الشيك
نشأته :
الشيك أحدث الأوراق التجارية عهدا ومع ذلك فقد ذاع استعماله ذيوعاً كبيراً لا في المعاملات التجارية فحسب بل وفي المعاملات المدنية أيضاً ويشبه الشيك في شكله سند السحب أو السفتجه إذ يتضمن ثلاثة أشخاص هم الساحب والمسحوب عليه والمستفيد. وأصل كلمة الشيك مستمد من اللغة الإنجليزية من اصل كلمة check ومعناها راجع أو افحص أي أن واجب البنك أن يراجع حسابات العميل قبل صرف الشيك وفي اللغة الفرنسية تكتب cheque لها نفس المعنى باللغة الإنجليزية وقد بدأ استعمال الشيك في بريطانيا ومنها تسرب إلى البلاد الأخرى وأقدم قانون بحث في الشيك ونظم قواعده وهو قانون التجارة الهولندي الصادر عام 1838 ثم صدر القانون الفرنسي في 14 حزيران 1865 والقانون البلجيكي في 20 حزيران 1873 ومما هو جدير بالملاحظة أن قانون الشيك العثماني الذي أطلق عليه اسم قانون الشيك المؤقت صدر بإرادة السلطان محمد رشاد وقد ورثت سوريا ولبنان هذا القانون المؤقت عن الدولة العثمانية وبقى هذا القانون مطبقاً حتى صدور قانون التجارة الجديد الذي عالج أحكام الشيك مستمداً من القانون الموحد الذي أقر في جنيف عام 1931، وهكذا الحال في المملكة الأردنية الهاشمية إلى أن صدر قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 الذي تضمن أحكاماً خاصة بالشيك.
أركان الشيك :
إن أركان الشيك تنقسم إلى نوعين (1) أركان موضوعية (2) أركان شكلية.
أما الأركان الموضوعية فهي التي يجب توافرها في كل العقود وتعتبر بمثابة أركان عامة ونكتفي بتعداد هذه الأركان دون الدخول في تفصيلاتها لأن محل هذه الدراسة هو القانون المدني الذي يضمن تفصيلا لهذه الأركان وهي 1) الأهلية 2) الرضا 3) المحل 4) السبب، وبإيجاز سريع نقول أن الأهلية يمكن تعريفها بأنها صلاحية الشخص لثبوت الحقوق والالتزامات له وعليه، وسن الرشد بحسب القانون الأردني هو ثمانية عشر سنة وكل من بلغ هذه السن يعتبر راشداً وكامل الأهلية إلا إذا كان مصاباً بآفة عقلية أو جسمية تحد من أهليته كالجنون والعته والسفه والغفلة.
أما الرضا فهو صدور العقد عن طوع واختيار من الشخص بحيث تكون إرادته سليمة وغير مشوبة بأي عيب من عيوب الرضا وهي الغلط والتدليس والإكراه أما الركن الثالث وهو المحل وهو المعقود عليه والذي يجب أن يكون محلا ممكنا ومشروعاً. أما الركن الرابع وهو السبب إنما يعنى الغرض المباشر المطلوب من العقد ويجب أن يكون سبب العقد دائماً موجوداً وصحيحاً ومشروعاً وغير مخالف للنظام العام والآداب العامة. هذه هي الأركان الموضوعية العامة.
أما الأركان الخاصة وهي ما يجب توافرها في الشيك بشكل خاص وهي التي يعبر عنها ببيانات الشيك وهذه سنأتي على ذكرها فيما بعد لأنه يجب أن نشير قبل ذلك إلى خصائص الشيك ووظائفه.
خصائص الشيك ووظائفه :
لعله غني عن البيان أن نذكر بأن الشيك يلعب دوراً هاماً في حياتنا الاقتصادية وفي معاملاتنا المالية نظراً لما يحققه الشيك من مزايا عديدة باعتباره أداة من أدوات السوق المصرفي فهو يؤدي وظائف هامة في التعامل منها دوره في تسهيل التعامل بين الأفراد وسرعة تسوية الديون كما انه يستعمل كأداة للوفاء تحل محل النقود وتقوم مقامها لكونه مستحق الأداء لدى الإطلاع، وللوفاء بطريق الشيك مميزات عديدة نجملها بما يلي :
أ- يؤدي الشيك إلى إيداع النقود في المصارف بدلا من اكتنازها في الخزائن الخاصة وما قد تتعرض له من أخطار السرقة والضياع.
ب- أن الوفاء بطريق الشيك يعتبر بمثابة أداة إثبات عند المنازعة لما يتطلبه الوفاء به من إجراء بعض القيود الكتابية لدى المصارف قد يحتج بها عند الحاجة.
ج- يحقق الشيك ضماناً جدياً للحامل بالنظر لما يتوفر به من حماية جزائية أضفاها المشرع على الشيك لتدعيم الثقة به وحماية له من العبث والتلاعب.
د- يقلل الشيك من استعمال النقود الورقية والمعدنية تمشياً مع التطور المالي الذي طرأ في العالم بما يتطلبه من سرعة في التعامل واختصار للوقت وتوفيرا للجهد.
تعريف الشيك :
لقد خلت معظم القوانين العربية من تعاريف للشيك وكذلك فعل القانونان السوري والمصري اللذان استمدا أحكامهما من القانون الفرنسي غير أن قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 أورد تعريفاً للشيك في المادة 123/ج حيث نص على ( أن الشيك هو محرر مكتوب وفق شرائط مذكورة في القانون ويتضمن أمراً صادر من شخص هو الساحب إلى شخص أخر يكون مصرفاً وهو المسحوب عليه بأن يدفع لشخص ثالث أو لأمر أو لحامل الشيك وهو المستفيد مبلغا معينا بمجرد الاطلاع على الشيك ) ومن هذا التعريف نجد أن الشيك يتشابه من حيث الشكل بسند السحب ( السفتجه ) إذ أنه يتضمن وجود أطراف ثلاثة الساحب والمسحوب عليه والمستفيد أو الحامل، كما أنه يفترض وجود علاقتين قانونيتين، الأولى علاقة سابقة بين الساحب والمسحوب عليه تسمى بدين المؤونة (أو الرصيد) والثانية علاقة سابقة بين الساحب والمستفيد وتسمى بوصول القيمة إلا أن الشيك يفترق عن سند السحب في أمور عديدة أهمها :
1- أن الشيك لا يسحب إلا على بنك فهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعمليات المصرفية.
2- أن الشيك هو أداة وفاء فقط يجب دفع قيمته بمجرد الإطلاع بينما لا تدفع قيمة سند السحب إلا في موعد استحقاقه الأمر الذي يجعل من سند السحب أداة وفاء وائتمان معاً.
3- يجب أن يكون للشيك مقابل وفاء قائم ومعد للدفع بمجرد إصدارة بينما لا يشترط وجود مقابل للوفاء في سند السحب إلا بتاريخ الاستحقاق.
4- لا يجوز تقديم الشيك للقبول لأنه بطبيعته أداة وفاء بخلاف سند السحب الذي يقدم للقبول قبل موعد الاستحقاق إلا إذا اشترط في متن سند السحب خلاف ذلك.
5- أن الشيك لا يشكل عملا تجارياً إلا إذا كان محرراً لغايات تجارية أما إذا كان قد جرى التعامل بالشيك لغايات مدنية فيكون إعطاء الشيك في هذه الحالة عملا مدنياً في حين يعتبر سند السحب وكذلك الكمبيالة عملا تجارياً. ومن الجدير بالذكر بان الأعمال التجارية تخضع لأحكام قانون التجارة في حين تخضع الأعمال المدنية لأحكام القانون المدني ولكل من الأحكام المدنية والأحكام التجارية قواعد خاصة يختلف كل منهما عن الآخر سواء من حيث قواعد الإثبات أو الإفلاس أو التقادم أو النفاذ المعجل أو إعطاء المهلة القضائية.
6- أن عدم وجود رصيد للشيك لدى المسحوب عليه يشكل جريمة جزائية أما في سند السحب فإن عدم وجود رصيد لدى المسحوب عليه لا يشكل جريمة جزائية.
بيانات الشيك الإلزامية :
لعل الواجب يقتضي منا أن نتعرض للبيانات التي ينبغي أن يتضمنها الشيك كي يعتبر كذلك، حتى إذا تخلف بعض هذه البيانات عن الشيك فأنه يفقد صفته كشيك بالمعنى القانوني وقد عددت المادة 228 من قانون التجارة الأردني هذه البيانات بما يلي :
أولاً : كلمة شيك مكتوبة في متن السند وباللغة التي كتب بها ويقصد بهذا البيان درء الخلط بين الشيك وبين سند السحب إذا كان الأخير مستحق الأداء لدى الإطلاع ومع ذلك فأنه إذا خلا السند من ذكر كلمة شيك وكان مظهره المتعارف عليه يدل على أنه شيك فأنه يظل شيكاً صحيحاً مرتباً لكافة الآثار القانونية المتعلقة به وفقاً لنص الفقرة ( د ) من المادة 229 من قانون التجارة الأردني.
ثانياً : أمر غير معلق على شرط بأداء قدر معين من النقود وهذا البيان يحتوى على ثلاثة شروط هي :
أ- أمر بالدفع ويرد هذا الأمر كما جرت العادة بالصيغة التالية:
( ادفعوا بموجب هذا الشيك ... ).
ب- أن يكون هذا الأمر غير معلق على شرط فإذا علق الأمر بأداء المبلغ المعين في الشيك على شرط معين فلا يعتبر شيكاً بالمعنى القانوني كما ورد في قرار محكمة التمييز رقم 44/72 سنة 1972 مجلة نقابة المحامين ( ص 760 ) أما إذا علق التظهير على شرط فإن هذا الشرط يعتبر كأن لم يكن مع بقاء الشيك على صفته القانونية.
ج- أن يكون الأمر بأداء قدر معين من النقود، ويتطلب ذلك أن يكون موضوع الأداء في الشيك نقوداً، وأن تكون هذه النقود محددة القيمة ومعينة تعييناً كافياً لا يكتنفها لبس أو جهالة فلا يجوز أن يذكر في الشيك عبارات مثل " ادفعوا ما يتوجب لي بذمتكم " أو " ادفعوا رصيد حسابي لديكم " وإن ذكر مبلغ الشيك يجب أن يكون بالأرقام والحروف وإذا اختلفت القيمة ما بين الأرقام والحروف فأنه لا يجوز الوفاء بالشيك من قبل المسحوب عليه إذ أنه لا يجوز إعمال القياس في هذه الحالة بين الشيك وسند السحب من حيث اعتماد المبلغ المذكور بالحروف بل الأفضل إعادة الشيك لاختلاف القيمة ما بين الأرقام والحروف.
ثالثاً : أسم من يلزمه الأداء " المسحوب عليه " :
يشترط في المسحوب عليه أن يكون مصرفاً عملا بالمادة 230/1 من قانون التجارة الأردني التي تنص على أنه "لا يجوز سحب الشيكات إلا على مصارف وأن الصكوك الصادرة في المملكة الأردنية المستحقة الوفاء فيها والمسحوب على غير المصارف في صورة شيكات لا تعتبر شيكات صحيحة" ولفظة المصرف تعنى جميع الأشخاص والمؤسسات المرخص لها بأعمال المصارف وفقاً لأحكام قانون البنوك وتعاقب المادة 275/2 من قانون التجارة كل من سحب شيكا على غير مصرف بغرامة لا تتجاوز خمسون ديناراً وقد أجاز القانون الأردني أن يكون الساحب والمسحوب عليه نفس الشخص عندما يكون الشيك مسحوباً من مؤسسة على أخرى كلتاهما للساحب نفسه وبشرط أن لا يكون الشيك لحاملة ( المادة 234/3 ) من قانون التجارة وقد قصد المشرع بهذا الشرط أن يمنع المصارف من إصدار شيكات لحاملها كي لا تستعمل كبديل للأوراق النقدية ( البنكنوت ) التي يختص بإصدارها البنك المركزي.
رابعاً : مكان الأداء :
إن ذكر مكان الأداء إنما يهدف إلى تعريف الحامل بمكان المسحوب عليه الذي يجب أن يقدم فيه الشيك للوفاء كما أنه يساعد على تحديد المحكمة ذات الاختصاص عند وقوع النزاع كما أنه يحدد القانون الواجب التطبيق في حالة تداول الشيك بين بلدان مختلفة كما يحدد عمله الوفاء عند وقوع التباس بشأنها.
على أنه لا يترتب على إغفال ذكر مكان الأداء بطلان الشيك بل يظل الشيك صحيحاً ومرتباً لآثاره القانونية وفي هذه الحالة يكون المكان الذي بجانب اسم المسحوب عليه هو مكان الدفع وإذا خلا الشيك من أي بيان لمكان الدفع فأنه يكون واجب الوفاء في المكان الذي يقع فيه المحل الرئيسي للمسحوب عليه.
خامساً : تاريخ ومكان إنشاء الشيك :
أن ذكر تاريخ إنشاء الشيك له أهمية كبيرة تتجلى فيما يلي :
أ. التحقق من أهلية الساحب.
ب. احتساب مواعيد التقادم.
ج. تعيين القانون الواجب التطبيق في حال تنازع القوانين من حيث الزمان.
د. معرفة فترة الريبة في حالة إفلاس الساحب وإصدار شيكات أثناء فترة الريبة.
ه. معرفة وجود رصيد للساحب لدى المسحوب عليه عند إنشاء الشيك.
ومن الجدير بالذكر بأن موضوع تاريخ الشيك تترتب عليه الأحكام التالية :
1. حالة كون الشيك لا يحمل تاريخاً على الإطلاق. وفي في هذه الحالة فإن الشيك يفقد صفته القانونية ولا يكون محلاً للحماية الجزائية، كما أنه لا يجوز للمستفيد أن يدون تاريخاً للشيك إذا تسلمه بدون تاريخ إلا إذا كان المستفيد مفوضاً بذلك خطياً ويشترط في هذه الحالة أن يكون التفويض معاصراً لتسليم الشيك أو يكون قبل إعطاء الشيك.
2. حالة ذكر تاريخ إنشاء على غير الحقيقة.
إن الصورية في الشيك أكثر ما ترد على تاريخ إنشائه والأصل أن الصورية لا تنهض سبباً لبطلان الشيك إلا إذا كان المقصود بها الغش والتحايل على أحكام القانون، والصورية في تاريخ الشيك تكون إما بتقديم تاريخه على خلاف الحقيقة وإما بتأخير تاريخه ويهدف الساحب من تقديم تاريخ الشيك إبعاده عن فترة الريبة أو لجعله سابقاً على قرار الحجز على الساحب كما يهدف الساحب بتأخير تاريخ الشيك التحايل على أحكام الأهلية، ومن المعروف أنه يجوز إثبات الصورية بالنسبة للغير بكافة طرق الإثبات أما إثباتها بين المتعاقدين فلا يجوز إلا بالأدلة الكتابية.
ولعل الغالب في أن الساحب يلجأ إلى تأخير تاريخ الشيك بقصد تمكين نفسه من إيجاد مقابل الوفاء لدى المسحوب عليه في التاريخ المستقبل المثبت في الشيك وهو ما يعرف بالشيكات الآجلة التي كانت سبباً في دمار سوق المناخ في الكويت وبالتالي فإنه لا يجوز تحويل الشيك عن وظيفته الحقيقية باعتباره أداة وفاء من خلال تأخير تاريخه لاستخدامه كأداة ائتمان لما في ذلك من تعطيل لمهمة الشيك الأساسية وقد اعتبر قانون التجارة الأردني الشيك صحيحاً ومنتجاً لكافة أثاره القانونية مرتبا للحماية الجزائية ولو تم تأخير تاريخه، وقد نصت على ذلك صراحة المادة 245 من قانون التجارة بقولها ( يكون الشيك واجب الوفاء لدى الإطلاع عليه وكل بيان مخالف لذلك يعتبر كان لم يكن وأن الشيك المقدم للوفاء قبل اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره واجب الوفاء في يوم تقديمه ).
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma