المقدمة :
يعود الأصل التاريخي لشركة التوصية البسيطة إلى القرن السادس قبل الميلاد عندما ابتكر الإغريق نظام القرض البحري حيث يتم الاتفاق بين ربان السفينة وشخص يقرضهم مبلغا من المال يستعمله الربان في تجهيز السفينة وإذا عادت السفينة من رحلتها سالمة التزم الربان برد مبلغ القرض والفائدة أما إذا غرقت السفينة أو أصيبت بخسارة فإن المقرض لايطالب الربان لابمبلغ القرض ولا بمبلغ الفائدة ثم نتج عن ذلك عقد التوصية ووضع الثقة وانتشر هذا العقد أيضا في التجارة البرية غير انه كان يتم في شكل مستمر كوسيلة للتحايل على تحريم الربا من طرف الكنيسة في القرون الوسطى فكانت طبقة الأشراف ورجال الدين يقدمون رؤوس الأموال بمقتضى هذا العقد بتقديم المال إلى احد التجار لكي يمارس التجارة ثم يقسم الطرفان الأرباح والخسائر بنسب يتفقان عليها في العقد شريطة ألا تتجاوز خسارة صاحب المال مقدار ماقدمه من أموال ، أما التاجر فيسأل عن الخسائر جميعها وبدون تحديد ولما اعترفت الكنيسة بتلك القروض واعتبرتها قروضا إنتاجية ى ربوية مخصصة للإستلاك ، زال التستر عنها وتم تكوين شركات كبين أصحاب رؤوس الأموال الذين يحصلون على نصيب من الأرباح ولا يسألون عن ديون الشركة إلا في حدود حصصهم ، والتجار الذين كانوا يسألون عن ديون الشركة على وجه التضامن وهذا عندما ازدهرت التجارة في الجمهوريات الإيطالية في القرون الوسطى وأطلق على هذه الشركات اسم شركة التوصية البسيطة وبقيت إلى يومنا هذا .
المبحث الأول: مفهوم شركة التوصية البسيطة : بعد أن تطرقنا لفكرة ظهور هذا النوع من الشركات نبحث الآن عن مفهومها وهذا ما سنتناوله في المطلبين التاليين
المطلب الأول : تعريف وخصائص شركة التوصية البسيطة :
أولا : تعريف شركة التوصية البسيطة :
لم يقم المشرع الجزائري بتعريف هذا النوع من الشركات في المرسوم التشريعي 93/08 المؤرخ في 25أفريل 1993 ولكن لم يتوانى الفقه في تعريفها حيث ذكر أنها شركة تشمل فئتين من الشركاء وهو شركاء متضامنون يحق لهم دون سواهم القيام بأعمالهم الإدارية وهم مسئولون بصفتهم الشخصية وبوجه التضامن على إيفاء ديون الشركة أما الفئة الثانية فهم شركاء موصون يقدمون نسبة محددة من المال ولا يلزم كل منهم إلا في حدود النسبة التي قدمها ، وقد عرف هذا النوع من الشركات المشرع المصري في المادة 23 من القانون التجاري المصري :{{ الشركة التي تعقد بين شريك واحد أو أكثر مسئولين ومتضامنين وبين شريك واحد أو أكثر يكونون أصحاب أموال فيها وخارجين عن الإدارة ويسمون موصين }}
وتصنف شركة التوصية البسيطة ضمن شركات الأشخاص لأنها تقوم على الاعتبار الشخصي مثل شركة التضامن ولكنها تختلف عنها في بعض الأحكام الخاصة بسبب وجود شركاء موصون الى جانب الشركاء المتضامنين كما أوجبت المادة 563 مكرر أن يتضمن القانون الأساسي لشركة التوصية البسيطة البيانات التالية :
1- مبلغ وقيمة حصص كل الشركاء
2- حصة كل شريك متضامن أو شريك موصي
3- الحصة الإجمالية للشركاء المتضامنين وحصتهم في الأرباح وكذا الخسائر
ثانيا : خصائص شركة التوصية البسيطة : من خلال التعريف نستخلص الخصائص التالية :
- تتكون الشركة من نوعين من الشركاء : شراء متضامنون ، آخرون موصون
- عنوان الشركة حسب المادة 563 مكرر2 لايشمل عنوان الشركة إلا على إسم واحد أو أكثر من الشركاء المتضامنين ويضاف إليه كلمة وشركائهم والعبرة من هذا هو أن يعلم الغير بوجود الشركة اما الشركاء الموصون فلا يجوز أن تندرج أسماؤهم في عنوان الشركة وذلك لأن مسؤوليتهم محدودة بقدر الحصة المقدمة في رأس مال الشركة ، وفي حالة ماإذا أذن احد الشركاء الموصون بدخول اسمه في عنوان الشركة ، فإنه يسأل مسؤولية مطلقة عن ديون الشركة كما لو كان شريكا متضامنا وتبعا لذلك يكتسب صفة التاجر ، والسبب في ذلك هو ان الشريك الموصي يظهر للغير بمظهر الشريك المتضامن مما يستوجب حماية الأشخاص الذين يتعاملون مع الشركة ، وأيضا لتدعيم ائتمان الشركة .
- أما إذا أدرج اسمه بغير علمه أو بعلمه ورغم اعتراضه فلا يلحقه الجزاء ويظل محتفظا بصفته كشريك موصي في مواجهة الغير ويقع على عاتق الشريك الموصي إثبات عدم العلم أو العلم والاعتراض وإذا أخفق في ذلك وقع عليه الجزاء.
المطلب الثاني : المركز القانوني للشريك في شركة التوصية البسيطة :
أولا الشركاء المتضامنون : يسأل كل واحد منهم عن ديون الشركة مسؤولية شخصية تضامنية ومطلقة بمعنى أن الشريك لا يسأل من قبل دائني الشركة فقط بقدر حصته في رأسمال الشركة وإنما يسأل أيضا عن هذه الديون
في أمواله الخاصة كما هو الحال بالنسبة للشركاء جميعا في شركة التضامن/ ويترتب على هذه المسؤولية الشخصية التضامنية اكتساب الشريك صفة التاجر كما تعود إدارة الشركة لكافة الشركاء مالم يشترط القانون الأساسي على خلاف ذلك ، وتندرج أسماء الشركاء جميعا في عنوان الشركة ، ولايجوز ان تكون حصص الشركاء ممثلة في سندات قابلة للتداول إلا انه يمكن للشريك المتضامن تحويل جزء من حصصه إلى شريك موصي أو إلى شخص أجنبي عن الشركة ولايتم ذلك إلا بموافقة جميع الشركاء المتضامنين والشركاء الموصين الممثلين لاغلبية رأسمال الشركة وهذا طبقا للعقد التأسيسي للشركة المادة 563مكرر 7
ثانيا الشركاء الموصين:
يجوز للأشخاص الذين حرموا من حق ممارسة التجارة بسبب الوظيفة التي يشغلونها أزو المهنة التي يمارسونها أن يدخلوا كشركاء موصون في شركة التوصية البسيطة ، كما \ان الشريك الموصي لا يلتزم بتقييد اسمه في السجل التجاري ولا يمسك الدفاتر التجارية ولا يخضع لنظام الإفلاس ويتحمل نتائج العمل المشترك فإذا ربحت الشركة اخذ قسما من هذا الربح وهو مسؤول عن قسم من الخسارة في حدود حصته ويأل كل واحد منهم عن ديون الشركة بقدر حصته في رأسمال الشركة والتي لايمكن أن تكون على شكل عمل وفقا للمادة 563مكرر1 أما إذا لم يكن قد أوفى بحصته كلها أو بعضها فإنه يعتبر مدينا بها للشركة ، ولها أن تطالبه بها بواسطة مديرها ، كما أنه يجوز لدائني الشركة ان يطالبوه بتقديمها باسم الشركة عن طريق الدعوى غير المباشرة
كما لايمكن للشريك الموصي القيام بأي عمل خارجي ولو بمقتضى وكالة ولا يكتسب صفة التاجر وهذا بالرغم من ان التزامهم بتقديم الحصص يعتبر عمل تجاري ، كما أنه لايجوز للشريك الموصي التنازل عن حصته للغير إلا بموافقة جميع الشركاء ، غير أنه يمكن أن يشترط القانون الأساسي للشركة تحويل حصص الشركاء الموصون بكل حرية بين الشركاء ، كما يجوز تحويل حصص الشركاء المتضامنين والشركاء الموصون الممثلين لأغلبية رأسمال الشركة المادة 563 مكرر 7
المبحث الثاني: تسيير الشركة وانقضاؤها
المطلب الأول : إدارة الشركة : تخضع شركة التوصية البسيطة للأحكام في إدارة الشركة بوجه عام فإدارتها تتم بواسطة مدير أو أكثر ، ويسري في تعيين المدير وعزله وتحديد سلطاته نفس القواعد المعمول بها في شركة التضامن ( ) حيث يعين في القانون الأساسي ويسمى المدير النظامي أو الإتفاقي ويمكن ان يعين باتفاق مستقل عن القانون الأساسي للشركة فيسمى بذلك المدير غير النظامي أو غير الإتفاقي () ولكن نظرا للاختلاف المركز القانوني للطائفتي الشركاء التي يتكون منها هذا النعو من الشركات فإن ذلك ينعكس بالضرورة على ادارتها وتسييرها ، فلا يجوز ان يكون المدير موصيا ( ) وهذا ما نستنتجه من المادة 563/1 مكرر 5 وإنما يجب ان تكون الإدارة لأحد الشركاء المتضامنين أو لشخص أجنبي عن الشركة وإذا لم يتم تعيينه كانت الإدارة للشركاء المتضامنين وحدهم( )
وسبب هذا الحظر حسب رأي الفقهاء يعود لسببين أولهما حماية للشركاء المتضامنين : حتى لا يندفع الشركاء الموصون بالقيام بتصرفات من شأنها توريط الشركاء في عمليات ' صفقات ) تفوق امكانياتها المادة
وثانيهما حماية للغير من الإنخداع الذي يسهل الوقوع فيه أثناء التعامل مع الشريك الموصي بسبب اسمه المذكور في القانون الأساسي حيث يدفع للإعتقاد بأنه شريك متضامن مسؤول مسؤولية مطلقة فيمنح الشركة ائتمانا كبيرا
ولكن هذا الحظر محصور فقط في المعاملات الخارجية ولو قام بها لمرة واحدة او قام بها بناءا على توكيل كما استنتجنا من المادة 563/1 مكرر 5 والتي يقصد بها المعاملات التي تتطلب تمثيل الشركة أمام الغير واتصال المدير بالجمهور في أعمال تجعل الشركة دائنة ومدينة ، ولكن يسمح له بتأدية أعمال الإدارة الداخلية والتي يقصد بها الأعمال المتصلة بنشاط الشركة دون ان يتطلب فيها ظهور الشريك أمام الغير كممثل لها ، مثل الإطلاع على دفاتر الشركة ومستنداتها ، ابداء الرأي في أعمالها ، و القيام بالرقابة او توظيفه كمحاسب او مدير فني او مصفي متى دخلت الشركة في دور التصفية كما لايجوز ان يتضمن القانون الأساسي شسرطا يقضي بحرمان الشريك الموصي من هذه الأعمال المادة 563مكرر6 وذلك لانها حقا من حقوقه
الجزاء المترتب على مخالفة الحظر: يتضح من نص المادة 563/2 مكرر 5 أن الشريك كذلك كما لو كان شريكا متضامنا ولكن اعتباره شريكا متضامنا إنما يكون في العلاقة مابين الموصي والغير أما بالنسبة إلى الشركاء فإنه يطل محتفظا بصفته كشريك موصي لايسأل إلا في حدود حصته ويجوز له الرجوع عليهم بما دفعه للغير زائدا عن حصته ان كان قد باشر العمل بناءا على توكيل من بقية الشركاء أو إذا استفادت الشركة من هذا العمل طبقا لقواعد الإثراء بلا سبب او الفضالة وإذا تكرر تدخل الموصي في أعمال الإدارة الخارجية المحظورة جاز اعتباره مسؤولا على وجه التضامن عن جميع ديون الشركة ولو لم تكن ناتجة عن الأعمال التي أجراها كما يسأل بهذه الصفة في حال مار أعمال خارجية ذو أهمية بالغة وهذا مايستفاد من نص الفقرة 02 من المادة 563 مكرر5
المطلب الثاني : انقضاء الشركة : تنقضي شركة التوصية البسيطة بالأسباب العامة التي تنقضي بها جميع الشركات أولأسباب خاصة تتعلق بالشخص الشريك في الحالات التالية :
وفاة او اعسار أو افلاس أو نقص اهلية الشريك او فقدانها : مبدئيا وبما أن الشريك الموصي مسؤول في حدود حصته فإن اعساره او فقدانه لأهليته او نقصانها لايؤثر على الشركة المادة 563 مكرر9 { تستمر الشركة رغم وفاة شريك موصي ...} وإذا كان الشريك الموصي هو الشريك الوحيد في الشركة نطبق الأحكام العامة بحيث تنقضي الشركة اذا لم يصحح الوضع بإدخال شريك موصي في خلال سنة من وقوع العارض او الإعسارأو الوفاة أما بالنسبة للشريك المتضامن فتنقضي الشركة إلا إذا اتفق الشركاء على استمرارها في العقد التأسيسي وفقا للمادة 563 مكرر9 وإذا كان ورثة هذا الشريك قصرا فإنهم يصبحون شركاء موصين وإذا كان الشريك المتضامن هو الشريك الوحيد وورثته كلهم قصرا غير راشدين فإنه يجب تصحيح الوضع بإيجاد شريك متضامن آخر يحل محل الشريك المتضامن المتوفى وإلا تحل الشركة بقوة القانون حسب الفقرة الثانية للمادة السالفة الذكر .
أما في حالة افلاس الشريك او فقدانه لأهليته فأيضا مبدئيا تنقضي الشركة تطبيقا للمادة 563 مكرر 10 الفقرة الأولى ولكن يمكن ان تستمر الشركة إذا اتفق الشركاء بالإجماع على ذلك حسب الفقرة الثانية من نفس المادة .
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma