المرفق العام
يعد المرفق العام المظهر الإيجابي لنشاط الإدارة وتتولاه الإدارة بنفسها أو بالاشتراك مع الأفراد , تسعى من خلاله إلى إشباع الحاجات العامة .
المبحث الأول
ماهية المرفق العام
البحث في ماهية المرفق العام يستدعي منا أن نبين تعريفه و عناصره ، ثم نستعرض أنواع المرافق العامة و نوضح أخيراً إنشاء و إلغاء هذه المرافق.
أولا : تعريف و عناصر المرفق العام : يركز بعض الفقهاء في تعريفهم للمرفق العام على النشاط الذي يقوم به هذا المرفق أي يأخذون بالمعيار الموضوعي، على هذا الأساس يعرفون المرافق العامة بأنها نشاط تنشئه هيئة عامة بقصد تحقيق النفع العام.
بينما يركز فريق آخر على المنظمة التي تتولى النشاط أي يأخذون بالمعيار العضوي فيعرفون المرافق العامة على أنها منظمة عامة تنشئها السلطة الحاكمة تخضع في إدارتها لإدارة هذه السلطة بقصد تحقيق حاجات الجمهور العامة بطريقة منظمة و مستمرة مع مراعاة مبدأ المساواة بين المنتفعين .
و هناك تعريف يحمل معنى المنظمة و النشاط معا ، مضمونه كالآتي : المرافق العامة هي مشروعات تنشئها الدولة بقصد تحقيق غرض من أغراض النفع العام و يكون الرأي الأعلى في إدارتها للسلطة العامة .
و المرافق العامة على هذا الأساس قد تكون نشاطا معينا كالتعليم و النقل ... ، و قد تكون منظمة كالجامعات و غيرها من المؤسسات .
و إذا سلمنا أن المرفق العام هو مشروع فليس معنى هذا أن كل مشروع يعتبر مرفقا عاما و إنما يعتبر منها كذلك فقط المشروعات التي تتوافر شروط و عناصر معينة و هو سر تميز المرافق العامة على المشروعات الخاصة و هذه الشروط و العناصر تظهر كما يلي :
1- المرفق العام تنشئه الدولة :و يقصد بذلك أن الدولة هي التي تقرر اعتبار نشاط ما مرفقا عاما أي تقرر إخضاع هذا النشاط لأحكام المرافق العامة بموجب قانون ، و ليس من اللازم أن يكون كل مشروع تنشئه الدولة مرفقا عاما لأن الدولة تملك إنشاء المرافق العامة ، لهذا ينبغي البحث عن إرادة المشرع و التي قد تكون معلنة بصورة صريحة أما إذا لم يصرح المشرع عن قصده بنصوص صريحة فإنه يمكن استنتاج ذلك من خلال القوانين المختلفة .
2- ينشأ المرفق العام بقصد تحقيق غرض من أغراض النفع العام :و معنى هذا أنه لايمكن إعتبار أي مشروع مرفقا عاما إلا إذا كان يستهدف تحقيق النفع العام و يقصد بالنفع العام في صورته العامة إشباع حاجات عامة أو تقديم خدمات عامة للجمهور و هذه الخدمات قد تكون مادية كإيصال المياه و الكهرباء أو توفير وسائل المواصلات ، و قد تكون حاجات معنوية كالتنظيم الإداري ، غير أن غالبية فقهاء القانون العام يرون أن شرط النفع العام الذي يترتب عليه اعتبار المشروع مرفقا عاما لا يتحقق إلا إذا كان نوع النفع العام من النوع الذي يعجز الأفراد و الهيئات الخاصة عن تحقيقه أو لا يرغبون في تحقيقه أو لا يستطعون تحقيقه على الوجه الأكمل و لهذا فإن المشروعات الصناعية و التجارية التي تنشئها الدولة لا تعتبر مرافق عامة إذا كانت تستهدف مجرد تحقيق الربح عن طريق منافسة المشروعات الخاصة.
3- خضوع المرافق العامة للسلطة العامة :أي خضوع المرافق العامة للسلطة العامة في الدولة أو غيرها من الأشخاص الإدارية سواء من حيث الرأي الأعلى أو إنشاء هذا المرفق العام تنظيمه و إلغائه .
4- خضوع الرفق العام لنظام قانوني يختلف عن النظام القانوني الخاص :و يقصد من ذلك خضوع المرافق العامة لأحكام و مبادئ القانون الإداري و أن تتبع في إدارة هذه المرافق وسائل القانون العام .
5- عنصر الهدف : يعد تحقيق النفع العام من أهم العناصر المميزة للمرفق العام عن غيره في المشروعات التي تستهدف تحقيق النفع الخاص أو تجمع بين هذا الهدف وهدف إشباع حاجة عامة أو نفع عام ، و مع ذلك فإن تحقيق بعض المرافق العامة للربح لا يعني حتماً فقدها صفة المرفق العام، طالما أن هدفها الرئيس ليس تحقيق الربح، وإنما تحقيق النفع العام كما أن تحصيل بعض المرافق لعوائد مالية لقاء تقديمها الخدمات إلى المواطنين كما هو الحال بالنسبة لمرفق الكهرباء والقضاء لا يسعى لكسب عوائد مالية بقدر ما بعد وسيلة لتوزيع الأعباء العامة على كل المواطنين .
6- و جود امتيازات السلطة العامة :يلزم لقيام المرافق العامة أن تتمتع الجهة المكلفة بإدارة المرفق العام بامتيازات غير مألوفة في القانون الخاص تلائم الطبيعة الخاصة للنظام القانوني الذي يحكم المرافق العامة.
ثانيا : أنـواع المرافق العامة : لا تأخذ المرافق العامة صورة واحدة بل تتعدد أنواعها تباعاً للزاوية التي ينظر منها إليها ، فمن حيث طبيعة النشاط الذي تمارسه تنقسم إلى مرافق إدارية و مرافق اقتصادية، و مرافق مهنية، و من حيث استقلالها تنقسم إلى مرافق ذات شخصية معنوية مستقلة و مرافق لا تتمتع بالشخصية المعنوية، و من حيث نطاق نشاطها إلى مرافق قومية و أخرى محلية ، و من حيث مدى الالتزام بإنشائها إلى مرافق اختيارية و مرافق إجبارية.
المرافق العامة من حيث طبيعة نشاطها : تنقسم المرافق العامة من حيث موضوع نشاطها أو طبيعة هذا النشاط إلى ثلاثة أنـواع :
1. المرافق العامة الإدارية : يقصد بالمرافق العامة الإدارية تلك المرافق التي تتناول نشاطاً لا يزاوله الأفراد عادة إما بسبب عجزهم عن ذلك أو لقلة أو انعدام مصلحتهم فيه، ومثالها مرافق الدفاع والأمن والقضاء ، و تخضع المرافق الإدارية من حيث الأصل لأحكام القانون الإداري، فعمالها يعتبرون موظفين عموميين و أموالها أموالاً عامة، و تصرفاتها أعمالاً إدارية، و قراراتها تعد قرارات إدارية و عقودها عقوداً إدارية ، بمعنى أخر تتمتع المرافق العامة الإدارية باستخدام امتيازات السلطة العامة لتحقيق أهدافها .
2. المرافق الاقتصادية :بفعل الأزمات الاقتصادية وتطور وظيفة الدولة ظهر نوع أخر من المرافق العامة يزاول نشاطاً تجارياً أو صناعياً مماثلاً لنشاط الأفراد و تعمل في ظروف مماثلة لظروف عمل المشروعات الخاصة، وبسبب طبيعة النشاط الذي تؤديه هذه المرافق دعا الفقه والقضاء إلى ضرورة تحرير هذه المرافق من الخضوع لقواعد القانون العام، و الأمثلة على هذه المرافق كثيرة منها مرفق النقل و المواصلات و مرفق توليد المياه و الغاز و مرفق البريد.
و قد اختلف الفقه حول معيار تمييز المرافق العامة الاقتصادية عن المرافق العامة الإدارية و على النحو التالي:
أ- المعيار الشكلي :يعتمد هذا المعيار على أساس شكل المشروع أو مظهره الخارجي فإذا اتخذ المشروع شكل المشروعات الخاصة كما لو تمت إدارته بواسطة شركة فأنه مرفق اقتصادي , وبعكس ذلك لو تمت إدارته بواسطة الإدارة أو تحت رقابتها و إشرافها و باستخدام أساليب السلطة العامة فهو مرفق عام إداري.
ب- معيار الهدف : اتجه هذا المعيار إلى التمييز بين المرافق الإدارية والمرافق الاقتصادية على أساس الغرض الذي يستهدفه المرفق، فالمرافق الاقتصادية تقوم بنشاط صناعي أو تجاري يهدف إلى تحقيق الربح مثلما هو الحال في المشروعات الخاصة.
في حين لا تسعى المرافق الإدارية إلى تحقيق الربح بل تحقيق المنفعة العامة وإشباع حاجات الأفراد .
غير أن هذا المعيار يتسم بالقصور من حيث أن الربح الذي تحققه المرافق الاقتصادية ليس الغرض الأساسي من إنشائها بل هو أثر من آثار الطبيعة الصناعية أو التجارية التي تمارسها فهي تستهدف أساساً تحقيق المنفعة العامة ،كما أن المرافق الإدارية يمكن أن تحقق ربحاً من جراء ما تتقاضاه من رسوم تقوم بتحصيلها مقابل الخدمات التي تقدمها.
ج- معيار القانون المطبق : ذهب جانب من الفقه إلى التمييز بين المرافق العامة الاقتصادية والمرافق العامة الإدارية على أساس النظام القانوني الذي يخضع له المرفق، فإذا كان يخضع لأحكام القانون الخاص اعتبر المرفق اقتصادياً وعلى العكس من ذلك إذا كان يخضع لأحكام القانون العام فهو مرفق عام إداري .
غير أن هذا المعيار غير سليم ولا يتفق مع المنطق لأن المطلوب هو تحديد نوع المرفق العام قبل إخضاعه لنظام قانوني معين، و ليس العكس أي أن خضوع المرفق الاقتصادي لقواعد القانون الخاص هو نتيجة لثبوت الصفة الاقتصادية للمرفق ،كما أن خضوع المرفق العام للقانون الخاص مجرد قرينة على أن هذا المرفق ذو صفة اقتصادية ولكن لا يمكن الاعتماد عليها بثبوت هذه الصفة قطعاً
د – معيار طبيعة النشاط :ذهب رأي أخر من الفقه وهو الرأي الراجح إلى أن المرفق يكون اقتصادياً إذا كان النشاط الذي يقوم به يعد نشاطاً تجارياً بطبيعته طبقاً لموضوعات القانون التجاري، ويعتبر المرفق مرفقاً عاماً إدارياً إذا كان النشاط الذي يمارسه نشاطاً إدارياً ومما يدخل في نطاق القانون الإداري.
و قد أخذ بهذا الرأي جانب كبير من الفقهاء، و مع أن القضاء الإداري في فرنسا لم يعتمد معياراً واحداً منها و إنما أخذ بمعيار يقوم على فكرتين أو عنصرين :
العنصر الأول : يعتمد على موضوع وطبيعة النشاط الذي يمارسه المرفق الاقتصادي الذي يتماثل مع النشاط الخاص.
العنصر الثاني : يتعلق بالأساليب و طرق تنظيم و تسيير المرفق في ظل ظروف مماثلة لظروف عمل المشروعات الصناعية.
أما بخصوص القانون الذي تخضع له المرافق الاقتصادية فقد استقر القضاء الإداري على أن تخضع لقواعد القانون الخاص في نشاطها ووسائل إدارتها، مع خضوعها لبعض قواعد القانون العام من قبيل انتظام سير المرافق العامة والمساواة بين المنتفعين بخدماتها وقابليتها للتغيير بما يتلائم مع المستجدات وتمتعها ببعض امتيازات السلطة العامة اللازمة لحسن أدائها لنشاطها مثل نزع الملكية للمنفعة العامة، والاستيلاء المؤقت، وينعقد الاختصاص في هذا الجانب من نشاطها لاختصاص القضاء الإداري ، و بهذا المعنى فهي تخضع لنظام قانوني مختلط يجمع بين أحكام القانون الخاص والقانون العام معاً، إلا أن العمل قد جرى في القضاء الليبي على استثناء المرافق العامة الاقتصادية التي تدار من قبل الشركات والمنشآت العامة من تطبيق أحكام القانون الإداري فلم يعتبر العاملين فيها موظفين عامين كما أن الأعمال الصادرة منها لا ترقى إلى مرتبة القرارات الإدارية ويخضع نظامها المالي لحكام القانون الخاصة، وتعتبر العقود التي تبرمها عقوداً خاصة .
3- المرافق المهنية :هي المرافق التي تنشأ بقصد توجيه النشاط المهني ورعاية المصالح الخاصة بمهنة معينة، وتتم إدارة هذه المرافق بواسطة هيئات أعضائها ممن يمارسون هذه المهنة ويخولهم القانون بعض امتيازات السلطة العامة .مثل نقابات المحامين والأطباء و غيرها من النقابات المهنية الأخرى ، و قد ظهر هذا النوع من المرافق عقب الحرب العالمية الثانية لمواجهة المشاكل التي كان يتعرض لها أصحاب هذه المهن والدفاع عنهم وحماية مصالحهم، لا سيما في فرنسا التي ظهرت فيها لجان تنظيم الإنتاج الصناعي عام1940 .
تخضع هذه المرافق لنظام قانوني مختلط فهي تخضع لنظام القانون العام واختصاص القضاء الإداري في بعض المنازعات المتعلقة بنشاطها غير أن الجانب الرئيس من نشاطها يخضع لأحكام القانون الخاص ، فالمنازعات المتعلقة بنظامها الداخلي وعلاقة أعضائها بعضهم ببعض وشؤونها المالية تخضع للقانون الخاص ولاختصاص المحاكم العادية، أما المنازعات المتصلة بمظاهر نشاطها كمرفق عام وممارستها لامتيازات السلطة العامة فتخضع لأحكام القانون العام واختصاص القضاء الإداري ، و من ثم فإن المرافق المهنية تتفق مع المرافق العامة الاقتصادية من حيث خضوعها لنظام قانوني مختلط، غير أن نظام القانون العام يطبق بشكل أوسع في نطاق المرافق المهنية ويظهر ذلك في امتيازات القانون العام التي يمارسها المرفق، في حين ينحصر تطبيقه في مجال تنظيم المرفق في المرافق الاقتصادية .
- المرافق من حيث استقلالها :تنقسم المرافق العامة من حيث استقلالها إلى مرافق تتمتع بالشخصية المعنوية أو الاعتبارية ومرافق لا تتمتع بالشخصية المعنوية.
1- المرافق العامة التي تتمتع بالشخصية المعنوية : هي المرافق التي يعترف لها قرار إنشائها بالشخصية المعنوية ويكون لها كيان مستقل كمؤسسة عامة مع خضوعها لقدر من الرقابة أو الوصاية الإدارية.
2- المرافق العامة التي لا تتمتع بالشخصية المعنوية : هي المرافق التي لا يعترف لها قرار إنشائها بالشخصية المعنوية ويتم إلحاقها بأحد أشخاص القانون العام وتكون تابعة لها، كالدولة أو الوزارات أو المحافظات، وهي الغالبية العظمى من المرافق العامة ، تبدو أهمية هذا التقسيم في مجال الاستقلال المالي و الإداري وفي مجال المسؤولية ، إذ تملك المرافق العامة المتمتعة بالشخصية المعنوية قدراً كبيراً من الاستقلال الإداري و المالي و الفني في علاقتها بالسلطة المركزية مع وجود قدر من الرقابة كما أوضحنا ، غير أن هذه الرقابة لا يمكن مقارنتها بما تخضع له المرافق غير المتمتعة بالشخصية المعنوية من توجيه وإشراف مباشرين من السلطات المركزية ،أما من حيث المسؤولية فيكون المرفق المتمتع بالشخصية المعنوية مستقلاً و مسئولا عن الأخطاء التي يتسبب في إحداثها للغير في حين تقع هذه المسؤولية على الشخص الإداري الذي يتبعه المرفق العام في حالة عدم تمتعه بالشخصية المعنوية.
- المرافق العامة من حيث نطاق نشاطها : تنقسم المرافق العامة من حيث نطاق أو مجال عملها إلى مرافق وطنية و مرافق محلية أو إقليمية .
1- المرافق الوطنية : يقصد بالمرافق الوطنية تلك المرافق التي يتسع نشاطها ليشمل كل إقليم الدولة، كمرفق الدفاع و مرفق القضاء و مرفق الصحة، ونظراً لعمومية و أهمية النشاط الذي تقدمه هذه المرافق فأنها تخضع لإشراف الإدارة المركزية في الدولة من خلال الوزارات أو ممثليها أو فروعها في المدن، ضماناً لحسن أداء هذه المرافق لنشاطها و تحقيقاً للمساواة في توزيع خدماتهاو تتحمل الدولة المسؤولية الناتجة عن الأضرار التي تتسبب فيها المرافق الوطنية بحكم إدارتها لها والإشراف على شؤونها.
2- المرافق المحلية :و يقصد بها المرافق التي يتعلق نشاطها بتقديم خدمات لمنطقة محددة أو إقليم معين من أقاليم الدولة ،
ويعهد بإدارتها إلى الوحدات المحلية، كمرفق النقل،أو مرفق توزيع المياه أو الكهرباء وغيرها من المرافق التي تشبع حاجات محلية، و تتميز المرافق المحلية بالاختلاف والتنوع في أساليب إدارتها بحكم اختلاف وتنوع حاجات كل وحدة محلية أو إقليم تمارس نشاطها فيه كما أن المسؤولية الناتجة عن الأضرار التي تتسبب بإحداثها المرافق المحلية أو موظفيها ويتحملها الشخص المعنوي المحلي أو الإقليمي.
- المرافق العامة من حيث مدى الالتزام بإنشائها : تنقسم المرافق العامة من حيث حرية الإدارة في إنشائها إلى مرافق اختيارية وأخرى إجبارية :
1- المرافق الاختيارية : الأصل في المرافق العامة أن يتم إنشائها بشكل اختياري من جانب الدولة . وتملك الإدارة سلطة تقديرية واسعة في اختيار وقت و مكان إنشاء المرفق ونوع الخدمة أو النشاط الذي يمارسه و طريقة إدارته، و من ثم لا يملك الأفراد إجبار الإدارة على إنشاء مرفق عام معين ولا يملكون الوسائل القانونية التي يمكنهم حملها على إنشاء هذا المرفق أو مقاضاتها لعدم إنشائها له. ويطلق الفقه على المرافق العامة التي تنشئها الإدارة بسلطتها التقديرية اسم المرافق العامة لاختيارية.
2- المرافق العامة الإجبارية : إذا كان الأصل أن يتم إنشاء المرافق العامة اختيارياً فأن الإدارة استثناء تكون ملزمة بإنشاء بعض المرافق العامة عندما يلزمها القانون أو جهة إدارية أعلى بإنشائها ومثال ذلك إنشاء الإدارة لمرفق الأمن والصحة فهي مرافق إجبارية بطبيعتها وتهدف لحماية الأمن والصحة العامة وغالباً ما تصدر القوانين بإنشائها.
ثالثا : إنشاء و إلغاء المرافق العامة : نعرض في هذا المطلب المبادئ المتعلقة بإنشاء وإلغاء المرافق العامة .
- إنشاء المرافق العامة : عندما تجد السلطة المختصة أن حاجة الجمهور تقتضي إنشاء مرفقاً عاماً لإشباعها ويعجز الأفراد عن ذلك، فإنها تتدخل مستخدمة وسائل السلطة العامة وتنشئ المرفق العام ، و حيث إن إنشاء المرافق العامة يتضمن غالباً المساس بحقوق الأفراد وحرياتهم لاعتمادها أحياناً على نظام الاحتكار الذي يمنع الأفراد من مزاولة النشاط الذي يؤديه المرفق وفي أحيان أخرى يقيدهم بممارسة نشاطات معينة بحكم تمتع المرافق العامة بوسائل السلطة العامة وامتيازاتها التي تجعل الأفراد في وضع لا يسمح لهم بمنافسة نشاطات هذه المرافق ولأن إنشاء المرافق العامة يتطلب اعتمادات مالية كبيرة في الميزانية لمواجهة نفقات إنشاء هذه المرافق وإدارتها.
فقد درج الفقه والقضاء على ضرورة أن يكون إنشاء المرافق العامة بقانون أو بناء على قانون صادر من السلطة التشريعية أي أن تتدخل السلطة التشريعية مباشرة فتصدر قانوناً بإنشاء المرفق أو أن تعهد بسلطة إنشاء المرفق إلى سلطة أو هيئة تنفيذية ، و كان هذا الأسلوب سائداً في فرنسا حتى عام 1958 عندما صدر الدستور الفرنسي دون أن يذكر أن إنشاء المرافق العامة ضمن الموضوعات المحجوزة للقانون، و أصبح إنشاء هذه المرافق في اختصاص السلطة التنفيذية دون تدخل من جانب البرلمان إلا في حدود الموافقة على الاعتمادات المالية اللازمة لإنشاء المرفق،مع ضرورة التنبيه إلى أن إنشاء المرافق العامة يتم بأسلوبين: الأول أن تقوم السلطة المختصة بإنشاء المرفق ابتداءً و الثاني أن تعمد السلطة إلى نقل ملكية بعض المشروعات الخاصة إلى الملكية العامة، كتأميمها لاعتبارات المصلحة
العامة مقابل تعويض عادل .
- إلغاء المرافق العامة : بينا أن الأفراد لا يملكون إجبار الإدارة على إنشاء المرافق العامة ولا يستطيعون إجبارها على الاستمرار في تأدية خدماتها إذا ما قدرت السلطة العامة إن إشباع الحاجات التي يقدمها المرفق يمكن أن يتم بغير وسيلة المرفق العام أو لاعتبارات أخرى تقدرها هي وفقاً لمتطلبات المصلحة العامة ، القاعدة أن يتم الإلغاء بنفس الأداة التي تقرر بها الإنشاء ، فالمرفق الذي تم إنشاؤه بقانون لا يتم إلغاؤه إلا بنفس الطريقة وإذا كان إنشاء المرفق بقرار من السلطة التنفيذية فيجوز أن يلغى بقرار إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك، عندما يتم إلغاء المرفق العام فإن أمواله تضاف إلى الجهة التي نص عليها القانون الصادر بإلغائه، فإن لم ينص على ذلك , فإن أموال المرفق تضاف إلى أموال الشخص الإداري الذي كان يتبعه هذا المرفق .
أما بالنسبة للمرافق العامة التي يديرها أشخاص معنوية عامة مستقلة فإن مصير أموالها يتم تحديده من خلال معرفة مصدر هذه الأموال كأن تكون الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الإقليمية الأخرى فيتم منحها لها ، أما إذا كان مصدرها تبرعات الأفراد والهيئات الخاصة فإن هذه الأموال تأول إلى أحد المرافق العامة التي تستهدف نفس غرض المرفق الذي تم إلغاؤه أو غرضاً مقارباً له، احتراماً لإرادة المتبرعين .
تابع
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma