محاضرات في مقياس المؤسسات والعلاقات الدولية لطلبة السنة أولى حقوق ل م د (02)
الدبلوماسية الدولية في العصور الوسطى
كان للدولة الإخشيدية في مصر وسوريا علاقات وثيقة مع بيزنطة . وكان الاتصال الجغرافي المباشر بين مصر والدولة البيزنطية من ناحية الحدود الشمالية ، وتنافسهما البحري المستمر في شرقي البحر الأبيض المتوسط ، وعلاقاتهما التجارية الهامة ، مما يستوجب تنظيم العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين بصورة مرضية . ولم تكن الخلافة ببغداد بعيدة عن تحسين علاقاتها مع بيزنطة . في عام 326 هـ/936م أرسل القيصر رومانوس وشريكاه القيصران اسطفانوس وقسطنطين سفارة إلى الخليفة العباسي الراضي بالله . وكانت الرسالة مكتوبة بلغتين ، باللغة اليونانية بالذهب ، ومعها ترجمة عربية مكتوبة بالفضة ، جاء فيها: (بإسم الأب والإبن وروح القدس الإله الواحد ، الحمد لله ذي الفضل العظيم ، الرؤوف بعباده ، الجامع للمفترقات ، والمؤلف للأمم المختلفة في العداوة حتى يصيروا واحداً).
ثم يعرب القياصرة بعد ذلك عن رغبتهم في طلب الهدنة وعقد أواصر الصداقة مع المسلمين . فرد الخليفة عليهم بكتاب جاء فيه :
(من عبدالله أبي العباس الإمام الراضي بالله أمير المؤمنين إلى رومانس وقسطنطين واسطفانس رؤساء الروم . سلام على من اتبع الهدى ، وتمسك بالعروة الوثقى ، وسلك سبيل النجاة والزلفى ..) وفيه يجيبهم إلى ما طلبوا من عقد الهدنة والصداقة [1] .
وفي العام التالي أرسل القيصر رومانوس سفارة أخرى إلى الإخشيد أمير مصر . وتضمنت مؤاخذة دبلوماسية على الإخشيد ، إذ تضمن كتاب القيصر أنه تنازل لمكاتبة الإخشيد مباشرة ، لأن مقامه كقيصر الدولة الرومانية الشرقية يحتم عليه ألا يكاتب من هو دون الخليفة ، ولكنه مع ذلك قد خص الإخشيد بالمكاتبة لما نمى إليه من رفيع مكانته ، وحميد سيرته ، وموفور عدالته ورحمته .
وقد رد الإخشيد على كتاب القيصر بكتاب شهير من إنشاء كاتبه إبراهيم بن عبدالله البجيرمي ، وكان من أبرع كتاب عصره . ويعتبر هذا الرد وثيقة دبلوماسية من الطراز الأول تفيض إباءً وحزماً ، ويطبعها في نفس الوقت طابع بارع من اللباقة والمجاملة; ذلك أن الإخشيد لم يغضب لما وجهه إليه القيصر من عبارات المن والاستعلاء ، ولكنه بالعكس أكرم وفادة رسوليه ، وغمرهما بالتحف المختارة هدية إلى سيدهما ، وبذل لهما كل تسهيل ممكن لتحقيق مهمتهما التجارية . على أنه لم ينس في نفس الوقت أن يجيب القيصر على منه واستعلائه ، وأن يفند أقواله فيما زعمه من تفضله بمكاتبته . وجاء في الجواب :
(وأما ما وصفته من ارتفاع محلك عن مرتبة من هو دون الخليفة في المكاتبة لما يقتضيه عظم ملككم ، وأنه الملك القديم الموهوب من الله ، الباقي على الدهر ، وأنك إنما خصصتنا بالمكاتبة لما تحققته من حالنا عندك ، فإن ذلك لو كان حقاً ، وكانت منزلتنا كما ذكرته تقصر عن منزلة من تكاتبه ، وكان لك في ترك مكاتبتنا غنم ورشد ، لكان من الأمر البين أن أحظى وأرشد وأولى بمن حل محلك أن يعمل بما فيه صلاح رعيته ، ولا يراه وصمة ولا نقيصة ولا عيباً ، ولا يقع في معاناة صغيرة تعقبها كبيرة ، فإن السائس الفاضل قد يركب الأخطار ويخوض الغمار ، ويعرض مهجته فيما ينفع رعيته ، والذي تجشمته من مكاتبتنا إن كان كما وصفته ، فهو أمر سهل يسير ، لأمر عظيم خطير ..) . وأما عن مطالب القيصر فإن الإخشيد يجيبه عما طلب من تنظيم الفداء وتبادل الأسرى ، ويشكر القيصر على عنايته بالأسرى المسلمين ، وما يلقونه من المعاملة الحسنة . ويبدي الإخشيد إستعداده لعقد الصداقة مع القيصر ، مشيراً إلى ذلك بقوله :
(وأما ما ابتدأتنا به من المواصلة ، واستشعرته لنا من المودة والمحبة ، فإن عندنا من مقابلة ذلك ما توجبه السياسة التي تجمعنا على اختلاف المذاهب ، وتقتضيه نسبة الشرف الذي يؤلفنا على تباين النحل) [2].
وتأثرت العلاقات بين البيزنطيين والفاطميين ببعض الحوادث والظروف السياسية التي أحاطت بها . فمن جانب كانت بيزنطة تشعر بالقلق من تزايد حركة السلاجقة في بغداد ، ومن جانب آخر حاولت القسطنطينية استغلال الصراع والتنافس بين الدولتين الإسلاميتين ، السلجوقية والفاطمية . ففي عام 446هـ/1053م عانت مصر من الوباء الذي امتد أعواماً ، ورافقته كالعادة مجاعة وغلاء وقحط ، فأرسل المستنصر بالله الفاطمي رسالة إلى إمبراطور القسطنطينية وهو قسطنطين التاسع IX Constantine، يطلب منه معونة اقتصادية وإرسال أغذية وغلال . وكانت الدولة البيزنطية تعاني إضطرابات داخلية، وتواجه تهديدات السلاجقة الذين كانوا من قبل قد اقتحموا بعض مدنها وأقاليمها ، حتى وصلوا حدود أرمينيا . فلبى قسطنطين الدعوة ، ووجدها فرصة لتقوية العلاقة مع مصر ، وتفادي نشاطها العسكري من الجنوب ومن البحر . وتم الاتفاق واُعدت شحنات المؤن لإرسالها إلى مصر ، لكن قسطنطين توفي قبل تنفيذ الإتفاق عام 1054 . فخلفته على عرش قسطنطينية الإمبراطورة تيودورا ، واشترطت لإرسال المؤن إلى مصر شروطاً رفضها المستنصر بالله ، ومنها أن يمدها بقوة عسكرية لعونها على مواجهة السلاجقة ومحاربة الخارجين عليها . فانقطعت المفاوضات بين الفريقين ، وغضب المستنصر ، وقرر إرسال حملة عسكرية إلى الحدود البيزنطية ، فانتصرت على الحدود البرية ، لكن الاُسطول البيزنطي غزا السواحل السورية ، وهزم المصريين ، وتم أسر القائد المسلم وجماعة كبيرة من الضباط والقادة ، فتوقف المستنصر عن مواصلة الحرب ، ولجأ إلى المهادنة والمفاوضة ، وأرسل سفيراً إلى البلاط البيزنطي سعياً لعقد الصلح وتنظيم العلاقات . وكان السفير هو القاضي أبو عبدالله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي الشافعي المصري . فوصل القسطنطينية عام 1055م ، وصلى في جامعها ، وخطب للخليفة [3].
تشير بعض المصادر التاريخية إلى وجود مسجد في القسطنطينية ، وهي ظاهرة تبدو غريبة في ذلك العصر المبكر . ولعل المسجد قد بني في القرن العاشر كي يقيم الرسل والتجار المسلمون الصلوات فيه . وكانت تقام فيه صلاة الجمعة ، ويخطب به للخليفة المسلم ، الصديق لبيزنطة ، فتارة يكون الخليفة العباسي وتارة الخليفة الفاطمي ، حسب الأوضاع السياسية . وفي عام 1027م قام الإمبراطور البيزنطي بتجديد بناء المسجد ، وقام بإصلاحه قسطنطين التاسع عام 1048م [4]. وقد يكون دار للضيافة للوفود الإسلامية ألحق به المسجد . وتشير بعض المصادر التاريخية إلى أن الخطبة في المسجد باسم الخليفة كانت ضمن عقد هدنة مع مصر; كما أن الملك الظاهر يرفع الحجر عن كنيسة القيامة ببيت المقدس ، يقوم القيصر بإصلاح المسجد [5].
في عام 1248 وصل ملك فرنسا لويس التاسع IX Louis (حكم 1226 ـ 1270 م) إلى الشرق للإشراف على حملة عسكرية جديدة على مصر ، والتي فشلت فيما بعد ووقع لويس أسيراً فيها في معركة المنصورة . وانتظاراً لفصل الربيع ، إستقر لويس في جزيرة قبرص للراحة قبل المباشرة بتحقيق الحلم الفرنسي . فبدأ سلسلة من النشاطات الدبلوماسية بما يخدم خطته : إبرام حلف مع المغول لوضع العالم الإسلامي بين فكي كماشة . ففي عام 1248م إستقبل وفداً مغولياً جاء للحصول على دعم غربي ، فلوح الوفد بإمكانية إعتناق المغول الديانة المسيحية ، فبادر إلى تزويد البعثة عند عودتها بالهدايا الدنيوية والدينية النفيسة إلى خان المغول [6]. فقد كان كلاهما ، المغول والصليبيون ، يبحثون عن حليف مناسب لمواجهة العدو المشترك ، الإسلام . وبقي التعاون بين المغول والصليبيين بسيطاً ، رغم اعتناق بعضهم المسيحية . ففي عام 1251 عاد المغول بموجة جديدة من الهجمات الوحشية يقودها ثلاثة إخوة من أحفاد جنكيزخان وهم مُنكا وكوبلاي وهولاكو . فأما الأول فعين عاهلاً غير مدافع للإمبراطورية وعاصمته كراكورم في منغوليا; وأما الثاني فحكم سعيداً في بكين; وأما الثالث فقد استقر في إيران ، وكان طامحاً في غزو الشرق الإسلامي بأسره حتى شواطئ المتوسط ، وربما حتى النيل . وكان هولاكو شخصية مركبة ، فمن الولع بالعلوم والفلسفة ومخالطة الأدباء ، إلى وحش دموي متعطش للدماء والدمار . ولا يقل سلوكه في موضوع الدين تناقضاً . فعلى الرغم من تأثره بالمسيحية ـ كانت أمه وزوجته الأثيرة وعدد من معاونيه ينتمون إلى الكنيسة النسطورية ـ فإنه لم يتخل قط عن الشمانية ديانة شعبه التقليدية .
في عام 1258م دخل هولاكو بغداد فاتحاً فأباد أهلها ، ودمر أسواقها ومدارسها ومكتباتها ، بعد أن اتفق مع أهلها على التسليم والإبقاء على حياتهم . فقتل في بغداد زهاء 000ر80 نسمة . ولم يسلم من الذبح سوى الطائفة المسيحية بناء على تدخل زوجة الخان [7].
واصل هولاكو مسيرته باتجاه الشام ليكمل فتوحاته ومذابحه . وكانت الأقلية المسيحية تتواجد في المدن السورية . ولما دخلت جيوش هولاكو ، كانت مواقف المسيحيين من فرنج وشرقيين مختلفة تجاه هولاكو : فالأرمن وقفوا بشخص ملكهم (هتهوم) في صف المغول ، كما وقف في صفهم صهره بيمند حاكم إنطاكية وهو فرنجي . والتزم فرنج عكا في المقابل وقفة حياد هو أميل إلى المسلمين . ولكن الشعور السائد في الشرق كما في الغرب هو أن الحملة المغولية نوع من حرب مقدسة تُشن على الإسلام وتمثل تتمة للحملات الفرنجية . وقد دعم هذا الشعور أن نائب هولاكو الرئيس في بلاد الشام ، القائد كيتبوكا ، وهو مسيحي نسطوري . وعندما أُخذت دمشق في أول آذار 1260 م ، كان الذين دخلوها ظافرين ، وسط استنكار العرب الشديد ، ثلاثة أمراء مسيحيين هم بيمند وهتهوم وكيتبوكا [8].
إعتمدت السياسة الخارجية الأوربية منهجاً براغماتياً ، إذ كانت تنتهز أية فرصة لتحقيق مصالحها ، وتتعامل مع الواقع السياسي من أجل تعبئة كل الجهود والإمكانيات من أجل مصالحها . في القرن السادس عشر عندما كانت الدولة العثمانية تمارس ضغطاً قوياً على أوربا ، بعد توسعها داخل القارة الأوربية ، والسيطرة على أقاليم أوربية واسعة ، فبادرت الدول الأوربية الأخرى إلى محاولة لتخفيف الضغط العثماني عنها ، وفتح جبهات أخرى على الدولة العثمانية ، كي تسحب جزءاً من قواتها في أوربا ، نحو تلك الجبهات . فكانت سياسة تحسين وتوثيق علاقات أوربا بمنافسي وأعداء العثمانيين ، أي مصر وإيران الصفوية .
فقد شهدت القاهرة وأصفهان حركة دبلوماسية غربية ، واستقبلت وفوداً وسفارات أوربية عديدة . كما شهدت البلاطات الأوربية سفراء مسلمين . ففي عام 1518 م أرسل الشاه عباس الصفوي مبعوثين إلى بولندا وهنغاريا . واستقبل البلاط الصفوي سفارة اسبانية عام 1529 من قبل تشارلس كونت إسبانيا ، إلى الشاه إسماعيل . وكانت رسالة الوفد الإسباني تتركز بالطلب من الشاه الصفوي إرسال قوة عسكرية إلى الحدود مع العثمانيين لممارسة ضغط عليهم ، من أجل سحب قسم من قواتهم المتواجدة في أوربا [9].
في تلك الفترة كانت لإيران علاقات جيدة مع أوربا ، فقد كانت هناك العديد من السفارات السياسية والمعاهدات الإقتصادية . ففي عام 1598م وصلت أول بعثة دبلوماسية إلى إيران ، تألفت من 27 عضواً برئاسة إثنين من النبلاء الإنجليز هما السير أنتوني شيرلي Shirly Anthony Sir وأخوه روبرت شيرلي RobertShirly. لقد كانت مهمتهما عسكرية هي تأسيس جيش فارسي حديث . وتمكنا من تجنيد وتدريب 000ر12 رجل مجهزين بالبنادق والمدافع الإنجليزية [10]. وفي عام 1600 كلف الشاه الصفوي ، السير أنتوني شيرلي بمهمة دبلوماسية ، إذ طلب منه ترؤس وفد إيراني يزور أوربا ، وإجراء إتصالات مع الحكومات والدول الأوربية . وضم الوفد حسين علي بيك وأربعين آخرين ، زار النمسا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا . واستغرقت البعثة سنتين نجحت خلالهما في ترسيخ أسس العلاقات السياسية مع أوربا . كما قابلت البابا في روما ، وشرحت له سياسة التحالف ضد العثمانيين ، فوعد البابا بالتعاون مقابل أن يمنح القساوسة والمبشرين الكاثوليك الإيرانيين حرية أكثر في نشاطاتهم [11]. وفي عام 1602 أرسل البابا كولمان الثامن VIII Colman بعثة أكليركية برئاسة بير جان تادي Pere Juan Tadiإلى البلاط الصفوي ، حيث استقبله الشاه الذي استلم الرسالة والهدايا . ثم سمح الشاه عباس ببناء كنيسة في أصفهان . وبقي الأسقف تادي عدة سنوات في فارس متمتعاً بضيافة الشاه .
وكان الأوربيون يتنافسون من أجل السيادة على منطقة الخليج ، فالتجار الهولنديون والألمان كانوا في منافسة حادة من أجل الهيمنة على السوق الإيراني ، والسيطرة على صناعة الحرير في إيران . وفي تلك الفترة حصل الألمان على امتياز لتصدير الحرير الإيراني إلى أوربا عبر الأراضي الروسية [12]. أغضب الإمتياز الهولنديين ، مما دعا ممثل شركة الهند الشرقية في المنطقة نيكولاس ياكوب أوفرشخل Nicholas Jacob Overschle إلى لقاء السفير الألماني في فارس ، أوتو برخمان Otto Brugmann، وأبلغه بأن التجارة الألمانية تهدد المصالح الهولندية ، لكن الألمان لم يعيروا أهمية للتحذير الهولندي . عندذاك بادر الهولنديون إلى رفع أسعار الحرير ، الأمر الذي سبب اضطراباً في الأسواق . وجد التجار الألمان الأسعار باهضة جداً ، بحيث أن شراءها يكلفهم غالياً ، إضافة إلى أنهم يجب أن يدفعوا ضرائب وجمارك . فلم يعد باستطاعتهم شراء الحرير ، فاضطروا إلى مغادرة إيران . بعد رحيل الألمان قام الهولنديون بتخفيض الأسعار مرة أخرى ، وليحتفظوا بهيمنتهم على الأسواق .
وجد الشاه في ممارسة الهولنديين خلقاً غير لائق ، فأصدر أمراً بأن يدفع الهولنديون الجمارك أيضاً . رفض الهولنديون دفع الضريبة . تطورت القضية واستمرت إلى عهد الشاه عباس الثاني . وفي عام 1645 هاجم الأسطول الهولندي جزيرة قشم وجزيرة هرمز وميناء بندر عباس ، من أجل إعاقة التجارة البريطانية في المنطقة . أثار الهجوم البحري قلق الشاه فطلب من الإدميرال نيكولاس بلوك Block Nicholas التفاوض وتسوية القضية . إتفق الطرفان ووقعا اتفاقية منحت الهولنديين إمتيازات أكبر [13].
في العصور الوسطى ، كانت العلاقات الخارجية تتركز على الصلات التقليدية والدينية ، إذ كان من الطبيعي ، وليس دائماً ، أن تكون الدول تسعى إلى التحالف مع نظيراتها في الدين والعقيدة ، فالمسلم يرغب بالمسلم ، والمسيحي يفضل المسيحي . ولكن ذلك لا يعني أنه لا توجد صراعات وحروب بين أتباع الدين الواحد ، وأن مصالحهم لا تتقاطع ، بل نريد الإشارة إلى أن العامل الديني يبقى دافعاً هاماً في السياسة الخارجية . في عام 1489 وخلال تقدم القوات المسيحية في العمق الإسباني جنوباً لإستعادة الأندلس من المسلمين ، أرسل الأمراء الأندلسيون عدة رسائل إلى الحكام المسلمين ، طالبين المساعدة للوقوف بوجه الهجوم المسيحي بقيادة الملك فرناندو Fernando. وكانت القاهرة قد استقبلت بعثة أندلسية طلبت مساعدة عسكرية لمواجهة القوات المسيحية المحيطة بغرناطة . يصف إبن إياس وصول السفارة إلى مصر بقوله : وفي ذي العقدة سنة 892هـ/ 1487م جاء قاصد من عند ملك المغرب صاحب الأندلس ، وعلى يد مكاتبة من مرسله تتضمن أن السلطان يرسل له تجريدة تعينه على قتال الفرنج ، فإنهم أشرفوا على أخذ غرناطة وهو في المحاصرة معهم [14]. في ذلك الوقت كانت علاقات مصر المملوكية جيدة مع الدول الأوربية . قرر الملك الأشرف قايتباي المحمودي الظاهري تكليف رعاياه المسيحيين في القدس للتوسط بالأمر . فبعث برسالة إلى القساوسة في كنيسة القيامة طالباً منهم «أن يرسلوا كتاباً على يد قسيس من أعيانهم إلى ملك الفرنج صاحب نابل (نابولي الإيطالية) ، بأن يكاتب صاحب أشبيلية (الإسباني المسيحي) بأن يحل عن أهل مدينة غرناطة ويرحل عنهم» [15]، وإلا يقوم السلطان بإلقاء القبض على المسيحيين المقيمين في القدس وأشرافهم ، ويمنع الأوربيين من دخول القدس ، بل ويهدمها . فلبى القساوسة الأمر ، وراسلوا حاكم نابولي ، لكن لم تثمر شيئاً ، إذ دخل فرناندو غرناطة وسقطت آخر مدينة أندلسية مسلمة
ولم يكن موقف العثمانيين أفضل من موقف مصر التي اكتفت بالتهديد والوعيد . فقد راسل الأندلسيون السلطان العثماني بايزيد الثاني طلباً للعون ، فاتصل بمصر وعقدا هدنة مؤقتة ، تنهي الحروب والعداوات بين الدولتين المسلمتين ، ووضعا خطة مشتركة بإرسال أسطول قوي لغزو صقلية التي كانت يومئذ من أملاك إسبانيا ليشغل بذلك اهتمام إيزابيلا وفرناندو ، وأن تبعث قوات برية من مصر وأفريقية ، تعبر مضيق جبل طارق إلى الأندلس لمساعدة جيوشها [16]. وبقيت الخطة مجرد حبر على ورق ، وتهاون العثمانيون في إنقاذ الأندلس في الوقت الذي كانت لديهم قوات كبيرة في أوربا ، ويجوب أسطولهم البحر المتوسط . فضاعت الأندلس بسبب تقاعس المسلمين وتهاونهم واستفحال العداوة والتجزئة بينهم .
يقع شمال أفريقيا على الشاطئ الجنوبي للبحر المتوسط فيما تحتل أوربا الشاطئ الشمالي منه . هذا الوضع الجغرافي أتاح الفرصة لإقامة علاقات مباشرة ومستمرة مع أوربا . وكان للبلاط المغربي خبرة طويلة في العلاقات الدبلوماسية مع الدول الأوربية . في عام 1610 وصل الشيخ أحمد بن قاسم الحجري إلى باريس ، في مهمة خاصة . فقد تعرضت الطائفة المورسكية ، التي كانت تقيم في إسبانيا بعد سقوطها بأيدي المسيحيين ، للنهب من قبل أصحاب السفن الفرنسية التي استأجروها لنقلهم من إسبانيا إلى المغرب ، بعد أن طردهم فيليب الثالث من إسبانيا لرفضهم التخلي عن الإسلام وإعتناق المسيحية . على إثر هذا النهب ، إتصلت بعض العائلات بسلطان المغرب المولى زيدان ، وطلبوا منه مساعدتهم ، وإرسال من يطالب بحقهم . يقول الحجري :
(وبعد ما أخذ فيليب الثالث كل ما كان لهم ، أخرجوهم في بعض الجزر من بلاد المسلمين ، وأربعة من تلك السفن المنهوبة خرجت بالمغرب ... وطلبوا من السلطان المولى زيدان ... أن يأذن لهم في إرسال بعض من أصحابهم مع رجل من الأندلس من الذين كانوا قبلهم بتلك المدينة ، وأسفر نظره أن نمشي بأصحابهم وأعطانا السلطان كتابه) [17]. واستطاع الحجري أن يتم المهمة بنجاح ، وأعاد الأموال المنهوبة إلى أصحابها ، فقال (والحمد لله أن كل من وكلني من جميع الأندلس وصل إليه شيء من الدراهم) [18].
وزار الحجري هولندا وتجول في مدنها ، أمستردام وليدن ولاهاي ، والتقى بالمستشرق الهولندي الكبير إربينيوس Erpenius، وكانت لديه حوارات ونقاشات معه . وقد ورد ذكر أحمد الحجري في رسالة بعثها إربينيوس بتاريخ 28 أيلول 1611 إلى صديقه المستشرق كازابون Casaubon قال له فيها :
(ووراء كل ما كنت أتوقع ، فقد وصل إلى زيارتي تاجر مغربي مسلم إسمه أحمد ، وهو رجل متحضر وذكي . وكان قد درس الأدب في شبابه ، ويتكلم العربية الفصحى بصورة جيدة ولكن متواضعة ... لقد كنا نتكلم بالعربية ، لأنه كان يتكلم الإسبانية إضافة إلى العربية ، لكنني لا أتكلم بها . وقد كنا نتناقش دائماً في أمور الدين) [19]. أما أحمد الحجري فقد وصف إربينيوس بأنه لم يكن يجيد العربية ، بل كان (يعرب الأسماء ويصرف الأفعال) ، وذكر بأنه أخذ يعلم المستشرق إربينيوس اللغة العربية عندما التقاه في باريس عند الطبيب هبرت ، الذي كان قد تعرف عليه في مراكش . يصف الحجري ذلك اللقاء بقوله : (والتقيت في تلك المدينة (باريز) برجل من علمائهم كان يقرأ بالعربية ، وبعض النصارى يقرأون عليه ، كان يسمى بأبرت وقال لي : أنا أخدمك فيما تحتاجني ... وما نحب منك إلا أن نقرأ عليك في الكتب التي عندي بالعربية).
وتطرق الحجري في وصفه لرحلته ولقاءاته ، إلى الحديث عن المجتمع الأوربي في ذلك الوقت ، الإقتصاد ، السياسة ، طراز المدن ، العادات والتقاليد ، الطعام والملابس .
تطور القانون الدولي الإسلامي في القرون الوسطى
على الرغم من دعوة القرآن إلى التعارف وإقامة علاقات مع غير المسلمين من شعوب وقبائل ، وأن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)قد بدأ بسلسلة من الإتصالات الدبلوماسية وأرسل سفراءه إلى الدول المجاورة مثل بيزنطة وفارس ومصر والحبشة ، إلا أن خلفاءه لم يواصلوا مبادرته وسياسته . لقد حققوا فتوحات كبيرة وسعت رقعة الدولة الإسلامية بشكل متسارع خلال فترة زمنية قصيرة . لقد أدت هذه الفتوحات المفاجئة إلى زوال إحدى القوى العظمى آنذاك ، الإمبراطورية الساسانية ، وانسحاب القوة العظمى الأخرى ، الامبراطورية البيزنطية ، من تواجدها التأريخي في الشام (سوريا وفلسطين والأردن) . لقد غيرت هذه الفتوحات مكانة ووضعية العرب ، من محاربين بدو إلى حكام متحضرين . كما غرست الشعور لديهم بالقوة والسيادة على غيرهم من الأمم ، وخاصة غير المسلمين . فقد نما الشعور القومي في العصر الأموي مما أدى إلى الإزدراء بغير العرب ، وحرمانهم من حقوق المواطنة والمساواة التي يكفلها الإسلام لهم .
لقد وضعت الظروف والتغيرات الجديدة الدولة الإسلامية في تحديات جديدة ، حيث أصبحت تتعامل بشكل مباشر مع الدول غير المسلمة ، وخاصة الواقعة على حدود دار الإسلام . وجد المسلمون أن هناك حاجة لصيغة جديدة في التعامل مع الدول غير المسلمة ، بالإضافة إلى سياستها المتسامحة تجاه الأقليات غير الإسلامية داخل الدولة الإسلامية . قام الفقهاء بتطوير فرع من الفقه الإسلامي ، له علاقة بالعلاقات الخارجية ، هو السّيَر ، لتلبية متطلبات الظروف المستجدة والقضايا الطارئة . فهذا يعتبر أساس القانون الدولي الإسلامي [1].
لعبت العلاقات بين الدولة الإسلامية والدول غير الإسلامية دوراً هاماً في تطوير مفاهيم وآراء جديدة في الفقه الإسلامي . فالواقع وقضاياه ومشاكله تطرح أسئلة وتطلب حلولاً ، لا بد للفقه أن يبدي رأيه فيها ، سواء كانت القضايا نابعة من داخل المجتمع الإسلامي أو بسبب علاقته واتصاله بالأمم الأخرى . قد يكون من الصحيح القول بأن القانون الدولي الإسلامي أو السير ، نشأ أولاً لتنظيم قضايا الحرب والقتال وشؤون الأسرى وعقد الهدنة أو غيرها ، لكن هناك دوافع وأسباباً أخرى جعلت القانون الدولي الإسلامي يتوسع ليشمل أمراً غير الحرب مع الكفار . فقد كانت التجارة وانتقال الأفراد والتجار إلى دار الحرب ، والتعاون السياسي مع دار الكفر وغيرها أموراً تدفع الفقهاء إلى المزيد من البحث والإجتهاد لمواجهة الأوضاع السياسية والإجتماعية والإقتصادية المتغيرة . ففي العصر العباسي عقد الخليفة هارون الرشيد حلفاً مع فرنسا المسيحية ، وكلاهما كان ضد بيزنطة . وصلت العلاقات العباسية ـ الفرنسية ذروتها عندما قبل هارون بمبادرة أسقف القدس الذي أرسل بعثة إلى شارلمان ملك فرنسا تحمل معها هدية عبارة عن مفاتيح الضريح المقدس والمدينة مع الراية [2]. يعتبر البروفسور بوكلر Bucklerهذه الخطوة بمثابة منصب رمزي لشارلمان باعتباره والياً للقدس تحت سلطة الخليفة العباسي . ويحتج بأن مثل هذا المنصب ، وحسب الماوردي ، يكون بتوكيل من الخليفة ، الذي يمكن أن يمنحه لغير مسلم . ويرفض مجيد خدوري ذلك التفسير قائلاً أن العلاقات الدبلوماسية بين شارلمان والرشيد كانت سياسية . ولم يتم التعامل أبداً مع القدس باعتبارها جزءاً من صفقة سياسية ، حتى يقال أنه يمكن تعيين وال غير مسلم عليها . وينفي وجود أي شيء في كتابات الماوردي تسمح بمثل ذلك ، كما يدعي بوكلر ، وإعطاء مثل ذلك المنصب إلى غير مسلم [3].
لقد فرضت متطلبات الدولة الإسلامية وحقائق الحياة وواقعها على المسلمين أن يتولى الفقهاء التعامل مع المستجدات ، ومنها كيفية التعامل مع الدول غير الإسلامية ، وإعطاء وجهة نظر الشريعة بالمسائل المطروحة عليهم . ويلاحظ أن ليس كل فقهاء الإسلام تعرضوا لذلك الواقع ، فقد كان فقهاء الحجاز بعيدين عن الإحتكاك بالأمم الأخرى ، ولذلك لم يتعرضوا لمسائل التعامل مع الدول غير الإسلامية . فالفقيه مالك بن أنس فقيه الحجاز (93 ـ 179هـ/712 ـ 796م) لم يخصص إلا فصلاً صغيراً عن الجهاد . كما أن شيوخه من قبل كابن شهاب الزهري (ت 124هـ/742م) وربيعة الرأي (ت 136هـ/ 754م) إهتموا بالموضوع أقل منه . ذلك أن فقهاء الحجاز كانوا بعيدين عن المناطق التي حصل فيها الإتصال المباشر بين الاسلام وبين شعوب أخرى، فلم يبالوا كثيراً بالمشكلات التي كانت تنشأ نتيجة لهذا الإحتكاك بين المسلمين وبين الشعوب الأخرى [4].
ومن تلاميذه الذين اهتموا بالجهاد سحنون الذي كتب (المدونة) خارج الحجاز ، في القيروان . من جانب آخر نجد أن فقهاء العراق أولوا إهتماماً كبيراً بقضايا الحرب والجهاد ، بل أن القانون الدولي الإسلامي يمكن إعتباره من إجتهاد فقهاء العراق . فالفقيه أبو حنيفة (80 ـ150هـ/699 ـ 802م) الذي نشأ ودرس في الكوفة وتوفي في بغداد ، وتلامذته أمثال محمد بن الحسن الشيباني (132 ـ 189 هـ/750 ـ 805م) وأبي يوسف القاضي (113 ـ 182هـ/ 731 ـ 798م) وأبي اسحاق الفزاري (ت 186هـ/802م) قد كتبوا وفصلوا في باب السير وقضايا جهاد الكفار والتعامل مع الدول غير المسلمة أكثر من معاصريهم من الفقهاء . ويعد عبد الرحمن الأوزاعي (ت 157 هـ/774 م) أحد الفقهاء القدامى الذين عالجوا السير كموضوع مستقل من مواضيع الشريعة . وكانت آراء الأوزاعي في هذا الموضوع ـ وهي آراء توصل إليها في سوريا في العهد الأموي ، إذ أنه عاش معظم حياته في ذلك العهد ـ تمثل التفكير الشرعي لتلك الحقبة [5].
بصورة عامة ، كان فقهاء المغرب وشمال أفريقيا قد تعاملوا بشكل مباشر مع قضية العلاقات مع غير المسلمين أكثـر من فقهاء المشرق (العراق ، سوريا ، الحجاز وفارس) . فالفقيه المالكي سحنون ، أبو سعيد عبدالسلام التنوخي (ت 240 هـ / 855 م) كتب مفصلاً في مسائل الحرب ، لأن الإسلام في شمال أفريقيا وإسبانيا كان على اتصال يومي ومباشر مع الدول الأوربية وغير الإسلامية ، ولكن معالجته تعكس تأثره بالفقهاء الحنفية ليس بأقل من تأثره بالمالكية فيما يتعلق بهذا الموضوع . وتعتبر (المدونة) لسحنون من عمدة المؤلفات في المذهب المالكي ، إضافة إلى (الواضحة) لعبد الملك بن حبيب ، و(العتيبية) لمحمد ابن أحمد العتبي القرطبي (ت 255هـ /869م) ، و(الموازية) لمحمد بن إبراهيم بن زياد الإسكندري المعروف بالمواز (ت 269هـ/882م) [6]. وأصل المدونة كتبها أسد بن الفرات (ت 213هـ/828م) الذي توفي أثناء حصار سرقوسة في جزيرة صقلية . وتعرف بالمدونة الأسدية ، وقام سحنون بشرحها فنسبت إليه .
وأصدر الفقيه الأندلسي إبن ربيع (ت 719هـ/1320م) فتوى تتعلق بوضعية الأقلية الإسلامية تحت الحكم المسيحي . كما عالج الفقيه الأندلسي إبن رشد مسائل ذات علاقة بالتعامل مع غير المسلمين .
وفي القرن الخامس عشر ، كتب الفقيه المغربي ، الأندلسي الأصل ، عبد العباس الونشريسي مقالة بعنوان (أسنى المتاجر في بيان أحكام من غلب على وطنه النصارى ولم يهاجر) . ناقش الونشريسي مسائل تتعلق بشرعية البقاء تحت الحكم المسيحي . فقد سئل من قبل جماعة من المهاجرين المسلمين الذين غادروا الأندلس بعد سقوط غرناطة وعودة الحكم المسيحي بقيادة الملك فرناندو والملكة إيزابيلا إلى إسبانيا . وكان هؤلاء المهاجرون قد رغبوا بالعودة إلى الأندلس حيث عاشوا ، عندما واجهوا ضيق العيش وقلة الرزق في المهجر .
1-المجتمع الدولي وتطور العلاقات الدولية
مقدمة:
إن المتأمّل في صرح المجتمع الدولي يلاحظ مدى التنظيم والتطور والانسجام الذي أصبح يطبع الحياة السياسية في كثير من مجالاتها، فالبشرية لم تصل إلى هذه الدرجة من التنظيم إلا بعد حقبة زمنية طويلة وشاقة.
وقد اعتاد كثير من فقهاء القانون الدولي العام أن يؤرخوا لنشأة المجتمع الدولي بداية من القرن 16 م، و الأسباب التي دفعت إلى هذا الاعتياد تكمن في النظرة الأوربية الضيقة للقانون الدولي العام، الذي أُعتبر إلى عهد قريب قانون الأمم الأوربية المتحضرة.
غير أن هناك من يرى أن القانون الدولي العام هو قبل كل شيء قانون يحكم العلاقات ما بين الجماعات والتجمعات البشرية على أساس أن القانون الدولي العام عندما يطبق على الدول إنما يعني ـ في الواقع ـ أنه يطبق عليهم باعتبارهم مجتمعات سياسية متميزة ومستقلة.
ومن هذا نستطيع القول أن المجتمعات في القديم كانت تعتبر "مجتمعات سياسية" وأن القانون الدولي القديم يستمد حدوده من علاقات هذه المجتمعات.
ماهية المجتمع الدولي:
المجتمع الدولي نوع من المجتمعات السياسية كما هو الشأن في المجتمعات الوطنية (مع وجود اختلاف في النطاق الجغرافي وإطار العلاقات).
فالمجتمع السياسي قديم التكوين بقدم العمران البشري لأنه ناتج عن استقرر وتنظيم حياة جماعات بشرية في زمان ومكان معين ويتميز بـ:
• وجود سلطة تحافظ على التضامن بواسطة قواعد قانونية.
• يمتلك وسائل القهر والإلزام.
وعليه فدول العالم جمعاء تشترك في تكوين المجتمع الدولي. ومن ثم فإن دراسة تكوين وتطور المجتمع الدولي يجب أن تبدأ من الفترات التاريخية الأولى وهو ما سنقوم به بصورة موجزة ومركزة كما يلي:
1ـ المجتمع الدولي قبل الميلاد (3000 ق م إلى 476 م).
• 1ـ حضارة الشرق القديم.
• 2 ـ حضارة الغرب القديم.
2 ـ المجتمع الدولي في العصور الوسطى (476 م إلى 1453 م).
• 1 ـ العالم المسيحي (أوربا في العصور الوسطى).
• 2 ـ العالم الإسلامي في العصور الوسطى.
3 ـ المجتمع الدولي في العصر الحديث والمعاصر (1453 إلى اليوم).
• أ ـ المرحلة الأولى (1453 – 1815).
• ب ـ المرحلة الثانية (1815 – 1914).
• ج ـ المرحلة الثالثة (1914 – إلى يومنا هذا).
4 ـ أشخاص المجتمع الدولي.
• أ ـ الدولة وأركانها.
• ب ـ أشكال الدول.
• ج ـ حقوق الدول وواجباتها.
• د ـ السيادة في ظل العولمةو تبدل موازين القوة.
العصر القديم:
ويبدأ هذا العصر حوالي الألفية الثالثة قبل الميلاد إلى غاية سقوط روما سنة 476 م.
مميزات الوضع العام خلال هذه المرحلة: يتميز بنوعين من التنظيمات السياسية:
1ـ الإمبراطوريات التي أسستها القوى العظمى في ذلك الوقت (الإمبراطورية الفرعونية، الإمبراطورية الأخمينية (من ق 6 إلى القرن 4 ق م) بفارس،الأمبراطورية البابلية.
2 ـ الدول- المدن- وبالأخص المدن اليونانية وامتازت بالانسجام في تعاملها والتنظيم الكبير في علاقاتها.
وكان يغلب على هذه المجتمعات طابع الحرب ومنطق العداء، وهو الأمر الذي أثار الخلاف بين الفقهاء حول إمكانية نشوء قواعد قانونية ومصادر أولية لتنظيم دولي.
غير أن الأبحاث العلمية كشفت عن وجود قواعد دولية وعلاقات فيما بين هذه المجتمعات حتى وإن كانت هذه القواعد محدودة في مجالها وبدائية في مفهومها.
ويؤكد المفكر الفرنسي مونتسكيو "إن كل الشعوب بما فيهم جماعة الهنود الحمر الذين يأكلون لحوم أسراهم كان لها قانون دولي".
أولا:الشرق القديم:
1 ـ حضارة وادي الرافدين:
المعاهدة المبرمة سنة 3100 ق م بين زعيمي قبيلتين من منطقة ما بين النهرين لوضع حد لنزاع قائم بينهما على الحدود كما نصت على تسوية المنازعات فيما بينهما عن طريق اللجوء إلى التحكيم.
2 ـ الحضارة الفرعونية:
كشفت الأبحاث عن معاهدة كتبت باللغة البابلية بين رمسيس الثاني ملك مصر وحاتوبيل ملك الحيثيين حوالي سنة 1292 ق م، حيث تعهد الطرفان من خلالها بتبادل المساعدة ضد الأعداء الداخليين والقيام بتسليم هؤلاء إذا لجأوا إلى بلد الطرف الآخر على شرط عدم توقيع عقاب عليهم قبل ذلك.
وتعتبر هذه المعاهدة أقدم نموذج معروف في شأن تسليم المجرمين السياسيين.
وكان احترام وتنفيذ هذه المعاهدات يتم بضمان الآلهة فقد جرت العادة أن يقسم كل طرف من أطراف المعاهدة بعدد من الآلهة ضمانا لاحترام المعاهدة.
3 ـ الديانة اليهودية:
اتصفوا بالانعزالية والتعالي على الشعوب الأخرى وتمجيد العنف وأسلوب الحرب إلى درجة أطلقوا على إلههم "رب الانتقام" ففي العهد القديم تضمن الإصحاح 15 من سفر صموائيل أمرا صريحا من رب اليهود إلى ملكهم مفاده: "... ولا تعف عنهم بل اقتل رجلا،طفلا ورضيعا، جملا وحمارا...".
4 ـ الحضارة الفينيقية:
ملك الفينيقيون قوة تجارية كبرى وامتد نفوذهم الاقتصادي إلى بلاد الشام شرقا حتى بلاد الإسبان غربا، وقويت شوكتهم أكثر بعدما قامت دولتم في تونس ببناء مدينة قرطاجنة سنة 825 قم.
والدولة القرطاجنية دستورية ونظام حكمها جمهوري ولها مجالس متخصصة مثل: مجلس الشيوخ المنتخب (28 عضو) ومجلس التجار ومجلس القضاء.
وفي الجزائر قامت إمارات ودويلات كان أشهرها الدولة النوميدية التي حكمها يوغرطة (118 ق م إلى 14 ق م) عاش طول حياته يحارب الرومان.
ثانيا: الغرب القديم: (L’occident antique):
يقصد بالغرب القديم كل من الحضارتين اليونانية (الإغريقية) والرومانية.
1 ـ الحضارة اليونانية: ساهمت هذه الحضارة بشكل كبير في تكوين قواعد القانون الدولي، حيث أن المجتمع اليوناني كان مقسما إلى عدد من الوحدات السياسية ومستقلة عن بعضها تماما (قبل أن تتوحد على يد الإسكندر الأكبر في النصف الثاني من القرن 4 ق م)، مما ساعد مع مرور الزمن على إنشاء نوعا من قواعد القانون الدولي التي تنظم العلاقات بين هذه المدن في وقت الحرب والسلم.
بلغ عدد هذه الوحدات السياسية اثني عشر وحدة، كل واحدة تدعى مدينة (cité)، وهذا المصطلح يقابل إلى حد كبير مصطلح الدولة في الوقت الحاضر، وقد عرفت هذه المدن علاقات وثيقة فيما بينها، تميزت بالاستقرار والتفاهم نظرا لانتمائهم إلى حضارة واحدة، تستند إلى اعتبارات عرقية ودينية ولقومية مشتركة، حيث تمّ تبادل البعثات الديبلوماسية، ونظموا قواعد للتعايش السلمي بينهم، وذلك بإيجاد التحكيم وسيلة لحسم الخلافات، وبعض قواعد الحرب (مثل ضرورة إعلان الحرب قبل شنها، وتحريمها أو وقفها في أوقات معينة كفترة الألعاب الأولمبية، وتبادل الأسرى، واحترام اللاجئين إلى المعابد...).
كما عرف اليونانية وسيلتين أساسيتين للعلاقات القانونية هما المعاهدة والديبلوماسية: فالنسبة للمعاهدات فقد استعملت لتنظيم العلاقات بينهم في العديد من المجالات مثل تعزيز السلم (معاهدة سنة 446 ق م بين أثينا وإسبرطة) أو التحالف العسكري (معاهدة سنة 418 ق م بين إسبرطة وأرغوس).
أما فيما يخص الديبلوماسية فقد ظهر ما عرف بنظام البروكسينية (Proxénie) الذي هو أساس ما يعرف بالحماية الديبلوماسية (احترام حرمة السفراء).
لكن كل هذه القواعد تطبق بين المدن فقط، وذلك لأن اليونانيين قد ميزّوا بين الشعب اليوناني وغيره من الشعوب الأخرى الذين اعتبروا غير متحضرين (Barbares) يحق استعبادهم وقتلهم، وليس لهم أية حقوق، ولذلك كانت علاقات هذه المدن اليونانية بالشعوب الأخرى تقوم على أساس الحرب التي لا تخضع لأي قواعد قانونية أو اعتبارات إنسانية.
2 ـ الحضارة الرومانية: لم يختلف الرومان عن اليونانيين في اعتقاداتهم بأنهم جنس متميز عن الشعوب الأخرى فقد أوجدوا القانون المدني الروماني (Jus civil) لا يطبق إلا على الرومان دون غيرهم من شعوب الإمبراطورية الرومانية المترامية الأطراف. ولما كثر عدد الغرباء لجأت السلطات الرومانية منذ سنة 242 ق م إلى تعيين قضاة خاصين بهم يسمون "قضاة الغرباء" مهمتهم الفصل في الخلافات التي تعرض عليهم ليس استنادا إلى القانون وإنما اعتمادا على الأعراف السائدة بين المتقاضين وإلى مبادئ الأخلاق والعدالة، وهذه القواعد عرفت فيما بعد بقانون الشعوب (Jus comtium)، أما بالنسبة لعلاقات الرومان مع الأمم الأخرى، فقد عرفت نظام آخر لتنظيمها، تمثل في القانون الإلهي المقدس، أشرفت على تطبيقه هيئة تتكون من مجموعة من رجال الدين، عددهم عشرين رجلا، عرفوا باسم (Fetiales) كانوا يقررون ما إذا كان هناك سبب عادل لإعلان الحرب ضد بلد أجنبي أم لا، وكذلك عقد السلم وإبرام المعاهدات.
ومن اشهر المفكرين الذين عالجوا موضوع الحرب في تلك الحقبة نجد القديس "أوغسطين" (354-430 م)، الذي ميّز بين الحرب العادلة (Guerre juste) والحرب غير العادلة (Guerre injuste) في كتابه "مدينة الله" (La cité de Dieu).
إضافة إلى ما سبق ذكره كانت علاقات الرومان مع الشعوب الأخرى تتوقف على ما إذا كانت هذه الشعوب تربطها بروما معاهدة صداقة (Amicitia) أم معاهدة ضيافة (Hospitium) أم معاهدة نحالف (Foedus)، وبالتالي فإنّ أفراد هذه الشعوب يتمتعون بالحماية عند انتقالهم أو وجودهم بروما، أما الشعوب الأخرى التي لا تربطها أية معاهدة بروما، فإنّ أفرادها وممتلكاتها لا يتمتعون بالحماية، إذ يحل قتلهم أو استعبادهم كما يحل الاستيلاء على ممتلكاتهم.
خلاصة القول: رغم أنّ مختلف الشعوب وبالتالي الحضارات خلال العصور القديمة ساهمت في تكوين قواعد القانون الدولي وبالتالي التنظيم الدولي، إلا أننا نجد بعض الفقهاء يرفضون ذلك،على اعتبار أن تلك الدول والحضارات القديمة لم يكن لها قانونا مشتركا، ولم تكن هناك مساواة بين مختلف الشعوب والأجناس، وبالتالي لم تتوفر الأسس الاجتماعية لقانون دولي.
ويضيف آخرون (من بينهم "كانت" Kent، "فرجيه" Vergé، "موري" Maury، "هوتن" Whoton...) أنه خلال العصور القديمة لم يكن هناك استيعاب للمفهوم الأساسي لقانون الأمم، لأنه لم يحترم الإنسان بوصفه إنسانا، وكان ينظر للأجنبي كعدو، ولم يكن للمعاهدات حرمة، وبالتالي كان يطغى على المجتمع الدولي آنذاك منطق القوة وتسوده الفوضى، حيث كانت الحرب وسيلة مشروعة لاكتساب الحقوق ولحماية هذه الحقوق.
ومن جهة أخرى، فإذا كان القانون الدولي المعاصر قانونا موحدا، فإنّ القواعد (الدولية) التي عرفت قديما كانت تشكل نظما مختلفة ومتباينة حسب كل دولة أو حضارة قديمة، والسبب في ذلك دون شك يرجع إلى أنّ ظروف الحياة في كل منطقة، والظروف التاريخية والجغرافية والسياسية والاقتصادية حتمت نشوء جملة من المبادئ القانونية الخاصة بشعوب أو بدول كل منطقة.
لكن على العموم لا يعني ذلك أننا ننكر مساهمة الحضارات القديمة في نشأة قواعد القانون الدولي، وهي قواعد تلائم ظروف العصر، وكانت محدودة جغرافيا وموضوعيا، ولم يكن هناك ما يشبه المجتمع الدولي الحالي الذي يتميّز إلى حد ما بنوع من التنظيم والاستقرار، ويخضع لقواعد قانونية ثابتة. ومن بين أهم المبادئ التي عرفت قديما نذكر:
• الاعتراف بوجود وحدات سياسية متمايزة ومستقلة.
• وجود التمثيل الديبلوماسي.
• إمكانية قيام علاقات قانونية بين مختلف هذه الوحدات، على أساس حقوق وواجبات متبادلة.
• وجود اعتقاد لدى مختلف المجتمعات آنذاك بأنّ التعهدات المتخذة وفقا لشروط شكلية معينة ملزمة للأطراف المعنية.
المبحث الثاني: المجتمع الدولي في العصر الوسيط (476 م – 1453 م).
يجمع أغلب المؤرخون أن العصر الوسيط يبدأ بسقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية (عاصمتها روما) سنة 476 م، وينتهي بسقوط الإمبراطورية الرومانية الشرقية (عاصمتها القسطنطينية) سنة 1453 على يد محمد الفاتح العثماني، لتخضع للحكم العثماني.
سنحاول في هذه المبحث التطرق إلى وضع أوربا المسيحية في تلك الفترة، إضافة إلى توضيح أهم المبادئ ذات الطابع الدولي التي تضمنتها الشريعة الإسلامية، والمسلمون في علاقاتهم بالشعوب غير الإسلامية.
أولاـ العالم المسيحي (أوربا في العصر الوسيط):
لقد شهد العالم وخاصة بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية توقف أي تقدم فيما يخص تطور قواعد القانون الدولي، بفعل جملة من العوامل والظروف حالت دون توفر شروط إنشاء مجتمع دولي أو تنظيم دولي ولو إقليمي (في أوربا على الأقل)، خاصة وأنه كان يسود مبدأ إقليمية السلطة التي احتكرها الإقطاعيون، وذلك ما حال دون قيام سلطة مركزية فعلية وحقيقية، واستمر الأمر كذلك إلى غاية بداية القرن11، حيث بدأت تقوم تدريجيا علاقات مباشرة مع الخارج لغرض التجارة بصفة خاصة، وبالتالي بدأت تظهر الأسواق الدولية.
إن أهم العوامل والظروف التي حالت دون تطوير القانون الدولي نذكر:
1 ـ التجزئة والفوضى السياسية: بعد التقسيم الذي مسّ الإمبراطورية الرومانية سنة 395 م في عهد الإمبراطور "ثيودوس" (Théodose) بين ولديه إلى إمبراطورية غربية وأخرى شرقية، لم تلبث الأولى كثيرا لتسقط على يد القبائل الجرمانية سنة 476 م، وبذلك قسمت أوربا إلى عدد من الممالك والإمارات المتصارعة، ميّز علاقاتها روح العداء والحروب المستمرة.
واستمرت هذه الفوضى السياسية إلى أن تمكن الإمبراطور "شارلمان" (Charlemagne) من توحيد تلك الوحدات السياسية تحت إطار الإمبراطورية الرومانية المقدسة، بعد تتويجه من طرف البابا "ليون الثالث" لكن الأمر لم يدم طويلا، إذ بعد وفاة "شارلمان" سنة 843 م رجعت الفوضى والانقسامات من جديد، وزاد أكثر تدخل الكنيسة في أمور السياسة والحكم.
2 ـ نظام الإقطاع (Régime de la féodalité): ظهر هذا النظام بأوربا ابتداء من القرن 9 م واستمر إلى نهاية العصر الوسيط تقريبا. يقوم نظام الإقطاع من الناحية السياسية على استئثار وانفراد الأمير أو الحاكم بجميع مظاهر السلطة داخل إقليم معين، على أساس أنها ملك شخصي له يتصرف فيه كما يشاء، كما يقوم على أساس الاقتصاد الزراعي ونظام ا لرقيق .
كانت السلطة في المماليك الإقطاعية موزعة بين الملك والإمبراطور والبابا والسيد الإقطاعي.
في الداخل كان كل إقطاعي يمارس السلطة في مقاطعته دون الملك، وأما في الخارج فلم يكن بمقدور الملك أن يعبر عن إرادة موحدة لمملكته أمام باقي الممالك بسبب التجزئة التي مسّت مملكته إلى عدة إمارات إقطاعية، وبالتالي لم تكن المملكة وحدة تباشر السيادة الداخلية والخارجية.
أمام هذا الوضع لم يكن ممكنا نشوء تنظيم دولي لأن الممالك أصبحت مقسمة إلى إمارات إقطاعية منغلقة على نفسها، وتسود الحروب بينها.
3 ـ الصراع بين البابا والإمبراطور: عرف العصر الوسيط صراعا مريرا بين البابا والإمبراطور حول من يباشر السلطة الزمنية (الأمور الدنيوية باستثناء الدينية منها)، وقد حاول كل طرف أن يبرر أحقيته بتولي هذه السلطة، فالإمبراطور كان يستند إلى نظرية الحق الإلهي (Théorie du droit Div ) ومفادها أن الله فوّض للملك حكم الناس، وبالتالي هو ممثل الإرادة الإلهية فوق الأرض بينما البابا كان يستند إلى ما عرف بنظرية السيفين (Théorie de deux glaives)، ومفادها أنّ الله خلق سيفين، أحدهما يمثل الروح والثاني يمثل الجسد، وقد منح الله سيف الروح للبابا، وسيف الجسد للإمبراطور، ولما كانت الروح تسمو على الجسد فمعنى ذلك أن البابا يسمو على الإمبراطور.
ولذلك كان يحكم الإمبراطورية قانونان هما: القانون الزمني (الوضعي): الذي ينظم العلاقات المدنية والتجارية التي تنشأ بين رعايا الإمبراطورية، والقانون الكنسي: الذي ينظم العلاقات المتفرعة من العقائد.
لكن رغم وجود الكنيسة كسلطة دينية والإمبراطور كسلطة زمنية، إلا أنّ الصراع كان كبيرا بينهما بغرض ا لسيطرة. وقد بلغ هذا الصراع ذروته خلال النصف الثاني من القرن 11 عندما قام الإمبراطور "هنري الرابع" (Henri IV) بخلع البابا "جريجوري السابع" (Gregorie VII). ولاشك أن ذلك ساهم في تفاقم الفوضى السياسية في أوربا.
4 ـ دور الديانة المسيحية: ثبت تاريخيا أنّ إقرار المسيحية كديانة رسمية للإمبراطورية الرومانية وبالتالي لأوربا، كان من طرف الإمبراطور "ثيودوس" سنة 380 م. وقد ساعد انتشارها في أوربا على تلطيف العلاقات بين الممالك الأوربية التي توجد نسبيا من الناحية الدينية تحت الزعامة الروحية للبابا الكاثوليكي.
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma