المحاضرة الأولى
القانون المدني المقارن
ضوابط العقد: هو التي تحكم المعاملات المالية
فيجب ان لا تتضمن هذه المعاملات :
1- غرر
2- اخلالا في التوازن بشكل فاحش
3- مقامرة او رهان
ضوابط العقود في الفقه الإسلامي و الغربي:
في العقود المدنية ما يسمى بالعقود المساة . يقابلها العقود غير المسماة. و العقد غير المسمى هو الأهم. لأنه يترجم مبدأ يسمى بمبدأ حرية التعاقد او التعامل. انما العقد المسمى المشرع حصر احكامه. ولكن حرية التعاقد سمحت بان تبرم العديد من العقود و نضع لها ما نشاء من احكام ضمن النظام العام و القوانين الإلزامية.
القانون الروماني ابو القوانين الغربية لم يكن يعرف العقود غير المسماة و لم يعرف مبدأ حرية التعاقد. اما القرآن فهو او لما نزل ، انزله معه احرية التعامل و التعاقد.
حرية التعاقد في الفقه الإسلامي:
اي هل عرفت الشريعة الإسلامية هذا المبدأ او لم تعرفها كما في القانون الروماني.
ان العقود المسماة هي ترجمة فعلية حقيقية لمبدأ سلطان الإرادة و الذي من نتائجه ان تكون الإرادة حرة في انشاء ما تشاء من عقود مهما كان موضوعها ، غير مقيدة بتلك الأنواع من العقود المسماة التي نظمها المشرع في القانون الوضعي الحديث، و لكن هل عرفت الشريعة هذا المبدأ، و هل العقود في الفقه الإسلامي مذكورة على سبيل الحصر فلا تملك الإرادة عندها انشاء عقود اخرى؟
الثابت من مطالعة كتب الفقه الإسلامي ان العلماء قد افردوا بكل عقد من العقود كتابا او فصلا او بابا، و في ترتيب معين ، ول م يقدموا لهذا اكله نظرية عامة للعقود و لذلك كانت العقود في الفقه الإسلامي و هي عقود مسماة ، اتت عقدا يتلو آخر دون ترتيب منطقي لهذا التتابع ، حتى يخيل للباحث ان الفقه الإسلامي لا يعرف سوى تلك العقود المسماة التي ردت في مؤلفات عملائهم ، و ان اي اتفاق لا يندرج تحت مسمى ***.
دراسة كل عقد بمقدمة يحرصون فيها على بحث شرعية العقد، و اسناد تلك الشرعية مرة على النص و مرة على الإجماع او العرف او غير ذلك من الأدلة فهل يعني ذلك ان حرية التعاقد في الفقه الإسلامي قاصرة على تلك العقود المسماة ، و ان هذا الفقه لا يعرف عقودا اخرى غير مسماة؟
المبدأ في الفقه الإسلامي حرية التعاقد. فان كل متعاقد في حدود الشرعية الإسلامية و في حدود الضوابط التي سندرسها يحق له ان يتعاقد كما شاء.
اما الخلط الناشئ عن الكتب التي تتكلم حصرا عن بعض العقود المسماة فقط. فأول ما يتكلموا عن العقد تكلموا عن شرعيته. فان كل العقود التي تخالف هذه الشرعية تعتبر باطلة في الشريعة الإسلامية اي عقود غير شرعية.
و لكن من غير الممكن ان نحصر العقود فيما هو شرعي او غير شرعي.
الشريعة نزلت الى قبائل همجية لديها فراغ فكري و قانوني ، و القرآن بما اشتمل عليه من احكام جديدة نزل على شعب ليس لديه شيء. هذه مقدمة خاطئة و خطورتها ان تعتبر هذه الأحكام بانها نزلت مرة واحدة و دون مراعاة للناس.
و لكن الشريعة و بالذات احكام المعاملات المالية، كانت موجودة في الجزيرة العربية. فكانوا يعلمون الزوالج و الطلاق بارادة منفردة و تعدد الزوجات و التجارة و عقود البيع و عقود الإيجار التي تقع على اشياء او على اشخاص.
ففي دراسة احكام الفقه الإسلامي، يجب ان نقول ان هذه الشريعة لم تنزل عىل قبائل همجية لديها فراغ قانوني و فكري. و الدليل هو الميسر: خلو المعاملة المالية من ضابط المقامرة و الرهان.
" انما الخمر و الميسر رجس من عمل الشيطان فاجتنبه " سورة التحريم
فالآية نزلت على قبائل تعرف نظام الميسر.
فهل الأعمال الحالية هي شبيهة بالميسر؟
الميسر الذي نزل تحريمه كان عبارة عن الآتي: انه في وقت الشدة عندما يقل الرزق و القبائل العربية كان فيها مجموعات كثيرة من الفقراء و ايضا يوجد فيها اغنياء يريدون ان يضعوا معروفا لهؤلاء الضعفاء.
فمجموعة من التجار الأغنياء ينزلوا على حي من الأحياء ليلا و يشتروا ناقة من تارجا و لكن لا يدفعوا فورا بل ، يتفقوا مع جزار بان يذبح الناقة و يقسمها الى اجزاء و يتقامروا على هذه الأجزاء وفق طريقة معينة.
فالخاسرين هم الذي سيحملون ثمن الناقة بشرط ان لا يأكل الرابحون من الناقة بل توزع على الفقراء.
فما كان الميسر الا سبيلا لتوزعة المال على الفقراء . و مع ذلك نزل عليه التحريم. صحيح انه افراج للفقراء . و لكن هذا الإفراج عن طريق اعمال غير مشروعة.
و الشعوب الجرمانية و القبائل الأوروبية عرفت نظام القمار.اذا نفذ منه المال ، تاجر بزوجته و اذا خسر زوجته، قامر بحريته و اذا خسر حريته اصبح عبدا للكاسب. هذا النوع من القمار لم تعرفه الشريعة الإسلامية.
فالشعوب قبل الشريعة لم يكونوا همج، بل عرفوا العلوم و الموسيقى و الشعر و التجارة، بل جاءت احكام الشريعة الإسلامية تعدل سلوك بعض الأحكام و المعاملات التي كانت تخالف الشريعة الإسلامية.
فجاء الإسلام ينقي و يهذب هذه المعاملات المالية و ما شابها من سوى.
لغاية اليوم اجاز الفقه الإسلامي عقدا لم يرد ذكره في كتب الفقه الإسلامي و هو عقد التأمين.
ما هو ارتباط عقد التأمين بالغرر: عقد التأمين مثال للغرر. فلا يعرف المتعاقد ما سوف يعطي و ما سوف يأخذ مقدما ( مثل التأمين مدى الحياة).
و القانون اللبناني اي قانون الموجبات والعقود ، نظم التأمين تحت باب العقود الإحتمالية او عقود الغرر .
هل اجاز الفقه الإسلامي شرعية عقد التأمين؟
كلا لأنه يتضمن نوع من انواع الغرر. و لكن مع تطور الفقه الإسلامي الحديث ، فبدون تأمين المجتمع لن يقوم ، فالمعاملات الداخلية ميزة و عنصرا اساسيا في المجتمع، فمعاش الموظف التقاعدة هو مظهر من مظاهر التأمين.
فكيف تنفصل الشريعة الإسلامية عن هذه الأنظمة؟
اثيرت هذه المسألة امام احد الفقهاء الحنفيين " زين العابدين"
حصلت هذه المشكلة التي تسمى مشكلة التأمين، فأفت الإمام ببطلان عقد التأمين لأنه يشتمل على قمار او رهان.
الأئمة الذي بعده افتوا مثله اي ببطلان عقد التأمين.
اما القوانين الوضعية ، فالتأمين فيها صحيح لأن هذه القوانين لا تأخذ في الشريعة الإسلامية من هذه الناحية.
اما في السعودية ، فالتأمين باطل لأنهم يطبقون احكام الشريعة الإسلامية.
الا انهم اضطروا للأخذ بالتأمين ببعض انواع العقود كالـتأمين على السيارات مثلا. اذا الظروف الحديثة قد تسمح للأخذ ببعض انواع العقود التي لا تحبذ لدى فقهاء الشريعة الإسلامية.
فيمكن استبدال فكرة التأمين التجاري الذي يحتوي على غرر و قمار و رهان بما هو مسمى بالتأمين التبادلي (جماعة) على ضوء الشريعة الإسلامية. فلا يمكن ابطال التأمين اذا لأنه في هذه الحالة ستبطل كل المعاملات المالية.
هل يمكن لبنك من البنوك ان لا تعامل بالربى؟
كلا ، مستحيل، المعاملة الربوية اساس من الأسس التي تقوم عليها البنوك. و لا يمكن لأي بنك ان لا يتعامل بالفائدة. حتى البنوك او المصارف الإسلامية، و لكن تحت اسم آخر غير " فائدة " مثل "عمولة"
وزارة الأوقاف كان لديها ادارة القرض الحسن : سيدة تتطلب قرض مقابل ذهب كضمان. بعد المدة المتفق عليه. ترد القرض كما هو و تأخذ مالها من الذهب. فهذا هو ما يسمى بالقرض الحسن.
من احسن الكتاب الذين كتبوا عن الربى في الشريعة الإسلامية هو الإمام محمد رشيد رضى.
حيث سئل عن حكم الشريعة الإسلامية في فوائد البنوك.
فرد عليهم مفرقا بين ربى الفضل و ربى النسيئة.
قالوا له ان النص القرآني نزل حرما ربى النسيئة، انما ربى الفضل هو مباح و ليس ممنوع.
فرد عليهم بما هو ربى الفضل و ما ربى النسيئة، و متى تكون المعاملة خالية من الربى.
مبدأ سلطان الإرادة في العقود في الفقه الإسلامي:
يسود القول في الفقه الإسلامية ان الناس احرار في انشاء العقود، اما آثارها فهي بيد الشارع يقررها و يلزم بها المتعاقدين. و معنى ذلك انه اذا اتجهت الإرادة الى انشاء عقد معين نشأ هذا العقد على حكم تلك الإرداة، اما آثاره فترجع الى حكم الشارع سواء اراد المتعاقدون تلك الآثار ام لم يريدونها.
فالشخص له الحرية في ان يبيع او لا يبيع، يشتري او لا يشتري ، و لكنه اذا اقدم على البيع او على الشراء، ترتب آثار البيع او الشراء على تعاقده سواء اراد تلك الآثار ام لم يردها.
و قبل ان تعرض لموقف الفقه الإسلامي من المسألة المعروضة نشير الى ان الفقهاء لا يفصلون في نطاق مبدأ سلطان الإرادة بين سلطانها في انشاء العقود و سلطانها في تقسيم آثار تلك العقود في العقد لديهم من قبيل الشروط و ان الشروط من قبيل العقود.
يقول ابن حزم" العقود و العهود و الأوعاد شروط و اسم الشرط يقع على جميع ذلك "
تمهيد
تبدأ حرية التعاقد بالآتي: تحديد مدلول الآية الكريمة " يا ايها الذين آمنوا اوفوا بالعقود"
و علاقتها بمبدأ سلطان الإرادة .
يقول ابن جرير الطبري ان المعنى : اوفوا بالعقود التي عاهدتموها، و العقود التي عاقدتموها اياها و اوجدتهم بها على انفسكم حقوقا و الزمتم انفسكم بها لله فروضا. فأتموها بالوفاء و الكمال و الإتمام فكم لله بما الزمكم، و لا تنكثوها فتنقضوها بعد توكيدها. و اختلف اهل التأويل في العقود التي امر الله بالوفاء بها، فقال بعضهم هو العقود التي كان اهل الجاهلية عاقد بعضهم بعضا على النصرة و المؤازلة و المظاهرة على من حاول ظلم او بغاء، و ذلك هو معنى الحلف الذي كان يتعاقد بينهم.
و قول الإمام الطبري و العقود جمعا و اهل العقد عقد الشيء بغيره و هو وصله به.
و عن ابي عباس يقول : اوفوا بالعقود يعني ما احل و ما حرم و ما فرض و ماح جدد القرآن كله فلا تخطوه و لا تنكثوه.
و عن مجاهد : اوفوا بالعقود ما عقد الله على العباد مما احل لهم و حرم عليهم و قال آخرون بل هي العقود التي يتعاقدها الناس بينهم و يعقدها المرء على نفسه . فذكر بعضهم ان العقود هي خمسة: عقدة الإيمان، عقد النكاح، عقدة العهد ، عقدة البيع و عقدة الحلف. و اضاف آخرون عقدة الشركة.
و قال آخرون ان مراد الآية لأهل الكتاب بالوفاء بما اخذ به ميثاقه من العهد. بما في التوراة و الإنجيل و في تصديق محمد صلى الله عليه و سلم.
و اول الأقوال في ذلك عندنا بالصواب ما قاله ابن عباس:
و ان معناه اوفوا ايها الذين آموا بعقود الله اتل اوجبها عليكم. و اعرفوا فيما اهل لكم و حرم عليكم و الزمكم فرضه و بين لكم حدوده.
يقول محمد رشيد رضى في تفسير المناط:
هذا اجمع كلام رأيته للمفسرين في العقود و قد تجدد لأهل هذه العصر انواع من المعاهدات تبعها انواع من العقود يذكرونها في كتب القوانين المستحدثة منها ما يجيزه المذاهب الإسلامية و منها ما لا يجيزونه لمخالفته شروطهم التي يشترطونها كإشتراط بعضهم الإيجاب و القبول قولا ، حتى و لو كتب اثنان عقدا بينهم على شيء قولا او كتابة نحو تعاقد فلان و فلان على ان يقوم الأول بكذا و الثاني بكذا من غير ذكر ايجاب و قبول بالقول و امضيا ما كتباه بتوقيع او ختم، لا يعدونه عقدا صحيحا نافذا ، و قد يصبغونه بصبغة الدين فيجعلون التزام المتعاقدين لمباح و ايفاء حماية محرما و معصية لله تعالى لعدم صحة العقد.
و يشترطون في بعض العقود شروطا منها ما يستند على حديث صحيح او غير صحيح، صريح الدلالة او خفيها ، و منها ما لا يستند الا على اجتهاد صاحبه بالرأي و يجيزوه بعض الشروط التي يتعاقد عليها نا و يمنعون بعضها حتى بالرأي.
و اساس العقود الثابت في الإسلام هو هذه الجملة البليغة المختصرة المفيدة " اوفوا بالعقود" و هي تفيد انه يجب على كل مؤمن ان يفي بما عقده و ارتبط به و ليس لأحد ان يقيد ما اطلقه الشارع الإ ببنية. فالتراضي من المتعاقدين شرط في صحة العقد لقوله تعالى " عن تراض منكم".
و اما الإيجاب و القبول فلا نص منه، و انما هو عبارة عن العقد نفسه اذ الغالب فيه ان يكون في الصيغة اللفظية قولا او كتابة و الإشارة تقوم مقام العقارة عند الحاجة كإشارة الأخرس و الفعل البغ من القول في حصول المقصد من العقد كبيع المعاطاة الذي منعه بعضهم تعبدا بصيغة الإيجاب و القبول اللفظية ، و من هذا القبيل اعطاء المال لمن بيده تذاكر السفر في السكك الحديد او البواخر و اخذ الت1كرة منه ، و مثله دخول الحمام و ركوب السفن الملاحين الى غير ذلك.
فكل فعل او قول يعده الناس عقدا فهو عقد يجب ان يوفوا به كما امر الله ما لم يتضمن تحريم ، فهو حلال او تحليل حرام مام ثبت في الشرع كالعقد بالإكراه او على احراق دار احد و قطع شجر بستان او على الفاحشة . او اكل شيء من احوال الناس بالباطل كالربى و الميسر و الرشوة.
فهذه الثلاثة منصوصة في الكتاب و السنة و عن النبي صلى الله عليه و سلم عن بيع الغرر لأنه من قبيل الميسر في كونه مجهول العاقبة.
مثلا : بيع ضربة الفائض، بيع عبد نابق (فار)، بيع الحصى ، بيع اللبن في الضرع، بيع الملامسة او المنابذة، بيع حبل الحبلة ، بيع عسب الفحل.
محاضرة رقم 2
مبدأ حرية التعاقد في الفقه الإسلامي
ينبع عن هذا المبدأ نظرية العقود المسماة و ان العقود غير المسماة هي الترجمة الفعلية لمبدأ حرية التعاقد ، فلولا هذا المبدأ لما كان يمكننا التعاقد خارج حدود هذا المبدأ.
الحياة صاخبة و متطورة ، ينشأ علاقات عديدة لا يمكن تصورها من قبل الفقهاء القدامى ، و بالتالي هناك عقود لا يمكن ايجادها في القوانين الوضعية ( كالعقد الطبي، عقد التعلم) و في الأيام المتوالية تظهر انماط مختلفة من المعاملات و الخطورة هو ان المبدأ حصري و بالتالي جميع العقود هي غير مشروعة.
و بالتالي ان المبدأ حرية التعاقد في اطار المشروعية فلا يمكن التعاقد على ما هو باطل و غير مشروع و بالتالي هو غير سليم من الناحية التعاقدية مما حمل المحاكم الفرنسية الى ابطال هكذا نوع من العقود.
و الأصل في العقود تقوم بمجرد تراضي الأطراف عليها و لو لم تكن مسماة و بما ان قانون الموجباتو العقود قد وضع في الثلاثينات و بالرغم من انه صالح ليس من الضروري لأن يشمل جميع انواع العقود.
القانون المدني المصري صدر عام 1949 هو ذاته القانون السوري و مشكلة قانون الموجبات و العقود هي الصياغة.
و الجدير بالذكر ان هناك عقود جديدة قد تطرأ و هي بحاجة الى تنظيم و هذا غير ممكن من الناحية العملية مما يستوجب العودة الى القواعد العامة في القانون المدني و بالتالي تكون العقود المسماة من التطبيقات.
هناك جدل صاخب في الفقه الإسلامي .
1- الأصل في العقود ان تكون مسماة فيما لم يوجد اسم للعقود لا في القرآن او السنة او الإجماع فيكون العقد باطل.
2- الأصل في العقود هو الإباحة و ليس الخطر و بالتالي كل العقود و تكون مشروعة لطالما تتلاءم مع الشروط.
الإمام .......
فكل قول او فعل يعده الناس عقدا فهو عقد يجب ان يوفوا به كما امر الله تعالى ما لم يتضمن تحريم حلالا او تحليل حراما مما ثبت في الشرع كالعقد في الإكراه.
او قطع شجر بستانه او على الفاحشة او كأكل شيء من اموال الناس بالباطل كالربا او الميسر او الرشوة فهذه الثلاثة منصوصة في الكتاب و السنة. و نهى النبي ص عن بيع الغرر لأنه من قبيل الميسر في كونه....... و هو من الغش المحرم ايضا و قد توصع بعض افقهاء في تفسير الألفاظ القانونية التي وردت في الكتاب و السنة فادخلوا في معنى الربا و الغرر ما لا تطبقه النصوص من التشديد و دعموا تشديدا بهوايات لا تصح و اشدهم تطبيقا في العقود الشافعية والحنفية و اكثرهم تسامحا واسعا المالكية و الحنابلة و الشيعة الإمامية.
و نعرض الآن الإتجاهات الفقه الإسلامي في شأن حرية الإرادة في انشاء العقود الإتجاه الأول.
الأصل في العقود الخطر.
ذهب بعض الفقهاء الى انه لا يصح انشاء عقد او تصرف الا اذا ورد به دليل معين يدل على جوازه و صحته فما لم نقيم الدليل على ذلك فهو باطل اي عقد كان او اي تصرف كان ، ذلك ان الأصل فيالعقود هو حظرها الا ما دل على اباحته و صحته دليل معتبر في دليل الشارع.
ممثل الإتجاه الأول: واحد من الفقهاء المشهود له بالجرأة محمد ابن حزم الطاهري الأندلسي.
اذ يقول عارضا وجهة نظره القائلة ان الأصل في العقود ما يلي ( المحلى بالآثار)
و قال ابو محمد وجدنا من قال ببطلان كل عقد و كل شرط و كل عهد و كل وعد الا ما جاء بنص باجازته من اسمه يقولون قال الله عز و جل .
( و اليوم اكملت لكم دينكم) و قال تعالى ( و من يعص الله و رسوله و يتعدى حدوده يدخله نارا خالدا فيها)
و قال رسول الله ص ( اما نعيد فما بال اقوام يتشرطون شروطا ليست في كتاب الله ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل و لو كان منه شرط، كتاب الله احق و شرط الله اوفق)
قالوا فهذه الآيات و هذا الخبر براهين قاطعة في ابطال كل عقد و كل عهد و كل وعد و كل شرط ليس في كتاب الله مر به او نص على اباحته لأن العقود و العهود و الإدعاء شروط و اسم الشرط يقع علىجميع ذلك.
اننا بالضرورة ندري بانه لا يخلو كل عقد و عهد و شرط و وعد التزمه اصولا ، و جهين لا ثالث لهما اما ان يكون في نص القرآن او السنة ايجابه و اتفاق فاذا كان ذلك فنحن لا تخالفكم في انفاذ ذلك و ايجاده و اما ان يكون ليس في نص القرآن و لا في السنة ايجاده او انفاذ ففي هذا اختلفنا فنقول لكم الآن فان كان هكذا فانه ضرورة لا ينفك من احد اربعة اوجه لا خامس لها اصلا.
1- اما ان يكون التزم فيه اباحة ما حرمه تعالى في القرآن او على لسان رسوله ص فهذا عظيم لا يحل.
قال الله تعالى ( و لا يحرمون ما حرم الله و رسوله و لا يدينون دين الحق) و نسألهم حينئذ مما التزموا في عدله و شرطه و عقده و وعده احلال الخنزير و الأمهات و قتل النفس فاذا اباح ذلك كفر و ان فرق بين شيء من ذلك فناقض او سخف و تحكم في الدين بالباطل.
2- و انما ان يكون التزم منه تحريم و اباحة الله تعالى في القرآن او على لسان الرسوك ص فهذا اعظم لا يحل.
قال تعالى ( يا ايها النبي تحرم ما احل الله لك)
و سألهم حينئذ عما حرم الماء و الخبز و الزواج و سائر المباعاة و قد صح ان محرم الحلال كمحلل الحرام.
3- و اما ان يكون اسقاط ما اوصيه الله تعالى في القرآن او على لسان رسوله ص فهذا عظيم لا يحل.
و نسألهم حينئذ عمن التزم في عهده و عقده و شرطه اسقاط الصلوات و اسقاط صوم رمضان و سائر ذلك.
4- فمن اجاز ذلك فقد كفر و اما ان يكون او جب على نفسه ما لم يوصيه الله تعالى عليه فهذا عظيم لا يحل.
و نسألهم حينئذ عمن التزام بصلاة سادسة او حجا الىغير مكة او في غير اشهر الحج و كل هذه الوجوب تعد لحدود الله و خروج عن الدين وا لمفرق بين شيء من ذلك قائل في الدين بالباطل.
ثم يقول الإمام ابن حزم بالرد على حجج اصحاب الرأي الثاني، القائل بان الأصل هو صحة كافة العقود و الشروط فلا يحرم منها سوى ما دل عليه الشرع من تحريم او ابطال نصا او قياسا اما قول الله تعالى :
( اوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا)
( كلما عاهدوا عهدا فنبذ فريق منهم)
( و الموفون بعهدم اذا ما عهدوا)
و الحديثان اللذان فيهما
( اوفي بنذرك) ..... و ذم اللذين ينظرون و لا يوفون.
( و الخبر فيمن اعطى به ثم غدر) فان هذه الجمل قد جاء نص آخر يبين انها ليست على عمومها و لكنها في بعض العهود و بعض العقود و بعض النذور و بعض الشروط و هي قول رسول الله ص لا نذر ( من نذر ان يطع الله فليطع و من نذر من يعص الله تعالى فليعصه)
مع ما ذكرنا من توله ص كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل فصح في هذه النصوص ان تلك الآيات انها هي فيمن شرط او نذر او عاهد او ما جاء القرآن او السنة بالزامه فقط.
ثم يبين الإمام المعنى المتقدم بالأمثلة فيقول
و باليقين تدري ابن حزم على نفسه ان يتروح على امراته او ان لا يغيب عنها فقد حرم ما احله الله تعالى و ما امره الله تعالى.
( فانكحوا ما طاب الله لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع )
و قال تعالى:
( او ما ملكت ايمانكم فانهم غير ملومين)
و قال تعالى ( اسكنوهم من حيث سكنتم)
و كذلك من عهد على تأمين ما لا يحل تأمينه على ابقاء مال في ملك ما لم يحل له تملكه و على اسقاط حق الله تعالى فانه يكون قد عقد على معصية و سمي الحلال حراما و الحرام حلالا و القرآن قد جاء بتكذيب من فعل ذلك.
ثم يتعرض ابن حزم لحديث الرسول ص
( المسلمون عند شروطهم) ، فيراه غير صحيح ثم يقرر ابن حزم في هناية ما كتبه فلما قام البرهان بكل ما ذكرنا وجد ان كل عقد او شرط او عهد او نذر التزمه المرء فانه ساقط مردود و لا يحرمه منه شيء اصلا الا ان يأتي نص او اجماع على ذلك الشيء الذي التزمه بعينه و اسمه فاذا جاء نص او جماع بذلك لازمه و الا فلا.
و الأصل براءة الذمم ، من لزوم جميع الأشياء الذي ما التزمنا اياه النص او اجماع.
فان حكم حاكم بخلاف ما قلنا نسخ حكمه و رد بامر النبي ص اذ يقول ( من عمل عمل ليس عليه امرنا فهو رد)
و مفاد ما تقدم ان ابن حزم يستند في رأيه الى الإستصحاب حيث يستصحب الأصل و هو براءة الذمة في جميع الإلتزامات فلا يكون هناك حقا لأحد قتل آخر الا اذا كان مستمدا من الشارع و الذي يعد هو مصدر الإلتزام و الإلزام غير ان ابن الحزم،عندما تكلم عن ابطال القياس و رد كلام قد يفهم منه عكس ما رأى فيما تقدم.
فقد قال ان احكام الشريعة كلها من اولها الى اخرها تقسم على ثلاثة اقسام لا رابع لها و هي فرض لا بد من اعتقاده و العمل به مع ذلك .
2- و حرام من اقتناؤه قولا و عقدا و عملا
3- و حلال مباح فعله و مباح تركه
فهذه اقسام الشريعة الإسلامية باجماع كل مسلم و بضرورة وجود العقل في القسمات الصحيحة الى ورود السمع الى اذ لا يشك في ذلك فقد قال عز و جل.
( خلق لكم ما في الأرض جميعا)
( و قد فصل لكم ما حرم عليكم الا ما اضطرتم اليه ) فصح بهاتين الآيتين ان كل شيء في الأرض و كل عمل هو مباح حلال، الا ما فصل الله تعالى لنا تحريمه باسمه نصا عليه في القرآن كتحريم الميتة و السنة النبوية و اجماع الأمة كلها المنصوص على اتباعه في القرآان فان وجدنا شيئا حرمه النص بالنهي عنه او الإجماع باسمه حرمناه و ان لم نجد شيئا منصوصا على النهي عنه باسمه و مجمعا عليه فهو حلال بنص الآية الأولى.
وقد اكد الله تعالى هذا في غير موضوعه في كتابه فقال عز و جل ( يا ايها الذي آمنوا لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم و لا تعتدوا فان الله لا يحب المعتدين)
فبين الله تعالى ان كل شيء حلال لنا الا ما نص على تحريمه و نهانا ص عن اتداء ما مرنا تعالى به فمن حرم شيئا لم ينص الله تعالى و لا رسوله ص على تحريمه و النهي عنه و لا اجمع على تحريمه فقد اعتدى و عصى الله تعالى.
فقال الله تعالى ، ( يا ايها اللذين امنوا اطيعوا الله و اطيعو رسوله واولي الألباب منكم فان تازعتم في شيء فردوه الى الله و رسوله )
فبين الله تعالى ان ما امرنا به في القرآن او على لسان نبيه ص فهو واجب طاعته و ضد الطاعة المعصية فمن لم يطعه فقد عصى و من لم يفعل ما امر به فلم يطع و نهانا عن ان نسأل عن شيء جملة البتة و لم يدعنا في رأس فصح ان ما لم يأت به نص او اجماع فليس واجبا علينا.
فأي شيء بقي بعد ذلك؟ و هل في العالم نازلة تخرج من ان يقول قائل هذا اوجب؟ فنقول له ان اثبت على ايجابه بنص من القرآن او بكلام صحيح عن الرسول ص او اجماع فسمعا و طاعة وهو واجب و من ابى عن ايجابه بنص او اجماع فانه كاذب و ذلك القول ليس واجب.
او يقول قائل هذا حرام فتقول له اثبت عن النهي عنه بنص او اجماع فهو جرام و سمعا و طاعة و مناراد استجابته حينئذ فهو آثم كاذب عاصي و ان لم يأت عن النهي عنه بنص و لا اجماع فهو كاذب فهذا الشيء ليس حراما.
نستفيد ان الأصل في العقود الإباحة ما لم يأتينا نص مخالف و معاد ما اورده ابن حزم وجوب قسم من الأحكام الشرعية. هي المباح و التي لم يرد نص او اجماعا على تحريمها افلا تدخل العقود و الشروط التي لم يرد ذكرها في النصوص عليها او تحريما في هذا القسم المباح؟
فاذا قيل ان العقود و الشروط لا تصح و لا تحل الا ما يدل على حلها دليل شرعي خاص من نص او اجماع او قياس عند للورود فهو قول باطل لأن الكتاب و السنة دلا على صحة العقود و القروض التي وقعت في حالة الكفر و امر الله بالوفاء بها اذا لم يكن فيها بعد الإسلام شيء محرم و لهذا اتفق المسلمون على ان العقود التي عقدها الكفار يحكم بصحتها اذا لم تكن محرمة و ان كان الكفار يعقودها باسم الشارع او كانت العقود لا تصح الا بشرط ليحكموا بفسادها و ايضا ان المسلمين اذا فقدوا.
و ان كان العاقد يعلم حينئذ تحليلها باجتهاد و لا تحليل و لا يقول احد لا يصح العقد الا الذي يعتقد يعتقد العاقد ان الشارع احله.
فلو كان اذن الشارع الخاص شرطا في صحة العقود و لم يصح عقد الأبعد ثبوت اذنه.
كما لو حكم الحاكم يعتبر اجتهاد فانه آثم و ان كان قد صادق الحق .
و بعد ان بينا ادلة الإتجاه الول و بعض الردود عليه نذكر بعض الفقهاء و الإمامية تأخذ بالإتجاه الأول و يظهر هذا الوضوح في كتاب ( مفاتيح الأصول).
محاضرة رقم 3
اليوم سوف نرى الإتجاه الثاني و الذي يذهب الى ان الأصل في العقود و الشروط الجواز و الصحة ، و لا يحرم و يبطل فيها الا ما دل على تحريمه و ابطاله نص او قياس عند من يأخذ بالقياس و هذا هو مذهب الأحناف.
و ورد لكتاب تأمين الحقائق للإمام ابن تيمية : و لا يسلم ان حرمة البيع هي الأصل، بل الأصل هو الحل ن و آية ذلك ( و احل الله البيع و حرم الربا) ، فالرأي الثاني يستخلص ان كل العقود جائزة و دليلها ان البيع و هو احد اناع العقود و معنى ذلك .............. و كلمة البيع بها ( ال) و اذا اضيفت (ال) فمعنى ذلك انها ليست لكل البيوع و انما تخصص من المشرع، فالعبارة الأصلية ان تكون كل العقود حلالا الا اذا ورد نص خاص او اذا ورد قياس، و قال الإمام ابن تيمية اننا لا نسلم ان حرمة البيع هو الأصل و انما الأصل هو الحل.
لأن الأموال خلقت للإبتذال ( الإنفاق) فيكون باب تحصيلها مفتوحا فيجوز كل تصرف فيها ما لم يقم الدليل على منعه بخلاف النكاح، لأن الملك فيه يرد على البضع و هو عقد الأصل فيه هو الحرمة و انما احله الله و هو النكاح.
و هذا القول يدل على صحة التصرفات المتعلقة بالأموال اصلا بخلاف التصرفات المتعلقة بالإبضاع ( محل العقد الزوجة) للفرق بين محل الأولى و محل الثانية.
ويقول ملك العلماء الكاساني ( في البدائع) : و روي عن النبي ص انه قال ( المسلمون عند شروطهم) فظاهره يقتضي لزوم الوفاء بكل شرط الا ما خص بدليل لأنه يقتضي ان يكون كل مسلم عند شرطه و انما يكون كذلك اذا الزمه الوفاء به ، و هذا لأن الأصل ان تصرف الإنسان يقع على الوجه الذي اوقعه اذا كان اهلا للتصرف و المحل قابلا و لا ولاية عليه لأحد.
هناك عبارة في مدونة جستنيان تقول : الإنسان عبد توقيعه ، فقبل ان توقع على الورقة انت حر اما اذا اخذتك الحمية فاصبحت عبدا لهذا التوقيع.
كما قال الكاساني : عند الكلام على مشروعية شركة الأعمال و الوجوب ( و هي نوع من انواع الشكرات الإسلامية )، حيث قال: ان الناس يتعاملون بهذين النوعين من سائر الإعصار من غير انكار عليهم من احد و قال عليه الصلاة و السلام: ( لا تجتمع امتي على غلط) ، لأنهما اشتملا على الوكالة و الوكالة جائزة و المشتمل على جائز فهو جائز ، و يقول عن مشروعية عقد المضاربة: ان الناس يحتاجون الى عقد المضاربة لأن الإنسان قد يكون له مال و لكن لا يهتدي الى التجارة، و قد يهتدي الى التجارة و لكن لا مال له، فكان في تشريع هذا العقد دفع الحاجتين و الله تعالى ما شرع العقود الا لمصالح العباد و دفع حوائجهم.
هذا و قد عرف القانون الوضعي نوع قريب من شركة المضاربة موجود في نطاق استثمار الأراضي الزراعية و هو ما يسمى بعقد المزارعة ( اي لدي ارض لا اتمكن من زراعتها بنفسي، فآتي اليك و اطلب منك ان تقوم بزراعتها ، و هناك صورة عن احكام القضاء المصري تشير الى ذلك ، و هي انه يوجد فلاح يعرف في تربية المواشي و ابن عمه مهندس يقطن في القاهرة، و ذهب المهندس الى ابن عمه الذي في الريف و اتفقا على شراء عجل صغير بحيث ان على الفلاح ان يقوم بتربيته، و قام بذلك فارتفع سعرها، فالقضاء المصري كيف هذه الشركة على انها شركة من شركات المحاصة).
تلك العبارات التي اثبتناها للأحناف تثبت ان الأصل في العقود لديهم هو الصحة، فصحة التصرف لا تتوقف على قيام الدليل الخاص الذي يدل على صحته بل يكفي لصحته ان يكون مشتملا على فائدة مقصودة و محصلا للمصلحة مع انتفاء المانع الشرعي للصحة ، و هذا هو ذات موقف الشافعية و المالكية فالأصل في الأفعال العادية هو الإباحة و الجواز لأنها ليست بعبادة و انه لا يحرم شيء منها الا بدليل معين يدل على التحليل مستندا الى قوله تعالى ( خلق لكم ما في الأرض جميعا ) ، و غيرها من الأدلة المثبتة لهذا الأصل و لا شك ان العقود و التصرفات تعد من الأعمال العادية فيكون الأصل فيها عندهم الجواز والصحة الا ما قام دليل شرعي على حظره او تحريمه او فساده.
و يقول الإمام الشاطري ( مالكي) ، ان القاعدة المستقرة بين العلماء هي التفرقة بين العبادات و المعاملات فالأصل في الأول الا يقوم عليها الا باذن اذ لا مجال للمعقول في اختراع للتعبدات و الأصلفي الثانية الإذن حتى يدل الدليل على خلافه.
و يقول الفخر الرازي الشافعي في تفسيره لقوله تعالى ( و لا تفسدوا في الأرض بعد اصلاحها) ، هذه الآية دالة على ان كل عقد وقع التراضي عليه بين الخصمين فانه انعقد وصح و ثبت رفضه بعد ثبوته يكون افسادا بعد اصلاح و النص الدال على انه لا.
اذا ثبت هذا فنقول ان مدلول هذه الآية من هذا الوجه متأكد بعموم قوله تعالى ( اوفوا بالعقود ) و بعموم قوله تعالى ( لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا مالا تفعلون).
و تحت سائر العمومات الواردة في ركوب الوفاء في العقد و العهود اذا ثبت هذا فنقول ان وجدنا نصا دالا على ان بعض العقود التي وقع التراضي به من الجانبين غير صحيح قضينا فيه بالبطلان تقديما للخاص على العام و الا حكمنا فيه بالصحة رعاية المدلول هذه العموميات.
هذا الإتجاه الثاني هو الإتجاه الغالب في الفقه الإسلامي بل و نستطيع ان نقول انه الإتجاه الصحيح الذي يتفق ابن تيمية مع دلالات الكتاب و السنة و الإجماع و الإستصحاب و الدليل النافي.
1- اما الكتاب فقال الله تعالى ( يا ايها الذين آمنوا اوفوا بالعهود)
فقد امر سبحانه بالوفاء بالعهود و هذا عام و كذلك امرنا بالوفاء بعهد الله و بالعقد و قد دخل ذلك فيما عقده المرء على نفسه بدليل قوله تعالى ( و لقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار و كان عهد الله مسؤولا )
و تدل على ان عهد الله يدخل فيما عقده المرء على نفسه لم يكن الله ينفذ ذلك المعهود عليه قبل العهد كالنذر و البيع انما امر بالوفاء به و لهذا قارن الصدق في قوله تعالى و اذا قلتم فاعدلوا و لو كان ذا قربى و يعهد الله اوفوا فاذا كانت رعاية العهد واجبة فرعايته تقتضي الوفاء به و اما الأحاديث في هذا كثيرة مثل ما في الصحيحين عند عبد الله بن عمر قال رسول الله ص ( اربع من كل فيه كان مناقفا خالصا و من كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعمان اذا حدث كذب و اذا وعد اخلف و اذا عاهد غرر و اذا اخصم فجر.)
( اذا خاصم فجر: ( ما علاقة هذه الجملة بقانون اصول المحاكمات المدنية؟
علاقتها ما يعرف باللدد في الخصومة، اي سوء استعمال الحق في التقاضي .
فقد جاء الكتاب و السنة فالأمر بالوفاء بالعهود و الشروط و العقود و آداب الأمانة و رعاية ذلك و النهي عن الغدر و بعض العهود و الخيانة و التشديد على من يفعل ذلك و اذا كان جنس الوفاء و رعاية العهد مأمور به علم ان الأصل صحة العقود والشروط اذ لا معنى للتصحيح الا ما ترتب عليه اثره و حصل به مقصودة و معقودة العقد هو الوفاء به فاذا كان الشارع قد امر بمقصود العهود ولت على ان الأصل فيها الصحة و الإباحية.
و قد روى عن الرسول ص انه خرج الصلح جائز بين المسلمين الأصلحا حرم حلالا او احل حراما و المسلمون على شروطهم الا شرطا حرم حلالا او احل حراما و هذا المعنى هو الذي يشهد له الكتاب و السنة و هو حقيقة المذاهب فان المشترط ليس له ان يبيح ما حرمه الله و لا يحلل ما اباحة الله فان شرطه حينئذ يكون مبطلا لحكم الله .
و هذا المعنى و الذي يشهد له الكتاب والسنة و هو حقيقة المذهب و الحنبلي فان المشترط ليس له ما يبيح ما حرمه الله او يحرم ما حلله الله فان شرطه يكون مبطلا للحق.
3- الإعتبار و هو يتضمن وجوب
أ- العقود و الشروط من باب الأفعال العادية و الأصلفيها عدم التحليل و يستصحب عدم التحريم فيها حتى يدل دليل على التحريم و قوله تعالى و قد فصل لكم ما حرم عليكم عام في الإعمال و الأفعال و اذا لم تكون حراما لم تكن فاسدا لأن الفساد انما ينشأ عن التحريم و اذا لم تكن فاسدة كانت صحيحة.
و ايضا فليس بالشرح ما يدل على تحريم العقود و الشروط الا ما ثبت حله بعينه و ان انتفاء دليل التحريم دليل على عدم التحريم فثبت بالإستصحاب العقدي و انتفاء الدليل الشرعي عدم التحليل فيكون فعلها اما حلالا و اما عفوا فالعهود يجب الوفاء بها اذا لم تكن محرمة و الا لم يثبت بشرع خاص فاذا حرمت العهود و الشروط التي تجري بين الناس في معاملاتهم العادية في غير دليلهم الشرعي كنا محللين ما لم يحلله الله.
ب- ان الأصل في العقود رضى المتعاقدين و موجبها هو اوجب على انفسهما بالتعاقد لأن الله تعالى قال في كتابه العزيز.
( الا ان تكون تجارة عن تراضي منكم)
اذا ، لم يشترط في التجارة الا التراضي و ذلك يفضي ان التراضي هو المبيح للتجارة و اذا كان كذلك فاذا ترضى المتعاقدين بتجارة او طابت نفس المتبرع يتبرأ فلا تحله بدلالة القرآن الا ان يتضمن ما حرمه الله و رسوله كالتجارة بالخمر و نحو ذلك .
ج- و اذا يشتمل العقد على شرط مناف لمقصود العقد لم يكن لغوا و اذا لم يشتمل على ما ينافي مقصود الشارع لم يكن لغوا ايضا و كذلك لم يشتمل على ما حرمه الله و رسوله فلا وجه لتحريمه بل الواجب حله لأنه عمل مقصود للناس يحتاجون اليه اذ لولا حاجتهم اليه لما فعله فان الإقدام على الفعل مظنة الحاجة اليه و لم يثبت تحريمه مباح لم افي الكتاب و السنة مما يرفع الحرج و على ذلك فان مقصود العباد من المعاملات لا يبطله الشارع الا مع التحريم لأنه لا يصححه الا بتحريم.
و ايضا فان المسلمين اذا تعاقدوا بينهم عقودا ولم يكونوا يعلمون لا تحليلها و لا تحريمها فان الفقهاء و جميعهم يصحبونها اذا لم يعتقدوا.
و لا يقول احد لا يصح العقد الا الذي يعتقد ان الشارع احله فلو كان اذن الشارع الخاص شرطا في صحة العقود لن يصح عقدا الا بعد ثبوت اذنه و هذا غير صحيح.
هذا و قد اشرت من قبل الى ان علماء الإمامية يميلون الى الإتجاه الأول ( المقيد) فمن الصعب ان ينتزع مبدأ حرية التعاقد من الفقه الإسلامي الجعفري فلا يوجد من النصوص و القواعد العامة ما يسمح بادخال كل ما هو مستحدث فالنصوص التي اقرت العقود و امرت بالوفاء بها ذلك لأن الشارع كما اقر مبدأ به ما هو متعارف بين الناس في التعامل و المتاجرة قد وضع من ناحية ثانية بعض العقود و الحدود و الغى بعض الوسائل التي كانت تستمعل في البيع و الشراء و ذلك مما يؤكد انه لم يترك للناس الحرية المطلقة في استمال ما يشاؤون في معاملاتهم و عقودهم.
غير ان الإجتهاد الحديث في فقه الإمامية يميل الى الأخذ بالإتجاه الثاني و هو اتجاه غالبية الفقهاء في مختلف المذاهب فيقول بعض علماء السنة ( و اقصى ما يمكن ان يقال لإثابت مشروعية العقود المستحدثة هو ان النصوص الإسلامية لم يرد فيها ما يقتضي حصر العقود و في نوع او صنف لنصوصه و لم يعين نوع العقد و البيع و التجارة بل امرت بالوفاء بالعقود و احلت التجارة و فرضت على المسلمين ان يلتزموا بشروطهم و التزاماتهم من ان نتعرض لأنواع تلك العقود و اصنافها و لا ماهية التجار و لا لشكل الإلتزام و موضوعه.
قال تعالى:
( يا ايها الذي آمنوا اوفوا بالعقود )
( اصل الله البيع و حرم الربا)
( لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا تكون تجارة عن تراضي منكم)
و قال الرسول ص ( المسلمون عند شروطهم) الى غير ذلك من النصوص المشابهة في هذه الناحية والمعولم ان الناس قبل عصر التشريع كانوا يتعاملون بينهم بالبيع و الشراء و يتعاقدوا بجميع الأنواع الشائعة فلا بد ان يكون الذي يجب الوفاء به البيع المحل لهم و التجارة المسوغة لأكل المال و الإلزام الذي يجب تنفيذه هو ما يسمه الناس عقدا او بيعا و تجارة و التزاما في عصرهم و في جميع العصور حسب حاجات الزمن و مقتضيات الحال و كل ما في الأمر ان الحاجة لم تدعوا في عصر التشريع و قبله الا لتكل الأصناف من العقود.
فاذا دعت في عصر من العصور الى صنف من العقود كما حدت بالفعل فاذا دعت في عصر من العصور الى صنف من العقود كما حدت بالفعل في عصورنا المتأخرة يقول المستحدث فرضا للعقد الذي يجب الوفاء به بمقتضى النص الآية و بتعليق اكثر وضوحا هو انه بعد ان فرضنا ان المشترع لم يخترع انواعا و اصولا للتعامل تسمى عقدا وبيعا كما هو الحال في العبادة المقترحة لتبني الوقوف عندها فيما لو وردت في آية او رواية بيعا او عقدا. او تجارة و ما دام الأمر متروكا الى العرف فكل ما تفرضه حاجة المجتمع و يستعمله الناس و يسمونه عقدا يكون مشمولا لتلك الأدلة العامة التي جاءت لإفضاء ما هو متعارف بين الناس في مقام التعامل و الإتجار.
قال الشيخ محمد حسني الأصفهاني في شرحه المكاسب الأنصاري ما يلي ( ان البيع و ان كان موضوعا للنقل المؤثر من دون خصومة لنظر دون نظر الا ان الخطابات الشرعية حيث انها القيت الى العرف فلا بد من حملها على النقل المؤثر عندهم فالشارع في مخاطباته انما يخاطب اهل العرف وا لمعنى الذي يعرفونه فلو اراد خلاف ما عليه اهل العرف لزم عليه نص قرينة و عليه ينبغي النقل العرفي في جميع الأحكام و الآثار المترتبة على النقل الشرعي و نص غيره من فقهاء الإمامية على ان البيوع و العقود الواردة في النصوص الشرعية يراد منها ما هو عقد و بيع بنظر العرف.
( خذ العقد و امر بالعرف) فالعرف دليل شرعي على كافة الأحكام ) ( المعروف عرفا كلامشروط شرطا و المنصوص نصا)
محاضرة 1\6\2005 محاضرة رقم 4
الضابط الأول لصحة المعاملات
عدم اشتمال المعاملة المالية على مقامرة او رهان ( و يسئلونك عن الخمر و الميسر قل فيهما اثم كبير و منافع للناس و اثمهما اكبر من نفعها ) و سورة البقرة آية 219
( يا ايها الذين امنوا انما الخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) سورة المائدة
( انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة و البغضاء في الخمر والميسر و يصدكم عن ذكر الله و عن الصلوة فهل انتم منتهون) سورة المائدة آية 91
و من نهاية الآية 91 سورة المائدة ( فهل انتم منتهون) هي التي تضمنت هذا التحريم .
و اذا كان تحريم الخمر لم يثر ادنى جدلا مع تطور الدنيا الا ان تحريم الميسير على العكل قد اثار العديد من التساؤلات ازاء ما تمخضت عنه التطوارات الحديثة من اشكال و صور عدة للمعاملات قد تثير شبهة اختلاطها بالمقامرة و الرهان.
كما لا بد من الإشارة الى موقف القرآن الكريم من الميسر و ثم يتلو ذلك مدى انطباق حكم القرآن على بعض الصور العديدة للمعاملات الذي يثار مدى شبهة تضمنها لمعنى الخمر الميسر.
هي الميسر لغة: تيسر كذا او استيسر اي تسهل و تهيأ و الميسر هو السهل و اليسر و الميسور السهل والميسر عبارة عن و اليساراخت اليمين، و الميسر مأخوذ من التسير و هو ورود الشيء لصاحبه، يتسر لي كذا، اذا وجد فهو تيسرسيرا ، او ميسرة و هو مشتق من اليسر لأنه اخذ مال الرجل و سهولة بغير كد او تعب او من اليسار لأنه سلب يساره.
و الميسر اللعب بالقداح و اليسر المسير المقدوا و البشر المكتئبون على الميسر والجمع ايسر و الياسر الذي يلي قسمة الجذور والجمع ايسر و قد يسر، و يشتري الناقة
تشتر الجذور ( الناقة ) و يضمن الإيسار ( اللاعبين) ثمنها و يرضى صاحبها و كانوا يفتخرون بذلك و يجذمون من لم يفعل ذلك منهم ، و في احيان ربما تقامروا لإنفسهم ثم يغرم الثمن من لم يفز و يعيش بهذه السيرة فقراء الحي و منه قول الأعشى .
فسورة الميسر و على ضوء المعلومات التي وردت لكتب التفسير و الأدب ان يجتمع عشرة من اللاعبين و يحضروا جذورا يضمنون ثمنها لصاحبها و يدفع الثمن بعد المياسرة المغارمون وحدهم ، و تجعل القداح العشرة في خريطة و تجال (تخلط) و تحرك فيها ثم يخرج المفيض ( الذي يمسك القداح) اول قدح باسم احدهم على ترتيب لا نعلمه ، فربما كان بحسب جلوسهم ، او سنهم او تراضيهم ، و يكون هذا القدح هو مصيره فان كان رابحا عرف مقدار الربح، و بقى القدح خارج الخريطة (الربابة) ثم يخرج قدحا باسم الثاني و يعرف مقدار ربحه و هكذا الى عشرة و كل رابح يأخذ ما خرج اليه و الثلاثة اللذين تخرج لهم القداح التي لا نصيب لها هم اللذين يغرمون ثمن الجذور فيقسم عليهم اسلافا،
و كانوا يوسرون ليلا ، حيث يقيدون النار و قد عقروا ناقة و على مقربة منهم فقراء العشيرة ينتظرون ما يرمي به الأيسار من انصبتهم التي حرموها على انفسهم كرما و انفة و التصدق باللحم هو النفع الذي ذكره القرآن الكريم ، يسألونك عن الخمر و الميسر و منافع للناس (سورة الميسر)
يتبين مما تقدم ان العرب قبل الإسلام قد ولعوا بالميسر مباهاة و مفاخرة و عطفا على المحتاجين و من هنا ظهرت المنافع التي نصت عليها الآية فلقد كان الغرض نافع على عكس عادات الدول الأخرى التي كانت اشد ولعا من العرب في الميسر و لم هناك نفع و يذكر التاريخ ان قدماء الجرمان كانوا يتقامرون على كل ما يملكون فاذا نفذ تقامروا على حريتهم ، فيصير المغلوب عبدا للغالب و كذلك كان الحال لليونان، و لكن العرب تفردوا بالغرض النبيل للعب الميسر و لكن لا يخفى بالجملة ميسر العرب من مفاسد ، فالغالب انه يتسبب عنه ، العداوة و البغضاء بين المتياسرين ، و انه استيلاء على مال الناس بغير حق و لا طريق مشروع ، و حتى الكرم الذي في الميسر ليس خالصا كما يكرم الشخص من ماله الصرف عن قصد وراءه.
موقف القرآن الكريم من الميسر
ورد في كتب اسباب النزول ، ( كتب اسباب نزول الآيات) ان الآية 219 من سورة البقرة نزلت في عمر بن الخطاب و معاذ بن جبل و نفر من الإنصار اتو رسول الله صلعم ، فقالوا افتنا في الخمر و الميسر فانه مذهبة للعقل مفسدة للمال.
فانزل الله تعالى هذه الأية ، و الملاحظ ان اية سورة البقرة انها بينت للسائلين و هم هنا المؤمنون ان افي الخمر و الميسر اثم كبير و منافع للناس و اثمهما اكبر من منفعهما فاما الإثم في الميسر انه يفضي الى العادوة و ايضا لم يجريه بينهم من الشتم و المنازعة و انه اكل مال بالباطل و ذلك يورث العداولة لأن صاحبه اذا اخذ ماله مجانا ابغضه جدا ، و هو ايضا يشغل عن ذكر الله و عن الصلاة و اما المنافع في الميسر فهي كما يقول احد الأئمة ، التوسعة على ذوي الحاجة لأن من قمر لم يأكل من الجذور ، و انما كان يوزعه على المحتاجين و ذكر الواقدي ان الواحد منهم كان ربما قضى في المجلس الواحد مئة بعير ، و يكسبهم فيحصل على مال من غير كد و تعب ثم يصرفه الى المحتاجين فيكسب منه المدح و يكتب به شعر.
و في قوله تعالى : و اثمهما اكبر من نفعهما ، فان الإثم اكبر من النفع و اعود بالضرر في الآخرة ، فالإثم الكبير بعد التحريم ، و المنافع قبل التحريم.
الآية 91 من سورة المائدة : يا ايها اللذين آمنوا ، فلم يقل يا ايها الناس و انما بدأ بالنداء المألوف في هذا القطاع ، لإستجاشة قلوب المؤمنين من جهة و لتذكيرهم بمقتضى هذا الإيمان من الإلتزام و الطاعة من جهة اخرى ، فالنداء اذا للمؤمنين الذي اقروا بالإيمان و عليهم الإذعان الى الأمر التالي:
فقال تعالى انما الخمر و الميسر. هنا اكد المولى عز و جل تحريم الميسر و قال لنا في عبادة الأصنام ، و قوله تعالى رجس . فان رجس لغة كل ما استقظر من العمل ، فقول رجس من عمل الشيطان ، فان الرجس هو الذي يلزم اجتنابه اما لقبح ، او لجناسته ، ما يفعل به من عبادة او تعظيم.
و قوله تعالى من عمل الشيطان ، لأنه يدعو اليه و يأمر به ، فالشيطان لا يأمر الا بالمعاصي و القبائح و المحرمات،
و قوله انما يريد الشيطان ان يوقع بينهم العداوة و البغضاء في الخمر و الميسر فانما يريد به ما يدعو الشيطان به و يزينه من شرب الخمر حتى يسكر شاربها فيقدم على القبائح و يعربد ، فيؤدي الى العداوة و البغضاء و كذلك القمار فيؤدي الى ذلك ،
( كان الرجل يقامر في ماله و اهله ، فيقمر و يبقى حزينا سليبا فيكسبه ذلك العداوة و البغضاء)
و لقد تنبه الإمام القرطبي وجود فارق بين الخمر و الميسر حيث قال :
فان قيل ان شرب الخمر يورث الثأر فلا يقدر معه على الصلى و ليس في اللعب بالنرد و الشطرنج ، هذا المعنى ، قيل له قد جمع الله تعالى بين الخمر و الميسر في التحريم و وصفه جميعا بانه يوقعان العداوة و البغضاء بين الناس و يصدان عن ذكر الله و الصلاة و معلوم ان الخمر ان اسكرت فالميسر لا يسكر ، ثم لم يكن عند الله ، افتراقهما في ذلك يمنع من التسوية بينهما في التحريم ، لأجل ما اشترك فيه من المعاني ، و ايضا فان قيل ان قليل الخمر لا يسكر ، كما ان اللعب بالنرد و الشطرنج لا يسكر ثم كان حراما مثل الكثير فلا ينكر ان يكون اللعب و الشطرنج حراما مثل الخمر و ان كان لا يسكر ، و ايضا فان ابتداء اللعب ، يورث الغفلة، فتقوم تلك الغفلة المستولية على القلب مكان السك
القانون المدني المقارن
ضوابط العقد: هو التي تحكم المعاملات المالية
فيجب ان لا تتضمن هذه المعاملات :
1- غرر
2- اخلالا في التوازن بشكل فاحش
3- مقامرة او رهان
ضوابط العقود في الفقه الإسلامي و الغربي:
في العقود المدنية ما يسمى بالعقود المساة . يقابلها العقود غير المسماة. و العقد غير المسمى هو الأهم. لأنه يترجم مبدأ يسمى بمبدأ حرية التعاقد او التعامل. انما العقد المسمى المشرع حصر احكامه. ولكن حرية التعاقد سمحت بان تبرم العديد من العقود و نضع لها ما نشاء من احكام ضمن النظام العام و القوانين الإلزامية.
القانون الروماني ابو القوانين الغربية لم يكن يعرف العقود غير المسماة و لم يعرف مبدأ حرية التعاقد. اما القرآن فهو او لما نزل ، انزله معه احرية التعامل و التعاقد.
حرية التعاقد في الفقه الإسلامي:
اي هل عرفت الشريعة الإسلامية هذا المبدأ او لم تعرفها كما في القانون الروماني.
ان العقود المسماة هي ترجمة فعلية حقيقية لمبدأ سلطان الإرادة و الذي من نتائجه ان تكون الإرادة حرة في انشاء ما تشاء من عقود مهما كان موضوعها ، غير مقيدة بتلك الأنواع من العقود المسماة التي نظمها المشرع في القانون الوضعي الحديث، و لكن هل عرفت الشريعة هذا المبدأ، و هل العقود في الفقه الإسلامي مذكورة على سبيل الحصر فلا تملك الإرادة عندها انشاء عقود اخرى؟
الثابت من مطالعة كتب الفقه الإسلامي ان العلماء قد افردوا بكل عقد من العقود كتابا او فصلا او بابا، و في ترتيب معين ، ول م يقدموا لهذا اكله نظرية عامة للعقود و لذلك كانت العقود في الفقه الإسلامي و هي عقود مسماة ، اتت عقدا يتلو آخر دون ترتيب منطقي لهذا التتابع ، حتى يخيل للباحث ان الفقه الإسلامي لا يعرف سوى تلك العقود المسماة التي ردت في مؤلفات عملائهم ، و ان اي اتفاق لا يندرج تحت مسمى ***.
دراسة كل عقد بمقدمة يحرصون فيها على بحث شرعية العقد، و اسناد تلك الشرعية مرة على النص و مرة على الإجماع او العرف او غير ذلك من الأدلة فهل يعني ذلك ان حرية التعاقد في الفقه الإسلامي قاصرة على تلك العقود المسماة ، و ان هذا الفقه لا يعرف عقودا اخرى غير مسماة؟
المبدأ في الفقه الإسلامي حرية التعاقد. فان كل متعاقد في حدود الشرعية الإسلامية و في حدود الضوابط التي سندرسها يحق له ان يتعاقد كما شاء.
اما الخلط الناشئ عن الكتب التي تتكلم حصرا عن بعض العقود المسماة فقط. فأول ما يتكلموا عن العقد تكلموا عن شرعيته. فان كل العقود التي تخالف هذه الشرعية تعتبر باطلة في الشريعة الإسلامية اي عقود غير شرعية.
و لكن من غير الممكن ان نحصر العقود فيما هو شرعي او غير شرعي.
الشريعة نزلت الى قبائل همجية لديها فراغ فكري و قانوني ، و القرآن بما اشتمل عليه من احكام جديدة نزل على شعب ليس لديه شيء. هذه مقدمة خاطئة و خطورتها ان تعتبر هذه الأحكام بانها نزلت مرة واحدة و دون مراعاة للناس.
و لكن الشريعة و بالذات احكام المعاملات المالية، كانت موجودة في الجزيرة العربية. فكانوا يعلمون الزوالج و الطلاق بارادة منفردة و تعدد الزوجات و التجارة و عقود البيع و عقود الإيجار التي تقع على اشياء او على اشخاص.
ففي دراسة احكام الفقه الإسلامي، يجب ان نقول ان هذه الشريعة لم تنزل عىل قبائل همجية لديها فراغ قانوني و فكري. و الدليل هو الميسر: خلو المعاملة المالية من ضابط المقامرة و الرهان.
" انما الخمر و الميسر رجس من عمل الشيطان فاجتنبه " سورة التحريم
فالآية نزلت على قبائل تعرف نظام الميسر.
فهل الأعمال الحالية هي شبيهة بالميسر؟
الميسر الذي نزل تحريمه كان عبارة عن الآتي: انه في وقت الشدة عندما يقل الرزق و القبائل العربية كان فيها مجموعات كثيرة من الفقراء و ايضا يوجد فيها اغنياء يريدون ان يضعوا معروفا لهؤلاء الضعفاء.
فمجموعة من التجار الأغنياء ينزلوا على حي من الأحياء ليلا و يشتروا ناقة من تارجا و لكن لا يدفعوا فورا بل ، يتفقوا مع جزار بان يذبح الناقة و يقسمها الى اجزاء و يتقامروا على هذه الأجزاء وفق طريقة معينة.
فالخاسرين هم الذي سيحملون ثمن الناقة بشرط ان لا يأكل الرابحون من الناقة بل توزع على الفقراء.
فما كان الميسر الا سبيلا لتوزعة المال على الفقراء . و مع ذلك نزل عليه التحريم. صحيح انه افراج للفقراء . و لكن هذا الإفراج عن طريق اعمال غير مشروعة.
و الشعوب الجرمانية و القبائل الأوروبية عرفت نظام القمار.اذا نفذ منه المال ، تاجر بزوجته و اذا خسر زوجته، قامر بحريته و اذا خسر حريته اصبح عبدا للكاسب. هذا النوع من القمار لم تعرفه الشريعة الإسلامية.
فالشعوب قبل الشريعة لم يكونوا همج، بل عرفوا العلوم و الموسيقى و الشعر و التجارة، بل جاءت احكام الشريعة الإسلامية تعدل سلوك بعض الأحكام و المعاملات التي كانت تخالف الشريعة الإسلامية.
فجاء الإسلام ينقي و يهذب هذه المعاملات المالية و ما شابها من سوى.
لغاية اليوم اجاز الفقه الإسلامي عقدا لم يرد ذكره في كتب الفقه الإسلامي و هو عقد التأمين.
ما هو ارتباط عقد التأمين بالغرر: عقد التأمين مثال للغرر. فلا يعرف المتعاقد ما سوف يعطي و ما سوف يأخذ مقدما ( مثل التأمين مدى الحياة).
و القانون اللبناني اي قانون الموجبات والعقود ، نظم التأمين تحت باب العقود الإحتمالية او عقود الغرر .
هل اجاز الفقه الإسلامي شرعية عقد التأمين؟
كلا لأنه يتضمن نوع من انواع الغرر. و لكن مع تطور الفقه الإسلامي الحديث ، فبدون تأمين المجتمع لن يقوم ، فالمعاملات الداخلية ميزة و عنصرا اساسيا في المجتمع، فمعاش الموظف التقاعدة هو مظهر من مظاهر التأمين.
فكيف تنفصل الشريعة الإسلامية عن هذه الأنظمة؟
اثيرت هذه المسألة امام احد الفقهاء الحنفيين " زين العابدين"
حصلت هذه المشكلة التي تسمى مشكلة التأمين، فأفت الإمام ببطلان عقد التأمين لأنه يشتمل على قمار او رهان.
الأئمة الذي بعده افتوا مثله اي ببطلان عقد التأمين.
اما القوانين الوضعية ، فالتأمين فيها صحيح لأن هذه القوانين لا تأخذ في الشريعة الإسلامية من هذه الناحية.
اما في السعودية ، فالتأمين باطل لأنهم يطبقون احكام الشريعة الإسلامية.
الا انهم اضطروا للأخذ بالتأمين ببعض انواع العقود كالـتأمين على السيارات مثلا. اذا الظروف الحديثة قد تسمح للأخذ ببعض انواع العقود التي لا تحبذ لدى فقهاء الشريعة الإسلامية.
فيمكن استبدال فكرة التأمين التجاري الذي يحتوي على غرر و قمار و رهان بما هو مسمى بالتأمين التبادلي (جماعة) على ضوء الشريعة الإسلامية. فلا يمكن ابطال التأمين اذا لأنه في هذه الحالة ستبطل كل المعاملات المالية.
هل يمكن لبنك من البنوك ان لا تعامل بالربى؟
كلا ، مستحيل، المعاملة الربوية اساس من الأسس التي تقوم عليها البنوك. و لا يمكن لأي بنك ان لا يتعامل بالفائدة. حتى البنوك او المصارف الإسلامية، و لكن تحت اسم آخر غير " فائدة " مثل "عمولة"
وزارة الأوقاف كان لديها ادارة القرض الحسن : سيدة تتطلب قرض مقابل ذهب كضمان. بعد المدة المتفق عليه. ترد القرض كما هو و تأخذ مالها من الذهب. فهذا هو ما يسمى بالقرض الحسن.
من احسن الكتاب الذين كتبوا عن الربى في الشريعة الإسلامية هو الإمام محمد رشيد رضى.
حيث سئل عن حكم الشريعة الإسلامية في فوائد البنوك.
فرد عليهم مفرقا بين ربى الفضل و ربى النسيئة.
قالوا له ان النص القرآني نزل حرما ربى النسيئة، انما ربى الفضل هو مباح و ليس ممنوع.
فرد عليهم بما هو ربى الفضل و ما ربى النسيئة، و متى تكون المعاملة خالية من الربى.
مبدأ سلطان الإرادة في العقود في الفقه الإسلامي:
يسود القول في الفقه الإسلامية ان الناس احرار في انشاء العقود، اما آثارها فهي بيد الشارع يقررها و يلزم بها المتعاقدين. و معنى ذلك انه اذا اتجهت الإرادة الى انشاء عقد معين نشأ هذا العقد على حكم تلك الإرداة، اما آثاره فترجع الى حكم الشارع سواء اراد المتعاقدون تلك الآثار ام لم يريدونها.
فالشخص له الحرية في ان يبيع او لا يبيع، يشتري او لا يشتري ، و لكنه اذا اقدم على البيع او على الشراء، ترتب آثار البيع او الشراء على تعاقده سواء اراد تلك الآثار ام لم يردها.
و قبل ان تعرض لموقف الفقه الإسلامي من المسألة المعروضة نشير الى ان الفقهاء لا يفصلون في نطاق مبدأ سلطان الإرادة بين سلطانها في انشاء العقود و سلطانها في تقسيم آثار تلك العقود في العقد لديهم من قبيل الشروط و ان الشروط من قبيل العقود.
يقول ابن حزم" العقود و العهود و الأوعاد شروط و اسم الشرط يقع على جميع ذلك "
تمهيد
تبدأ حرية التعاقد بالآتي: تحديد مدلول الآية الكريمة " يا ايها الذين آمنوا اوفوا بالعقود"
و علاقتها بمبدأ سلطان الإرادة .
يقول ابن جرير الطبري ان المعنى : اوفوا بالعقود التي عاهدتموها، و العقود التي عاقدتموها اياها و اوجدتهم بها على انفسكم حقوقا و الزمتم انفسكم بها لله فروضا. فأتموها بالوفاء و الكمال و الإتمام فكم لله بما الزمكم، و لا تنكثوها فتنقضوها بعد توكيدها. و اختلف اهل التأويل في العقود التي امر الله بالوفاء بها، فقال بعضهم هو العقود التي كان اهل الجاهلية عاقد بعضهم بعضا على النصرة و المؤازلة و المظاهرة على من حاول ظلم او بغاء، و ذلك هو معنى الحلف الذي كان يتعاقد بينهم.
و قول الإمام الطبري و العقود جمعا و اهل العقد عقد الشيء بغيره و هو وصله به.
و عن ابي عباس يقول : اوفوا بالعقود يعني ما احل و ما حرم و ما فرض و ماح جدد القرآن كله فلا تخطوه و لا تنكثوه.
و عن مجاهد : اوفوا بالعقود ما عقد الله على العباد مما احل لهم و حرم عليهم و قال آخرون بل هي العقود التي يتعاقدها الناس بينهم و يعقدها المرء على نفسه . فذكر بعضهم ان العقود هي خمسة: عقدة الإيمان، عقد النكاح، عقدة العهد ، عقدة البيع و عقدة الحلف. و اضاف آخرون عقدة الشركة.
و قال آخرون ان مراد الآية لأهل الكتاب بالوفاء بما اخذ به ميثاقه من العهد. بما في التوراة و الإنجيل و في تصديق محمد صلى الله عليه و سلم.
و اول الأقوال في ذلك عندنا بالصواب ما قاله ابن عباس:
و ان معناه اوفوا ايها الذين آموا بعقود الله اتل اوجبها عليكم. و اعرفوا فيما اهل لكم و حرم عليكم و الزمكم فرضه و بين لكم حدوده.
يقول محمد رشيد رضى في تفسير المناط:
هذا اجمع كلام رأيته للمفسرين في العقود و قد تجدد لأهل هذه العصر انواع من المعاهدات تبعها انواع من العقود يذكرونها في كتب القوانين المستحدثة منها ما يجيزه المذاهب الإسلامية و منها ما لا يجيزونه لمخالفته شروطهم التي يشترطونها كإشتراط بعضهم الإيجاب و القبول قولا ، حتى و لو كتب اثنان عقدا بينهم على شيء قولا او كتابة نحو تعاقد فلان و فلان على ان يقوم الأول بكذا و الثاني بكذا من غير ذكر ايجاب و قبول بالقول و امضيا ما كتباه بتوقيع او ختم، لا يعدونه عقدا صحيحا نافذا ، و قد يصبغونه بصبغة الدين فيجعلون التزام المتعاقدين لمباح و ايفاء حماية محرما و معصية لله تعالى لعدم صحة العقد.
و يشترطون في بعض العقود شروطا منها ما يستند على حديث صحيح او غير صحيح، صريح الدلالة او خفيها ، و منها ما لا يستند الا على اجتهاد صاحبه بالرأي و يجيزوه بعض الشروط التي يتعاقد عليها نا و يمنعون بعضها حتى بالرأي.
و اساس العقود الثابت في الإسلام هو هذه الجملة البليغة المختصرة المفيدة " اوفوا بالعقود" و هي تفيد انه يجب على كل مؤمن ان يفي بما عقده و ارتبط به و ليس لأحد ان يقيد ما اطلقه الشارع الإ ببنية. فالتراضي من المتعاقدين شرط في صحة العقد لقوله تعالى " عن تراض منكم".
و اما الإيجاب و القبول فلا نص منه، و انما هو عبارة عن العقد نفسه اذ الغالب فيه ان يكون في الصيغة اللفظية قولا او كتابة و الإشارة تقوم مقام العقارة عند الحاجة كإشارة الأخرس و الفعل البغ من القول في حصول المقصد من العقد كبيع المعاطاة الذي منعه بعضهم تعبدا بصيغة الإيجاب و القبول اللفظية ، و من هذا القبيل اعطاء المال لمن بيده تذاكر السفر في السكك الحديد او البواخر و اخذ الت1كرة منه ، و مثله دخول الحمام و ركوب السفن الملاحين الى غير ذلك.
فكل فعل او قول يعده الناس عقدا فهو عقد يجب ان يوفوا به كما امر الله ما لم يتضمن تحريم ، فهو حلال او تحليل حرام مام ثبت في الشرع كالعقد بالإكراه او على احراق دار احد و قطع شجر بستان او على الفاحشة . او اكل شيء من احوال الناس بالباطل كالربى و الميسر و الرشوة.
فهذه الثلاثة منصوصة في الكتاب و السنة و عن النبي صلى الله عليه و سلم عن بيع الغرر لأنه من قبيل الميسر في كونه مجهول العاقبة.
مثلا : بيع ضربة الفائض، بيع عبد نابق (فار)، بيع الحصى ، بيع اللبن في الضرع، بيع الملامسة او المنابذة، بيع حبل الحبلة ، بيع عسب الفحل.
محاضرة رقم 2
مبدأ حرية التعاقد في الفقه الإسلامي
ينبع عن هذا المبدأ نظرية العقود المسماة و ان العقود غير المسماة هي الترجمة الفعلية لمبدأ حرية التعاقد ، فلولا هذا المبدأ لما كان يمكننا التعاقد خارج حدود هذا المبدأ.
الحياة صاخبة و متطورة ، ينشأ علاقات عديدة لا يمكن تصورها من قبل الفقهاء القدامى ، و بالتالي هناك عقود لا يمكن ايجادها في القوانين الوضعية ( كالعقد الطبي، عقد التعلم) و في الأيام المتوالية تظهر انماط مختلفة من المعاملات و الخطورة هو ان المبدأ حصري و بالتالي جميع العقود هي غير مشروعة.
و بالتالي ان المبدأ حرية التعاقد في اطار المشروعية فلا يمكن التعاقد على ما هو باطل و غير مشروع و بالتالي هو غير سليم من الناحية التعاقدية مما حمل المحاكم الفرنسية الى ابطال هكذا نوع من العقود.
و الأصل في العقود تقوم بمجرد تراضي الأطراف عليها و لو لم تكن مسماة و بما ان قانون الموجباتو العقود قد وضع في الثلاثينات و بالرغم من انه صالح ليس من الضروري لأن يشمل جميع انواع العقود.
القانون المدني المصري صدر عام 1949 هو ذاته القانون السوري و مشكلة قانون الموجبات و العقود هي الصياغة.
و الجدير بالذكر ان هناك عقود جديدة قد تطرأ و هي بحاجة الى تنظيم و هذا غير ممكن من الناحية العملية مما يستوجب العودة الى القواعد العامة في القانون المدني و بالتالي تكون العقود المسماة من التطبيقات.
هناك جدل صاخب في الفقه الإسلامي .
1- الأصل في العقود ان تكون مسماة فيما لم يوجد اسم للعقود لا في القرآن او السنة او الإجماع فيكون العقد باطل.
2- الأصل في العقود هو الإباحة و ليس الخطر و بالتالي كل العقود و تكون مشروعة لطالما تتلاءم مع الشروط.
الإمام .......
فكل قول او فعل يعده الناس عقدا فهو عقد يجب ان يوفوا به كما امر الله تعالى ما لم يتضمن تحريم حلالا او تحليل حراما مما ثبت في الشرع كالعقد في الإكراه.
او قطع شجر بستانه او على الفاحشة او كأكل شيء من اموال الناس بالباطل كالربا او الميسر او الرشوة فهذه الثلاثة منصوصة في الكتاب و السنة. و نهى النبي ص عن بيع الغرر لأنه من قبيل الميسر في كونه....... و هو من الغش المحرم ايضا و قد توصع بعض افقهاء في تفسير الألفاظ القانونية التي وردت في الكتاب و السنة فادخلوا في معنى الربا و الغرر ما لا تطبقه النصوص من التشديد و دعموا تشديدا بهوايات لا تصح و اشدهم تطبيقا في العقود الشافعية والحنفية و اكثرهم تسامحا واسعا المالكية و الحنابلة و الشيعة الإمامية.
و نعرض الآن الإتجاهات الفقه الإسلامي في شأن حرية الإرادة في انشاء العقود الإتجاه الأول.
الأصل في العقود الخطر.
ذهب بعض الفقهاء الى انه لا يصح انشاء عقد او تصرف الا اذا ورد به دليل معين يدل على جوازه و صحته فما لم نقيم الدليل على ذلك فهو باطل اي عقد كان او اي تصرف كان ، ذلك ان الأصل فيالعقود هو حظرها الا ما دل على اباحته و صحته دليل معتبر في دليل الشارع.
ممثل الإتجاه الأول: واحد من الفقهاء المشهود له بالجرأة محمد ابن حزم الطاهري الأندلسي.
اذ يقول عارضا وجهة نظره القائلة ان الأصل في العقود ما يلي ( المحلى بالآثار)
و قال ابو محمد وجدنا من قال ببطلان كل عقد و كل شرط و كل عهد و كل وعد الا ما جاء بنص باجازته من اسمه يقولون قال الله عز و جل .
( و اليوم اكملت لكم دينكم) و قال تعالى ( و من يعص الله و رسوله و يتعدى حدوده يدخله نارا خالدا فيها)
و قال رسول الله ص ( اما نعيد فما بال اقوام يتشرطون شروطا ليست في كتاب الله ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل و لو كان منه شرط، كتاب الله احق و شرط الله اوفق)
قالوا فهذه الآيات و هذا الخبر براهين قاطعة في ابطال كل عقد و كل عهد و كل وعد و كل شرط ليس في كتاب الله مر به او نص على اباحته لأن العقود و العهود و الإدعاء شروط و اسم الشرط يقع علىجميع ذلك.
اننا بالضرورة ندري بانه لا يخلو كل عقد و عهد و شرط و وعد التزمه اصولا ، و جهين لا ثالث لهما اما ان يكون في نص القرآن او السنة ايجابه و اتفاق فاذا كان ذلك فنحن لا تخالفكم في انفاذ ذلك و ايجاده و اما ان يكون ليس في نص القرآن و لا في السنة ايجاده او انفاذ ففي هذا اختلفنا فنقول لكم الآن فان كان هكذا فانه ضرورة لا ينفك من احد اربعة اوجه لا خامس لها اصلا.
1- اما ان يكون التزم فيه اباحة ما حرمه تعالى في القرآن او على لسان رسوله ص فهذا عظيم لا يحل.
قال الله تعالى ( و لا يحرمون ما حرم الله و رسوله و لا يدينون دين الحق) و نسألهم حينئذ مما التزموا في عدله و شرطه و عقده و وعده احلال الخنزير و الأمهات و قتل النفس فاذا اباح ذلك كفر و ان فرق بين شيء من ذلك فناقض او سخف و تحكم في الدين بالباطل.
2- و انما ان يكون التزم منه تحريم و اباحة الله تعالى في القرآن او على لسان الرسوك ص فهذا اعظم لا يحل.
قال تعالى ( يا ايها النبي تحرم ما احل الله لك)
و سألهم حينئذ عما حرم الماء و الخبز و الزواج و سائر المباعاة و قد صح ان محرم الحلال كمحلل الحرام.
3- و اما ان يكون اسقاط ما اوصيه الله تعالى في القرآن او على لسان رسوله ص فهذا عظيم لا يحل.
و نسألهم حينئذ عمن التزم في عهده و عقده و شرطه اسقاط الصلوات و اسقاط صوم رمضان و سائر ذلك.
4- فمن اجاز ذلك فقد كفر و اما ان يكون او جب على نفسه ما لم يوصيه الله تعالى عليه فهذا عظيم لا يحل.
و نسألهم حينئذ عمن التزام بصلاة سادسة او حجا الىغير مكة او في غير اشهر الحج و كل هذه الوجوب تعد لحدود الله و خروج عن الدين وا لمفرق بين شيء من ذلك قائل في الدين بالباطل.
ثم يقول الإمام ابن حزم بالرد على حجج اصحاب الرأي الثاني، القائل بان الأصل هو صحة كافة العقود و الشروط فلا يحرم منها سوى ما دل عليه الشرع من تحريم او ابطال نصا او قياسا اما قول الله تعالى :
( اوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا)
( كلما عاهدوا عهدا فنبذ فريق منهم)
( و الموفون بعهدم اذا ما عهدوا)
و الحديثان اللذان فيهما
( اوفي بنذرك) ..... و ذم اللذين ينظرون و لا يوفون.
( و الخبر فيمن اعطى به ثم غدر) فان هذه الجمل قد جاء نص آخر يبين انها ليست على عمومها و لكنها في بعض العهود و بعض العقود و بعض النذور و بعض الشروط و هي قول رسول الله ص لا نذر ( من نذر ان يطع الله فليطع و من نذر من يعص الله تعالى فليعصه)
مع ما ذكرنا من توله ص كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل فصح في هذه النصوص ان تلك الآيات انها هي فيمن شرط او نذر او عاهد او ما جاء القرآن او السنة بالزامه فقط.
ثم يبين الإمام المعنى المتقدم بالأمثلة فيقول
و باليقين تدري ابن حزم على نفسه ان يتروح على امراته او ان لا يغيب عنها فقد حرم ما احله الله تعالى و ما امره الله تعالى.
( فانكحوا ما طاب الله لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع )
و قال تعالى:
( او ما ملكت ايمانكم فانهم غير ملومين)
و قال تعالى ( اسكنوهم من حيث سكنتم)
و كذلك من عهد على تأمين ما لا يحل تأمينه على ابقاء مال في ملك ما لم يحل له تملكه و على اسقاط حق الله تعالى فانه يكون قد عقد على معصية و سمي الحلال حراما و الحرام حلالا و القرآن قد جاء بتكذيب من فعل ذلك.
ثم يتعرض ابن حزم لحديث الرسول ص
( المسلمون عند شروطهم) ، فيراه غير صحيح ثم يقرر ابن حزم في هناية ما كتبه فلما قام البرهان بكل ما ذكرنا وجد ان كل عقد او شرط او عهد او نذر التزمه المرء فانه ساقط مردود و لا يحرمه منه شيء اصلا الا ان يأتي نص او اجماع على ذلك الشيء الذي التزمه بعينه و اسمه فاذا جاء نص او جماع بذلك لازمه و الا فلا.
و الأصل براءة الذمم ، من لزوم جميع الأشياء الذي ما التزمنا اياه النص او اجماع.
فان حكم حاكم بخلاف ما قلنا نسخ حكمه و رد بامر النبي ص اذ يقول ( من عمل عمل ليس عليه امرنا فهو رد)
و مفاد ما تقدم ان ابن حزم يستند في رأيه الى الإستصحاب حيث يستصحب الأصل و هو براءة الذمة في جميع الإلتزامات فلا يكون هناك حقا لأحد قتل آخر الا اذا كان مستمدا من الشارع و الذي يعد هو مصدر الإلتزام و الإلزام غير ان ابن الحزم،عندما تكلم عن ابطال القياس و رد كلام قد يفهم منه عكس ما رأى فيما تقدم.
فقد قال ان احكام الشريعة كلها من اولها الى اخرها تقسم على ثلاثة اقسام لا رابع لها و هي فرض لا بد من اعتقاده و العمل به مع ذلك .
2- و حرام من اقتناؤه قولا و عقدا و عملا
3- و حلال مباح فعله و مباح تركه
فهذه اقسام الشريعة الإسلامية باجماع كل مسلم و بضرورة وجود العقل في القسمات الصحيحة الى ورود السمع الى اذ لا يشك في ذلك فقد قال عز و جل.
( خلق لكم ما في الأرض جميعا)
( و قد فصل لكم ما حرم عليكم الا ما اضطرتم اليه ) فصح بهاتين الآيتين ان كل شيء في الأرض و كل عمل هو مباح حلال، الا ما فصل الله تعالى لنا تحريمه باسمه نصا عليه في القرآن كتحريم الميتة و السنة النبوية و اجماع الأمة كلها المنصوص على اتباعه في القرآان فان وجدنا شيئا حرمه النص بالنهي عنه او الإجماع باسمه حرمناه و ان لم نجد شيئا منصوصا على النهي عنه باسمه و مجمعا عليه فهو حلال بنص الآية الأولى.
وقد اكد الله تعالى هذا في غير موضوعه في كتابه فقال عز و جل ( يا ايها الذي آمنوا لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم و لا تعتدوا فان الله لا يحب المعتدين)
فبين الله تعالى ان كل شيء حلال لنا الا ما نص على تحريمه و نهانا ص عن اتداء ما مرنا تعالى به فمن حرم شيئا لم ينص الله تعالى و لا رسوله ص على تحريمه و النهي عنه و لا اجمع على تحريمه فقد اعتدى و عصى الله تعالى.
فقال الله تعالى ، ( يا ايها اللذين امنوا اطيعوا الله و اطيعو رسوله واولي الألباب منكم فان تازعتم في شيء فردوه الى الله و رسوله )
فبين الله تعالى ان ما امرنا به في القرآن او على لسان نبيه ص فهو واجب طاعته و ضد الطاعة المعصية فمن لم يطعه فقد عصى و من لم يفعل ما امر به فلم يطع و نهانا عن ان نسأل عن شيء جملة البتة و لم يدعنا في رأس فصح ان ما لم يأت به نص او اجماع فليس واجبا علينا.
فأي شيء بقي بعد ذلك؟ و هل في العالم نازلة تخرج من ان يقول قائل هذا اوجب؟ فنقول له ان اثبت على ايجابه بنص من القرآن او بكلام صحيح عن الرسول ص او اجماع فسمعا و طاعة وهو واجب و من ابى عن ايجابه بنص او اجماع فانه كاذب و ذلك القول ليس واجب.
او يقول قائل هذا حرام فتقول له اثبت عن النهي عنه بنص او اجماع فهو جرام و سمعا و طاعة و مناراد استجابته حينئذ فهو آثم كاذب عاصي و ان لم يأت عن النهي عنه بنص و لا اجماع فهو كاذب فهذا الشيء ليس حراما.
نستفيد ان الأصل في العقود الإباحة ما لم يأتينا نص مخالف و معاد ما اورده ابن حزم وجوب قسم من الأحكام الشرعية. هي المباح و التي لم يرد نص او اجماعا على تحريمها افلا تدخل العقود و الشروط التي لم يرد ذكرها في النصوص عليها او تحريما في هذا القسم المباح؟
فاذا قيل ان العقود و الشروط لا تصح و لا تحل الا ما يدل على حلها دليل شرعي خاص من نص او اجماع او قياس عند للورود فهو قول باطل لأن الكتاب و السنة دلا على صحة العقود و القروض التي وقعت في حالة الكفر و امر الله بالوفاء بها اذا لم يكن فيها بعد الإسلام شيء محرم و لهذا اتفق المسلمون على ان العقود التي عقدها الكفار يحكم بصحتها اذا لم تكن محرمة و ان كان الكفار يعقودها باسم الشارع او كانت العقود لا تصح الا بشرط ليحكموا بفسادها و ايضا ان المسلمين اذا فقدوا.
و ان كان العاقد يعلم حينئذ تحليلها باجتهاد و لا تحليل و لا يقول احد لا يصح العقد الا الذي يعتقد يعتقد العاقد ان الشارع احله.
فلو كان اذن الشارع الخاص شرطا في صحة العقود و لم يصح عقد الأبعد ثبوت اذنه.
كما لو حكم الحاكم يعتبر اجتهاد فانه آثم و ان كان قد صادق الحق .
و بعد ان بينا ادلة الإتجاه الول و بعض الردود عليه نذكر بعض الفقهاء و الإمامية تأخذ بالإتجاه الأول و يظهر هذا الوضوح في كتاب ( مفاتيح الأصول).
محاضرة رقم 3
اليوم سوف نرى الإتجاه الثاني و الذي يذهب الى ان الأصل في العقود و الشروط الجواز و الصحة ، و لا يحرم و يبطل فيها الا ما دل على تحريمه و ابطاله نص او قياس عند من يأخذ بالقياس و هذا هو مذهب الأحناف.
و ورد لكتاب تأمين الحقائق للإمام ابن تيمية : و لا يسلم ان حرمة البيع هي الأصل، بل الأصل هو الحل ن و آية ذلك ( و احل الله البيع و حرم الربا) ، فالرأي الثاني يستخلص ان كل العقود جائزة و دليلها ان البيع و هو احد اناع العقود و معنى ذلك .............. و كلمة البيع بها ( ال) و اذا اضيفت (ال) فمعنى ذلك انها ليست لكل البيوع و انما تخصص من المشرع، فالعبارة الأصلية ان تكون كل العقود حلالا الا اذا ورد نص خاص او اذا ورد قياس، و قال الإمام ابن تيمية اننا لا نسلم ان حرمة البيع هو الأصل و انما الأصل هو الحل.
لأن الأموال خلقت للإبتذال ( الإنفاق) فيكون باب تحصيلها مفتوحا فيجوز كل تصرف فيها ما لم يقم الدليل على منعه بخلاف النكاح، لأن الملك فيه يرد على البضع و هو عقد الأصل فيه هو الحرمة و انما احله الله و هو النكاح.
و هذا القول يدل على صحة التصرفات المتعلقة بالأموال اصلا بخلاف التصرفات المتعلقة بالإبضاع ( محل العقد الزوجة) للفرق بين محل الأولى و محل الثانية.
ويقول ملك العلماء الكاساني ( في البدائع) : و روي عن النبي ص انه قال ( المسلمون عند شروطهم) فظاهره يقتضي لزوم الوفاء بكل شرط الا ما خص بدليل لأنه يقتضي ان يكون كل مسلم عند شرطه و انما يكون كذلك اذا الزمه الوفاء به ، و هذا لأن الأصل ان تصرف الإنسان يقع على الوجه الذي اوقعه اذا كان اهلا للتصرف و المحل قابلا و لا ولاية عليه لأحد.
هناك عبارة في مدونة جستنيان تقول : الإنسان عبد توقيعه ، فقبل ان توقع على الورقة انت حر اما اذا اخذتك الحمية فاصبحت عبدا لهذا التوقيع.
كما قال الكاساني : عند الكلام على مشروعية شركة الأعمال و الوجوب ( و هي نوع من انواع الشكرات الإسلامية )، حيث قال: ان الناس يتعاملون بهذين النوعين من سائر الإعصار من غير انكار عليهم من احد و قال عليه الصلاة و السلام: ( لا تجتمع امتي على غلط) ، لأنهما اشتملا على الوكالة و الوكالة جائزة و المشتمل على جائز فهو جائز ، و يقول عن مشروعية عقد المضاربة: ان الناس يحتاجون الى عقد المضاربة لأن الإنسان قد يكون له مال و لكن لا يهتدي الى التجارة، و قد يهتدي الى التجارة و لكن لا مال له، فكان في تشريع هذا العقد دفع الحاجتين و الله تعالى ما شرع العقود الا لمصالح العباد و دفع حوائجهم.
هذا و قد عرف القانون الوضعي نوع قريب من شركة المضاربة موجود في نطاق استثمار الأراضي الزراعية و هو ما يسمى بعقد المزارعة ( اي لدي ارض لا اتمكن من زراعتها بنفسي، فآتي اليك و اطلب منك ان تقوم بزراعتها ، و هناك صورة عن احكام القضاء المصري تشير الى ذلك ، و هي انه يوجد فلاح يعرف في تربية المواشي و ابن عمه مهندس يقطن في القاهرة، و ذهب المهندس الى ابن عمه الذي في الريف و اتفقا على شراء عجل صغير بحيث ان على الفلاح ان يقوم بتربيته، و قام بذلك فارتفع سعرها، فالقضاء المصري كيف هذه الشركة على انها شركة من شركات المحاصة).
تلك العبارات التي اثبتناها للأحناف تثبت ان الأصل في العقود لديهم هو الصحة، فصحة التصرف لا تتوقف على قيام الدليل الخاص الذي يدل على صحته بل يكفي لصحته ان يكون مشتملا على فائدة مقصودة و محصلا للمصلحة مع انتفاء المانع الشرعي للصحة ، و هذا هو ذات موقف الشافعية و المالكية فالأصل في الأفعال العادية هو الإباحة و الجواز لأنها ليست بعبادة و انه لا يحرم شيء منها الا بدليل معين يدل على التحليل مستندا الى قوله تعالى ( خلق لكم ما في الأرض جميعا ) ، و غيرها من الأدلة المثبتة لهذا الأصل و لا شك ان العقود و التصرفات تعد من الأعمال العادية فيكون الأصل فيها عندهم الجواز والصحة الا ما قام دليل شرعي على حظره او تحريمه او فساده.
و يقول الإمام الشاطري ( مالكي) ، ان القاعدة المستقرة بين العلماء هي التفرقة بين العبادات و المعاملات فالأصل في الأول الا يقوم عليها الا باذن اذ لا مجال للمعقول في اختراع للتعبدات و الأصلفي الثانية الإذن حتى يدل الدليل على خلافه.
و يقول الفخر الرازي الشافعي في تفسيره لقوله تعالى ( و لا تفسدوا في الأرض بعد اصلاحها) ، هذه الآية دالة على ان كل عقد وقع التراضي عليه بين الخصمين فانه انعقد وصح و ثبت رفضه بعد ثبوته يكون افسادا بعد اصلاح و النص الدال على انه لا.
اذا ثبت هذا فنقول ان مدلول هذه الآية من هذا الوجه متأكد بعموم قوله تعالى ( اوفوا بالعقود ) و بعموم قوله تعالى ( لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا مالا تفعلون).
و تحت سائر العمومات الواردة في ركوب الوفاء في العقد و العهود اذا ثبت هذا فنقول ان وجدنا نصا دالا على ان بعض العقود التي وقع التراضي به من الجانبين غير صحيح قضينا فيه بالبطلان تقديما للخاص على العام و الا حكمنا فيه بالصحة رعاية المدلول هذه العموميات.
هذا الإتجاه الثاني هو الإتجاه الغالب في الفقه الإسلامي بل و نستطيع ان نقول انه الإتجاه الصحيح الذي يتفق ابن تيمية مع دلالات الكتاب و السنة و الإجماع و الإستصحاب و الدليل النافي.
1- اما الكتاب فقال الله تعالى ( يا ايها الذين آمنوا اوفوا بالعهود)
فقد امر سبحانه بالوفاء بالعهود و هذا عام و كذلك امرنا بالوفاء بعهد الله و بالعقد و قد دخل ذلك فيما عقده المرء على نفسه بدليل قوله تعالى ( و لقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار و كان عهد الله مسؤولا )
و تدل على ان عهد الله يدخل فيما عقده المرء على نفسه لم يكن الله ينفذ ذلك المعهود عليه قبل العهد كالنذر و البيع انما امر بالوفاء به و لهذا قارن الصدق في قوله تعالى و اذا قلتم فاعدلوا و لو كان ذا قربى و يعهد الله اوفوا فاذا كانت رعاية العهد واجبة فرعايته تقتضي الوفاء به و اما الأحاديث في هذا كثيرة مثل ما في الصحيحين عند عبد الله بن عمر قال رسول الله ص ( اربع من كل فيه كان مناقفا خالصا و من كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعمان اذا حدث كذب و اذا وعد اخلف و اذا عاهد غرر و اذا اخصم فجر.)
( اذا خاصم فجر: ( ما علاقة هذه الجملة بقانون اصول المحاكمات المدنية؟
علاقتها ما يعرف باللدد في الخصومة، اي سوء استعمال الحق في التقاضي .
فقد جاء الكتاب و السنة فالأمر بالوفاء بالعهود و الشروط و العقود و آداب الأمانة و رعاية ذلك و النهي عن الغدر و بعض العهود و الخيانة و التشديد على من يفعل ذلك و اذا كان جنس الوفاء و رعاية العهد مأمور به علم ان الأصل صحة العقود والشروط اذ لا معنى للتصحيح الا ما ترتب عليه اثره و حصل به مقصودة و معقودة العقد هو الوفاء به فاذا كان الشارع قد امر بمقصود العهود ولت على ان الأصل فيها الصحة و الإباحية.
و قد روى عن الرسول ص انه خرج الصلح جائز بين المسلمين الأصلحا حرم حلالا او احل حراما و المسلمون على شروطهم الا شرطا حرم حلالا او احل حراما و هذا المعنى هو الذي يشهد له الكتاب و السنة و هو حقيقة المذاهب فان المشترط ليس له ان يبيح ما حرمه الله و لا يحلل ما اباحة الله فان شرطه حينئذ يكون مبطلا لحكم الله .
و هذا المعنى و الذي يشهد له الكتاب والسنة و هو حقيقة المذهب و الحنبلي فان المشترط ليس له ما يبيح ما حرمه الله او يحرم ما حلله الله فان شرطه يكون مبطلا للحق.
3- الإعتبار و هو يتضمن وجوب
أ- العقود و الشروط من باب الأفعال العادية و الأصلفيها عدم التحليل و يستصحب عدم التحريم فيها حتى يدل دليل على التحريم و قوله تعالى و قد فصل لكم ما حرم عليكم عام في الإعمال و الأفعال و اذا لم تكون حراما لم تكن فاسدا لأن الفساد انما ينشأ عن التحريم و اذا لم تكن فاسدة كانت صحيحة.
و ايضا فليس بالشرح ما يدل على تحريم العقود و الشروط الا ما ثبت حله بعينه و ان انتفاء دليل التحريم دليل على عدم التحريم فثبت بالإستصحاب العقدي و انتفاء الدليل الشرعي عدم التحليل فيكون فعلها اما حلالا و اما عفوا فالعهود يجب الوفاء بها اذا لم تكن محرمة و الا لم يثبت بشرع خاص فاذا حرمت العهود و الشروط التي تجري بين الناس في معاملاتهم العادية في غير دليلهم الشرعي كنا محللين ما لم يحلله الله.
ب- ان الأصل في العقود رضى المتعاقدين و موجبها هو اوجب على انفسهما بالتعاقد لأن الله تعالى قال في كتابه العزيز.
( الا ان تكون تجارة عن تراضي منكم)
اذا ، لم يشترط في التجارة الا التراضي و ذلك يفضي ان التراضي هو المبيح للتجارة و اذا كان كذلك فاذا ترضى المتعاقدين بتجارة او طابت نفس المتبرع يتبرأ فلا تحله بدلالة القرآن الا ان يتضمن ما حرمه الله و رسوله كالتجارة بالخمر و نحو ذلك .
ج- و اذا يشتمل العقد على شرط مناف لمقصود العقد لم يكن لغوا و اذا لم يشتمل على ما ينافي مقصود الشارع لم يكن لغوا ايضا و كذلك لم يشتمل على ما حرمه الله و رسوله فلا وجه لتحريمه بل الواجب حله لأنه عمل مقصود للناس يحتاجون اليه اذ لولا حاجتهم اليه لما فعله فان الإقدام على الفعل مظنة الحاجة اليه و لم يثبت تحريمه مباح لم افي الكتاب و السنة مما يرفع الحرج و على ذلك فان مقصود العباد من المعاملات لا يبطله الشارع الا مع التحريم لأنه لا يصححه الا بتحريم.
و ايضا فان المسلمين اذا تعاقدوا بينهم عقودا ولم يكونوا يعلمون لا تحليلها و لا تحريمها فان الفقهاء و جميعهم يصحبونها اذا لم يعتقدوا.
و لا يقول احد لا يصح العقد الا الذي يعتقد ان الشارع احله فلو كان اذن الشارع الخاص شرطا في صحة العقود لن يصح عقدا الا بعد ثبوت اذنه و هذا غير صحيح.
هذا و قد اشرت من قبل الى ان علماء الإمامية يميلون الى الإتجاه الأول ( المقيد) فمن الصعب ان ينتزع مبدأ حرية التعاقد من الفقه الإسلامي الجعفري فلا يوجد من النصوص و القواعد العامة ما يسمح بادخال كل ما هو مستحدث فالنصوص التي اقرت العقود و امرت بالوفاء بها ذلك لأن الشارع كما اقر مبدأ به ما هو متعارف بين الناس في التعامل و المتاجرة قد وضع من ناحية ثانية بعض العقود و الحدود و الغى بعض الوسائل التي كانت تستمعل في البيع و الشراء و ذلك مما يؤكد انه لم يترك للناس الحرية المطلقة في استمال ما يشاؤون في معاملاتهم و عقودهم.
غير ان الإجتهاد الحديث في فقه الإمامية يميل الى الأخذ بالإتجاه الثاني و هو اتجاه غالبية الفقهاء في مختلف المذاهب فيقول بعض علماء السنة ( و اقصى ما يمكن ان يقال لإثابت مشروعية العقود المستحدثة هو ان النصوص الإسلامية لم يرد فيها ما يقتضي حصر العقود و في نوع او صنف لنصوصه و لم يعين نوع العقد و البيع و التجارة بل امرت بالوفاء بالعقود و احلت التجارة و فرضت على المسلمين ان يلتزموا بشروطهم و التزاماتهم من ان نتعرض لأنواع تلك العقود و اصنافها و لا ماهية التجار و لا لشكل الإلتزام و موضوعه.
قال تعالى:
( يا ايها الذي آمنوا اوفوا بالعقود )
( اصل الله البيع و حرم الربا)
( لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا تكون تجارة عن تراضي منكم)
و قال الرسول ص ( المسلمون عند شروطهم) الى غير ذلك من النصوص المشابهة في هذه الناحية والمعولم ان الناس قبل عصر التشريع كانوا يتعاملون بينهم بالبيع و الشراء و يتعاقدوا بجميع الأنواع الشائعة فلا بد ان يكون الذي يجب الوفاء به البيع المحل لهم و التجارة المسوغة لأكل المال و الإلزام الذي يجب تنفيذه هو ما يسمه الناس عقدا او بيعا و تجارة و التزاما في عصرهم و في جميع العصور حسب حاجات الزمن و مقتضيات الحال و كل ما في الأمر ان الحاجة لم تدعوا في عصر التشريع و قبله الا لتكل الأصناف من العقود.
فاذا دعت في عصر من العصور الى صنف من العقود كما حدت بالفعل فاذا دعت في عصر من العصور الى صنف من العقود كما حدت بالفعل في عصورنا المتأخرة يقول المستحدث فرضا للعقد الذي يجب الوفاء به بمقتضى النص الآية و بتعليق اكثر وضوحا هو انه بعد ان فرضنا ان المشترع لم يخترع انواعا و اصولا للتعامل تسمى عقدا وبيعا كما هو الحال في العبادة المقترحة لتبني الوقوف عندها فيما لو وردت في آية او رواية بيعا او عقدا. او تجارة و ما دام الأمر متروكا الى العرف فكل ما تفرضه حاجة المجتمع و يستعمله الناس و يسمونه عقدا يكون مشمولا لتلك الأدلة العامة التي جاءت لإفضاء ما هو متعارف بين الناس في مقام التعامل و الإتجار.
قال الشيخ محمد حسني الأصفهاني في شرحه المكاسب الأنصاري ما يلي ( ان البيع و ان كان موضوعا للنقل المؤثر من دون خصومة لنظر دون نظر الا ان الخطابات الشرعية حيث انها القيت الى العرف فلا بد من حملها على النقل المؤثر عندهم فالشارع في مخاطباته انما يخاطب اهل العرف وا لمعنى الذي يعرفونه فلو اراد خلاف ما عليه اهل العرف لزم عليه نص قرينة و عليه ينبغي النقل العرفي في جميع الأحكام و الآثار المترتبة على النقل الشرعي و نص غيره من فقهاء الإمامية على ان البيوع و العقود الواردة في النصوص الشرعية يراد منها ما هو عقد و بيع بنظر العرف.
( خذ العقد و امر بالعرف) فالعرف دليل شرعي على كافة الأحكام ) ( المعروف عرفا كلامشروط شرطا و المنصوص نصا)
محاضرة 1\6\2005 محاضرة رقم 4
الضابط الأول لصحة المعاملات
عدم اشتمال المعاملة المالية على مقامرة او رهان ( و يسئلونك عن الخمر و الميسر قل فيهما اثم كبير و منافع للناس و اثمهما اكبر من نفعها ) و سورة البقرة آية 219
( يا ايها الذين امنوا انما الخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) سورة المائدة
( انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة و البغضاء في الخمر والميسر و يصدكم عن ذكر الله و عن الصلوة فهل انتم منتهون) سورة المائدة آية 91
و من نهاية الآية 91 سورة المائدة ( فهل انتم منتهون) هي التي تضمنت هذا التحريم .
و اذا كان تحريم الخمر لم يثر ادنى جدلا مع تطور الدنيا الا ان تحريم الميسير على العكل قد اثار العديد من التساؤلات ازاء ما تمخضت عنه التطوارات الحديثة من اشكال و صور عدة للمعاملات قد تثير شبهة اختلاطها بالمقامرة و الرهان.
كما لا بد من الإشارة الى موقف القرآن الكريم من الميسر و ثم يتلو ذلك مدى انطباق حكم القرآن على بعض الصور العديدة للمعاملات الذي يثار مدى شبهة تضمنها لمعنى الخمر الميسر.
هي الميسر لغة: تيسر كذا او استيسر اي تسهل و تهيأ و الميسر هو السهل و اليسر و الميسور السهل والميسر عبارة عن و اليساراخت اليمين، و الميسر مأخوذ من التسير و هو ورود الشيء لصاحبه، يتسر لي كذا، اذا وجد فهو تيسرسيرا ، او ميسرة و هو مشتق من اليسر لأنه اخذ مال الرجل و سهولة بغير كد او تعب او من اليسار لأنه سلب يساره.
و الميسر اللعب بالقداح و اليسر المسير المقدوا و البشر المكتئبون على الميسر والجمع ايسر و الياسر الذي يلي قسمة الجذور والجمع ايسر و قد يسر، و يشتري الناقة
تشتر الجذور ( الناقة ) و يضمن الإيسار ( اللاعبين) ثمنها و يرضى صاحبها و كانوا يفتخرون بذلك و يجذمون من لم يفعل ذلك منهم ، و في احيان ربما تقامروا لإنفسهم ثم يغرم الثمن من لم يفز و يعيش بهذه السيرة فقراء الحي و منه قول الأعشى .
فسورة الميسر و على ضوء المعلومات التي وردت لكتب التفسير و الأدب ان يجتمع عشرة من اللاعبين و يحضروا جذورا يضمنون ثمنها لصاحبها و يدفع الثمن بعد المياسرة المغارمون وحدهم ، و تجعل القداح العشرة في خريطة و تجال (تخلط) و تحرك فيها ثم يخرج المفيض ( الذي يمسك القداح) اول قدح باسم احدهم على ترتيب لا نعلمه ، فربما كان بحسب جلوسهم ، او سنهم او تراضيهم ، و يكون هذا القدح هو مصيره فان كان رابحا عرف مقدار الربح، و بقى القدح خارج الخريطة (الربابة) ثم يخرج قدحا باسم الثاني و يعرف مقدار ربحه و هكذا الى عشرة و كل رابح يأخذ ما خرج اليه و الثلاثة اللذين تخرج لهم القداح التي لا نصيب لها هم اللذين يغرمون ثمن الجذور فيقسم عليهم اسلافا،
و كانوا يوسرون ليلا ، حيث يقيدون النار و قد عقروا ناقة و على مقربة منهم فقراء العشيرة ينتظرون ما يرمي به الأيسار من انصبتهم التي حرموها على انفسهم كرما و انفة و التصدق باللحم هو النفع الذي ذكره القرآن الكريم ، يسألونك عن الخمر و الميسر و منافع للناس (سورة الميسر)
يتبين مما تقدم ان العرب قبل الإسلام قد ولعوا بالميسر مباهاة و مفاخرة و عطفا على المحتاجين و من هنا ظهرت المنافع التي نصت عليها الآية فلقد كان الغرض نافع على عكس عادات الدول الأخرى التي كانت اشد ولعا من العرب في الميسر و لم هناك نفع و يذكر التاريخ ان قدماء الجرمان كانوا يتقامرون على كل ما يملكون فاذا نفذ تقامروا على حريتهم ، فيصير المغلوب عبدا للغالب و كذلك كان الحال لليونان، و لكن العرب تفردوا بالغرض النبيل للعب الميسر و لكن لا يخفى بالجملة ميسر العرب من مفاسد ، فالغالب انه يتسبب عنه ، العداوة و البغضاء بين المتياسرين ، و انه استيلاء على مال الناس بغير حق و لا طريق مشروع ، و حتى الكرم الذي في الميسر ليس خالصا كما يكرم الشخص من ماله الصرف عن قصد وراءه.
موقف القرآن الكريم من الميسر
ورد في كتب اسباب النزول ، ( كتب اسباب نزول الآيات) ان الآية 219 من سورة البقرة نزلت في عمر بن الخطاب و معاذ بن جبل و نفر من الإنصار اتو رسول الله صلعم ، فقالوا افتنا في الخمر و الميسر فانه مذهبة للعقل مفسدة للمال.
فانزل الله تعالى هذه الأية ، و الملاحظ ان اية سورة البقرة انها بينت للسائلين و هم هنا المؤمنون ان افي الخمر و الميسر اثم كبير و منافع للناس و اثمهما اكبر من منفعهما فاما الإثم في الميسر انه يفضي الى العادوة و ايضا لم يجريه بينهم من الشتم و المنازعة و انه اكل مال بالباطل و ذلك يورث العداولة لأن صاحبه اذا اخذ ماله مجانا ابغضه جدا ، و هو ايضا يشغل عن ذكر الله و عن الصلاة و اما المنافع في الميسر فهي كما يقول احد الأئمة ، التوسعة على ذوي الحاجة لأن من قمر لم يأكل من الجذور ، و انما كان يوزعه على المحتاجين و ذكر الواقدي ان الواحد منهم كان ربما قضى في المجلس الواحد مئة بعير ، و يكسبهم فيحصل على مال من غير كد و تعب ثم يصرفه الى المحتاجين فيكسب منه المدح و يكتب به شعر.
و في قوله تعالى : و اثمهما اكبر من نفعهما ، فان الإثم اكبر من النفع و اعود بالضرر في الآخرة ، فالإثم الكبير بعد التحريم ، و المنافع قبل التحريم.
الآية 91 من سورة المائدة : يا ايها اللذين آمنوا ، فلم يقل يا ايها الناس و انما بدأ بالنداء المألوف في هذا القطاع ، لإستجاشة قلوب المؤمنين من جهة و لتذكيرهم بمقتضى هذا الإيمان من الإلتزام و الطاعة من جهة اخرى ، فالنداء اذا للمؤمنين الذي اقروا بالإيمان و عليهم الإذعان الى الأمر التالي:
فقال تعالى انما الخمر و الميسر. هنا اكد المولى عز و جل تحريم الميسر و قال لنا في عبادة الأصنام ، و قوله تعالى رجس . فان رجس لغة كل ما استقظر من العمل ، فقول رجس من عمل الشيطان ، فان الرجس هو الذي يلزم اجتنابه اما لقبح ، او لجناسته ، ما يفعل به من عبادة او تعظيم.
و قوله تعالى من عمل الشيطان ، لأنه يدعو اليه و يأمر به ، فالشيطان لا يأمر الا بالمعاصي و القبائح و المحرمات،
و قوله انما يريد الشيطان ان يوقع بينهم العداوة و البغضاء في الخمر و الميسر فانما يريد به ما يدعو الشيطان به و يزينه من شرب الخمر حتى يسكر شاربها فيقدم على القبائح و يعربد ، فيؤدي الى العداوة و البغضاء و كذلك القمار فيؤدي الى ذلك ،
( كان الرجل يقامر في ماله و اهله ، فيقمر و يبقى حزينا سليبا فيكسبه ذلك العداوة و البغضاء)
و لقد تنبه الإمام القرطبي وجود فارق بين الخمر و الميسر حيث قال :
فان قيل ان شرب الخمر يورث الثأر فلا يقدر معه على الصلى و ليس في اللعب بالنرد و الشطرنج ، هذا المعنى ، قيل له قد جمع الله تعالى بين الخمر و الميسر في التحريم و وصفه جميعا بانه يوقعان العداوة و البغضاء بين الناس و يصدان عن ذكر الله و الصلاة و معلوم ان الخمر ان اسكرت فالميسر لا يسكر ، ثم لم يكن عند الله ، افتراقهما في ذلك يمنع من التسوية بينهما في التحريم ، لأجل ما اشترك فيه من المعاني ، و ايضا فان قيل ان قليل الخمر لا يسكر ، كما ان اللعب بالنرد و الشطرنج لا يسكر ثم كان حراما مثل الكثير فلا ينكر ان يكون اللعب و الشطرنج حراما مثل الخمر و ان كان لا يسكر ، و ايضا فان ابتداء اللعب ، يورث الغفلة، فتقوم تلك الغفلة المستولية على القلب مكان السك
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma