المشاكل الناجمة عن اختلاف التنازع الإيجابي (تعدد الجنسيات ) والتنازع السلبي ( انعدام الجنسية )
خطة البحث :
مقــــدمة
المبحث الأول : ماهية التنازع الإيجابي (التعدد )
- المطلب الأول : مفهومه وأسبابه
- المطلب الثاني : مشاكله والحلول الوقائية والعلاجية
المبحث الثاني : ماهية التنازع السلبي ( الانعدام )
- المطلب الأول : مفهومه وأسبابه
- المطلب الثاني : مشاكله والحلول الوقائية والعلاجية له
خـــاتمة
قواعد الجنسية تحددها كل دولة وفق :
· قواعد محددة وضعها بصفة انفرادية
· ووفق مصطلح حرية الدولة تضع هذه القواعد لتحقيق مصالحها أهدافها
· هذا أدى إلى اختلاف الأسس من دولة إلى أخرى
واختلاف الشروط القانونية الواجب توفرها على الجنسية
هذا ما عالجه الفقه تحت عنوان :
تعدد الجنسيات ــــــ تنازع إيجابي
انعدام الجنسية ــــــ تنازع سلبي
لهذا كانت الإشكالية التالية :
ماهية التنازع بنوعيه الإيجابي عند تعدد الجنسيات أو السلبي عند الانعدام ؟ وما هي المشاكل الناتجة عنه ؟
وما هي الحلول المقترحة لتفادي هذا المشكل ؟
1- التنازع الإيجابي :
أ- مفهومه : هو تنازع الجنسيات تنازع إيجابي أي تمتع الشخص بجنسيتين أو أكثر بصفة قانونية وصحية ضمن الطرق القانونية في تلك الدولة التي يحمل جنسيتها
ب - أسبابه :
* أسباب معاصرة للميلاد :
1- اختلاف أساس الجنسية بين الدول
2- اختلاف جنسية الأب عن جنسية الأم
3- تعدد جنسية الأب أو الأم المبنية على علاقة الدم
4- تغيير جنسية الأب بعد الحمل وقبل الولادة
· أسباب لاحقة :
1- التجنس
2- الزواج المختلط
3- استرداد الجنسية
4- ضم جزء من إقليم دولة إلى دولة أخرى
ج - مشاكل هذا التعدد
1- تأدية الخدمة العسكرية
2- عدم استطاعة الشخص في حالة الحرب بالدفاع عن الدولتين في آن واحد معا
3- اعتبار الشخص المتمتع بالجنسيتين خائنا
4- تعدد ظاهرة تعدد الجنسيات مع مفهوم الجنسية
5- الحماية الدبلوماسية في حالة تعدد الجنسيات لشخص واحد
6- تعارض إلتزامات الشخص المتعدد الجنسية وعدم استطاعته القيام بها في وقت واحد
د - الحلول الوقائية والعلاجية لمحاربة ظاهرة تعدد الجنسيات :
1- الحلول الوقائية : نادى بها الفقه وعملت بها بعض التشريعات وأيدها القضاء
· توحيد الأساس الذي تبنى عليه الجنسية بين كافة الدول
· الأخذ بالأولوية بين أسس الجنسية
· التقادم المسقط للجنسية
· ضرورة انفراد الأباء في الدولة المانعة لجنسيتها بناءا على حق الدم
· تلاقي التعدد عن طريق التجنيس
· محاربة التعدد عن طريق الزواج
· محاربة التعدد عن طريق حق الإختيار
2- الحلول العلاجية : مصدر هذه الحلول فقهيا وتشريعيا وأحكام قضائية ودولية ومعاهدات دولية
· تطبيق قانون جنسية القاضي : ( أخذ بها المشرع الجزائري في المادة 22/2 من القانون المدني )
· الأخذ بالجنسية الفعلية
· الأخذ بالجنسية الأقرب إلى القاضي
· تفضل الجنسية الأولى على باقي الجنسيات
· الاقتداء بمعيار الموطن المتعدد الجنسيات
· الأخذ بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية
· المعاهدات خاصة بالخدمة العسكرية : - اتفاقية مجلس أوربي لسنة 1963
- بروتوكول الملحق باتفاقية لاهاي سنة 1930
2/ التنازع السلبي :
أ - مفهومه : هو انعدام جنسية الشخص ميلاده أو يكون من تاريخ لاحق للميلاد هذا يرتب عدم التبعية السياسية والقانونية لأي دولة من يجعل الشخص متعرض لعدة مشاكل
أ- * أسبابه
1- * أسباب انعدام الجنسية المعاصرة
· اختلاف الأساس القانوني بين الدول
· الميلاد فوق دولة تبنى جنسيتها على حق الدم من أبوين عديمي الجنسية أو مجهولي النسب
· ونص المشرع الوطني منح الجنسية لبعض من العناصر
2- الأسباب اللاحقة التي تؤدي إلى الانعدام :
· السحب والإسقاط ( التجريد )
· الزواج
· التجنس
ج - المشاكل المترتبة على هذا الانعدام : هناك جملة من المشاكل القانونية متعددة الجوانب يصعب تحديدها لأن عديم الجنسية يصبح من ناحية قانونية وفق لمفهوم الجنسية لا يرتبط بأي دولة رغم هذا نجد :
1- عدم الحماية القانونية
2- عدم وجود موطن قانوني لعديم الجنسية
3- طرد عديم الجنسية وابعاده من كل الدول
4- عدم إمكانية تحديد حقوق وواجبات عديم الجنسية
5- صعوبة تحديد القانون الواجب التطبيق على الأحوال الشخصية لعديم الجنسية
د- الوسائل الوقائية والعلاجية لمحاربة انعدام الجنسية :
1- الوسائل الوقائية :
· الوسائل المعاصرة للميلاد : هذه الوسائل تكون بعد الميلاد
- عن طريق التجنس
- عن طريق الزواج
- التخفيف من نزع الدولة لجنسية الشخص
* الوسائل العلاجية :
أولا : بالنسبة إلى القانون الواجب التطبيق على الأحوال الشخصية (عديم الجنسية ):
1- الأخذ بقانون الدولة التي ولد فيها عديم الجنسية
2- الأخذ بقانون آخر دولة تمتع عديم الجنسية بجنسيتها
3- الأخذ بقانون القاضي
4- الأخذ بقانون الدولة التي يرتبط بها عديم الجنسية من الناحية الواقعية أكثر من بقية الدول
ثانيا : بالنسبة إلى تحديد مركز عديم الجنسية بين الأجانب :
اختلافهما في المركز القانوني بين :
1- أجانب
2- عديم الجنسية
يولد نتائج :
* أن عديم الجنسية لنظام خاص يراعى فيه وضعيته :
1- يستطيع أن يعيش فوق إقليم الدولة التي يتمتع بجنسيتها ويتمتع بحمايتها
2- تمتعه ببعض الوثائق التي تسهل له التنقل عبر الحدود بين الدول
3- إعطاؤه وثائق سفر دولية من طرف هيئة الأمم المتحدة ليستطيعى التنقل من مكان إلى آخر
4- التمتع ببعض الحقوق التي تمتع بها بعض الأجانب في مقابل تأديته لبعض الالتزامات مثل الخدمة العسكرية
ثالثا : بالنسبة للإبعاد :
يرى هذا الفريق : أن لا ضرورة من إبعاد أي شخص من ترابه يكفي تعويض هذه العقوبة بعقوبة أقل درجة
نقد لم يلقى تأييد من طرف كل الدول لأن الدول تتمتع بمبدأ حريتها فوق إقليمها واتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة لتحقيق مصالحها
خاتمة : تعرض لكل من تنازع سلبي أو إيجابي والمشاكل والحلول إلا أن الحلول تحتاج إلى المزيد لتخفيف حدة هذه المشاكل
المبحث الأول : عناصر قواعد الإسناد
المطلب الأول : الفئة المسندة
المطلب الثاني : ضابط الإسناد
المبحث الثاني : مميزات قاعدة الإسناد
المطلب الأول : قواعد الإسناد قواعد غير مباشرة
المطلب الثاني : قواعد الإسناد قواعد مزدوجة
المطلب الثالث : قواعد الإسناد قواعد محايدة
مقدمة
بعد إنتهاء القاضي من عملية التكييف ومحاولته إدخال العلاقة القانونية في أخذ النظم المعية في قانونه ينتقل إلى البحث على القانون الواجب التطبيق على العلاقة محل النظر وهذا ما يعرف بالإسناد .
فالإسناد عملية تأتي بعد عملية التكييف وهو كما قلنا عملية البحث عن القانون الواجب التبيق أي أسند حكمها إلى القانون الذي يجب أن تخضع له . ولكي نتمكن من الخوض أكثر في الإسناد وقواعده لابد من طرح الإشكالية الآتية :
ماهي عناصر الإسناد ؟ وماهي خصائص ومميزات هذه القواعد ؟
المبحث الأول : عناصر قواعد الإسناد
تتركب قاعدة الإسناد من عنصرين هما : الفئة المسندة وضابط الإسناد
المطلب الأول : الفئة المسندة أو ما يسمى بالفكرة المسندة
نظرا لكثرة المسائل القانونية بحيث لا يمكن حصرها ولا وضع لكل منها قاعدة إسناد خاصة بها . فقد قام المشرع بتصنيف العلاقات ذات الصفة الأجنبية إلى فئات متعددة تشتمل كل فئة منها على مجموعة العلاقات المتشابهة وهذه الفئات تسمى الفئات المسندة أو أفكار مسندة .
ثم يقوم المشرع بربط كل فئة بقانون معين عن طريق معيار خاص هو ضابط الإسناد .
ومثال ذلك إخضاع الأهلية لقانون الجنسية م 10 ق.م.ج فهي بذلك تشكل فئة مسندة تتضمن جملة من المسائل القانونية ومثال ذلك كذلك إخضاع الإلتزامات التعاقدية لقانون الإرادة م 18 ق.م.ج ( عقد إيجار، عقد وديعة .... ) .
وتشكل التصرفات القانونية مشتملة على عنصر أجنبي فإن أول عمل يقوم به القاضي هو البحث عن الفئة المسندة التي تندرج تحتها تلك المسألة ليعرف القانون الواجب التطبيق عليها .
المطلب الثاني : ضابط الإسناد أو ما يسمى بظرف الإسناد
هو المعيار الذي يختاره المشرع للإرشاد إلى القانون الواجب التطبيق أو أداة ربط بين الفئة المسندة والقانون المسند إليه .
فمثلا في المادة 11 ق.معندما أخضع المشرع الجزائري فقاعدة الإسناد هذه جعلت من الجنسية ضابطا للإسناد وخضوع شكل التصرفات القانونية لقانون بلد الإبرام قد جعلت هذه القاعدة بلد الإبرام ضابطا لللإسناد .
يفترض أن لكل فئة مسندة ضابط إسناد وحيد يتحدد بمقتضاه القانون الواجب التطبيق إلا أنه يمكن أن يكون لكل فئة أكثر من ضابط ومثال ذلك المادة 16 / 2 ق.م.ج التي تبين أن شكل الوصية يخضع لقانون الموصي أو لقانون البلد الذي تمت فيه الوصية والضابطان هنا إختياريان : قانون الموصي أو البلد الذي تمت فيه الوصية .
وقد يكون الضابط الأول أصلي والثاني إختياري يؤخذ به في حالة تعذر الأخذ بالأول ومثال ذلك المادة 18 ق.م.ج التي تجعل للإلتزامات التعاقدية قانون الإرادة وهو الضابط الأصلي وقانون بلد الإبرام هو الإحتياطي .
وهذا بالنسبة لعناصر قاعدة الإسناد وهناك من يضيف عنصرا ثالثا وهو القانون المسند إليه ويقصد به أن يكون القانون المختص وهو قانون دولة معينة ثبت لها كيان وفقا لأحكام القانون الدولي العام وتكون دولة القاضي معترفة بها ذلك لأن عدم الإعتراف ينبني عليه إنعدام الشخصية القانونية لدولة غير المعترف بها .
المبحث الثاني : مميزات قواعد الإسناد
تختص قواعد الإسناد بثلاثة مميزات تنفرد بها عن غيرها من قواعد القانون الدولي الخاص الأخرى ، وهذه المميزات هي :
1/ أنها قواعد غير مباشرة
2/ أنها قواعد مزدوجــة
3/ أنها قواعد محايـــدة
المطلب الأول : قواعد الإسناد غير مباشرة
لا ترشد قواعد الإسناد القاضي إلى الحل النهائي للنزاع محل نظره بل تكتفي ببيان قانون الذي يخضع له هذا النزاع ، وفي هذا القانون يجد القواعد القانوية التي سيطبقها عليه النزاع في حالة وجود عنصر أجنبي .
فمثلا قاعدة الإسناد الخاصة للأهلية لا تبين لنا السن الذي عند بلوغه يكون الشخص كامل الأهلية وإنما تكتفي فقط ببيان القانون الذي سيتكفل ببيان هذا السن وهكذا لجميع قواعد الإسناد بخلاف قواعد القانون الدولي الخاص الأخرى التي تعطي الحل مباشرة للنزاع فالقواعد المنظمة للجنسية تبين مباشرة من هم رعايا الدولة ، والقواعد المنظمة لمركز الاجانب تبين مباشرة الحقوق التي يتمتع بها الأجنبي والإلتزامات التي يتحملها وهكذا ...
المطلب الثاني : قواعد الإسناد قواعد مزدوجة
يقصد بالصفة المزدوجة لقاعدة الإسناد أنها تجعل الإختصاص إما للقانون الوطني، وإما للقانون الأجنبي وذلك حسب نوع المسألة القانونية
فمثلا القاعدة التي تقضي بخضوع الأهلية لقانون الجنسية قد تشير إختصاص القانون الجزائري ، وقد تشير بإختصاص القانون الأجنبي ، وذلك حسب الجنسية التي يحملها المعني .
وتفيد هذه الميزة في قاعدة الإسناد أنها لا تترك فراغا في مشكلة التنازع إذ أنها تجعل الإختصاص بالنسبة المسألة المطروحة على القاضي أما لقانونه أو للقانون الأجنبي .
وينتقد بعض الفقهاء هذه الميزة في قاعدة الإسناد حين يرى أن تقتصر فقط على بيان الأحوال التي يطبق فيها القانون الوطني دون الإشارة إلى الأحوال التي يطبق فيها القانون الأجنبي ، فيريدها بذلك أن تكون مفردة وليست مزدوجة ، كنص القاعدة الواردة في المادة 3/فقرة 3 من القانون المدني الفرنسي والتي تقضي بأن ((القوانين الخاصة لحالة الأشخاص وأهليتهم تحكم الفرنسي ولو كان مقيما في بلد أجنبي ))
ومن الحجج التي يبديها هؤلاء الفقهاء أن الدولة لا يمكن أن تعطي الإختصاص لقانون دولة أخرى في حالة ما إذا كانت هذه الدولة ترفض الإختصاص المحول لقانونها .
لو سلمنا –جدلا- بما ذهب إليه هؤلاء الفقهاء لوجدنا قصورا واضحا في إيجاد حل في حالتين :
الأولى : لما تستند لها كل دولة لها علاقة بنزاع الإختصاص لقانونها .
الثانية : لما ترفض كل دولة لها علاقة بنزاع جعل الإختصاص لقانونها هذا القصور دفع القضاء الفرنسي إلى إعتبار قاعدة الإسناد الواردة في م 3 من ق.م.ق –سابقة الذكر- مزدوجة رغم ورودها مفردة فقال بأنه إذا كان القانون الفرنسي هو المطبق على الفرنسيين حتى ولو كانوا في الخارج ، فبمفهوم المخالفة فإن القوانين الشخصية للأجانب الخاصة بحالتهم وأهليتهم، تتبعهم حتى ولو كانوا في فرنسا .
المطلب الثالث : قواعد الإسناد قواعد محايدة
القاضي عندما يعمل قاعدة الإسناد فإنه يجهل نوع الحل الذي سيعطيه للنزاع لأن ذلك متوقف على معرفة مضمون القانون الذي سيطبقه على النزاع ، وهذا القانون قد يكون قانونه وقد يكون قانونا اجنبيا .
هذه الميزة لا توجد في القواعد القانونية الأخرى غير أن بعض الفقهاء لا يقرون بذلك ويرون أن صفة الحياد تشمل كل القواعد القانونية .
الخاتمة
إن قاعدة الإسناد هي جزء من قانون القاضي يتعين عليه تطبيقها من تلقاء نفسه ولإعتبارات تتعلق بصميم النظام العام ولتحقيق التعايش المشترك بين النظم القانونية المختلفة .
فالقاضي لما قلنا عندما تعرض عليه مسألة قانونية ذات عنصر أجنبي يبحث عن الفئة التي يمكن أن يدرجها تحتها من بين الفئات التي تتضمنها قواعد الإسناد في قانونه .
وبعد أن يحدد الفئة يكون قد عرف القانون الواجب التطبيق عليها وهذه المعرفة لا تنهي كل أشكال بل يطرا إشكال آخر وهو هل القاضي يرجع إلى القانون الأجنبي بإعتباره كلا لا يتجزأمما يفرض عليه إستشارة قواعد الإسناد التي يتضمنها أم أنه يرجع مباشرة إلى القواعد الموضوعية التي يتضمنها ويطبقها على العلاقة القانونية المطروحة عليه وهو بذلك يستبعد قواعد الإسناد التي يتضمنها وهذ ما يعرف بالإحالة والتي سيتناولها الزملاء في البحث المقبل
المبحث الأول : التكييف وفقا لقانون القضية وتمسك الطاعن كراسلانيس به
المطلب الأول : تعريف التكييف ومضمونه وفقا لقانون القضية ونتائجه المثارة في النزاع
الواقع هو أن تحديد الوصف القانون الملائم للعلاقة القانونية مسألة مقررة قبل أن يطبق القاضي القانون المختص على الوقائع محل النزاع سواء في القانون الداخلي أو الدولي .
مثلا : قاضي لتحقيق يحدد ما إذا كان سلب مال الغير هو من قبيل السرقة أو النصب أو خيانة الأمانة كذلك القاضي لمدني يفصل أولا في ما إذا كان اتفاق الأطراف موضوعه وعد بالبيع أو بيع متوقف على شرط .. وهكذا يجب تحديد الطبيعة القانونية قبل تطبيق القانون عليه ، ويمارس القاضي هذه المهمة بتكييف الوقائع ضمن تفسير أحكام القانون تستخلص من هذا أن التكييف عملية أولية معروفة في القانون الداخلي لكن التكييف في القانون الدولي الخاص شيء آخر حيث أن القاضي لما تفرض عليه مسالة قانونية ذات عنصر أجنبي فإن أول ما يقوم به هو البحث عن الفئة التي يمكن أن يدرجها تحتها من بين الفئات التي تتضمنها قواعد الإسناد في قانونه فنقول أنه قام بالتكييف .
إذن : فالتكييف في القانون الدولي الخاص يؤدي إلى وضع المسألة محل النزاع ضمن فئة من الفئات النظم القانونية المقررة في قانون القاضي تمهيدا لإسنادها إلى القانون المختص .
كما يمكن أن نعرف التكييف بأنه تحديد طبيعة المسألة التي تتنازعها القوانين لوضعها في إحدى الفئات القانونية التي خصها المشرع بقاعدة إسناد .
بمعنى أن التكييف في القانون الدولي الخاص يختلف عنه في القانون الداخلي من حيث الهدف ففي القانون الداخلي يؤدي التكييف إلى تحديد النص القانوني الموضوعي الواجب التطبيق فلما يكيف القاضي المدني الرابطة التعاقدية بأنها عقد بيع مثلا مباشرة تطبق على هذا العقد قواعد عقد البيع المتضمنة في القانون المدني أم التكييف في القانون الدولي الخاص يؤدي إلى وضع المسألة محل النزاع ضمن طائفة من طوائف النظم القانونية المقررة في قانون القاضي وذلك تمهيدا لإسنادها إلى القانون المختص ففي قضية الحال لما قام القاضي في النزاع المطروح عليه بالنظر إليه حلل المسألة المتعلقة بعقد الزواج وأعطاه وصف شكل التصرفات وبالتالي أدخله ضمن فئة شكل العقود ولم يدخله ضمن فئة الأهلية للأشخاص .فالقاضي هنا يبحث عن الفئة المسندة التي تشمل المسألة القانونية المطروحة عليه وهي الفئة المتعلقة بشكل العقود وهذه العملية ما هي إلا تكييف أولي الهدف منه هو معرفة القانون الواجب التطبيق .
إن الأساس الذي يقوم عليه نظرية قانون القضية هو أن الرجوع إلى القانون غير القانون المختص يرتب نتائج غير منطقية وغير مقبولة إذ قد يؤدي ذلك إلى عدم تطبيق القانون المختص على الرغم من أن مشرعه الوطني قد أعطى له الاختصاص وأراد له أن يطبق
والتكييف ليس هو المشكلة في حد ذاته وإنما المشكل في التنازع في التكييف أي انه إذا كانت المسألة القانونية المطروحة على القاضي لها علاقة بقوانين عدة دول مثل القضايا الثلاث التي طرحت على القضاء الفرنسي وهي :
قضية ميراث المالطي –وصية الهولندي – زواج اليوناني .
وتتلخص وقائع قضية ميراث المالطي في : بعد انعقاد الزواج في مالطا انتقل الزوجان إلى الجزائر –كانت تابعة لفرنسا ذلك الوقت – واتخذا منها موطنا لهما وتملك الزوج بعض العقارات ثم توفي ، طالبت الزوجة بعد وفاة زوجها بحقها في ترك من عقارات مدعية أمام محكمة الجزائر أن لها حقا على العقارات المتروكة يسمى " بنصيب الزوج المحتاج " وهو حق مقرر لها بمقتضى نصوص القانون المالطي فتردد القاضي المعروض عليه النزاع بين تطبيق القانون المالطي والقانون الفرنسي .
لو أعتبر هنا ما تطلبه الزوجة حقا في الميراث لخضع للقانون الفرنسي وذلك وفقا لقاعدة الإسناد فيه والتي تقضي بإخضاع الميراث في العقار لقانون موقعه وإذا ما اعتبر ما تطالب به الزوجة من نظام الأموال بين الزوجين لخضع للقانون المالطي وذلك وفقا لقاعدة الإسناد في القانون الفرنسي التي تقضي بإخضاع النظام المالي للزوجين لقانون الإرادة الضمنية أي قانون موطن الزوجية وهو القانون المالطي إذن إذا اعتبرت محكمة الاستئناف الجزائرية طلب الزوجة المالطية من الميراث فإن القانون الفرنسي هو الواجب التطبيق في هذه لحالة وفقا لقواعد الإسناد الفرنسية بوصفه قانون موقع العقار وهذا يترتب عليه رفض إدعاء الزوجة لأن القانون الفرنسي يجهل الحق المسمى " نصيب الزوج المحتاج ".
أما إذا كيفت المحكمة الموضوع على أنه يتعلق بالنظام المالي للزوجين فإن القانون المالطي هو الواجب التطبيق وذلك وفقا لقواعد الإسناد الفرنسية بوصفه قانون الموطن الأول للزوجية وهنا يتعين الحكم بأحقية الزوجة في دعواه .
نلاحظ أن الفكرة الرئيسية لاتجاه قانون القضية أن لكل قانون تكييفاته والمقصود بذلك أن يرجع القاضي عند قيامه بتحديد طبيعة المسألة المتنازع فيها إلى القانون الواجب التطبيق عليها دون البحث في القوانين الأخرى لقانون القاضي أو القانون المقارن ففي مثال وصية الهولندي يجب إجراء تكييف القاعدة الواردة في المادة 992 من القانون المدني الهولندي التي تجبر على الهولنديين حتى خارج هولندا إجراء وصاياهم في الشكل العرفي الخطي وفقا للقانون الهولندي فلما كان هذا القانون يعتبر هذا الخطر متعلقا بأهلية الهولنديين فإن أي تكييف غيره يعطى له يعتبر تشويها لطبيعته الحقيقية .
ويرى جانب من الفقهاء القانون الدولي الخاص وعلى رأسهم " ولف " أن تحديد طبيعة العلاقة أو المركز محل النزاع يجب أن يتم وفقا للقانون المختص بحكم الموضوع هذا ، فإذا قرر المشرع إخضاع شكل التصرفات لقانون بلد إبرامها ، فإن تحديد فكرة الشكل هو أمر يتعين الرجوع في شأنه إلى قانون بلد إبرام التصرف
وفي قضية الحال المثارة في قرار محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 22/06/1955 فإن زواج اليوناني " كراسلانيس " في فرنسا رواجا مدنيا فطبقا لقانون القضية فإن القانون اليوناني هو الذي يبين ما إذا كان شرط المراسيم الدينية الذي يشترطه هو شرط موضوعي أم شرط شكلي ، وهذا ما تمسك به الطاعن " كراسلانيس " في قضية الحال حيث طعنه أسس على وجه مضمونه :
بأن الزواج غير موجود أصلا في نظر القانون اليوناني الذي يشترط لصحة عقد الزواج إبرامه في الشكل الديني كما أن الصفة الديني ة للزواج هي مسألة تتعلق بموضوع عقد الزواج وليس شكله .
وبالتالي لما كيفت القضية وفق قانون القاضي فإن الحقيقة شوهت فطالما أن القانون اليوناني يعتبر عقد الزواج الديني من قضايا الأساس ، فإن اعتباره من القضايا الشكلية من قبل القضاء الفرنسي يعني تحريف هذا القانون ثم أن الحكمة من إسناد التكييف إلى القانون المختص التي تأسست عليه هذه النظرية هي تحقيق العدالة من خلال تطبيق القانون الأجنبي تطبيقا كاملا سواء ما تعلق منه في قواعده الموضوعية أو ما تعلق بالتكييف .
لكن رغم هذا فإن هذه النظرية تعرضت لعدة انتقادات والتقديرات سنحاول الوقوف عليها من خلال المطلب الثاني .
المطلب الثاني : تقدير التكييف وفقا لقانون القضية واستبعاده من قبل محكمة النقض :
وهكذا ورغم أن كل من الفقيهين despagnets و wolf قد أكدا على أن تحديد طبيعة العلاقة محل النزاع يجب أن يتم وفقا للقانون المختص بحكم النزاع مثلما أشرنا إليه سابقا ورغم الحجج التي صاغها أنصار هذه النظرية .تأييدا لمنطقهم فإن الفقه الحديث لم يتردد في انتقاد هذه النظرية ولعل أهم هذه الانتقادات ما يلي :
1- التكييف عملية تسبق الإسناد فالمعروف أن التكييف عملية أولية لازمة لتحديد القانون الواجب التطبيق فكيف يمكننا أن نتصور إخضاع التكييف للقانون المختص بحكم النزاع في الوقت الذي يجهل فيه القاضي هذا القانون قبل تكييف المسالة المعروضة عليه . وعليه ففي قضية الحال كيف يمكن القول بإخضاع التكييف للقانون المختص مادام أن القاضي لم يحدد ما إذا كانت المسألة محل النزاع مشكل يخضع لقانون بلد الإبرام الذي هو في قضية الحال القانون الفرنسي أو أنها مشكلا يتعلق بالأهلية ويخضع لقانون الجنسية أي القانون اليوناني ، ثم لماذا نحكم مسبقا بضرورة الرجوع إلى القانون الذي يحكم شكل العقد أو القانون الذي يحكم الأهلية أو العكس ؟
وهنا يجد القاضي صعوبة في إيجاد مبرر للبدء في إخضاع التكييف لأحد القانونين وان الأخذ بهذه النظرية يؤدي إلى حلقة مفرغة وإلى مصادرة على المطلوب لأنه قبل التكييف وأثناءه القانون الواجب التطبيق لا يكون معروفا فكيف نكيف وفقه النزاع .
2- أن قواعد تنازع القوانين هي قواعد وطنية بحتة فكيف يمكن للمشرع الوطني أن يترك تحديدها للمشرع الأجنبي ثم إن الرجوع إلى التكييف وفق القانون الأجنبي الذي قالت به قاعدة تنازع القوانين في قانون القاضي قد يكيف هذا القانون المسألة موضوع النزاع على أنها تتعلق بالأهلية وتخضع لقانون القاضي باعتباره قانون الموطن أو قانون الجنسية فإذا كان قانون القاضي من أنصار الإحالة فلماذا هذا اللف والدوران وإن كان من أعداء الإحالة فسوف يقع في مأزق . وعليه وانطلاقا مما سبق ذكره فإنه أمام عدم التسليم برجاحة ما جاءت به هذه النظرية فإنه من الأيسر إخضاع التكييف وفقا لقانون القاضي لأنه على الأقل القانون الذي تنتمي إليه قاعدة الاسناد وبالتالي يساعد على عملية الاستدلال العقلي وبالتالي فقانون القاضي وحده المعني بالتفسير .
ومنه إذا نص القانون الوطني على إخضاع الأهلية لقانون الجنسية وشكل التصرف لبلد الإبرام فيتعين الرجوع إلى هذا القانون لتحديد فكرة الشكل وفئة الأهلية ونظرا لكل هذه الاعتبارات فإن محكمة النقض في قضية الحال قضت باستبعاد التكييف وفقا للقانون الأجنبي ( القانون اليوناني ) وعليه فقد تم التكييف في قضية الحال وفقا للقانون الفرنسي باعتباره قانون القاضي وجاء في إحدى حيثيات هذه القضية (( حيث أن مسألة تحديد ما إذا كان إشهار الزواج يخل في قواعد الشكل أو في القواعد الموضوعية يفصل فيها القضاة الفرنسيون طبقا لمفاهيم القانون الفرنسي الذي يعتبر الطبيعة الدينية أو المدنية للزواج مسألة شكل ... ))
والقضاء المصري أيضا قد نهج نفس نهج في قضايا مشابهة لقضية كراسلاني
المبحث الثاني : تكييف النزاع المثار أمام محكمة النقض وفق قانون قاضي الدعوى .
المطلب الأول : مضمون التكييف وفق قانون القاضي وتطبيقه في قضية الحال
انطلاقا مما سبق ذكره فإن تحديد القانون الواجب التطبيق لا يتسنى للقاضي تحديد ه إلا بعد تكييف النزاع المطروح عليه وكان الفقه قد تسائل وفقا لأي قانون تقوم المحكمة بتكييف النزاع المطروح أمامها ؟ .
وهكذا فقد أجاب الفقيه bartin على هذا التساؤل مؤكدا أن القضاء في فرنسا وفي غيرها من دول العالم قد درج على إخضاع التكييف إلى قانون القاضي و أن المحاكم العادية ترجع إلى القانون الوطني لتحديد طبيعة المسألة القانونية المطروحة عليها وبالتالي فهي تقوم بالتكييف وفقا لقانونها دون أن تصرح بذلك ، ومن هنا انطلق بارتن في التنظير للتكييف ، مؤكدا سلامة خضوع التكييف لقانون القاضي و ضرورته .
كما تبين لكل من بارتن و كاهن أنه من المستحيل عمليا توحيد قواعد القانون الدولي الخاص على النحو الذي كان ينشده أنصار النظرة العالمية لتنازع القوانين وذلك لأنه حتى ولو تطابقت قواعد الإسناد في دولتين مختلفتين فهذا لا يليق حائل .
دون اختلاف كلب من الدولتين حول تكيف المسألة محال النزاع ، وبالتالي ففي وصية الهولندي مثلا نجد أنه رغم تطابق قواعد الإسناد في كل من فرنسا وهولندا فقواعد التنازع في كل منهما تخضع الأهلية لقانون الجنسية وشكل التصرف لبلد الإبرام فإن الحل النهائي للنزاع يختلف حسب قانون قاضي الدعوى ففي هذه الوصية كيف القاضي الفرنسي مسألة المتع بأنها تتعلق بشكل الوصية أما لو عرض النزاع على القاضي الهولندي لاعتبرها مسألة الأهلية .
وهكذا فالتكييف وفقا لقانون القاضي يؤثر حتما في اختيار القانون الواجب التطبيق واختلاف مضمون الفكرة المستندة الواحدة من دولة لأخرى هو ما جعل الفقيه الألماني كاهن kahn يطلق على هذا الوضع تسمية تنازع المستتر colit latent (4)
ويتضح مما سبق ذكره أن نظرية بارتن تهدف في مضمونها ومقتضاها القانوني إلى إعطاء الاختصاص في التكييف إلى قانون القاضي المرفوع أمامه النزاع في العلاقة المشتملة على عنصر أجنبي بغض النظر أيضا من مفاهيم القانون المقارن التي يتميز بها ولا وجود لها في دولة القاضي
ففي قضية الحال قام القاضي بإجراء التكييف في النزاع المتعلق بعقد لزواج بين اليوناني كراسلانيس والفرنسية ماري .
وفقا لمفاهيم القانون الفرنسي حيث أعتبر هذا الخير أن المراسيم الدينية مسألة تتعلق بالشروط الشكلية للعقد ولا تدخل ضمن الشروط الموضوعية لأن القانون الفرنسي لا يقيد بالزواج الديني بل يأخذ فقط بالزواج المدني وهذا بخلاف القانون اليوناني الذي يأخذ بالزواج الديني ويعتبره من النظام العام . ومنه فالقاضي في قضية الحال لم يراع ما إذا كانت المراسيم الدينية تندرج فعلا وفق القانون اليوناني في الشروط الموضوعية وهو ما أكدته محكمة النقض في ( التكييف لا يتم إلا وفقا للقانون الفرنسي ))
أي أن القاضي الفرنسي أجرى التكييف وفقا لقانونه حيث أعطى المراسيم الدينية وصف شكل العقد ومن ثم أدخلها في مسألة عقد الزواج في فئة شكل العقود وطبعا وفق قاعدة الغربية فشكل العقد يخضع لقانون بلد الإبرام وضابط إسناد هو قانون محل الإبرام وربما أن الزواج تم في أراضي الجمهورية الفرنسية فالقانون الواجب التطبيق هو القانون الفرنسي وبالتالي عقد الزواج محل النزاع يخضع للقانون الفرنسي وهذا الأخير لا يشترط الصفة الدينية بمعنى المراسيم الدينية وشهر الزواج الديني ما هو إلا مسألة الشكل ومن ثم فتخلف هذا الشرط لا يؤدي إلى بطلان العقد ولذا قضت محكمة النقض بصحة عقد الزواج ويروض الطعن من قبل الطاعن كراسلانيس .وأيضا في مثال وصية الهولندي قام القاضي الفرنسي بإجراء التكييف وفقا للقانون الفرنسي رقم أن المادة 992 مدني هولندي تمنع الهولنديين من إبرام الهولنديين لوصاياهم في شكل العرفي حتى خارج هولندا بمعنى أن القانون الهولندي يعتبر هذا المنع يتعلق بأهلية الهولنديين .إلا أن القاضي الفرنسي قام بتكييف النزاع وفقا لقانونه (وفقا القانون الفرنسي ) وأعتبر هذا المنع لا يتعلق بمسألة الأهلية وإنما بشكل العقد وحسب قاعدة الإسناد الفرنسية تشير إلى تطبيق قانون المحل لإبرام وهو في هذه الحالة هو القانون الفرنسي ( أي القانون الواجب التطبيق ) والقانون الفرنسي لا يمنع الوصية الخطية لعقد عرفي ومن ثم فتخلف الشكلية لا يؤدي إلى بطلان العقد أي أن القانون الفرنسي يجيز الوصية في شكل العرفي ومن ثم فالوصية صحيحة . وأيضا في مثال ميراث المالطي قام القاضي الفرنسي بالتكييف وفقا لقانونه واعتبره بالتالي إدعاء الزوجة يتعلق بفكرة الميراث نصيبا في ميراث الهالك وحسب قاعدة الإسناد الفرنسية تشير باختصاص قانون موقع العقار وفي هذا المثال كان هو القانون الفرنسي وهذا الخير لا يعترف للزوجة بهذا الحق وبالتالي رفض دعوى الزوجة
إذن : فالقاضي من خلال الحال وهذه الأمثلة الكلاسيكية في القضاء الفرنسي فهو يكيف النزاع ولا يهمه إن كانت في القانون الأجنبي تندرج ضمن فئة أخرى تخالف هذه الفئة
فالقاضي في قضية الحال ذكرنا بأنه قام بالتكييف وفقا لقانون القاضي لكننا نتساءل على أي أساس قام بالتكييف وفقا لقانونه ؟
والإجابة على هذا التساؤل تؤدي بنا في البحث في الأسس التي يقوم عليها نظرية التكييف وفقا لقانون القاضي .
فهذه النظرية التي جاء بها بارتن تقوم على عدة أسس ولعل أهمها ما يلي :
1 - فكرة السيادة : حسب الفقيه بارتن فتنازع القوانين هو تنازع للسيادات بين الدول والقاضي الوطني لتحديد طبيعة النزاع هو مطالب بالرجوع إلى قانونه الوطني لأنه بمثل السيادة ولا يجوز له تجاوزها على الرغم من أن المشرع الوطني أجاز تطبيق القانون الأجنبي
2- التكييف هو تفسير لقاعدة الإسناد : وهذا يعني بيان المسائل التي تدخل في نطاق تطبيق قاعدة الإسناد فإذا قضت قاعدة الإسناد بإخضاع شكل التصرف لقانون القاضي حين يطبق هذه القاعدة أن يبين معنى شكل لمعرفة ما إذا كانت ينطبق على وصية الهولندي وزواج اليوناني في قضية الحال حين اعتبر المراسيم الدينية مسألة شكل وأيضا في ميراث المالطي ( خضوع الميراث لقانون الجنسية وهل هو نفسه ما تطالب به الزوجة أم لا ؟
ولما كان التكييف وتفسير لقاعدة الإسناد فمن غير المعقول أن يطلب هذا التفسير من غير القانون الذي تنتمي إليه قاعدة الإسناد
3- العامل النفسي : القاضي وحسب تكوينه الوطني بالمفهوم الواسع فهو متأثر من حيث تكوينه الثقافي والقانوني مما تتضمنه قانونه من مبادئ وقواعد قانونية تكون جزءا لا يتجزأ من قانونه الوطني .أي (( أن عملية التكييف التي يقوم بها القاضي المعروض عليه النزاع فهذا الخير سيتأثر بحكم تكوينه الثقافي والقانوني عند إجرائها بالمبادئ الواردة في قانونه
4- التكييف يسبق الإسناد : وبالتالي فإجراء التكييف وفقا للقانون الأجنبي هذا القانون قبل التكييف غير معروف أصلا ولو قمنا بالتكييف وقت القانون اليوناني في قضية الحال لكان هو القانون الواجب التطبيق لأن التكييف وفقا للقانون الأجنبي يعني أن هذا القانون هو الواجب التطبيق وهذه هي الحجة من النقد الموجه للتكييف وفقا لقانون القضية القانون الذي يحكم النزاع تحت اسم الحلقة المفرغة
5- وعليه فالتكييف دائما يسبق تطبق قاعدة الإسناد أي لتعيين القانون الواجب التطبيق والقانون الأجنبي لا يتمتع بأنه صفة للتطبيق أثناء عملية التكييف وحتى ولو فرضنا جدلا أن القانون الأجنبي يسري في النهاية على النزاع فهذا لا يتم لا يعد تعيينه من قبل قاعدة الإسناد في دولة القاضي التي تقوم بدورها إلا بعد الانتهاء من عملية التكيف
لكن ما هو نطاق التكييف وفقا لقانون القاضي ؟
لقد فرق بارتن بين التكييف الأولى وهو لازم لأعمال قاعدة الإسناد وتحديد القانون الواجب التطبيق أما التكييف اللاحق فلا يثار إلا عند تطبيق القانون الذي أشارت قاعدة الإسناد باختصاصه ومن ثم يخضع لهذا القانون بوصفه تفسيرا لأحكامه ، فمثلا إذا كان النزاع ينصب على صحة التصرف فعلى القاضي إذا رجع عند قيامه بالتكييف الأولي إلى قانونه وانتهى إلى أن المسألة موضوع النزاع تدخل في فئة الشكل ( شكل التصرفات ) فأخضعها بالتالي لقانون بلد إبرام التصرف فهذا تكييف أولي وجب عليه بعد ذلك أن يرجع إلى قانون إبرام التصرف لتحديد شكل التصرف ، هل هو من قبل الشكل الرسمي أو الشكل العرفي
وفي قضية الحال حسب رأي بارتن كيف القاضي النزاع بأنه يندرج ضمن شكل العقد وأخضعه لقانون بلد الإبرام حسب بارتن بعد هذا تكييفا أوليا بعدها يرجع القاضي الفرنسي إلى القانون الفرنسي بوصفه قانون محل إبرام التصرف وبالتالي حدد شكل التصرف وهو الشكل البحتي والقانون الفرنسي لا يقيد بها الشرط ومن ثم تخلفه في قضية الحال لا يؤثر على صحة العقد ومنه قضى مثلما رأينا بصحة عقد الزواج . وحسب بارتن فالتكييف الأولي هو القاعدة أما التكييف اللاحق فهو الإستناد ولا يتعلق بالسيادة ثم عدل بارتن عن رأيه هذا واعتبر التكييف اللاحق نتيجة منطقية لفكرة السيادة التي بنى نظريته عليها
الإستثناءات الواردة على التكييف وفقا لقانون القاضي : لقد استثنى بارتن من التكييف وفقا لقانون القاضي الأموال فقط وتبريره في ذلك أن المال لا يخضع في تكييفه إلى قانون القاضي بل يطبق عليه مباشرة فهو يخضع لقانون موقع المال نظرا لأن المال يكون الثروة الوطنية لكل دولة من جهة وهو جزء من إقليمها ولهذا سيادتها عليه ومن يخضع إلى قانون موقعه وأن الأنظمة القانونية التي تنظمه مرتبطة بالنظام العام لكل دولة . و الفقه انتقد بارتن حول هذا الاستثناء فقال أنه إذا كانت قاعدة الإسناد في قانون القاضي تخضع المال عقار ومنقول لقانون موقعه فلا مبرر لاستثناء بارتن أما إذا كان القانون المختص فحكم المال يفوق بين العقار و المنقول مثل القانون الفرنسي الذي يخضع الميراث في المنقول إلى قانون موطن المتوفى والميراث في العقار القانون موقعه هنا فقط يكون لاستثناء بارتن أثر .
ثم أن استثناء بارتن حول المال قد يعطي لقاعدة الإسناد وفق قانون القاضي تفسيرا غير الذي أراده المشرع حين وضعها فيطبق الموقع على العقار على مالا يعد عقارا في قانونه .
ويضيف الفقه الحديث إلى استثناء بارتن حول المال عدة إستثناءات أخرى هي :
1- التكييف بعد الإحالة
2- تحديد القانون الذي يحكم التكييف بمعاهدة .
3- الاستحالات المادية .
4- الجرائم .
1- التكييف بعد الإحالة : تكون بصدد التكييف بعد الإحالة لما يرفق القانون الأجنبي المختص وفق الإسناد الوطنية ويحيل إلى قانون القاضي أو إلى قانون أخر فالقاضي لما يقبل قانونه الإحالة يقوم بالتكييف ليس وفق مفاهيم قانونه الداخلي بل وفق مفاهيم القانون الأجنبي أي قانون الإحالة .
وهذا النوع الثاني من الإستثناءات الواردة على التكييف وفقا لقانون القاضي غير متوفر هو الآخر في قضية الحال .
2- التكييف المعلق بمعاهدة المعاهدة الدولية أحيانا تبين القانون الذي تم وفقه التكييف بل تبين حتى منهم التكييف وفي هذه الحالة طبعا التكييف لا يتم وفقا لقانون القاضي
وهذا النوع الثاني من الإستثناءات الواردة على التكييف وفقا لقانون القاضي غير المتوفر هو الآخر في قضية الحال .
3- الاستحالة المادية : لما تعرض على القاضي مسألة قانونية يجهلها قانونه الوطني فيكون أمام استحالة مادية كنظام القف الإسلامي غير موجود في القانون الفرنسي فهنا لا بد من الرجوع إلى القانون الأجنبي وقضية الحال خير مثال عن هذه الاستحالة المادية حيث وجدنا أن القانون الفرنسي ( قانون القاضي ) لا يعرف ويجهل الإشهار الديني في الزواج وهنا تمت الاستعانة بالقانون الأجنبي ( القانون اليوناني ) وبفئات الإسناد فيه وهو ما يعبر عنه بدور فئات الإسناد الأجنبية حيث قام بالتحليل وفقها ثم قام بالتوسيع فئات الإسناد في القانون الفرنسي وانتهى إلى أن هذا الشكل الديني ( الإشهار الديني في الزواج ) يدخل ضمن فئة الشكل وهنا نلاحظ دور فئات الإسناد الأجنبية في عملية التكييف وفقا لقانون القاضي .
4- الجرائم : يخضع الفعل المنشئ للمسؤولية التقصيرية في تكييفه إلى قانون محل ارتكاب الفعل ولا يخضع لقانون القاضي حتى يتمكن القاضي من معرفة ما إذا كان هذا الفعل ضارا أو نافعا ولا سيما في الجرائم وتصنيفاتها فما يميز هذا الاستثناء هو خضوع الجرائم كقاعدة عامة لمبدأ إقليمية القوانين وهذا هو الأصل العام واستثناء منه مبدأ شخصية القوانين ويكون في الجرائم الماسة بأمن الدولة واستقرارها واقتصادها كجرائم تزوير النقود وقد أخذت بهذين المبدأين ( القاعدة والاستثناء في الجرائم ) تقريبا كل التشريعات في العالم .
تقييم نظرية التكييف وفقا لقانون القاضي : لقد تعرضت هذه النظرية لعدة انتقادات يأتي في مقدمتها انتقادين رئيسين والباقي انتقادات ثانوية
الإنتقاد الرئيسي الأول : أن التكييف وفقا لقانون القاضي يؤدي إلى إجهاض جهود توحيد القانون الدولي الخاص فحتى ولو كانت قواعد الإسناد متماثلة في مختلف الدول فإن القضاة يحطمون هذا التجانس عن طريق اللجوء إلى التكييف وفقا لقانون القاضي .
الإنتقاد الرئيسي الثاني : أم التكييف وفقا لقانون القاضي يشكل عامل عدم استقرار قانوني فهو لا يعرف عن يقين ( القاضي ) في حالة التكييف وفقا لقانونه ما هي الأحكام التشريعية التي تسري على العلاقة القانونية أثناء تكوينها فيجب الإنتظار إذن لحين إقامة الدعوى بغية معرفة القانون الواجب التطبيق وطالما أن هذه الدعوى لم ترفع بعد فإن العمل القانوني يبقى معلقا ولذا يقول الفقيه تيان (( أن العمل القانوني يكون معلقا دون قانون محدد طالما أنه غير متنازع فيه بعد )) .
الإنتقادات الثانوية الأخرى :
1- ع جز هذه النظرية عن مواجهة جميع الحالات التي تعرض على القاضي كالاستحالة المادية .
2- عدم وجود موقع لتكييف الأموال المعنوية في قانون القاضي ولأن نظرية بارتن لم تبين لنا الضوابط القانونية التي تحكم هذه الأموال وفق قانون القاضي .
3- عدم وجود تكييف سابق وتكييف لاحق فالتكييف اللاحق لا يعد تكييفا بالمعنى الصحيح فهو مجرد تطبيق للقانون الأجنبي المختص .
4- صعوبة تطبيق الاستثناء الخاص بالمال منها موقع العقارات محل النزاع في عدة أمكنة مختلفة النظم القانونية وبالتالي يكون أمرا صعبا .
لكن رغم هذه الانتقادات الموجهة من بعض فقهاء القانون الدولي الخاص إلا أن أغلبية الفقه الدولي الخاص قد اعتمد هذه النظرية واخذ بالتكييف وفقا لقانون القاضي مع اختلاف في الأساس الذي تقوم عليه حيث أن الفقه الحديث لم يعد يرى في تنازع القوانين تنازعا للسيادات ومن ثم فقد أقرها على أساس أن التكييف هو تفسير لقاعدة الإسناد الوطنية ولا يمكن تصور إخضاعه لغير قانون القاضي ومن ثم فمن المنطقي أن يقتصر الرجوع في التكييف الأولي إلى قانون القاضي لاتصاله بتفسير قاعدة الإسناد أما التكييفات اللاحقة لمرحلة الإسناد فلا تثار إلا عند تطبيق القانون الذي أشارت إليه قاعدة الإسناد ومن ثم فهي تخضع لهذا القانون بوصفها تفسيرا له وقد توصل الفقه الحديث إلى أن التكييف اللاحق لا يعد تكييفا بالمعنى المعروف في التكييف الأولي بل هو مجرد تطبيق للقانون المختص ، ولم تقف شهرة هذه النظرية على المستوى الفقهي فحسب بل تعدت إلى إقرارها في المعاهدات الدولية كاتفاقية لاهاي لعام 1925 ونصت عليها معظم التشريعات الحديثة ، ومنها التشريع الجزائري في نص المادة 09 من القانون المدني وغيره من القونين على على مستوى الدول العربية كالتشريع الليبي في نص المادة 10 (( القانون الليبي هو المرجع في التكييف ...)) .
1- سامي بديع منصور الوسيط في القانون الدولي الخاص دار العلوم العربية ص 182 .وأنظر أيضا محند اسعاد القانون الدولي الخاص المرجع السابق ص 189
2- هشام علي صادق وحفيظة السيد دروس في القانون الدولي الخاص المرجع السابق ص65 وانظر أعراب بلقاسم القانون الدولي الخاص المرجع السابق ص90 وما بعدها و 93
ا لمطلب الثاني : قاعدة لوكيس كقانون واجب التطبيق في النزاع القائم بين كراسلانيس وماري
إذن فحكمة النقض الفرنسية صرحت بصحة الزواج المدني طبقا لقاعدة LOCUS " قانون بلد إبرام العقد " وعليه قضت برفض الطعن بموجب القرار المؤرخ في 22/06/1955.حيث أن طعن كراسلانيس كان يتوخى منه تطبيق القانون اليوناني الذي يشترط لصحة عقد الزواج أن يكون مبرما في الشكل الديني ، لكن ما هي المبررات التي أوجدت قاعدة LOCUS أو ما هي المبررات التي جعلت القاضي يطبق قاعدة لوتيس في النزاع القائم بين كراسلانيس و صارى هناك عدة مبررات ذكرها الفقه وتهدف في مجملها إلى قاعدة خضوع شكل العقد إلى قانون المحل قاعدة مستقرة ولا يمكن الاستغناء عنها نذكر منها
- التسيير و التسهيل أمام المتعاقدين في اختيار الشكل الذي يعرفونه و العمل به على عقدهما .
- إن الأخذ بقانون المحل " قاعدة لوكيس " يؤدي لا محالة إلى الاستقرار في المعاملات و الاطمئنان في نفوس المتعاملين بها والمتعاقدين على وجه الخصوص .
- إن عدم الأخذ بقانون المحل بالنسبة إلى شكل العقود في غاية الأحيان يؤدي إلى عدم إبرام التصرف في ذاته يسمى التخوف الذي قد يلحق بأطراف العقد من القوانين الأخرى .
إن تطبيق قانون المحل على شكل العقد يعتبر في أغلب الحالات أكثر القووانين ملائمة ذلك أن الظروف و المحيط الذي يوفره قانون المحل لا نجده في القوانين الاخرى مما يجعله أكثر ملائمة من غيره .
لقد ظهرت قاعدة خضوع الشكل إلى قانون محل إبرام العقد منذ القرون الوسطى في كل من القضاء و الفقه .
ففي المجال القضائي ظهرت هذه القاعدة بمناسبة عرض وحيدة قام بتحريها شخص في مدينة فنيس وبحضور 03 شهود وفقا لقانون هذه المدينة في حين كان قانون مدينته يشترط 07 شهود وقد اعتبرها القضاء الفرنسي وصية صحيحة لأنها تمت صحيحة وفقا لقانون المحل .و بالتالي فإن تطبيق قاعدة LOCUS في قضية الحال لها خلفية تاريخية في المجال القضائي الفرنسي و مؤيدة من قبل الفقه ، لكن ما مدى إلزامية قاعدة لوكيس ؟ إختلفت الآراء الفقهية وكذا تشريعات الدول في مسألـة طبيعة قاعدة لوكيس في مدى إلزاميتها مــن عدمــه وما نطاق قاعدة لوكيس ؟ هناك حالات تطبق فيها وحالات لا يمكن أن نطبق فيها قاعدة لوكيس ، فالحال ات التي تطبق فيها هي :
مجال الأحوال الشخصية : وهو ما أخذ به المشرع الجزائري في قانون الحال المدنية حيث اعتبر في مادته 95 كل التصرفات التي تجري في بلد أجنبي تعتبر صحيحة إذا صورت طبقا للأوضاع المألوفة في هذا البلد في الزواج وفي مجال الإلتزامات التعاقدية يؤخذ كذلك بقاعدة لوكيس وفي قضية الحال فإن الأمر يتعلق يعقد زواج بثين يوناني و فرنسة وبالتالي فإن القضاء الفرنسي لما طبقت قاعدة لوكيس فهو لم يخرج عن نطاق هذه القاعدة، أمل الواقع التي تحول دون تطبيق قاعدة لوكيس فهي :
قانون موقع العقار : يكاد الإجماع في الفقه و القوانين بأن الأشكال المتعلق بالتصرفات الواردة على العقار تخضع إلى قانون موقعه وليس إلى قاعدة لوكيس .
النظام العام : النظام العام لأية دولة هو عبارة عن التعبير عن سيادتها ومن ثمة فإن مخالفة شكل التصرف للنظام العام يؤدي إلى منع الشكل المقرر
الخاتمـــــــــة
في ختام بحثنا هذا المتواضع وصلنا إلى استخلاف بعض النتائج ولعل أهمها :
التكييف في القانون الدولي الخاص : مسألة ذات أهمية بارزة من جهة وهي قضية صعبة ومعقدة حتى أن بعض الفقه وضعها بالطبيعة الغامضة و المعقدة في القانون الدولي الخاص . ثم إن مشكلة التكييف في القانون الدولي الخاص ليست بالبساطة المعهودة في القانون الداخلي إذ المشكلة في القانون الدولي الخاص ليست مشكلة تكييف بل مشكلة التنازع في التكييف CONFLIT DE QUALIFICATION فوفق أي قانون يتم التكييف وانه باختلاف القانون الذي تم وفقه التكييف يختلف الحلول للقضائية رغم وحدة قاعدة الإسناد رغم أن القانون الهولندي مثلا يجعل الأهلية تخضع لقانون الجنسية وفرنسا نفس الشيء ، إلا انم وفق القانون الفرنسي في قضية الحال وجدنا أنه أخرجها من مسألة الأهلية و أدخلها في فئة شكل التصرفات .
وبالتالي نصل إلى القول بأن القانون الذي يتم وفقه التكييف هو بمثابة الإحداثية في لغة الرياضيات التي تغير منحى المسألة القانونية محل النزاع
الجانب الموضوعي في التعليق :
المبحث الأول : التكييف وفقا لقانون القاضي وتمسك الطاعن كراسلانيس بع
المطلب الأول : تعريف التكييف ومضمونه وفقا لقانون القاضي ونتائجه التي أثاره الطاعن في النزاع .
المطلب الثاني : تقدير التكييف وفق قانون القاضي فقها واستبعاده من قبل محكمة النقض في النزاع ما بين كراسلانيس وماري
خطة البحث :
مقــــدمة
المبحث الأول : ماهية التنازع الإيجابي (التعدد )
- المطلب الأول : مفهومه وأسبابه
- المطلب الثاني : مشاكله والحلول الوقائية والعلاجية
المبحث الثاني : ماهية التنازع السلبي ( الانعدام )
- المطلب الأول : مفهومه وأسبابه
- المطلب الثاني : مشاكله والحلول الوقائية والعلاجية له
خـــاتمة
قواعد الجنسية تحددها كل دولة وفق :
· قواعد محددة وضعها بصفة انفرادية
· ووفق مصطلح حرية الدولة تضع هذه القواعد لتحقيق مصالحها أهدافها
· هذا أدى إلى اختلاف الأسس من دولة إلى أخرى
واختلاف الشروط القانونية الواجب توفرها على الجنسية
هذا ما عالجه الفقه تحت عنوان :
تعدد الجنسيات ــــــ تنازع إيجابي
انعدام الجنسية ــــــ تنازع سلبي
لهذا كانت الإشكالية التالية :
ماهية التنازع بنوعيه الإيجابي عند تعدد الجنسيات أو السلبي عند الانعدام ؟ وما هي المشاكل الناتجة عنه ؟
وما هي الحلول المقترحة لتفادي هذا المشكل ؟
1- التنازع الإيجابي :
أ- مفهومه : هو تنازع الجنسيات تنازع إيجابي أي تمتع الشخص بجنسيتين أو أكثر بصفة قانونية وصحية ضمن الطرق القانونية في تلك الدولة التي يحمل جنسيتها
ب - أسبابه :
* أسباب معاصرة للميلاد :
1- اختلاف أساس الجنسية بين الدول
2- اختلاف جنسية الأب عن جنسية الأم
3- تعدد جنسية الأب أو الأم المبنية على علاقة الدم
4- تغيير جنسية الأب بعد الحمل وقبل الولادة
· أسباب لاحقة :
1- التجنس
2- الزواج المختلط
3- استرداد الجنسية
4- ضم جزء من إقليم دولة إلى دولة أخرى
ج - مشاكل هذا التعدد
1- تأدية الخدمة العسكرية
2- عدم استطاعة الشخص في حالة الحرب بالدفاع عن الدولتين في آن واحد معا
3- اعتبار الشخص المتمتع بالجنسيتين خائنا
4- تعدد ظاهرة تعدد الجنسيات مع مفهوم الجنسية
5- الحماية الدبلوماسية في حالة تعدد الجنسيات لشخص واحد
6- تعارض إلتزامات الشخص المتعدد الجنسية وعدم استطاعته القيام بها في وقت واحد
د - الحلول الوقائية والعلاجية لمحاربة ظاهرة تعدد الجنسيات :
1- الحلول الوقائية : نادى بها الفقه وعملت بها بعض التشريعات وأيدها القضاء
· توحيد الأساس الذي تبنى عليه الجنسية بين كافة الدول
· الأخذ بالأولوية بين أسس الجنسية
· التقادم المسقط للجنسية
· ضرورة انفراد الأباء في الدولة المانعة لجنسيتها بناءا على حق الدم
· تلاقي التعدد عن طريق التجنيس
· محاربة التعدد عن طريق الزواج
· محاربة التعدد عن طريق حق الإختيار
2- الحلول العلاجية : مصدر هذه الحلول فقهيا وتشريعيا وأحكام قضائية ودولية ومعاهدات دولية
· تطبيق قانون جنسية القاضي : ( أخذ بها المشرع الجزائري في المادة 22/2 من القانون المدني )
· الأخذ بالجنسية الفعلية
· الأخذ بالجنسية الأقرب إلى القاضي
· تفضل الجنسية الأولى على باقي الجنسيات
· الاقتداء بمعيار الموطن المتعدد الجنسيات
· الأخذ بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية
· المعاهدات خاصة بالخدمة العسكرية : - اتفاقية مجلس أوربي لسنة 1963
- بروتوكول الملحق باتفاقية لاهاي سنة 1930
2/ التنازع السلبي :
أ - مفهومه : هو انعدام جنسية الشخص ميلاده أو يكون من تاريخ لاحق للميلاد هذا يرتب عدم التبعية السياسية والقانونية لأي دولة من يجعل الشخص متعرض لعدة مشاكل
أ- * أسبابه
1- * أسباب انعدام الجنسية المعاصرة
· اختلاف الأساس القانوني بين الدول
· الميلاد فوق دولة تبنى جنسيتها على حق الدم من أبوين عديمي الجنسية أو مجهولي النسب
· ونص المشرع الوطني منح الجنسية لبعض من العناصر
2- الأسباب اللاحقة التي تؤدي إلى الانعدام :
· السحب والإسقاط ( التجريد )
· الزواج
· التجنس
ج - المشاكل المترتبة على هذا الانعدام : هناك جملة من المشاكل القانونية متعددة الجوانب يصعب تحديدها لأن عديم الجنسية يصبح من ناحية قانونية وفق لمفهوم الجنسية لا يرتبط بأي دولة رغم هذا نجد :
1- عدم الحماية القانونية
2- عدم وجود موطن قانوني لعديم الجنسية
3- طرد عديم الجنسية وابعاده من كل الدول
4- عدم إمكانية تحديد حقوق وواجبات عديم الجنسية
5- صعوبة تحديد القانون الواجب التطبيق على الأحوال الشخصية لعديم الجنسية
د- الوسائل الوقائية والعلاجية لمحاربة انعدام الجنسية :
1- الوسائل الوقائية :
· الوسائل المعاصرة للميلاد : هذه الوسائل تكون بعد الميلاد
- عن طريق التجنس
- عن طريق الزواج
- التخفيف من نزع الدولة لجنسية الشخص
* الوسائل العلاجية :
أولا : بالنسبة إلى القانون الواجب التطبيق على الأحوال الشخصية (عديم الجنسية ):
1- الأخذ بقانون الدولة التي ولد فيها عديم الجنسية
2- الأخذ بقانون آخر دولة تمتع عديم الجنسية بجنسيتها
3- الأخذ بقانون القاضي
4- الأخذ بقانون الدولة التي يرتبط بها عديم الجنسية من الناحية الواقعية أكثر من بقية الدول
ثانيا : بالنسبة إلى تحديد مركز عديم الجنسية بين الأجانب :
اختلافهما في المركز القانوني بين :
1- أجانب
2- عديم الجنسية
يولد نتائج :
* أن عديم الجنسية لنظام خاص يراعى فيه وضعيته :
1- يستطيع أن يعيش فوق إقليم الدولة التي يتمتع بجنسيتها ويتمتع بحمايتها
2- تمتعه ببعض الوثائق التي تسهل له التنقل عبر الحدود بين الدول
3- إعطاؤه وثائق سفر دولية من طرف هيئة الأمم المتحدة ليستطيعى التنقل من مكان إلى آخر
4- التمتع ببعض الحقوق التي تمتع بها بعض الأجانب في مقابل تأديته لبعض الالتزامات مثل الخدمة العسكرية
ثالثا : بالنسبة للإبعاد :
يرى هذا الفريق : أن لا ضرورة من إبعاد أي شخص من ترابه يكفي تعويض هذه العقوبة بعقوبة أقل درجة
نقد لم يلقى تأييد من طرف كل الدول لأن الدول تتمتع بمبدأ حريتها فوق إقليمها واتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة لتحقيق مصالحها
خاتمة : تعرض لكل من تنازع سلبي أو إيجابي والمشاكل والحلول إلا أن الحلول تحتاج إلى المزيد لتخفيف حدة هذه المشاكل
المبحث الأول : عناصر قواعد الإسناد
المطلب الأول : الفئة المسندة
المطلب الثاني : ضابط الإسناد
المبحث الثاني : مميزات قاعدة الإسناد
المطلب الأول : قواعد الإسناد قواعد غير مباشرة
المطلب الثاني : قواعد الإسناد قواعد مزدوجة
المطلب الثالث : قواعد الإسناد قواعد محايدة
مقدمة
بعد إنتهاء القاضي من عملية التكييف ومحاولته إدخال العلاقة القانونية في أخذ النظم المعية في قانونه ينتقل إلى البحث على القانون الواجب التطبيق على العلاقة محل النظر وهذا ما يعرف بالإسناد .
فالإسناد عملية تأتي بعد عملية التكييف وهو كما قلنا عملية البحث عن القانون الواجب التبيق أي أسند حكمها إلى القانون الذي يجب أن تخضع له . ولكي نتمكن من الخوض أكثر في الإسناد وقواعده لابد من طرح الإشكالية الآتية :
ماهي عناصر الإسناد ؟ وماهي خصائص ومميزات هذه القواعد ؟
المبحث الأول : عناصر قواعد الإسناد
تتركب قاعدة الإسناد من عنصرين هما : الفئة المسندة وضابط الإسناد
المطلب الأول : الفئة المسندة أو ما يسمى بالفكرة المسندة
نظرا لكثرة المسائل القانونية بحيث لا يمكن حصرها ولا وضع لكل منها قاعدة إسناد خاصة بها . فقد قام المشرع بتصنيف العلاقات ذات الصفة الأجنبية إلى فئات متعددة تشتمل كل فئة منها على مجموعة العلاقات المتشابهة وهذه الفئات تسمى الفئات المسندة أو أفكار مسندة .
ثم يقوم المشرع بربط كل فئة بقانون معين عن طريق معيار خاص هو ضابط الإسناد .
ومثال ذلك إخضاع الأهلية لقانون الجنسية م 10 ق.م.ج فهي بذلك تشكل فئة مسندة تتضمن جملة من المسائل القانونية ومثال ذلك كذلك إخضاع الإلتزامات التعاقدية لقانون الإرادة م 18 ق.م.ج ( عقد إيجار، عقد وديعة .... ) .
وتشكل التصرفات القانونية مشتملة على عنصر أجنبي فإن أول عمل يقوم به القاضي هو البحث عن الفئة المسندة التي تندرج تحتها تلك المسألة ليعرف القانون الواجب التطبيق عليها .
المطلب الثاني : ضابط الإسناد أو ما يسمى بظرف الإسناد
هو المعيار الذي يختاره المشرع للإرشاد إلى القانون الواجب التطبيق أو أداة ربط بين الفئة المسندة والقانون المسند إليه .
فمثلا في المادة 11 ق.معندما أخضع المشرع الجزائري فقاعدة الإسناد هذه جعلت من الجنسية ضابطا للإسناد وخضوع شكل التصرفات القانونية لقانون بلد الإبرام قد جعلت هذه القاعدة بلد الإبرام ضابطا لللإسناد .
يفترض أن لكل فئة مسندة ضابط إسناد وحيد يتحدد بمقتضاه القانون الواجب التطبيق إلا أنه يمكن أن يكون لكل فئة أكثر من ضابط ومثال ذلك المادة 16 / 2 ق.م.ج التي تبين أن شكل الوصية يخضع لقانون الموصي أو لقانون البلد الذي تمت فيه الوصية والضابطان هنا إختياريان : قانون الموصي أو البلد الذي تمت فيه الوصية .
وقد يكون الضابط الأول أصلي والثاني إختياري يؤخذ به في حالة تعذر الأخذ بالأول ومثال ذلك المادة 18 ق.م.ج التي تجعل للإلتزامات التعاقدية قانون الإرادة وهو الضابط الأصلي وقانون بلد الإبرام هو الإحتياطي .
وهذا بالنسبة لعناصر قاعدة الإسناد وهناك من يضيف عنصرا ثالثا وهو القانون المسند إليه ويقصد به أن يكون القانون المختص وهو قانون دولة معينة ثبت لها كيان وفقا لأحكام القانون الدولي العام وتكون دولة القاضي معترفة بها ذلك لأن عدم الإعتراف ينبني عليه إنعدام الشخصية القانونية لدولة غير المعترف بها .
المبحث الثاني : مميزات قواعد الإسناد
تختص قواعد الإسناد بثلاثة مميزات تنفرد بها عن غيرها من قواعد القانون الدولي الخاص الأخرى ، وهذه المميزات هي :
1/ أنها قواعد غير مباشرة
2/ أنها قواعد مزدوجــة
3/ أنها قواعد محايـــدة
المطلب الأول : قواعد الإسناد غير مباشرة
لا ترشد قواعد الإسناد القاضي إلى الحل النهائي للنزاع محل نظره بل تكتفي ببيان قانون الذي يخضع له هذا النزاع ، وفي هذا القانون يجد القواعد القانوية التي سيطبقها عليه النزاع في حالة وجود عنصر أجنبي .
فمثلا قاعدة الإسناد الخاصة للأهلية لا تبين لنا السن الذي عند بلوغه يكون الشخص كامل الأهلية وإنما تكتفي فقط ببيان القانون الذي سيتكفل ببيان هذا السن وهكذا لجميع قواعد الإسناد بخلاف قواعد القانون الدولي الخاص الأخرى التي تعطي الحل مباشرة للنزاع فالقواعد المنظمة للجنسية تبين مباشرة من هم رعايا الدولة ، والقواعد المنظمة لمركز الاجانب تبين مباشرة الحقوق التي يتمتع بها الأجنبي والإلتزامات التي يتحملها وهكذا ...
المطلب الثاني : قواعد الإسناد قواعد مزدوجة
يقصد بالصفة المزدوجة لقاعدة الإسناد أنها تجعل الإختصاص إما للقانون الوطني، وإما للقانون الأجنبي وذلك حسب نوع المسألة القانونية
فمثلا القاعدة التي تقضي بخضوع الأهلية لقانون الجنسية قد تشير إختصاص القانون الجزائري ، وقد تشير بإختصاص القانون الأجنبي ، وذلك حسب الجنسية التي يحملها المعني .
وتفيد هذه الميزة في قاعدة الإسناد أنها لا تترك فراغا في مشكلة التنازع إذ أنها تجعل الإختصاص بالنسبة المسألة المطروحة على القاضي أما لقانونه أو للقانون الأجنبي .
وينتقد بعض الفقهاء هذه الميزة في قاعدة الإسناد حين يرى أن تقتصر فقط على بيان الأحوال التي يطبق فيها القانون الوطني دون الإشارة إلى الأحوال التي يطبق فيها القانون الأجنبي ، فيريدها بذلك أن تكون مفردة وليست مزدوجة ، كنص القاعدة الواردة في المادة 3/فقرة 3 من القانون المدني الفرنسي والتي تقضي بأن ((القوانين الخاصة لحالة الأشخاص وأهليتهم تحكم الفرنسي ولو كان مقيما في بلد أجنبي ))
ومن الحجج التي يبديها هؤلاء الفقهاء أن الدولة لا يمكن أن تعطي الإختصاص لقانون دولة أخرى في حالة ما إذا كانت هذه الدولة ترفض الإختصاص المحول لقانونها .
لو سلمنا –جدلا- بما ذهب إليه هؤلاء الفقهاء لوجدنا قصورا واضحا في إيجاد حل في حالتين :
الأولى : لما تستند لها كل دولة لها علاقة بنزاع الإختصاص لقانونها .
الثانية : لما ترفض كل دولة لها علاقة بنزاع جعل الإختصاص لقانونها هذا القصور دفع القضاء الفرنسي إلى إعتبار قاعدة الإسناد الواردة في م 3 من ق.م.ق –سابقة الذكر- مزدوجة رغم ورودها مفردة فقال بأنه إذا كان القانون الفرنسي هو المطبق على الفرنسيين حتى ولو كانوا في الخارج ، فبمفهوم المخالفة فإن القوانين الشخصية للأجانب الخاصة بحالتهم وأهليتهم، تتبعهم حتى ولو كانوا في فرنسا .
المطلب الثالث : قواعد الإسناد قواعد محايدة
القاضي عندما يعمل قاعدة الإسناد فإنه يجهل نوع الحل الذي سيعطيه للنزاع لأن ذلك متوقف على معرفة مضمون القانون الذي سيطبقه على النزاع ، وهذا القانون قد يكون قانونه وقد يكون قانونا اجنبيا .
هذه الميزة لا توجد في القواعد القانونية الأخرى غير أن بعض الفقهاء لا يقرون بذلك ويرون أن صفة الحياد تشمل كل القواعد القانونية .
الخاتمة
إن قاعدة الإسناد هي جزء من قانون القاضي يتعين عليه تطبيقها من تلقاء نفسه ولإعتبارات تتعلق بصميم النظام العام ولتحقيق التعايش المشترك بين النظم القانونية المختلفة .
فالقاضي لما قلنا عندما تعرض عليه مسألة قانونية ذات عنصر أجنبي يبحث عن الفئة التي يمكن أن يدرجها تحتها من بين الفئات التي تتضمنها قواعد الإسناد في قانونه .
وبعد أن يحدد الفئة يكون قد عرف القانون الواجب التطبيق عليها وهذه المعرفة لا تنهي كل أشكال بل يطرا إشكال آخر وهو هل القاضي يرجع إلى القانون الأجنبي بإعتباره كلا لا يتجزأمما يفرض عليه إستشارة قواعد الإسناد التي يتضمنها أم أنه يرجع مباشرة إلى القواعد الموضوعية التي يتضمنها ويطبقها على العلاقة القانونية المطروحة عليه وهو بذلك يستبعد قواعد الإسناد التي يتضمنها وهذ ما يعرف بالإحالة والتي سيتناولها الزملاء في البحث المقبل
المبحث الأول : التكييف وفقا لقانون القضية وتمسك الطاعن كراسلانيس به
المطلب الأول : تعريف التكييف ومضمونه وفقا لقانون القضية ونتائجه المثارة في النزاع
الواقع هو أن تحديد الوصف القانون الملائم للعلاقة القانونية مسألة مقررة قبل أن يطبق القاضي القانون المختص على الوقائع محل النزاع سواء في القانون الداخلي أو الدولي .
مثلا : قاضي لتحقيق يحدد ما إذا كان سلب مال الغير هو من قبيل السرقة أو النصب أو خيانة الأمانة كذلك القاضي لمدني يفصل أولا في ما إذا كان اتفاق الأطراف موضوعه وعد بالبيع أو بيع متوقف على شرط .. وهكذا يجب تحديد الطبيعة القانونية قبل تطبيق القانون عليه ، ويمارس القاضي هذه المهمة بتكييف الوقائع ضمن تفسير أحكام القانون تستخلص من هذا أن التكييف عملية أولية معروفة في القانون الداخلي لكن التكييف في القانون الدولي الخاص شيء آخر حيث أن القاضي لما تفرض عليه مسالة قانونية ذات عنصر أجنبي فإن أول ما يقوم به هو البحث عن الفئة التي يمكن أن يدرجها تحتها من بين الفئات التي تتضمنها قواعد الإسناد في قانونه فنقول أنه قام بالتكييف .
إذن : فالتكييف في القانون الدولي الخاص يؤدي إلى وضع المسألة محل النزاع ضمن فئة من الفئات النظم القانونية المقررة في قانون القاضي تمهيدا لإسنادها إلى القانون المختص .
كما يمكن أن نعرف التكييف بأنه تحديد طبيعة المسألة التي تتنازعها القوانين لوضعها في إحدى الفئات القانونية التي خصها المشرع بقاعدة إسناد .
بمعنى أن التكييف في القانون الدولي الخاص يختلف عنه في القانون الداخلي من حيث الهدف ففي القانون الداخلي يؤدي التكييف إلى تحديد النص القانوني الموضوعي الواجب التطبيق فلما يكيف القاضي المدني الرابطة التعاقدية بأنها عقد بيع مثلا مباشرة تطبق على هذا العقد قواعد عقد البيع المتضمنة في القانون المدني أم التكييف في القانون الدولي الخاص يؤدي إلى وضع المسألة محل النزاع ضمن طائفة من طوائف النظم القانونية المقررة في قانون القاضي وذلك تمهيدا لإسنادها إلى القانون المختص ففي قضية الحال لما قام القاضي في النزاع المطروح عليه بالنظر إليه حلل المسألة المتعلقة بعقد الزواج وأعطاه وصف شكل التصرفات وبالتالي أدخله ضمن فئة شكل العقود ولم يدخله ضمن فئة الأهلية للأشخاص .فالقاضي هنا يبحث عن الفئة المسندة التي تشمل المسألة القانونية المطروحة عليه وهي الفئة المتعلقة بشكل العقود وهذه العملية ما هي إلا تكييف أولي الهدف منه هو معرفة القانون الواجب التطبيق .
إن الأساس الذي يقوم عليه نظرية قانون القضية هو أن الرجوع إلى القانون غير القانون المختص يرتب نتائج غير منطقية وغير مقبولة إذ قد يؤدي ذلك إلى عدم تطبيق القانون المختص على الرغم من أن مشرعه الوطني قد أعطى له الاختصاص وأراد له أن يطبق
والتكييف ليس هو المشكلة في حد ذاته وإنما المشكل في التنازع في التكييف أي انه إذا كانت المسألة القانونية المطروحة على القاضي لها علاقة بقوانين عدة دول مثل القضايا الثلاث التي طرحت على القضاء الفرنسي وهي :
قضية ميراث المالطي –وصية الهولندي – زواج اليوناني .
وتتلخص وقائع قضية ميراث المالطي في : بعد انعقاد الزواج في مالطا انتقل الزوجان إلى الجزائر –كانت تابعة لفرنسا ذلك الوقت – واتخذا منها موطنا لهما وتملك الزوج بعض العقارات ثم توفي ، طالبت الزوجة بعد وفاة زوجها بحقها في ترك من عقارات مدعية أمام محكمة الجزائر أن لها حقا على العقارات المتروكة يسمى " بنصيب الزوج المحتاج " وهو حق مقرر لها بمقتضى نصوص القانون المالطي فتردد القاضي المعروض عليه النزاع بين تطبيق القانون المالطي والقانون الفرنسي .
لو أعتبر هنا ما تطلبه الزوجة حقا في الميراث لخضع للقانون الفرنسي وذلك وفقا لقاعدة الإسناد فيه والتي تقضي بإخضاع الميراث في العقار لقانون موقعه وإذا ما اعتبر ما تطالب به الزوجة من نظام الأموال بين الزوجين لخضع للقانون المالطي وذلك وفقا لقاعدة الإسناد في القانون الفرنسي التي تقضي بإخضاع النظام المالي للزوجين لقانون الإرادة الضمنية أي قانون موطن الزوجية وهو القانون المالطي إذن إذا اعتبرت محكمة الاستئناف الجزائرية طلب الزوجة المالطية من الميراث فإن القانون الفرنسي هو الواجب التطبيق في هذه لحالة وفقا لقواعد الإسناد الفرنسية بوصفه قانون موقع العقار وهذا يترتب عليه رفض إدعاء الزوجة لأن القانون الفرنسي يجهل الحق المسمى " نصيب الزوج المحتاج ".
أما إذا كيفت المحكمة الموضوع على أنه يتعلق بالنظام المالي للزوجين فإن القانون المالطي هو الواجب التطبيق وذلك وفقا لقواعد الإسناد الفرنسية بوصفه قانون الموطن الأول للزوجية وهنا يتعين الحكم بأحقية الزوجة في دعواه .
نلاحظ أن الفكرة الرئيسية لاتجاه قانون القضية أن لكل قانون تكييفاته والمقصود بذلك أن يرجع القاضي عند قيامه بتحديد طبيعة المسألة المتنازع فيها إلى القانون الواجب التطبيق عليها دون البحث في القوانين الأخرى لقانون القاضي أو القانون المقارن ففي مثال وصية الهولندي يجب إجراء تكييف القاعدة الواردة في المادة 992 من القانون المدني الهولندي التي تجبر على الهولنديين حتى خارج هولندا إجراء وصاياهم في الشكل العرفي الخطي وفقا للقانون الهولندي فلما كان هذا القانون يعتبر هذا الخطر متعلقا بأهلية الهولنديين فإن أي تكييف غيره يعطى له يعتبر تشويها لطبيعته الحقيقية .
ويرى جانب من الفقهاء القانون الدولي الخاص وعلى رأسهم " ولف " أن تحديد طبيعة العلاقة أو المركز محل النزاع يجب أن يتم وفقا للقانون المختص بحكم الموضوع هذا ، فإذا قرر المشرع إخضاع شكل التصرفات لقانون بلد إبرامها ، فإن تحديد فكرة الشكل هو أمر يتعين الرجوع في شأنه إلى قانون بلد إبرام التصرف
وفي قضية الحال المثارة في قرار محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 22/06/1955 فإن زواج اليوناني " كراسلانيس " في فرنسا رواجا مدنيا فطبقا لقانون القضية فإن القانون اليوناني هو الذي يبين ما إذا كان شرط المراسيم الدينية الذي يشترطه هو شرط موضوعي أم شرط شكلي ، وهذا ما تمسك به الطاعن " كراسلانيس " في قضية الحال حيث طعنه أسس على وجه مضمونه :
بأن الزواج غير موجود أصلا في نظر القانون اليوناني الذي يشترط لصحة عقد الزواج إبرامه في الشكل الديني كما أن الصفة الديني ة للزواج هي مسألة تتعلق بموضوع عقد الزواج وليس شكله .
وبالتالي لما كيفت القضية وفق قانون القاضي فإن الحقيقة شوهت فطالما أن القانون اليوناني يعتبر عقد الزواج الديني من قضايا الأساس ، فإن اعتباره من القضايا الشكلية من قبل القضاء الفرنسي يعني تحريف هذا القانون ثم أن الحكمة من إسناد التكييف إلى القانون المختص التي تأسست عليه هذه النظرية هي تحقيق العدالة من خلال تطبيق القانون الأجنبي تطبيقا كاملا سواء ما تعلق منه في قواعده الموضوعية أو ما تعلق بالتكييف .
لكن رغم هذا فإن هذه النظرية تعرضت لعدة انتقادات والتقديرات سنحاول الوقوف عليها من خلال المطلب الثاني .
المطلب الثاني : تقدير التكييف وفقا لقانون القضية واستبعاده من قبل محكمة النقض :
وهكذا ورغم أن كل من الفقيهين despagnets و wolf قد أكدا على أن تحديد طبيعة العلاقة محل النزاع يجب أن يتم وفقا للقانون المختص بحكم النزاع مثلما أشرنا إليه سابقا ورغم الحجج التي صاغها أنصار هذه النظرية .تأييدا لمنطقهم فإن الفقه الحديث لم يتردد في انتقاد هذه النظرية ولعل أهم هذه الانتقادات ما يلي :
1- التكييف عملية تسبق الإسناد فالمعروف أن التكييف عملية أولية لازمة لتحديد القانون الواجب التطبيق فكيف يمكننا أن نتصور إخضاع التكييف للقانون المختص بحكم النزاع في الوقت الذي يجهل فيه القاضي هذا القانون قبل تكييف المسالة المعروضة عليه . وعليه ففي قضية الحال كيف يمكن القول بإخضاع التكييف للقانون المختص مادام أن القاضي لم يحدد ما إذا كانت المسألة محل النزاع مشكل يخضع لقانون بلد الإبرام الذي هو في قضية الحال القانون الفرنسي أو أنها مشكلا يتعلق بالأهلية ويخضع لقانون الجنسية أي القانون اليوناني ، ثم لماذا نحكم مسبقا بضرورة الرجوع إلى القانون الذي يحكم شكل العقد أو القانون الذي يحكم الأهلية أو العكس ؟
وهنا يجد القاضي صعوبة في إيجاد مبرر للبدء في إخضاع التكييف لأحد القانونين وان الأخذ بهذه النظرية يؤدي إلى حلقة مفرغة وإلى مصادرة على المطلوب لأنه قبل التكييف وأثناءه القانون الواجب التطبيق لا يكون معروفا فكيف نكيف وفقه النزاع .
2- أن قواعد تنازع القوانين هي قواعد وطنية بحتة فكيف يمكن للمشرع الوطني أن يترك تحديدها للمشرع الأجنبي ثم إن الرجوع إلى التكييف وفق القانون الأجنبي الذي قالت به قاعدة تنازع القوانين في قانون القاضي قد يكيف هذا القانون المسألة موضوع النزاع على أنها تتعلق بالأهلية وتخضع لقانون القاضي باعتباره قانون الموطن أو قانون الجنسية فإذا كان قانون القاضي من أنصار الإحالة فلماذا هذا اللف والدوران وإن كان من أعداء الإحالة فسوف يقع في مأزق . وعليه وانطلاقا مما سبق ذكره فإنه أمام عدم التسليم برجاحة ما جاءت به هذه النظرية فإنه من الأيسر إخضاع التكييف وفقا لقانون القاضي لأنه على الأقل القانون الذي تنتمي إليه قاعدة الاسناد وبالتالي يساعد على عملية الاستدلال العقلي وبالتالي فقانون القاضي وحده المعني بالتفسير .
ومنه إذا نص القانون الوطني على إخضاع الأهلية لقانون الجنسية وشكل التصرف لبلد الإبرام فيتعين الرجوع إلى هذا القانون لتحديد فكرة الشكل وفئة الأهلية ونظرا لكل هذه الاعتبارات فإن محكمة النقض في قضية الحال قضت باستبعاد التكييف وفقا للقانون الأجنبي ( القانون اليوناني ) وعليه فقد تم التكييف في قضية الحال وفقا للقانون الفرنسي باعتباره قانون القاضي وجاء في إحدى حيثيات هذه القضية (( حيث أن مسألة تحديد ما إذا كان إشهار الزواج يخل في قواعد الشكل أو في القواعد الموضوعية يفصل فيها القضاة الفرنسيون طبقا لمفاهيم القانون الفرنسي الذي يعتبر الطبيعة الدينية أو المدنية للزواج مسألة شكل ... ))
والقضاء المصري أيضا قد نهج نفس نهج في قضايا مشابهة لقضية كراسلاني
المبحث الثاني : تكييف النزاع المثار أمام محكمة النقض وفق قانون قاضي الدعوى .
المطلب الأول : مضمون التكييف وفق قانون القاضي وتطبيقه في قضية الحال
انطلاقا مما سبق ذكره فإن تحديد القانون الواجب التطبيق لا يتسنى للقاضي تحديد ه إلا بعد تكييف النزاع المطروح عليه وكان الفقه قد تسائل وفقا لأي قانون تقوم المحكمة بتكييف النزاع المطروح أمامها ؟ .
وهكذا فقد أجاب الفقيه bartin على هذا التساؤل مؤكدا أن القضاء في فرنسا وفي غيرها من دول العالم قد درج على إخضاع التكييف إلى قانون القاضي و أن المحاكم العادية ترجع إلى القانون الوطني لتحديد طبيعة المسألة القانونية المطروحة عليها وبالتالي فهي تقوم بالتكييف وفقا لقانونها دون أن تصرح بذلك ، ومن هنا انطلق بارتن في التنظير للتكييف ، مؤكدا سلامة خضوع التكييف لقانون القاضي و ضرورته .
كما تبين لكل من بارتن و كاهن أنه من المستحيل عمليا توحيد قواعد القانون الدولي الخاص على النحو الذي كان ينشده أنصار النظرة العالمية لتنازع القوانين وذلك لأنه حتى ولو تطابقت قواعد الإسناد في دولتين مختلفتين فهذا لا يليق حائل .
دون اختلاف كلب من الدولتين حول تكيف المسألة محال النزاع ، وبالتالي ففي وصية الهولندي مثلا نجد أنه رغم تطابق قواعد الإسناد في كل من فرنسا وهولندا فقواعد التنازع في كل منهما تخضع الأهلية لقانون الجنسية وشكل التصرف لبلد الإبرام فإن الحل النهائي للنزاع يختلف حسب قانون قاضي الدعوى ففي هذه الوصية كيف القاضي الفرنسي مسألة المتع بأنها تتعلق بشكل الوصية أما لو عرض النزاع على القاضي الهولندي لاعتبرها مسألة الأهلية .
وهكذا فالتكييف وفقا لقانون القاضي يؤثر حتما في اختيار القانون الواجب التطبيق واختلاف مضمون الفكرة المستندة الواحدة من دولة لأخرى هو ما جعل الفقيه الألماني كاهن kahn يطلق على هذا الوضع تسمية تنازع المستتر colit latent (4)
ويتضح مما سبق ذكره أن نظرية بارتن تهدف في مضمونها ومقتضاها القانوني إلى إعطاء الاختصاص في التكييف إلى قانون القاضي المرفوع أمامه النزاع في العلاقة المشتملة على عنصر أجنبي بغض النظر أيضا من مفاهيم القانون المقارن التي يتميز بها ولا وجود لها في دولة القاضي
ففي قضية الحال قام القاضي بإجراء التكييف في النزاع المتعلق بعقد لزواج بين اليوناني كراسلانيس والفرنسية ماري .
وفقا لمفاهيم القانون الفرنسي حيث أعتبر هذا الخير أن المراسيم الدينية مسألة تتعلق بالشروط الشكلية للعقد ولا تدخل ضمن الشروط الموضوعية لأن القانون الفرنسي لا يقيد بالزواج الديني بل يأخذ فقط بالزواج المدني وهذا بخلاف القانون اليوناني الذي يأخذ بالزواج الديني ويعتبره من النظام العام . ومنه فالقاضي في قضية الحال لم يراع ما إذا كانت المراسيم الدينية تندرج فعلا وفق القانون اليوناني في الشروط الموضوعية وهو ما أكدته محكمة النقض في ( التكييف لا يتم إلا وفقا للقانون الفرنسي ))
أي أن القاضي الفرنسي أجرى التكييف وفقا لقانونه حيث أعطى المراسيم الدينية وصف شكل العقد ومن ثم أدخلها في مسألة عقد الزواج في فئة شكل العقود وطبعا وفق قاعدة الغربية فشكل العقد يخضع لقانون بلد الإبرام وضابط إسناد هو قانون محل الإبرام وربما أن الزواج تم في أراضي الجمهورية الفرنسية فالقانون الواجب التطبيق هو القانون الفرنسي وبالتالي عقد الزواج محل النزاع يخضع للقانون الفرنسي وهذا الأخير لا يشترط الصفة الدينية بمعنى المراسيم الدينية وشهر الزواج الديني ما هو إلا مسألة الشكل ومن ثم فتخلف هذا الشرط لا يؤدي إلى بطلان العقد ولذا قضت محكمة النقض بصحة عقد الزواج ويروض الطعن من قبل الطاعن كراسلانيس .وأيضا في مثال وصية الهولندي قام القاضي الفرنسي بإجراء التكييف وفقا للقانون الفرنسي رقم أن المادة 992 مدني هولندي تمنع الهولنديين من إبرام الهولنديين لوصاياهم في شكل العرفي حتى خارج هولندا بمعنى أن القانون الهولندي يعتبر هذا المنع يتعلق بأهلية الهولنديين .إلا أن القاضي الفرنسي قام بتكييف النزاع وفقا لقانونه (وفقا القانون الفرنسي ) وأعتبر هذا المنع لا يتعلق بمسألة الأهلية وإنما بشكل العقد وحسب قاعدة الإسناد الفرنسية تشير إلى تطبيق قانون المحل لإبرام وهو في هذه الحالة هو القانون الفرنسي ( أي القانون الواجب التطبيق ) والقانون الفرنسي لا يمنع الوصية الخطية لعقد عرفي ومن ثم فتخلف الشكلية لا يؤدي إلى بطلان العقد أي أن القانون الفرنسي يجيز الوصية في شكل العرفي ومن ثم فالوصية صحيحة . وأيضا في مثال ميراث المالطي قام القاضي الفرنسي بالتكييف وفقا لقانونه واعتبره بالتالي إدعاء الزوجة يتعلق بفكرة الميراث نصيبا في ميراث الهالك وحسب قاعدة الإسناد الفرنسية تشير باختصاص قانون موقع العقار وفي هذا المثال كان هو القانون الفرنسي وهذا الخير لا يعترف للزوجة بهذا الحق وبالتالي رفض دعوى الزوجة
إذن : فالقاضي من خلال الحال وهذه الأمثلة الكلاسيكية في القضاء الفرنسي فهو يكيف النزاع ولا يهمه إن كانت في القانون الأجنبي تندرج ضمن فئة أخرى تخالف هذه الفئة
فالقاضي في قضية الحال ذكرنا بأنه قام بالتكييف وفقا لقانون القاضي لكننا نتساءل على أي أساس قام بالتكييف وفقا لقانونه ؟
والإجابة على هذا التساؤل تؤدي بنا في البحث في الأسس التي يقوم عليها نظرية التكييف وفقا لقانون القاضي .
فهذه النظرية التي جاء بها بارتن تقوم على عدة أسس ولعل أهمها ما يلي :
1 - فكرة السيادة : حسب الفقيه بارتن فتنازع القوانين هو تنازع للسيادات بين الدول والقاضي الوطني لتحديد طبيعة النزاع هو مطالب بالرجوع إلى قانونه الوطني لأنه بمثل السيادة ولا يجوز له تجاوزها على الرغم من أن المشرع الوطني أجاز تطبيق القانون الأجنبي
2- التكييف هو تفسير لقاعدة الإسناد : وهذا يعني بيان المسائل التي تدخل في نطاق تطبيق قاعدة الإسناد فإذا قضت قاعدة الإسناد بإخضاع شكل التصرف لقانون القاضي حين يطبق هذه القاعدة أن يبين معنى شكل لمعرفة ما إذا كانت ينطبق على وصية الهولندي وزواج اليوناني في قضية الحال حين اعتبر المراسيم الدينية مسألة شكل وأيضا في ميراث المالطي ( خضوع الميراث لقانون الجنسية وهل هو نفسه ما تطالب به الزوجة أم لا ؟
ولما كان التكييف وتفسير لقاعدة الإسناد فمن غير المعقول أن يطلب هذا التفسير من غير القانون الذي تنتمي إليه قاعدة الإسناد
3- العامل النفسي : القاضي وحسب تكوينه الوطني بالمفهوم الواسع فهو متأثر من حيث تكوينه الثقافي والقانوني مما تتضمنه قانونه من مبادئ وقواعد قانونية تكون جزءا لا يتجزأ من قانونه الوطني .أي (( أن عملية التكييف التي يقوم بها القاضي المعروض عليه النزاع فهذا الخير سيتأثر بحكم تكوينه الثقافي والقانوني عند إجرائها بالمبادئ الواردة في قانونه
4- التكييف يسبق الإسناد : وبالتالي فإجراء التكييف وفقا للقانون الأجنبي هذا القانون قبل التكييف غير معروف أصلا ولو قمنا بالتكييف وقت القانون اليوناني في قضية الحال لكان هو القانون الواجب التطبيق لأن التكييف وفقا للقانون الأجنبي يعني أن هذا القانون هو الواجب التطبيق وهذه هي الحجة من النقد الموجه للتكييف وفقا لقانون القضية القانون الذي يحكم النزاع تحت اسم الحلقة المفرغة
5- وعليه فالتكييف دائما يسبق تطبق قاعدة الإسناد أي لتعيين القانون الواجب التطبيق والقانون الأجنبي لا يتمتع بأنه صفة للتطبيق أثناء عملية التكييف وحتى ولو فرضنا جدلا أن القانون الأجنبي يسري في النهاية على النزاع فهذا لا يتم لا يعد تعيينه من قبل قاعدة الإسناد في دولة القاضي التي تقوم بدورها إلا بعد الانتهاء من عملية التكيف
لكن ما هو نطاق التكييف وفقا لقانون القاضي ؟
لقد فرق بارتن بين التكييف الأولى وهو لازم لأعمال قاعدة الإسناد وتحديد القانون الواجب التطبيق أما التكييف اللاحق فلا يثار إلا عند تطبيق القانون الذي أشارت قاعدة الإسناد باختصاصه ومن ثم يخضع لهذا القانون بوصفه تفسيرا لأحكامه ، فمثلا إذا كان النزاع ينصب على صحة التصرف فعلى القاضي إذا رجع عند قيامه بالتكييف الأولي إلى قانونه وانتهى إلى أن المسألة موضوع النزاع تدخل في فئة الشكل ( شكل التصرفات ) فأخضعها بالتالي لقانون بلد إبرام التصرف فهذا تكييف أولي وجب عليه بعد ذلك أن يرجع إلى قانون إبرام التصرف لتحديد شكل التصرف ، هل هو من قبل الشكل الرسمي أو الشكل العرفي
وفي قضية الحال حسب رأي بارتن كيف القاضي النزاع بأنه يندرج ضمن شكل العقد وأخضعه لقانون بلد الإبرام حسب بارتن بعد هذا تكييفا أوليا بعدها يرجع القاضي الفرنسي إلى القانون الفرنسي بوصفه قانون محل إبرام التصرف وبالتالي حدد شكل التصرف وهو الشكل البحتي والقانون الفرنسي لا يقيد بها الشرط ومن ثم تخلفه في قضية الحال لا يؤثر على صحة العقد ومنه قضى مثلما رأينا بصحة عقد الزواج . وحسب بارتن فالتكييف الأولي هو القاعدة أما التكييف اللاحق فهو الإستناد ولا يتعلق بالسيادة ثم عدل بارتن عن رأيه هذا واعتبر التكييف اللاحق نتيجة منطقية لفكرة السيادة التي بنى نظريته عليها
الإستثناءات الواردة على التكييف وفقا لقانون القاضي : لقد استثنى بارتن من التكييف وفقا لقانون القاضي الأموال فقط وتبريره في ذلك أن المال لا يخضع في تكييفه إلى قانون القاضي بل يطبق عليه مباشرة فهو يخضع لقانون موقع المال نظرا لأن المال يكون الثروة الوطنية لكل دولة من جهة وهو جزء من إقليمها ولهذا سيادتها عليه ومن يخضع إلى قانون موقعه وأن الأنظمة القانونية التي تنظمه مرتبطة بالنظام العام لكل دولة . و الفقه انتقد بارتن حول هذا الاستثناء فقال أنه إذا كانت قاعدة الإسناد في قانون القاضي تخضع المال عقار ومنقول لقانون موقعه فلا مبرر لاستثناء بارتن أما إذا كان القانون المختص فحكم المال يفوق بين العقار و المنقول مثل القانون الفرنسي الذي يخضع الميراث في المنقول إلى قانون موطن المتوفى والميراث في العقار القانون موقعه هنا فقط يكون لاستثناء بارتن أثر .
ثم أن استثناء بارتن حول المال قد يعطي لقاعدة الإسناد وفق قانون القاضي تفسيرا غير الذي أراده المشرع حين وضعها فيطبق الموقع على العقار على مالا يعد عقارا في قانونه .
ويضيف الفقه الحديث إلى استثناء بارتن حول المال عدة إستثناءات أخرى هي :
1- التكييف بعد الإحالة
2- تحديد القانون الذي يحكم التكييف بمعاهدة .
3- الاستحالات المادية .
4- الجرائم .
1- التكييف بعد الإحالة : تكون بصدد التكييف بعد الإحالة لما يرفق القانون الأجنبي المختص وفق الإسناد الوطنية ويحيل إلى قانون القاضي أو إلى قانون أخر فالقاضي لما يقبل قانونه الإحالة يقوم بالتكييف ليس وفق مفاهيم قانونه الداخلي بل وفق مفاهيم القانون الأجنبي أي قانون الإحالة .
وهذا النوع الثاني من الإستثناءات الواردة على التكييف وفقا لقانون القاضي غير متوفر هو الآخر في قضية الحال .
2- التكييف المعلق بمعاهدة المعاهدة الدولية أحيانا تبين القانون الذي تم وفقه التكييف بل تبين حتى منهم التكييف وفي هذه الحالة طبعا التكييف لا يتم وفقا لقانون القاضي
وهذا النوع الثاني من الإستثناءات الواردة على التكييف وفقا لقانون القاضي غير المتوفر هو الآخر في قضية الحال .
3- الاستحالة المادية : لما تعرض على القاضي مسألة قانونية يجهلها قانونه الوطني فيكون أمام استحالة مادية كنظام القف الإسلامي غير موجود في القانون الفرنسي فهنا لا بد من الرجوع إلى القانون الأجنبي وقضية الحال خير مثال عن هذه الاستحالة المادية حيث وجدنا أن القانون الفرنسي ( قانون القاضي ) لا يعرف ويجهل الإشهار الديني في الزواج وهنا تمت الاستعانة بالقانون الأجنبي ( القانون اليوناني ) وبفئات الإسناد فيه وهو ما يعبر عنه بدور فئات الإسناد الأجنبية حيث قام بالتحليل وفقها ثم قام بالتوسيع فئات الإسناد في القانون الفرنسي وانتهى إلى أن هذا الشكل الديني ( الإشهار الديني في الزواج ) يدخل ضمن فئة الشكل وهنا نلاحظ دور فئات الإسناد الأجنبية في عملية التكييف وفقا لقانون القاضي .
4- الجرائم : يخضع الفعل المنشئ للمسؤولية التقصيرية في تكييفه إلى قانون محل ارتكاب الفعل ولا يخضع لقانون القاضي حتى يتمكن القاضي من معرفة ما إذا كان هذا الفعل ضارا أو نافعا ولا سيما في الجرائم وتصنيفاتها فما يميز هذا الاستثناء هو خضوع الجرائم كقاعدة عامة لمبدأ إقليمية القوانين وهذا هو الأصل العام واستثناء منه مبدأ شخصية القوانين ويكون في الجرائم الماسة بأمن الدولة واستقرارها واقتصادها كجرائم تزوير النقود وقد أخذت بهذين المبدأين ( القاعدة والاستثناء في الجرائم ) تقريبا كل التشريعات في العالم .
تقييم نظرية التكييف وفقا لقانون القاضي : لقد تعرضت هذه النظرية لعدة انتقادات يأتي في مقدمتها انتقادين رئيسين والباقي انتقادات ثانوية
الإنتقاد الرئيسي الأول : أن التكييف وفقا لقانون القاضي يؤدي إلى إجهاض جهود توحيد القانون الدولي الخاص فحتى ولو كانت قواعد الإسناد متماثلة في مختلف الدول فإن القضاة يحطمون هذا التجانس عن طريق اللجوء إلى التكييف وفقا لقانون القاضي .
الإنتقاد الرئيسي الثاني : أم التكييف وفقا لقانون القاضي يشكل عامل عدم استقرار قانوني فهو لا يعرف عن يقين ( القاضي ) في حالة التكييف وفقا لقانونه ما هي الأحكام التشريعية التي تسري على العلاقة القانونية أثناء تكوينها فيجب الإنتظار إذن لحين إقامة الدعوى بغية معرفة القانون الواجب التطبيق وطالما أن هذه الدعوى لم ترفع بعد فإن العمل القانوني يبقى معلقا ولذا يقول الفقيه تيان (( أن العمل القانوني يكون معلقا دون قانون محدد طالما أنه غير متنازع فيه بعد )) .
الإنتقادات الثانوية الأخرى :
1- ع جز هذه النظرية عن مواجهة جميع الحالات التي تعرض على القاضي كالاستحالة المادية .
2- عدم وجود موقع لتكييف الأموال المعنوية في قانون القاضي ولأن نظرية بارتن لم تبين لنا الضوابط القانونية التي تحكم هذه الأموال وفق قانون القاضي .
3- عدم وجود تكييف سابق وتكييف لاحق فالتكييف اللاحق لا يعد تكييفا بالمعنى الصحيح فهو مجرد تطبيق للقانون الأجنبي المختص .
4- صعوبة تطبيق الاستثناء الخاص بالمال منها موقع العقارات محل النزاع في عدة أمكنة مختلفة النظم القانونية وبالتالي يكون أمرا صعبا .
لكن رغم هذه الانتقادات الموجهة من بعض فقهاء القانون الدولي الخاص إلا أن أغلبية الفقه الدولي الخاص قد اعتمد هذه النظرية واخذ بالتكييف وفقا لقانون القاضي مع اختلاف في الأساس الذي تقوم عليه حيث أن الفقه الحديث لم يعد يرى في تنازع القوانين تنازعا للسيادات ومن ثم فقد أقرها على أساس أن التكييف هو تفسير لقاعدة الإسناد الوطنية ولا يمكن تصور إخضاعه لغير قانون القاضي ومن ثم فمن المنطقي أن يقتصر الرجوع في التكييف الأولي إلى قانون القاضي لاتصاله بتفسير قاعدة الإسناد أما التكييفات اللاحقة لمرحلة الإسناد فلا تثار إلا عند تطبيق القانون الذي أشارت إليه قاعدة الإسناد ومن ثم فهي تخضع لهذا القانون بوصفها تفسيرا له وقد توصل الفقه الحديث إلى أن التكييف اللاحق لا يعد تكييفا بالمعنى المعروف في التكييف الأولي بل هو مجرد تطبيق للقانون المختص ، ولم تقف شهرة هذه النظرية على المستوى الفقهي فحسب بل تعدت إلى إقرارها في المعاهدات الدولية كاتفاقية لاهاي لعام 1925 ونصت عليها معظم التشريعات الحديثة ، ومنها التشريع الجزائري في نص المادة 09 من القانون المدني وغيره من القونين على على مستوى الدول العربية كالتشريع الليبي في نص المادة 10 (( القانون الليبي هو المرجع في التكييف ...)) .
1- سامي بديع منصور الوسيط في القانون الدولي الخاص دار العلوم العربية ص 182 .وأنظر أيضا محند اسعاد القانون الدولي الخاص المرجع السابق ص 189
2- هشام علي صادق وحفيظة السيد دروس في القانون الدولي الخاص المرجع السابق ص65 وانظر أعراب بلقاسم القانون الدولي الخاص المرجع السابق ص90 وما بعدها و 93
ا لمطلب الثاني : قاعدة لوكيس كقانون واجب التطبيق في النزاع القائم بين كراسلانيس وماري
إذن فحكمة النقض الفرنسية صرحت بصحة الزواج المدني طبقا لقاعدة LOCUS " قانون بلد إبرام العقد " وعليه قضت برفض الطعن بموجب القرار المؤرخ في 22/06/1955.حيث أن طعن كراسلانيس كان يتوخى منه تطبيق القانون اليوناني الذي يشترط لصحة عقد الزواج أن يكون مبرما في الشكل الديني ، لكن ما هي المبررات التي أوجدت قاعدة LOCUS أو ما هي المبررات التي جعلت القاضي يطبق قاعدة لوتيس في النزاع القائم بين كراسلانيس و صارى هناك عدة مبررات ذكرها الفقه وتهدف في مجملها إلى قاعدة خضوع شكل العقد إلى قانون المحل قاعدة مستقرة ولا يمكن الاستغناء عنها نذكر منها
- التسيير و التسهيل أمام المتعاقدين في اختيار الشكل الذي يعرفونه و العمل به على عقدهما .
- إن الأخذ بقانون المحل " قاعدة لوكيس " يؤدي لا محالة إلى الاستقرار في المعاملات و الاطمئنان في نفوس المتعاملين بها والمتعاقدين على وجه الخصوص .
- إن عدم الأخذ بقانون المحل بالنسبة إلى شكل العقود في غاية الأحيان يؤدي إلى عدم إبرام التصرف في ذاته يسمى التخوف الذي قد يلحق بأطراف العقد من القوانين الأخرى .
إن تطبيق قانون المحل على شكل العقد يعتبر في أغلب الحالات أكثر القووانين ملائمة ذلك أن الظروف و المحيط الذي يوفره قانون المحل لا نجده في القوانين الاخرى مما يجعله أكثر ملائمة من غيره .
لقد ظهرت قاعدة خضوع الشكل إلى قانون محل إبرام العقد منذ القرون الوسطى في كل من القضاء و الفقه .
ففي المجال القضائي ظهرت هذه القاعدة بمناسبة عرض وحيدة قام بتحريها شخص في مدينة فنيس وبحضور 03 شهود وفقا لقانون هذه المدينة في حين كان قانون مدينته يشترط 07 شهود وقد اعتبرها القضاء الفرنسي وصية صحيحة لأنها تمت صحيحة وفقا لقانون المحل .و بالتالي فإن تطبيق قاعدة LOCUS في قضية الحال لها خلفية تاريخية في المجال القضائي الفرنسي و مؤيدة من قبل الفقه ، لكن ما مدى إلزامية قاعدة لوكيس ؟ إختلفت الآراء الفقهية وكذا تشريعات الدول في مسألـة طبيعة قاعدة لوكيس في مدى إلزاميتها مــن عدمــه وما نطاق قاعدة لوكيس ؟ هناك حالات تطبق فيها وحالات لا يمكن أن نطبق فيها قاعدة لوكيس ، فالحال ات التي تطبق فيها هي :
مجال الأحوال الشخصية : وهو ما أخذ به المشرع الجزائري في قانون الحال المدنية حيث اعتبر في مادته 95 كل التصرفات التي تجري في بلد أجنبي تعتبر صحيحة إذا صورت طبقا للأوضاع المألوفة في هذا البلد في الزواج وفي مجال الإلتزامات التعاقدية يؤخذ كذلك بقاعدة لوكيس وفي قضية الحال فإن الأمر يتعلق يعقد زواج بثين يوناني و فرنسة وبالتالي فإن القضاء الفرنسي لما طبقت قاعدة لوكيس فهو لم يخرج عن نطاق هذه القاعدة، أمل الواقع التي تحول دون تطبيق قاعدة لوكيس فهي :
قانون موقع العقار : يكاد الإجماع في الفقه و القوانين بأن الأشكال المتعلق بالتصرفات الواردة على العقار تخضع إلى قانون موقعه وليس إلى قاعدة لوكيس .
النظام العام : النظام العام لأية دولة هو عبارة عن التعبير عن سيادتها ومن ثمة فإن مخالفة شكل التصرف للنظام العام يؤدي إلى منع الشكل المقرر
الخاتمـــــــــة
في ختام بحثنا هذا المتواضع وصلنا إلى استخلاف بعض النتائج ولعل أهمها :
التكييف في القانون الدولي الخاص : مسألة ذات أهمية بارزة من جهة وهي قضية صعبة ومعقدة حتى أن بعض الفقه وضعها بالطبيعة الغامضة و المعقدة في القانون الدولي الخاص . ثم إن مشكلة التكييف في القانون الدولي الخاص ليست بالبساطة المعهودة في القانون الداخلي إذ المشكلة في القانون الدولي الخاص ليست مشكلة تكييف بل مشكلة التنازع في التكييف CONFLIT DE QUALIFICATION فوفق أي قانون يتم التكييف وانه باختلاف القانون الذي تم وفقه التكييف يختلف الحلول للقضائية رغم وحدة قاعدة الإسناد رغم أن القانون الهولندي مثلا يجعل الأهلية تخضع لقانون الجنسية وفرنسا نفس الشيء ، إلا انم وفق القانون الفرنسي في قضية الحال وجدنا أنه أخرجها من مسألة الأهلية و أدخلها في فئة شكل التصرفات .
وبالتالي نصل إلى القول بأن القانون الذي يتم وفقه التكييف هو بمثابة الإحداثية في لغة الرياضيات التي تغير منحى المسألة القانونية محل النزاع
الجانب الموضوعي في التعليق :
المبحث الأول : التكييف وفقا لقانون القاضي وتمسك الطاعن كراسلانيس بع
المطلب الأول : تعريف التكييف ومضمونه وفقا لقانون القاضي ونتائجه التي أثاره الطاعن في النزاع .
المطلب الثاني : تقدير التكييف وفق قانون القاضي فقها واستبعاده من قبل محكمة النقض في النزاع ما بين كراسلانيس وماري
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma