المحاضرة السادسة : الحقوق المجاورة لحق المؤلف
للأستاذ الدكتور محمد سامي عبد الصادق .
من أبرز الموضوعات الحديثة نسبياً والتي اقتضت الحاجة تنظيمها بموجب قواعد الملكية الفكرية موضوع "الحقوق المجاورة لحق المؤلف" ، والتي سميت بهذا الاسم لأنها تجاور حقوق المؤلفين، وتتشابه معها في بعض الصفات والمميزات، كما تتحد معها في الإطار والهدف كما سنرى لاحقاً.
تعريف الحقوق المجاورة وتطورها التاريخي:
• إن التعريفات التي قيلت في الحقوق المجاورة لم تزد على كونها تؤكد على أن هذه الحقوق هي الحقوق التي تثبت لمساعدي المبدعين ، ولم يكن من بينها تعريف جامع مانع ، وذلك لسببين ، السبب الأول هو عدم تحديد المعيار الذي على أساسه يتم الحماية استناداً إلى قواعد الحقوق المجاورة، والسبب الثاني يتمثل في اختلاف طوائف الحقوق المجاورة وما يستتبعه من تفاوت في الحقوق الممنوحة للمستفيدين من هذه الحقوق.
• ولقد ظهرت فكرة حماية أصحاب الحقوق المجاورة في أعقاب الصراع الذي نشأ في فترة من الفترات بين المؤلفين من جانب وفناني الأداء من جانب آخر، إذ لم يكن لهؤلاء الحق قانوناً في الاستفادة من الحماية المقررة للمؤلفين في تشريعات حق المؤلف، الأمر الذي دعاهم إلى المطالبة بوضع ضوابط لحقوقهم تلحق بأحكام اتفاقية برن في صيغ التعديلات التي طرأت عليها، إلا أن طلبهم هذا لم يجد قبولاً في فترة من الفترات.
• وفي هذا السياق، يجدر بنا أن نشير إلى أن دولة السودان هي أولى الدول العربية التي نظمت الحقوق المجاورة لحق المؤلف، وكان ذلك تحديداً في سنة 1992م، كذلك تم تقنين هذه الحقوق في الجزائر بالقانون رقم 10 لسنة 1997م، ولبنان بالقانون رقم 75 لسنة 1999م، والكويت بالقانون رقم 5 لسنة 1999م ، وسوريا بالقانون الصادر سنة 2000م. أما التشريع المصري فلم يتناول الحماية المقررة للحقوق المجاورة إلا في القانون الحالي رقم 82 لسنة 2002م.
حقوق فناني الأداء :
(أ) المقصود بفناني الأداء:
يرجع الفضل في تحـديد المقصود بفناني الأداء إلى اتفـاقية روما الصادرة في 26 من أكتوبر سنة 1961م ، والمنظمة لحقوق فناني الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية وهـيئات الإذاعة ، إذ نصت الفقرة الأولى من المادة (3) من أحـكام هذه الاتفاقية على أنه : " لأغراض هذه الاتفاقية يقصد بتعبير "فناني الأداء": الممثلون والمغنون والموسيقيون والراقصون وغيرهم من الأشـخاص الذين يمثـلون أو يغنون أو ينشـدون أو يعزفون في مصنفات أدبية أو فنية أو يؤدون فيها بصورة أو بأخرى"
أما قانون الملكية الفكرية فنص في المادة (138) على أن فناني الأداء هم الأشخاص الذين يمثلون أو يغنون أو يلقون أو ينشدون أو يعزفون أو يرقصون في مصنفات أدبية أو فنية محمية طبقاً لأحكام هذا القانون أو آلت إلى الملك العام ، أو يؤدون فيها بصورة أو بأخرى، بما في ذلك التعبيرات الفلكلورية.
(ب) مدى كفاية القواعد العامة لحماية حقوق فناني الأداء:
مع انتشار التسجيلات السمعية والسمعية البصرية وغيرها من الوسائل الحديثة المستخدمة في نقل المصنفات إلى الجمهور ، أصبح من الصعب على الفنان مراقبة استعمال أدائه الفني ، فعلى سبيل المثال نجد أن ترخيص الفنان ببث أحد أعماله عن طريق التليفزيون المصري لا يعطي له القدرة على الحيلولة دون إعادة بثه عن طريق تليفزيون دولة أخرى أو منع تثبيته على دعامات مادية . ولا شك أن هذا الأمر من شأنه أن يجعل الحماية العقدية التي كان يعول عليها فنانو الأداء – في فترة سابقة – مقصورة على القيام بدورها الاتجاه العام السائد بين فقهاء الملكية الأدبية والفنية في مختلف دول العالم كان يذهب إلى رفض حماية حقوق فناني الأداء بموجب قواعد حقوق المؤلف ، طالما أنه لا توجد نصوص خاصة تنظم هذه الحماية ، أيضاً كان تأكيد هؤلاء الفقهاء على الحاجة الملحة لوجود قواعد قانونية مستقلة تتولى حماية حقوق هذه الطائفة بجانب الحماية المقررة لهم بموجب القواعد العامة ، ولعل هذا ما قد تحقق بالفعل من خلال الاعتراف ببعض الحقوق الأدبية والمالية التي تتشابه مع حقوق المؤلفين ، والتي أقرتها مجموعة كبيرة من التشريعات ، وتناولتها تحت ما يعرف باسم "الحقوق المجاورة لحق المؤلف".
(ج) الحقوق الأدبية والمالية المقررة لفناني الأداء:
• فيما يخص الحقوق الأدبية سنلحظ أنهم يتمتعون وخلفهم العام من بعدهم بحق أدبي أبدى لا يقبل التنازل عنه أو التقادم يخولهم الحق في نسبة الأداء الحي أو المسجل إليهم على النحو الذي أبدعوه عليه، وكذلك الحق في منع أي تغيير أو تحريف أو تشويه في أدائهم. مع الأخذ في الاعتبار أن وزارة الثقافة تباشر هذا الحق الأدبي في حالة عدم وجود وارث أو موصى له وذلك بعد انقضاء مدة حماية الحقوق المالية المنصوص عليها في القانون.
• وهكذا أعطى قانون الملكية الفكرية المصري – شأنه في ذلك شأن أغلب تشريعات الملكية الفكرية في العالم للفنانين المؤدين الحق في نسبة الأداء إليهم والحق في احترام هذا الأداء. وبناءً على ذلك يستطيع كل فنان أن يعترض على إتاحة التسجيلات السمعية أو السمعية البصرية التي تتضمن عمله دون ذكر اسمه أو مع ذكر اسم آخر أو مع تشويه في العمل عن طريق الإضافة إليه أو الحذف منه ، أيضاً أكد نصوص القانون على أن هذه الحقوق الأدبية تنتقل إلى الورثة لحماية أداء الفنان المتوفى ، كما أنها لا تتقادم ولا يجوز التصرف فيها .
• أما بالنسبة للحقوق المالية فقد نص المشرع على أنه يتمتع فنانو الأداء بالحقوق الاستئثارية في توصيل أدائهم إلى الجمهور والترخيص بالإتاحة العلنية أو التأجير أو الإعارة للتسجيل الأصلي للأداء أو لنسخ منه، أو منع أي استغلال لأدائهم ، بأية طريقة من الطرق ، بغير ترخيص كتابي مسبق منهم ، ويعد استغلالاً محظوراً بوجه خاص تسجيل هذا الأداء الحي على دعامة أو تأجيرها بهدف الحصول على عائد تجارى مباشر أو غير مباشر أو البث الإذاعي لها إلى الجمهور، أو في تأجير أو إعارة الأداء الأصلي أو نسخ منه لتحقيق غرض تجارى مباشر أو غير مباشر ، بغض النظر عن ملكية الأصل أو النسخ المؤجرة، وكذلك في الإتاحة العلنية لأداء مسـجل عبر الإذاعة أو أجهزة الحاسـب الآلي أو غيرها من الوسائل ، وذلك بما يحقق تلقيه على وجه الانفراد في أي زمان أو مكان.
• وهذه الحقوق المالية مقررة لمدة خمسين سنة تبدأ من تاريخ الأداء أو التسجيل على حسب الأحوال.
حقوق منتجي التسجيلات الصوتية:
ويقصد بمنتج التسجيلات الصوتية ذلك الشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يسجل لأول مرة مصنفاً تسجيلاً صوتياً أو أداء لأحد فناني والتعريف المصري لمنتجي التسجيلات الصوتية يتفق مع التعريفات الواردة بالتشريعات المقارنة.
ويتمتع منتجو التسجيلات الصوتية بحقوق مالية نصت عليها المادة (157) من قانون الملكية الفكرية، إذ يحق لهم منع أي استغلال لتسجيلاتهم بأية طريقة من الطرق بغير ترخيص كتابي مسبق منهم ، ويعد بوجه خاص استغلالاً محظوراً في هذا المعنى نسخها أو تأجيرها أو البث الإذاعي لها أو إتاحتها عبر أجهزة الحاسب الآلي أو غيرها من الوسائل، هذا فضلاً عن حقهم في الإتاحة العلنية لتسجيل صوتي بوسائل سلكية أو لاسلكية أو عبر أجهزة الحاسب الآلي أو غيرها من الوسائل.
ويلزم في هذا الصدد، أن نشير إلى أن حقوق منتجي التسجيلات الصوتية تقتصر على الحقوق المالية دون الحقوق الأدبية، خلافاً لما عليه الحال بالنسبة لفناني الأداء الذين يتمتعون بحقوق أدبية إلى جانب حقوقهم المالية.
كذلك يبقى أن نؤكد على أن الحقوق المالية الاستئثارية لمنتجي التسجيلات الصوتية في مجال استغلال تسجيلاتهم تنقضي بمضي خمسين سنة تبدأ من تاريخ التسجيل أو النشر أيهما أبعد ، وذلك في الحدود المنصوص عليها في القانون (المادة 167 من قانون الملكية الفكرية).
حقوق هيئات الإذاعة :
عرفت الفقرة (14) من المادة (138) من القانون هيئات الإذاعة على أنها البث السمعي أو السمعي البصري للمصنف أو للأداء أو للتسجيل الصوتي أو لتسجيل المصنف أو الأداء، وذلك إلى الجمهور بطريقة لاسلكية، ويعد كذلك البت عبر التوابع الصناعية.
ووفقاً للمادة (158) من القانون تتمتع هيئات الإذاعة بالحقوق المالية الاستئثارية في منح الترخيص باستغلال تسجيلاتها أو منع أي توصيل لتسجيلها التليفزيوني لبرامجها إلى الجمهور بغير ترخيص كتابي مسبق منها، ويعد بوجه خاص استغلاًلاً محظوراً تسجيل هذه البرامج أو عمل نسخ منها أو بيعها أو تأجيرها أو إعادة بثها أو توزيعها أو نقلها إلى الجمهور بأية وسيلة كانت بما في ذلك الإزالة أو الإتلاف لأية حماية تقنية لهذه البرامج كالتشـفير أو غيره.
كذلك لهيئات البث الإذاعي الحق في إذاعة المصنفات التي تؤدى في أي مكان عام ، وتلتزم هذه الهيئات بإذاعة اسم المؤلف وعنوان المصنف وبسداد مقابل عادل نقدي أو عيني للمؤلف ، كما تلتزم بسداد أي تعويض آخر إذا كان لذلك مقتضى.
منقول ...
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma