المحاضرة السادسة ( مقاس الإقتصاد السياسي ) .
تطور دور الدولة في الاقتصاد .
لم يكن دور الدولة ثابتاً في الاقتصاد، بل تطور وتبدل عبر العصور حسب الظروف السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية. وتبلور هذا الدور بين سياسة الحرية الاقتصادية وابتعاد الدولة عن الاقتصاد، وسياسة التدخل الحكومي المساند للرأسمالية، والتدخل الحكومي المناهض للرأسمالية والمؤيد للاشتراكية. وذلك على التفصيل التالي :-
أولا : سياسة التجاريين:
ظهر فكر التجاريين منذ بداية القرن الخامس عشر واستمر حتى منتصف القرن الثامن عشر. وقد قام هذا التيار الفكري بعد انهيار الإقطاع وما تلاه من حركات الهجرة التي سارع إليها رقيق الأرض من المناطق الزراعية إلى المدن وأصبحت المدن مركزا للتجارة والتداول. وخرج المجتمع الأوروبي من نظام الاقتصاد الإقطاعي المغلق الذي يقوم على الإنتاج للاستهلاك الذاتي إلى نظام اقتصاد السوق، حيث انفصل المنتج عن المستهلك، وظهر التاجر باعتباره وسيطا بين الإنتاج والتوزيع.
ومن هنا تجلت أهمية رأ¬س المال كصورة جديدة لتراكم الثروة القومية بعد أن كانت متمثلة أساساً في الأراضي الزراعية. وقد ساعد على التراكم الرأسمالي اختراع النقود كوحدة قياس لمختلف القيم الاقتصادية. فالنقود التي أضفت مرونة كبيرة على المعاملات، وسهلت انتقال الأموال، وساهمت في ازدهار التجارة وفي تعميق تقسيم العمل والتخصص.
وقويت طبقة التجار بتجميعهم لكميات كبيرة من النقود، وبتحالف الملوك معهم للقضاء على ما تبقى من شوكة للإقطاعيين، واسترداد كيان السلطة المركزية للدولة. وشجع التجار الصناعة ولكن لخدمتهم، وظلت التجارة هي النشاط الرئيسي حتى القرن الثامن عشر.
وكان الأساس الذي تستند إليه سياسة التجاريين هو أن يكون رصيد الميزان التجاري للدولة دائنا. ولا يتأتى ذلك إلا إذا باعت للدول الأجنبية سلعا وخدمات أكثر من السلع والخدمات التي تشتريها الدولة منها. فالرصيد إذ يكون في هذه الحالة دائنا يمكن للدولة الدائنة أن تطلب سداده بالذهب والفضة، وهي المعادن النفسية التي تؤدى زيادتها إلى زيادة قوة الدولة.
فزيادة رصيد الدولة من الذهب والفضة يزيد المقدرة المالية للدولة ويزيد قوتها الحربية، حيث تستطيع الدولة عند نشوب الحروب أن تلجأ إلى هذا الرصيد لتجهيز الجيوش والإنفاق عليها في الخارج. فرصيد الدولة من الذهب والفضة وإن كان يدخل خزائن التجار إلا أنه يشكل إمكانيات قومية يمكن للحكومة أن تحصل على جزء منه عن طريق الضرائب أو القروض الإجبارية، فقوة الدولة من قوة مواطنيها. فالذهب والفضة في نظر التجاريين هي أفضل أنواع الثروات، ويمكن زيادة رصيد الدولة منها عن طريق زيادة الصادرات عن الواردات لكي يسدد الفرق بالذهب. ولذلك حذر التجاريون من زيادة الواردات عن الصادرات حتى لا تضطر الدولة إلى سداد الفرق للدول الأجنبية بالذهب فينقص رصيد الدولة منه، ويحل الكساد والبطالة محل الرواج والتوظف.
وتحقيقا لسياسة التجاريين نادوا بضرورة تدخل الدولة للإشراف المستمر على النشاط الاقتصادي، فنادوا بفرض الضرائب على الواردات، وتشجيع الصادرات بمنح إعانات للمنتجين الذين ينتجون لأغراض التصدير، وطالبوا بوضع قوانين تحض على الجهد والعمل والتقشف والحد من استهلاك السلع الكمالية التي تستنفذ بعض الأموال.
ويرى التجاريون ضرورة المحافظة على مستويات أجور العمال عند مستويات منخفضة والمحافظة على تكاليف الإنتاج عند أدني مستوى ممكن، واستخدام كافة الموارد الاقتصادية بأقصى كفاءة ممكنة، حتى تتمكن من أن تغزو الدولة بمنتجاتها الأسواق الأجنبية بأسعار تنافسية. وعموماً تسعي سياسة التجاريين إلى الوصول بالإنتاج إلى أقصى قدر ممكن والوصول بالاستهلاك إلى أقل حد ممكن لتحصل بذلك على رصيد إضافي من الذهب والفضة.
وإذا كان لدى الدولة مناجم للذهب والفضة فإن على الدولة أن تقوم باستغلالها إلى أقصى درجة ممكنة. وعلى الدولة من ناحية أخرى أن تسعى إلى ضم المستعمرات التي تحتوى أقاليمها على مناجم للذهب والفضة بقصد استغلال هذه المناجم واستنفاذ ما فيها من هذين المعدنين النفسين.
ولكن الدعوة إلى الاستعمار لم تقتصر على استعمار البلاد التي تضم مناجم للذهب والفضة، وإنما امتدت إلى كل البلاد التي بها ثروات طبيعية يمكن استغلالها في الإنتاج الصناعي أو في التجارة فقد كان الاستعمار وسيلة ثراء للدولة تمكنها من الحصول على المواد الخام وتضمن لها سوقا لبيع منتجاتها.
وكانت الدول الكبرى تطبق الميثاق الاستعماري الذي تعترف فيه بأن المستعمرات ليست سوى مناطق مخصصة لخدمة الإمكانيات الاقتصادية للدول الاستعمارية. فكل تبادل تجارى للمستعمرات يجب أن يكون مع الدول الاستعمارية تصديرا واستيرادا. وليس للمستعمرات إقامة صناعات فيها. وهكذا بقيت المستعمرات مناطق تحصل منها الدول الاستعمارية على أكبر قدر ممكن من الثروة.
ثانياً: سياسة حرية النشاط الاقتصادي والطبيعيين و الرأسمالية التقليدية
انهارت السياسة التي اتبعتها الحكومات في القرنين السادس عشر والسابع عشر تحت تأثير أفكار التجاريين. فقد وجه الاقتصاديون في القرن الثامن عشر عديدا من الانتقادات، إلى سياسة التجاريين وبينوا أن تدخل الحكومة في النشاط الاقتصادي يخل بالحركة الطبيعية لهذا النشاط والتي من شأنها تحقيق المصلحة العامة للمجتمع.
فالمنافسة الحرة بين البائعين والمشترين في السوق تكفل تحديد الثمن الذي يحقق التوازن بين العرض والطلب دون أن يكون لأي فرد بائعا كان أو مشتريا أي أثر في تحديده. ولا يوجد بالتالي أي داع لتدخل الحكومة من أجل تحديد ثمن عادل لأي سلعة أو أجر عادل لأي نوع من أنواع العمل.
وفي ظروف المنافسة الحرة يسعى المنتجون إلى تحسين وسائل إنتاجهم بقصد تخفيض التكاليف حتى يحققوا أكبر قدر من الأرباح. ويضطر كل منتج إلى متابعة غيرة في استخدام الوسائل الحديثة في الإنتاج حتى يحافظ على تكاليف إنتاجه عند مستويات تنافسية.
وتؤدى المنافسة إلى انخفاض تكاليف المعيشة بقضائها على المنتجين غير الأكفاء في أي مجال من مجالات الإنتاج.
وجهاز الأثمان كفيل بتنظيم النشاط الاقتصادي دون أي داع لتدخل الحكومة فتدخل الحكومة يؤدى إلى تعطيل جهاز السوق، والى التحيز لفريق من المتعاملين على حساب فريق آخر دون سند من الكفاءة الاقتصادية، وإلى التعثر في اتخاذ القرارات الاقتصادية نتيجة للروتين والتهرب من المسئولية.
وكان الفلاسفة يدعون أيضاً إلى الحرية الاقتصادية لما لمسوه في التدخل الحكومي من هضم للحقوق الطبيعية للأفراد. فالفزيوقراط في فرنسا كانوا يمجدون القوانين الطبيعية على القوانين الوضعية.
وسر حملتهم على القوانين الوضعية ترجع إلى أن الحرية السياسية كانت منعدمة في فرنسا في القرن الثامن عشر، والتجارة الداخلية مكبله بقيود تحد من انتقال السلع مع إقليم إلى آخر. وكانت الأراضي الزراعية غير مستغلة استغلالا كاملاً بسبب النظام الإقطاعي ونظام الضرائب، لذلك أكد الطبيعيون على ضرورة إزالة كل تدخلات الحكومة وإتباع سياسة الحرية.
واستند الفلاسفة الإنجليز في دفاعهم عن نظام الحرية إلى الحقوق الطبيعية للفرد. فإذا كانت الحياة الجماعية تستدعي تنازل الفرد عن بعض حقوقه أو عن جزء من حريته الشخصية، إلا أن هذا التنازل يجب ألا يتعدى ما هو ضروري لتحقيق تمتع الفرد بباقي حقوقه الطبيعية في أمان وذلك باحترام القانون الذي يحافظ على الحقوق الفردية الطبيعية. فالدولة عليها أن تحافظ على الحقوق الطبيعية لمواطنيها وليس لها أن تستغل هذه الحقوق. وقامت فلسفة هؤلاء في المجال الاقتصادي على تمتع كل فرد بالعائد الكامل لعمله، والحد من تدخل الدولة في الشئون الاقتصادية للمجتمع وخاصة شئون الملكية. فليس للدولة أن تفرض ضرائب عالية أو تضع قيودا تعوق الحركة الطبيعية للنشاط الاقتصادي وليس لها أن تحدد الأجور أو الأسعار أو معدلات الفائدة أو الربح أو أن تمنح التزاما أو احتكارا لبعض رجل الأعمال لما في ذلك من جور على الحقوق الطبيعية للفرد.
أما رجال الأعمال فلم يناهضوا تدخل الحكومة في الشئون الاقتصادية قبل الثورة الصناعية لضيق السوق الداخلية وقيام نظام الطوائف . فقد كان السوق الداخلية تتمثل في سوق المدينة، وكانت كل طائفة تتولي تنظيم شئون حرفتها على نحو ملزم لأعضائها.
وفي مجال التجارة الخارجية كان تدخل الدولة أمراً أساسيا نتيجة لضيق السوق ، وضآلة حجم الأرباح، والمخاطر التي تتعرض لها الأرواح والممتلكات.
وفي مجال الإنتاج الصناعي كان تدخل الدولة أمرا معترفا به لما يحتاجه الاستغلال الصناعي من رؤوس أموال كبيرة غير مضمونة العائد في وقت لم يبلغ فيه التراكم الرأسمالي لدى الأفراد حداً يمكنهم من تأسيس المشروعات الصناعية دون تدخل من الحكومة.
وقد تغيرت كل هذه الظروف باتساع الأسواق وزيادة رؤوس الأموال لدى التجار والصناع فاتساع الأسواق وفر للتجار والصناع عامل الأمان فتخلصوا من نظام الطوائف كما أدى إلى زيادة رؤوس الأموال المتراكمة لديهم. ومن هنا زادت طموحات التجار والصناع، وتجلت رغبتهم في تحمل المخاطر، وأصبحوا يشعرون بالكيان الفردي لكل منهم، وسرى تيار الفردية بينهم وبدأت المنافسة تأخذ وضعها في الأسواق ولم يكن لدى الحكومة الإدارة اللازمة لتحقيق الإشراف والتدخل في هذه الظروف المتطورة فوقع على عاتق الأفراد تنظيم شئونهم الاقتصادية في كافة المجالات.
لذلك كل الاتجاه السائد في القرن التاسع عشر هو مناهضة تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي للتفرغ لمراعاة احترام القانون، وحفظ الأمن، والدفاع عن حدود الدولة ضد اعتداء الجماعات الأخرى. أما إنتاج السلع والخدمات بأقل التكاليف فهي وظيفة رجال الأعمال على أساس الحرية .فلا تدخل من جانب الدولة في النشاط الاقتصادي، ولا تدخل من رجال الأعمال في شئون الحكم. فالتدخل في النشاط الاقتصادي من جانب الحكومة يؤدى إلى البطء في اتخاذ القرارات السليمة بسبب جهل الأداة الحكومية بأصول الاقتصاد.
وهكذا، وجدت الحرية الاقتصادية بدايتها عند الطبيعيين كرد فعل في اتجاه مضاد، للتدخل الحكومي الذي نادى به التجاريون. فنظر الطبيعيون إلى الفرد على أنه اللبنة الأولى للنشاط الاقتصادي وإلى المصلحة على أنها حافز هذا النشاط. ومن هنا كان الاعتراف للفرد بحق تملك أدوات الإنتاج وتنظيم العمليات الإنتاجية على أساس المنافسة بين المنتجين. والفرد عندما يسعى إلى تحقيق منفعته الشخصية بمنافسة الآخرين يسعى في نفس الوقت إلى تحقيق المصلحة العامة. وأسس الطبيعيون مذهبهم في الحرية الاقتصادية على فكرة القانون الطبيعي والحقوق الطبيعية إلى يجب أن تحكم كافة مظاهر الحياة الاقتصادية، لما لهذه الحقوق من صفات الأبدية والإطلاق.
وتعتبر أفكار المدرسة الكلاسيكية امتداداً لأفكار مدرسة الطبيعيين. وارتبط ظهور المدرسة الكلاسيكية بالتطور العام لأوروبا في كافة نواحي الحياة نتيجة للثورة الصناعية وما صاحبها من تغيير جوهري في فنون الإنتاج، وزيادة عمليات التراكم الرأسمالي لدى أصحاب الأعمال، فانفصال طبقة العمال عن طبقة الرأسماليين أظهر مصلحة الطبقة الأخيرة في ترك الأمور الاقتصادية تسير في حركة طبيعية تلقائية دون تدخل حكومي يحد من حريتهم في علاقتهم بالعمال أو يقيدهم في الحصول على مستلزمات الإنتاج. وقد صاحب نشأة المدرسة الكلاسيكية ازدهار النظام الرأسمالي واعتبرت أساساً فكرياً له.
ثالثاً : سياسة التدخل الحكومي ما بين التأييد للرأسمالية أو الاشتراكية :
لم يسلم فكر مدرسة الطبيعيين من النقد، فلا توجد قوانين طبيعية تحكم مسار النشاط الاقتصادي خاصة إذا علمنا أن الظواهر الاقتصادية تتميز بالتطور المستمر. وتغير الظواهر يقتضي تغيير القوانين التي تحكمها. ولم يسلم فكر المدرسة الكلاسيكية أو الرأسمالية التقليدية من النقد، حيث عجزت النظرية الكلاسيكية عن تقديم الحلول للمشاكل والأزمات التي واجهت النظام الرأسمالي مع بداية القرن العشرين نتيجة تحطيم الحرب العالمية الأولى للجهاز الإنتاجي في الغرب، وقد تحقق نفس الأمر مع الحرب العالمية الثانية.
فالاعتبارات الجارية في الكيان الاقتصادي أملت على الحكومة ضرورة التدخل، وجعلت النظام الرأسمالي في حاجة إلى حلول جديدة لحل بعض مشكلاته. ولعل أهم هذه الاعتبارات تتمثل في الحروب، وإعادة توزيع الدخل القومي، والقضاء على البطالة ، والتنمية الاقتصادية للبلاد المتخلفة.
ففي أوقات الحروب لا يمكن الاعتماد على جهاز الأسعار لتوجيه الموارد الاقتصادية التوجيه الأمثل لكسب الحرب. لذلك كان ضرورياً في هذه الأوقات أن تتولى الحكومة أمر توجيه الموارد باعتبارها مسئولة عن نجاح عملياتها الحربية. وتستمر دواعي التدخل الحكومي إلى ما بعد انتهاء الحرب حيت تعانى البلاد من ندرة كثير من أنواع الإنتاج المدني. فترك السوق حرة في أعقاب الحرب يعطى بعض الأفراد فرصة للحصول على أرباح استثنائية كبيرة.
وبعد انتهاء الحرب يجب استمرار تدخل الدولة لإعادة توزيع لدخل القومي لصالح الفقراء بفرض الضرائب العالية واستخدام حصيلتها لتحسين حالة الفقراء وقت السلم. خاصة وان الدولة قد نجحت في تمويل الحرب عن طريق هذه الضرائب.
ومما دعا إلى التدخل الحكومي في النشاط الاقتصادي الرغبة في القضاء على البطالة وتحقيق التشغيل الكامل بتنظيم الإنتاج والاستهلاك.
وعلى حكومات الدول المتخلفة أن تعمل على تحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وذلك بتوجيه جانب من مواردها للاستثمار في المجالات التي لا يتمكن النشاط الفردي من الاستثمار فيها لنقص في الخبرة أو في رؤوس الأموال، وبتوجيه تجارتها الخارجية وفقاً لاحتياجات البلاد.
ويتم التدخل الحكومي في النشاط الاقتصادي بواحدة من اثنتين :
الأولي : وضع خطة إنتاجية عامة تساهم المشروعات الخاصة والمشروعات العامة في تنفيذها.
الثانية : وضع خطة مركزية كاملة لاستخدام الموارد في كافة القطاعات.
• وقد برزت الطريقة الأولي
• كوسيلة من وسائل الإبقاء على النظام الرأسمالي في إطار جديد بعد أن ثبت أن أزمات هذا النظام وما يصاحبها من كساد وبطالة ليست عارضة كما أشار الكلاسيك، فنواة هذا الاتجاه موجودة في أفكار كينز حيت أراد تقديم علاج لمشكلة الركود التي هيمنت على الاقتصاد الإنجليزي، وما صاحبها من بطالة واسعة النطاق.
فقد بدأ كينز بانتقاد التحليل التقليدي القائم على قانون الأسواق، ومضمونه أن العرض يخلق الطلب المساوي له، وان التشغيل الكامل يتم بتفاعل القوى التلقائية للنشاط الاقتصادي. ذهب كينز إلى عكس ما تقدم مبيناً أن الطلب الفعلي هو الذي يحدد مستوى التشغيل ومستوى الإنتاج والدخل. فليس من مصلحة المنتجين عرض كمية من الإنتاج تزيد على ما يتوقعونه من طلب على منتجاتهم بما يحقق لهم أكبر الأرباح الممكنة. ويتكون الطلب الفعلي من الطلب على سلع الاستهلاك والطلب على سلع الإنتاج.
وتبين نظرية كينز أن مستوى الدخل القومي يتوقف في النهاية على مقدار الطلب الفعلي، وينصح كينز الحكومة بالتدخل لتنشيط الطلب الفعلي والتخلي عن سياسة الحرية علاجاً لمشكلة البطالة.
ويمكن تنشيط الطلب الفعلي على سلع الاستهلاك بتدخل الدولة لإعادة توزيع الدخل القومي لصالح الطبقات الفقيرة، لأن ميل هذه الطبقات للاستهلاك أكبر من ميل الطبقات الغنية. ويمكن للدولة إعادة توزيع الدخل القومي لصالح الفقراء بفرض الضرائب التصاعدية ومنح الإعانات النقدية وأداء الخدمات المجانية.
ويمكن تنشيط الطلب الفعلي على سلع الإنتاج بتدخل الدولة للقيام ببعض المشروعات أو بخفض سعر الفائدة تشجيعا للمنظمين على القيام باستثمارات جديدة، أو القضاء على الاحتكارات حتى لا تستمر أسعار المنتجات مرتفعة.
وقد توالت الحلول التي تقدم للإبقاء على النظام الرأسمالي حتى أصبحت بعض الدول الرأسمالية تتدخل في النشاط الاقتصادي بهدف التأثير على البنيان الاقتصادي في الأجل الطويل وذلك عن طريق خطة عامة. فقد وجد أن وضع مثل هذه الخطة أفضل من ترك النشاط الاقتصادي يسعى عشوائيا إلى تحقيق الأهداف المادية للمجتمع، فالمجتمعات الحرة تعانى في غيبة التدخل من ثلاث مساوئ أساسية :
1- وجود تفاوت كبير في الدخل وفي الفرص بين الأفراد.
2- عدم استغلال كل مواردها استغلال كاملاً بتأثير الاحتكارات.
3- القلق السياسي والاجتماعي بسبب البطالة والتضخم.
وتدخل الدولة بوضع خطة عامة للاقتصاد القومي لتفادى هذه المساوئ أفضل من الحرية الاقتصادية التي تصاحبها مثل هذه المساوئ.
• وبالنسبة للطريقة الثانية
• من طرق تدخل الدولة في الاقتصاد فيتمثل في وضع خطة مركزية كاملة لاستخدام الموارد في كافة القطاعات فهو اتجاه التخطيط المركزي الذي يقوم عليه النظام الاشتراكي باعتباره نظاماً منافساً للنظام الرأسمالي، عرفه العالم بظهور التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي سنة 1917، وقد سبق وأن بينا في المحاضرات السابقة أن النظام الاشتراكي يرتكز على مبادئ وأسس تختلف تماماً عن تلك التي يرتكز عليها النظام الرأسمالي. ويلاحظ أن التخطيط الاقتصادي أصبح من أسس النظام الاشتراكي ابتداء من سنة 1917. ولا يعتبر فن التخطيط تطبيقاً لفكر ماركس، حيث لم ترد كلمة تخطيط في كتاباته نهائياً ومع ذلك يبقى النظام الاشتراكي مستنداً في منابعه الفكرية إلى قيمة العمل وفائض القيمة و إلى تراكم رؤوس الأموال وتركزها كما أشار كارل ماركس. وكان قد لقي فكر ماركس تطبيقاً في دولتين كبيرتين هما الاتحاد السوفيتي سابقاً والصين الشعبية وعدد آخر من الدول. إلى أن التطبيق العملي اثبت فشل النظام الاشتراكي أو اقتصاد السوق، فقد تفكك الاتحاد السوفيتي منبع الفكر الاشتراكي في بداية 1992 وتحويله إلى جمهوريات مستقلة تسعى للعودة إلى نظام السوق، بل أنضم بعضها إلى الاتحاد الأوروبي وهو مركز تجمع الدول ذات النظام الاقتصادي الرأسمالي أو هي منبع نظام اقتصاد السوق.
وهكذا عاد نظام اقتصاد السوق من جديد كمحرك للنشاط الاقتصادي من الغالبية العظمي من اقتصاديات العالم. وما ترتب على ذلك في انحسار وتراجع دور الدولة في الاقتصاد وإطلاق العنان وإفساح الطريق للمبادرات الفردية أو للقطاع الخاص، كما عاد دور الدولة في الاقتصاد إلى الانحسار.
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma