مصادر الالتزام في القانون المدني الجزائري
بسم الله الرحمان الرحيم
تعريف الالتزام
الالتزام هو عبارة عن رابطة قانونية ومالية بين شخصين أو أكثر يستطيع بمقتضاها شخص يسمى الدائن أن يلزم الآخر ( المدين ) بالقيام بالعمل أو بالامتناع عنه أو بإعطاء شيء.
تصنيفات الالتزام
يمكن تصنيف الالتزام من زوايا مختلفة :
1- بالنظر إلى موضوعه :
- إلى التزام بعمل أو امتناع عن عمل أو إعطاء أو منح شيء ما.
- والى التزام بعناية والتزام بتحقيق غاية.
2- بالنظر إلى مصدره :
التزامات مصدرها :
-العقد.
- التصرف بالإرادة المنفردة.
- الفعل الضار.
- الفعل النافع.
- القانون.
3- بالنظر إلى قوة الالتزام :
- التزام مدني.
- التزام طبيعي.
مصادر الالتزام
يقصد بالمصدر هنا الواقعة القانونية التي انشات الالتزام , أو السبب القانوني المنشئ له.
وجاء القانون الجزائري متأثرا بالقانون الفرنسي والمصري وجعل المصادر أربعة :
- القانون.
- العقد.
- العمل المستحق للتعويض ( الفعل الضار ).
- شبه العقد ( الإثراء بلا سبب والفضالة ودفع غير المستحق , ويطلق عليها جميعا الفعل النافع ).
أما ما يطلق عليه التصرف بالإرادة المنفردة فلم يجعله المشرع مصدرا مستقلا اقتداء في ذلك بالقانون المصري.
تعريف العقد
العقد هو توافق إرادتين أو أكثر وتطابقهما تطابقا تاما في لحظة زمنية معينة قصد إحداث اثر قانوني سواء كان هذا الأثر القانوني إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهائه.
تقسيمات العقود
1- بالنظر إلى تكوين العقد ( رضائي , شكلي , عيني ).
2- بالنظر إلى أثره ( ملزم لجانب واحد أو لجانبين / معاوضة أو تبرع / محدد أو احتمالي ).
4- بالنظر إلى طريقة تنفيذ العقد ( فوري أو متسمر ).
5- بالنظر إلى تسمية المشرع للعقد ( مسماة وغير مسماة.
6- بالنظر إلى كيفية الإبرام ( عقود مساومة وعقود إذعان ).
نشأة العقد
لينشا العقد صحيحا منتجا لآثاره لابد من توافر أركان هي : الرضا والمحل والسبب والشكل في العقود الشكلية.
التراضي
يقتضي الكلام عن التراضي بحث نشأته أولا ثم صحته , إذ أن وجود التراضي لا يغني عن كونه صحيحا لم يشبه عيب من عيوب الإرادة.
نشأة التراضي
يتم التراضي بصدور إيجاب من طرف وقبول من طرف آخر , وقد يتم ذلك بين طرفين حاضرين أو غائبين.
التعاقد بين حاضرين
إن التراضي الذي هو نتيجة التقاء إرادة الموجب بإرادة القابل وتطابقهما , يترجمه ما يسمى بالتعبير عن الإرادة سواء كان في شكل لإيجاب ام في شكل لقبول , هذا العبير عن الإرادة إما أن يكون صريحا أو ضمنيا :
- والتعبير الصريح إما أن يكون باللفظ أو بالكتابة أو حتى بالإشارة لكن المفهمة أو المتداولة بين الناس , كما أن التعبير يكون صريحا أيضا متى اتخذ شخص موقفا لا يدع أي مجال للشك في نية صاحبه , وهذا كاستهلاك شيء معروض للبيع.
ويقابل التعبير الصريح التعبير الضمني الذي يمثل له ببقاء المستأجر بالعين المؤجرة بعد انقضاء المدة الأصلية للإيجار مما يفيد نية تجديد فترة الإيجار.
* والتعبير عن الإرادة سواء كان صريحا أو ضمنيا , يكون في صورة إيجاب يصدر من الموجب ويصدر معه بصفة وجوبية قبول من الطرف الثاني على اعتبار أن الطرفين حاضران , أي يجمعهما مجلس واحد للتعاقد .
على أن انتظار صدور القبول قد يطول وقد يقصر بحسب طبيعة العقد الذي يريد الطرفان إبرامه , ولئلا يتضرر الطرفان اوجب المشرع أن يصدر هذا القبول فورا ( أي فور صدور الإيجاب ) , لكن طالما أن هذا قد يضر بالطرف القابل حيث لم يعط فترة للتروي , أجاز المشرع أن يتراخى ويتأخر القبول إلى ما قبل انقضاء مجلس العقد ( 64 م ) وانقضاء أو انفضاض مجلس التعاقد قد يكون إما بتفرق المتعاقدين بأبدانهما كما قد يكون بالخوض في مسائل أخرى لا علاقة لها بالعقد الأصلي المراد إبرامه.
كما أن تأخر القبول عن صدور الإيجاب جائز أيضا لكن بشرط ألا يصدر من الموجب عدول عن إيجابه , ذلك أن العدول هنا يسقط الإيجاب فلا يصبح للقبول معنى.
وما سبق أن قررناه من جواز عدول الموجب عن إيجابه مقيد بان لا يكون الموجب قد ضرب على نفسه موعدا , أي ألا يربط الموجب إيجابه بمدة زمنية معينة يبقى فيها إيجابه قائما لا يعدل عنه إلى حين انقضائها , فان فعل الموجب ذلك , التزم حينها بالبقاء على إيجابه ولا يلتفت إلى عدوله , حتى لو حصل , بحيث يحق للقابل أن يقبل ذلك الإيجاب لينعقد به العقد.
التعاقد بين غائبين
ويقصد بذلك التعاقد بين طرفين لا يجمعهما مجلس واحد للتعاقد , ومن أمثلة التعاقد عن طريق المراسلة ( بالرسائل أو الهاتف أو بواسطة رسول غير نائب ).
وبدو أهمية هذا النوع من التعاقد في تحديد مكان وزمان العقد , فبتحديد مكان العقد تتحدد أحيانا المحكمة المختصة محليا بنظر النازع الناشئ بشأنه ( 4/9 ام ).
أو لأجل تحديد القانون الواجب التطبيق على نزاع ما ( 18 مدني في مسائل القانون الدولي الخاص ) , أما تحديد زمان انعقاد العقد فيفيد في حل مشكلة تنازع القوانين من حيث الزمان ( 2 مدني ).
* ولتحديد زمان ومكان العقد نص المشرع في المادة 61 مدني على انه : ( ينتج العبير عن الإرادة أثره في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وجه إليه , ويعتبر وصول التعبير قرينة على العلم به مالم يقم الدليل على عكس ذلك ) , ونص في المادة 67 م على انه : ( يعتبر التعاقد بين الغائبين قد تم في المكان وفي الزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول , مالم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك , ويفترض أن الموجب قد علم بالقبول في المكان والزمان الذي وصل إليه فيهما القبول ).
مما سبق يتضح أن المشرع اخذ أساسا بالنظرية الرابعة , إلا انه لم يهمل النظرية الثالثة على اعتبار أن وصول التعبير عن الإرادة ( القبول هنا ) قرينة على العلم به , وان كانت قرينة بسيطة يجوز إثبات عكسها.
هذا ولما كان التعبير عن الإرادة لا ينتج أثره إلا منذ اللحظة التي يتصل فيها بعلم من وجه إليه , فانه يقتضي القول أيضا أن وفاة الموجب بعد صدور الإيجاب منه يترب عليه عدم انعقاد العقد على اعتبار أن القبول لا يصل إلى من وجه إليه نظرا لوفاته , وهذا عكس القابل الذي يوفى بعد صدور القبول منه , كون أن تعبيره عن الإرادة سيصل إلى الموجب وبالتالي ينعقد به العقد.
على أن هذه الحلول تبقى صحيحة مالم يتبين من طبيعة المعاملة أو من التعبير عن الإرادة ذاته عكس ذلك ( 62 م ).
ومما يتصل بالقبول باعتباره تعبيرا عن الإرادة مسالة السكوت والقبول في عقود المزاد وعقود الإذعان.
صحة التراضي
يشترط في المتعاقد أن يكون أهلا للتعاقد يوم إبرامه التصرف , وان كون إرادته التي عبر عنها غير مشوبة بعيب من عيوب الإرادة , وهذه الأخيرة نص عليها المشرع في المواد من 81 إلى 91 م وهي على الوالي الغلط والتدليس والإكراه والاستغلال.
الغلط ( 81 – 85 م )
تعريفه
الغلط عبارة عن وهم تلقائي يقع فيه متعاقد حين إبرامه للتصرف يجعله يتصور الشيء الذي تعاقد عليه على غير حقيقته.
شروطه
يمكن القول أن شرطا وحيدا يجب توافره في الغلط ليعد به وهو أن يكون الغلط جوهريا.
تطبيقاته
من التطبيقات التي نص عليها المشرع :
- الغلط الواقع على صفة جوهرية في الشئ.
- الغلط الواقع على ذات المتعاقد أو على صفة فيه.
لكن ليست هذه التطبيقات ألا أمثلة.
آثار الغلط
يقع على عاق من يدعي وقوعه في غلط إثباته بكل الوسائل الممكنة , ومتى تم له ذلك كان له أن يطلب إبطال العقد , مالم يتعسف في طلبه ذلك بالرغم من أن الطرف الآخر يعرض عليه ما من شانه أن يرفع الغلط الذي وقع .
التدليس ( 86 – 87 )
تعريفه
التدليس عبارة عن طرق احتيالية غير شريفة , يستعملها متعاقد عند إبرام العقد تدفع بالمتعاقد معه – وقد توهم الشيء على غير حقيقته – إلى إبرام ذلك العقد , فالتدليس بذلك وهم ( كالغلط ) لكنه مستثار.
شروطه
1- اللجوء إلى طرق احتيالية قصد تضليل المتعاقد معه.
2- أن يكون التدليس هو الدافع إلى التعاقد.
3- أن يكون التدليس صادرا من المدلس أو من نائبه.
آثاره
باعتبار التدليس طرقا احتيالية فانه يجوز إثباته بكل وسائل الإثبات , ومتى أثبته المدلس عليه , جاز له إما المطالبة بإبطال العقد أو التعويض فحسب , على اعتبار التدليس خطا موجبا للمسؤولية , أو المطالبة بالإبطال والتعويض معا.
الإكراه ( 88 – 89 )
تعريفه
يمكن تعريف الإكراه على انه تهديد المتعاقد دون حق بخطر يبعث في نفسه رهبة حمله على التعاقد , وعليه قد يتعاقد شخص لا حرا مختارا , بل بسبب الضغط على إرادته بطريق التهديد الذي يولد في نفسه رهبة وخوفا , يخاف فيهما على نفسه أو ماله أو شرفه أو نفس أو مال أو شرف احد أقاربه.
شروطه
1- أن يصدر الإكراه من المتعاقد أو من نائبه.
2- أن يكون الإكراه دافعا إلى التعاقد.
3- أن يكون الإكراه غير مشروع.
آثاره
يتوجب على طرف المكره إثبات الإكراه الواقع عليه من المتعاقد معه أو من الغير وله في ذلك الاستعانة بكل وسائل الإثبات , ومتى تحقق له ذلك كان له أن يطلب إبطال العقد مع التعويض , أما إن كان الإكراه من الغير ولم يستطع المكره إثبات تورط المتعاقد معه فليس له إلا الرجوع على الغير بدعوى المسؤولية التقصيرية طالبا التعويض فحسب.
الاستغلال
تعريفه
الاستغلال عبارة عن اختلال فاحش في الأداءات نتيجة استغلال متعاقد ما في المتعاقد الثاني من ضعف نفسي.
شروطه
يمكن رد شروط الاستغلال إلى عنصرين مادي ومعنوي:
1- العنصر المادي
ويتحقق بوجود 3 عناصر أخرى فرعية :
ا- عدم تعادل الاداءات.
ب- الاختلال الفاحش في الاداءات.
ج- ان يقع الاختلال في الاداءات وقت إبرام العقد.
2- العنصر المعنوي
ويتمثل هذا في عنصرين فرعيين :
ا- الطيش البين أو الهوى الجامح.
ب- نية الاستغلال.
آثاره
للطرف المستغل أو المغبون بعد إثبات ما سبق دعويان : هما الإبطال وإنقاص الالتزامات فمتى طلب إبطال التصرف كان للقاضي السلطة التقديرية في إجابة طلبه أو العدول عن ذلك والاكتفاء بإنقاص التزامات الطرف المستغل ليردها إلى الحد الذي يرتفع معه الاختلال الفاحش في الاداءات.
أما إن اختار المستغل طلب إنقاص الالتزامات فحسب , لم يكون للقاضي هنا إبطال العقد وفي كلتا الحالتين يستطيع دائما المستغل أن يتوقى البطلان الذي قد يقرره القاضي إن هو عرض ما من شانه إزالة الغبن سواء كان في شكل دفع مبلغ نقدي أو اداءات عينية أو غيرها.
ويلتزم الطرف المستغل برفع دعواه خلال 01 سنة من تاريخ إبرام العقد , وتعد هذه مدة سقوط لا مدة تقادم فلا توقف ولا تقطع ( كما سيأتي معنا عند الكلام عن التقادم ).
النيابة في التعاقد ( 73 إلى 77 م )
تعريف النيابة
النيابة عبارة عن حلول إرادة شخص ( النائب ) محل إرادة شخص آخر ( الأصيل ) في إبرام تصرف قانوني معين , مع انصراف الأثر القانوني لذلك التصرف إلى الأصيل.
مصدر النيابة
بالنظر إلى سلطات النائب وممن يستمدها يمكننا أن نقسم النيابة إلى نيابة قانونية كما في ولاية الأب على ابنه القاصر ( 81 وما بعدها من قانون الأسرة ) ونيابة الفضولي ( 157 مدني ) ونيابة الدائن الذي يستعمل حقوق مدينه في الدعوى غير المباشرة ( 190 مدني ) ونيابة المقدم أو القيم الذي يتولى إجراء تصرفات نيابة عن القاصر الذي لا ولي له والمحجور عليه والغائب ) , نيابة قضائية ( كما في الحارس القضائي المواد 271 – 272 مدني , 370 , 374 من قانون ام ) ونيابة اتفاقية ( كما في الوكالة 571 وما بعدها مدني ).
شروط النيابة
1- حلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل.
2- أن يتعامل النائب باسم الأصيل.
3- عدم خروج النائب من حدود نيابته.
آثار النيابة
يجب النظر إلى هذه الآثار في علاقة الأطراف الثلاثة للنيابة ببعضهم أي الأصيل والنائب والمتعاقد معه.
أما علاقة الأصيل بالنائب فهذه تحكمها قواعد مصدر النيابة ( فالنيابة الاتفاقية تحكمها قواعد الوكالة المواد 575 م وما بعدها , والقضائية الحكم القضائي وهكذا .....
أما في علاقة النائب بالمتعاقد معه فان دور النائب ينتهي بمجرد إبرامه العقد الذي كلف به , هذا مالم تمنح له سلطة متابعة تنفيذ العقد , وآثار ذلك التصرف تضاف إلى الأصيل سواء كانت عبارة عن حقوق أو عن التزامات.
أما في علاقة الأصيل بالمتعاقد معه , فان ما يبرمه النائب من تصرفات في حدود نيابته يتحملها الأصيل.
هذا ورغم أن نص 77 مدني قد منع تعاقد الشخص مع نفسه أي بكونه نائبا عن طرف وأصيلا عن نفسه أو نائبا عن الطرفين معا إلا أن هذا المنع ليس مطلقا فهو جائز متى اقر الأصيل ذلك 77 م والمادة 412 م أو أجازت نصوص قانونية ذلك كما هو حال المادة 410 م وعليه لا يعد المنع السابق من النظام العام بل تجوز مخالفته للأسباب السالفة .
المحل ( 92 – 96 )
المحل هو الركن الثاني في العقد والكلام عليه يقتضي بحث شروطه أساسا التي بدونها ينعدم.
تعريف المحل
يقصد بالمحل في النصوص المتعلقة به , محل الالتزام , أي الأداء ذاته سواء كان في صورة القيام بعمل أو الامتناع عنه أو في صورة إعطاء شيء , أما محل العقد فيقصد به العملية القانونية المراد إجراؤها بين المتعاقدين كالبيع أو الإيجار أو الشركة.
شروط المحل
1- ان يكون معينا او قابلا للتعيين.
2- ان يكون المحل موجودا او قابلا للوجود.
3- ان يكون المحل مشروعا.
4- ان يكون المحل ممكنا.
السبب( 97 – 98 )
تعريف السبب
للسبب مفهومين فهو اما يراد منه المصدر ( كقولنا ان الخطا سبب في التعويض ) , او يراد منه الغاية ( كالقول ان الغاية من البيع هو حصول البائع على الثمن لاجل استثماره في مشروع تجاري معين ).
شروط السبب
ا- شرط سبب العقد المشروعية.
ب- شرط سبب الالتزام الوجود.
الوعد بالتعاقد ( 71 – 72 م )
يمكن تعريف الوعد بالعقد على انه عبارة عقد يعد فيه طرف ما الطرف الثاني بابرام عقد في المستقبل ان ابدى الثاني رغبته فيه في مدة محددة.
الطبيعة القانونية للوعد بالتعاقد
الوعد بالتعاقد يعد عقدا ولكنه ملزم لجانب واحد – او لجانبين احيانا – يتمثل محله في ابرام عقد نهائي في المستقبل.
شروط الوعد بالتعاقد
1- الشروط العامة ( الرضا والمحل والسبب ).
2- الشروط الخاصة : والشروط الخاصة المقصودة هنا تتمثل في تحديد المسائل الجوهرية في العقد النهائي المراد ابرامه والتي تختلف بحسب اختلاف العقود.
ومتى كان العقد النهائي شكليا وجب ان يكون الوعد بالعقد شكليا هو الاخر.
اثار الوعد بالعقد
التزام الواعد بابرام العقد النهائي متى ابدى المستفيد رغبته في ذلك يعد حقا ومتى كان له ذلك الحق كان له تبعا لذلك الصرف فيه بالبيع وغيره بل وينتقل الى خلفه بالميراث لكن مع ما قيل تظل ملكية الشيء الذي هو محل العقد النهائي , من حق الواعد وله وحده مطلق التصرف فيه كما عليه هلاكه ان حدث ذلك , وما سبق يصدق على الفترة الممتدة من تاريخ ابرام الوعد للعقد الى ما قبل ابداء رغبة المستفيد في ابرام العقد النهائي , اما ان هو ابدى رغبته فان الواعد يلتزم حينها بتنفيذ وعده ومتى امتنع جاز اللجوء الى القضاء ويكون الحكم الصادر لمصلحة المستفيد بمثابة العقد النهائي , على ان العقد النهائي انما ينعقد من تاريخ ابداء الرغبة لا من تاريخ الوعد بالعقد.
جزاء تخلف اركان العقد ( 99 الى 105 م )
البطلان هو الجزاء المترتب على تخلف احد اركان العقد او شروطه من تراضي ومحل وسبب وشكل في العقود الشكلية , ولما كانت الاركان والشروط ليست كلها على درجة واحدة من الاهمية اذ منها ما تغلب عليها المصلحة العامة ( كوجود الرضا والمحل والسبب والشكل ) ومنها ما تغلب عليها المصلحة الخاصة ( كعيوب الارادة ) لهذا السبب جاء البطلان مراعيا هذا الوضع , وعلى هذا كان البطلان مطلقا في اغلب احيانه يعبر عن حماية المصلحة العامة والبطلان النسبي يعبر عن حماية المصلحة الخاصة , واذا كان البطلان بنوعيه قد اشار اليه القانون المدني فان قانون الاسرة بدوره استحدث جزاء اخر اطلق عليه وقف التصرف.
حالات البطلان
يمكن القول ان تلك الحالات تتمثل في الاتي :
- ان يبرم العقد من طرف عديم الاهلية ( سواء كان ذلك بسبب سنه أي اقل من 16 سنة او بسبب غياب مداركه العقلية كالمجنون والمعتوه والسفيه او لمانع قانوني كالمحكوك عليه بعقوبة جنائية )
- ان يبرم العقد من مميز يبلغ 16 سنة الا ان تصرفه كان ضار به ضرر محض.
- اذا لم توفر في المحل او السبب شروطه.
- اذا لم يتوفر الشكل في العقود الشكلية.
2- حالات البطلان النسبي
- ان يتصرف من به عاهتين من العاهات الثلاثة ( العمى والصم والبكم ) دون حضور مساعده القضائي.
- اذا شاب التصرف احد عيوب الارادة الاربعة ( الغلط والتدليس والاكراه والاستغلال ).
كيفية التمسك بالبطلان
حالة البطلان المطلق
البطلان المطلق سواء تم اثارته بموجب دعوى قضائية او بموجب دفع فقط فان الذين يستطيعون اثارته هم المحكمة ومن تلقاء نفسها والمتعاقدان كذا خلفهما العام او الخاص ودائنهما بل وكل ذي مصلحة اخر يهمه بطلان التصرف.
هذا ويجب التمسك بالبطلان المطلق خلال 15 سنة من تاريخ ابرام العقد والا سقطت الدعوى بالتقادم.
حالة البطلان النسبي
البطلان النسبي يجوز ان يثيره المتعاقد المعني بالبطلان ( أي الذي وجد في حالة من حالاته ) , او خلفه العام او الخاص او دائنه عن طريق الدعوى غير المباشرة ويجب التمسك بهذا البطلان خلال سنة واحدة من ابرام العقد متى تعلق الامر بعيب الاستغلال وخلال 10 سنوات من تاريخ اكتشاف الغلط او التدليس او من تاريخ انكشاف الاكراه.
اثار البطلان
بالنظر الى المتعاقدين
يرتب على البطلان عودة المتعاقدين الى الحالة التي كان عليها قبل العقد بحيث يسترد كل طرفه ما سلمه من الثاني فان استحال الرد لاي سبب كان وجب حينها التعويض.
بالنظر الى الغير
ويقصد بالغير الاشخاص الذين تتاثر حقوقهم ببطلان العقد وارجاع المتعاقدين الى الحالة التي كانا عليها, ويرب على بطلان التصرف زوال كل الاثار الي تترتب عليه ولو كانا من تصرف له احد العاقدين حسن النية بحيث لا يعلم بسبب بطلان ففي البيع مثلا لو اعاد المشتري بيع العين او رهنها او رب عليها حقا عينيا اخر كانتفاع او ارتفاق فان كل هذه الاثار تزول ببطلان العقد الاصلي , على ان المشرع يخرج احيانا عن تطبيق هذا المبدا العام وهذا ما نجده مثلا في قاعدة الحيازة في المنقول بسند صحيح وحسن نية تعتبر سندا للملكية ولا يبطل بالتالي ملكية الحائز ( 835 م ).
ومما يرتبط بمسالة البطلان بنوعيه ما يسمى بالبطلان الجزئي وتحول العقد.
تحول العقد ( 105 م )
يقصد به ان العقد الباطل او القابل للابطال ان وجدت فيه عناصر عقد صحيح فلا مانع من الاعتداد بتلك العناصر الصحيحة وتكوين عقد صحيح منها فالقاضي هنا يستخرج عقدا صحيحا من عقد باطل على انه يشرط لذلك ان تنصرف ارادة الطرفين – ولو كانت ارادة محتملة – الى العقد الصحيح والا ابطل العقد بدون تحويله , وذلك مثل انقلاب العقد الباطل ( كالبيع بثمن تافه ) الى عقد صحيح ( عقد الهبة ).
البطلان ( 104 م )
فيقصد به ان يجد القاضي عقدا ما صحيحا في جزء منه وباطلا في الجزء الاخر , فبدل ان يبطل كل العقد يقتصر الابطال على الجزء غير الصحيح ويحتفظ بالجزء الصحيح , على انه يشرط لتطبيق البطلان الجزئي ان لا يكون الجزء الباطل هو الدافع الى التعاقد أي يكون جوهريا عند المتعاقدين والا ابطل كل العقد , ويمكن ان نصادف هذه الحالات في تصرفات عدة كالوصية المقترنة بشروط غير صحيحة ( 199 م ) والزواج المقترن بشروط باطلة ( 35 اسرة ) والقسمة ( 722 م ).
حالات وقف العقد
العقد الموقوف نص عليه المشرع في المادة 83 من قانون الاسرة اذ كون تصرفات القاصر المميز موقوفة على اجازة وليه متى كانت دائرة بين النفع والضرر فمتى اجازها وليه نفذت والا توقفت اثارها.
التصرف بالاردة المنفردة
لقد عدد المشرع مصادر الالتزام وهي العقد والعمل الضار والعمل النافع والقانون , ولا نجد ضمنها ما يسمى بالتصرف بالارادة المنفردة , لكن مع ذلك نجده في المادة 115 م ينص على الوعد بجائزة والذي يتفق الفقه على اعتباره تصرفا بالارادة المنفردة , وما يستخلص من عمل المشرع هذا انه وضع مصادر عامة للالتزام هي الاربعة الاولى اما التصرف بالارادة المنفردة فلم يرد الا في شكل تطبيق خاص هو الوعد بجائزة ولم يشأ المشرع ان يجعل منه مصدرا عاما على غرار بقية المصادر , والحقيقة ان لا مانع نظري من جعل الارادة المنفردة مصدرا عاما للالتزام الا ان مسلك المشرع يفسر على انه اتباع لمسلك المشرع الفرنسي وحتى الالماني الذي لم يجعل منه مصدرا عاما.
الوعد بجائزة ( 115 م )
الوعد بجائزة يعد من التصرفات القانونية , وهو اما ان يكون على سبيل المعاوضة ( كمنح جائزة لمن يعثر على شيء ضائع ) اة التبرع ( كمنح جائزة لمن يحقق اكبر منتوج فلاحي لموسم معين ) , ويختلف الوعد بجائزة عن الايجاب في العقد من نواح عدة : فالوعد يوجه الى غير معين من الجمهور بينما الايجاب يوجه الى شخص معين كما ان الوعد لا يحتاج الى قبول عكس الايجاب.
مما سبق يمكن تعريف الوعد بجائزة على انه تصرف قانوني بالارادة المنفردة يتعهد بموجبه شخص اما الى سبيل المعاوضة او التبرع باعطاء جائزة مقابل قيام المتعهد بعمل ما.
اركان الوعد بجائزة
الوعد بجائزة تصرف بالارادة المنفردة , وككل تصرف قانوني يجب ان تتوافر فيه الاركان المعهودة من راضي ومحل وسبب وشكل.
فبالنسبة للاهلية يجب ان تكون للواعد بجائزة اهلية التصرف الكاملة وذلك ببلوغه سن الرشد كما يجب ان تكون ارادته سليمة من العيوب الاربع , اما المحل وهو هنا الجائزة فيجب ان يتوافر على مختلف شروطه المعروفة وكذلك الحال مع السبب , سواء ما تعلق بالمشروعية او بالوجود وهو العمل المطلوب اداؤه , اما الشكل فيظهر ان المشرع لا يعتد بالوعد بجائزة الا ان يكون قد تم الاعلان عنه الى الجمهور بوسائل مختلفة كالاذاعة او التلفزيون.
* بالاضافة الى الشروط العامة يجب ان تتوافر شروط خاصة تتمثل اساسا في وجوب توجيه الوعد الى الجمهور , وان يكون الوعد مقابل قيام الغير بعمل معين , ويستوي بعدها ان تكون الجائزة مادية او معنوية كوسام شرفي مثلا.
أحكام الوعد بجائزة
الوعد المحدد المدة
في مثل هذه الحالة يلتزم الواعد بالبقاء على وعده طيلة المدة المحددة , وهنا لا يخلو الامر من الاتي :
1- ان ينفذ شخص ما العمل المطلوب منه في المدة وفي هذه الحالة يصبح دائنا بالجائزة وله ان يطالب بها خلال مهلة 15 سنة من التاريخ الذي يستحق فيه الدائن الجائزة أي من تاريخ انجاز العمل ( 308 و 315 م ).
2- اما اذا مضت المدة دون ان ينجز العمل فان الوعد يسقط وحتى ولو م انجاز العمل بعد المهلة فلا يمكن المطالبة بمستحقات ذلك الا وفق احكام الاثراء بلا سبب.
الوعد غير المحدد المدة
هنا يحق بحسب الاصل للواعد ان يرجع عن وعده في اية لحظة بشرط اعلان عدوله بذات الطريقة التي تم بها الوعد , ولا يخلو الحال هنا من الاتي :
1- ان يرجع الواعد عن وعده دون ان يقوم شخص بانجاز العمل , في مثل هذه الحالة يسقط الوعد ويتحلل الواعد من وعده.
2- ان ينجز شخص ما العمل دون ان يحصل رجوع من الواعد فهنا يستحق المعني الجائزة وله المطالبة بها خلال 15 سنة من تاريخ استحقاق الدين.
3- ان يتم انجاز العمل ثم يتراجع الواعد عن وعده , في هذه الحالة يجب المطالبة بالجائزة في مهلة 06 اشهر من تاريخ العدول عن الوعد.
4- ان لا ينهي الشخص العمل الا بعد راجع الواعد عن وعده : في هذه الحالة ليس لهذا الشخص الا الاستناد الى قواعد الاثراء بلا سبب للمطالبة بالتعويض الواجب عن العمل الذي قام به.
شبه العقد ( 141 – 159 م )
شبه العقد سمية اية من القانون الروماني , ذلك ان الرومان ميزوا بين العقد ( وهو عمل مشروع ) وبين الجريمة ( وهي عمل غير مشروع ) غير ان الواقع العملي اوجد فيما بعد اعمالا غير مشروعة لكن ليست من الجرائم المنصوص عليها , فاطلقوا عليها شبه الجريمة , كما انه وجدت اعمال مشروعة لكن ليست من العقود فاطلقوا عليها شبع العقود.
ويشمل شبه العقد : الاثراء بلا سبب ودفع غير المستحق والفضالة.
الاثراء بلا سبب ( 141 – 142 )
تعريفه
يقصد به على العموم ان من اثري من عمل الغير او من شيئ لدى الغير وترتب عن ذلك افتقار في جانب الطرف الثاني , فان المثري يلتزم بتعويض ما اثري به دون حق.
شروطه
1- اثراء المدين.
2- افقار الدائن.
3- انعدام السبب القانوني.
اثاره
يترتب على ثبو شروط الاثراء بلا سبب ان يتلقى الدائن المفتقر تعويضا يمثل اقل قيمتي الاثراء والافتقار , وسبب ذلك ان المفتقر انما يسترد مقدار ما خرج من ذمته فعلا بغض النظر عن مقدار اثراء الطرف الثاني والقول بغير ذلك يترتب عليه افتقار جديد في جانب المثري واثراء بدون سبب في جانب المفتقر الابتدائي وهذا كله ممنوع.
والاثراء والافتقار يقدران عند بعض الفقه بوق حصولهما لا بوقت رفع دعوى الاثراء ومن الفقه من يرى تقديرهما بوقت رفع الدعوى او صدور الحكم فيها على ان دعوى الاثراء تقادم باقصر الاجلين الا وهما 10 سنوا من وقت علم المفتقر بالافتقار الذي حصل له والاثراء الذي جناه الطرف الاخر او ب 15 سنة من يوم نشوء الحق في التعويض.
دفع غير المستحق ( 134 الى 149 م )
تعريفه
يقصد به ان يفي شخص بالتزام يظنه عليه او هو مكره عليه في حين ان وفاءه ذلك غير مستحق اصلا , او ان يكون مسحقا في زمن ما ثن يصير غير ذلك لاحقا.
في مثل هذه الاحوال يلزم من سلم ما ليس مستحقا له برده ما سلمه.
شروطه
1- الوفاء.
2- ان يكون الوفاء غير مستحق.
اثاره
يترتب على دفع غير المستحق ان ينشا للمفتقر الحق في رفع دعوى استرداد ما دفع دون وجه حق.
وتقادم دعوى استرداد ما دفع دون حق بمضي اقصر الاجلين أي : 10 سنوات من اليوم الذي يعلم فيه الموفي بانه يدفع ما هو غير مستحق او ب: 15 سنة من يوم ان نشا حقه في الاسترداد ( أي من يوم الوفاء بغير المستحق ).
الفضالة ( 150 الى 159 م )
تعريفها
يشترط في الفضالة ان يولى الفضولي القيام بالعمل قاصدا بذلك مصلحة رب العمل ودون ان يكون ملتزما بذلك العمل.
شروطها
1- ان يقوم الفضولي بشان رب العمل.
2- ان يقصد الفضولي بعمله مصلحة رب العمل.
3- الفضولي غير ملزم بذلك العمل.
اثار الفضالة
التزامات الفضولي
يلتزم الفضولي بان يصل بالعمل الذي بداه الى منتهاه او الى ان يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه , بل ويلتزم الفضولي متى امكنه ذلك ان يخطر رب العمل بالشان الذي يتولاه.
اما دعوى الفضالة فهي بالنظر الى رب العمل اذا ما اخل الفضولي بالالتزاما القانونية الواقعة عليه تقادم باقصر الاجلين ( 10 سنوات من اليوم الذي يعلم فيه رب العمل بحقه في الرجوع على الفضولي او 15 سنة من التاريخ الذي نشا فيه حق رب العمل ).
التزاما رب العمل
لما كان الفضولي وهو يتولى شان رب العمل قد يعقد تصرفات باسمه هو او باسم رب العمل فان رب العمل من جهه يلتزم بان ينفذ التعهدا التي عقدها الفضولي باعتبارها تنصرف اثارها اليه , فان كان ما عقده الفضولي تم باسمه فان على رب العمل هنا عويض الفضولي عن لك التعهدات.
وتقادم دعوى الفضولي تجاه رب العمل باقصر الاجلين ايضا ( 10 سنوات او 15 سنة من تاريخ العلم او من نشاة الحق في العويض ).
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma