خـــــطة المـــذكرة
مقدمــة:
الفصـــــــل الأول : ماهية جريمة الزنا .
المبحث الأول : تعريف جريمة الزنا في القانون وفي الشريعة والتطور التاريخي لها.
المطلب الأول : تعريف جريمة الزنا في القانون وفي الشريعة
الفرع الأول: تعريف جريمة الزنا في القانون
الفرع الثاني: تعريف جريمة الزنا في الشريعة
المطلب الثاني: التطور التاريخي لجريمة الزنا
الفرع الثاني: تطور جريمة الزنا في الديانتين اليهودية والمسيحية.
أولا: جريمة الزنا في الشريعة اليهودية.
ثانيا: جريمة الزنا في الشريعة المسيحية.
الفرع الأول: تطور جريمة الزنا في القوانين الوضعية القديمة والحديثة.
أولا: جريمة الزنا في القوانين الوضعية القديمة
ثانيا: جريمة الزنا في القوانين الوضعية الحديثة.
المبحث الثاني :أركان جريمة الزنا في القانون وفي الشريعة.
المطلب الأول : أركان جريمة الزنا في القانون
الفرع الأول: الركن المفترض- قيام رابطة زوجية صحيحة.
أولا: إثبات صحة الزواج.
ثانيا: فترة قيام الرابطة الزوجية وحكمها.
ثالثا: أحكام الزوج الغائب والمفقود.
الفرع الثاني: الركن المادي- وقوع فعل الوطء غير المشروع
أولا: المقصود بالوطء
ثانيا: حكم وطء المرأة في الدبر
ثالثا: الشروع في الزنا
الفرع الثالث: الركن المعنوي- القصد الجنائي العام.
أولا: عنصر العلم
ثانيا: عنصر الإرادة
ثالثا: العوامل المؤثرة على القصد الجنائي
المطلب الثاني: أركان جريمة الزنا في الشريعة الإسلامية
الفرع الأول: الوطء المحرم
أولا: تعريف الوطء
ثانيا: الصور المختلفة للوطء
ثالثا: بقاء البكارة
الفرع الثاني: الزاني والزانية ( الفاعلان)
أولا: العقل والتكليف
ثانيا: الاختيار
ثالثا: الالتزام بالأحكام
الفرع الثالث: القصد الجنائي
أولا: الجهل بالتحريم
ثانيا: الخطأ في الشخص
الفصـــــل الثاني :القواعد الإجرائية لجريمة الزنا، والجزاء المقرر لها .
المبحث الأول: متابعة جريمة الزنا في القانون والشريعة
المطلب الأول: متابعة جريمة الزنا في القانون .
الفرع الأول: شروط تقديم الشكوى
أولا: شكل الشكوى
ثانيا: طرفا الشكوى
ثالثا: شروط صحة الشكوى
رابعا: الجهة التي توجه إليها الشكوى
خامسا: مسألة علم المجني عليه في جريمة الزنا وسقوط حقه في الشكوى
الفرع الثاني: وحدة الشكوى وتعددها
أولا: حالة تعدد المتهمين.
ثانيا: حالة تعدد الجرائم.
ثالثا: حالة تعدد المجني عليهم
الفرع الثالث: الآثار التي رتبها القانون على ضرورة تقديم شكوى.
أولا: قبل تقديم الشكوى
ثانيا: بعد تقديم الشكوى
ثالثا: الدفوع التي تدفع بها دعوى الزنا
- مسالة الشريك المتزوج أو الشريكة المتزوجة-
الفرع الرابع: التنازل عن الشكوى
أولا: شكل التنازل
ثانيا: آثار التنازل
الفرع الخامس: الدعوى المدنية التبعية
أولا: مسألة ترك المدعي لدعواه المدنية
ثانيا: ترك الدعوى المدنية لا يؤثر على الدعوى الجزائية.
ثالثا: هل ترك الدعوى المدنية يعنى التنازل عن الشكوى في الجرائم التي يتوقف
تحريك الدعوى العمومية فيها على شكوى المجني عليه
رابعا: ترك الدعوى المدنية في جريمة الزنا
خامسا: إنقضاء الدعوى المدنية تبعا لانقضاء الدعوى العمومية بسبب إسقاط
الشكوى أو التنازل عنها في جريمة الزنا.
المطلب الثاني: المتابعة في الشريعة الإسلامية
الفرع الأول: مشروعية ستر مقترف جريمة الزنا.
أولا: ستر الإمام لمقترف جريمة الزنا
ثانيا: ستر المسلم غيره ممن اقترف جريمة الزنا
ثالثا: ستر المسلم نفسه إذا اقترف جريمة الزنا.
الفرع الثاني: الإخبار عن جريمة الزنا كشرط لقيام الدعوى أو المتابعة
أولا: الإخبار عن طريق الإقرار
ثانيا: الإخبار عن طريق الشهادة
ثالثا: الإخبار عن الطريقتين معا(الإقرار، والشهادة).
رابعا: الإخبار عن حمل امرأة لا زوج لها.
خامسا: الإخبار عن طريق الزوج.
سادسا: علم القاضي بجريمة الزنا دون إخبار من أحد.
الفرع الثالث: طرق انقضاء دعوى الزنا
أولا: الرجوع عن الشهادة
ثانيا: الرجوع عن الإقرار
ثالثا: الرجوع عن الإقرار في حالة اجتماع الشهادة مع الإقرار
رابعا: تجريح الشهود
خامسا: فقر شهادة الزوج – على زوجته بالزنا- إلى دليل آخر.
سادسا: التقادم
سابعا: وفاة الجاني
ثامنا: ثبوت الشبهة
المبحث الثاني: إثبات جريمة الزنا في القانون وفي الشريعة
المطلب الأول: إثبات جريمة الزنا في القانون
الفرع الأول: طرق إثبات جريمة الزنا في ظل القانون القديم
أولا: إثبات زنا الزوجة
ثانيا: إثبات زنا الزوج
ثالثا: إثبات زنا الشريك
فصل: وجود المتهم في منزل مسلم مخصص للحريم.
الفرع الثاني: طرق إثبات جريمة الزنا في ظل المادة 341 ق ع
أولا: التلبس المعاين بمحضر محرر من ضابط الشرطة القضائية.
ثانيا: الإقرار الوارد في رسائل أو مستندات صادرة من المتهم.
ثالثا: الإقرار القضائي
المطلب الثاني: إثبات جريمة الزنا في الشريعة الإسلامية
الفرع الأول: الشهادة
أولا: شروط الشهادة
ثانيا: دور القاضي ومدى اقتناعه بالشهادة
ثالثا: رجوع الشاهد عن شهادته في جريمة الزنا
رابعا: مسؤولية الشهود في جريمة الزنا
الفرع الثاني: الإقرار
أولا: أحكام الإقرار
ثانيا: الرجوع عن الإقرار
ثالثا: اجتماع الشهادة مع الإقرار
الفرع الثالث: القرائن
الفرع الرابع: اللعان
المبحث الثالث: جزاء جريمة الزنا في القانون وفي الشريعة
المطلب الأول:عقوبة جريمة الزنا في القانون
الفرع الأول: عقوبة جريمة الزنا في القانون المقارن
الفرع الثاني: عقوبة جريمة الزنا في التشريع الجزائري
الفرع الثالث: العذر القانوني في جريمة الزنا
المطلب الثاني: الجزاء في الشريعة الإسلامية
الفرع الأول: التدرج في تجريم الزنا
أولا: نزول الآيتين الخامسة عشر والسادسة عشر من سورة النساء وتفسيرها
ثانيا: نسخ الآيتين الخامسة عشر والسادسة عشر من سورة النساء
ثالثا: القول بخلاف النسخ( عدم تعارض النصوص القرآنية)
الفرع الثاني: أنواع الجزاء( حد الزنا )
أولا: جزاء البكر الزاني
ثانيا: جزاء المحصن الزاني
الفرع الثالث: تنفيذ حد الزنا وموانعه
أولا: تنفيذ حد الزنا
ثانيا: موانع التنفيذ
الفرع الرابع: حالات إسقاط حد الزنا.
أولا: الشبهات
ثانيا: التوبة
ثالثا: الحرب
الفرع الخامس: عذر الاستفزاز.
أولا: الدفاع عن أعراض الناس حق للجميع.
ثانيا: الدفاع عن العرض بقتل الزاني.
ثالثا: دفاع المرأة عن نفسها واجب.
الخاتمــة
تمهيــــــد :
إن الحديث عن ماهية جريمة الزنا، سواء كان ذلك في القانون أوفي الشريعة الإسلامية يقودنا بالضرورة إلى التطرق إلى جملة من المسائل الهامة، والتي نحسبها تشكل في مجموعها مكونات ومشتملات هذه الجريمة، ومنه ماهيتها .
ونظرا لكون جريمة الزنا ذات طبيعة خاصة، لا لكونها تمس بمصلحة الضحية من هذه الجريمة سواء كان الزوج أو الزوجة فحسب، وإنما لكونها تمس بكيان الأسرة وبالنتيجة المجتمع ، فإن كافة الشرائع السماوية والقوانين الوضعية لم تتوان في استقباحها واستهجانها ، كما أولت اهتماما كبيرا وبالغا في تجريمها وتقرير الجزاء الأنسب لمرتكبيها وقبل ذلك ، فقد استرسلت في تحديد مفهومها وتبيان أركانها وشروط المتابعة فيها .
وتبعا لذلك فإن دراستنا سوف تنصب في هذا الفصل الأول على تحديد مفهوم جريمة الزنا من خلال التعاريف المعطاة لها ، وكذا التطور التاريخي لها في مبحث أول ، ثم سنخصص المبحث الثاني لدراسة أركانها .
المبحـــــث الأول : تعريف جريمة الزنا في القانون والشريعة
والتطـور التاريخي لها
قبل التطرق إلى موضوع تعريف جريمة الزنا في القانون والشريعة، نشير أولا إلى أن غالبية الدراسات والبحوث المنجزة في هذا الصدد قد تطرقت إلى الجانب التاريخي لهذه الجريمة بالموازاة مع تعريفها، لذا ارتأينا أن نقسم هذا المبحث إلى مطلبين. أولهما سنخصصه للحديث عن مختلف التعاريف لجريمة الزنا، كما سنخصص المطلب الثاني لدراسة تطورها التاريخي .
المطلب الأول : تعريف جريمة الزنا في القانون والشريعة
بادئ ذي بدء، نشير إلى أن عبارة " جريمة الزنا " مشكلة من كلمتين: جريمة – زنا. وحتى نتمكن من إعطاء المدلول الاصطلاحي الصحيح لهذه العبارة ، يستحسن بنا أن نتطرق إلى الكلمتين من الجانب اللغوي أولا .
فكلمة جريمة: من الفعل جرم: الجرم: القطع. وشجرة جريمة أي مقطوعة. والجرم بضم الجيم بمعنى التعدي، والجرم أي الذنب ، والجمع أجرام وجروم وهو الجريمة . وقد جرم يجرم جرما وأجرم وأجرم فهو مجرم وجريم(1).
أما كلمة زنا: فهي مشتقة من فعل زنا، زنوا أي ضاق، لغة الهمز. وزنى عليه تزنية أي ضيق، ووعاء زني أي ضيق. وزنى يزني بمعنى فجر، وزانى مزاناة وزناء بمعناه نسبه إلى الزنا وهو إبن زنا(2).
الفــرع الأول: تعــريف الزنا في القانون
لم يضع القانون الوضعي تعريفا للزنا، وإنما حدده المشرع بعبارات وصيغ مختلفة. فالقانون المصري مثلا شأنه شأن القانون الجزائري في تنظيمه الحالي لأحكام جريمة الزنا في قانون العقوبات، قد استسقى فكرته في التجريم، وفي وضع الغالب من شروطه وإجراءاته وأدلته من المواد من 336 إلى 369 من قانون العقوبات الفرنسي قبل تعديله.
وعلى هذه النصوص تمكن أن تقرر أن محل الحماية الجنائية في هذه الجريمة ليس حماية الفضيلة في ذاتها كما في الشريعة الإسلامية ، وإنما المحافظة على حق كل طرفي الرابطة الزوجية وصيانة نظام الأسرة، ولذلك نجد للزنا في قانون العقوبات المصري والفرنسي والجزائري مثلا معنى اصطلاحيا(3).
وتكاد القوانين المعاصرة تجمع على إعتبار الزنا فعلا إجراميا ينبغي دفعه بأسلوب ردع عقابي، بإستثناء القانون الانجليزي الذي يعتبر الزنا خطيئة اخلاقية ومدنية فقط تجيز طلب التطليق والتعويض على أساس أن العقاب لن يردع من لم يتردد في الإقدام على فعل تحول دونه إعتبارات دينية وإجتماعية أقوى من العقاب(4).
وقد عرف بعض فقهاء القانون الزنا، بأنه:" إرتكاب الوطء غير المشروع من شخص متزوج مع امرأة برضاها حالة قيام الزوجية فعلا أو حكما "(5).
كما عرفه أيضا (موران ) على أنه : " الزنا هو تدنيس فراش الزوجية وإنتهاك حرمتها بتمام الوطء L adultere est la profanation du lit nupital la violation de la
foi conjugale consommee corporellement . وجاء في الموسوعة الكبيرة الفرنسية " بورداس "BORDAS على أن الزنا هو علاقة جنسية لشخص متزوج خارج إطار الزواج. ويميز بين نوعين من الزنا: زنا بسيط ADULTERE SIMPLE وهو الزنا الذي يرتكبه الشخص المتزوج مع شخص غير متزوج. وزنا ثنائي ADULTERE DOUBLE ، وهو زنا يرتكبه شخص متزوج مع شخص متزوج(6).
الفــرع الثــاني: تعــريف الزنا في الشريعة الإسلامية
قبل أن نستعرض مختلف التعاريف التي أعطيت لجريمة الزنا من طرف فقهاء الشريعة الإسلامية نشير إلى ان القرآن الكريم قد تطرق لهذه الجريمة في ثلاثة مواضع من القرآن الكريم. أولها قوله تعالى: " وَلاَتَــقْـرَبُـوا الــزِنـــَا إِنٌَـــهُ كَـــانَ فَـــاحِشَـةً وَسَـاءَ سَبِيلا َ "(7).
وثانيها قوله تعالى :" الــزَانِـيَةُ وَالــزَانِيْ فَــاجْلــِدُوا كُلَ وَاحِدٍ مِنْهُمَــا مِائَــةَ جَلــْدَةٍ وَلاَ تَـأْخُــذْكُمْ بِــهِمَـا رَأْفَــةً فِيْ دِينِ الله ِإنْ كـنُْــتُمْ تــُؤُمِنُونَ بِاللهِ وَاليَــوْمِ الآخِرِ، وَلْيَــشْهَدْ عَـذَابــَهُمــَا طــَائِفَةً مِنِ الُمؤْمِــنِيَن. الزَانِي لاَيـَنْكِحُ إِلاَ زَانِيَةً أَوْمُشْرِكَةً ، وَالزَانِــيَةُ لاَيَنْكِحُـــهَا إِلاَ زَانٍ أَوْ مُشْرِكْ ، وَحُـرِمَ ذَلِكَ عَلَى الُمؤْمِــنِيْنَ "(.
وثالثها قوله تعالى: " وَالَِذِينَ لاَيـــَدْعُــونَ مَعَ اللهِ إِلَهًــا آخَرَ وَلاَيَــقْتُــلُونَ النَـفْسَ التِي حَرَمَ اللهَ إِلاَ بِـالُحَقِ وَلاَيــَزْنــُوَن وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أثَــامََا "(9).
أما ما ورد في السيرة النبوية الشريفة وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ما عرف بقضية أو واقعة " ماعز ". وهي أشهر قضايا الزنا في ذلك العصر لما تضمنته من أحكام تتعلق أساسا بالإثبات والجزاء وغير ذلك .
أما فقهاء الشريعة الإسلامية فقد ذهبوا تقريبا مذهبا موحدا في تعريف هذه الجريمة ومن ذلك نستعرض آراءهم كما يلي:
1. المذهب الحنفي : " الزنا هو اسم للوطء الحرام من قبل المرأة الحية في حالة الاختيار، في دار العدل ممن التزم أحكام الإسلام، العاري عن حقيقة الملك وعن شبهته، ومن حد الملك وعن حقيقة النكاح وشبهته "(10).
كما عرفه هذا المذهب أيضا على أنه :" إدخال المكلف الطائع قدر حشفته قبل مشتهاة حالا أو ماضيا بلا ملك أو شبهة ، أو تمكينه من ذلك أو تمكينها ، ليصدق على ما لو كان مستلقيا فقعدت على ذكره فتركها حتى أدخلته، فانهما يحدان في هذه الصورة و ليس الموجود منه سوى التمكين."
2. المذهب الشافعي : " الزنا هو وطء رجل من أهل دار الإسلام امرأة محرمة عليه من غير عقد ولا شبهة عقد ولاملك ، وهو مختار عالم بالتحريم(11).
3. المذهب المالكي :" الزنا هو وطء مكلف فرج امرأة لاملك له فيه تعمدا . وعرفـوه أيضا بأنه: "كل وطء وقع على غير نكاح صحيح ولاشبهة ولا ملك يمين"(12).
4. المذهب الحنبلي:" الزنا هو وطء امرأة من قبلها حراما لا شبهة له في وطئها فهو زان، ويجب عليـه الحد إذ أكملت شروطه، والوطء في الدبر مثله في كونه زنا لأنه وطء في فرج امرأة فلا ملك له فيها ولا شبهـة ملك، فكان زنا"(13).
5. المذهب الظاهري :" الزنا هو وطء من لا يحل النظر إلى مجردها، مع العلم بالتحريم. أو هـــو وطء محرمة العين(14).
خلاصة ما تقدم، يمكن القول أن التعاريف المعطاة لجريمة الزنا في القانون وهو يقرر المسؤولية الجنائية لم ينظر إلى مجرد الوطء شأن الشريعة الإسلامية وإنما نظر إلى تدنيس فراش الزوجية، أما غير المتزوجين فقد أهملهم ولم يتعرض لهم بالعقاب باعتبار أن زناهم لا يؤثر في العائل، وإن كان يمس قواعد الأخلاق كالفعل الفاضح العلني مثلا، على أن غير المتزوج إذا ما زنى بامرأة متزوجة فلا يعاقب باعتباره زانيا وإنما باعتباره شريكا لامرأة زانية.
أما فقهاء الشريعة فإنهم متفقون على أن الزنا يقصد به وطء في قبل امرأة من غير ملك أو شبهة سواء كان ذلك من محصن أو غير محصن وهذه نقطة الخلاف الرئيسية بين القانون والشريعة .
المطلب الثاني: التطور التاريخي لجريمة الزنا
إذا كانت معظم التشريعات تعاقب على جريمة الزنا، فإن القلـــة منها لا تعاقب عليه ومن بينها – كما سبق ذكره – القانون الإنجليزي ، ففي رأيهم أن العقاب على الزنا لا يجدي ، إذ لا فائدة من عقاب شخص لا تروعه مبادئ الأخلاق ، فضلا عما في العقاب من إثارة فضيحة ينجم عنها ضرر بالعائلة أبلغ من الضرر الذي يصيب بالمجتمع، وأنه أعطى للزوج وحده الحق في تحريك الدعوى ، فإن العقاب يترتب على مزاجه وحده وأن الجزاء الطبيعي هو الطلاق أو الفرقة(15). بينما توسطت التشريعات الأخرى، فعاقبت على الزنا إذا حصل من شخص متزوج، لأن فيه إنتهاك لحرمة الزوجية، ولا يجوز تحريك الدعوى العمومية إلا بناء على شكوى من المجني عليه، وله التنازل عن هذه الشكوى في أي وقت (16).
ورغم ذلك، فجريمة الزنا ليست جريمة شخصية، بل هي جريمة كغيرها من الجرائم التي تمس المجتمع ، لما فيها من إخلال لواجبات الزوجية التي تعد من قوام الأسرة، ولما كانت هذه الجريمة تضر بمصلحة أفراد العائلة، فقد رأى المشرع أن يترك للعائلة حق تحريك الدعوى العمومية. وقد أخذت غالبية التشريعات بمبدأ الوسطية بين الإتجاهين السابقين. فلم تعاقب على كل وطء في غير حلال وإنما قصرت العقاب على الفعل الذي يحصل من شخص متزوج على إعتبار أن فيه إنتهاك لحرمة الزوجية. أما المذهب القائل بعدم العقاب على الزنا والإكتفاء بالطلاق أو الفرقة ، فيؤخذ عليه أنه يعتبر الطلاق علاجا فعالا للزنا مع أن الطلاق هو إحدى نتائج الجريمة .
وتبعا لذلك سوف نحاول في هذا المطلب التطرق إلى المراحل التي مرت بها جريمة الزنا خلال عصور من الزمن مضت وذلك من خلال ما ورد في الكتب السماوية والشرائع والقوانين الوضعية القديمة والحديثة، على أن تكون دراستنا فيما يتعلق بالشق الأول مقتصرة على الديانتين اليهودية والمسيحية دون الشريعة الإسلامية، وذلك لأن البحث سيكون منصبا في مجمله على جريمة الزنا في الشريعة والقانون.
الفـــرع الأول : تطور جريمــة الزنــا في الديانتين اليهودية والمسيحية
أولا: تطور جريمة الزنا في الديانة اليهودية
إن الكلام عن تطور جريمة الزنا في الديانة اليهودية، يأخذنا بداهة إلى ما إحتوته التوراة من إشارات مختلفة إلى الزنا والبغاء. حيث يقول علماء اللاهوت وعلماء الأخلاق على أن ما لها – أي التوراة- من هذه الأمور شئ وافر، وكان المدرسون ورجال الدين وغيرهم يتغاضون عن صفحات معينة، أو يستبعدون فقرات خاصة من الكتاب المقدس عند تلاوته على الطلبة الصغار خشية ما به من أمور تتصل بالبغاء(17).
وكان ممنوع في عهد " سان جيروم "SAINT - JEROME " القرن الرابع الميلادي "على الطلبة أن يقرأوا ما جاء عنها في سفر حزقيال. وقد جاءت نصوص التوراة قاسية لحماية الأعراض، فعاقبت بالإعدام على زنا رجل بامرأة متزوجة : " إذا وجد رجل مضطجعا مع امرأة زوجة بعل يقتل الاثنان "(18).
وإذا زنت العذراء وهي لم تزل في بيت أبيها، يرجمها رجال مدينتها بالحجارة حتى تموت لأنها عملت قباحة في إسرائيل بزناها في بيت أهلها(19).
وإذا خطبت إمرأة لرجل وزنت مع رجل آخر وجدها في المدينة يرجم الإثنان بالحجارة حتى تموت الفتاة من أجل أنها لم تصرخ في المدينة، والرجل من أجل أنه أذل إمرأة صاحبه(20).
وعلى ذلك فالشريعة اليهودية قد حرمت الخيانة الزوجية، وحرمت الواقعة الجنسية غير المشروعة . كما وردت احكام الزنا في سفر اللاويين إصحاح 18 عدد 20 ومن ذلك " إذا زنى رجل مع إمرأة، فإذا زنىمع إمرأة قريبة فإنه يقتل الزاني والزانية.
وإذا إضطجع رجل مع إمرأة أبيه فقد كشف عورة أبيه، إنهما يقتلان كلاهما دمهما عليهما. وإذا إتخذ رجل إمرأة وأمها فذلك رذيلة، بالنار تحرقونه وإياها "(21).
أما ما جاء في سفر مصؤوت جادول فإنه لم يخرج عما ورد في الأسفار السابقة ومنه :" يجلد الزاني بيهودية غير متزوجة، أما من زنى بيهودية متزوجة أو بوثنية، فجزاؤه القتل، ومن يحكم عليه بالقتل ، لا يحكم عليه بعقاب أخف.
ثانيا: تطور جريمة الزنا في الديانة المسيحية
لم يأت عيسى عليه السلام في مجال السلوك الجنسي بشرائع جديدة وإنما قامت تعاليمه على أساس ما ورد في التوراة ، كما لم يرد في الديانة المسيحية ما ينسخ حكم اليهودية في الزنا(22) فعيسى عليه السلام لم يفعل إلا أن علق على آخر الوصايا العشر بقوله " إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه "(23).
فالشريعة المسيحية شأنها شأن الشريعة اليهودية كانت قد حرمت جريمة الزنا، إلا أنها كانت قد قامت على التسامح والغفران على أساس أن وسيلتهما للتوبة تفوق وسيلة العقاب، ولذلك رفض عيسى عليه السلام أن يرجم المرأة الزانية حينما أحضرها له الفريسيون وذلك لأنها تابت عن ذنبها واستغفرت ربها، حيث قام هؤلاء الفريسيون وهم أصحاب مذهب الفريسية أي الرياء والتظاهر بالدين بإحضار امرأة قالوا أنهم وجدوها تزني، وأن موسى قد علمهم أن مثلها يرجم. فلم يجب عيسى عليه السلام وأخذ يعبث في الأرض بإصبعه كأن لم يسمع شيئا، فلما أخذوا يرددون على مسمعه ما قالوا انتصب قائلا: من لم يكن منكم ذا خطيئة فليرجمها. ومال بنفسه إلى الأرض يعبث فيها بإصبعه، فأخذ كل واحد منهم ينصرف إلى سبيله حتى لم يبق إلا عيسى عليه السلام والمرأة، فالتفت يسألها عما إذا كان أحدهم قد حكم عليها، فقالت: لا أحد. فقال: ولا أنا أحكم عليك، إذهبي ولا تخطئي مرة أخرى (24).
مما تقدم بيانه، يتجلى واضحا وأن جريمة الزنا لم تكن بالشئ المستساغ بل كانت جريمة يعاقب عليها حتى بالإعدام، وإن كانت الديانة المسيحية لم تكن تعاقب عليها في حالة التوبة. وهكذا نجد وأن هذه الجريمة قد عرف لها وجود منذ القدم وبالخصوص في الأمم التي كانت تدين بالديانتين اليهودية والمسيحية كما سبق بيانه .
الفــرع الثاني: تطور جريمــة الزنا في القوانـين الوضعية القديمــة والحديثة
أولا: تطور جريمة الزنا في القوانين الوضعية القديمة
لقد عرفت البشرية منذ القدم جريمة الزنا وإستنكرتها وقررت عبر تشريعات وضعية لمرتكبيها عقوبات قاسية. فقد كان عند قدماء الأوربيين عقاب الزنا في غاية القسوة، وأفضع من عقاب قتل النفس، خصوصا عند الجرمان والساكسون، فإنهم كانوا يشهرون الزانية عارية الجسد ويضربونها بالسياط الضرب المبرح حتى تموت، ثم خففوا العقاب وجعلوا عقاب الزاني التغريب، وعقاب الزانية قطع الأنف والأذنين.(25)
أما قدماء اليونان فكانوا يسلمون الزاني لزوج الزانية يفعل به ما يشاء من قطع الأطراف أو تمثيل العبيد به، ويحكمون على الزانية بالقتل، ثم خففوا عقابها وجعلوه التغريب. ثم صدر عند الرومان شرع " جوليا " وفيه تغير في حكم الزنا، أين جعل حق قتل الزانية والزاني لأب الزانية دون الزوج ، وأباح للزوج قتل الزاني إذا كان من عبيده أو من عتقاه، وأمر بقتل الزوج الذي يقتل زوجته الزانية، وجعل الطلاق واجبا في الزنا، وحرم زواج الزانية بعد طلاقها، كما جعل للحكومة حق مصادرة الزاني والزانية في نصف أموالهما.(26)
ثانيا: تطور جريمة الزنا في القوانين الحديثة
إن الكلام عن تطور وأحكام جريمة الزنا في القوانين الحديثة وبالخصوص في القانون الفرنسي يجعلنا نعود إلى الوراء وبالضبط للقانون الفرنسي القديم الذي أخذ بأحكام هذه الجريمة من القانون الروماني، هذا الأخير الذي شمل على جملة أحكام سميت بالأحكام الإستثنائية، ومؤداها أن المساواة كانت معدومة بين المرأة وزوجها، كما كانت جريمة الزنا لا ترتكب إلا من طرف الزوجة.(27)
وفي عهد الجمهورية، حينما كانت سلطة الرجل على زوجته غير محدودة، كان الزنا يحاكم عليه أمام المحكمة المنزلية، ومن ثم كان الزوج هو الحكم المتصرف في أمر زوجته الزانية، ولكن كان عليه قبل أن يقضي بالعقوبة – وكانت العادة النفي - أن يأخذ رأي الأقربين من قرابتها. بعد ذلك أصدر الإمبراطور أغسطس القانون الذي نظم المحاكمة على جريمة الزنا، وبمقتضى هذا القانون كان لزوج الزانية ووالدها دون غيرهما أن يرفعا دعوى الزنا في ظرف الستين (60) يوما التالية للطلاق. وبعد هذا الأجل، تصبح الدعوى عامة، لكل فرد من الأهالي أن يرفعها.
وكان عقاب الزوجة وشريكها السجن في منزل منعزل، ثم استبدل الإمبراطور قسطنطين عقوبة السجن بعقوبة الإعدام مع حصر حق الاتهام في أقارب الزوجة الأقربين.
وأخيرا قرر جوس تينيان أنه ليس للزوج أن يطلق زوجته إلا إذا أقام عليها دعوى زنا وحكم عليها بالعقوبة، وقد إستبقى عقوبة الإعدام بالنسبة للشريك وخففها بالنسبة للزوجة، إذ أمر بأن تضرب بالسياط وبعد ذلك تسجن في أحد الأديرة على أن يكون لزوجها حق أخذها منه في ظرف سنتين (02) من تاريخ السجن، فإذا لم يستعمل الزوج حقه في العفو عن زوجته، وجب عليها الحجاب وذلك بعد أن يؤمر بحلق رأسها ووضع النقاب على وجهها طول حياتها.(28)
أما قانون العقوبات الفرنسي الصادر في 1791، فإنه لم ينص على جريمة الزنا. ولكن القانون المدني الصادر في 1804 فقد نص على أن للزوج أن يطلب الطلاق أو الفرقة بسبب زنا زوجته. وفي حالة قبول الطلب يحكم على الزوجة في ذات الحكم القاضي بالطلاق أو الفرقة، وبناء على طلب النيابة العامة، بالحبس من 2 إلى 3 سنوات، وللزوج أن يوقف تنفيذ هذا الحكم بقبول معاشرة زوجته على أن القانون ما كان يعاقب سوى الزوجة.
أما الزوج فلم يكن هناك نص يعاقبه ولو زنى في منزل الزوجية، وكل ما خوله القانون للزوجة من حقوق هو أن لها في هذه الحالة طلب الطلاق أو الفرقة من زوجها(29).
وفي سنة 1810، صدر قانون العقوبات، ووضع جريمة إنتهاك حرمة الزوجية في عداد جرائم التهجم على الآداب(30)، وما كان ليغرب على بال المشرع تلك النتائج الخطيرة التي تترتب على ترك مثل هذه الجريمة المنكرة دون حد أو تعزير، فعمد إلى تجريمها تجريما جنائيا .
وتبعا لذلك فإن أساس تجريم الزنا في القوانين الحديثة هو قانون العقوبات لسنة 1810 الذي نص على عقاب الزوج كما نص على عقاب الزوجة الزانية وشريكها، كما أنه أول من خول للزوجة حق شكوى زوجها الزاني. غير أن مبدأ عدم المساواة بين الجنسين لا يزال له أثره سواء من ناحية أركان الجريمة أومن ناحية مقدار العقوبة، والحال كذلك بالنسبة لحق العفو أو عذر الزوج إذا ما فاجأ زوجته متلبسة بجريمة الزنا وقتلها. فلا تتوفر الجريمة في حق الزوج إلا إذا زنى غير مرة في منزل الزوجية بامرأة تكون قد أعدها لذلك. أما الزوجة فيثبت زناها وتجب العقوبة إذا زنت ولو مرة واحدة وفي أي مكان .
وما يجب ملاحظته، هو أنه بالرغم من صدور قانون 1810، فقد ظلت نصوص القانون المدني الخاصة بجريمة الزنا محتفظة بقوتها. حتى لقد كانت توجد هناك محكمتان مختصتان بمحاكمة الزوجة الزانية إلى أن صدر قانون الطلاق في :27/07/1884 وأوقف هذا التناقض بإبطاله المواد :298 – 308- 309 من القانون المدني الفرنسي(31).
كما تجدر الإشارة أيضا إلى انه قبل إصلاح سنة 1975 حول الطلاق ، فإن جريمة الزنا التي كانت تشكل جنحة، لم تكن متابعتها ممكنة إلا بناء على شكوى من الزوج . كما كان زنا الزوجة يستوجب عقوبة السجن ولشريكها، في حين أن زنا الزوج لم يكن يعاقب عليه إلا إذا إرتكبت الجريمة في بيت الزوجية ولم تكن العقوبة إلا الغرامة دون المساس بالشريك . وأمام عدم المساواة بين الزوج والزوجة إزاء هذه الجريمة، فقد صدر قانون في 11/7/1975 الذي قرر عدم إعتبار جريمة الزنا جريمة جنائية ولا سبب من أسباب الطلاق(32).
أما باقي القوانين الغربية، فتكاد تكون مجمعة على تجريم الزنا تجريما إجتماعيا، ماعدا القانون الإنجليزي الذي إعتبر الزنا جريمة مدنية والزوج الذي يرغب في الطلاق بسبب هذه الجريمة يجب عليه أن يطلب في نفس الوقت محاكمة الشريك، والمحكمة تقضي له في هذه الحالة بتعويض مالي. وعلى نفس المنوال سار قانون العقوبات المعروف بقانون جونيفا وهو الفريد من القواني
القوانين السويسرية الذي لايعرف التجريم الجنائي للزنا. وما عدا ذلك فأغلب التشريعات الأوربية تعاقب على جريمة الزنا بعقوبة الحبس لمدة ستة أشهر إلى سنتين كقانون عقوبات النمسا في المادة 502 وقانون عقوبات بلجيكا في المواد :387 إلى 390 وقانون عقوبات إيطاليا في المواد:353 – 354 وقانون ألمانيا في المادة 192 وقانون المجر في المادة 246.
المبحث الثاني: أركان جريمة الزنا في القانون والشريعة الإسلامية
كما إختلفت الآراء الفقهية في تعريفها لجريمة الزنا بين القانون والشريعة الإسلامية فقد إختلفت التشريعات الوضعية فيما بينها من جهة والشريعة الإسلامية من جهة ثانية في نظرتها لجريمة الزنا من حيث الأركان التي تقوم عليها إلى إتجاهات ثلاث :
إتجاه يجرم الزنا ويعاقب عليه مهما كانت صفة الجاني ذكر أو أنثى وسواء كان متزوج أو غير متزوج وهو مذهب الشريعة الإسلامية .
إتجاه لايجرم الزنا ولايعاقب عليه وهو مذهب معظم التشريعات الغربية كالتشريع الإنجليزي والتشريع الفرنسي الذي ألغى جريمة الزنا من القانون بموجب القانون الصادر في : 11/7/1975 على أساس أن من لاتردعه مبادئ الأخلاق لافائدة من عقابه .
إتجاه يجرم الزنا ويعاقب عليه بتوفر شروط معينة في الجاني بأن يكون متزوج حال قيامه بجريمة الزنا بالإضافة إلى وقوع الوطء غير المشروع والقصد الجنائي العام للجاني وهو مذهب معظم التشريعات العربية بما فيها التشريع الجزائري .
وعلى هذا سنتطرف في المطلب الأول إلى تحديد أركان جريمة الزنا في القانون ومختلف الآراء الفقهية حول تحديد مفهوم كل ركن ونتطرق في المطلب الثاني إلى أركان جريمة الزنا في الشريعة الإسلامية .
المطلب الأول : أركان جريمة الزنا في القانون
لقد نص المشرع الجزائري على جريمة الزنا في المادة 339 من قانون العقوبات، حيث كانت المادة 339 الأصلية الصادرة بموجب الأمر 66/156 المتعلق بقانون العقوبات تفرق بين زنا الزوجة وزنا الزوج من حيث العقوبة، حيث كانت تعاقب على جريمة زنا الزوجة بضعف العقوبة المقررة لجريمة زنا الزوج، وبذلك حذا المشرع الجزائري حذو المشرع المصري والقانون الفرنسي القديم الصادر قبل تعديل :
11/7/1975 لكن المشرع الجزائري لم يفرق في أركان جريمة الزنا بين الزوج والزوجة، حيث إعتبر أن الأركان الواجب توافرها في أحدهما تنطبق على الآخر عكس القانون الفرنسي القديم والقانون المصري الذي فرق بين أركان جريمة زنا الزوجة وأركان جريمة زنا الزوج وبعد تعديل قانون العقوبات الجزائري بقانون :13/02/1982 الذي سوى بين الزوج والزوجة في العقوبة معتبرا أن الجريمتين هما في درجة واحدة من الناحية الأخلاقية على عكس القانون الفرنسي الذي ألغى هذه الجريمة لعدة إعتبارات أهمها عدم وجود مساواة في العقاب بين جريمة زنا الزوج وجريمة زنا الزوجة بالرغم من أنهما في درجة واحدة من الناحية الأخلاقية ، كما أنه من لم تردعه مبادئ الخلاق لا فائدة من عقابه وهذا بموجب القانون الصادر في : 11/7/1975 .
أما القانون المصري فأبقى على التفريق بين جريمة زنا الزوج وجريمة زنا الزوجة من حيث الأركان ومن حيث العقاب، وعليه تتطلب جريمة الزنا توافر الأركان التالية :
الركن المفترض: قيام رابطة زوجية صحيحة
الركن المـادي: وقوع فعل الوطء غير المشروع
الركن المعنوي: القصد الجنائي العام.
الفـــرع الأول: الركن المفــترض – قيام رابطة زوجية صحيحـة –
أولا: إثبات صحة الزواج :
تثير مسألة إثبات الزواج إشكالات عديدة نظرا لعدم إنسجام التشريع الجزائري في هذا المجال ، حيث نصت المادة 22 من قانون الأسرة في مضمونها " على أن الزواج يثبت بشهادة مستخرجة من سجلات الزواج لبلدية مكان عقد الزواج "، وأضافت نفس المادة في فقرة ثانية " أن الزواج يكون صحيحا إذا توفرت فيه الشروط الشرعية للزواج ويمكن تثبيته بحكم قضائي " .
وعليه يشترط لقيام جريمة الزنا تطبيقا لنص المادة 339من قانون العقوبات الجزائري أن تكون الزانية وقت إرتكابها الأفعال المنسوبة إليها مرتبطة بعقد زواج صحيح مع الشاكي ، حيث نصت في فقرتها الأولى على ما يلي :
" يقضي بالحبس من سنة إلى سنتين على كل امرأة متزوجة ثبت ارتكابها جريمة الزنا "
فلم تشترط المادة 339 ق.ع أن يكون عقد الزواج مسجل في الحالة المدنية حتى يكون صحيح، بل يكفي أن يكون العقد مستوفي لجميع الشروط والأركان الشرعية القانونية، سواء كان عقد الزواج عرفي أو رسمي محرر من طرف ضابط الحالة المدنية، وعليه تقوم جريمة الزنا ضد المرأة التي تزوجت بالفاتحة وحصل الزواج أمام جماعة من المسلمين ولم يحصل تسجيله في دفاتر الحالة المدنية(33).
وتؤكد المحكمة العليا في أحد إجتهاداتها أن المتابعة بموجب المادة 339 ق .ع. ج لا تتم إلا بتقديم عقد من الحالة المدنية يثبت زواج الشاكي بالزوج المشكو ضده من أجل إرتكاب جريمة الزنا(34).
ولقد طرحت مسألة إثبات الزواج على المحكمة العليا فلم تتخذ موقفا ثابتا بشأنها ، لكن الاتجاه الغالب هو أن يتم الإثبات بتقديم شهادة زواج(35).
كما يشترط القضاء المصري أن يكون الزواج بعقد صحيح وهكذا قضي في مصر بعدم قيام جريمة الزنا إذا كان العقد باطلا، فالحكم ببطلان زواج المتهمة بالزنا من زوجها قبل رفع الدعوى مانع من قبول دعوى الزنا، لأن واقعة الزنا لا تثبت ولا تتحقق شروط قبولها إلا بتحقق صحة الزواج المتهمة بالزنا وإثبات وجود رابطة زوجية صحيحة في اليوم الذي يدعي فيه الزوج بحصول واقعة الزنا(36).
وعليه إذا دفع المتهم أو شريكه أنه مطلق أو أنه لم يكن متزوج أصلا أو أن زواجه باطل أو فاسد جاز للمحكمة أن توقف الدعوى الجزائية إلى غاية الفصل في المسألة الأولية أمام قاضي الأحوال الشخصية .
ثانيا: الفترة التي تعتبر فيها الرابطة الزوجية قائمة وحكمها
إن الفترة الزمنية التي يتصور ارتكاب جريمة الزنا فيها هي المحصورة بين انعقاد الزواج وانحلاله، وعليه لا تتحقق جريمة الزنا إلا إذا ارتكبت حال قيام الزوجية بين الشاكي والزوجة المشكو ضدها، أما إذا كانت هذه الرابطة قد انحلت بالطلاق وبعد مضي عدة سنوات تزوجت المطلقة بشخص آخر فلا جريمة ولا عقاب لأن الشاكي قد فقد نهائيا ملك عصمة مطلقته والحكم بخلاف ذلك يترتب عليه البطلان والنقض(37).
فيشترط أن يقع الوطء وعلاقة الزواج قائمة فعلا، حيث الزوجة على ذمة زوجها وهكذا قضت المحكمة العليا بقيام جريمة الزنا في حق الزوجة التي تزوجت مع رجل آخر بالفاتحة دون أن تنتظر الفصل في القضية المطروحة بينها وبين زوجها الأول(38)، كما قضت بقيام الزنا في حق الزوجة التي أبرمت عقد زواج مع رجل آخر قبل أن يصبح حكم الطلاق بينها وبين زوجها الأول نهائيا(39).
ولا ترتكب جريمة الزنا إذا وقع الوطء قبل عقد الزواج ولو حصل أثناء الخطبة، كذلك لوقع الوطء على امرأة مطلقة طلاقا بائنا لا يعد زنا ،لأن الطلاق البائن يزيل ملك الزوج .
ويجب أن تكون رابطة الزوجية قائمة حال ارتكاب جريمة الزنا لأن الزنا خيانة العلاقة الزوجية وبالتالي يجب أن تكون هذه العلاقة قائمة وقت حدوث الوطء حقيقة أو حكما وقيام الرابطة الزوجية حقيقة يعني أن الزوجة مازالت على ذمة الزوج ولم يحدث طلاق بينهما ولم يتوف عنها ولم يصدر حكم بوفاته بطول غيبته أو فقده(40).
فعقد الزواج الصحيح المستوفي لجميع شروطه وأركانه هو الذي يلزم المرأة بالأمانة والإخلاص لزوجها والقانون لا يعاقب على الوطء الذي يقع قبل الزواج ولو حصل أثناء الخطبة وحملت منه المرأة ولم تضع إلا بعد زواجها إذ حقوق الزوجية لا تكتسب إلا بعد الزواج ولا يشترط لقيام صفة الزوجية أن يكون الزوج قد دخل بزوجته بل تتوافر علاقة الزوجية قانونا متى تم العقد صحيحا، ولا عقاب على الزنا الذي يقع بعد إنحلال الرابطة الزوجية بوفاة الزوج أو بالطلاق .
وقيام الرابطة الزوجية حكما يعني أنه طرأ عليها طلاق ولكنه طلاق رجعي لا يرفع الحل ولا يزيل ملك الزوج طالما العدة قائمة، فإذا زنت الزوجة المطلقة وهي في عدة طلاق رجعي قامت في حقها جريمة الزنا وجاز لمطلقها طلب محاكمتها، اما إذا زنت الزوجة بعد إنقضاء عدة الطلاق الرجعي أو الطلاق البائن فلا تقوم الجريمة وليس لمطلقها طلب محاكمتها(41).
والطلاق البائن يحل قيد الزواج ويرفع أحكامه ويرفع ملك الزوج في الحال سواء كان بائنا بينونة صغرى أو بينونة كبرى مع إختلاف في أن الطلاق البائن بينونة صغرى يزيل ملك الزوج ولكنه لا يزيل الحل، بمعنى أنه ليس للزوج وقد فقد ملك عصمة مطلقته أن يستحل مقاربتها إلا بعقد ومهر جديدين دون أن يكون هذا الإستحلال موقوفا على تزوجها برجل آخر أما الطلاق البائن بينونة كبرى فيزيل في الحال الملك والحل معا، بمعنى أن الزوج يحرم عليه أن يتزوج مطلقته حتى تتزوج غيره زواجا صحيحا نافذا ثم يطلقها أو يموت عنها وتمضي عدتها حتى يستطيع الزواج بها ثانية بعقد ومهر جديدين.
فإذا زنت الزوجة بعد طلاق بائن أي كان نوعه فلا يستطيع الزوج تحريك الدعوى ضدها ولو وقع الوطء أثناء فترة العدة.
والتبليغ عن جريمة الزنا إنما يكون من الزوج أثناء قيام الرابطة الزوجية الصحيحة فإذا بادر الزوج وطلق زوجته وإنتهت عدتها إمتنع عليه أن يبلغ عنها ولا تقوم جريمة الزنا ولكن إذا بلغ عن زوجته أثناءقيام الرابطة الزوجية الصحيحة ثم قام بتطليقها لايسقط حقه في الدعوى ولا يمنعه هذا من الحكم على الزوجة بالعقوبة المقررة جزاء إقترافها لجريمة الزنا.
وإذا دفعت المتهمة بالزنا بأن الرابطة الزوجية بينها وبين الشاكي قد إنحلت وإستشهدت بحكم يقضي بالطلاق بينهما فإدعى الزوج الشاكي أن هذا الحكم كان محل إستئناف تعين على المجلس قبل القضاء بإدانة المتهمة بالزنا أن يتأكد بان الحكم المذكور لم يصبح نهائيا بعد وإلا كان قراراه مخالفا مما يستوجب نقضه(42).
كما إتجه القضاء المصري إلى القول بوجوب قيام الزوجية وقت التبليغ عن جريمة الزنا لأن التبليغ عن جريمة الزنا إنما يكون من الزوج أي أنه لابد أن تكون الزوجية قائمة وقت التبليغ فإذا كان الزوج قد بادر وطلق زوجته قبل التبليغ إمتنع قطعا بمقتضى العبارة الأولى من المادة 356 عقوبات مصري أن يبلغ عنها(43).
والطلاق الحاصل بعد تبليغ الزوج عن الزنا لا يسقط الدعوى ولا يحول دون الحكم على الزوجة فمتى كان الزوج قد أبلغ عن الزنا والزوجية قائمة فتطليقه زوجته بعد ذلك لا يسقط الدعوى ولا يحول دون الحكم على الزوجة(44).
ثالثا: أحكام الزوج الغائب والمفقود
1. الزوج الغائب : إذا زنت المرأة أثناء غياب زوجها عنها فهل في غيبته مانع من عقابها؟ الغيبة إما أن تكون منقطعة أو غير منقطعة فإن طال أمدها لمدة أكثر من سنة دون عذر مقبول حتى يحوم الشك حول بقاء الزوج حيا للزوجة أن تطلب التطليق من القاضي ولا عقاب عليها إن هي زنت بعد ذلك أو تزوجت من زوج غيره وتصبح للزوج الجديد حقوقه العادية قبلها، غير أن الأمور تتعقد إذا ظهر زوجها الأول بعد زواجها الثاني يرى فريق من الشراع أن حق تقديم الشكوى ضد الزوجة إن زنت يثبت للزوج الثاني طالما أن زوجها الأول لم يطلب إبطال عقد الزواج الثاني بعد ظهوره، فإذا ما طلب البطلان خاب أثر الشكوى التي رفعها الزوج الثاني، أما إذا لم يطلب ذلك ظل الزواج الثاني صحيحا وبطل الزواج الأول وكان وطء الزوج الأول لهذه الزوجة زنا.
على أن غالبية الشراح يخالفون هذا الرأي ويذهبون إلى أنه إذا ظهر الزوج الأول وإنعدم كل شك حول وجوده على قيد الحياة وجب على كل ذي مصلحة طلب بطلان عقد الزواج الثاني وليس للزوج الثاني أن يشكو زوجته طالما أنها تستطيع أن تدفع دعواه مستفيدة من هذا البطلان.
وهذا الرأي يتماشى والقواعد العامة في المسؤولية الجنائية فعند التحقق من وجود الزوج الغائب يجب المبادرة إلى طلب بطلان الزواج الثاني الذي هو في حقيقته باطلا بطلانا مطلقا بل غير منعقد أصلا لوقوعه أثناء قيام الرابطة الزوجية بين المرأة وزوجها الأول(45).
غير أن المشرع الجزائري تفادى هذا الخلاف وأحال الأمر إلى قانون الأسرة الذي أجاز للزوجة التي غاب عنها زوجها لأي سبب ولو كان الحبس بشرط أن تكون مدته أكثر من سنة وأن يكون سبب حبسه إرتكابه جريمة تمس بشرف الأسرة فلا يمكن لها أن تتلخص من هذا الزواج من تلقاء نفسها بل لابد من حكم القاضي الذي يحكم بطلاقها لغيبة زوجها لمدة تفوق سنة بلا عذر مقبول وثبوت ضررها من ذلك، أو إذا ما حدد له القاضي أجلا ولم يحضر فقد بانت من زوجها وإستردت حريتها لها أن تتزوج من تشاء لأن حق الغائب في الطلاق ينتقل إلى القاضي الذي له ولاية تطليق الزوجة(46).
وإذا إرتبطت زوجة الغائب بعقد زواج مع شخص آخر دون إستصدار إذن من القاضي بطلاقها من زوجها الأول يكون زواجها الثاني باطلا غير منعقد أصلا وتكون بذلك مرتكبة لجريمة الزنا.
2. الزوج المفقود: نصت المادة 112 من القانون رقم 84-11 المتضمن قانون الأسرة أنه :" لزوجة المفقود أو الغائب أن تطلب الطلاق بناء على الفقرة الخامسة من المادة 53 من هذا القانون ".
كما نصت المادة 113 من نفس القانون أنه :" يجوزالحكم بموت المفقود في الحروب والحالات الإستثنائية بمضي أربعة سنوات بعد التحري ، وفي الحالات التي تغلب فيها السلامة يفوض الأمر إلى القاضي في تقدير المدة المناسبة بعد مضي أربع سنوات ".
فالمفقود يجب أن يكون قد غلب عليه الهلاك والقاضي لا يحكم بموته إلا بعد مرور أربع سنوات من تاريخ فقده وفي الحالات التي تغلب فيها السلامة يترك الأمر إلى القاضي في تقدير المدة المناسبة بعد مرور أربع سنوات حتى يحكم بموته بشرط الإعتقاد بموته وعندها تعتد زوجته عدة الوفاة ومن ثم يجوز لها أن تطلب التطليق ، وبناء على طلبها حسب نص المادة 53 ف/ 5 من قانون الأسرة يصدر قاضي الحكم بموت الزوج المفقود.
وعليه إذا زنت الزوجة بعد صدور الحكم بموت الزوج المفقود لاتعد مرتكبة لجريمة الزنا لأنها أصبحت تملك نفسها ولم تعد في عصمة زوجها المفقود الذي حكم بموته.
والمشرع المصري نص في المادة 21 من قانون الأحوال الشخصية لسنة 1929 على أنه :" يحكم بموت المفقود الذي يغلب عليه الهلاك بعد أربع سنين من تاريخ فقده ، أما في جميع الأحوال الأخرى فيفوض أمر المدة التي يحكم بموت المفقود بعدها إلى القاضي وذلك كله بعد التحري عنه بجميع الطرق الموصلة إلى معرفة ما إذا كان المفقود حيا أو ميتا ".
فقبل الحكم بموت المفقود يجب الإعتقاد بموته بعد مرور أربع سنوات من تاريخ فقده وعندئذ تعتد زوجته عدة الوفاة .
3. عودة المفقود : ذهب رأي في الفقه المصري أنه إذا عاد المفقود الذي غلب عليه الظن بهلاكه وكانت زوجته قد تزوجت برجل أخر بعد صدور حكم من القاضي يقضي بموت الزوج المفقود الذي عاد وكان القاضي قد أمر بناء على طلب زوجة المفقود الغائب بالتفريق بينها وبينه فإن مسألة التفريق بين زوجة المفقود العائد وزوجها الجديد من طرف القاضي متوقفة على إرادة الزوج المفقود العائد فإن شاء طلب التفريق وعادت إليه زوجته وإن شاء أجاز زواجها الثاني وأبقاه،غير أننا نرى أن الأمريجب أن
يترك للقاضي في موازنته بين مصلحة الزوج المفقود العائد ومصلحة الزوج الجديد بترجيح إحداهما حسب ظروف الحال(47).
الفرع الثاني: الركن المادي – وقوع فعل الوطء غير المشروع –
أولا: المقصود بالوطء:
إن غالبية القوانين الوضعية ومنها القانون الجزائري لم تضع نصا صريحا يحدد ماهية هذا الفعل وتعريفه وإلى أي مدى يعاقب عليه القانون ومتى ومنذ أية لحظة يبدأ العقاب على الفعل، حيث تركت هذه القوانين مسألة التعريف إلى الفقهاء وشراح القانون فأعطى كل منهم تعريفا إستقاه من الحكمة التي راعاها المشرع عند وضعه النصوص التي تجرم الفعل وتعاقب عليه.
فحسب التشريع الجزائري يرى الأستاذ الدكتور أحسن بوسقيعة أن الركن المادي لجريمة الزنا يتحقق بحصول الوطء فعلا بالطريق الطبيعي أي بإيلاج عضو التذكير في فرج الأنثى، فلا تقوم الجريمة بما دون ذلك من أعمال الفاحشة الأخرى التي يرتكبها أحد الزوجين مع غيره مثل القبلات والملامسات الجنسية في المناطق الحساسة التي تثير الشهوة والإلتصاق والإلتحام وغيرها من أعمال التمازج الجنسي التي ترتكبها الزوجة مع رجل آخر غير زوجها مهما بلغ فحشها فالخلوة غير المقترنة بوطء والأفعال المخلة بالحياء التي تأتيها المرأة المتزوجة على نفسها والصلات غير الطبيعية التي يمكن أن تكون لها بامرأة أخرى لا تكون جريمة الزنا .
غير أنه قضي في فرنسا بقيام جريمة الزنا بالإيلاج حتى وإن كان الاتصال الجنسي غير كامل Relations incompletes (48).
وتكاد تجمع أقوال الفقهاء على تعريف مضمونه أن جريمة الزنا لا تقوم إلا إذا تم إيلاج العضو التناسلي لرجل في قبل امرأة برضاهما حالة كونهما ليسا زوجين وكون أحدهما أو كلاهما متزوج مع شخص آخر وسواء كان الإيلاج كليا أو جزئيا وسواء أن يبلغ أحدهما أو كلاهما شهوته أو لا يتحقق شئ من ذلك(49).
إن جريمة الزنا ذات طبيعة خاصة لأنها تقتضي التفاعل بين شخصين يعد أحدهما فاعلا أصليا وهو الزوج الزاني ويعد الثاني شريكا وهو الخليل الذي باشر مع الفاعل الأصلي العلاقة الجنسية لا تتحقق الجريمة إلا بحصول الوطء أو الجماع بين رجل وخليلته أو بين امرأة وخليلها ولا يشتـرط القانون معاينة حصول الوطء والجماع وإنما يكفي للعقاب مشاهدة الزاني والشريك في ظروف لا تترك مجالا للشك في أنهما قد باشرا معا العلاقة الجنسية(50).
ولذلك قضي بأن القانون يشترط في جريمة الزنا أن يكون الوطء قد وقع فعلا وهذا يقتضى أن يثبت الحكم بالإدانة وقوع هذا الفعل، إما بدليل يشهد عليه مباشرة وإما بدليل غير مباشر تستخلص منه المحكمة ما يقنعهـا بأنه قد وقع، والقانــون حين تعرض في هذا الصدد إلى بيان أدلة معينة لم يقصد إلا أن القاضي لا يصح له في هذه الجريمة أن يقول بحصول الوطء إلا إذا كان اقتناع المحكمة به قد جاء من واقع هذه الأدلة كلها أو بعضها. وعليه فالحكم الذي يدين المتهم في جريمة الزنا مكتفيا بتوافر الدليل القانوني دون أن يبين كفايته في رأي المحكمة في الدلالة على وقوع الوطء فعلا يكون مخطئا وجب نقضه(51).
فالأفعال السابقة على الزنا أو المحيطة به قد تكون قرينة على وقوعه كإختلاء الرجل بالمرأة في حجرة واحدة وغلقها دونهما مدة طويلة وضبط سراويلهما في مكان واحد عند فتح الغرفة أو ضبطها وهي عارية أو مفاجأته يعانقها فليست هذه الأفعال وما شابهها زنا معاقب عليها ولكنها تصلح قرينة على حصول الزنا فمن النادر إن لم يكن مستحيل أن يتمكن شخص من مشاهدة العملية أثناء إرتكابها إذ أن الزانيين عندما يشعران بقدوم أحد فالأمر الطبيعي أن ينهيانها فورا (52).
يتطلب القانون الألماني لتمام الزنى أن يحدث إيلاج عضو التذكير في المكان المعد له من جسم المرأة وبغير هذا الفعل المادي لاتتحقق جريمة الزنى بأفعال أقل منه جسامة مهما بلغ مداها في التمازج الجنسي ومع ذلك فإن القانون الروسي يعتبر
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma