الفصل الأول: مدخل إلى القانون الدولي العام
المبحث الأول: مفهوم القانون الدولي العام:
المطلب الأول: تعريف القانون الدولي العام:
يعرف القانون الدولي العام عادة حسب مفهوم الكتاب الكلاسكيين والمعاصرين بأنه: " مجموع القواعد المنظمة للعلاقات الدولية" أو بأنه: " مجموع القواعد والمؤسسات الموجهة لتنظيم المجتمع الدولي" إن التعريف الثاني يتسم بنوع من الدقة ويتماشى مع الوضع الحالي للمجتمع الدولي حيث بين لنا بأن القانون الدولي العام ينطبق في الأساس على العلاقات بين الدول التي تعتبر شخص قانوني دولي أصلي ، غير أنه إذا أردنا توسيع نطاق تطبيق القانون الدولي العام نجده يمتد ليشمل إلى جانب الدول، المنظمات الدولية الحكومية التي تتمتع بالشخصية القانونية، المستقلة عن الدول المكونة لها والأعضاء فيها.
ملاحظة : بالرغم من وجود كيانات وأطراف أخرى تلعب دورا لا يستهان به في العلاقات الدولية مثل المنظمات الدولية الغير الحكومية والشركات المتعددة الجنسيات ...الخ إلا أن القانون الدولي يبث في جعلها أشخاص قانونية دولية رغم مناداة البعض بجعلها كذلك.
المطلب الثاني: التطور التاريخي للقانون الدولي العام:
إن القانون الدولي العام هو قانون حديث النشأة وليس بقانون قديم إذ أنه لم يبدأ الاهتمام بتنظيم قواعده إلا منذ 03 قرون أي في أواسط القرن السابع عشر إثر الحروب والمنازعات الأوربية التي انتهت بعقد معاهدة واست فاليا المبرمة سنة 1648 إثر مؤتمر دولي جمع بين كبريات الدول الأوربية لوضع حد من جهة للحرب المدمرة فيما بين الدول الأوربية الكاثوليكية والبروستتانتية التي دامت 30 سنة ومن جهة أخرى لرسم نظام سياسي للقارة الأوربية يقوم على أساس الاستقلال والتساوي فيما بين كل الدول المسيحية كاثوليكية كانت أو بروستانتية وهذا مع التأكيد على مبدأ التوازن الدولي بهدف الحفاظ على السلم في أوربا.
ملاحظة: هذا لا يعني أن العلاقات الدولية قد بدأت منذ ذلك التاريخ هذه العلاقات وجدت منذ وجود الدولة ولكن كان تحكمها قواعد عرفية بعضها وليد التقاليد وأخرى لاعتبارات دينية.
نحاول من خلال دراستنا هذه أن نتبع الأطوار المختلفة التي اجتازت هذه العلاقات.
الفرع الأول: في العصور القديمة.
أ-في الشرق القديم: بدأت البشرية تتجمع في وحدات سياسية متميزة ومنفصلة منذ أقدم العصور وأحسن دليل على ذلك نشأة الدولة في مصر كذلك ظهور دول عديدة في بلاد ما بين النهرين حيث ظهرت الدولة السومرية في جنوب العراق 4000 قبل الميلاد، وقد تضمنت أثار هذه الدول والحضارات الشرقية القديمة الكثير من الأحكام الخاصة بالتعامل الدولي والعلاقات الدولية ولعل أقدم هذه الأحكام يظهر في المعاهدة التي أبرمها فرعون مصر ( رمسيس الثاني) مع هوزولتيت ملك الحثيين عام 1279 ق.م تم تحريرها باللغة البابلية حيث كانت لغة الدبلوماسية آنذاك وقد تضمنت تعهد الطرفين بالتبادل المساعدة ضد الأعداء الداخلين والقيام بتسليمهم لذل لجأوا إلى بلد الطرف الثاني بشرط عدم توقيع العقاب على الأشخاص الذين جرى تسليمهم..
ب-في عصر الإغريق: كانت العلاقات الدولية في عهد الإغريق وجهان:
• الوجه الأول خاص بعلاقة المدن اليونانية فيما بينها التي كانت على قدر كبير من الاستقرار حيث كان يجتمع مندوبوها بصفة دورية للتشاور وتسوية المنازعات التي تنشأ فيما بينها.
• الوجه الثاني خاص بعلاقة المدن اليونانية بالشعوب غير اليونانية فقد كانت تقوم على أساس الحرب التي لا تخضع لي قواعد واعتبارات إنسانية.
ج-في العصر الروماني: القانون الروماني لا يطبق إلا على الرومانيين وحدهم أما الأجانب فلهم قانون خاص بهم هو قانون الأجانب.
إن القانون الروماني الذي كان لا يطبق إلا على الرومانيين سمح بتطبيقه على الأجانب خاصة ما يتعلق بالمعاملات التجارية لكن حينما كثر الأجانب لم يعد القانون الروماني ملائما بحكم تلك العلاقات لهذا اضطر الرومان إلى إنشاء مذهب " قاض الأجانب" يختص بالنظر في المنازعات التي يمكن أن تقع بين الرومان وغيرهم مستندا في ذلك على قواعد مستوحاة من مبادئ الأخلاق والعدالة وهذه القواعد يطلق عليها تعبير قانون الشعوب.
الفرع الثاني: في العصر الوسيط الأوربي: إن المجتمع الأوربي المسيحي كان لا يعترف بالشعوب غير المسيحية والدخول معها في علاقات على أساس المساواة ، ولعل أحسن دليل على ذلك الحروب الصليبية المتتالية أولها عام 1096 وآخرها 1279.
لقد كان في ذلك العصر سلطة البابا على ملوك أوربا حيث كان يقسم الملوك ويفصل في المنازعات التي كانت تقع بينهما غير أنه مع تقدم الزمن بدأ التحرر نسبيا من الفكر الحسن وبدأ الصراع بين الإمبراطور والبابا وأخيرا تأكد سلطات الملوك مع ظهور الدول الموحدة تفاهم ملوك الدول الأخرى في توحيد مدنهم وبظهور هذه الوحدات السياسية بدأت بعض عمليات الوساطة والتبادل التجاري بين المناطق المختلفة.
الفرع الثالث: في العصر الوسيط الإسلامي : كان للحضارة الإسلامية دور هاما في ظهور وبعث القانون الدولي العام وهذا ما يمكن استخلاصه سواء من الاتفاقيات التي أبرماتها الدولة الإسلامية إبتداءا من القرن 17 أو غيرها من الدول الغير إسلامية أو من الأنظمة التي عرفتها الدولة الإسلامية فيما يتعلق بتقسيمها للمعمورة بين دارة الإسلام ودار الحرب وكذلك فيما يتعلق بالمحاربين وغير المحاربين وأسرى الحرب والرهائن المدنيين والنساء والشيوخ وما يسمى بأهل الذمة أو الحصن أي جماعة الرسل والمبعوثين الدبلوماسيين الذين يتمتعون بنظام أمان مؤبد.
يعد الإمام محمد بن حسن الشيباني المتوفى سنة 804 م من أكبر الفقهاء المسلمين الذين تناولوا أهم القضايا المتعلقة بتنظيم العلاقات الدولية خاصة موضوع الحرب والسلم ويعتبر كتابه السير الصغير والسير الكبير من أمهات كتب القانون الدولي الذي شرح فيه قواعد التنظيم علاقات الدولة الإسلامية بغيرها في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية.
الفرع الرابع: في العصر الحديث.
شهدت هذه المرحلة نشؤ القانون الدولي في أوربا المسيحية وانتشر خارج أوربا فلم يتحرر القانون الدولي العام من طابعه المسيحي إلا في حدود منتصف القرن 19 حينما دخلت ميدان العلاقات الدولية دول غير مسيحية مثل الدولة العثمانية والصين واليابان وقد شهدت هذه المرحلة عدة عوامل أثرت في تطور القانون الدولي العام ومن هذه العوامل معاهدة واست فاليا مؤتمر فينا ، التحالف المقدس ، حركة القوميات وغيرها.
أ-مؤتمر فينا: وضع بعض القواعد الدولية الجديدة خاصة حرية الملاحة البحرية، تجريم التجار بالرقيق.
ب-التحالف المقدس: تقوم على أساس تعهد الدول بالسير في سياستها استنادا إلى مبادئ الأخلاق المسيحية المستمدة من الكتاب المقدس حيث ابرم 16/09/1815.
ج-حركة القوميات: يعني هذا المبدأ الذي انتشر في القرن 19 أن يتم بناء الدولة على إستراتيجية قومية بمعنى أن يكون لكل أمة الحق في تقرير مصيرها.
الفرع الخامس: القانون الدولي العام بعد الحرب العالمية الأولى:
ظهور عصبة الأمم وإعطاء الحق لها في النظر في المنازعات الدولية أخذت عصبة الأمم تعمل لتدعيم السلم عن طريق تخفيف التسلح في جميع الدول وإلزامها بالرجوع إلى الوسائل السلمية لتسوية منازعاتها أنشأت هيئة قضائية دولية للفصل في المنازعات ذات الصبغة القضائية الدولية هي المحكمة الدائمة للعدالة الدولة.
لقد عجزت عصبة الأمم وقف الحروب ومنع اعتداء الدول على بعضها البعض مما أدى إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية وكانت حرب شاملة احتوت بنارها معظم دول العالم.
اجتمعت الدول من جديد في أفريل سنة 1945 في مؤتمر عالمي بمدينة سان فرانسيسكو بـ و. م. أ ضم جميع الدول المنتصرة وحليفاتها وكانت ثمرته إنشاء منظمة الأمم المتحدة وميثاقها التي يتضمن نظام دولي جديد لسيادة السلم وتحقيق السلم والأمن الدوليين.
أنشأت محكمة العدل الدولية وهي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة وقد أنشئت بموجب ميثاق الأمم المتحدة لتحقيق أحد الأهداف الرئيسية للمنظمة وهو التنازع بالوسائل السلمية وفقا لمبادئ العدل والقانون الدولي لحل المنازعات الدولية.
كما تصطلح هذه المحكمة في تسوية النزاعات القانونية التي تعرضها عليها الدول وفقا للقانون الدولي وإصدار الفتاوى في شأن المسائل القانونية التي تحيلها إليها أجهزة ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة.
ملاحظة : نلاحظ من خلال تطور القانون الدولي أن هناك اتساع موضوعي للعلاقات الدولية فهي لم تعد تتمثل في المجاملات السياسية وإنما امتدت لتشمل مجالات أخرى مثل :حماية الأجانب ،حقوق الإنسان و مجالات اقتصادية مثل :نشاط الشركات المتعددة الجنسيات والواجبات الاقتصادية.
خلاصة: إن القانون الدولي الكلاسيكي قانون الدول فقط بل أكثر من ذلك كان قانون الدول المتمدنة غير أن القانون الدولي عرف تطورا هاما حيث أصبح له أهداف أكثر شمولية فتولى تنظيم العلاقات بين الأشخاص المجتمع الدولي اشتمل إلى جانب الدول ،المنظمات الدولية الحكومية عالمية كانت أو إقليمية وفي حركات التحرر تماشيا وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
كما أن المجتمع الدولي طلب في السنين الأخيرة الاهتمام بالفرد ومن ثم تطبيق قواعد القانون الدولي عليه وذلك في حالات استثنائية خاصة حيث أصبحت قواعد القانون الدولي تخاطب الفرد مباشرة سواء بمنحه ضمانات كحقوق الإنسان أو ترتيب واجبات على عاتقه.
إذن القانون الدولي العام يشمل على المواضيع التالية :
• العلاقات بين الدول ببعضها البعض.
• العلاقات بين الدول و المنظمات الدولية الحكومية.
• العلاقات بين المنظمات الدولية عالمية أو إقليمية ببعضها البعض.
• العلاقات بين المنظمات لدولية والفرد كموضوع للقانون الدولي العام.
المطلب الثاني: تدوين قواعد القانون الدولي العام.
تعتبر قواعد القانون الدولي العام بالأساس ذات أصل عرفي ظهرت وتبلورت في مجتمع دولي ضيق انحصرت في الدول الأوربية المسيحية ونظرا للمتغيرات السريعة التي شهدتها الساحة الدولية خاصة مع نهاية القرن 19 ومطلع القرن 20 فقد ساد اعتقاد لدى الدول وكذا لدى المختصين في مجال القانون الدولي على ضرورة تدوين قواعد القانون الدولي العام.
تدوين قواعد القانون الدولي العام: قد يكون كاشفا وقد يكون منشئا:
أ- التدوين الكاشف: جمع القواعد السارية والمعمول بها وصياغتها بشكل قانوني في مواد وتبويبات متتابعة فيما بينها.
ب-التدوين المنشئ: الذي يشبه إلى حد ما التشريع الجديد الذي يتم باتفاق الدول عليه بواسطة المعاهدات فنقصد به وضع قواعد قانونية جديدة أو تعديل أو إلغاء أو تجديد قواعد أخرى أو إكمال النقائص التي قد تعتري هذه الأخيرة تتفق عليها الدول وتقبلها وترتضي بها لتنظيم العلاقات فيما بينها.
كما قد يأتي التدوين من المجهود والعمل الفكري الذي يقوم به الفقهاء والمختصون في مجال القانون الدولي العام وذلك دون أن تكلفهم جهة معينة للقيام بهذه المهمة وبالرغم من أهميته غير أنه غير ملزم للدول إلا إذا اعتمدت ووافقت عليه.
كما يكون التدوين نابعا عن جهة رسمية أوكلت لها الدول أو المنظمات الدولية مهمة جميع القواعد العرفية المبعثرة والعمل على كتابتها وصياغتها في شكل قانوني لعرضها على الدول في شكل معاهدة لتتفاوض بشأنها وتناقشها لتقوم في نهاية المطاف باعتمادها هذا النوع من التدوين الرسمي المنشئ هو المعتمد منذ مطلع القرن 19 وإلى يومنا هذا ، حيث عقدت العديد من المؤتمرات الدولية توجت بإبرام معاهدات دولية مفتوحة تم فيها جمع قواعد القانون الدولي العرفية التي تنظم موضوع الاتفاق كما أرست تلك المعاهدات قواعد جديدة لتنظيم العلاقات فيما بين الدول .
ولعل من أهم المؤتمرات الدولية التي توجت بإبرام معاهدات نذكر منها على سبيل المثال مؤتمر فينا لعام 1815 الذي تم على إثره تبني الاتفاقية المتعلقة بالملاحة في الأنهار الدولية مؤتمر باريس لعام 1865 الذي تم على إثره تدوين قواعد البحرية والحياد البحري.
وعملت منظمتا عصبة الأمم والأمم المتحدة على الاستمرار في المجهودات السابقة المتعلقة بتدوين قواعد القانون الدولي العام، فلينسبه لمنظمة الأمم المتحدة التي نص ميثاقها بشكل صريح في مادته 13 على تشجيع التقدم بالقانون الدولي العام وتدوينه فقد قامت عام 1949 بتشكيل لجنة متخصصة سميت بلجنة القانون الدولي أوكلت لها مهمة تدوين القواعد الموجودة وكذا وضع قواعد جديدة مع السماح لها بالحرية في اختيار المواضيع التي ترى بأنها تحضى من وجهة نظر تلك اللجنة بأولوية في تدوين قواعدها.
ولقد توصلت إلى حد الآن إلى تدوين العديد من قواعد القانون الدولي العام ووضعها في شكل اتفاقيات ثم اقتراحات على الدول لمناقشتها والتفاوض بشأنها في مؤتمرات دولية دعت إليها منظمة الأمم المتحدة.
المطلب الثالث: فروع القانون الدولي العام.
انحصرت وظيفة القانون الدولي العام عند نشأته في تقديم العلاقات السابقة والقانونية فيما بين الدول في وقت السلم ووقت الحرب.
وهذا ما جعل فقهاء القانون الدولي آنذاك يقسمونه إلى فرعين رئيسيين وهما فرع قانون السلم وفرع قانون الحرب.
ومع تطور الزمن ازدادت العلاقات الدولية في جميع المجالات تشعبا وتنوعا خاصة منذ سنة 1945 المتزامن مع نهاية الحرب العالمية الثانية وظهور منظمة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية الحكومية الأخرى ذات الطابع الدولي الإقليمي هذا التطور أدى إلى ظهور فروع أخرى للقانون الدولي العام نذكر منها على سبيل المثال.
1-القانون الدولي الاقتصادي : ظهر هذا الفرع من القانون الدولي في أعقاب الحرب العالمية الأولى ليهتم بتنظيم العلاقات الاقتصادية الدولية ، وقد ازدادت أهمية هذا الفرع بعد الحرب العالمية الثانية حيث أنه وبالنظر لوجود علاقة تبادلية بين مختلف الدول مما يعني بأنه لا يمكن لأي منها الاستغناء عن الأخرى فقد كانت هناك ضرورة ملحة لدى كل الدول من أجل تكثيف العلاقات الاقتصادية فيما بينها وتنظيمها الشيء الذي من شأنه أن يساعدها على تنميتها وتجنيبها ويلات الأزمات الاقتصادية العالمية ولهذا الغرض لجأت تلك الدول إلى إبرام معاهدات دولية على الصعيدين العالمي والإقليمي ولعل من أبرزها هي تلك التي تمخضت بروتن وودن سنة 1944 التي تم بموجبها إنشاء منظمتي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير تتبعها سنة 1948 منظمة gatt والتي تسمى الآن بمنظمة التجارة العالمية بعد منتصف التسعينات من القرن 20 أما على الصعيد الإقليمي فقد ظهرت هناك العديد من المنظمات الدولية الحكومية المتخصصة في المجال الاقتصادي من أبرزها منظمة السوق الأوربية المشتركة والتي ظهرت بموجب اتفاقية روما التي أبرمتها بعض الدول الأوربية الغربية في سنة 1958 لم يعد تكثيف العلاقات الاقتصادية على المستوى الدولي لم يعد حكرا على الدول بل هناك جهات أخرى تتمثل في الأشخاص الاعتبارية كالشركات المتعددة الجنسيات التي باتت تلعب دورا بارزا في المجال الاقتصادي .
2-القانون الدولي للتنمية : من الأسباب البارزة التي أدت إلى ظهور هذا الفرع هو اختلاف التوازن في المجال الاقتصادي وعلى جميع المستويات بين دول الشمال ودول الجنوب ومن أجل التخفيف من حدة التوازن ارتأت منظمة الأمم المتحدة خاصة مع مطلع التسعينات من القرن الماضي الأخذ بيد بلدان العالم الثالث ومساعدتها للتعجيل بتنميتها ولهذا الغرض اعتمدت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة العديد من اللوائح والإعلانات كرست من خلالها حق هذه البلدان في التنمية وحقها في ممارسة سيادتها الدائمة على ثرواتها.
الفرع الثالث: القانون الدولي الإنساني:
يتبنى هذا الفرع بحماية حقوق الإنسان وكفالته في الحروب والنزاعات المسلحة سواء كانت دولية أو داخلية ولهذا الغرض اعتمدت منظمة الأمم المتحدة عدة اتفاقات بهذا الشأن أبرزها اتفاقية جونيف 1949 الخاصة بحماية ضحايا النزاعات المسلحة ( الأسرى ، المدنين الشيوخ النساء ، الأطفال ) وإضافة بروتوكوليين إضافيين لتلك الاتفاقية سنة 1977.
الفرع الرابع: القانون الدولي لحقوق الإنسان: يعتني بحماية حقوق الإنسان بجميع أشكالها وأنواعها من تعسف السلطة والظلم ويسعى إلى تكريس كرامة الإنسان وصيانة حقوقه المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، لهذا الغرض تبنت منظمة الأمم المتحدة العديد من اللوائح والإعلانات والاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان من أبرزها العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، العهد الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المعتمدان في 16/12/1966.
وهناك اتفاقيات أخرى ينصب موضوعها في مجال حماية حقوق الإنسان.
الفرع الخامس : القانون الدولي للبيئة : إذا كان التطور التكنولوجي والصناعي قد سهل الحياة على الإنسان ويسرها له فقد كانت له بالمقابل انعكاسات سلبية على البيئة ومن ثمة على حياة الإنسان تميزت بالأسس في انتشار ظاهرة التلوث وتوسع رقعتها ولم يقتصر هذا على إقليم دولة ما بل تجاوزه إلى أقاليم أخرى عديدة بل من قارة إلى أخرى الأمر الذي دفع بالدول سواء على المستوى العالمي أو الإقليمي بعقد اتفاقات لجعل حد لظاهرة التلوث البيئي.
الفرع السادس: القانون الدولي للمنظمات الدولية أو قانون التنظيم الدولي: يعني بالقواعد التي تحكم إنشاء المنظمات الدولية الحكومية عالمية أو إقليمية وتحدد صلاحياتها واختصاصاتها وأهدافها وطبيعة العلاقات التي تربطها بالدول الأطراف فيها وكذا بالمنظمات الأخرى.
المبحث الثاني: غاية القانون الدولي العام، وعلاقته بالقوانين الأخرى.
المطلب الأول: غاية القانون الدولي العام.
تنحصر غاية القانون الدولي العام في السعي الدائم لنشر السلام بين البشر وإقناعهم بضرورة التضامن ولبلوغ هذه الغاية يسعى إلى تحقيق الأغراض التالية:
1-تحديد اختصاصات كل دولة والحيلولة دون اندفاعها في مغامرات عدوانية.
2-تحديد الواجبات والالتزامات الإيجابية والسلمية التي تترتب على كل دولة بصفتها عضو في هيئة دولية.
3-تنظيم اختصاصات الهيئات والمنظمات الدولية وجعل هذه المؤسسات برلمانا عالميا تلتقي فيه دول مثل o.n.u.
4-حماية الحقوق الأساسية للأفراد في أي بلد كانوا.
المطلب الثاني: علاقة القانون الدولي العام بغيره من القوانين والمبادئ.
الفرع الأول: القانون الدولي العام والقانون الدولي الخاص.
بالرغم من وجود صفة مشتركة بين القانونين ( الدولية) غير أنه من حيث الموضوع الذي يعالجانه و المكان الذي يطبقان فيه
أولا: القانون الدولي الخاص: يهتم بتنظيم العلاقات بين المواطنين في دولة معينة إذا كان هناك عنصر أجنبي من حيث الجنسية أو من حيث محل الإقامة أو موضع أملاكه أو بالمكان الذي تعاقد فيه ، ما هو القانون الواجب التطبيق في هذه الحالات؟.
مثال : جزائري تزوج بفرنسية ثم حدث بينهما الطلاق ما هو القانون الواجب التطبيق حتى يتحصل كل منهما على حقوقهم القانون الجزائري أم القانون الفرنسي؟.
القانون الدولي الخاص هو أكثر صلة بالتشريعات الداخلية ولذى هناك فئة كبيرة من الفقه إعتبروه فرعا من فروع القانون الخاص الداخلي.
الفرع الثاني: التمييز بين القانون الدولي والقانون الداخلي الوطني من حيث التنظيم.
يعتبر القانون الداخلي قانون متطور والقانون الدولي قانون بدائي وهذا بالمقارنة مع القانون الوطني من عدة جوانب.
• بدائي من حيث أن العقوبة التي تسلط على الدول المسؤولة دوليا على ارتكابها بشكل مباشر أو غير مباشر بفعل غير مشروع من وجهة نظر القانون الدولي وأضر بدولة أخرى فتسلط تلك العقوبات أيضا وإن كان بشكل غير مباشر على كل أفراد الدولة المنسوب إليها الفعل غير المشروع.
• القانون الدولي بدائي أيضا من حيث افتقاد المجموعة الدولية لسلطة مركزية توكل إليها مهمة سن وتنفيذ القانون.
• القانون الدولي بدائي من حيث عدم الاكتمال التنفيذي أي انه وإن كان يعرف نوعا من العقوبات ذات الطبيعة الاقتصادية والدبلوماسية والمعنوية غير انه يجهل تماما تلك العقوبات المادية المعروفة في القانون الداخلي أي تلك العقوبات التي تأمر بها سلطة عليا ، فالدولة هي التي تقوم بمهمة اللجوء إلى الحرب أو الأخذ بالثأر.
• إن القانون الداخلي واحد يطبق مبدئيا على كل أفراد الدولة في حين أن القانون الدولي يتضمن فرعين متمايزين هما:
• القانون الدولي العام ويطبق على كل أعضاء المجتمع الدولي.
• القانون الدولي المحلي يطبق على مجموعة الدول و ذلك افتقار المنظمة الإقليمية.
• قواعد القانون الداخلي العام يتميز بالنسبية إن الالتزامات القانونية فيه لا توجد إلا بين دول معينة التي ارتضت بها بمحض إرادتها وعبرت عن قبولها لها فالدول التي لم تعبر عن ذلك فهي غير معينة.
• القانون الداخلي يهدف إلى حماية النظام العام بينما القانون الدولي قانون أناني إن القانون الدولي لا يمنع الدول من متابعة مصلحتها الخاصة ولو على حساب مصالح الدول الأخرى فبإمكان دولة من الدول أن تنتهج سياسة التصدير وإغراق الأسواق الخارجية ببضاعتها وأن منع الهجرة منها وإليها أو تعتمد على سياسة التسليح ولا يهمها وأن تؤدي تلك السياسة الإضرار بدول أخرى.
• إن القانون الدولي قانون أناني يحمي المصالح الأنانية للدول الأكثر تقدما وقوة على حساب المصلحة العامة للمجموعة الدولية.
الفرع الثالث: العلاقة بين القانون الدولي العام والقانون الداخلي الوطني.
يجب التركيز في هذا الشأن على نظريتين هامتين بشأن العلاقة الموجودة بين القانون الدولي العام والقانون الداخلي الوطني وهما:
نظرية وحدة القانون : ويتزعم هذه النظرية الفقيه كلسن وفردوس verdros.
وقد أجمع أصحاب هذا المذهب على فكرة أن كلا من القانون الدولي والقانون الداخلي هما قانون واحد وذلك لكونهما نابعان من سلطة الدولة وقد ذهب بعض أنصار هذا المذهب إلى اعتبار القانون الدولي الجزء الأسمى من قانون الدولة ، ويعلو على القانون الداخلي بحيث إذا تعارضت قواعد التشريع الداخلي مع قاعدة دولية كان على القاضي أن يطبق هذه الأخيرة.
النقـد: يعاب على هذا المذهب إفراطه في تفضيل قواعد القانون الدولي على القانون الداخلي كلا القانونين يختلفان سواء من حيث المصدر أو من حيث نوع العلاقات التي ينظمها كلا منهما.
ب-مذهب ازدواجية القواعد القانونية : يتزعم كل من أنتربلوني –وترتال حيث يرى هذا المذهب أن النظامين القانونين منفصلين ، حيث أن القانون الدولي مصدره يتمثل في الاتفاق بين الدول في حين القانون الداخلي مصدره الإرادة المنفردة للدولة ، إن القانون الداخلي للدولة ينضم العلاقات بين الأفراد أما في القانون الدولي العام فله مواضيع خاصة به كما سبق وأن أشرنا إلى هذا.
أما بالنسبة لنطاق تطبيق القانون الداخلي فمجاله هو الأفراد داخل الدول باستثناء الممثلين الدبلوماسيين والقنصلين أن نطاق تطبيق القانون الدولي العام فهي أشخاص القانون الدولي.
المبحث الثالث: أساس الإلزام في القانون الدولي العام:
إن البحث في أساس الإلزام في القانون الدولي العام يدفعنا إلى دراسة مذهبين رئيسيين.
المذهب الوضعي الإرادي: ومذهب يرى أساس الإلزام في عوامل خارجية ومستقلة عن إرادة الدول وسمي بالمذهب الموضوعي.
المطلب الأول: المذهب الوضعي الإرادي: يرى الفيلسوف الألماني هيغل أن القانون الدولي العام هو وليد الاتفاقات والمعاهدات التي تعقدها الدول بإراداتها وفقا لمصالحها وهي نفس الفكرة التي جاء بها جون جاك روسو باعتبار أن القانون ما هو إلا تعبير عن رغبة العامة للجامعة وكما يهدف هذا بالنسبة للقواعد التي تحكم علاقات أفراد الجماعة واحدة(الدولة)، أيضا على القواعد التي تنظم علاقات الجماعة المختلفة فيها.
لقد اتجه الفقهاء في تطبيق هذه الفكرة إلى 3 اتجاهات.:
الفرع الأول: نظرية الإرادة المنفردة: مفادها أن القانون الدولي العام تنعدم فيه وجود سلطة عليا فوق الدولة يمكن أن تفرضه عليها ولذا يستمد صفة الإلزامية من إرادة كل دولة منفردة فالدولة وهي صاحبة السلطات في كل تصرفاتها لا تقيد إرادتها سلطة خارجية عنها ، وإنما تستطيع هي أن تقيد إرادتها بنفسها اجتنابا إلى سلطاتها إذ هذه الدول تتقيد بمحضي إراداتها وحدها في هذه القواعد.
النقد: معنى هذا أن الدولة تستطيع متى أرادت أن تتحلل وتعلن عزمها عن عدم الخضوع لتلك القواعد.
الفرع الثاني: نظرية الإرادة المشتركة: يستمد القانون الدولي وصفة الإلزامية من اجتماع الإرادات الخاصة لكل الدول أو لعدد منها في إرادة جماعة عامة .
النقد: ما الذي يمنع هذه الدول من أن تعلن عن عدم تقيدها بتلك الالتزامات متى أرادت؟ وما الذي يفرض على الدول التي ساهمت في تكوين الإرادة الجماعية احترام هذه الإرادة؟
الفرع الثالث: نظرية العقد شريعة المتعاقدين.
إن مبدأ العقد شريعة المتعاقدين هو الذي يفرض على الدول احترام الاتفاقات التي عقدتها بإرادتها ويصبغ على الإرادة الخاصة صفة الإلزامية ومن أنصار هذه النظرية الفقيه النمساوي كلسن حيث يرى أن لكل نظام قانوني قاعدة أساسية تنظم أحكامه وتكون لهذه الأحكام القوة الإلزامية فالنظام القانوني له قواعد متسلسلة متصاعدة بشكل هرم معكوس وقاعدته الأساسية التي تستمد منها بقية القواعد قوتها الإلزامية هي مبدأ العقد شريعة المتعاقدين .
النقد: هذه النظرية لم تتناول سوى العقود والاتفاقات فإذا أخذناها الأساس الوحيد للقانون الدولي العام نكون قد تجاهلنا مصدرا مهما من مصادر القانون الدولي وهي القواعد العرفية.
المطلب الثاني: المذهب الموضوعي.
من أشهر العوامل التي تستمد منها قواعد القانون الدولي العام قوتها الإلزامية حسب هذا المذهب نجد.
الفرع الأول: النظرية التي تعتبر القانون الدولي العام مبنيا على القوة.
يرى الفيلسوف الهولندي سبينوزا أنه يحق للدولة أن تفعل كل ما تستطيع أن تفعله وليس للاتفاقات والمعاهدات التي تبرمها أية قيمة إذا كانت متعارضة ومصالحها وقد اعتبر لاسون أن الدولة سلطة مطلقة لا تخضع لأوامر سلطة أعلى منها وهي تسيير وفقا لمصالحها الخاصة فإذا ما تعارضت مصالح الدولتين فلا سبيل إلى حل النزاع بينهما إلا بالحرب.
قد تلجأ الدول إلى عقد اتفاقات بغية تنسيق مصالحها غير أن هذه الاتفاقات لا تعتبر قانونية.
النقد: لقد عالجت هذه النظرية حقيقة المجتمع الدولي الواقعي المبني على هيمنة الدول الكبرى على الدول الصغرى وهذا باستخدام القوة السياسية كانت أو اقتصادية أو باستعمال الأسلحة لكن مهما كان فالقوة دائما تؤدي إلى الفوضى والتناحر.
الفرع الثاني: في النظرية القائمة على فكرة المصلحة.
مفادها أن المصلحة هي أساس قيام العلاقات بين الدول وهي مصدر التزام الدول بالقواعد التي تنظم هذه العلاقات.
النقد : إن نظرية المصلحة لا تصلح أن تكون في الواقع أساس للقانون الدولي العام ، فما تقره السياسة تحت تأثير المصلحة قد يتعارض مع مبادئ القانون كما أن المصلحة تتغير وتختلف تبعا للظروف والأهواء.
الفرع الثالث: في نظرية تدرج القواعد القانونية.
لكل نظام قانوني قاعدة أساسية تنظم أحكامه وتستمد منها هذه الأحكام قواتها الإلزامية فالقواعد القانونية لا يمكن تغيرها إلا باستنادها لقواعد قانونية أخرى تعلوها وهذه إلى قواعد ثالثة أعلى منها ، وهكذا حتى نصل إلى قاعدة أساسية تسود جميع القواعد الأخرى وتكسبها قوتها وهذه القاعدة هي قاعدة قدسية الاتفاق والوفاء بالعهد.إذا هي أساس الالتزام بقواعد القانون الدولي العام.
النقد: تقوم هذه النظرية على مجرد الافتراض وليس هناك في دائرة المبادئ القانونية الثابتة ما يؤد صحة هذا الافتراض.
الفرع الرابع: في النظرية التي تجعل من التضامن الاجتماعي أساس القانون الدولي العام:
نادى به الفقيه الفرنسي دوغي يرفض هذا الفقيه فكرة سيادة الدولة ويصف الدولة بأنها عامل اجتماعي نشأ نتيجة للتضامن الاجتماعي ، والقانون في المجتمع يستند إلى واقع التضامن المبني على العلاقات المتبادلة بين البشر ومن هذا الواقع تنشأ قواعد اجتماعية لا تلبث أن تتحول إلى قواعد تنشأ قواعد قانونية ، وكما أن التضامن الاجتماعي ينسق العلاقات بين أفراد المجتمع الواحد فإنه يمتد إلى خارج هذا المجتمع ينشط العلاقات بين الدول وينشأ القانون الدولي العام.
النقد : نظرية التضامن الاجتماعي قائمة على العدالة والاحترام المتبادل غير أن فكرة التضامن والتعاون تبقى فكرة خيالية إذا لم تخضع ولم تنضم بقواعد قانونية واضحة.
خلاصة: كل ما يمكن أن يلاحظ على هذه النظريات في أساس القوة الإلزامية في قواعد القانون الدولي العام، هو أنها قدمت حججا وفق تصورها الخاص غير أنه يتضح لنا بأن نظرية الإرادة تعتبر لدى غالبية الفقهاء هي الأقرب إلى الصواب ، بحيث أن الأساس الحالي للقانون الدولي العام إنما يتمثل في رضا الدول عامة بالخضوع لأحكامه ، وما يؤكد ذلك نجده في حكم المحكمة الدائمة للعدل الدولية في قضية لوتوس سنة 1927 حيث نصت إحدى قراراتها على أن : " القانون الدولي ينظم العلاقات بين الدول المستقلة وأن قواعد القانون التي تربط الدول أساسها إرادة هذه الدول تلك الإرادة الحرة المنبثقة في الاتفاقات الدولية أو في العرف المتفق عليه الذي يقرر مبادئ قانونية الغرض منها حكم علاقات الجماعات المستقلة المعاشة بقصد التوصل إلى تحقيق أهداف مشتركة" .غير أن هذا الأساس لا يعتبر أساسا أو قاعدة للقوة الإلزامية لقواعد القانون الدولي العام الذي يجعل الدول برضاه يمكن أن لا تتفق أو تتحمل الالتزامات بمحض إرادتها ولذا يجب إيجاد جهاز قانوني دولي يعاقب الدول حينما لا تلتزم بالالتزامات الدولية.
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma