المبحث الأول: ماهية قاعدة الإسناد.
المطلب الأول: طبيعة قاعدة الإسناد ومفهومها.
1 – طبيعة قواعد الإسناد.
إختلف الفقه حول طبيعة قواعد الإسناد, هل هي جزء من القانون الخاص أم من القانون العام أم هي ذات طبيعة خاصة.
الإتجاه الأول: يرى أن قاعدة الإسناد ذات وظيفة قانونية تتمثل في توزيع الإختصاص التشريعي بين الدول, وهي بذلك تتبع القانون العام,. لكن أنتقد هذا الرأي من زاوية ان قواعد الإسناد لا تقوم بهذه المهمة وإنما لا يتعدى دورها في أن تختار أفضل القوانين وأعدلها لحكم العلاقة القانونية ذات العنصر الأجنبي (1).
الإتجاه الثاني: يذهب هذا الرأي إلى إعتبار قواعد الإسناد تدخل في إطار القانون الخاص, وأساسه أنها تؤدي وظيفتها في نطاق روابط القانون الخاص, إذ نجد معظم قواعد الإسناد تتعلق بمسائل إنعقاد الزواج, الطلاق, الإنفصال الجسماني, الميراث, الوصية.......إلخ.
أي أنها تدخل كلها ضمن روابط القانون الخاص, الذي ينظم العلاقة بين الأفراد. غير أن هذا الرأي كذلك مردود عليه بإعتبار أن القضاء الوطني في بعض الأحوال قد لا يجد مفرا من الرجوع إلى أحكام الدول الأجنبية في الأحوال التي يدفع فيها أمامه بعد دستورية القانون الأجنبي الواجب التطبيق, بمقتضى قواعد الإسناد الوطنية, لكن الرجوع إلى القانون العام الأجنبي يكون بصفة عارضة وليس في جميع الأحوال.
الإتجاه الثالث: قواعد الإسناد قواعد مختلطة: على ضوء الرأيين السابقين نخلص إلى أن الرأي الراجح هو انه من الصعوبة بما كان التسليم المطلق بإعتبار قواعد الإسناد جزء من القانون الخاص أو جزء من القانون العام.
ذلك لأن الراجح هو أن طبيعتها مختلطة على أساس إستعمالها المزدوج لكل من القانون العام والقانون الخاص, فهي قاعدة عامة إذا ما أدت إلى تطبيق القانون العام على النحو السابق,.
وهي قاعدة خاصة إذا ما أدت إلى تطبيق قانون خاص, والوضع المتقدم هو نتيجة حتمية لإنعكاس التقسيم التقليدي لقواعد القانون إلى عام وخاص على قواعد الإسناد طالما ظل هذا التقسيم قائما في الوجود
2 - مفهوم قاعدة الإسناد:
هي عبارة عن قاعدة قانونية يضعها المشرع الوطني هدفها إرشاد القاضي الى القانون الواجب التطبيق على المسالة المشتملة على عنصر اجنبي وتكون مهمة هذه القواعد اسناد الحكم الى القانون الاكثر ملائمة لحكم العلاقة المتنازع في شأنها من ضمن بقية القوانين الاخرى المتنازعة لانه هو اكثرها إإيفاء بمقتضيات العدالة من وجهة نظر هذا القانون المختار
المطلب الثاني: عناصر قاعدة الإسناد و خصائصها:
1 – عناصر قاعدة الاسناد:
تتكون قاعدة الاسناد من ثلاثة عناصر جوهرية ينعدم وجودها القانوني كلما تخلف عنصر منها وهذه العناصر هي:
أ – الفكرة المسندة: إن كثرة المسائل القانونية لا حصر لها , مما يجعل من المستحيل وضع لكل منها قاعدة اسناد خاصة بها , لذلك فان المشرع قد عمد الى وضع فئات معينة تسمى بالفئات المسندة, ولكل فئة منها تتضمن المسائل القانونية المتشابهة, ثم تربط كل فئة بقانون معين عن طريق ضابط خاص هو ضابط الاسناد
مثال ذلك الفكرة المسندة الواردة في نص المادة 17 مدني جزائري, التي تتضمن كل الحالات القانونية المتعلقة بكسب الملكية والحيازة والحقوق العينية, فكرة مسندة واحدة هي مركز الأموال, لكن قد تتضمن الفكرة المسندة أكثر من موضوع, ومثال ذلك الفكرة المسندة الموجودة في نص المادة 10 من القانون المدني الجزائري , حيث تضمنت الى جانب مسألة حالة الاشخاص أهليتهم, بمعنى الحالة موضوع والاهلية موضوع آخر. واعتبار الفكرة المسندة فكرة قانونية فهي تخضع الى رقابة المحكمة العليا في تحديد مضمونها.
ب – ضابط الاسناد: يتم تصنيف المسائل القانونية المشتملة على عنصر اجنبي الى فئات مسندة باسناد كل فئة منها الى قانون معين عن طريق رابطة تدعى بضابط الاسناد وهو المعيار المختار من طرف المشرع لكي يرشد القاضي المعروض عليه النزاع في العلاقة القانونية ذات العنصر الاجنبي الى القانون المختص او هو النقطة التي تنير الطريق امام القاضي نحو معرفة القانون الواجب التطبيق على العلاقة القانونية ذات العنصر الاجنبي التي تتنازع بشانها القوانين.
وتنقسم هذه الرابطة االى روابط قانونية كالجنسية والموطن, وروابط واقعية كمحل الابرام وموقع العقار.
* اختيار ضابط الاسناد: اذا كان المشرع يختار ضابط الاسناد من عناصر العلاقة فان ذلك لا يكون اعتباطيا , بل يقوم بدراسة وفحص جميع عناصرها, ومدى اهمية كل منها , ثم يوازن في ما بينها وعلى ضوء ذلك يأخذ العنصر الذي له ثقل كبير في العلاقة القانونية ذات العنصر الاجنبي, وينتقي منه ضابط الاسناد الذي يكون مرشدا لتطبيق القانون المختص.مثال: المشرع الجزائري في مسالة الحالة والاهلية ضابط الاسناد لم يكن عفويا وانما اختاره لثقل عنصر الاشخاص وما يمثله من اهمية قصوى في مجال الاحوال الشخصية .
كما ان لاختيار ضابط الاسناد في كل دولة خلفية سياسية , تاريخية, فالدول المصدرة للسكان تأخذ بالجنسية كضابط اسناد لها, اما الدول المستقبلة للسكان فتاخذ بالموطن ضابط اسناد لها .
* اعتماد تعدد ضوابط الاسناد في العلاقة القانونية الواحدة:
الاصل العام هو ان يضع المشرع ضابط اسناد واحد في العلاقة ذات العنصر الاجنبي , مثل المادة 20 من القانون المدني الجزائري التي تجعل الفعل يخضع الى قانون مكان ارتكابه, الا انه يمكن ان يكون هناك اكثر من ضابط اسناد في علاقة واحدة ذات عنصر اجنبي وفي هذه الحالة نميز بين 03 انواع لضوابط الاسناد:
1 – ضوابط الاسناد المزدوجة(الضابط التوزيعي): مثل ما نصت عليه المادة:11 من القانون المدني الجزائري" تسري على الشروط الموضوعية الخاصة بصحة الزواج القانون الوطني لكل من الزوجين", بمعنى ان تتوافر الشروط في الزوج باعتبار قانونه, وفي الزوجة باعتبار قانونها, بمعنى توزيع الضابط على أطراف العلاقة ككل , وهنا الضابط هو الجنسية يوزع عليهما كل حسب قانونه.
2 – الضوابط الترتيبية: وتكون حسب الترتيب, ان لو يوجد الضابط الاول, ننتقل الى الثاني وهكذا, مثل ما نصت عليه المادة 18 من القانون المدني الجزائري ,حول الالتزامات التعاقدية, لها اكثر من ضابط ان لم نجد ضابط قانون الارادة نذهب الى ضابط قانون الموطن المشترك وان لم يوجد نذهب الى ضابط قانون محل الابرام.
3 – ضوابط الاسناد ذات التطبيق الجوازي(الاختيارية): مثل ما نصت عليه المادة 19 من القانون المدني الجزائري ,التي اعطت الاختيار للمتعاقدين بين قانون المحل و قانون الموطن المشترك بالنسبة الى شكل العقود ,وذلك بهدف وضع فرصة للأطراف لاختيار القانون الانسب الذي يحكم العلاقة بينهما.
* تثبيت ضوابط الاسناد: عندما يضع المشرع ضابط الاسناد عليه ان يثبته في لحظة زمنية معينة لتفادي النزاع المتحرك والمقصود به هو ضوابط الاسناد المتغيرة مثل الجنسية, مكان وجود المنقول, الموطن.
ج - القانون المسند اليه: وهو القانون الذي تشير اليه قاعدة الاسناد الوطنية بانه هو الواجب التطبيق على العلاقة ذات العنصر الاجنبي, التي هي محل النزاع بين قانونين او اكثر فهذا القانون الذي ارشدتنا اليه قاعدة الاسناد بواسطة ضابط الاسناد المختار من طرف المشرع, هو القانون المعبر عنه بالقانون المسند اليه , ويشترط في القانون المسند اليه ان يكون تابع لدولة مكتملة العناصر التي يحددها القانون الدولي العام, من شعب واقليم وسلطة وسيادة, وتكون معترف بها دوليا.
ومن طرف دولة القاضي خاصة وبالتالي تخرج كل العادات والتقاليد التي تحكم مجموعة متنقلة او التي يعمل بها في القبائل المتفرقة .
والقانون المسند اليه ليس دائما قانونا اجنبيا, فقد تشير قاعدة الاسناد ان القانون الوطني هو المختص, المادة 13 من القانون المدني الجزائري التي تنص على العلاقة الزوجية التي يكون احد اطرافها جزائريا.
فإذا كان القانون المسند اليه هو القانون الاجنبي لا بد من تحديد نطاقه, لأن كل الدول قوانينها تتضمن قواعد موضوعية (تحل مشاكل رعايا الدولة), وقواعد تنازع تحل المشاكل ذات العنصر الاجنبي.
2- خصائص قاعدة الاسناد:
تتميز قاعدة الاسناد عن غيرها من القواعد القانونية الاخرى بانها غير مباشرة, وهذا اذا ما نظرنا الى آثار تطبيقها, مع ذلك فالراجح ما يذهب اليه البعض من انها تتمتع بخاصية ثالثة وهي : انها قاعدة غير محددة المضمون, وكذلك انها محايدة ومجردة .
أ- قاعدة الاسناد قاعدة غير مباشرة: ومعناها انها لا تطبق هي في حد ذاتها على النزاع المطروح, امام القاضي بصفة مباشرة, انما دورها يقتصر على تحديد القانون المختص الواجب التطبيق على هذا النزاع, على عكس بعض القواعد الاخرى الداخلة في مجال الدولي الخاص فهي قواعد مباشرة مثل: قانون الجنسية, القواعد المنظمة لحقوق الاجانب.
وهذا الوصف المطبق على قاعدة الاسناد دفع بالفقه الفرنسي الى تسميتها بمكتب الاستعلامات في محطة السكك الحديدية, او بمثابة الشرطي الذي ينظم حركة المرور, بين السيارات المتزاحمة, فهو الذي يعطيها اشارة المرور في الاتجاه الصحيح, ونستخلص في الاخير ان قاعدة الاسناد لا تضع لنا الحل النهائي الموضوعي للنزاع المثار امام القاضي.
ب- قاعدة الاسناد غير محددة المضمون:
أي انها لا تقوم بتحديد قانون دولة معينة بالذات لحكم العلاقة ذات العنصر الدولي فهي تتكفل بالربط بشكل مجرد بين طائفة معينة من العلاقات ذات الطابع الدولي واحد القوانين المترشحة لحكم العلاقة دون ان تبين لنا ما اذا كان القانون المعني هو مثلا: انجليزي , فرنسي, ايطالي, سويدي, جزائري........الخ.
لكن يمكن معرفة القانون الواجب التطبيق من خلال ما قضت به قاعدة الاسناد اذا كانت العلاقة محددة المعالم, وهذا حسب المواد من 10 الى 20 من القانون المدني الجزائري.
ج- قاعدة الاسناد قاعدة مزدوجة:
وهو تحديد قاعدة الاسناد متى يكون القانون الاجنبي مختصا في بعض الحالات, ومتى يكون القانون الوطني مختصا في حالات اخرى, أي اعطاء الاختصاص لاكثر من قانون واحد, وهو ما نص عليه المشرع الجزائري في المادة: 11 من القانون المدني الجزائري, التي اسندت الاختصاص في الشروط الموضوعية لعقد الزواج بالنسبة الى الجزائريين الى القانون الجزائري وبالنسبة الى الاجانب قانون جنسيتهم.
واذا كان معظم قواعد الاسناد مزدوجة, فهذا لا يعني انه لا توجد قواعد فردية تقتصر على اختصاص القانون الوطني فقط وكذلك هي تعين كقانون واجب التطبيق قانون قاضي الدعوى فقط ومثال ذلك ما ورد في المادة 10 من القانون المدني الجزائري التي اسندت الحكم في الحالة والاهلية للاشخاص الى القانون الجزائري دون الاشارة الى حكم القانون الاجنبي.
وبالنسبة للاجانب تنص" تسري القوانين المتعلقة بالحالة المدنية للاشخاص واهليتهم على الجزائريين ولو كانوا مقيمين في بلاد اجنبية".
كما نصت المادة 03 من القانون الفرنسي:"القوانين الشخصية التي تحكم حالة الاشخاص واهليتهم تتبع الفرنسيين ولو اقاموا في الخارج".
ولقد انتقد الفقه الفرنسي هذا المنهج الانفرادي في قواعد الاسناد الفرنسية , لكن القضاء الفرنسي قد جعل من المادة 03 قاعدة مزدوجة آخذا بمفهوم المخالفة ان القوانين الشخصية للاجانب والتي تحكم حالتهم واهليتهم تتبعهم ايضا اذا اقاموا في فرنسا (مثال الحكم الصادر عن محكمة النقض الفرنسية-الدائرة المدنية- جلسة 28 فيفري 1860-سيري- 1860 الجريدة 01 ص 210.
د- قواعد الاسناد قواعد محايدة ومجردة:
أي ان القاضي عندما يعمل قاعدة الاسناد فانه لا يعلم نوع الحل الذي سيعطيه للنزاع لان ذلك متوقف على معرفته مضمون القانون الذي ستطبقه على النزاع وهذا القانون قد يكون قانونه وقد يكون قانونا اجنبيا, وحتى ولو تم تعيين القانون الواجب التطبيق, فان تعيينه يتم دون مقارنة بين القوانين المتواجدة لمعرفته النتائج المتوصل اليها.
المبحث الثاني: التزام القاضي بالرجوع الى قواعد الاسناد.
المطلب الاول: الزام القاضي بتطبيق قواعد الاسناد في القضاء الفرنسي.
ان طبيعة القانون الاجنبي امام القاضي الفرنسي, يرتبط ارتباطا وثيقا بمدى الزام القاضي الفرنسي بتطبيق قاعدة الاسناد الفرنسية, وكذلك مدى الزامه بالبحث عن مضمون القانون الاجنبي, ويتجلى ذلك من خلال 04 مراحل:
01- قرار بيسبال في 12/05/1959: تختلف الزامية القاضي الفرنسي بالأخذ بقاعدة الاسناد باختلاف النتائج التي تؤدي اليها هذه الاخيرة
أ- اذا كانت قاعدة الاسناد تؤدي الى تطبيق القانون الفرنسي: فان القاضي الفرنسي مجبر على الاخذ بقاعدة الاسناد الوطنية.
ب- اذا ادت قاعدة الاسناد الى تطبيق قانون اجنبي: فالقاضي غير ملزم بتطبيقها, الا اذا تمسك بها الاطراف
02- قرار مادام شول في: 18/10/1988 وقرار ريبوح: هنا محكمة النقض الفرنسية الزمت القاضي الفرنسي بتطبيق قاعدة الاسناد حتى ولو أدت الى تطبيق قانون اجنبي.
03- قرار كوفيكو في: 04/12/1990 وقرار صاركيس في: 10/12/1991: وهنا عدل القضاء الفرنسي عن موقف قرار شول, حيث تميزت هذه المرحلة بتفريقها بين نوعين من الحقوق:
أ- الحقوق التي لا يمكن التصرف فيها: وهي المتعلقة بالاحوال الشخصية, فالقاضي فيها ملزم بالاخذ بقاعدة الاسناد حتى ولو ادت الى تطبيق القانون الاجنبي.
ب- الحقوق التي لا يمكن التصرف فيها كالالتزامات التعاقدية وغيرها : وهنا كذلك نفرق بين نوعين من قواعد الاسناد:
* قاعدة الاسناد الوطنية التي نص عليها المشرع: هنا القاضي له حرية الاختيار في تطبيقها.
* قاعدة الاسناد ذات المنشأ التعاقدي كالمعاهدات: هنا القاضي ملزم بتطبيقها, اذا لم يتفق الاطراف على قانون الارادة
04- مرحلة قرار شركة ميتيال في: 26/05/1999: هنا لا بد من معرفة طبيعة القانون الاجنبي, هل هو من قبيل المسائل الواقعية ام نطبقه بوصفه قانون؟ ففي هذا القرار, القاضي غير ملزم بتطبيق قاعدة الاسناد من تلقاء نفسه(القانون الاجنبي), الا اذا تمسك الاطراف بها, لكن باستثناء الاحوال الشخصية فهو ملزم بتطبيق قاعدة الاسناد, حتى ولو لم يتمسك الاطراف بها, لانها تعتبر من مسائل القانون وليس من مسائل الواقع, وهي حساسة, لان لكل دولة خصوصياتها في هذه المسائل, لذلك وجب ان يطبق فيها القانون الاجنبي
* اثبات مضمون القانون الاجنبي في القضاء الفرنسي:
كذلك مر القضاء الفرنسي بــ 04 مراحل:
01- قرار لوتور في: 25/05/1948:
وهنا القاضي غير ملزم بالبحث عن مضمون القانون الاجنبي من تلقاء نفسه, وعبء الاثبات يكون على عاتق الاطراف, بمعنى ان القانون الاجنبي في هذه المرحلة هو مسالة واقع وليس قانون.
02- قرار عبادو في : 27/01/1998:يلزم القاضي بالبحث عن مضمون القانون الاجنبي, في حالة تطبيقه لقاعدة الاسناد في الحقوق التي لا يمكن التصرف فيها, اما في حالة الحقوق التي يمكن التصرف فيها, فاذا تمسك الاطراف بقاعدة الاسناد, فهم الملزمون باثبات القانون الاجنبي.
03- قرار لافازا في: 24/12/1998:
القاضي ملزم بالبحث عن مضمون القانون الاجنبي في كل الاحوال حتى وان كان الرجوع الى قاعدة الاسناد بتمسك من الاطراف.
04- قرار 26/05/1999:
القاضي ملزم فقط باثبات القانون الاجنبي اذا اشارت قاعدة التنازع الى تطبيق القانون الاجنبي المتعلق بالحقوق التي لا يمكن التصرف فيها, وما دون ذلك فهي مسائل من الواقع, فمن يدعي القانون الاجنبي عبء الاثبات يكون عليه
المطلب الثاني: موقف المشرع الجزائري بالزام القاضي الوطني بإعمال قاعدة الاسناد من تلقاء نفسه:
لما نتفحص القانون المدني الجزائري لا نجد نصا يفصل في هذا الامر, لكن وجد بهذا الصدد رأيين فقهيين:
أ- يقول هذا الرأي: انه باستقراء نصوص قواعد التنازع من نص المادة 09 الى نص المادة 24, في صياغتها يتبين لنا انها قاعدة آمرة أي وجوبا القاضي ملزم بها.
ب- اما الراي الثاني: يقول ان القاضي غير ملزم , وحجته في ذلك هو نص المادة 233/05 الفقرة الخامسة من قانون الاجراءات المدنية, وهذا ما كرسه القضاء الجزائري, اذ انه اذا كانت قاعدة التنازع الوطنية تشير الى تطبيق قانون اجنبي متعلق بالاحوال الشخصية فهو ملزم بها ولو لم يتمسك الاطراف بها, لانها تعتبر من مسائل القانون, والقاضي نفسه ملزم كذلك بالبحث عن مضمون هذا القانون الاجنبي, اما اذا كانت المسالة من الواقع , فالقاضي غير ملزم بتطبيق قواعد الاسناد, الا اذا تمسك الاطراف بها, و عبء الاثبات يقع على الطرف الذي يدعي إعمال القانون الاجنبي, لان هذا النص الاجنبي في هذه الحالة يعامل معاملة الوقائع المتعلقة بالدعوى.
الخاتمة:
من هنا يتبين ان قواعد الاسناد هي ويلة القاضي التي يلجا اليها من اجل حل النزاعات ذات العنصر الاجنبي, وان هذه القواعد رغم انها لا تفصل في النزاع, لكنها تعتبر المفتاح لحل اللغز القانوني المتمثل في كيفية فض النزاع ذو العنصر الاجنبي بوجود القانون الواجب التطبيق, وهي ليست قواعد موضوعية تفصل في النزاع, ومن هنا طرح اشكال: هل القاضي ملزم بالرجوع الى قواعد الاسناد؟ وما دورها بالنسبة للقاضي؟
حيث نخلص الى انها وضعت لارشاده حتى لا يحيد عن الغاية التي وضعها المشرع من خلالها, ومن هنا يمكن القول ان القاضي ملزم بالرجوع الى قواعد الاسناد في قانونه على النحو المبين اعلاه, لكن اذا اشارت هذه الاخيرة الى قواعد اسناد اجنبية , فالراي الراجح هو اننا لا نستطيع اجبار القاضي على الاطلاع على قوانين الدولة الاجنبية, وانما الخصوم هم الملزمون باثبات مضمون القانون الاجنبي الواجب التطبيق, لكنه ملزم بتطبيق قاعدة التنازع الاجنبية اذا كانت متعلقة بمسالة الاحوال الشخصية , باعتبارها من النظام العام و لكل دولة خصوصياتها ودياناتها في هذا المجال.
وفي هذا الصدد, فالقاضي لا بد ان يفسر قاعدة الاسناد حتى لا يخطا في تطبيق القانون الاجنبي, ويتجلى ذلك من خلال عملية التكييف.
المطلب الأول: طبيعة قاعدة الإسناد ومفهومها.
1 – طبيعة قواعد الإسناد.
إختلف الفقه حول طبيعة قواعد الإسناد, هل هي جزء من القانون الخاص أم من القانون العام أم هي ذات طبيعة خاصة.
الإتجاه الأول: يرى أن قاعدة الإسناد ذات وظيفة قانونية تتمثل في توزيع الإختصاص التشريعي بين الدول, وهي بذلك تتبع القانون العام,. لكن أنتقد هذا الرأي من زاوية ان قواعد الإسناد لا تقوم بهذه المهمة وإنما لا يتعدى دورها في أن تختار أفضل القوانين وأعدلها لحكم العلاقة القانونية ذات العنصر الأجنبي (1).
الإتجاه الثاني: يذهب هذا الرأي إلى إعتبار قواعد الإسناد تدخل في إطار القانون الخاص, وأساسه أنها تؤدي وظيفتها في نطاق روابط القانون الخاص, إذ نجد معظم قواعد الإسناد تتعلق بمسائل إنعقاد الزواج, الطلاق, الإنفصال الجسماني, الميراث, الوصية.......إلخ.
أي أنها تدخل كلها ضمن روابط القانون الخاص, الذي ينظم العلاقة بين الأفراد. غير أن هذا الرأي كذلك مردود عليه بإعتبار أن القضاء الوطني في بعض الأحوال قد لا يجد مفرا من الرجوع إلى أحكام الدول الأجنبية في الأحوال التي يدفع فيها أمامه بعد دستورية القانون الأجنبي الواجب التطبيق, بمقتضى قواعد الإسناد الوطنية, لكن الرجوع إلى القانون العام الأجنبي يكون بصفة عارضة وليس في جميع الأحوال.
الإتجاه الثالث: قواعد الإسناد قواعد مختلطة: على ضوء الرأيين السابقين نخلص إلى أن الرأي الراجح هو انه من الصعوبة بما كان التسليم المطلق بإعتبار قواعد الإسناد جزء من القانون الخاص أو جزء من القانون العام.
ذلك لأن الراجح هو أن طبيعتها مختلطة على أساس إستعمالها المزدوج لكل من القانون العام والقانون الخاص, فهي قاعدة عامة إذا ما أدت إلى تطبيق القانون العام على النحو السابق,.
وهي قاعدة خاصة إذا ما أدت إلى تطبيق قانون خاص, والوضع المتقدم هو نتيجة حتمية لإنعكاس التقسيم التقليدي لقواعد القانون إلى عام وخاص على قواعد الإسناد طالما ظل هذا التقسيم قائما في الوجود
2 - مفهوم قاعدة الإسناد:
هي عبارة عن قاعدة قانونية يضعها المشرع الوطني هدفها إرشاد القاضي الى القانون الواجب التطبيق على المسالة المشتملة على عنصر اجنبي وتكون مهمة هذه القواعد اسناد الحكم الى القانون الاكثر ملائمة لحكم العلاقة المتنازع في شأنها من ضمن بقية القوانين الاخرى المتنازعة لانه هو اكثرها إإيفاء بمقتضيات العدالة من وجهة نظر هذا القانون المختار
المطلب الثاني: عناصر قاعدة الإسناد و خصائصها:
1 – عناصر قاعدة الاسناد:
تتكون قاعدة الاسناد من ثلاثة عناصر جوهرية ينعدم وجودها القانوني كلما تخلف عنصر منها وهذه العناصر هي:
أ – الفكرة المسندة: إن كثرة المسائل القانونية لا حصر لها , مما يجعل من المستحيل وضع لكل منها قاعدة اسناد خاصة بها , لذلك فان المشرع قد عمد الى وضع فئات معينة تسمى بالفئات المسندة, ولكل فئة منها تتضمن المسائل القانونية المتشابهة, ثم تربط كل فئة بقانون معين عن طريق ضابط خاص هو ضابط الاسناد
مثال ذلك الفكرة المسندة الواردة في نص المادة 17 مدني جزائري, التي تتضمن كل الحالات القانونية المتعلقة بكسب الملكية والحيازة والحقوق العينية, فكرة مسندة واحدة هي مركز الأموال, لكن قد تتضمن الفكرة المسندة أكثر من موضوع, ومثال ذلك الفكرة المسندة الموجودة في نص المادة 10 من القانون المدني الجزائري , حيث تضمنت الى جانب مسألة حالة الاشخاص أهليتهم, بمعنى الحالة موضوع والاهلية موضوع آخر. واعتبار الفكرة المسندة فكرة قانونية فهي تخضع الى رقابة المحكمة العليا في تحديد مضمونها.
ب – ضابط الاسناد: يتم تصنيف المسائل القانونية المشتملة على عنصر اجنبي الى فئات مسندة باسناد كل فئة منها الى قانون معين عن طريق رابطة تدعى بضابط الاسناد وهو المعيار المختار من طرف المشرع لكي يرشد القاضي المعروض عليه النزاع في العلاقة القانونية ذات العنصر الاجنبي الى القانون المختص او هو النقطة التي تنير الطريق امام القاضي نحو معرفة القانون الواجب التطبيق على العلاقة القانونية ذات العنصر الاجنبي التي تتنازع بشانها القوانين.
وتنقسم هذه الرابطة االى روابط قانونية كالجنسية والموطن, وروابط واقعية كمحل الابرام وموقع العقار.
* اختيار ضابط الاسناد: اذا كان المشرع يختار ضابط الاسناد من عناصر العلاقة فان ذلك لا يكون اعتباطيا , بل يقوم بدراسة وفحص جميع عناصرها, ومدى اهمية كل منها , ثم يوازن في ما بينها وعلى ضوء ذلك يأخذ العنصر الذي له ثقل كبير في العلاقة القانونية ذات العنصر الاجنبي, وينتقي منه ضابط الاسناد الذي يكون مرشدا لتطبيق القانون المختص.مثال: المشرع الجزائري في مسالة الحالة والاهلية ضابط الاسناد لم يكن عفويا وانما اختاره لثقل عنصر الاشخاص وما يمثله من اهمية قصوى في مجال الاحوال الشخصية .
كما ان لاختيار ضابط الاسناد في كل دولة خلفية سياسية , تاريخية, فالدول المصدرة للسكان تأخذ بالجنسية كضابط اسناد لها, اما الدول المستقبلة للسكان فتاخذ بالموطن ضابط اسناد لها .
* اعتماد تعدد ضوابط الاسناد في العلاقة القانونية الواحدة:
الاصل العام هو ان يضع المشرع ضابط اسناد واحد في العلاقة ذات العنصر الاجنبي , مثل المادة 20 من القانون المدني الجزائري التي تجعل الفعل يخضع الى قانون مكان ارتكابه, الا انه يمكن ان يكون هناك اكثر من ضابط اسناد في علاقة واحدة ذات عنصر اجنبي وفي هذه الحالة نميز بين 03 انواع لضوابط الاسناد:
1 – ضوابط الاسناد المزدوجة(الضابط التوزيعي): مثل ما نصت عليه المادة:11 من القانون المدني الجزائري" تسري على الشروط الموضوعية الخاصة بصحة الزواج القانون الوطني لكل من الزوجين", بمعنى ان تتوافر الشروط في الزوج باعتبار قانونه, وفي الزوجة باعتبار قانونها, بمعنى توزيع الضابط على أطراف العلاقة ككل , وهنا الضابط هو الجنسية يوزع عليهما كل حسب قانونه.
2 – الضوابط الترتيبية: وتكون حسب الترتيب, ان لو يوجد الضابط الاول, ننتقل الى الثاني وهكذا, مثل ما نصت عليه المادة 18 من القانون المدني الجزائري ,حول الالتزامات التعاقدية, لها اكثر من ضابط ان لم نجد ضابط قانون الارادة نذهب الى ضابط قانون الموطن المشترك وان لم يوجد نذهب الى ضابط قانون محل الابرام.
3 – ضوابط الاسناد ذات التطبيق الجوازي(الاختيارية): مثل ما نصت عليه المادة 19 من القانون المدني الجزائري ,التي اعطت الاختيار للمتعاقدين بين قانون المحل و قانون الموطن المشترك بالنسبة الى شكل العقود ,وذلك بهدف وضع فرصة للأطراف لاختيار القانون الانسب الذي يحكم العلاقة بينهما.
* تثبيت ضوابط الاسناد: عندما يضع المشرع ضابط الاسناد عليه ان يثبته في لحظة زمنية معينة لتفادي النزاع المتحرك والمقصود به هو ضوابط الاسناد المتغيرة مثل الجنسية, مكان وجود المنقول, الموطن.
ج - القانون المسند اليه: وهو القانون الذي تشير اليه قاعدة الاسناد الوطنية بانه هو الواجب التطبيق على العلاقة ذات العنصر الاجنبي, التي هي محل النزاع بين قانونين او اكثر فهذا القانون الذي ارشدتنا اليه قاعدة الاسناد بواسطة ضابط الاسناد المختار من طرف المشرع, هو القانون المعبر عنه بالقانون المسند اليه , ويشترط في القانون المسند اليه ان يكون تابع لدولة مكتملة العناصر التي يحددها القانون الدولي العام, من شعب واقليم وسلطة وسيادة, وتكون معترف بها دوليا.
ومن طرف دولة القاضي خاصة وبالتالي تخرج كل العادات والتقاليد التي تحكم مجموعة متنقلة او التي يعمل بها في القبائل المتفرقة .
والقانون المسند اليه ليس دائما قانونا اجنبيا, فقد تشير قاعدة الاسناد ان القانون الوطني هو المختص, المادة 13 من القانون المدني الجزائري التي تنص على العلاقة الزوجية التي يكون احد اطرافها جزائريا.
فإذا كان القانون المسند اليه هو القانون الاجنبي لا بد من تحديد نطاقه, لأن كل الدول قوانينها تتضمن قواعد موضوعية (تحل مشاكل رعايا الدولة), وقواعد تنازع تحل المشاكل ذات العنصر الاجنبي.
2- خصائص قاعدة الاسناد:
تتميز قاعدة الاسناد عن غيرها من القواعد القانونية الاخرى بانها غير مباشرة, وهذا اذا ما نظرنا الى آثار تطبيقها, مع ذلك فالراجح ما يذهب اليه البعض من انها تتمتع بخاصية ثالثة وهي : انها قاعدة غير محددة المضمون, وكذلك انها محايدة ومجردة .
أ- قاعدة الاسناد قاعدة غير مباشرة: ومعناها انها لا تطبق هي في حد ذاتها على النزاع المطروح, امام القاضي بصفة مباشرة, انما دورها يقتصر على تحديد القانون المختص الواجب التطبيق على هذا النزاع, على عكس بعض القواعد الاخرى الداخلة في مجال الدولي الخاص فهي قواعد مباشرة مثل: قانون الجنسية, القواعد المنظمة لحقوق الاجانب.
وهذا الوصف المطبق على قاعدة الاسناد دفع بالفقه الفرنسي الى تسميتها بمكتب الاستعلامات في محطة السكك الحديدية, او بمثابة الشرطي الذي ينظم حركة المرور, بين السيارات المتزاحمة, فهو الذي يعطيها اشارة المرور في الاتجاه الصحيح, ونستخلص في الاخير ان قاعدة الاسناد لا تضع لنا الحل النهائي الموضوعي للنزاع المثار امام القاضي.
ب- قاعدة الاسناد غير محددة المضمون:
أي انها لا تقوم بتحديد قانون دولة معينة بالذات لحكم العلاقة ذات العنصر الدولي فهي تتكفل بالربط بشكل مجرد بين طائفة معينة من العلاقات ذات الطابع الدولي واحد القوانين المترشحة لحكم العلاقة دون ان تبين لنا ما اذا كان القانون المعني هو مثلا: انجليزي , فرنسي, ايطالي, سويدي, جزائري........الخ.
لكن يمكن معرفة القانون الواجب التطبيق من خلال ما قضت به قاعدة الاسناد اذا كانت العلاقة محددة المعالم, وهذا حسب المواد من 10 الى 20 من القانون المدني الجزائري.
ج- قاعدة الاسناد قاعدة مزدوجة:
وهو تحديد قاعدة الاسناد متى يكون القانون الاجنبي مختصا في بعض الحالات, ومتى يكون القانون الوطني مختصا في حالات اخرى, أي اعطاء الاختصاص لاكثر من قانون واحد, وهو ما نص عليه المشرع الجزائري في المادة: 11 من القانون المدني الجزائري, التي اسندت الاختصاص في الشروط الموضوعية لعقد الزواج بالنسبة الى الجزائريين الى القانون الجزائري وبالنسبة الى الاجانب قانون جنسيتهم.
واذا كان معظم قواعد الاسناد مزدوجة, فهذا لا يعني انه لا توجد قواعد فردية تقتصر على اختصاص القانون الوطني فقط وكذلك هي تعين كقانون واجب التطبيق قانون قاضي الدعوى فقط ومثال ذلك ما ورد في المادة 10 من القانون المدني الجزائري التي اسندت الحكم في الحالة والاهلية للاشخاص الى القانون الجزائري دون الاشارة الى حكم القانون الاجنبي.
وبالنسبة للاجانب تنص" تسري القوانين المتعلقة بالحالة المدنية للاشخاص واهليتهم على الجزائريين ولو كانوا مقيمين في بلاد اجنبية".
كما نصت المادة 03 من القانون الفرنسي:"القوانين الشخصية التي تحكم حالة الاشخاص واهليتهم تتبع الفرنسيين ولو اقاموا في الخارج".
ولقد انتقد الفقه الفرنسي هذا المنهج الانفرادي في قواعد الاسناد الفرنسية , لكن القضاء الفرنسي قد جعل من المادة 03 قاعدة مزدوجة آخذا بمفهوم المخالفة ان القوانين الشخصية للاجانب والتي تحكم حالتهم واهليتهم تتبعهم ايضا اذا اقاموا في فرنسا (مثال الحكم الصادر عن محكمة النقض الفرنسية-الدائرة المدنية- جلسة 28 فيفري 1860-سيري- 1860 الجريدة 01 ص 210.
د- قواعد الاسناد قواعد محايدة ومجردة:
أي ان القاضي عندما يعمل قاعدة الاسناد فانه لا يعلم نوع الحل الذي سيعطيه للنزاع لان ذلك متوقف على معرفته مضمون القانون الذي ستطبقه على النزاع وهذا القانون قد يكون قانونه وقد يكون قانونا اجنبيا, وحتى ولو تم تعيين القانون الواجب التطبيق, فان تعيينه يتم دون مقارنة بين القوانين المتواجدة لمعرفته النتائج المتوصل اليها.
المبحث الثاني: التزام القاضي بالرجوع الى قواعد الاسناد.
المطلب الاول: الزام القاضي بتطبيق قواعد الاسناد في القضاء الفرنسي.
ان طبيعة القانون الاجنبي امام القاضي الفرنسي, يرتبط ارتباطا وثيقا بمدى الزام القاضي الفرنسي بتطبيق قاعدة الاسناد الفرنسية, وكذلك مدى الزامه بالبحث عن مضمون القانون الاجنبي, ويتجلى ذلك من خلال 04 مراحل:
01- قرار بيسبال في 12/05/1959: تختلف الزامية القاضي الفرنسي بالأخذ بقاعدة الاسناد باختلاف النتائج التي تؤدي اليها هذه الاخيرة
أ- اذا كانت قاعدة الاسناد تؤدي الى تطبيق القانون الفرنسي: فان القاضي الفرنسي مجبر على الاخذ بقاعدة الاسناد الوطنية.
ب- اذا ادت قاعدة الاسناد الى تطبيق قانون اجنبي: فالقاضي غير ملزم بتطبيقها, الا اذا تمسك بها الاطراف
02- قرار مادام شول في: 18/10/1988 وقرار ريبوح: هنا محكمة النقض الفرنسية الزمت القاضي الفرنسي بتطبيق قاعدة الاسناد حتى ولو أدت الى تطبيق قانون اجنبي.
03- قرار كوفيكو في: 04/12/1990 وقرار صاركيس في: 10/12/1991: وهنا عدل القضاء الفرنسي عن موقف قرار شول, حيث تميزت هذه المرحلة بتفريقها بين نوعين من الحقوق:
أ- الحقوق التي لا يمكن التصرف فيها: وهي المتعلقة بالاحوال الشخصية, فالقاضي فيها ملزم بالاخذ بقاعدة الاسناد حتى ولو ادت الى تطبيق القانون الاجنبي.
ب- الحقوق التي لا يمكن التصرف فيها كالالتزامات التعاقدية وغيرها : وهنا كذلك نفرق بين نوعين من قواعد الاسناد:
* قاعدة الاسناد الوطنية التي نص عليها المشرع: هنا القاضي له حرية الاختيار في تطبيقها.
* قاعدة الاسناد ذات المنشأ التعاقدي كالمعاهدات: هنا القاضي ملزم بتطبيقها, اذا لم يتفق الاطراف على قانون الارادة
04- مرحلة قرار شركة ميتيال في: 26/05/1999: هنا لا بد من معرفة طبيعة القانون الاجنبي, هل هو من قبيل المسائل الواقعية ام نطبقه بوصفه قانون؟ ففي هذا القرار, القاضي غير ملزم بتطبيق قاعدة الاسناد من تلقاء نفسه(القانون الاجنبي), الا اذا تمسك الاطراف بها, لكن باستثناء الاحوال الشخصية فهو ملزم بتطبيق قاعدة الاسناد, حتى ولو لم يتمسك الاطراف بها, لانها تعتبر من مسائل القانون وليس من مسائل الواقع, وهي حساسة, لان لكل دولة خصوصياتها في هذه المسائل, لذلك وجب ان يطبق فيها القانون الاجنبي
* اثبات مضمون القانون الاجنبي في القضاء الفرنسي:
كذلك مر القضاء الفرنسي بــ 04 مراحل:
01- قرار لوتور في: 25/05/1948:
وهنا القاضي غير ملزم بالبحث عن مضمون القانون الاجنبي من تلقاء نفسه, وعبء الاثبات يكون على عاتق الاطراف, بمعنى ان القانون الاجنبي في هذه المرحلة هو مسالة واقع وليس قانون.
02- قرار عبادو في : 27/01/1998:يلزم القاضي بالبحث عن مضمون القانون الاجنبي, في حالة تطبيقه لقاعدة الاسناد في الحقوق التي لا يمكن التصرف فيها, اما في حالة الحقوق التي يمكن التصرف فيها, فاذا تمسك الاطراف بقاعدة الاسناد, فهم الملزمون باثبات القانون الاجنبي.
03- قرار لافازا في: 24/12/1998:
القاضي ملزم بالبحث عن مضمون القانون الاجنبي في كل الاحوال حتى وان كان الرجوع الى قاعدة الاسناد بتمسك من الاطراف.
04- قرار 26/05/1999:
القاضي ملزم فقط باثبات القانون الاجنبي اذا اشارت قاعدة التنازع الى تطبيق القانون الاجنبي المتعلق بالحقوق التي لا يمكن التصرف فيها, وما دون ذلك فهي مسائل من الواقع, فمن يدعي القانون الاجنبي عبء الاثبات يكون عليه
المطلب الثاني: موقف المشرع الجزائري بالزام القاضي الوطني بإعمال قاعدة الاسناد من تلقاء نفسه:
لما نتفحص القانون المدني الجزائري لا نجد نصا يفصل في هذا الامر, لكن وجد بهذا الصدد رأيين فقهيين:
أ- يقول هذا الرأي: انه باستقراء نصوص قواعد التنازع من نص المادة 09 الى نص المادة 24, في صياغتها يتبين لنا انها قاعدة آمرة أي وجوبا القاضي ملزم بها.
ب- اما الراي الثاني: يقول ان القاضي غير ملزم , وحجته في ذلك هو نص المادة 233/05 الفقرة الخامسة من قانون الاجراءات المدنية, وهذا ما كرسه القضاء الجزائري, اذ انه اذا كانت قاعدة التنازع الوطنية تشير الى تطبيق قانون اجنبي متعلق بالاحوال الشخصية فهو ملزم بها ولو لم يتمسك الاطراف بها, لانها تعتبر من مسائل القانون, والقاضي نفسه ملزم كذلك بالبحث عن مضمون هذا القانون الاجنبي, اما اذا كانت المسالة من الواقع , فالقاضي غير ملزم بتطبيق قواعد الاسناد, الا اذا تمسك الاطراف بها, و عبء الاثبات يقع على الطرف الذي يدعي إعمال القانون الاجنبي, لان هذا النص الاجنبي في هذه الحالة يعامل معاملة الوقائع المتعلقة بالدعوى.
الخاتمة:
من هنا يتبين ان قواعد الاسناد هي ويلة القاضي التي يلجا اليها من اجل حل النزاعات ذات العنصر الاجنبي, وان هذه القواعد رغم انها لا تفصل في النزاع, لكنها تعتبر المفتاح لحل اللغز القانوني المتمثل في كيفية فض النزاع ذو العنصر الاجنبي بوجود القانون الواجب التطبيق, وهي ليست قواعد موضوعية تفصل في النزاع, ومن هنا طرح اشكال: هل القاضي ملزم بالرجوع الى قواعد الاسناد؟ وما دورها بالنسبة للقاضي؟
حيث نخلص الى انها وضعت لارشاده حتى لا يحيد عن الغاية التي وضعها المشرع من خلالها, ومن هنا يمكن القول ان القاضي ملزم بالرجوع الى قواعد الاسناد في قانونه على النحو المبين اعلاه, لكن اذا اشارت هذه الاخيرة الى قواعد اسناد اجنبية , فالراي الراجح هو اننا لا نستطيع اجبار القاضي على الاطلاع على قوانين الدولة الاجنبية, وانما الخصوم هم الملزمون باثبات مضمون القانون الاجنبي الواجب التطبيق, لكنه ملزم بتطبيق قاعدة التنازع الاجنبية اذا كانت متعلقة بمسالة الاحوال الشخصية , باعتبارها من النظام العام و لكل دولة خصوصياتها ودياناتها في هذا المجال.
وفي هذا الصدد, فالقاضي لا بد ان يفسر قاعدة الاسناد حتى لا يخطا في تطبيق القانون الاجنبي, ويتجلى ذلك من خلال عملية التكييف.
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma