جامعــــــة قاصدي مرباح ورقلة
كلية: الحقوق و العلوم الاقتصادية
فرع: العلوم القانونية و الإدارية
بحث ضمن مقتضيات مقياس القانون الدولي الخاص
إعداد الطالب:
- بلمزوزي ع
السنة الجامعية 2008/2009
خطة البحث
موانع تطبيق القانون الأجنبي
مقدمــــــــــة
المبحث الأول: استبعاد تطبيق القانون الأجنبي إعمالا للدفع بالنظام العام
المطلب الأول: المقصود بالنظام العام
المطلب الثاني: التطور التاريخي لفكرة النظام العام
المطلب الثالث: صعوبة تحديد فكرة النظام العام في مجال العلاقات الخاصة الدولية
المطلب الرابع: شروط التمسك بالدفع بالنظام العام
المطلب الخامس: آثار التمسك بالدفع بالنظام العام
المبحث الثاني: استبعاد تطبيق القانون الأجنبي إعمالا للدفع بالغش نحو القانون
المطلب الأول: مفهوم فكرة الغش نحو القانون
المطلب الثاني: نشأة فكرة الغش نحو القانون
المطلب الثالث: شروط الدفع بالغش نحو القانون
المطلب الرابع: الأساس القانوني للغش نحو القانون
المطلب الخامس: الجزاء المترتب على الغش نحو القانون
خاتمــــــــة
مقدمة:
الأصل أن القاضي الوطني ملزم بتطبيق قانونه الوطني إلا في حالات معينة حيث يصطدم بوجود عنصر أجنبي في أحد المنازعات مما يحتم عليه تطبيق قانون غير قانونه الوطني أي تطبيق قانون أجنبي بموجب قواعد الإسناد التي تشير إلى القانون الأجنبي الواجب التطبيق، و هذا الامتداد الذي يحصل للقانون الأجنبي لا يتم هكذا دون قيد أو شرط، فقد تظهر بعض الموانع من شأنها استبعاد القانون الأجنبي الواجب التطبيق.
ويحدث ذلك عندما يتعارض مضمون القانون الأجنبي مع المفاهيم الأساسية والمبادئ القانونية المستقر عليها في دولة القاضي، وهنا يمكن للقاضي الوطني استبعاده بسبب مخالفته للنظام العام، كما أن القانون الأجنبي قد يثبت له الاختصاص عن طريق التغيير الإرادي الاحتيالي لضابط الإسناد للهروب من أحكام قانون معين هو المختص أصلا بحكم النزاع ، وهنا يمكن للقاضي الامتناع عن تطبيقه بسبب الغش نحو القانون.
إن معظم التشريعات في العالم قد أوجبت على القاضي الامتناع عن تطبيق القانون الأجنبي إذا خالف النظام العام أو إذا ثبت له الاختصاص بواسطة الغش نحو القانون كأسباب عامة لاستبعاد القانون الأجنبي، ومنها المشرع الجزائري الذي ينص في المادة 24/1 من القانون المدني ( لا يجوز تطبيق القانون الأجنبي بموجب النصوص السابقة إذا كان مخالفا للنظام العام أو الآداب العامة في الجزائر، أو ثبت له الاختصاص بواسطة الغش نحو القانون) .
وعلى هذا الأساس سنتناول في بحثنا هذا فكرة النظام العام كسبب لاستبعاد القانون الأجنبي في المبحث الأول و من ثم في مبحث ثاني فكرة الغش نحو القانون.
المبحث الأول: استبعاد تطبيق القانون الأجنبي إعمالا للدفع بالنظام العام
المطلب الأول:المقصود بالنظام العام
تعتبر فكرة النظام العام من الأفكار الجوهرية في علم القانون بوجه عام وتستعمل تلك الفكرة في القانون الداخلي للإشارة إلى القواعد الآمرة التي لا يمكن للأفراد مخالفة حكمها باتفاق خاص، فيقال أن تلك القاعدة تتعلق بالنظام العام بمعنى أنه لا يمكن مخالفتها. وهدف النظام العام هو حماية المبادئ والأسس الجوهرية التي يقع فيها المجتمع سواء كانت تلك المبادئ والأسس اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية. وفى القانون الدولي الخاص يتلخص دور النظام العام في منع تطبيق القانون الأجنبي، الذي عقدت قاعدة الإسناد الوطنية له الاختصاص، إذا كان من شأن تطبيق الأحكام الموضوعية لهذا القانون المساس بالأسس والمبادئ التي يستند إليها المجتمع الوطني.1 لذلك درج الفقه التقليدي على التفرقة بين ما أسماه بالنظام العام الداخلي وما أسماه بالنظام العام الدولي، وهو يقيم هذه التفرقة على اختلاف الوظيفة التي يضطلع بها النظام العام ففي القانون الداخلي يتكفل النظام العام بإبطال اتفاقات الأفراد المخالفة للقواعد الآمرة لذلك يبدو النظام العام في هذا الصدد كحليف أو كحامٍ للقاعدة القانونية الوطنية أما في مجال العلاقات الخاصة الدولية أو القانون الدولي الخاص فإن النظام العام يضطلع باستبعاد القانون الأجنبي بالرغم من أنه القانون الواجب التطبيق على النزاع بمقتضى القانون الوطني. لذلك يبدو النظام العام في هذا المجال كرقيب على القاعدة القانونية الأجنبية. ويمكن أن نقول أن المقصود بالنظام العام في مجال العلاقات الخاصة الدولية بأنه دفع يتم بمقتضاه استبعاد تطبيق القاعدة القانونية في القانون الأجنبي بحكم العلاقة وفقا لقاعدة الإسناد الوطنية إذا كان حكم هذه القاعدة يتعارض مع المبادئ والأسس السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية التي يقوم عليها النظام القانوني في مجتمع دولة القاضي.2
1 – د. غالب علي الداودي - القانون الدولي الخاص- مطابع مديرية دار الكتب للطباعة و النشر الموصل – العراق -1982- ص 146
2 – د. غالب علي الداودي – المرجع السابق - ص 147
المطلب الثاني:التطور التاريخي لفكرة النظام العام
استعملت فكرة النظام العام في بادئ الأمر كأداة لتثبيت الاختصاص للقانون الوطني ولم تبرز بمفهومها الحالي كأداة لاستبعاد القانون الأجنبي إلا مع الفقيه الألماني سافيني
- الـنظـام الـعام كـأداة لـتثبـيت الاختصاص للقـانـون الـعام الوطـني
بدأت الملامح الأولى لفكرة النظام العام مع المدرسة الإيطالية القديمة حيث كان الفقيه بارتولي يفرق بين الأحوال الملائمة التي يمكن أن يمتد تطبيقها إلى خارج الإقليم والأحوال البغيضة التي يقتصر تطبيقها على داخل الإقليم ثم جاء الفقيه الايطالي مانشيني رائد مدرسة شخصية القوانين و استعمل النظام العام كأداة لتثبيت الإختصاص للقانون الوطني كاستثناء على نظريته، مبررا ذلك بكون هذه القوانين لا تشكل جزءا من القوانين الشخصية، و بكونها ضرورية لصيانة النظام العام على الإقليم، مثل القوانين المتعلقة بالملكية العقارية و المسؤولية التقصيرية.1
. - الـنـظـام الـعـام كـأداة لاسـتـبـعـاد الـقانـون الأجـنبي
أول من استعمل فكرة النظام العام كأداة لاستبعاد القانون الأجنبي هو الفقيه الألماني سافيني، فبعد أن عرض نظريته في الاشتراك القانوني التي تسمح للدول الأوروبية بتطبيق قوانين بعضها البعض، أشار إلى استثناء هام خول بموجبه لقاضي الامتناع عن تطبيق القانون الأجنبي إذا ما تبين له انقطاع " الوحدة القانونية " بين قانونه والقانون الأجنبي المختص وقد أخذ الفقه الحديث عن سافيني نظريته للنظام العام كأداة لاستبعاد القانون الأجنبي دون أن يشترط مسبقا وجود" اشتراك قانوني " وذلك لأن سافيني وجه نظريته في التنازع إلى الدول الأوروبية قبل أن تنتشر و تأخذ بها أغلب دول العالم.2
1 – د-اعراب بلقاسم – القانون الدولي الخاص الجزائري – دار هومة –الجزائر- طبعة 10- 2008- ص 168
2 – د-اعراب بلقاسم – المرجع السابق 2008- ص 169
المطلب الثالث:صعوبة تحديد فكرة النظام العام في مجال العلاقات الخاصة الدولية
مفهوم النظام العام ليس مطلقا و لا جامدا بل يعد مسألة نسبية و متغيرة بحسب الزمان و المكان . وهي على هذا الأساس فكرة مرنة و متطورة تختلف باختلاف الزمان و المكان، فما يعتبر اليوم من النظام العام قد لا يعتبر في المستقبل كذلك و ما يعتبر متعارضا مع النظام العام في دولة ما قد لا يعتبر في دولة أخرى كذلك. فهي فكرة لا تتجسد إلا عندما تقوم بوظيفتها و يصعب تحديدها قبل ذلك. وقد بذل الفقه جهودا كبيرة لوضع ضوابط يمكن عن طريقها تحديد ما إذا كان القانون الأجنبي يتعارض مع النظام العام في قانون القاضي أم لا فذهب جانب من الفقه إلى القول باستبعاد القانون الأجنبي استنادا لفكرة النظام العام إذا كان في تطبيق هذا القانون مساس بمبادئ العدالة الدولية أو بمبادئ القانون الطبيعي أو بالمبادئ العامة المتعارف عليها في جماعة الأمم المتحضرة.1
ويذهب جانب آخر من الفقه إلى القول باستبعاد القانون الأجنبي إذا كان يشتمل على نظم قانونية يجهلها قانون القاضي. ويذهب جانب آخر من الفقه في محاولة تحديد مضمون فكرة النظام العام في مجال القانون الدولي الخاص مذهبا آخر. إذ يرى أن القانون الأجنبي يعد مخالفا للنظام العام في دولة القاضي إذا تعارض مع السياسة التشريعية لتلك الدولة حتى ولو كان هذا القانون لا يتعارض مع مبادئ العدالة أو مبادئ القانون الطبيعي أو المبادئ العامة المتعارف عليها في الأمم المتحضرة . فإذا كان تطبيق القانون الأجنبي يحول دون تحقيق أحد الأهداف الهامة التي يرمي تشريع دولة القاضي إلى تحقيقها كان للقاضي أن يستبعد تطبيق هذا القانون.2
1 – د . سامي بديع منصور –الوسيط في القانون الدولي الخاص- دار العلوم العربية بيروت –لبنان- ص 796
2 – د. غالب علي الداودي – المرجع السابق - ص 152
وقد أدت الاعتبارات السالفة الذكر و استحالة حصر حالات إعمال فكرة النظام العام إلى إعطاء القاضي سلطة واسعة في تقديرها حسب المفاهيم السائدة في دولته على أن القاضي لا يقتصر في تقديره لمدى تعارض القانون الأجنبي مع النظام العام في دولته على مضمون هذا القانون، و إنما إضافة إلى ذلك على الأثر الذي يتركه تطبيق هذا القانون على النزاع، إذ قد يكون القانون الأجنبي في ظاهره لا يتعارض مع النظام العام غير أن الأثر الذي يترتب عن تطبيقه هو الذي يتعارض مع النظام العام.1
1 – د . سامي بديع منصور – المرجع السابق - ص 797
المطلب الرابع:شروط التمسك بالدفع بالنظام العام
ينبغي توافر ثلاثة شروط لإمكان أعمال الدفع بالنظام العام:
الشرط الأول :
وهو أن تشير قاعدة الإسناد إلى تطبيق قانون أجنبي معين على النزاع، وعلى ذلك لا يتصور أعمال الدفع بالنظام العام إذا كان القانون الواجب التطبيق هو القانون الوطني ، فلا يثار هذا الدفع إذا كان القانون الأجنبي يمكن استبعاد تطبيقه لسبب آخر.1
الشرط الثاني:
تعارض ومخالفة أحكام القانون الأجنبي لمقتضيات النظام العام في دولة القاضي: وهذا ما يبرر استبعاد القانون الأجنبي، فالمشرع الوطني حينما أشار في قاعدة الإسناد إلى تطبيق قانون أجنبي لم يقصد أن يطبق هذا القانون أيا كانت النتيجة المترتبة على ذلك وإنما يتعين ألا يمس ذلك التطبيق بمقتضيات النظام العام في دولته. ويترك للقاضي المختص تقدير مدى تعرض القانون الأجنبي مع مقتضيات النظام العام في دولته . 2
وإذا كان على القاضي أن يلجأ في تقدير مدى تعارض أحكام القانون الأجنبي مع مقتضيات النظام العام في دولته إلى معيار موضوعي فهو لابد أن يتحرر من التفسير الموسع لفكرة النظام العام، وذلك للنتائج الخطيرة التي تترتب على استعمال هذه الفكرة . فالغلو في اللجوء للدفع بالنظام العام يضر بالتعايش المشترك بين النظم القانونية وهو الهدف الرئيسي لعلم تنازع القوانين.
الشرط الثالث:
أن يكون التعارض مع النظام العام وقت رفع الدعوى و لو كان نشوء الحق قد تم دون أن يكون مخالفا للنظام العام.3
1 – د. علي علي سليمان- مذكرات في القانون الدولي الخاص الجزائري – ديوان المطبوعات الجامعية-طبعة 5-الجزائر- ص
2 – د. علي علي سليمان- المرجع السابق – ص
3 – د. علي علي سليمان- المرجع السابق – ص
المطلب الخامس:آثار التمسك بالدفع بالنظام العام
إذا تعارض القانون الأجنبي مع النظام العام في دولة القاضي، ترتب على ذلك أثار و هي:
1- الأثـر الـسـلبـي للـنـظـام الـعـام
يتمثل الأثر السلبي للنظام العام في استبعاد تطبيق القانون الأجنبي لكن السؤال الذي يطرح هنا هو هل يتم استبعاد القانون الأجنبي كليا أم يستبعد منه الجزء المتعارض مع النظام العام فقط؟إن الإجابة على هذا السؤال من طرف الاتجاه الفقهي الغالب هو أن الأثر السلبي للنظام العام ليس من شأنه استبعاد القانون الأجنبي كليا، و إنما ينحصر هذا الأثر في الجزء الذي يتعارض مع النظام العام، و يطبق القانون الأجنبي على باقي عناصر النزاع. و هذا الرأي له تطبيقات عديدة في القضاء القانون الفرنسي ففي قـرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية بـتاريخ: 17/11/1964 جاء فيـه :
" أن ما تنص عليه أحكام الشريعة الإسلامية في الميراث لا يمس النظام العام في فرنسا، إلا في منعها التوارث بين المسلم و غير المسلم و من ثم يتعين استبعاد أحكام الشريعة الإسلامية في هذه النقطة و حسب، من دون أن يحل القانون الفرنسي محل القانون الأجنبي الإسلامي في بيان مراتب الورثة وأنصبتهم".1 و هو الرأي نفسه الذي سار عليه القضاء المصري. و يستند هذا الاتجاه إلى حجج عدة منها أنه ينبغي استخدام الدفع بالنظام العام بحذر شديد، و وفقا للغاية التي يسعى إلى تحقيقها، أي بالقدر الذي يمنع المساس بالمبادئ الأساسية السائدة في دولة القاضي كما أن الدفع بالنظام العام لا يهدف إلى إصدار حكم قيمي على القانون الأجنبي برمته، و إنما يهدف فحسب إلى استبعاد النتيجة المخالفة للنظام العام و متى أمكن ذلك عن طريق الاستبعاد الجزئي كان ذلك أمرا مقبولا. غير أن هذا الحل يرد عليه استثناء وحيد، و هو في حالة ما إذا كان ثمة ارتباط بين أجزاء القانون الأجنبي بحيث يكون من المستحيل استبعاده جزئيا ففي هذه الحالة يستبعد القانون الأجنبي كليا.2
1 – د. غالب علي الداودي – المرجع السابق - ص 158
2 – د-اعراب بلقاسم – المرجع السابق 2008- ص 177
2- الأثـر الإيـجـابـي للـنظـام الـعـام
الأثر الإيجابي للنظام العام هو تطبيق القانون الوطني للقاضي محل القانون الأجنبي المستبعد، و هو ما تبناه المشرع الجزائري بنص المادة 24/2 من القانون المدني. <<يطبق القانون الجزائري محل القانون الأجنبي المخالف للنظام العام و الآداب العامة>>
و هذا هو الاتجاه الفقهي الغالب و معظم التشريعات تؤكد أن الأثر الإيجابي للنظام العام هو تطبيق قانون القاضي، إلا أن جانبا من الفقه الألماني يرى أن الأثر الايجابي هو تطبيق نص قانوني آخر من القانون الأجنبي لا يتعارض مع النظام العام.1
إلا أن هذا لرأي محل نقد لكون القانون الأجنبي المطبق في هذه الحالة لا علاقة له بالنزاع كما أنه لا يمكن تطبيقه في اغلب الحالات التي يصعب فيها العثور على نص قانوني بديل.
3-الأثـر الـمـخـفـف لـنـظـام الـعـام
يميز الفقه والقضاء عادة في مجال أثر النظام العام بين الحالة التي تنشأ فيها الحقوق في دولة القاضي، حيث يكون للنظام العام أثره كاملا ، و بين الحــالة التي تنشأ فيها الحقــوق في ظل قانون دولة أجنبيــة و تنتـج آثــارها في دولة القاضي حيث يكون للنظام العام أثرا مخففا و تستند هذه الفكرة إلى أنه ثمة حالات يتعارض فيها القانون الأجنبي مع النظام العام، سواء نشأ الحق موضوع النزاع في الخارج أو في دولة القاضي، و هناك حالات أخرى يتعارض فيها فقط إذا نشأ في دولة القاضي، و لهذا الموقف عدة تطبيقات في القضاء الفرنسي، منها أن محكمة النقض الفرنسية قضت بعدم الاعتراف بحق الملكية الذي اكتسب في الخارج عن طريق نزع الملكية دون تعويض، و بالمقابل فإنها تعترف بآثار الطلاق بالإرادة المنفردة. وكذلك تعدد الزوجات الذي نشأ في الخارج رغم أن القانون الفرنسي لا يقره، لكن إذا أريد الاعتراف ببعض آثاره كحق الزوجة في طلب النفقة أو الإرث فإن هذا الأثر ليس فيه ما يمس النظام العام في فرنسا. وكذلك صحة الشركة ذات الشخص الوحيد التي تكونت خارج فرنسا بالرغم من أن هذا النوع من الشركات مخالف للنظام العام الفرنسي.2
1 – د. غالب علي الداودي – المرجع السابق - ص 150
2 – د.اعراب بلقاسم – المرجع السابق - ص 182
غير أن هناك حالات أخرى لا يعترف فيها القضاء الفرنسي بآثار هذا الزواج، و ذلك متى كان للنزاع علاقة بالقانون أو الإقليم الفرنسي، و من ذلك على سبيل المثال ما جاء به قرار محكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ 01 مارس 1973 الذي اعتبر فيه: " أن الزوجة الثانية لزوج جزائري لا يمكنها المطالبة بمنحة الضمان لاجتماعي، ما دام أن الزوجة الأولى قد استفادت منه لتعارض ذلك مع النظام العام في فرنسا".
4- الأثـر الانعكاسي للـنـظـام الـعـام :
يعني الأثر الانعكاسي في القانون الدولي الخاص إمكانية الاحتجاج أمام القاضي الوطني على ما نشأ من حق في دولة أخرى وفقا لنظامها العام و خلافا لما يقضي به القانون الأجنبي و سنعرض القضية التالية للتوضيح تزوج بولونيان مختلفين في الديانة في بلجيكا مع أن القانون البولوني لا يسمح بذلك فطعن في صحة زواجهما أمام القضاء البلجيكي لمخالفته قانون جنسيتهما التي تقضي بتطبيقه قاعدة التنازع البلجيكية
فاستبعد القاضي البلجيكي القانون البولوني لمخالفته النظام العام في بلجيكا و طبق قانونه الوطني و قضى بصحة الزواج و عرض هذا النزاع مرة أخرى على محكمة السين بفرنسا فقضت بصحة هذا الزواج عل اعتبار أن النظام العام في بلجيكا يشبه النظام العام في فرنسا.
و لقد انقسم الفقه و القضاء بصدد هذه المسالة فمنهم من يرى أن فكرة النظام العام فكرة وطنية و آن استبعاد القانون الأجنبي يجب أن لا يتعدى أثره إلى دولة أخرى
ومنهم من يرى إمكانية ذلك إذا تشابه مفهوم النظام العام في دولتين كما هو الحال في فرنسا و بلجيكا. 1
2 – د.اعراب بلقاسم – المرجع السابق - ص 184
المبحث الثاني: استبعاد تطبيق القانون الأجنبي إعمالا للدفع بالغش نحو القانون
المطلب الأول:مفهوم فكرة الغش نحو القانون
لقد وجدت قواعد الإسناد من أجل إرشاد القاضي إلى القانون الواجب التطبيق على المسائل القانونية المشتملة على عنصر أجنبي، ولقد عرفنا أن قاعدة الإسناد تتألف من عنصرين هما الفئة المسندة و ضابط الإسناد الذي هو عبارة عن أداة تربط بين الفئة المسندة والقانون الواجب التطبيق، لذلك يستطيع أطراف العلاقة القانونية تغيير ضابط الإسناد فمثلا إذا كان ضابط الإسناد في الأحوال الشخصية هو الجنسية فيعمد شخص ما على تغيير ضابط الإسناد باكتساب جنسية جديدة أو تغيير الموطن إذا كان الموطن هو الضابط و بالتالي يتغير القانون الواجب التطبيق. وهذا التغيير الذي يقوم به الأفراد مشروع و من حقهم قانونا غير أن هذا التغيير قد يحصل بناء على سوء نية أي من أجل التهرب من أحكام القانون المختص أصلا لحكم علاقة ما و الانتقال إلى قانون آخر ليحكم هذه العلاقة . فمثلا إذا أراد شخص ما القيام بالطلاق و كان قانون دولة جنسيته لا يسمح بالطلاق فيغير جنسيته إلى جنسية دولة أخرى تسمح بالطلاق. هذا التغيير الذي حصل لضابط الإسناد لم يتم بشكل عفوي و برئ و إنما تم بغية الإفلات و التهرب من القانون الواجب التطبيق أصلا على العلاقة .1
و لقد أطلق الفقه عبارة الغش نحو القانون كوصف قانوني لهذا التحايل على ضوابط قواعد التنازع بقصد التهرب من تطبيق القانون الواجب التطبيق ، و بناء على ما سبق يمكن تعريف الغش نحو القانون بأنه قيام أطراف العلاقة بتغيير احد الضوابط الذي يتحدد بمقتضاه القانون الواجب التطبيق بشكل متعمد بقصد التهرب من أحكام القانون الواجب التطبيق أصلا على العلاقة.2
1 – د.اعراب بلقاسم – المرجع السابق - ص 186
2 – د. علي علي سليمان- المرجع السابق – ص
المطلب الثاني:نشأة فكرة الغش نحو القانون
لم يتناول الفقهاء فكرة الغش نحو القانون مع أن الغش نحو القانون عرف منذ عهد أن كانت فرنسا عبارة عن مقاطعات كل مقاطعة يحكمها عرف خاص بها و منها مقاطعة نورماندي التي يقضي عرفها في النظام المالي بين الزوجين هو نظام الدوطة بينما في مقاطعة باريس كان نظام الاشتراك القانوني هو السائد و بالتالي كان الأزواج في نورماندي يتحايلان على عرف مقاطعتهم بانتقال إلى باريس للقيام بإجراءات الزواج ثم العودة إلى نورماندي حتى يخضع نظامهما المالي لنظام مقاطعة باريس. ولقد تعرض الفقهاء الهولنديين والفرنسيين إلى الغش نحو القانون في القرن الثامن عشر و مع ذلك لم تتبلور فكرة الغش نحو القانون كنظرية متكاملة إلا في منتصف القرن التاسع عشر بعد أن تم عرض قضية الأميرة دو بوفرمون على القضاء الفرنسي و تتمحور وقائع القضية في أن هذه السيدة متزوجة من أمير دو بوفرمون وحدث بينها و بين زوجها انفصال جثماني سنة 1874 و أرادت الطلاق حتى تتمكن من الزواج بأمير روماني بيبيسكو و باعتبار أن القانون الواجب التطبيق هو قانون الفرنسي بوصفه قانون الجنسية كان يمنع الطلاق آنذاك فانتقلت إلى ألمانيا و تجنست بجنسية إحدى المقاطعات الألمانية و تحصلت على حكم بالتطليق بناء على قانون جنسيتها الجديدة و منها انتقلت إلى برلين و تزوجت الأمير الروماني و بعد أن عادت رفقة زوجها الجديد إلى فرنسا رفع زوجها السابق دعوى أمام القضاء الفرنسي يطالب فيها باعتبار التطليق كأن لم يكن و منه بطلان الزواج المترتب عليه فقبل القضاء الفرنسي طلبه و قالت محكمة النقض في حكمها الصادر عن هذه الدعوى سنة1878 أن تجنس هذه السيدة بالجنسية الألمانية قد تم غشا نحو القانون الفرنسي و لهذا فلا يحتج به و لا بما ترتب عليه من آثار في فرنسا. و لقد تعاقبت الأحكام القضائية في فرنسا بعد هذا الحكم في الاستناد عل فكرة الغش نحو القانون . و من ثم انتشرت هذه النظرية في بعض التشريعات كالقانون السويسري و الشيلي و آخذت بها كذلك اتفاقية لاهاي سنة 1930 .1
بقي أن نشير إلا أن المشرع الجزائري لم يتعرض لفكرة الغش نحو القانون إلا مع تعديل2005 حيث تناوله في المادة 24 من القانون المدني .
1 – د.اعراب بلقاسم – المرجع السابق - ص 188 و 189
المطلب الثالث:شروط الدفع بالغش نحو القانون
يتفق الفقه و القضاء على وجوب توفر شرطين للتمسك بالدفع بالغش نحو القانون وهما:
الشرط الأول: التغيير الإرادي لضابط الإسناد
أي حدوث تغيير لضابط الإسناد و أن يكون هذا التغيير إرادي لأن التغيير وحده لا يكفي بل يجب أن يحدث التغيير إراديا حيث أن إرادة الغاش دور في عملية التغيير ، ومن الضوابط التي تقبل التغيير ضابط كل من الجنسية و الموطن والدين بالنسبة للأحوال الشخصية و كذا ضابط موقع المال بالنسبة إلى المنقولات .1
الشرط الثاني: توفر نية الغش نحو القانون
إي إحداث التغيير بقصد الإفلات من أحكام القانون الواجب التطبيق . والجدير بذكر أن هذا الشرط كان المنطلق بالنسبة لمنتقدي نظرية الغش نحو القانون على اعتبار أن النية من الأمور الباطنية يصعب على القاضي الكشف عنها غير أن الفقهاء المؤيدين لهذه النظرية ردوا على ذلك بأن التجارب القضائية في قضايا التعسف في استعمال الحق في القانون المدني وإساءة استعمال السلطة في القانون الإداري و العمد و الغير العمد في القانون الجنائي سهلت إقامة الدليل على سوء النية و بعض الحالات تكون سوء النية واضحة و صارخة لا تحتاج إلى دليل كقضية الأميرة دوبوفرمون .
كما نشير إلى أن هناك شرطين آخران غير متفق عليهما من قبل الفقهاء كما أن الفقه الحديث و القضاء هجر العمل بهما هما :
- أن يكون القانون الذي يريد الشخص التهرب منه هو قانون القاضي.
- أن تكون الأحكام التي يريد الشخص التهرب منها آمرة.2
1 – د. غالب علي الداودي – المرجع السابق - ص 157
2 – د.اعراب بلقاسم – المرجع السابق - ص 194
المطلب الرابع:الأساس القانوني للغش نحو القانون
لقد ظهرت عدة محاولات من قبل فقهاء القانون لوضع الأساس القانوني الذي بنيت عليه نظرية الغش نحو القانون منها أن فكرة الغش نحو القانون تعود إلى نظرية الصورية في القانون المدني لكن هذه المحاولة لاقت اعتراض للفروق الشاسعة بين النظريتين فالصورية تفترض وجود عقد ظاهر غير حقيقي يستر عقد باطنا حقيقيا، فإرادة المتعاقدين الظاهرة غير مطابقة لإرادتهما المستترة الحقيقية بينما في الغش نحو القانون يقوم الغاش بتصرف ظاهره حقيقي ، ولكن الغرض منه غير مشروع أي أن الإرادة الظاهرة فيها إرادة حقيقية لا تستر إرادة أخرى.
وهناك من الفقهاء من اعتبر الغش نحو القانون ما هو إلا تطبيق من تطبيقات الدفع بالنظام العام و انتقد هذا الرأي على اعتبار أن الدفع بالنظام العام يقوم على أساس تعارض مضمون قانون الواجب التطبيق مع الأسس و المبادئ الجوهرية في دولة القاضي أما الاستبعاد الحاصل بناء على الغش نحو القانون يعود إلى عنصر نية في استعمال قاعدة الإسناد.1
أما غالبية الفقهاء يرون أن نظرية الغش نحو القانون أساسها يعود إلى نظرية التعسف في استعمال الحق و مضمون هذه النظرية أن الشخص يستعمل حقه استعمالا غير مشروع و يكون الاستعمال غير المشروع إذا كانت المصالح التي يريد تحقيقها غير مشروعة و في نظرية الغش نحو القانون نجد نفس الشيء فالشخص له الحق في تغيير الجنسية أو الموطن غير أن هذا الحق عند استعماله يكون لتحقيق مصلحة غير مشروعة و الحصول على حق يرفضه القانون المختص أصلا .
2 – د.اعراب بلقاسم – المرجع السابق - ص 195
المطلب الخامس:الجزاء المترتب على الغش نحو القانون
بداية نشير إلى أن أثر الغش نحو القانون يترتب عنه عدم النفاذ و لا يرتب البطلان باعتبار أن دولة القاضي لا تستطيع إبطال تصرف تم وفقا لإجراءات قانونية في دولة أخرى و بالتالي يمكنها فقط أن تجعل هذا التصرف غير نافذ داخل إقليمها.
و لقد انقسم الفقه حول جزاء الغش نحو القانون هل يشمل الوسيلة و النتيجة معا أم يشمل النتيجة دون الوسيلة ففي قضية دوبوفرمون النتيجة التي تريدها الأميرة هي الطلاق و الوسيلة التي استعملتها لتحقيق هذه النتيجة هي اكتساب جنسية الألمانية. فهناك من الفقهاء يرى أن الجزاء يجب يشمل النتيجة فقط دون الوسيلة فمثلا في قضية الأميرة يجب أن يقتصر أثر الجزاء على عدم نفاذ طلاقها و زواجها الثاني أما الآثار الأخرى المترتبة على اكتساب الجنسية الجديدة فلا يمتد لها أثر الغش و بالتالي فإن أي نزاع آخر تكون الأميرة طرفا فيه و يكون فيه ضابط الإسناد هو الجنسية تخضع للقانون الألماني. و هذا رأي لاقى انتقادات عديدة منها أنه لا يحقق استقرار المراكز القانونية باعتبار أن الغاش يبقى خاضعا للقانون الذي هرب منه بالنسبة للنتيجة التي أراد تحقيقها و يخضع لقانون جنسيته الجديدة بالنسبة للآثار الأخرى.1
أما القسم الآخر من الفقهاء و هو الغالب يرى أن يشمل جزاء الغش نحو القانون النتيجة و الوسيلة معا و تبريرات التي قدمت في هذا الشأن أولا سهولة تطبيقه لشمولية الجزاء و ثانية عدم مضاعفة الجزاء على الغاش ليشمل آثار أخرى لم يكن يريد الإفلات منها، و لتوضيح ذلك نعود لقضية الأميرة دوبوفرمون حيث يجب أن يمتد الجزاء من عدم نفاذ الطلاق و الزواج الثاني الذي تم وفقا لجنسيتها الجديدة إلى الوسيلة المستعملة وهي التجنس بالجنسية الألمانية فتبقى بذلك فرنسية في مجال تنازع القوانين و في المجالات الأخرى.2
1 – د. علي علي سليمان- المرجع السابق – ص
2 – د. علي علي سليمان- المرجع السابق – ص
أما بالنسبة للأعمال المادية مثل نقل منقول من إقليم دولة إلى آخر تهربا من القانون الواجب التطبيق ففي هذه الحالة فإن أثر الغش يقتصر على النتيجة فقط أو الغاية الغير مشروعة فقط دون أن يمتد إلى الآثار الأخرى فلو تلف هذا المنقول مثلا في إقليم الدولة التي نقل إليها فإن المسؤولية عن تلفه تخضع لقانون الدولة التي نقل إليها على اعتبار أن وجود المنقول على إقليمها واقعة ثابتة ، ولا يجوز أن تخضع إلى قانون الدولة التي ارتكب الغش نحوها. 1
1 – د.اعراب بلقاسم – المرجع السابق - ص 199
خاتمة:
من خلال ما سبق ذكره فإنه يمكن استبعاد القانون الأجنبي الواجب التطبيق رغم أن قواعد الإسناد تشير إلى تطبيقه ، وذلك عند تعارض مضمون القانون الأجنبي مع المفاهيم الأساسية والمبادئ القانونية المستقر عليها في دولة القاضي، وهنا يمكن للقاضي الوطني استبعاده بسبب مخالفته للنظام العام، كما أن القانون الأجنبي قد يثبت له الاختصاص عن طريق التغيير الإرادي الاحتيالي لضابط الإسناد للهروب من أحكام قانون معين هو المختص أصلا بحكم النزاع ، وهنا يمكن للقاضي الامتناع عن تطبيقه بسبب الغش نحو القانون.. و بالتالي فإن الدفع بالنظام العام و الغش نحو القانون عبارة عن أدوات استبعاد للقانون الأجنبي في يد القاضي الوطني.
و من خلال بحثنا عرفنا أن فكرة النظام العام عرفت منذ نشأة تنازع القوانين و استعملت في بادئ الأمر كأداة لتثبيت الاختصاص للقانون الوطني ثم استعملت فيما بعد لاستبعاد القانون الأجنبي و عرفنا أنها مسألة نسبية يصعب ضبطها رغم الاتفاق على آثارها في استبعاد القانون الأجنبي و حلول القانون الوطني مكانه ، مع أن الفقه يفرق بين أثر الدفع بالنظام العام عندما تنشأ المراكز القانونية في دولة القاضي حيث يكون الأثر كاملا و عندما تنشا هذه المراكز في دولة أجنبية حيث الأثر يكون مخففا.
ثم تناولنا الأداة الثانية للاستبعاد و هي الدفع بالغش نحو القانون فعرفنا أن أصل هذه النظرية يعود للقضاء الفرنسي الذي طبقها في قضية شهيرة هي قضية الأميرة دوبوفرمون و التي يشترط لإعمالها توفر شرطين هما التغيير الإرادي لضابط الإسناد و نية الغش و يترتب على الدفع به استبعاد القانون الأجنبي الذي ثبت له الاختصاص عن طريق الغش و تطبيق القانون المختص أصلا مكانه.
المراجع
د . سامي بديع منصور –الوسيط في القانون الدولي الخاص- دار العلوم العربية بيروت –لبنان
د. علي علي سليمان- مذكرات في القانون الدولي الخاص الجزائري – ديوان المطبوعات الجامعية-طبعة 5-الجزائر
د. غالب علي الداودي -القانون الدولي الخاص- مطابع مديرية دار الكتب للطباعة و النشر الموصل – العراق -1982
د. اعراب بلقاسم – القانون الدولي الخاص الجزائري – ار هومة –الجزائر- طبعة 10- 2008
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma