علم الإجام
تعريفه: عرفه البعض أنه:" العلم الذي يدرس الجريمة كظاهرة اجتماعية احتمالية في حياة الفرد وحتمية في حياة المجتمع وهو علم يدرس أسبابها الفردية والاجتماعية للتوصل إلى القضاء عليها أو الحد منها".
علاقة علم الإجرام في بعض القوانين والعلوم الأخرى:
علاقة علم الإجرام بقانون العقوبات:
إن العلاقة بينهما علاقة تأثير وتأثر حيث يؤثر علم الإجرام في قانون العقوبات عن طريق النتائج التي يتوصل ‘ليها والتي يستمد منها قانون العقوبات نصوصه التشريعية وخاصة فيما يتعلق بالظروف المشددة والظروف المخففة للجرائم، فمثلا في جريمة الإجهاض توصل على الإجرام إلى أن الأطباء والصيادلة والممرضين يسهل عليهم ارتكاب هذه الجريمة بحكم مهنتهم، فنص قانون العقوبات على اعتبار ذلك ظرفا مشددا ونفس الشيء بالنسبة للخادم بأجر في جريمة السرقة، وأيضا توصل علم الإجرام على أن السرقات التي تقع بين الأقارب والأصهار المتابعة الجزائية فيها كثيرا ما تؤدي إلى تفكك الأسر فجاء النص في قانون العقوبات على تقييد المتابعة الجزائرية في هذه الحالة بتقديم شكوى من الضحية...إلخ
ومن جهة أخرى فإن علم الإجرام يتأثر بقانون العقوبات لأن هذا الأخير هو الذي يصنع به العينات التي تتم دراستها لولا الحكم الجنائي بالإدانة لما وجد هناك مجرم تحت الدراسة كذلك فإن قانون العقوبات هو الذي يحدد مشروعية الأساليب التي يتبعها الباحث في علم الاجتماع ومدى احترامها للكرامة الإنسانية.
علاقة علم الإجرام بقانون الإجراءات الجزائية:
بحيث يتأثر قانون الإجراءات الجزائية بالنتائج التي يتوصل إليها علم الإجرام خاصة فيما يتعلق بتنفيذ العقوبة ومعاملة المجرمين داخل المؤسسات العقابية وهكذا نجد قانون الإجراءات الجزائية من علم الإجرام قاعدة :تخصص القاضي الجنائي" وقاعدة قاضي التنفيذ" الذي يشرف على تنفيذ العقوبة داخل المؤسسة العقابية وقاعدة "فصل المجرمين الأحداث عن المجرمين البالغين والمجرمين المحكوم عليهم بالحبس الاحتياطي".
علاقة علم الإجرام بعلم العقاب: إن العلاقة بينهما هي نفسها العلاقة بين الجريمة والعقوبة، فكل جريمة إذا لم نضع لها عقوبة زاجرة سوف تنتشر في المجتمع وكل عقوبة لا يمكن تنفيذها ولا أهمية لها إذا لم تجد جريمة تطبق عليها، وكل من علم الإجرام وعلم العقاب يهدف إلى مصلحة واحدة وهي حماية المجتمع من الجريمة.
فروع علم الإجرام: لعلم الإجرام مجموعة من الفروع، كل منها يبحث عن أسباب الجريمة في نطاق معين، وتتمثل فيما يلي:
-الأنتربولوجيا (علم طبائع المجرم): وهو علم يهتم بدراسة المظاهر البدنية للشخص وغرائزه وعواطفه وعلاقة ذلك بسلوكه الإجرامي.
-علم الحياة الجنائي: وهو علم يهتم بدراسة حياة المجرم منذ طفولته إلى غاية ارتكابه الجريمة ويتناول خاصة بالبحث دراسة شخصيته وتأثير الوراثة فيه ومدى تأثير ذلك في سلوكه الإجرامي.
-علم النفس الجنائي: وهو العلم الذي يدرس الأحوال النفسية للمجرم وغرائزه وانفعالاته وتأثير ذلك على سلوكه الإجرامي.
-علم الاجتماع الجنائي: وهو العلم الذي يعتني بدراسة الظروف الاجتماعية المختلفة وأثرها على السلوك الإجرامي ومثالها الظروف الاقتصادية السياسي العائلية...إلخ
-العوامل الإجرامية: توصل علماء الإجرام إلى أن الجريمة تعود إلى بعض العوامل التي تتعلق بالفرد بحد ذاته وتسمى بالعوامل الفردية، أو إلى عوامل خارجة عنه وتسمى العوامل الخارجية:
-العوامل الفردية: وهي العوامل التي تكون في الشخص بميلاده أو يكتسبها فيما بعد، وهي تقسم إلى فئتين، الفئة الأولى وتسمى العوامل الأصلية وتسمى الثانية بالعوامل المكتسبة.
-العوامل الأصلية: وهي العوامل التي تكون في الإنسان بمجرد ولادته وتتمثل في التكوين الطبيعي للمجرم، عامل الوراثة عامل الجنس، عامل الحمل والولادة، عالم التخلف العقلي.
1. التكوين الطبيعي للمجرم:
نظريات التكوين الطبيعي: حيث يستند أنصار هذا الاتجاه إلى تكوين المجرم وصفاته البيولوجية وتأثير ذلك على سلوكه الإجرامي، وجاء في هذا الصدد 3 نظريات:
-النظرية الفيزيولوجية: وظهرت في منتصف القرن (18) وناد بها كل من الطبيب yall والطبيب جادويل حيث توصلا إلى أن هناك علاقة وطيدة بين الشكل الخارجي للجمجمة وبين سلوك الفرد لأن الشكل الخارجي للجمجمة يتطابق مع نطاقها الداخلي الذي يحتوي بدوره المخ وهذا الأخير يحتوي على العقل الذي يقوم بمجموعة من الوظائف يمكن تقسيمها إلى 3:
-الغرائز والشهوات.
-المشاعر الأخلاقية.
-الملكات الفكرية.
وكلما اتسع نطاق الغرائز والشهوات كلما كان سلوك الفرد إجرامي والعكس صحيح .
2. النقد :
انتقدت هذه النظرية بشدة لأنها لم تقدم الدليل العلمي على أن وظائف المخ تلك وعلاقتها مع تشكل الجمجمة كما أنها تجعل من الجريمة نتيجة حتمية وهذا ما يخالف الواقع.
-النظرية العضوية : وجاء بها الطبيب شيزار لمبروزو وهو طبيب إيطالي كان ضابط في الجيش ثم إشتغل كأستاذ في الطب التشريعي ، وبحكم وظيفته قام بدراسة مجموعة من الجنود الأشرار ، كما قام بتشريح مجموعة من المجرمين الخطرين ، وتوصل إلى أن هناك مجموعة من الخصائص العضوية والنفسية لهذه المجموعة ، حيث جمع تلك الخصائص وحدد منها خمسة خصائص كلما تجمعت لدى الشخص أعتبر مجرما بالفطرة ، وتوصل إلى أنه من الصفات العضوية للمجرم أن يكون يمتاز بضيق في الجبهة وضخامة في القمين وعدم انتظار في الأذنين واعوجاج في الأسنان و طول مفرط في الذراعين ، وباختصار فإن المجرم يشبه في شكله القرد لأنه يحمل الصفات البدائية للإنسان ، كما توصل أيضا إلى أن الإنسان المجرم يمتاز ببعض الخصائص وهي عدم الإحساس بالألم وكذلك غلظة في القلب لخشونة في التعامل وعدم شعور بالحياء ) ، وعلى هذا الأساس توصل لمبروزو إلى تقسيم المجرمين إلى (5) فئات ، وهو :
ف1: المجرمين بالفطرة: وهم الأشخاص يميلون إلى الإجرام بفطرتهم وبالتالي يجب أستئصالهم من المجتمع .
ف2: المجرم بالعادة: وهم مجرمون ليسوا مطبوعين على الإجرام ولكنهم تعودوا عليه منذ الصغر
ف3: المجرمين بالصدفة: و هؤلاء أشخاص ليس لديهم ميل للإجرام ولكن الصدفة قد تدفعهم إلى ارتكاب الجريمة، هؤلاء يمكن إصلاحهم.
ف4: المجرمين بالعاطفة: هؤلاء الأشخاص يتميزون بمزاج عصبو يدفعهم إلى ارتكاب الجرائم خاصة جرائم الضرب والجرح ولكنهم يندمون فيم بعد وهؤلاء أيضا يمكن إصلاحهم .
ف5: المجرمين المصابين بمرض العقلي وراثي: هؤلاء لا يمكن إصلاحهم و بتالي يجب أستئصالهم ،
3. النقد :
ما يحسب لهذه النظرية أنها جاءت بشيء جديد في فلم الإجرام وهو إدخال البحث العلمي من خلال دراسة تركيبات الشخص العضوية و النفسية ، إلا أنها انتقدت من عدة نواحي:
1- من خلال الطريقة التي اعتمدتها في الدراسة حيث اقتصر على دراسة المجرمين فقط دون أن يقارن نتائجه بالأشخاص غير المجرمين.
2- أنه يجعل من الإنسان مجرم بالفطرة وهذا يخالف قواعد المسؤولية "اذا لا مسؤولية بدون حرية".
3- أنها ترجئ العوامل الإجرامية إلى العوامل الفردية فقط ويهمل جميع العوامل الخارجية.
3- النظرية النفسية: وجاء بها الطبيب المشهور "فرويد" حيث يقسم شخصية الإنسان إلى 3 مراحل، إذ تبدأ من مرحلة الهو وهي مرحلة اللاشعور وفيها تتخزن جميع الغرائز، ومرحلة الأنا وهي مرحلة الشعور حيث يتمكن العقل من السيطرة على الغرائز والشهوات، وأخيرا مرحلة الأنا الأعلى وفيها تتركز جميع القيم والمثل الأعلى فإذا ما اتسعت مرحلة الهو وخرجت تلك الغرائز والشهوات إلى مرحلة الشعور كان سلوك الشخص إجراميا.
وعلى هذا الأساس استنتج فرويد أن الشخص المجرم شخص مصاب بعقدة نفسية، وبالتالي يجب علاجه وليس معاقبته.
1. النقد: تعتبر هذه النظرية أيضا قفزة علمية تكمل النظرية العضوية إلا أنها انتقدت من حيث أنها تجعل الجريمة أيضا نتيجة حتمية، كما تدعو إلى عدم معاقبة كل المجرمين.
عامل الوراثة: وظهرت هذه النظرية في بداية القرن 20 حيث تقول بأن السلوك الإجرامي يورث إلى الفرد كما تورث إليه صفاته الفيزيولوجية مثل لون العينين، الطول، الشعر، واستندوا في ذلك إلى 3 أنواع من الدراسات:
o النوع الأول: دراسة العائلات بالنسبة للأشخاص المجرمين والأشخاص الغير مجرمين:
وأشهرها دراسة شجرة أحد أخطر المجرمين في ذلك الوقت مع شجرة عائلة أشهر رجل دين، وتوصلوا إلى أن شجرة عائلة ذلك المجرم بها 12% من الرجال المجرمين أما شجرة رجل الدين فلم يجدوا فيها ولا رجلا مجرما، واستنتجوا بذلك أن الإجرام سلوك يورث إلى الفرد بغض النظر عن العوامل الأخرى.
2. انتقدت هذه النظرية بشدة لأنها أنكرت تأثير العوامل الأخرى في السلوك الإجرامي كما أن الدراسة فيها اقتصرت على الرجال دون النساء إذا اثبتت الدراسة اللاحقة بها أن شجرة عائلة رجل الدين ذلك فيها الكثير من النساء اللواتي حكم عليهن في جرائم الزنا والقتل ومنهم جدته التي أدينت بجريمة الزنا.
o النوع الثاني: دراسة التشابه بين الاباء والأبناء والإخوة: حيث أثبتت الدراسات التي أجريت في هذا المجال أن هناك تشابه كبير في السلوك الإجرامي بين الآباء والبناء والإخوة بنفس درجة تشابههم الفيزيولوجية واستنتجوا أن السلوك الإجرامي يورث وليس لعامل البيئة فيه إلا تأثير بسيط.
o النوع الثالث: دراسة التوائم: حيث أجريت دراسات على التوائم وقورنت درجة التشابه بين التوائم الحقيقية والتوائم الكاذبة، وتوصلوا إلى أن التوائم الحقيقية متشابهة جدا في السلوك الإجرامي، أما التوائم الكاذبة فنسبة التشابه فيها قليلة واستنتجوا أيضا أن السلوك الإجرامي عامل مورث.
3. النقد: انتقدت هذه الدراسة لأنها أهملت العامل الخارجي، كما أنه يصعب تحديد التوائم الحقيقية والتوائم الكاذبة كما أجريت على عدد قليل لا يمكن تعميمه على بقية المجرمين وهكذا نصل إلى أن عامل الوراثة لا يمكن التسليم به كعامل وحدي للجريمة خاصة أن هذه الأخيرة واقعة قانونية يحددها المشرع حسب الزمان والمكان.
عامل الجنس: حيث يرى أنصار هذا الإتجاه أن الاختلاف الفيزيولوجي بين الرجل والمرأة، الذي يجعل الرجل أقوى منها (حسب رايهم) ألف مرة، فإن هذا يؤدي إلى الاختلاف في نسبة الإجرام بين النساء والرجال وتوصلوا إلى أن الرجال يميلون إلى الإجرام أكثر من النساء، وذلك أن المرأة نتيجة ضعفها الجسماني تتجنب الجرائم التي تحتاج إلى العنف وتميل دوما إلى الجرائم الهادئة كالتسميم، السب القذف وجرائم العرض مثل الزنا.
أما الرجل فإنه يميل إلى الجرائم الأكثر قوة مثل جرائم السرقة وجرائم الضرب والجرح والقتل.
4. النقد: انتقدت هذه النظرية رغم احتوائها على جزء من الصحة، ذلك أنه لا يمكن التسليم بعامل الجنس وحده كعامل للإجرام، كما أن الواقع يثبت أن النساء كثيرا ما يرتكبن جرائم العنف كجرائم القتل، الضرب والجرح، كما أنه كثيرا من الجرائم التي يرتكبها الرجال يكون ورائها النساء عن طريق التحريض.
عامل السلالة أو الجنس البشري: حيث أجريت في أمريكا اين تمت مقارنة نسبة الإجرام بين البيض والسود والهنود والصينيين الموجودين هناك، وتوصلوا إلى أن نسبة الإجرام أقل درجة عند البيض ثم يليهم الصينيون، ثم ترفع عند السود وتكون أخطر عند الهنود.
5. النقد: انتقدت هذه النظرية بشدة لأنها اقتصرت على المجتمع الأمريكي وحاولت تعميم النتائج على علم الإجرام ككل، كما أن ارتفاع نسبة الإجرام لدى السود والهنود تعود اكثر إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية القاسية التي كانو يعانون منها أكثر مما تعود إلى لون البشرة أو سلالتهم، كما أن الواقع يثبت أن البيض فيهم نسبة كبيرة من المجرمين لكنها تختلف عن السود فقط في نوع الجريمة.
الضعف أو الخلل العقلي: ويقصد بالضعف العقلي تلك الحالة التي تولد مع الشخص وتحول دون نضجه العقلي، أما الخلل العقلي فهو مرض يصيب الشخص أثناء حياته وتوصلوا إلى أن نسبة الإجرام لدى المصابين بالخلل العقلي أكثر منها لدى المصابين بالضعف العقلي وأن الخلل العقلي يعتبر عامل من عوامل الإجرام.
6. النقد: تم الأخذ بجزء من هذه النظرية في تحديد موانع المسؤولية، إذ لا يعتبر الشخص المجنون مسؤول جنائيا وإذا ما ارتكب الجريمة يوضع في مؤسسة علاجية وليس عقابية إلا أنه لا يمكن التسليم بها كعامل وحدي للإجرام والواقع يثبت ذلك.
عامل الحمل والولادة: حيث أن الدراسات التي أجريت على النساء الحوامل أثبتت أن الأمراض التي تصيب الأم خاصة النوبات العصبية والأزمات النفسية تؤثر في الجنين وفي سلوكه الإجرامي في المستقبل، كما توصلوا إلى أن الإبن الأول والإبن الوحيد هما الأكثر عرضة للإجرام من بقية الأولاد، وذلك لشدة قلق الوالدين عليه وحبهما له، مما جعل منه شخصا ضعيفا يسهل انقياده للجريمة.
7. النقد: انتقدت هذه النظرية بشدة كما كذبها الواقع الذي يثبت أن الكثير من الأبناء الوحيدين والأبناء الأوائل قد تحصلوا على مراتب مرموقة في المجتمع.
ب- العوامل الفردية المكتسبة:
وهي عوامل لا تولد مع الشخص مثل العوامل الأصلية وإنما تكتسب في مراحل حياته وهي:
8. عامل السن: حيث اثبتت بعض الدراسات أن سن الشخص له دور كبير في ارتكاب الجريمة وتوصلوا إلى أن الإنسان أو الشخص يبدأ في الإجرام والعنف في سن المراهقة، حيث يرتكب كثيرا الجرائم التي لا تحتاج إلى العنف وخاصة جرائم السرقة، وأن نسبة الإجرام ترتفع أيضا لدى الرجال وتبلغ ذروتها في سن 40 وتتوقف في سن 65 أما النساء فتبلغ ذروتها في سن 35 وتتوقف في سن 55.
حيث توصلت هذه الدراسات التي أجريت على مجموعة من النساء والرجال المجرمين، أن الرجل يبدأ الإجرام في سن 13 وتبلغ ذروتها في سن 40 وتنخفض في سن 65 أما المرأة فتبدأ الإجرام في سن 15 وتبلغ ذروتها في سن 35 وتنخفض في سن 55.
9. عامل الإدمان على السكر والمخدرات: حيث يقول أنصار هذه النظرية أن الشخص المدمن على السكر والمخدرات يكون عرضة لارتكاب الجريمة ذلك أن السكر يقلل من قواه العقلية مما يجعله يرتكب الجريمة بدون وعي، إلا أن هذه النظرية انتقدت ولم تأخذ بها التشريعات الجنائية، بل العكس اعتبرتها جريمة في حد ذاتها (السكر العلني) كما أنه يعتبر ظرف مشدد في الجرائم الأخرى، ذلك أن الطب أثبت أن السكر والإدمان ليس الدافع لإرتكاب الجريمة وإنما رغبة الشخص قبل تناوله هذه المادة هو الذي أدى به إلى ارتكاب الجريمة.
10. عامل الحالة المدنية للشخص: أي من زواج أو طلاق أو عزوبة، حيث اجريت دراسة على مجموعة من الأشخاص من عزاب ومتزوجين والمطلقين، توصل الباحثون إلى النتائج التالية: أن نسبة الإجرام تكاد تتلاشى لدى المتزوجين وترتفع نسبة ضئيلة لدى المتزوجين الذين يعانون مشاكل عائلية، وتبدأ في الارتفاع لدى العزاب وتصل أقصاها لدى المطلقين.
نقد: هذه النظرية وإن كان منها جانب من الصحة إلا أنه يمكن ارجاع ذلك إلى عوامل البيئة الاجتماعية أكثر من ارجاعه إلى عوامل فردية.
2- العوامل الخارجية للإجرام: وهو عوامل خارجة عن الفرد وإنما تتعلق بالمجتمع أو البيئة التي يعيش فيها وهي إما عوامل طبيعية أو اقتصادية أو سياسية أو ثقافية أو عائلية.
أ- العوامل الطبيعية: حيث توصل بعض الدارسون في علم الإجرام من حيث المناخ وتحولات الطقس وكذلك الموقع الجغرافي تؤثر كلها في السلوك الإجرامي للفرد، حيث توصلوا إلى أن الجو الحار كثر فيه نسبة جرائم الدم (القتل، الضرب، الجرح) أو الجو البارد كثر يه نسبة جرائم الأموال أما الجو المعتدل فتكثر فيه جرائم العرض.
كذلك توصلوا إلى أن الموقع الجغرافي يؤثر أيضا في سلوك الأفراد حيث وجدوا أن نسبة الإجرام في القرى تقل بكثير في العواصم والمدن الكبرى.
11. نقد: لا يمكن التسليم لهذا العامل وحده لارتكاب الجريمة ذلك أن الإنسان هو الذي يسخر الطبيعة لخدمته وليس العكس، فالطبيعة لا يمكنها التحكم في سلوك الإنسان، كما أن القول بأن القرية بعيدة عن الإجرام لا يمكن التسليم به فالكثير من الأشخاص الذين ارتكبوا الجرائم في المدن جاءوا من القرى.
ب- العوامل الاقتصادية: يفسر الدارسون السلوك الإجرامي حسب النظام الاقتصادي للدولة حيث يرى الاشتراكيون أن النظام الإشتراكي باعتباره يؤمن احتياجات الأفراد من غذاء علاج مسكن فإن ذلك يقلل من نسبة الإجرام فيه على العكس النظام الليبرالي الذي يخلق الطبقية في المجتمع وبالتالي تصبح الطبقة الفقيرة ترتكب الجرائم ضد الطبقة البرجوازية لتؤمن حاجياتها.
وفي المقابل أيضا نجد بعض الدارسين الليبراليين يقولون بأن النظام الاشتراكي يمتاز بالضغط على الفرد وعدم إشباع غريزة حب التملك لديه على العكس من النظام الليبرالي الذي يحقق ذلك بما يمنحه للفرد من حرية اقتصادية وبالتالي تقل نسبة الجرائم حسب رأيهم في النظام الليبرالي وترتفع في النظام الاشتراكي.
رغم اختلاف الاتجاهين إلا أنهما يتفقان في بعض النقاط وهي أن نسبة الإجرام ترتبط بقدرة الشخص على تلبية احتياجاته وهذا ما يرتبط أيضا بارتفاع الأسعار ومداخيل الأفراد وارتفاع نسبة البطالة من مجتمع إلى آخر.
نقد: لا يمكن اعتبار العامل الاقتصادي وحده سببا للجريمة التي هو نتاج مجموعة من العوامل.
ج- العوامل السياسية: حيث يرى البعض انه باعتبار الجريمة ظاهرة قانونية يحددها المشرع في كل دولة فهو إذن مرتبط بالنظام السياسي فيها، وباعتبار الأنظمة الملكية والأنظمة الدكتاتورية نسبة التجريم فيها عالية فإننا نجد أن نسبة الإجرام فيها عالية جدا، أنا الأنظمة الديمقراطية فإنها قليلة وعليه تكون نسبة الإجرام فيها أيضا منخفضة.
النقد: هذا التفسير على أساس العوامل السياسية وحده للإجرام لا يمكن الإعتماد عليه، لأن الواقع يثبت أن الدول التي تعتبر نفسها مهدا للديمقراطية اثبتت الدراسات أنها تحتل المراتب الأولى في نسبة الإجرام مثل أمريكا وألمانيا في حين أن السعودية رغم كونها نظاما ملكيا إلا أنها تعد من الدول الأقل نسبة في الإجرام عالميا.
د- العوامل الثقافية: حيث يقول البعض بأن مستوى التعليم والتهذيب في المجتمع يؤثر على سلوك أفراده وكذلك ثقافة الشعوب وعقائدهم الدينية تؤثر أيضا في نسبة الإجرام، كما أن التطور العلمي يؤدي في بعض الأحيان يؤدي إلى تطور الجريمة وظهور جرائم لم تكن موجودة من قبل.
النقد: لا يمكن القول أن هذا العامل وحده يؤدي إلى الجريمة، كما أن كثيرا من الجرائم تحتاج إلى مستوى تعليمي معين وغلى ذكاء ولا يستطيع القيام بها الشخص الأمر كما أن التقدم العلمي وإن أدى إلى تطور الجريمة فإنه أدى أيضا إلى تطور وسائل مكافحتها.
العوامل العائلية: حيث يرى الدارسون في علم الإجرام أن الأسرة لها تأثير كبير في سلوك الأبناء فكلما كانت الأسرة متماسكة والوالدين يقومان بها بواجبهما إزاء الأبناء كلما كان هؤلاء صالحون والعكس صحيح فكلما تصدعت العائلة وتفككت، وفسد الأبوين كلما كان الأبناء معرضين للسلوك الإجرامي، كثر وفساد الأسر ينتج عنه فساد المجتمع.
النقد: رغم صحة هذا الرأي إلى حد ما من حيث كتأثر الأسرة في الأبناء إلا أنه لا يمكن اعتباره العامل الوحيد للجريمة.
علم العقاب
1- تعريفه: ويعرق البعض بأنه ذلك العلم الذي يبحث في الغرض الحقيقي من توقيع الجزاء الجنائي واختياره أنسب الأساليب لتفيذ هذا الجزاء كي تتحقق الغاية منه.
2- علاقة علم العقاب ببعض القوانين والعلوم الأخرى:
أ- علاقته بعلم الإجرام: يتحد علم العقاب مع العلم الإجرام في الهدف والغاية والمتمكنة في حماية المجتمع من الجريمة ويختلفان من حيث الوسائل إلا أنه لا يمكن تصور علم العقاب بدون علم الإجرام لذلك العقوبة تستلزم وجود جريمة سابقة.
ب- علاقته بقانون العقوبات: علم العقاب هو الذي يمد المشرع في قانون العقوبات، بالعقوبات المناسبة لكن جريمة لتأتي في نص تشريعي يمنحها الشرعية.
ج- علاقته بقانون الإجراءات الجزائية: إذا كان علم العقاب هو الذي يبحث في العقوبات المناسبة للجريمة فإن قانون الإجراءات الجزائية هو الذي يحدد كيفية تنفيذها.
مما سبق نستنتج أن موضوع علم العقاب هو الجزاء الجنائي وكذلك المعاملة الجنائية للمجرمين وهذا ما سنتناوله في هذا الفصل على التوالي:
1- الجزاء الجنائي: ويقصد به العقوبة والتدابير الاحترازية:
أ- العقوبة: وهي الجزاء الذي يقرره المشرع ويوقعه القاضي على كل من تكتب إدانته بجريمة، ومن أهم خصائصه:
12. الشرعية: حيث يقوم المشرع بتحديد أو بوضع الحد الأدنى والحد الأقصى للعقوبة كل جريمة ويترك المجال بين ذلك لقناعة القاضي، وقد أكدت جميع المؤتمرات الدولية للقانون الجنائي على مبدأ شرعية العقوبة وهذا ما أخذت به التشريعات الجنائية ومنها التشريع الجزائري حيث يناص قانون العقوبات الجزائري في مادته 1 على أنه:" لا جريمة ولا عقوبة أو تدابير امن بغير قانون".
13. شخصية: أي أنها توقع علة من ثبتت مسؤوليته على ارتكاب الجريمة ولا تمتد إلى غيره سواء من الأصول أو الفروع أو الزوج الآخر.
14. قضائية: ويقصد بها أنها لا تطبق إلا بناء على حكم قضائي ومن جهة قضائية مختصة.
15. مؤلمة: الهدف من العقوبة هو إيلام المجرم من خلال الانتقاص من حقوقه الشخصية والمالية.
16. عادلة: أي أنها توازي بين حق الضحية الذي اعتدى عليه وحق المجتمع في الأمن والسكينة وحق المتهم في المحاكمة العادلة.
ب- أنواع العقوبات: تتفق التشريعات الوضعية التي وضعها الإنسان على أن العقوبة إما أنها تمس حق المتهم في الحياة وهي الإعدام وإن كانت منظمات حقوق الإنسان تنادي كلها تقريبا بإلغاء هذه العقوبة لأنه يستحيل تدارك الأخطاء القضائية فيها.
2- العقوبة الماسة بحق الحرية: وهي ما تسمى بالعقوبات السالبة للحرية أو المقيدة لها وتتمثل في السجن المؤبد أو السجن المؤقت أو الحبس أو المنع من الإقامة أو تحديد الإقامة أو الاعتقال (معتقل).
3- العقوبة الماسة بحق الملكية: وهو ما تسمى بالغرامة المالية.
هذه الأنواع باختلافها يؤكد الباحثون فشلها في تحقيق الغرض من العقوبة والمتمثل في الردع الخاص، لهذا أوكلت للمؤتمرات الدولية للقانون الجنائي البحث في عقوبة تكون مناسبة أكثر للطور العلمي الذي أدى إلى تطور الجريمة في الفترة الأخيرة، كما ناد البعض بإلغاء العقوبة السالبة للحرية الخاصة إذا كانت قصيرة المدى (أقل من سنة) لأنها من جهة لا تحقق الردع العام أو الخاص ومن جهة أخرى تثقل كاهل الدولة ولا تمكنها من تنفيذ برامج الإصلاح والتهذيب.
ج- التدابير الاحترازية (تدابير الأمن): ويعرفها علماء العقاب بأنها:"مجموعة الإجراءات التي يصدرها القاضي لمواجهة الخطورة الإجرامية الكامنة في شخص مرتكب الجريمة بغرض تخليصه منها".
من خلال هذا التعريف نستنتج أن خصائص هذه التدابير تتمثل فيما يلي:
1- خضوعها لمبدأ الشرعية: فلا يستطيع القاضي أن يحكم بتدبير لم ينص عليه في القانون وهذا ما يميزها من تدابير الأمن التي تتخذها السلطات الإدارية والطبية.
2- يجب أن تصدر من جهة قضائية مختصة.
3- يجب أن لا تكون محددة المدة وإنما تحدد مدتها بمدة العلاج.
4- لا تطبق إلا على الشخص الذي ارتكب جريمة من قبل وقد نص المشرع الجزائري على مجموعة من هذه التدابير الاحترازية حيث نجد أن المادة 19 ق ع ج التي تنص على أن :"تدابير الأمن الشخصية هي:
17. الحجز القضائي في مؤسسة نفسية. // الوضع القضائي في مؤسسة علاجية.
18. المنع من ممارسة مهنة أو نشاط أو فن. // سقوط حقوق السلطة الأبوية كلها أو بعضها."
كما ينص المشرع في م 20 ق ع ج على تدابير عينية بالنص على أنه:ط تدابير الأمن العينية: 1- مصادرة الأموال * 2- إغلاق المؤسسة".
وفي جميع الأحوال يجوز إعادة النظر في هذه التدابير على اساس تطور حالة صاحب الشأن.
-*- مشكلة تطبيق التدابير الاحترازية: رغم أهمية التدابير الاحترازية كحماية الأشخاص والمجتمع على السواء إلا أن هناك جدل في كيفية تطبيقها حيث يرى البعض أن تطبيق العقوبة يغني عن تدابير احترازية، في حين يرى البعض أنه من الأجدر تطبيق التدابير الاحترازية دون حاجة إلى العقوبة، غلا أن المعمول به في التشريعات الجنائية هو الأخذ بالتدابير الاحترازية والعقوبة معا إذ أن الشخص تطبق عليه التدابير الاحترازية كوقاية من عدم رجوعه إلى الجريمة مرة أخرى وفي نفس الوقت ينفذ العقوبة على الجريمة التي ارتكبها من قبل.
2- المعاملة العقابية:
ويقصد بها معاملة المحكوم عليهم داخل المؤسسات العقابية وكذلك بعض الأساليب للتعامل معهم بعد خروجهم من المؤسسة العقابية.
أساليب المعاملة داخل المؤسسات العقابية:
من أساليب المعاملة داخل المؤسسة العقابية نجد:
1- التصنيف الأفقي وفيها يتم تصنيفهم على المؤسسات العقابية في الدولة، ثم بعد ذلك يتم داخل كل مؤسسة عقابية.
2- تصنيف المجرمين حسب ظروفهم وذلك إما على أساس مدة العقوبة أو السوابق أو خطورة الجريمة أو الحالة الصحية للمحكوم عليه: التصنيف الرأسي.
وفي الجزائر هناك 3 أجهزة لتصنيف المحكوم عليهم:
1- تتمثل في لجنة داخل المؤسسة العقابية، تتكون من أخصائيين طبيبين اجتماعيين ونفسانيين ثم
2- لجنة ولائية توجد على مستوى كل ولاية.
3- لجنة مركزية توجد في العاصمة يتم تعيينها بقرار من وزير العدل.
أسلوب العمل: حيث تقوم الدولة يتوفير الآلات والأجهزة التي يشتغل بها المحكوم عليهم داخل المؤسسة العقابية وذلك كوسيلة لاستخراج طاقاتهم الكامنة وكذلك كوسيلة لإعادة تأهيلهم بعد خروجهم من المؤسسة ويشترط في العمل أن يكون إنتاجا وأن يكون بمقابل حيث يمنح له جزء من هذا المقابل داخل المؤسسة لتلبية بعض احتياجاته ويحتفظ بالجزء الآخر إلى وقت خروجه من المؤسسة.
اسلوب التعليم والتهذيب: حيث تمنح للمحكوم عليه فرصة التعليم والمطالعة وذلك لأن التعليم يقلل من الخطورة الإجرامية للشخص ويجعله قادرا على مواجهة المشاكل بطرق علمية، ومن أجل ذلك يجب أن تتوفر في المؤسرسة العقابية فرصة الإطلاع على الجرائد والمجلات وأن توجد مكتبة للمراجعة وان تلقى الدروس ومحاضرات على المحكوم عليه وأن يسمح لهم بإجراء الامتحانات في مواعيدها، إضافة إلى ذلك يجب أن يسمح لهم بإقامة شعائرهم الدينية مهما كانت ديانتهم وأن تلقى عليهم محاضرات دينية.
الرعاية الصحية الاجتماعية: حيث يجب أن يكون في كل مؤسسة عقابية فريق طبي يقوم بالفحص الأولي لكل محكوم عليه بمجرد دخوله للمؤسسة وذلك من أجل التأكد من خلوه من آثار التعذيب والأمراض النفسية أو العقلية أو المعدية كذلك يجب وقاية المحكوم عليهم من الأمراض وذلك عن طريق التلقيح إن وجد وباء داخل المؤسسة، كذلك عن طريق الغذاء الكامل وأن تتوفر لديه جميع وسائل النظافة في مأكله وملبسه ومرقده وجسمه، وإذا ما أصيب أحدهم بأي مرض يجب أن يلقى العلاج فورا داخل المؤسسة فإن لم يتمكن من ذلك فيجب إرساله إلى مؤسسة استشفائية مناسبة.
تعريفه: عرفه البعض أنه:" العلم الذي يدرس الجريمة كظاهرة اجتماعية احتمالية في حياة الفرد وحتمية في حياة المجتمع وهو علم يدرس أسبابها الفردية والاجتماعية للتوصل إلى القضاء عليها أو الحد منها".
علاقة علم الإجرام في بعض القوانين والعلوم الأخرى:
علاقة علم الإجرام بقانون العقوبات:
إن العلاقة بينهما علاقة تأثير وتأثر حيث يؤثر علم الإجرام في قانون العقوبات عن طريق النتائج التي يتوصل ‘ليها والتي يستمد منها قانون العقوبات نصوصه التشريعية وخاصة فيما يتعلق بالظروف المشددة والظروف المخففة للجرائم، فمثلا في جريمة الإجهاض توصل على الإجرام إلى أن الأطباء والصيادلة والممرضين يسهل عليهم ارتكاب هذه الجريمة بحكم مهنتهم، فنص قانون العقوبات على اعتبار ذلك ظرفا مشددا ونفس الشيء بالنسبة للخادم بأجر في جريمة السرقة، وأيضا توصل علم الإجرام على أن السرقات التي تقع بين الأقارب والأصهار المتابعة الجزائية فيها كثيرا ما تؤدي إلى تفكك الأسر فجاء النص في قانون العقوبات على تقييد المتابعة الجزائرية في هذه الحالة بتقديم شكوى من الضحية...إلخ
ومن جهة أخرى فإن علم الإجرام يتأثر بقانون العقوبات لأن هذا الأخير هو الذي يصنع به العينات التي تتم دراستها لولا الحكم الجنائي بالإدانة لما وجد هناك مجرم تحت الدراسة كذلك فإن قانون العقوبات هو الذي يحدد مشروعية الأساليب التي يتبعها الباحث في علم الاجتماع ومدى احترامها للكرامة الإنسانية.
علاقة علم الإجرام بقانون الإجراءات الجزائية:
بحيث يتأثر قانون الإجراءات الجزائية بالنتائج التي يتوصل إليها علم الإجرام خاصة فيما يتعلق بتنفيذ العقوبة ومعاملة المجرمين داخل المؤسسات العقابية وهكذا نجد قانون الإجراءات الجزائية من علم الإجرام قاعدة :تخصص القاضي الجنائي" وقاعدة قاضي التنفيذ" الذي يشرف على تنفيذ العقوبة داخل المؤسسة العقابية وقاعدة "فصل المجرمين الأحداث عن المجرمين البالغين والمجرمين المحكوم عليهم بالحبس الاحتياطي".
علاقة علم الإجرام بعلم العقاب: إن العلاقة بينهما هي نفسها العلاقة بين الجريمة والعقوبة، فكل جريمة إذا لم نضع لها عقوبة زاجرة سوف تنتشر في المجتمع وكل عقوبة لا يمكن تنفيذها ولا أهمية لها إذا لم تجد جريمة تطبق عليها، وكل من علم الإجرام وعلم العقاب يهدف إلى مصلحة واحدة وهي حماية المجتمع من الجريمة.
فروع علم الإجرام: لعلم الإجرام مجموعة من الفروع، كل منها يبحث عن أسباب الجريمة في نطاق معين، وتتمثل فيما يلي:
-الأنتربولوجيا (علم طبائع المجرم): وهو علم يهتم بدراسة المظاهر البدنية للشخص وغرائزه وعواطفه وعلاقة ذلك بسلوكه الإجرامي.
-علم الحياة الجنائي: وهو علم يهتم بدراسة حياة المجرم منذ طفولته إلى غاية ارتكابه الجريمة ويتناول خاصة بالبحث دراسة شخصيته وتأثير الوراثة فيه ومدى تأثير ذلك في سلوكه الإجرامي.
-علم النفس الجنائي: وهو العلم الذي يدرس الأحوال النفسية للمجرم وغرائزه وانفعالاته وتأثير ذلك على سلوكه الإجرامي.
-علم الاجتماع الجنائي: وهو العلم الذي يعتني بدراسة الظروف الاجتماعية المختلفة وأثرها على السلوك الإجرامي ومثالها الظروف الاقتصادية السياسي العائلية...إلخ
-العوامل الإجرامية: توصل علماء الإجرام إلى أن الجريمة تعود إلى بعض العوامل التي تتعلق بالفرد بحد ذاته وتسمى بالعوامل الفردية، أو إلى عوامل خارجة عنه وتسمى العوامل الخارجية:
-العوامل الفردية: وهي العوامل التي تكون في الشخص بميلاده أو يكتسبها فيما بعد، وهي تقسم إلى فئتين، الفئة الأولى وتسمى العوامل الأصلية وتسمى الثانية بالعوامل المكتسبة.
-العوامل الأصلية: وهي العوامل التي تكون في الإنسان بمجرد ولادته وتتمثل في التكوين الطبيعي للمجرم، عامل الوراثة عامل الجنس، عامل الحمل والولادة، عالم التخلف العقلي.
1. التكوين الطبيعي للمجرم:
نظريات التكوين الطبيعي: حيث يستند أنصار هذا الاتجاه إلى تكوين المجرم وصفاته البيولوجية وتأثير ذلك على سلوكه الإجرامي، وجاء في هذا الصدد 3 نظريات:
-النظرية الفيزيولوجية: وظهرت في منتصف القرن (18) وناد بها كل من الطبيب yall والطبيب جادويل حيث توصلا إلى أن هناك علاقة وطيدة بين الشكل الخارجي للجمجمة وبين سلوك الفرد لأن الشكل الخارجي للجمجمة يتطابق مع نطاقها الداخلي الذي يحتوي بدوره المخ وهذا الأخير يحتوي على العقل الذي يقوم بمجموعة من الوظائف يمكن تقسيمها إلى 3:
-الغرائز والشهوات.
-المشاعر الأخلاقية.
-الملكات الفكرية.
وكلما اتسع نطاق الغرائز والشهوات كلما كان سلوك الفرد إجرامي والعكس صحيح .
2. النقد :
انتقدت هذه النظرية بشدة لأنها لم تقدم الدليل العلمي على أن وظائف المخ تلك وعلاقتها مع تشكل الجمجمة كما أنها تجعل من الجريمة نتيجة حتمية وهذا ما يخالف الواقع.
-النظرية العضوية : وجاء بها الطبيب شيزار لمبروزو وهو طبيب إيطالي كان ضابط في الجيش ثم إشتغل كأستاذ في الطب التشريعي ، وبحكم وظيفته قام بدراسة مجموعة من الجنود الأشرار ، كما قام بتشريح مجموعة من المجرمين الخطرين ، وتوصل إلى أن هناك مجموعة من الخصائص العضوية والنفسية لهذه المجموعة ، حيث جمع تلك الخصائص وحدد منها خمسة خصائص كلما تجمعت لدى الشخص أعتبر مجرما بالفطرة ، وتوصل إلى أنه من الصفات العضوية للمجرم أن يكون يمتاز بضيق في الجبهة وضخامة في القمين وعدم انتظار في الأذنين واعوجاج في الأسنان و طول مفرط في الذراعين ، وباختصار فإن المجرم يشبه في شكله القرد لأنه يحمل الصفات البدائية للإنسان ، كما توصل أيضا إلى أن الإنسان المجرم يمتاز ببعض الخصائص وهي عدم الإحساس بالألم وكذلك غلظة في القلب لخشونة في التعامل وعدم شعور بالحياء ) ، وعلى هذا الأساس توصل لمبروزو إلى تقسيم المجرمين إلى (5) فئات ، وهو :
ف1: المجرمين بالفطرة: وهم الأشخاص يميلون إلى الإجرام بفطرتهم وبالتالي يجب أستئصالهم من المجتمع .
ف2: المجرم بالعادة: وهم مجرمون ليسوا مطبوعين على الإجرام ولكنهم تعودوا عليه منذ الصغر
ف3: المجرمين بالصدفة: و هؤلاء أشخاص ليس لديهم ميل للإجرام ولكن الصدفة قد تدفعهم إلى ارتكاب الجريمة، هؤلاء يمكن إصلاحهم.
ف4: المجرمين بالعاطفة: هؤلاء الأشخاص يتميزون بمزاج عصبو يدفعهم إلى ارتكاب الجرائم خاصة جرائم الضرب والجرح ولكنهم يندمون فيم بعد وهؤلاء أيضا يمكن إصلاحهم .
ف5: المجرمين المصابين بمرض العقلي وراثي: هؤلاء لا يمكن إصلاحهم و بتالي يجب أستئصالهم ،
3. النقد :
ما يحسب لهذه النظرية أنها جاءت بشيء جديد في فلم الإجرام وهو إدخال البحث العلمي من خلال دراسة تركيبات الشخص العضوية و النفسية ، إلا أنها انتقدت من عدة نواحي:
1- من خلال الطريقة التي اعتمدتها في الدراسة حيث اقتصر على دراسة المجرمين فقط دون أن يقارن نتائجه بالأشخاص غير المجرمين.
2- أنه يجعل من الإنسان مجرم بالفطرة وهذا يخالف قواعد المسؤولية "اذا لا مسؤولية بدون حرية".
3- أنها ترجئ العوامل الإجرامية إلى العوامل الفردية فقط ويهمل جميع العوامل الخارجية.
3- النظرية النفسية: وجاء بها الطبيب المشهور "فرويد" حيث يقسم شخصية الإنسان إلى 3 مراحل، إذ تبدأ من مرحلة الهو وهي مرحلة اللاشعور وفيها تتخزن جميع الغرائز، ومرحلة الأنا وهي مرحلة الشعور حيث يتمكن العقل من السيطرة على الغرائز والشهوات، وأخيرا مرحلة الأنا الأعلى وفيها تتركز جميع القيم والمثل الأعلى فإذا ما اتسعت مرحلة الهو وخرجت تلك الغرائز والشهوات إلى مرحلة الشعور كان سلوك الشخص إجراميا.
وعلى هذا الأساس استنتج فرويد أن الشخص المجرم شخص مصاب بعقدة نفسية، وبالتالي يجب علاجه وليس معاقبته.
1. النقد: تعتبر هذه النظرية أيضا قفزة علمية تكمل النظرية العضوية إلا أنها انتقدت من حيث أنها تجعل الجريمة أيضا نتيجة حتمية، كما تدعو إلى عدم معاقبة كل المجرمين.
عامل الوراثة: وظهرت هذه النظرية في بداية القرن 20 حيث تقول بأن السلوك الإجرامي يورث إلى الفرد كما تورث إليه صفاته الفيزيولوجية مثل لون العينين، الطول، الشعر، واستندوا في ذلك إلى 3 أنواع من الدراسات:
o النوع الأول: دراسة العائلات بالنسبة للأشخاص المجرمين والأشخاص الغير مجرمين:
وأشهرها دراسة شجرة أحد أخطر المجرمين في ذلك الوقت مع شجرة عائلة أشهر رجل دين، وتوصلوا إلى أن شجرة عائلة ذلك المجرم بها 12% من الرجال المجرمين أما شجرة رجل الدين فلم يجدوا فيها ولا رجلا مجرما، واستنتجوا بذلك أن الإجرام سلوك يورث إلى الفرد بغض النظر عن العوامل الأخرى.
2. انتقدت هذه النظرية بشدة لأنها أنكرت تأثير العوامل الأخرى في السلوك الإجرامي كما أن الدراسة فيها اقتصرت على الرجال دون النساء إذا اثبتت الدراسة اللاحقة بها أن شجرة عائلة رجل الدين ذلك فيها الكثير من النساء اللواتي حكم عليهن في جرائم الزنا والقتل ومنهم جدته التي أدينت بجريمة الزنا.
o النوع الثاني: دراسة التشابه بين الاباء والأبناء والإخوة: حيث أثبتت الدراسات التي أجريت في هذا المجال أن هناك تشابه كبير في السلوك الإجرامي بين الآباء والبناء والإخوة بنفس درجة تشابههم الفيزيولوجية واستنتجوا أن السلوك الإجرامي يورث وليس لعامل البيئة فيه إلا تأثير بسيط.
o النوع الثالث: دراسة التوائم: حيث أجريت دراسات على التوائم وقورنت درجة التشابه بين التوائم الحقيقية والتوائم الكاذبة، وتوصلوا إلى أن التوائم الحقيقية متشابهة جدا في السلوك الإجرامي، أما التوائم الكاذبة فنسبة التشابه فيها قليلة واستنتجوا أيضا أن السلوك الإجرامي عامل مورث.
3. النقد: انتقدت هذه الدراسة لأنها أهملت العامل الخارجي، كما أنه يصعب تحديد التوائم الحقيقية والتوائم الكاذبة كما أجريت على عدد قليل لا يمكن تعميمه على بقية المجرمين وهكذا نصل إلى أن عامل الوراثة لا يمكن التسليم به كعامل وحدي للجريمة خاصة أن هذه الأخيرة واقعة قانونية يحددها المشرع حسب الزمان والمكان.
عامل الجنس: حيث يرى أنصار هذا الإتجاه أن الاختلاف الفيزيولوجي بين الرجل والمرأة، الذي يجعل الرجل أقوى منها (حسب رايهم) ألف مرة، فإن هذا يؤدي إلى الاختلاف في نسبة الإجرام بين النساء والرجال وتوصلوا إلى أن الرجال يميلون إلى الإجرام أكثر من النساء، وذلك أن المرأة نتيجة ضعفها الجسماني تتجنب الجرائم التي تحتاج إلى العنف وتميل دوما إلى الجرائم الهادئة كالتسميم، السب القذف وجرائم العرض مثل الزنا.
أما الرجل فإنه يميل إلى الجرائم الأكثر قوة مثل جرائم السرقة وجرائم الضرب والجرح والقتل.
4. النقد: انتقدت هذه النظرية رغم احتوائها على جزء من الصحة، ذلك أنه لا يمكن التسليم بعامل الجنس وحده كعامل للإجرام، كما أن الواقع يثبت أن النساء كثيرا ما يرتكبن جرائم العنف كجرائم القتل، الضرب والجرح، كما أنه كثيرا من الجرائم التي يرتكبها الرجال يكون ورائها النساء عن طريق التحريض.
عامل السلالة أو الجنس البشري: حيث أجريت في أمريكا اين تمت مقارنة نسبة الإجرام بين البيض والسود والهنود والصينيين الموجودين هناك، وتوصلوا إلى أن نسبة الإجرام أقل درجة عند البيض ثم يليهم الصينيون، ثم ترفع عند السود وتكون أخطر عند الهنود.
5. النقد: انتقدت هذه النظرية بشدة لأنها اقتصرت على المجتمع الأمريكي وحاولت تعميم النتائج على علم الإجرام ككل، كما أن ارتفاع نسبة الإجرام لدى السود والهنود تعود اكثر إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية القاسية التي كانو يعانون منها أكثر مما تعود إلى لون البشرة أو سلالتهم، كما أن الواقع يثبت أن البيض فيهم نسبة كبيرة من المجرمين لكنها تختلف عن السود فقط في نوع الجريمة.
الضعف أو الخلل العقلي: ويقصد بالضعف العقلي تلك الحالة التي تولد مع الشخص وتحول دون نضجه العقلي، أما الخلل العقلي فهو مرض يصيب الشخص أثناء حياته وتوصلوا إلى أن نسبة الإجرام لدى المصابين بالخلل العقلي أكثر منها لدى المصابين بالضعف العقلي وأن الخلل العقلي يعتبر عامل من عوامل الإجرام.
6. النقد: تم الأخذ بجزء من هذه النظرية في تحديد موانع المسؤولية، إذ لا يعتبر الشخص المجنون مسؤول جنائيا وإذا ما ارتكب الجريمة يوضع في مؤسسة علاجية وليس عقابية إلا أنه لا يمكن التسليم بها كعامل وحدي للإجرام والواقع يثبت ذلك.
عامل الحمل والولادة: حيث أن الدراسات التي أجريت على النساء الحوامل أثبتت أن الأمراض التي تصيب الأم خاصة النوبات العصبية والأزمات النفسية تؤثر في الجنين وفي سلوكه الإجرامي في المستقبل، كما توصلوا إلى أن الإبن الأول والإبن الوحيد هما الأكثر عرضة للإجرام من بقية الأولاد، وذلك لشدة قلق الوالدين عليه وحبهما له، مما جعل منه شخصا ضعيفا يسهل انقياده للجريمة.
7. النقد: انتقدت هذه النظرية بشدة كما كذبها الواقع الذي يثبت أن الكثير من الأبناء الوحيدين والأبناء الأوائل قد تحصلوا على مراتب مرموقة في المجتمع.
ب- العوامل الفردية المكتسبة:
وهي عوامل لا تولد مع الشخص مثل العوامل الأصلية وإنما تكتسب في مراحل حياته وهي:
8. عامل السن: حيث اثبتت بعض الدراسات أن سن الشخص له دور كبير في ارتكاب الجريمة وتوصلوا إلى أن الإنسان أو الشخص يبدأ في الإجرام والعنف في سن المراهقة، حيث يرتكب كثيرا الجرائم التي لا تحتاج إلى العنف وخاصة جرائم السرقة، وأن نسبة الإجرام ترتفع أيضا لدى الرجال وتبلغ ذروتها في سن 40 وتتوقف في سن 65 أما النساء فتبلغ ذروتها في سن 35 وتتوقف في سن 55.
حيث توصلت هذه الدراسات التي أجريت على مجموعة من النساء والرجال المجرمين، أن الرجل يبدأ الإجرام في سن 13 وتبلغ ذروتها في سن 40 وتنخفض في سن 65 أما المرأة فتبدأ الإجرام في سن 15 وتبلغ ذروتها في سن 35 وتنخفض في سن 55.
9. عامل الإدمان على السكر والمخدرات: حيث يقول أنصار هذه النظرية أن الشخص المدمن على السكر والمخدرات يكون عرضة لارتكاب الجريمة ذلك أن السكر يقلل من قواه العقلية مما يجعله يرتكب الجريمة بدون وعي، إلا أن هذه النظرية انتقدت ولم تأخذ بها التشريعات الجنائية، بل العكس اعتبرتها جريمة في حد ذاتها (السكر العلني) كما أنه يعتبر ظرف مشدد في الجرائم الأخرى، ذلك أن الطب أثبت أن السكر والإدمان ليس الدافع لإرتكاب الجريمة وإنما رغبة الشخص قبل تناوله هذه المادة هو الذي أدى به إلى ارتكاب الجريمة.
10. عامل الحالة المدنية للشخص: أي من زواج أو طلاق أو عزوبة، حيث اجريت دراسة على مجموعة من الأشخاص من عزاب ومتزوجين والمطلقين، توصل الباحثون إلى النتائج التالية: أن نسبة الإجرام تكاد تتلاشى لدى المتزوجين وترتفع نسبة ضئيلة لدى المتزوجين الذين يعانون مشاكل عائلية، وتبدأ في الارتفاع لدى العزاب وتصل أقصاها لدى المطلقين.
نقد: هذه النظرية وإن كان منها جانب من الصحة إلا أنه يمكن ارجاع ذلك إلى عوامل البيئة الاجتماعية أكثر من ارجاعه إلى عوامل فردية.
2- العوامل الخارجية للإجرام: وهو عوامل خارجة عن الفرد وإنما تتعلق بالمجتمع أو البيئة التي يعيش فيها وهي إما عوامل طبيعية أو اقتصادية أو سياسية أو ثقافية أو عائلية.
أ- العوامل الطبيعية: حيث توصل بعض الدارسون في علم الإجرام من حيث المناخ وتحولات الطقس وكذلك الموقع الجغرافي تؤثر كلها في السلوك الإجرامي للفرد، حيث توصلوا إلى أن الجو الحار كثر فيه نسبة جرائم الدم (القتل، الضرب، الجرح) أو الجو البارد كثر يه نسبة جرائم الأموال أما الجو المعتدل فتكثر فيه جرائم العرض.
كذلك توصلوا إلى أن الموقع الجغرافي يؤثر أيضا في سلوك الأفراد حيث وجدوا أن نسبة الإجرام في القرى تقل بكثير في العواصم والمدن الكبرى.
11. نقد: لا يمكن التسليم لهذا العامل وحده لارتكاب الجريمة ذلك أن الإنسان هو الذي يسخر الطبيعة لخدمته وليس العكس، فالطبيعة لا يمكنها التحكم في سلوك الإنسان، كما أن القول بأن القرية بعيدة عن الإجرام لا يمكن التسليم به فالكثير من الأشخاص الذين ارتكبوا الجرائم في المدن جاءوا من القرى.
ب- العوامل الاقتصادية: يفسر الدارسون السلوك الإجرامي حسب النظام الاقتصادي للدولة حيث يرى الاشتراكيون أن النظام الإشتراكي باعتباره يؤمن احتياجات الأفراد من غذاء علاج مسكن فإن ذلك يقلل من نسبة الإجرام فيه على العكس النظام الليبرالي الذي يخلق الطبقية في المجتمع وبالتالي تصبح الطبقة الفقيرة ترتكب الجرائم ضد الطبقة البرجوازية لتؤمن حاجياتها.
وفي المقابل أيضا نجد بعض الدارسين الليبراليين يقولون بأن النظام الاشتراكي يمتاز بالضغط على الفرد وعدم إشباع غريزة حب التملك لديه على العكس من النظام الليبرالي الذي يحقق ذلك بما يمنحه للفرد من حرية اقتصادية وبالتالي تقل نسبة الجرائم حسب رأيهم في النظام الليبرالي وترتفع في النظام الاشتراكي.
رغم اختلاف الاتجاهين إلا أنهما يتفقان في بعض النقاط وهي أن نسبة الإجرام ترتبط بقدرة الشخص على تلبية احتياجاته وهذا ما يرتبط أيضا بارتفاع الأسعار ومداخيل الأفراد وارتفاع نسبة البطالة من مجتمع إلى آخر.
نقد: لا يمكن اعتبار العامل الاقتصادي وحده سببا للجريمة التي هو نتاج مجموعة من العوامل.
ج- العوامل السياسية: حيث يرى البعض انه باعتبار الجريمة ظاهرة قانونية يحددها المشرع في كل دولة فهو إذن مرتبط بالنظام السياسي فيها، وباعتبار الأنظمة الملكية والأنظمة الدكتاتورية نسبة التجريم فيها عالية فإننا نجد أن نسبة الإجرام فيها عالية جدا، أنا الأنظمة الديمقراطية فإنها قليلة وعليه تكون نسبة الإجرام فيها أيضا منخفضة.
النقد: هذا التفسير على أساس العوامل السياسية وحده للإجرام لا يمكن الإعتماد عليه، لأن الواقع يثبت أن الدول التي تعتبر نفسها مهدا للديمقراطية اثبتت الدراسات أنها تحتل المراتب الأولى في نسبة الإجرام مثل أمريكا وألمانيا في حين أن السعودية رغم كونها نظاما ملكيا إلا أنها تعد من الدول الأقل نسبة في الإجرام عالميا.
د- العوامل الثقافية: حيث يقول البعض بأن مستوى التعليم والتهذيب في المجتمع يؤثر على سلوك أفراده وكذلك ثقافة الشعوب وعقائدهم الدينية تؤثر أيضا في نسبة الإجرام، كما أن التطور العلمي يؤدي في بعض الأحيان يؤدي إلى تطور الجريمة وظهور جرائم لم تكن موجودة من قبل.
النقد: لا يمكن القول أن هذا العامل وحده يؤدي إلى الجريمة، كما أن كثيرا من الجرائم تحتاج إلى مستوى تعليمي معين وغلى ذكاء ولا يستطيع القيام بها الشخص الأمر كما أن التقدم العلمي وإن أدى إلى تطور الجريمة فإنه أدى أيضا إلى تطور وسائل مكافحتها.
العوامل العائلية: حيث يرى الدارسون في علم الإجرام أن الأسرة لها تأثير كبير في سلوك الأبناء فكلما كانت الأسرة متماسكة والوالدين يقومان بها بواجبهما إزاء الأبناء كلما كان هؤلاء صالحون والعكس صحيح فكلما تصدعت العائلة وتفككت، وفسد الأبوين كلما كان الأبناء معرضين للسلوك الإجرامي، كثر وفساد الأسر ينتج عنه فساد المجتمع.
النقد: رغم صحة هذا الرأي إلى حد ما من حيث كتأثر الأسرة في الأبناء إلا أنه لا يمكن اعتباره العامل الوحيد للجريمة.
علم العقاب
1- تعريفه: ويعرق البعض بأنه ذلك العلم الذي يبحث في الغرض الحقيقي من توقيع الجزاء الجنائي واختياره أنسب الأساليب لتفيذ هذا الجزاء كي تتحقق الغاية منه.
2- علاقة علم العقاب ببعض القوانين والعلوم الأخرى:
أ- علاقته بعلم الإجرام: يتحد علم العقاب مع العلم الإجرام في الهدف والغاية والمتمكنة في حماية المجتمع من الجريمة ويختلفان من حيث الوسائل إلا أنه لا يمكن تصور علم العقاب بدون علم الإجرام لذلك العقوبة تستلزم وجود جريمة سابقة.
ب- علاقته بقانون العقوبات: علم العقاب هو الذي يمد المشرع في قانون العقوبات، بالعقوبات المناسبة لكن جريمة لتأتي في نص تشريعي يمنحها الشرعية.
ج- علاقته بقانون الإجراءات الجزائية: إذا كان علم العقاب هو الذي يبحث في العقوبات المناسبة للجريمة فإن قانون الإجراءات الجزائية هو الذي يحدد كيفية تنفيذها.
مما سبق نستنتج أن موضوع علم العقاب هو الجزاء الجنائي وكذلك المعاملة الجنائية للمجرمين وهذا ما سنتناوله في هذا الفصل على التوالي:
1- الجزاء الجنائي: ويقصد به العقوبة والتدابير الاحترازية:
أ- العقوبة: وهي الجزاء الذي يقرره المشرع ويوقعه القاضي على كل من تكتب إدانته بجريمة، ومن أهم خصائصه:
12. الشرعية: حيث يقوم المشرع بتحديد أو بوضع الحد الأدنى والحد الأقصى للعقوبة كل جريمة ويترك المجال بين ذلك لقناعة القاضي، وقد أكدت جميع المؤتمرات الدولية للقانون الجنائي على مبدأ شرعية العقوبة وهذا ما أخذت به التشريعات الجنائية ومنها التشريع الجزائري حيث يناص قانون العقوبات الجزائري في مادته 1 على أنه:" لا جريمة ولا عقوبة أو تدابير امن بغير قانون".
13. شخصية: أي أنها توقع علة من ثبتت مسؤوليته على ارتكاب الجريمة ولا تمتد إلى غيره سواء من الأصول أو الفروع أو الزوج الآخر.
14. قضائية: ويقصد بها أنها لا تطبق إلا بناء على حكم قضائي ومن جهة قضائية مختصة.
15. مؤلمة: الهدف من العقوبة هو إيلام المجرم من خلال الانتقاص من حقوقه الشخصية والمالية.
16. عادلة: أي أنها توازي بين حق الضحية الذي اعتدى عليه وحق المجتمع في الأمن والسكينة وحق المتهم في المحاكمة العادلة.
ب- أنواع العقوبات: تتفق التشريعات الوضعية التي وضعها الإنسان على أن العقوبة إما أنها تمس حق المتهم في الحياة وهي الإعدام وإن كانت منظمات حقوق الإنسان تنادي كلها تقريبا بإلغاء هذه العقوبة لأنه يستحيل تدارك الأخطاء القضائية فيها.
2- العقوبة الماسة بحق الحرية: وهي ما تسمى بالعقوبات السالبة للحرية أو المقيدة لها وتتمثل في السجن المؤبد أو السجن المؤقت أو الحبس أو المنع من الإقامة أو تحديد الإقامة أو الاعتقال (معتقل).
3- العقوبة الماسة بحق الملكية: وهو ما تسمى بالغرامة المالية.
هذه الأنواع باختلافها يؤكد الباحثون فشلها في تحقيق الغرض من العقوبة والمتمثل في الردع الخاص، لهذا أوكلت للمؤتمرات الدولية للقانون الجنائي البحث في عقوبة تكون مناسبة أكثر للطور العلمي الذي أدى إلى تطور الجريمة في الفترة الأخيرة، كما ناد البعض بإلغاء العقوبة السالبة للحرية الخاصة إذا كانت قصيرة المدى (أقل من سنة) لأنها من جهة لا تحقق الردع العام أو الخاص ومن جهة أخرى تثقل كاهل الدولة ولا تمكنها من تنفيذ برامج الإصلاح والتهذيب.
ج- التدابير الاحترازية (تدابير الأمن): ويعرفها علماء العقاب بأنها:"مجموعة الإجراءات التي يصدرها القاضي لمواجهة الخطورة الإجرامية الكامنة في شخص مرتكب الجريمة بغرض تخليصه منها".
من خلال هذا التعريف نستنتج أن خصائص هذه التدابير تتمثل فيما يلي:
1- خضوعها لمبدأ الشرعية: فلا يستطيع القاضي أن يحكم بتدبير لم ينص عليه في القانون وهذا ما يميزها من تدابير الأمن التي تتخذها السلطات الإدارية والطبية.
2- يجب أن تصدر من جهة قضائية مختصة.
3- يجب أن لا تكون محددة المدة وإنما تحدد مدتها بمدة العلاج.
4- لا تطبق إلا على الشخص الذي ارتكب جريمة من قبل وقد نص المشرع الجزائري على مجموعة من هذه التدابير الاحترازية حيث نجد أن المادة 19 ق ع ج التي تنص على أن :"تدابير الأمن الشخصية هي:
17. الحجز القضائي في مؤسسة نفسية. // الوضع القضائي في مؤسسة علاجية.
18. المنع من ممارسة مهنة أو نشاط أو فن. // سقوط حقوق السلطة الأبوية كلها أو بعضها."
كما ينص المشرع في م 20 ق ع ج على تدابير عينية بالنص على أنه:ط تدابير الأمن العينية: 1- مصادرة الأموال * 2- إغلاق المؤسسة".
وفي جميع الأحوال يجوز إعادة النظر في هذه التدابير على اساس تطور حالة صاحب الشأن.
-*- مشكلة تطبيق التدابير الاحترازية: رغم أهمية التدابير الاحترازية كحماية الأشخاص والمجتمع على السواء إلا أن هناك جدل في كيفية تطبيقها حيث يرى البعض أن تطبيق العقوبة يغني عن تدابير احترازية، في حين يرى البعض أنه من الأجدر تطبيق التدابير الاحترازية دون حاجة إلى العقوبة، غلا أن المعمول به في التشريعات الجنائية هو الأخذ بالتدابير الاحترازية والعقوبة معا إذ أن الشخص تطبق عليه التدابير الاحترازية كوقاية من عدم رجوعه إلى الجريمة مرة أخرى وفي نفس الوقت ينفذ العقوبة على الجريمة التي ارتكبها من قبل.
2- المعاملة العقابية:
ويقصد بها معاملة المحكوم عليهم داخل المؤسسات العقابية وكذلك بعض الأساليب للتعامل معهم بعد خروجهم من المؤسسة العقابية.
أساليب المعاملة داخل المؤسسات العقابية:
من أساليب المعاملة داخل المؤسسة العقابية نجد:
1- التصنيف الأفقي وفيها يتم تصنيفهم على المؤسسات العقابية في الدولة، ثم بعد ذلك يتم داخل كل مؤسسة عقابية.
2- تصنيف المجرمين حسب ظروفهم وذلك إما على أساس مدة العقوبة أو السوابق أو خطورة الجريمة أو الحالة الصحية للمحكوم عليه: التصنيف الرأسي.
وفي الجزائر هناك 3 أجهزة لتصنيف المحكوم عليهم:
1- تتمثل في لجنة داخل المؤسسة العقابية، تتكون من أخصائيين طبيبين اجتماعيين ونفسانيين ثم
2- لجنة ولائية توجد على مستوى كل ولاية.
3- لجنة مركزية توجد في العاصمة يتم تعيينها بقرار من وزير العدل.
أسلوب العمل: حيث تقوم الدولة يتوفير الآلات والأجهزة التي يشتغل بها المحكوم عليهم داخل المؤسسة العقابية وذلك كوسيلة لاستخراج طاقاتهم الكامنة وكذلك كوسيلة لإعادة تأهيلهم بعد خروجهم من المؤسسة ويشترط في العمل أن يكون إنتاجا وأن يكون بمقابل حيث يمنح له جزء من هذا المقابل داخل المؤسسة لتلبية بعض احتياجاته ويحتفظ بالجزء الآخر إلى وقت خروجه من المؤسسة.
اسلوب التعليم والتهذيب: حيث تمنح للمحكوم عليه فرصة التعليم والمطالعة وذلك لأن التعليم يقلل من الخطورة الإجرامية للشخص ويجعله قادرا على مواجهة المشاكل بطرق علمية، ومن أجل ذلك يجب أن تتوفر في المؤسرسة العقابية فرصة الإطلاع على الجرائد والمجلات وأن توجد مكتبة للمراجعة وان تلقى الدروس ومحاضرات على المحكوم عليه وأن يسمح لهم بإجراء الامتحانات في مواعيدها، إضافة إلى ذلك يجب أن يسمح لهم بإقامة شعائرهم الدينية مهما كانت ديانتهم وأن تلقى عليهم محاضرات دينية.
الرعاية الصحية الاجتماعية: حيث يجب أن يكون في كل مؤسسة عقابية فريق طبي يقوم بالفحص الأولي لكل محكوم عليه بمجرد دخوله للمؤسسة وذلك من أجل التأكد من خلوه من آثار التعذيب والأمراض النفسية أو العقلية أو المعدية كذلك يجب وقاية المحكوم عليهم من الأمراض وذلك عن طريق التلقيح إن وجد وباء داخل المؤسسة، كذلك عن طريق الغذاء الكامل وأن تتوفر لديه جميع وسائل النظافة في مأكله وملبسه ومرقده وجسمه، وإذا ما أصيب أحدهم بأي مرض يجب أن يلقى العلاج فورا داخل المؤسسة فإن لم يتمكن من ذلك فيجب إرساله إلى مؤسسة استشفائية مناسبة.
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma