بحث حول تعريف الحق"
خـطـة الـبـحـث:
الـمـقـدمـة:
المبحث الأول: تعريف الحق
المطلب الأول: النظريات التقليدية في تعريف الحق
الفرع الأول:
المذهب الشخصي ( النظرية الإدارية )
الفرع الثاني:
المذهب الموضوعي ( نظرية المصلحة )
الفرع الثالث:
المذهب المختلط
المطلب الثاني: النظرية الحديثة في تعريف الحق ( نظرية دابان )
المبحث الثاني: وجود الحق
المطلب الأول: إنكار فكرة الحق ( نظرية دوجي )
المطلب الثاني: إثبات وجود الحق ( نقد النظرية )
المبحث الثالث: تمييز الحق عما يشابهه
المطلب الأول: الحق و الحريات العامة
المطلب الثاني: الحق و الرخصة
الـخـاتـمـة:
الـمـقـدمـة:
القانون عبارة عن مجموعة قواعد تنظم سلوك الأشخاص في المجتمع على وجه الإلزام، وتكون مقترنة بجزاء بقصد فرض احترام الناس لها.
السلوك الذي يهتم القانون بتنظيمه يتمثل في العلاقات القانونية بين أفراد المجتمع بعضهم ببعض، أو بينهم وبين الدولة.
وتنتج هذه العلاقات القانونية حقوقا للبعض تقابلها واجبات تقع على البعض الآخر، ويتولى القانون تنظيم هذه الحقوق والواجبات.
والإشكال المطروح: ما هو مفهوم الحق؟ وما هي النظريات القائلة فيه؟
المبحث الأول: تعريف الحق
لقد اختلف فقهاء القانون في تعريف الحق، حيث حاول كل منهم تعريف الحق حسب انتمائه الفقهي.
المطلب الأول: النظريات التقليدية في تعريف الحق
الفرع الأول:المذهب الشخصي ( النظرية الإرادية )
تزعم هذا المبدأ الفقيه سافينيي Savigny، وينظر إلى الحق من منظور شخصي أي بالنظر على صاحب الحق، فيعرف الحق بأنه: (( قدرة أو سلطة إرادية تثبت للشخص ويستمدها من القانون.))، وجعل هذا المذهب من الحق صفة تلحق صاحبه، لهذا سمي بالمذهب الشخصي.
وقد انتقدت هذه النظرية بسبب أنها تربط الحق بالإرادة، بينما قد يثبت الحق للشخص دون أن تكون له إرادة كالمجنون والصبي غير المميز والجنين، كما قد تثبت للشخص حقوق دون علمه بها كالغائب والوارث الذي تنشأ له حقوق دون تدخله في ثبوتها. وكذلك الموصى له تنشأ له حقوق عن الوصية دون علمه بها، فالحق ينشأ ويثبت لصاحبه دون تدخل إرادته. أما استعمال هذا الحق فلا يكون إلا بالإرادة، ولذا فالصبي غير المميز لا يستعمل حقوقه إلا عن طريق نائبه ( الولي أو الوصي ).
فالمذهب الشخصي يبين كيفية استعمال الحق دون أن يعرفه، كما يتعارض تعريفه للحق باعتباره قدرة إرادية يخولها القانون لشخص معين - مع المنطق- إذ من غير المنطق ومن غير المتصور أن يعرف أمر معين بما ينتج عن وجوده، فالقدرة تنشأ عن وجود الحق، فهي تعبر عن مضمونه.
كما أن هذه النظرية انتقدت على أساس أن هناك بعض الحقوق التي تنشأ لصاحبها دون أن يكون لإرادته دور فيها كالحقوق التي يكون مصدرها المسؤولية التقصيرية، فحق المضرور يثبت دون أن يكون لإرادته دخل فيه.(1)
الفرع الثاني: المذهب الموضوعي ( نظرية المصلحة )
رائد هذه النظرية الفقية الألماني إيهرينغ Ihering ويعرف الحق بأنه مصلحة يحميها القانون، فوفقا لهذا الرأي يتكون الرأي من عنصرين: عنصر موضوعي وآخر شكلي.
ويقصد بـالعنصر الموضوعي: الغاية أو المصلحة التي تعود دائما على صاحب الحق، وقد تكون هذه المصلحة مادية إذا كان الحق ماليا، وقد تكون معنوية إذا كان الحق غير ماليا.
أما العنصر الشكلي: فيتمثل في الحماية القانونية التي يعتبرها ركنا من أركان الحق وهي ضرورية، وتتمثل في الدعوى القضائية التي يدافع بها صاحب الحق عن حقه.
1 - د. محمدي فريدة زواوي، المدخل إلى العلوم القانونية، نظرية الحق، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، الجزائر1998، ص 5- 6.
ولقد انتقدت هذه النظرية أيضا بأنها تعرف الحق بغايته إلى جانب أنها تعتبر المصلحة معيارا من وجود الحق، بينما الحق ليس كذلك دائما، فإذا كان من المسلم به أن الحق يكون مصلحة فالعكس ليس صحيح. فمثلا فرض الرسوم الجمركية على الواردات الأجنبية حماية للصناعات الوطنية تحقق مصلحة لأصحاب هذه الصناعات، لأن هذه الرسوم تحد من منافسة البضائع الأجنبية لبضائعهم، ورغم ذلك فإن هذه المصلحة لا تعطيهم الحق في فرض تلك الرسوم بأنفسهم.
إلى جانب ذلك فالمصلحة أمر شخصي وذاتي يختلف من شخص إلى آخر، فالمصلحة التي يحصل عليها الشخص من نفس الشيء قد تختلف من شخص إلى آخر حسب هدف كل واحد من الشيء وإذا طبقنا هذه النظرية فالحماية تختلف و تتنوع باختلاف فائدة الأشخاص، مما يؤدي إلى استعصاء تنسيق القواعد القانونية وتوحيدها.
وإذا كان هدف الحق هو المصلحة، فيجب تحديد إطارها لأن القانون لا يحمي إلا المصالح ذات القيمة الاجتماعية الأصلية. والحقيقة هي أن هذا المذهب لم يعرف الحق وإنما عرف هدفه وما يترتب عليه من حماية قانونية.
كما انتقدت هذه النظرية من جهة أخرى بأنها تعتبر الحماية القانونية عنصرا من عناصر الحق، إلا أنه لا يمكن اعتبارها كذلك في جميع الأحوال إذ الحماية تأتي بعد نشأة الحق.
الفرع الثالث: المذهب المختلط
يعرف أصحاب هذا المذهب الحق بأنه سلطة إرادية وهو في ذاته مصلحة يحميها القانون. فيعرف الحق بالقدرة الإرادية المعطاة لشخص في سبيل تحقيق مصلحة يحميها القانون.
وقد تعرضت هذه النظرية لعدة انتقادات، والتي وجهت للنظريتين السابقتين معا طالما أن التعريف يعتد بهما معا.
حيث لا تجتمع السلطة الإرادية والمصلحة لدى نفس الشخص، فإن مقتضى النظريات المختلطة عدم ثبوت الحق لأحد، كما لو كانت المصلحة ثابتة لعديم الأهلية بدون السلطة الإرادية، بينما تثبت هذه السلطة لنائبه دون أن تتوافر فيه المصلحة المقصودة. كما يعاب على هذا التعريف عدم تحديد لجوهر الحق.(1)
المطلب الثاني: النظرية الحديثة في تعريف الحق ( نظرية دابان )
نتيجة للانتقادات الموجهة للنظرية السابقة ظهرت نظرية أخرى وهي النظرية الحديثة في تعريف الحق، وحمل لواءها الفقيه البلجيكي دابان Dabin، وتأثر بها أغلب الفقهاء. يعرف أصحاب هذا المذهب الحق بأنه: (( ميزة يمنحها القانون لشخص ما ويحميها بطريقة قانونية، ويكون له بمقتضاها الحق في التصرف متسلطا على المال معترف له بصفته مالكا أو مستحقا له.))، والعناصر الأساسية التي نستخلصها من هذا التعريف هي:(2)
1 - د. فتحي عبد الرحيم عبد الله و أحمد شوقي محمد الرحمن، النظرية العامة للحق، منشأة المعارف، الإسكندرية 2001، ص 7.
2 - د. محمدي فريدة زواوي، المرجع السابق، ص 7- 8.
1. الحق يعبر عن سلطة يقرها القانون، أي سلطة مطابقة للقواعد القانونية ويترتب على هذا ضرورة احترام الغير لها، فلابد من احترام الغير لهذا الحق. وذلك بالامتناع عن كل ما من شأنه الإضرار باستئثار الشخص بحقه والتسلط عليه. فالحقوق مرتبطة بوجود الالتزامات في مواجهة الغير وليست هناك أهمية لحق معين إذا لم يكن الغير ملزم باحترامه وكذلك الحال إذا لم يمكن صاحبه دفع الاعتداء عليه.
وإذا كانت الحماية القانونية لازمة للحق إذ لابد من تدخل السلطة العامة لحمايته إلا أنها ليست عنصرا من عناصر وجوده، فالحق لا يحمى قانونا إلا إذا كان موجودا حقيقة، فالدعوى -ـ وهي من أهم وسائل الحماية ــ لا يمكن إقامتها إلا للدفاع عن حق موجود ومعترف به.
2. إن الحق يفترض وجود شخص معين يكون صاحبا له، وقد يكون هذا الشخص شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا، ويتمتع الشخص الطبيعي بصلاحيته لاكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات ويكتسب الشخصية القانونية بمجرد وجوبه وهو محمي قانونا وتكون له حقوق في مرحلته الأولى كالجنين، كما أن للمجنون حقوقا أيضا، وإن كانا لا يستطيعان ممارستها شخصيا. إذ ليس للإرادة دور في ذلك ويمكن للغير ( الولي، النائب ) ممارسة حقوق هؤلاء الأشخاص عن طريق نظام النيابة.
أما الشخص المعنوي فهو افتراض وجود قانوني لتجمع من الأموال أو الأشخاص، فيتحمل الالتزامات ويكسب الحقوق.
3. الحق يرد على قيمة معينة تكون محلا له، وقد يكون هذا المحل شيئا ماديا سواء كان عقارا أو منقولا، كما يمكن أن يكون عملا كالامتناع عن عمل أو القيام بعمل، وقد يكون قيمة معنوية كالإنتاج الفكري أو قيمة ملتصقة بالشخصية كحق الإنسان في سلامة جسمه وحقه في شرفه.
4. يفترض الحق أن تكون لصاحبه سلطة الاستئثار والتسلط على حقه:
*فالاستئثار هو الذي يميز الحق في الواقع يمكن القول بأن الحق ينشئ علاقة بين صاحب الحق ومحله ( مثال ذلك الشيء محل الملكية )، فهذه العلاقة تمثل الاستئثار بمعنى أن الحق هو ما يختص به صاحبه أي ماله. فالحق ليس المصلحة كما يقول إيهرينغ، حتى ولو كان الحق يحميها، وإنما هو الاستئثار بمصلحة أو بمعنى أدق الاستئثار بشيء يمس الشخص ويهمه ليس بصفته مستفيدا أو له أن يستفيد لكن بصفته أن هذا الشيء يخصه وحده.
* أما التسلط فهو النتيجة الطبيعيةللاستئثار ويقصد به سلطة صاحب الحق على ماله. بمعنى أدق: (( السلطة في التصرف الحر في الشيء محل الحق )).
فالتسلط لا يخلط إذن باستعمال الحق، فاستعمال الحق يتضمن سلطة إيجابية تترجم في مجرد دور للإرادة أما سلطة التصرف فهي رخصة في التصرف في الشيء محل الحق من جانب صاحبه بصفته سيدا عليه.(1)
ويختلف ذلك باختلاف أنواع الحقوق، إذ يتسع مجال الاستئثار والتسلط في نطاق الحقوق العينية، إذ تكون للشخص حرية استعمال واستغلال محل الحق كيفما شاء. بينما يضيق بالنسبة للحقوق الملتصقة بالشخص، إذ حق الشخص في إطارها يقتصر على إلزام الغير بعدم المساس بها واحترامها ولا يملك الشخص التصرف في هذه الحقوق ولا التنازل عنها.(2)
- د. نبيل سعد إبراهيم، المدخل إلى القانون، نظرية الحق، منشأة المعارف، الإسكندرية 2001.
2 - د. محمدي فريدة زواوي، المرجع السابق، ص 8 و ص 9.
والتسلط نتيجة حتمية للاستئثار، ولكن الاستئثار لا يثبت إلا للمالك أي صاحب الحق، أما التسلط أو مباشرة الحق فقد تثبت لشخص آخر كالوصي أو الولي مثلا.
المبحث الثاني: وجود الحق
المطلب الأول: إنكار فكرة الحق ( نظرية دوجي )
هناك من الفقهاء من أنكر وجود الحق وأبرزهم الفقيه دوجي Duguit الذي رفض فكرة الحقوق التي ينشئها القانون، ويرى أن الحق ما هو إلا سيطرة إرادة الشخص صاحب الحق على إرادة الشخص الملزم به. ويعتبر هذا التصور تصورا غير واقعي، إذ من الناحية الواقعية توجد إرادات متساوية.
ففي رأيه أن الشخص الذي يرتكب جريمة مثلا لا يعاقب على أساس مساسه بحق غيره، وإنما يعاقب لأنه خالف قاعدة من قواعد قانون العقوبات. فيكون في مركز قانوني معين... مركز السارق، أو مركز القاتل...
فلا يمكن القول بأن القاعدة القانونية تنشئ حقا لشخص وتحمل آخر بالتزام، إذ القاعدة القانونية لا تضيف لا القليل ولا الكثير من إرادة المكلف بالواجب أو المستفيد من أدائه.(1)
المطلب الثاني: إثبات فكرة الحق ( نقد نظرية دوجي )
تعرضت فكرة دوجي لاتنقادات شديدة، ذلك لأن فكرة الحق باعتبارها سلطة ممنوحة لشخص معين، فكرة موجودة فعلا. ويرى ريبير Ripert أن الحق هو سلطة ممنوحة لشخص، وهذه السلطة موجودة ولا يمكن لأحد إنكارها، إذ تجعل المدين في خدمة الدائن، بل كان في الماضي يجوز للدائن حبس المدين واعتباره أسيراوقتله، كما تجعل العامل في خدمة رب العمل، ويخضع كذلك الابن لأبيه، وتجعل المالك حرا في الاستئثار بملكه وكان من الضروري تحديد سلطته في هذا المجال.
ولكن وجود هذه الحقوق المسيطرة لا يعني تفوق إرادة شخص على إرادة شخص آخر، إذ الإرادات الفردية متساوية في جوهرها، ولكن حدوث وقائع قانونية معينة هو الذي يجعل شخصا ملزما إزاء شخص آخر، كعقد القرض مثلا: يجعل المقترض ملزما في مواجهة المقرض، وكذلك الخطأ كواقعة مادية يجعل محدث الضرر ملزما بالتعويض إزاء صاحب الحق وهو المضرور.
والحقيقة هي أن المركز القانوني ذاته الذي يتكلم عنه دوجي ما هو إلا تصور جديد لفكرة الحق، فلو كان الحق هو القانون ذاته لما كنا بحاجة إلى مراكز قانونية، فإذا كان الأفراد متساوين أمام القانون إلا أن كلا منهم يوجد في مركز خاص به يميزه عن غيره، فقد يكون
1 - د. محمدي فريدة زواوي، المرجع السابق، ص 3في مركز المستفيد من القاعدة القانونية أي صاحب الحق، أو في مركز الملتزم بها. ولعل إنكار دوجي فكرة الحق ناتج عن تخوفه من سيطرة أصحاب الحقوق وانتصار المذهب الفردي، ولكن محاربة هذا التعدي يمكن أن تكون عن طريق مراقبة استعمال هذه الحقوق وتقييدها أحيانا، إذ لا يمكن إنكار فكرة الحق مهما كان المبرر.(1
المبحث الثالث: تمييز الحق عما يشابهه
المطلب الأول: الحق والحريات العامة
الحق هو كل ما يثبت للشخص على سبيل التخصيص والإفراد، كحق الشخص في ملكية عين من الأعيان أو حقه في اقتضاء دين من الديون أو حقه في تطليق زوجته...
أما الحرية يعترف بها القانون للناس كافة دون أن تكون للاختصاص الحاجز، وينطبق ذلك على كل الحريات العامة التي يكفلها الدستور كحرية الاعتقاد وحرية التنقل (المادة 47) وحرية المسكن (المادة 40) وحرية التعبير (المادة 41) وحرية الرأي (المادة 36) وغيرها من الحريات العامة.
يتضح من ذلك أن الحرية تختلف عن الحق في عدة أوجه:
1. يرد الحق على أمر محدد وقابل للتحديد، أما الحرية مجرد إباحة للشخص في أن يمارس كل ما لم يمنحه القانون من نشاط.
2. للحق صفة الخصوصية أما الحرية فلها صفة العمومية، فالحرية لا تعرف فكرة الاستئثار أو الاقتضاء، أي كل الأشخاص في نفس المركز القانوني من حيث التمتع بما يتضمنه من سلطات. فالحرية أشبه بطريق عام بينما الحق أشبه بالطريق الخاص.
3. تستند الحرية إلى المبادئ العامة أما الحق فيرتبط بوجود واقعة معينة تؤدي إلى تطبيق قاعدة قانونية.
4. ترتبط نشأة الحق بوجود واقعة قانونية تؤدي إلى تطبيق قاعدة قانونية أما الحرية فتستند إلى المبادئ العامة ومن ثم فهي موجودة ولو لم توجد وقائع أو قواعد محددة.(2)
المطلب الثاني: الحق والرخصة
يسوي البعض بين الحرية والرخصة فاعتبروهما مرادفين لنفس المعنى، ولكن الرأي الراجح يرى أن الرخصة هي منزلة وسطى بين الحرية والحق، فمثلا هناك حق الملك وحرية التملك يوجد بينهما مركز متوسط يتمثل في رخصة الشخص أن يتملك، فالشخص له حرية تملك أي شيء من الأشياء، فإذا اشتراه أصبح صاحب حق ملك، وهناك مرحلة وسطى هي تلك التي يعرض عليه شراء الشيء. هنا يكون المشتري قبل قبول الصفقة في مركز خاص
1 - د. محمدي فريدة زواوي، المرجع السابق، ص 4.
2 - د. محمد حسين منصور، مدخل إلى القانون، القاعدة القانونية، نظرية الحق، رمضان وإخوانه للطباعة والتجليد، ص 38 و ص 39.
أي صاحب رخصة في أن يتملك، فالرخصة تمثل تجاوز الشخص لمرحلة الحرية وتقدمه نحو الوصول إلى الحق، ويقتضي ذلك وجد سبب أو واقعة معينة مستمدة من القانون. غير أن هذا السبب لا يؤدي إلى وجود الحق وإنما ينشأ عنه ما هو دون الحق وهي الرخصة.
مثال ذلك رخصة الموصى له في قبول الوصية، فله أن يقبلها أو يرفضها. وكذلك الرخصة الممنوحة للشفيع في أن يطلب الشفعة أو لا يطلبها، فالشفيع يملك الشيء المبيع إذا أخذ بالشفعة، وقبل بيع الشريك لنصيبه فإن الشفيع لا يكون له سوى حرية التملك. أما إذا باع الشريك نصيبه يكون هنا للشفيع رخصة التملك حيث يكون له أن يطلب الشفعة أو لا يطلبها.(1)
1 - د. محمد حسين منصور، المرجع السابق، ص 40.
الـخـاتـمـة:
على ضوء ما تقدم، فإنه يتضح مدى صعوبة وضع تعريف للحق يأخذ في الاعتبار الجوانب المختلفة. وإذا كان لنظرية دابان Dabin في تعريف الحق أثر كبير في الفقه الحديث، لما فيها من مزايا على النحو السابق بيانه، لذلك فإن التعريف الذي نستخلصه مما سبق يقع في نفس هذا الإطار، وهو: (( الحق هو الاستئثار الذي يقره القانون لشخص من الأشخاص، ويكون له بمقتضاه إما التسلط على شيء معين أو اقتضاه أداء معين من شخص آخر
خـطـة الـبـحـث:
الـمـقـدمـة:
المبحث الأول: تعريف الحق
المطلب الأول: النظريات التقليدية في تعريف الحق
الفرع الأول:
المذهب الشخصي ( النظرية الإدارية )
الفرع الثاني:
المذهب الموضوعي ( نظرية المصلحة )
الفرع الثالث:
المذهب المختلط
المطلب الثاني: النظرية الحديثة في تعريف الحق ( نظرية دابان )
المبحث الثاني: وجود الحق
المطلب الأول: إنكار فكرة الحق ( نظرية دوجي )
المطلب الثاني: إثبات وجود الحق ( نقد النظرية )
المبحث الثالث: تمييز الحق عما يشابهه
المطلب الأول: الحق و الحريات العامة
المطلب الثاني: الحق و الرخصة
الـخـاتـمـة:
الـمـقـدمـة:
القانون عبارة عن مجموعة قواعد تنظم سلوك الأشخاص في المجتمع على وجه الإلزام، وتكون مقترنة بجزاء بقصد فرض احترام الناس لها.
السلوك الذي يهتم القانون بتنظيمه يتمثل في العلاقات القانونية بين أفراد المجتمع بعضهم ببعض، أو بينهم وبين الدولة.
وتنتج هذه العلاقات القانونية حقوقا للبعض تقابلها واجبات تقع على البعض الآخر، ويتولى القانون تنظيم هذه الحقوق والواجبات.
والإشكال المطروح: ما هو مفهوم الحق؟ وما هي النظريات القائلة فيه؟
المبحث الأول: تعريف الحق
لقد اختلف فقهاء القانون في تعريف الحق، حيث حاول كل منهم تعريف الحق حسب انتمائه الفقهي.
المطلب الأول: النظريات التقليدية في تعريف الحق
الفرع الأول:المذهب الشخصي ( النظرية الإرادية )
تزعم هذا المبدأ الفقيه سافينيي Savigny، وينظر إلى الحق من منظور شخصي أي بالنظر على صاحب الحق، فيعرف الحق بأنه: (( قدرة أو سلطة إرادية تثبت للشخص ويستمدها من القانون.))، وجعل هذا المذهب من الحق صفة تلحق صاحبه، لهذا سمي بالمذهب الشخصي.
وقد انتقدت هذه النظرية بسبب أنها تربط الحق بالإرادة، بينما قد يثبت الحق للشخص دون أن تكون له إرادة كالمجنون والصبي غير المميز والجنين، كما قد تثبت للشخص حقوق دون علمه بها كالغائب والوارث الذي تنشأ له حقوق دون تدخله في ثبوتها. وكذلك الموصى له تنشأ له حقوق عن الوصية دون علمه بها، فالحق ينشأ ويثبت لصاحبه دون تدخل إرادته. أما استعمال هذا الحق فلا يكون إلا بالإرادة، ولذا فالصبي غير المميز لا يستعمل حقوقه إلا عن طريق نائبه ( الولي أو الوصي ).
فالمذهب الشخصي يبين كيفية استعمال الحق دون أن يعرفه، كما يتعارض تعريفه للحق باعتباره قدرة إرادية يخولها القانون لشخص معين - مع المنطق- إذ من غير المنطق ومن غير المتصور أن يعرف أمر معين بما ينتج عن وجوده، فالقدرة تنشأ عن وجود الحق، فهي تعبر عن مضمونه.
كما أن هذه النظرية انتقدت على أساس أن هناك بعض الحقوق التي تنشأ لصاحبها دون أن يكون لإرادته دور فيها كالحقوق التي يكون مصدرها المسؤولية التقصيرية، فحق المضرور يثبت دون أن يكون لإرادته دخل فيه.(1)
الفرع الثاني: المذهب الموضوعي ( نظرية المصلحة )
رائد هذه النظرية الفقية الألماني إيهرينغ Ihering ويعرف الحق بأنه مصلحة يحميها القانون، فوفقا لهذا الرأي يتكون الرأي من عنصرين: عنصر موضوعي وآخر شكلي.
ويقصد بـالعنصر الموضوعي: الغاية أو المصلحة التي تعود دائما على صاحب الحق، وقد تكون هذه المصلحة مادية إذا كان الحق ماليا، وقد تكون معنوية إذا كان الحق غير ماليا.
أما العنصر الشكلي: فيتمثل في الحماية القانونية التي يعتبرها ركنا من أركان الحق وهي ضرورية، وتتمثل في الدعوى القضائية التي يدافع بها صاحب الحق عن حقه.
1 - د. محمدي فريدة زواوي، المدخل إلى العلوم القانونية، نظرية الحق، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، الجزائر1998، ص 5- 6.
ولقد انتقدت هذه النظرية أيضا بأنها تعرف الحق بغايته إلى جانب أنها تعتبر المصلحة معيارا من وجود الحق، بينما الحق ليس كذلك دائما، فإذا كان من المسلم به أن الحق يكون مصلحة فالعكس ليس صحيح. فمثلا فرض الرسوم الجمركية على الواردات الأجنبية حماية للصناعات الوطنية تحقق مصلحة لأصحاب هذه الصناعات، لأن هذه الرسوم تحد من منافسة البضائع الأجنبية لبضائعهم، ورغم ذلك فإن هذه المصلحة لا تعطيهم الحق في فرض تلك الرسوم بأنفسهم.
إلى جانب ذلك فالمصلحة أمر شخصي وذاتي يختلف من شخص إلى آخر، فالمصلحة التي يحصل عليها الشخص من نفس الشيء قد تختلف من شخص إلى آخر حسب هدف كل واحد من الشيء وإذا طبقنا هذه النظرية فالحماية تختلف و تتنوع باختلاف فائدة الأشخاص، مما يؤدي إلى استعصاء تنسيق القواعد القانونية وتوحيدها.
وإذا كان هدف الحق هو المصلحة، فيجب تحديد إطارها لأن القانون لا يحمي إلا المصالح ذات القيمة الاجتماعية الأصلية. والحقيقة هي أن هذا المذهب لم يعرف الحق وإنما عرف هدفه وما يترتب عليه من حماية قانونية.
كما انتقدت هذه النظرية من جهة أخرى بأنها تعتبر الحماية القانونية عنصرا من عناصر الحق، إلا أنه لا يمكن اعتبارها كذلك في جميع الأحوال إذ الحماية تأتي بعد نشأة الحق.
الفرع الثالث: المذهب المختلط
يعرف أصحاب هذا المذهب الحق بأنه سلطة إرادية وهو في ذاته مصلحة يحميها القانون. فيعرف الحق بالقدرة الإرادية المعطاة لشخص في سبيل تحقيق مصلحة يحميها القانون.
وقد تعرضت هذه النظرية لعدة انتقادات، والتي وجهت للنظريتين السابقتين معا طالما أن التعريف يعتد بهما معا.
حيث لا تجتمع السلطة الإرادية والمصلحة لدى نفس الشخص، فإن مقتضى النظريات المختلطة عدم ثبوت الحق لأحد، كما لو كانت المصلحة ثابتة لعديم الأهلية بدون السلطة الإرادية، بينما تثبت هذه السلطة لنائبه دون أن تتوافر فيه المصلحة المقصودة. كما يعاب على هذا التعريف عدم تحديد لجوهر الحق.(1)
المطلب الثاني: النظرية الحديثة في تعريف الحق ( نظرية دابان )
نتيجة للانتقادات الموجهة للنظرية السابقة ظهرت نظرية أخرى وهي النظرية الحديثة في تعريف الحق، وحمل لواءها الفقيه البلجيكي دابان Dabin، وتأثر بها أغلب الفقهاء. يعرف أصحاب هذا المذهب الحق بأنه: (( ميزة يمنحها القانون لشخص ما ويحميها بطريقة قانونية، ويكون له بمقتضاها الحق في التصرف متسلطا على المال معترف له بصفته مالكا أو مستحقا له.))، والعناصر الأساسية التي نستخلصها من هذا التعريف هي:(2)
1 - د. فتحي عبد الرحيم عبد الله و أحمد شوقي محمد الرحمن، النظرية العامة للحق، منشأة المعارف، الإسكندرية 2001، ص 7.
2 - د. محمدي فريدة زواوي، المرجع السابق، ص 7- 8.
1. الحق يعبر عن سلطة يقرها القانون، أي سلطة مطابقة للقواعد القانونية ويترتب على هذا ضرورة احترام الغير لها، فلابد من احترام الغير لهذا الحق. وذلك بالامتناع عن كل ما من شأنه الإضرار باستئثار الشخص بحقه والتسلط عليه. فالحقوق مرتبطة بوجود الالتزامات في مواجهة الغير وليست هناك أهمية لحق معين إذا لم يكن الغير ملزم باحترامه وكذلك الحال إذا لم يمكن صاحبه دفع الاعتداء عليه.
وإذا كانت الحماية القانونية لازمة للحق إذ لابد من تدخل السلطة العامة لحمايته إلا أنها ليست عنصرا من عناصر وجوده، فالحق لا يحمى قانونا إلا إذا كان موجودا حقيقة، فالدعوى -ـ وهي من أهم وسائل الحماية ــ لا يمكن إقامتها إلا للدفاع عن حق موجود ومعترف به.
2. إن الحق يفترض وجود شخص معين يكون صاحبا له، وقد يكون هذا الشخص شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا، ويتمتع الشخص الطبيعي بصلاحيته لاكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات ويكتسب الشخصية القانونية بمجرد وجوبه وهو محمي قانونا وتكون له حقوق في مرحلته الأولى كالجنين، كما أن للمجنون حقوقا أيضا، وإن كانا لا يستطيعان ممارستها شخصيا. إذ ليس للإرادة دور في ذلك ويمكن للغير ( الولي، النائب ) ممارسة حقوق هؤلاء الأشخاص عن طريق نظام النيابة.
أما الشخص المعنوي فهو افتراض وجود قانوني لتجمع من الأموال أو الأشخاص، فيتحمل الالتزامات ويكسب الحقوق.
3. الحق يرد على قيمة معينة تكون محلا له، وقد يكون هذا المحل شيئا ماديا سواء كان عقارا أو منقولا، كما يمكن أن يكون عملا كالامتناع عن عمل أو القيام بعمل، وقد يكون قيمة معنوية كالإنتاج الفكري أو قيمة ملتصقة بالشخصية كحق الإنسان في سلامة جسمه وحقه في شرفه.
4. يفترض الحق أن تكون لصاحبه سلطة الاستئثار والتسلط على حقه:
*فالاستئثار هو الذي يميز الحق في الواقع يمكن القول بأن الحق ينشئ علاقة بين صاحب الحق ومحله ( مثال ذلك الشيء محل الملكية )، فهذه العلاقة تمثل الاستئثار بمعنى أن الحق هو ما يختص به صاحبه أي ماله. فالحق ليس المصلحة كما يقول إيهرينغ، حتى ولو كان الحق يحميها، وإنما هو الاستئثار بمصلحة أو بمعنى أدق الاستئثار بشيء يمس الشخص ويهمه ليس بصفته مستفيدا أو له أن يستفيد لكن بصفته أن هذا الشيء يخصه وحده.
* أما التسلط فهو النتيجة الطبيعيةللاستئثار ويقصد به سلطة صاحب الحق على ماله. بمعنى أدق: (( السلطة في التصرف الحر في الشيء محل الحق )).
فالتسلط لا يخلط إذن باستعمال الحق، فاستعمال الحق يتضمن سلطة إيجابية تترجم في مجرد دور للإرادة أما سلطة التصرف فهي رخصة في التصرف في الشيء محل الحق من جانب صاحبه بصفته سيدا عليه.(1)
ويختلف ذلك باختلاف أنواع الحقوق، إذ يتسع مجال الاستئثار والتسلط في نطاق الحقوق العينية، إذ تكون للشخص حرية استعمال واستغلال محل الحق كيفما شاء. بينما يضيق بالنسبة للحقوق الملتصقة بالشخص، إذ حق الشخص في إطارها يقتصر على إلزام الغير بعدم المساس بها واحترامها ولا يملك الشخص التصرف في هذه الحقوق ولا التنازل عنها.(2)
- د. نبيل سعد إبراهيم، المدخل إلى القانون، نظرية الحق، منشأة المعارف، الإسكندرية 2001.
2 - د. محمدي فريدة زواوي، المرجع السابق، ص 8 و ص 9.
والتسلط نتيجة حتمية للاستئثار، ولكن الاستئثار لا يثبت إلا للمالك أي صاحب الحق، أما التسلط أو مباشرة الحق فقد تثبت لشخص آخر كالوصي أو الولي مثلا.
المبحث الثاني: وجود الحق
المطلب الأول: إنكار فكرة الحق ( نظرية دوجي )
هناك من الفقهاء من أنكر وجود الحق وأبرزهم الفقيه دوجي Duguit الذي رفض فكرة الحقوق التي ينشئها القانون، ويرى أن الحق ما هو إلا سيطرة إرادة الشخص صاحب الحق على إرادة الشخص الملزم به. ويعتبر هذا التصور تصورا غير واقعي، إذ من الناحية الواقعية توجد إرادات متساوية.
ففي رأيه أن الشخص الذي يرتكب جريمة مثلا لا يعاقب على أساس مساسه بحق غيره، وإنما يعاقب لأنه خالف قاعدة من قواعد قانون العقوبات. فيكون في مركز قانوني معين... مركز السارق، أو مركز القاتل...
فلا يمكن القول بأن القاعدة القانونية تنشئ حقا لشخص وتحمل آخر بالتزام، إذ القاعدة القانونية لا تضيف لا القليل ولا الكثير من إرادة المكلف بالواجب أو المستفيد من أدائه.(1)
المطلب الثاني: إثبات فكرة الحق ( نقد نظرية دوجي )
تعرضت فكرة دوجي لاتنقادات شديدة، ذلك لأن فكرة الحق باعتبارها سلطة ممنوحة لشخص معين، فكرة موجودة فعلا. ويرى ريبير Ripert أن الحق هو سلطة ممنوحة لشخص، وهذه السلطة موجودة ولا يمكن لأحد إنكارها، إذ تجعل المدين في خدمة الدائن، بل كان في الماضي يجوز للدائن حبس المدين واعتباره أسيراوقتله، كما تجعل العامل في خدمة رب العمل، ويخضع كذلك الابن لأبيه، وتجعل المالك حرا في الاستئثار بملكه وكان من الضروري تحديد سلطته في هذا المجال.
ولكن وجود هذه الحقوق المسيطرة لا يعني تفوق إرادة شخص على إرادة شخص آخر، إذ الإرادات الفردية متساوية في جوهرها، ولكن حدوث وقائع قانونية معينة هو الذي يجعل شخصا ملزما إزاء شخص آخر، كعقد القرض مثلا: يجعل المقترض ملزما في مواجهة المقرض، وكذلك الخطأ كواقعة مادية يجعل محدث الضرر ملزما بالتعويض إزاء صاحب الحق وهو المضرور.
والحقيقة هي أن المركز القانوني ذاته الذي يتكلم عنه دوجي ما هو إلا تصور جديد لفكرة الحق، فلو كان الحق هو القانون ذاته لما كنا بحاجة إلى مراكز قانونية، فإذا كان الأفراد متساوين أمام القانون إلا أن كلا منهم يوجد في مركز خاص به يميزه عن غيره، فقد يكون
1 - د. محمدي فريدة زواوي، المرجع السابق، ص 3في مركز المستفيد من القاعدة القانونية أي صاحب الحق، أو في مركز الملتزم بها. ولعل إنكار دوجي فكرة الحق ناتج عن تخوفه من سيطرة أصحاب الحقوق وانتصار المذهب الفردي، ولكن محاربة هذا التعدي يمكن أن تكون عن طريق مراقبة استعمال هذه الحقوق وتقييدها أحيانا، إذ لا يمكن إنكار فكرة الحق مهما كان المبرر.(1
المبحث الثالث: تمييز الحق عما يشابهه
المطلب الأول: الحق والحريات العامة
الحق هو كل ما يثبت للشخص على سبيل التخصيص والإفراد، كحق الشخص في ملكية عين من الأعيان أو حقه في اقتضاء دين من الديون أو حقه في تطليق زوجته...
أما الحرية يعترف بها القانون للناس كافة دون أن تكون للاختصاص الحاجز، وينطبق ذلك على كل الحريات العامة التي يكفلها الدستور كحرية الاعتقاد وحرية التنقل (المادة 47) وحرية المسكن (المادة 40) وحرية التعبير (المادة 41) وحرية الرأي (المادة 36) وغيرها من الحريات العامة.
يتضح من ذلك أن الحرية تختلف عن الحق في عدة أوجه:
1. يرد الحق على أمر محدد وقابل للتحديد، أما الحرية مجرد إباحة للشخص في أن يمارس كل ما لم يمنحه القانون من نشاط.
2. للحق صفة الخصوصية أما الحرية فلها صفة العمومية، فالحرية لا تعرف فكرة الاستئثار أو الاقتضاء، أي كل الأشخاص في نفس المركز القانوني من حيث التمتع بما يتضمنه من سلطات. فالحرية أشبه بطريق عام بينما الحق أشبه بالطريق الخاص.
3. تستند الحرية إلى المبادئ العامة أما الحق فيرتبط بوجود واقعة معينة تؤدي إلى تطبيق قاعدة قانونية.
4. ترتبط نشأة الحق بوجود واقعة قانونية تؤدي إلى تطبيق قاعدة قانونية أما الحرية فتستند إلى المبادئ العامة ومن ثم فهي موجودة ولو لم توجد وقائع أو قواعد محددة.(2)
المطلب الثاني: الحق والرخصة
يسوي البعض بين الحرية والرخصة فاعتبروهما مرادفين لنفس المعنى، ولكن الرأي الراجح يرى أن الرخصة هي منزلة وسطى بين الحرية والحق، فمثلا هناك حق الملك وحرية التملك يوجد بينهما مركز متوسط يتمثل في رخصة الشخص أن يتملك، فالشخص له حرية تملك أي شيء من الأشياء، فإذا اشتراه أصبح صاحب حق ملك، وهناك مرحلة وسطى هي تلك التي يعرض عليه شراء الشيء. هنا يكون المشتري قبل قبول الصفقة في مركز خاص
1 - د. محمدي فريدة زواوي، المرجع السابق، ص 4.
2 - د. محمد حسين منصور، مدخل إلى القانون، القاعدة القانونية، نظرية الحق، رمضان وإخوانه للطباعة والتجليد، ص 38 و ص 39.
أي صاحب رخصة في أن يتملك، فالرخصة تمثل تجاوز الشخص لمرحلة الحرية وتقدمه نحو الوصول إلى الحق، ويقتضي ذلك وجد سبب أو واقعة معينة مستمدة من القانون. غير أن هذا السبب لا يؤدي إلى وجود الحق وإنما ينشأ عنه ما هو دون الحق وهي الرخصة.
مثال ذلك رخصة الموصى له في قبول الوصية، فله أن يقبلها أو يرفضها. وكذلك الرخصة الممنوحة للشفيع في أن يطلب الشفعة أو لا يطلبها، فالشفيع يملك الشيء المبيع إذا أخذ بالشفعة، وقبل بيع الشريك لنصيبه فإن الشفيع لا يكون له سوى حرية التملك. أما إذا باع الشريك نصيبه يكون هنا للشفيع رخصة التملك حيث يكون له أن يطلب الشفعة أو لا يطلبها.(1)
1 - د. محمد حسين منصور، المرجع السابق، ص 40.
الـخـاتـمـة:
على ضوء ما تقدم، فإنه يتضح مدى صعوبة وضع تعريف للحق يأخذ في الاعتبار الجوانب المختلفة. وإذا كان لنظرية دابان Dabin في تعريف الحق أثر كبير في الفقه الحديث، لما فيها من مزايا على النحو السابق بيانه، لذلك فإن التعريف الذي نستخلصه مما سبق يقع في نفس هذا الإطار، وهو: (( الحق هو الاستئثار الذي يقره القانون لشخص من الأشخاص، ويكون له بمقتضاه إما التسلط على شيء معين أو اقتضاه أداء معين من شخص آخر
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma