البحث الأول فى مقياس القانون التجارى
المطلب الأول: تعريف القانون التجاري
جرى الفقه على تعريف القانون التجاري بأنه ذلك الجزء من القانون الخاص الذي يحكم الأعمال التجارية، ونشاط التجار في ممارسة تجارتهم.
وطبقًا
للتقسيم التقليدي للقانون إلى قانون عام وقانون خاص، فإن القانون التجاري
يأخذ مكانه بين فروع القانون الخاص، والقانون التجاري بهذا التعريف لا
ينظم إلا فئة معينة من الأعمال هي الأعمال التجارية ولا ينطبق إلا على
طائفة معينة من الأشخاص هم التجار، وهو لذلك أضيق نطاقًا من القانون
المدني الذي يعتبر مثابة الشريعة العامة والمتضمن للقواعد القانونية التي
تحكم بحسب الأصل الروابط القانونية بين الأفراد بصرف النظر عن صفاتهم
وطبيعة أعمالهم.
وتعبير قانون تجاري Commercial Law مشتق في الأصل
من كلمة تجارة Commerce ، إلا أن لهذه الكلمة في المفهوم القانوني معنى
يختلف عن معناها في المفهوم الإقتصادي، إذ هي لا تشمل في هذا المفهوم
الأخير سوى العمليات المتعلقة بتداول الثروات وتوزيعها في حين أنها تشمل
في المفهوم الأول زيادة على ذلك العمليات المتعلقة بالصناعة، ومفاد ذلك أن
للتجارة في مفهوم القانون معنى أوسع وأشمل من معناها لدى علماء الإقتصاد
إذ أنه لا يفرق – على عكس هؤلاء – بين التجارة والصناعة، فكل رب صناعة هو
تاجر قانونًا [1].
المطلب الثاني: أسباب وجود القانون التجاري
يمكن
تبرير وجود قانون خاص بالتجارة ومستقل عن القانون المدني بما ينطوي عليه
هذا القانون من قواعد تيسر سرعة إبرام الصفقات التجارية وتدعم الإئتمان
وتقوي ضماناته [2].
أولاً)- السرعة:
السرعة هي روح التجارة،
إذ بخلاف الشخص غير التاجر الذي يشتري البضاعة ليستهلكها أو ليحتفظ بها
وبالتالي لا يقدم على التصرف إلا بعد تروٍ وتبصر ووزن للأمور من كافة
الأوجه، فإن التاجر سعيًا وراء تحقيق الكسب والاستفادة من تقلبات الأسعار
وتفاديًا لتلف البضائع يقوم في كل يوم بإبرام العديد من العمليات
التجارية، من هنا كانت حاجته إلى قواعد تتفق وطبيعة النشاط الذي يمارسه أي
إلى قواعد أكثر مرونة وأقل شكلية من قواعد القانون المدني وذلك سواء فيما
يتعلق بإبرام التصرفات القانونية وإثباتها وحل ما قد ينشأ عنها من خلافات
أو فيما يتعلق بتداول الحقوق التجارية.
لذلك كان من بين أهم قواعد
القانون التجاري تلك القاعدة التي تقضي بحرية الإثبات في المواد التجارية،
وطبقًا لهذه القاعدة يجوز إثبات التصرفات القانونية بكافة الوسائل بما في
ذلك الكتابة وشهادة الشهود والقرائن والدفاتر التجارية والمراسلات
والفواتير. وحرية الإثبات في المراسلات التجارية مبدأ مسلم به حتى في
الدول التي تستلزم قوانينها للإثبات في المواد المدنية كتابة التصرف
القانوني متى تجاوز نصابًا معينًا أو كان غير محدد القيمة.
ويترتب
على حرية الإثبات في هذه المواد التجارية نتيجة بالغة الأهمية بالنسبة
للتجار ألا وهي جواز إبرام الصفقات التجارية عن طريق الاتفاقات الشفهية
والهاتف والبرق والتلكس.
كذلك تهتم قواعد القانون التجاري بإنهاء
الخلافات المترتبة على التجارة بسرعة وبواسطة أشخاص يتوافر لديهم الإلمام
بالبيئة التجارية وبقوانينها، لذلك تشجع معظم التشريعات التجارية اللجوء
إلى التحكيم وتعنى في نفس الوقت بتنظيم قضاء يتخصص في المواد التجارية.
ومن
مظاهر اهتمام القانون التجاري بالسرعة اهتمامه بتبسيط إجراءات تداول
الحقوق الثابتة في الصكوك التجارية وهي الكمبيالة والسند الإذني والشيك،
فهو يقضي بانتقال الحقوق الثابتة في هذه الصكوك بالتسليم إذا كانت
لحاملها، وبالتظهير إذا كانت إذنيه، وذلك خلافًا لحوالة الحقوق الشخصية
التي تستلزم في القانون المدني إتباع إجراءات معينة.
ولكن ليس
معنى ذلك أن القانون التجاري خال من الشكلية، فالشركات التجارية والأوراق
التجارية مثلاً تخضع لقواعد شكلية خاصة، ومع ذلك فالرأي متفق لدى شرح
القانون التجاري على أن الشكلية في القانون التجاري لا تعدو أن تكون
مظهرًا من مظاهر التبسيط والسرعة التي يكفلها هذا القانون إذ هي تسمح
بمجرد الإطلاع على الشكل الذي يفرغ فيه التصرف.
ثانيًا)- الإئتمان:
يهتم
القانون التجاري بالائتمان اهتمامًا بالغًا ويتمثل الائتمان في منح المدين
أجلاً للوفاء، فالتاجر غالبًا ما يحتاج إلى فترة زمنية أي إلى أجل للوفاء
ولتنفيذ تعهداته، إذ هو كثيرًا ما يقوم بشراء بضائع جديدة قبل أن يتمكن من
قبض ثمن البضاعة المبيعة أو من تصريفها بكاملها، ومن هنا تأتي أهمية
الائتمان في الحياة التجارية وبالتالي أهمية القانون التجاري، فهو القانون
الذي يحتوي على مجموعة القواعد والأنظمة التي تعنى بخلق أدوات الائتمان
ومؤسساته كنظام الأوراق التجارية ونظام البنوك والشركات وفي نفس الوقت
بتدعيمه وحمايته كنظام الإفلاس.
وهكذا يتضح أن السرعة والإئتمان هما أساس ومبرر وجود القانون التجاري وبالتالي استقلاله عن القانون المدني.
المبحث الثاني: مصادر القانون التجاري
كلمة مصدر تعني المنبع بصفة عامة وللقانون عدة مصادر أو منابع استقى منها
أساسه هو المصدر الموضوعي أو المادي والمصدر التاريخي والمصدر الرسمي
والمصدر التفسيري ويقصد بالمصدر المادي أو الموضوعي للقانون الظروف
الاجتماعية التي استمد منها نشأته على خلاف المصدر التاريخي الذي يمثل
الظروف التاريخية التي تكون عبرها القانون ويقصد بالمصدر الرسمي للقانون
المصدر الذي تستمد منه القاعدة قوتها الملزمة على خلاف المصدر التفسيري
الذي لا يلزم القاضي بالرجوع إليه إنما يلجأ له من قبيل الاستئناس
وللقانون التجاري بصفة عامة كبقية فروع القانون عدة مصادر نقتصر منها على
المصادر الرسمية والمصادر التفسيرية وهي الفقه والقضاء باعتبارهما مصدرين
تفسيريين يلجأ إليها القاضي إذا أعوزه التشريع ومبادئ الشريعة الإسلامية
والعرف [3].
المطلب الأول: المصادر الرسمية
أولا- التشريع:
التشريع يجيء في المرتبة الأولى بين مختلف المصادر وعلى القاضي أن يرجع
إليه أولا ولا يرجع إلى غيره من المصادر إلا إذا لم يجد نصا تشريعيا يطبق
على الحالة المعروضة.
ويمثل التشريع كمصدر من مصادر القانون التجاري فيما يلي:
أ) ـ المجموعة التجارية:
ويقصد بها قواعد وأحكام القانون التجاري
ب) ـ المجموعة المدنية:
ويقصد بها قواعد وأحكام القانون المدني الصادر.
فالقاعدة الأساسية أن نصوص المجموعة التجارية هي التي تحكم أصلا المواد
التجارية على أنه إذا لم يرد في هذه القوانين التجارية نصوص خاصة بعلاقات
معينة تعين الرجوع إلى أحكام القانون المدني بإعتباره الشريعة العامة التي
تنظم جميع العلاقات سواء كانت تجارية أو مدنية فكما سبق أن ذكرنا تعتبر
أحكام وقواعد القانون التجاري استثناء من أصل عام يجب الرجوع إليه في كل
حالة لا يحكمها نص خاص وإذا فرض ووجد تعارض بين نص تجاري ونص مدني وجب أن
يغلب النص التجاري مهما كان تاريخ نفاده وذلك تطبيقا للقاعدة التفسيرية
التي تقضي بأن النص الخاص يغلب على النص العام بشرط أن يكون كلا النصين
على درجة واحدة فإذا كان أحدهما نصا آمرا والآخر مفسرا وجب الأخذ بالنص
الآمر لأنه نص لا يجوز الاتفاق على مخالفته.
ثانيا- الشريعة الإسلامية:
اعتبر القانون المدني الجزائري في مادته الأولى مبادئ الشريعة الإسلامية
المصدر الرسمي الثاني بعد التشريع وقبل العرف ومعنى ذلك أن القاضي وهو
يفصل في منازعة تجارية إذا لم يجد حكمها في النصوص التشريعية فعليه الرجوع
إلى مبادئ الشريعة الإسلامية والمقصود بهذه المبادىء القواعد المستقاة من
القرآن الكريم والسنة والإجماع والاجتهاد [4].
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma