محاضرات في المالية العامة ( 4 )
الفصل الثاني .
الإيرادات العامة
تعرضنا في الفصل السابق إلى تحديد حجم النفقات العامة، وتطور هذه النفقات وآثارها، وتتطلب النفقات العامة إلى إيرادات عامة لتغطيتها حتى تتمكن الدولة من القيام بوظيفتها في إشباع الحاجات العامة، وتعمل الدولة على تدبير الموارد اللازمة لتغطية نفقاتها العامة، بإتباع سياسة مالية معينة تأخذ بعين الاعتبار حقيقة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تسودها في فترة معينة من مراحل تطورها، وبالتالي تصبح الإيرادات العامة هي وسيلة الدولة في أداء دورها في التدخل لتحقيق الإشباع العام.
ولقد أدى تطور الدور الاقتصادي والاجتماعي للدولة، وازدياد نفقاتها العامة إلى تطور نظرية الإيرادات العامة؛ الأمر الذي تجلت أثاره في تطوير حجم هذه الإيرادات وإلى تعدد أنواعها وأغراضها، ولقد تعددت في العصر الحديث مصادر الإيرادات العامة واختلفت طبيعتها تبعا لنوع الخدمة العامة التي تقوم بها الدولة والهدف منها، ويعرض الفكر المالي العديد من المحاولات لتقسيم الإيرادات العامة على أساس التمييز بين أنواعها المختلفة إلى أقسام مختلفة يضم كل منها الموارد المتحدة في الطبيعة أو المتشابهة في الخصائص.
وقد حاول بعض الكتاب وعلى الأخص الألمان تقسيم الإيرادات العامة إلى إيرادات شبيهة بإيرادات النشاط الخاص، ومثالها إيرادات ممتلكات الدولة الخاصة كالدومين التجاري والمالي والزراعي، وإلى إيرادات متعلقة بالنشاط العام تحصل عليها الدولة باعتبارها صاحبة سلطة ونفوذ ومثال ذلك الضرائب والرسوم والغرامات القضائية والاستيلاء على الأموال التي لا وارث لها.
كما اقترح البعض الآخر التمييز بين نوعين من الإيرادات العامة: إيرادات اختيارية يدفعها الأفراد دون إجبار من الدولة كإيرادات ممتلكات الدولة الخاصة –الدومين الصناعي والتجاري- والقروض الاختيارية، وإيرادات إجبارية يدفعها الأفراد جبرا إلى الدولة وهي الأكثر أهمية كالرسوم والضرائب والقروض الإجبارية، إلى جانب الإيرادات التي تحصل عليها الدولة بدون مقابل من جهتها كالإعانات والمنح التي تتلقاها.
وقسم البعض الآخر الإيرادات العامة إلى إيرادات عادية والتي تحصل عليها الدولة سنويا بصفة منتظمة أو دورية كإيرادات ممتلكاتها الخاصة والضرائب والرسوم، والإيرادات غير العادية أو الاستثنائية التي لا تتكرر سنويا وإنما تلجأ إليها الدولة من وقت لآخر حسب الحاجة كالقروض والإصدار النقدي وبيع جزء من ممتلكات الدولة.
وفي الواقع أن التقسيمات السابقة وغيرها لا تسلم جميعا من النقد نظرا لعدم دقة المعايير المتخذة كأساس للتفرقة فيما بينها، وعملية الاختيار بين أوجه الإيرادات العامة المختلفة تشكل جزءا من السياسة المالية التي يجب أن تكون منسقة وغير متعارضة مع الهيكل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمجتمع.
وتوصف تقسيمات الإيرادات العامة بأوصاف عدة بحسب نشاط الدولة المالي، وهي لا تخرج في الغالب من أن تكون هذه الأوصاف إما "اقتصادية" أو "سياسية" أو "ائتمانية"، ويمكن الحديث تحت كل وصف من هذه الأوصاف عن إيراد أو أكثر من الإيرادات العامة، فمن خلال وصف "الإيرادات الاقتصادية" يظهر لنا فائض الاقتصاد العام المشتمل أساسا على دخل الدومين والرسوم، وفي نطاق "الإيرادات السيادية" تتجلى الضرائب بأنواعها المختلفة لكونها تمثل أهم الموارد المالية للدول في الوقت الحاضر، وفي إطار "الإيرادات الائتمانية" تحتل القروض العامة بشتى صورها وأشكالها حجر الزاوية عند نقل الإيرادات الاقتصادية والسيادية عن الوفاء بكل ما تحتاجه الدولة من إيرادات لازمة لتغطية نفقاتها العامة.
وسنتناول دراسة هذا الفصل من خلال المباحث التالية:
المبحث الأول: الإيرادات الاقتصادية
المبحث الثاني: الإيرادات السيادية
المبحث الثالث: الإيرادات الائتمانية
المبحث الأول: الإيرادات الاقتصادية
إن زيادة النفقات العامة وتنوعها كان العامل الأساسي الذي أدى إلى زيادة الإيرادات العامة وتنوعها وتطورها حجما ونوعا، ونتناول في هذا المبحث إيرادات الدولة من ممتلكاتها من خلال العنصرين التاليين: أولا-إيرادات أملاك الدولة (الدومين). ثانيا-الثمن العام.
أولا-إيرادات أملاك الدولة (الدومين):
يطلق لفظ الدومين Domaine على ممتلكات الدولة أيا كانت طبيعتها، عقارية أو منقولة، ومهما كان نوع ملكية الدولة لها عامة أم خاصة، وتنقسم ممتلكات الدولة إلى قسمين: ممتلكات أو دومين عام، وممتلكات أو دومين خاص.
1-الدومين العام: ويقصد به ما تملكه الدولة ويكون معد للاستعمال العام، ولخدمة المرافق العامة كالطرق والمطارات والموانئ وأبنية الوزارات والمصالح العامة والمتاحف والحدائق العامة والملاعب والأنهار، ويتميز الدومين العام بمميزات عدة منها أن ملكية الدولة له هي ملكية عامة تخضع لأحكام القانون الإداري، وبالتالي فهو لا يجوز بيعه أو التصرف فيه بما أنه مخصص للمنفعة العامة، كما لا يجوز تملكه بالتقادم، والغاية منه هو تقديم الخدمات العامة وليس الحصول على أموال للخزانة العامة، ولا يمنع هذا من إمكانية تحقيق بعض الإيرادات من الدومين العام، كما لو فرضت بعض الرسوم على دخول الحدائق العامة أو على دخول المطار أو الميناء، أو المتاحف العامة، وأن هذا المقابل لا يقصد به في الغالب سوى تنظيم استعمال هذه المرافق العامة، فضلا عن ضآلته في معظم الحالات، وقد يكون سببها في حالات استثنائية هو الرغبة في تغطية نفقات إنشاء هذه المرافق، ومع ذلك تظل القاعدة العامة هي مجانية الانتفاع بأموال الدومين العام.
2-الدومين الخاص: ويقصد به الأموال التي تمتلكها الدولة ملكية خاصة، والتي تخضع بوجه عام لقواعد القانون الخاص، فيمكن التصرف فيه بالبيع وغيره، كما يجوز للأفراد تملكه بالتقادم طويل الأجل، ويدر الدومين الخاص على عكس الدومين العام إيرادات للخزانة العامة، وهو وحده الذي يعنيه علماء المالية العامة عند الكلام على دخل الدولة من أملاكها، أي الدومين الخاص كمصدر من مصادر الإيرادات العامة.
ويشير البحث في إيرادات الدومين الخاص التعرض لمختلف أنواع الإيرادات الناتجة من ملكية الدولة التي تتخذ إحدى صور ثلاث: الدومين العقاري، الدومين الصناعي والتجاري والدومين المالي.
2-1-الدومين العقاري: ويشمل ممتلكات الدولة من الأراضي الزراعية والغابات والمناجم والمحاجر وأضيفت إليه في العصر الحديث الأبنية السكنية.
ولقد كان النشاط الزراعي المتعلق باستغلال الأراضي من أهم أنواع الدومين الخاص في العصور الوسطى، ويأتي دخل هذا النوع من الدومين من ثمن بيع المنتجات الزراعية، ومن الأجرة التي يدفعها المستأجرون.
وقد بدأ الدومين الزراعي يفقد أهميته ابتداءا من نهاية القرن الثامن عشر مع زوال العهد الإقطاعي وبزوغ النظام الرأسمالي، وقيام حكومات الدول الأوروبية بالتصرف في الأراضي وبيعها للأفراد لأسباب سياسية واقتصادية، لكن بقي للدول استغلال الغابات نظرا لما تتطلبه من نفقات ضخمة لغرس الأشجار وصيانتها، ولا تكون منتجة إلا في المدة الطويلة، ويرجع اهتمام الدول بالغابات إلى الفوائد الكبرى التي تحققها، فهي تعمل على إعاقة السيول ومنع انتشار الأتربة، وتؤثر على الأحوال المناخية فتهدئ من الرياح وتعمل على تثبيت التربة.
كما تمتلك الدولة الأراضي البور بهدف إصلاحها، وبصفة عامة فإن الإيرادات الناتجة عن الأراضي الزراعية ليست عزيرة ولا مرنة، ولذلك لم يعد من الممكن أن تؤدي دورا هاما كمصدر من مصادر الإيرادات العامة في العصر الحديث.
أما عن المناجم والمحاجر (الدومين الإستخراجي) فهو يتصل بالثروات الطبيعية التي يمكن استخراجها من المناجم والمحاجر الموجودة في الدولة، وتختلف الدول فيما بينها بالنسبة إلى استغلال هذه الموارد تبعا لاختلاف الإيديولوجية السائدة فيها، فالبعض يحتفظ للدولة بالاستغلال المباشر للثروة المعدنية لما لها من دور حيوي في مختلف أوجه النشاط الصناعي، والبعض الآخر يترك أمر استغلالها للأفراد إيمانا بأفضلية الاستغلال الاقتصادي الفردي عن الحكومي، خاصة في مثل هذا المجال الذي يتطلب استخدام أحدث طرق الإنتاج الفنية، وأخيرا تفضل بعض الدول الاحتفاظ بملكية المناجم والمحاجر وترك أمر استغلالها إلى الأفراد مع الإشراف على هذا الاستغلال بهدف حماية الثروة المعدنية من النضوب المبكر، ويأخذ هذا الإشراف في الغالب صورة اشتراك الدولة مع الأفراد في استغلال المناجم والمحاجر.
كما تعتمد الدولة على أبنية سكنية تملكها لتحقيق جزء من إيراداتها العامة ولا شك أن تدخل الدولة في العصر الحديث تدخلا مباشرا للعمل على تقديم الخدمات الإسكانية قد ساهم في حل أزمة السكن الناشئة عن الميل إلى التركز في المدن والمراكز الصناعية من جهة وإلى زيادة عدد السكان من جهة أخرى.
2-2-إيرادات الدولة من الدومين الصناعي والتجاري:
ويضم هذا الدومين مختلف المشروعات الصناعية والتجارية التي تقوم بها الدولة مثلها في ذلك مثل الأفراد، وتدر أغلبية هذه المشروعات إيرادات مالية تعتبر مصدرا من مصادر الإيرادات العامة.
وقد ازدادت أهمية الدومين الصناعي والتجاري في الدول الرأسمالية تحت تأثير المذهب التدخلي، الذي انتشر بعد الحرب العالمية الأولى (وخاصة بعد أزمة النشاط الرأسمالي في الثلاثينات من القرن الماضي)، والذي اقتضى تدخل الدولة في حياة المجتمع الاقتصادية والاجتماعية بعد أن كانت تحجم عن ذلك من قبل تحت تأثير المذهب الحر، ويرجع اتساع تدخل الدولة أساسا إلى الأيديولوجية السائدة فيها ومدى تحبيذها للنشاط الاقتصادي الفردي، كما يرجع إلى المقارنة بين مزايا الاستغلال الفردي مع فرض الضرائب على أرباحه وبين مزايا الاستغلال الحكومي والحصول على كل أرباحه، مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الأخرى بطبيعة الحال.
إن إقامة الدولة للمشروعات الصناعية والتجارية قد يكون بهدف تحقيق أغراض مالية، تتمثل في الحصول على إيرادات للخزانة العامة، أو قد تستهدف الدولة من وراء ذلك تحقيق أغراض اجتماعية تتمثل في توفير خدمة عامة للمواطنين، كالخدمات الصحية والتعليمية وخاصة لفئات معينة بالإضافة إلى خدمة توريد المياه الكهرباء، وأخيرا قد تستهدف الدولة من بعض المشروعات الصناعية تحقيق أهداف لها علاقة بالأمن القومي، تتمثل في خدمة المجهود الحربي وضمان إنتاج أنواع معينة من الأسلحة والمعدات الحربية.
إن نجاح المشروعات العامة لا يقاس بمدى تحقيقها للأرباح، لأن الهدف من إقامة هذه المشروعات هو إنتاج وتوفير سلع وخدمات معينة بغض النظر عن حساب استغلال هذه المشروعات من حيث الربح والخسارة.
2-3-إيرادات الدولة من الدومين المالي: وهو أحدث أنواع الدومين الخاص ظهورا، ويقصد بالدومين المالي محفظة الدولة من الأوراق المالية كالأسهم والسندات المملوكة لها والتي تحصل منها على أرباح وفوائد تمثل إيرادا ماليا يدخل ضمن دخل أملاك الدولة، ولقد ازدادت أهمية الدومين المالي في الوقت الحاضر بالإضافة إلى حدوث تطور في مضمونه، فلم يعد قاصرا على الإيرادات الناتجة عن حق الدولة في إصدار النقود، بل أصبح يتضمن أساسا الأسهم التي تمثل مساهمة الدولة في المشروعات ذات الاقتصاد المختلط (التي تجمع بين الملكية العامة والملكية الخاصة)، كما تسيطر الدولة على بعض المشروعات ذات النفع العام حتى تتمكن من توجيهها إلى ما يحقق الصالح العام، وقد يوجه النقد إلى توجه الدولة لاستثمار أموالها في شراء الأسهم والسندات نظرا للتقلبات الاقتصادية الكبيرة التي تتعرض لها سوق الأوراق المالية في بعض الأحيان، مما يؤثر على إيراد الدولة ويصبح غير ثابت أو مضمون، إلا أن الدولة قد تجد نفسها مدفوعة إلى ممارسة مثل هذا النشاط المالي لتحقيق هدف سياسي أو مصلحة اقتصادية يكون من شأنه اطمئنان الأفراد إلى شراء الأسهم والسندات الخاصة بالمشروعات التي تشارك فيها مما ينتج عليه إنجاح حركة التنمية الاقتصادية التي تحتاج إليها البلاد، هذا فضلا عن فوائد القروض التي تمنحها الدولة للهيئات العامة المحلية وللمؤسسات والمشروعات العامة.
ثانيا-الثمن العام:
يطلق مصطلح الثمن العام على ثمن السلع والخدمات التي تنتجها وتبيعها المشروعات العامة الصناعية والتجارية، وبذلك يمثل الثمن العام المقابل الذي تحصل عليه الدولة نتيجة قيامها بنشاط صناعي أو تجاري ويعد أحد الوسائل التي تمكنها من تحقيق إيراد عام يتمثل في مقدار الأرباح التي تحققها من ممارسة بيع السلع أو الخدمات للأفراد، سواء في ظل قوانين المنافسة الكاملة أو في ظل الاحتكار الذي تمارسه الدولة بالنسبة لبعض أنواع السلع قصد الاستقلال في تحديد ثمنها بما يمكنها من الحصول على أكبر قدر من الإيرادات للخزانة العامة.
ويثير الفكر المالي سؤالا يتعلق بكيفية تحديد الثمن العام، أي بالمستوى الذي يتحقق عنده الثمن العام، والإجابة تدعو إلى ضرورة التفرقة بين الحالات التي تمارس فيها الدولة نشاطها التجاري والصناعي على سبيل المنافسة بين مشروعاتها ومشروعات الأفراد، وبين الحالات التي تتمتع الدولة فيها بمركز احتكاري بالنسبة لبيع أنواع معينة من السلع.
ففي حالة المنافسة الكاملة بين مشروعات الدولة الصناعية والتجارية، ومشروعات الأفراد العاديين، فالدولة لا تحتكر بيع السلع والخدمات، وإنما تنزل إلى مستوى الأفراد وتمارس النشاط رغبة في تحقيق الربح، ويتحدد هنا ثمن السلعة أو الخدمة التي تبيعها الدولة حسب قوى العرض والطلب، ويسمى ثمن السلع بالثمن العام، تمييزا له عن الثمن الخاص الذي تحصل عليه المشروعات الخاصة عند بيع منتجاتها، أما في حالة عدم سماح الدولة بقيام مشروعات خاصة مماثلة للمشروعات العامة، وتستهدف الدولة التمتع بمركز احتكاري بالنسبة إلى إنتاج سلع معينة، والاستقلال في تحديد ثمن السلع أو الخدمات التي تحتكرها، والغرض من احتكار الدولة قد يكون لأحد أمرين:
الأول: يتمثل في رغبة الدولة تقديم أنواع معينة من السلع للأفراد على سبيل الاحتكار، باعتبارها ضرورية للاستهلاك، خشية من تلجأ المشروعات الخاصة إلى رفع أثمانها واستغلال مدى ضروريتها لاستهلاك الأفراد، وفي هذه الحالة فإن الدولة لا تهدف من نشاطها إلى تحقيق الإيراد المالي بقدر ما تهدف إلى ضمان توفير سلع وخدمات معينة تعتبر أساسية مثل المياه، الكهرباء، الخبز، خدمات الهاتف، ويتحدد الثمن العام لهذه السلع والخدمات على أساس نفقات الإنتاج أو بأقل من هذه النفقات، على أن يغطي الفرق بين الثمن والتكلفة من الخزانة العامة، وأحيانا أخرى قد يفوق ثمن هذه السلع بنسبة ضئيلة جدا نفقات الإنتاج.
الثاني: قد تهدف الدولة من احتكار النشاط الصناعي أو التجاري إلى تحقيق الإيراد المالي، ويطلق على هذه الحالة اصطلاح الاحتكار المالي، إذ عادة ما تختار الدولة لاحتكارها المالي سلعا واسعة الانتشار ويكون الطلب عليها غير مرن، حتى لا يترتب على ارتفاع ثمنها بنسبة معينة نقص في طلبها الكلي بنسبة أكبر ومن ثم نقص في الإيرادات الكلية وفي الأرباح المحققة، ومن أهم أمثلة الاحتكار المالي هو احتكار الدولة لمنتجات التبغ (الدخان) وتحديد أثمانه بما يحقق لها إيراد مالي ضخم.
ويرى بعض الكتاب أن تحديد الثمن في حالة الاحتكار المالي لا يختلف عن الثمن الذي يحدده المحتكر في المشروع الخاص، ففي الحالتين يسعى المحتكر إلى الوصول إلى حالة التوازن التي تتيح له الحصول على أكبر قدر ممكن من الأرباح وفقا لظروف إنتاج السلعة والطلب عليها، في حين يرى آخرون أن الثمن في حالة الاحتكار المالي يتحدد عند مستوى أعلى من المستوى الذي يتحدد عنده الثمن في حالة الاحتكار الخاص، وأن الفرق بين الثمنين ما هو إلا ضريبة مستتره غير مباشرة.
وهناك رأي ثالث يرى أن الدولة لا تلجأ إلى الاحتكار المالي إلا للحصول على مصدر للإيرادات، ومن ثم فإن الزيادة في الثمن المحدد في هذه الحالة ينفقه إنتاج وحدة من وحدات السلعة المحتكرة متضمنة ما يمكن اعتباره ربحا عاديا للمشروع، وهذه الزيادة في الواقع هي ضريبة غير مباشرة على استهلاك السلعة، إذ تعذر على الدولة فرضها عند قيام الأفراد بإنتاج السلعة أو تداولها أو بيعها فآثرت أن تقوم هي باحتكار إنتاجها وتحصيل هذه الضريبة بتضمينها ثمن السلعة المحتكرة، ويذهب أنصار هذا الرأي الأخير في تحليلهم على اعتبار إيرادات الاحتكار المالي من بين إيرادات الضرائب غير المباشرة وليس من بين إيرادات الدومين الخاص (المشروعات الصناعية والتجارية).
فالاحتكار المالي لا يؤدي إلى تغيير النظرة إلى الثمن العام مهما كان نفعا، واعتباره بمثابة ضريبة مستتره أو غير مباشرة، إذ يظل ثمنا عاما ويفسر ارتفاعه برغبة الدولة في استغلال الاحتكار من أجل تحقيق ربح كبير يسمح لها بإيراد مالي ضخم.
المبحث الثاني: الإيرادات السيادية
الإيرادات السيادية هي تلك الإيرادات التي تحصل عليها الدولة جبرا من الأفراد بمالها من حق السيادة وتشمل الضرائب، والرسوم ومقابل التحسين (الإتاوة) والغرامات المالية، والتعويضات، والقرض الإجباري وسوف نقتصر على دراسة النوعين الأول والثاني وبالتالي يقسم هذا المبحث إلى:
أولا: الرســـــوم.
ثانيا: الضرائــــب.
ثالثا: الآثار الاقتصادية للضرائب.
أولا-الرســــوم:
تعتبر الرسوم من الإيرادات العامة التي تدخل خزانة الدولة بصفة تكاد تكون دورية ومنتظمة، والتي تستخدم حصيلتها في تمويل النشاط المالي وتحقيق المنافع العامة، وتحصل الدولة على إيراداتها من الرسوم كمقابل للخدمات التي تؤديها مرافقها العامة للأفراد من خلال النشاط العام الذي خلق المرفق العام أصلا من أجل القيام به.
I-تعريف الرسم:
الرسم هو عبارة عن مبلغ من النقود يدفعه الفرد جبرا إلى الدولة مقابل انتفاعه بخدمة معينة تؤديها له يترتب عليها نفع خاص له إلى جانب نفع عام.
يتضح من هذا التعريف أن الرسم يتميز بأربع خصائص هامة وهي:
1-الرسم مبلغ نقدي يدفعه الفرد مقابل الحصول على خدمة خاصة من نشاط إحدى إدارات أو مرافق الدولة، واشتراط الصورة النقدية للرسم جاء ليساير التطور الحديث في مالية الدولة من حيث اتخاذ نفقاتها وإيراداتها الصورة النقدية.
2-الرسم يدفع جبرا من الأفراد للدولة: فالرسم يدفع جبرا بواسطة الفرد مقابل الحصول على الخدمة الخاصة التي يتلقاها من جانب إحدى الإدارات والمرافق العامة، وتفرض الرسوم بقواعد قانونية لها صفة الإلزام تجبر الفرد على دفعها إذا ما تقدم بطلب لإحدى الإدارات أو الهيئات العامة، وتحدد قيمة الرسوم بمقتضى هذه القواعد القانونية، معبرا عن إرادة الدولة، ولا سبيل أمام الفرد إلا الخضوع لمضمون تلك الإرادة.
ويمكن التفرقة فيما يتعلق بعنصر الجبر أو الإكراه، بين الإكراه القانوني والإكراه المعنوي، ويقصد بالأول حالة ما إذا كان الفرد مجبرا قانونا على تلقي خدمة معينة ودفع الرسم المفروض على أدائها كما في حالة رسوم التعليم الإجباري بالنسبة للمرحلة الأولى من مراحل التعليم ورسوم التطعيم الإجباري، لكن الغالب أن يكون الإكراه معنويا أي أن الفرد يطلب من تلقاء ذاته خدمة معينة تقدمها الدولة دون أن يلزمه القانون بهذا، ومن الأمثلة على ذلك حالة دفع الرسم المقرر على استخراج رخصة القيادة أو الحصول على جواز السفر أو تأشيرة دخول إحدى الدول، فالجبر أو الإكراه المقصود هنا إنما يعني إلزام الفرد بدفع الرسم المقرر لخدمة معينة في حالة الاستفادة منها أي الانتفاع بها.
3-عنصر المقابل في دفع الرسم: فالرسم يدفعه الفرد مقابل خدمة خاصة يحصل عليها من جانب الدولة، وقد تكون هذه الخدمة عمل تتولاه إحدى الهيئات العامة لصالح الفرد كالفصل في المنازعات (الرسوم القضائية) أو توثيق العقود وشهرها (رسوم التوثيق)، أو استعمال الفرد لبعض المرافق العامة استعمالا يترتب عليه في الغالب تيسير مباشرة مهنته كاستعمال الموانئ والمطارات (رسوم الموانئ) وبعض الطرق العامة البرية والنهرية (رسوم الطرق).
4-تحقيق النفع الخاص إلى جانب النفع العام: ويعني ذلك أن الفرد الذي يدفع الرسم إنما يحصل على نفع خاص به لا يشاركه فيه غيره من الأفراد يتمثل في الخدمة المعينة التي تؤديها له الهيئات العامة في الدولة، كما أنه يعني أن هذه الخدمة تمثل إلى جانب النفع الخاص نفعا عاما يعود على المجتمع ككل أو على الاقتصاد القومي في مجموعة، فالرسوم القضائية التي يدفعها المتقاضون مقابل الحصول على خدمة مرفق القضاء يترتب عليها تحقيق نفع خاص يتمثل في حصول كل منهم على حقه وضمان عدم منازعة أحد فيه بعد ذلك، وفي آن واحد يستفيد المجتمع من نشاط القضاء الذي يعطي الحقوق لأصحابها ويضمن لهم الطمأنينة والأمن والاستقرار وهذا نفع عام كماهو واضح.
II-تقدير الرسم:
تستقل الدولة بتحديد قيمة الرسم الواجب دفعه على بعض أوجه النشاط العام، والواقع يشير إلى أنه ليس من السهل تحديد قاعدة عامة تلتزمها الدولة وهي بصدد تقدير الرسم، بل هناك أكثر من قاعدة تدخل في الاعتبار عند إجراء هذا التقدير، حيث يعتبر الرسم المفروض نتيجة تفاعل هذه القواعد كلها، ويمكن إجمال القواعد الرئيسية في ثلاثة قواعد أساسية:
-القاعدة الأولى: تأخذ بعين الاعتبار التناسب بين نفقة الخدمة المؤداة وبين الرسم المقابل لها، ولا يستلزم أن يتحقق هذا التناسب بالنسبة إلى كل فرد يستفيد من الخدمة على حدة، بل يكفي أن تتناسب تكاليف المرفق القائم بالخدمة مع حصيلة الرسوم المفروضة على الانتفاع بها، وتستند هذه القاعدة إلى أن الغرض الأساسي من إنشاء المرافق العامة ليس تحقيق الربح ومن ثم فانه لا يتحتم أن يترتب علي مباشرة هده المرافق لنشا طها أن تزيد إيراداتها عن نفقاتها.
والقاعدة الثانية هي جعل مبلغ الرسم اقل من نفقة إنتاج الخدمة المقابلة له وذلك بالنسبة إلى خدمات معينة كالتعليم العام والجامعي والخدمات الصحية وتستند هذه القاعدة أما إلى أن مثل هذه الخدمات يترتب عليها نفع عام يعود علي المجتمع إلى جانب المجتمع إلى جانب النفع الخاص الذي يعود علي دافع الرسم ومن ثم فان قواعد العدالة نقضي بتوزيع نفقات المرافق القائمة بأداء هده الخدمات بين الأفراد المنتفعين بها عن طريق دفع الرسوم وبين المجتمع ككل عن طريق فرض الضرائب بأنواعها المختلفة، أما الرغبة في تشجيع الأفراد على طلب مثل هذه الخدمات لضرورتها أو لنفعها و ذلك عن طريق عدم تحصيل مبالغ كبيرة في صورة رسوم قد تقف عقبة في سبيل طلب الأفراد لها كما هو الحال بالنسبة إلى بعض الخدمات الصحية، و في بعض الحالات تقرر السلطة العامة عدم تحصيل الرسوم إطلاقا عن الخدمات المؤداة كما هو الحال بالنسبة إلى التطعيم ضد بعض الأمراض.
والقاعدة الثالثة: وهي التي يكون مبلغ الرسم أكبر من نفقة الخدمة المقابلة له وذلك بالنسبة إلى خدمات محددة (بعينها)، وتستند هذه القاعدة إما إلى الرغبة في التقليل من إقبال الأفراد على طلب الخدمة موضوع الرسم كما هو الحال بالنسبة إلى رسوم الاستحمام في بعض الشواطي المعينة ، وإما إلى الرغبة في الحصول على إيرادات للخزانة العامة كرسوم التوثيق و الإشهار إذا زادت عن نفقة المرفق القائم بأداء هذه الخدمة زيادة ملموسة.
إلا أن هذه القواعد كلها لا تمنع من أنه يمكن القول بصفة عامة، أن الغرض الأساسي من اقتضاء الرسوم مقابل خدمات بعض المرافق العامة هو غرض مالي، فهدف الدولة من فرض الرسم هو الحصول على إيرادات للخزانة العامة، و يتفق أغلب علماء المالية العامة على أنه في حالة زيادة مبلغ الرسم عن نفقة الخدمة المقابلة له ، فإن هذا الجزء الزائد يعتبر في الواقع ضريبة مستترة أو مقنعة .
III-أساس فرض الرسم:
يترتب على الطابع الإجباري للرسوم ضرورة وضع أساس تستمد منه سلطتها في تقرير الرسوم ضمانا لسلامة مالية الدولة والمواطنين، وقد استتبع هذا في الدول ذات الدساتير الديمقراطية وجوب موافقة السلطة التشريعية (البرلمان أو غيره من المجالس النيابية) على فرض الرسوم، و نظرا لتعدد أنواع الرسوم وتنوع القواعد التي تتبع في تقديرها ، فإن السلطة التنفيذية تكون هي الأقدر على إجراء هذا التقدير، ومن ثم تكفي القرارات الإدارية في فرض الرسوم، لكن يتعين دائما أن تستند هذه القرارات إلى قوانين تخول لها هذا الفرض، و ذلك ضمانا لعدم إساءة استعمال الحق والحيلولة دون مغالاة الإدارة، و ألا كانت القرارات باطلة من الناحية الدستورية.
وغالبا ما يتضمن القانون الصادر بفرض الرسوم أو بإجازة فرضها بواسطة السلطة التنفيذية إعفاء طوائف معينة من المواطنين، من ذوي الدخول المنخفضة، من دفع هذه الرسوم أو تخفيضها بالنسبة إليهم، و في هذه الحالة يحدد القانون الشروط الواجب توافرها في الشخص حتى يتمتع بهذه الميزة.
IV-التفرقة بين الرسم وبعض الإيرادات العامة الأخرى:
1/-الرسم والثمن العام:
يتشابه الرسم مع الثمن العام في أن كلا منهما يدفع في سبيل حصول الفرد على نفع خاص له يتمثل في الخدمة التي يقدمها المرفق العام في حالة الرسم وفي الحصول على سلعة أو خدمة معينة من منتجات المشروعات العامة الصناعية والتجارية، كما يتشابهان في أن كلا منهما قد يكون مساويا لتكاليف الخدمة المستهلكة أو أكبر أو أقل منها، وأن الاعتبارات التي تدعو الدولة إلى جعل الرسم أكبر أو أقل من نفقة الخدمة المؤداة هي ذاتها التي تدفعها إلى جعل ثمن منتجات الدومين الصناعي والتجاري أكبر أو أقل من نفقة إنتاجها، ويتشابه الرسم مع الثمن العام أخيرا في أن كلا منهما يتضمن ضريبة مستترة أو مقنعة في حالة زيادة كبيرة عن تكلفة الخدمة أو السلعة المقابلة.
-أما أوجه الاختلاف بين الثمن العام والرسم: هناك أوجه متعددة نذكر منها:
* طبيعة المقابل: فالثمن العام يدفع مقابل النفع الخاص الذي يحصل عليه الفرد من السلعة التي تبيعها له المشروعات العامة الصناعية والتجارية، بينما يدفع الرسم مقابل نفع خاص مقترن بالنفع العام الذي يؤديه المرفق للمجتمع ككل.
* يتحدد الرسم بناء على القانون أو القرار الإداري، وبالتالي فإن السلطة العامة هي التي تستقل بتحديد قيمته دون تدخل من جانب الأفراد، أما الثمن العام فإنه يتحدد وفقا لقوانين العرض والطلب في ظل قيام المنافسة الكاملة بين مشروعات الدولة ومشروعات الأفراد الصناعية والتجارية، أو طبقا لقوانين الاحتكارات وقواعدها إذا ما تعلق الأمر بوجود حالة من حالات الاحتكار المالي للدولة.
* يدفع الرسم جبرا عن الأفراد، بينما يدفع الثمن العام اختبارا بواسطة مشترى السلعة التي ينتجها المشروع الصناعي أو يتجر فيها المشروع التجاري ولا تتمتع الدولة في سبيل اقتضائه بحق امتياز على أموال المشتري.
* تناقض أهمية الرسوم كمصدر للإيرادات العامة، والعكس بالنسبة للثمن العام الذي تتزايد أهميته نظرا للاتجاه الحديث في الدول المختلفة إلى التدخل في الحياة الاقتصادية وإنشاء الكثير من المشروعات الصناعية والتجارية التي كانت من قبل وقفا على النشاط الخاص.
2/-الرسم ومقابل التحسين أو الإتاوة:
تعرف الإتاوة بأنها عبارة عن مبلغ من المال تفرضه الدولة جبرا على ملاك العقارات بنسبة المنفعة العامة التي عادت عليهم من وراء قيامها ببعض الأشغال العامة، ومن أمثلة هذه الأعمال: شق الطرق وتعبيدها، وتوصيل الكهرباء، أو حفر القنوات والمصارف المسهلة لري الأراضي الزراعية …الخ، تتشابه الإتاوة إلى حد كبير مع الرسم مما أدى بالبعض إلى النظر إليها على أنها نوع من الرسوم، ومع ذلك فإن الأوجه التي يختلفان فيها كثيرة وعلى جانب كبير من الأهمية: فدرجة الإجبار تختلف في الإتاوة عنها في الرسم، ففي حالة الإتاوة نجد أنه لا مفر للمالك العقاري من دفعها طالما أن عقاره قد استفاد من أشغال عامة، أما في الرسم فإنه يمكن عدم دفع المقابل النقدي فيه بالامتناع عن الاستفادة من الخدمة التي قرر هذا الرسم في مقابلها في الحالات التي لا يتحقق فيها الإكراه القانوني.
-ومن جهة أخرى فإن الإتاوة تقوم بدفعها فئة معينة من الأشخاص، وهم الملاك العقاريون لعقارات زادت قيمتها نتيجة لأعمال عامة، أما الرسم يدفع مقابله أي شخص أراد الانتفاع من خدمات معينة، ويقصد بالإتاوة عادة تغطية بعض نفقات المشروعات المترتبة على الأعمال العامة أو ما يتبقى من هذه النفقات، أما صيانة تلك المشروعات وما تحتاجه من نفقات دورية فإنها تغطى من حصيلة الضرائب، ويرجع هذا إلى أن الملاك العقاريين ليسوا المنتفعين بهذه المشروعات السابقة وحدهم.
-والإتاوة لا تدفع إلا مرة واحدة، أما الرسم فيدفعه المستفيد في كل مرة يحصل فيها على الخدمة.
فبعد أن توزع النفقات بالميزانية حسب الأهداف التي ترمي الدولة إلى تحقيقها من الإنفاق العام، يعاد تقسيم هذه النفقات تقسيما إداريا أي تبعا للوزارات والمصالح.
V-دور الرسوم في المالية العامة الحديثة:
كان للرسوم فيما مضى وخاصة في القرون الوسطى والعصور التي تلتها دور كبير في المالية العامة جعلها أكثر موارد الدولة بعد الدومين الناتج أساسا من ريع أملاك الدولة الخاصة وذلك لكون الرسوم وبأنواعها لم تكن تتطلب موافقة النواب المكلفين بها (ممثلي الشعب) كما في الضرائب مما جعل الدول تفضل اللجوء إليها، غير أن التطور أدى إلى تغير مفهوم قيام الدولة بالتدخل لتحقيق الصالح العام، فأصبحت تؤدي دورها بناء على مسؤوليتها عن إشباع الحاجات العامة في مختلف المجالات دون أن يقترن هذا الدور بفرض الرسوم على خدمات الدولة وتمول هذه الخدمات العامة من الميزانية العامة.
وكنتيجة لما سبق، فقد تضاءلت أهمية الرسوم كمورد مالي في مالية الدول الحديثة، مما أدى إلى اتجاه معظم البلدان إلى الحد منها بإلغائها أو تحويلها إلى ضرائب برفع سعرها ويرجع ذلك إلى انتشار فكرة مجانية الخدمات التي تقوم بها الدولة وهو ما أدى إلى اللجوء لسد تكاليفها إلى الاستعانة بالضرائب التي احتلت المقام الأول بين موارد الدولة.
بالإضافة إلى أن المبدأ الحديث الذي يقضي بضرورة موافقة البرلمان على فرض الرسوم قد سلب من الرسم ما كان له من ميزة في سهولة الالتجاء إليه عن الضريبة.
ثانيا-الضرائـــب:
تمثل الضرائب في العصر الحديث أهم أنواع الإيرادات العامة التي تعتمد عليها الدولة لتغطية نفقاتها العامة، وتجبر الدولة الأفراد بالمساهمة في أعبائها العامة عن طريق فرض الضرائب عليهم وفقا لنظام فني معين يقوم على مجموعة من القواعد والمبادئ التي تحكم سلوك الدولة والتزام الأفراد بأداء الضريبة، وترجع أهمية الضرائب إلى الدور الذي تلعبه في تحقيق أهداف السياسة المالية، ولما تثيره من مشكلات فنية واقتصادية وما ينتج عنها من آثار اقتصادية واجتماعية، لذلك فإن دراسة الضرائب تتناول جوانب متعددة ومتشعبة ينبغي الإلمام بها جميعا لاكتمال الإحاطة بهذا الفرع من المعرفة، غير أن ذلك يجاوز آفاق هذه الدروس المحدودة والمقتصرة على بعض الموضوعات الجوهرية دون غيرها.
(1)-ماهية الضريبة وخصائصها:
-تعريف الضريبة: هي عبارة عن فريضة نقدية يدفعها الفرد جبرا إلى الدولة أولا لإحدى الهيئات العامة المحلية بصفة نهائية منه في تحمل التكاليف والأعباء العامة دون إن يعود عليه نفع خاص مقابل دفع الضريبة.
خصائص الضريبة: ومن التعريف أعلاه يتضح أن الضريبة تتميز بالخصائص التالية:
1-الضريبة فريضة نقدية: تدفع الضريبة في العصر الحديث في صورة نقود تمشيا مع مقتضيات النظام الاقتصادي ككل لكون أن المعاملات كلها أصبحت تقوم على استخدام النقود سواء في القطاعات العامة أو الخاصة وبما أن النفقات العامة تتم في صورة نقدية فان الإيرادات بما في ذلك الضرائب لابد وان تحصل كذلك بالنقود.
2-الضريبة تدفع جبرا: ويعنى دلك أن الفرد ليس حرا في دفع الضريبة بل هو مجبر على دفعها إلى الدولة والجبر هنا قانوني لا معنوي بالنظر إلي قانون الضريبة هو تعبير عن القوة الإلزامية للقاعدة القانونية التي تفرض على الممول النزول أو الخضوع لها من كافة زواياها، ويبدو عنصر الإكراه في الضريبة واضحا من استقلال الدولة بوضع نظامها القانوني من حيث تحديد وعائها وسعرها وكيفية تحصيلها، دون أن ترجع في ذلك الأفراد المكلفين بدفعها.
3-الضريبة تدفع بصفة نهائية: ويقصد بهذه الخاصية أن الفرد الذي يلتزم بدفع الضريبة، إنما يدفعها الدولة بصفة نهائية، فلا تلتزم الدولة برد قيمتها إليه بعد ذلك.
4-الضريبة تدفع بدون مقابل: وتعني هذه الخصيصة أن الممول دافع هذه الضريبة لا يتمتع بمقابل مباشر أو بمنفعة خاصة من جانب الدولة حين دفعه لها، وإن كان هذا لا ينفي أن الفرد قد يستفيد من الخدمات التي تقدمها الدولة بواسطة المرافق العامة المختلفة باعتباره فردا في الجماعة، وليس باعتباره ممولا للضرائب.
5-الضريبة تمكن الدولة من تحقيق نفع عام: إن الدولة لا تلتزم بتقديم خدمة معينة أو نفع خاص إلى المكلف بدفع الضريبة، بل أنها تحصل على حصيلة الضرائب لتمويل نفقاتها العامة في مختلف القطاعات: كالصحة، التعليم، الأمن، القضاء، السياسة، الاقتصاد، الاجتماع …الخ محققة بذلك منافع عامة للمجتمع، بالإضافة إلى ذلك فقد أصبحت الضريبة تستخدم لتحقيق أغراض اقتصادية واجتماعية، مثل استخدام الضريبة التصاعدية كوسيلة لإعادة توزيع الدخل والحد من التفاوت بين الطبقات، كما تفرض الضريبة الجمركية على الواردات لحماية الصناعة الوطنية، وقد تفرض الضرائب للحد من الاستهلاك وتشجيع الادخار لتعبئة الفائض لأغراض التنمية الاقتصادية.
(2)-مقارنة بين الضريبة والرسم:
-أوجه الشبه: يتشابه الرسم والضريبة في أن كلا منهما:
1-مبلغ من النقود يدفعه الفرد جبرا.
2-كلا منهما يدفع للدولة بصفة نهائية، وتستعين بحصيلتهما لتغطية النفقات العامة.
3-تتمتع الدولة في سبيل اقتضائهما بامتياز على أموال المدين، ولا بد من صدور أداة تشريعية بفرض كل منهما.
-ورغم وجوه التشابه هذه فإنه توجد اختلافات كبيرة بين الرسم والضريبة نذكر منها:
1/-تدفع الضريبة دون مقابل خدمة معينة خاصة يدافعها، بينما الرسم يدفع في مقابل حصول الفرد على خدمة معينة.
2/-تفرض الضريبة لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية شتى إلى جانب الغرض المالي، أما الرسم فهدفه الأساسي حصول الدولة على إيراد مالي للخزانة العامة.
3/-تفرض الضريبة ويحدد سعرها بقانون خاص، لكن الرسم يفرض بقانون ويترك للسلطة التنفيذية تحديد سعره.
4/-تفرض الضريبة على أساس الطاقة المالية للفرد ومدى قدرته على تحمل الأعباء العامة، أما الرسم يفرض على أساس تغطية نفقات المرفق الذي يقدم النفع الخاص إلى دافع الرسم.
5/-تزايد أهمية الضرائب كورد للإيرادات العامة في العصر الحديث وتضاؤل أهمية الرسم كمورد مالي.
(3)-أساس الضريبة: (المصدر الذي تستمد منه الدولة سلطتها في فرض وجباية الضرائب)
ماهو الأساس القانوني الذي تستند إليه الدولة في فرض الضريبة ؟
إن معرفة الأساس القانوني لفرض الضريبة يعتبر من الأهمية بمكان لكونه يترتب عنه نتائج بالغة الأهمية فيما يتعلق بنظرتنا للضريبة كأداة مالية، ولقد سادت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر مجموعة من النظريات في تأسيس حق الدولة في فرض الضرائب تختلف عن تلك السائدة في العصر الحديث.
وتنظر المجموعة الأولى من النظريات –المعروفة بنظريات المنفعة والعقد- إلى الضريبة بوصفها عقد مالي بين الفرد والدولة وتستند في ذلك على نظرية العقد الاجتماعي، ونظرية أخرى تنظر إلى الضريبة كأداة من أدوات ممارسة الدولة لسيادتها وتستند إلى فكرة التضامن الاجتماعي (أو القومي).
1/-نظريات المنفعة والعقد: يعتمد أنصار هذه النظريات أن الفرد يدفع الضريبة إلى الدولة في مقابل المنفعة التي تعود عليه من خدمات المرافق العامة المختلفة، وأنه لولا انتفاعه بهذه الخدمات لما أصبح هناك سند لدفع الضريبة، ويؤيد هؤلاء المفكرون وجهة نظرهم بالقول أن الفرد يرتبط مع الدولة بعقد ضمني ذي طبيعة مالية مؤداه التزامه يدفع الضريبة نظير قيام الدولة بخدمات يترتب عليها نفع خاص له.
-وقد اختلف أنصار هذا الاتجاه في طبيعة العقد، فاعتبره البعض كآدم سميث عقد بيع خدمات، فالدولة تبيع خدماتها للأفراد مقابل التزامهم كمشترين بدفع ثمن هذه الخدمات في صورة ضرائب.
-وصور البعض الآخر مثل تيير thiers العقد الضمني على أنه عقد شركة، فالدولة شركة إنتاج كبرى تتكون من شركاء، لكل منهم عمل معين يقوم به، ويتحمل في سبيل هذا نفقات خاصة، وإلى جانب هذه النفقات الخاصة نفقات عامة يقوم بها مجلس إدارة هذه الشركة، أي الحكومة تعود منفعتها على جميع الشركاء، كالدفاع وإنشاء الطرق، وإقامة المستشفيات، …الخ، ومن ثم يتعين على الشركاء المساهمة في تمويلها، وتتمثل هذه المساهمة في الضرائب التي تفرضها الدولة عليهم.
-وأخيرا فقد تصور آخرون مثل مونتسكيو وجود عقد تأمين تقوم الدولة بمقتضاه بتأمين المواطنين عن مختلف الأخطار التي يتعرضون لها، مقابل سداداهم للضريبة باعتبارها قسط تأمين.
-ولقد تعرضت هذه الآراء القائمة على فكرة وجود عقد بين الدولة ومواطنيها للعديد من أوجه النقد: مثل صعوبة تقدير المنفعة التي تعود كل دافع ضرائب من خدمات الدولة خاصة الخدمات غير القابلة للتجزئة كالأمن الخارجي والأمن الداخلي والتمثيل السياسي …الخ، إلى جانب كون الدولة لا تمثل مجموعة مشتركة من المصالح المادية بل تمثل المصالح المعنوية أيضا، ثم إن وظيفة الدولة لا تقتصر على حفظ الأمن فقط فهذا غير صحيح خاصة في العصر الحديث حيث تدخلت الدولة في مختلف نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ومنه فإن التزام الدولة بتقديم خدماتها للأفراد ليس من طبيعة الالتزامات المبنية على العقد.
ومن جهة أخرى فإن الواقع أن نظريات المنفعة والعقد المستندة على فكرة العقد الاجتماعي لجان جاك روسو، لم يثبت تاريخيا وجود مثل هذا العقد، فضلا عن كون الفرد يلتزم بدفع الضريبة حتى لو لم يقم بأي دور في الموافقة على فرضها.
2/-نظرية التضامن الاجتماعي (أو القومي):
اتجه الفكر الحديث إلى تأسيس حق الدولة في فرض وجباية الضرائب على فكرة التضامن الاجتماعي الموجود بين كافة المواطنين في الدولة والتي تقضي بوجوب تضافر الأفراد جميعهم كل بحسب طاقته في مواجهة أعباء التكاليف العامة حتى تتمكن الدولة، باعتبارها ضرورة اجتماعية من القيام بوظائفها الكبرى في حماية المجتمع ككل، وفي توفير أنواع من الخدمات العامة لكافة المواطنين بدون استثناء وبغض النظر عن مدى مساهمتهم الفردية في تحمل هذه الأعباء العامة، وبما أنه من غير الممكن ترك الأمر إلى الأفراد لتقرير مقدار مساهمتهم في تحمل التكاليف العامة فإن الدولة بمالها من سيادة قانونية على المواطنين تقوم بإلزام أو إجبار كل منهم بدفع نصيبه بحسب درجة مقدرته المالية.
ويترتب على هذه النظرية عدة نتائج أساسية منها:
-إن الضريبة فكرة سيادية وأداة من أدوات ممارسة الدولة لسيادتها.
-تفرض الضريبة على كافة المواطنين ويتحقق بذلك مبدأ عمومية الضريبة.
-تفرض الضريبة على الأفراد بغض النظر عن النفع الذي يعود عليهم وإنما تبعا لمقدرة الفرد المالية.
-التضامن بين الأجيال المتعاقبة كأن تتحمل أجيال معينة بأعباء قروض عامة أنفقت لتحقيق منافع لأجيال سابقة عليها.
(4)-قواعد الضريبة:
يقصد بقواعد الضريبة: المبادئ التي يتعين على المشرع المالي أن يسترشد بها وهو بصدد تقرير النظام الضريبي في الدولة، وتهدف هذه القواعد إلى التوفيق بين مصلحة الممول ومصلحة الخزانة العامة، ويعتبر الاقتصادي آدم سميث أول من صاغ مجموعة متماسكة من القواعد الضريبية وهي: العدالة، اليقين، الملاءمة والاقتصاد في النفقات، ولا تزال إلى الآن كمبادئ عامة صحيحة يحسن الاسترشاد بها في هذا المجال.
1/-قاعدة العدالة (أو المساواة): وتعني هذه القاعدة أنه يجب عند فرض الضرائب على المواطنين مراعاة تحقيق العدالة في توزيع الأعباء العامة بين الأفراد.
وقد خضع مضمون هذه القاعدة في الواقع إلى تطور كبير تبعا للتطور الاقتصادي والاجتماعي الذي حدث منذ أواخر القرن الثامن عشر.
وذهب علماء المالية العامة أول الأمر إلى تصور العدالة على أنها وجوب الأخذ بنسبية الضريبة، أي أن تكون النسبة المقتطعة من المادة الخاضعة للضريبة (دخلا أو ثروة) واحدة وذلك مهما بلغ مقدار هذه المادة.
أما في العصر الحديث فقد اتجه علماء المالية العامة إلى فكرة أخرى وهي: تصاعدية الضريبة رغبة في تحقيق عدالة أكثر بالتمييز بين الأفراد بحسب مقدرتهم التكليفية.
2/-قاعدة اليقين: ويقصد بها أن تكون الضريبة معلومة وواضحة بالنسبة للممول بشكل يقيني لا غموض فيه ولا تحكم، وذلك في كل ما يتعلق بها من أحكام كالسعر وطريقة تحديد الوعاء، وميعاد الوفاء وطريقة الدفع، وتؤدي مراعاة هذه القاعدة إلى علم الممول بالضبط بالتزاماته قبل الدولة، ومن ثم يستطيع الدفاع عن حقوقه ضد أي تعسف أو سوء استعمال للسلطة من جانبها، وتستمد قاعدة اليقين أهميتها من قاعدة العدالة.
3/-قاعدة الملاءمة في الدفع: وتعني هذه القاعدة أن تكون مواعيد جباية الضريبة وطريقة تحصيلها ملائمة لظروف الممول تفاديا لثقل عبء الضريبة عليه.
4/-قاعدة الاقتصاد في التحصيل: تقضي هذه القاعدة بأنه يجب على الدولة أن تختار طريقة الجباية التي تكلفها أقل النفقات، حتى يكون الفرق بين ما يدفعه الممول وبين ما يدخل خزانة الدولة أقل ما يمكن، أي أن مراعاة مبدأ الاقتصاد في نفقات التحصيل هو الذي يضمن للضرائب فعاليتها كمورد هام تعتمد عليه الدولة دون أن تضيع جزءا كبيرا منه في سبيل الحصول عليه.
(5)-أهداف الضريبة: ففي ظل الدولة الحارسة (التقليدية) اقتصر هدف الضريبة في الحصول على الأموال اللازمة لتمويل النفقات العامة، دون أن يكون لهذه الأموال غرض معين كتوجيه الاقتصاد أو الاستثمار مثلا بمعنى أن المالية العامة حيادية، ولتحقيق الغرض المالي يجب توافر عدة شروط تتلخص في: الإنتاجية- الثبات- المرونة والحياد.
-الإنتاجية: هي أن تأتي الضريبة بأكبر حصيلة صافية (أي بعد خصم نفقات التحصيل من الإيرادات).
-الضريبة الثابتة: هي تلك التي لا تتأثر حصيلتها بالتغيرات التي تحدث في مستوى النشاط الاقتصادي، خاصة في فترات الكساد.
-الضريبة المرنة: هي التي لا يؤدي زيادة سعرها.
-الحيـــــاد: هو أن يكون غرض الضريبة مقتصرا على الغرض المالي البحت دون أن تؤثر على الأفراد أو الممولين ودون التدخل في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
-عند المحدثيـن: الضريبة الوظيفية: أصبحت الدولة في العصر الحديث تتدخل في الحياة الاقتصادية وبالتالي أصبح للضريبة إلى جانب الغرض المالي، أغراضا اجتماعية واقتصادية وسياسية.
* ومن الأغراض الاجتماعية للضريبة مايلي:
-تشجيع النسل أو الحد منه، إعادة توزيع الدخل والثروة بهدف تقليل الفوارق بين الطبقات الاجتماعية، تشجيع استهلاك السلع المرغوب فيها اجتماعيا، أو محاربة استهلاك بعض السلع الضارة …الخ.
* أما الأغراض الاقتصادية التي يمكن للدولة تحقيقها باستخدام الضرائب منها:
-تشجيع أو محاربة بعض أشكال المشروعات عن طريق التمييز في المعاملة الضريبية، تشجيع الادخار والتكوين الرأسمالي عن طريق تقرير بعض الإعفاءات تبعا لنوع السلعة، حماية الإنتاج الوطني ومعالجة العجز في ميزان المدفوعات، التخفيف من حدة التقلبات الاقتصادية عن طريق السياسة الضريبية …الخ.
أما أغراض الضريبة في البلدان النامية فتـتحدد، بشكل رئيسي في تعبئة الموارد الاقتصادية وتوجيهها لخدمة أهداف التنمية الاقتصادية.
كما تستخدم الضرائب لتحقيق أهداف سياسية لحساب طبقة على حساب طبقة أخرى، أو لتسهيل التجارة مع بعض البلدان أو للحد منها بواسطة رفع أو خفض الضرائب الجمركية على الواردات.
(6)-التنظيم الفني للضرائب:
يقصد بالتنظيم الفني للضرائب الإجراءات الفنية المتعلقة بفرض الضرائب وتحصيلها، وبالتالي فهو ينصرف إلى تحديد العناصر الخاضعة للضريبة والتي تشكل وعاءها، وتقدير قيمة هذه العناصر أي تحديد الوعاء إلى ربط الضريبة وتحصيلها.
6-1-وعاء الضريبة:
ويقصد بوعاء الضريبة المادة الخاضعة للضريبة أو الموضوع الذي تفرض عليه الضريبة، وعند تحديد الوعاء يجب التمييز بين:
أ/-الضرائب على الأشخاص والضرائب على الأموال.
ب/-الضريبة الواحدة والضرائب المتعددة.
ج/-الضرائب المباشرة والضرائب غير المباشرة.
أ-الضرائب على الأشخاص والضرائب على الأموال:
ويقصد بالضرائب على الأشخاص، تلك الضرائب التي تـتخذ من الوجود الآدمي أو الإنساني للفرد داخل الدولة محلا لفرض الضريبة، وقد عرض التاريخ المالي للعديد من المجتمعات أنواعا كثيرة من هذه الضرائ
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma