أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
 مذكــــــــــرة  580_im11 ENAMILS  مذكــــــــــرة  580_im11

المواضيع الأخيرة

» مدونة القوانين الجزائرية - محدثة يوميا -
 مذكــــــــــرة  I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed

»  شركة التوصية بالاسهم -_-
 مذكــــــــــرة  I_icon_minitimeالجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin

» مكتبة دروس
 مذكــــــــــرة  I_icon_minitimeالإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
 مذكــــــــــرة  I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
 مذكــــــــــرة  I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
 مذكــــــــــرة  I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
 مذكــــــــــرة  I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin

» بحث حول المقاولة التجارية
 مذكــــــــــرة  I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl

» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
 مذكــــــــــرة  I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique

» الدفاتر التجارية:
 مذكــــــــــرة  I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma

ENAMILS


كتاب السنهوري


    مذكــــــــــرة

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 33

     مذكــــــــــرة  Empty مذكــــــــــرة

    مُساهمة من طرف Admin الأربعاء أغسطس 07, 2013 9:39 pm



    مـقدمــة:
    إنه لمن المعروف و المعلوم عن الإنسان أنه كثيرا ما يخطأ في استنتاجاته و بما أن القرائن تقوم على الاستنتاج و الاستنباط فإن الشارع لم يبح الإثبات بالقرائن إلا حيث نص على ذلك نصا صريحا في أحوال تبرر ذلك أو في الأحوال القليلة الأهمية أو عند الضرورة.
    و كما أن الحقيقة القانونية هي حقيقة نسبية و لذلك فإن إثباتها يكون إثباتا ترجيحيا لا إثباتا يقينيا و لذلك ليس بلازم أن ينصب الإثبات على الواقعة المتنازع عليها مباشرة و إنما يكفي أن تثبت واقعة أخرى تعد قرينة على ثبوت الواقعة المتنازع عليها تبعا للغالب و المألوف.
    و لذلك أيضا فإن الإثبات بالقرائن يعتمد على إثبات واقعة غير أصلية فيؤدي ذلك إلى إثبات واقعة أصلية، بمعنى أن الخصم لا يقوم بإثبات الواقعة المتنازع عليها مباشرة بل يقوم بإثبات واقعة أخرى متصلة بها يرى القانون أو القاضي أن في إثباتها إثباتا للواقعة الأولى فيكون الخصم قد أثبت الواقعة الثانية إثباتا مباشرا و أثبت الواقعة الأولى، و هي محل النزاع إثباتا غير مباشر.
    إذن القرينة هي واقعة تتلازم في جودها، غالبا مع وجود واقعة أخرى مرتبطة بها، و يستفاد من هذا التلازم الغالب في الإثبات فيفترض وجود إحدى الواقعتين من وجود الأخرى، أي ثبوت أحدهما من ثبوت الأخرى و يمكن أن تعرف القرينة كوسيلة للإثبات بأنها واقعة ثابتة يؤخذ منها ثبوت واقعة أخرى يطلب إثباتها.
    و من هذا نرى أن القرائن ليست أدلة مباشرة بل هي أدلة غير مباشرة تقدم على الاستنتاج ، استنتاج وقائع من وقائع أخرى فلا يقع الإثبات فيها على الواقعة ذاتها مصدر الحق بل على واقعة أخرى، إذا ثبتت أمكن أن يستخلص منها الواقعة المراد إثباتها.
    وقد عرفت الشريعة والفقه القانوني القرائن منذ وجودها بل واعتبرتها مصدرا لكثير من الأحكام الشرعية و الوضعية فلا يكاد يخلو مذهب فقهي أو قانون وضعي لم يعتمد على القرائن في استنباط الأحكام .
    هذا ولقد جرى العمل لدى أئمة الفقه و أساتذة القانون والقضاء على تطبيق القرائن باعتبارها دليلا في الإثبات الجنائي ، بل في كافة فروع القانون الأخرى .

    وترجع الأهمية للاعتماد على القرائن في مجال الإثبات الجنائي خاصة للارتباط الصادق بينهما وبين
    الوقائع التي تكشف عنها ، فهي تصادف الحقيقة و تخاطب المنطق و العقل ويزداد الاعتماد على القرائن في مجال الإثبات الجنائي على أثر التطور العلمي الذي واكب العصر الحالي ، و المراحل التي مرت بها الجريمة و الأساليب الفنية الجديد والعلمية المستخدمة في التنفيذ حيث تعددت هذه الوسائل بالدرجة التي أصبحت البينة بمعناها التقليدي أمرا أو دليلا يصعب الحصول عليه بمفرده للحكم به بل قد يستحيل وجوده حيث يحرص المجرم دائما على ارتكاب جريمة في الخفاء .
    ولقد تعرضت القرائن لمهاجمة كثير من الفقهاء عند استخدامها كدليل إثبات في المسائل الجنائية وذلك لما اتصفت به ولكونها أحد آثار النظام القانوني للإثبات إلا أن حركة الدفاع الاجتماعي قد أكدت أنه بقدر معرفة الحقيقة الاجتماعية وحدها يجب استخدام القرائن كقاعدة للسياسة الجنائية .

    الإشكـالـية: مـا مـدى دور و حـجـية القـرائـن فـي الإثـبـات؟








    الـخـطـة :
    مـقـدمـة
    المبحث الأول: ماهية القرائن
    المطلب الأول: مفهوم القرائن و تقسيمها
    الفرع الأول: تعريف القرائن
    الفرع الثاني: أنواع القرائن
    المطلب الثاني: القرائن القانونية
    الفرع الأول تعريفها
    الفرع الثاني: الحكمة منها
    الفرع الثالث: أنواع القرائن القانونية
    المطلب الثالث: القرائن القضائية
    الفرع الأول: تعريفها و عناصرها
    الفرع الثاني: خصائصها و أهميتها
    الفرع الثالث: شروط الاعتماد على القرائن القضائية
    المبحث الثاني: دور و حجية القرائن
    المطلب الأول: مسـاهمة القرائن في توضيح أدلة الإثبات
    الفـرع الأول: فـي اعتراف المتهم وتقـدير الشهادة
    الفـرع الثـاني: في استـجواب المتهم و التـفتيش
    المطلب الثاني: القرائن القانونية
    الفرع الأول: حجيتها في القانون الجنائي
    الفرع الثاني: حجيتها في القانون المدني
    المطلب الثالث: حجية القرائن القضائية
    الفرع الأول: حجيتها في القانون الجنائي
    الفرع الثاني: حجيتها في القانون المدني
    خـاتمـة:












    المـبحـث الأول: مـاهـية القـرائـن
    المـطلـب الأول: مـفهـوم القـرائـن
    الفـرع الأول: تعـريف القـرائـن
    لغـة: القرائن جمع قرينة و يقصد بها ما يدل على الشيء من غير استعمال فيه ، و القرينة في اللغة مأخوذة من المقارنة ، و هي المصاحبة حيث يقال أن فلان قرين لفلان : قال الله تعالى: " وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ " )الآية رقم 23 من سورة ق ( و القرينة هي مؤنث القرين ، و القرين هو الصاحب ، لذلك يطلق على الزوجة بأنها قرينة الرجل لمصاحبتها إياه . والتقارن بين الشيئين يعني الملازمة و الاقتران. (1)

    اصطـلاحـا: أما في الاصطلاح القانوني تعددت التعريفات التي أعطيت للقرائن و قد عرفها البعض بأنها استنتاج الواقعة المراد إثباتها من واقعة أو وقائع أخرى تؤدي إليها بحكم الضرورة و بحكم اللزوم العقلي، و عرفها البعض الآخر بأنها الصلة الضرورية التي قد ينشئها القانون بين وقائع معينة أو هي نتيجة يتحتم على القاضي أن يستنتجها من واقعة معينة، و عرفها فريق ثالث بأنها دلالة واقعة قام الدليل عليها على واقعة أخرى لم يقم عليها الدليل بطريقة الاستنتاج المنطقي. (2)




    1- عبد الحميد الشواربي ، القرائن القانونية و القضائية ، دار الفكر الجامعي -30شارع سوتير- 1995 صـ: 119.
    2- أبو العلا علي أبو العلا نمر ، الإثبات الجنائي دراسة تحليلية طبعة الثانية ، الناشر دار النهضة العربية ص: 126.





    الفـرع الثـانـي: أنـواع القـرائـن مـن حـيث المصـدر
    القرائن من حيث المصدر نوعان – قرائن قانونية و قرائن قضائية
    فالقرائن باعتبارها استنباطا لأمر غير ثابت من أمر ثابت نوعان:
    -نوع يستنبطه قاضي الموضوع من وقائع الدعوى المعروضة عليه و يعتمد استنتاجات فردية في حالات خاصة.
    -و نوع يستنبطه المشرع نفسه مما يغلب وقوعه عملا في طائفة معينة من الحالات فيبقي عليه قاعدة عامة ينص عليها في صيغة مجردة.
    و النوع الأول هو القرائن القضائية، و يعتبر من الأدلة بمعنى الكلمة النوع الثاني هو القرائن القانونية و هي ليست أدلة بمعنى الكلمة و إنما هي تتضمن إعفاء مؤقتا أو استثنائيا من عبئ الإثبات.
    فالقرائن قسمان، قسم يتقرر بنص القانون و تسمى القرينة عندئذ بالقرينة القانونية، و قسم يستنبطها القاضي من وقائع الدعوى و ظروفها و له حرية واسعة في تقديرها و تلك هي القرائن القضائية. (3)






    -3 محمد شتا أبو السعد ، الإثبات في المواد المدنية و التجارية و الشرعية ، المجلد الثاني دار الفكر العربي 1994 ، ص: 03.




    المطلـب الثـانـي: القـرائـن القـانونـية:
    الفـرع الأول: تعـريف القـرائـن القـانونـية:
    القرائن القانونية تغني من تقررت لمصلحته عن أية طريقة أخرى من طرق الإثبات ، وكذلك هي التي ينص عليها القانون وهي تغني من قررت لمصلحته عن أية طريقة أخرى من طرق الإثبات ، وهي التي يقوم المشرع نفسه باستنباطها ، فالمشرع يستنبط من واقعة معلومة دلالة على أنها مجهولة يراد إثباتها ، فيقرر أنه ما دامت هناك واقعة قد ثبتت ، فإن واقعة أخرى معينة تثبت بثبوت الواقعة الأولى.
    وهي من أصول التعبير عن الإرادة إلى من وجه إليه يعتبر قرينة على علمه به. فالواقعة الثابتة هي وصول التعبير عن الإرادة، ويستنبط المشرع واقعة أخرى، هي واقعة العلم بالتعبير عن الإرادة، من الواقعة الأولى التي تثبت، فيعتبر واقعة العلم بالتعبير عن الإرادة ثابتة بمجرد ثبوت واقعة وصول هذا التعبير إلى من وجه إليه.(4)
    الفـرع الثـانـي: الحكـمة مـن القـرائـن القـانونـية
    يرجع مصدر القرائن القانونية إلى المشرع عندما يقررها في النظام القانوني باعتبارها دليلا من أدلة الإثبات تقديرا منه لبعض الاعتبارات المتصلة بالملائمة التشريعية ومقتضيات السياسة الجنائية مثل: -إثبات بعض الأمور الخفية كما هو الحال بالنسبة للقصد الجنائي.
    -إثبات بعض جرائم المسؤولية المطلقة وهي الجرائم التي تتحقق بمجرد توافر ركنها المادي .
    -إثبات واقعة أو جريمة استنادا إلى مقدمات أو معطيات افترضها المشرع مسبقا إذ أنه حيث تتوافر مثل هذه المقدمات و المعطيات يصبح ترجيح حدوث الواقعة المفترضة من جانب المشرع.
    ولما كان الحكم في المسائل الجنائية بما يطمئن به القاضي ما لم يقيده القانون بدليل معين أو قرينة بذاتها. (5)
    4-محمد حسين قاسم: قانون الإثبات في المواد المدنية و التجارية، كلية الحقوق ، جامعة الإسكندرية بيروت، منشورات الحلبي ، ص:343و344
    5- دكتور: عبد الحافظ عبد الهادي عابد ، الإثبات الجنائي بالقرائن دراسة مقارنة -بدون طبعة- دار النهضة العربية 1991 صـ734و735
    فالمشرع إذ يفترض الواقعة المفترضة فيكون على القاضي أن يطبق النص متى توافرت شروطه حتى ولو كان الواقع يشهد بغير ذلك مثل ما نص عليه المشرع في انعدام التمييز لمن هو أقل من سبع سنوات ، فهو يمثل قرينة قاطعة على عدم التمييز حتى إذا كان الواقع يشهد بأن الطفل الذي يطبق عليه النص في الواقعة مميزا.
    وكما أن شمول النص القانوني قرينة قانونية قاطعة لا يلغى عنها صفتها هذه القاطعة في مجال الإثبات ، بيد أنه يؤكد على الجانب الآخر وظيفة أخرى للقرينة ، وهي أن القرينة كانت سببا في استيحاء القاعدة القانونية ، حيث تلعب القرينة القانونية في هذا المجال دورا متزايدا في عصر تكثر فيه الإجراءات القمعية لضروب المسئولية المختلفة ، والتي تكشف عنها الحياة الحديثة في تعقيد العلاقات الإنسانية. (6)
    الفـرع الثـالـث: أنـواع القـرائـن القـانونـية:و كما قيل القرائن القانونية نوعان:
    قرائن قانونية غير قاطعة أي بسيطة و يجوز إثبات ما يخالفها بكافة طرق الإثبات المقررة قانونا. (7)
    اعتبار وجود أجنبي في بيت مسلم في المحل المخصص للحريم قرينة على ارتكاب الشريك جريمة الزنا المادة 276عقوبات وهي قرينة غير قاطعة إذ يجوز للمتهم أن يقيم الدليل على عكسها فتنهار قوتها في الإثبات.
    واعتبار ارتكاب المتهم المشغل بالتجارة إحدى الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 48لسنة1941 الخاص بقمع التدليس والغش، قرينة على علمه بالغش والفساد ولكنها قرينة تنهار إذا أثبت المتهم انتفاء هذا العلم لديه، وقرينة براءة المتهم حتى تثبت إدانته. (Cool

    6- دكتور: عبد الحافظ عبد الهادي عابد الإثبات الجنائي بالقرائن –مرجع سابق- 735و736و737
    7--مصطفى مجدي هرجه: قانون الإثبات في المواد المدنية و التجارية الجزء الثاني، 1987، دار المطبوعات الجامعية كلية الحقوق ، إسكندرية ، ص: 114-115
    8-- د. محمد أحمد محمود: الوجيز في أدلة الإثبات الجنائي -الطبعة الأولى-، المكتب الفني للإصدارات القانونية، الناشر دار الفكر الجامعي ، ص: 23.
    واعتبار تخلف الشاهد عن الحضور بعد إعلانه بالتكليف بالحضور قرينة على خطئه يمكن إثبات عكسها إذا حضر بعد ذلك وتقدم إلى المحكمة بعذر مقبول وفي أحوال التلبس اعتبر المشرع أن مشاهدة الجاني حاملا أسلحة أو أدوات أو به آثار معينة، قرينة على أنه ساهم في الجريمة وكذلك الدلائل الكافية التي تحيط بالشخص والتي تبيح لمأمور الضبط القضائي القبض والتفتيش، هذه
    الوقائع اعتبرها المشرع قرينة على ارتكاب الجريمة إلا أنها قرائن بسيطة يمكن إثبات عكسها في التحقيق والمحاكمة. (9)
    و قرائن قانونية قاطعة و هي أيضا نوعان يتعلق بالنظام العام كقرينة النسب المبنية على قاعدة الولد للفراش و حجية الشيء المحكوم فيه و هذا لا يقبل إثبات العكس أو الثاني لا يتعلق بالنظام العام كقرينة الحيازة في المنقول سند الملكية و هذا لا يقبل إثبات العكس إلا من طرف استجواب من قامت القرينة في صالحه للحصول على إقراره و ليس في إباحة إثبات العكس بأحد هذين الأمرين ما يتعارض مع الحكمة التي من أجلها جعلت هذه القرائن.
    لأن إقرار الشخص الذي تقررت القرينة لمصلحته أو نكوله على اليمين يزيد بشكل قاطع على أن الاستنباط الذي قام به المشرع بصفة عامة و بناءا على أساسه هذه القرينة لا يطابق الواقع في هذه الحالة الفردية فلا محل للأخذ و قد جرى الفقه و القضاء المصري على ذلك. (10)
    ومثال ذلك ما نص عليه المشرع في المادة رقم 261 من اعتبار غياب المدعي المدني دون عذر مقبول بعد إعلانه أو عدم إبدائه طلبات في الجلسة قرينة قاطعة على ترك الدعوى المدنية، وكذلك في حالة الطعن في التزوير إذا رفض الطعن وكانت الدعوى الجنائية قد أوقفت فيحكم على الطاعن بالغرامة لافتراض الخطأ باعتبار أن رفض الطعن يعتبر قرينة على هذا الخطأ واعتبار المشرع أن مباشرة الإجراء الباطل في حضور محامي المتهم دون اعتراض منه قرينة على الرضا به وبالتالي يصحح البطلان المتعلق بالخصوم. (11)

    9- د. محمد أحمد محمود: الوجيز في أدلة الإثبات الجنائي -مرجع سابق- صـ23
    10-مصطفى مجدي هرجه: : قانون الإثبات في المواد المدنية و التجارية -مرجع سابق-صـ115
    11- د. محمد أحمد محمود: الوجيز في أدلة الإثبات الجنائي -مرجع سابق- صـ22

    و اعتبار عدم بلوغ سن السابعة قرينة على انعدام التمييز وفقا لما تنص عليه المادة رقم 3 من القانون المصري رقم 31 لسنة 1974 الخاص بالأحداث.
    واعتبار المشرع أن الحكم البات قرينة قاطعة على صحة ما قضي به ولا يجوز إثبات عكسها، وقرينة حال الانفعال عن توافر عذر الاستفزاز المبين في المادة رقم 337 عقوبات مصري. (12)
    المـطلـب الثـالـث: القـرائـن القضـائـية:
    الفـرع الأول: تعـريف القـرائـن القضـائـية و عنـاصـرهـا
    القرينة القضائية هي التي لم ينص عليها القانون و يستنبطها القاضي من ظروف و وقائع الدعوى بما له من سلطة التقدير. إذن القرينة القضائية هي أمر يستنبطه القاضي من أمور أخرى أي من وقائع ثابتة لديه في دعوى معينة، فيكون الأمر المذكور قد يثبت إذن عن طريق الاستنتاج و الاستنباط لا عن طريق الإطلاع أو المعاينة أو أي طريق آخر من طرق الإثبات المباشر. (13)
    ومثال القرائن القضائية، مشاهدة شخص المتهم قرب مكان الجريمة وفي لحظة الجريمة يحمل سلاحا، إن البحث يقتضي معرفة مدى علاقته بالمجني عليه ، وهل هناك علاقة بين الأداة المستعملة في الحادث وبين المضبوطة معه. تلك افتراضات أولية يجب الحصول على إجابات محددة بالنسبة لها، فإذا كانت المقدمات صحيحة، بأنه كان على علاقة سيئة بالمجني عليه، وأن السلاح المستخدم في الحادث مملوك له، كان ذلك لا يقطع بمسؤوليته الجنائية ، حيث يجب معرفة ما إذا كان هو الذي استخدم السلاح أو لا ، وما سبب تواجده في مكان الحادث عند ضبطه ، ومن هنا كانت أهمية الحذر في أسلوب تطبيق القرائن في الإثبات إذ أنها تستلزم الفطنة والدقة وهي مسؤولية صعبة. (14)



    12- د. محمد أحمد محمود: الوجيز في أدلة الإثبات الجنائي -مرجع سابق- صـ22
    13- عيد –إدوار-: موسوعة أصول المحاكمات و الإثبات والتنفيذ- الجزء السابع (الإثبات)5 دار المنشورات الحقوقية1992 ص6و8
    14- عبد الحميد الشواربي: القرائن القانونية و القضائية – مرجع سابق- صـ125.
    ومن أمثلة القرائن القضائية أيضا: هو دخول شخصين معا دار خاليه ثم خروج أحدهما وحده وبعد برهة يوجد الأخر مقتولا لحينه داخل الدار فهذه الظروف تصح أن تعد قرينة على أن الذي قتله هو زميله الذي دخل معه.
    و من أمثلتها أيضا ضبط ورقة مع المتهم بها رائحة الأفيون يعد قرينة على ارتكابه لجريمة إحراز مخدر.
    و قضي بأن: مشاهدة عدة أشخاص يسيرون في الطريق مع من يحمل المسروقات ودخولهم معه في منزل واختفاؤهم فيه يعد قرينة على اشتراكهم في السرقة.
    و العثور مع المتهم عند تفتيشه على ذخيرة أو سلاح ناري من النوع الذي استخدم في ارتكاب جريمة القتل وتدل حالته على أنه حديث الاستعمال قرينة على أنه القاتل.
    وتعتبر رؤية المتهمين مقبلين معا حاملين العصي ثم ضربهم المجني عليه على رأسه بالعصي في وقت واحد قرينة على توافر الاتفاق بينهم على الضرب.(15)
    -و كما أن القرائن القضائية تقوم على عنصران هما العنصر المادي و العنصر المعنوي.
    العنصر المادي: و يقوم على اختيار الوقائع الثابتة من ظروف الدعوى و الأوراق المقدمة فيها.
    أما العنصر المعنوي: و يتمثل في فحص هذه الوقائع ليستنبط منها القاضي القرينة التي يستدل بها على صحة الواقعة مصدر الحق المدعى به، و لازم ذلك أنه يتعين على القاضي ألا يأخذ القرائن القضائية إلا مع الحرص الشديد و اليقظة التامة فلا يستمد قرينة إلا من الوقائع الثابتة في الدعوى، و لا يتخذها دليلا إلا بعد الاقتناع بسلامتها ، و إلا كان حكمه مشوبا بالقصور.(16)


    15-- د. محمد أحمد محمود: : الوجيز في أدلة الإثبات الجنائي -مرجع سابق- صـ27و28
    16-المحامي بالنقض وكيل التفتيش القضائي سابقا، عبد الحكم فوده: القرائن القانونية والقضائية بدون طبعة دار الفكر و القانون ، 2006 ، للنشر و التوزيع ص:40

    الفـرع الثـانـي: خصـائـص و أهمـية القـرائـن القضـائـية
    من خلال تعريفنا للقرينة القضائية يمكن لنا استخلاص أهم الخصائص التي تمتاز بها القرينة القضائية باعتبارها أهم دليل قضائي في المواد الجزائية.
    فقد عرفنا القرينة القضائية بأنها عبارة عن علاقة منطقية يستنتجها القاضي بين واقعة معلومة وهي الدلائل وواقعة مجهولة يريد إثباتها.
    فأهم شيء يميز القرينة القضائية عن بقية الأدلة الأخرى في الإثبات هو كونها دليل استنتاجي أي أنها دليل يستنتجه القاضي بنفسه.
    و الصفة الثانية التي تظهر من التعريف هي أن القرينة القضائية دليل منطقي و عقلي و مادامت القرينة القضائية في جوهرها عبارة عن علاقة منطقية يستنتجها القاضي، فإن مجالها يتسع إلى درجة أنه لا يمكن حصرها أو تحديد نطاقها.
    1- القـرينـة دليـل استنتـاجـي
    إن أبرز ميزة على إطلاق تتميز بها القرينة القضائية عن بقية وسائل الإثبات الأخرى من اعتراف أو شهادة أو غيرها هي كونها دليل استنتاجي يقوم القاضي بالوصول إليه إعمالا لفكره و عقله انطلاقا من الدلائل المختلفة سواء كانت مادية أو معنوية و الاستنتاج هو العنصر الذاتي الذي تتكون منه القرينة القضائية و هو أهم عنصر فيها.
    و كما أن الفقهاء يضعون القرائن ضمن الأدلة غير مباشرة، إذ يقوم القاضي باستنتاج القرينة القضائية من الدلائل المختلفة و هذا العمل الذي يقوم به القاضي يجعل منها دليل غير مباشر، أي أنه لا يأتي فقط من معطيات ملف الدعوى بل أن القاضي هو الذي يقوم باستنباطه بعد الإحاطة بظروف الدعوى و عناصرها عن بصر و بصيرة. (17)


    17 -مسعود زبدة: القرائن القضائية المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية بدون طبعة – وحدة الرغاية – الجزائر موفم للنشر والتوزيع الجزائر 2001 الإيداع القانوني 586/2001 ص: 200و201.
    2- القـرينـة دليـل مـنطقـي عـقلـي
    إن جوهر القرينة كما سبق أن مر بنا هو علاقة منطقية يستنتجها القاضي بين الواقعة المعلومة المتمثلة في الدلائل المختلفة من جهة و الواقعة المجهولة المراد إثباتها.
    إن عملية الاستنتاج هذه للعلاقة المنطقية ليست مسألة سهلة و لكنها تتطلب مجهود عقلي و فكري يبذله القاضي للإحاطة الشاملة بملف الدعوى و ما يحتويه من ظروف و ملابسات مختلفة تتجلى بصورة أوضح أثناء المرافعات و مناقشة أطراف القضية، إن الوصول إلى ذلك يتطلب من القاضي ترتيب المقدمات منطقيا للوصول إلى نتائج، إن الوصول إلى ذلك يتطلب قدرة القاضي الجزائي على استخلاص القرائن من الدلائل المختلفة.
    3-استحالة حصـر القـرائـن الـقضـائيـة
    يقول الأستاذ روبرت كروس الإنجليزي ، إن كل شارح على قدر كاف من الذكاء يمكنه من تقدير صعوبات الموضوع إذا تناول موضوع القرائن فإنه يحس باليأس و يتركه و هو ينطوي على شعور بالقنوط .
    إن هذا التعبير المتشائم يعبر في حقيقة الأمر على صعوبة بل استحالة تحديد نطاق القرائن القضائية، و ترجع صعوبة تمديد القرائن القضائية إلى طبيعة عنصريها الموضوعي و الذاتي.
    بالنسبة للعنصر الموضوعي و هو الواقعة المعلومة المتمثلة في الدلائل بنوعيها المادي
    و المعنوي فهي عديدة متنوعة و مختلفة أو تسجيل حصرها و تحديد مجالها إذ تختلف من قضية لأخرى كما أن ظروف و ملابسات كل واحدة منها تختلف و تتنوع بقدر تنوع تلك الوقائع أي أنه لا يمكن حصرها. (18)


    18-مسعود زبدة: القرائن القضائية – مرجع سابق ، ص: 201و202


    بالنسبة للعنصر الذاتي و هو المتمثل في الاستنتاج المبني على المنطق و العقل أي أن جوهر هذا العنصر يتسع للحد الذي يشمله العلم و المعرفة الإنسانية بمختلف فروعها، فالدلائل المادية تخضع في فحصها و دراستها للعلوم الطبيعية المختلفة من فيزياء و كيمياء و و علوم السموم و غيرها كما أن الدلائل المعنوية المختلفة تصاعد على استنتاجها و دراستها العلوم الاجتماعية و خاصة علوم النفس المرتبطة بالقضاء و العلوم الصناعية بصفة خاصة.
    أهـميـة القـرائـن الـقضـائـية
    للقرائن القضائية أهمية كبيرة من الناحية العملية تتفوق فيها على جميع عناصر الإثبات الأخرى و لا يقتصر ذلك على الجانب الجزائي في القضاء بل تمتد لتشمل مختلف الفروع القضائية.
    كما أنه يترك لتقدير القاضي استنباط كل قرينة لم يقررها القانون و لا يجوز الإثبات بهذه القرائن إلا في الأحوال التي يجيز فيها القانون الإثباتات البينة.
    أي أن المشرع الجزائري ترك الحرية المطلقة للقاضي في تقدير القرائن القضائية و جعل القرائن دليلا مساويا للشهادة في الحالات التي يجيز فيها القانون الإثبات بواسطة الشهادة.
    و تتجلى الأهمية أيضا من خلال الدور الكبير الذي تقوم به المحاكم المدنية التي استطاعت عن طريق القرائن القضائية أن تخفف من عبئ الإثبات في الحالات التي يصعب فيها على المدعي تقديم الدليل القاطع على صحة إدعائه و اكتفت منه بجعل دعواه قريبة إلى التصديق أي بما يكفي رجاحتها حتى يقع على الخصم إثبات العكس و ترجع الأهمية العملية للقرائن القضائية لأن مجالها أوسع فهي متنوعة و غير محددة و السلطة الواسعة للقاضي لتقدير و الأخذ بها.
    أما فيما يتعلق بالإثبات الجزائي فإنه يمكن لنا القول بدون مبالغة أن للقرائن القضائية دور الصدارة إذ تتفوق على جميع وسائل الإثبات الأخرى. (19)


    19-مسعود زبدة: القرائن القضائية – مرجع سابق – ص202و203



    فالأدلة ذات الصدارة في القانون المدني و المتمثلة في الكتابة بشكل أساسي و اليمين الحاسمة و المتممة و الإقرار، تكاد تنعدم تماما فالاعتراف نادر الوقوع و خاصة بالنسبة لمتعادي الإجرام كذلك بالنسبة لشهادة الشهود فرغم أهميتها إلا أن مرتكبي الجرائم يحاولون ارتكابها في الخفاء بعيدا عن الأعين و لا يبقى بعد ذلك إلا القرائن القضائية تلعب دورا حاسما في الكثير من الأحيان.
    كما أن أهمية القرائن القضائية تزداد اتساعا مع التطور الذي تشهده مختلف العلوم المتصلة بفحص و تحليل الدلائل المختلفة المادية منها و المعنوية و ما الجرائم إلا وقائع مادية إرادية تخضع في كثير من الأحيان إلى الملاحظة و الفحص و التحليل و ترجع أهمية الاعتماد على القرائن في مجال الإثبات الجنائي بصفة خاصة للارتباط الصادق بينهما و بين الوقائع التي تكشف عنها، فهي تصادف الحقيقة و تخاطب المنطق و العقل.
    و القرائن القضائية و بصفة خاصة في المجال الجزائي مرتبط تطورها و أهميتها بتطور العلوم المختلفة المرتبطة بها، إذا أصبحت الصفة المميزة للإثبات القضائي المعاصر الإثبات العلمي .
    و إن كان يحق لنا أن نستشرف على ضوء المعطيات السابقة بأن القرائن القضائية تبقى الدليل المعول عليه مستقبلا في الإثبات الجنائي تزداد مع مرور الزمن رغم ذلك فإن هناك بعض السوابق القضائية السيئة في سجل الاعتماد على القرائن القضائية في الإثبات الجزائي مما أدى على بروز أراء متحفظة من مدى مصداقية القرائن القضائية في مجال الإثبات الجنائي، مما يستوجب التطرق لمدى حجية القرائن القضائية باعتبارها دليل للإثبات. (20)





    20-مسعود زبدة : القرائن القضائية - مرجع سابق –ص203و204


    الفـرع الثـالـث: شـروط الاعتماد بالقـرائـن القضـائيـة
    أولا: أن تكون الواقعة المباشرة المكونة للقرينة ثابتة الوقوع فعلا و لا يحتمل الجدل فلا يجوز الاستناد إلى واقعة أدلى بها أحد الشهود و أخذها كقرينة لاستخلاص الواقعة المراد إثباتها طالما أن شهادة الشاهد ذاتها محل تقدير و لم يثبت بالدليل القاطع حدوث الواقعة موضوع القرينة.

    ثـانـيا: أن يراعي في الاستنتاج أو الاستنباط منتهى الحرص و ضرورة استخدام الأسلوب المنطقي السليم.

    ثـالثـا: أن يكون استنتاج الواقعة المجهولة المراد إثباتها من الواقعة المعلومة الثابتة ملتصقا مع باقي ظروف الواقعة و الأدلة الأخرى. (21)







    21- د. محمد أحمد محمود: الوجيز في أدلة الإثبات الجنائي مرجع سابق صـ:31.


    المبـحث الثـانـي: حـجيــة القـرائــن:
    إن مبدأ افترض براءة المتهم إلى حين إثبات إدانته، يجعل سلطة الاتهام-النيابة العامة-إثبات الوقائع المنسوبة للمتهم فعلها مادام أن الأصل في الأشياء هو الإباحة وأن الشك يفسر لصالح المتهم، كل هذه المبادئ تجعل النيابة العامة تعمل على إثبات الوقائع بكافة الطرق القانونية، فعبئ الإثبات الجنائي يقع عليها كما يقع عليها أيضا إثبات الظروف المخففة والمشددة المرتبطة بالوقائع أو بشخص المتهم نفسه فالقرينة القانونية تعتبر دليل من أدلة الإثبات وهي واردة في القانون على سبيل الحصر ولا يجوز القياس عليها فالقاضي يطبق على الواقعة النص القانوني متى توفرت شروطه.
    المطلـب الأول: مسـاهمـة القـرائـن في توضيـح أدلـة الإثبـات
    يبرز دور القرائن المعزز لبقية أدلة الاستجواب الأخرى متمثلة بصفة أساسية في الاعتراف وشهادة الشهود واستجواب المتهم و التفتيش.
    الفـرع الأول: فـي اعتراف المتهـم وتقـديـر الشـهـادة
    باعتبار أن اعترف المتهم: عنصر من عناصر الاستدلال، وليس دليلا كاملا، وقد يرد على جزء من الوقائع دون غيرها فعلى المحكمة أن تستخلص صحة الإقرار واعترف المتهم من ظروف وملابسات القضية. فهي التي تستخلص سبق الإصرار أو الترصد من مجريات الأحداث. كما لها أن تستخلص الاتفاق الجنائي وتوافر حالة الدفاع الشرعي التي يدفع بها الجاني في تصريحاته. (22)
    كما تلجأ الكثير من سلطات دول العالم القمعية في الكثير من بلاد العالم إلى الحصول على اعتراف المتهمين عن طريق الإكراه والتعذيب.
    و لذلك فقد أخضع القانون تقدير الاعتراف المطلق لقاضي الموضوع طبقا لنص المادة 212 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري. (23)

    22-الأستاذ: بلعليات إبراهبم: أركان الجريمة وطرق إثباتها في قانون العقوبات الجزائري -الطبعة الأولى-1428هـ -2007م دار الخلدونية للنشر والتوزيع القبة القديمة الجزائر. صـ 191و192
    23- مسعود زبدة : القرائن القضائية- مرجع سابق –صـ194
    كما تنص المادة 38 من دستور اليابان الصادر بتاريخ 3 نوفمبر 1963 على أنه لا يجوز إدانة أحد أو توقيع عقوبة عليه إذا كان اعترافه هو دليل الوحيد القائم ضده.
    وهذا هو الرأي الراجح قضاء وفقها بأن الاعتراف لا يعد دليلا يستند عليه وحده في الإدانة وقد قررت هذا الرأي العديد من المؤتمرات الدولية حول الموضوع.
    كما أن فقهاء الشريعة الإسلامية قد وضعوا شروطا لصحة إقرار المقر وهي أن يكون بالغا، عاقلا، ناطقا و مختارا لا مكرها.
    كما أن فقهاء الشريعة أجمعوا على قبول العدول عن الإقرار لما في ذلك من الشبهة.
    إن قاضي الموضوع عندما يعترف أمامه المتهم بارتكاب الجريمة المتبع عنها لا يكتفي بذلك بل عليه مناقشته وسماع التفاصيل الكاملة بدقة مع تحليل الوقائع و تشريحها ، فإذا اعترف المتهم مثلا بارتكاب لجريمة القتل بواسطة السلاح ناري تم إخفائه في مكان معين فإنه لابد من القيام بالمعاينات مع ضبط السلاح و فحصه عن طريق الخبرة للتأكد من استعماله في الجريمة.
    إن جميع القرائن المستخلصة من مناقشة مختلف ظروف و ملابسات القضية تجعل من الإعترف الصادر أن يكون حقيقيا، صادقا ومقنعا.
    ولذلك فإن القرائن يمكن أن تؤكد وتنفي اعترافات المتهم على الوجه الذي يتفق مع الحقيقة وفقا للتصور المنطقي والذي يقام على أساس افتراض المقدمات و الوصول إلى نتائج تتفق معها دون تناقض.
    (( وللمحكمة المختصة أن تأخذ بالاعتراف الصادر من المتهم في أي مرحلة من مراحل الدعوى ، سواء كان هذا الاعتراف قد تم في محضر ضبط الواقعة أو تحقيق إداري ، وأن المحكمة ضمته للدعوى أو التحقيق الذي قامت به النيابة العامة، حتى لو عدل المتهم عن ذلك بالجلسة )).
    كما أن القاضي وهو يستمع للمتهم أثناء إدلائه بتصريحات ومناقشته في ذلك يمكنه أن يلاحظ أن المتهم من خلال ملامحه ونبرات صوته و حركاته وحالته النفسية، أن يستنتج من كل ذلك قرائن تفند أو تدعم الاعتراف، ولا يقتصر ذلك على المتهمين فقط ويمكن بلا شك ملاحظة ذلك بالنسبة للشهود. (24)
    24- مسعود زبدة : القرائن القضائية - مرجع سابق –ص194و195
    أما في تقدير الشهادة: التي يدلي بها الشهود حول واقعة معينة، هي مسألة موضوعية لا تخضع لرقابة المحكمة العليا ولا يلزم تطابق شهادة جميع الشهود، ويمكن للمحكمة أن تستدل بالقرائن على مؤدي الشهادة فالمحكمة أن تأخذ بالشهادة متى توافرت شروطها كالشهادة على حالة التلبس في جريمة الزنا أو في الإشترك الجنائي وغير ذلك. (25)
    وكما أن شهادة تمتاز مثل الاعتراف بطابعها المعنوي إذا تنصب في شكل أقوال وتصريحات وإذا كان الاعتراف يمكن تعريفه بأنه شهادة الإنسان على نفسه فإن شهادة شهادة الشهود كالاعتراف تخضع لمطلق تقدير القاضي.
    وشهادة الشهود يعول عليها كثيرا في الإثبات الجنائي نتيجة لطبيعة الجرائم كما سبق أن مر بنا فالشهود هم آذان المحكمة وعيونها. كما أن الشهادة تتمثل فيما سمعه الشاهد أو رآه، دون أن تتجاوز ذلك إلى المعتقدات و الآراء التقديرية. ولأهمية الشهادة والخطورة المترتبة عنها في الإثبات فإن هناك نوع من الجرائم تتعلق بالشهادة نفسها نص عليها المشرع الجزائري في القسم السابع من الباب الثالث من قانون العقوبات تحت عنوان شهادة الزور و اليمين الكاذبة في المواد من 232إلى 241. إن الدور المهم الذي تقوم به القرائن بالنسبة للشهادة يتمثل في مساندتها وتعزيزها أو نفيها، فالقرائن يصفها القانون الإنجليزي بأنها أكثر صدقا من الشهود، لأن القرائن وخاصة المستخلصة من الدلائل المادية هي بحق عبارة عن شاهد صامت لا يعرف الكذب والذي يشير بكل حواسه إلى مرتكب الجريمة، كما أن الضوء الذي ينير ضمير القاضي لكشف الآثار المطلوبة من أجل الوصول إلى معرفة الحقيقة. إن حسن تقدير القاضي وتقييمه للشهادة يستدعي إلمامه بالدراسات النفسية و الاجتماعية والتي تساعد في كشف الجوانب النفسية الخفية للشاهد ومدى صدقه أو كذبه.
    فالعاطفة والانفعال والخجل والعداوة والنسب والقرابة والمزاج والعاهات الطبيعية كلها تؤثر على الشاهد مما يؤدي إلى تشويه الشهادة، كما أن بعض الأفراد يجدون صعوبة في التذكر بسبب النسيان أو ضعف الذاكرة.إن القرائن القضائية تبقى الوسيلة الأكثر فعالية في تقدير وتقييم الشهادة من طرف القاضي. (26)

    25-الأستاذ بلعليات إبراهيم: أركان الجريمة وطرق إثباتها في قانون العقوبات الجزائري - مرجع سابق- صـ192
    26-- مسعود زبدة : القرائن القضائية - مرجع سابق –صـ195و 196
    الفـرع الثـانـي: فـي استـجـواب المتهـم و التـفـتيـش
    إن الهدف من استجواب المتهم: الذي يقوم به قاضي التحقيق هو مواجهة المتهم بالأدلة القائمة ضده بهدف الوصول إلى الاعتراف بالوقائع المنسوبة إليه، وقد يستنتج من الاستجواب قرائن تؤكد انتساب الوقائع لمتهم أو تنفيها عليه، وتجمع كل هذه القرائن والدلائل وكذا ما يتم في استجواب المتهم عبر جميع مراحل الدعوى الجنائية باعتبار أن الاستجواب مثله مثل الاعتراف وغيرها من عناصر الإثبات الجنائية من قرائن ودلائل تؤكد صحته. (27)
    الاستجواب بمفهومه القضائي تقوم به سلطة التحقيق المتمثلة أساسا في قاضي التحقيق.
    وقد نصت المادة 100 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري على مايلي: (( يتحقق قاضي التحقيق حين مثول المتهم لديه لأول مرة من هويته ويحيطه علما صراحة بكل واقعة من الوقائع المنسوبة إليه وينبهه بأنه حر في عدم الإدلاء بأي إقرار وينوه على ذلك التنبيه في المحضر، فإذا أراد المتهم أن يدلي بأقوال تلقاها قاضي التحقيق على الفور كما ينبغي للقاضي أن يوجه المتهم بأن له الحق في اختيار محام عنه فإن لم يختر محاميا عين له القاضي محاميا من تلقاء نفسه إذا طلب منه ذلك..الخ )).
    إن هذه المادة تحدد ضمانات لعدم المساس بحرية المتهم وعدم الاعتداء عليه، فالمتهم حر في أن يعترف أو ينكر كما أنه من حقه رفض الإدلاء بتصريحاته أمام قاضي التحقيق حتى يحضر محاميه. وقاضي التحقيق يتلقى تصريحات المتهم عند الحضور الأول كما هي بدون أن يتدخل بأي استفسار وفي مرحلة ثانية وهي ما يعرف في الميدان القضائي بالاستجواب في الموضوع يقوم القاضي بمناقشة المتهم في التهم المنسوبة إليه على ضوء التصريحات التي أدلى بها، فإذا كان معترفا فإنه يسأله عن تفاصيل دقيقة تتعلق بالأفعال المنسوبة إليه وكيفية حصولها ليتثبت من صحة الاعتراف .أما إذا كان منكرا فإن القاضي يواجه المتهم بالأدلة المقدمة ضده في الدعوى. وفي القضايا الخطيرة المتمثلة في الجنايات يتم اختتام مرحلة استجواب المتهم بما يعرف بالاستجواب الإجمالي يتم من خلاله تلخيص مراحل الاستجواب. (28)

    27- الأستاذ: بلعليات إبراهيم: أركان الجريمة وطرق إثباتها- مرجع سابق- صـ192و193
    28-- مسعود زبدة: القرائن القضائية - مرجع سابق –صـ196و197
    كما أنه يمكن لقاضي التحقيق مواجهة المتهم بغيره من المتهمين معه أو الشهود إذا كانت تصريحات الطرفين متناقضة.
    من خلال تلك المواجهات يستطيع القاضي أن يصل عن طريق دلائل مادية و معنوية تؤكد أو تنفي علاقة المتهم بالوقائع المنسوبة إليه. إذا أن الاستجواب مثل بقية عناصر الإثبات يؤكد الإثبات كما إنه يثبت البراءة بشرط أن يتم بدون إكراه مادي أو معنوي.
    كما تجدر الإشارة في ختام التعرض لعلاقة الاستجواب بالقرائن إلى نص المادة 100 من قانون الإجراءات الجزائية و التي تشير بصفة صريحة لتلك العلاقة إلى درجة تجاوز هذه المادة لشروط المادة السابقة 100 واعتبارها استثناء للأحكام العامة.
    وقد جاء في نص المادة 101 مايلي : (( يجوز لقاضي التحقيق على الرغم من مقتضيات الأحكام المنصوص عليها في المادة 100 أن يقوم في الحال بإجراء استجوابات أو مواجهات تقتضيها حالة استعجال ناجمة عن وجود شاهد في خطر الموت أو وجود أمارت على وشك الاختفاء، ويجب أن تذكر في المحضر دواعي الاستعجال ))، إن الأمارات التي تشير إليها هذه المادة ما هي إلا الدلائل بنوعيها المادية والمعنوية. (29)
    أما في التفتيش: الذي تقوم به الضبطية القضائية، أثناء اكتشاف الجريمة، أو أثناء مراحل التحقيق والبحث والتحري من أهم إجراءات جمع الدليل و ضبط الأدلة المادية للجريمة. مثل ضبط المخدرات لدى المشتبه فيه، وحيازة سلاح بدون رخصة، وضبط أشياء متحصله من سرقة وغيرها. فلا يمكن القيام بعملية التفتيش إلا إذا توافرت هناك دلائل وقرائن توحي بأن المشتبه فيه فعلا له صلة بالوقائع المرتكبة. ونظرا لخطورة التفتيش فللقاضي المحقق دون غيره سلطة أوسع من النيابة في تفتيش شخص المتهم ومنزله وفي شخص المتهم بشرط وجود قرائن توحي بأنه إذا تمت عملية التفتيش فإنه يمكن العثور على الأدلة المادية للجريمة. (30)


    29- مسعود زبدة: القرائن القضائية - مرجع سابق –صـ197
    30- أ. بلعليات إبراهيم: أركان الجريمة وطرق إثباتها في قانون العقوبات الجزائري -مرجع سابق – صـ 193
    والتفتيش هو البحث الدقيق عن جميع عناصر الإثبات التي يمكن استخدامها، و الذي يتم بالنسبة لأحد الأشخاص أو منزله.
    ويعتبر التفتيش من أهم إجراءات جمع الدليل في المواد الجنائية ، إذ يتم بمقتضاه كشف دليل الجريمة بواسطة السلطات المختصة و بصرف النظر عن موافقة الشخص المراد تفتيشه سواء بالنسبة لشخصه أو المحل المراد تفتيشه.
    وتكمن الغاية في التفتيش في ضبط أدلة الجريمة و أثارها المادية في حيازة المتهم ، خاصة في الجرائم التي تنشأ الجريمة فيها بمجرد الحيازة مثل جرائم المخدرات و حيازة الأسلحة بدون ترخيص ، وإخفاء الأشياء المتعلقة بالجرائم أو الأشياء المسروقة .
    و قد أولت التشريعات الجنائية الوضعية التفتيش أهمية خاصة حيث نظمت قواعد إجرائه وبيان أحكامه، ضمانا لحرية الفرد من تعسف السلطة.
    كما ذهبت بعض الدول إلى النص عليه ضمن القواعد الدستورية ، وهو ما يؤكد أهميته وخطورته في المساس بحرمة الحياة الخاصة للموطنين.
    ومن ثم يجب أن يتم في نطاق القانون، وإلا كان مشوبا بالبطلان وهو بطلان متعلق بالنظام العام. (31)







    31 - دكتور: عبد الحافظ عبد الهادي عابد الإثبات الجنائي بالقرائن ، مرجع سابق صـ267و268.

    المـطلـب الثـانـي: حـجـية القـرائـن القـانونـية:
    الفـرع الأول: الـحجـية فـي القـانـون الجنـائـي:
    لا يختلف الحكم بالنسبة لحجية القرائن في القانون الجنائي عنه في القانون المدني ففي القانون الجنائي تكون القرائن القانونية القاطعة حجة مطلقة و لا يجوز للقاضي مخالفتها في حكمها كما لا تقبل إثبات العكس، و لقد نص قانون العقوبات على بعضها مثل قرينة انعدام التمييز في المجنون و الصغير دون سن السابعة و قرينة العلم بالقانون بعد نشره بالجريدة الرسمية حيث لا يعذر بجهله، و قرينة الانفعال لدى الزوج متى توافر عنصر الاستفزاز وفقا للمادة م 237 عقوبات و نص قانون الإجراءات على بعضها منها اعتبار الحكم البات عنوان للحقيقة و لا يجوز إثبات عكسه، أما القرائن القانونية غير القاطعة فهي التي تقبل إثبات عكسها و منها ما تتضمنه المادة (276 ع) و هو وجود أجنبي في منزل مسلم في المكان المخصص للحريم كقرينة على الزنا فهذه قرينة على الزنا و لكنها قرينة بسيطة يمكن إثبات عكسها فيجوز للأجنبي أن يثبت وجوده لم يكن للزنا و إنما بسبب آخر هذا عن الحجية القرائن القانونية بنوعيها و هي واردة على سبيل الحصر في القانون.
    الفـرع الثـانـي: الـحجـية فـي القـانـون المـدنـي:
    يتضح من خلال نص المادة (100 من قانون الإثبات) و التي تنص على أنه "يترك لتقدير القاضي استنباط كل قرينة لم يقررها القانون و لا يجوز الإثبات بهذه القرائن ، إلا في الأحوال التي يجيز فيها القانون الإثبات بشهادة الشهود فيدل ذلك على أن البينة و القرائن متلازمان فما يجوز إثباته بالأولى يجوز إثباته بالبينة فقد جعل القانون المدني البينة و القرائن القضائية طريقان متعادلان من حيث قوتهما القانونية في الإثبات و بالتالي نستطيع أن نقول أن القرائن القضائية لا تكون حجة في القانون المدني إلا في حالات استثنائية يجوز إثباتها بالبينة و القرائن اللذان هما أضعف من الكتابة فذات القوة مطلقة في الإثبات. (32)


    32-د. خالد عبد العظيم أبو غابة - حجية الشهادة و القرائن بين الشريعة الإسلامية و التشريعات الوضعية" دراسة مقارنة – كلية الشريعة و القانون– دار الكتب القانونية – سنة النشر 2008 ص: 100و101و99

    المـطلـب الثـالـث: حـجـية القـرائـن القضـائـية
    الفـرع الأول: الحـجـية فـي القـانـون الجنـائـي
    إن القرائن القضائية فهي لا تقع تحت حصر و هي قابلة لإثبات عكسها بكل طرق الإثبات، و لقد ثار خلاف حول مدى جواز استناد القاضي للقرائن القضائية للإثبات دون أن يكون معها أدلة أخرى تعززها فذهب البعض إلى القول بأنه لا يجوز للقاضي أن يعتمد في حكمه بالإدانة على القرائن القضائية وحدها بل له أن يستند إليها فقط لتقدير ما لديه من أدلة إثبات أخرى أما اعتماده عليها فقط فإنه يجعل الحكم معيبا.
    و ذهب البعض الآخر إلى القول بأنه لا يجوز الاعتماد على القرينة القضائية الواحدة في الحكم أما إذا تعددت القرائن فيصبح الاستناد إليها في الحكم متى كان الاستنتاج متفقا مع الفعل و المنطق أما اتجاه النقض فقد أجاز للقاضي الاعتماد في إصدار حكم بالإدانة على القرائن وحدها دون حاجة لاستلزام أدلة أخرى مادام أن هذه القرائن متفقة مع العقل و المنطق علما أن هذا الحكم على حجية القرائن في القانون الجنائي عام لا يفرق بين جريمة و أخرى سواء كانت قتل أو سرقة أو غير ذلك فالحكم واحد في الجميع. (33)
    كما أنه يرى القانون الإنجليزي أن القرائن لا يمكن أن تكذب مثلما يكذب الشهود إذ كثيرا ما تكون القرائن في الواقع أصدق من الشهود لأنها حوادث صامتة لا تعرف الكذب.
    و بالرجوع إلى قانون الإجراءات الجنائية الجزائري و تفحص المواد المتعلقة بقواعد الإثبات الجنائي نجد المشرع الجزائري يعتبر القرائن القضائية مثل سائر عناصر الإثبات الأخرى متروكة لحرية القاضي سواء في مسألة اختيارها للاستعانة بها عند الإثبات أو عند تقديرها و ذلك طبقا لمبدأ حرية القاضي في الإثبات عن طريق اقتناعه الشخصي و يستفاد ذلك ضمنيا من خلال نصي المادتين 212 و 213 قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت الأولى على جواز إثبات الجرائم بجميع طرق الإثبات أوكلت المادة الثانية مسالة تقدير جميع عناصر الإثبات لحرية القاضي. (34)

    33- د. خالد عبد العظيم أبو غابة : حجية الشهادة و القرائن بين الشريعة الإسلامية و التشريعات الوضعية مرجع سابق ـ ص: 101و102.
    34- أ.مسعود زبدة: القرائن القضائية مرجع سابق ، ص: 208.
    غير أن المادة الأولى 212 استثنت الحالات المنصوص عليها قانونا و التي يتقيد فيها القاضي بالطرق المحددة قانونا.
    ففي تلك الحالات و التي سبق لنا التعرض إليها في إطار الاستثناءات الواردة في مبدأ حرية القاضي الجزائي في الاقتناع لا يستطيع فيها القاضي الاعتماد على القرائن القضائية.
    ففي حالة جريمة الزنا لا يمكن للقاضي أن يعتمد على وسائل الإثبات المقررة قانونا و هي المحضر في حالة تلبس أو الاعتراف أمام القضاء أو الاعتراف في وسائل أو مستندات كذلك الأمر بالنسبة للحالات التي ينص فيها القانون على قرائن قانونية قاطعة، ففي هذه الحالة فإن القاضي ملزم بالحكم طبقا لتلك القرائن القانونية القاطعة و لا يجوز له الحكم خلافا لها استنادا على أي وسيلة أخرى من وسائل الإثبات سواء كانت القرائن قضائية أو غيرها.
    و كذلك الحالة بالنسبة لبقية الاستثناءات الأخرى فإن القاضي لا يجوز له أن يعتمد فيها إلا على الوسائل المحددة قانونا و ذلك عند التعرض لإثبات مسائل الغير جنائية المتعلقة بالدعوى العمومية، أو في الحالات التي تطرح فيها أمام القاضي بعض المحاضر التي يعطيها القانون حجية خاصة في الإثبات.
    و يمكننا أن نستخلص أن قانون الإجراءات الجزائية يضع القرائن القضائية على قدم المساواة مع بقية وسائل الإثبات الأخرى و يعطيها نفس الأهمية التي يضفيها على سواها من عناصر الإثبات و تتجسد تلك المساواة في ثلاث نواحي:
    1- حرية القاضي في الاستعانة بجميع وسائل الإثبات.
    2- حرية القاضي في تقدير جميع عناصر الإثبات
    3- شمولية حالة الاستثناءات و عدم حصرها على وسائل معينة ، فالقاضي ملزم في الاستثناءات بألا يستعين إلا بالوسائل المحددة قانونا مهما كانت أهمية العناصر الأخرى من الناحية العملية. (35)


    (35)-مسعود زبدة: القرائن القضائية -مرجع سابق- صـ208و209
    الفـرع الثـانـي: الحـجـية فـي القـانـون المـدنـي:
    إن القرينة القضائية حجة متعدية غير ملزمة إذ هي دائما تقبل إثبات العكس إما بالكتابة أو بقرينة مثلها أو بغير ذلك فهي كالقرينة القانونية غير القاطعة هذا بالنسبة لحجية القرائن القضائية أما القانونية فهي حجة ليس في الإثبات و إنما في نقل عبء الإثبات لمن تقرر في مصلحته و بالتالي نستطيع أن نقول أن القرائن القضائية لا تكون حجة في القانون المدني إلا في استثناءات يجوز إثباتها بالبينة و القرائن اللذان هما أضعف من الكتابة فذات القوة مطلقة في الإثبات من أجل ذلك كانت القرينة القضائية كدليل إثبات دون منزلة. (36)














    36- - د. خالد عبد العظيم أبو غابة : حجية الشهادة و القرائن بين الشريعة الإسلامية و التشريعات الوضعية مرجع سابق ـ ص: 100.


    الـخــاتـمــة :

    و في الأخير فإن القضاء هو مصدر القرائن و العنصر المكون لها عن طريق استنتاجها من طرف القضاة الذين يفصلون في القضايا المختلفة التي تطرح أمامهم بناء على الدلائل المختلفة التي يلاحظونها من خلال وقائع تلك القضايا، و قد أبرز الاجتهاد القضائي موقفه من القرائن من خلال القرارات التي أصدرتها محكمة النقض المصرية و الفرنسية و التي أبدت من خلالها أهمية القرائن و بالتالي فإن للقرائن القانونية و القضائية دور كبير في الإثبات و بالتالي اتخاذ القرارات و هي التي تساعد في كشف الحقائق التي عليها غموض و يمكننا أن نلخص أن التطبيق العملي جعل الاجتهاد القضائي يعطي أهمية كبرى للقرائن تفوق الأهمية التي تكتسبها بقية عناصر الإثبات الأخرى و ذلك في مجال الإثبات الجنائي و سبب هذه الأهمية هي الطبيعة الخاصة للقضايا الجزائية.










    قـائـمة المـراجــع
    1-الدكتور. أبو العلا علي أبوالنمر النمر – ا

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 9:30 am