المقدمـــــة
الفصل الأول :ماهية الإفلاس
المبحث الأول : لمحة تاريخية عن نظام الإفلاس
المطلب الأول : الإفلاس في القانون الروماني
المطلب الثاني : الإفلاس في القرون الوسطى
المطلب الثالث : الإفلاس في الشريعة الإسلامية
المطلب الرابع : الإفلاس في القانون المقارن
المبحث الثاني : مفهوم الإفلاس في القانون الجزائري
المطلب الأول : تعريفه وشروطه
المطلب الثاني : أنواعـــــه
المطلب الثالث : النظم الواقية من الإفلاس
الفصل الثاني :تنظيم الإفلاس في ظل التشريع الجزائري ومدى نجاعته
المبحث الأول : الحكم المعلن للإفلاس
المطلب الأول : طبيعته ومضمونه وطرق الطعن فيه
المطلب الثاني : إدارة وإقفال التفليسة
المطلب الثالث : آثــــار الإفلاس
المطلب الرابع : حلول التفليسة
المبحث الثاني : نجاعة نظام الإفلاس وبدائله في الأنظمة المقارنة
المطلب الأول : نجاعة نظام الإفلاس
المطلب الثاني : قوانين الإفلاس الأمريكية
المطلب الثالث : نظام المحافظة على المؤسسة التجارية في فرنسا
الخاتمـــــــة
الإفلاس هو وسيلة من وسائل التنفيذ على المدين وهذا النظام لا يطبق إلا على فئة خاصة من الناس وهي فئة التجار وبالنسبة لنوع معين من الديون هي الديون التجارية ، فعندما يثبت توقف التاجر عن دفع ديونه التجارية أو ثبت أنه يستعمل وسائل غير مشروعة لدعم الثقة المالية به ، يحق عندئذ لدائنيه اللجوء إلى التنفيذ
على أمواله وذلك بطلب شهر إفلاسه .
وكلمة الإفلاس في اللغة مأخوذة عن النص اللاتيني falleireوهي خيانة المدين لدائنيه الذين منحوه ثقتهم وفي اللغة العربية هي الإنتقال من حالة اليسر إلى حالة العسر، وتختلف الأسباب والعوامل المؤدية إلى تأخر التاجر عن الوفاء بديونه فقد يكون تأخره نتيجة أزمات إقتصادية أو نتيجة أخطاء ارتكبها في تجارته وقد تسوء نية التاجر المشرف على الإفلاس لدرجة أنه يتعمد الإضرار بدائنيه كأن يخفي دفاتره أو يبدد قسما من ماله ، أو يعترف مجاملة بديون غير متوجبة في ذمته سواء في دفاتره أو صكوكه إلا أننا في موضوعنا هذا نطرح نظام الإفلاس على بساط البحث أين تمت معالجته بشكل منطقي يتدرج من الأصول التاريخية للإفلاس حتى معالجة الواقع العملي الذي ينطلق بحسب الترتيب الزمني منذ شعور
التاجر باضطراب حالته المادية مرورا بتوقفه عن الدفع .
إلى أن يضحى وجها لوجه أمام مصيره المحتوم إلى إعلان إفلاسه الذي يتم عن طريق المحكمة التي تعين هيئة التفليسة إلى محاولة عقد الصلح إلى المراحل المختلفة لتنفيذ الإفلاس والإنتهاء منه مبرزين الأنظمة الأخرى البديلة للإفلاس في
القانون المقارن ، والسياسة المنتهجة للحفاظ على المؤسسة التجارية .
ونظرا لأهمية نظام الإفلاس وما له من خصوصية في الحياة الإقتصادية وآثار وخيمة سواء على التاجر أو تجارته ، كان لزاما علينا التركيز على هذا النظام في جوانبه العملية ومدى نجاحه في دعم الإئتمان التجاري في الأسواق ومنه نتطرق
لمناقشته مجيبين على الإشكاليات التي تبادرت إلى أذهاننا وهي كالآتي :
- ما هي المراحل التي مر بها نظام الإفلاس والتطورات اللاحقة به ؟
- ما مفهوم الإفلاس وما هي إجراءاته في ظل القانون الجزائري ؟
- هل هذا النظام لا يزال فعالا في الوقت الحاضر
- هل نجح هذا النظام في تحقيق الغاية التي من أجلها أقر منذ القدم وهي المساواة بين الدائنين والحفاظ على حقوقهم وهل يقتضي التفكير بتغييره فقط أو بتطويره بشكل يمنع على التاجر المشرف على الإفلاس تهريب أمواله أو إخفاء
وضعه المالي باتجاه دائنيه والعمل علي إنقاذ مؤسسته من الموت التجاري ؟
الفصل الأول
ماهيــــة الإفــلاس
المبحث الأول: لمحة تاريخية عن نظام الإفلاس
ظهرت فكرة الإفلاس منذ أقدم العصور ولم تغفلها قواعد القانون الروماني ثم تغير المقصود من هذه الفكرة مع مضي الزمن حتى صارت إلى ماهي عليه الآن، واختلف تنظيم الإفلاس في شتى التشريعات بحسب الاتجاهات المختلفة ومهما يكن في اختلاف التشريعات فمن المقرر أنها تتفق جميعا في الخطوط الرئيسية التي توضح معالم الإفلاس أهمها توقيع الحجز الشامل على أموال المفلس وحرمانه من التصرف فيها إضرارا بدائنيه وتصفية هذه الأموال تصفية جماعية بقصد قسمة المبالغ الناتجة عنها بين الدائنين قسمة غرماء.
المطلب الأول: الإفلاس في القانون الروماني
في الأصل نظم قانون الألواح الإثني عشر الروماني العلاقة بين المقرض والمقترض في عقد القرض بحيث يجوز للمقرض بعد مضي 30 يوم المطالبة بمبلغ القرض وأن يقبض على المدين إذا لم يوف بما عليه من دين، ويصبح المدين رقيق للدائن يحق له حبسه لحين استيفاء دينه أو تأخيره للحصول على أجرته، كما يكون له بيعه أو قتله إن لم يتيسر له ذلك، وإن تعدد الدائنون كان لهم إقتسام الثمن الناتج عن بيع المدين أو إقتسام أشلائه عند قتله، واسترقاق المدين كان الخطوة الأولى في سبيل الحصول على ما يكون لديه من مال. إذ متى أصبح المدين عبدا للدائن فالقاعدة أن العبد وما ملكت يداه ملكا لسيده، وبذلك يتمكن الدائنون من اقتسام أمواله بنسبة ديونهم، والظاهر من ذلك أن استيلاء الدائنين على شخص المدين كان ضروريا للوصول إلى ماله، ولذلك فكر الرومان في طريق آخر للوصول إلى مال المدين دون التنكيل به فاستعاضوا القبض على شخص المدين بعقد يبرم بين المدين ودائنيه يقرر لهم بمقتضاه التنازل عن أمواله في مقابل ما عليه من ديون لهم، فإذا امتنع المدين عن إجراء هذا التنازل كان لدائنيه طلب حبسه من أجل إكراهه على ذلك. كذلك كان للدائنين طلب حبسه فإذا لم يكن لديه مال يتنازل عنه لأنه يكون قد دلس عليهم، وارتكب غشا عندما تعامل معهم وهو يعلم أن ليس عنده مال يفي منه حقوقهم، غير أن الحبس في هذه الحالة بمثابة عقوبة للمدين على تقصيره على أموالهم، وبذلك اتجه النظر إلى أموال المدين دون شخصه وإن كان لابد من تدخل المدين لتمكين الدائنين من التنفيذ على أمواله بطريقة عقد التنازل.
ثم تطور بعد ذلك بفضل تدخل البريتور لقصد الضمان العام للدائنين على أموال المدين دون شخصه والاعتراف للدائنين بالتنفيذ مباشرة على هذه الأموال دون حاجة إلى إرضاء المدين أو القبض عليه كما كان الحال من قبل وهو لا يكون التنفيذ بمعرفة كل دائن على حده ولكن يختار الدائنون وكيلا عنهم يتولى وضع اليد على جميع أموال المدين لمصلحتهم جميعا، ثم يقوم هذا الوكيل ببيع هذه الأموال وتوزيع ثمنها على الدائنين قسمة غرماء.
وكان بيع أموال المدين يحصل أول الأمر جملة واحدة ثم تعدل الوضع بحيث أصبح للدائنين طلب بيع أموال المدين جملة واحدة أو بالتجزئة، ومع ذلك استثنيت الحالة التي يكون فيها المدين حسن النية سيء الحظ حيث أوجب القانون أن يكون البيع بالتجزئة حتى لا تتأثر سمعة المدين بسبب إجراء البيع جملة، ظهر من ذلك أن القانون الروماني رسم الخطوات العامة لنظام الإفلاس عندما قرر وضع اليد على جميع أموال المدين لحساب جميع دائنيه ثم إدارة هذه الأموال وبيعها بواسطة وكيل عن الدائنين يتولى توزيع ثمنها عليهم قسمة غرماء، ومع ذلك لم يكن القانون الروماني يعرف بعض أنظمة الإفلاس الجوهرية. فلم يكن الدائن يستطيع إبطال تصرفات المدين السابقة على وضع اليد على أمواله إلا إذا أثبت التواطؤ بين المفلس ومن حصل له التصرف أي عن طريق الدعوى البوليصية، فلم تنشأ في القانون الروماني نظرية إبطال التصرفات الحاصلة من المفلس فترة الريبة كذلك لم يعرف القانون الروماني نظام الصلح القضائي الذي يجيز للمدين التصالح مع أغلبية دائنيه على التنازل له عن جزء من الدين أو على منحه أجلا للوفاء أو على الأمرين معا، وعن القانون الروماني أخذ المشرع الفرنسي وعن هذا الأخير أخذ بها التشريع الجزائري والمصري.
المطلب الثاني: الإفلاس في القرون الوسطى
لما ظهرت المدن الإيطالية في القرون الوسطى اهتمت بالتراث الذي ورثته عن القانون الروماني وسارت قدما في سبيل تطور الأنظمة القانونية وازدهارها، فعرفت نظام الصلح القضائي وتحدد المراد من فترة الريبة وأحكامها وقد انتقلت الأحكام السائدة في المدن الإيطالية إلى فرنسا بسبب الاتصال بينها ويتركز هذا الاتصال على مدينة ليون، حيث كان يجتمع التجار الوافدون إلى فرنسا من الخارج. ثم أصدر لويس الرابع عشر الأمر الملكي عام 1673 الخاص بتنظيم أحكام التجارة البرية وقد ظهر فيه تقنيين لأهم قواعد الإفلاس التي انتشرت في المدن الإيطالية وفي مدينة ليون، فلما حان وضع المجموعة التجارية في فرنسا سنة 1807 أعيد النظر في القواعد التي كانت سارية لسد ما بها من نقص وأهم ما نصت عليه المجموعة التجارية هو وجوب أن يتضمن حكم الإفلاس الأمر بحبس المفلس وبوضعه تحت المراقبة.
ولم يمض وقت طويل على وضع المجموعة المذكورة حتى ظهرت الأحكام التي تضمنتها معقدة وكثيرة الكلفة لذلك أعيد النظر في قواعد الإفلاس وصدر قانون 1838 الذي اهتم بتنشيط إجراءات الإفلاس والإقلال من النفقات التي كان يتطلبها فضلا عن دعاية المفلس والرفق به.
ثم أدخل المشرع الفرنسي على هذا النظام جملة تعديلات وأخصها قانون عام 1898 الخاص بتنظيم التصفية القضائية رعاية المدين حسن النية سيء الحظ، هذا النظام يهدف في مجموعه إلى تطبيق قواعد الإفلاس فيما عدا ما كان منها خاصا برفع يد المدين عن إدارة أمواله إذ تظل هذه الأموال تحت يده وتعين المحكمة مصفيا معاونة المدين في هذه الإدارة وتنتهي التصفية القضائية بالصلح أو بالإقفال لعدم كفاية أموال المدين أو التحويل إلى التفلسة.
وكذلك أصدر المشرع الفرنسي في سنة 1935 بعض المراسيم بقوانين خاصة بتبسيط إجراءات إفلاس وتنظيم قواعد إفلاس الشركات، وقد نقل المشرع المصري أحكام التشريع الفرنسي والتعديلات التي طرأت حتى صدور المجموعة التجارية المصرية سنة 1883.
والإفلاس في نظر كل من التشريعين المصري والفرنسي نظام تجاري لا يسري على غير التجار من الأشخاص المدنيين وغير أن هذا الاتجاه لم يرق لبعض الفقهاء في فرنسا ومصر لذلك صدر في فرنسا عام 1969 القانون الخاص بالتسوية القضائية تصفية الأموال وقد رأى فيه المشرع أنه لا محل للتمييز بين الشركات التجارية والشركات المدنية من ناحية والجمعيات.
أما في مصر فقد بقي التشريع على حاله فالإفلاس نظام قاصر على التجار وحدهم أما غير التجار فيجوز شهر إعساره متى أصبحت حقوقه غير كافية للوفاء بديونه المستحقة الأداء وسترى عندئذ الأحكام الواردة بالقانون المدني.
وكان للتشريع الإسباني أيضا أثره الفعال في نظام الإفلاس كما هو معروف حاليا فقد منح هذا التشريع الذي يرجع الفضل في إقراره في القرن 17 إلى العلامة الإسباني Salgado de Samosa السلطة القضائية حقوقا واسعة في إقرار مصير أموال المدين وحق الدائنين عليها، أما في فرنسا فقد تسربت أنظمة الإفلاس المعمول بها في الجمهوريات الإيطالية إلى جنوبي فرنسا. وقد كان هم المشرع الفرنسي في بادئ الأمر إقرار العقوبات الجزائية بحق المدينين الممتنعين عن دفع ديونهم. فقضى الأمر الملكي الصادر بـ 10 تشرين الأول 1536 وقصد الملك فرنسوا الأول بالحكم على المدين المفلس بجزاء الحبس مع التعذيب كما نص الأمر الملكي الصادر في 1560 في عهد الملك شارل التاسع على عقوبة الموت واعتبر بعد ذلك الأمر الملكي الصادر عام 1609 في عهد الملك هنري الرابع المفلس كالسارق وطبق بحقه عقوبة الموت أيضا. وزالت الصفة الجزائية من التشريع الفرنسي بصورة تدريجية وفي عام 1683 أصدر الملك لويس الرابع عشر أول قانون للتجارة، فخص منه الباب الرابع لبحث أحكام الإفلاس ويتضمن هذا الباب 13 مادة فقط تكلمت في شهر الإفلاس المادة الأولى.
وفي إلزام المفلس على تنظيم جرد ماله وما عليه المادة 2 – 3 وإسقاط تصرفات المدين الخاصة بدائنيه بالدعوى البوليصية المادة 4، وفي الصلح وانصياع الأقلية لرأي الأكثرية المواد 5 – 6 – 7 ، وفي عدم شمول الصلح للدائنين الذين يتمتعون بحق رهن أو امتياز المادة 8 وفي وجوب تسليم المبالغ التي توجد لدى المفلس والمبالغ المحصلة من بيع أمواله إلى وكيل ينتخبه الدائنون المادة 9. كما بحث القانون في الإفلاس الاحتيالي فحدد عناصره وطبق على مقترفيه عقوبة الموت المواد 10 – 11 – 12 – 13، غير أن القواعد التي نص عليها الأمر الملكي لعام 1683 بصدد الإفلاس لم تكن كاملة.
فلم يشترط هذا القانون صدوره حكم بشهر الإفلاس كما أنه لم ينص على رفع يد المدين المفلس على التصرف بأمواله وإدارتها، وسها أيضا عن تنظيم إجراءات تحقيق الديون وتثبيتها، كما أغفل أمر تحديد فترة الريبة والبحث فيما ينتج عن هذا التحديد من آثار قانونية بالنسبة لتصرفات المفلس الجارية أثناء هذه الفترة.
وقد أكملت بعض هذه النواقص بقوانين لاحقة أهمها القانون الصادر عام 1702 الذي نظم فترة الريبة وقضى بإبطال تصرفات المفلس الجارية خلالها والقانون الصادر عام 1716 الذي بحث في إجراءات تحقيق الديون و القانون الصادر عام 1739 الذي نظم إجراءات تثبيت الديون.
وقد بقيت جميع هذه القوانين نافذة حتى الثورة الفرنسية ونلاحظ أن القواعد التي تضمنتها لم تكن خاصة بفئة التجار فقط إلا أن ورودها في قانون 1679 في الفصل الخاص بالتجارة جعل الاجتهاد القضائي يميل إلى تطبيق نظام الإفلاس على التجارة فقط.
انتقلت بعد ذلك معظم القواعد التي تضمنها الأمر الملكي لعام 1673، القوانين اللاحقة به إلى قانون التجارة الصادر سنة 1807، وقد وضع مشروع هذا القانون عام 1803 وأحيل إلى مجلس الدولة قصد دراسته ولكنه ظل راكدا في أضابير هذا المجلس حتى أواخر 1806 حيث انتابت فرنسا موجة من الإفلاسات كادت أن تطيح بالعهد القائم حينذاك، مما اضطر بنابليون إلى التدخل بالذات للإسراع في إصدار القانون، كما اشترك مع أعضاء المجلس في مناقشة مواده فأصر على وجوب وضع نصوص زجرية بحق المفلس، منها إصدار الأمر بتوقيفه كما أراد أن تشتمل هذه النصوص امرأة المفلس.
على أن المشرع الفرنسي شعر منذ البدء بشدة الأحكام المتعلقة بالإفلاس وخاصة بالنسبة للمفلس حسن النية فسعى إلى التخفيف من هذه الشدة بقانون الصادر في 18 أيار 1833 الذي عدل نصوص التجارة المتعلقة بالإفلاس تعديلا شاملا، و بالقانون المؤرخ في 04 آذار 1889 الذي أدخل على قانون التجارة نظام التصفية القضائية وهو نظام يخفف من وطأة الإفلاس ومن أثاره بالنسبة للمفلس حسن النية.
المطلب الثالث: الإفلاس في الشريعة الإسلامية:
لما ظهر الإسلام احتوت شريعته على كثير من القوانين التي تنظم العلاقة بين الدائنين والمدين الذي يتخلف عن الوفاء بما عليه من ديون وتهدف هذه الأحكام إلى الحجز على المدين وبيع ما له وتقسيم ثمن ذلك بين الدائنين قسمة غرماء وبذلك لا يتاح للمدين التصرف في أمواله إضرارا بالدائنين أو ضحاياه بعضهم على حساب البعض الآخر ولكن لم تجز الشريعة الإسلامية للدائن استرقاق المدين كما كان في القانون الروماني وإن كان بعض الفقهاء المسلمين قد أجاز حبس المدين فترة قصيرة بحكم من القاضي بناء على طلب الدائن إذا خيف من أن يكون للمدين مال يخفيه عن الدائنين على أن بعض الفقهاء ذهب إلى أن حبس المدين هو بمثابة عقوبة لعدم الوفاء بما عليه للدائن.
ومهما يكن من أمر فإن حبس المدين لم يكن يستتبع تعذيبه أو إرهاقه والقسوة به ومتى انتهت مدة الحبس لم يكن للدائنين شأن بالمدين ومطاردته إلا إذا ظهرت أموال يمكن التنفيذ عليها حتى لا تتاح له فرصة التصرف فيها إضرارا بهم.
المطلب الرابع: نظام الإفلاس في القانون المقارن:
نظام الإفلاس في معظم تشريعات الدول يختلف بإختلاف نظر الرأي العام في كل دولة إلى التاجر الذي يتوقف عن الدفع.
ويمكن النظر إلى هذه التشريعات في ثلاث كتل:
أ.الكتلة اللاتينية: ونظم هذه الكتلة كل من التشريع الفرنسي، البلجيكي، السويسري، الإيطالي، اليوناني، البرتغالي، الياباني، الإسباني وتشريعات الدول العربية.
وتمتاز هذه التشريعات ذات نظام الإفلاس فيها لا يطبق إلا على فئة التجار فقط وأن بعض آثار الإفلاس كسقوط الحقوق المدنية تلازم التاجر حتى بعد نزع صفة المفلس منه ولا تنتهي إلا بإعادة إعتباره.
ب.الكتلة الجرمانية: أما التشريعات الداخلة تمتاز بأن نظام الإفلاس يشمل فئة التجار وغير التجار على السواء. وتزول آثار الإفلاس بانتهائه، فلا يشترط فيها لتمتع المفلس من جديد بحقوقه السياسية صدور الحكم وإعادة إعتباره.
ونظم هذه الكتلة كل من التشريع الألماني، الهولندي، السويدي، التركي والفلندي.
ت.الكتلة الأنجلوسكسونية: تستمد تشريعات الدول الداخلة في الكتلة الأنجلوسكسونية القواعد التي تحكم نظام الإفلاس لديها من التشريع الإنجليزي ويلاحظ أن هذا التشريع قد طبق نظام الإفلاس على التاجر وغيره، على غرار التشريع الجرماني قد أوجد دائرة حكومية للرقابة على أموال التفلسة وعلى تصرفات وكلاء التفلسة، وتسمى هذه الدائرة Board obitrade وتضم الكتلة الأنجلوسكسونية إلى جانب التشريع الإنجليزي تشريع أيرلندا وتشريع الولايات المتحدة الأمريكية.
المبحث الثاني: مفهوم الإفلاس وفقا للقانون الجزائري
المطلب الأول: تعريفه وشروطه
الإفلاس في اللغة هو الإنتقال من حالة اليسر إلى حالة العسر والكلمة مشتقة من كلمة فلوس يقال أفلس الرجل أي صار بغير فلوس ولفظ الفلس مشتق من اليونانية يعني العملة. التفليس تمثل إجراء إعلان العار الذي يتم على مرئ الجميع وذلك بكسر الكرسي الذي كان يستغله التاجر المفلس .
أما في القانون الإفلاس بحسب الأصل طريق للتنفيذ على المدين الذي يتوقف عن دفع ديونه التجارية بهدف أحكامه وتصفية أموال المدين وتوزيع الثمن الناتج عنها بين الدائنين توزيعا عادلا لا أفضلية فيه لدائن على آخر مادام أن حقه غير مصحوب بأحد الأسباب القانونية التي تبرر الأفضلية كرهن أو امتياز، ويرجع وقوف التاجر عن دفع ديونه لأسباب شتى وهذا الذي سنتطرق له في المطلب الثاني.
فنجد أن نظام الإفلاس يقوم على أسس:
1)التضييق على المدين:
عمد المشرع إلى التضييق على المدين لمنعه من الإضرار بحقوق دائنيه ولهذا ركز المشرع على صدور حكم الإفلاس على غل يد المدين عن إدارة أمواله والتصرف فيها تعقب تصرفاته خلال فترة الريبة فأسقط بعضها حتما وأجاز للمحكمة إسقاط بعضها الآخر بشروط الدعوى البوليصية.
2)مراعاة المساواة بين الدائنين:
عمل المشرع على حماية الدائنين من تصرفات المدين وكذلك حمايتهم من أنفسهم وهذا بالمساواة بينهم، فعند صدور حكم الإفلاس حرمهم من اتخاذ إجراءات فردية ضد المدين بمعنى آخر يترتب عند صدور حكم الإفلاس أن تذوب شخصية الدائن في شخصية الجماعة وتحل محل الإجراءات الفردية إجراءات أخرى جماعية هدفها تصفية أموال المدين وتوزيع الثمن الناتج على أعضاء هذه الجماعة الحصول على دينه فهدف المشرع من خلال هذا إلى تحقيق المساواة بينهم وتنظيم الوفاء بديونهم لكي لا يطغى بعضهم على بعض.
3)إلحاق العار بالمفلس:
نشأ نظام الإفلاس مقترنا بفكرة الجريمة إذ كان الاعتقاد أن الإفلاس في ذاته جرم يجب أن يحاسب المفلس من أجله ولو كان حسن النية ثم تطور هذا الوضع حتى أصبحت الجريمة في الوقت الحاضر قاصرة على حالات التقصير والتدليس غير أن المشرع الفرنسي ومن ورائه المشرع المصري والجزائري لم يجرد الإفلاس ولو كان بسيط لا تقصير و لا تدليس فيه من كل معنى الإجرام إذ لا يزال الرأي العام ينظر إلى المفلس على أنه شخص أخطأ في حق دائنيه لهذا رتب المشرع على شهر الإفلاس إسقاط بعض الحقوق المهنية الوطنية عن المفلس وغرض المشرع هو تهديد التاجر لكي يرتدع ويقيد خطواته.
4)اشتراك السلطة القضائية على إجراءات الإفلاس:
رأى المشرع أن إلى الجهة القضائية بالهيمنة على شؤون التفلسة ليضمن حسن سيرها وانتظام إدارتها برقابة المحكمة تظل قائمة منذ افتتاح التفلسة إلى وقت قفلها وهي تباشرها إما بنفسها أو بواسطة قاضي ينتدب.
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma