أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها 580_im11 ENAMILS موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها 580_im11

المواضيع الأخيرة

» مدونة القوانين الجزائرية - محدثة يوميا -
موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed

»  شركة التوصية بالاسهم -_-
موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها I_icon_minitimeالجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin

» مكتبة دروس
موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها I_icon_minitimeالإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin

» بحث حول المقاولة التجارية
موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl

» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique

» الدفاتر التجارية:
موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma

ENAMILS


كتاب السنهوري


    موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 33

    موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها Empty موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها

    مُساهمة من طرف Admin الخميس يوليو 18, 2013 8:27 pm



    موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها

    مقدمـــــة:

    تعتبر العقوبة رد فعل من المجتمع ضد المجرم الذي أخل بفعله العدواني بمصالحه واستقرار أمنه وذلك بالقصاص منه وردعه بالقدر الذي يكفي لإقامة العدالة، وتبعا لذلك تنقضي العقوبة بتنفيذها فعلا على المحكوم عليه، وفقا للحكم الجزائي الصادر بشأنها. فالتنفيذ هو الطريق الطبيعي لانقضاء العقوبة غير أن هناك أسباب أخرى تنقضي بموجبها العقوبة وتعد الطريق الغير العادي لإنقضائها منها السقوط بالتقادم، وفاة المحكوم عليه والعفو عن العقوبة.
    وإذا كان السببين المذكورين سالفا التقادم ووفاة المحكوم عليه تنقضي بموجبهما العقوبة بدون أي إجراء يتخذ بصددهما فان العفو عن العقوبة لا يتقرر إلا بموجب إجراء قانوني يتخذ من طرف سلطة محددة في الدولة وعادة ما يمنح لرئيس الدولة باعتباره أعلى سلطة في البلاد.
    وتعتبر دراسة حق العفو عن العقوبة من أهم الدراسات المستحدثة والتي لا تزال بكرا في الدراسات العربية والغربية نظرا إلى أن أقلام الدارسين وتحاليل الباحثين لم تطلها لا بشيء من التفصيل أو الإيجاز بسبب قصور ونقص القواعد التشريعية و النصوص التنظيمية، إضافة إلى الاختلاف الذي طبع وجهات النظر حول تأصيل أساس ومفهوم العفو عن العقوبة.
    والملاحظ أن معظم الدول قد قامت بتكريسه في دساتيرها وقوانينها ولكنها لم تعط له مفهوم محدد وتركت الأمر للفقه ليتولي تعريفه ودراسته.
    ففي الفقه الغربي والفرنسي خاصة نجد مفهومه يدور حول فكرة اعتبار العفو عن العقوبة إجراء رأفة وتسامح يخول لرئيس الجمهورية إعفاء بعض المحكوم عليهم جزئيا أو كليا من العقوبة المحكوم بها ضدهم.
    كما عرفهالفقه الفرنسي بأنه (صلاحية رئيس الجمهورية في إلغاء العقوبة المحكوم بها نهائيا على بعض المحكوم عليهم وهدا الإلغاء قد يكون جزئيا أو كليا).
    أما في الأنظمة العربية نجدها كغيرها من الأنظمة الأخرى للدول قامت بتبنيه في دساتيرها وقوانينها ومن بين هذه الدول نجد القانون اللبناني الذي نص في مادته 153/1 في تعريف العفو (هو إنهاء التزام بتنفيذ العقوبة إزاء شخص صدر ضده حكما نهائيا وهذا الإنهاء إما يكون كليا أو جزئيا أو استبدال التزام بالتزام آخر موضوعه عقوبة أخرى و ذلك بناء على مرسوم صادر عن رئيس الدولة ) أما في الفقه نجد التعاريف تدور حول اعتبار العفو عن العقوبة هو إسقاطها كلها أو بعضها أو إبدالها بعقوبة أخف منها بأمر ملكي .
    كما عرفه السيد صبري بأنه ًعمل يصدر عن السلطة التنفيذية برفع العقوبة عن المحكوم عليه رفعا كليا أو جزئيا وتوقيع عليه عقوبة أخف من العقوبة المحكوم بها كليا أو جزئيا.
    هذا في ظل الأنظمة العربية أما في ظل النظام القانوني الجزائري فقد تم تكريس حق العفو في كل الدساتير بعد الاستقلال، فدستور 1963.12.10 نص في مادته 46 على اختصاص رئيس الجمهورية بمنح حق العفو عن العقوبة بعد إشعار المجلس الأعلى للقضاء، وبالرجوع إلى نص المادة 45 منه نجد رئيس الجمهورية يرأس المجلس الأعلى للقضاء.
    أما في 1965 وعلى اثر الوضع الذي فرضه التصحيح الثوري في 19جوان 1965 الذي جاء ببيان يحمل تاريخ الواقعة 19 جوان الذي بموجبه أوقف العمل بالدستور فحل المجلس التأسيسي وشكل مجلس الثورة الذي اضطلع بجميع مهام رئيس الجمهورية ومن بينها ممارسة حق العفو عن العقوبة.
    وعلى إثر صدور دستور 22نوفمبر1976 نص في مادته 111 فقرة 13 على اختصاص رئيس الجمهورية بممارسة حق العفو عن العقوبة، كما نصت المادة 182 من نفس الدستور على أن المجلس الأعلى للقضاء يبدي رأيا استشاريا قبل ممارسة الرئيس لحق العفو وقد نصت المادة 181 على أن رئيس الجمهورية يترأس المجلس الأعلى للقضاء وفي ذلك تقول المادة التي وردت تحت عنوان صلاحيات رئيس الجمهورية( له حق إصدار العفو وحق إلغاء العقوبات أو تخفيضها وكذلك حق إزالة كل النتائج القانونية أيا كانت طبيعتها والمترتبة عن الأحكام التي تصدرها المحاكم).
    وبصدور دستور 1989 نص في مادته 74فقرة 8 و147 على نفس الأحكام كما نصت المادة 105 من القانون الأساسي للقضاء الصادر في 1989.12.12 على أنه يستشار المجلس الأعلى للقضاء فيما يتعلق بالطلبات والاقتراحات الخاصة بالعفو.
    و في ظل الدستور الحالي فقد كرست المادة 77 فقرة 7 حق العفو و منحته لرئيس الجمهورية بنفس الصياغة التي وردت في دستور 1989 بقولها " له حق إصدار العفو و حق تخفيض العقوبات أو استبدالها " كما نصت المادة 156 منه على الرأي الاستشاري للمجلس الأعلى للقضاء فيما يخص حق العفو الذي يمارسه رئيس الجمهورية.
    و الملاحظ في هذه القراءة الموجزة لتطور العفو عن العقوبة في الدساتير الجزائرية أن جميعها قد تضمنته بنفس الأحكام وذلك بتكريسه دوما من صلاحيات رئيس الجمهورية يمارسه وفقا لسلطته التقديرية بعد استشارة المجلس الأعلى للقضاء ولهذا سمي بالعفو الرئاسي.
    أما في ظل التشريع الجزائري فلم يتضمنه لا قانون العقوبات و لا قانون الإجراءات الجزائية بأية أحكام على خلاف التشريعات العربية، و إنما وردت كلمة العفو كسبب من أسباب انقضاء العقوبة في المواد 582فقرة 2- 589 فقرة 2 - 677 فقرة 4 من قانون الإجراءات الجزائية.كما نصت الم677/4 منه على أن (الإعفاء الكلي أو الجزئي من العقوبة يقوم مقام تنفيذها الكلي أو الجزئي).
    كما أشار إليه قانون تنظيم السجون بصورة عرضية وذلك في المواد 16/8 .9 –م17 م134- م155 م 156م 168 ، وأهم ما يمكن الإشارة إليه هو ما تضمنته الم 134 من هذا القانون التي نصت على أنه ( تعد المدة التي تم خفضها من العقوبة بموجب عفو رئاسي كأنها مدة حبس قضاها المحبوس فعلا ) هذه الأخيرة التي أعطت بعض الميزات للعفو.
    وقد خصته الدراسات الفقهية ببعض الإشارات المحتشمة نجد بين حناياها العفو هو (إجراء أو تدبير يعفى بموجبه المذنب أو المدان من تطبيق العقوبة التي كان يجب عليه قضاءها في السجن سواء كان هذا العفو عاما أو خاصا).
    كما عرفه الدكتور "أحسن بوسقيعة" في كتابه شرح القانون الجزائي العام " العفو عن العقوبة يتضمن معنى صرف النظر عن تنفيذ العقوبةًً.
    فلأجل هذه النقائص خصصنا بحثنا لإعطاء نظرة و جيزة عن بعض الجوانب المتعلقة بحق العفو عن العقوبة في ظل الدراسات النظرية والتطبيقات العملية، محاولين معرفة
    ما هي خصائص و مميزات العفو وطريقة تطبيقه ؟
    وما هي مكانة العفو الرئاسي في السياسة العقابية المنتهجة من الدولة لتنفيذ العقوبة من جهة وإعادة إدماج المحكوم عليهم من جهة أخرى؟

    وللإجابة عن جميع تساؤلاتنا ارتأينا معالجة الموضوع وفق الخطة التالية.:

    الفصل الأول: الطبيعة القانونية للعفو عن العقوبة وتمييزه عن بعض الصور المشابهة له مع تقديره في ظل المنظومة القانونية.
    المبحث الأول: الطبيعة القانونية للعفو عن العقوبة.
    المطلب الأول: موقف الفقه من الطبيعة القانونية للعفو.
    المطلب الثاني: موقف القضاء من الطبيعة القانونية للعفو.
    المبحث الثاني: تمييز العفو عن العقوبة عن بعض الصور المشابهة له.
    المطلب الأول: التمييز بين العفو عن العقوبة والعفو الشامل.
    المطلب الثاني: التمييز بينالعفو عن العقوبة و العفو القضائي.
    المبحث الثالث: تقدير العفو عن العقوبة وسط المنظومة القانونية.
    المطلب الأول: الانتقادات الموجهة للعفوعن العقوبة.
    المطلب الثاني: مزايا العفو عن العقوبة.
    الفصل الثاني :إجراءات وطريقة تطبيق العفو عن العقوبة والآثار المترتبة عن ذلك .
    المبحث الأول: شروط وإجراءات العفو عن العقوبة.
    المطلب الأول: شروط الاستفادة من العفو عن العقوبة.
    المطلب الثاني:إجراءات صدور مرسوم العفو عن العقوبة.
    المبحث الثاني: طريقة تطبيق مرسوم العفو عن العقوبة.
    المطلب الأول: صدور تعليمة وزارية تبين كيفية تنفيذ مرسوم العفو.
    المطلب الثاني: طريقة تنفيذ التعليمة الوزارية على مستوى المؤسسات العقابية.
    المبحث الثالث: آثار العفو عن العقوبة.
    المطلب الأول: آثار العفو علىالمحكوم عليه.
    المطلب الثاني: آثار العفو على الغير.
    الخاتمة.

    الفصــل الأول : الطبيعة القانونية للعفو عن العقوبة و تمييزه عن بعض الصور المشابهة له مع تقديره في ظل المنظومة القانونية.

    إن دراستنا لهذا الفصل اقتضتها ظروف و ملابسات تطبيق العفو كونه مجهول المعالم في وسط المنظومة القانونية من حيث التكييف القانوني و تحديد طبيعته القانونية، هذه الأخيرة التي يكتنفها الغموض و عدم التوحيد بين آراء الفقهاء خاصة بالنظر إلى خصائصها المعقدة.
    إضافة إلى ذلك ارتأينا أن تحديد الطبيعة القانونية لا يكفي وحده لرسم معالمه نظرا لاختلاط صورته ببعض الصور المشابهة والتي تؤدي نفس وظيفته في إطار تنفيذ السياسة العقابية،إلا أن المشرع قيدها ببعض الشروط والقيود التي يتعذر توافرها في بعض الحالات فيعتبر العفو تبعا لذلك مكملا لهذه الأنظمة ، فخصصنا لمحة و جيزة و مختصرة لتمييزه عنها و إظهار مواطن الشبه و الإختلاف.
    و أخيرا أنهينا فصلنا بتقدير العفو عن العقوبة من حيث الانتقادات التي وجهت له و مبررات التمسك به منذ القدم وتكريسه في معظم دساتير الدول، الأمر الذي جعله يصمد أمام من نادوا بإلغائه.

    المبحث الأول: الطبيعة القانونية للعفو عن العقوبة:

    يرى "الفقيه شارل رولو" أن الهدف من معرفة الطبيعة القانونية لحق العفو عن العقوبة هو تحديد الدور الذي يلعبه في الميدان القانوني، وذلك يتطلب منا القيام بعملية تحليل حق العفو من الناحية الموضوعية أي البحث في خصائصه و طبيعته الجوهرية و تحليله من الناحية الشكلية أي الاهتمام بالجهة التي أصدرته.
    و من هذا الرأي نستخلص أن تحديد الطبيعة القانونية لها آثارها في الميدان القانوني خاصة فيما يمس بحقوق الأفراد من جهة وما يمس بمصلحة المجتمع من جهة أخرى، و تحديد ذلك يرجع إما إلى الناحية الموضوعية أو الشكلية،و من هذا المنظور اختلفت آراء الفقهاء و اجتهادات القضاء في تحديد الطبيعة القانونية لحق العفو و التي سنتناولها تباعا.

    المطــلب الأول: موقف الفقه من الطبيعة القانونية للعفو عن العقوبة:

    اختلف الفقهاء في تحديد الطبيعة القانونية لحق العفو عن العقوبة و أخذت آراؤهم في ذلك مذاهبا مختلفة و ذلك إما بالنظر إلى الجهة التي أصدرته فاعتبر من أعمال السيادة، و هناك من نظر إلى خصائصه فكيفه على أنه عملا إداريا، فيما وصفه البعض الآخر بأنه عمل قضائي كونه مرتبط بتنفيذ عمل قضائي، و لكل اتجاه حججه و مبرراته.
    فالاتجاه الأول :يرى أن حق العفو عن العقوبة عملا من أعمال السيادة و يعتبر هذا الاتجاه من أقدم الاتجاهات ظهورا وأكثرها تبنيا ، بحيث يرى أنصار هذه النظرية أن معيار السيادة ينبني على أساس التمييز بين أعمال الحكومة و الإدارة، فالسلطة التنفيذية تنقسم طبقا لهذه النظرية إلى إدارة و حكومة، فما صدر منها بصفتها الأولى باعتبارها إدارة اعتبر عملا إداريا و ما صدر بصفتها الثانية باعتبارها حكومة يعتبر عملا من أعمال السيادة.
    وتبعا لذلك فإن القرار الإداري الذي يتخذ من أجل تحقيق هدف سياسي يفقد صفته الإدارية و تسبغ عليه الصفة السياسية أو الحكومية التي لا تخضع لرقابة القضاء بجميع أنواعه و درجاته، ويعطى هذا الوصف في أغلب الأحيان للأعمال التي يقصد من ورائها التهرب من الرقابة القضائية .
    وبما أن مرسوم العفو يصدر عن رئيس الجمهورية طبقا للاختصاصات المخولة له في الدستور فإنه يعتبر من أعمال السيادة التي لا تخضع إلى المراجعة والطعن من أية جهة كانت.
    كما تبنى هذا الاتجاه الفقه العربي الذي أجمع على أن قرار العفو عن العقوبة هو عمل من أعمال السيادة التي بموجبها يمنع على القضاء النظر فيه باعتباره غير مختص في نظر النزاع الذي يمكن أن يثيره.
    غير أن هذه النظرية تلقت انتقادات في أوساط الفقه الإداري و الدستوري الذين نادوا بتحديد مفهوم نظرية أعمال السيادة حسب الأسس و المبادئ القانونية، و بالتالي التمييز بين الأعمال الإدارية و الأعمال السياسية، هذه الأخيرة التي لا يمكن لها أن تنشئ مراكز قانونية شخصية ( حقوق ) أو تمس بها و لما كان قرار العفو عن العقوبة يصدر عن السلطة التنفيذية لتخفيف العقوبة أو استبدالها بغيرها،فإنه يمس بحقوق الأفراد وينشأ لهم مراكز جديدة وبالتالي لا يمكن اعتباره من أعمال السياد.
    كما ذهب البعض إلى محاولة إعطاء بعض النماذج التي يمكن اعتبارها من أعمال السيادة منها العلاقات الخارجية أي الدولية والتي يمارسها رئيس الجمهورية باعتباره مقررا للسياسة الخارجية وموجها لها.
    كما تظهر من خلال علاقة السلطة التنفيذية بالبرلمان من حيث إعداد وتحضير القوانين ومناقشتها أو حل المجلس الشعبي الوطني.
    والملاحظ هنا أن العفو عن العقوبة يخرج عن كل هذه المجالات، مما يجعل تكييفه على أنه من أعمال السيادة قولا بدون أي أساس،ولا يوجد ما يبرره قانونا.
    و قد زاد نفور الفقهاء من هذا التيار بعد صدور قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 28 مارس 1948 الذي أكد على استبعاد قرار العفو عن العقوبة من عداد أعمال السيادة.
    الإتجاه الثاني: اعتبر حق العفو عن العقوبة عملا قضائيا، و يرى "العميد دوجي" أول من قال بتكييف قرار العفو عن العقوبة بأنه عملا قضائيا و تبعه في ذلك تلميذه "شارل رولو"و النتيجة التي توصلا إليها أنه لا فرق بين قرار رئيس الجمهورية الذي يقضي بالعفو عن العقوبة، و الحكم القضائي المقرر لعقوبة نافذة في حق المتهم2.
    و قد أجرى الفقيه "شارل رولو" مقارنة بين قرار العفو الصادر عن رئيس الجمهورية و الحكم القضائي و رأى بأنهما متقاربان من حيث كونهما ناتجان عن تحقيق مسبق فالقاضي يصدر حكمه بعد التحقيق في الوقائع و التأكد من أركان الجريمة، فيما يقوم رئيس الجمهورية في التحقيق التأكد من أن المحكمة طبقت عقوبة جنائية على شخص معين خالف قاعدة قانونية أدت إلى وضعه في مركز قانوني معين ( الإعدام - السجن – الحبس- الغرامة ).
    كما أن قرار العفو يشبه الحكم القضائي كونه يغير المركز القانوني للمحكوم عليه، إما بإعفائه من العقوبة أو التخفيف منها أو بإستبدالها و لا يمكن لرئيس الجمهورية أن يتصرف بمعزل عن الهيئة القضائية أي في غياب حكم قضائي، بل أن سلطته مقيدة بمضمون هذا الحكم إذ لا يمكن لرئيس الجمهورية أن يفرض عقوبة أشد من العقوبة المحكوم بها و لا يمكنه أن يمس بعدم الأهلية و لا بالحجر القانوني الذي يفرضه الحكم القضائي على المحكوم عليه،
    و قد وجهت لهذا الاتجاه مجموعة من الانتقادات أهمها ّأن منطق التحليل الذي أتى به الدكتـور "شارل رولو" يرتكز على جانب فلسفي أكثر منه واقعي كونه يقارب بين نوعين من العمل متعارضين و متعاكسين فقرار المحكمة يدين وقرار رئيس الجمهورية يعفي أو يخفف كما أنهما ليسا من طبيعة واحدة كونهما لا يحتويان على نفس الشروط.
    كذلك قرار العفو لا يغير من مركز المحكوم عليه بتعديل الحكم الصادر عن المحكمة بل يبقى كما هو و إنما يقوم بتعديل طريقة تنفيذ العقوبة، و الدليل على ذلك أن قرار العفو لا يمس إلا العقوبة الأصلية دون أن يتعدى إلى العقوبات التبعية أو التكميلية كإسقاط الأهلية و الحرمان من الحقوق المدنية و السياسية.
    إضافة إلى أن الأحكام القضائية قابلة للطعن فيها و قرار رئيس الجمهورية القاضي بمنح العفو عن العقوبة غير قابل للطعن.
    ونظرا إلىهذه الانتقادات التي نادت بتمييز العفو عن العقوبة الذي يصدره رئيس الجمهورية عن صفة و خصائص العمل القضائي أستبعد هذا الاتجاه.
    الإتجاه الثالث: يعتبر قرار العفو عن العقوبة عمل إداري و هذا الإتجاه من أحدث الاتجاهات التي نادت بتكييف قرار العفو بأنه قرار إداري، و على رأسهم الفقيه جاور GARAUD)) الذي قال في كتابه شرح "قانون العقوبات " (العفو عن العقوبة هو عمل من أعمال السلطة التنفيذية، بموجبه تقوم بإعفاء المحكوم عليه بعقوبة نهائية من تنفيذ العقوبة المحكوم بها عليه،كليا أو جزئيا أو باستبدالها بعقوبة أخرى مقررة قانونا أقل شدة منها بمقدار أقل أو أكثر اتساعا بالنسبة لكل محكوم عليه، و هو إجراء فردي يمنح لشخص محدد).
    و يضيف الفقيه "جارو" أن العفو عن العقوبة يدخل ضمن الصلاحيات الإدارية لرئيس الجمهورية، فباسمه و تحت سلطته تنفذ العقوبات و يمكنه بذلك أن يعفي من تنفيذ العقوبة أي شخص لأنه مكلف بهذه المهمة.
    كما أكد على أن قرار العفو عن العقوبة هو من المهام الإدارية الخاصة برئيس الجمهورية و بسبب إعتباره كذلك لا يمكن لقرار العفو عن العقوبة أن يعدل الحكم القضائي بالعقوبة لأن العمل الإداري لا يمكنه أن يعدل من العمل القضائي، و ذلك إستنادا إلى مبدأ الفصل بين السلطات.
    وعليه لا يمكن إستبعاد قيام دعوى تجاوز السلطة ضد قرار العفو عن العقوبة في حالة ما إذا فرض رئيس الجمهورية جزاءا إداريا بدلا من تطبيق عقوبة من عقوبات القانون العام على إعتبار أن قرار العفو عمل إداري.
    غير أن هذا الإتجاه لم يسلم من الانتقادات خاصة الأفكار التي جاء بها الفقيه "جارو" ذلك أنه أخلط بين تنفيذ العقوبة التي تعتبر عمل مادي، و الحكم بالعقوبة الذي يعتبر عمل قانوني.
    فتنفيذ العقوبة لا ينشأ مركز قانوني جديد للمتهم لأن وضعيته القانونية قد أنشئت بالحكم القضائي فهي نهائية، وتنفيذ العقوبة ما هي إلا بداية لتنفيذ الجزاء المنصوص عليه في القانون الذي طبق على المحكوم عليه بواسطة الحكم.
    وعليه فإن تنفيذ العقوبة مرتبط بالحكم الذي نطق بها، وبالتالي لا يمكن للعمل المادي الناشئ كنتيجة لعمل قانوني أن ينفصل عنه، و أنه من الثابت أن العقوبة المحكوم بها بصفة قانونية و نهائية يجب أن تنفذ بحسب نص القانون و تفرض على الكل إلا إذا نص القانون على إمكانية تعديلها.
    والملاحظ على جميع الآراء الفقهية المعروضة التي تناولت البحث في الطبيعة القانونية للعفو أنها لم توفق إلى حد بعيد في تكييفاتها، فمن حيث اعتباره من أعمال السيادة بدى الأمر أكثر تعقيدا وذلك بالنظر الى الجهة المصدرة و الاختصاصات المخولة لها خاصة أن أعمالها غير محددة ولا توجد أية معايير يمكن الإستناد عليها لاعتبار أي عمل قانوني من أعمال السيادة.
    كما أن اعتبارهم قرار العفو من الأعمال الإدارية لصدوره عن هيئة إدارية متمثلة في السلطة التنفيذية واحتوائه على كل خصائص القرارات الإدارية رأي منتقد، كونه يفتقد عنصر الإيذاء أي الإضرار بمراكز الأشخاص بل يسعى الى تحسين وضعيتهم.
    أما فيما يخص إعتباره من الأعمال القضائية لاتصاله بالأحكام القضائية اتصالا وثيقا ، فإن ذلك يعتبر مغالطة قانونية ، لاختلاف طبيعة كل واحد منهما عن الآخر وبالتالي لابد من التفرقة بين الحكم القضائي كعمل قانوني يصدر من سلطة مستقلة، وتنفيذ الأحكام الذي يعد عملا ماديا منوطا بالسلطة التنفيذية.

    المطلب الثاني: موقف القضاء من الطبيعة القانونية للعفو عن العقوبة.

    من خلال هذه الدراسة نحاول التعرف على موقف القضاء من التكييف القانوني لحق أو قرار العفو، لنرى مدى مسايرته لمنحى الفقه في هذا المجال و نركز وجهتنا خاصة على موقف القضاء الفرنسي كونه المنهل الذي تستقي منه معظم المحاكم اجتهاداتها القضائية ثم نعرج إلى موقف القضاء العربي من هذا التكييف.
    فالقضاء الفرنسي عرض عليه موضوع العفو عن العقوبة عدة مرات، و كان يتعلق في معظم الأحيان إما بالطعن في قرار رفض طلب العفو و إما برفض المحكوم عليه الإستفادة من العفو عن العقوبة.
    وأهم قضية طرحت إشكالات عديدة في الموضوع هي قضية الجندي الفرنسي1 المدعو"JUJEL" الذي استفاد من العفو عن العقوبة " الإعـدام " المحكـوم بها ضده من طرف المحكمـة العسكرية و ذلك باستبدالها بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة و لما بلغ بالقرار رفضه و قدم طعنا أمام مجلس الدولة الفرنسي.
    وأهم الأوجه التي أثارها في الطعن أن قرار العفو أساء إلى مركزه، وذلك بإبداله عقوبة بدنية بسيطة هي الإعدام بعقوبة بدنية مخلة بالشرف التي يترتب على تنفيذها تجريده من الرتب والنياشين العسكرية وهي عقوبة جديدة لم يتضمنها حكم الإدانة الصادر عن المحكمة العسكرية.
    إضافة إلى أن قرار العفو لم يحترم نظام تدرج العقوبات العسكرية لأن الفعل الذي ارتكبه لم يكن معاقبا عليه إلا بإحدى العقوبتين الإعدام أو الأشغال الشاقة، وعليه طلب من مجلس الدولة إلغاء قرار العفو عن العقوبة لعدم مشروعيته.
    وكان رد مجلس الدولة الفرنسي على هذا الطلب سلبيا إذ كان تعليله بقوله "وحيث أن الأعمال-القرارات الصادرة عن رئيس الجمهورية عند ممارسة حق العفو عن العقوبة هي من الأعمال الغير قابلة للطعن فيها أمامه، فإنه يتعين عليه رفض طعن السيد "جوجال" لعدم الإختصاص.
    أثارت هذه القضية إشكالية قانونية فريدة من نوعها، فمن ناحية تساءل البعض عن جدوى الطعن خاصة أن قرار العفو قد حسن وضعية الطاعن بنجاته من الإعدام واستبداله بعقوبة الأشغال الشاقة.
    ومن ناحية أخرى أثار البعض من الفقهاء العيوب التي شابت قرار العفو وذلك بتجريد الطاعن من رتبته العسكرية في حين لم يتضمن حكم المحكمة العسكرية ذلك، إضافة إلى عدم احترام القرار لمبدأ تدرج العقوبات وتسلسلها.
    وبالنظر إلى هذا الجانب الأخير رأى البعض إمكانية الطعن في قرار العفو عن العقوبة، وقد نازع آخرون في هذه الإمكانية مبررين اعتراضهم:
    بقولهم "ليس للمحكوم عليه الحق في رفض قرار العفو المخفف للعقوبة، وأن قرار العفو عن العقوبة هو حق من اختصاص رئيس الجمهورية وليس حق للمحكوم عليه، ويرجع لرئيس الجمهورية وحده تحديد كيفية وطريقة استعماله وما على المحكوم عليه إلا أن يذعن لإرادة رئيس الجمهورية".
    ولما كان العفو عن العقوبة منحة من الحاكم إلى المحكوم عليه وجب عليه قبوله دون تحفظ، كما يجب عليه أن يتحمل النتيجة مهما كانت، تكفيرا عن ذنبه ثم إن إجراء منح العفو عن العقوبة يهدف إلى إحقاق العدالة وتحقيق المصلحة الإجتماعية.
    ولا ننكر على المحكوم عليه حقه في تقديم طلب العفو إلى رئيس الجمهورية دون أن يتعدى هذا الطلب إلى تحقيق نتيجة ,ومما سبق نستنتج أن قرار العفو عن العقوبة لا يعتبر في نظر القضاء الفرنسي عموما، وفي نظر مجلس الدولة الفرنسي عملا من أعمال السيادة وذلك رغم ما يقال عن عدم قابلية الطعن فيه أمامه، ولكن أسباب عدم قبول الطعن ترجع إلى عوامل أخرى وليس لكونه عملا من أعمال السيادة.
    بالنسبة لموقف القضاء العربي من تكييف العفو عن العقوبة فالأمر متذبذب في كل من مصر، سوريا ولبنان باعتبار قرار العفو عن العقوبة يعتبر عملا من أعمال السيادة التي لا يجوز للقضاء الإداري النظر فيها.
    وقد صدر قرار من مجلس الدولة المصري أقر في حكم من أحكامه أن الأعمال المتخذة تطبيقا أو تنفيذا لنص دستوري أو قانوني لا تعتبر من أعمال السيادة.
    ولما كان قرار العفو يصدر عن رئيس الجمهورية تطبيقا لنص دستوري فإنه والحالة هذه لا يعتبر في نظر هذا المجلس عملا من أعمال السيادة وإنه من حيث المبدأ لو عرض عليه أمر النظر في مثل هذا القرار لما تردد بقبول الطعن فيه وبحثه من حيث الموضوع.
    مجلس الدولة السوري من جهته ذهب إلى القول أن كل قرار اتخذ تنفيذا لنص قانوني أو لنص لائحي لا يعتبر عملا من أعمال السيادة، إلا أنه لم يتكلم عن القرارات التي تتخذ تنفيذا لنص دستوري مثل هذه الحالة .
    من هذا التحليل نعتقد أن قرار العفو عن العقوبة لا يشكل في نظر مجلس الدولة السوري عملا من أعمال السيادة.
    أما في لبنان فقد أصدر مجلس الدولة قرارا في 15 أكتوبر 1962 قال فيه "إن قرار العفو الخاص لا يشكل عملا من أعمال السيادة، وهو ليس عملا إداريا ولا عملا قضائيا ومع ذلك فهو غير قابل للطعن فيه أمام المجلس1.
    وما يمكن استخلاصه عن موقف القضاء العربي من الطبيعة القانونية لقرار العفو أنه لم يعطه أي وصف أو تكييف ولكنه بخله من حق الطعن فيه، كما أن هذه المسالة لم يتكرر عرضها على القضاء حتى تثير انتباه الدارسين للبحث عن تكييفه ومدى قابليته للمراجعة على اعتبار أن العفو في ُأغلب الأحيان يأتي محسنا لوضع المحكوم عليهم وبالتالي يخدم مصلحتهم الشخصية.
    وأخيرا تجدر الإشارة إلى موقف القضاء والفقه الجزائري من هذه الطبيعة، إذ أن الدكتور نبيل صقر يرى أن العفو عن العقوبة إجراء فردي يصدر لشخص محدد صدر عليه حكما نهائيا بعقوبة ومع ذلك فليس هناك في القانون ما يمنع رئيس الجمهورية من استخدامه في حالات أخرى.
    ويعتبر وفقا لقضاء محكمة النقض عملا من أعمال السيادة لا يملك القضاء المساس به أو التعقيب عما صدر العفو عنه، وأن صدوره يخرج الأمر من يد القضاء وتكون محكمة النقض غير مستطيعة المضي في نظر الدعوى ويتعين عليها التقرير بعدم جواز الطعن.
    ثم انه ليس حقا للمحكوم عليه بل هو رخصة ممنوحة لرئيس الجمهورية كوسيلة لتدارك ما قد يحدثه تنفيذ العقوبات من تناقض مع مقتضيات المصلحة العامة سواء لخطأ الحكم أو ظلمه واستحالة تصحيحه قضائيا أو لاعتبارات أخرى لا شأن لها بسلامة الحكم، فيجوز لرئيس الجمهورية أن لا يصدره حتى ولو طالب به المحكـوم عليه، وله أن يصدره ولو لم يطلب منه أحـد، فإن أصـدره نفذ وأنتج أثره، ولو رفضه المحكوم عليه أصر على التنفيذ، وسلطة رئيس الجمهورية لإ صدار العفو مطلقة بدون شرط أو رقابة

    المبحث الثاني: تمييز العفو عن العقوبة عن بعض الصور المشابهة له

    يختلط مفهوم العفو عن العقوبة ببعض الصور و الأنظمة المشابهة له، خاصة من حيث الوظيفة المشتركة بينهم بحيث يعتبر نظاما مكملا إلى جانبها ، ومن بين هذه الأنظمة نجد ظروف التخفيف وقف التنفيذ، الإفراج المشروط و طلب إعادة النظر .لكن من أهم الصور الأكثر اختلاطا به نجد صورتين: إحداهما تكون أثناء سريان الدعوى العمومية فيؤدي لانقضائها وهو ما سمي بالعفو الشامل والذي يكون صادرا عن السلطة التشريعية، و ثانيهما يكون أثناء نظر الدعوى أمام القضاء وهو ما سمي بالعفو القضائي والذي تقرره السلطة القضائية وذلك على خلاف العفو عن العقوبة الذي يكون أثناء التنفيذ وهو مخول لرئيس الجمهورية .وتبعا لذلك نحاول التمييز بين العفو عن العقوبة و الصورتين المشابهتين له.

    المطلب الأول: التمييز بين العفو عن العقوبة والعفو الشامل:

    العفو الشامل أو العفو عن الجريمة هو إجراء تشريعي يهدف إلى إزالة صفة الجريمة عن فعل يوصف لكونه كذلك طبقا لأحكام القانون الساري المفعول.2 فالعفو هنا يصدر عن السلطة التشريعية المتمثلة في البرلمان، يعبر المجتمع من خلاله عن تنازله عن متابعة المتهمين المرتكبين لجريمة معينة ويلجأ إليه عادة نتيجة ظروف سياسية أو مناسبات تاريخية، ومن الآثار المترتبة عليه رفع الصفة الإجرامية عن الفعل المرتكب فإذا كانت الدعوى العمومية لم تحرك بعد فإنه لا يجوز اتخاذ أي إجراء بشأنها وذلك طبقا للمادة 06 من ق إ ج وإذا حركت فإنه يوجب وقف المتابعة والقضاء بانقضاء الدعوى العمومية أمام التحقيق أو الحكم.
    أما إذا صدر حكما في الدعوى فإن هذا الحكم يمحى وتسقط جميع آثاره القانونية المترتبة عنه كالإدانة، التسجيل في صحيفة السوابق القضائية وحتى الغرامة والمصاريف إذا كانت قد دفعت فإنها ترد إلى المحكوم عليه.
    وقد يصدر العفو الشامل بعد تمام تنفيذ العقوبة ففي هذه الحالة لا يمس إلا العقوبات التبعية أو التكميلية التي نطق بها الحكم المشمول بالعفو الشامل، غير أنه لا يمس الحقوق المدنية والتعويضات المحكوم بها لمن أصابه ضرر من جراء ارتكاب الجريمة أي تظل التعويضات الشخصية قائمة.
    وما تجدر الإشارة إليه أن العفو الشامل لا يلغي النص القانوني المجرم للفعل بل يظل قائما كما يبقى الفعل مأثوما من الناحية الجنائية وإنما ينزع الصفة الإجرامية بالنسبة للمستقبل.
    أوجه التشابه بين العفو عن العقوبة والعفو الشامل:
    تظهر أوجه التشابه من خلال النقاط التالية:
    1 /- كلاهما غير مقيد بشرط وكذا غير محدد بنطاق معين فكل منهما متروك للسلطة التقديرية المختصة بإصداره.
    2/- تطبيق أي منهما لا يتوقف على إرادة المستفيد من العفو فكلاهما يفرضان على المحكوم عليه ذلك لأن أسباب إنقضاء الدعوى العمومية والعقوبة من النظام العام.
    3/- كلاهما لا يؤثر في حقوق الغير المضرور من الجريمة وصدورهما لا يؤثر على إمكانية المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقته.
    أوجه الاختلاف بين العفو عن العقوبة والعفو الشامل:
    1/ من حيث الجهة المصدرة: العفو عن العقوبة من اختصاص رئيس الدولة مخولا له وفقا للأوضاع الدستورية في كل دولة، أما العفو الشامل من اختصاص البرلمان ويصدر في شكل قانون وعلة ذلك أن العفو الشامل يتضمن إلغاء حكم من أحكام القانون في صورة أو أخرى والقاعدة أن القانون لا يلغيه إلا القانون.
    2/من حيث طريقة منح كل منهما: العفو عن العقوبة لا يمكن منحه إلا بعد صيرورة الحكم نهائيا باتا و حائزا لقوة الشيء المقضي فيه ويسري أثره على المستقبل من تاريخ صدوره، أما العفو الشامل فيمكن صدوره في أي وقت وفي أي حال تكون عليه الدعوى الجنائية ويترتب على صدوره قبل رفع الدعوى عدم جواز رفعها وإذا كانت الدعوى قد تحركت تعين على المحكمة أن تقضي بسقوطها ولو من تلقاء نفسها لأن قواعد انقضاء الدعوى العمومية من النظام العام ،2 وإذا صدر العفو الشامل بعد الحكم في الدعوى أو بعد تنفيذ جزء من العقوبة فإنه يمحو اثر الحكم محوا تاما.
    3/من حيث مبررات كل منهما: العفو عن العقوبة إجراء شخصي يمنح لشخص المحكوم عليه أو لمجموعة من المحكوم عليهم بعقوبة نهائية وليس عن نوع معين من الجرائم وذلك لتخفيف شدة الحكم القضائي، وفي كثير من الأحيان للتخفيف من اكتظاظ السجون ويحرص عادة مرسوم العفو على استبعاد طائفة معينة للمحكوم عليهم من الاستفادة من العفو، وهكذا جرت العادة في الجزائر على إبعاد المحكوم
    عليهم بجنايات الإرهاب والأعمال التخريبية ،جنايات القتل العمد، الاغتصاب، المخدرات ،والجنايات الماسة بالاقتصاد الوطني.
    - أما العفو الشامل هو إجراء موضوعي ينصب عادة على نوع معين من الجرائم أو على جريمة محددة، إذ يقتصر على تحديد نوع الجريمة أو طائفة من الجرائم وظروف ارتكابها التي تكون عادة ذات طبيعة سياسية1.
    4/من حيث الآثار:العفو عن العقوبة تنعكس آثاره على الإعفاء من تحمل تنفيذ العقوبة كليا أو جزئيا أو باستبدال العقوبة المحكوم بها بعقوبة أخف منها مقررة قانونا ولا تسري آثاره على العقوبات التبعية والتكميلية ولا على الآثار الناتجة عن حكم الإدانة كثبوت الإدانة واعتبارها سابقة في حالة العود ما لم يشمل مرسوم العفو خلاف ذلك.
    - أما آثار العفو الشامل فهي عامة وشاملة لزوال الصفة الإجرامية عن الفعل أي انقضاء العقوبة الأصلية والتبعية والتكميلية وكل الآثار الناتجة عن الجريمة ولكن دون أن تسقط التعويضات الشخصية وإذا كانت الدعوى المدنية لم تقم بعد فلا يمكن للمتضرر إقامتها أمام القضاء الجزائي ما لم ينص قانون العفو على جواز ذلك.

    المطلب الثاني: التمييز بين العفو عن العقوبة والعفو القضائي

    إذا كان التشريع الجزائري قد حصر الإعفاء من العقوبة في الأعذار المعفية وحدها المبينة في القانون بحيث أجازت المادة52من قانون العقوبات للقاضي في حالات محددة من القانون على سبيل الحصر إعفاء المتهم من العقوبة مع قيام الجريمة، وهذا النظام يمحو المسؤولية القانونية عن الجاني من العقاب ليس بسبب انعدام الخطأ وإنما لاعتبارات وثيقة الصلة بالسياسة الجنائية وبالمنفعة الاجتماعية.
    ومن بين هذه الحالات مانصت عليها المواد 92، 179، 199، 205 من قانون العقوبات التي تخص عذر المبلغ عن الجريمة قبل ارتكابها. كذلك عذر القرابة العائلية المنصوص عليه بالمادة90من قانون العقوبات وعذر التوبة المنصوص عليه بالمادة 182 من قانون العقوبات.وجميع هذه الأعذار هي محددة قانونا لا يملك القاضي سلطة الإعفاء خارجها، فيما هناك من التشريعات التي تجيز للقاضي الإعفاء من العقوبة بحسب سلطته التقديرية وذلك ماأخذ به قانون العقوبات الفرنسي منذ صدور قانون 1975.07.11.
    وبمقتضى هذا النظام لجهات الحكم إعفاء المتهم من العقوبة بعد إثبات إدانته وقد يمنح هذا الاختصاص لقاضي الحكم أو قاضي تطبيق العقوبات وذلك بعد صدور الحكم وقضاء المحكوم عليه جزءا من العقوبة المحكوم بها عليه داخل المؤسسة كما يمكن القضاء به في حكم الإدانة أو في وقت لاحق عنه.
    ومن أهم الشروط التي أقرها المشرع الفرنسي لتطبيق هذا النظام الذي يعد بمثابة صفح قضائي:
    - أن تكون الجريمة مخالفة أو جنحة.
    - أن يتبين أن المتهم قد انصلح.
    - أن يكون الضرر الناتج عن الجريمة قد تم تعويضه.
    - أن يكون الاضطراب الذي أحدثته الجريمة قد توقف.
    فإذا توافرت هذه الشروط مجتمعة جاز لجهات الحكم بعد أن تتأكد من قيام الجريمة في حق المتهم، التصريح في الدعوى العمومية بإذنابه والحكم بإعفائه من العقوبة والجزاءات البديلة لها .
    والعفو القضائي كما سبق ذكره قد يمنح قبل الحكم وذلك يرجع للسلطة التقديرية للقاضي بناءا على معطيات التحقيق سواء تعلق الأمر بالمحكوم عليه،أو أن الجريمة قد فقدت خطورتها الاجتماعية ويقع على المحكمة تسبيب هذا الحكم2.
    وقد تأكدت فكرة العفو القضائي بصدور المرسوم التشريعي المتعلق بمكافحة الإرهاب والتخريب الصادر في 1992.09.30 خاصة في مادته 40 .
    كما يصدر العفو القضائي بعد الحكم ويختص بمنح هذا النوع من العفو عن العقوبة قاضي تنفيذ الأحكام الجزائية، وبموجب اختصاصه يمكن أن يقرر تخفيض العقوبة لأولئك المحكوم عليهم لمدة لا تقل عن ثلاثة اشهر.
    كما يمكن له أن يخفض العقوبات التكميلية للمحكوم عليهم بالحبس لمدة ثلاثة سنوات متى قدموا ضمانات قوية على إعادة تكيفهم مع المجتمع.
    كما يمكن لقاضي تنفيذ العقوبات أن يمنح تخفيضا استثنائيا للعقوبة للمحكوم عليهم الذين ينجحون في امتحان مدرسي أو جامعي.
    وتختلف صور العفو القضائي فقد يكون مطلق يتضمن الإعفاء الكلي للعقوبة أو لمختلف الجرائم والمجرمين دون استثناء. وقد يكون مشروط يتوقف منحه على شرط أو منحة من القانون للقاضي يمنحها في ضوء تقدير ظروف الجريمة الشخصية والموضوعية، ويرى البعض عدم تأييد فكرة قبول قاعدة العفو القضائي كمنحة مطلقة يباح للقاضي منحها في بعض الجرائم، وإنما يرى وجوب قصر جواز منح العفو القضائي على البالغين والأحداث الذين يرتكبون الجرائم البسيطة نسبيا المعاقب عليها بالحبس لمدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة عند توافر عذر قانوني مخفف أو ظرف مخفف على شرط.
    1- أوجه التشابه بين العفو عن العقوبة والعفو القضائي
    1/- كل من العفو الرئاسي والعفو القضائي يكون منحة للمحكوم عليه بناء على حسن السيرة والسلوك أو بناء على زوال مبرر الاستمرار في تنفيذ العقوبة.
    2/ - كل من العفو الرئاسي والعفو القضائي لا يمكن تطبيقهما إلا بعد صدور حكم يقضي بالإدانة.
    3/- كل من العفو القضائي والعفو الرئاسي لا يمس بحقوق الغير أي المضرور.
    4/- كل من العفو الرئاسي والعفو القضائي لا تمتد آثارهما إلى العقوبات التكميلية والتبعية بل يمس فقط العقوبة الأصلية.
    2-أوجه الاختـلاف بين العفو عن العقوبة والعفو القضائي
    1/ -العفو الرئاسي يصدره رئيس الجمهورية أما العفو القضائي فيصدر عن قاضي ا لموضوع أو قاضي تطبيق العقوبات
    2/ - العفو القضائي لا يجوز تطبيقه إلا في العقوبات البسيطة أما العفو الرئاسي فإنه يطبق على جميع العقوبات.
    3/- العفو القضائي قد يقرن بشرط أو يعلق على شرط في جميع الحالات لكن العفو الرئاسي فلا يكون بالضرورة مقترنا بشرط أو معلقا عليه2.
    من هنا يمكن أن نخلص أن العفو عن العقوبة له خصائصه المتميزة عن باقي صور العفو كما أن له اختلاف واضح عن بعض الأنظمة الأخرى كرد الاعتبار, وقف التنفيذ،وغيرها من الأنظمة المشابهة والتي تناولتها الدراسات ولكننا لم نتطرق إليها نظرا لرؤيتنا عدم وقوع أي التباس بينهما وبين موضوع بحثنا.

    المبحث الثالث: تقديــر العفو عن العقوبة

    حق العفو عن العقوبة كان ولا زال موضوع جدل من طرف عدد كبير من الفقهاء، بحيث انقسمت آرائهم بين مؤيد ومعارض ولكل فريق حججه ووجهة نظره وذلك من نواحي متعددة مثله كمثل أي نظام قانوني، ولعل الانتقادات الموجهة له من الجانب النظري هي الأكثر تبنيا كونه يتعارض مع مجموعة من المبادئ التي تقوم عليها الأنظمة القانونية، ولكن تطبيقاته العملية والفوائد المجناة من تطبيقه هي التي جعلت الدول تتمسك به وتحيطه بسياج من الحصانة التي لم تطلها ألسنة وأيادي الناقدين وعليه نستعرض الوجهين في صورتين مختلفتين ما بين الانتقادات الموجهة لهذا الحق والمزايا التي يتمتع بها.

    المطلب الأول: الانتقادات التي وجهت لحق العفو عن العقوبة

    أهم تلك الانتقادات التي يجدر بنا البدء بها هي المقولة الشهيرة للفيلسوف "فيلا نجيري"إذا كان العفو عادلا، فالقانون سيء، وإذا كان القانون جيد فالعفو هو انتهاك للقانون، ففي الحالة الأولى يجب إلغاء القانون وفي الحالة الثانية يجب استبعاد العفو".
    ومن هذا الرأي نلتمس وجهة نظر الفيلسوف في التعارض بين وجود العقوبة والعفو عنها في نفس النظام القانوني، إذا كان من الممكن صياغة قواعد قانونية خالية من العيوب والنقائص من الأول دون اللجوء إلى هذا النظام.
    غير أن هذا الرأي حمل المشرع فوق طاقته، كون الجودة أمر نسبي وكل عمل إنساني مهما كان نوعه يبقى ناقص، وما نراه اليوم جيد ليس بنفس الوصف نلقاه غدا نظرا إلى تغير الظروف والأوضاع في كل مجتمع، وعلى إثر ذلك ارتأينا أن نهجر هذه الانتقادات المبنية على أساس فلسفي،والتي تختلف بين الفقهاء بحسب الاتجاهات الفكرية للمدرسة التي ينتمون إليها، ولهذا جعلنا دراستنا تعتمد أكثر على الانتقادات الموجهة لهذا النظام فيوسط المنظومة القانونية بالنظرالى مدى تعارضه مع بعض المبادئ القانونية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: مدى إخلال و تعارض الحق في العفو مع مبدأ الفصل بين السلطات و كذا مدى تعارضه مع مبدأ حجية الشيء المقضي فيه للأحكام القضائية.
    ويعتبر هذين المبدأين من أهم المبادئ التي تقوم عليها الشرعية الجنائية لذا ارتأينا التركيز عليهما.
    أولا: مدى إخلال حق العفو عن العقوبة بمبدأ الفصل بين السلطات:
    يقتضي مبدأ الفصل بين السلطات إحترام كل سلطة في الدولة أعمال سلطة أخرى، كما يجب على كل سلطة ألا تتجاوز الحدود المرسومة لاختصاصاتها في الدستور و بحسب ذلك لابد للسلطات الثلاث في الدولة مراعاة ذلك المبدأ في كل تصرفاتها و أعمالها القانونية فمن ناحية لا يملك القاضي تجريم فعل لم يرد نص بتجريمه أو توقيع عقوبة على لم يرد بها نص، ومن ناحية أخرى فسلطة التجريم و العقاب تكون من اختصاص السلطة التشريعية، و السلطة التنفيذية هي من تتولى تنفيذ الأحكام الصادرة عن
    السلطة القضائية. و من هذا المنظور فإن السلطة التنفيذية لا يمكن لها تعطيل أحكام القضاء في الوقت الذي تكون هي المكلفة بتنفيذه
    كما يرى البعض أن منح العفو عن العقوبة للسلطة التنفيذية يعطي مزيد من السلطات للإدارة العقابية في تنفيذ العقوبة، مما قد يعرض حقوق الأفراد و حرياتهم للخطر و يعصف بالشرعية الجنائية بصفة عامة و بشرعية التنفيذ العقابي بصفة خاصة.
    و لذلك ارتأى بعض الفقهاء منهم الفقيه "جارو فالو" إخضاع حق العفو عن العقوبة لسلطة العدالة لتمارسه إلى جانب إلتماس إعادة النظرأو أي طريق آخر للطعنكما تشرف على دراسة الطلبات جهة قضائية عليا و لا يكون لرئيس الجمهورية إختصاص إلا بموجب تفويض في الحالات التي يقتنع فيها الرأي العام ببراءة المتهم أو عندما تكون العقوبة قاسية جدا.
    غير أنه ما أخذ على هذا الرأي أنه اعتبر مبدأ الفصل بين السلطات مبدأ جامد على خلاف الأصل و هو الفصل المرن المبني على التعاون و التكامل بين جميع السلطات.
    كما يمكن القول أن عمل السلطة التنفيذية لا يبدأ إلا عندما تنتهي السلطة القضائية من عملها نهائيا، ومن ثم فإن دور السلطة القضائية ينحصر في إصدار الأحكام القضائية فقط أما دور السلطة التنفيذية فيتمثل في ضمان تنفيذ الأحكام و القرارات القضائية.
    و بإعتبار رئيس الجمهورية هو الرئيس الأعلى للسلطة التنفيذية فلا يصح وصف تصرفه عند إصداره لمرسوم العفو عن العقوبة بأنه اعتداء على مبدأ الفصل بين السلطات بل هو إحترام لهذا الفصل على إعتبار تنفيذ الأحكام من صميم إختصاص السلطة التنفيذية.
    و ما تجدر الإشارة إليه أن مسألة تنفيذ العقوبة من عدمه لا ينقص في شيء من عمل السلطة القضائية بل يبقى عملها قائما و ثابتا كما هو رغم صدور حق العفو عن العقوبة، بحيث يبقى الحكم قائما و منتجا لجميع أثاره القانونية3.
    ثم إن السلطة التنفيذية و هي تقوم بتنفيذ وظيفتها لها صلاحية النظر في مدى ملائمة تنفيذ العقوبة و ضرورتها على المصلحة العامة و كذلك مصلحة المحكوم عليه، و لهذا لها في سبيل ذلك صلاحية النظر في طريقة تنفيذ العقوبة إما بتعديلهاأوإلغائها إذا اقتضى الأمر إعفاء المحكوم عليه من تنفيذها إما جزئيا أو كليا.
    ثانيا: مدى إخلال حق العفو عن العقوبة بمبدأ حجية الشيء المقضي فيه:
    يعتبر الحكم الحائز لحجية الشيء المقضي فيه عنوان للحقيقة لا يمكن المساس به أو التراجع عنه إلا في حالات نادرة يخولها القانون صراحة في ذلك و هذه الحجية تكتسبها الأحكام بعد استنفاذ طرق الطعن أو سقوطها و بذلك يصبح للحكم قوة و سندا تنفيذيا، تقوم بموجبه السلطة التنفيذية بتنفيذ الحكم كما نطقت به السلطة القضائية.
    لذلك عد إقدام رئيس الجمهورية على منح العفو عن العقوبة بمثابة إلغاء لحكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي فيه، فيفسد بذلك عمل السلطة القضائية و كل جهودها وتصبح لاغية و هذا إنتهاك صريح لأحكام القضاء ذات الحجية المطلقة.
    كما أن إقدام رئيس الجمهورية على هذا العمل يعرض سمعة القضاء إلى الاهتزاز في الأوساط الشعبية و يشكك في مصداقية العدالة كما يهدد من جهة أخرى إستقلالية القضاء.
    غير أن هذه الانتقادات رآها البعض تحتوي على مغالطة قانونية، ذلك أن العفو عن العقوبة لا تمتد آثاره إلى الحكم القضائي القاضي بالإدانة بناء على ثبوت التهمة بأدلتها القانونية، بل يبقى الحكم قائما و الإدانة ثابتة و يسجل الحكم كسابقة في صحيفة السوابق القضائية بينما العفو عن العقوبة يعدل من طريقة تنفيذ العقوبة فقط إما بإلغائها أو تخفيضها أو إستبدالها و كل ذلك يتم حسب مقتضيات ظروف تنفيذ العقوبة و حسب وضعية المحكوم عليه،دون أن يؤثرذلك في شيء على العمل القضائي. بل إن العمل القضائي رغم صدور العفو عن العقوبة يبقى ثابتا و لا يمكن أن يزول إلا بتدخل أسباب و عوامل أخرى كالعفو الشامل ورد الاعتبار.
    كما تجـدر الإشارة أن العفو عن العقوبة هو إجراء رأفة و تسامح يرتبط بمرحلة تنفيذ العقوبة،
    و في ذلك سلطة الملائمة لرئيس الجمهورية لمنحه بما يتلاءم و مصلحة المجتمع و المحكوم عليه في نفس الوقت دون أن يحيد عن الهدف المنشود من توقيع العقوبة و هو الردع العام و الخاص الذي تقرره الأحكام القضائية

    المطلب الثاني: مزايـا العفـو عن العقوبـة:

    إذا كان ما ذكرناه سالفا هي أهم الانتقادات التي وجهت إلى حق العفو عن العقوبة فقد تم الرد عليها من بعض الفقهاء الذين قدموا مبررات للتمسك به،وعلى الرغم من تلك الإنتقادات ظل هذا الحق ممارسا و له صدى معمولا به و إذا كان لسبب فإن الأمر يعود للمزايا التي تطبعه و الفوائد التي حققها و لهدا سنحاول استعراض البعض و الأهم منها:
    أولها:أن العفو عن العقوبة يعتبر معالجا للنقص الموجود في التشريع ومصححاللأخطاء القضائية. ذلك أننا ذكرنا سابقا أن العمل الإنساني لا يخلو من النقص و لهذا لابد من خلق وسائل و آليات لمعالجته، و يعتبر العفو عن العقوبة أحد هذه الوسائل فقد يكون القضاة أثناء المحاكمة مقتنعون فعلا بالتهمة المنسوبة للمتهم و بعد ذلك تظهر مستجدات في القضية تزرع بعض الشك حول التهمة و تفترض البراءة للمتهم، و لكن الواقع لا يسمح بإعادة النظر في الحكم لعدم توافر جميع الشروط القانونية لفتح الباب أمام أي طريق من طرق المراجعة،و هنا يكون العفو عن العقوبة الوسيلة الناجعة لمواجهة الوضع بإطلاق سراح المحكوم عليه و هذا نظرا لسرعة و بساطة إجراءاته في معالجة الأوضاع التي تتطلب السرعة و الفعالية.
    ثانيا: دور العفو عن العقوبة في إلغاء العقوبات التي فقدت مبرر وجودها. في غالب الأحيان يضطر المشرع إلى إلغاء بعض الجرائم من قائمة الجرائم المعاقب عليها في قانون العقوبات أو بعبارة أخرى يجرد بعض الأفعال من الصفة التجريمية و يزيح عنها صفة الجريمة و بالتالي تصبح هذه الأفعال مباح ارتكابها دون أن يؤدي ذلك إلى متابعة مرتكبيها أو معاقبتهم. و الإشكال في هذه الحالة يقوم عند إلغاء تجريم سبق صدور حكم نهائي بات على مرتكبه. و أمام هذه الحالة تعجز نظم القانون الجنائي عن إيجاد حل للمحكوم عليه و تخليصه من الحكم الذي صدر ضده تماشيا مع السياسة العامة للمشر
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 33

    موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها Empty رد: موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها

    مُساهمة من طرف Admin الخميس يوليو 18, 2013 8:30 pm




    الفصل الثاني : إجراءات وطريقة تطبيق العفو عن العقوبة والآثار المترتبة عن ذلك

    إحتل العفو حيزا كبيرا من إشغالات السلطة السياسية في المجتمع غير أنه لم يواكبه أي تطور من الجانب العملي أو التطبيقي، والسبب في ذلك يرجع إلى أن السلطة التنفيذية بقيت تطبقه بما يتماشى وسلطتها في الملائمة مع ظروف المجتمع وتنفيذ السياسة العقابية، لهذا ظلت ممارستة غير منظمة بنصوص وقواعد خاصة تحدد كيفية وشروط تطبيقه.

    بالنسبة للمشرع الجزائري أعطى حق العفو لرئيس الجمهورية،ولم ينظمه بأيةنصوص خاصة وإنما نص عليه في الدساتير فقط ،وهذا على خلاف التشريعات العربية والأجنبية التي نظمت ممارسة حق العفو عن العقوبة بنصوص متفرقة بين قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية.
    وقد رأى أغلبية رجال القانون أن عدم تقنين العفو عن العقوبة وتحديد شروطه وإجراءاته عملا إيجابيا كون تقنينه سيجعل منه درجة رابعة في التقاضي 1 إضافة إلى أن الهدف من تقرير هذا الحق هو مسايرة الظروف الاجتماعية والسياسية بما يخدم السياسة العقابية الأمر الذي يقتضي معه الليونة وعدم التقيد بأي شرط أو قيد ولهذا بقي خاضعا للسلطة التقديرية لرئيس الجمهورية2 في لإصداره والى الإدارة العقابية في تنفيذه.
    ولكن ذلك لم يمنع من تحديد شروطه من طرف الفقهاء وضبطه بالقدر الذي يتماشى مع خصائصه بمراعاة موضوعه ونوع العقوبات الصادر بشأنها و كذا احترام القواعد التي اضطلع على إتباعها في استعمال هذا الحق وتطبيقه، ولهذا حاول الفقه 3 استنباط بعض الشروط كما درجت المؤسسات العقابية على إعمال بعض الإجراءات لتنفيذه طبقا لنص الدستور والتعليمات الوزارية الصادرة بشأنه، والتي سنتناولها تباعا بين شروط الإستفادة من العفو ثم إجراءات صدور و تطبيق مرسوم العفو ثم نتطرق في نقطة موالية إلىالآثار المترتبة عن ذلك.

    المبحث الأول: شروط وإجراءات العفو عن العقوبة

    في الواقع الدستورمنح العفو لرئيس الجمهورية يستخدمه وفقا لسلطته التقديرية و لم يقيده بأية شروط تراعىعند إصداره له ولكن الفقه درج على دراسة بعض الشروط الواجب توافرها في العقوبة محل طلب العفو، والمستنبطة أغلبها من مراسيم العفو، إضافة إلى بعض الشروط الخاصة التي يحددها مرسوم العفوو التعليمات الوزارية المكملة له والتي تختلف عادة بحسب الظروف الاجتماعية والسياسية السائدة.
    وتتمحور هذه الشروط في مجموعها حول الحكم الذي يجب أن يكون صادر عن هيئة قضائية و نهائي غير قابل للطعن أي أن العقوبة لا تمس إلا المحكوم عليهم نهائيا.كما يجب أن تكون العقوبة واجبة النفاذ وسوف نتطرق إلى كل نقطة بشيء من التفصيل ثم نعرج إلى إجراءات صدور العفو.

    المطلب الأول: شــروط الاستفادة من العفو عن العقوبـة:

    يقتضي الأمر للاستفادة من العفو توافر مجموعة من الشروط لا بد من مراعاتها والحرص على توافرهاعند طالب العفو أو للمحكوم عليهم الذين سيطبق عليهم ومن هذه الشروط:
    أولا- أن يكون هناك حكما جزائيا صادر من هيئة قضائية:
    فالحكم الجزائي أو القضائي بصفة عامة هو القرار الصادر عن محكمة مشكلة تشكيلا قانونيا في منازعة مطروحة عليها بخصومات رفعت إليها وفقا للقانون1.
    وفي هذا الصدد يمكن القول أن الحكم الجزائي هو ما فصل في موضوع الدعوى الجزائية حتى لو صدر عن محكمة مدنية ما دام أنه فصل في دعوى جزائية،ولا يهم إن صدر الحكم من المحاكم العادية أو الاستثنائية ولكن تستبعد عن نطاق هذه الدراسة الأحكام والقرارات الصادرةعن هيئة غير قضائية كأن تكون صادرة عن إدارة الجمارك ،أو إدارة الضرائب فيما يخص الغرامات وكذلك العقوبات التأديبية التي تتخذها الإدارة بواسطة لجنة التأديب طبقا للنظام الداخلي للمؤسسة.
    كذلك الأوامر القضائية تكون مستبعدة من نطاق العفو عن العقوبة والتي تكون صادرة عن قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام2 كونها غير فاصلة في الموضوع ولا تتمتع بأية حجية 3 ،كما أنها لا تعد إلا إجراءات ردعية أو وقائية لحسن سير التحقيق والوصول إلى الحقيقة،و هي تفصل فقط في توافر أو عدم توفر الظروف التي تجعل الدعوى صالحة لإحالتها على المحكمة للفصل في موضوعها وما دامت قرارات سلطة التحقيق لا ترقى إلى درجة الحكم فإنه لا يجوز تقديم طلب العفو فيها كأن يقدم طلب العفو عن الحبس المؤقت .
    كما أنه في بعض الأحيان يستثني مرسوم العفو الأحكام الصادرة من المحاكم العسكرية، مع أن الأصل انه لا يوجد ما يمنع صدور العفو فيها.
    ثانيا- أن يكون الحكم نهائيا: يتحدد ذلك بكون الحكم غير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن ويستفاد من هذا الشرط أن يكون العفو عن العقوبة يتميز بالطابع الاحتياطي أي لا يلجأ إليه إلا بعد إستننفاذ جميع طرق الطعن العادية وغير العادية أو بعد إنقضاء مواعيد الطعن التي حددها المشرع للمعارضة والإستنئناف والنقض سواء بالنسبة للنيابة أو المحكوم عليه 4.
    وللتأكد من هذا الشرط يطلب من المحكوم عليه المعني بالعفو شهادة عدم الطعن للتأكد من صيرورة الحكم نهائي.
    وحتى يكون الحكم نهائيا أيضا يجب أن يكون حضوريا لأن الأحكام الغيابية لا يمكن العفو فيها لكون الحكم الغيابي في المواد الجزائية هو حكم تهديدي يبطل بمجرد حضور أو إلقاء القبض على المحكوم عليه من قبل سقوط العقوبة بمضي المدة1.
    وكذلك الحال بالنسبة للأحكام الصادرة من المحاكم الجنائية في غيبة المتهم لا يجوز طلب العفو فيها.
    وهنا يطرح التساؤل الآتي:هل صفة النهائية شرط يحدده رئيس الجمهورية لاستفادة المحكوم عليه من العفو أم أن هذه الصفة هي شرط لرئيس الجمهورية لممارسة حق العفو؟
    بالرجوع إلي النص الدستوري الذي يخول لرئيس الجمهورية هذا الحق نجده ينص علىأنه(يمنح العفو عن العقوبة) الأمر الذي دفع إلي الاعتقاد أن العقوبة المقصود بها هنا هي النهائية وبالتالي لا يمكن أن يصدر العفو في مرحلة المتابعة، فيما يري البعض الأخر أن صفة النهائية هي شرط مقرر من رئيس الجمهورية وله ان يتخلى عليه ويصدر المرسوم بدون اشتراط أن تكون العقوبة نهائية وذلك ما حدث من خلال المراسيم الصادرة بشأن المتابعين في الجرائم الإرهابية ولكن الأمر يدعو الي إعتبارها حالات إستثنائية اقتضتها الإضطرابات التي حدثت في تلك الفترة ولا يمكن القياس عليها.
    ثالثا-أن تكون العقوبة نافذة: لا يكفي وجود الحكم القضائي الذي يقرر مسؤولية المتهم بإسناد الفعل إليه ثم يصدر الحكم ببراءته نظرا لتوافر مانع من موانع المسؤولية أو موانع العقاب أو سبب من أسباب الإباحة لتقديم طلب العفو، بل يجب أن يكون هناك حكما قضائيا بعقوبة جنائية تهدف إلى إيلام المحكوم عليه، والعقوبة قد تكون بدنية بالحبس أو مالية بالغرامات على أن تكون نافذة، والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الموضوع هل يستفيد من العفو من صدر ضده حكما مع وقف التنفيذ ؟
    إختلف الفقهاء في الإجابة عن هذا السؤال بين مؤيد و معارض و من أبرز المؤيدين الفقيه «جارو" الذي لا يرى مانعا من العفو عن العقوبة المحكوم بها مع وقف التنفيذ، لأنها تنفذ إذا ارتكب المحكوم عليه جريمة أخرى خلال مدة الإيقاف و يكون العفو عن العقوبة هو الإقالة نهائيا من تنفيذها2.
    فيما يرى جانب آخر من الفقه خلاف ذلك إذ أنه مادام تنفيذ العقوبة غير جائز في خلال مدة الإيقاف فلا يجوز الإعفاء منها خلال هذه المدة و من ثم حق التنفيذ و حق العفو معلقين على شرط واحد هو إلغاء وقف التنفيذ فإذا انتهى أجل وقف التنفيذ فلا يمكن أن نطبق العفو عن العقوبة لأن الحكم يكون وقتتئذا كأن لم يكن.
    كما يضيف فريق آخر أنه بالرجوع إلى مضمون العفو عن العقوبة نجد أنه بمثابة الوسيلة التي تحول دون تنفيذ العقوبة المحكوم بها. و الشخص المحكوم عليه بعقوبة موقوفة النفاذ وضعيته أحسن من المحكوم عليه بعقوبة نافذة و مادام وقف التنفيذ قائم و ساري فلا حاجة إلى العفو عن العقوبة، إضافة إلى ذلك فإن الشخص المستفيد من وقف التنفيذ إذا منحناه العفو نكون قد قدمنا له مكافأة يحتمل على إثر ذلك أن يرتكب جريمة مستقبلا و لهذا يعتبر شرط إيقاف التنفيذ الضمانة الوحيدة لكي لا يعود المحكوم عليه تحت الإيقاف لارتكاب الجريمة مرة ثانية. أما إذا عاد و خالف شروط وقف التنفيذ فقد أثبت عدم جدارته و استحقاقه لوقف التنفيذ من جهة و نيل العفو على العقوبة من جهة أخرى.
    من جهة أخرى فإنه بالرجوع إلى مرسوم العفو نجده ينص على المحبوسين وغير المحبوسين فهل يشملغير المحبوسين المحكوم عليهم بعقوبة مع وقف التنفيذ ؟
    في الواقع فإن هذه الحالة لم يسبق وأن صدر مرسوما للعفو يقررها كما أن المؤسسات لم يسبق لها تطبيقها ولهذا يبقى السؤال معلقا.
    هذه هي الشروط الواجب توافرها في العقوبة محل طلب العفو و التي يجب مراعاتها قبل تقديم طلب العفو أو بعد صدور مرسوم العفو الجماعي، غير أن هذه الشروط تخضع لفكرة الملائمة العامة من طرف رئيس الجمهورية التي تقتضيها المصلحة العامة للمجتمع و التي تخضع لسلطته التقديرية، و فكرة الملائمة العامة مرتبطة بالمصلحة الاجتماعية و تتجلى من خلال المقارنة بين المصلحة التي يحققها العفو عن العقوبة بعد خروج المحكوم عليه من المؤسسة العقابية ومصلحة بقاءه بداخلها فإذا تغلبت مصلحة العفو عن العقوبة على المحكوم عليه و تأكدت منفعته للمجتمع أفضل من بقائه خاضعا للعقوبة بالمؤسسة العقابية يمكنه الإستفادة من العفووإلا حرم منه.
    والعناصر التي تدخل ضمن سلطة الملائمة و لو أنها كثيرة و متنوعة لا يمكن حصرهاأو تعدادها،فبعضهايرجع إلى الوقائع التي من أجلها حكم على المحكوم عليه،أو نوع الجريمة، مقدار و طبيعة العقوبة المحكوم بها و كل هذه العوامل لها تأثيرها المباشر على تقدير الملائمة.
    - فمن حيث شخصية المحكوم عليه تتحدد سلطة الملائمة من خلال التعرف على سلوكه و أخلاقه قبل الحكم عليه و خلال تواجده بالمؤسسة العقابية و جنسه، مسؤوليته العائلية، سوابقه العدلية، والمحيط الاجتماعي الذي كان يعيش فيه و مستواه التعليمي، و كل هذه المعلومات تساعد رئيس الجمهورية في تقدير ملائمة العفو عن العقوبة قبل منحه.
    -ومن حيث طبيعة الجريمة كما نعلم فإن الأفعال الإجرامية ليست على درجة واحدة من الخطورة لذلك ينظر إلى طبيعة الجريمة بحسب ما خلفته من إنعكاسات في شعور الرأي العام و مدى تأثيرها عليه، فإذا كانت من الجرائم التي تسبب اضطرابا في المجتمع أو كان لها تأثير سلبي على نظامه العام ففي هذه الحالة لا يكون العفو ملائما و يستحسن تفادي منحه
    -أما من حيث مقدار و طبيعة العقوبة فإنه إذا كان العفو عن العقوبة يتمثل في تخفيف شدة العقوبة و تحقيق المساواة بين المحكوم عليهم فإن ذلك يرتبط بجنس المحكوم عليه، سنه وحالته الصحية، و فيما كانت العقوبات سالبة للحرية أو مقيدة لها و في ذلك إعتبار هام في تقدير ملائمة العفو عن العقوبة.

    المطلب الثاني: إجراءات صدور مرسوم العفو عن العقوبــة:

    في غياب النصوص التنظيمية التي تتحدث عن إجراءات صدور وتنفيذ مرسوم العفو عن العقوبة نقول أن العفو قد يصدر في صورة فردية أي يمنح ويطبق على شخص محدد وفقا لمجموعة من الضوابط تبين في مرسوم العفو عن العقوبة دون أن يرتبط منح هذا العفو بتاريخ معين أو مناسبة من المناسبات بل يخضع لتقدير رئيس الجمهورية ويصدر هذا العفو بناءا على طلب المحكوم عليه أ و من يمثله أو ينوب عنه ،وقد يكون تلقائيا أو بمبادرة من رئيس الجمهورية ويصدر العفوهنا جماعيا يستفيد منه مجموعة من المحكوم عليهم على إختلاف أوصافهم ودرجة استحقاقهم ويمنح عادة في المناسبات الدينية والوطنية ويطبق هذا النوع من العفو على الأقل في كل مناسبةبناءا على دراسة تقدمها وزارة العدل.
    وعليه سنتاول إجراءات صدور كل واحد من النوعين
    أولا -حالات إصدار العفو
    أ/ حالة تقديم طلب العفو عن العقوبة العفو الخاص :
    قد يرغب المحكوم عليه الذي توافرت فيه الشروط السابقة الذكر من طلب العفو فيقوم بتقديم طلب العفو بنفسه أو بواسطة دفاعه نيابة عنه كما يمكن لزوجه أو والديه أو أحد فروعه أو أصوله أو كل من له مصلحة في ذلك، كما قد يقدم الطلب من النيابة العامة أو من طرف قاضي تطبيق العقوبات أو من طرف مدير المؤسسة العقابية ويتجلى ذلك خاصة في الظروف السياسية أو عندما يقدم المحكوم عليه خدمات جليلة للوطن كما قد يقدم طلب العفو من وزير العدل نفسه.
    والطلب لا يخضع في تحريره إلى ضوابط معينة لا من حيث شكله و لا من حيث موضوعه أي لا يوجد نموذج خاص يتقيد به الطلب الخاص بالعفو، و لكن يجب أن يحتوي على كل البيانات و المعلومات الكافية التي تتعلق بهوية المحكوم عليه و المعلومات حول الجريمة المتابع بها و العقوبة المحكوم بها عليه و مكان حبسه كما يمكن أن يتضمن الطلب الأسباب التي يرى الطالب أنها تسعفه في الحصول على موافقة رئيس الجمهورية على طلبه كأن يستند إلى أسباب تخص حالته الصحية التي لا تسمح له بتحمل العقوبة أو إلى وضعيته العائلية، أو أنه قد قدم خدمة جليلة للوطن خاصة في قضايا الإرهاب.
    ويوجه الطلب في ظرف مغلق إلى وكيل الجمهورية المختص بدائرة تواجد المؤسسة العقابية المتواجد بها المحكوم عليه ، أو إلى رئاسة الجمهورية ، أو إلي وزارة العدل .
    و الطلب كإجراء شكلي ضروري في جميع أنواع العقوبات للحصول على العفو باستثناء عقوبة الإعدام التي يقدم فيها الملف وجوبا إلى رئاسة الجمهورية تلقائيا بغض النظر عن تقديم الطلب و ذلك بمجرد إنقضاء ميعاد الطعن بالنقض و يوضع الملف مباشرة على مكتب رئيس الجمهورية لدراسته و البت فيه و لا يمكن تنفيذ عقوبة الإعدام إلا بعد الفصل في طلب العفو الأمر المنصوص عليه بالمادتين 155 156 من قانون السجون وإعادة الإدماج.
    أما في غيرها من العقوبات فإن تقديم الطلب يعد إجراءا ضروريا و أساسيا للنظر في إمكانية الحصول على العفو عن العقوبة.
    ويخضع الطلب في إجراءاته بإرساله عن طريق البريد العام إلى وكيل الجمهورية بدائرة اختصاص موطن المحكوم عليه أو المؤسسة العقابية المتواجد بها.
    وهنا يقوم وكيل الجمهورية بتشكيل الملف المتكون من:
    - نسخة من شهادة الهوية.
    - شهادة وجود المسجون بالمؤسسة العقابية إن كان محبوسا.
    - شهادة الوضعية الجزائية.
    - نسخة من الحكم أو القرار.
    بعدها يقوم وكيل الجمهورية باتخاذ الإجراءات اللازمة لاستكمال الملف في حالة غياب بعض الوثائق كما يقوم بإجراء التحريات حول سلوك الطالب وظروف معيشته قبل دخوله المؤسسة ومدى استقامته بداخلها وضمن محيطه الاجتماعي، و يرسل الملف بعد تشكيله مشفوعا برأيه إلى النيابة العامة التي ترسله إلى وزارة العدل.
    كما قد يقدم الطلب مباشرة إلى وزار ة العدل التي تضع مسبقا قائمة الوثائق اللازمة؟، وعند توافرها في ملف الطالب تقوم بإرساله إلى النيابة العامة المتواجد بدائرة اختصاصها موطن المحكوم عليه أو المؤسسة العقابية المتواجد بها إن كان محبوسا، وإن لم يكن محبوسا فالمحكمة الصادر منها حكم الإدانة.
    إجراءات صدور المرسوم بناءا على طلبات العفو:
    بوصول طلبات العفو إلى وزارة العدل يتم تحويلها إلى مديرية الشؤون الجزائية وإجراءات العفو ، هذه الأخيرة التي يوجد على مستواها ثلاث مديريات فرعية من بينها المديرية الفرعية لتنفيذ العقوبات وإجراءات العفو التي تتولى استلام طلبات العفو وتشكيل الملفات إن لم تكن مشكلة و تقوم بإرسالها إلى النائب العام المختص الذي يقوم بدراستها وتقديم تقرير عن كل ملف منها كماتقوم بطلب التوضيحات والمعلومات اللازمة عن طالب العفو عن طريق وكلاء الجمهورية الذين تمت في دائرة اختصاصهم محاكمة طالب العفو ويعدون تقريرا مفصلا مع تحليل الوقائع التي كانت سببا في الحكم ويرجعونه إلى الوزارة.وهنا ليس لها صلاحية استبعاد أي طلب للعفو مهما كانت المبررات لأن مهمتها تقتصر على الجوانب التقنية والفنية المحضة دون أن تتعدىإلىأبعد من ذلك.
    بعدها تقوم وزارة العدل بعرض الملفات على المجلس الأعلى للقضاء والذي يبدي رأيا استشاريا طبقا للمادة 156 من الدستور والمادة 10 من القانون الداخلي للمجلس الأعلى للقضاء.
    تعرض الملفات فيما بعد على رئيس الجمهورية المخول له وحده دستوريا سلطة إصدار مرسوم العفو لفائدة المحكوم عليهم وفقا لسلطته التقديرية وسلطة الملائمة.
    والإشكال الذي طرح نفسه هو أن رئيس الجمهورية يترأس المجلس الأعلى للقضاء طبقا للدستور فكيف يستشير هيئة يرأسها ؟ الأمر بدى غريبا في الأوساط القانونية غير أن الاستشارة غير ملزمة له وإنما يسترشد بها وقد تكون ضرورية في بعض الأحيان ولكن من الناحية العملية رئيس الجمهورية غير ملزم بمضمونها.
    وعلى خلاف الأمر في الدول العربية فإن طلبات العفو توجه إلى وزارة العدل، ويقوم وزير العدل بأخذ قوائم المحكوم عليهم ليوزعها على رؤساء المجالس القضائية حسب إاختصاصاتهم للقيام بالتحريات اللازمة عن كل طالب للعفو مع التركيز على سوابقه وحالته الاجتماعية وخطورة الجرم الذي ارتكبه،ثم تحول الملفات بعد تشكيلها إلى المصلحة المختصة التى تعرضها على لجنة العفو الموجودة على مستوى الوزارة والتي تتشكل من قضاة يعينون بموجب مرسوم ، يقوم رئيس اللجنة أو من ينوبه من الأعضاء بعرض تقرير موجز عن وقائع القضية و الأدلة التي استند الحكم عليها وعن أسباب طلب العفو و الأسباب الداعية إلى استبدال العقوبة بغيرها ،وتبدي اللجنة رأيها بالإجماع أو الأغلبية في قبول طلب العفو أو رفضه ثم بعد ذلك يقدم التقرير إلى السيد وزير العدل الذي يضعه بين يدي رئيس الجمهورية.
    ب/حالة العفو الذي يصدر بمبادرة من رئيس الجمهورية (العفو الجماعي)
    كما ذكرنا العفو قد يصدر بناءا على الإرادة المنفردة لرئيس الجمهورية دون حاجة إلى تقديم طلب، كما قد يصدر بناءا على اقتراح من وزير العدل، ويكون هذا العفو عادة جماعيا علىإثر أزمة سياسة أو تغيير في أنظمة الحكم أو النصوص التشريعية ويصدرعادة في المناسبات الوطنية أو الدينية.
    ويتم اقتراح الأشخاص المستفيدين من العفو في جرائم معينة بناءا على دراسة مشتركة بين مديرية إدارة السجون ومديرية تطبيق العقوبات وذلك على إثر إحصائيات ودرا سات تتعلق بالمسجونين المؤهلين للاستفادة من العفو وكذلك في إطار التخفيف من اكتظاظ السجون وتطبيق السياسة العقابية لإعادة إدماج بعض الفئات.
    وفي الحالتين المذكورتينيتم عرض الأمر على المجلس الأعلى للقضاء.
    ثانيا -طلب الرأي الإستشاري من المجلس الأعلى للقضاء:
    تقوم وزارة العدل بعد إعداد ملفات طلب العفو أو بعد اقتراح العفو بعرض الأمر على المجلس الأعلى للقضاء لإبداء رأيه الإستشاري فيما يخص إصدار مرسوم العفو وذلك بحسب نصي المادتين 156 من الدستور والمادة 10 من قانون المجلس الأعلى للقضاء,إذ يجتمع هذا الأخيرفي شكل لجنة لها نفس التشكيلة العادية التي تجتمع للفصل في الاختصاصات المخولة له في قانونه الداخلي .
    وعادة ما يتم عرضه عند انعقاد المجلس في دورته العادية أو يتم إخطار الأعضاء من قبل وزير العدل الذي يعد نائب الرئيس لانعقاد الدورة ودراسة ملفات العفو أو مشروع العفو ،غير أن إبداء رأيه ليس شرطا أن يصدر بالأغلبية وإنما يصدر بشكل تشاوري فقط.
    و كما ذكرنا سابقا فإن رأي المجلس ليس ملزما لرئيس الجمهورية وإنما يؤخذ على سبيل الاستشارة فقط.
    ثالثا :صدور مرسوم العفـو:
    بعد استنفاذ الإجراءات السالفة الذكر يصدر رئيس الجمهورية مرسوم العفو عن العقوبة ويوقعه وينشر في الجريدة الرسمية .
    وهناك من الدول من تشترط توقيع وزير العدل مع توقيع رئيس الجمهورية وهي بذلك تهدف إلى إشراك مسؤولية الوزير في منح العفو عن العقوبة عندظهور نتائج سلبية عن سوء تقدير منح العفو.
    كما يهدف إشراك هيئات أخرى في التوقيع كنوع من الرقابة السياسية مثلما هو الحال في دستور فرنسا عام1958 التي أشركت وزير العدل ورئيس الحكومة في توقيع المرسوم وعند الاقتضاء من الوزير الذي لجأ إلى التحقيق في المراجعة وتحضير الملفات .
    رابعا -حالات العفو عن العقوبة:
    طبقا لما نص عليه الدستور فان سلطة رئيس الجمهورية تكون في الإعفاء من العقوبات كليا أو تخفيضها جزئيا أو استبدالها وتبعا لذلك يصدر المرسوم في الحالات التالية2:
    -الإعفاء الكلي للعقوبة وتبعا لذلك محو العقوبة المحكوم بها بكاملها ويتعين الإفراج عن المحكوم عليه ما لم يكن محبوسا لسبب أخر.
    - الإعفاء الجزئي للعقوبة أي تخفيضها جزئيا بخصم المدة المعفى عنها من العقوبة الأصلية المحكوم بها.
    - إستبدال العقوبة بعقوبة أخف منها ويتعين في هذه الحالة مراعاة الشروط الثلاثة التالية:
    - إبدال عقوبة شديدة بعقوبة أخف منها كإبدال الحبس بالغرامة.
    - أن تكون العقوبة التي جعلها العفو بدلا من العقوبة المحكوم بها عقوبة مقررة قانونا.
    - إذا وضعت شروط للعفو يجب ألا يكون الشرط من شأنه أن يسئ الى حالة المحكوم عليه.

    المبحث الثاني : طريقة تطبيق مرسوم العفو


    بمجرد صدور مرسوم العفو ونشره في الجريدة الرسمية يبدأ في تنفيذه وذلك عن طريق وزارة العدل طبقا للاختصاصات المحددة لها في القانون، وقد يتساءل البعض عن ضرورة صدور مرسوم العفو عن العقوبة في الجريدة الرسمية والآثار المترتبة على ذلك، بمعنى هل ينفذ مرسوم العفو عن العقوبة بمجرد التوقيع عليه من طرف رئيس الجمهورية، أو ينتظر إلى حين صدوره في الجريدة الرسمية؟.
    إن العفو عن العقوبة ليس بقانون مثل العفو الشامل الذي لا يعتبر نافذا إلا بعد نشره في الجريدة الرسمية و إنما ينفذ مرسوم العفو بمجرد توقيعه، ونشره في الجريدة الرسمية لا يترتب عليه أي أثر وإنما الأثر يتحدد بتاريخ إمضاء المرسوم الذي يعتد به في اعتبار الحكم نهائيا إضافة إلى جعله نقطة الانطلاق لتنفيذ إجراءات العفو.
    ويجرى تطبيقه كما ذكرنا سابقا عن طريق وزارة العدل بناءا على مذكرة أو تعليمة وزارية تتضمن شرح مفصل للشروط التي تضمنها مرسوم العفو، وتحدد الفئات المستفيدة والمستثناة من العفو إضافة إلى الترتيبات اللازمة لتنفيذ إجراءات العفو هذه الأخيرة التي ترسل إلى المؤسسات العقابية لتنفيذها وإخطار الإدارة المركزية بوزارة العدل بكل المستجدات.

    المطلب الأول: صدور تعليمة وزارية تبين كيفية تنفيذ مرسوم العفو

    بالرجوع إل المادة 08من المرسوم التنفيذي رقم 02/409 المحددة لصلاحيات وزير العدل حافظ الأختام نجدها تنص على مايلي:''يسهر وزير العدل حافظ الأختام على تطبيق العقوبات كما يسهر في ذلك الإطار على حسن سير المؤسسات لتطبيق العقوبات وإعادة التربية.
    - ويعد وينفذ بهذه الصفة كل تدبير ذو طابع تشريعي أو تنظيمي ويسهر على تطبيقه ''
    انطلاقا من هذه المادة نجد وزارة العدل بواسطة المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج تتولى متابعة تنفيذ مرسوم العفو وذلك بإصدار تعليمة ترسل إلى السادة النواب العامون لدى المجالس القضائية للتنفيذ والمتابعة وإلى مدراء المؤسسات العقابية للتنفيذ، وتتضمن هذه المذكرة كيفية تنفيذ مرسوم العفو على النحو التالي:
    - تحديد الفئات المستفيدة إما من التخفيض الكلي أي الإعفاء الكلي للعقوبة أو التخفيض الجزئي وذلك بتبيان الشروط الواجب توافرها للاستفادة من العفو كأن يتعلق الأمر بكونهم مبتدئين أو منتكسين، محبوسين أو غير محبوسين و توضيح العقوبة المحكوم بها عليهم أو المدة المتبقية من العقوبة المقضي بها عليهم مع تبيان طبيعة الجريمة المتابعين بها .
    - تحديد الفئات المستثناة أي غير المستفيدين من العفو وعادة هم الأشخاص المحكوم عليهم في جرائم خطيرة يصعب على المجتمع تناسيها أو التسامح فيها كالجرائم المتعلقة بالتخريب والإرهاب طبقا للمرسوم التشريعي 92/03 وكذلك الجرائم الماسة بأمن الدولة و الاقتصاد الوطني والجرائم الأخلاقية أي جميع الجرائم التي لا يرجى إصلاح حال المجرم من ورائها.
    - تحديد الشروط الواجب مراعاتها في العقوبة المحكوم بها كأن تكون صادرة بموجب حكم نهائي عند تاريخ إمضاء هذا المرسوم، أن لا تكون صادرة من محكمة عسكرية، إضافة إلى رسم حدود التخفيضات الجزئية للعقوبة.
    - تحديد بعض الترتيبات والتدابير التنظيمية فيما يخص تنفيذ إجراءات العفو كتحديد تاريخ الشروع في عملية التنفيذ، الوثائق الضرورية التي يجب الاعتماد عليها في العملية والمتمثلة في مستخرج الحكم وشهادة عدم الاستئناف أو عدم الطعن، كيفية التبليغ للمستفيدين من العفو والتي تتم بموجب محاضر تبليغ بالنسبة للجزائريين فيما تكون بموجب محضر تسليم بالنسبة للمحبوسين الأجانب.
    - تحديد الجهة المخولة بالفصل في إشكالات التنفيذ، مع تبليغ الإدارة المركزية بنتائج تطبيق أحكام المرسوم.

    المطلب الثاني: طريقة تنفيذ التعليمة الوزاريةعلى مستوى المؤسسات العقابية

    بعد صدور المذكرة الوزارية ترسل عن طريق المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة التربية إلى المجالس القضائية ليتولى النواب العامون السهر على تنفيذها وذلك بإرسالها إلى المؤسسات العقابية للشروع في تنفيذها مباشرة ،وتبعا لذلك تتم العملية وفق الإجراءات التالية:
    - تقوم كتابة الضبط القضائية في المؤسسة العقابية بإخراج جميع الملفات للمحبوسين المحكوم عليهم نهائيا ثم تقوم بفرزها بناءا علىالشروط التي حددها مرسوم العفو، وتصنف ملفات المستفيدين على جهة والمستثنين في جهة أخرى ليتم عرضها على اللجنة.
    - يتم تكوين لجنة على مستوى المؤسسة العقابية تتكون من مدير المؤسسة العقابية، قاضي تطبيق العقوبات، وكيل الجمهورية و رئيس كتابة الجهة القضائية للمؤسسة العقابية.
    - بالنسبة للمستفيدين الذين تتوافر فيهم الشروط المحددة في التعليمة الوزارية يتم التأكد من صفة النهائية وذلك بالرجوع إلى صورة القرار النهائي للحبس، شهادة عدم الطعن، أو عدم الاستئناف،أما معرفة صفة المحكوم عليه إن كان مبتدئا أو منتكسا فيتم الرجوع إلى بطاقة السوابق القضائية رقم02.
    - بعد التأكد من شروط الاستفادة تنفذ التعليمة بتطبيق عملية التخفيض وهنا يتم التركيز على منطوق الحكم فيما يخص العقوبة المحكوم بها والتي ستكون محل التخفيض الجزئي أو الإلغاء الكلي.
    - بعدها تصنف ملفات المستفيدين من العفو الكلي على جهة والمستفيدين من العفو الجزئي على جهة ويتم إعداد القوائم الاسمية للمستفيدين من العفو بحسب النموذج الذي تحدده الوزارة والذي يحتوي على الإحصائيات الإجمالية بحسب صفة المستفيد كأن يكون من الأحداث أو النساء ........الخ وترسل في شكل جداول يوميا إلى المديرية العامة للسجون لإرسالها إلى الإدارة المركزية بوزارة العدل، كما ترسل إلى قاضي تطبيق العقوبات.
    - كما أن التعليمة الوزارية تحدد الجهات المختصة بالفصل في أي إشكال يثور بشأن التنفيذ حيث يعود الاختصاص إلىآخر جهة قضائية فصلت في الحكمطبقا للمادة 09 من قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج.
    - يتم تبليغ المحكوم عليهم المستفيدين من العفو الجزائريين بموجب محضر تبليغ الذي يكون محررا على نسختين أحدهما تبقى في الملف و الأخرى ترسل إلى قاضي تطبيق العقوبات، ومحضر التبليغ يكون ممضيا من طرف كاتب الضبط القضائي للمؤسسة العقابية ومديرها والمحكوم عليه، وعملية التنفيذ تبدأ بالجزائريين قبل الأجانب،الذين يتم تسليمهم إلى مصالح الأمن بموجب محضر تسليم لإخراجهم خارج التراب الجزائري.
    - بعد الإنتهاء من العملية يتم الإفراج عن المستفيدين من الإعفاء الكلي للعقوبة وتمنح لهم رخصة الخروج، فيما يتم إنقاص المدة المخفضة من العقوبة بموجب مرسوم العفو من المدة المقضي بها في الحكم ليستكمل المحكوم عليه ما تبقى له من العقوبة.
    - في الأخير ترسل النتائج النهائية إلى وزارة العدل مرفقة بمحاضر التبليغ عن طريق النيابة العامة
    وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال حول مدى إمكانية الطعن أو التظلم في حالة عدم الاستفادة من العفو الجماعي أو رفض قبول طلب العفو المقدم إلى الوزارة؟
    قانونيا لا توجد أية أداة قانونية تخول للمحكوم عليه هذا الحق, ولكن بحسب التطبيق العملي فإنه يجوز للمحكوم عليه الذي لم يستفد من العفو أن يقدم التظلم إلى مديرية تطبيق العقوبات المتواجدة على مستوى المديرية العامة لإدارة السجون.

    المبحث الثالث: آثار العفـو عن العقوبـة


    رغم ما يتمتع به العفو عن العقوبة من أهمية إلا أن آثاره محدودة في نطاق العقوبة المحكوم بها المطبقة فعلا على المحكوم عليه وإلزامي يطبق بمجرد النطق به، ولا يمكن الاعتراض عليه مهما كانت النتائج المترتبة عنه ذلك لأن كل ماهو مرتبط بالعقوبة أو بطريقة تنفيذها يتعلق بالنظام العام ولا يجوز للمحكوم عليهالمستفيد من العفو الإدعاء بإكتسابه حقا في استمرار تنفيذ العقوبة عليه وبالمقابل من ذلك المجتمع له مصلحة في إعفائه من تحمل نتائج العقوبة المحكوم بها عليه وهذا ما يؤكد المبدأ الإلزامي للعفو.

    المطلب الأول: آثار العفو على المحكوم عليه:

    أولا وقبل التطرق إلى الآثار المترتبة عن صدور مرسوم العفو خاصة بعد الموافقة عليه تجدر بنا الإشارة إلى الآثار المترتبة عن تقديم طلب العفو نظرا إلى أن القانون قد نص عليها في بعض المواضع ورتب عنها بعض الآثار نذكر منها:
    - إستفادة المحكوم عليه بعقوبة الحبس لمدة تقل عن ستة أشهر أو مساوية لها إلى تأجيل تنفيذ العقوبة اذا كان قد قدم طلب العفو .وذلك ما نصت عليه المادة 16/08من قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج .
    - إستفادة المحكوم عليه محل إجراءات الإكراه البدني من أجل عدم تنفيذ عقوبة غرامة قدم بشأنها طلب العفو وذلك طبقا للمادة 06/09 من نفس القانون السابق.
    وفي الحالتين لابد أن يكون الأشخاص محل الحكم لم يكونوا محبوسين عندما أصبح الحكم أو القرار الصادر عليهم نهائيا، كما ينقضي الأجل بالفصل في طلب العفو، فإذا كان بالموافقة على العفو تسقط العقوبة أما إذا كان العكس فإن العقوبة تنفذ.
    - حساب المدة التي تم خفضها من العقوبة بموجب العفو الرئاسي كأنها مدة حبس قضاها المحبوس فعلا وتدخل ضمن حساب فترة الاختبار وذلك فيما عدا حالة المحبوس المحكوم عليه بعقوبة السجن المؤبد طبقا للمادة 134من القانون السابق.
    - إيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام إلى غاية رفض طلب العفو، ولا يبلغ المحكوم عليه بالإعدام برفض العفو عنه إلا عند تنفيذ العقوبة طبقا للمادتين155/ 156من القانون السابق.
    وبعد البت في الطلب قد يصدر بالموافقة أو الرفض ولكل حالة آثارها المترتبة عنها.
    في حالة الموافقة على العفو عن العقوبة وصدور المرسوم يطبق على المحكوم عليهم بحسب صورته و الشكل الذي اتخذه نص المرسوم ما إذا كان فرديا أو جماعيا، كليا أو جزئيا أو بالإستبدال فيطبق في جميع الحالات على من ذكر اسمه فيه و بحسب ما اشتمل عليه مضمونه.
    ويتميز العفو عن العقوبة بكونه شخصيا لا يستفيد منه إلا من ذكر اسمه في مرسوم العفو فإذا كان معه مساهمون في الجريمة فهم لايستفيدون منه ذلك لأن العفو يمنح على اعتبارات تتعلق بشخص المستفيد منه وقد لا تتوافر تلك الاعتبارات في الشريك في الجريمة .
    - أثر العفو على الحكم بالإدانة:يترتب على صدور مرسوم العفو إمتناع تنفيذ العقوبة إذا كان المرسوم قد أسقطها جميعها وتنفيذ ما أمر به وحده إذا كان قد أسقط بعض العقوبات أو أبدلها بغيرها.
    وعليه فإن العفو لا يمس إلا الأحكام النهائية النافذة الغير قابلة للطعن بأي طريق من الطرق العادية والغير عادية والنافذة أي لا تكون موقوفة النفاذ، ومن ثمة فإنه تستثنى الأحكام الغيابية والأحكام الصادرة بعقوبة مع وقف التنفيذ، على العموم مهما كانت طبيعة الحكم فإن مرسوم العفو لا يمس الحكـمالمنطوق به و القاضي بالإدانة ويبقى كما هو مسجلا في صحيفة السوابق القضائيةوفقا للقواعد الشرعية التي ترجع إلى طبيعة الجريمة المرتكبة أو إلى العقوبة المحكوم بها وليست العقوبة المنفذة بعد تدخل العفو ويبقى الحكم منتجا آثاره القانونية.
    كما أن مرسوم العفو عن العقوبة لا يؤثر على الحكم القاضي بإدانة المتهم عن الفعل أو الأفعال المنسوبة إليه بعد ثبوت التهمة وتحقق أركان الجريمة وتوجيه الإثم إلى المحكوم عليه بل تبقى الإدانة قائمة لأن نظام العفو عن العقوبة أنشئ للرأفة وليس لنسيان المجرم وفي حالة العود يعتبر المحكوم عليه عائدا ولا يستفيد من الظروف المخففة ووقف التنفيذ.
    - أثر العفو على سوابق المحكوم عليه: بعد النطق بحكم الإدانة على المحكوم عليه وصيرورته نهائيا يسجل في صحيفة السوابق العدلية للمحكوم عليه رقم "2-3"،و يذكر فيه طبيعة الجريمة المرتكبة نوع ومدة العقوبة المحكوم بها. هذه المعلومات المدونة في صحيفة السوابق العدلية تبقى ثابتة1رغم استفادة المحكوم عليه من العفو عن العقوبة،وكل ما يطرأ هو تحرير بطاقات التعديل من طرف كاتب الجهة القضائية التي أصدرت حكم الإدانة وإرسالها إلى كاتب المجلس القضائي أو إلى رجل القضاء المكلف بصحيفة السوابق القضائية المركزية وذلك في حالة ما إذا كان الأمر يتعلق بالعفو أو إستبدال العقوبة أو تخفيضها وذلك ما نصت عليه المادة 627من قانون الإجراءات الجزائية .
    وهنا يقوم كاتب محكمة محل الميلاد أو رجل القضاء المنوط به صحيفة السوابق القضائية المركزية بمجرد استلامه قسيمة التعديل المنصوص عليها سابقا بقيد العفو واستبدال العقوبة باخرى أو تخفيضها على القسائم رقم 01 طبقا للمادة 626 من القانون السابق.
    - كما حثت المادة 661/1من قانون الإجراءات الجزائية على الإشارة إلى إجراءات العفو في بطاقات صحيفة المرور بعد الإطلاع على إخطار كاتب الجهة القضائية التي أصدرت الحكم، وهذه الصحيفة متواجدة على مستوى كتابة كل مجلس قضائي وبوزارة العدل والتي تتضمن مخالفات المرور الصادر ضد أحدهم الأحكام المنصوص عليها بالمادة 657 من نفس القانون السابق.
    نفس الأحكام نجد المادة 671ق،إ،ج تضمنتها فيما يخص بطاقات صحيفة الإدمان التي تخص كل شخص صدر عليه حكم في مخالفة متعلقة بالنصوص الخاصة ببيع المشروبات والإجراءات المقررة ضد الإدمان على الخمور .
    و في حالة ارتكاب المستفيد من العفو جريمة أخرى وحكم عليه فإنهاتعتبر سابقة في العود و هنا يشترط لتحقيق العود تحقق الركنين: الأول ثبوت الحكم النهائي السابق، والثاني وقوع جريمة الجديدة.
    2/ أثر العفو على العقوبة المقضي بها:
    يترتب على صدور مرسوم العفو امتناع تنفيذ العقوبة إما عن طريق الإعفاء الكلي أو الجزئي أ و إستبدال العقوبة الأصلية بعقوبة أقل منها شدة وبالتالي هذا النظام يعطي لنا صورة عن نوع من الإبراء أو المخالصة وهو يقترب في صورته من فكرة التنفيذ الصوري للعقوبة.
    وبحسب هذا التحليل تعتبر العقوبة قد نفذت كاملة وهذا ما يتماشى مع روح نص المادة 677 فقرة 4 من ق.أ ج.ج التي تقابلها المادة 784 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسية3.
    و بذلك يثبت شرعية هذا الحق وعدم مخالفته لجملة من المبادئ القانونية الثابتة والتي لها وزنها وقيمتها في الفكر القانوني ولولا ذلك لنالت منه بعض الانتقادات حقها ومنها على الخصوص حجية الأحكام القضائية ومبدأ الفصل بين السلطات.
    فالعقوبة الأصلية قد تكون بدنية أو مالية وبالعفو ينتهي إلتزام المحكوم عليه بتنفيذ الحكم الصادر ضده نهائيا إما جزئيا أو كليا و باستبدال العقوبة بعقوبة أقل شدة، فإذا كان العفو كليا أعفي المحكوم عليه من تنفيذ كل العقوبة الأصلية المحكوم بها عليه وإذا كان العفو جزئيا يخصم الجزء الذي أعفي المحكوم عليه من تنفيذه، وإذا استغرقت المدة التي أعفي منها ما تبقى من العقوبة يفرج عنه،وإذا كان الجزء المعفى منه أقل من مدة العقوبة تخصم المدة المعفى منها ويبقى المحكوم عليه ينفذ بقية العقوبة أما إذا كان العفو بالإستبدال فإن العقوبة الجديدة المستحدثة بموجب مرسوم العفو تحل محل العقوبة القديمة المحكوم بها من طرف المحكمة وتنفذ هذه الأخيرة.
    وفي حالة التعدد المادي للجرائم هنا العفو ينصب إلا على العقوبة الأشد المراد تطبيقها في حالة الضم.
    - أثر العفو عن العقوبة على العقوبات التبعية والتكميلية وتدابير الأمن:
    قد يصدر حكم الإدانة بعقوبة أصلية فقط، وقد يلحقها بعقوبات أخرى تكميلية أو تدابير امن أو تكون بحكم القانون كالعقوبات التبعية كما هو منصوص عليها في القانون السابق والتي تم إدماجها في العقوبات التكميلية حسب القانون الجديد للعقوبات، وهنا يطرح التساؤل هل مرسوم العفو يمس هذه العقوبات إذا سقطت العقوبة الأصلية أو لابد من النص عليها صراحة في مرسوم العفو؟
    رأينا أن الفقه مجمع في رأيه على تطبيق العفو على العقوبات الأصلية لكن النقاش حول العقوبات التبعية والتكميلية ومجمل التدابير بقي قائما حول مدى إمكانية تطبيق العفو عليها خاصة مع غياب النصوص القانونية المنظمة لهذه المواضيع.
    هناك من رأى أن العفو لا يمس إلا العقوبة الأصلية ولا يسقط العقوبات التبعية أو التكميلية ولا الآثار الجزائية الأخرى المترتبة على حكم الإدانة ما لم ينص في مرسوم العفو على خلاف ذلك، وفي هذا تقول محكمة النقض المصرية "إن العفو عن العقوبة لا يمكن أن يمس الحكم في ذاته ولا يمحو الصفة الجزائية التي تظل عالقة به ولا يؤثر فيما نفذ من العقوبة بل يوقف ذلك جميعا على خلاف العفو الشامل الذي يمحو أثر الجريمة برمتها .
    بالنسبة إلى التدابير الاحترازية أو تدابير الأمن فهناك من يرى أنها مجموعة من الإجراءات التي لها طابع الإجبار والقصر الهدف منها مواجهة خطورة إجرامية كامنة في شخصية مرتكب الجريمة لتدرأها عن المجتمع.
    وهي في مجملها عبارة عن تدابير علاجية وأساليب للمساعدة الاجتماعية شرعت لحماية المحكوم عليه من الوقوع في الجريمة مستقبلا وهذا ما يجعلها خالية من عنصري الإيلام والردع وهذا ما يشفع لبقائها بعيدة عن آثار العفو.
    وقد نص قانون العقوبات في تعديله الجديد خاصة في مادته 21 فيما يخص تدابير الأمن المتعلقة بالحجز القضائي في مؤسسة إستشفائية للأمراض العقلية أن هذا التدبير قد يتخذ بموجب أمر أو حكم أو قرار بإدانة المتهم أو العفو عنه أو تبرئته أو بانتفاء وجه الدعوى الأمر الذي يستشف منه أن العفو لا يحول دون تطبيق تدابير الأمن كون هدفها علاجي ووقائي أكثر منه ردعي وعقابي.
    -أما العقوبات التكميلية تبقى قائمة ومنتجة لآثارها ،وقد حاول البعض إيجاد تفرقة بين العقوبات السالبة للحقوق سواء بصفتها عقوبة أصلية أو تكميلية محكوم بها ومنوه بها صراحة في منطوق الحكم فهذه يشملها العفو بآثاره ويعفى المحكوم عليه من تنفيذها ، وبين العقوبات التكميلية المطبقة تلقائيا وبقوة القانون دون حاجة إلى التنويه بها في منطوق الحكم ،هذه العقوبات تبقى بعيدة ولا تشملها آثار العفو. وتعتبر العقوبات التكميلية جزاءا مستحدثا لتحقيق المصلحة العليا للمحكوم عليه وهي تقترب في جوهرها من التدابير الأمنية أي أن هذه العقوبة تحمل في طياتها فكرة العقوبة الحديثة التي تهدف الى إصلاح وتربية المجرم خاصة فيما تؤثر به على سلوك المحكوم عليه بعد خروجه من المؤسسة،كما أن نظام العقوبة التكميلية ذو مضمون إجتماعي شرع لبناء الفرد المنحرف سلوكا فمن غير الجائز أن يعترض العفو طريقه ويهدم ما قام به.
    أما عقوبة المنع من الإقامة هي عقوبة تكميلية لا يحكم بها مستقلة عن العقوبة الأصلية هذه العقوبة من الناحية المبدئية لا تمتد إليها آثار العفو وهذا النوع من العقوبة يظهر في غالب الأحيان كأنه تدبير أمن أكثر منه عقوبة تكميلية ومن هذه الناحية تبدو أهمية الاحتفاظ بها لحماية المجتمع والمحكوم عليه.
    وأخيرا فالعقوبة التكميلية يمكن أن ترفع ويتوقف تنفيذها بالعفو إذا تضمن مرسوم العفو نص صريح على إعفاء المحكوم عليه منها،وهذا ما لم يسبق حصوله حيث أن العفو في أغلب الأحيان لا يتضمن إلا العقوبات الأصلية المتعلقة بالحبس,
    كما أضاف قانون العقوبات في تعديله الجديد ما يسمى بالفترة الأمنية دون أن يحدد انتمائها إلى العقوبات التكميلية أو تدابير الأمن إذ تنص المادة 60/مكرر01 (عن حرمان المحكوم عليه من بعض التدابير في حالة الحكم عليه بعقوبة سالبة للحرية مدتها تساوي أو تزيد عن عشر سنوات بالنسبة للجرائم التي ورد النص فيها صراحة على فترة أمنية و تساوي هذه المدة نصف العقوبة المحكوم بها وتكون مدتها خمسة عشر سنة في حالة الحكم بالسجن المؤبد
    مالم ينص مرسوم العفو على خلاف ذلك يترتب على تخفيض العقوبات الممنوحة خلال الفترة الأمنية تقليص الفترة بقدر مدة التخفيض من العقوبة
    ويترتب على استبدال عقوبة السجن المؤبد بمدة عشرين سنة تقليص الفترة الأمنية الى عشر سنوات )
    وما يستشف من هذه المواد أن الفترة الأمنية في حالة صدور العفو تطبق بحسب العقوبة الجديدة التي أنشأها مرسوم العفو عند التخفيض أو الاستبدال .

    المطلب الثاني: آثار العفو على الغير

    كما يرتب الفعل المجرم أثرا على المحكوم عليه بالعقوبة يترتب عليه آثار بالنسبة للغير في شكل غرامات مالية مقررة لخزانة الدولة كتعويض عما لحق المجتمع من ضرر وإما في شكل تعويض للغير عن الضرر الذي يلحق به من قبل المحكوم عليه، والذي يبقى له الحق في الحصول على تعويض من الجاني لإصلاح الضرر الذي تسبب فيهإذ لا يضار الغير من مرسوم العفو القاضي بوقف تنفيذ العقوبة أو إلغائها ويمكن أن يمنح العفو عن العقوبة ولو لم يتم دفع التعويضات المدنية ولا يمكن لهذا الغير أن يعترض على استفادة المحكوم عليه من العفو حتى يتم دفع التعويض عن الضرر.
    وكما يكون التعويض هو وسيلة لجبر الضرر، يمكن أن يكون النشر في الجريدة طريقة أخرى من طرق جبر الضرر.
    - أما بالنسبة للغرامة المالية ونظرا للطبيعة المزدوجة لها باعتبارها تعويضا عن الضرر الذي لحق الخزينة العامة من جهة وعقوبة من جهة أخرى فإنها أيضا مستبعدة من آثار العفو ومن ذلك الغرامات المقررة لمصالح إدارة الضرائب، الجمارك و الغابات إلا إذا قرر مرسوم العفو صراحة على إعفاء المحكوم عليه من دفعها1.ويطرح الإشكال بالنسبة للتعويضات بالتضامن فإذا إستفاد جميعهم من العفو بقدر مساوي فإن العقوبة تخفض لجميعهم بقدر ما جاء في مرسوم العفو, أما إذا شمل محكوم عليه دون غيره فإنه هو الوحيد المستفيد من عدم دفع نصيبه من الغرامة دون بقية المحكوم عليهم وفي هذه الحالة يجب التمييز بين حالتين:
    -حالة ما إذا كان المحكوم عليه قد دفع هذه الغرامات وتاريخ الدفع إذا كان قبل أو بعد تقديم طلب العفو وحالة ما إذا لم يدفعها.
    فإذا كان قد دفعها بعد تقديم طلب العفو يكون للعفو أثر رجعي ويسترد المبالغ المدفوعة أما إذا كان قد سددها قبل تقديم الطلب فلا يمكن استردادها.
    ومن هذه الدراسة نستخلص الارتباط الوثيق بين آثار العفو عن العقوبة وطريقة تطبيقه وذلك لتفادي كل لبس يمكن أن يخلق في ذهن أي شخص بأن العفو عن العقوبة يمحو جميع آثار العقوبة المقضي بها في حكم الإدانة.



    خاتــمة:


    ختاما لدراستنا التي تناولت احد أسباب انقضاء العقوبة والمتمثل في العفوعن العقوبة، هذه الدراسة التي لم نستطع حصر نطاقها وذلك نظرا لما سبق ذكره من انعدام النصوص التشريعية والتنظيمية ولكننا حاولنا بقدر الإمكان إلقاء ولو نظرة للكشف عن بعض جوانبه التي ظلت ولا زالت يكتنفها اللبس والغموض كما رأينا سواء من حيث الطبيعة القانونية التي لم نجد لها أي تبرير قانوني في وسط الأنظمة القانونية سوى في القاعدة الشهيرة القائلة " كل عدالة صادرة عن الملك، الملك مصدر كل عدالة: Toute justice émane du Roi ".
    من أجل ذلك اعتمدنا على بعض تحاليل وأراء الفقهاء لتمييز العفو عن العقوبة عن بعض صور العفو التي دأب القضاء والتشريع على استخدامها واقتصرنا على صورتين أكثر شيوعا وهما العفو الشامل أو العفو عن الجريمة والعفو القضائي، في ظل هذه الدراسة قمنا في نفس الإطار بتقدير حق العفو في ظل الانتقادات التي وجهت إليه خاصة من حيث إخلاله ببعض المبادئ المكرسة في الدساتير الدولية، ثم تطرقنا إلى مبررات تكريسه و مزاياه التي جعلت من هذا الحق دعما لهذه المبادئ.
    ومن جهة أخرى سلطنا دراستنا وهي لب بحثنا حول إجراءات وطريقة تطبيق العفو والآثار المترتبة عن ذلك، وقد قيدنا ملاحظاتنا من خلال الإطلاع على بعض القضايا التي كانت محل عفو عن العقوبة بالمؤسسات العقابية وعلى أهم الإشكالات المثارة أثناء التنفيذ.
    _أولها:عندما يرسل مرسوم العفو إلى المؤسسات العقابية حيث يكون محتويا إلا على المواد القانونية الأمر الذي يطرح إشكال لدى مدراء المؤسسات العقابية في التوفيق بين منطوق الأحكام القضائية التي تتضمن تكييف الجريمة والنص القانوني وعادة ما يقع تناقض بين التكييف والنص المعاقب على الجريمةالامر الذي يعرقل تنفيذ المرسوم ويدفعهم إلىالعودة لمصلحة تنفيذ العقوبات بالمحكمة للتأكد من المنطوق.
    كما يطرح إشكال بالنسبة لكيفية تطبيق مرسوم العفو على المحكوم عليهم غير المحبوسين خاصة الصادر ضدهم الأمر بالقبض هل يفرغ الأمر بالقبض أم ينتظر الى غاية ا
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 33

    موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها Empty رد: موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها

    مُساهمة من طرف Admin الخميس يوليو 18, 2013 8:31 pm



    عنوان المذكرة : اجراءات التحري و المتابعة أمام المحاكم العسكرية

    المقدمـــة :

    أن المؤسسة العسكرية الجزائرية و من خلالها القوات المسلحة و نظرا لعدة أعتبارات من ذلك موقف الأمة من الدفاع الوطني وكذا المهام المنوطة لهذه القوات . إلى جانب متطلبات العمل العسكري و منها أهمية حفظ الأمن الداخلي و الخارجي و ضمان أستمرارية تواجد الأمة و مؤسساتها كل ذلك كان سببا في ضرورة وجود جهاز أوجهة قضائية متخصصة توكل لها مهمة تحقيق العدالة الجنائية بين أفراد لقوات المسلحة و هذا من خلال مكافحة الجريمة داخل المجتمع العسكري إن صح التعبير و فرض الطاعة و الإنضباط داخله و هذا ما نميز العسكري عن غيره من الأفراد لهذا جاءت فكرة إحدات ما يسمى بالقضاء العسكري هذا الأخير يسهر على السير المنظم للطاقة الدفاعية للأمة و قيام أفراد مؤسساتها بواجباتهم إتجاه الدفاع الوطني. و يعود تاريخ ظهور أول نص قانوني لنشأة القضاء العسكري في الجزائر المستقلة إلى 22/08/1964 بصدور القانون رقم 64/242 المتضمن إنشاء جهة قضائية خاصة من أجل محاكمة فئة من الأشخاص هم العسكريون و الشبيهين بالعسكريين عن الجرائم المرتكبة ضد قواعد النظام العسكري والمرتكبة داخل المؤسسة العسكرية أو أثناء قيامهم بالخدمة العسكرية و بموجب هذا القانون أنشأت ثلاثة محاكم عسكرية دائمة الأولى تقع بالبليدة ، و الثانية بوهران و الثالثة بقسنطينة و تمتد أختصاصها إلى الناحية العسكرية الثالثة هذا بالنسبة للمحكمة العسكرية بوهران و إلى الناحية العسكرية الرابعة بالنسبة للمحكمة العسكرية بقسنطينة ليأتي فيما بعد و بالتحديد في سنة 1971 الأمر رقم : 71/28 الصادر في : 22/04/1971 الغير بموجبه القانون رقم 64/242 السالف ذكره و تضمن إعادة تنظيم القضاء العسكري من جديد مع الإبقاء على عدد المحاكم العسكرية الثلاثة ليرتفع هذا العدد فيما بعد و بالتحديد سنة 1992 إلى ستة محاكم عسكرية و هذا بإنشاء ثلاثة محاكم أخرى في كل من النواحي العسكرية الثالثة و الرابعة و السادسة و هذا بموجب المراسيم الرئاسية رقم : 92/92 و 92/94 على التوالي. و تكمن خصوصية قانون القضاء العسكري في كونه يعتبر قانون موضوعي لأنه ينص على الجرائم العسكرية المرتكبة من طرف العسكريين و الشبيهين بهم و كذا العقوبات المقررة لها و في نفس الوقت فهو قانون إجرائي لإحتوائه على القواعد الإجرائية المتبعة امام المحاكم العسكرية ، إضافة إلى ذلك فإن قانون القضاء العسكري يخضع أو يحيل في الكثير من الأحيان إلى قانون الأجراءات الجزائية و قانون العقوبات و نظرا لما سبق ذكره نجد أن الكثير من رجال القانون يجهلون أبسط ا لإجراءات المتبعة أمام المحاكم العسكرية و هذا راجع لقلة المؤلفات القانونية المتعلقة بالقضاء العسكري إن لم تقل منعدمة و ايمانا منا بالأهمية البالغة التي يكتسبها الموضوع من الناحية القانونية و العلمية أرتأينا من خلال أختيارنا لهذا الموضوع كعنوان لمذكرتنا المتواضعة – هذه – أن نلقي الضوء على هذا القانون أو الجهة الخاصة و هذا من خلال تسليط الضوء على بعض إجراءاته بصفة عامة و خاصة فيما يتعلق بالبحث و التحري و كذا المتابعة أمام المحاكم العسكرية و هذا بالإعتماد على ماهو موجود من مراجع إلى جانب دراسة نظرية و عملية و هذا حتى نسهم في تبسيط فهم القارئ أو الدارس للإجراءات المتبعة أمام المحاكم العسكرية سواء تعلق الأمر بإجراءات التحري أو إجراءات المتابعة أمامها لذلك كانت الضرورة تستوجب منا التطرق إلى فئة معينة و محددة تضطلع بمهام القيام بالبحث و التحري و كذا معاينة الجرائم و تسليم مرتكبيها أمام المحكمة العسكرية المختصة لأجل متابعتهم و محاكمتهم و هذا وفقا لضوابط قيدها المشرع الجزائري في قانون القضاء العسكري كما هو الشأن بالنسبة لجهات القانون العام و نظرا لخصوصيات المؤسسة العسكرية و لإعتبارات سبق و إن ذكرناها نجد أن قانون القضاء العسكري تضمن في هذا الجانب اختلافات متفاوتة فيما تخص إجراءات التحري و المتابعة أمام المحاكم العسكرية لذا سنحاول التطرق لذلك و هذا من خلال الإجابة على الإشكاليات المطروحة التالية

    - ماهو مفهوم الشرطة القضائية العسكرية ؟ فيما تتمثل اختصاصات أعضاء الشرطة القضائية العسكرية ؟

    - هل هناك أختلاف في إجراءات البحث و التحري و المتابعة أمام المحاكم العسكرية عن تلك المتبعة أمام جهات القانون العام ( القضاء العادي ) ؟

    - كيف تحرك و تباشر الدعوى العمومية أمام المحاكم العسكرية ؟

    - و من يقوم بذلك ؟

    كل هذا سنحاول أن نجيب عليه من خلال أعتمادنا على الخطة التالية :

    و التي يحتوي على فصلين : فصل خصصناه لإجراءات البحث و التحري و الفصل الثاني لإجراءات المتابعة أمام المحاكم العسكرية كما يلي :

    الفصل الأول : إجراءات البحث و التحري

    - المبحث الأول : الضبط القضائي العسكري

    * المطلب الأول : أعضاء الضبط القضائي العسكري وواجباتهم

    * المطلب الثاني : أختصاصات و صلاحيات الضبط القضائي العسكري

    - المبحث الثاني : علاقة الضبطية القضائية العسكرية بالسلطة القضائية العسكرية

    *المطلب الأول : أساس العلاقة بين الضبطية القضائية العسكرية و السلطة القضائية العسكرية

    * المطلب الثاني : طبيعة العلاقة بين الجهات القضائية العسكرية و الضبطية القضائية العسكرية

    الفصل الثاني : إجراءات المتابعة أمام المحاكم العسكرية

    - المبحث الأول : الدعوى العمومية و الملاحقات

    * المطلب الأول : تحريك الدعوى العمومية و مباشرتها

    * المطلب الثاني : الملاحقات الجزائية و إنقضاء الدعوى العمومية

    - المبحث الثاني : النيابة العسكرية و إجراءات المتابعة

    * المطلب الأول: اختصاصات و صلاحيات النيابة لعسكرية

    * المطلب الثاني : سير المتابعة أمام النيابة العسكرية

    - الخاتمـــة

    الفصل الاول : اجراءات البحث و التحري

    إن المحافظة على الأمن و الأمان في ربوع الدولة هو من أهم وظائفها أد من واجبها منع الجرائم من خلال إتخاذ الإجراءات اللازمة لاقرار الأمن و النظام في المجتمع ، أما إذا وقعت الجريمة رغم ما يبذل من جهد لمنعها هنا تبدأ مهمة أخرى للسلطة و هي مهمة الكشف عن هذه الجرائم و البحث عن مرتكبيها من خلال جمع التحريات و الأستدلالات التي تلزم لتحقيق الدعوى الجنائية الناشئة عنها كل ذلك وقفا لإجراءات و قواعد وضعها الشرع في قانون الإجراءات الجزائية و عليه فإننا سنتطرق في هذا الفصل إلى تبيان إجراءات البحث و التحري و جمع الإستدلالات أمام المحاكم العسكرية إلى جانب التطرق إلى الضبط القضائي العسكري من خلال أعضائه إضافة إلى واجباتهم و هذا بعد أن نقوم بتحديد مفهوم الضبطية القضائية العسكرية و أختصاصاتهاو صلاحياتها و بعد ذلك سنقوم بتبيان نوع العلاقة الموجودة من الضبطية القضائية العسكرية و السلطة القضائية العسكرية.

    المبحث الأول : الضـــبط القضـــائي العسكـــري

    أن التحقيق الجنائي في مفهومه العام جميع الإجراءات المتصلة بالبحث و التحري عن الجريمة و الكشف عن مرتكبيها، فإن التحقيقات الجنائية بصفة عامة و إجراءات البحث و التحري بصفة خاصة هي أعمال تقوم على ثلاثة مبادئ أساسية تعتبر حجر الزاوية في كل تحقيق جنائي و هي السرعة في التدخل، الفعالية في التنفيذ و حرية المبادرة
    و من تم فإن مهمة الضبطية القضائية العسكرية أثناء هذه المرحلة من المراحل التي تمر بها الدعوى العمومية جد حساسة و هذا نظرا لما تتميز به هذه المرحلة و هذا قبل تقديم المرتكبين للجرائم أمام المحكمة العسكرية المختصة .

    المطلب الأول : أعضاء الضبط القضائي العسكري وواجباتهما:

    لقد نص قانون القضاء العسكري على الشرطة القضائية العسكرية في الباب الأول من الكتاب الثاني في مواده : من 42 إلى 64 ، حيث عهد لهذا الجهاز أعمال البحث و التحري عن الجريمة و القبض على الجاني أو الجناة و هذا طبقا لإجراءات قانونية منصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية
    و قانون القضاء العسكري مع مراعاة النصوص الخاصة و الأحكام المختلفة و المرتبطة بطبيعة النشاط العسكري و خصوصيات الجرائم العسكرية و عليه فإن هذه الفئة تمارس نشاطها كل ذلك مع أحترام الإلتزامات و الواجبات المفروضة عليهم و عليه سنقوم بتبيان مفهوم الشرطة القضائية العسكرية و كذا تحديد أضاف ضباط الشرطة القضائية و أعوانهم مع التطرق إلى الواجبات و الإلتزامات الواجبة عليهم و هذا من خلال الفرعين التاليين :

    الفرع الأول :مفهوم الشرطة القضائية العسكرية

    إن الشرطة القضائية أو الضبط القضائي كما يسمونه البعض هما مفهومان لمعنى واحد ويقصد به السلطة التي تتولى ضبط الجرائم و التحقيق فيها و عليه فإن مفهوم الشرطة القضائية من خلال ما سبق ذكره مرادف لأعمال البحث و التحري عن الجرائم و القبض على الجناة و تقديمهم أمام الجهات القضائية المختصة و عليه فهو نشاط متميز تقوم به الشرطةالقضائية و ينحصر أساسا في الغرض الذي شرع من أجله
    و بالرجوع إلى قانون القضاء العسكري فإنه لم يعرف الضبط القضائي العسكري شأنه شأن قانون الإجراءات الجزائية في المواد 12 و ما يليها منه بل أكتفى بتعداد أضافهم و أعمالهم وواجباتهم مع ذكر نمط تسييرهم.
    و الإشراف عليهم. و تبدأ مهمة الشرطة القضائية العسكرية في القيام بالتحريات منذ لحظة علمهم بأمر الجريمة الواقعة و يتحقق هدا العلم غالبا بتقديم بلاغ او اخطار عن وقوع جريمة منصوص عليها ضمن الجرائم العسكرية في قانون القضاء العسكري او قانون العقوبات او القوانين المكملة له ، و الهدف من إجراء التحريات هو إماطة اللثام عن كافة الظروف و الملابسات التي أرتكبت فيها الجريمة (1) و يتطلب ذلك البحث عن كافة المعلومات الخاصة بالجريمة الواقعة و المجني عليه فيها و الأداوات أو الوسائل المستخدمة في إرتكابها و تحديد وقت وقوعها و البحث عن فاعلها.
    و بالرجوع إلى نص المادة 43 من قانون القضاء العسكري نجد أنها تعطي للضبط القضائي العسكري مفهوم أو مدلول موضوعي يبين كل المهام المنوطة بهذا الجهاز و هذا من خلال ما سبق ذكره أما المدلول الثاني الذي جاءت به هذه المادة هو عضوي يتمثل في الأجهزة و الأشخاص المكلفون بتنفيذ المهام المشار إليها في المادة السابقة الذكر .

    الفرع الثاني :ضباط الشرطة القضائية العسكرية و أعوانهم وواجباتهم

    لقد نص الشرع الجزائري من خلال قانون القضاء العسكري في مادتيه 45و47 خاصة على اشخاص المكلفين بمهام الشرطة القضائية العسكرية و الذين يمكن تصنيفهم إلى صنفين الصنف الأول و يشمل أعضاء الضبط القضائي العسكري ذوي الأختصاص العام و هم ضباط الشرطة القضائية العسكرية و أعوان الشرطة القضائية العسكرية ، أما الصنف الثاني فيشمل ضباط الشرطة القضائية العسكرية ذوي الأختصاص الخاص و الذين يمارسون بعض مهام الشرطة القضائية العسكرية بحكم وظائفهم.
    * الصنف الأول : بالرجوع إلى نص المادة 45 من قانون القضاء العسكري فإنه يعتبر ضباطا للشرطة القضائية العسكرية .
    1 * كل العسكريين التابعين للدرك الوطني و الحائزين على صفة ضباط الشرطة القضائية العسكرية و هذا المفهوم الوارد في نص م/15 من قانون الإجراءات الجزائية
    2* كل ضباط القطع العسكرية أو المصالح المعنية خصيصا بموجب قرار من وزير الدفاع الوطنيو المتمثلة في المراكز الجهوية للتحريات و الإستعلامات .
    و المتواجدة على مستوى كل مقر لناحية عسكرية و هي تابعة لدائرة الإستعلام و الأمن توكل لها مهام التحري و البحث عن الجرائم العسكرية المرتكبة من طرف العسكريين أو جرائم القانون العام و المرتكبة دائما من طرف العسكريين كل ذلك في إطار تطبيق أحكام المادة 25 من قانون القضاء العسكري المحددة لإختصاص المحاكم العسكرية الستة كما يوجد إلى جانب هذه المراكز الجهوية مراكز أقليمية للإستعلامات و التحري و التي توجد على مستوى كل مقر ولاية و هي تابعة بدورها لدائرة الإستعلامات و الأمن و أفرادها على أختلاف رتبهم يخضعون للنظام العسكري بحكم أنتمائهم الإداري لسلطة وزير الدفاع الوطني و بحكم أنتمائهم إلى أصناف ضباط الشرطة القضائية فهم يخضعون عند ممارسة أعمال الضبطية القضائية لرقابة و توجيه قضاة النيابة العامة المدنية منها و العسكرية بحسب طبيعة الجريمة و نوع النشاط شأنهم شأن أصناف ضباط الدرك الوطني.
    يضاف إلى هذه الأجهزة جهاز جديد أحدث مؤخرا بموجب المرسوم الرئاسي رقم 08/52 يتمثل في المصلحة المركزية للشرطة القضائية و تتوفر هذه الأخيرة لتنفيذ مهامها على مصالح جهوية للشرطة القضائية بالإضافة إلى فرق تحريات قضائية متنقلة .
    و تضطلع هذه المصالح و الفرق بمهام معاينة الجرائم المقررة في قانون العقوبات و قانون القضاء العسكري و جمع الأدلة عنها و البحث عن مرتكبيها و هذا مالم يفتح تحقيق قضائي بشأنها و هذا ما نصت عليه المادة 3 من المرسوم السابق ذكره
    3* كما نصت المادة 46 من قانون القضاء العسكري على فئة أخرى من العسكريين مكلفين بمهام أو البعض منها من تلك المخولة للشرطة القضائية العسكرية و هم :
    أ* ضباط الصف التابعون لسلاح الدرك الوطني و الذين ليس لهم صفة ضابط شرطة قضائية و الذين يمارسون مهام الشرطة القضائية على مستوى الفرق االإقليمية للدرك الوطني بصفة أعتيادية بوصفهم أعوانا لضباط الشرطة القضائية و هذا حسب التعريف الوارد في نص المادة 19 من قانون الإجراءات الجزائية .
    ب* الأفراد العسكريين غير المحلفين أو الذين يدعون للخدمة في الدرك الوطني أو أفراد وحدات الدرك المتنقلة و التي تكون مهمتهم عادة مساعدة ضباط الشرطة القضائية و العمل تحت أشرافهم و أمرتهم.
    * الصنف الثاني : و قد نصت عليه المادة 47 من قانون القضاء العسكري و هم بعض الضباط العسكريين المنوطة لهم بعض المهام التي تقوم بها الشرطة القضائية العسكرية فقط داخل مؤسساتهم العسكرية للقيام بكل الإجراءات الضرورية لمعاينة الجرائم و البحث عن مرتكبيها و هؤلاء هم :
    أ – قادة الجيوش و قادة القواعد البحرية و قادة السفن البحرية .
    ب- أرؤساء القطع و رؤساء المستودعات و المفارز Détachement و رؤساء مختلف مصالح الجيش، أي أن هذه الصفة مرتبطة بأي ضابط يقود وحدة عسكرية و أن صفة القيادة Le Commendement هي التي تمنح لهذه الفئة صفة الممارس لمهام الشرطة القضائية العسكرية .
    و تجدر الإشارة إلى أن ضباط الشرطة القضائية العسكرية بصنفيها يتبعون سلميا و مباشرةلسلطة الوكيل العسكري للجمهورية المختص إقليميا و من تم أوجب عليهم إعلام و اخبار هذا الأخير بكل الجرائم التي تقع أو التي تصل إل علمهم و هذا دون تمهل و اتباع التعليمات المعطاة لهم من طرفه مع تقديم الأطراف و المحاضر بعد الإنتهاء من إجراء التحريات في ذلك الشأن

    المطلب الثاني : أختصاصات و صلاحيات الضبط القضائي العسكري

    لقد منح المشرع الجزائري من خلال قانون القضاء العسكري و قانون الإجراءات الجزائية لضباط الشرطة القضائية المدنية و العسكرية بصفة عامة صلاحيات و أختصاصات واسعة نظرا لطبيعة النشاط الذي تمارسونه في إطار أعمال الضبطية القضائية و نظرا لما لهذه الأعمال من أهمية من شأنها المساس بحقوق و حرية الأفراد في سياق البحث و جمع الإستدلالات فهم ملزمون بإحترام القواعد الإجرائية المنصوص عليها قانونا من ذلك ضمان السرية في هذه المرحلة طبقا للنص م/11 من قانون الاجراءات الجزائية و هذا ما يعرف بمبدأ المشروعية الإجرائية
    كما أن ضباط الشرطة القضائية العسكرية يتصرفون طبقا لقانون القضاء العسكري و الذي يحيل بدوره الى قانون الإجراءات الجزائية إلا ما أستثنى بنص و عليه سنحاول من خلال الفرعين التاليين الى تبيان اهم الجوانب المختلفة في ذلك من خلال التطرق أولا إلى الإختصاصات المقررة قانون لهذا الجهاز وفي الفرع الآخر إلى الصلاحيات الآيلة لهم بمقتضى القوانين في هذا المجال .

    الفرع الأول : اختصاصات ضباط الشرطة القضائية العسكرية :

    لقد حدد المشرع اختصاصات الشرطة القضائية العسكرية و المهام المسندة لها أثناء مباشرتها لمهامها و التي تبدأ من لحظة أرتكاب مخالفة للقانون إلى غاية الوصول إلى إظهار الحقيقة و هذه الإختصاصات و المهام الممنوحة لها تتنوع بحسب السلطة المخولة لها قانونا، فأثناء ممارسة الأختصاص العادي يسوغ لها البحث و التحري عن الجرائم و الوصول إلى مرتكبيها و جمع الإستدلالات عن ذلك و أستثناءا تمكنها بناء على القانون مباشرة بعض الإجراءات التي تعتبر أصلا من اختصاص جهات التحقيق العسكري سواء كان ذلك بناءا على نص صريح في القانون كحالة التلبس أو بناء على إنابة قضائية ، و في هذا الإطار لا بد من ضوابط فرضها المشرع الجزائري تدخل في نطاق اختصاصات الشرطة القضائية العسكرية حتى يتسنى لها القيام بأعمالها على وجه يضمن شرعية الإجراءات التي تقوم بها ناهيك على صيانة حقوق المشتبه فيه ، و من هذه الضوابط ما يجب أن تتوفر في عضو الشرطة القضائية العسكرية و هو ما يسمى بالإختصاص الشخصي و منها ما يرتبط بمكان ممارسة أعمال الضبط القضائي العسكري و هو ما يعرف بالإختصاص الإقليمي أو المحلي ، و منها ما يتعلق بنوعية العمل الذي يقومون به و هو ما يدخل في نطاق الأختصاص النوعي و هذا ما سنتطرق إليه من خلال :

    أولا : الأختصاص الشخصي

    و بالرجوع إلى نص المادتين 45و47 من قانون القضاء العسكري نجدأن أنه لابد من أن تتوفر في الشخص الممارس لأعمال الضبطية القضائية العسكرية صفة ضابط شرطة قضائية عسكرية فهذا أختصاص أصيل لهذه الفئة و لا يسوغ تعويض هذا الأختصاص مالم يجزه القانون و يسمح به و في أثناء المواعيد المقررة له رسميا و لايجوز له ممارستها إذا كان في عطلة طويلة أو موقوفا وذلك مراعاة للطابع المميز لهذا الأختصاص .
    ثانيا : الأختصاص الإقليمي :

    من حيث المبدأ أن الأختصاص الأقليمي لضباط الشرطة القضائية يتحدد بالدائرة التي يباشرون فيها وظيفتهم المعتادة و هذا ما نصت عليه المادة 16 من قانون الإجراءات الجزائية و بالرجوع إلى نص المادة 52 من قانون القضاء العسكري و في فقرتها الأولى تنص على ّ يختص العسكريون في الدرك ممن يحوزون صفة ضباط الشرطة القضائية العسكرية بممارسة وظائفهم الإعتيادية في نطاق الحدود الإقليمية التابعة لها ّ و أستثناء يمكن تمديد الأختصاص ليشمل أقليم دائرة اختصاص المحكمة العسكرية فمثلا فصيلة الابحاث التابعة لكتيبة الدرك الوطني بقالمة تمكنها في حالة الإستعجال أن تقوم بإجراء تحقيقات في كامل أقليم الناحية العسكرية الخامسة .
    التابع لدائرة إختصاص المحكمة العسكرية بقسنطينة و هذا ما نصت عليه المادة السابق ذكرها في فقرتها الثانية .
    و تمكن تفسير حالة الإستعجال هذه و هذا بالرغم من أن المشرع لم يتطرق لهذه الحالة سواء في قانون الإجراءات الجزائيةاوفي قانون القضاء العسكري على أنها حالة خاصة أستثنائية تقتضي التدخل السريع والصارم كحالة الكوارث المعلنة التي تتطلب التدخل العاجل كما قد تكون كذلك بالنسبة في حالة جريمة ممتدة الآثار سواء من حيث الأفعال أو الأشخاص المساهمين فيها حيث تمكن لضباط الشرطة القضائية العسكرية أن يباشروا مهامهم في كافة أقليم الناحية العسكرية التابع لدائرة أختصاص المحكمة العسكرية المختصة أو في دائرة أختصاص المجلس القضائي بالنسبة لضباط الشرطة القضائية المدنية كما يمكن تصور حالة الأستعجال كذلك في الجرائم المتلبس لها و ذلك إذا تطلب الأمر القيام بإجراءات ضرورية كالبحث عن المتهمين الهاربين في أماكن خارج دائرة الأختصاص المحلي لضبط الشرطة القضائية العسكرية أو المدنية فهنا يضطر إلى ذلك مدفوعا بمبررات الضرورية الإجرائية التي أباحت هذا الإمتداد و أضافت المادتين السالفتين أمكانية تمديد الأختصاص المحلي لضبط الشرطة القضائية في حالة الأستعجال شرط أن يكون
    ذلك بناء على طلب من السلطة القضائية فيمكنهم حينئد ممارسة المهام الموكلة لهم على كافة التراب الوطني مع ضرورة ان يعاونهم ضابط من ضباط الشرطة القضائية المختصين محليا في المجموعة السكنية المعنيةو هذا ما نصت عليه المادة 16 في فقرتها التالية من قانون الإجراءات الجزائية مع الإشارة إلى أن هذا الإجراء مشروط بضرورة إطلاع وكيل الجمهورية العسكرية مسبقا أو وكيل الجمهورية المدني إذا تعلق الأمر بالضبطية القضائية المدنية غير أن ضباط الشرطة القضائية العسكرية التابعين لمصالح الأمن العسكري أو بالأصح التابعين لدائرة الإستعلامات و الأمن فإنهم لا يخضعون للأحكام السابق ذكرها من منطلق أن نشاط هذه الأجهزة له طابعه الخاص و المتميز و هو يتصل عادة بالمصالح العليا للدولة و سلامة الوطن مما يجعل من الجرائم التي يتحرون فيها توصف بالشمولية و الإنتشار على المستوى الوطني من ذلك مثلا جرائم الجوسسة أو الخيانة و التي تتطلب التنقل عبر كامل التراب الوطني لما تقتضيه إجراءات التحري مع ضرورة أخطار الوكيل العسكري للجمهورية المختص مسبقا أما فيما يتعلق بالصنف الثاني من ضباط الشرطة القضائية العسكرية
    و الذين حددتهم المادة 47 من قانون القضاء العسكري فإن أختصاصهم الإقليمي يكون فقط داخل مؤسساتهم العسكرية دون سواها و هذا ما نص عليه القانون

    ثالثا : الأختصاص النوعي :

    و يشمل هذا الأختصاص على المهام المعتادة المخولة قانونا لضباط الشرطة القضائية العسكرية و ما يناط بهم من أعمال و ما تخصهم القانون من إجراءات يتخذونها في سبيل القيام بهامهم و المنصوص عليها في المواد 43 ،49 ،50، 51 ،53 ،54 ،55 والمواد من 57 إلى غاية 66 من قانون القضاء العسكري فضباط الشرطة القضائية العسكرية توكل لهم مهمة التحقيق الجنائي في الجرائم العائدة لإختصاص المحاكم العسكرية و جمع الأدلة عنها و البحث عن الفاعلين الأصليين ما دام لم يفتح تحقيق قضائي من السلطة القضائية وهذا ما ذهبت إليه المادة 12 من قانون الاجراءات الجزائية . و تجدر الإشارة إلى ان المحاكم العسكرية تختص بالنظر في الدعوى العمومية فقط طبقا للمادة 24 من هذا القانون كما أن الجرائم العسكرية المختصة المنصوص عليها في قانون القضاء العسكري هي من إختصاص المحاكم العسكرية لوحدها
    و هذا ما نصت عليه المادة 25 من نفس القانون و أكدته المحكمة العليا من خلال القرار الصادر عنها ممثلة في الغرفة الجنائية تحت رقم 37519 بتاريخ 24 يناير 1984 (1) و هذا ما يعرف بالقيد النوعي .
    كما أن المادة المذكورة أعلاه نصت كذلك على معيار آخر أو قيد آخر يتمثل في المعيار المكاني أي اختصاص المحاكم العسكرية في النظر في الجرائم المرتكبة داخل المؤسسات العسكرية أو أثناء القيام بالخدمة أو لدى المضيف . كما أن هناك معيار شخصي تقوم عليه اختصاص المحاكم العسكرية و يتمثل في صفة الشخص المرتكب للجريمة بأن يكون عسكريا أو شبيها به أثناء الخدمة أو في الثكنات العسكرية أو المؤسسات العسكرية أو لدى المضيف سواء كانوا فاعلين أصليين أو فاعلين أصليين مساعدين أو شريكين حسب المادة 25/2 من قانون القضاء العسكري .
    فإذا كان الاختصاص سواء المكاني أو الشخصي أو النوعي هو من النظام العام فإن القاعدة العامة في ذلك هو أن الدفع بعدم الاختصاص يجوز التمسك له في أي مرحلة من مراحل الدعوى كما يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها غير أنه في القضاء العسكري لا يجوز للمتهم و كل فريق في الدعوى أن يرفع للمرة الأولى أمام المحكمة العليا بعدم اختصاص المحكمة العسكرية لأن المادة 150 من قانون القضاء العسكري في الفقرة الثالثة منها توجب في هذا الشأن أن يقدم لدى أو أمام هذه المحكمة طلبات كتابية قبل البدء في المرافعات و الاسقط الحق في التمسك بالدفع بعدم الاختصاص و أصبح غير مقبول و هذا ما أتجهت إليه المحكمة العليا في العديد من القرارات

    الفرع الثاني : صلاحيات ضباط الشرطة القضائية العسكرية :

    لقد سبق و ان تطرقنا من قبل إلى توضيح أن التحريات و جمع الإستدلالات تعتبر المرحلة السابقة في تحريك الدعوى العمومية من طرف نيابة الجمهورية يقوم بها ضباط الشرطة القضائية و تهدف إلى جمع عناصر الإثبات اللازمة لمهمة التحقيق القضائي و المحاكمة .
    و لأجل ذلك كرس المشرع الجزائري من خلال قانون القضاء العسكري بعض الصلاحيات التي تعد من صميم الميكانيزمات أو الوسائل العملية التي تسمح لضباط الشرطة القضائية العسكرية من أداء مهامهم طبقا لمبدأ مشروعية الإجراءات، و تمكن أن نستشف ذلك من خلال المواد 43 ، 49 ، 50 ، 51 ، 53 ، 54 ، 55 و المواد 57 إلى 66 كما ان هذا القانون يحيل إلى القواعد العامة الواردة في قانون الإجراءات الجزائية و هذا ما أكد ته المادة 54 من قانون القضاء العسكري و التي تنص على أن ضباط الشرطة القضائية العسكرية يقومون بأعمالهم و يضعون محاضرهم وفقا للقواعد المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية و هذا فيماعدا الأحوال الخاصة المستثناة في قانون القضاء العسكري .
    وسنبين هذه الصلاحيات و الإجراءات من خلال مايأتي :

    أولا : تلقي الشكاوي و البلاغات :

    يقصد بالشكاوي و البلاغات تلك التصريحات و البيانات التي يتقدم بها أصحابها لضباط الشرطة القضائية العسكرية بخصوص الجرائم و الإعتداءات التي تقع عليهم حيث يعتبرون بهذه الصفة ضحايا مشتكين في حين البلاغات فهي تعني تلك المعلومات التي تقدم إلى الضبطية القضائية العسكرية قصد التبليغ عن جريمة وقعت و يكونوا قد علمو بها أو عاينوها و هم بهذه الصفة يعتبرون شهود وقائع مبلغين و يستوي في ذلك أن تكون الجريمة موضوع الشكوى أو البلاغ خطيرة أو بسيطة فمجرد توصيلهم بها تخبرون دون تمهل الوكيل العسكري للجمهورية المختص و هذا نصت عليه المادة 49 من قانون القضاء العسكري .
    ثانيا : إجراءات التحقيق ووسائله :

    يقصد باتحقيقات الجنائية جميع الإجراءات المتصلة بالبحث و التحري و هي أعمال تقوم على ثلاثة مبادئ أساسية تعتبر حجرا الزاوية في كل تحقيق جنائي وهي : السرعة في التدخل ، الفعالية في التنفيذ أو حرية المبادرة .
    فإما سرعة التدخل فهي التزام ضابط الشرطة القضائية العسكرية فمجرد أخطاره بالجريمة التي تدخل في أختصاص المحاكم العسكرية كما سبق بيانه التدخل السريع و العاجل من أجل حماية الأشخاص و محاربة الجرامة أسسيا في الجرائم المتلبس بها (1) .
    أما الفعالية في التنفيذ فهو استعمال كل الطرق و الوسائل الفعالة المؤدية إلى إكتشاف الجريمة و مرتكبيها مع ضمان الإستمراية في التحقيقات إلى حين الوصول إلى نتيجة بتقديم الجناة أمام العدالة دون إهمال أو تقصير
    في حين حرية المبادرة تعني إعطاء ضباط الشرطة القضائية العسكرية سلطة التقدير و التدبير التي يرونها لازمة و فعالة في مجرى التحقيقات و جمع الإستدلالات . كل هذا بالتنسيق مع الوكيل العسكري للجمهورية المختص و اتباع التعليمات الموجهة لهم في هذا الشأن.و من الإجراءات المخولة لضباط القضائية العسكرية في إطار البحث والتحري مايلي :
    أ – الإنتقال إلى مسرح الجريمة و إجراء المعاينة:
    و هذا ما نصت عليه المادة 51 من قانون القضاء العسكري و أشارت إليه المادة 42 من قانون الإجراءات الجزائية حيث توجب على ضباط الشرطة القضائية العسكرية لا سيما في الجرائم المتلبس بها الإنتقال إلى مكان وقوع الجريمة فورا لإجراء التحقيقات اللازمة و القيام بالمعاينات و الحفاظ على الآثار التي من شأنها أن تساعد في تحديد هوية المجرم و هذا بعد أخبار الوكيل العسكري للجمهورية المختص في سبيل تحقيق ذلك على ضابط الشرطة القضائية العسكرية الذي أخطر بالجريمة أن يرعى بعض الإجراءات و هي :
    · الإنتقال إلى مسرح الجريمة و إجراء المعاينات اللازمة لمعرفة
    أسبابها و الوقوف على ظروفها و الآثار المتبقية و أستقاء المعلومات المساعدة في التحقيق
    · التحقيق من توافر شروط حالة التلبس حتى تمكن له أتباع إجراءات البحث و التحري الخاصة بالجريمة المتلبس بها طبقا لمقتضيات المادة 41 من قانون الإجراءات الجزائية و المادة 49 من قانون القضاء العسكري
    · السهر و الحفاظ على آثار الجريمة و ضبط كل ما من شأنه أن يؤدي إلى إظهار الحقيقة و من أجل ذلك تمكنه منع الدخول و الخروج من إلى مكان وقوع الجريمة و او القيام بأي تغيير في حالة الأمكنة أو نزع أي شئ منها ما عدا ما تعلق منها بالسلامة و الصحة العمومية و هذا تحت طائلة العقوبات المقررة بمقتضى المادة 43 من قانون الإجراءات الجزائية
    · الإستعانة بالأشخاص المؤهلين و الخبراء و الأطباء المختصين في ضبط الآثار و تحديد ظروف الجريمة
    ب- سماع أقوال المشتبه فيه ( هم )
    على أن لا تكون الأسئلة الموجهة إليه (هم) تنصرف إلى الأمور التفصيلية و التي من شأنها أن تثبت التهمة أو التي لها تمكن محاولة أستدراجه أو لإيقاع به كما لهذه الأسئلة أن تخرج سماع الأقوال عن نطاقه القانوني إلى الإستجواب المحظور عليهم أصلا (1)
    ج – التفتيش و الحجز
    تمكن لضباط الشرطة القضائية العسكرية إجراء التفتيشات خارج المؤسسات العسكرية في إطار البحث و التحري عن الجرائم العائدة لإختصاص المحاكم العسكرية وفقا لقانون الإجراءات الجزائية و هذا مع ضرورة إخبار وكيل الجمهورية المدني الدي يمكنه أن تحضر عملياتهم أو يعين من تمثل الجهة القضائية و هذا ما نصت عليه المادة 45 في فقرتها الأخيرة من قانون القضاء العسكري.
    في حين التفتيشات التي تتم داخل المؤسساتالعسكرية فتتم بناء على تعليمات كتابية لضباط الشرطة القضائية العسكرية من وزير الدفاع و الوكيل العسكري للجمهورية المختص و هذا حسب أحكام المادة 53 من هذا القانون .
    د – التوقيف للنظر : La garde à vue
    لقد أعطى المشرع لضباط الشرطة القضائية من خلال نص المادتين 45/5 و 57 و مايليها من قانون القضاء العسكري إمكانية توقيف الأشخاص المشتبه فيهم قصد التحقيق معهم و تقديمهم إلى الجهة القضائية المختصة و هذا بعد اخطار الوكيل العسكري للجمهورية المختص إقليميا و هذا لمدة ثلاثة أيام و يجوز تمديد هذه المدة إلى 48 ساعة و هذا بموجب مقرر من وكيل الجمهورية العسكري .
    كما ينبغي على الرؤساء السلميين تلبية طلب ضباط الشرطة القضائية العسكرية الرامي لأن يوضع تحت تصرفهم عسكري قائم بالخدمة عندما يقتضي ذلك ضرورات التحقيق الأولي أو الجرم المتلبس به أو عند تنفيذهم لإنابة قضائية حسب هذا القانون.
    غير أنه لا يجوز لضباط الشرطة القضائية العسكرية أو المدنية الأحتفاظ بالأشخاص الأجانب عن الجيش إلا في نطاق الأوضاع و الكيفيات المحددة في المواد من 51 إلى 53 و المادتين 65 و 141 من قانون الإجراءات الجزائية و التي تتضمن في مجملها مدة التوقيف للنظر التي لا تمكن ان تتجاوز 48 ساعة و التي تمكن تمديدها وقفا لما نص عليه قانون الإجراءات الجزائية و يتولى مراقبة الوضع للنظر وكيل الجمهورية العسكري أو قاضي التحقيق العسكري المختصان إقليميا و اللذان تمكنهما أن يفوضا سلطاتهما إلى كل من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق لدى المحكمة المدنية التي حصل في دائرةاختصاصها الوضع تحتالمراقبة وهذا نظرا لشساعة رقعة المحكمة العسكرية فإختصاصها الإقليمي يشمل كل أختصاص الناحية العسكرية التابع لها كما سبق بيانه .
    و لقد تطرقت المادة 64 من قانون القضاة العسكري الى أعمال ضباط الشرطة القضائية العسكرية في زمن الحرب و حددت لها القواعد المحددة لكل حالة في المادة 57 و مايليها و التي لا يسعنا المقام في شرح هذه الحالات.

    ثالثا : وجوب تحرير حضر بالإجراءات :

    على الرغم من إنعدام القوة الثبوتية لمحاضر التحيق الإبتدائي و بالرغم من كون إجراءات التحقيق الإبتدائي تجرى في نطاق غير مراقب لا تضمن فيه الحريات و حقوق الدفاع غير أن كل هذه النعوت لا ترفع عنها صفة الأهمية و دورها الفعال في مجال الأعمال القضائية نظرا لما ينطوي على هذه المحاضر من حقائق و دلائل لا تتوفر لدى القضاء إلا بفضل التحقيق الأبتدائي و على أساس نتائجه تقوم المتابعة و من الناحية العملية فإن محاضر التحقيق الأبتدائي كثيرا ما تجد نوعا من الثقة لدى القضاء في محتواها و نتائجها حيث يلجأ القاضي للإستئناس بها في تكوين قناعته و بناء أحكامه لذا كان من الواجب أن تكتسي هذه المحاضر الصبغة القانونية في شكلها و محتواها و سببها.
    ومن تم وجب على ضباط الشرطة القضائية العسكرية ان تحرروا هذه المحاضر من قبلهم وفقا للشروط التي حددتها القواعد التشريعية و التنظيمية ووفق لما جاء به قانون الإجراءات الجزائية و ذلك فيما عدا الأحوال الخاصة بقانون القضاء العسكري و هذا مانصت عليه المادة 54 من نفس القانون كما اوجب القانون على اعضاء الضبط القضائي العسكري تسليم محاضر الإجراءات التي قاموا بها في إطار التحقيق الإبتدائي أو في إطار التحقيق في الجرائم المتلبس بها بدون تمهل مع كافة الوثائق و المستندات المرفقة بها إلى وكيل العسكري للجمهورية المختص أقليمياكما توضع الأشياء المحجوزة تحت تصرفه كما ترسل نسخة من أوراق الإجراءات إلى كل السلطات العسكرية المختصة و هذا طبقا للمادة 55 من هذا القانون .
    كما أن هناك صلاحيات و مهام اخرى مستمدة من الإنابات القضائية لهذا الصنف فمثلا لضابط الشرطة القضائية العسكرية المناب حسب قانون القضاء العسكري القيام بإجراءات التحقيق بموجب أنابة قضائية من قاضي التحقيق العسكري و هذا في حدود الإجراءات المشروعة قانونا و تعتبر هذه المحاضر المنجزة في هذا الشأن بمثابة محاضر تحقيق لها حجية مطلقة لا يطعن فيها إلا بالتزوير و لا تعتبر محاضر أستدلالية. و تجدر الإشارة إلى أن محاضر التحقيق الإبتدائي المنجزة من طرف ضباط الشرطة القضائية العسكرية التابعين للأمن العسكري تعتمد عادة على طريقة سماع الأشخاص مباشرة في محاضر توقع من قبل أصحابها في حين نجد محاضر الضبطية القضائية العسكرية التابعة للدرك الوطني هي في حقيقة الأمر نسخة طبق الأصل لدفتر التصريحات الذي يعتبر المرجع الأصلي لكل التحقيقات و الذي تدون فيه تصريحات أصحابها و يوقعون عليها و بعد ذلك تنقل تلك المعلومات في محاضر ثانوية يثبتها ضابط الشرطة القضائية العسكرية بتوقيعه الخاص مع الإشارة فيها إلى أن صاحب التصريح قد وقع على دفتر التصريحات

    رابعا : ضمان سرية التحقيق الأولى :

    كما هو عليه الحال بالنسبة لجميع التحقيقات القضائية فإن التحقيق الإبتدائي يتسم هو أيضا بطابع السرية التي تسري على كل الأشخاص الذين يساهمون في إجراءاته في مواجهة الأفراد الخاضعين لعملية التحقيق سواء كانوا مشتبه فيهم أو الغير الذين لا تمكنهم بأي حال من الأحوال معرفة طرق ووسائل التحقيق و نتائجه أو الإطلاع على سر المعلومات المحصلة في مجريات التحري و هذا طبقا لنص المادة 11 من قانون الإجراءات الجزائية و من تم وجب ضمان سرية التحقيقات و عدم الإفشاء بها و هذا تحت طائلة الأحكام المقررة في المواد 11 و 209 من قانون الإجرا ءات الجزائية و كذا المواد 41 و 301 من قانون القضاء العسكري و قانون العقوبات على التوالي .
    و تجدر الأشارة إلى أن قانون القضاء العسكري خول لأعضاء النيابة العامة العسكرية و قضاة التحقيق العسكريين بموجب المادة 48 منه صفة الضبط القضائي العسكري و التي أحالت على المواد 38و56 و ما يليها من قانون الإجراءات الجزائية و هذا في الجرائم المتبلس بها و المرتكبة في حضورهم فيجوز لهم مباشرة التحريات مع مراعاة تطبيق المواد 57 إلى 64 من قانون القضاء العسكري و المتعلقة بصلاحيات ضباط الشرطة القضائية العسكرية
    و من خلال ما سبق ذكره نرى أن المشرع خول لضباط الشرطة القضائية العسكرية صلاحيات واسعة إلا أنها لا تكون أكثر شرعية من الناحية الإجرائية إلا إذا زكتها السلطة القضائية العسكرية و هذا بموجب العلاقة التي ضبطها المشرع بين الهيئة القضائية العسكرية و الشرطة القضائية العسكرية و هذا ما سنراه في المبحث الموالي .


    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 33

    موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها Empty رد: موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها

    مُساهمة من طرف Admin الخميس يوليو 18, 2013 8:32 pm




    المبحث الثاني : علاقة الضبطية القضائية العسكرية بالسلطة القضائية العسكرية

    مما لا شك فيه أن دور الهيئات القضائية العسكرية هو تجسيد النظام والاضباط داخل صفوف القوات المسلحة و من تم ضمان سلامة الدولة من خلال ردع و قمع بعض الجرائم التي تمس بأمن الدولة و هو ما يجسد أساسيات العدالة بمفهومها الواسع و التي لا تتأتى إلا برد فعل سريع و مؤثر في تقويم الأفعال التي قد تهدد المصلحة العامة و التي تتطلب مقتضيات حمايتها مساهمة الشرطة القضائية العسكرية في ذلك و على هذا الأساس أنيطت هذه الأخيرة باختصاصات و صلاحيات عديدة لمواجهة الجريمة بصفة عامة و لما كانت هذه الصلاحيات المخولة لها قد تمس بالحقوق و الحريات الأساسية للأفراد الخاضعيين للنظام العسكري بصفتهم جزء من المجتمع الذي تكفل الدستور بحماية حرياتهم في نطاق القوانيين المعمول بها لذلك كان من الضروري جعل ممارسة أعمال الضبط القضائي العسكري تحت سلطة ورقابة و اشراف السلطة القضائية العسكرية الممثلة في وزير الدفاع الوطني بصفته ممثل جهاز العدالة العسكرية بمقتضى المادة الثانية من قانون القضاء العسكري ووكيل الجمهورية العسكري بصفته ممثلا لوزير الدفاع الوطني في هذا الجانب على مستوى الناحية العسكرية التابع لها و هذا و فقا للمادة 68 و فقرتها الثانية من نفس القانون .
    و قد نص قانون القضاء العسكري على الإطار القانوني للعلاقة بين القضاء العسكري و الشرطة القضائية العسكرية بتخويل السلطة القضائية ممثلة في الوكيل العسكري للجمهورية في نطاق اختصاصه التابع لإقليم الناحية العسكرية الموجودة بها سلطة الإدارة و الإشراف على أعمالهم تحت رقابة وزير الدفاع الوطني و سنتطرق في مبحثنا هذا إلى أسس هذه العلاقة و طبيعتها مع الجهات القضائيةالعسكرية في المطلبين التاليين :

    المطلب الأول : أساس العلاقة بين الضبطية العسكرية و السلطة القضائية العسكرية

    لقد خص المشرع في قانون القضاء العسكري بأحكام تنظم العلاقة التنظيمية التدرجية بين الشرطة القضائية العسكرية و السلطة القضائية العسكرية و قد تجسد ذلك في صدور تعليمة وزارية مشتركة بين وزارة الدفاع الوطني ووزارة العدل ووزارة الداخلية و التي حددت العلاقة التدرجية بين السلطة القضائية و الشرطة القضائية بصفة عامة و مجال إدارتها و الأشراف عليها و مراقبة أعمالها ألا أننا نقتصر في دراستنا هذه على الشرطة القضائية العسكرية. و قد كان لهذه التعليمة دور كبير و فعال في شرح و تطبيق القانون على أحسن وجه في ما تخص هذا الجانب و هذا ما سنينه في الفرعين التاليين :

    * الفرع الأول : الأساس المستمد من القانون :

    لقد نصت المواد 42، 44 ، 45 /3 ، 49 ، 53 ، 55 ، 59 و 63/2 من قانون القضاء العسكري في مجملها على العلاقة التي تربط ضباط الشرطة القضائية العسكرية بالسلطة القضائية العسكرية من ذلك وجوب إخطار الوكيل العسكري للجمهورية المختص بكل جريمة تقع و تصل إلى علمهم و التي تعود لأختصاص المحاكم العسكرية الستة المتواجدة عبر التراب الوطني و هذا طبقا للمواد 42و 49 من هذا القانون باعتباره السلطة الوحيدة التي تزكي اعمالها من الناحية الإجرائية بإعتبارها هيئة إدارة و اشراف على ما تقوم في هذا الإطار و هذا ما نصت عليه المادتين 44 و 45 /3 على أن الوكيل العسكري للجمهورية يسير نشاط ضباط الشرطة القضائية العسكرية و أنهم يتبعونه سلميا و مباشرة و هذا تحت رقابة و سلطة وزير الدفاع الوطني كما أنهم ملزمون بتنفيذ طلباته و كذا طلبات جهات التحقيق العسكري فيما تخص الإنابات القضائية حسب نص المادة 52/2 من قانون القضاء العسكري .
    و عموما فإن هذا القانون ألزم ضباط الشرطة القضائية العسكرية بختلف أجهزتها اثناء القيام بأي اجراء من إجراءات التحري أن يخطرو بذلك السلطة القضائية العسكرية المختصة و العمل بتعليماتها و هذا مع مراعاة مبدأ المشروعية المنصوص عليها مقتضى القانون و قد جاءت التعليمة الوزارية السالفة الذكر تجسيدا لمنع التصرفات التي من شأنها أن تحيد عن المسار الذي حدده القانون و هذا ضمان لحماية الحريات الفردية المكفولة بأسمى القوانين و سنتطرق في هذا الشأن بعض الأخطاء التي تطرقت إليها التعليمة السالفة في الفرع التالي :

    الفرع الثاني : الأساس المعتمد من التعليمة الوزارية المشتركة :

    لقد جاءت التعليمة الوزارية المشتركة المحددة للعلاقات التدرجية بين السلطة القضائية و الشرطة القضائية بصفة عامة و مجال إدارتها و الأشراف عليها و مراقبة أعمالها لتوضيح هذه العلاقة التي نص عليها القانون في هذا المجال ومن ثم يخضع رجال الضبطية القضائية العسكرية لرؤسائهم السلميين الذين يتبعونهم و لجهازهم الذي ينتمون إليه إداريا و يمارسون أعمال الضبطية القضائية العسكرية تحت إشراف الوكيل العسكري للجمهورية و رقابة وزير الدفاع الوطني .
    و يحاط الوكيل العسكري للجمهورية علمابهوية ضباط الشرطة القضائية العسكرية المعينين في دائرة اختصاص المحكمة العسكرية و يتولى مسك ملفاتهم الشخصية المرسلة من السلطة الإدارية التي يتبعها الضابط المعني أو من النيابة العسكرية لأخر جهة قضائية عسكرية باشرفيها هذا الأخير مهامه .
    و يتكون الملف الشخصي لضباط الشرطة القضائية من الوثائق التالية :
    · قرار التعيين
    · محضر أداء اليمين
    · محضر التنصيب
    · كشف الخدمات كضابط للشرطة القضائية العسكرية
    · أستمارات التنقيط السنوية
    · صورة شمسية
    و تمسك الوكيل العسكري للجمهورية بطاقات التنقيط السنوية لهؤلاء الضباط المنتميين إليه إقليميا وتنقيطهم في أجل أقصاه 31 ديسمبر من كل سنة و يبلغهم بهذا التقييم كما تمكن لهؤلاء الضباط المعنيون أبداء ملاحظاتهم الخاصة بتنقيطهم السنوي و تبقى سلطة التقييم و التقدير النهائي للوكيل العسكري للجمهورية .
    كما أن لوزير الدفاع الوطني سلطة الرقابة على ضباط الشرطة القضائية العسكرية و له الحق في إصدار أمر الملاحقات و المتابعات الجزائية يوجهها إلى الوكيل العسكري للجمهورية المختص لمتابعتهم وفقا لقانون القضاء العسكري . و هذا دون الإخلال بالسلطات التأديبية المخولة لرؤسائهم المباشرين .
    و يعد من قبيل الإخلالات المهنية لضباط الشرطة القضائية على الخصوص مايلي :
    أ – عدم الإمتثال دون مبرر لتعليمات النيابة العسكرية التي تعطى لضباط الشرطة القضائية العسكرية في إطار البحث و التحري عن الجرائم و إيقاف مرتكبيها.
    ب- التهاون في إخطار الوكيل العسكري للجمهورية المختص إقليميا عن الوقائع ذات الطابع الجزائي التي تصل إلى علم ضابط الشرطة القضائية أو تلك الذي يباشر التحريات بشأنها.
    ج- توقيف الأشخاص للنظر دون إخطار الوكيل العسكري للجمهورية المختص إقليميا وقت إتخاذ الإجراء.
    د- المساس بسرية التحقيق و البوح للغير بوقائع تصل إلى علمه بمناسبة مباشرة مهامه
    هـ - خرق قواعد الإجراءات الخاصة بالتحريات الأولية
    و من هده الأخلالات ما يستوجب العقوبة التأدبية و منها ما يستوجب المتابعة الجزائية وفقا لقانون القضاء العسكري.
    و تجدر الإشارة إلى أن إجراء نزع صفة الضبطية القضائية فيما يخص ضباط الشرطة القضائية المدنية وفقا لما فصله قانون الإجراءات الجزائية أمام غرفة الإتهام المختصة لا يوجد في القضاء العسكري و إنما تتم متابعة ضباط الشرطة القضائية العسكرية مباشرة إذا كان محلا للمتابعة وفقا لما سنبينه لاحقا و هذا ما نصت عليه المادة 30/3 من قانون القضاء العسكري و هذا دون الإخلال بالسلطة التأدبية للرؤساء السلميين لهذا الضابط.

    المطلب الثاني : طبيعة العلاقة بين الجهات القضائية العسكرية و الضبطية القضائية العسكرية

    و تشمل العلاقة بين الضبط القضائي العسكري و الجهة القضائية العسكرية التي يبتغونها في مساعدة و توجيه هؤلاء الضباط بصفتهم ضباط شرطة قضائية عسكرية في البحث و التحري عن الجرائم الخاضعة للقضاء العسكري و هذا بعد إلتزامهم المفروض عليهم قانونا في إخبار الوكيل العسكري للجمهورية و إتباع تعليماته المعطاة لهم إلى جانب تنفيذ تفويضات جهات التحقيق العسكري عن طريق الإنابات القضائية و التقيد بما طلب منهم في تنفيذ ذلك الإجراء و سنحاول بسط هذه الطبيعة القانونية لعلاقة ضباط الشرطة القضائية العسكرية مع النيابة العسكرية ثم مع جهات التحقيق العسكري في الفرعيين التاليين :

    الفرع الأول : طبيعةالعلاقة مع النيابة العسكرية :

    لقد فرض قانون القضاء العسكري على ضباط الشرطة القضائية العسكرية إخطار النيابة العسكرية و المتمثلة في الوكيل العسكري للجمهورية عن كل جرم عائد لاختصاص القضاء العسكري ضمن إختصاصه الإقليمي حسب مفهوم المادة 25 من هذا القانون ، كما أضاف هذا الأخير سلطة تسيير وادارة نشاط ضباط الشرطة القضائية العسكرية و هم يتبعونه سلميا و مباشرة و هذا تحت رقابة و سلطة وزير الدفاع الوطني كما بيناه سالفا لذلك تتجسد طبيعة هذه العلاقة بينهما من وقت أرتكاب الجريمة إلى غاية التصرف في الواقعة و من خلالها في المحاضرالتي أعدتها الضبطية القضائية العسكرية في نقاط نوجزها فيمايلي:
    1-منح وصف قانون الواقعة المرتكبة
    2-لفت أنتباه المحقق إلى مامن شأنه أن تخدم القضية
    3-ضمان سلامة الإجراءات من البطلان
    4-توفير كافة المساعدات التي تيسر صياة الأدلة و جمعها و تكفل حسن سير التحقيق
    5-ضمان حرمة الحريات المكفولة بموجب الدستور القوانين المعمول بها خاصة في مراقبة تدابير التوقيف للنظر حسب ما بيناه سالفا .
    6-الحرص على أن تبقى صلاحية ملائمة الملاحقات و المتابعات و ممارسة الدعوى العمومية بعيدة عن أي سلطة غير سلطة الوكيل العسكري للجمهوري تحت سلطة وزير الدفاع الوطني.
    7- حماية القانون و الشرعية و تحقيق حسن سير لعدالة

    الفرع الثاني : طبيعة العلاقة مع جهات التحقيق القضائي العسكري

    لقد نص قانون القضاء العسكري لا سيما في مادته 43 الفقرة الأخيرة على العلاقة الموجودة بين ضباط الشرطة القضائية العسكرية و جهات التحقيق العسكري و هذا من خلال تنفيذ الأنابات القضائية و ذلك بالقيام بما يراه قاضي التحقيق العسكري لازما من إجراءات التحقيق في الأماكن التي تتبع هؤولاء الضباط و التقيد بما طلب منهم و تنفيذ تعليماته و الإمتثال لطلباته و هذا وفقا لما رتبه القانون من إجراءات لضمان سلامة أعمالهم المنوطة بهم من البطلان و هذا حرصا على التطبيق السليم للقانون و السير الحسن للعدالة و من تم تحقيق المشروعية الإجرائية .
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 33

    موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها Empty رد: موضوع المذكرة : اجـــراءات العفـــو و طـــرق تــطبيقها

    مُساهمة من طرف Admin الخميس يوليو 18, 2013 8:33 pm



    الفصل الثاني : اجراءات المتابعة امام المحاكم العسكرية


    لقدتضمن قانون القضاء العسكري الإجراءات الشكلية و الموضوعية التي تسير و تنضم الدعوى العمومية فيمراحلها المختلفة و الملاحظ من هذا القانون أن للنيابة العامة العسكرية دورا مهما فيما تقوم به من إجراءات عبركامل مراحل الدعوى العموميةابتداء من مرحلة جمع الإستدلالات مرورا بدورها الأساسي في المتابعة و القيام بالملاحقات تحت سلطة وزير الدفاع الوطني إلى غاية المحاكمة التي هي آخر هذه المراحل من خلال إبداء طلباتها و إلتماساتها بشأن ما قامت به من إجراءات بإسم المجتمع .
    و عليه سنحاول من خلال هذا الفصل التطرق لبعض جوانب القضاء العسكري المتعلقة بإجراءات المتابعة أمام المحاكم العسكرية و ذلك من خلال دراستنا للدعوى العمومية و كيفية تحريكها و مباشرتها أمام هذه المحاكم عبر مراحلها و طرقها التي سنبسط في ذكرها و بعد ذلك التطرق إلى حالات انقضاء الدعوى العمومية تم نخصص جزء من هذا الفصل لسير اجراءات المتابعة من طرف النيابة العسكرية باعتبارها طرفا في الخصومة الجنائية و هذا من خلال المبحثين التاليين :


    المبحث الاول : الدعوى العمومية و الملاحقات


    تنشأ بمجرد ارتكاب إي جريمة دعوى عمومية تحفظ للمجتمع حقه في القصاص و توقيع العقاب ضد الفاعل، غير أن نشأة الدعوى لا يعني بالضرورة تحريكها كلما أرتكبت جريمةو إنما هو متروك لنظر و تقدير النيابة العامة بوصفها الطرف القائم عن الحق العام فلها أن تأمر بملاحقة مرتكب الفعل و تقديمه للقضاء من أجل توقيع الجزاء عملا بمبدأ ملائمة المتابعة التي تنفرد به دون سواها و لما سنه المشرع من قيودو إلى جانب الدعوى العمومية قد تنشأ دعوى مدنية إذا ترتب عليها ضرر. إلا أنه بالرجوع إلى قانون القضاء العسكري فإنه لا يجوز الادعاء مدنيا أمام المحاكم العسكرية و لا أمام قاضي التحقيق العسكري فهذا القانون يمنع النظر في أي من الدعاوي المتصلة بالجانب المدني و هذا ما نصت عليه المادة 24 منه و المقصود من ذلك ليس دعوى مدنية معينة وإنما يشمل المنع كل الدعاوي التي تهدف إلى أستعادة الطرف المدني لحقه سواء جبرا للضرر أو إستعادة مركزه القانوني و من تم منع تدخل الطرف المدني في الخصومة الجزائية المطروحة أمام القضاء العسكري و بمناسبة تطرقنا للدعوى العمومية سنحاول التطرق في المطلبين التاليين إلى مسألة تحريك و مباشرة هذه الدعوى عبر كافة مراحلها و الطرق في ذلك لنصل إلى أسباب انقضائها طبقا لهذا القانون


    المطلب الأول : تحريك الدعوى العمومية و مباشرتها :


    يقصد بتحريك الدعوى العمومية طرحها على القضاء الجنائي الممثلة في المحاكم العسكرية للفصل في مدى حق الدولة و من تم المجتمع في توقيع الجزاء على مخالفة قانون القضاء العسكري أو قانون العقوبات أ, القوانين المكملة له .
    و بالتالي فتحريك الدعوى العمومية أول أجراء تقوم به النيابة العسكرية للمطالبة بتطبيق قانون القضاء العسكري أو قانون العقوبات في الجرائم التي تؤول الإختصاص فيها إلى المحاكم العسكرية و إجراءات تحريك الدعوى العمومية تكون بطلبات الوكيل العسكري للجمهورية لقاضي التحقيق العسكري بفتح تحقيق و هذا طبقا للمادة 75 من قانون القضاء العسكري أو بواسطة إجراء آخر هو إقامة الدعوى أمام المحكمة العسكرية بواسطة إجراء الإستدعاء المباشر CITATION DIRECTE
    في حين أن مباشرة الدعوى العمومية يقصد بها جميع إجراءات الدعوى العموميةابتداء بأول إجراء فيها إلى حين صدور حكما نهائيا فيها أي مجموع الإجراءات المتبعة عبر مراحلها المختلفة من ذلك أمكانيه تقديم الإلتماسات إلى قاضي التحقيق أثناء أي مرحلةمن مراحل التحقيق و كذا جميع الإستئنافات المقررة فانونا لأوامرقاضي التحيق العسكري و كذ المرافعة أمام المحكمة العسكرية و إنتهاء بالطعن بالنقض في أحكامها أمام المحكمة العليا .
    و لقد نص قانون القضاء العسكري على الدعوى العمومية و الملاحقات بصفة عامة في الفصل الثالث في مواده من 67 إلى 74 منه
    و عليه سنرى من له الحق في تحريك الدعوى العمومية أمام القضاء العسكري فيمايلي:


    الفرع الأول : من له الحق في تحريك الدعوى العمومية .


    بخلاف ما هو موجود في القضاء العادي أين نجد أن المدعي المدني بإمكانه تحريك الدعوى العمومية أمام محكمة الجنح أو المخالفات بتكليف المتهم بالحضور أمامها أو أمام قاضي التحقيق عملا بالمادتين 01 و 72 من قانوناالأجراءات الجزائية و هذا إلى جانب النيابة العامة باعتبارها ممثلة للحق العام و للمجتمع فإن قانون القضاء العسكري و من خلال المادة 68 منه يعطى الحق في تحريك الدعوى العمومية و في جميع الأحوال إلى وزير الدفاع الوطني و تمكن للوكيل العسكري للجمهورية المختص إقليميا ممارسة هذا الحق و هذا تحت سلطة وزير الدفاع الوطني الذي يتولى السلطات القضائية المنصوص عليها في هذا القانون و وفقا للمادة الثانية منه و أستثناء يمكن لرئيس المحكمة العسكرية الحق في تحريك الدعوى العمومية بالنسبة لجرائم الجلسات كما سنراه لاحقا .


    الفرع الثاني : مراحل سير الدعوى العمومية .


    تبدأ المتابعة الجزائية قانونا من وقت تحريك الدعوى العمومية لذا فإن التحريات و التحقيقات الإبتدائية و كذاالمحاضر المحررة من طرف الضبطية القضائية و كذا التقارير لا تدخل في إجراءات المتابعة او تحريك الدعوى العمومية بل تعتبر أعمالا تحضيرية لا يترتب عنها أي أثر قانوني و من تم جاز للنيابة حفظها دون متابعة بينمايقصد بمراحل الدعوى العمومية او الخصومة الجزائية مايلي :
    أولا : مرحلة الإتهام :
    و هي أول مراحل سير الدعوى العمومية أمام المحكمة العسكرية المختصة و هي لازمة لنشوءها و تبقى مستمرة أثناء إجراءات المتابعة و إلى أن يصدر في الدعوى حكما بات أو تنقضي لسبب آخر كما سنبين ذلك لاحقا

    ثانيا : مرحلة التحقيق القضائي :

    و هي المرحلة التي يقوم فيها قاضي التحقيق العسكري و هذا بعد إخطاره من طرف الوكيل العسكري للجمهورية بموجب أمر بالتحقيق و هذا ما يقابل طلب بإفتتاح تحقيق في القانون العام بالبحث و التحقيق في الوقائع التي أخطربها و مدى نسبتها إلى المتهم من عدمها و هي مرحلة وجوبية في الجنايات و أختيارية فيمواد الجح و جوازية في مواد المخالفات و قد نص قانون القضاء العسكري على هذه المرحلة من الدعوى العمومية في المواد 75 إلى 113 منه و هي هذه المرحلة قد تنهي الدعوى العمومية إما بإصدار قاضي التحقيق العسكري لأمر بالأوجه للمتابعة و إما بإحالة الملف على المحكمة العسكرية للمحاكمة .

    ثالثا : مرحلة الحكم :

    و فيها تعرض الدعوى العمومية على المحكمة العسكرية للفصل فيها و من تم حق الدولة و المجتمع و توقيع الجزاء على المتهم و هي آخر مرحلة من مراحل الدعوى العمومية و التي تنتهي بصدور حكم قضائي أو تنقضي لسبب من الأسباب التي سنوضحها لاحقا .

    المطلب الثاني : الملاحقات الجزائية العسكرية و انقضاء الدعوى العمومية :


    لقد سبق و أن رأينا الحق في تحريك الدعوى العمومية أمام المحاكم العسكرية يعود إلى وزير الدفاع الوطني كما أنه يمكن للوكيل العسكري للجمهورية لدى المحكمة العسكرية المختصة تحت سلطة وزيرالدفاع الوطني القيام بذلك و من تم فيمكنه أن يحرك الدعوى العمومية كما يمكنه أن يأمر بحفظ الأوراق و هذا أنطلاقا من مبدأ ملاءمة الملاحقة THE PRINCIPLE OF OPPORTU NITY عندما تعرض المحاضر و التقارير التي أجرتها الضبطية القضائية العسكرية على النيابة العسكرية و ترى أنه يستوجب القيام بالملاحقات لوقائع معينة فانها تتصرف في ذلك وفقا لطرق معينة تضمها قانون القضاء العسكري تلتزم بمراعاتها و لكل طريقة إجراءات خاصة سنراها لاحقا، كما أنه قد تقوم النيابة العسكرية بالملاحقات الجزائية إلا أنه تمكن للمحكمة العسكرية أن تقضي بعدم إدانة الماثل أمامها لسقوط الدعوى العمومية لسبب من الأسباب و هذا ما سنراه فيما بعد و عليه سنحاول من خلال الفرعين التاليين أبراز طرق تحريك الدعوى العمومية بصفة عامة تم لانقضائها أمام الجهات الخاصة و هذا طبقا لما هو مقرر في قانون القضاء العسكري .

    الفرع الأول : طرق تحريك الدعوى العمومية


    1- الطرق العادية : لقد نص قانون القضاء العسكري على طرق تحريك الدعوى العمومية في المواد 71 ،74 ، 75 منه وهي :
    أ * الإحالة مباشرة أمام المحكمة العسكرية
    و قد نصت على الإجراء المادة 74/3 من قانون القضاء العسكري و يكون هذا الإجراء فقط في مواد المخالفات و الجنح دون الجنايات أين يكون اللجوء إلى التحقيق القضائي وجوبيا يقوم به قاضي التحقيق العسكري وعند صدور أمر بالملاحقة بناء على شكوى أو تقرير أو بلاغ أو حتى بصفة تلقائية من طرف وزير الدفاع الوطني أو من النيابة العسكرية المختصة وفقا لهذا القانون حيث أن الوكيل العسكريللجمهورية متى رأى أن الوقائع لا تشكل وصفا جنائيا فيلجأ إلى هذا الإجراء و هو الإحالة المباشرة أمام المحكمة العسكرية
    LA CITATION DIRECTEو من خلال هذا الإجراء يمكن للوكيل العسكري للجمهورية إحالة المتهم أمام المحكمة العسكرية عن طريق تكليف بالحضور CITATION A CAMPARAITRE للجلسة المحددة له في هذا التكليف كما يمكنه إحالته محبوسا بموجب إمر إيداع و هذا بعد التأكد من شخصية المتهم و تبليغه بمانسب إليه و النصوص المطبقة في هذا الشأن مع تحديد أقرب جلسة له لأجل محاكمته و هنا نلاحظ أنه و نظرا لخصوصية قانون القضاء العسكري و إختلافه في بعض أحكامه عن القانون العام نجد أن إجراء التلبس كما هو منصوص عليه في قانون الإجراءات الجزائية من خلال المادتين 59 و 338 غير منصوص عليه في هذا القانون أين نجد أن المتهم المحال أمام المحكمة بموجب إجراءات التلبس و كان محبوسا فإن محاكمته لا بد ان تتم في اجل اقصاه ثمانية ايام ابتداء من الأمر بالحبس في حين نجد أن في قانون القضاء العسكري أن المتهم الذي صدر ضده أمر الإيداع
    من طرف النيابة العسكرية فإنه تحدد له أقرب جلسة و هذا دون تحديد أقصى حد للمدة التي قد يقضيها المتهم المحبوس في المؤسسة العقابية العسكرية و من تم نجد أن الإحالة المباشرة على المحكمة العسكرية بموجب إجراء الإستدعاء المباشر يشبه الإجراء المنصوص عليه في م/334 منم قانون الإجراءات الجزائية
    و قد نصت الفقرة السادسة من المادة 74 أنه يحق للوكيل العسكري للجمهورية في حالة الحرب أن يقوم بهذا الإجراء ضد أي شخص كان ماعدا الاحداث أو القصر إلا إذا كانت الجرائم المقترفة من طرفهم معاقب عليها بالإعدام .
    ب* - إخطار قاضي التحقيق العسكري بموجب أمر أفتتاحي للتحقيق
    و قد نصت على هذا الإجراء المادة 75 من قانون القضاء العسكري و يكون هذا في حالة ما اذا كانت الوقائع المتابع بها المتهم تشكل جناية أين يصبح التحقيق القضائي وجوبيا و هذا طبقا لما هو منصوص عليه في قانون الإجراءات الجزائية كما يمكن للوكيل العسكري للجمهورية أن يلجأ أن هذا الإجراء إذا ما رأي أن الشروط القانونية للإحالة المباشرة أمام المحكمة العسكرية غير متوافرة كاملة و متى رأى أن الوقائع تشكل جنحة و كانت الوقائع غامضة

    و نفس الشئ بالنسبة للمخالفات و أقضت الضرورة ذلك .
    2- الطريق الإستثنائي :
    لقد نص قانون القضاء العسكري في مادته 136 منه على إناطة ضبط جلسة المحاكمة لرئيس المحكمة العسكرية و من تم إمكانية تحريك للدعوى أستناءا في شأن بعض الجرائم التي ترتكب في الجلسة بل و قد يمتد حتى إلى الحكم فيها و هذا مانصت عليه على التوالي المادتين 138و 139 من هذا القانون .

    الفرع الثاني : انقضاء الدعوى العمومية


    و قد نص قانون القضاء العسكري على ذلك في المواد 69 و 70 منه حيث أن المادة الأولى أحالت الى أحكام قانون الإجراءات الجزائية فيما تخص قواعد انقضاء الدعوى العمومية في المواد 6 إلى 9 و هذا مع مراعاة التحفظات المتعلقة بالتقادم و المذكورة في المادة 70 منه و عند توافر أسباب انقضاء الدعوى العمومية وفقا لقانون اٌلاجراءات الجزائية فإنه لا تمكن تحريك و مباشرة الدعوى العمومية و إذا أحصل ذلك فعلى قضاة الحكم الفصل بإنقضائها لسبب من الأسباب التي حددها القانون و التي سنبينها فيمايلي :
    و هي الأسباب العامة فقط لأن قانون القضاء العسكري و نظرا لخصوصية اجراءاته فانه لا يقر بالاسباب الخاصة ولا يعتدبها في المتابعة و ليس هناك قيود واردة على تحريك الدعوى العمومية في القضاء العسكري و لا يجيز أيضا المصالحة في جرائمه
    أولا وفاة المتهم :
    كقاعدة عامة فإن وفاة المتهم الذي أرتكب الجريمة يؤدي حتما إلى سقوط الدعوى العمومية و إنهاء آثارها بالنسبة له في الحاضرو المستقبل و من تم إيقاف الإجراءات الجنائية المتخدة ضده و انقضاء الدعوى العمومية بالمفهوم القانوني يعني توقيف الدعوى العمومية الرامية إلى عقاب المتهم المتابع جزائيا و لما كان توقيع العقاب على المتهم هو الغاية التي تسعى الدعوى الجنائية إلى إدراكها كان منطقيا أن تنقضي تلك الدعوى إذا أستحال إدراك تلك الغاية لوفاة المتهم لكن بعد صدور الحكم و صيرورته نهائيا فإن السقوط في هذا الحالة ينصب على الآثار وحدها المتمثلة في العقوبة المحكوم بها و عليه في الحالة هذه فاذا حصلت الوفاة متزامنة مع الأحداث أو على أثر وقوع الجريمة فإن تحريك الدعوى العمومية يتوقف و به تنتهى المتابعة و الدعوى معا بالنسبة للشخص المتواي دون غيره من الشركاء المساهمين معه في إرتكاب الجريمة .
    و هناك حالات لوفاة المتهم أثناء أي مرحلة من مراحل سير الدعوى و هي :
    · وفاة المتهم قبل الحكم :
    فإذا كانت الدعوى مازالت على مستوى جهة التحقيق وجب على قاضي التحقيق العسكري الذي الذي علم بواقعة الوفاة أن يصدر أمرا بالاوجه للمتابعة و هذا بعد الحصول على الشهادة المتبتة للوفاة الفعلي و بعد أستطلاع رأي النيابة العسكرية أمااذا توفي المتهم أثناء المحاكمة و قبل صدور حكم وجب هنا على المحكمة الحكم بإنقضاء الدعوى العمومية لوفاة المتهم و تستمر المحاكمة بالنسبة للمساهمين أو الشركاء له .
    * وفاة المتهم بعد صدور حكم بات بالإدانة
    و هنا فالوفاة لا تؤثر على الدعوى العمومية إلا من حيث الآثار المتمثلة في تنفيذ عقوبة الحبس غير أنها تستمر في الجانب المالي المتعلق بتنفيذ الغرامة المالية و المصاريف القضائية التي تعتبر دين في الجانب الآيجاني للذمة المالية للمحكوم عليه المتوفي و لا تسقط إلا وفقا للإجراءات التي تقررها القوانين الخاصة .
    كما أنه في حالة وفاة المحكوم عليه أثناءتنفيذه للعقوبة السالبة للحرية فإن المدة المتبقية تسقط لإستحالة التنفيذ.
    · وفاة المتهم بعد صدور الحكم غير نهائي بالبراءة :
    فالحكم غير النهائي حكم لا تمثل الحقيقة كاملة لأن إدانة المتهم لا تقرر إلا بعد صيرورة الحكم باتا فالحكم غير النهائي حكم قابل للطعن بالطرق القانونية
    · وفاة المتهم بعد صدور حكم غير نهائي بالإدانة :
    و هنا تكون امام أمرين هما :
    أولا : إذا توفي المحكوم عليه قبل أن يطعن في الحكم فإنه لا يجوز للنيابة العامة الطعن في هذا الحكم تأسيسا على أن الطعن سيعرض على جهة قضائية أخرى تتطلب حضور المتهم
    ثانيا : إذا توفي المحكوم عليه بحكم غير نهائي بعد أن طعن فيه أو طعنت فيه النيابة العامة في هذه الحالة تقضي المحكمة المعروض عليها الطعن بإنقضاء الدعوى بعد وفاة المتهم.
    · صدورحكم قضائي بالادانة ضد متهم متوفي :
    في حالة ما إذا اصدرت المحكمة حكما غيابيا على المتهم بعدتبليغه بتاريخ الجلسة و كان قد توفي و لم يصل إليها واقعة الوفاة بعد فالحكم الغيابي هو أضعف الأحكام لأنه يصدر من غير سماع دفاع المتهم المختار لذلك فإن الحكم لا تمكن تنفيذه هنا و هنا يرى القضاء الفرنسي أنه إذا حكم على شخص غيابيا تبتت وفاته بصفة رسمية كان من حق ورثته تقديم عريضة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم الغيابي تعتبر في حكم المعارضة تقرر على أساسها إعتبار الحكم الغيابي هذا كأن لم يكن ( نقض فرنسي 22/06/1980)
    صدور حكم قضائي بإنقضاء الدعوى العمومية لوفاة المتهم بينما هو حي:
    و هو أن تصدر المحكمة حكما يقضي بإنقضاء الدعوى العمومية و هذا بعد أن وصل إلى علمها وفاة المتهم بينما في الواقع هو حي في هذه الحالة يجب على النيابة العامة إعادة طرح القضية من جديد على المحكمة التي أصدرت الحكم المعني و هنا لا يحق للمتهم الدفع بعدم جواز الفصل في الدعوى لسبق الفصل فيها لأن لحكم الذي أصدرته المحكمة ماهو إلا مجرد إعلان بعدم إمكانية الإستمرار في نظر الدعوى لوفاة المتهم .
    ثانيا : التقادم :
    فالتقادم حالة قانونية تنهي الدعوى العمومية و تزيل آثارهاو هو نظام قانوني قائم و مقرر في جميع الشرائع القديمة و الحديثة و قد أورد المشرع الجزائري أحكام التقادم في المواد 7، 8 ، 9 من قانون الإجراءات الجزائية حيث نصت المادة 8 على أن الدعوى العمومية في مواد الجنح تتقادم بمرور 3 سنوات ، أما المخالفة فهي تتقادم بمرور سنتين و في المواد الجنائية بمرور عشرة سنوات (10 سنوات ) كاملة تبدأ من يوم أقتراف الجريمة إذا لم يتخذ في تلك الفترة أي إجراء من إجراءات التحقيق أو المتابعة و بالرجوع إلى قانون القضاء العسكري نجده يحيل قواعد التقادم إلى القواعد العامة المنصوص عليها في المواد من 6 إلى 9 من قانون الإجراءات الجزائية و هذا مع مراعاة احكام المادة 70 من قانون القضاء العسكري التي تحدد سريان هذه التقادم للدعوى العمومية الناجمة على جرتمتي الفرار Desertion و العصيان Insoumission أبتداء من اليوم الذي يبلغ فيه الفار أو العاصي سن الخمسين في حين لا تنقضى الدعوى العمومية بالتقادم إذ تعلق الأمر بجرائم الفرار مع عصابة مسلحة أو الفرار إلى العدو أو أمام العدو و هذا ما نصت عليه المادة 70 في فقرتها التانية من هذا القانون
    و للإشارة فإن القواعد المتعلقة بالتقادم هي من النظام العام و أن أي إجراء من الإجراءات التيي تتخذها النيابة أو جهة التحقيق من شأنه أن يقطع التقادم و قد أعتبرت المحكمة العليا في أحد قرارتها أن مجرد طلب النيابة العامة من الضبطية القضائية موافاتها بالشهادات الطبية المتعلقة بضحايا حادث مرور من شأنه أن يقطع أمد التقادم .
    ثالثا: العفو الشامل :
    و هو بدوره حالة قانونية تنهي الدعوى العمومية في أية مرحلة كانت عليها بموجب قانون طبقا للإجراءات التي يقررها الدستور و يسري مفعوله على نوع معين من الجرائم أو الأشخاص المحددين فيه و تمتد آثاره إلى الأفعال محل العفو و محو آثارها السابقة و اللاحقة ، فإذا جاء العفو الشامل بعد صدور الحكم فيسقط بموجبه هذا الأخير بأثر رجعي و يصبح كأن لم يكن .
    رابعا : إلغاء القانون الجزائي: لما كانت مدة صلاحية القوانين الجنائية تتحدد بمدة نفاذها حيث تبدأ من وقت إصدارها و نشرها و تنتهي بتاريخ إلغائها و هي تطبق على كافة الجرائم المرتكبة فوق أراضي الجمهورية طبقا لأحكام المادة الثالثة من قانون العقوبات غير أنها لا تسري على الماضي إلا إذا كانت أقل شدة و هذا ما يعرف بالقانون الأصلح للمتهم.
    خامسا : صدور حكم بات
    يعتبر الحكم كذلك و هذا بعد أن يستنفد جميع طرق الطعن العادية و غير العادية و من ثم يعد دليلا قاطعا فيما قضى به في مواجهة الكافة في موضوع تلك الدعوى و لا يجوز الرجوع فيها من جديد أو تحريكها.


    المبحث الثاني : النيابة العسكرية و إجراءات المتابعة


    لقد خول المشرع الجزائري للنيابة العسكرية العامة صلاحيات واسعة في كيفية تصرفها في الدعوى العمومية و هذا دائما تحت سلطة وزير الدفاع الوطني بمقتضى أحكام قانون القضاء العسكري.
    و من خلال أستقراء أحكام هذا القانون نجد أن المشرع وضع أحكام و ضوابط يستوجب مراعاتها أثناء سير الدعوى العمومية و بالأخص أثناء مرحلة المتابعة و الملاحقات الجزائية العسكرية.
    و سنتطرق في هذا المبحث إلى صلاحيات و اختصاصات الوكيل العسكري للجمهورية بصفته ممثلا للنيابة العامة العسكرية على مستوى إقليم الناحية العسكرية التابع لها إضافة إلى الإجراءات المتبعة أمام النيابة العسكرية في مرحلة الملاحقات الجزائية و هذا على ضوء الأحكام التي تضمنها قانون القضاء العسكري .

    المطلب الأول : صلاحيات و اختصاصات الوكيل العسكري للجمهورية


    لقد نصت المادة 10 من قانون القضاء العسكري على أنه يوجد على مستوى كل محكمة عسكرية وكيل عسكري للجمهورية و يساعده في أعماله نائب أو عدة نواب بصفة نائب الوكيل العسكري للجمهورية و هذا تبعا للنشاط و الحجم القضائي للمحكمة العسكرية ، و يتم تعيين أعضاء النيابة العامة العسكرية بموجب قرارات من وزير الدفاع الوطني و هذا ما أكدته نفس المادة و يعد الوكيل العسكري للجمهورية ممثلا للنيابة العامة العسكرية على مستوى اختصاصه الإقليمي الذي يتحدد بالناحية العسكرية التابع لها، فمعيار تحديد الاختصاص الإقليمي أو المحلي للوكيل العسكري للجمهورية يتحدد بمكان وقوع الجريمة و بمحل إيقاف المتهم أو المتهمين أو بمكان خضوع الوحدة التي يكون المتهم أو المتهمون تابعين لها و على ضوءذلك فإن الوكيل العسكري للجمهورية يكون مختصا إقلميا و من تم المحكمة العسكرية التابع لها متى توافر أحد هذه المعاير الثلاثة.
    و في حالة التنازع الإيجابي يؤول الإختصاص للنيابة العسكرية التي وقع الجرم في دائرة اختصاصها و هذا ما أكدته المادة 30 في فقرتيها الأولى و الثانية من هذا القانون ، و هذا مع مراعاة اختلاف الجرائم فنجد أنه بالنسبة للجرائم الوقتية التي ترتكب دفعة واحدة و في مدة محددة من الزمن يعد مكان للجريمة المحل الذي يقع فيه فعل التنفيذ كجريمة القذف بواسطة رسالة خاصة مغلقة مثلا : فيعد مكان استلام و قراءة هذا الخطاب هو مكان لمحل الجريمة لا مكان إرساله و تحريره (1 ) في حين بالنسبة للجرائم المستمرة التي يستغرق إرتكابها مدة من الزمن يعتبر مكانا للجريمة كل مكان تقوم فيه حالات الإستمرارية ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

    الفرع الأول : الاختصاصات العادية


    يقصد بالإختصاصات العادية المهام التي يقوم بها الوكيل العسكري للجمهورية بصفته ممثلا للنيابة العامة العسكرية في غير مجالات الإتهام و المتابعة و يمكن حصرها في مايلي :
    أولا : تنفيذ الأحكام و الأوامر الصادرة عن الجهات القضائية العسكرية و أن أقتضى الأمر تنفيذها جبرا بواسطة تسخير القوة العمومية .
    ثانيا : تقديم و حضور المرافعات و تقديم الإلتماسات في الجلسة
    ثالثا : أبداء الرأي في جميع المسائل المتعلقة بإجراءات التحقيق و الأوامر التي سنتخذها هذه الجهة .
    رابعا : كما يقوم الوكيل العسكري للجمهورية بإستئناف جميع الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق العسكري و هذا أمام المحكمة العسكرية المنعقدة بهيئة غرفة الإتهام إلى جانب الطعن في أحكام المحكمة العسكرية أمام المحكمة العليا .
    خامسا : كما أنه مكلف بالإشراف على إدارة المحكمة العسكرية و كل ما يتعلق بجانب الإنضباط
    و النظام داخل المحكمة العسكرية بإعتبارها تعد مؤسسة أو وحدة عسكرية تخضع للنظام العسكري و يعد الوكيل العسكري للجمهورية قائدا لهذه الوحدة و هذا وفقا لقانون الخدمة في الجيش .

    الفرع الثاني : الإختصاصات العامة في مجال المتابعة :


    و تمكن التطرق إلى هذه الإختصاصات في الأمور التالية :
    أولا : تحريك و مباشرة الدعوى العمومية تحت سلطة وزير الدفاع الوطني
    ثانيا : تلقي شكاوي و المحاضر و التقارير و يقرر ما يجب إتخاذه بشأنها و هذا أعتمادا علي مبدأ الملائمة للملاحقة : The principle of opportunity فالنيابة العامة العسكرية لها السلطة التقديرية في تحريك الدعوى العمومية من عدمها و من تم اصدار أمر بحفظ الأوراق و عليه فالمشرع الجزائري سار على نفس المنوال الذي سارت عليه التشريعات العسكرية في فرنسا و بلجيكا و مصر و سوريا و الأردن
    ثالثا : القيام بجميع الإجراءات اللازمة التي تدخل في إطار البحث و التحري عن الجرائم التي يؤول فيها الاختصاص إلى المحاكم العسكرية التابع لها و إعطاء الأوامر و التعليمات لضباط الشرطة القضائية العسكرية
    رابعا : الإدارة ، الإشراف و الرقابة على أعمال الضبطية القضائية العسكرية ، باعتبار أن ضباط الشرطة القضائية العسكرية بمختلف أجهزتهم سواء كانوا تابعين للدرك الوطني أو دائرة الإستعلام و الأمن كما سبق الإشارة إليهم من قبل و أثناء مباشرتهم لإعمال وظائفهم فهم يتبعون سلميا و مباشرة الوكيل العسكري للجمهورية المختص الذي يكون بدوره خاضعا لسلطة وزير الدفاع الوطني

    المطلب الثاني : سير المتابعة أمام النيابة العسكرية


    تخضع الجرائم العسكرية أو جرائم القانون المذكورة في قانون القضاء العسكري إلى اختصاص المحاكم العسكرية و هذا طبقا للمادة 25 من هذا القانون وهذا من حيث متابعة مرتكبيها هذه المتابعة التي تخضع أو تتبع إجراءات معينة ضبطها هذا القانون فإذا توصل الوكيل العسكري للجمهورية بالملف سواء عن طريق التقديمة Présentation أو عن طريق البريد العادي الوارد الى أمانة النيابة العسكرية و يرى أنه ينبغي متابعة الأشخاص العسكريين أو الخاضعيين لاختصاص القضاء العسكري فإنه يتصرف في ذلك وفق إجراءات حددها هذا القانون و هذا ما سنراه من خلال الفرعين التاليين :

    الفرع الأول : الإجراءات العادية


    و هي كذلك على أعتبار أن النيابة العسكرية متى رأت أنه يستوجب تحريك الدعوى العمومية و إجراء المتابعات القضائية فإنها تتابع هؤلاء الأشخاص موضوع المتابعة مباشرة أمام الجهة القضائية التي يخضعون إليها باسم وزير الدفاع الوطني و هذا وفقا للطرق التي بيناها سابقا الا و هي طلب إجراء تحقيق قضائي من طرف جهة التحقيق العسكري أو بالإحالة المباشرة أمام المحكمة العسكرية Traduction Directe.و تخضع لهذه الإجراءات الرتباء و ضباط الصف بصفة عامة بما فيهم الذين الذين لهم صفة الضبط القضائي العسكري إلى جانب الضباط برتبة ملازم أول أو ملازم و يستثنى من هذه الفئة الذين لهم صفة ضابط شرطة قضائية عسكرية أو صفة قاضي عسكري يضاف إلى كل هؤلاء المدنيين المحاليين أمام القضاء العسكري لجرائم عائدة لإختصاصه و هذا طبقا للمادة 25 من نفس القانون كل هذا مع مراعاة أحكام المادة 71 و مايليها .

    الفرع الثاني : الإجراءات الخاصة


    و سميت كذلك بأعتبارها تتعلق بفئة خاصة من العسكريين محل الإتهام و هذا ما نصت عليه المادة 30/3 من قانون القضاء العسكري و يسمى باسناد الاختصاص إلى جهة قضائية عسكرية يحددها وزير الدفاع الوطني من أجل متابعة و محاكمة هذه الفئة و التي لا تمكن أن تكون محكمة الناحية العسكرية التابعين لها إلا إذا كانت هناك أستحالة مادية في ذلك كتعذر نقلهم أو عدم الإمكانية لذلك .و هذه الفئة تتكون كلهامن الضباط و الضباط السامون (1) و تمكن أن نلاحظ أن هذه الإجراءات تعد بمثابة أمتياز لهذه الفئة و هو ما نجده بالنسبة لامتياز التقاضي المنصوص عليه في قانون الإجراءات الجزائية لفئة معينة

    فكلما كان العسكري القابل للإتهام له رتبة نقيب فأكثر أو يكون ضابط له صفة ضابط شرطة قضائية عسكرية كملازم في سلاح الدرك الوطني مثلا . أو ضابط له صفة قاضي عسكري توجب على النيابة العسكرية المختصة و الممثلة في شخص الوكيل العسكري للجمهورية أن يرفع تقريرا مفصلا إلى وزير الدفاع الوطني الذي يعين محكمة عسكرية أخرى تتولى متابعة و محاكمة هذه الفئة من العسكريين إلا في حالة الإستحالة المادية لذلك .
    و إعطاء المشرع الجزائري لهذه الفئة من العسكريين امتيازا في التقاضي كان بهدف إعطاء أكثر الضمانات و تفاديا لكل شكل من أشكال الضغط و دفعا لكل شك أو ريب و هذا من خلال الرتب و المناصب التي كان يتقلدها هؤلاء العسكريين أثناء مباشرتهم لمهامهم كما أنه و تطبيقا للمادة 71 و ما يليها من قانون القضاء العسكري نجد ها تنص على أنه عندما يطلع وزير الدفاع الوطني على محضر أو تقرير الضبطية القضائية العسكرية أو احدى السلطات المذكورة في المادة 47 من هذا القانون أو بعد أستلامه شكوى أو اتهام و حتى بصفة تلقائية و يرى بأنه ينبغي القيام بالملاحقات فله أن يصدر أمر بالملاحقة يوجهه إلى الوكيل العسكري للجمهورية لدى المحكمة العسكرية المختصة و يرفق به التقارير و المحاضر و كافة الأوراق المرفقة و الأشياء المحجوزة ، و هنا فإن المتابعة و المحاكمة تكون أمام المحكمة المسند لها الإختصاص حتى و لو كانت المحكمة المعنية بخلاف المادة 30/3 ، على أساس أن أمر الملاحقة يصدر من السلطة المستقلة في وزير الدفاع الذي له الحق تعيين المحكمة العسكرية المختصة و هذا بموجب قانون القضاء العسكري.


    الخاتمــــــة :


    من خلال دراستنا لموضوع مذكرتنا هذه راينا ووقفنا على بعض الخصوصيات التي ينفرد بها قانون القضاء العسكري بإعتباره قضاء مستقلا عن القضاء العادي سواء من حيث النص المرجعي الأساسي المستند إليه من كلتا الجهتين أو من حيث العاملين على تطبيق تلك النصوص ويمكننا أن نفسر ذلك إنطلاقا من كون أن مصلحة الدفاع عن الوطن تعتبر من أولى المصالح الأساسية للدولة وقد نيطت هذه المصلحة بطائفة من الأفراد عليهم القيام بها والعمل على تحقيقها على الوجه الأكمل الذي تنشده الدولة ونظرا للطبيعة الخاصة المستمدة من الوظيفة المنوطة بهاوالتي تختلف عن وظائف وظروف بقية أجهزة الدولة ومؤسساتها لذلك فهي تنفرد بنظام وأسلوب حياة خاص ومستقل يتفق والمهام الموكلة إلى رجالها ذلك النظام الذي يفرض إلتزامات وواجبات ثقيلة من ذلك كانت الضرورة إلى وجود قواعد خاصة تنفرد بها المؤسسة العسكرية ومن ثم وجود قضاء خاص ومن خلاله وجود نظام تأديبي وتجريمي وفقا لسياسة تجريمية خاصة . لذلك فإن قانون القضاء العسكري من خلال الأحكام التي تنص عليها ليس كتيب للتهذيب المعتدل وإنما هو أداة زجر وردع معا بإستطاعته أن يوقف بين مقتضيات الدفاع الوطني وبين حماية الحريات الفردية . وبالرغم من ذلك فقد لاحظنا أوجه للتشابه بين قانون القضاء العسكري بإعتباره قانون خاص وبين القانون العام لا سيما أثناء مرحلة التحري وجمع الإستدلالات أين نجد أن قانون القضاء العسكري يحيل في الكثير من الأحيان إلى قانون الإجراءات الجزائية ما عدا ما أستثني بنص صريح وفي الأخير نقول أن دستور الحياة العسكرية يقوم على النظام والإنضباط والطاعة ولا يتم ذلك إلا بوجود جهاز توكل له تحقيق هذا الهدف المنشود .



      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 24, 2024 6:18 pm