من طرف Admin الأحد أغسطس 11, 2013 4:56 pm
تنمية قدرات الطالب في وضع و تحديد تصور شامل لبحثه ثمّ القيام بتنفيذ هذه الخطة مرحلة بمرحلة .
المبحث الثاني : المشكل المنهجي في البحث .
إنّ الإنطلاق في البحث أو أي عمل آخر بتعريض دائما لنفسر المشكل أي أنّ موضوع البحث يظل غامضا بحيث ندرك ماذا نريد أن نبحث فيه و لا نعلم كيف نبدأ البحث .
إننا نأمل أن نعمل كيف نبدأ البحث إننا نأمل أن العمل يكون مفيدا و ينتهي بتقديم إقتراحات ملموسة مع الشعور في نفس الوقت بالياس أو الخيبة قبل البداية فيه . وهكذا عموما تنطلق جل الأعمال الطلبة و حتى الباحثين في مجال العلوم الإجتماعية ، ومع ذلك لا يجب أن تقلقنا هذه الفوضى البدائية ، بالعكس فإنها تدل على أن الفكر السليم لا يتقبل أن يتغدى بالبديهيات و الأحكام المسبقة من أجل ذلك يجب أن نتفادى الوقوع فيما يسمى بالروب إلى الأمام و الذي يأخذ إشكالا عديدة و من بينها الأشكال التالية :
ـ الشغف الشديد لقراءة الكتب و المراجع .
ـ عدم الإهتمام بوضع الفرضيات .
ـ اللجوء إلى إستعمال المصطلحات المعقدة و المضللة .
و هذا ما سنوضحه كمايلي :
1 ـ فيما يخص الشغف الشديد لقراءة الكتب :
إنّ هذه الصيغة من صيغ الهروب إلى الأمام تمثل في عملية حشو الدماغ أو الذاكرة بمعلومات و معطيات عديدة مع أمل الوصول أو العثور على الفكرة أمل الوصول أو العثور على الفكرة نيرة التي تسمح لنا بتحديد موضوع البحث الذي نحن بصدد البحث فيه و إنّ هذا المقف يؤدي لا محالة إلى اليأس لأنّ كثرة المعلومات الغير المرتبة تضلل التفكير و لهذا يجب علينا أن نعود قليلا إلى الوراء و نركز على عملية التفكير الصحيح و الجاد في القضية ، بدل الحشو المفرط للذاكرة و إنّ القيام بالقراءة المتأنية للنصوص قليلة و مختارة بعناية أكثر فائدة وتجنب الباحث في الوقوع في هذا النوع من صيغ الهروب إلى الأمام بحيث أنّ أغلبية الطلبة أو الباحثين يتخلوا عن أبحاثهم بسبب عدم إنطلاقهم الحسن و تجدر بنا الإشارة هنا أن نؤكد بأنّ قانون بذل أقل جهد ممكن قاعدة أساسية حتى في مجال البحث العلمي و هو ( هذا القانون يفرض تتبع أقصر سبيل ممكن للوصول إلى أحسن نتيجة ، وهذا يلزمنا أن لا نقوم بعمل مهم بدون أن نفكر أو نحدد بدقة ما نحن بصدد البحث عنه و الطريقة التي يجب إتباعها .
و في الخلاصة أن على الطالب أن يتنجب عملية الحشو التي تعيق العمل الحسن للفكر مع ترتيب المعلومات حتى يعمل هذا الأخير بطريقة منظمة و مبدعة ، و الغاية من هذا أن لا ينشغل الطالب بتكديس المعلومات بل أن يلقي كل إهتمامه على تحديد التصور الشامل لعمله .
2 ـ عدم الإهتمام بوضع الفرضيات :
إنّ عدم الإهتمام بوضع أو تحديد الفرضية أو الفرضيات ( أي كإجابة مؤقتة للسؤال ) يمثل السبب الرئيسي في فشل البحث بدون أن نعلم ماذا نحن بصدد البحث فيه و طبيعة المعلومات التي نريد جمعها .
و هذا يفرض علينا أن نهتم بتحديد مشروع البحث بدقة .
3ـ إستعمال المصطلحات المعقدة و المضللة :
إنّ الباحثين المبتدئين يتميزون بهذا الميل أو الظاهرة كونهم مندهشين أو متأثرين بمركزهم كجامعيين جدد و ما يعتقدونه فيما تخص مفهوم البحث العلمي و هذا لإخفاء ضعفهم ، الشيء الذي يفسر لجوئهم لإستعمال العبارات المعقدة و غير المفهومة ، عاملين بالفكرة بأنذ كل ما هو معقد فهو علم .
و هناك خاصيتان تميز مشاريعهم أي طموح كبير و غموض تام ، فهم يختارون مواضيع ضخمة صعبة المنال . وإنّ هذه المشاريع تقدم في شكل خطاب غامض و رنان يدل على عدم وجود مشروع بحث واضح و مفيد أسلوب البساطة و المطلوب من هؤولاء الباحثين إعتماد الوضوح مع تعريف ككل العبارات المستعملة و شرح كل الجمل التي تعبر عن مشروع بحثهم .
و إنّ الوعي بهذه المشكلة يسمح للباحث أن يدرك بأنّ البحث ليس إلاّ محاولة للكشف عن الحقيقة ، ليس كحقيقة بمعناها المطلق و إنما كحقيقة نسبية قابلة للتعميق مع مداومة التساؤل فيها.
و بعد تقديم هذه الصيغ للهروب إلى الأمام سنحاول أن نتعرض إلى كيفية الإنطلاق الحسن لكل بحث و المراحل التي يجب إتباعها .
الفصل 2 ـ مراحل إعداد البحث العلمي .
إنّ مشكل المعرفة العلمية يطرح نفسه بنفس الكيفية بالنسبة للظواهر الإجتماعية أو الطبيعية في كلتا الحالتين الفرضيات .
تتحقق من خلال المعطيات الناتجة عن الملاحظة أو التجربة إذن يجب على كل بحث ( باحث ) أن يتمثل إلى بعض المبادىء المشتركة ، و أنّ تقديم تسلسل المسعى العلمي يقوم على إحترام مبادىء أساسية و هي القطيعة و البناء ، و التحقيق تتمثل في و بهذا المفهوم أن المسعى العلمي طريقة للتقدم نحو هدف و أنّ عرض المسعى العلمي يتمثل في وصف المبادىء الأساسية الواجب إستعمالها في أي عمل علمي ، و في هذا الإطار يجب أن نؤكد على أن المناهج الخاصة لا تمثل إلاّ وسائل أو طرق جزئية في خدمة المسعى العلمي في تصوره الشامل و يجب أن تتلاءم هذه التقنيات الخاصة مع مجالات البحث ، و أنّ هذه الملاءمة لا تمنع الباحث أن يظل وفيا للمبادىء الأساسية للمسعى العلمي .
و إذ نركزهنا بصفة خاصة على المسعى و ليس على المناهج الخاصة فهذا يعود إلى إعتقادنا بأنه يمكن لنا أن ننتهج هذه الطريقةللقيام بأي بحث علمي ، و بهذا الصدد يجب أن نتساءل عن ماهية المبادىء العامة التي يجب مراعاتها في أي بحث .
إنّ الفيلسوف الفرنسي جاستون باشلار قد عرف البحث العلمي بصفة وجيزة جدّا كمايلي " إنّ الواقع العلمي منتزع و مبني و محقق " أي منتزع من الأحكام المسبقة ، ومبني على الفكر أو العقل ، و محقق في الواقع و هكذا يظهر المسعى العلمي كأنه مسار قائم على ثلاثة أعمال معرفية متسلسلة و المتمثلة في القطيعة و البنية و التحقيق .
المطلب 3 : الأعمال الثلاثة للمسعى العلمي :
لفهم التماثل الموجود بين مراحل البحث و الأعمال المعرفية الثلاثة ، يجب علينا أن نفسر المبادىء المتضمنة في هذه الأعمال الثلاثة و المنطق الذي يربط بينهما .
ـ مبدأ القطيعة : تجدر الإشارة بنا هنا إلى أنّ المعارف التي نحملها مفخخة لأنّ أفكارنا مشحونة بالمظاهر التلقائية و الأحكام المسبقة مع الميل إلى تفضيل بعض التصورات على التصورات الأخرى و إذا إعتقدنا بأنه يمكن لنا أن نبني على الرمل أي على أفكار غير مؤكدة فهذا خطأ ، و لهذا نفهم ضرورة إدخال القطيعة مع هذا النوع من المعلومات ، وهذه الأخيرة تفرض علينا التخلي عن الأحكام المسبقة و البديهات الخاطئة و التي تعيق معرفة الحقيقة و إنّ القطيعة تعتبر كاول عمل مؤسس للمسعى العلمي أ, المعرفة العلمية .
مبدأ البنية : لا يمكن لنا أن نقوم بإدخال القطيعة إلاّ من خلال تصور نظري مسبق الذي يعبر عن المنطق الذي يعتقد الباحث بأنه هو الذي يتحكم في الظاهرة . وبفضل هذه البنية الذهنية فيمكن للباحث أن يحدد الإجراءات التي يجب القيام بها و النتائج التي يتوقع الوصول إليها من خلال الملاحظة لأنّ بدون البنية النظرية لا يمكن أن يكون التحقيق ممكنا.
مبدأ التحقيق :
إنّ كل إقتراح لا يمكن له أن يتميز بالصفة العلمية إلاّ إذا كان قابل للتحقيق و إنّ هذا المبدأ يتطلب المواجهة مع الواقع و هذه تتمثل بالتجربة أو التحقيق .
المراحل السبعة للمسعى العلمي :
إنه لا يمكن الفصل بين الأعمال الثلاثة للمسعى العلمي فهي متتالية و تفرض بعضها البعض ، فالقطيعة مثلا لا تحقق فقط في بداية البحث بل تكتمل في البنية و أن هذه الأخيرة لا يمكن أن تكون هي الأخرى إلاّ بعد القيام بتنفيذ المراحل الخاصة بالقطيعة بينما التحقيق لا يمكن إلاّ بنجاعة البنية .
و إنّ هذه الأعمال الثلاثة للمسعى العلمي تتجسد من خلال تسلسل إجراءات مختلفة طيلة إنجاز البحث و المتمثلة في سبع مراحل و بالرغم من أنّ المخطط التالي يفصل هذه المراحل ، و لكن في الواقع فهي مترابطة و متداخلة و تفرض بعضها البعض .
المرحلة 1 : تحديد القضية القطيعة
المرحلة 2 : الإستكثاف
الإشكالية 3 : المرحلة
المرحلة 4 : البنية النظرية المرجعية البنية
المرحلة 5 : الملاحظة التحقيق
المرحلة 6 : تحليل المعطيات
المرحلة 7 : تقديم النتائج
المبحث الأول : مرحلة إختيار الموضوع
إنّ المشكل الأول الذي يعيشه الباحث يتمثل بكل بساطة في معرفة الكيفية الحسنة لإنطلاق عمله لأنه ليس من السهل أن يتوصل المرء تلقائيا إلى ترجمة ما هو إهتمام أو إنشغال غامض بقضية ما أو موضوع ما في شكل مشروع بحث عملي دقيق ، و الخشية من الإنطلاق السيء تجعل أن الباحث يظل يدور في حلقة مفرغة أو يلجأ إلى صيغة من صيغ الهروب إلى الأمام التي تحدثنا عنها سابقا ، أو التخلي نهائيا عن مشروعه .
و سنحاول طيلة هذه المرحلة أن نعرف الطالب بأنّ هناك حل آخر للخروج من هذه المشكلة .
إنّ الصعوبة في الإنطلاق ناتجة في غالب الأحيان من الشغف الشديد و التسرع بالإلمام بكل جوانب الموضوع و تقديمه في شكل مشروع بحث مرضي .
و هنا يمكن أن نذكر بأنّ البحث هو شيء يبحث فيه و يبحث عن نفسه فهو صيرورة نحو معرفة أحسن أو أكمل و يجب أن يقبل هكذا مع كل ما يتضمن من تردد و شكوك و عدم التأكد.
و هناك من يعيش هذا الواقع في شكل قلق مشل ، وهناك من يعتبره كظاهرة عادية و محفزة ، و لذا يجب على الباحث أن يختار بسرعة أولي يكون قدر المستطاع واضحا حتى ينطلق العمل بدون خيط هادىء أو دال تردد في وضع أو إختيار الخيط الدال الأولي حتى و لو بدى له بأنه بسيط أو ناتج عن تفكير غير كاف و حتى لو يغير الإتجاه طيلة البحث أو الطريق و المهم أن يعتبر هذا الإنطلاق ما هو إلاّ مؤقت يمكن أن يصحح أو يعمق حتى الوصول إلى النتيجة النهائية .
و السؤال القائم يكمن فيما يتمثل هذا الخيط الهادىء ، وما هي المعايير التي يجب الإمتثال لها حتى يؤدي الوظيفة المنتظرة منه ، فهو يأتي في شكل مشروع سؤال إنطلاقي الذي يجب أن يراعي بعض الشروط .
المطلب الثاني : مشروع سؤال الإنطلاق
إنّ أفضل طريقة لمعالجة موضوع ما تتمثل في صيغته التالية و التي أعطت ثمارها مع التجربة ، والتي تفرض على الباحث أن يحاول أن يعبر عن مشروع بحثه في شكل سؤال إنطلاقي ، و الذي يحاول من خلاله أن يحدد بأكثر دقة ممكنة فيما يبحث فيه ، أو كاف ، أن يوضحه أو يستوعبه و لكي تؤدي هذه العملية وظيفتها بأحسن صورة فهي تستوجب مراعاة بعض القواعد أو المعايير التي سنحددها شيئا . و لفهم الطبيعة و مداها الحقيقي لهذه العملية يجب أن نشير هنا أنّ أشهر المؤلفين أو الباحثين لا يترددون في التعبير عن مشاريعهم في شكل أسئلة بسيطة وواضحة حتى لو كانت هذه الأخيرة مبنية على تفكير نظري عميق .
و المثال على ذلك السؤال التالي " ما الذي يجعل بعض الناس يترددون في زياراتهم للمتاحف عكس الأغلبية التي لا تفعل ذلك ؟ " .
1ـ صفات السؤال الحسن:
إنّ تقديم مشروع بحث في شكل سؤال الإنطلاق لا يمكن أن يكون مفيدا إلاّ إذا كان هنا السؤال مصاغ بطريقة حسنة ، و هذا ليس بالأمر السهل ، لأنه يجب أن يراعي هذا السؤال بعض الشروط التي سنوضحها من خلال تقديم بعض الأمثلة مع الذكر بأنّ الهدف الأساسي للسؤال هوانه يرغم الباحث لكي يوضح نواياه و حدود و آفاق بحثه و بهذا المعنى تتضح لنا الفكرة التي ترى بانّ وضع السؤال يمثل الأداة الأولى لإدخال ما يسمى بالقطيعة مع الأحكام المسبقة و الإعتقادات الشائعة و غير المؤكدة و يمكن أن نحصر الصفات المنتظرة من السؤال في ثلاثة عبارات
هي : الوضوح ، الواقعية ، النجاعة .1 ـ صفات الوضوح :
تمثل صفة الوضوح في التحديد و الدقة ، و أن لا يكون مبهما و أن يكون عملي . وسنقدم مثال عن سؤال غير واضح : ما هي آثار الإصلاحات على حياة المواطن الجزائري ؟ فهذا السؤال يبدو غامضا وواسعا جدّا في الحقيقة عن أي آثار نتحدث هل هي آثار إقتصادية أو إجتماعية أو سياسية أو ثقافية أو غير ذلك ، و عن حياة المواطن هل هي حياته المهنية أو العائلية أو الثقافية أو غير ذلك و يمكن لنا أن نمد قائمة التأويلات الممكنة لهذا السؤال الذي لا يوضح لنا النوايا الحقيقية لصاحبه و لذا نفهم ضرورة صياغة السؤال بكيفية دقيقة و محددة بحيث لا يكون معناه غامض ، ومنه فمن الضروري تحديد و حتى تعريف العبارات الواردة في صياغته .
و هناك وسيلة بسيطة للتأكد من أنّ السؤال واضح ، و ذلك بعرضه على بعض الأشخاص مع الإمتناع عن أي تعليق أو تقديم المعنى ، حتى يفصح كل شخص عن فهمه الخاص للسؤال . فيصبح هذا الأخير واضحا و محدد إذا كانت كل التفسيرات تصب في إتجاه واحد و مطابقته لنية صاحبه و أنّ تركيزنا هذا عن ضرورة دقة ووضوح السؤال لا يعني بأنه يجب أن يكون ضيقا أو محدود المجال ، بل يمكن أن يكون واسعا و مفتوحا لأنّ السؤال الغامض المبهم .( فهو السؤال الذي يدل بصدق عن ماذا نبحث فيه و نحاول توصيله ) للآخرين ، أي أنّ قدرتنا لمعالجته تتوقف على وضوحه.
صفة الواقعية :إنّ صفة الواقعية تتعلق بإمكانية الأداء أو القيام بإنجاز البحث مع الأخذ بعين الإعتبار القدرات و الموارد التي تتوفر للباحث في معالجة موضوعه ، و سنأخذ مثال عن سؤال صعب المعالجة : هل للقادة الغرب تصور و موقف موحد أمام قضية الغزو الثقافي الغربي و الياباني ؟ فإنّ معالجة سؤال مثل هذا يتطلب بدون شك سنين طويلة و ميزانية معتبرة و مراسلين أكفاء ، فإذا لم تتوفر للباحث هذه الإمكانيات فيستحسن أن يتخلى عنه و لذا يجب على الباحث قبل أن يصيغ سؤاله أن يتأكد من معارفه و موارده الزمنية و المالية و المرجعية الضرورية لمعالجة السؤال أو الموضوع .
و في الأخير فنقول بأنه يجب على السؤال أن يكون موضوعيا أي واقعيا بمعنى أن يكون متناسبا مع الموارد المتوفرة عند الباحث .
صفة النجاعة :
إنّ صفة النجاعة تدل أولا و قبل كل شيء على أهداف و نوايا الباحث أي ( فهم ما هو موجود بغية توضيحه إستخلاص بعض القواعد العامة التي تتحكم في الظاهرة ، أو دراسة تنبؤته فلا يصح للباحث العلمي أن يكون ذو طلبع أخلاقي أو فلسفي أو إيديولوجي أي أنه مبني على حكم كسبق و أفكار شائعة
1 ـ _أ_مثلة : مبدا العدالة الإجتماعية ؟ يبدو أن هدف صاحب هذا السؤال لا يتمثل في دراسته و تحليل .
1
2
3
4
5
6
1-
تعريف : إنّ لكلمة المقارنة تعني لغويّا المقايسة بين ظاهرتين أو أكثر بهدف تقرير أوجه الشبه و الإختلاف فيما بينها .أمّا إصطلاحيّا فالمقارنة هي أحد الأساليب المنطقية الأساسية لمعرفة الواقع الموضوعي . وينبغي تمييز المقارنة لمنهج منطقي عن التحليل المقارن الذي هو أحد المناهج الفرعية المستخدمة في البحث العلمي و هو أسلوب للتعميم النظري و يعتبر منهجا جزئيا عند تطبيقه على ميدان محدد في العلوم مثل التحليل الإقتصادي المقارن و القانون المقارن أو التشريع المقارن .
تبدأ معرفة أي موضوع بتميزه عن الموضوعات الأخرى و بتجديد أوجه الشبه و الإختلاف بينه و بين الموضوعات الأخرى و التي هي من طراز واحد و يمكن القول بأنّ عملية المعرفة في جانب مهم من جوانبها هي عملية يقع فيها التشابه و الإختلاف في وحدة وثيقة مثال نحن نعرف ماذا يعني إلقاءا مقارنة بالأخلاق و ذلك على أساس تبيان أوجه الشبه و الإختلاف فيما بينهما .
إنّ مغزى المنهج المقارن يصبح أكثر و ضوحا إذا أخذنا بعين الإعتبار أن المقارنة تستخدم من قبل النّاس في جميع أوجه نشاط النّاس .
أنواع المقارنة : تنقسم المقارنة إلى نوعين :
1 ـ مقارنة إعتياديّة : و هي مقايسة بين ظاهرتين أو أكثر من جنس واحد تكون كقاعدة أوجه الشبه بينهما أكثر من أوجه الإختلاف ، و غالبا ما تكون أوجه الشبه تدور حول الظاهرتين المقارنتين . أمّا الإختلاف فغالبا ما يدور حول شكل الظاهرتين المقارنتين : مثل مقارنة الأنظمة السياسية البرجوازيّة بعضها بالبعض الآخر.
2 ـ مقارنة مغايرة : و هي مقارنة بين ظاهرتين أو أكثر من جنس واحد تكون أوجه التشابه بينهما أقل من أوجه الإختلاف ، فغالبا ما نمس جوهر الظاهرتين المقارنتين مثال :
مقارنة النظام السياسي usa بالنظام السياسي urss مثل هذه المقارنة تعتبر مقارنة مغايرة و أنّ التشابه بينهما يمس الإختلاف الجوهر .
قواعد وشروط : إنّ الحصول على إستنتاجات صحيحة بإستخدام منهج المقارنة يشترط الإلتزام بعدد من الضوابط و القواعد أهمها :
1 ـ أن تقارن يعني أن تتبع فقط أثر المفاهيم من الخط الواحد أي ليس تعكس موضوعات و ظواهر و أشياء من صنف واحد للواقع الموضوعي و لا يجوز مطلقا مقارنة ما يقارن مثلا : مقارنة حركة الميكانيكة مع حركة الأحياء ، أو القانون مع الحجر .
إنّ طرق هذه القاعدة للمقارنة في المحاجية أو البحث العلمي يؤدي إلى نتائج غير دقيقة و بالتالي خاطئة .
2 ـ أن تقارن يعني أن تلاحظ أو تجد شيئا مشتركا بين الظواهر و الموضوعات المقارنة إنّ المنهج المقارن يستلزم هذا الشيء المشترك بين الموضوعات المقارنة و هذا الشيء ممكن أن يكون علامة أو خاصية أو رابطة ما .
إنّ طرق هذه القاعدة ينفي المقارنة و يشوش الفكر ، ولكن ينبغي ملاحظة أنّ هذه القاعدة تبدوا واضحة أكثر بالنسبة للمقارنة الإعتيّادية .
أمّا المقارنة المغايرة فتستلزم أن تلاحظ أن تفتش عن الشيء المختلف جوهريا بين الموضوعات المقارنة .
3 ـ أن تقارن يعني أن تقارن و تميز الموضوعات بتلك العلائم التي تنطوي على مغزى جوهر هام مثلا عن مقارنة القوانين يجب التركيز على جوهرها أولا ثمّ أشكالها ثانيا .
4 ـ أن تقارن يعني أن تعتمد دائما المبدأ التاريخي فلا يجوز مثلا مقارنة usa المعاصرة مع دولة الفراعنة على الرغم من أنهما معا يشكلان ظاهرة واحدة و هي ظاهرة الدولة .
5 ـ أن تقارن ينبغي أن تحدد غرض المقارنة أي ما الذي تستهدفه من المقارنة و إلى ماذا تريد أن تصل مثال : تقارن نظرية معينة أو لغرض تفضيل نظام على آخر أو لغرض توحيد القانون عن نطاق إقليمي مثلا .
6 ـ أن تقارن ينبغي أن تستخدم مقولات و مصطلحات الموضوع بطريقة سلمية و توظيفها صحيحا . ففي إطار القانون مثلا : لا تستطيع أن تبحث مما لم تعرف بصورة دقيقة مصطلحات و مقولات القانون مثلا : نظام القانون فرع القانون مؤسسة - الأهلية - الإلتزامات.
7 ـ عندما نقارن يجب أن تكون معلوماتنا حول موضوعات المقارنة واسعة و عميقة . مثال : لايستطيع الباحث أن يقارن بين النظام القانون أنجلوسكسوني و نظام القانون الجرماني الإيطالي دون أن يكون قد درس دراسة شاملة و إطلع بصورة عميقة و هكذا بالنسبة للنظم و الموضوعات الأخرى .
دور المقارنة في عملية المعرفة و البحث العلمي :
إنّ المعرفة و إقامة البرهان و تقرير المفاهيم تعتمد إعتمادا كبيرا على المقارنة و لمّا كانت عملية المعرفة أي معرفة الإنسان فإنّ المقارنة لعبت إذن دورا هاما بغض النظر عن أنّ الإنسان أدرك ذلك بوعي ، ولم يدركه كما هو الأمر مثلا بالنسبة للإكتشاف الإنسان للهواء دون أن يعرف شيئا عن تركيبه الكميائي الذي عرف في وقت لاحق.
* للطبيعة و المجتمع جرت معا في الوقت الذي ظهر فيه الإنسان.
كذلك المقارنة كانت معروفة منذ القدم و لكنها فقدت أهميتها في القرون الوسطى و لم تبعث من جديد في أوربا إلاّ في القرن 18-19 و ذلك باللإرتباط مع تقدم العلوم و منها علم المناهج علما بأنّ البحث العلمي و عملية المعرفة هي من عمليات المقارنة أي المقارنة تساعد البحث العلمي و كثيرا ما يقتصر البحث على تبيان أوجه الشبه و الإختلاف بين الظواهر المدروسة.
1 ـ المنهج الحقوقي الشكلي :
إنّ المنهج الحقوقي الشكلي في حقيقة الأمر خلاصة عامّة لمميزات مشتركة بين عدد من المناهج الحقوقية الفرعيّة و أهمها :
1 ـ منهج الشرح على المئون
2 ـ منهج الحقوقي الوضعي
3 ـ منهج الحقوقي المعياري
4 ـ منهج الحقوقي الصرف.
و المنهج الحقوقي الشكلي يفهم القانون فهما ذو غمائيا و ينطلق من منهجيّة لعلم القانون تقف مبدئيا على الضدّ من المنهج الحقوقي الماركسي و اهم خصائصه هي :
1 ـ الخاصيّة الأولى : إنّ الخاصيّة الأساسية لهذا المنهج هي تفسير القانون كمحرك أول للمجتمع و لهذا فالباحث الحقوقي الشكلاني يفترض أن بالإمكان تعجيل تقدم المجتمع بالأساليب فوقيّة أي بمساعدة القانون و أنّ الحياة الإجتماعية تفسيرها مشروط بالقانون .
2 ـ الخاصية الثانية : هي القائلة بإمكانيّة دراسة الظواهر القانونيّة بحدّ ذاتها معزولة عن الظواهر الإقتصادية و الإجتماعية و القانون حسب هذا المنهج نظام مغلق مكتف ذاتيا معنى ذلك أنّ أساس في دراسة القانون ، ليس البحث عن الرابطة السببيّة بين القاعدة و البناء الفوقي أي بين الإقتصاد و القانون و بالتالي هي رابطة خاصّة و هي القاعدة المعياريّة .
3 ـ الخاصية الثالثة : ينظر إلى القانون كواقع وضعي لا يحتاج إلى أي تبريرات أكسيولوجيا ( أخلاقية ) بمعنى لا يجوز دراسة القانون بإعتباره عادلا أو غير عادلا جيدّ أو سيىء لأنّ مثل هذه الدلراسة هي من ميادين علم الأخلاق الصحيح في دراسة القانون هو كما هو أو كواقع لا شك فيه.
4 ـ الخاصية الرابعة : هو وضع القانون على الضدّ من إيديولوجيّة إعتقادا منهم أنّ ربط البحث الحقوقي بالإيديولوجيّة أمر لا يطيق بالبحث الحقوقي العلمي و لأنّ الإيديولوجيّة ذائيّة و ليست إنعكاسا للواقع كما هو الحال في العلوم المتخصصة .
5 ـ الخاصية الخامسة : هي نفيّ هذا المنهج لإمكانية معرفة جوهر الدول و القانون عند بحثها علميّا . ولهذا ينبغي أن ندرسها كظواهر لا أكثر و لا أقل و نحن لا نستطيع أن نعرف ما وراء هذه الظواهر ما هي أسبابها ، ماهو أصلها و منشأها- و هي موضوعات لا يمكن أن تكون معروفة من قبل علم الحقوق
القانون هو أفكار تجريديّة لا علاقة لها بالظواهر .
6 ـ الخاصية السادسة : هي فصل القانون من حيث الشكل عم مضمونه بعيارة أخرى أن شكلا نيّة هي عقيدة المنهج الحقوقي الشكلي لأنّ القانون عندهم هو لا أكثر من مفهوم شكلي صرف و بالتالي فإنّ الفقه عندهم هو عبارة عن نظام من أنظمة المنطق " علم الكلام " القانون فيه هو عبارة عن مقدمة كبرى و المادة الواقعيذة مقدمة صغرى ، و الإستنتاج هو القرار أو مقدمة البحث.
7 ـ الخاصية السابعة : إنّ المنهج الحقوقي الشكلي هو منهج وصفي بعبارة أخرى يركز في الدراسة على الجوانب الخارجية للظاهرة و لا يهتم بأية جوانب أخرى.
8 ـ الخاصية الثامنة : إنذ المنهج الحقوقي الشكلي يدرس علاقات التباين بين الدولة و القانون دراسة موحدة الجانب و لا يكشف عن روابطها الحقيقية المتبادلة و القانون حسب هذا المنهج هو عبارة عن أوامر الدولة و الدولة تعتبر ليست خالقا و لا مصدرا للقانون فقط و أنها هي تسبق القانون تاريخيا و منطقيا ومن هذه الخاصية ينبغي تفسير قواعد القانون بإعتبارها نتاج إعتبار إعتباطي لإرادة الدولة.
9 ـ الخاصية التاسعة : يفترض هذا المنهج أنّ قواعد القانون الدولي الشرائع الدينية ليست قانونا لسبب قانونا لأنّ القانون هو أمر الدولة لمواطنيها . و القانون الدستوري لا يعتبر قانونا بسبب من أنّ صاحب السيادة لا يمكن أن يكون مسؤولا أمام القانون الذي هو من صغة و هو بطبيعته متحررا من الإلتزامات القانونية .و من غير المعقول أن يكون صاحب السيادة منظما لقواعد القانون و خاضعا لها.
10 ـ الخاصية العاشرة : إنّ هذا المنهج يضفي شكل التصميم على الدولة ، وهي حسب هذا المنهج هي ظاهرة حقوقيّة أو هي شكل حقوقي لحاصل جمع الناس في حين أننّا نعرف أنّ الدولة ظاهرة متعددة الجوانب لها حقوق.
نقد المنهج الحقوقي الشكلي :
1 ـ إنّ نقطة الضعف الأولى في هذا المنهج هي دراسته للظواهر القانونيّة دراسة وحيدة الجوانب لا تكشف عن روابطها و إشتراطها المبدئي بالعلاقات الإقتصادية و الإجتماعية و من هنا ينشأ تفسير ذاتي لهذه الظواهر لا يطابق الواقع.الموضوعي.
2 ـ نقطة الضعف الثانيّة فيه هي رفضه للمعايير الأخلاقية الأمر الذي يتعذر معه على سبيل المثال تقييم تشريعات العنصريّة أو الفاشية .
3 ـ إنه يضع القانون على الضدّ من الإيديولوجيّة و نفيّ هذا الرباط بينهما هو من قبيل رؤية الواقع من خلال الرغبات الذاتيّة.
4 ـ إنّ خطأ هذا المنهج لا يمكن في التشديد على أهميّة إستخدام المنطق الشكلّي في ميدان الحقوق .فإنّ مثل هذا الإستخدام صحيح و إنما يكمن في تضخيم دور المنطق الشكلّي و بالتالي تحويله إلى منهج عقيم معزول عن الحياة الواقعية.
5 ـ يعتبر هذا المنهج منهجا بدائيا لأنه يجعل البحث الحقوقي مقتصرا على وصف الروابط الخارجيّة للظواهر من دون الوقوف على القوانين الكامنة .
6 ـ إنّ هذا المنهج حرف الطابع الفعليّ للقانون الدولي و الدستوريّ و الشرائع الدينيّة و التي هي قوانين فعليّة تضبط ميادين كاملة في العلاقات الإجتماعية.
7 ـ إنّ هذا المنهج عندما ينظر إلى القانون بإعتباره تعبيرا عن إرادة الدولة إستخراج نتائج إيجابية مفيدة أهمها تثبيت مبدأ علوية القانون و خضوع القاضي للقانون و مبدأ الشرعيّة .
8 ـ إنّ هذا المنهج عاجز عن دراسة القانون من حيث الروابط النسبيّة و الوظيفيةو المنظومة و غيرها.
9 ـ إنّ المبدأ التاريخي و الجدلي غريب عن هذا المنهج و لذلك لا يستطيع و غير مقتدر أن يصوّر القانون كظاهرة معقدة و متعددة الجوانب.
10 ـ إنّ الشكلذاتية و الإبتعاد عن مضمون القانون و جوهره أدت بأصحابه إلى الخطأ المنطقي عند تحديدهم للمفاهيم ينحصر هذا الخطأ في إستبدال التعريف بتكرار الكلمة و معناها الأمر الذي لا يعطي تعريفا للشيء ، بقولهم القانون هو القانون و الحق هو الحقّ.
ومعنى هذا التعريف أنّ المنهج هو طريقة و ليس نظرية
تعريف هيجل للمنهج : - المنهج هو عبارة عن أداة تقف إلى جانب الشخص وسيلة يستطيع من خلالها الشخص أن يرتبط بالموضوع.
و أنّ التعريف يعني أن هيجل يختلف عن ديكارت بتأكده عن الجانب النوعي للمنهج أي أنّ المنهج عنده لا يشمل الطريقة فقط بل ينطوي على نظرية و مضمون معين أي مضمون فلسفي.
المبحث الثاني : تصنيف المناهج و أنواعها
يتكون علم المنهجية من عناصر كثيرة و من أهمها :
1 ـ من المناهج الفلسفية العامة : المنهج الميتافيزيقي و المنهج الجدلي.
2 ـ من المناهج المنطقية المشتركة : مثل منهج الإستنباط و الإستقرار و الإستدلال .
3 ـ من المناهج العلمية المشتركة : المنهج الرياضي المنهج التجريبي ، منهج الملاحظة إلخ.
4 ـ من المناهج العلمية الجزئية ( الخاصة ) : و هي تختلف من علم لأخر ، ففي علم الحقوق مثلا فهناك المنهج المقارن و المنهج الشكلي و المنهج الوضعي و الجدلي ... إلخ .
المبحث 3- 1.1) المناهج الفلسفية العامة .
المطلب 2.1- المنهج الميتافيزيقي :
الميتافيزيقا كلمة يونانية الأصل و معناها اللّغوي ماوراء الطبيعة أو ما وراء الوجود الطبيعي.
أمــّا المعنى الإصطلاحي فقد تغير من فترة لأخرى من تاريخ الفلسفة و مع ذلك يمكن لنا أن ندركها بالحواس أو بالتجريب ، و إنما بالإعتماد على التأمل و الإفتراض .
- أمّا في الفلسفة المثالية القديمة ، الميتافيزيقا تعبر عن علم فلسفي حول المبادىء الروحية للوجود و حول المواضيع أو الأحياء التي لا يمكن لنا لأن ندركها بالحواس أو بالتجريب ، و إنما بالإعتماد على التأمل و الإفتراض.
- أمّا في الفلسفة المعاصرة الميتافيزيقا تعني البحث في الوجود و عن الروح .
- و تعني الميتافيزيقية بأنها المنهج الذي يفرض دراسة و بحث الظواهر ليس في تطورها ( في حركيها ) و إنمّا في حالتها الساكنة ، و غالبا ما يقتصر هذا المنهج على تحليل الظواهر و تصنيفها منفصلة عن محيطها أو عن الأشياء التي تتفاعل معها.
- ويرى بعض الفلاسفة أن علم ماراء الوجود الفيزيائي تسمية للروح الأول أو وجود كائن أول لا يمكن أن تدركه الحواس و يتحكم في الأشياء و الكون يعلمنا القوانين التي تحكم الطبيعة ، و بالتأمل فقط يمكن لنا أن نتوصل إلى معرفة هذه القوانين .
وإنّ الفيلسوف الميتافيزيقي يتجاهل حقيقة الحركية و التغيير و في حالة الإعتراف بهما فهو يردها إلى إرادة أو قدرة الكائن.
الخارق للعادة وهو تأخذها دائما في حالة الكسون و الثبات و يعتمد على أشكال و قوانين المنطق الشكلي أو الصوري .
المنطق الشكلي ( الصوري ) و قوانين :
لا بد أولا أن نعرف المنطق ثمّ تحديد المبادىء أو القوانين التي تحكمه.
تعريف المنطق الصوري ( الشكلي ) : -المنطق كلمة أغريقية تعني لغويا فكر أو عقل أو قانون.
و المنطق بالمعنى الإصطلاحي هو علم أشكال و قوانين التفكير الصحيح.
و سمي بهذا الإسم أي المنطق الصوري لأنّ الإهتمام الأساسي فيه موجه إلى الشكل بمعزل عن المضمون ، ومعنى ذلك أنه يهتم بالشكل الصحيح أثناء المناقشة أو البحث العلمي و لا يهتم بالمضمون أي أنه يرتكز على الأساليب الصحيحة الشكلية في الحوار و في البحث و هو يشبه في ذلك قواعد النحو في اللّغة الذي يهتم كما نعلم بدراسة الشكل أو تركيب الكلمات أو الجمل و لا يهتم بمحتواها اللّغوي و هو يشبه أيضا الرياضيات التي تنظر للعلاقات و الأشكال بمعزل عن الأشياء المادية الملموسة ، و مع ذلك يظل المنطق الشكلي مفيد و ضروري في الإستدلال .
قوانين المنطق الصوري ( الشكلي ) : -يقصد بقوانين المنطق الترابط الداخلي بين الأفكار أي المبادىء التي يتحرك و فقها العقل في طلبه للمعرفة و قد عبر عن هذه المبادىء لا ينبنيتز أنّ هذه المبادىء هي روح وعصبه و أساس روابطه و هي ضرورية له كضرورة العضلات و الأوتار العصبية للمشي.
و هناك ثلاثة مبادىء هي :
أ - مبدأ الهوية ( التطابق ، التماثل ) : -الذي يقول أنّكل ما هو موجود هو موجود و الشيء هو الشيء و بصفة رمزية أ هي أ أي إذا كان الشيء مفهوم فلا مغايرة بين الشيء و ذاته بل هما أمر واحد ، و هذا المبدأ يقرر أنّ كل شيء هو مطابق لذاته.
ومن هذا القانون مطلبات ( مبد_أن ) وهما :
ب - مبدأ عدم التناقض : - الذي يرى بأنه لا يمكن لنا أن نعتبر أن ما هو متطابق غير متطابق أي عدم التناقض بين الشيء و ذاته.
ج - مبدأ الثالث المرفوع : - أي أنه ليس هناك وضع ثالث ممكن بين الموجود أو العدم أي لا يكون الشيء في نفس الوقت و لا يكون فكل حالة ثالثة بينهما مرفوعة أي أنه لا يوجد أمر ثالث بين الأمرين ، فمثلا أمّا أن يكون أسود أو أبيض و لا توجد حالة ثالثة.
المطلب 3- المنهج الجدلي : - فالمنهج الجدلي تيار فلسفي مضاد للتيار الميتافيزيقية فهو يقوم على تصور مختلف الأشياء و الأفكار و الكون ويلجأ إلى منطق خاص و هو المنطق الجدلي .
تعريف الجدل :- الجدل كلمة إغريقية تعني لغويا المحادثة أو الحوار ، و أمّا من الناحية الإصطلاحية فقد تغير هذا المعنى عبر الزمان .
- في البداية و في وقت الإغريق كان الجدل يعني فن إدارة الحوار و المناقشة و الإستدلال على الحقيقة من خلال التناقضات الموجودة في حديث الخصم ، والجدل أيضا طريقة للأسئلة و الأجوبة و إستدلال الحقائق من خلال هذه الأسئلة و الأجوبة .
- أمّا في الوقت الحالي فإنّ الجدلية تعتبر كعلم فلسفي حول القوانين الأكثر عمومية التي تعتبربمثابة أسس التفكير و الدراسة العلمية للظواهر الطبيعية و الإجتماعية و الفكرية ، و الجدل هو منهج المعرفة العالمية و على عكس المنهج الميتافيزيقي فهو يدرس الأشياء و الظواهر في تناقضها و تفاعلها و تذاخلها المتبادل و يؤكد على مبدأ التطور الذاتي للأشياء.
- و الجدل يعني كل عملية تطور أو ضرورة تطور أي شيء من بدايته و مراحل تطوره و يرى أنّ العامل مادي أي لا يوجد أي شيء خارج الوجود الفيزيائي و لا يوجد أي شيء خارج المادة ويرى أنّ الطبيعة والمجتمع والأفكارفي تطور مستمر وأنّ أسباب هذا التطور ناتجة ، فى حركيتها الذاتية وليس بفعل أي قوة خارقة خارجة عن قوة الطبيعة، وأن المنهج الجدلى يعتبر الطبيعة كعبارة عن الواقع الموضوعى الموجود المستقل عن وعينا البشرى وأن الوجود ليس له بداية ولا نهاية وهو يتطور بتطور المادة من الأشكال الدنيا إلى الأشكال العليا .
فهو يفسر الظواهر و يرجع أسبابها دائما إلى عوامل مادية و يعتبر أنّ الأشياء و الظواهر بأنها ليست تامة الصنع بل تتغير بإستمرار و تتأثر بأسباب التغير.
و المنطق فهو يدرس الظواهر و الأشياء من زوايا الصلة و الترابط الموجودة بينهما ويرى بأنّ جميع الظواهر و الأشياء من زوايا الصلة و الترابط الموجود بينهما ويرى بأنّ جميع الظواهر و الأشياء متناقضة داخليا ( ذاتيا ) و أنّ التناقض وليد العوامل الخارجية وهو يحدد تطور الأشياء و الظواهر .
المطلب4 ـ مبادىء المنطق الجدلي :
أـ تعريف المنطق الجدلي : هو علم الأشكال و القوانين التي يمكن من معرفة الحقائق عن طريق الأفكار الناتجة عن تطور الواقع في الفكر الإنساني ، و المنطق الجدلي لا يعارض المنطق الشكلي بل يرى بأنّ اللّجوء إلى هذا الأخير ضروري مع الإعتبار بأنه منطق غير ، متكامل لأنه يهتم بالشكل فقط ، و يهمل المضمون و يعتبر بالمنطق الجدلي منطقا متكاملا لأنه يهتم بالشكل فقط ، و لهذا يمكن تسميته بالمنطق الجوهري وسبب هذا المنطق هو عندما ندرس الظواهر نجدها في حركية و تغيير مستمر لكونها تخضع إلى مبدأ التطور و لهذا يجب أن يكون التفكير و البحث العلمي في الأشياء و الظواهر أخذا بعين الإعتبار هذا المبدأ أي ينبغي أن ندرس الأشياء ليس في وضعها الساكن أو الثابت بل في حركاتها.
ب - أهمية هذا المنطق : أهمية هذا المنطق ، أنّ المنطق الجدلي يعتبر كأساس منهجي لكل العلوم بحيث يمكن الباحث من معرفة الترابط و التذاخل بين الظواهر و تطورها المتناقض ويمكن الباحث أن يجعل أفكاره ملائمة مع الواقع أو الموضوع المدروس و يمكنها أيضا من الوصول إلى نتائج جديدة و الحقائق .
و أنّ المنطق الجدلي يقدم صورة عامة للتطور الواقع ككل و كيفية تطوره ( تغيره ) .
2 ـ قوانين المنطق الجدلي : -يمكن القول بأنّ الجدل هو منطق التطور و الترابط بين الظواهر و هو يتكون من ثلاثة قوانين أساسية تمكننا من الوصول إلى إستنتاجات عن :
1 ـ نشوء التطور
2 ـ مصدر التطور
3 ـ إتجاه التطور
1 ـ قانون تحول التغيرات الكمية إلى تغيرات كيفية :
يشير هذا القانون إلى أنّ أي ظاهرة ندرسها نلاحظ فيها تغيرات ذات جانب كمي و يقصد به ما يتعلق بزيادة أو نقصان أساسا و التي لا يتغير من طبيعة الظاهرة المعنية و لكن في التغير الكمي لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية فعند نقطة محددة يتحول التغيير الكمي إلى تغير كيفي أو نوعي و هذه النقطة المحدودة تسمى بالطفرة أو القفزة النوعية و يحدث التغيير الكيفي دائما بشكل مفاجيء نسبيا أي أنّ الشيء يأخذ صورة مفاجئة و ينشأ شيء جديد و أنّ التغيير الكيفي يحدث دائما بعد تغير كمي و هكذا في التغيرات الكمية و الكيفية مرتبطة فيما بينها و تؤثر بعضها على بعض و هذا القانون يجيب على السؤال المتعلق بنشأة التطور أي كيف يحدث التطور.
2 ـ قانون وحدة صراع الأضداد :
يشير هذا القانون إلى أنّ جميع الظواهر مهما كانت متناقضة في حد ذاتها أي توجد فيها جوانب و إتجاهات متضات بعضها مع الأخر و لكن الجوانب المتناقضة في الشيء تفرض بعضها على البعض الأخر، و لا يمكن تصور أحداها دون الأخر ، لأنها تقع في ترابط عضوي و في وحدة لا إنفصال بينهما و هي وحدة الأضداد.
إنّ صراع الأضداد حسب هذا المنطق يفسر مصدر التطور وهو الصراع في الظواهر ، أي صراع مطلق ، و هو يوجد في الظاهرة ذاتها ، و يعين أنّ وحدة الأضداد هي شرط من شروط الصراع ، وبتطور يأتي نتيجة تغلب أحد الأطراف في الصراع.
3 ـ قانون نفي النفي :
يشير هذا القانون إلى أنه لا يصح أن نفهم التطور الجديد و هذا يعني أنّ التطور يحدث خلال نفي الجديد للقديم و لكن نفيه للقديم لا يعني القضاء عليه كليا بل تظهر السمات الإيجابية للقديم في الجديد بشكل أرفع و أسمى أي أنّ التطور يتضمن معنى الرجوع إلى نقطة الإنطلاق و لكن على أساس جديد و أرقى و أنّ التطور يكتب دائما في النهاية طابعا متصاعدا .
و النفي ليس عنصرا أذخل في الظاهرة من الخارج بل هو إنتاج التطور الذاتي الداخلي للشيء أو الظاهرة و هذا القانون يجيب عن إتجاه التطور .
لا يمكن أن يجرى في أي ميدان من ميادين الحياة تطور لا ينفي وجود أشكاله السابقة و لا يقوم على أساس أي درجة من درجات التطور تنفي الدرجة السابقة و ترفعها في الوقت نفسه إلى درجة جديدة محافظة على كل ما هو إيجابي في القديم مثال عن ذلك : الطبيعة : الثمرة ، البرعم ، الزهرة .
المجتمع حلول تشكيلات إجتماعية و إقتصادية بدل التشكيلات القديمة : العبودية ، الإقطاعية ، الرأسمالية و الفكر تطور المعرفة : نظريات جديدة أرقى من سابقتها.
2 ـ يحدد مسار و إتجاه التطور العام الذي يكتسب في النهاية خطأ منعرجا صاعدا
3 ـ يعبر عن تكرار لبعض صفات المرحلة الأولى لمرحلة أعلى من هذا التطور .
4 ـ يبرهن على الطابع التقدمي للتطور .
- وبالإضافة إلى هذه القوانين الأساسية توجد قوانين غير أساسية في المنطق الجدلي و يطلق عليها إسم المقولات و المقولة هي مفهوم أوسع من المفاهيم الإعتيادية ذات طاقة إستيعابية أكبر و المقولات كثيرة في المنطق الجدلي أهمها الشكل و المضمون ، المظهر و الجوهر ، العلة و المعلول ، العام والخاص و المنفرد، الضرورة و الدقة البنية و الوظيفة.
الفصل 2: المناهج المنطقية المشتركة
إنّ المجموعة الثانية من المناهج هي المناهج المنطقية المشتركة و هي مثل المناهج الفلسفية العامة تستخدم من قبل جميع العلوم و لكنها تختلف عن المناهج الفلسفية العامة في كونها تستخدم في مرحلة أو مراحل محددة من عملية البحث العلمي ثمّ هي لا تنطوي على مضمون فلسفي تقتصر على الجوانب الفنية المتعلقة بأسلوب التفكير الصحيح المجرد وهذه المناهج كثيرة أهمها : الإستدلال الإستنباط ، الإستقراء التحليل و التركيب ...
المبحث 1.1- منهج الإستدلال : يكتسب الإنسان من عملية إدراك الواقع معارف جديدة و يحصل على البعض منها عن طريق التأمل الحي وبنتيجة تأثير الأشياء وموضوعات العالم الخارجي على الحواس غير أنّ قسما كبيرا من المعارف يحصل عليها الإنسان عن طريق التفكير المجرد عن طريق الإستدلال العقلي أي بطريقة إستنتاج معارف جديدة من المعارف المتواجدة و السائدة بين الناس وهذه المعارف التي يتم الحصول عليها بهذه الطريقة نطلق عليها إسم الإستنتاجات و هذه الإستنتاجات يتم التوصل إليها عن طريق الإستدلال .
* تعريف الإستدلال : هو شكل من أشكال الفكر نستنتج بواسطته من حكم واحد أو عدة أحكام معارف جديدة و أنّ أي إستدلال يتكون من مقدمات و نتيجة .
* تعريف مقدمات الإستدلال : هي الأحكام المنطق منها المعروفة و الشائعة نستنتج منها أحكام جديدة .
* تعريف النتيجة : حكم جديد نحصل عليه بطريقة منطقية من المقدمات
* تعريف الإستنتاج : عملية الإنتقال الفكري من المقدمات إلى االنتيجة مثال : القاضي لا يستطيع المشاركة في القضية إذا كان هو المجنى عليه.
- القاضي هو المجنى عليه.
- القاضي لا يستطيع المشاركة في النظر في القضية
نلاحظ أنّ الحكمين الأولين هما المقدمات و أنّ الأول هو مقدمة كبرى والثاني مقدمة صغرى و الحكم الثالث هو نتيجة و من الأحسن في الإستدلال كتابة مقدمات و النتيجة على الإنفراد أي وضعها أفقيا بعضها عن البعض الآخر و النتيجة تكتب عادة تحت خط أفقي يفصلها عن مقدمتها و تعيين الخاتمة المنطقية أمّا كلمة إذا أو ما يقاربها من معنى فهي تلفظ و لا تكتب و طبقا لهذه القاعدة فالمثال المذكور أعلاه.
إنّ صلة التناسب المنطقية بين المقدمات تفترض رابطة بالمضمون أي ينبغي أن تكون المقدمة الصغرى تمتد لصلة مع المقدمة الكبرى و ذلك من حيث المحتوى .
مثال : القاضي لا يستطيع المشاركة في القضية لأنه هو المجني عليه.
المتهم يملك حق الدفاع و هنا لا نستطيع الإستنتاج لأنّ الأحكام الواردة في المقدمتين الأولى و الصغرى لا تملك مضمون مشترك في القضية و هذا يعني منطقيا أنهما غير مشتركين و غير مرتبطين ببعضهما أنه للحصول على المعارف الجديدة حقيقية في مجرى عملية الإستدلال لا يمكن أن يتم إلاّ إذا توفرت الشروط التالية :
1 ـ وجود مضمون مشترك في المقدمتين الكبرى و الصغرى و هذا المضمون المشترك هو ما نسميه بالرابطة المنطقية .
2 ـ ينبغي أن تكون الأحكام المنطقية حقيقية أي يجب أن تكون المقدمات صادقة تماما و مطابقة للواقع.
3 ـ ينبغي في مجرى الإستدلال أنّ نلتزم بقواعد الإستنتاج التي تشترط جوابا شكليا في الإستدلال أي مراعاة الدقة في شكل و صورة الإستدلال .
المبحث 2- أنواع الإستدلال : ينقسم الإستدلال إلى أنواع مختلفة و ذلك طبقا لمعايير مختلفة من بينها تقسيم الإستدلال حسب معيار و إتجاه النتيجة المنطقية أي حسب طابع الروابط بين المعارف على درجات مختلفة من التشارك المجسد و المستغرق أي الوجود في المقدمات و النتائج و حسب هذا المعيار ينقسم الإستدلال إلى:
1 - منهج الإستدلال الإستنباطي : يعتبر هذا المنهج أحد أساليب الإستدلال و الإستنباط يشير إلى أي إستنتاج أو إستدلال بوجه عام ، أمّا بالمعنى الإصطلاحي فهو عبارة عن دليل يتخد فيه التفكير طريقه من العام إلى الخاص من المبدأ العام إلى التطبيقات الجزئية
(induction) .
إنّ المنهج الإستنباطي يبدأ البحث بالإعتماد على كلية عقلية عامة و هي ما تسمى بالمقدمات و هي قد تكون فكرة مبرهن عليها أو بديهية أو غيرهما تم نستنبط منها النتائج الجزئية الخاصة و ذلك وفق المنطق الشكلي .
إنّ النتائج هي عبارة عن أفكار تنبثق منطقيا من ما يسبقها معنى ذلك أنّ نتائج الإستنباط مستنبطة من المقدمات أي زلها طابعا مخفيا و ينبغي إستخلاصها من المقدمات بطريقة التحليل المنطقي و أهم طريقة يستخدمها المنطق الشكلي في الإستنباط ما يسمى بالقياس و هي الصورة النموذجية للدليل الإستنباطي ( الإستنباط = القياس )
القياس كقاعدة يتألف من ثلاثة أجزاء مقدمتان كبرى و صغرى و نتيجة
مثال : كل البشر معرضون للخطر 1 ـ كل إنسان فاني
الأستادة بشر 2 ـ محمد إنسان
الأستادة معرضون للخطر 3 ـ محمد فاني
2 ـ الإستقراء : يعتبر الإستقراء أحد طرق الإستدلال و الإستقراء لغة هو الإتباع و يشير إلى الوجه الآخر من الإستدلال بوجه عام ، أمّا المعنى الإصطلاحي فهو عبارة عن دليل منطقي فيه الفكر طريقة من الخاص إلى العام و من الفرد إلى الكل .
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma