الجنون
تعريفه: تعددت الآراء في مدلوله واقعيا، و حسب الأرجح منها، فإن المقصود به هو الإضطراب في القوى العقلية، و الذي يؤدي الى إختلاف المصابين به في تصرفاتهم و تقديراتهم للأفعال عن العقلاء، "أو عدم قدرة المرء على التوفيق بين أفكاره و شعوره و بين ما يحيط به لأسباب عقلية. و لقد نص المشرع الجزائري في المادة 47 عقوبات " لا عقوبة على من كان في حالة جنون وقت إرتكاب الجريمة". و الملاحظة في نص المشرع الجزائري أنه لم يعرف الجنون كما لم يشر الى العاهات الأخرى التي تصيب المدارك العقلية.
فرغم وضع المشرع لفظ الجنون، فهو لم يحدد معناه و ترك ذلك للقانونيين و الأطباء النفسانيين و خاصة رأي قاضي الموضوع، إذ له الحرية الكاملة بعد إستشارة الخبراء المختصين في تقريره جنون المتهم لا مسؤول أو عدمه مسؤول، لأن القانون لا يتناقض مع العلم و إن كان في بعض الحالات لا يحكمه. و حسب رأي الأطباء فإن الجنون ليست له ضوابط ثابتة بل يختلف من شخص لآخر، و من مكان لغيره، و من فصل لآخر، و أخرون ذهبوا الى أبعد من ذلك حيث يرون الخلاف فيه من عصر لآخر، و من حضارة لأخرى، و هذا يعد توسعا في مفهوم الجنون، و يرى القانونيون بإعتباره يهدم الردع و الإصلاح بجانب المجانين، و على هذا أجمعوا أن الجنون المعتبر مانعا للمسؤولية الجنائية يجب أن يتوافر فيه شرطان:
ـ فقدان الوعي: و هذا شرط أساسي لقيام المسؤولية الجنائية، إذ توجد بوجوده و تنعدم بإنعدامه، و ألا يكون للمتهم دخل في تغييب وعيه، بأن يذهب الوعي عرضيا، و ليس في مقدرة الشخص، و إلا إعتبر حيلة للمساس بالأشخاص أو الأموال، مما يشدد القانون العقوبة فيه على مرتكبه دون حق، و يجب أن يتم فقدان الوعي كليا، أما إذا كان متقطعا بحيث تأتي للفرد فترات راحة فإنه يسأل عن أفعاله في حالات إفاقته.
ـ وقوع الجنون أثناء إرتكاب الجريمة أو قبلها: إذا ثبت إختلال التوازن العقلي للشخص مما يفقد التمتع بالتمييز و الإختيار وقت إرتكاب الجرم قضى عليه بالبراءة طبقا للمادة 47 من ق.ع.ج، أما إذا طرأ الجنون على المتهم بعد نفاذ الجريمة، فإن المسؤولية الجنائية لا تنتفي، لكن تتوقف إجراءات التحقيق أو المحاكمة ، و تؤجل الى حين يتسنى له الدفاع عن نفسه طبقا لما قضت به المواد:21 و 20 و 19 من ق.ع.ج.
و إذا ثبت جنون الشخص بعده، سواء إرتكب الجريمة أم لم يرتكبها، فإنه يجب وضعه في مؤسسة نفسية لتوقي خطره المتمثل في جنونه حتى لا يضر بالعقلاء، و عليه يوضع في:
ـ الحجز القضائي في مؤسسة إذا إرتكب الجريمة.
ـ الوضع القضائي في مؤسسة علاجية.
ـ المنع من ممارسته مهنة أو نشاط فني.
ملحقات الجنون: يلحق بالمجنون و يأخذ حكمه قضائيا، بعض صور العاهات العقلية التي تعدم الإدراك و تعدم المسؤولية الجنائية التي تكون تابعة لها:
ـ العته: حالة مرضية توقف النمو العقلي بحيث يتصرف المصاب به وكأنه في عهد الطفولة الأولى، و الأبله يأخذ حكم المعتوه.
ـ الصرع: نوبات تعتري المرء المريض به، في فترات تجعله يفقد فيها رشده، فيثور من غير وعي نحو إتيان أفعاله الإجرامية.
ـ التنويم المغناطيسي: يصبح النائم خاضعا لإرادة المنوم و كأنه آلة صماء ينفذ ما أدلي إليه من طرف المنوم.
ـ السكر: قانونا: إن السكر، هو سبب من أسباب تشديد العقوبة، بإعتباره من الأشياء المسهلة لتنفيذ الجرم. هذا ما نصت عليه المادة 290 من ق.ع.ج، لكن الفقهاء يميزون بين السكر الإختياري و الإضطراري.
فالسكر الإختياري: أن يتناول الشخص المادة المسكرة أو أي شيء يوقعه في غيبوبة بشرط أن تكون لإرادة المتهم دخل في ذلك، سواء كان ذلك عن عمد أو خطأ. فالعمد كان يتناول الشخص مادة يعلم أنها مسكرة و بإختياره قاصدا من وراء ذلك تنفيذ خطة إجرامية، فهنا المسؤولية كاملة بظرف التشديد، أما الغير عمدية أو الخطأ، كان يتناول الشخص مادة مسكرة بإختياره دون أن يكون قاصدا إرتكاب الجريمة و لكن بمفعول تلك المادة إرتكب الجرم، فالمسؤولية قائمة على أساس الإهمال (الخطأ).
أما السكر الإضطراري: المعفي من تحمل المسؤولية الجنائية، فهو تناول الشخص المادة المسكرة عن غير علم ، بمعنى أن لا يكون لإرادة المتهم دخل في إحداث حالة السكر سواءا عمدا أو خطأ، كان يقدم له الغير قدحا فيرتشف ما به عن حسن نية ، فتحدث له غيبوبة فيندفع لإرتكاب الجريمة، فلا مسؤولية عليه.
معاملة المجانين:
المعاملة:
ـ الإدارية: يحرر تقرير عن الوقائع الغير المجرمة (التجول في الشارع، الهذيان ..الخ) مع الظروف الشخصية للمجنون، مضافا اليه تسخير موجه لرئيس الشرطة الإدارية الوالي أو نائبه في مجال حفظ النظام العام، رئيس الدائرة أو رئيس البلدية، ثم يوضع المجنون في غرفة الحجز التحفظي، أو يبعث الى مكان مخصص لذلك (المتشردين أو العجزة).
التقرير يساوي إجراءات وقائية حتى إيجاد حل إجتماعي للتحكم في الخطورة الإجتماعية بوضع المجنون بمؤسسة علاجية.
ـ القضائية: زيادة على الملف الإداري يكتب محضر عن الوقائع و الظروف الشخصية للمجنون (عندما يرتكب فعل مجرم) مع التكييف الجزائي لطبيعة الجريمة، و يرسل الى نيابة الجمهورية التي تتخذ أحد الإجرائين: إما طلب إجراء خبرة طبية أو إحالة الملف الى قاضي التحقيق لإتخاذ إجراءات قضائية للمتابعة الجزائية.
التكفل : المجنون غالبا ما يشكل خطرا على نفسه و على غيره، و قد وضع المشرع الجزائري عدة إجراءات و تنظيمات للتكفل بهاته الفئة من المرضى:
*ـ إجراءات عادية: كانت تقوم بها مصالح الأمن بتسخير مصالح الحماية المدنية و مصالح البلدية و المصالح الصحية، غير أن التنظيمات الأخيرة كلفت مصالح البلدية و مصالح الصحة بالتكفل مباشرة بهاته الفئة من المرضى.
*ـ مصالح البلدية في الحالات العادية: تأخد المجنون إذا شكل خطرا معينا على نفسه أو غيره، وتقوده للفحص عند طبيب مختص بالمصالح الصحية، هذا الأخير يقرر إما تركه بعد معالجته مباشرة أو وضعه في عيادة أو مستشفى مختص لفترة قليلة و تتكفل بهذا الإجراء المصالح الصحية و كذلك بالنسبة لنقله.
*ـ الطريقة نفسها يمكن أن تتخذ إذا تدخلت مصالح الأمن بمعية مصالح البلدية، قصد التكفل بمجنون يشكل خطرا مباشرا على الأمن العمومي.
إجراءات أخرى ذكرها قانون الصحة:
ـ الوضع في مصلحة صحية مختصة بطلب من الوالي و يتطلب تكوين ملف يحتوي على عدة وثائق من بينها الطلب و الفحص، و القرار الطبي. هذا الطلب يرسل الى الوالي عن طريق رئيس البلدية مثلا الذي يقرر وضع المريض بقرار ولائي يحدد فيه المدة المرضية.
ـ الوضع الإجباري: هذا الوضع يتم بطلب من مصالح الأمن أو مصالح أخرى (بلدية أو غيرها). حيث يتم عرض الخطر الذي يشكله المريض على نفسه أو على غيره، و يكون ملف إداري و يرسل الى الوالي الذي يقرر وضع المعني بالأمر في مؤسسة صحية بصفة جبرية.
و الإجراء نفسه يمكن أن يتم كذلك بتقرير يرسل الى النائب العام، مرفوقا بالوثائق اللازمة (الصحية أو غيرها)، و خاصة تلك التي تتعلق بالخطر و الضرر الذي ألحقه المجنون بغيره، سواء كان ضررا جسديا أو ضررا معنويا.
ـ و بما أن المجنون يستفيد من موانع المسؤولية الجنائية فإن النائب العام يتخذ بشأنه إجراء الوضع الإجباري في مؤسسة صحية الى غاية تهدئته أو شفاءه.
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma