المبحث الثاني
حقوق المتعاقد في مواجهة الإدارة
مثلما تملك الإدارة حقوق في مواجهة المتعاقد معها، فإن الأخير يتمتع بحقوق متماثله وتتمثل هذه الحقوق في حقه في الحصول على المقابل النقدي وحقه في اقتضاء بعض التعويضات، وأخيراً حقه في ضمان التوازن المالي للعقد.
أولاً : المقابل النقدي :-
يسعى المتعاقد مع الإدارة لتحقيق مصالح مادية من وراء تعاقده تتمثل بالمقابل النقدي للسلع أو الخدمات التي قدمها للإدارة وفقاً لالتزاماته التعاقدية .
وتختلف طبيعة هذا المقابل باختلاف العقود الإدارية، ففي عقد الامتياز يتمثل بما يحصل عليه المتعاقد من رسوم تفرض على المنتفعين من خدمات المرفق ، أما في عقود التوريد والأشغال العامة، قد يكون بشكل الثمن الذي تدفعه الإدارة نظير السلع التي تم توريدها أو الأشغال التي تم تنفيذها.
والقاعدة فيما يخص المقابل المادي تنص على أن لا يدفع إلا بعد إنتهاء تنفيذ العقد، وتسوية الحساب الختامي إلا في بعض الحالات التي تتعلق بطبيعة العقد الذي يتطلب تنفيذه مدة طويلة.
ثانياً : حق اقتضاء التعويضات :-
للمتعاقد وفقاً للقواعد العامة أن يتقاضى بعض التعويضات في حالة تسبب الإدارة بإحداث ضرر به لعدم تنفيذها التزاماتها التعاقدية .
كذلك يتقاضى المتعاقد التعويض عن الأعمال الإضافية التي ينجزها ولم تكن واردة بالعقد إذا كانت هذه الأعمال ضرورية لتنفيذ العقد وتكون مطالبته في هذه الحالة استناداً إلى قاعدة الإثراء بلا سبب ( ).
كما يستحق المتعاقد التعويض إذا واجه أثناء تنفيذ العقد صعوبات مادية استثنائية لم تدخل في حساب طرفي العقد وتقديرهما عند التعاقد وتجعل التنفيذ أكثرمن الكلفة التي قدراها .
وقد أفتت الجمعية العمومية لقسم الرأي في مصر بتاريخ 4/ 2/ 1964 "أن نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة تجمل في أنه إذا ما صادف المتعاقد في تنفيذ التزاماته صعوبات مادية ذات طبيعة استثنائية خالصة، ولا يمكنها توقعها بحال من الأحوال عند إبرام التعاقد وتؤدي إلى جعل تنفيذ العقد مرهقاً فإن من حقه أن يطالب بتعويض كامل عما تسببه هذه الصعوبات من أضرار" ( ).
ثالثاً : ضمان التوازن المالي للعقد :-
أن الاعتراف للإدارة بسلطة تعديل شروط العقد وزيادة أو إنقاص التزامات المتعاقد معها بإرادتها المنفردة لابد أن يقابلها من جانب أخر حق للمتعاقد يتمثل بمنحه من الامتيازات المالية ما يساوي الزيادة في التزاماته، فالعدالة تقتضي أن يكون من طبيعة العقود الإدارية أن تحقق بقدر الإمكان توازناً بين الأعباء التي يتحملها المتعاقد مع الإدارة وبين المزايا التي ينتفع بها .
وأصطلح على هذه الفكرة بفكرة التوازن المالي للعقد، وقد أقر قضاء مجلس الدولة الفرنسي هذه الفكرة في العديد من أحكامه وخاصة في مجال عقود الالتزام كما أشار إليها الكثير من مفوضي الدولة. ففي تقرير مفوض الدولة ليون بلوم Leon blum في قضية (الشركة الفرنسية العامة للترام) بتاريخ 21-3-1910 أوضح أنه "إذا انهار الاقتصاد المالي للعقد، وإذا أدى استعمال السلطة مانحة الالتزام حقها في التدخل إلى حدوث شيء من الاختلاف في هذا التوازن بين المزايا والأعباء، بين الالتزامات والحقوق.. فليس ما يمنع الملتزم من اللجوء إلى قاضي العقد فيثبت أن التدخل وإن كان مشروعاً في ذاته وإن كان ملزماً له، سبب له ضرراً يتعين تعويضه عنه" ( ).
وقد انقسم الفقه في تحديد معنى التوازن المالي للعقد إلى جانبين ذهب الجانب الأول منه ويتزعمهم الفقيه Pequignot إلى القول أن التوازن المقصود هنا هو وضع نسبة حسابية دقيقة بين التزامات المتعاقد وحقوقه ( ) .
بينما ذهب الجانب الأخر إلى أن التوازن المالي للعقد لا يعني الجمود الحسابي بين الحقوق والالتزامات، وإنما يقصد به مرونة التزامات المتعاقد مع الإدارة تقضي مرونة حقوقه في مواجهة الإدارة، فيكون من الضروري أن تناسب حقوق المتعاقد معه التزاماته، زيادة أو نقصاً على الأقل إذا كان حصول هذه الزيادة أو النقص بفعل الإدارة .
وهذا الاتجاه هو الراجح فقها وقضاء، فقد قضت محكمة القضاء الإداري المصري في 30-6-1957 "أن الفقه والقضاء الإداري قد خلق نظرية الظروف الطارئة ونظرية التوازن المالي للعقد وغيرها من النظريات والقواعد التي تحقق بقدر الإمكان توازناً بين الأعباء التي يتحملها المتعاقد مع الإدارة وبين المزايا التي ينتفع بها.. أن من حق المتعاقد المضار من حالة الظروف الطارئة أن يطلب من الطرف الآخر مشاركته في هذه الخسائر التي تحملها فتعوضه عنها تعويضاً جزئياً.." ثم يستمر هذا الحكم ليقرر مبدأ استقلال نظرية التوازن المالي للعقد عن النظريات الأخرى فيقول :" ومن هذا تختلف هذه النظرية " نظرية الظروف الطارئة" عن نظرية التوازن المالي للعقد من ناحية أن نظرية التوازن المالي تقوم على مقابلة الحق المعترف به لجهة الإدارة في تعديل العقد الإداري للمصلحة العامة بإصلاح ما يحدث للعقد الذي هو طرف فيه، أما في نظرية الظروف الطارئة فإنه بالرغم من أن الضرر الذي يقع يرجع إلى سبب غريب عن جهة الإدارة فإن العقد يظل قائماً وموجوداً كما هو، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن التعويض تأسيساً على نظرية التوازن المالي للعقد يكون تعويضاً كاملاً عن جميع الأضرار التي تصيب المتعاقد أما في حالة الظروف الطارئة فإنه يكون مقصوراً على معاونة ومساهمة في مقدار الضرر.." ( )
وعلى هذا فإن فكرة التوازن المالي تتعلق بالاختلال المالي للعقود بفعل الإدارة وهي فكرة ملازمة للتعديل في العقود الإدارية ولايمكن الاعتماد عليها أساساً فيما يتعلق بالنظريات الأخرى التي تحدد الالتزامات التعاقدية كنظرية عمل الأمير ونظرية الظروف الطارئة ونظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة، ونجد أن من المناسب أن نتناولها تباعاً.
1-نظرية عمل الأمير Theorie du fait du prince
يراد بعمل الأمير جميع الأعمال الإدارية المشروعة التي تصدر عن السلطة الإدارية المتعاقدة، وتؤدي إلى ضرر بالمركز المالي للمتعاقد معها .
وهذه النظرية من خلق مجلس الدولة الفرنسي وقد كان يطبقها بالنسبة لجميع الأعمال الإدارية التي تصدر من السلطات العامة في الدولة وينتج عنها إخلال بالتوازن المالي للعقد، إلا أنه ضيق من نطاق هذه الأعمال وحصرها بالأعمال الصادرة عن الجهة الإدارية التي أبرمت العقد، وقد اتبع القضاء الإداري في مصر هذا الاتجاه .
فقد ورد في فتوى صادرة عن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في مصر أن عمل الأمير هو " إجراء خاص أو عام يصدر عن جانب الجهة الإدارية المتعاقدة لم يكن متوقعاً وقت التعاقد، يترتب عليه إلحاق ضرر خاص بالمتعاقد لا يشاركه فيـه سائر من يمسهم الإجراء ".( )
شروط تطبيق النظرية :
يشترط لتطبيق نظرية الأمير توافر ما يأتي :-
1- أن يتعلق عمل الأمير بعقد إداري : لا تقوم نظرية الأمير إلا بخصوص تنفيذ عقد إداري أياً كان نوعه، ولا مجال لتطبيق هذه النظرية على عقود القانون الخاص .
2- أن يكون الفعل الضار صادراً من جهة الإدارة المتعاقدة : ومع ذلك فإذا صدر هذا الفعل من جهة أخرى لا يمنع من تطبيق نظرية الظروف الطارئة إذا توافرت شروطها، ويستوي أن يكون هذا الفعل قد صدر بشكل تشريع أو قرار إداري. ( )
3- أن ينتج عن هذا الفعل ضرر للمتعاقد : ويتمثل هذا الضرر في زيادة أعباء تنفيذ شروط التعاقد إلى حد يخل بالتوازن المالي للعقد، ولا يشترط في هذا الضرر درجة معينة من الجسامة، فقد يكون جسمياً أو يسيراً وبهذا تختلف نظرية فعل الأمير عن نظرية الظروف الطارئة التي تتطلب إصابة المتعاقد بضرر جسيم لتطبيقها .
4- أن لا تكون الإدارة المتعاقدة قد أخطأت بعملها الضار: يشترط لتطبيق هذه النظرية أن تتصرف الإدارة في حدود سلطتها المعترف بها وأن لا تكون الإدارة قد أخطأت باتخاذ هذا العمل .
فالإدارة تسأل في نطاق هذه النظرية بصرف النظر عن قيام خطأ في جانبها، ذلك أن المسئولية هنا تكون مسئولية عقدية بلا خطأ أما إذا انطوى تصرفها على خطأ، فإنها تسأل على أساس هذا الخطأ . ( )
5- أن يكون الإجراء الذي أصدرته الإدارة غير متوقع : يشترط لتطبيق هذه النظرية أن يكون الإجراء أو التشريع الجديد غير متوقع الصدور وقت التعاقد، فإن المتعاقد مع الإدارة يكون قد أبرم العقد وهو مقدر لهذه الظروف الأمر الذي يترتب عليه تعذر الاستناد إليها.( )
ومن المستقر في هذا المجال أن شرط عدم التوقع لا ينصرف إلى أصل الحق في التعديل، فهذا التعديل متوقع من الإدارة دائماً، ولكن عدم التوقع هو في حدود هذا التعديل ( )
الآثار المترتبة على تطبيق نظرية عمل الأمير :-
يترتب على توافر شروط تطبيق نظرية عمل الأمير إعادة التوازن المالي للعقد عن طريق تعويض المتعاقد عن الأضرار التي لحقت به نتيجة الإجراء الذي أصدرته الإدارة، تعويضاً كاملاً .
وفي ذلك استقر القضاء الإداري على أن يشمل التعويض ما لحق المتعاقد من خسارة بسبب عمل الأمير من قبيل ما تحمله من نفقات إضافية ورسوم جديدة ، وكذلك مافاته من كسب يتمثل بالمبالغ التي كان سيحصل عليها لو لم يختل التوازن المالي للعقد . ويتم تقدير مبلغ التعويض باتفاق الطرفين، فإذا لم يتم هذا الاتفاق فإن القضاء يتولى هذا التقدير .
وقد بينت محكمة القضاء الإداري المصري الأسس التي يتم من خلالها تحديد مقدار التعويض في حكمها بتاريخ 30-6-1957 الذي ورد فيه " أن القاعدة بالنسبة للتعويض على أساس التوازن المالي للعقد .. أنه إذا لم يكن مقداره متفقاً عليه في العقد، فإن جهة الإدارة لا تملك أن تستقل بتقديره، بل يقدره قاضي العقد اعتباراً بأنه ينشأ عن تكاليف غير متوقعة، وإن كل ما هو غير متوقع يعتبر خارجاً عن نطاق العقد ، فلا تطبق عليه شروطه، ولتعبير "عدم التوقع" في هذه الخصوصية معنى خاص بها هو أن التكاليف الزائدة التي تلقى على عاتق المتعاقد تعتبر غير متوقعة، ما دام إنها ليست جزءً من الاتفاق، بمعنى أنه لا يقابلها في شروط العقد أي تقدير ، والمحكمة إنما تقدر هذا التعويض طبقاً للقواعد المقررة في القانون الإداري في هذا الشأن وهو يشمل عنصرين، الأول ما لحق المتعاقد من خسارة ، ويتضمن هذا العنصر المصروفات الفعلية التي أنفقها المتعاقد، وهذه المصروفات تختلف باختلاف الأحوال وطبيعة التعديل ونتائجه، ومثال ذلك ما إذا طلبت الإدارة سرعة إنجاز الأعمال، فإن ذلك قد يؤدي إلى زيادة التكاليف على المتعاقد بدفع أثمان مرتفعة أو زيادة في أجور الأيدي العاملة، كما أنه من الجائز أن يترتب على تعديل العقد أثناء تنفيذه خسائر متنوعة، وفي هذه الحالة يجب تقدير هذه الخسائر مادامت علاقة السببية قائمة بينها وبين الإجراء الذي طلبت جهة الإدارة من المتعاقد معها اتخاذه، والثاني ما فات المتعاقد مع الإدارة من كسب اعتباراً بأن من حقه أن يعوض عن ربحه الحلال من عمله ورأس ماله .. " ( ) .
2. نظرية الظروف الطارئة : Theorie du L impr evision
نظرية الظروف الطارئة من خلق مجلس الدولة الفرنسي، الذي أقرها في حكمه بتاريخ 30-3-1916 بشأن قضية إنارة مدينة "بوردو" وتتلخص وقائع القضية في أن الشركة الملتزمة بتوريد الغاز لمدينة بوردو، أثناء تنفيذها للعقد، وجدت أن الأسعار التي تتقاضاها أبعد كثيراً من أن تغطي النفقات بعد الارتفاع في أسعار الفحم المستخرج منه الغاز ارتفاعاً كبيراً عقب نشوب الحرب العالمية الأولى، بحيث ارتفع سعر الفحم إلى أكثر من ثلاثة أمثاله، فقد كان ثمن طن الفحم عند إبرام العقد في عام 1904- "23 فرنكا" ، وارتفع في عام 1916 إلى أكثر من "73 فرنكاً"، مما أصبح معه تنفيذ الشركة لالتزاماتها مرهقاً .
وقد طلبت الشركة من بلدية المدينة المتعاقد معها رفع الأسعار المفروضة على المنتفعين، فرفضت البلدية ذلك، وتمسكت بشروط العقد استناداً إلى قاعدة "العقد شريعة المتعاقدين" المتبعة في عقود القانون الخاص.
وقد عرض النزاع على مجلس الدولة الذي أٌقر بدوره نظرية الظروف الطارئة كسبب لإعادة التوازن المالي للعقد ، وفي ذلك ورد الحكم " .. من حيث أنه نتيجة لاحتلال العدو الجزء الكبير من مناطق إنتاج الفحم في أوربا القارة، ولصعوبات النقل بالبحر التي تتزايد خطورة أكثر فأكثر سواء بسبب الاستيلاء على البواخر أو بسبب طبيعة أعمال الحرب البحرية ومدتها، فإن الارتفاع الطارئ خلال الحرب العالمية الحالية في أسعار الفحم، وهو المادة الأولية في صناعة الغاز بلغ نسبة لا توصف فقط بأنها ذات طبيعة استثنائية بالمعنى المعتاد لهذا اللفظ ولكنه أدى كذلك إلى ارتفاع في تكلفة صناعة الغاز لدرجة أخلت بكل الحسابات، وجاوز أقصى حدود الزيادات التي كان يمكن للطرفين توقعها عند إبرام عقد الالتزام، وأنه نتيجة لاجتماع كل الظروف السابق بيانها انقلب اقتصاد العقد بصورة مطلقة، وأن الشركة إذن على حق في التمسك بأنها لا تستطيع كفالة تشغيل المرفق بذات الشروط المتفق عليها أصلاً طالما استمر الموقف غير العادي المذكور أعلاه .." وخلص المجلس من ذلك إلى قوله "بالتزام الشركة بضمان المرفق محل الالتزام، ومن ناحية أخرى بأن عليها أن تتحمل فقط خلال هذه الفترة الوقتية جزءً من النتائج المبهضة لموقف القوة القاهرة.. الذي يسمح بالتفسير المتزن للعقد بتركه على عاتقها..( ).
ومن هذا يتضح أن نظرية الظروف الطارئة لا تجعل تنفيذ العقد مستحيلاً مثلما هو الحال بالنسبة للقوة القاهرة التي تعفي المتعاقد من التنفيذ، فالتنفيذ في نظرية الظروف الطارئة يبقى ممكناً ولكنه مرهق، وعلى ذلك لا تعفى المتعاقد من تنفيذ العقد، إلا أنها تمنح المتعاقد الحق في الطلب من الإدارة أن تسهم في تحمل بعض الخسائر التي تلحق به، ضماناً لحماية المرفق العام واستمراره في أداء خدماته دون انقطاع .
شروط تطبيق النظرية :
يشترط لتحقيق هذه النظرية توافر الشروط الآتية :-
1- وقو ع حوادث استثنائية عامة غير متوقعة بعد إبرام العقد وأثناء تنفيذهويشترط ألا يمكن دفعها أو تداركها من قبيل الظروف الاقتصادية كارتفاع الأسعار ارتفاعاً فاحشاً، أو سياسياً مثل إعلان الحرب، أو طبيعياً كحدوث زلزال أو فيضان .
ويشترط في هذا الظرف أن لا يكون متوقعاً، وفي ذلك بينت محكمة القضاء الإداري، أن هذا الشرط ينطوي إلى حد كبير على معنى المفاجأة في صورة معينة، كأن يجد المتعاقد مع الإدارة نفسه إزاء حالة لم يكن يتوقع حدوثها، لا بناء على دفتر الشروط ولا من دراسته الأولية للمشروع أو على الرغم من تنبيهه أو ما اتخذه من حيطة لا تفوت على الشخص البصير بالأمور قبل الإقدام على الإسهام في تسيير المرفق العام والتعاقد بشأنه ( ) .
هذا ويعد الظرف الطارئ غير متوقع ولو كان ذلك يتعلق فقط بنطاق هذا الظرف الطارئ لا بأصله، فإذا كان المتعاقد يتوقع ارتفاع الأسعار ولكنه لم يكن يتوقع ارتفاعها إلى الحد الذي وصلت إليه فإن الشرط يعد متوفراً وتطبق النظرية في هذه الحالة ( ).
2- أن يكون الحادث الطارئ خارجاً عن إرادة المتعاقد ومستقلاً عن إرادته: فلا يستطيع المتعاقد أن يستفيد من هذه النظرية، إذا كان متسبباً بإحداث الظرف الذي جعل تنفيذ التزامه مرهقاً .
كذلك يلزم أن لا تكون الإدارة هي التي تسببت في إحداث هذا الظرف بخطئها أو بفعلها فتكون ملزمة في هذه الحالة بتعويض المتعاقد عما لحقه من ضرر وفق قواعد المسئولية أما على أساس الخطأ أو استناداً إلى فكرة المسؤولية دون خطأ وفقاً لنظرية عمل الأمير التي أوضحناها سابقاً .
3- أن يؤدي الظرف الطارئ إلى إلحاق خسائر غير مألوفة ومن شأن هذه الخسائر أن تؤدي إلى اضطراب في التوازن المالي للعقد، وإرهاق المتعاقد.
وعلى ذلك فإن حدوث خسائر بسيطة للمتعاقد لا تسمح بالاستفادة من هذه النظرية التي تستلزم أن تكون الخسارة الناشئة عن الظرف الطارئ تجاوز الخسارة العادية المألوفة .
هذا ومن الواجب أن ينظر إلى العقد بمجمله لتحديد مدى الإرهاق الذي لحق بالمتعاقد فلا ينظر إلى جانب من جوانب العقد الذي من الممكن أن يكون مجزياً ومعوضاً عن العناصر الأخرى، التي أدت إلى الخسارة ( ).
4- أن يستمر المتعاقد في تنفيذ العقد :
لكي يتمكن القاضي من رد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول يجب أن يكون الالتزام قائماً ولم يتم تنفيذه، وهذا الشرط يستلزم أن يكون العقد من شانه أن يمتد مدة من الزمن تسمح بتحقيق الظروف الطارئة، ويحصل ذلك في الغالب في عقود امتياز المرافق العامة وعقود التوريد والأشغال العامة .
الآثار المترتبة على تطبيق نظرية الظروف الطارئة :-
أن تطبيق نظرية الظروف الطارئة متى توافرت شروطها لا تعفى المتعاقد من تنفيذ التزاماته فالمتعاقد يبقى ملزما بالاستمرار في تنفيذ العقد، وهذا ما يميز نظرية الظروف الطارئة عن القوة القاهرة التي تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً .
كما تختلف نظرية الظروف الطارئة عن نظرية عمل الأمير في أنه يترتب على تحقق عمل الأمير تعويض المتعاقد تعويضاً كاملاً يشمل ما لحق المتعاقد من خسارة وما فاته من كسب أما في نظرية الظروف الطارئة فإن التعويض لا يغطي إلا الخسائر التي نجمت عن الظرف الطارئ والتي تجاوزت الحدود المعقولة ( ).
وقد بينت المحكمة الإدارية العليا هذا المبدأ بقولها "أن التعويض الذي تلتزم به جهة الإدارة لا يستهدف تغطية الربح الضائع – أياً كان مقداره أو الخسارة العادية المألوفة في التعامل – وإنما أساسه تحمل الجهة الإدارية المتعاقدة لجزء من خسارة محققة وفادحة"( ).
والإدارة في سبيل تعويض المتعاقد، قد تتفق مع المتعاقد على تعديل العقد وتنفيذه بطريقة تخفف من إرهاقه وتتحمل بعض عبء هذا الإرهاق بالقدر الذي يمكن المتعاقد من الاستمرار بتنفيذ العقد ، وإذا لم يتم هذا الاتفاق فإنه للقضاء أن يحكم بتعويض المتعاقد استناداً إلى التفسير المعقول للعقد ( ).
هذا ويتميز حق التعاقد في اقتضاء التعويض وفق نظرية الظروف الطارئة بأنه حق مؤقت ينقضي بانقضاء الظرف الطارئ، فلا يتصور أن يستمر طويلاً ، ويملك أي من المتعاقدين أن يفسخ العقد وذلك بالاستناد إلى نظرية القوة القاهرة التي تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً ويكون الفسخ أما بحكم قضائي أو قرار إداري ومن الممكن أن يكون حكم المحكمة بالفسخ مصحوباً بالتعويض إذا كان له مقتضى .
ومن الملاحظ هنا أنه لا يجوز الاتفاق على إعفاء الإدارة من التعويض استناداً إلى نظرية الظروف الطارئة ويعد باطلاً اشتراط الإدارة ذلك لمخالفته للنظام العام .
3- نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة Theorie des Suj etions imprevuse.
يصادف المتعاقد مع الإدارة في بعض الأحيان وخاصة في عقود الأشغال صعوبات مادية غير متوقعة لم تدخل في حساب طرفي العقد عند التعاقد، وتجعل تنفيذ الالتزام أشد وطأة على المتعاقد مع الإدارة وأكثر كلفة.
وفي هذه الحالة درج القضاء الإداري في فرنسا على ضرورة تعويض المتعاقد إذا أدت الصعوبات التي واجهته إلى قلب اقتصاديات العقد، على أساس أن النية المشتركة لأطراف العقد اتجهت إلى أن الأسعار المتفق عليها في العقد أنما وضعت في ظل الظروف العادية وأن أي زيادة في الأسعار بسبب الصعوبات المادية غير المتوقعة تتطلب تقدير خاص يتناسب معها. ( )
وغالباً ما تظهر هذه الصعوبات في صورة ظواهر طبيعية كما لو صادفت المتعاقد لحفر نفق كتل صخرية بالغة الصلابة لم يكن في وسعة توقعها رغم ما اتخذه من حيطة ودراسات للمشروع قبل التنفيذ .
وقد طبق القضاء الإداري المصري هذه النظرية فقضت محكمة القضاء الإداري بتاريخ 20-1-1957 " ومن حيث أن المدعى يؤسس طلب التعويض – في هذه الحالة- على النظرية المعروفة بنظرية الصعوبات غير المتوقعة، وهي من النظريات التي ابتكرها الفقه والقضاء الإداري، مقتضاها أنه عند تنفيذ العقود الإدارية وبخاصة عقود الأشغال العامة قد تطرأ صعوبات مادية استثنائية لم تدخل في حساب طرفي العقد وتقديرهما عند التعاقد، وتجعل التنفيذ أشد وطأة على المتعاقد مع الإدارة وأكثر كلفة، فيجب من باب العدالة تعويضه عن ذلك بزيارة الأسعار المتفق عليها في العقد زيادة تغطي جميع الأعباء والتكاليف التي تحملها اعتباراً بأن الأسعار المتفق عليها في العقد لا تسري ألا على الأعمال العادية المتوقعة فقط، وأن هذه هي نية الطرفين المشتركة، والتعويض هنا ، لا يتمثل في معاونة مالية جزئية تمنحها جهة الإدارة للمتعاقد معها بل يكون تعويضاً كاملاً عن جميع الأضرار التي يتحملها المقاول، وذلك بدفع مبلغ إضافي له على الأسعار المتفق عليها.."( )
شروط تطبيق نظريه الصعوبات المادية
يشترط لتطبيق هذه النظرية توافر الشروط آلاتية :-
1-أن تكون الصعوبات مادية : وترجع هذه الصعوبات في الغالب إلي ظواهر طبيعية ترجع إلى طبيعة طبقات التربة محل العقد كأن يكتشف المتعاقد أن الأرض المراد تنفيذ العقد فيها ذات طبيعة صخرية مما يقتضي زيادة مرهقة في النفقات و التكاليف ، أو يفاجأ المتعاقد بوجود طبقات غزيرة من الـمياه تحتاج إلى نفقات غير عـاديه في سحبها وتجفيفها . ( )
كما قد ترجع الصعوبات إلى فعل الغير ، وليس إلى ظواهر طبيعية ، كوجود قناة مملوكة
لشخص ولم يشر إليها أو مواصفاته . ((
2- أن تكون الصعوبات المادية استثنائية وغير عاديه : اشترط القضاء لتطبيق هذه النظرية مثلا إذا كانت الطبقة الصلبه من التربة لمساحة محدودة وانما يجب أن تكون بامتداد غير عادى ولمساحة واسعه أو بنسبة كبيره من مجموع المنطقة محل العقد .( )
ويترك للقاضي مسألة ما إذا كانت الصعوبات المادية ذات طابع استثنائي من عدمه ويختلف ذلك حسب الحالات المعروضة كل على حده .
3- أن تكون الصعوبات المادية طارئة أو غير متوقعه : يشترط لتطبيق هذه النظرية أن تكون الصعوبات المادية طارئة وغير متوقعه وقت التعاقد كأن يفاجأ المتعاقد بحاله لم يكن قد توقعها لابناء على دفتر الشروط ولافى دراساته الاوليه المشروع أو على الرغم مما نبه إليه أوما اتخذه من حيطه لا تفوت على الشخص البصير بالأمور قبل الإقدام على المساهمة في تسيير المرفق العام والتعاقد بشأنه . ( )
4- أن يكون من شأن هذه الصعوبات أن تلحق اضطراب في التوازن المالي للعقـد :
وعلى ذلك فإذا كان من شأن الصعوبات أن تلحق بالمتعاقد خسائر بسيطة فانه لا يسمح بالاستفادة في هذه النظرية فمن الواجب أن يصل الضرر حدا يتجاوز الخسارة المألوفة ليقلب اقتصاديات العقد ويتبين ، هذا من مقدار النفقات والتكاليف التي ينفقها المتعاقد زيادة على القيمة الاجمالية للعقد.
5- أن تكون الصعوبات من غير عمل أحد طرفي العقد : يشترط لتطبيق هذه النظرية أن لا يكون للمتعاقد دخل في أحداث الصعوبات أو زيادة آثارها خطورة وأن يثبت انه لم يكن في وسعه توقى آثارها وانه لم يخرج على شروط العقد أثناء قيامه بتنفيذ التزاماته .
ويشترط من جانب آخر أن لا يكون للاداره دخل في وجود تلك الصعوبات وأن كان يمكن الاستفادة من نظريه عمل الأمير في هذا المجال .
6- أن يستمر المتعاقد في تنفيذ العقد : لكي يستفيد المتعاقد من هذه النظرية يجب أن يستمر في تنفيذ العقد رغم الصعوبات المادية التي يواجهها ، فإذا توقف فانه يتعرض للجزاءات المتر تبه على إخلاله بتنفيذ العقد ويفقده الحق في المطالبة بالتعويض استناداً إلى هذه النظرية .
وفى هذا تتفق نظريه الصعوبات الماد يه غير المتوقعة مع نظرتي الظروف الطارئة وعمل الأمير التي لا تؤدى إلى تحلل المتعاقد من التزاماته .
الآثار المترتبه على تطبيق النظرية :
يترتب على توافر شروط هذه النظرية حصول المتعاقد مع الاداره على تعويض كامل عن جميع الأضرار التي يتحملها وذلك بدفع مبلغ معين إضافي له على الأسعار المتفق عليها.((
وبذلك تختلف هذه النظرية من حيث سببها والنتائج المتر تبه عليها عن نظريه الظروف الطارئة ،فهذه الاخيره تطبيق بسبب ظروف سياسية أو اقتصادية أو اجتماعيه ينتج عنها قلب اقتصاديات العقد أو اختلال توازنه المالي ويقتصر التعويض فيها على قدر محدد تساهم فيه جهة الاداره .
كما أنها تختلف عن نظريه عمل الامير من حيث سببها ، فهذه الاخيره تطبق بسبب اجراء عام أو خاص صادر عن السلطة الاداريه المتعاقده ، ولكنها تتفق معها في النتيجة ،ففي كلا الحالتين التعويض كامل وليس جزئي ، على أن تطبيق هذه النظريه لا يعفي بحال من الأحوال من الاستمرار في تنفيذ التزاماته ، مالم يصبح هذا التنفيذ مستحيلآ فنكون أمام حاله القوه القاهره .
وقد أكدت المحكمه الاداريه العليا في مصر هذا الاتجاه في حكمها بتاريخ 30-12-1997 بقولها "..الثابت من الأوراق أن هناك صعوبات ماديه لم تكن متوقعه لدى طرفي العقد قد صادفت تنفيذ الأعمال الاضافيه التي قامت الإدارة بإسنادها إلى المطعون ضده ،خارج نطاق العقد ، وان تلك الصعوبات غير عاديه ، وترجع إلى طبيعة الأرض والاتربه ، وانه ما كان بإمكان طرفي العقد توقعها ، وهو ما يفيد توفر شروط انطباق نظريه الصعوبات الماد يه غير المتوقعة ، بما يتعين معه تعويض المقاول بالتكاليف التي تحملها باعتبار أن الأسعار المتفق عليها في العقد لا تسرى ألا على الأعمال العادية المتوقعة . وإذا ذهب الحكم المطعون عليه هذا المذهب ، حيث قضى بإلزام الإدارة بجميع الأعباء والتكاليف التي تحملها المطعون ضده عند تنفيذ الأعمال الإضافية ، بما يجاوز نسبه 25% من الأعمال الأصلية ، فانه يكون قد صادف حكم القانون وجديرا بالتأييد." . ( )
الفصل الخامس
نهاية العقود الإدارية
تنتهي العقود الإدارية بالطرق الطبيعية لانتهاء العقود في ظل القانون الخاص، أما بتنفيذ الالتزامات الناشئة عنها، أو بانقضاء مدتها وقد تنتهي العقود الإدارية نهاية طبيعية أو مبتسرة قبل أجلها الطبيعي.
وسنتناول في هذا الفصل هاتين الطريقتين لانتهاء العقود الإدارية في مبحثين ، نخصص الأول للبحث في انقضاء العقود الإدارية بالطريق العادي، ونبين في المبحث الثاني حالات الانقضاء المبتسر .
المبحث الأول
الانقضاء العادي للعقد الإداري
ينقضي العقد الإداري مثلما هو الحال في عقود القانون الخاص بتنفيذ موضوعه أو بانتهاء المدة المحددة له:
أولاً – انقضاء العقد بتنفيذ الالتزامات المترتبة على طرفيه تنفيذاً كاملاً :
يينقضي عقد الأشغال العامة بتنفيذ تلك الأشغال واستلام المتعاقد الثمن، كذلك ينتهي عقد التوريد بإتمام تسليم البضائع محل التوريد واستلام المتعاقد الثمن من الإدارة .
ثانياً : انقضاء العقد الإداري بانتهاء المدة المحددة له:
متى كان العقد محدد المدة فإن انتهاء هذه المدة يستتبع انتهاء العقد، مثلما هو الحال في عقود الالتزام. وهذه هي القاعدة بالنسبة للعقود فورية التنفيذ .
المبحث الثاني
الانقضاء المبتسر للعقد الإداري
بالإضافة إلى الانقضاء العادي للعقد الإداري، من الجائز أن ينقضي العقد نهاية مبتسرة قبل أوانه في حالات معينة .
أولاً: الفسخ باتفاق الطرفين:
قد يتفق المتعاقد مع جهة الإدارة على إنهاء العقد قبل مدته أو أتمام تنفيذه، ويكون الإنهاء في هذه الحالة اتفاقنا يستند إلى رضا الطرفين وتطبق على الفسخ هذا أحكام الإقالة في عقود القانون الخاص .
وقد يكون إنهاء العقد بهذه الطريقة مصحوبا بالتعويض عما فات المتعاقد من كسب نتيجة لإنهاء العقد قبل أوانه،إذا ما اتفق المتعاقدان على ذلك.
ثانياً : الفسخ بقوة القانون:
ينقضي العقد بقوة القانون في حالات معينة تطبيقاً للقواعد العامة ومنها :
1- هلاك محل العقد: ينقضي العقد بقوة في حالة هلاك محله، إلا أنه يجب التمييز بين ما إذا كان الهلاك بسبب خارج عن إرادة الطرفين وبين ما إذا كان الهلاك بسبب راجع للإدارة ففي الحالة الأولى ينقضي العقد دون أن يتحمل أي من الطرفين تعويضاً بسبب الإنهاء .
أما في حالة الثانية فإن الإدارة تعوض المتعاقد عن هذا الإنهاء المبتسر الذي تسببت فيه للعقد، إلا إذا كان هلاك محل التعاقد تنفيذاً لإجراء عام كهدم دور آيلة للسقوط كان المتعاقد ملتزماً بصيانتها، إذا توافرت شروط نظرية عمل الأمير.
2- إذا تحققت شروط معينة منصوص عليها في العقد ويتم الاتفاق على أن العقد يعد مفسوخاً من تلقاء نفسه في حالة تحققها فينقضي العقد اعتباراً من هذا التاريخ.
3-إذا تحققت أسباب معينة منصوص عليها في القوانيين واللوائح فعندئذ يتم أنفساخ العقد من تاريخ تحققها .
ثالثاً: الفسخ القضائي :
قد يتقرر فسخ العقد الإداري بحكم قضائي بناء على طلب الإدارة أو المتعاقد معها في حالات معينة.
أ- الفسخ القضائي بسبب القوة القاهرة:
تؤدي القوة القاهرة إلى إعفاء المتعاقد من تنفيذ التزاماته إذا ما ثبت أن تحققها بسبب أجنبي لا دخل فيه ولم يكن في وسعه توقعه .
ويتبين من نص هاتين المادتين أنه إذا ما تحققت القوة القاهرة فإن العقد يعد مفسوخا من تلقاء نفسه ولا تستطيع الإدارة أن ترغم المتعاقد على التنفيذ،وإذا التجأ المتعاقد إلى القضاء للحصول على حكم بأن استحالة التنفيذ ترجع إلى سبب أجنبي فأن الحكم في هذه الحالة يقرر الفسخ ولا ينشئه.( )
ومع ذلك فقد ذهب جانب من الفقه الفرنسي معززاً رأيه ببعض أحكام مجلس الدولة إلى أنه يتعين على المتعاقد أن يلجأ إلى القضاء للحصول على حكم بانفساخ العقد للقوة القاهرة في حين تستطيع الإدارة إنهاء العقد بقرار منها استناداً منها إلى القوة القاهرة ويكون الفسخ هنا فسخاً إدارياً .((
2- الفسخ القضائي كجزاء للإخلال بالالتزامات العقدية :
أن حق الفسخ بحكم قضائي بناء على طلب الإدارة أو المتعاقد، لإخلال الطرف الآخر بتنفيذ التزاماته مضمون للطرفين ما دامت الإدارة تملك حق فسخ العقد بقرار إداري استناداً إلى خطأ المتعاقد في تنفيذ التزاماته العقدية، فلا تلجأ إلى القضاء لتقرير الفسخ إلا لكي تضمن عدم رجوع المتعاقد عليها بالتعويض إذا تبين أن قرارها بالفسخ مشوباً بالتعسف .
باستثناء حالة طلب إسقاط الالتزام في فرنسا، إذ أن القضاء الفرنسي مستقر على أنه لا يجوز أن يتم الفسخ إلا بحكم قضائي .
أما بالنسبة للمتعاقد فلا بد له من اللجوء إلى القضاء للحصول على حكم بفسخ العقد إذا أخلت الإدارة بالتزاماتها إخلالاً جسمياً، وإذا حكم القضاء بذلك فأن آثار الفسخ ترتد إلى يوم رفع الدعوى .
3- الفسخ في مقابل حق الإدارة في تعديل العقد :
تملك الإدارة كما بيناً سلطة تغيير شروط العقد وإضافة شروط جديدة بما يتراءى لها أنه أكثر اتفاقاً مع الصالح العام ، ويملك المتعاقد في مقابل هذا الحق المطالبة بالتعويض.
وإذا وجد المتعاقد أن التعويض غير كاف لمواجهة الظروف التي أوجدها التعديل، وأن التعديل تجاوز إمكانياته المالية وقدراته الفنية وتسبب في قلب اقتصاديات العقد. فإن للمتعاقد الحق في المطالبة بفسخ العقد قضاء مع التعويض، لإن مرجع الفسخ في هذه الحالة هو تصـرف الإدارة دائماً .
رابعاً : الفسخ عن طريق الإدارة :
تملك الإدارة في بعض الحالات التي ينص عليها في العقد أو في دفاتر الشوط العامة أو لائحة العقود الإدارية أن تفسخ عقودها الإدارية، دون الحاجة إلى اللجوء إلى القضاء.
كذلك إذا كان العقد مبرماً مع أكثر من متعاقد وتوفي أحد هؤلاء المتعاقدين فتملك الإدارة الخيار بين إنهاء العقد مع رد التأمين وبين تكليف باقي المتعاقدين بالاستمرار في تنفيذه.
ويتم إنهاء العقد في هاتين الحالتين بخطاب مسجل دون الحاجة إلى الالتجاء إلى القضاء أو اتخاذ أي إجراءات أخرى .
ومن جانب أخر للإدارة أن تنهي عقودها الإدارية دون الحاجة لنص في قانون أو الائحة إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك دون وقوع خطأ من جانب التعاقد، مع تعويضه عن ذلك عند الاقتضاء.
وسبق وأن أوضحنا الضوابط الواجب مراعاتها عند إنهاء الإدارة لعقودها للمصلحة العامة .
منقول للامانة
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma