العقار الصناعي
تمهيد
أن ضروريات الدخول في اقتصاد السوق ، وتدعيم فكرة الاستثمار من الناحية القانونية يتطلب التعرض لمسألة سوق العقار ، و بصفة خاصة مسألة العقار الصناعي ، باعتباره الوسيلة المثلى للاستثمار ، لان المستثمر اصبح يهتم اكثر بعنصر الاستغلال كأحدى عناصر الملكية فنشات مناطق صناعية و مناطق للاستثمار ،غير أن هذا الأمر طرح اشكالية استغلال العقار الصناعي كمفهوم جديد للاستثمار، ودفع بالمشرع الجزائري الى البحث عن ضوابط قانونية وادارية وعملية وبسيطة لتنظيمه ،مع البحث عن كيفيات وطرق معينة للاستغلال في شكل عقود تستمد أسسها من القانون المدني ، ولكنها تتميز عنه في أنها غير جامدة وتتمتع بشروط استثنائية وغير مألوفة في القانون العام . فما هو الاطار التشريعي والتنظيمي للعقار الاقتصادي? وما هى اليات تنظيم و استغلال العقار الصناعي?
المطلب الاول : الاطار التنظيمي للعقار الصناعي
لقد عرف العقار الصناعي منذ الاستقلال عدة أنظمة للاستثمار فيه ،ونظرا للأهمية التي أعطيت له ، قام المشرع بتنظيمه بصفة متميزة تتماشى مع النظام السياسي والاقتصادي.
ولعل أول عملية تنظيم لهذا النوع من العقار كان في بداية السبعينات ، حيث ظهرت فكرة تقسيمه الى مناطق ، كالمناطق الصناعية المنشأة عام 1973 غير أن الإشكال الذي ظهر فيما بعد كان يتعلق بطبيعة عقد الملكية في هذه المناطق ، وكيفية تسييره وحمايته ، هذا اذا اعتبرنا ان هذه المناطق يجب معرفة حدودها حتى تخضع لنظام خاص في استغلالها.
كما نظم المشرع استغلال هذا العقار حسب المناطق، بشروط قانونية وادارية تختلف باختلاف المنطقة والنشاطات الاستثمارية المراد انجازها، وترتبط مباشرة بالعقار الصناعي في حد ذاته وبمستغل هذا العقار من جهة ثانية.
إن أول تحديد للعقار الصناعي كان في إطار القانون رقم 73/45 المؤرخ في 18 فيفري 1973، المتعلق بإنشاء لجنة استشارية لإنشاء ما يسمى بالمناطق الصناعية، وكذا المراسيم التنفيذية اللاحقة له، والتي صدرت بعد مرور 10 سنوات أي في سنة 1984، حيث تضمنت تهيئة وإدارة وتسيير المناطق الصناعية، الا انه مع مرور الزمن لم يظهر بوضوح الدور الذي لعبه العقار الصناعي في تطوير وترقية الاقتصاد الوطني، ثم برزت مسألة العقار الصناعي بمفهوم الاصول العقارية المتبقية في اطار قانون 88/01 المؤرخ في 12/01/1988 المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية الذى بقي يتخبط في مشاكل قانونية وعملية ، الى غاية صدور قانون 93/12 المؤرخ في 05 أكتوبر 1993، المتعلق بترقية الاستثمار، والذي جاء بتنظيم خاص بالاستثمار في ميدان العقار الصناعي، بشكل اوسع من الناحية القانونية، ومن حيث الأهداف الاقتصادية وذلك عبر مراسيم تنفيذية صادرة في سنة 1994، والتي رسمت حدود هذه المناطق، واستمر الوضع على هذا الحال في الاستثمار الصناعي إلى غاية صدور قانون 01/16 المؤرخ في 21 أكتوبر 2001 والمصادق للأمر 01/03 المتعلق بتطوير الاستثمار، والأمر 01/04لمتعلق بتنظيم المؤسسة العمومية الاقتصادية وسيرها وخوصصتها والذي نظم حدود استغلال العقار الصناعي حسب مفهوم جديد.
وعلى هذا الترتيب الزمني نتناول بالتفصيل دراسة القواعد القانونية المنظمة لهذه المناطق وكيفية الاستثمار فيها، ابتداء من قانوني 73/45 و 88/01 قانون 93/12 ، قانون 01/16 ثم الامر 01/04و اخيراالامر06/11 .
الفرع الاول: المناطق الصناعية
في عام 1973 ظهرت ما تسمى بالمناطق الصناعية، وذلك بصدور القانون رقم 73/45 المؤرخ في 28 فيفري 1973 المتعلق بإنشاء لجنة استشارية لتهيئة المناطق الصناعية، حيث حدد شروط إيجاد 77 منطقة صناعية على مستوى إقليم البلديات والولايات، وعبر كامل التراب الوطني، وتم تحديد شروط إدارتها عن طريق المرسوم رقم 84/55 المؤرخ في 03 مارس 1984.
ما هي كيفيات إدارة المناطق الصناعية تسييرها?
1/إدارة المناطق الصناعية :
يقصد بإدارة المناطق الصناعية حسب المرسوم 84/55 المذ كورسابقا ،
تهيئتها كمرحلة أولى ثم القيام بإدارتها كمرحلة ثانية ، ومن الناحية القانونية فان الإدارة تعني التهيئة والتسيير معا، وتتم تهيئة المناطق الصناعية عن طريق أجهزة ومؤسسات مختلفة نذكرها حسب الترتيب الأتى:
• هيئات عمومية اقتصادية منشاة بموجب المرسوم رقم 82/02 المؤرخ 09 مارس 1983 وهذا عندما تكون المنطقة الصناعية تحتوى على ما يلي:
*نشاطات ذات منفعة محلية
* نشاطات ذات منفعة وطنية ومتنوعة تابعة لوزارات مختلفة
•مؤسسات اقتصادية حسب الكيفيات التي كان ينتظر أن تحدد لاحقا، عندما تكون المنطقة الصناعية تحتوى على نشاطات ذات منفعة وطنية، خاصة وتابعة لسلطة رئاسة واحدة.
• عن طريق دفتر الشروط الخاص بإدارة المناطق الصناعية والصادر بناءا على التعليمة الوزارية المؤرخة في 05 مارس 1984.
ان شروط أدارة الفضاءات العقارية داخل هذه المناطق، التزام على عاتق الهيئات المديرة وهيئات أخرى تتولى بصفة تعاقدية تهيئة هذه المنشآت المشتركة، مع احترام مبادئ التهيئة العمرانية في المنطقة الصناعية، وذلك في الحالات العادية أما فيما يخص قواعد تسيير المناطق ذات طبيعة السلطة العامة، فإنها من صلاحيات الوالي، وذلك في إطار ممارسة صلاحيات الضبط الإداري وخاصة فيما يتعلق بالأمن الداخلي للمنطقة ( قواعد السير، التوقف، الوقاية من الأخطار، وحماية البيئة...الخ )
وفي هذا السياق تقع على عاتق الأجهزة المهيئة في إدارة المناطق الصناعية، ضرورة المحافظة على :
- عملية التهيئة: تقوم بها مؤسسات عمومية اقتصادية ولا تتدخل في الملكية
- عملية التسيير: تقوم بها مؤسسات عمومية صناعية وتجارية حيث تتلقى العقارات قانونيا ثم تقوم بإدارتها وتسييرها حسب القوانين المعمول بها.
2/تسير المناطق الصناعية :
ان التسيير الحقيقي لهذه المناطق حسب المرسوم رقم84/56 ،أسند إلى مؤسسات اقتصادية، تنشأ وفق كيفيات محددة بمرسوم، وفي هذا الاطار ظهرت مؤسسات التسيير بصفة مؤقتة، في انتظار تحديد المعيار القانوني المطبق لتحديد طبيعة هذه المؤسسات حيث كان تنظيم هذه المؤسسات في أول الأمر، محدد ا وفق قواعد ا لمتعلقة بالتسيير الجماعي للمؤسسات في ذلك الوقت.
وتطبيقا لاحكام المرسوم التشريعي رقم 73/45 والنصوص التنظيمية الملحقة به، بدأ في إنشاء مناطق صناعية عهدت مهمة تسييرها الى أجهزة عديدة ومتخصصة نذكر منها:
*المركز الوطني للدراسات والأبحاث العمرانية
*مؤسسة تسيير المناطق الصناعية: I
وتمثل المهمة الأساسية لهذه الأجهزة والمؤسسات هي تلقي العقارات واكتساب الملكية بصفة قانونية للأراضي المكونة للمناطق الصناعية والتي قد تكون ضمن أملاك الدولة أو تابعة للخواص وبعد قيام الأجهزة المهيئة بأعمال التجزئة للعقارات والتهييئات تقوم المؤسسات بإعادة التنازل عنها بواسطة عقود توثيقية ومشهرة لصالح المستثمرين.
سواء في إطار المعاملات التجارية المحضة، أو في إطار التجهيزات الاستثمارية.
وفيما يخص مسؤولية الصيانة والترميم للهياكل الخارجية وشبكات ربط المنشآت الملحقة بها، فإنها تقع على عاتق المؤسسة المسيرة، وذلك عندما تكون المنطقة الصناعية في حاجة إليها، غير انه فيما يتعلق بالأشغال التي تجعل المنطقة الصناعية عقار مخدوم كالارتفاقات الإدارية، كتمرير خط للسكك الحديدة، فإنه يقع على عاتق هذه المؤسسات المرتفقة للقيام بهذه الأشغال( )، وكذلك الحال بالنسبة لإشغال التموين بالكهرباء والغاز، فإنه تقع على عاتق المؤسسة المتخصصة المعنية، بالتنسيق مع المؤسسة المسيرة للمنطقة الصناعية، هذه المؤسسة التي قد تكون مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري E.P.I.C قبل صدور قانون المؤسسات العمومية الاقتصادية سنة 1988.
ملاحظة
أن التعدد والتنوع في الأجهزة ومؤسسات الإدارة والتسيير، وعدم ضبط طبيعتها القانونية بدقة، وطبيعة المعاملات والأعمال التي تقوم بها، أدى إلى تداخلها في الصلاحيات والاختصاصات، مما صعب التعرف على ما هي الأجهزة أو المؤسسة المهيأة، وما هي المؤسسة المسيرة ، وما دورها، الشيء الذي نتج عنه عدة إشكالات ميدانية فيما يخص نقل الملكية على الخصوص.
ورغم أن جميع القوانين والمراسيم المذكورة سابقا، قد نظمت إدارة هذه المناطق من حيث الإنشاء والتسيير، إلا أن الوضعية الحالية للعقار الصناعي في هذه المناطق بقيت تمتاز بالصعوبات والنقائص وخاصة تلك التي تتعلق بتسييرها، واهمها يرجع الى الاسباب التالية:
*تعاقب أجهزة تسيير المناطق الصناعية، مما أدى إلى ظهور مشاكل في الميدان، لاسيما في عمليتي المتابعة والمراقبة.
- عدم الأخذ بعين الاعتبار المعايير الاقتصادية، وقوانين التعمير عند إنشاء هذه المناطق.
- عدم تحديد التجزئات بصفة واضحة وظاهرة ، مما أدى إلى ظهور توسعات غير قانونية.
- عدم تحديد الطبيعة القانونية لأجهزة إدارة المناطق الصناعية، من حيث اكتساب العقار والتسيير وهل هي مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري ام مؤسسات عمومية اقتصادية لا تهدف الى تحقيق الربح.
ولمواجهة هذه النقائص التى لا تخدم المستثمر اقتضت الضرورة،إعادة ملائمة الإطار القانوني من خلال:
*تعديل أحكام المرسوم 84/55 المؤرخ في 03 مارس 1984 وذلك بإعادة تنظيم القواعد التي تضبط شروط وكيفيات تسيير هذه المناطق.
*إثراء وتكييف دفتر الشروط النموذجي المعد بتاريخ 05 مارس 1984 حسب الأبعاد الاقتصادية الحالية.
*لتسوية الوضعية القانونية للملكية في العقار الصناعي، كان لابد من الإسراع في عملية إعادة التنازل retrocession لفائدة المستثمرين للتجزئات الصناعية المنشأة من طرف الأجهزة المهيئة.
*إنهاء عمليات التهيئة في المناطق التي لم تهيئ بعد، لاسيما المناطق ذات الحيوية الاقتصادية والصناعية.
* توجيه المشاريع الجديدة الى المناطق الصناعية، عندما يتوافق المشروع مع طبيعة المنطقة الصناعية.
*مراعاة الاستعمال الأمثل والعقلاني للعقار المتوفر داخل المنطقة الصناعية، وذلك بالاستجابة للاحتياجات الحقيقية.
*منح الهيئات المسيرة صلاحيات الضبط الإداري، وذلك تحت تصرف الهيئات الرئيسة لها، "الوالي" حتى تتمكن من القيام بمهمة المتابعة والمراقبة.
وفي هذا السياق ومن الناحية العملية اتخذت عدة إجراءات من طرف كل الوزارات المعنية بالعقار الصناعي، قصد ، جعله يتماشى مع سائر التحولات الاقتصادية .
الفرع الثانى: المناطق الخاصة
ظهرت بالمناطق الخاصة في إطار قانون 93/12 المتعلق بترقية الاستثمار، حيث منحت امتيازات قانونية واقتصادية تحفيزية للاستثمار في هذه المناطق، ونشير هنا الى ان المشرع نظم العقار الصناعي في هذه المناطق على شكل نوعين رئيسيين من المناطق هما:
-مناطق مطلوب ترقيتها: Z.A.P "Zones à promouvoir "
-مناطق التوسيع الاقتصادي: Z.E.E "Zones d'expansion économique"
حيث يمكن حصر الامتيازات في إطار الاستثمار صناعيا، في هذين النوعين من المناطق، وخاصة تلك المتعلقة بالعقار، والتي تتمثل أساسا في امتياز الإعفاء من الضريبة على نقل الملكية بمقابل، أي شراء عقارات معينة للاستثمار فيها، كما اعفي المستثمر من دفع الرسم العقاري على الملكية ابتدءا من تاريخ الحصول عليها ولمدة 05 سنوات وأقصاه 10سنوات.
غير ان الحدود القانونية والجغرافية للمناطق المطلوب ترقيتها ومناطق التوسع الاقتصادي، استوجب على المشرع تنظيمها في المرسوم التنفيذي رقم 94/321 المؤرخ في 17 أكتوبر 1994، المتضمن تطبيق أحكام المادة 24 من قانون 93/12 المذكور أعلاه، حيث حدد شروط المناطق الخاصة وضبط حدودها في إطار تطبيق القوانين والتنظيمات المعمول بها في مجال التهيئة والتعمير، كما هي مبنية بدقة في القانون رقم 87/03 المؤرخ في 27 يناير 1987، المتعلق بالتهيئة العمرانية، لاسيما المادة 15 منه، فبالنسبة للمناطق المطلوب ترقيتها نستنتج ان قانون 93/12 لم ينشئها لأول مرة، وإنما أكد وجودها لدعم لاستثمار بها ضمن المناطق الخاصة.
1/لمناطق المطلوب ترقيتها
استجابة لحاجيات الاستثمار، وفي اطار المرسوم التشريعي 93/12، الذي احال تكوين مناطق المطلوب ترقيتها وضبط حدودها الى المرسوم التنفيذي رقم 91/321 المؤرخ في 14 سبتمبر 1991 مع احترام شروط المادة 51 من القانون رقم 87/03 المتعلق بالتهيئة العمرانية، تبين ان المناطق الواجب ترقيتها تتكون من البلديات التي تحدد قائمتها وتراجع عند الاقتضاء بقرار مشترك من السلطة المكلفة بالتهيئة العمرانية والسلطة المكلفة بالجماعات المحلية والمالية، وبعد استشارة السلطات المحلية، وعلى أساس المقاييس التي تعكس الضوابط الديموغرافية، المادية، الاجتماعية، الاقتصادية والمالية للبلديات، المذكورة حسب المعايير التالية:
1- المميزات الديموغرافية:.
2- المميزات المادية المتعلقة بالموقع الجغرافي: وتنحصر أساسا في الجنوب، السهول، الهضاب العليا، والمناطق الجبلية، بالإضافة الى المناطق الحدودية.
3- المميزات الاجتماعية، الاقتصادية او درجة التجهيز.
4- المميزات المالية: تتمثل أساسا في إحصاء الموارد المالية لكل بلدية، نسبة الاستثمارات
وفي هذا الإطار نجد أن المشرع بواسطة بحكم المرسوم، المذكور أعلاه، استغنى عن المفاهيم الخاصة المذكورة في كثير من القوانين المالية السابقة لصدوره، فأدمج مفهوم "المناطق المحرومة"، "مناطق الجنوب"، "مناطق اقصى الجنوب"، "المناطق المعزولة"، "المناطق الواجب تنميتها"، في مفهوم واحد هو : المناطق التي يجب ترقيتها Z.A.P ، وبهذه الصفة يمكن للدولة أن تقدم مساعدتها للبلديات المطلوب ترقيتها عن طريق إحداث أنشطة تتولد عنها مناصب شغل، ومن خلال ما يلي على الخصوص:
- تدعيم اقتناء الأراضي لتتخذ كمواقع لاستقبال الاستثمارات.
- مساعدة البلدية في انجاز منشآت أساسية للإنتاج، كمشاريع استثمارية صناعية...الخ.
وفي هذا السياق، تم ضبط قائمة محددة بدقة تتضمن قائمة البلديات الواجب ترقيتها عن طريق قرار وزاري مشترك بين جميع الوزارات المعنية، وذلك بتاريخ 29 اكتوبر 1991.
2 / مناطق التوسع الاقتصادي
"Zones d'expansion Economique "
يقصد بمناطق التوسع الاقتصادي ، الفضاءات أو الأراضي الجيو اقتصادية ،التي تنطوي على خصائص مشتركة من التجانس الاقتصادي و الاجتماعي متكاملة ،و تزخر بطاقات من الموارد الطبيعية البشرية ، أو الهياكل القاعدية ،والتي يجب تجميعها و الرفع من قدراتها ، كي تكون كفيلة بتسهيل إقامة الانشطة الاقتصادية لإنتاج السلع و الخدمات و تطويرها .
ملاحظة
إن هذه المفاهيم و المعايير المذكورة أعلاه ، جاءت واسعة و غامضة في بعض الحالات إلى حد يصعب معه صياغتها لإنشاء منطقة ما كمنطقة للتوسع الاقتصادي، الأمر الذي صعب من مهمة الإدارة في تكريس هذه المعايير لإيجاد مثل هذه المناطق وحال دون ظهورها على ارض الميدان إلى غاية الوقت الحاضر.
كما نص المشرع على كيفيات تحديد قائمة مناطق التوسع الاقتصادي، التي تكون على أساس نتائج التحاليل التي تأخذ بعين الاعتبار المعايير التالية:
*لمستوى المطلوب للتغطية في مجال المرافق الجماعية والمنشآت القاعدية للازمة لإقامة الاستثمارات، وذلك بتحليل المؤشرات المعتادة في مجال التخطيط،
* الاعتماد في إنشاء هذه المناطق على المقترحات النابعة من الأشغال التحضيرية، أو من عناصر الصيغ النهائية للخطط الوطنية والجهوية في إطار التهيئة العمرانية
ومنه يستثنى من مناطق التوسع الاقتصادي حسب السياسة الوطنية في مجال التهيئة العمرانية ما يلي:
- المناطق المطلوب ترقيتها حسب المفهوم الوارد في المادة 51 من قانون 87/03، والمتعلق بالتهيئة العمرانية.
- الأقطاب الصناعية في الحواضر والتجمعات السكانية الكبرى، والمحددة وفقا لقانون 90/25 المؤرخ في 16 نوفمبر 1990.
- مساحات الارتفاق أو الخدمة العمومية، وخاصة المساحات التي تشمل الموانئ والمطارات.
- مواقع المركبات السياحية والاستجمامية الكبرى. وعلى هذا الأساس ، تعني منطقة التوسع الاقتصادي كل الولاية أو بعضها أو مجموعة منها أو مجموعة من البلديات ، تعين بقرار وزاري مشترك بين السلطات المكلفة بالمالية ، الجماعات المحلية ، التهيئة العمرانية و التخطيط ،وبناءا على اقتراح من الجماعات التي بهمها الأمر أن وجدت
الفرع الثالث: المناطق الحرة والمناطق التي يتطلب تنميتها مساهمة خاصة من الدولة
لم يظهر لهما وجود على ارض الميدان والتطبيق، وعلى الرغم من اختلافهما، فالمناطق الحرة جاءت في إطار قانون 93/12 المتعلق بترقية الاستثمار أما المناطق التي يتطلب لتنميتها مساهمة خاصة من الدولة فقد جاءت في إطار قانون 01/16 المتضمن تطوير الاستثمار والذي ألغى قانون ترقية الاستثمار.
1/ المناطق الحرة
إن المناطق الحرة هي مناطق مساحتها مضبوطة، وتمثل الأملاك الوطنية العمومية للدولة، وتمارس عليها أنشطة صناعية وخدماتية وتجارية، وذلك طبقا للشروط المقررة قانونيا ووفقا لأحكام المرسوم التنفيذي رقم 94/321 المؤرخ في 17 أكتوبر ، والمتضمن المناطق الحرة.
وتحدث المناطق الحرة بموجب مرسوم تنفيذي صادر عن رئيس الحكومة وبناءا على اقتراح من وزير المالية باعتباره المسئول الأول عن الأملاك الوطنية للدولة، كما تحدد الأنشطة موقعها الجغرافي وحدودها وقوامها ومساحتها، وعند الاقتضاء تحدد الأنشطة التي يسمح أن تمارس فيها، ويمكن أن يشمل العقار الذي يقع عليه أساس المنطقة على مطار أو ملك وطني مينائي، أو يقع بالقرب من ميناء أو مطار أو منطقة صناعية إذا كان نشاطها صناعي.
فإذا تضمنت المنطقة الحرة كليا أو جزئيا ميناء أو مطار، فإن التشريع والتنظيم المعمول به في مجال الأملاك الوطنية والأنشطة المينائية او المطارية، يبقى هو المطبق عليها، ولاسيما فيما يخص المهام المرتبطة بممارسة صلاحيات السلطة العامة، علما أن جميع الأملاك العقارية، "أراضي ومباني"، والتي تشمل عليها المنطقة الحرة هي أملاك وطنية عمومية للدولة، حسب الشروط المحددة وفقا للمادة 13 من القانون رقم 90/30 المؤرخ في 01 ديسمبر 1990، المتضمن قانون الأملاك الوطنية، هذه الحالة التي تطرح إشكالا كبيرا من حيث طبيعة حق التملك، أو اكتساب الملكية العقارية في المنطقة الحرة عن طريق عقد امتياز، وبموجب اتفاقية، باعتبار أن الأملاك الوطنية العمومية غير قابلة للاكتساب أو التنازل أو الحجز عليها، الأمر الذي يشكل صعوبة قانونية في تكيف طبيعة التصرف العقاري الواقع في هذه المنطقة، وان الاستثمار الصناعي يتطلب إقامة منشآت وهياكل قاعدية تمس بصفة مباشرة طبيعة تملك العقار من حيث الاستغلال، فهل يكون الاستغلال.
عن طريق "الترخيص" باعتباره الوسيلة الوحيدة لشغل الأملاك الوطنية العمومية بصفة مؤقتة ؟ او عن طريق العقد الإداري باعتبار أن الاستثمار يتطلب ذلك خاصة الصناعي منه؟ وبالتالي نكون أمام حق استعمال فقط وليس حق الاستغلال.
نشير إلى انه من الناحية العملية، لم تظهر بعد أي تهيئة للمنطقة الحرة،
2/ المناطق التي يتطلب تنميتها مساهمة خاص من الدولة
ظهر هذا النوع الجديد من المناطق في إطار الأمر رقم 01/03 المؤرخ في 20 اوت 2001 المتعلق بتطوير الاستثمار، حيث ادخل هذا النوع في النظام الاستثنائي للاستثمار، غير ان تحديد وتنظيم استغلال هذه المناطق من الناحية الجغرافية، وطبيعة العقارات الواقعة عليها،
تمهيد
أن ضروريات الدخول في اقتصاد السوق ، وتدعيم فكرة الاستثمار من الناحية القانونية يتطلب التعرض لمسألة سوق العقار ، و بصفة خاصة مسألة العقار الصناعي ، باعتباره الوسيلة المثلى للاستثمار ، لان المستثمر اصبح يهتم اكثر بعنصر الاستغلال كأحدى عناصر الملكية فنشات مناطق صناعية و مناطق للاستثمار ،غير أن هذا الأمر طرح اشكالية استغلال العقار الصناعي كمفهوم جديد للاستثمار، ودفع بالمشرع الجزائري الى البحث عن ضوابط قانونية وادارية وعملية وبسيطة لتنظيمه ،مع البحث عن كيفيات وطرق معينة للاستغلال في شكل عقود تستمد أسسها من القانون المدني ، ولكنها تتميز عنه في أنها غير جامدة وتتمتع بشروط استثنائية وغير مألوفة في القانون العام . فما هو الاطار التشريعي والتنظيمي للعقار الاقتصادي? وما هى اليات تنظيم و استغلال العقار الصناعي?
المطلب الاول : الاطار التنظيمي للعقار الصناعي
لقد عرف العقار الصناعي منذ الاستقلال عدة أنظمة للاستثمار فيه ،ونظرا للأهمية التي أعطيت له ، قام المشرع بتنظيمه بصفة متميزة تتماشى مع النظام السياسي والاقتصادي.
ولعل أول عملية تنظيم لهذا النوع من العقار كان في بداية السبعينات ، حيث ظهرت فكرة تقسيمه الى مناطق ، كالمناطق الصناعية المنشأة عام 1973 غير أن الإشكال الذي ظهر فيما بعد كان يتعلق بطبيعة عقد الملكية في هذه المناطق ، وكيفية تسييره وحمايته ، هذا اذا اعتبرنا ان هذه المناطق يجب معرفة حدودها حتى تخضع لنظام خاص في استغلالها.
كما نظم المشرع استغلال هذا العقار حسب المناطق، بشروط قانونية وادارية تختلف باختلاف المنطقة والنشاطات الاستثمارية المراد انجازها، وترتبط مباشرة بالعقار الصناعي في حد ذاته وبمستغل هذا العقار من جهة ثانية.
إن أول تحديد للعقار الصناعي كان في إطار القانون رقم 73/45 المؤرخ في 18 فيفري 1973، المتعلق بإنشاء لجنة استشارية لإنشاء ما يسمى بالمناطق الصناعية، وكذا المراسيم التنفيذية اللاحقة له، والتي صدرت بعد مرور 10 سنوات أي في سنة 1984، حيث تضمنت تهيئة وإدارة وتسيير المناطق الصناعية، الا انه مع مرور الزمن لم يظهر بوضوح الدور الذي لعبه العقار الصناعي في تطوير وترقية الاقتصاد الوطني، ثم برزت مسألة العقار الصناعي بمفهوم الاصول العقارية المتبقية في اطار قانون 88/01 المؤرخ في 12/01/1988 المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية الذى بقي يتخبط في مشاكل قانونية وعملية ، الى غاية صدور قانون 93/12 المؤرخ في 05 أكتوبر 1993، المتعلق بترقية الاستثمار، والذي جاء بتنظيم خاص بالاستثمار في ميدان العقار الصناعي، بشكل اوسع من الناحية القانونية، ومن حيث الأهداف الاقتصادية وذلك عبر مراسيم تنفيذية صادرة في سنة 1994، والتي رسمت حدود هذه المناطق، واستمر الوضع على هذا الحال في الاستثمار الصناعي إلى غاية صدور قانون 01/16 المؤرخ في 21 أكتوبر 2001 والمصادق للأمر 01/03 المتعلق بتطوير الاستثمار، والأمر 01/04لمتعلق بتنظيم المؤسسة العمومية الاقتصادية وسيرها وخوصصتها والذي نظم حدود استغلال العقار الصناعي حسب مفهوم جديد.
وعلى هذا الترتيب الزمني نتناول بالتفصيل دراسة القواعد القانونية المنظمة لهذه المناطق وكيفية الاستثمار فيها، ابتداء من قانوني 73/45 و 88/01 قانون 93/12 ، قانون 01/16 ثم الامر 01/04و اخيراالامر06/11 .
الفرع الاول: المناطق الصناعية
في عام 1973 ظهرت ما تسمى بالمناطق الصناعية، وذلك بصدور القانون رقم 73/45 المؤرخ في 28 فيفري 1973 المتعلق بإنشاء لجنة استشارية لتهيئة المناطق الصناعية، حيث حدد شروط إيجاد 77 منطقة صناعية على مستوى إقليم البلديات والولايات، وعبر كامل التراب الوطني، وتم تحديد شروط إدارتها عن طريق المرسوم رقم 84/55 المؤرخ في 03 مارس 1984.
ما هي كيفيات إدارة المناطق الصناعية تسييرها?
1/إدارة المناطق الصناعية :
يقصد بإدارة المناطق الصناعية حسب المرسوم 84/55 المذ كورسابقا ،
تهيئتها كمرحلة أولى ثم القيام بإدارتها كمرحلة ثانية ، ومن الناحية القانونية فان الإدارة تعني التهيئة والتسيير معا، وتتم تهيئة المناطق الصناعية عن طريق أجهزة ومؤسسات مختلفة نذكرها حسب الترتيب الأتى:
• هيئات عمومية اقتصادية منشاة بموجب المرسوم رقم 82/02 المؤرخ 09 مارس 1983 وهذا عندما تكون المنطقة الصناعية تحتوى على ما يلي:
*نشاطات ذات منفعة محلية
* نشاطات ذات منفعة وطنية ومتنوعة تابعة لوزارات مختلفة
•مؤسسات اقتصادية حسب الكيفيات التي كان ينتظر أن تحدد لاحقا، عندما تكون المنطقة الصناعية تحتوى على نشاطات ذات منفعة وطنية، خاصة وتابعة لسلطة رئاسة واحدة.
• عن طريق دفتر الشروط الخاص بإدارة المناطق الصناعية والصادر بناءا على التعليمة الوزارية المؤرخة في 05 مارس 1984.
ان شروط أدارة الفضاءات العقارية داخل هذه المناطق، التزام على عاتق الهيئات المديرة وهيئات أخرى تتولى بصفة تعاقدية تهيئة هذه المنشآت المشتركة، مع احترام مبادئ التهيئة العمرانية في المنطقة الصناعية، وذلك في الحالات العادية أما فيما يخص قواعد تسيير المناطق ذات طبيعة السلطة العامة، فإنها من صلاحيات الوالي، وذلك في إطار ممارسة صلاحيات الضبط الإداري وخاصة فيما يتعلق بالأمن الداخلي للمنطقة ( قواعد السير، التوقف، الوقاية من الأخطار، وحماية البيئة...الخ )
وفي هذا السياق تقع على عاتق الأجهزة المهيئة في إدارة المناطق الصناعية، ضرورة المحافظة على :
- عملية التهيئة: تقوم بها مؤسسات عمومية اقتصادية ولا تتدخل في الملكية
- عملية التسيير: تقوم بها مؤسسات عمومية صناعية وتجارية حيث تتلقى العقارات قانونيا ثم تقوم بإدارتها وتسييرها حسب القوانين المعمول بها.
2/تسير المناطق الصناعية :
ان التسيير الحقيقي لهذه المناطق حسب المرسوم رقم84/56 ،أسند إلى مؤسسات اقتصادية، تنشأ وفق كيفيات محددة بمرسوم، وفي هذا الاطار ظهرت مؤسسات التسيير بصفة مؤقتة، في انتظار تحديد المعيار القانوني المطبق لتحديد طبيعة هذه المؤسسات حيث كان تنظيم هذه المؤسسات في أول الأمر، محدد ا وفق قواعد ا لمتعلقة بالتسيير الجماعي للمؤسسات في ذلك الوقت.
وتطبيقا لاحكام المرسوم التشريعي رقم 73/45 والنصوص التنظيمية الملحقة به، بدأ في إنشاء مناطق صناعية عهدت مهمة تسييرها الى أجهزة عديدة ومتخصصة نذكر منها:
*المركز الوطني للدراسات والأبحاث العمرانية
*مؤسسة تسيير المناطق الصناعية: I
وتمثل المهمة الأساسية لهذه الأجهزة والمؤسسات هي تلقي العقارات واكتساب الملكية بصفة قانونية للأراضي المكونة للمناطق الصناعية والتي قد تكون ضمن أملاك الدولة أو تابعة للخواص وبعد قيام الأجهزة المهيئة بأعمال التجزئة للعقارات والتهييئات تقوم المؤسسات بإعادة التنازل عنها بواسطة عقود توثيقية ومشهرة لصالح المستثمرين.
سواء في إطار المعاملات التجارية المحضة، أو في إطار التجهيزات الاستثمارية.
وفيما يخص مسؤولية الصيانة والترميم للهياكل الخارجية وشبكات ربط المنشآت الملحقة بها، فإنها تقع على عاتق المؤسسة المسيرة، وذلك عندما تكون المنطقة الصناعية في حاجة إليها، غير انه فيما يتعلق بالأشغال التي تجعل المنطقة الصناعية عقار مخدوم كالارتفاقات الإدارية، كتمرير خط للسكك الحديدة، فإنه يقع على عاتق هذه المؤسسات المرتفقة للقيام بهذه الأشغال( )، وكذلك الحال بالنسبة لإشغال التموين بالكهرباء والغاز، فإنه تقع على عاتق المؤسسة المتخصصة المعنية، بالتنسيق مع المؤسسة المسيرة للمنطقة الصناعية، هذه المؤسسة التي قد تكون مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري E.P.I.C قبل صدور قانون المؤسسات العمومية الاقتصادية سنة 1988.
ملاحظة
أن التعدد والتنوع في الأجهزة ومؤسسات الإدارة والتسيير، وعدم ضبط طبيعتها القانونية بدقة، وطبيعة المعاملات والأعمال التي تقوم بها، أدى إلى تداخلها في الصلاحيات والاختصاصات، مما صعب التعرف على ما هي الأجهزة أو المؤسسة المهيأة، وما هي المؤسسة المسيرة ، وما دورها، الشيء الذي نتج عنه عدة إشكالات ميدانية فيما يخص نقل الملكية على الخصوص.
ورغم أن جميع القوانين والمراسيم المذكورة سابقا، قد نظمت إدارة هذه المناطق من حيث الإنشاء والتسيير، إلا أن الوضعية الحالية للعقار الصناعي في هذه المناطق بقيت تمتاز بالصعوبات والنقائص وخاصة تلك التي تتعلق بتسييرها، واهمها يرجع الى الاسباب التالية:
*تعاقب أجهزة تسيير المناطق الصناعية، مما أدى إلى ظهور مشاكل في الميدان، لاسيما في عمليتي المتابعة والمراقبة.
- عدم الأخذ بعين الاعتبار المعايير الاقتصادية، وقوانين التعمير عند إنشاء هذه المناطق.
- عدم تحديد التجزئات بصفة واضحة وظاهرة ، مما أدى إلى ظهور توسعات غير قانونية.
- عدم تحديد الطبيعة القانونية لأجهزة إدارة المناطق الصناعية، من حيث اكتساب العقار والتسيير وهل هي مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري ام مؤسسات عمومية اقتصادية لا تهدف الى تحقيق الربح.
ولمواجهة هذه النقائص التى لا تخدم المستثمر اقتضت الضرورة،إعادة ملائمة الإطار القانوني من خلال:
*تعديل أحكام المرسوم 84/55 المؤرخ في 03 مارس 1984 وذلك بإعادة تنظيم القواعد التي تضبط شروط وكيفيات تسيير هذه المناطق.
*إثراء وتكييف دفتر الشروط النموذجي المعد بتاريخ 05 مارس 1984 حسب الأبعاد الاقتصادية الحالية.
*لتسوية الوضعية القانونية للملكية في العقار الصناعي، كان لابد من الإسراع في عملية إعادة التنازل retrocession لفائدة المستثمرين للتجزئات الصناعية المنشأة من طرف الأجهزة المهيئة.
*إنهاء عمليات التهيئة في المناطق التي لم تهيئ بعد، لاسيما المناطق ذات الحيوية الاقتصادية والصناعية.
* توجيه المشاريع الجديدة الى المناطق الصناعية، عندما يتوافق المشروع مع طبيعة المنطقة الصناعية.
*مراعاة الاستعمال الأمثل والعقلاني للعقار المتوفر داخل المنطقة الصناعية، وذلك بالاستجابة للاحتياجات الحقيقية.
*منح الهيئات المسيرة صلاحيات الضبط الإداري، وذلك تحت تصرف الهيئات الرئيسة لها، "الوالي" حتى تتمكن من القيام بمهمة المتابعة والمراقبة.
وفي هذا السياق ومن الناحية العملية اتخذت عدة إجراءات من طرف كل الوزارات المعنية بالعقار الصناعي، قصد ، جعله يتماشى مع سائر التحولات الاقتصادية .
الفرع الثانى: المناطق الخاصة
ظهرت بالمناطق الخاصة في إطار قانون 93/12 المتعلق بترقية الاستثمار، حيث منحت امتيازات قانونية واقتصادية تحفيزية للاستثمار في هذه المناطق، ونشير هنا الى ان المشرع نظم العقار الصناعي في هذه المناطق على شكل نوعين رئيسيين من المناطق هما:
-مناطق مطلوب ترقيتها: Z.A.P "Zones à promouvoir "
-مناطق التوسيع الاقتصادي: Z.E.E "Zones d'expansion économique"
حيث يمكن حصر الامتيازات في إطار الاستثمار صناعيا، في هذين النوعين من المناطق، وخاصة تلك المتعلقة بالعقار، والتي تتمثل أساسا في امتياز الإعفاء من الضريبة على نقل الملكية بمقابل، أي شراء عقارات معينة للاستثمار فيها، كما اعفي المستثمر من دفع الرسم العقاري على الملكية ابتدءا من تاريخ الحصول عليها ولمدة 05 سنوات وأقصاه 10سنوات.
غير ان الحدود القانونية والجغرافية للمناطق المطلوب ترقيتها ومناطق التوسع الاقتصادي، استوجب على المشرع تنظيمها في المرسوم التنفيذي رقم 94/321 المؤرخ في 17 أكتوبر 1994، المتضمن تطبيق أحكام المادة 24 من قانون 93/12 المذكور أعلاه، حيث حدد شروط المناطق الخاصة وضبط حدودها في إطار تطبيق القوانين والتنظيمات المعمول بها في مجال التهيئة والتعمير، كما هي مبنية بدقة في القانون رقم 87/03 المؤرخ في 27 يناير 1987، المتعلق بالتهيئة العمرانية، لاسيما المادة 15 منه، فبالنسبة للمناطق المطلوب ترقيتها نستنتج ان قانون 93/12 لم ينشئها لأول مرة، وإنما أكد وجودها لدعم لاستثمار بها ضمن المناطق الخاصة.
1/لمناطق المطلوب ترقيتها
استجابة لحاجيات الاستثمار، وفي اطار المرسوم التشريعي 93/12، الذي احال تكوين مناطق المطلوب ترقيتها وضبط حدودها الى المرسوم التنفيذي رقم 91/321 المؤرخ في 14 سبتمبر 1991 مع احترام شروط المادة 51 من القانون رقم 87/03 المتعلق بالتهيئة العمرانية، تبين ان المناطق الواجب ترقيتها تتكون من البلديات التي تحدد قائمتها وتراجع عند الاقتضاء بقرار مشترك من السلطة المكلفة بالتهيئة العمرانية والسلطة المكلفة بالجماعات المحلية والمالية، وبعد استشارة السلطات المحلية، وعلى أساس المقاييس التي تعكس الضوابط الديموغرافية، المادية، الاجتماعية، الاقتصادية والمالية للبلديات، المذكورة حسب المعايير التالية:
1- المميزات الديموغرافية:.
2- المميزات المادية المتعلقة بالموقع الجغرافي: وتنحصر أساسا في الجنوب، السهول، الهضاب العليا، والمناطق الجبلية، بالإضافة الى المناطق الحدودية.
3- المميزات الاجتماعية، الاقتصادية او درجة التجهيز.
4- المميزات المالية: تتمثل أساسا في إحصاء الموارد المالية لكل بلدية، نسبة الاستثمارات
وفي هذا الإطار نجد أن المشرع بواسطة بحكم المرسوم، المذكور أعلاه، استغنى عن المفاهيم الخاصة المذكورة في كثير من القوانين المالية السابقة لصدوره، فأدمج مفهوم "المناطق المحرومة"، "مناطق الجنوب"، "مناطق اقصى الجنوب"، "المناطق المعزولة"، "المناطق الواجب تنميتها"، في مفهوم واحد هو : المناطق التي يجب ترقيتها Z.A.P ، وبهذه الصفة يمكن للدولة أن تقدم مساعدتها للبلديات المطلوب ترقيتها عن طريق إحداث أنشطة تتولد عنها مناصب شغل، ومن خلال ما يلي على الخصوص:
- تدعيم اقتناء الأراضي لتتخذ كمواقع لاستقبال الاستثمارات.
- مساعدة البلدية في انجاز منشآت أساسية للإنتاج، كمشاريع استثمارية صناعية...الخ.
وفي هذا السياق، تم ضبط قائمة محددة بدقة تتضمن قائمة البلديات الواجب ترقيتها عن طريق قرار وزاري مشترك بين جميع الوزارات المعنية، وذلك بتاريخ 29 اكتوبر 1991.
2 / مناطق التوسع الاقتصادي
"Zones d'expansion Economique "
يقصد بمناطق التوسع الاقتصادي ، الفضاءات أو الأراضي الجيو اقتصادية ،التي تنطوي على خصائص مشتركة من التجانس الاقتصادي و الاجتماعي متكاملة ،و تزخر بطاقات من الموارد الطبيعية البشرية ، أو الهياكل القاعدية ،والتي يجب تجميعها و الرفع من قدراتها ، كي تكون كفيلة بتسهيل إقامة الانشطة الاقتصادية لإنتاج السلع و الخدمات و تطويرها .
ملاحظة
إن هذه المفاهيم و المعايير المذكورة أعلاه ، جاءت واسعة و غامضة في بعض الحالات إلى حد يصعب معه صياغتها لإنشاء منطقة ما كمنطقة للتوسع الاقتصادي، الأمر الذي صعب من مهمة الإدارة في تكريس هذه المعايير لإيجاد مثل هذه المناطق وحال دون ظهورها على ارض الميدان إلى غاية الوقت الحاضر.
كما نص المشرع على كيفيات تحديد قائمة مناطق التوسع الاقتصادي، التي تكون على أساس نتائج التحاليل التي تأخذ بعين الاعتبار المعايير التالية:
*لمستوى المطلوب للتغطية في مجال المرافق الجماعية والمنشآت القاعدية للازمة لإقامة الاستثمارات، وذلك بتحليل المؤشرات المعتادة في مجال التخطيط،
* الاعتماد في إنشاء هذه المناطق على المقترحات النابعة من الأشغال التحضيرية، أو من عناصر الصيغ النهائية للخطط الوطنية والجهوية في إطار التهيئة العمرانية
ومنه يستثنى من مناطق التوسع الاقتصادي حسب السياسة الوطنية في مجال التهيئة العمرانية ما يلي:
- المناطق المطلوب ترقيتها حسب المفهوم الوارد في المادة 51 من قانون 87/03، والمتعلق بالتهيئة العمرانية.
- الأقطاب الصناعية في الحواضر والتجمعات السكانية الكبرى، والمحددة وفقا لقانون 90/25 المؤرخ في 16 نوفمبر 1990.
- مساحات الارتفاق أو الخدمة العمومية، وخاصة المساحات التي تشمل الموانئ والمطارات.
- مواقع المركبات السياحية والاستجمامية الكبرى. وعلى هذا الأساس ، تعني منطقة التوسع الاقتصادي كل الولاية أو بعضها أو مجموعة منها أو مجموعة من البلديات ، تعين بقرار وزاري مشترك بين السلطات المكلفة بالمالية ، الجماعات المحلية ، التهيئة العمرانية و التخطيط ،وبناءا على اقتراح من الجماعات التي بهمها الأمر أن وجدت
الفرع الثالث: المناطق الحرة والمناطق التي يتطلب تنميتها مساهمة خاصة من الدولة
لم يظهر لهما وجود على ارض الميدان والتطبيق، وعلى الرغم من اختلافهما، فالمناطق الحرة جاءت في إطار قانون 93/12 المتعلق بترقية الاستثمار أما المناطق التي يتطلب لتنميتها مساهمة خاصة من الدولة فقد جاءت في إطار قانون 01/16 المتضمن تطوير الاستثمار والذي ألغى قانون ترقية الاستثمار.
1/ المناطق الحرة
إن المناطق الحرة هي مناطق مساحتها مضبوطة، وتمثل الأملاك الوطنية العمومية للدولة، وتمارس عليها أنشطة صناعية وخدماتية وتجارية، وذلك طبقا للشروط المقررة قانونيا ووفقا لأحكام المرسوم التنفيذي رقم 94/321 المؤرخ في 17 أكتوبر ، والمتضمن المناطق الحرة.
وتحدث المناطق الحرة بموجب مرسوم تنفيذي صادر عن رئيس الحكومة وبناءا على اقتراح من وزير المالية باعتباره المسئول الأول عن الأملاك الوطنية للدولة، كما تحدد الأنشطة موقعها الجغرافي وحدودها وقوامها ومساحتها، وعند الاقتضاء تحدد الأنشطة التي يسمح أن تمارس فيها، ويمكن أن يشمل العقار الذي يقع عليه أساس المنطقة على مطار أو ملك وطني مينائي، أو يقع بالقرب من ميناء أو مطار أو منطقة صناعية إذا كان نشاطها صناعي.
فإذا تضمنت المنطقة الحرة كليا أو جزئيا ميناء أو مطار، فإن التشريع والتنظيم المعمول به في مجال الأملاك الوطنية والأنشطة المينائية او المطارية، يبقى هو المطبق عليها، ولاسيما فيما يخص المهام المرتبطة بممارسة صلاحيات السلطة العامة، علما أن جميع الأملاك العقارية، "أراضي ومباني"، والتي تشمل عليها المنطقة الحرة هي أملاك وطنية عمومية للدولة، حسب الشروط المحددة وفقا للمادة 13 من القانون رقم 90/30 المؤرخ في 01 ديسمبر 1990، المتضمن قانون الأملاك الوطنية، هذه الحالة التي تطرح إشكالا كبيرا من حيث طبيعة حق التملك، أو اكتساب الملكية العقارية في المنطقة الحرة عن طريق عقد امتياز، وبموجب اتفاقية، باعتبار أن الأملاك الوطنية العمومية غير قابلة للاكتساب أو التنازل أو الحجز عليها، الأمر الذي يشكل صعوبة قانونية في تكيف طبيعة التصرف العقاري الواقع في هذه المنطقة، وان الاستثمار الصناعي يتطلب إقامة منشآت وهياكل قاعدية تمس بصفة مباشرة طبيعة تملك العقار من حيث الاستغلال، فهل يكون الاستغلال.
عن طريق "الترخيص" باعتباره الوسيلة الوحيدة لشغل الأملاك الوطنية العمومية بصفة مؤقتة ؟ او عن طريق العقد الإداري باعتبار أن الاستثمار يتطلب ذلك خاصة الصناعي منه؟ وبالتالي نكون أمام حق استعمال فقط وليس حق الاستغلال.
نشير إلى انه من الناحية العملية، لم تظهر بعد أي تهيئة للمنطقة الحرة،
2/ المناطق التي يتطلب تنميتها مساهمة خاص من الدولة
ظهر هذا النوع الجديد من المناطق في إطار الأمر رقم 01/03 المؤرخ في 20 اوت 2001 المتعلق بتطوير الاستثمار، حيث ادخل هذا النوع في النظام الاستثنائي للاستثمار، غير ان تحديد وتنظيم استغلال هذه المناطق من الناحية الجغرافية، وطبيعة العقارات الواقعة عليها،
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma