مفهوم الخطأ المرفقي او خطأ المرفق العام
هو الإخلال غير المنفصل ماديا أو معنويا عن ممارسة أعمال الوظيفة ، ويكون الإخلال غير منقطع الاتصال ( منفصل)ماديا أو معنويا إذا ارتكب الموظف خطئا بحسن نية ولم يكن جسيما . بعبارة أخرى ؛ الخطأ المرفقي هو خطأ أو فعل غير متعمد يرتكبه الموظف أثناء قيامه بواجباته الوظيفية ويعبر الخطأ عن موظف عرضة للخطأ والصواب ، وبمعنى آخر؛ هو الخطأ الذي لا تتوافر فيه مكونات أو مقومات الخطأ الشخصي ، ومهما يكن من أمر هذا الخطأ فإن أمره موكول في النهاية إلى القاضي ( القضاء) وهو الذي يقرر في كل حالة على حده ما إذا كنا بصدد خطأ شخصي أو خطأ مرفقي.
هذا الإخلال الذي يتكون منه الخطأ المرفقي قد يكون ممكنا تحديد شخص مرتكبه من بين العاملين بالإدارة سواء كان موظفا معينا أو عدد من الموظفين تحديدا. وقد لايكون من الممكن تحديد شخص مرتكب الخطأ المرفقي وهو مايعرف بالأخطاء الوظيفية المجهولة ، ويطلق عليها أيضا خطأ المرفق العام (Faute de service public) وذلك على أساس انه في هذه الحالة ينسب الخطأ إلى المرفق ذاته، غير انه في تقدير بعض الفقه أن هذه التسمية غير سليمة لأن المرفق أو جهة الإدارة لا يمكن أن يرتكب خطأ بذاته وإنما من خلال الأشخاص الطبيعيين الذين يتم النشاط من خلالهم، لن الخطأ دائما يكون مصدره أحد العاملين بالإدارة سواء أمكن نسبته ألى موظف معين أو لم يكون ذلك ممكنا.ويضيف هذا الفقه أيضا؛ أنه لا فائدة من إفراد الصورة السابقة بمصطلح خاص، حيث لايترتب على هذه التفرقة ثمة أثر أمام القضاء .حتى أن القضاء يستخدم الاصطلاحين ( الخطا المرفقي أو خطأ المرفق العام ) كمترادفين ويطبق القضاء لهذا على الفرضين نظاما واحدا للمسئولية يقوم على نسبة الخطأ إلى الادارة وحدها في جميع الأحوال ، كما لايأخذ القضاء بشخصية مرتكب الخطأ في الإعتبار ، وبذا لا داعي لأن نفرد تعبيرا خاصا نميز به كلا من هذين النوعين من الأخطاء إكتفاء بمصطلح الخطأ المرفقي عليهما معا.فالقاضي في حالة الخطا المرفقي يقوم بدراسة الإخلال أو الخطأ الذي حدث والذي ستكون الدولة مسئولة مباشرة ؛ بالتعويض عنه دون الموظف الذي تغفل شخصيته ولا يؤخذ في الاهتمام حتى لو كان معينا بذاته، كما أنه إتساقا مع هذا النظر ، لايطالب المضرور - في حالة إثارة مسئولية الدولة- بأن يثبت أن الخطأ قد وقع من موظف معين . وإنما عليه المضرور - فقط- إثبات الخطأ أو صورة الإخلال التي أضرت به،كل ما على المضرور إثباته هو أن المرفق كان عليه أن يلتزم بأن يسير بشكل معين وان هناك إخلالا بهذا الإلتزام قد حدث ترتب عليه ضرر.
إخلال الادارة وفق مفهوم الخطا المرفقي لا يقتصر فقط علىالإخلال بالإلتزامات التي يقررها القانون أو المرفق نفسه ، إنما يشمل الإخلال بالإلتزامات غير المكتوبة الناشئة عن العرف ومتطلبات الحياة في المجتمع التي يستخلصها القضاء من بحث كل حالة على استقلال ، والتي تعد قانونا للمرفق ويكون الوفاء بها من صميم أهدافه ومن أسباب وجوده.
صور الخطأ المرفقي:
تتعدد وتتنوع صور الإخلال بإلتزامات الإدارة والتي تشكل خطئا مرفقيا لدرجة يصعب معها حصر صوره أو التعرف عليها كافة ، هذا مع وجود إتجاه في القضاء بالتوسع في هذه الصور بهدف حماية الأفراد والموظفين معا،ولهذا جرى الفقه في القانون الإداري على حصر بحث صور الخطا المرفقي في ثلاث طوائف ؛ هذه الصور الثلاث كما أعتبر البعض تمثل التطور التاريخي لقضاء مجلس الدولة في هذا الصدد وهي:-
•سوء أداء المرفق للخدمة المطلوبة.Le service a mal fonctionne
•عدم أداء المرفق للخدمة المطلوبة.Le service n'a pas fonctionne
•تباطؤ أو تأخر المرفق في أداء الخدمة المطلوبة.Le service a fonctionne tardivement
سوء أداء المرفق للخدمة
قرر مجلس الدولة الفرنسي مسئولية الدولة عنها بالتعويض ، فالدولة تسأل عنها بجبر الضرر إذا قامت الإدارة بأداء الخدمة المطلوبة ولكن على وجه سيء مما تسبب عن ضرر للأفراد.
ويدخل تحت هذه الطائفة جميع الأعمال الإيجابية التي تؤدي بها الإدارة خدماته ،و المنطوية على خطأ تسبب في الإضرار بالغير سواء كانت أعمالا مادية او تصرفات قانونية. والأمثلة على ذلك لا تعد و لا تحصى في قضاء مجلس الدولة الفرنسي:
مسئولية الدولة بالتعويض عن الخطأ المرفقي المتمثل في أعمال مادية•فقد قضى مجلس الدولة بالتعويض عن جرح احد الأفراد داخل منزله برصاصة أحد الجنود الذي كان يطارد ثورا هائجا في الطرق العام.
•وقضى بالتعويض عن إصابة أحد المارة نتيجة إصطدام أحد الجنود به أثناء عدوه في الطريق العام مطاردا أحد المجرمين.
•وقضى بالتعويض عن فقأ عين طفل بسبب تحرك المدرسة( المعلمة) في الفصل حركة مفاجئة وهي ممسكة بقلم في يدها فانغرس في عينيه
•وقضى بالتعويض عن إعتقال مواطن أعتقل لفترة دامت عدة أشهر بدون إستصدار أي قرار بذلك .
•وقضي بالتعويض عن الحوادث التي تقع أثناء التدريبات العسكرية
{1} والحكم يتعلق بالمسئولية عن حبس جندي أجنبي يعمل في الجيش الفرنسي أثناء الحرب حيث أشار الحكم إلى ضرورة أن يؤخذ في الإعتبار من تقرير مسئولية الدولة طبيعة المصالح التي يقوم عليها المرفق والصعوبات الخاصة التي تلازمه والظروف الاستثنائية التي يعمل فيها ، ومن ذلك الإجراءات التي يتولاها أثناء زمن الحرب لصالح الدولة وخاصة في مواجهة الأجانب .
مسئولية الدولة بالتعويض عن الخطا المرفقي المتمثل في تصرفات قانونية
•فقد قرر مجلس الدولة الفرنسي مسئولية الدولة بالتعويض عن القرارات غير المشروعة بفصل الموظفين
•وقرر بالتعويض عن سحب ترخيص إشغال طريق دون وجه حق.
•وقرر بالتعويض عن قرار خاطيء بهدم كشك مقام على مال عام بطريق التنفيذ الجبري دون وجود خطر داهم أو توافر حالة الاستعجال
•وقرر بالتعويض عن قرار مخالف للقانون صادر من محافظ بمنع طيب من مزاولة المهنة في إقليم معين .
•وقرر بالتعويض عن إعطاء بيانات رسمية خاطئة لبعض المواطنين أصيبوا بأضرار نتيجة لتصرفهم على ضوء هذه البيانات.
عدم أداء المرفق للخدمة المطلوبة
في هذه الحالة تسأل الدولة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن إمتناع الإدارة عن إتخاذموقف أو القيام بخدمة يرى القضاء أنها ملزمة باتخاذه أو بأدائها ، فالخطأ هنا لايتمثل في عمل إيجابي أدته الإدارة وإنما في موقف سلبي بالإمتناع عن القيام بعمل ما يجب عليها القيام به. وتمثل هذه الصورة مرحلة في تطور نظام مسئولية الدولة بالتعويض عن الضرار الناجمة عن الأخطاء المرفقية ، إذ لم يعد الخطأ المرفقي مقصورا على حالة سوء أداء المرفق للخدمة المطلوبة بل إتسع ليشمل حالة عدم أداء المرفق للخدمة المطلوبة منه .
بالتالي فإن سلطات الإدارة لم تعد إمتيازا للإدارة تمارسه كما يحلو لها ومتى أرادت وإنما أصبحت الفكرة السائدة هي ان هذه السلطات أصبحت واجبا على الموظف يجب ان يؤديه بكل أمانة مع الحرص على المصلحة العامة ومنها الإختصاصات المقيدة للإدارة وكذلك الإختصاصات التقديرية.
وبالرجوع إلى أحكام مجلس الدولة الفرنسي: نجد ان هناك تطبيقات قضائية كثيرة
تباطوء المرفق في أداء الخدمة المطلوبة
وتعد هذه الصورة أحدث الصور التي أقر فيها القضاء مسئولية الدولة بالتعويض عن الخطأ المرفقي ، كما أنها تعد خطوة أكثر للأمام لمصلحة الأفراد ، ذلك ان الدولة لاتسأل عن الأضرار الناجمة عن سوء أداء الخدمة أو الإمتناع عن أدائها وإنما عن الأضرار الناجمة عن البطء أو التأخير في أداء الخدمة أكثر من اللازم .
وهذه الصورة لا يقصد منها ان القانون قد حدد للادارة ميعادا معينا يجب عليها ان تؤدي الخدمة خلاله وام تقم الإدارة بالعمل خلال هذاالميعاد ، ذلك انه يدخل في نطاق الصورة الثانية من صور الخطأ المرفقي لأن مجرد مرور المدة المحددة قانونا دن قيام الادارة بأداء الخدمة يعد من جانبها إمتناعا عن أدائها ، وإنما المقصود أن لاتكون الإدارة مقيدة بمدة معينة ومع ذلك تتأخر أكثر من المعقول بدون مبرر في أداء الخدمة ، فمن المعروف أن إختيار وقت تدخل الادارة او أداء الخدمة ، في خارج الحالات التي يحدد فيها المشرع للإدارة ميعادا معينا لأدائها ، يعد من أوضح عناصر السلطة التقديرية للإدارة ، فلا يمكن كقاعدة - ان يستمد منه سببا للالغاء ، إلا انه بالرغم من ذلك وحرصا من مجلس الدولة على حماية حقوق الأفراد إتجه المجلس إلى إخضاع هذا الجانب لرقابته في مجال فضاء التعويض وقرر مسئولية الدولة إذا ما أبطأت الإدارة في أداء الخدمة أكثر من اللازم دون مبرر.
معنى ذلك ان مجلس الدولة استباح لنفسه في قضاء التعويض ما لايملكه في قضاء الإلغاء ؛ فإذا كان في قضاء الإلغاء يحتفظ للإدارة بمجال السلطة التقديرية كاملا ؛ فيترك لها ان تقدر ما إذا كانت تتدخل لمواجهة حالة معينة أو تمتنع وان تختار وقت تدخلها و وسيلة مواجهة الحالة إذا لم يفرض عليها القانون شيئا في هذا الخصوص ، فإنه في قضاء التعويض قد أخضع كل هذه العناصر لرقابته ، فحاسب الإدارة عن إمتناعها عن التدخل وحكم بمسئوليتها إذا تدخلت بعد فوات الأوان أو في وقت غير مناسب .
كيف يقدّر القضاء المسئولية في الخطأ المرفقي( تقدير القاضي للمسئولية)
عرفنا من صور الخطأ المرفقي ان هذا الخطأ قد يتمثل في موقف إيجابي أو في موقف سلبي ، بل مجرد التباطوء أو التأخير في أداء الخدمة يشكل خطئا مرفقيا .
ولكن السؤال عن مدى كفاية وقوع خطأ أيا كانت درجته لتقرير مسئولية الدولة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عنه ؟
في الواقع أن القضاء يستلزم درجة معينة في الخطأ الموجب للمسئولية ، فليس كل خطأ يرتب عليه القضاء مسئولية الدولة بالتعويض وإنما يستلزم ان يكون هذا الخطأ على درجة معينة من الجسامة d'une certaine gravite وذلك بعكس الحال في مجال المسئولية المدنية للافراد حيث يتم قياس الخطأ وفقا لمعيار مجرد وهو معيار الرجل المعتاد إذا وجد في نفس الظروف الخارجية التي وجد فيها مرتكب الفعل الضار .كما أن القضاء في تقديره للخطأ المولد لمسئولية الدولة لا يتقيد بقاعدة مجردة مسبقة يقوم بقياس الخطأ عليها ، وإنما يقدر الخطأ في كل حالة على حدة واضعا في اعتباره وخاصة في حالة الاعمال المادية مختلف الظروف والعوامل المحيطة.
العلاقة بين الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي
•عدم الجمع بينهما
•تطور قضاء مجلس الدولة الفرنسي:
oالجمع بين مسئولية الموظف ومسئولية الدولة في حالة تعدد الاخطاء.( حالة مساهمة خطأ شخصي وخطأ مرفقي في إحداث الضرر).
الجمع بين المسئوليتين في حالة الخطأ الواحد ( مسئولية الدولة عن الخطأ الشخصي).
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma