذاك تبقى عملية متفاوتة ومتباينة حسب طبيعة المجتمع، وآليات الضبط المعتمدة فيه.
كما تعد ظاهرة الانحراف ظاهرة اجتماعية وقانونية، تتضافر العديد من العلوم والفنون لأجل فهمها، وتفسيرها، وإيجاد الحلول لمواجهتها ، والتحكم فيها، ذلك أن السلوك الانحرافي أو الفعل الإجرامي ما هو إلا عدوان على الحقوق، وانتهاك للقيم والأخلاق الاجتماعية الثابتة، وهو أيضا انتهاك للقيم والآداب، وعدوانا على الأشخاص والأموال والممتلكات، مما يجعل من الانحراف ظاهرة سلبية لها آثار خطيرة على أمن الفرد وسلامة المجتمع، خصوصا إذا عرفت لواقعها استفحالا، وانتشارا في مختلف جوانب الحياة، مما يجعل من هذه الظاهرة بيئة خصبة للدراسة والمعالجة، ومكانة تأخذ طابع التميز في البحث لدى الكثير من الدارسين، وفي مختلف العلوم والفنون، خصوصا من رجال القانون والنفس والاجتماع والتربية.
لما تتضافر هذه العلوم كلها من اجل فهم ظاهرة الانحراف أو تفسير الفعل الإجرامي والوقوف على محركاته، فإنه وبلا شك سنكون أمام تناولات عدة، تجعل من الدراسة والبحث آلية مثلى لإرساء منهجية علمية في التعامل مع الظاهرة، ومقابلتها برد فعل اجتماعي منطقي وعقلاني، مبني على أسس علمية، ومنهجية واقعية، ذلك أنه في أي مجتمع من المجتمعات لما يحدث وأن يرتكب شخص ما فعلا مخالفا للضوابط الاجتماعية المتعارف عليها داخل ذلك المجتمع، يقابله رد فعل قد يطلق عليه عقابا أو إصلاحا، أو حتى علاجا، حسب طبيعة الفعل المرتكب، والضرر الناجم عليه، ومن منظور البيئة المرتكب فيها الفعل.
وفق هذا المدخل كانت دراستنا الحالية محاولة لبحث دور المؤسسات العقابية باعتبارها مؤسسات اجتماعية، يتم فيها تنفيذ الحكم القضائي الصادر بحق من ارتكبوا أفعالا مخالفة للقانون، وأصبحوا بموجب القانون أفرادا محكوما عليهم، يستوجب إيداعهم بمؤسسات الاحتجاز، والتي تعرف في أغلبية المجتمعات بمؤسسات السجون، وسيكون محور دراستنا هذه هو آلية التعامل مع المسجونين المودعين بمؤسسات السجون في الجزائر وفق ما تمليه لوائح ومواد قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين بالمقارنة مع ما توصي به لوائح وتوصيات القوانين الدولية المتعارف عليها في إطار القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء التي اعتمدتها الأمم المتحدة في مؤتمرها الأول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين، أو ضمن ما أقرته الجامعة العربية في القانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون، حيث أوصت كل من هيئة منظمة الأمم المتحدة و جامعة الدول العربية بضرورة تطبيق أساليب وقواعد تقوم على مبدأ الدفاع الاجتماعي الذي يحفظ للمحبوس كرامته الإنسانية، ولا يحط من قيمته كإنسان.
ثانيا: إشكالية الدراسة:
تتمحور إشكالية الدراسة في نقطة أساسية نحاول معالجتها ألا وهي واقع عملية تأهيل وإصلاح السجناء بمؤسسات السجون في الجزائر باعتبار السجن مؤسسة اجتماعية كغيرها من المؤسسات التي تحاول إكساب الفرد جملة من السلوكات الاجتماعية المقبولة والتي لا تتعارض مع السلوكيات الاجتماعية المتبعة، من هنا كان دور السجون إعادة تربية الفرد النزيل، أو بالأحرى إعادة شخصنته بما يتوافق والآداب العامة، والقيم المتوافق عليها، بالتنسيق مع مختلف أجهزة التنشئة الاجتماعية والمؤسسات الرسمية وكذا جمعيات المجتمع المدني.
تعتبر عقوبة السجن أحد أنواع الأساليب العقابية التي تقع على الأشخاص (مثل عقوبة التعذيب الجسدي، الغرامات المالية، النفي والإبعاد، عقوبة الإعدام...)، وليس كل الأشخاص بل المحكوم عليهم نتيجة اقتراف أفعال إجرامية مست بأمن المجتمع، وسلامة أفراده، وعقوبة السجن هي من العقوبات الماسة بالحرية ومقيدة لها، بحيث يوضع المحكوم عليهم في بيئة مغلقة.
إن أسلوب تطبيق الجزاء الجنائي في المؤسسات العقابية هو أسلوب يمثل نظام قائم بذاته، له فلسفته الخاصة، وشروطه المقننة التي تحكمه، والأسس التي تحدده، وترسم أهدافه المرجوة، كل ذلك يؤكد على أن نظام العقاب هو منظومة بحجم المنظومات الأخرى التي تحتاج بدورها إلى الكثير من الاهتمام. ويعتبر مفهوم السجن مفهوم قديم، إذ تم وروده في الكثير من التناولات لما يمثله من ارتباط بواقع الحياة العامة للفرد والمجتمع، ولأجل أن تكون المؤسسات العقابية أو الإصلاحية بمثابة مؤسسات اجتماعية، وتساهم كغيرها من المؤسسات في إعادة تربية الأفراد المنحرفين، وتأهيلهم اجتماعيا، وتربويا، ومهنيا، والتكفل بهم صحيا، ونفسيا، ينبغي على المجتمع توفير الآليات الكفيلة بإنجاح هذا الدور، وهنا يطرح السؤال هل المؤسسات العقابية أو الإصلاحية بإمكانها أن توفي بالغرض الذي أنشأت من أجله؟، بتعبير آخر هل النصوص التنظيمية الجديدة تتوافق وآلية تأهيل المحبوسين وإعادة إدماجهم اجتماعيا التي يفرضها الواقع وتتماشى ومبادئ الخدمة الاجتماعية باعتبار أن ما يقدم من تكفل في السجون هو خدمة تقدم من قبل المجتمع لأفراده الذين انحرفوا عن المعايير التي يقرها ذلك المجتمع؟، هذا التساؤل يجعلنا نحاول استكشاف المنظومة العقابية المطبقة في الجزائر على ضوء النصوص التنظيمية المتخذة في تطبيق قانون السجون بالمقارنة مع ما تمليه المعاهدات الدولية في مجال رعاية المسجونين والتكفل بهم، وكذا إعادة إدماجهم في المجتمع كأفراد أسوياء، وهذا في قراءة تحليلية لما ورد في نصوص القانون الجديد رقم 05- 04 المؤرخ في 27 ذي الحجة عام 1425 الموافق لـ06 فبراير سنة 2005، المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين.
رابعا: المفاهيم الأساسية للدراسة:
1- مفهوم السجن:
وردت الإشارة إلى كلمة السجن في القرآن الكريم في قصة سيدنا يوسف (عليه السلام) عند قوله تعالى ﴿ يَا صَاحِبَيِ السّجْن أأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْر؟ أَمِ اللهُ الوَاحِدُ القَهّار﴾ ( سورة يوسف (الآية 39)، وكانت هذه الآية حول رؤيا لسيدنا يوسف (عليه السلام)، وقوله تعالى أيضا ﴿ قَال رَبّ السجنُ أحَبُّ إليَّ ممّا يَدْعُونَنَي إِلَيْه...﴾ (سورة يوسف (الآية 33).
ومعنى السجن في اللغة هو الحبس، والحبس معناه المنع، ومعناه الشرعي هو تعويق الشخص ومنعه من التصرف بنفسه، سواء أكان في بلد أو بيت أو مسجد أو سجن معد للعقوبة أو غير ذلك (عزالدين الخطيب التميمي وآخرون،(د. ت)، ص 239)، والسجن بالكبير المحبس، وصاحبه سجان، والسجين المسجون (عبد الفتاح خضر،1984، ص 16).
أما اصطلاحا فيقصد بالسجن تلك المؤسسات المعدة خصيصا لاستقبال المحكوم عليهم بعقوبات مقيدة للحرية (اسحق إبراهيم منصور، 1989، ص 163) وسالبة لها وهي تشترك في ذلك مع الحكم بالأشغال الشاقة والاعتقال، حيث يحرم المحكوم عليهم من الخروج أو متابعة الحياة بشكل عادي وفي أجواء طليقة، والحيلولة دون ممارسة أي نشاط ما، وعادة ما يرتبط بالسجون عدة مفاهيم وتسميات مثل الإصلاحيات أو مراكز التأديب أو دور الإصلاح والتهذيب أو التقويم أو مؤسسات إعادة التربية أو غير ذلك من التسميات (اسحق إبراهيم منصور، 1989، ص 163)، كما يعرف النظام القانوني الجزائري السجن أو المؤسسة العقابية على أنها "هي مكان للحبس تنفذ فيه وفقا للقانون العقوبات السالبة للحرية، والأوامر الصادرة عن الجهات القضائية، والإكراه البدني عند الاقتضاء" (المادة (25) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين لسنة 2005).
أما السجين فيعرف على أنه "الشخص الذي منعت حريته بقصد تعويقه ومنعه من التصرف بنفسه ونقصد بالسجين هنا الشخص الذي عوق ومنع من التصرف بنفسه سواء كان ذلك من خلال وضعه في بيت أو مسجد أو قبوا كما كان سائدا في الوقت الماضي أو كان ذلك من خلال وضعه في بناء مقفل يوضع فيه الأشخاص المتهمون في انتظار محاكمتهم أو تنفيذ الأحكام الصادرة ضدهم كما هو سائد ومعمول به في الوقت الحاضر" (عبد الله عبد العزيز اليوسف، 1999، ص 176)، وهو ما يتوافق مع ما ذهب إليه المشرع الجزائري في تعريفه للسجين أو المحبوس والذي يقال عنه أنه "الشخص الذي ارتكب جريمة أو أكثر، مخالفا بذلك نصا في القانون عمدا، ومودعا في إحدى المؤسسات العقابية" (محمد حسن غانم، 1994، ص75)، وهذا التعريف له الخصائص الآتية:
1- ركز على الفرد المرتكب لجريمة أو أكثر.
2- من المحتمل أن يرتكب الفرد جريمة أو أكثر.
3- أن ارتكاب الجريمة يكون بصورة عمدية وليست عفوية.
4- أن المسجون لابد وأن يودع في إحدى المؤسسات العقابية.
ويشترط في السجن أن يكون مكانا لاستقبال كل من كان على استعدادا للإصلاح والتربية والتقويم، لأنه لو يفقد المحكوم عليه هذه القابلية للإصلاح فلن يجدي إيداعه في السجن، وبالتالي وجوب تسليط آلية أخرى لتطبيق الحكم عليه كبديل للإيداع في مؤسسة السجن.
كما أرتبط مفهوم إعادة التربية بمفهوم السجن، الذي هو الآخر مرادف لمفهوم الحبس، ومؤسسات إعادة التربية هي مراكز للتكفل والتأهيل، وهو وصفا لم يكن من قبل، وإنما جاء بعد مراحل، لتحل بذلك "فكرة التهذيب والإصلاح محل فكرة الزجر والردع، وتجاوزت رسالة السجن عن حد وقاية المجتمع من الخارجين على نظمه إلى المساهمة إيجابيا في تقدم المجتمع بتخريج أكبر عدد ممكن من نزلائه إلى الحياة الاجتماعية مهيئين مهنيا وثقافيا واجتماعيا، وصالحين جسميا وعقليا لاستعادة أماكنهم في عملية الإنتاج في المجتمع" (سلوى عثمان الصديقي وآخرين،2002، ص 263)، وبهذا لا فرق بين مؤسسة إعادة التربية والمؤسسة الإصلاحية في التسمية، ذلك أن مراكز إعادة التربية لم تكن سوى بيوتا للإصلاح والتقويم كما عبر عن ذلك السيد رمضان عندما تحدث عن تحول دور السجن من العقاب إلى الإصلاح وأنه "لم يصبح الغرض من إرسال السجين إلى السجن القضاء عليه أو الانتقام منه، وإنما إبعاده عن المجتمع فترة يشعر فيها بالندم، ويعاد علاجه وتأهيله للتعاون مع المجتمع تعاونا مثمرا بناءا" (سلوى عثمان الصديقي وآخرين، مرجع سابق، ص263)، ومن هذا تصبح مؤسسة إعادة التربية (دراسة للباحث منشورة بالشروق اليومي، العدد 660، 2002) مؤسسة علاج، ومؤسسة رعاية، ومؤسسة تأهيل، ومؤسسة إدماج، ونحن هنا نعرف السجون على أنها تلك "المؤسسات المعدة لاستقبال المحكوم عليهم بعقوبات مقيدة للحرية، وعادة ما تسمى بمراكز التأهيل أو الإصلاحيات، هدفها تأهيل السجين اجتماعيا، ونفسيا، وصحيا، ومهنيا، وفكريا، ودينيا،...، حتى يجد نفسه بعدها مندمجا ضمن سياق اجتماعي وتفكير رسمي، متطلعا إلى الارتقاء بشخصيته إلى مرتبة الإنسان الواعي والمسئول".
2- مفهوم التأهيل:
إن كلمة التأهيل في العربية تعني في الواقع مساعدة الشخص وخدمته، ويقابلها في اللغة الفرنسية كلمة ( Réhabilitation ) والتي تعني مساعدة الشخص العاجز على التكيف ( Adaptation )، أو العمل على إعادة تكييفه ( Réadaptation ) (صالح شيخ كمر،(د. ت)، ص 205)، وهو يعني بذلك عملية تنشئته وإعداده وفق ما تستدعيه خدمته ليتمكن من استعادة قدراته وقواه التي فقدها.
تختلف النظرة للتأهيل حسب اختصاص كل عالم أو باحث، أو حسب نوعية البحث ومجال تموقعه، وفي هذا نجد أن نظرة علماء النفس لعملية التأهيل على أنه "العملية التي يصل بها الراشدون في المراحل المختلفة من مشاعر العجز والاضطراب الانفعالي والتبعية إلى تحقيق استبصار جديد في ما يتصل بأنفسهم، وإلى اكتساب المهارات اللازمة لحالتهم الجديدة، وإلى أسلوب جديد من السيطرة على انفعالاتهم وبيئتهم" (توماس. ج. كارول، 1964، ص132)، والمقصود من هذا هو العمل على تحرير الشخص من كل ما يعتريه من سمات شخصية سلبية مثل العجز واليأس، وبعث فيه روح التمسك بالحياة من خلال الاستناد على ركائز ودعامات قوية للتصدي لأي عارض سلبي.
أما علماء الاجتماع فينظرون إلى عملية التأهيل على أنها "عملية تستند ما وسعها الاستناد إلى قوة الجماعة ومؤازرة الجماعة، ولكنها تشكل بدقة على مقاس الطابع الفرد للشخصية والمشكلات النوعية الخاصة بكل فرد الذي تجرى له عملية التأهيل"(توماس. ج. كارول، 1964، ص133)، وهذا يشير إلى إمكانية تعدد أوجه عملية التأهيل، وفي نفس الوقت أن يكون التأهيل كلا متكاملا، وكما ينبغي أن يبدأ من مقعد المؤسسة التي يودع فيها الشخص، وبذلك تتنوع الإجراءات التي تقوم عليها التأهيل وتعتمد عليها وفق ما تفرضه مبادئ الخدمة الاجتماعية، لأنها كما يرى –ورنهايم- عملية "تهدف إلى مساعدة الأفراد والجماعات عن طريق الأنشطة الموجهة نحو علاقاتهم الاجتماعية، بما في ذلك التفاعل بين الإنسان والبيئة المحيطة، وتؤدي هذه الأنشطة ثلاث وظائف رئيسية وهي علاج يلحق بالأفراد من أضرار في قدراتهم وتقديم الخدمات الفردية والجماعية والوقاية من الآفات الاجتماعية" (أحمد مصطفى خاطر، ط2، 1995، ص 124)، وهنا تكمن الفائدة الفردية، كما أنها توجد مصلحة اجتماعية، مما يجبر المجتمع على تطبيقها (إجراءات التأهيل) قهرا بصرف النظر عن إرادة الجاني(أحمد مصطفى خاطر، ط2، 1995، ص 133)، مثل هذه العملية تستوجب توفر طاقات كبرى لأنها تلقي بأعباء جسيمة على هيئة الأخصائيين، ذلك أن التأهيل الحقيقي هو "علم وفن مما يتطلب سعة في المعرفة والخبرة، كما يتطلب القدرة على منح الحب الناضج، إنها (عملية التأهيل) تتطلب القدرة على تقديم العون، والقدرة على سحب هذا العون في الوقت المناسب بالطريقة المناسبة، فكل عون ينبغي أن يكون عونا في اتجاه الاعتماد على الذات.
إن برنامج التأهيل الشامل إنما هو نسيج مرهف تتداخل فيه المهارات والاتجاهات لصالح الشخصية الكلية(توماس. ج. كارول، 1964، ص133)، ومن هذا فإن التأهيل قبل أن يكون مهمة مسؤولية إنسانية بالدرجة الأولى من تعديل اتجاهات الأفراد المنحرفين وتهذيب طبائعهم وتهيئتهم للحياة العادية، وتعويدهم على احترام النظام، والامتثال لضوابط المجتمع من قانون وعرف وتقاليد...
يمكن القول أن التأهيل الذي قيل عنه أنه عملية دراسة وتقييم قدرات وإمكانات الفرد العاجز، والعمل على تنمية هذه القدرات لتحقيق أكبر نفع ممكن له في الجوانب الاجتماعية والشخصية والبدنية والاقتصادية (أحمد مصطفى خاطر، 1997، ص 265)، هذا التأهيل لا يمثل غاية، بل هو وسيلة إلى هدف نهائي وهو تحقيق زيادة في القدرات الشخصية إلى أقصى حد ممكن، وتحقيق القوة الجسمانية والمعنوية، حتى يقبل على الحياة ويعيش فيها حياة طبيعة، ويشمل التأهيل أنواعا مختلفة منها الجانب الاجتماعي والنفسي والصحي، والتأهيل المهني والتعليمي، والتهذيب الديني والأخلاقي وحتى الخدمات الترفيهية والترويحية التي يكون توفيرها أمرها ضروريا، ونعني بالتأهيل في دراستنا هذه "مجمل الأساليب المتبعة في مؤسسات إعادة التربية، سواء الخاصة بالمنحرفين الأحداث أو البالغين، والمتضمنة في الإجراءات التربوية والاجتماعية والنفسية والصحية والمهنية والتعليمية والتهذيبية وحتى الترفيهية، التي تقوم على أسس الخدمة الاجتماعية التي يقصد من ورائها إصلاح المحكوم عليه وإعادة إدماجه في المجتمع كفرد سوي".
خامسا: الدراسات السابقة
قبل أن نعرض لتراث الدراسات العلمية السابقة التي تناولت السجون عامة وعملية التأهيل والإصلاح داخل السجون، وكذا كيفية التعامل مع المسجونين، تجدر الإشارة إلى أنه هناك قلة محسوسة في الدراسات التي تناولت قضايا السجون، إن لم نقل هناك ندرة، باعتبار المواضيع التي تتعلق بالسجون وأوضاع المساجين هي من الطابوهات والمحرمات التي يمنع البحث فيها، وهذا لطبيعة النظام السياسي السائد في البلاد العربية، مما جعل المؤسسات المغلقة البحث فيها من القرارات المغلقة وبإحكام شديد، إلا أنه وفي السنوات الأخيرة بدأ عصر الانفتاح على القضايا المتعلقة بالسجون والسجناء، وبدأت المنظمات المهتمة تلج القطاع، ولكن بحذر.
صدرت بعض الدراسات التي تناولت السجون والتي يعود فيها الفضل لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية التي سهرت على الإشراف على الكثير من الرسائل الجامعية المتعلقة بالموضوع، وكذا تخصيص العديد من ندواتها لموضوع السجون، كما كانت هناك بعض المحاولات لكنها تعتبر دراسات إما رسمية، من تقارير ومناشير، أو محاولات كتابة لا تستند إلى التحكيم والمنهجية العلمية.
1) دراسة سلطان بن صالح الغفيلي (1426هـ)، تحت عنوان "دور مديري السجون في تفعيل البرامج الإصلاحية للنزلاء)، وهي دراسة تمثل محاولة لكشف دور القائمين على السجون في العمل على تطوير نظم المؤسسات العقابية أو الإصلاحية وتسييرها بطرق حديثة، وقد استخدم فيها الباحث المنهج الوصفي، معتمدا في ذلك على المسح الاجتماعي الشامل لعينة من الضباط العاملين بالمؤسسات الإصلاحية والسجون الرئيسية بالمملكة العربية السعودية، وقد كشفت هذه الدراسة على أن هناك دعما أقل من قبل مدراء المؤسسات العقابية والإصلاحية في متابعة برامج التهذيب الديني والأخلاقي، على الرغم من أن هذا التدبير هو واحد من أعمدة التأهيل وإعادة التربية والإدماج بالنسبة للنزلاء، إذ سجل نقص في تدعيم اختبارات حفظ القرآن الكريم، ونقص في تدعيم برامج الوعظ والإرشاد (عبد العزيز عبد الله الشعيبي، 2007، ص10).
2) دراسة حسن بن محمد عبد الرحمن الأحمري (1419) تحت عنوان (فاعلية برامج السجون في تغير اتجاهات النزلاء وسلوكهم)، استخدم الباحث في هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي معتمدا في ذلك على المسح الاجتماعي الشامل سواء كانت دينية أو ثقافية أو منهجية على تغير اتجاهات النزلاء وتعديل سلوكهم، وقد خلصت الدراسة إلى بعض النتائج من أهمها(عبد العزيز عبد الله الشعيبي،2007، ص11):
- أن نسبة 90 % من مجموع أفراد العينة قد اقتنعوا بضرورة مشاركتهم في البرامج الإصلاحية المعتمدة وهذا لمنفعتهم الشخصية.
- أن نسبة 85 % من مجموع أفراد العينة يشاركون في البرامج هذه بهدف إرضاء القائمين على المؤسسات بغية الحصول على العفو.
كما توصلت الدراسة هذه إلى نتائج جد هامة حول البرامج والتدابير المتخذة في المؤسسات العقابية أو الإصلاحية، إذ وجد أن البرامج الدينية والتهذيبية المقدمة قد ساهمت في تعديل سلوك النزلاء بما نسبته 81.25 % ، كما ساهمت البرامج الثقافية في ذلك بنسبة 78 % ، أيضا ساهمت البرامج الاجتماعية بنسبة 75.25 % ، وبرامج التدريب المهني بنسبة 74.75 % ، والبرامج الرياضية بنسبة 73.5 % .
كما أظهرت الدراسة أن تأثير البرامج المعتمدة في السجون على مجمل علاقات النزلاء بأسرهم وذلك بنسبة 85.25 % ، أما تأثير البرامج على تعديل سلوكيات النزلاء بنسبة 87.25 % ، واتفقت مفردات العينة حول المشكلات التي تضعف أثر البرامج الإصلاحية وحسب الترتيب هي: انشغال النزلاء بالمشكلات الأسرية عن متابعة برامج التأهيل، والرغبة والتفكك الأسري والشجار مع النزلاء.
وأهمية الدراسة هذه تكمن في معالجتها للمشكلات التي قد تعترض برامج التأهيل وإعادة الإدماج بالنسبة لنزلاء المؤسسات العقابية والإصلاحية والوقوف على أهم مشكلات السجناء ومدى ارتباط البرامج والإجراءات المتخذة في طرق وأساليب المعاملة على سلوكيات النزلاء ومدى تقبلهم لها، وكذا الامتثال للضوابط المعتمدة قصد الوقوف على سلبيات وإيجابيات هذه التدابير ومن ذلك تقييم البرامج وتقويمها.
3) هي دراسة للباحث السعودي العبيد (2004) تحت عنوان (مدى فاعلية المؤسسات الإصلاحية)، وهي دراسة اجتماعية لتغير اتجاهات نزلاء المؤسسات الإصلاحية نحو بعض القيم الاجتماعية والمعايير السلوكية، وكانت هذه الدراسة تهدف إلى معرفة مدى فاعلية المؤسسات الإصلاحية في تأهيل نزلائها، حيث اعتمد الباحث المنهج الوصفي التحليلي وذلك عن طريق عملية المسح الاجتماعي الشامل، واستخدم في جمع بيانات الدراسة استمارة بحث ضمت من البنود التي تخدم محتوى الموضوع.
خلصت دراسة العبيد إلى جملة من النتائج كان من أهمها وما يرتبط بدراستنا الحالية ما يلي (طارق بن محمد زياد الزهراني، الرياض، 2004، ص34):
- وجد أن هناك محدودية في الاتجاهات الإيجابية نحو مختلف القيم والمعايير.
- أن هناك علاقة إيجابية وقوية بين مدة بقاء النزيل في الدار ورأيه في الوسائل المؤسسية والمناخ المؤسسي.
- أن هناك تذبذبا محدودا في قيمة معامل الارتباط بين المدة والاتجاهات نحو مختلف القيم والمعايير السلوكية والاتجاه العام عند ضبط المتغيرات الشخصية.
- أن متغيري عدد مرات الدخول إلى الدار ومدة البقاء السابقة لهما تأثير سلبي على العلاقة بين المدة واتجاه النزيل.
- يظهر بوضوح أثر متغير طريقة قبول الأسرة للنزيل بعد الإفراج عنه، أي بمعنى كل ما توقع النزيل استقبال جيد من أسرته فإن اتجاهه يتأثر بشكل إيجابي أكبر.
كما خلص الباحث في الأخير إلى نتيجة مؤداها أن المتغيرات المؤسسية لها تأثير إيجابي قوي على العلاقة بين المدة والاتجاه نحو مختلف القيم والمعايير السلوكية والاتجاه العام.
سادسا: منهج الدراسة
يعرف الدكتور عبد الرحمن بدوي منهج البحث على أنه "الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم بواسطة طائفة من القواعد العامة التي تهيمن على سير العقل وتحديد عملياته حتى يصل إلى نتيجة معقولة" (عبد الرحمن بدوي، القاهرة، 1993، ص 97)، وطبيعي أن تعتمد دراستنا على منهج علمي نستند فيه وعليه للوصول إلى فهم أكثر لواقع الحال، لذا كانت هذه الدراسة في مجملها تعتمد على منهج تحليل المضمون كأحد أساليب البحث العلمي الوصفي والذي يعد حسب تعريف برلسون (1952 berlson ) " أحد الأساليب البحثية التي تستخدم في وصف المحتوى الظاهري أو الصريح وصفاً موضوعياً منتظماً وكمياً" (عبد الحفيظ عبد الحبيب الجزولي، محمد عبد الرحمن الدخيل، الرياض، 2000، ص 185).
إذا كنا نعتمد في دراستنا هذه على منهج تحليل المضمون، فإنه ولابد من الاعتماد أساسا على قراءة تحليلية للنصوص القانونية الواردة في قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين الصادر في سنة 2005، وتحليل هذه النصوص القانونية من منظور سوسيولوجي يستند على بعض الأرقام الإحصائية، كما يعتمد في هذه الدراسة على مراجعة نظرية مقارنة للقوانين المتعلقة بالسجناء حسب ما تقره القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء لمنع الجريمة ومعاملة السجناء الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة، وكذا القانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون الصادر عن الجامعة العربية، وذلك بغية تقديم دراســة منهجيـة، من خلال إتباع طريقـة منظمة، وصارمة، متمثلة في أسلوب تحليل المضمون.
سابعا: السجن من منظور التشريع الجزائري
تعتبر الجزائر كغيرها من الدول التي أقرت قوانين وسنت شرائع خاصة بالسجناء أو المحبوسين وفق ما تمليه قواعد وأسس معاملة السجناء التي تقرها الأمم المتحدة في القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، حيث صدر القانون السابق المتمثل في الأمر رقم 72/ 02 المؤرخ في 10 فيفري 1972 المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين، أين جاءت فاتحة القانون مؤكدة على ما يلي:
- تمسك الجزائر بالحريات الفردية ومبدأ المساواة في العقوبات التي تحافظ السلطة القضائية عليها وتقوم بتطبيقها.
- الهدف من العقوبة المانعة للحرية هو إصلاح المحكوم عليهم وإعادة تربيتهم وتكيفهم الاجتماعي.
- تطبيق توصيات منظمة الأمم المتحدة في معاملة المسجونين.
- إن التربية والتكوين ثم الأعمال النافعة هي من الوسائل الفعالة لإعادة التربية بالإضافة إلى العامل الدائم لترقيتها.
- الإيمان بتهذيب خاصيات المسجونين الفكرية والأخلاقية بصفة دائمة، مستهدفة حماية المجتمع.
أما القانون الجديد فإن مادته الأولى فقد اختصرت كل ذلك في عبارة واحدة وهي أنه "يهدف هذا القانون إلى تكريس مبادئ وقواعد لإرساء سياسة عقابية قائمة على فكرة الدفاع الاجتماعي التي تجعل من تطبيق العقوبة وسيلة لحماية المجتمع بواسطة التربية وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين" (المادة (1) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005)، وهو ما يتوافق مع القانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون الذي جاء في مادته الأولى والتي نصت على ما يلي "تنفيذ الأحكام الجزائية السالبة للحرية وسيلة للدفاع الاجتماعي وصيانة للنظام العام وبه يتحقق أمن الناس في أنفسهم وأعراضهم وأموالهم ويساعد الأفراد الجانحين على إعادة تربيتهم وتأهيلهم وذلك برفع المستوى الفكري والمهني لهم" (الفقرة (1) من المادة (1) للقانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون، 2000)، كما نصت المادة (2) على أن "يعامل المحبوسون معاملة تصون كرامتهم الإنسانية، وتعمل على الرفع من مستواهم الفكري والمعنوي بصفة دائمة، دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي"(المادة (2) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005)، وهو ما يتوافق مع القانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون في المادة (1) حيث أكدت على أنه "لا يجوز التمييز بين المسجونين على أساس العنصر أو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي"(الفقرة (2) من المادة (1) للقانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون، 2000)، كذلك يتوافق هذا مع ما نادت به القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء التي اعتمدتها هيئة الأمم المتحدة، وهذا في مادتها الخامسة والتي نصت على أنه "لا يجوز أن يكون هناك تمييز في المعاملة بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو المنشأ القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر" (المادة (5) القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، 1948)، كما نادى المشرع الجزائري بضرورة تفريد العقوبة حيث ورد في المادة (3) على أنه "يرتكز تطبيق العقوبة لسالبة للحرية على مبدأ تفريد العقوبة الذي يتمثل في معاملة المحبوس وفقا لوضعيته الجزائية، وحالته البدنية والعقلية"(المادة (3) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005).
يعتبر السجن أو المؤسسة العقابية حسب المشرع الجزائري وفق ما نصت عليه المادة (25) من قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين "مكان للحبس تنفذ فيه وفقا للقانون العقوبات السالبة للحرية، والأوامر الصادرة عن الجهات القضائية، والإكراه البدني عند الاقتضاء" (المادة (25) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، 2005)، وهو ما يتوافق مع القانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون الذي جاء في مادته الأولى والتي نصت على ما يلي "المكان المعد لإيواء الأشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام أو أوامر سالبة للحرية من سلطة مختصة"، وقد عرفه القانون القديم المعروف بقانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين من خلال المادة (4) والتي نصت على أن السجن يمثل "مركز للاعتقال تابع لوزارة العدل، ويوضع فيه الأشخاص المعتقلون طبقا للقانون" (المادة (4) من الأمر رقم 72/ 02 المؤرخ في 10 فيفري 1972 المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين)، وتضيف المادة (5) من ذات القانون "أن المعتقلون من حيث القصد وفقا للمادة السابقة هم "الأشخاص المذكورون على وجه الترتيب التالي:
- الأشخاص الملاحقون بتدبير مانع للحرية كمسجونين.
- الأشخاص الملاحقون جزائيا ولم يحكم عليهم نهائيا كمسجونين متهمين.
- الأشخاص الذين صدر بحقهم حكم قضائي أصبح نهائيا كمسجونين محكوم عليهم.
أما القانون الجديد فإنه ينظر للمحبوس أو السجين على أنه "كل شخص تم إيداعه بمؤسسة عقابية، تنفيذا لأمر، أو حكم، أو قرار قضائي.
ويصنف المحبوسون حسب المادة (3) قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين إلى:
1- محبوسين مؤقتا، وهم الأشخاص المتابعون جزائيا، والذين لم يصدر بشأنهم أمر، أو حكم، أو قرار قضائي.
2- محبوسين محكوم عليهم، وهم الأشخاص الذين صدر في حقهم حكم أو قرار أصبح نهائيا.
3- محبوسين تنفيذا لإكراه بدني".
من خلال هذا الإيراد يتضح لنا أن السجون هي أماكن كبيرة لاحتجاز المحكوم عليهم، أو الذين صدر بحقهم حكم قضائي في قضايا "ما" يوقع عليهم عقوبة الحبس، وتعريف المحبوس هما يتفق إلى حد كبير مع تعريف جامعة الدول العربية، حيث نصت المادة (2) من القانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون على أن السجين هو "الشخص المودع في السجن بناء على حكم قضائي أو أمر صادر من سلطة مختصة".
يسهر على تنفيذ قرارات العدالة في تطبيق العقوبات على المحكوم عليهم من الأصناف السابقة هيئة تسمى "لجنة تطبيق العقوبات"، حيث أفرد المشرع الجزائري حسب المادة (14) من قانون السجون جملة من المهام التي تسهر على تنفيذها هذه اللجنة في كل مؤسسة عقابية أو إصلاحية، حيث نصت المادة على ما يلي "تنشأ لدى كل مؤسسة وقاية وكل مؤسسة إعادة التربية، وكل مؤسسة إعادة التأهيل، وفي المراكز المخصصة للنساء، لجنة تطبيق العقوبات يرأسها قاضي تطبيق العقوبات.
تختص لجنة تطبيق العقوبات بما يلي:
1- ترتيب وتوزيع المحبوسين، حسب وضعيتهم الجزائية، وخطورة الجريمة المحبوسين من أجلها، وجنسهم وسنهم وشخصيتهم، ودرجة استعدادهم للإصلاح.
2- متابعة تطبيق العقوبات السالبة للحرية والبديلة عند الاقتضاء.
3- دراسة طلبات إجازات الخروج وطلبات التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة، وطلبات الإفراج المشروط، أو الإفراج المشروط لأسباب صحية.
4- دراسة طلبات الوضع في الوسط المفتوح، والحرية النصفية، والورشات الخارجية.
5- متابعة تطبيق برامج إعادة التربية، وتفعيل آلياتها.
تحدد تشكيلة هذه اللجنة، وكيفيات سيرها عن طريق التنظيم.
تتهيكل وزارة العدل وفق تنظيم إداري يضم في مكوناته مجموعة من المديريات التي تسهر على تطبيق العدالة، إذ يشير دليل المتعامل مع العدالة إلى وجود كل من المديرية العامة للشؤون القضائية، والمديرية العامة للموارد البشرية، والمديرية العامة للمالية والوسائل، والمديرية العامة لعصرنة العدالة، والمديرية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، هذه الأخيرة التي تمثل الإطار العام لنظام السجون في الجزائر، وتسهر على تسيير قطاع السجون وقضايا السجناء، وقد أنشأت المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة التربية طبقا للمرسوم رقم 2002- 98 المؤرخ في 20 جوان 1998، هدفها التكفل بتسيير هذا القطاع، وتتمثل مهمتها الرئيسية في عملية تنفيذ إصلاح قطاع المؤسسات العقابية، الذي تمت برمجته في إطار عملية الإصلاح الشامل لجهاز العدالة، ويتمحور إصلاح المؤسسات العقابية الذي يؤطره جهاز تشريعي وتنظيمي جديد (من بيانات المديرية العامة لإدارة السجون، www.mjustice.dz )، ويتمحور هذا الإصلاح الذي تهدف إليه مهمة المديرية العامة لإدارة السجون في الأهداف التالية (دليل المتعامل مع العدالة، منشورات وزارة العدل، www.mjustice.dz ، ص19):
· إعادة تكييف المنظومة القانونية والتنظيمية.
· تحسين ظروف الاحتباس.
· تعزيز برامج إعادة التربية وإعادة الإدماج لصالح المحبوس.
· تدعيم حقوق المحبوسين.
ثامنا: الإصلاحات المدخلة على قانون السجون في الجزائر
المؤسسة السجنية في الجزائر هي أيضا بدأت تنحو باتجاه الانفتاح على العالم الخارجي من خلال فتح المجال أمام المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية ومختلف الفاعلين الاجتماعين بتنظيم زيارات عديدة إلى مختلف السجون ومقابلة كل فئات السجناء، حتى أن الجزائر قد وقعت على الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجامعة العربية، مضيفة إليه عددا من التعديلات في 2004، وقد نص الميثاق في مادته (15) على "أنه يجب أن يعامل المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية معاملة إنسانية (تقرير المنظمة العربية لإصلاح الجنائي 2006 حول أوضاع السجون والسجناء في بعض البلدان العربية، (حالة الجزائر) ص 81)، خصوصا لما كان قطاع السجون والسجناء من بين أولويات اللجنة الوطنية لإصلاح العدالة المشكلة في شهر أكتوبر من سنة 1999 إذ كان عنصر "عصرنة العدالة أهم المحاور الأساسية للإصلاح، حيث تهدف أساسا إلى جعل العدالة في متنازل الجميع، وبأكثر فعالية وسرعة بإعطاء القاضي الوسائل التقنية الضرورية للقيام بمهامه على أحسن وجه" (من كلمة وزير العدل وحافظ الأختام، في الكلمة الافتتاحية للندوة الوطنية لإصلاح العدالة المنعقدة يومي 28 و29 مارس 2005 بالجزائر).
1) البدايات الأولى لإصلاحات المنظومة العقابية الأخيرة :
كانت الفترة ما بين 1999 و2004 هي فترة تحول بالنسبة للعدالة الجزائرية إذ تم إحداث موجة التغيير مست كما قال رئيس الجمهورية "العديد من القوانين الهامة والأساسية، كالقانون المدني، وقانون الإجراءات المدنية والإدارية، وقانون العقوبات، وقانون الإجراءات الجزائية، وذلك بالتوازي مع قوانين هامة أخرى تصب في تأطير النمو الاقتصادي والاجتماعي للأمة، وتكرس جدية التحولات الجارية، والحرص على إحاطتها بالضوابط القانونية الواجبة، ومنها القانون التجاري، والقانون المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية، وقم الاستعمال والاتجار غير المشروعين بها، والقانون المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتها"(من كلمة رئيس الجمهورية في كلمة افتتاحه للندوة الوطنية لإصلاح العدالة المنعقدة يومي 28 و29 مارس 2005 بالجزائر)، وهذا الحرص من قبل الدولة في إحداث هذه النقلة في ميدان العدالة هو مجاراة ما يجري في العالم من تغير، وتأمين جملة من الإصلاحات في كثير من القطاعات قال عنها رئيس الجمهورية أنه "يشملها الإصلاح ترتبط فيما بينها ارتباطا وثيقا، وأن تصميم العلاقات الجديدة بين الدولة والمجتمع لا يقوم على قطاع دون آخر، بل يحتاج إلى فتح عدة جبهات إصلاحية متزامنة ومتناغمة، فإننا نعتبر أن قطاع العدالة هو من أهم ما ينقل ويوصل دلائل رشاد الحكم، وأنه إذا ما أحكم تنظيمه وبلغ فيه الإصلاح مداه، وقام عليه رجال ونساء نزهاء وأكفاء، فإنه بواقع الحال يكون قادرا على المساهمة في عملية إعادة تركين دائم للدولة والتمكين لهيبتها"(من كلمة رئيس الجمهورية في كلمة افتتاحه للندوة الوطنية لإصلاح العدالة المنعقدة يومي 28 و29 مارس 2005 بالجزائر)، وهو ما انعكس فعلا عندما خلصت اللجنة الوطنية لإصلاح العدالة إلى إعداد قانون رقم 05- 04 المؤرخ في 27 ذي الحجة عام 1425 الموافق 06 فبراير سنة 2005 يتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين كبديل عن القانون السابق "الأمر رقم 72- 02 المؤرخ في 25 ذي الحجة عام 1391 الموافق 10 فبراير سنة 1972 والمتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين"، والهادف إلى تعزيز وتحسين ظروف السجين واحترام حقوق الإنسان من جهة، وإلى مسايرة الرؤية الجدية حول مسألة إعادة تربية وتأهيل المساجين بغية إدماجهم في المجتمع كأفراد أسوياء.
وحسب وزارة العدل فإن الأحكام الجديدة تندرج ضمن الاحترام الدقيق للمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الجزائر، لاسيما المتعلقة بحقوق الإنسان، وتنص على:
· تعزيز مشاركة المجتمع المدني في إعادة الإدماج الاجتماعي للمساجين.
· قواعد أكثر مرونة، تضمن للقاضي المكلف بتطبيق العقوبات ولمختلف اللجان المنصوص عليها في القانون، إمكانية اتخاذ التدابير اللازمة من أجل تحسين ظروف السجن وإعادة إدماج المساجين.
· عملية مراجعة القوانين العقابية وقوانين الإجراءات الجزائية التي يجب أن تتكفل بالتوجيهات، والأهداف التي يتبعها إصلاح المؤسسات العقابية، ويفسره القانون الجديد حول التنظيم العقابي.
· مراجعة النصوص التنظيمية التي تخضع لها المؤسسات العقابية والهادفة إلى تحسين وعصرنة مناهج التسيير والعمل.
· عملية المراجعة مست أيضا القوانين الأساسية لمجموع موظفي القطاع العقابي(المديرية العامة لإدارة السجون www.mjustice.dz ).
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma