المنظمات الدولية
يرجع أصل الجيل الأول من هذه المنظمات إلى بداية القرن التاسع العاشر إلا أنها لم تظهر إلى الواقع العلمي، بل كانت مجرد محاولات للتنظيم الدولي، حيث ظهرت في البداية منظمات خاصة محدودة ومنفصلة
قانونيا عن الدول تعرف بالمنظمات الدولية المتخصصة غرضها التغبير عن إرادة ومصالح الدول المشتركة فيها وقد كان التطور في البداية بطيئا وصادفته صعوبات وعراقيل كثيرة يرجع ذلك إلى كون هذه المنظمات عبارة عن محولات منذ البداية، حيث اختصاصاتها كانت تنحصر في مجالات فنية تغلب عليها الصفة الإدارية والقضائية ولم يكن لهذه المنضمات حق التعرض لمسائل السياسية التي لم تكن لدول قد استعدت عد لقبو ل تعرض المنظمات لهذا النوع من المسائل التي تراها الدول مقتصرة عليها وبناء على ما تقدم فانه من المناسب التعرف على مفهوم المنظمة الدولية واصل ظهورها، وأما التطورات الحاصلة في هذا مجال نتركها للمبحث الثاني وما بعده .
تعريف المنظمة الدولية ودورها من الناحية القانونية والسياسية: إن المنظمات الدولية كما يعرفها شارل *روسو* ch.RAUSSEAU هي تجمعات تتألف من الدول، وتنشئها الاتفاقيات الدولية، لتحقيق أهداف مشتركة بواسطة أجهزة خاصة بها، كما أنها تطور إرادة مستقلة قانونيا عن إرادة الدول الأعضاء، وأسمى منها، ومنه نلاحظ بأن هذا التعريف يعطي اهتماما لإرادة المنظمات الدولية من الناحية القانونية ويؤكد على تطورها لتصبح مستقلة عن إرادة الدول بل لتصبح أسمى من هذه الإرادة. وللدكتور محمد مرشحة تعريف متشابه حيث يقول:ًبأن المنظمة الدولية هي شخصية قانونية دولية، ذات أجهزة دائمة وإرادة مستقلة، تنشأ باتفاق دولي لتحقيق أهداف معينة "
ويمكن أن نستنسخ من خلال التعريفين السابقين بأن المنظمة تتصف بالملامح الأساسية الآتية:
أ-تجمع يتألف من دول: وهذا يعني إن الأعضاء هم الدول وليس الأفراد أو الجماعات الأخرى،لذلك فان الأمم المتحدة تطلق على المنظمات الدولية، وهي تلك المنظمات التي تتم بين الحكومات "lesorganisation intergouvernement "لتمييزها عن المنظمات غير الحكومية، وينبغي كمبدأ أن يمثل الدول المشاركة في المنظمة أعضاء من حكوماتهم أو ممثلي عن الحكومات يكلفون بالتعبير عن إرادتها.
ب-ينشؤها اتفاق دولي: أي إن إنشاء المنظمة يستند على اتفاق بين الدول فقط وفقا للمبادئ العامة للقانون الدولي، ويكون هذا الاتفاق بين الدول بمثابة دستور للمنظمة ،ولكونه بمثابة دستور للمنظمة فانه يكون أسمى من الاتفاقيات الدولية الأخرى التي تبرمها الأعضاء فيما يتعلق بالتزاماتهم اتجاه المنظمة.
ج-لها أجهزة دائمة: هذه الأجهزة ضرورية حتى تستطيع المنظمات تأدية وظائفها، وهذا ابرز ما يميز المنظمة عن المؤتمر الدبلوماسي الذي لا تكون له صفة الاستمرارية.
د-لها إرادة ذاتية وشخصية قانونية دولية: تعني الإرادة الذاتية أن تكون للمنظمة "إرادة خاصة بها مستقلة عن إرادة الدول الأعضاء "وتكون المنظمة قادرة على التعبير عنها ويتفق فقهاء القانون على"وجهة النظر القانونية "لا طابق"وجهة النظر السياسية"فيما يتعلق بالإرادة الذاتية، فان وجهة النظر القانونية ذات علاقة بمفهوم الشخصية المعنوية وتكون قرارات المنظمة ذات قيمة قانونية بالنسبة للدول الأعضاء، أما من وجهة النظر السياسية فان القرارات لا تعبر عن إرادة الدول الأعضاء.
عصبة الأمم وظهور الأمم المتحدة: إن فكرة إنشاء منظمة دولية في مجال السلم قديمة ،ولكنها لم تتحقق واقعيا بالسرعة التي كان يأملها أصحابها، فقد ظهرت أول المنظمات في مجالات أخرى، فرضتها ضرورات محدودة تتعلق بمسائل خاصة، إلا أن المحن والآلام الطاحنة التي عانتها أوربا والعالم من جراء الحرب العالمية الأولى (1914-1918)أودت بحياة الملايين ولحقها صنوف الدمار، جعلت الدعوات لإنشاء منظمات دولية عالمية الاتجاه لإحلال السلام والأمن في المجتمع الدولي تتصاعد من جديد لتجد الطريق اللازم لتحقيقها، كما ساعد على ذلك بروز ظاهرة الدولة بمثابة القوة الظاهرة وصاحبة القرار والتفاعل الأعظم بين الدول والكيانات السياسية المكونة للمجتمع الدولي. لقد حاول الحلفاء في تلك الحرب أن يظفروا غداة النصر على ألمانيا بسلم طويل ودائم، وكانت أهم وسيلة لهم لتحقيق هذه الغاية هي معاهدة (فرساي عام1919-1920) التي نصت على تأسيس منظمة "عصبة الأمم" وهي أول منظمة دولية ذات صبغة عالمية وتوجه سياسي، تهدف إلى المحافظة على السلم والأمن الدوليين، وحفظ التوازن. إلا أن عصبة الأمم لم تستطيع أن تحقق آمال مؤسسيها وذلك لعدة أسباب عضوية وموضوعية هي:
أولا: الأسباب السياسية والقانونية لفشل عصبة الأمم :
كان الهدف الأساسي للعصبة أن تكون الوسيلة الرئيسية لتحقيق السياسة التي رسمها الحلفاء الظافرين في نهاية الحرب العالمية الأولى والتي كانت تعتمد على سحق ألمانيا عسكريا وسياسيا و إعادة توزيع المستعمرات بصورة تكفل هيمنة الحلفاء والحيلولة دون تجدد خطر ألمانيا وحفظ التوازن الذي خطوطه معاهدة فرساي. إلا أن المعاهدة المذكورة لم تستطع أن تعالج المعضلة الألمانية إلا بطريقة سطحية، كما أن عصبة الأمم لم تستطع أن تكون أداة للتنسيق والتوازن المطلوب لان الدول التي أنشأتها كانت متناقضة في أهدافها وسياستها
ثانيا: أما فيما يخص الأسباب القانونية لفشل عصبة الأمم فإنها متعددة أهمها
1-التناقض في أهداف وسياسات الحلفاء الذي انعكس على ميثاق العصبة فكان خليطا من مواد قابلة لعدة تفاسير
2-العصبة لا تختلف عن المؤتمرات الدبلوماسية التقليدية من حيث تبينها قاعدة الإجماع والتصويت
3-الميثاق لم يتضمن أية نصوص حول توجيه عقوبات تضمن عدم خروج الأعضاء على ميثاق العصبة، حيث لم تكن هناك قرارات ملزمة بل مجرد توصيات، مثال ذلك (التوصيات التي اتخذتها العصبة ضد إيطاليا ولم تنفذ) وكانت العقوبة الوحيدة المنصوص عليها هي الفصل والذي لم يطبق بشكل صحيح (الفصل الوحيد الذي طبق هو فصل الاتحاد السوفيتي سنة 1939على أساس اعتدائه على بولندة).
4-من عيوب الميثاق أيضا تشتت المسؤولية، حيث آن الميثاق في مجال السلم منح نفس الصلاحيات للجمعية العامة ومجلس الأمن ومن شان هذان يؤدي إلى عدم وجود حدود فاصلة بين مسؤولية كل واحد من الجهازين في الحفاظ على السلم الدولي.
5-كذلك الميثاق لم يتضمن نصوص تلزم لأعضاء بتسوية منازعاتهم عن طريق محكمة العدل وهذا ساهم في تعريض السلم للخطر، عكس ما نصت عليه المادة 33/1من ميثاق الأمم المتحدة (الفصل السادس في حل النازعات حلا سلميا).إن فشل عصبة للأسباب السابقة تثني من عزيمة الدول على الاستمرار في الاتجاه العالمي بعد الحرب العالمية الثانية وإنما بالعكس أعطاها درسا عميق الأثر ورأت هذه المرة آن تعمل على توطيد السلم الذي حاربت من اجله بوسائل أكثر فعالية والانتقال إلى مرحلة جديدة من العلاقات بين الدول وعلى أساس مبدأ المساواة في السيادة بن الدول ورفع مستواها الاجتماعي والاقتصادي، وهذا ما سعى إلى لتحقيقه ميثاق سان فرانسيسكو والذي تم التوقيع عليه في عام 1945 والذي بموجبه تم تأسيس هيئة الأمم المتحدة التي جاءت على أنقاض عصبة الأمم
منظمة الأمم المتحدة:
إن التفكير في إنشاء منظمة أممية أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية لم يكن صدفة، بل سبقت هذه الفكرة تجربة دول العالم لمنظمة سابقة هي *عصبة الأمم * التي استعملتها الدول الكبرى خاصة ( فرنسا وبريطانيا) كوسيلة لتحقيق أغراضها العسكرية ووجود الدول الأخرى لها وزنها وتختلف عنها في المصالح آنذاك خارج العصبة (كألمانيا، إيطاليا، واليابان والولايات المتحدة الأمريكية) مما افقد هذه المنظمة الدور الذي أنشأت من أجله وجر العالم إلى حرب عالمية ثانية استخدمت فيها أحدث الأسلحة الفتاكة بما فيها القنابل الذرية واستعملت فيها أساليب القتال الجماعية والهجمات الوحشية المدمرة التي لم تشهد لها البشرية مثيل، في ظل هذه الظروف برزت فكرة إنشاء منظمة دولية عالمية الاتجاه تجنب المجتمع الدولي آلام وفتن الحروب وجعلت الدعوات لإنشاء منظمات دولية لإحلال السلام والأمن في المجتمع الدولي تتصاعد من جديد لتجد الطريق اللازم لتحقيقها والانتقال إلى مرحلة جديدة من العلاقات الدولية تكون على أساس مبدأ المساواة والسيادة بن الدول، لذلك فكر بعض رؤساء الدول الأوربية أثناء الحرب العالمية الثانية في إيجاد بعض السبل تجنبهم ويلات حرب عالمية ثالثة توشك أن تقع وتمثل ذلك في عدة لقاءات ومؤتمرات.
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma