تمهيد و تقسيم:
تقتضي دراسة تنظيم الإدارة العامة التعرض للأسس العامة الّتي يقوم عليها النظام الإداري فنفصل بعض الشيء في فكرة المركزية الإدارية و اللامركزية الإدارية، ثم نعرض تطبيقات هذين النظامين في القانون الجزائري.
وجدير بالإشارة أنّ التنظيم الإداري يتأثر بالظروف السياسية و الاقتصادية والإجتماعية للدولة. ففي النظام الإشتراكي مثلا يناط بالإدارة المحلية القيام بمهام إقتصادية على اعتبار أنها من وظائف الدولة، وهذا خلافا لما هو سائد في النظام الرأسمالي أين نجد تدخل الدولة في المجال الإقتصادي إستثناء لا قاعدة. وهو ما سينعكس على دور ومهام الإدارة المحلية. كما أنّ البلاد التي يسودها نظام ديمقراطي نجد أنّ اللامركزية فيها هي المبدأ المتبع في التنظيم الإداري، وهو ما لا نجده بالنسبة للنظام السياسي الإستبدادي حيث نجد مختلف أجهزة الدولة بما فيها الجهاز الإداري بقبضة سلطة واحدة هي السلطة المركزية.
وتفرض دراسة التنظيم الإداري التطرق لفكرة الشخصية المعنوية على اعتبار أنها الأداة القانونية التي تمكن الإدارة من القيام بنشاطات معينة بما ينجم على ذلك من آثار قانونية. هذا و نشير في البداية أنّ التنظيم الذي نقصده و سيكون محل دراسة في هذا الفصل هو التنظيم الإداري من زاوية القانون الإداري لا علم الإدارة و تبعا لذلك قسمنا هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: الشخص المعنوي.
المبحث الثاني: الأسس العامة للتنظيم الإداري.
المبحث الثالث: هياكل التنظيم الإداري الجزائري.
المبحث الأول:
الشخص المعنوي.
رغم أنّ فكرة الشخصية المعنوية تدخل في دراسة الأصول العامة للقانون وتحديدا تحت نظرية الحق، إلا أنّ أهميتها بخصوص هذا الفصل تفرض علينا التعريف بها، و بيان مكانتها على الصعيد القانوني وموقف الفقه و التشريع منها، واستعراض أنواعها ونتائجها طبقا للقانون المدني الجزائري، وهذا ما سنتولى توضيحه في أربعة مطالب:
المطلب الأول: تعريف الشخص المعنوي وأهميته.
المطلب الثاني: موقف الفقه و التشريع من فكرة الشخص المعنوي.
المطلب الثالث: أنواع الأشخاص الاعتبارية العامة.
المطلب الرابع النتائج المترتبة على الشخصية المعنوية.
المطلب الأول: تعريف الشخص المعنوي وأهميته.
عرّف الفقه الشخص المعنوي على أنّه مجموعة من الأشخاص أو الأموال تتحد من أجل تحقيق غرض معين و معترف لها بالشخصية القانونية.
إنّ الشخص المعنوي هو كيان له أجهزة خاصة تمارس عملا معينا وأن هذه الفكرة تنتج عنها مجموعة آثار من الناحية القانونية تجعل من هذا الشخص قادرا على إبرام العقود وله ذمة مالية خاصة به كما يتمتع بأهلية التقاضي.
وقد تم اكتشاف هذه الفكرة لإضفاء الشخصية القانونية على مجموعة أشخاص وأموال سواء في مجال القانون العام كالدولة و الولاية و البلدية أو القانون الخاص كالشركات و الجمعيات.
إن فكرة الشخص المعنوي لها فوائد جمة من الناحية القانونية فهي من جهة تضمن ديمومة الدولة لأنه حتى تمارس هذه الأخيرة مهامها و تشبع رغبات أفرادها تحتاج إلى إنشاء هيئات إقليمية أحيانا، ومصلحية أو فنية أحيانا أخرى لتكون بمثابة يد تساعدها على القيام بهذه المهمة. هذا فضلا على أن فكرة الشخصية المعنوية تعد بمثابة وسيلة و تقنية قانونية تمكن الدولة من توزيع الاختصاص بين هذه الهيئات المستقلة. وعلى أساسها تثبت الشخصية القانونية لتجمعات الأشخاص و الأموال.
وتطبيقا لهذه الفكرة تفصل أعمال الشخص المعنوي عن أعمال الشخص الطبيعي المشرف على تسيره فيتصرف الوالي باسم الولاية ورئيس البلدية باسم البلدية و هكذا...
المطلب الثاني: موقف الفقه و التشريع من فكرة
الشخصية المعنوية.
أثارت فكرة الشخصية الاعتبارية جدلا كبيرا في الفقه. ويمكن رد هذا الخلاف إلى ثلاث نظريات: ترى النظرية الأولى أنّ الشخص المعنوي شخصا افتراضيا.ورأى آخرون أن الشخص المعنوي حقيقة لا مجرد تصور أو افتراض. وأنكر اتجاه ثالث فكرة الشخصية المعنوية من أساسها نوجز سند كل اتجاه فيما يلي:
أولا: الشخصية المعنوية فكرة مفترضة.
- نظرية الشخصية المفترضة:
عرض النظرية:
وتسمى بالنظرية الرومانية بسبب تبني شراح القانون الروماني لها. كما أنّ لها سند فقهي في العصر الحديث يتزعمه الفقيه سافيني. ويرى أصحاب هذه النظرية أن فكرة الشخصية المعنوية ماهي إلا محض افتراض و ليس لها أساس من الواقع.
ويرجع السبب في ابتداع أصحاب هذه النظرية لفكرة الشخصية المفترضة إلى فكرة الحق من أساسها، فهم يرون أنّ صاحب الحق ينبغي أن يكون صاحب إرادة حقيقية، والحال أنّ الإرادة الحقيقية لا تتوافر إلا عند الشخص الطبيعي. ولما كانت الجماعة في حاجة إلى جهد الأفراد و الهيئات لتحقيق المصالح المختلفة، وجب أن يعترف لهذه الهيئات بالشخصيات القانونية على غرار الأشخاص الطبيعيين لتتمكن من أداء وظيفتها ولن يكون ذلك إلا باعتماد و تطبيق فكرة الشخصية المعنوية ولو على سبيل الافتراض.
نقد النظرية:
1- إنطلق أصحاب هذه النظرية من فكرة خاطئة مفادها أنه من لا إرادة له فلا حق له، في حين أننا قد نكون بصدد حق و دون إرادة كما هو الحال بالنسبة للمجنون و الصغير المميز فهؤلاء رغم افتقادهم للإرادة إلا أن حقوقهم مقررة وثابتة.
2- إن الافتراض عدم و العدم لا يولد شخصا و لاينشيء حقا.
3- واضح من منطوق هذه النظرية أنها تخلط بين مفهوم الشخصية في علوم أخرى كالفلسفة و علم النفس و بين مفهوم الشخصية في علم القانون.
4- إنّ فكرة الشخصية المعنوية الافتراضية لا يمكن إعمالها و تطبيقها بشأن الدولة. لأنه إذا سلمنا بأن الدولة هي التي تنشئ الأشخاص المعنوية ولو على سبيل الافتراض. فان السؤال المطروح هو من أوجد الشخصية المعنوية للدولة؟
لا تنسوني بالدعاء لي وللوالدين
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma