المـقدمـة
للإثبات القضائي أهمية بالغة في الحياة العملية ، إذ أن كل ادعاء أمام المحكمة يكون واجب الإثبات ، ولا قيمة للحق المدعى به مالم يقم الدليل على الحادث المنتج له قانونيا كان هذا الحـادث أو ماديا .
لذلك فان التشريعات اهتمت بالإثبات ونظمته وحددت الوسائل التي يقوم عليها الدليل أمام القضاء وهي عادة ما تكون من صنع المتقاضـين أنفسهم يعدونها مسبقا. يلجئون إليها لاثبات التصرفات التي تكون مصدر حقهم المباشر إذا ما ثار حولها النزاع وهذا ما يعرف بالإثبات المباشر الذي يتم بالكتابة وشهادة الشهود .
غير أن هذه الوسائل لا تكفي وحدها من الناحية العملية لتغطية جميع حالات الإثبات خاصة عند استحالة تقديمها ، إما لعدم إعدادها أصلا من طرف الخصوم ، و إما لتعلق النزاع بواقعة مادية لايمكن إقامة دليلها مسبقا . لذلك ومن أجل تجنب المتقاضين مشقة الإثـبات المباشر عند عـدم توفـر وسائله ، فان المشرع لجأ إلى تهذيب عملية الإثبات ، فحول الإثبات من المباشر إلى الإثبات غير المباشر الذي يقوم على تحويل محل الإثبات إلى واقعة أخرى قريبة ليست محل نزاع ليستخلص منها ثبوت الواقعة الأصلية محل النزاع معتمدا في ذلك على عنصر الاستنباط وعلى عنصر الترجيح .
ولأن القرينة القانونية هي أهم وسائل الإثبات غير المباشر كون المشرع يعتمد عليها لتحقيق مصلحتـين ، مصلحة قضائية إذ تسمح بإقامة الدليل أمام القضاء ، ومصلحة اجتماعية هي المحافظة على حقوق الأفراد من الضياع .
وانطلاقا من هاتين النتيجتين ، ونظرا لما تمثله القرينة القانونية باعتبار أنها دليل للإثبات من خصوصية وتمييز عن غيرها من أدلة الإثبات الأخرى من حيث مصدرها وطبيعة عملها في الإثبات وقوة حجيتها الثبوتية ، وهذه المسائل جميعها جعلتها محور دراستي في هذا البحث .
من هذا فان دراستنا للقرينة القانونية تتمحور حول الإشكالية التالية : ماهية القرينة القانونية وطبيعتها ، وكيفية عملها في مجال الإثبات باعتبارها وسيلة من وسائله ؟ . وللإجـابة على هذا التسـاؤل قسمـنا بحـثنا إلى ثلاثة فصـول .
الفصل الأول
ماهية القرينة القانونية وطبيعتها
يعتبر هذا الفصل بمثابة الفصل التمهيدي ، درست من خلاله الجانب التاريخي و الجانب النظري و الفلسفي للقرينة القانونية ، إذ تضمن استعراض المراحل التي مرت بها القرينة القانونية في تطورها عبر مختلف الشرائع منذ نشأتها إلى أن أصبحت نظرية قائمة بذاتها في التشريعات المعاصرة . كما تضمن تعريف القرينة القانونية مع تبيان عناصرها ، ولأن دور القرينة القانونية في الإثبات ينطوي على طبيعة خاصة ، اقتضى منا الأمر تبيان هذه الطبـيعة مـع تحـديد خصائصها وأهداف تشريعها .
ونظرا لتفاوت قوة الحجية في الإثبات بالقرائن القانونية ، فإنني عمدت إلى تقسيمها حسب درجة الحجية إلى نوعين . ولأن القرينة القانونية من حيث أنها دليل للإثبات ذات طبيعة خاصة تتقاطع مع أدلة إثبات أخرى في نقاط تشابه واختلاف عملت على بيانها . ولمعالجة جميع المسائل المثارة ، اقتضى مني الأمر تقسيم هذا الفصل إلى خمسة مباحث كمايلي .
المبحث الأول : تضـمن هذا المبحث دراسة المراحـل التي مـرت بها القريـنة ، وتطور استعمالها كوسيلة إثبات في مختلف الأنظمة القانونية التي عرفت في القرون الوسطى و ما قبلها إلى غاية ظهور القانون المدني الفرنسي ، ولذلك فلم يساعد النظام القبلي الذي قامت عليه البشرية فيبداية عهدها في ظـهور نظام قانـوني و قضائي واضح المعالم يتيح من خلاله إجراء المحاكمات لطغيان على هذه الكـيانات فكرة الانتقام . أما في العهد الروماني الذي اشتهر بإنشاء منظومة قانونية و نظـم القضاء ، بأن فوض أمر فض النزاعات إلى شخص طبيعي وأعطى للخصوم حرية إثبات حقوقهم بجميع الوسائل التي كان من أشهرها القرائن القضائية ، والتي أخذ القيصر فيما بعد بعض هذه القرائن القضائية ، ووضعها في نصوص قانونية ، فعرفت بذلك القرينة القانونية أول نشأة لها في القانون الروماني بتحويل القرينة القضائية إلى قرينة قانونية .
كما أن الشريعة الإسلامية أقرت بالقرينة كوسيلة إثبات رغم اختلاف فقهاء الشـريعة في أمر اعتمادها كوسيلة إثبات قائمة بذاتها .
المبحث الثاني : تناولت في هذا المبحث تعريف القرينة القانونية مع تبيان عناصرها فبالنسبة لتعريف القرينة القانونية ، فقد تناولته من أوجه ثلاثة هي . التعريف اللغوي للقرينة ، ثم التعريف الاصطلاحي من خلال استعراض مجموعة من التعاريف التي جاء بها الفقهاء عند تعريفهم للقرينة القانونية ، كما تناولت تعريف التشريع للقرينة القانونية ، وذلك من خلال استعراض التعاريف التي وضعتها التشريعات القانونية خاصة منها القانون المـدني الفرنـسي ، والقانـون المـدني اللبناني والمصري ، و ما جاء به المشرع الجزائري . كما تناولت العناصر التي تقوم عليها القرينة القانونية وهما عنصر الغالب الوقوع و عنصر القرار .
المبحث الثالث : وتناولت فيه دراسة الطبيعة القانونية لعمل القرينة القانونية في الإثبات ولقد جاء هذا المبحث كنتيجة طبيعية للجدل الفقهي و الاختلاف الذي ثار بين الفقهاء حول تكييف دور القرينة القانونية في عملية الإثبات ، حيث انقسم الفقه في هذه المسألة إلى أراء مختلفة (ثلاث اتجاهات) . الاتجاه الأول يرى أن القرينة القانونية هي وسيلة إعفاء من الإثبات وليست دليلا من أدلته . أما الاتجاه الثاني فيرى أن القرينة القانونية هي قاعدة من قواعد الإثبات . بينما يذهب الاتجاه الثالث إلى القول أن القرينة القانونية هي دليل ن أدلة الإثبات غير المباشرة ، ولقد ناقشت هذه الآراء وبينت الرأي الراجح في الفقه .
المبحث الرابع : ويتضمن دراسة الخصائص التي تتميز بها القرينة القانونية عن غيرها من أدلة الإثبات الأخرى ، وكذلك البحث في حكمة تشريعها.
أما فيما يتعلق بالخصائص ، فتتمثل في أربعة وهي . أولا أن القرينة القانونية من صنع المشرع وأساسها الـنص القانـوني ، والثانـية أنها تمتاز بخاصية التجريد والتعميم ، أما الثالثة فهي خاصية الإلزام ، بينما الرابعة فهي خاصية الاستثنائية .
أما حكمة تشريع القرينة القانونية فتتمثل في المصلحة التي أراد المشرع تحقيقها من وراء كل قرينة قانونية ، فقد يهدف المـشرع من وراء تقريره للقرينة المـحافظة على المصلـحة العامة أو يهدف إلى ترسـيخ ما جرى به العمل بين الناس من عادة وعرف أو تسهـيل عملـية الإثبات أو يهدف إلى حماية القانون من الاحتيال على نصوصه .
المبحث الخامس : درست من خلاله تقسيم القرائن القانونية . كما ميزت بينها وبين النظم القانونية الأخرى القريبة منها .
أما فيما يتعلق بأقسام القرينة القانونية فاني اعتمدت على التقسيم العام الذي يقوم عليه التمييز بين نوعين من القرائن القانونية ، وذلك بحسب قوة حجية الإثبات ، إذ هناك القرائن القانونية القاطعة كقسم أول ، أما القسم الثاني يسمى القرائن القانونية البسيطة ، وهذا هو التقسيم الذي أقره المشرع بموجب النص القانوني .
أما فيما يخص التمييز بين القرائن القانونية و النظم الأخرى المشابهة لها ، فانني بحثت في أوجه التشابه و الاختلاف من خلال مقارنة أجريتها أولا بين القرينة القانونية كدليل من أدلة الإثبات غير المباشرة من جهة ، وبين الإثبات المباشر المتمثل في الكـتابة و الشهادة من جـهة أخرى . ثم ثانيا مقارنة بين القرائن القانونية و القرينة القضائية . أما ثالثا فانه نظرا للتداخل الحاصل بين القرينة القانونية و القاعدة الموضوعية ، الذي يؤدي في الكثير من الأحيان إلى الخلط بين النصوص القانونية المقررة للقرائن القانونية التي تعمل في مجال الإثبات وبين النصوص المقررة للقواعد الموضوعية التي تتعلق بتنظيم المراكز القانونية للأفراد و تحديد الحقوق ، ووصلت إلى تحديد ثلاثة معايير يمكننا الاعتماد عليها لإجراء التمييز بين القرائن القانونية من جهة و القواعد الموضوعية من جهة أخرى .
الفصل الثاني
الإثبات بالقرينة القانونية القاطعة
خصصت هذا الفصل لدراسة القرينة القانونية القاطعة ، إذ تناولت في المبحث الأول كيفية الإثبات بالقرينة القانونية القاطعة ، ولأن القرينة القاطعة تمتاز بكون المشرع جعل حجيتها قاطعة في الإثبات ومنع عنها قبول أي دليل لنقضها ، لذلك فاني انطلقت في دراستي هنا ببحث الخاصية الاستثنائية التي تمثله القرينة القاطعة في الإثبات في مقابل الإثبات بالقرينة غير القاطعة . وتبعا لهذه الاستثنائية التي تمثلها القرينة القاطعة يجعل تحديدها الدقيق ضروري من طرف المشرع بالنـص القانوني الذي يقررها ، لذلك وجب علينا تحديد المعايير التي اعتمدها المشرع لتمييز القرينة القاطعة عن غيرها من القرائن القانونية . ثم ننتقل بعد ذلك إلى مـناقشة نقطة أخرى أثارها الفقهاء ترتبط ارتباطا و ثيقا بفكرة الاستثنائية التي تقوم عليها القرينة القاطعة من حيث عدم قبولها الإثبات بالعكس وهذه النقطة هي مدى ارتباط القرينة القاطعة بفكرة الإثبات وعلاقتها بالنظام العام . وبعد تأكيدنا للنتيجة توصلنا إلى أن القرينة القاطعة باعتبارها دليل للإثبات مثل القرينة البسيطة تخضع للمبدأ العام الذي يقوم عليه الإثبات وهو مقارعة الدليل بالدليل . ومن ثم فاني بحثت في كيفية حدوث إثبات عكس القرينة القاطعة وتبيان وسائله . وختاما لهذا الفصل ومن أجل تحقيق التكامل بين الجانب النظري في دراسة القرينة القاطعة فاني قمت بدراسة تطبيقية لبعض وأهم القرائن القاطعة معتمدا في ذلك على الأحكام و القرارات و الآراء الفقهية .
ولقد تناولت هذه النقاط في أربعة مباحث هي :
للإثبات القضائي أهمية بالغة في الحياة العملية ، إذ أن كل ادعاء أمام المحكمة يكون واجب الإثبات ، ولا قيمة للحق المدعى به مالم يقم الدليل على الحادث المنتج له قانونيا كان هذا الحـادث أو ماديا .
لذلك فان التشريعات اهتمت بالإثبات ونظمته وحددت الوسائل التي يقوم عليها الدليل أمام القضاء وهي عادة ما تكون من صنع المتقاضـين أنفسهم يعدونها مسبقا. يلجئون إليها لاثبات التصرفات التي تكون مصدر حقهم المباشر إذا ما ثار حولها النزاع وهذا ما يعرف بالإثبات المباشر الذي يتم بالكتابة وشهادة الشهود .
غير أن هذه الوسائل لا تكفي وحدها من الناحية العملية لتغطية جميع حالات الإثبات خاصة عند استحالة تقديمها ، إما لعدم إعدادها أصلا من طرف الخصوم ، و إما لتعلق النزاع بواقعة مادية لايمكن إقامة دليلها مسبقا . لذلك ومن أجل تجنب المتقاضين مشقة الإثـبات المباشر عند عـدم توفـر وسائله ، فان المشرع لجأ إلى تهذيب عملية الإثبات ، فحول الإثبات من المباشر إلى الإثبات غير المباشر الذي يقوم على تحويل محل الإثبات إلى واقعة أخرى قريبة ليست محل نزاع ليستخلص منها ثبوت الواقعة الأصلية محل النزاع معتمدا في ذلك على عنصر الاستنباط وعلى عنصر الترجيح .
ولأن القرينة القانونية هي أهم وسائل الإثبات غير المباشر كون المشرع يعتمد عليها لتحقيق مصلحتـين ، مصلحة قضائية إذ تسمح بإقامة الدليل أمام القضاء ، ومصلحة اجتماعية هي المحافظة على حقوق الأفراد من الضياع .
وانطلاقا من هاتين النتيجتين ، ونظرا لما تمثله القرينة القانونية باعتبار أنها دليل للإثبات من خصوصية وتمييز عن غيرها من أدلة الإثبات الأخرى من حيث مصدرها وطبيعة عملها في الإثبات وقوة حجيتها الثبوتية ، وهذه المسائل جميعها جعلتها محور دراستي في هذا البحث .
من هذا فان دراستنا للقرينة القانونية تتمحور حول الإشكالية التالية : ماهية القرينة القانونية وطبيعتها ، وكيفية عملها في مجال الإثبات باعتبارها وسيلة من وسائله ؟ . وللإجـابة على هذا التسـاؤل قسمـنا بحـثنا إلى ثلاثة فصـول .
الفصل الأول
ماهية القرينة القانونية وطبيعتها
يعتبر هذا الفصل بمثابة الفصل التمهيدي ، درست من خلاله الجانب التاريخي و الجانب النظري و الفلسفي للقرينة القانونية ، إذ تضمن استعراض المراحل التي مرت بها القرينة القانونية في تطورها عبر مختلف الشرائع منذ نشأتها إلى أن أصبحت نظرية قائمة بذاتها في التشريعات المعاصرة . كما تضمن تعريف القرينة القانونية مع تبيان عناصرها ، ولأن دور القرينة القانونية في الإثبات ينطوي على طبيعة خاصة ، اقتضى منا الأمر تبيان هذه الطبـيعة مـع تحـديد خصائصها وأهداف تشريعها .
ونظرا لتفاوت قوة الحجية في الإثبات بالقرائن القانونية ، فإنني عمدت إلى تقسيمها حسب درجة الحجية إلى نوعين . ولأن القرينة القانونية من حيث أنها دليل للإثبات ذات طبيعة خاصة تتقاطع مع أدلة إثبات أخرى في نقاط تشابه واختلاف عملت على بيانها . ولمعالجة جميع المسائل المثارة ، اقتضى مني الأمر تقسيم هذا الفصل إلى خمسة مباحث كمايلي .
المبحث الأول : تضـمن هذا المبحث دراسة المراحـل التي مـرت بها القريـنة ، وتطور استعمالها كوسيلة إثبات في مختلف الأنظمة القانونية التي عرفت في القرون الوسطى و ما قبلها إلى غاية ظهور القانون المدني الفرنسي ، ولذلك فلم يساعد النظام القبلي الذي قامت عليه البشرية فيبداية عهدها في ظـهور نظام قانـوني و قضائي واضح المعالم يتيح من خلاله إجراء المحاكمات لطغيان على هذه الكـيانات فكرة الانتقام . أما في العهد الروماني الذي اشتهر بإنشاء منظومة قانونية و نظـم القضاء ، بأن فوض أمر فض النزاعات إلى شخص طبيعي وأعطى للخصوم حرية إثبات حقوقهم بجميع الوسائل التي كان من أشهرها القرائن القضائية ، والتي أخذ القيصر فيما بعد بعض هذه القرائن القضائية ، ووضعها في نصوص قانونية ، فعرفت بذلك القرينة القانونية أول نشأة لها في القانون الروماني بتحويل القرينة القضائية إلى قرينة قانونية .
كما أن الشريعة الإسلامية أقرت بالقرينة كوسيلة إثبات رغم اختلاف فقهاء الشـريعة في أمر اعتمادها كوسيلة إثبات قائمة بذاتها .
المبحث الثاني : تناولت في هذا المبحث تعريف القرينة القانونية مع تبيان عناصرها فبالنسبة لتعريف القرينة القانونية ، فقد تناولته من أوجه ثلاثة هي . التعريف اللغوي للقرينة ، ثم التعريف الاصطلاحي من خلال استعراض مجموعة من التعاريف التي جاء بها الفقهاء عند تعريفهم للقرينة القانونية ، كما تناولت تعريف التشريع للقرينة القانونية ، وذلك من خلال استعراض التعاريف التي وضعتها التشريعات القانونية خاصة منها القانون المـدني الفرنـسي ، والقانـون المـدني اللبناني والمصري ، و ما جاء به المشرع الجزائري . كما تناولت العناصر التي تقوم عليها القرينة القانونية وهما عنصر الغالب الوقوع و عنصر القرار .
المبحث الثالث : وتناولت فيه دراسة الطبيعة القانونية لعمل القرينة القانونية في الإثبات ولقد جاء هذا المبحث كنتيجة طبيعية للجدل الفقهي و الاختلاف الذي ثار بين الفقهاء حول تكييف دور القرينة القانونية في عملية الإثبات ، حيث انقسم الفقه في هذه المسألة إلى أراء مختلفة (ثلاث اتجاهات) . الاتجاه الأول يرى أن القرينة القانونية هي وسيلة إعفاء من الإثبات وليست دليلا من أدلته . أما الاتجاه الثاني فيرى أن القرينة القانونية هي قاعدة من قواعد الإثبات . بينما يذهب الاتجاه الثالث إلى القول أن القرينة القانونية هي دليل ن أدلة الإثبات غير المباشرة ، ولقد ناقشت هذه الآراء وبينت الرأي الراجح في الفقه .
المبحث الرابع : ويتضمن دراسة الخصائص التي تتميز بها القرينة القانونية عن غيرها من أدلة الإثبات الأخرى ، وكذلك البحث في حكمة تشريعها.
أما فيما يتعلق بالخصائص ، فتتمثل في أربعة وهي . أولا أن القرينة القانونية من صنع المشرع وأساسها الـنص القانـوني ، والثانـية أنها تمتاز بخاصية التجريد والتعميم ، أما الثالثة فهي خاصية الإلزام ، بينما الرابعة فهي خاصية الاستثنائية .
أما حكمة تشريع القرينة القانونية فتتمثل في المصلحة التي أراد المشرع تحقيقها من وراء كل قرينة قانونية ، فقد يهدف المـشرع من وراء تقريره للقرينة المـحافظة على المصلـحة العامة أو يهدف إلى ترسـيخ ما جرى به العمل بين الناس من عادة وعرف أو تسهـيل عملـية الإثبات أو يهدف إلى حماية القانون من الاحتيال على نصوصه .
المبحث الخامس : درست من خلاله تقسيم القرائن القانونية . كما ميزت بينها وبين النظم القانونية الأخرى القريبة منها .
أما فيما يتعلق بأقسام القرينة القانونية فاني اعتمدت على التقسيم العام الذي يقوم عليه التمييز بين نوعين من القرائن القانونية ، وذلك بحسب قوة حجية الإثبات ، إذ هناك القرائن القانونية القاطعة كقسم أول ، أما القسم الثاني يسمى القرائن القانونية البسيطة ، وهذا هو التقسيم الذي أقره المشرع بموجب النص القانوني .
أما فيما يخص التمييز بين القرائن القانونية و النظم الأخرى المشابهة لها ، فانني بحثت في أوجه التشابه و الاختلاف من خلال مقارنة أجريتها أولا بين القرينة القانونية كدليل من أدلة الإثبات غير المباشرة من جهة ، وبين الإثبات المباشر المتمثل في الكـتابة و الشهادة من جـهة أخرى . ثم ثانيا مقارنة بين القرائن القانونية و القرينة القضائية . أما ثالثا فانه نظرا للتداخل الحاصل بين القرينة القانونية و القاعدة الموضوعية ، الذي يؤدي في الكثير من الأحيان إلى الخلط بين النصوص القانونية المقررة للقرائن القانونية التي تعمل في مجال الإثبات وبين النصوص المقررة للقواعد الموضوعية التي تتعلق بتنظيم المراكز القانونية للأفراد و تحديد الحقوق ، ووصلت إلى تحديد ثلاثة معايير يمكننا الاعتماد عليها لإجراء التمييز بين القرائن القانونية من جهة و القواعد الموضوعية من جهة أخرى .
الفصل الثاني
الإثبات بالقرينة القانونية القاطعة
خصصت هذا الفصل لدراسة القرينة القانونية القاطعة ، إذ تناولت في المبحث الأول كيفية الإثبات بالقرينة القانونية القاطعة ، ولأن القرينة القاطعة تمتاز بكون المشرع جعل حجيتها قاطعة في الإثبات ومنع عنها قبول أي دليل لنقضها ، لذلك فاني انطلقت في دراستي هنا ببحث الخاصية الاستثنائية التي تمثله القرينة القاطعة في الإثبات في مقابل الإثبات بالقرينة غير القاطعة . وتبعا لهذه الاستثنائية التي تمثلها القرينة القاطعة يجعل تحديدها الدقيق ضروري من طرف المشرع بالنـص القانوني الذي يقررها ، لذلك وجب علينا تحديد المعايير التي اعتمدها المشرع لتمييز القرينة القاطعة عن غيرها من القرائن القانونية . ثم ننتقل بعد ذلك إلى مـناقشة نقطة أخرى أثارها الفقهاء ترتبط ارتباطا و ثيقا بفكرة الاستثنائية التي تقوم عليها القرينة القاطعة من حيث عدم قبولها الإثبات بالعكس وهذه النقطة هي مدى ارتباط القرينة القاطعة بفكرة الإثبات وعلاقتها بالنظام العام . وبعد تأكيدنا للنتيجة توصلنا إلى أن القرينة القاطعة باعتبارها دليل للإثبات مثل القرينة البسيطة تخضع للمبدأ العام الذي يقوم عليه الإثبات وهو مقارعة الدليل بالدليل . ومن ثم فاني بحثت في كيفية حدوث إثبات عكس القرينة القاطعة وتبيان وسائله . وختاما لهذا الفصل ومن أجل تحقيق التكامل بين الجانب النظري في دراسة القرينة القاطعة فاني قمت بدراسة تطبيقية لبعض وأهم القرائن القاطعة معتمدا في ذلك على الأحكام و القرارات و الآراء الفقهية .
ولقد تناولت هذه النقاط في أربعة مباحث هي :
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma