الدولة وعناصرها :
الدولة باعتبارها ظاهرة تمثل مرحلة تاريخية من مراحل حياة الإنسان ، حياة اجتماعية لا تزال تحظى باهتمام علم التاريخ والاجتماع والسياسة والقانون . والدولة بوصفها شخص القانون الدولي الرئيس في الماضي والحاضر ، انصب اهتمام القانون الدولي العام عليها ولا يزال . وعلى هذا الأساس سننطلق في دراستنا للدولة من زاوية محددة لا تتعدى نطاق أحكام القانون الدولي وقواعده ، متجنبين تناول هذا الموضوع من وجهة نظر الدراسات الدستورية المنصبّة اساساً على البحث في تكوين السلطة السياسية ووظائفها في المجتمع وتبيان العلاقة بينها وبين الأفراد . وعليه فان الذي يهمنا من دراسة الدولة في ضوء أحكام القانون الدولي وقواعده هو تحديد معناها وبيان عناصرها وأشكالها وموضوع الاعتراف بها . ويمكن تعريف الدولة بأنها ( مجموعة من الأفراد يقيمون–على سبيل الاستقرار – في إقليم محدد ، ويخضعون لسلطة حاكمة ، لها السيادة على الإقليم وعلى أفراد المجتمع ) .
يستخلص من هذا التعريف انه يشترط توافر ثلاثة عناصر أساسية للقول بوجود الدولة هي : الشعب والإقليم والسلطة أي الحكومة ، فإذا فُقد عنصر من هذه العناصر فانه لا يمكن القول بوجود الدولة من وجهة نظر القانون الدولي .
الشعب :
الشعب هو مجموع من الأفراد من الجنسين – حتى يتحقق له استمرار البقاء – الذين يعيشون في إقليم الدولة ويرتبط بها برابطة سياسية وقانونية . فوجود الشعب عنصر ملازم لقيام الدولة مع ما يستتبع ذلك من اختصاصات في إطار السيادة الإقليمية . فليس من المتصور الحديث عن دولة بدون توافر عنصر الشعب ، وليس من المنطق في شيء قيام دولة في إقليم مهجور .
الإقليم :
ينصرف اصطلاح إقليم الدولة إلى ذلك الجزء من الكرة الأرضية الذي تمارس الدولة عليه سيادتها ويقطن فيه سكانها ويسوده سلطانها . وهو يتكون من الأرض واليابسة وما يعلوها من الفضاء وما يحيطها من الماء . والعنصر الأصلي فيه هو القطاع اليابس ، إذ لا يوجد ولم يوجد من قبل إقليم بالمعنى المفهوم في القانون الدولي يتكون من عنصر الفضاء وحده أو من عنصر الماء . والإقليم أساسي في قيام الدولة ، ذلك إن مجموع الأفراد المكونين لعنصر الشعب لا يمكن أن يكون له كيان مستقل ما لم يقيموا في إقليم معين . فضلاً عن انه شرط جوهري لاكتساب الدولة الشخصية القانونية ، ذلك لان هذه الشخصية تقتضي وجود القدرة على التصرف في نطاق إقليم معين يقيم فيه الشعب بصورة دائمة ، وفي ضوء ذلك لا يتمتع بوصف الدولة القبائل الرحل التي لا تستقر في إقليم على الدوام .
اولاً – صفات الإقليم :
في مفهوم الدولة الحديث يجب توافر الصفات التالية في الإقليم :
1. رقعة من اليابسة ، ولا يشترط القانون الدولي في هذه الرقعة مساحة معينة ، فلا يوجد في القانون الدولي حد أدنى مطلوب توافره في هذا الشأن . فقد تكون هذه الرقعة كبيرة جداً كما هو الحال في إقليم الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية والصين ، وقد تكون رقعة الإقليم صغيرة جداً بحيث لا تتجاوز بضعة كيلو مترات كما هو الحال في إمارة موناكو وسان مارينو واندروه و البحرين . إلا انه من الناحية الواقعية فان اتساع رقعة اليابسة تمنح الدولة قوة وفعالية من مختلف النواحي لكن ضيق هذه الرقعة لا يؤثر في وجودها وتمتعها بالشخصية القانونية الدولية .
2. ليس شرطاً أن تكون رقعة الإقليم متصلة الأجزاء ، فقد يكون إقليم الدولة منفصلاً من بعض أجزائه عن بعض كما هو الحال في إندونيسيا والفلبين ، إذ يتكون الإقليم من مجموعة جزر متناثرة . كما انه قد يقع إقليم الدولة في قارات مختلفة كما هو الحال بالنسبة لتركيا .
3. الثبات ، بمعنى إن شعب الدولة يقيم فوق أرضها من اجل الحياة الدائمة المستقرة وينبني على ذلك أن القبائل الرحل الذين يستقرون على أراضي الدولة بصورة مؤقتة ثم ينزحون عنها ، لا يصدق عليهم وصف الدولة ، وذلك لعدم استقرارهم في إقليم معين على الدوام .
4. التحديد ، بمعنى أن يكون الإقليم محصوراً ضمن حدود واضحة المعالم ، ويتحدد ذلك بمدى سريان سيادة الدولة أو اختصاصها ، وعليه فلا عبرة للنظرية التي تبنتها روسيا السوفييتية في دستورها الأول في العام 1923م و أغفلها دستورها الصادر في العام 1936م والمعروفة بنظرية الإقليم المتموّج . ولا عبرة كذلك بالمذهب النازي الذي كان يتبنى نظرية المجال الحيوي التي كانت تنطلق من السماح للدولة بالتوسع في حدودها على حساب الدول المجاورة لإيجاد مجال حيوي يتناسب مع قوة شعب تلك الدول وحيويته ، للحصول على حاجاته الضرورية .
ثانياً- عناصر الإقليم :
يتكون الإقليم من عناصر ثلاث هي :
1. الإقليم البري ، وهو ذلك الجزء اليابس من الأرض الذي تضمه حدود الدولة وما ينطوي تحته أو يقوم عليه من معالم الطبيعة الجغرافية مثل الجبال والصحارى والبحيرات والقنوات والأنهار التي تقع بأكملها في إقليم الدولة تعد أجزاء من هذا الإقليم . والشرط اللازم لاعتبارها كذلك وقوعها بأكملها داخل حدود الدولة .
2. الإقليم البحري ، هو ذلك الجزء من إقليم الدولة الذي تغمره المياه ، وينقسم إلى قسمين ؛ مياه داخلية ، أي المساحات البحرية التي تضم الموانئ والمضايق وكل المياه الموجودة قبل الخط الأساسي للمياه الإقليمية وتباشر عليه الدولة جميع الحقوق المتفرعة عن سيادتها ، أما المياه الإقليمية فهي ؛ التي تباشر عليها الدولة سيادةً كاملة باستثناء قيد المرور البري للسفن الأجنبية .
3. الإقليم الجوي ، ويشمل طبقات الجوالتي تعلو إقليمي الدولة البري والبحري .
ثالثاً- تحديد نطاق الإقليم :
يتم تعيين إقليم الدولة عن طريق خطوط تسمى بالحدود . ويقصد بحدود الدولة الخطوط التي تحدد المدى الذي تستطيع الدولة ممارسة سيادتها فيه ، إذ تبدأ عندها سيادة الدولة صاحبة الإقليم وتنتهي سيادة غيرها ، وتنتهي وراءها سيادتها وتبدأ سيادة غيرها من الدول .
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma