وسائل اثبات الحق
إذا رفع المدعي دعواه فإن القاضي، بعد أن يطلب منه أن يبين دعواه، يسأل المدعى عليه المدعي، فإن أقر بما يثبت بإقراره الحق، الذي يدعيه المدعي صدر الحكم به .وإذا أنكر المدعى عليه ما يدعيه المدعي طلب القاضي من المدعي أن يقدم بينته التي يثبت بها ما يدعيه كالشهود العدول مثلا فإن قدم البينة ثبتت الدعوى وصدر الحكم بها وإن عجز المدعي عن تقديم البينة عرض عليه القاضي حق تحليف خصمه اليمين فإن طلب تحليفه وحلف المدعى عليه رد القاضي الدعوى ، وإن نكل المدعى عليه عن اليمين على المدعى حكم به للمدعى وحلفه كما سنبينه إن شاء الله تعالى .
إذا فوسيلة إثبات الحق الذي يدعيه المدعي قد تكون إقرار المدعى عليه أو بينة المدعي ( الشهود العدول ) أو نكول المدعى عليه عن حلف اليمين ، وهناك وسائل أخرى أو دلائل لإثبات الحق المدعى به تفاصيلها في كتب الفقه والقضاء وسنتناول كل واحدة من هذه الوسائل بشيء من الإيجاز .
أولا : الإقـرار :
وهو الاعتراف بثبوت حق للغير على نفس المقر ولو في المستقبل . ولا بد أن يكون الإقرار بلفظ دال على ثبوت الحق للغير على نفس المقر نحو أن يقول : لفلان عندي ألف دينار . ويقوم مقام اللفظ إشارة الأخرس المفهومة كما تقوم الكتابة أيضا مقام اللفظ .
ومع أن الإقرار سيد الأدلة كما يقولون، وحجيته ثابتة بالكتاب والسنة ، إلا أنه يعتبر حجة قاصرة على المقر لا يتعداه إلى غيره ، فيؤاخذ به المقر وحده دون سواه لأن المقر لا ولاية له إلا على نفسه . ويشترط في المقر أن يكون بالغا عاقلا مختاراً غير سكران . كما يشترط في المقر به ألا يكون مما لا يمكن عقلا ولا شرعا ، كأن يقر بأنه ابن فلان وهو أكبر منه سنا أو يقر الابن بالتسوية بينه وبين أخته في الميراث ،فالأول محال عقلا ، والثاني مخالف لأصول الشرع في الميراث أما المقر له فيشترط فيه أن يكون ممن يثبت له الحق ، فإن لم يكن كذلك لم يصح الإقرار له كما لو أقر لبهيمة أو لدار بمبلغ من المال لم يصح إقراره وكان باطلا لأن البهيمة والدار لا تملك المال مطلقا إلا أن يكون شخصاً إعتباريا (معنوياً) كالوقف والشركة.كما يشترط أيضا إن كان المقر له أهلا للاستحقاق ألا يكذب المقر في إقراره . وإذا توفرت في الإقرار الشروط المطلوبة لزم المقر ما أقر به من مال أو قصاص ، ولا ينفعه الرجوع إلا إذا أقر بحد فله الرجوع عن إقراره كما لو أقر بالزنا والسرقة ولكنه يلزمه رد المال المسروق .
ثانيا : الشهـادة
وهي إخبار صادق في مجلس الحكم بلفظ الشهادة لإثبات حق على الغير وتسمى البينة لأنها تبين ما في النفس وتكشف الحق فيما اختلف فيه . ويشترط في قبول الشهادة :
1) أن يكون الشاهد بالغا عاقلا مسلما عدلا غير متهم في شهادته لعداوة أو قرابة وأن يكون عالما بما يشهد به .
2) تقدم الدعوى بالحق المشهود به - إلا في شهادة الحسبة- حتى لا يكون الشاهد مدعيا وشاهداً في الوقت نفسه، وذلك في حقوق الله تعالى كحد الزنا والشرب والسرقة وقطع الطريق.
3) طلب المدعى أداء الشهادة من الشاهد فلا تكون الشهادة إلا بطلب من المدعي .
4) إذن القاضي للشاهد بأداء شهادته .
5) نطق الشاهد بكلمة (أشهد ) في مستهل شهادته ولا يقوم غيرها مقامها كقوله ( أعلم ) أو ( أتحقق ) .
6) أن يقتصر الشاهد في شهادته على ما ادعاه المدعي .
7) أن يؤدي الشاهد ما تحمله من الشهادة مصرحا به بلفظه ،فلا يقبل من الشاهد أن يقول : أشهد بمثل ما شهد به هذا الشاهد ، بل لا بد من تصريحه هو بما تحمله وقت أدائه الشهادة .
أن ينقل الشاهد ما سمعه أو رآه من وقائع إلى القاضي ،لا أن يشهد بما يستنتجه هو مما رآه. لأن تكييف الوقائع وما يستنتج منها وما يترتب عليها من آثار وأحكام كل ذلك متروك لتقدير القاضي واجتهاده .
9) إذا ارتاب القاضي في الشهود فله أن يفرقهم ويسأل كل واحد عن شهادته على حده فإن اختلفوا سقطت شهادتهم ، وإن اتفقوا حكم بها القاضي إن عرف عدالتهم .
10) أن يبلغ عدد الشهود النصاب المحدد حسب ما يشهدون عليه ففي الشهادة على الزنا : لا يقبل أقل من أربعة رجال عدول مسلمين .
وفي بقية الحدود وهي القذف والسرقة والحرابة وشرب الخمر والردة وكذلك القصاص فإن نصاب الشهادة المقبول هو شهادة رجلين عدلين . وفي النكاح والطلاق والرجعة والإيلاء ونحو ذلك يشترط شهادة رجلين ذكرين أو شهادة رجل وامرأتين .
وفي الأموال وحقوقها كالقروض والإتلاف والديات والبيوع ونحوها نصاب الشهادة هو رجلان أو رجل وامرأتان باتفاق .
وفي الولادة والرضاع وعيوب النساء تحت الثياب تقبل شهادة النساء وحدهن دون أن يكون معهن رجل
ثالثثا : علم القاضي :
كما لو سمع القاضي شخصا يطلق امرأته ، ثم ترافعا إليه ، فهل يجوز له أن يحكم بما علمه من حالتهما قبل الترافع . إن القاضي لا يقضي بعلمه لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إنكم تختصمون إلى، ولعل بعضكم الحف بحجته من بعض ، فمن قضيت له بحق أخيه شيئا بقوله فإنما أقطع له قطعة من النار فلا يأخذها ).
ففي هذا الحديث دلالة واضحة على أن القاضي إنما يقضي بالأدلة المسموحة كالإقرار والشهود ولا يقضي بما يعلمه هو في ضميره إذا لم نقم عليه بينة ظاهرة .
رابعا :القرائن :
أخذ الفقهاء بالقرائن واعتبروها وسيلة من وسائل الإثبات وطريقا من طرق الحكم ، فمنهم من صرح بالأخذ بها والتعويل عليها ومنهم من رتب عليها أحكاما فقهية دون أن يصرح باعتبارها. ومن ذلك ما ذهب إليه المالكية من إقامة حد الزنا على امرأة ظهر حملها ولا زوج لها،وإقامة حد الخمر على من تقيأها .
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma