أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مذكرة تخرج جريمة الزنا . 580_im11 ENAMILS مذكرة تخرج جريمة الزنا . 580_im11

المواضيع الأخيرة

» مدونة القوانين الجزائرية - محدثة يوميا -
مذكرة تخرج جريمة الزنا . I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed

»  شركة التوصية بالاسهم -_-
مذكرة تخرج جريمة الزنا . I_icon_minitimeالجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin

» مكتبة دروس
مذكرة تخرج جريمة الزنا . I_icon_minitimeالإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
مذكرة تخرج جريمة الزنا . I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
مذكرة تخرج جريمة الزنا . I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
مذكرة تخرج جريمة الزنا . I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
مذكرة تخرج جريمة الزنا . I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin

» بحث حول المقاولة التجارية
مذكرة تخرج جريمة الزنا . I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl

» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
مذكرة تخرج جريمة الزنا . I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique

» الدفاتر التجارية:
مذكرة تخرج جريمة الزنا . I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma

ENAMILS


كتاب السنهوري


    مذكرة تخرج جريمة الزنا .

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

    مذكرة تخرج جريمة الزنا . Empty مذكرة تخرج جريمة الزنا .

    مُساهمة من طرف Admin الأربعاء أغسطس 07, 2013 7:53 pm



    خـــــطة المـــذكرة
    مقدمــة:
    الفصـــــــل الأول : ماهية جريمة الزنا .
    المبحث الأول : تعريف جريمة الزنا في القانون وفي الشريعة والتطور التاريخي لها.
    المطلب الأول : تعريف جريمة الزنا في القانون وفي الشريعة
    الفرع الأول: تعريف جريمة الزنا في القانون
    الفرع الثاني: تعريف جريمة الزنا في الشريعة
    المطلب الثاني: التطور التاريخي لجريمة الزنا
    الفرع الثاني: تطور جريمة الزنا في الديانتين اليهودية والمسيحية.
    أولا: جريمة الزنا في الشريعة اليهودية.
    ثانيا: جريمة الزنا في الشريعة المسيحية.
    الفرع الأول: تطور جريمة الزنا في القوانين الوضعية القديمة والحديثة.
    أولا: جريمة الزنا في القوانين الوضعية القديمة
    ثانيا: جريمة الزنا في القوانين الوضعية الحديثة.
    المبحث الثاني :أركان جريمة الزنا في القانون وفي الشريعة.
    المطلب الأول : أركان جريمة الزنا في القانون
    الفرع الأول: الركن المفترض- قيام رابطة زوجية صحيحة.
    أولا: إثبات صحة الزواج.
    ثانيا: فترة قيام الرابطة الزوجية وحكمها.
    ثالثا: أحكام الزوج الغائب والمفقود.
    الفرع الثاني: الركن المادي- وقوع فعل الوطء غير المشروع
    أولا: المقصود بالوطء
    ثانيا: حكم وطء المرأة في الدبر
    ثالثا: الشروع في الزنا
    الفرع الثالث: الركن المعنوي- القصد الجنائي العام.
    أولا: عنصر العلم
    ثانيا: عنصر الإرادة
    ثالثا: العوامل المؤثرة على القصد الجنائي
    المطلب الثاني: أركان جريمة الزنا في الشريعة الإسلامية
    الفرع الأول: الوطء المحرم
    أولا: تعريف الوطء
    ثانيا: الصور المختلفة للوطء
    ثالثا: بقاء البكارة
    الفرع الثاني: الزاني والزانية ( الفاعلان)
    أولا: العقل والتكليف
    ثانيا: الاختيار
    ثالثا: الالتزام بالأحكام
    الفرع الثالث: القصد الجنائي
    أولا: الجهل بالتحريم
    ثانيا: الخطأ في الشخص
    الفصـــــل الثاني :القواعد الإجرائية لجريمة الزنا، والجزاء المقرر لها .
    المبحث الأول: متابعة جريمة الزنا في القانون والشريعة
    المطلب الأول: متابعة جريمة الزنا في القانون .
    الفرع الأول: شروط تقديم الشكوى
    أولا: شكل الشكوى
    ثانيا: طرفا الشكوى
    ثالثا: شروط صحة الشكوى
    رابعا: الجهة التي توجه إليها الشكوى
    خامسا: مسألة علم المجني عليه في جريمة الزنا وسقوط حقه في الشكوى
    الفرع الثاني: وحدة الشكوى وتعددها
    أولا: حالة تعدد المتهمين.
    ثانيا: حالة تعدد الجرائم.
    ثالثا: حالة تعدد المجني عليهم
    الفرع الثالث: الآثار التي رتبها القانون على ضرورة تقديم شكوى.
    أولا: قبل تقديم الشكوى
    ثانيا: بعد تقديم الشكوى
    ثالثا: الدفوع التي تدفع بها دعوى الزنا
    - مسالة الشريك المتزوج أو الشريكة المتزوجة-
    الفرع الرابع: التنازل عن الشكوى
    أولا: شكل التنازل
    ثانيا: آثار التنازل
    الفرع الخامس: الدعوى المدنية التبعية
    أولا: مسألة ترك المدعي لدعواه المدنية
    ثانيا: ترك الدعوى المدنية لا يؤثر على الدعوى الجزائية.
    ثالثا: هل ترك الدعوى المدنية يعنى التنازل عن الشكوى في الجرائم التي يتوقف
    تحريك الدعوى العمومية فيها على شكوى المجني عليه
    رابعا: ترك الدعوى المدنية في جريمة الزنا
    خامسا: إنقضاء الدعوى المدنية تبعا لانقضاء الدعوى العمومية بسبب إسقاط
    الشكوى أو التنازل عنها في جريمة الزنا.
    المطلب الثاني: المتابعة في الشريعة الإسلامية
    الفرع الأول: مشروعية ستر مقترف جريمة الزنا.
    أولا: ستر الإمام لمقترف جريمة الزنا
    ثانيا: ستر المسلم غيره ممن اقترف جريمة الزنا
    ثالثا: ستر المسلم نفسه إذا اقترف جريمة الزنا.
    الفرع الثاني: الإخبار عن جريمة الزنا كشرط لقيام الدعوى أو المتابعة
    أولا: الإخبار عن طريق الإقرار
    ثانيا: الإخبار عن طريق الشهادة
    ثالثا: الإخبار عن الطريقتين معا(الإقرار، والشهادة).
    رابعا: الإخبار عن حمل امرأة لا زوج لها.
    خامسا: الإخبار عن طريق الزوج.
    سادسا: علم القاضي بجريمة الزنا دون إخبار من أحد.
    الفرع الثالث: طرق انقضاء دعوى الزنا
    أولا: الرجوع عن الشهادة
    ثانيا: الرجوع عن الإقرار
    ثالثا: الرجوع عن الإقرار في حالة اجتماع الشهادة مع الإقرار
    رابعا: تجريح الشهود
    خامسا: فقر شهادة الزوج – على زوجته بالزنا- إلى دليل آخر.
    سادسا: التقادم
    سابعا: وفاة الجاني
    ثامنا: ثبوت الشبهة
    المبحث الثاني: إثبات جريمة الزنا في القانون وفي الشريعة
    المطلب الأول: إثبات جريمة الزنا في القانون
    الفرع الأول: طرق إثبات جريمة الزنا في ظل القانون القديم
    أولا: إثبات زنا الزوجة
    ثانيا: إثبات زنا الزوج
    ثالثا: إثبات زنا الشريك
    فصل: وجود المتهم في منزل مسلم مخصص للحريم.
    الفرع الثاني: طرق إثبات جريمة الزنا في ظل المادة 341 ق ع
    أولا: التلبس المعاين بمحضر محرر من ضابط الشرطة القضائية.
    ثانيا: الإقرار الوارد في رسائل أو مستندات صادرة من المتهم.
    ثالثا: الإقرار القضائي
    المطلب الثاني: إثبات جريمة الزنا في الشريعة الإسلامية
    الفرع الأول: الشهادة
    أولا: شروط الشهادة
    ثانيا: دور القاضي ومدى اقتناعه بالشهادة
    ثالثا: رجوع الشاهد عن شهادته في جريمة الزنا
    رابعا: مسؤولية الشهود في جريمة الزنا
    الفرع الثاني: الإقرار
    أولا: أحكام الإقرار
    ثانيا: الرجوع عن الإقرار
    ثالثا: اجتماع الشهادة مع الإقرار
    الفرع الثالث: القرائن
    الفرع الرابع: اللعان
    المبحث الثالث: جزاء جريمة الزنا في القانون وفي الشريعة
    المطلب الأول:عقوبة جريمة الزنا في القانون
    الفرع الأول: عقوبة جريمة الزنا في القانون المقارن
    الفرع الثاني: عقوبة جريمة الزنا في التشريع الجزائري
    الفرع الثالث: العذر القانوني في جريمة الزنا
    المطلب الثاني: الجزاء في الشريعة الإسلامية
    الفرع الأول: التدرج في تجريم الزنا
    أولا: نزول الآيتين الخامسة عشر والسادسة عشر من سورة النساء وتفسيرها
    ثانيا: نسخ الآيتين الخامسة عشر والسادسة عشر من سورة النساء
    ثالثا: القول بخلاف النسخ( عدم تعارض النصوص القرآنية)
    الفرع الثاني: أنواع الجزاء( حد الزنا )
    أولا: جزاء البكر الزاني
    ثانيا: جزاء المحصن الزاني
    الفرع الثالث: تنفيذ حد الزنا وموانعه
    أولا: تنفيذ حد الزنا
    ثانيا: موانع التنفيذ
    الفرع الرابع: حالات إسقاط حد الزنا.
    أولا: الشبهات
    ثانيا: التوبة
    ثالثا: الحرب
    الفرع الخامس: عذر الاستفزاز.
    أولا: الدفاع عن أعراض الناس حق للجميع.
    ثانيا: الدفاع عن العرض بقتل الزاني.
    ثالثا: دفاع المرأة عن نفسها واجب.
    الخاتمــة







    تمهيــــــد :
    إن الحديث عن ماهية جريمة الزنا، سواء كان ذلك في القانون أوفي الشريعة الإسلامية يقودنا بالضرورة إلى التطرق إلى جملة من المسائل الهامة، والتي نحسبها تشكل في مجموعها مكونات ومشتملات هذه الجريمة، ومنه ماهيتها .
    ونظرا لكون جريمة الزنا ذات طبيعة خاصة، لا لكونها تمس بمصلحة الضحية من هذه الجريمة سواء كان الزوج أو الزوجة فحسب، وإنما لكونها تمس بكيان الأسرة وبالنتيجة المجتمع ، فإن كافة الشرائع السماوية والقوانين الوضعية لم تتوان في استقباحها واستهجانها ، كما أولت اهتماما كبيرا وبالغا في تجريمها وتقرير الجزاء الأنسب لمرتكبيها وقبل ذلك ، فقد استرسلت في تحديد مفهومها وتبيان أركانها وشروط المتابعة فيها .

    وتبعا لذلك فإن دراستنا سوف تنصب في هذا الفصل الأول على تحديد مفهوم جريمة الزنا من خلال التعاريف المعطاة لها ، وكذا التطور التاريخي لها في مبحث أول ، ثم سنخصص المبحث الثاني لدراسة أركانها .
    المبحـــــث الأول : تعريف جريمة الزنا في القانون والشريعة
    والتطـور التاريخي لها
    قبل التطرق إلى موضوع تعريف جريمة الزنا في القانون والشريعة، نشير أولا إلى أن غالبية الدراسات والبحوث المنجزة في هذا الصدد قد تطرقت إلى الجانب التاريخي لهذه الجريمة بالموازاة مع تعريفها، لذا ارتأينا أن نقسم هذا المبحث إلى مطلبين. أولهما سنخصصه للحديث عن مختلف التعاريف لجريمة الزنا، كما سنخصص المطلب الثاني لدراسة تطورها التاريخي .
    المطلب الأول : تعريف جريمة الزنا في القانون والشريعة
    بادئ ذي بدء، نشير إلى أن عبارة " جريمة الزنا " مشكلة من كلمتين: جريمة – زنا. وحتى نتمكن من إعطاء المدلول الاصطلاحي الصحيح لهذه العبارة ، يستحسن بنا أن نتطرق إلى الكلمتين من الجانب اللغوي أولا .
    فكلمة جريمة: من الفعل جرم: الجرم: القطع. وشجرة جريمة أي مقطوعة. والجرم بضم الجيم بمعنى التعدي، والجرم أي الذنب ، والجمع أجرام وجروم وهو الجريمة . وقد جرم يجرم جرما وأجرم وأجرم فهو مجرم وجريم(1).
    أما كلمة زنا: فهي مشتقة من فعل زنا، زنوا أي ضاق، لغة الهمز. وزنى عليه تزنية أي ضيق، ووعاء زني أي ضيق. وزنى يزني بمعنى فجر، وزانى مزاناة وزناء بمعناه نسبه إلى الزنا وهو إبن زنا(2).
    الفــرع الأول: تعــريف الزنا في القانون

    لم يضع القانون الوضعي تعريفا للزنا، وإنما حدده المشرع بعبارات وصيغ مختلفة. فالقانون المصري مثلا شأنه شأن القانون الجزائري في تنظيمه الحالي لأحكام جريمة الزنا في قانون العقوبات، قد استسقى فكرته في التجريم، وفي وضع الغالب من شروطه وإجراءاته وأدلته من المواد من 336 إلى 369 من قانون العقوبات الفرنسي قبل تعديله.
    وعلى هذه النصوص تمكن أن تقرر أن محل الحماية الجنائية في هذه الجريمة ليس حماية الفضيلة في ذاتها كما في الشريعة الإسلامية ، وإنما المحافظة على حق كل طرفي الرابطة الزوجية وصيانة نظام الأسرة، ولذلك نجد للزنا في قانون العقوبات المصري والفرنسي والجزائري مثلا معنى اصطلاحيا(3).
    وتكاد القوانين المعاصرة تجمع على إعتبار الزنا فعلا إجراميا ينبغي دفعه بأسلوب ردع عقابي، بإستثناء القانون الانجليزي الذي يعتبر الزنا خطيئة اخلاقية ومدنية فقط تجيز طلب التطليق والتعويض على أساس أن العقاب لن يردع من لم يتردد في الإقدام على فعل تحول دونه إعتبارات دينية وإجتماعية أقوى من العقاب(4).

    وقد عرف بعض فقهاء القانون الزنا، بأنه:" إرتكاب الوطء غير المشروع من شخص متزوج مع امرأة برضاها حالة قيام الزوجية فعلا أو حكما "(5).
    كما عرفه أيضا (موران ) على أنه : " الزنا هو تدنيس فراش الزوجية وإنتهاك حرمتها بتمام الوطء L adultere est la profanation du lit nupital la violation de la
    foi conjugale consommee corporellement . وجاء في الموسوعة الكبيرة الفرنسية " بورداس "BORDAS على أن الزنا هو علاقة جنسية لشخص متزوج خارج إطار الزواج. ويميز بين نوعين من الزنا: زنا بسيط ADULTERE SIMPLE وهو الزنا الذي يرتكبه الشخص المتزوج مع شخص غير متزوج. وزنا ثنائي ADULTERE DOUBLE ، وهو زنا يرتكبه شخص متزوج مع شخص متزوج(6).
    الفــرع الثــاني: تعــريف الزنا في الشريعة الإسلامية
    قبل أن نستعرض مختلف التعاريف التي أعطيت لجريمة الزنا من طرف فقهاء الشريعة الإسلامية نشير إلى ان القرآن الكريم قد تطرق لهذه الجريمة في ثلاثة مواضع من القرآن الكريم. أولها قوله تعالى: " وَلاَتَــقْـرَبُـوا الــزِنـــَا إِنٌَـــهُ كَـــانَ فَـــاحِشَـةً وَسَـاءَ سَبِيلا َ "(7).
    وثانيها قوله تعالى :" الــزَانِـيَةُ وَالــزَانِيْ فَــاجْلــِدُوا كُلَ وَاحِدٍ مِنْهُمَــا مِائَــةَ جَلــْدَةٍ وَلاَ تَـأْخُــذْكُمْ بِــهِمَـا رَأْفَــةً فِيْ دِينِ الله ِإنْ كـنُْــتُمْ تــُؤُمِنُونَ بِاللهِ وَاليَــوْمِ الآخِرِ، وَلْيَــشْهَدْ عَـذَابــَهُمــَا طــَائِفَةً مِنِ الُمؤْمِــنِيَن. الزَانِي لاَيـَنْكِحُ إِلاَ زَانِيَةً أَوْمُشْرِكَةً ، وَالزَانِــيَةُ لاَيَنْكِحُـــهَا إِلاَ زَانٍ أَوْ مُشْرِكْ ، وَحُـرِمَ ذَلِكَ عَلَى الُمؤْمِــنِيْنَ "(Cool.
    وثالثها قوله تعالى: " وَالَِذِينَ لاَيـــَدْعُــونَ مَعَ اللهِ إِلَهًــا آخَرَ وَلاَيَــقْتُــلُونَ النَـفْسَ التِي حَرَمَ اللهَ إِلاَ بِـالُحَقِ وَلاَيــَزْنــُوَن وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أثَــامََا "(9).
    أما ما ورد في السيرة النبوية الشريفة وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ما عرف بقضية أو واقعة " ماعز ". وهي أشهر قضايا الزنا في ذلك العصر لما تضمنته من أحكام تتعلق أساسا بالإثبات والجزاء وغير ذلك .
    أما فقهاء الشريعة الإسلامية فقد ذهبوا تقريبا مذهبا موحدا في تعريف هذه الجريمة ومن ذلك نستعرض آراءهم كما يلي:
    1. المذهب الحنفي : " الزنا هو اسم للوطء الحرام من قبل المرأة الحية في حالة الاختيار، في دار العدل ممن التزم أحكام الإسلام، العاري عن حقيقة الملك وعن شبهته، ومن حد الملك وعن حقيقة النكاح وشبهته "(10).
    كما عرفه هذا المذهب أيضا على أنه :" إدخال المكلف الطائع قدر حشفته قبل مشتهاة حالا أو ماضيا بلا ملك أو شبهة ، أو تمكينه من ذلك أو تمكينها ، ليصدق على ما لو كان مستلقيا فقعدت على ذكره فتركها حتى أدخلته، فانهما يحدان في هذه الصورة و ليس الموجود منه سوى التمكين."
    2. المذهب الشافعي : " الزنا هو وطء رجل من أهل دار الإسلام امرأة محرمة عليه من غير عقد ولا شبهة عقد ولاملك ، وهو مختار عالم بالتحريم(11).
    3. المذهب المالكي :" الزنا هو وطء مكلف فرج امرأة لاملك له فيه تعمدا . وعرفـوه أيضا بأنه: "كل وطء وقع على غير نكاح صحيح ولاشبهة ولا ملك يمين"(12).
    4. المذهب الحنبلي:" الزنا هو وطء امرأة من قبلها حراما لا شبهة له في وطئها فهو زان، ويجب عليـه الحد إذ أكملت شروطه، والوطء في الدبر مثله في كونه زنا لأنه وطء في فرج امرأة فلا ملك له فيها ولا شبهـة ملك، فكان زنا"(13).
    5. المذهب الظاهري :" الزنا هو وطء من لا يحل النظر إلى مجردها، مع العلم بالتحريم. أو هـــو وطء محرمة العين(14).
    خلاصة ما تقدم، يمكن القول أن التعاريف المعطاة لجريمة الزنا في القانون وهو يقرر المسؤولية الجنائية لم ينظر إلى مجرد الوطء شأن الشريعة الإسلامية وإنما نظر إلى تدنيس فراش الزوجية، أما غير المتزوجين فقد أهملهم ولم يتعرض لهم بالعقاب باعتبار أن زناهم لا يؤثر في العائل، وإن كان يمس قواعد الأخلاق كالفعل الفاضح العلني مثلا، على أن غير المتزوج إذا ما زنى بامرأة متزوجة فلا يعاقب باعتباره زانيا وإنما باعتباره شريكا لامرأة زانية.

    أما فقهاء الشريعة فإنهم متفقون على أن الزنا يقصد به وطء في قبل امرأة من غير ملك أو شبهة سواء كان ذلك من محصن أو غير محصن وهذه نقطة الخلاف الرئيسية بين القانون والشريعة .
    المطلب الثاني: التطور التاريخي لجريمة الزنا
    إذا كانت معظم التشريعات تعاقب على جريمة الزنا، فإن القلـــة منها لا تعاقب عليه ومن بينها – كما سبق ذكره – القانون الإنجليزي ، ففي رأيهم أن العقاب على الزنا لا يجدي ، إذ لا فائدة من عقاب شخص لا تروعه مبادئ الأخلاق ، فضلا عما في العقاب من إثارة فضيحة ينجم عنها ضرر بالعائلة أبلغ من الضرر الذي يصيب بالمجتمع، وأنه أعطى للزوج وحده الحق في تحريك الدعوى ، فإن العقاب يترتب على مزاجه وحده وأن الجزاء الطبيعي هو الطلاق أو الفرقة(15). بينما توسطت التشريعات الأخرى، فعاقبت على الزنا إذا حصل من شخص متزوج، لأن فيه إنتهاك لحرمة الزوجية، ولا يجوز تحريك الدعوى العمومية إلا بناء على شكوى من المجني عليه، وله التنازل عن هذه الشكوى في أي وقت (16).
    ورغم ذلك، فجريمة الزنا ليست جريمة شخصية، بل هي جريمة كغيرها من الجرائم التي تمس المجتمع ، لما فيها من إخلال لواجبات الزوجية التي تعد من قوام الأسرة، ولما كانت هذه الجريمة تضر بمصلحة أفراد العائلة، فقد رأى المشرع أن يترك للعائلة حق تحريك الدعوى العمومية. وقد أخذت غالبية التشريعات بمبدأ الوسطية بين الإتجاهين السابقين. فلم تعاقب على كل وطء في غير حلال وإنما قصرت العقاب على الفعل الذي يحصل من شخص متزوج على إعتبار أن فيه إنتهاك لحرمة الزوجية. أما المذهب القائل بعدم العقاب على الزنا والإكتفاء بالطلاق أو الفرقة ، فيؤخذ عليه أنه يعتبر الطلاق علاجا فعالا للزنا مع أن الطلاق هو إحدى نتائج الجريمة .
    وتبعا لذلك سوف نحاول في هذا المطلب التطرق إلى المراحل التي مرت بها جريمة الزنا خلال عصور من الزمن مضت وذلك من خلال ما ورد في الكتب السماوية والشرائع والقوانين الوضعية القديمة والحديثة، على أن تكون دراستنا فيما يتعلق بالشق الأول مقتصرة على الديانتين اليهودية والمسيحية دون الشريعة الإسلامية، وذلك لأن البحث سيكون منصبا في مجمله على جريمة الزنا في الشريعة والقانون.
    الفـــرع الأول : تطور جريمــة الزنــا في الديانتين اليهودية والمسيحية
    أولا: تطور جريمة الزنا في الديانة اليهودية
    إن الكلام عن تطور جريمة الزنا في الديانة اليهودية، يأخذنا بداهة إلى ما إحتوته التوراة من إشارات مختلفة إلى الزنا والبغاء. حيث يقول علماء اللاهوت وعلماء الأخلاق على أن ما لها – أي التوراة- من هذه الأمور شئ وافر، وكان المدرسون ورجال الدين وغيرهم يتغاضون عن صفحات معينة، أو يستبعدون فقرات خاصة من الكتاب المقدس عند تلاوته على الطلبة الصغار خشية ما به من أمور تتصل بالبغاء(17).

    وكان ممنوع في عهد " سان جيروم "SAINT - JEROME " القرن الرابع الميلادي "على الطلبة أن يقرأوا ما جاء عنها في سفر حزقيال. وقد جاءت نصوص التوراة قاسية لحماية الأعراض، فعاقبت بالإعدام على زنا رجل بامرأة متزوجة : " إذا وجد رجل مضطجعا مع امرأة زوجة بعل يقتل الاثنان "(18).
    وإذا زنت العذراء وهي لم تزل في بيت أبيها، يرجمها رجال مدينتها بالحجارة حتى تموت لأنها عملت قباحة في إسرائيل بزناها في بيت أهلها(19).
    وإذا خطبت إمرأة لرجل وزنت مع رجل آخر وجدها في المدينة يرجم الإثنان بالحجارة حتى تموت الفتاة من أجل أنها لم تصرخ في المدينة، والرجل من أجل أنه أذل إمرأة صاحبه(20).
    وعلى ذلك فالشريعة اليهودية قد حرمت الخيانة الزوجية، وحرمت الواقعة الجنسية غير المشروعة . كما وردت احكام الزنا في سفر اللاويين إصحاح 18 عدد 20 ومن ذلك " إذا زنى رجل مع إمرأة، فإذا زنىمع إمرأة قريبة فإنه يقتل الزاني والزانية.
    وإذا إضطجع رجل مع إمرأة أبيه فقد كشف عورة أبيه، إنهما يقتلان كلاهما دمهما عليهما. وإذا إتخذ رجل إمرأة وأمها فذلك رذيلة، بالنار تحرقونه وإياها "(21).
    أما ما جاء في سفر مصؤوت جادول فإنه لم يخرج عما ورد في الأسفار السابقة ومنه :" يجلد الزاني بيهودية غير متزوجة، أما من زنى بيهودية متزوجة أو بوثنية، فجزاؤه القتل، ومن يحكم عليه بالقتل ، لا يحكم عليه بعقاب أخف.

    ثانيا: تطور جريمة الزنا في الديانة المسيحية
    لم يأت عيسى عليه السلام في مجال السلوك الجنسي بشرائع جديدة وإنما قامت تعاليمه على أساس ما ورد في التوراة ، كما لم يرد في الديانة المسيحية ما ينسخ حكم اليهودية في الزنا(22) فعيسى عليه السلام لم يفعل إلا أن علق على آخر الوصايا العشر بقوله " إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه "(23).

    فالشريعة المسيحية شأنها شأن الشريعة اليهودية كانت قد حرمت جريمة الزنا، إلا أنها كانت قد قامت على التسامح والغفران على أساس أن وسيلتهما للتوبة تفوق وسيلة العقاب، ولذلك رفض عيسى عليه السلام أن يرجم المرأة الزانية حينما أحضرها له الفريسيون وذلك لأنها تابت عن ذنبها واستغفرت ربها، حيث قام هؤلاء الفريسيون وهم أصحاب مذهب الفريسية أي الرياء والتظاهر بالدين بإحضار امرأة قالوا أنهم وجدوها تزني، وأن موسى قد علمهم أن مثلها يرجم. فلم يجب عيسى عليه السلام وأخذ يعبث في الأرض بإصبعه كأن لم يسمع شيئا، فلما أخذوا يرددون على مسمعه ما قالوا انتصب قائلا: من لم يكن منكم ذا خطيئة فليرجمها. ومال بنفسه إلى الأرض يعبث فيها بإصبعه، فأخذ كل واحد منهم ينصرف إلى سبيله حتى لم يبق إلا عيسى عليه السلام والمرأة، فالتفت يسألها عما إذا كان أحدهم قد حكم عليها، فقالت: لا أحد. فقال: ولا أنا أحكم عليك، إذهبي ولا تخطئي مرة أخرى (24).
    مما تقدم بيانه، يتجلى واضحا وأن جريمة الزنا لم تكن بالشئ المستساغ بل كانت جريمة يعاقب عليها حتى بالإعدام، وإن كانت الديانة المسيحية لم تكن تعاقب عليها في حالة التوبة. وهكذا نجد وأن هذه الجريمة قد عرف لها وجود منذ القدم وبالخصوص في الأمم التي كانت تدين بالديانتين اليهودية والمسيحية كما سبق بيانه .
    الفــرع الثاني: تطور جريمــة الزنا في القوانـين الوضعية القديمــة والحديثة
    أولا: تطور جريمة الزنا في القوانين الوضعية القديمة
    لقد عرفت البشرية منذ القدم جريمة الزنا وإستنكرتها وقررت عبر تشريعات وضعية لمرتكبيها عقوبات قاسية. فقد كان عند قدماء الأوربيين عقاب الزنا في غاية القسوة، وأفضع من عقاب قتل النفس، خصوصا عند الجرمان والساكسون، فإنهم كانوا يشهرون الزانية عارية الجسد ويضربونها بالسياط الضرب المبرح حتى تموت، ثم خففوا العقاب وجعلوا عقاب الزاني التغريب، وعقاب الزانية قطع الأنف والأذنين.(25)
    أما قدماء اليونان فكانوا يسلمون الزاني لزوج الزانية يفعل به ما يشاء من قطع الأطراف أو تمثيل العبيد به، ويحكمون على الزانية بالقتل، ثم خففوا عقابها وجعلوه التغريب. ثم صدر عند الرومان شرع " جوليا " وفيه تغير في حكم الزنا، أين جعل حق قتل الزانية والزاني لأب الزانية دون الزوج ، وأباح للزوج قتل الزاني إذا كان من عبيده أو من عتقاه، وأمر بقتل الزوج الذي يقتل زوجته الزانية، وجعل الطلاق واجبا في الزنا، وحرم زواج الزانية بعد طلاقها، كما جعل للحكومة حق مصادرة الزاني والزانية في نصف أموالهما.(26)

    ثانيا: تطور جريمة الزنا في القوانين الحديثة

    إن الكلام عن تطور وأحكام جريمة الزنا في القوانين الحديثة وبالخصوص في القانون الفرنسي يجعلنا نعود إلى الوراء وبالضبط للقانون الفرنسي القديم الذي أخذ بأحكام هذه الجريمة من القانون الروماني، هذا الأخير الذي شمل على جملة أحكام سميت بالأحكام الإستثنائية، ومؤداها أن المساواة كانت معدومة بين المرأة وزوجها، كما كانت جريمة الزنا لا ترتكب إلا من طرف الزوجة.(27)
    وفي عهد الجمهورية، حينما كانت سلطة الرجل على زوجته غير محدودة، كان الزنا يحاكم عليه أمام المحكمة المنزلية، ومن ثم كان الزوج هو الحكم المتصرف في أمر زوجته الزانية، ولكن كان عليه قبل أن يقضي بالعقوبة – وكانت العادة النفي - أن يأخذ رأي الأقربين من قرابتها. بعد ذلك أصدر الإمبراطور أغسطس القانون الذي نظم المحاكمة على جريمة الزنا، وبمقتضى هذا القانون كان لزوج الزانية ووالدها دون غيرهما أن يرفعا دعوى الزنا في ظرف الستين (60) يوما التالية للطلاق. وبعد هذا الأجل، تصبح الدعوى عامة، لكل فرد من الأهالي أن يرفعها.
    وكان عقاب الزوجة وشريكها السجن في منزل منعزل، ثم استبدل الإمبراطور قسطنطين عقوبة السجن بعقوبة الإعدام مع حصر حق الاتهام في أقارب الزوجة الأقربين.
    وأخيرا قرر جوس تينيان أنه ليس للزوج أن يطلق زوجته إلا إذا أقام عليها دعوى زنا وحكم عليها بالعقوبة، وقد إستبقى عقوبة الإعدام بالنسبة للشريك وخففها بالنسبة للزوجة، إذ أمر بأن تضرب بالسياط وبعد ذلك تسجن في أحد الأديرة على أن يكون لزوجها حق أخذها منه في ظرف سنتين (02) من تاريخ السجن، فإذا لم يستعمل الزوج حقه في العفو عن زوجته، وجب عليها الحجاب وذلك بعد أن يؤمر بحلق رأسها ووضع النقاب على وجهها طول حياتها.(28)
    أما قانون العقوبات الفرنسي الصادر في 1791، فإنه لم ينص على جريمة الزنا. ولكن القانون المدني الصادر في 1804 فقد نص على أن للزوج أن يطلب الطلاق أو الفرقة بسبب زنا زوجته. وفي حالة قبول الطلب يحكم على الزوجة في ذات الحكم القاضي بالطلاق أو الفرقة، وبناء على طلب النيابة العامة، بالحبس من 2 إلى 3 سنوات، وللزوج أن يوقف تنفيذ هذا الحكم بقبول معاشرة زوجته على أن القانون ما كان يعاقب سوى الزوجة.
    أما الزوج فلم يكن هناك نص يعاقبه ولو زنى في منزل الزوجية، وكل ما خوله القانون للزوجة من حقوق هو أن لها في هذه الحالة طلب الطلاق أو الفرقة من زوجها(29).
    وفي سنة 1810، صدر قانون العقوبات، ووضع جريمة إنتهاك حرمة الزوجية في عداد جرائم التهجم على الآداب(30)، وما كان ليغرب على بال المشرع تلك النتائج الخطيرة التي تترتب على ترك مثل هذه الجريمة المنكرة دون حد أو تعزير، فعمد إلى تجريمها تجريما جنائيا .

    وتبعا لذلك فإن أساس تجريم الزنا في القوانين الحديثة هو قانون العقوبات لسنة 1810 الذي نص على عقاب الزوج كما نص على عقاب الزوجة الزانية وشريكها، كما أنه أول من خول للزوجة حق شكوى زوجها الزاني. غير أن مبدأ عدم المساواة بين الجنسين لا يزال له أثره سواء من ناحية أركان الجريمة أومن ناحية مقدار العقوبة، والحال كذلك بالنسبة لحق العفو أو عذر الزوج إذا ما فاجأ زوجته متلبسة بجريمة الزنا وقتلها. فلا تتوفر الجريمة في حق الزوج إلا إذا زنى غير مرة في منزل الزوجية بامرأة تكون قد أعدها لذلك. أما الزوجة فيثبت زناها وتجب العقوبة إذا زنت ولو مرة واحدة وفي أي مكان .
    وما يجب ملاحظته، هو أنه بالرغم من صدور قانون 1810، فقد ظلت نصوص القانون المدني الخاصة بجريمة الزنا محتفظة بقوتها. حتى لقد كانت توجد هناك محكمتان مختصتان بمحاكمة الزوجة الزانية إلى أن صدر قانون الطلاق في :27/07/1884 وأوقف هذا التناقض بإبطاله المواد :298 – 308- 309 من القانون المدني الفرنسي(31).
    كما تجدر الإشارة أيضا إلى انه قبل إصلاح سنة 1975 حول الطلاق ، فإن جريمة الزنا التي كانت تشكل جنحة، لم تكن متابعتها ممكنة إلا بناء على شكوى من الزوج . كما كان زنا الزوجة يستوجب عقوبة السجن ولشريكها، في حين أن زنا الزوج لم يكن يعاقب عليه إلا إذا إرتكبت الجريمة في بيت الزوجية ولم تكن العقوبة إلا الغرامة دون المساس بالشريك . وأمام عدم المساواة بين الزوج والزوجة إزاء هذه الجريمة، فقد صدر قانون في 11/7/1975 الذي قرر عدم إعتبار جريمة الزنا جريمة جنائية ولا سبب من أسباب الطلاق(32).
    أما باقي القوانين الغربية، فتكاد تكون مجمعة على تجريم الزنا تجريما إجتماعيا، ماعدا القانون الإنجليزي الذي إعتبر الزنا جريمة مدنية والزوج الذي يرغب في الطلاق بسبب هذه الجريمة يجب عليه أن يطلب في نفس الوقت محاكمة الشريك، والمحكمة تقضي له في هذه الحالة بتعويض مالي. وعلى نفس المنوال سار قانون العقوبات المعروف بقانون جونيفا وهو الفريد من القواني


    القوانين السويسرية الذي لايعرف التجريم الجنائي للزنا. وما عدا ذلك فأغلب التشريعات الأوربية تعاقب على جريمة الزنا بعقوبة الحبس لمدة ستة أشهر إلى سنتين كقانون عقوبات النمسا في المادة 502 وقانون عقوبات بلجيكا في المواد :387 إلى 390 وقانون عقوبات إيطاليا في المواد:353 – 354 وقانون ألمانيا في المادة 192 وقانون المجر في المادة 246.
    المبحث الثاني: أركان جريمة الزنا في القانون والشريعة الإسلامية

    كما إختلفت الآراء الفقهية في تعريفها لجريمة الزنا بين القانون والشريعة الإسلامية فقد إختلفت التشريعات الوضعية فيما بينها من جهة والشريعة الإسلامية من جهة ثانية في نظرتها لجريمة الزنا من حيث الأركان التي تقوم عليها إلى إتجاهات ثلاث :
     إتجاه يجرم الزنا ويعاقب عليه مهما كانت صفة الجاني ذكر أو أنثى وسواء كان متزوج أو غير متزوج وهو مذهب الشريعة الإسلامية .
     إتجاه لايجرم الزنا ولايعاقب عليه وهو مذهب معظم التشريعات الغربية كالتشريع الإنجليزي والتشريع الفرنسي الذي ألغى جريمة الزنا من القانون بموجب القانون الصادر في : 11/7/1975 على أساس أن من لاتردعه مبادئ الأخلاق لافائدة من عقابه .
     إتجاه يجرم الزنا ويعاقب عليه بتوفر شروط معينة في الجاني بأن يكون متزوج حال قيامه بجريمة الزنا بالإضافة إلى وقوع الوطء غير المشروع والقصد الجنائي العام للجاني وهو مذهب معظم التشريعات العربية بما فيها التشريع الجزائري .
    وعلى هذا سنتطرف في المطلب الأول إلى تحديد أركان جريمة الزنا في القانون ومختلف الآراء الفقهية حول تحديد مفهوم كل ركن ونتطرق في المطلب الثاني إلى أركان جريمة الزنا في الشريعة الإسلامية .
    المطلب الأول : أركان جريمة الزنا في القانون
    لقد نص المشرع الجزائري على جريمة الزنا في المادة 339 من قانون العقوبات، حيث كانت المادة 339 الأصلية الصادرة بموجب الأمر 66/156 المتعلق بقانون العقوبات تفرق بين زنا الزوجة وزنا الزوج من حيث العقوبة، حيث كانت تعاقب على جريمة زنا الزوجة بضعف العقوبة المقررة لجريمة زنا الزوج، وبذلك حذا المشرع الجزائري حذو المشرع المصري والقانون الفرنسي القديم الصادر قبل تعديل :
    11/7/1975 لكن المشرع الجزائري لم يفرق في أركان جريمة الزنا بين الزوج والزوجة، حيث إعتبر أن الأركان الواجب توافرها في أحدهما تنطبق على الآخر عكس القانون الفرنسي القديم والقانون المصري الذي فرق بين أركان جريمة زنا الزوجة وأركان جريمة زنا الزوج وبعد تعديل قانون العقوبات الجزائري بقانون :13/02/1982 الذي سوى بين الزوج والزوجة في العقوبة معتبرا أن الجريمتين هما في درجة واحدة من الناحية الأخلاقية على عكس القانون الفرنسي الذي ألغى هذه الجريمة لعدة إعتبارات أهمها عدم وجود مساواة في العقاب بين جريمة زنا الزوج وجريمة زنا الزوجة بالرغم من أنهما في درجة واحدة من الناحية الأخلاقية ، كما أنه من لم تردعه مبادئ الخلاق لا فائدة من عقابه وهذا بموجب القانون الصادر في : 11/7/1975 .
    أما القانون المصري فأبقى على التفريق بين جريمة زنا الزوج وجريمة زنا الزوجة من حيث الأركان ومن حيث العقاب، وعليه تتطلب جريمة الزنا توافر الأركان التالية :
    الركن المفترض: قيام رابطة زوجية صحيحة
    الركن المـادي: وقوع فعل الوطء غير المشروع
    الركن المعنوي: القصد الجنائي العام.
    الفـــرع الأول: الركن المفــترض – قيام رابطة زوجية صحيحـة –
    أولا: إثبات صحة الزواج :
    تثير مسألة إثبات الزواج إشكالات عديدة نظرا لعدم إنسجام التشريع الجزائري في هذا المجال ، حيث نصت المادة 22 من قانون الأسرة في مضمونها " على أن الزواج يثبت بشهادة مستخرجة من سجلات الزواج لبلدية مكان عقد الزواج "، وأضافت نفس المادة في فقرة ثانية " أن الزواج يكون صحيحا إذا توفرت فيه الشروط الشرعية للزواج ويمكن تثبيته بحكم قضائي " .

    وعليه يشترط لقيام جريمة الزنا تطبيقا لنص المادة 339من قانون العقوبات الجزائري أن تكون الزانية وقت إرتكابها الأفعال المنسوبة إليها مرتبطة بعقد زواج صحيح مع الشاكي ، حيث نصت في فقرتها الأولى على ما يلي :
    " يقضي بالحبس من سنة إلى سنتين على كل امرأة متزوجة ثبت ارتكابها جريمة الزنا "
    فلم تشترط المادة 339 ق.ع أن يكون عقد الزواج مسجل في الحالة المدنية حتى يكون صحيح، بل يكفي أن يكون العقد مستوفي لجميع الشروط والأركان الشرعية القانونية، سواء كان عقد الزواج عرفي أو رسمي محرر من طرف ضابط الحالة المدنية، وعليه تقوم جريمة الزنا ضد المرأة التي تزوجت بالفاتحة وحصل الزواج أمام جماعة من المسلمين ولم يحصل تسجيله في دفاتر الحالة المدنية(33).
    وتؤكد المحكمة العليا في أحد إجتهاداتها أن المتابعة بموجب المادة 339 ق .ع. ج لا تتم إلا بتقديم عقد من الحالة المدنية يثبت زواج الشاكي بالزوج المشكو ضده من أجل إرتكاب جريمة الزنا(34).

    ولقد طرحت مسألة إثبات الزواج على المحكمة العليا فلم تتخذ موقفا ثابتا بشأنها ، لكن الاتجاه الغالب هو أن يتم الإثبات بتقديم شهادة زواج(35).
    كما يشترط القضاء المصري أن يكون الزواج بعقد صحيح وهكذا قضي في مصر بعدم قيام جريمة الزنا إذا كان العقد باطلا، فالحكم ببطلان زواج المتهمة بالزنا من زوجها قبل رفع الدعوى مانع من قبول دعوى الزنا، لأن واقعة الزنا لا تثبت ولا تتحقق شروط قبولها إلا بتحقق صحة الزواج المتهمة بالزنا وإثبات وجود رابطة زوجية صحيحة في اليوم الذي يدعي فيه الزوج بحصول واقعة الزنا(36).
    وعليه إذا دفع المتهم أو شريكه أنه مطلق أو أنه لم يكن متزوج أصلا أو أن زواجه باطل أو فاسد جاز للمحكمة أن توقف الدعوى الجزائية إلى غاية الفصل في المسألة الأولية أمام قاضي الأحوال الشخصية .
    ثانيا: الفترة التي تعتبر فيها الرابطة الزوجية قائمة وحكمها
    إن الفترة الزمنية التي يتصور ارتكاب جريمة الزنا فيها هي المحصورة بين انعقاد الزواج وانحلاله، وعليه لا تتحقق جريمة الزنا إلا إذا ارتكبت حال قيام الزوجية بين الشاكي والزوجة المشكو ضدها، أما إذا كانت هذه الرابطة قد انحلت بالطلاق وبعد مضي عدة سنوات تزوجت المطلقة بشخص آخر فلا جريمة ولا عقاب لأن الشاكي قد فقد نهائيا ملك عصمة مطلقته والحكم بخلاف ذلك يترتب عليه البطلان والنقض(37).
    فيشترط أن يقع الوطء وعلاقة الزواج قائمة فعلا، حيث الزوجة على ذمة زوجها وهكذا قضت المحكمة العليا بقيام جريمة الزنا في حق الزوجة التي تزوجت مع رجل آخر بالفاتحة دون أن تنتظر الفصل في القضية المطروحة بينها وبين زوجها الأول(38)، كما قضت بقيام الزنا في حق الزوجة التي أبرمت عقد زواج مع رجل آخر قبل أن يصبح حكم الطلاق بينها وبين زوجها الأول نهائيا(39).
    ولا ترتكب جريمة الزنا إذا وقع الوطء قبل عقد الزواج ولو حصل أثناء الخطبة، كذلك لوقع الوطء على امرأة مطلقة طلاقا بائنا لا يعد زنا ،لأن الطلاق البائن يزيل ملك الزوج .
    ويجب أن تكون رابطة الزوجية قائمة حال ارتكاب جريمة الزنا لأن الزنا خيانة العلاقة الزوجية وبالتالي يجب أن تكون هذه العلاقة قائمة وقت حدوث الوطء حقيقة أو حكما وقيام الرابطة الزوجية حقيقة يعني أن الزوجة مازالت على ذمة الزوج ولم يحدث طلاق بينهما ولم يتوف عنها ولم يصدر حكم بوفاته بطول غيبته أو فقده(40).
    فعقد الزواج الصحيح المستوفي لجميع شروطه وأركانه هو الذي يلزم المرأة بالأمانة والإخلاص لزوجها والقانون لا يعاقب على الوطء الذي يقع قبل الزواج ولو حصل أثناء الخطبة وحملت منه المرأة ولم تضع إلا بعد زواجها إذ حقوق الزوجية لا تكتسب إلا بعد الزواج ولا يشترط لقيام صفة الزوجية أن يكون الزوج قد دخل بزوجته بل تتوافر علاقة الزوجية قانونا متى تم العقد صحيحا، ولا عقاب على الزنا الذي يقع بعد إنحلال الرابطة الزوجية بوفاة الزوج أو بالطلاق .
    وقيام الرابطة الزوجية حكما يعني أنه طرأ عليها طلاق ولكنه طلاق رجعي لا يرفع الحل ولا يزيل ملك الزوج طالما العدة قائمة، فإذا زنت الزوجة المطلقة وهي في عدة طلاق رجعي قامت في حقها جريمة الزنا وجاز لمطلقها طلب محاكمتها، اما إذا زنت الزوجة بعد إنقضاء عدة الطلاق الرجعي أو الطلاق البائن فلا تقوم الجريمة وليس لمطلقها طلب محاكمتها(41).

    والطلاق البائن يحل قيد الزواج ويرفع أحكامه ويرفع ملك الزوج في الحال سواء كان بائنا بينونة صغرى أو بينونة كبرى مع إختلاف في أن الطلاق البائن بينونة صغرى يزيل ملك الزوج ولكنه لا يزيل الحل، بمعنى أنه ليس للزوج وقد فقد ملك عصمة مطلقته أن يستحل مقاربتها إلا بعقد ومهر جديدين دون أن يكون هذا الإستحلال موقوفا على تزوجها برجل آخر أما الطلاق البائن بينونة كبرى فيزيل في الحال الملك والحل معا، بمعنى أن الزوج يحرم عليه أن يتزوج مطلقته حتى تتزوج غيره زواجا صحيحا نافذا ثم يطلقها أو يموت عنها وتمضي عدتها حتى يستطيع الزواج بها ثانية بعقد ومهر جديدين.
    فإذا زنت الزوجة بعد طلاق بائن أي كان نوعه فلا يستطيع الزوج تحريك الدعوى ضدها ولو وقع الوطء أثناء فترة العدة.
    والتبليغ عن جريمة الزنا إنما يكون من الزوج أثناء قيام الرابطة الزوجية الصحيحة فإذا بادر الزوج وطلق زوجته وإنتهت عدتها إمتنع عليه أن يبلغ عنها ولا تقوم جريمة الزنا ولكن إذا بلغ عن زوجته أثناءقيام الرابطة الزوجية الصحيحة ثم قام بتطليقها لايسقط حقه في الدعوى ولا يمنعه هذا من الحكم على الزوجة بالعقوبة المقررة جزاء إقترافها لجريمة الزنا.
    وإذا دفعت المتهمة بالزنا بأن الرابطة الزوجية بينها وبين الشاكي قد إنحلت وإستشهدت بحكم يقضي بالطلاق بينهما فإدعى الزوج الشاكي أن هذا الحكم كان محل إستئناف تعين على المجلس قبل القضاء بإدانة المتهمة بالزنا أن يتأكد بان الحكم المذكور لم يصبح نهائيا بعد وإلا كان قراراه مخالفا مما يستوجب نقضه(42).
    كما إتجه القضاء المصري إلى القول بوجوب قيام الزوجية وقت التبليغ عن جريمة الزنا لأن التبليغ عن جريمة الزنا إنما يكون من الزوج أي أنه لابد أن تكون الزوجية قائمة وقت التبليغ فإذا كان الزوج قد بادر وطلق زوجته قبل التبليغ إمتنع قطعا بمقتضى العبارة الأولى من المادة 356 عقوبات مصري أن يبلغ عنها(43).
    والطلاق الحاصل بعد تبليغ الزوج عن الزنا لا يسقط الدعوى ولا يحول دون الحكم على الزوجة فمتى كان الزوج قد أبلغ عن الزنا والزوجية قائمة فتطليقه زوجته بعد ذلك لا يسقط الدعوى ولا يحول دون الحكم على الزوجة(44).
    ثالثا: أحكام الزوج الغائب والمفقود
    1. الزوج الغائب : إذا زنت المرأة أثناء غياب زوجها عنها فهل في غيبته مانع من عقابها؟ الغيبة إما أن تكون منقطعة أو غير منقطعة فإن طال أمدها لمدة أكثر من سنة دون عذر مقبول حتى يحوم الشك حول بقاء الزوج حيا للزوجة أن تطلب التطليق من القاضي ولا عقاب عليها إن هي زنت بعد ذلك أو تزوجت من زوج غيره وتصبح للزوج الجديد حقوقه العادية قبلها، غير أن الأمور تتعقد إذا ظهر زوجها الأول بعد زواجها الثاني يرى فريق من الشراع أن حق تقديم الشكوى ضد الزوجة إن زنت يثبت للزوج الثاني طالما أن زوجها الأول لم يطلب إبطال عقد الزواج الثاني بعد ظهوره، فإذا ما طلب البطلان خاب أثر الشكوى التي رفعها الزوج الثاني، أما إذا لم يطلب ذلك ظل الزواج الثاني صحيحا وبطل الزواج الأول وكان وطء الزوج الأول لهذه الزوجة زنا.
    على أن غالبية الشراح يخالفون هذا الرأي ويذهبون إلى أنه إذا ظهر الزوج الأول وإنعدم كل شك حول وجوده على قيد الحياة وجب على كل ذي مصلحة طلب بطلان عقد الزواج الثاني وليس للزوج الثاني أن يشكو زوجته طالما أنها تستطيع أن تدفع دعواه مستفيدة من هذا البطلان.
    وهذا الرأي يتماشى والقواعد العامة في المسؤولية الجنائية فعند التحقق من وجود الزوج الغائب يجب المبادرة إلى طلب بطلان الزواج الثاني الذي هو في حقيقته باطلا بطلانا مطلقا بل غير منعقد أصلا لوقوعه أثناء قيام الرابطة الزوجية بين المرأة وزوجها الأول(45).
    غير أن المشرع الجزائري تفادى هذا الخلاف وأحال الأمر إلى قانون الأسرة الذي أجاز للزوجة التي غاب عنها زوجها لأي سبب ولو كان الحبس بشرط أن تكون مدته أكثر من سنة وأن يكون سبب حبسه إرتكابه جريمة تمس بشرف الأسرة فلا يمكن لها أن تتلخص من هذا الزواج من تلقاء نفسها بل لابد من حكم القاضي الذي يحكم بطلاقها لغيبة زوجها لمدة تفوق سنة بلا عذر مقبول وثبوت ضررها من ذلك، أو إذا ما حدد له القاضي أجلا ولم يحضر فقد بانت من زوجها وإستردت حريتها لها أن تتزوج من تشاء لأن حق الغائب في الطلاق ينتقل إلى القاضي الذي له ولاية تطليق الزوجة(46).
    وإذا إرتبطت زوجة الغائب بعقد زواج مع شخص آخر دون إستصدار إذن من القاضي بطلاقها من زوجها الأول يكون زواجها الثاني باطلا غير منعقد أصلا وتكون بذلك مرتكبة لجريمة الزنا.

    2. الزوج المفقود: نصت المادة 112 من القانون رقم 84-11 المتضمن قانون الأسرة أنه :" لزوجة المفقود أو الغائب أن تطلب الطلاق بناء على الفقرة الخامسة من المادة 53 من هذا القانون ".
    كما نصت المادة 113 من نفس القانون أنه :" يجوزالحكم بموت المفقود في الحروب والحالات الإستثنائية بمضي أربعة سنوات بعد التحري ، وفي الحالات التي تغلب فيها السلامة يفوض الأمر إلى القاضي في تقدير المدة المناسبة بعد مضي أربع سنوات ".
    فالمفقود يجب أن يكون قد غلب عليه الهلاك والقاضي لا يحكم بموته إلا بعد مرور أربع سنوات من تاريخ فقده وفي الحالات التي تغلب فيها السلامة يترك الأمر إلى القاضي في تقدير المدة المناسبة بعد مرور أربع سنوات حتى يحكم بموته بشرط الإعتقاد بموته وعندها تعتد زوجته عدة الوفاة ومن ثم يجوز لها أن تطلب التطليق ، وبناء على طلبها حسب نص المادة 53 ف/ 5 من قانون الأسرة يصدر قاضي الحكم بموت الزوج المفقود.
    وعليه إذا زنت الزوجة بعد صدور الحكم بموت الزوج المفقود لاتعد مرتكبة لجريمة الزنا لأنها أصبحت تملك نفسها ولم تعد في عصمة زوجها المفقود الذي حكم بموته.
    والمشرع المصري نص في المادة 21 من قانون الأحوال الشخصية لسنة 1929 على أنه :" يحكم بموت المفقود الذي يغلب عليه الهلاك بعد أربع سنين من تاريخ فقده ، أما في جميع الأحوال الأخرى فيفوض أمر المدة التي يحكم بموت المفقود بعدها إلى القاضي وذلك كله بعد التحري عنه بجميع الطرق الموصلة إلى معرفة ما إذا كان المفقود حيا أو ميتا ".
    فقبل الحكم بموت المفقود يجب الإعتقاد بموته بعد مرور أربع سنوات من تاريخ فقده وعندئذ تعتد زوجته عدة الوفاة .

    3. عودة المفقود : ذهب رأي في الفقه المصري أنه إذا عاد المفقود الذي غلب عليه الظن بهلاكه وكانت زوجته قد تزوجت برجل أخر بعد صدور حكم من القاضي يقضي بموت الزوج المفقود الذي عاد وكان القاضي قد أمر بناء على طلب زوجة المفقود الغائب بالتفريق بينها وبينه فإن مسألة التفريق بين زوجة المفقود العائد وزوجها الجديد من طرف القاضي متوقفة على إرادة الزوج المفقود العائد فإن شاء طلب التفريق وعادت إليه زوجته وإن شاء أجاز زواجها الثاني وأبقاه،غير أننا نرى أن الأمريجب أن


    يترك للقاضي في موازنته بين مصلحة الزوج المفقود العائد ومصلحة الزوج الجديد بترجيح إحداهما حسب ظروف الحال(47).
    الفرع الثاني: الركن المادي – وقوع فعل الوطء غير المشروع –
    أولا: المقصود بالوطء:
    إن غالبية القوانين الوضعية ومنها القانون الجزائري لم تضع نصا صريحا يحدد ماهية هذا الفعل وتعريفه وإلى أي مدى يعاقب عليه القانون ومتى ومنذ أية لحظة يبدأ العقاب على الفعل، حيث تركت هذه القوانين مسألة التعريف إلى الفقهاء وشراح القانون فأعطى كل منهم تعريفا إستقاه من الحكمة التي راعاها المشرع عند وضعه النصوص التي تجرم الفعل وتعاقب عليه.

    فحسب التشريع الجزائري يرى الأستاذ الدكتور أحسن بوسقيعة أن الركن المادي لجريمة الزنا يتحقق بحصول الوطء فعلا بالطريق الطبيعي أي بإيلاج عضو التذكير في فرج الأنثى، فلا تقوم الجريمة بما دون ذلك من أعمال الفاحشة الأخرى التي يرتكبها أحد الزوجين مع غيره مثل القبلات والملامسات الجنسية في المناطق الحساسة التي تثير الشهوة والإلتصاق والإلتحام وغيرها من أعمال التمازج الجنسي التي ترتكبها الزوجة مع رجل آخر غير زوجها مهما بلغ فحشها فالخلوة غير المقترنة بوطء والأفعال المخلة بالحياء التي تأتيها المرأة المتزوجة على نفسها والصلات غير الطبيعية التي يمكن أن تكون لها بامرأة أخرى لا تكون جريمة الزنا .
    غير أنه قضي في فرنسا بقيام جريمة الزنا بالإيلاج حتى وإن كان الاتصال الجنسي غير كامل Relations incompletes (48).
    وتكاد تجمع أقوال الفقهاء على تعريف مضمونه أن جريمة الزنا لا تقوم إلا إذا تم إيلاج العضو التناسلي لرجل في قبل امرأة برضاهما حالة كونهما ليسا زوجين وكون أحدهما أو كلاهما متزوج مع شخص آخر وسواء كان الإيلاج كليا أو جزئيا وسواء أن يبلغ أحدهما أو كلاهما شهوته أو لا يتحقق شئ من ذلك(49).

    إن جريمة الزنا ذات طبيعة خاصة لأنها تقتضي التفاعل بين شخصين يعد أحدهما فاعلا أصليا وهو الزوج الزاني ويعد الثاني شريكا وهو الخليل الذي باشر مع الفاعل الأصلي العلاقة الجنسية لا تتحقق الجريمة إلا بحصول الوطء أو الجماع بين رجل وخليلته أو بين امرأة وخليلها ولا يشتـرط القانون معاينة حصول الوطء والجماع وإنما يكفي للعقاب مشاهدة الزاني والشريك في ظروف لا تترك مجالا للشك في أنهما قد باشرا معا العلاقة الجنسية(50).

    ولذلك قضي بأن القانون يشترط في جريمة الزنا أن يكون الوطء قد وقع فعلا وهذا يقتضى أن يثبت الحكم بالإدانة وقوع هذا الفعل، إما بدليل يشهد عليه مباشرة وإما بدليل غير مباشر تستخلص منه المحكمة ما يقنعهـا بأنه قد وقع، والقانــون حين تعرض في هذا الصدد إلى بيان أدلة معينة لم يقصد إلا أن القاضي لا يصح له في هذه الجريمة أن يقول بحصول الوطء إلا إذا كان اقتناع المحكمة به قد جاء من واقع هذه الأدلة كلها أو بعضها. وعليه فالحكم الذي يدين المتهم في جريمة الزنا مكتفيا بتوافر الدليل القانوني دون أن يبين كفايته في رأي المحكمة في الدلالة على وقوع الوطء فعلا يكون مخطئا وجب نقضه(51).
    فالأفعال السابقة على الزنا أو المحيطة به قد تكون قرينة على وقوعه كإختلاء الرجل بالمرأة في حجرة واحدة وغلقها دونهما مدة طويلة وضبط سراويلهما في مكان واحد عند فتح الغرفة أو ضبطها وهي عارية أو مفاجأته يعانقها فليست هذه الأفعال وما شابهها زنا معاقب عليها ولكنها تصلح قرينة على حصول الزنا فمن النادر إن لم يكن مستحيل أن يتمكن شخص من مشاهدة العملية أثناء إرتكابها إذ أن الزانيين عندما يشعران بقدوم أحد فالأمر الطبيعي أن ينهيانها فورا (52).

    يتطلب القانون الألماني لتمام الزنى أن يحدث إيلاج عضو التذكير في المكان المعد له من جسم المرأة وبغير هذا الفعل المادي لاتتحقق جريمة الزنى بأفعال أقل منه جسامة مهما بلغ مداها في التمازج الجنسي ومع ذلك فإن القانون الروسي يعتبر
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

    مذكرة تخرج جريمة الزنا . Empty رد: مذكرة تخرج جريمة الزنا .

    مُساهمة من طرف Admin الأربعاء أغسطس 07, 2013 7:53 pm



    أولا: عنصر العلم
    يجب أن يعلم الجاني بتوافر أركان جريمة الزنا وأن القانون يعاقب عليها ، وعليه لا عقاب إلا إذا حصل الزنا والجاني عالما أنه متزوجا وأنه يواصل شخص غير قرينه في الزواج فإذا كان يجهل أنه متزوج أو وقع في غلط وأعتقد أنه يواصل شخص تحل له مواصلته شرعا كما لو ضنت الزوجة أنها تسلم نفسها لزوجها وليس لأجنبي فلا عقاب عليها وكذلك لا عقاب إذا اعتقد المتهم بحسن نية أنه قد أصبح في حل من الرابطة الزوجية كما لو اعتقدت الزوجة أن زوجها الغائب قد مات ولا مسؤولية إذا وقع الفعل بغير رضا المتهم ، كما لو أكرهت الزوجة على تسليم نفسها لأجنبي اغتصبها بالقوة أو بالتهديد(73). فقد تعتقد الزوجة أن صلة الزوجية باطلة كما لو أبلغت كذبا أن زوجها أخوها من الرضاعة وقد تعتقد أن صلة الزوجية قد انحلت كما لو تلقت بالبريد إشهاد طلاق مزور .
    وتطبيقا لذلك قضي في فرنسا ببراءة زوجة من الزنا وكانت قد حصلت على حكم غير نهائي بالطلاق ثم اقترفت فعلها وهي تجهل القاعدة التي تقرر أن الطلاق لا ينتج أثره إلا إذا صار الحكم الصادر به نهائيا ، وإذا اعتقدت المطلقة رجعيا أن صلة الزوجية قد انحلت بهذا الطلاق فأتت فعلها أثناء العدة أعتبر القصد منتفيا لديها ، ويتعين أن تعلم الزوجة أنها تتصل بغير زوجها فإذا اعتقدت أنها تتصل بزوجها فإن القصد لا يتوفر لديها، كما لو دخل في فراشها أثناء نومها رجل اعتقدت وهي في تأثير النوم أنه زوجها فاستسلمت له(74).

    ثانيا : عنصر الإرادة
    يتطلب القصد الجنائي توجيه الجاني إرادته نحو ارتكاب الفعل المعاقب عليه سواء كان إيجابيا أو سلبيا وكذلك نحو تحقيق نتيجته المطلوبة إذا ما تطلب القانون توافر نتيجة معينة للعقاب .
    فيجب أن تتجه إرادة الزوجة إلى الاتصال جنسيا بغير زوجها بقبولها وطئه لها فإذا كانت إرادتها غير حرة أو غير مختارة انتفى القصد الجنائي، فإذا كانت مكرهة عليه فلا تقوم جريمة الزنا أصلا في حقها وإنما تكون ضحية جريمة اغتصاب .
    كما ينتفي القصد الجنائي إذا كانت الزوجة نائمة أو منومة أو فاقدة الوعي أو مكرهة على ذلك ماديا أو أدبيا أو وقعت في غلط بشأن عقد زواجها أو صفة زوجها كما تنتفي جريمة الزنا من جهة الزوج الذي يقع ضحية الإكراه أدبي لا يمكن مقاومته كما ينطبق هذا على الإكراه المادي الذي لا يمكن مقاومته وليس شرط أن يصدر الإكراه ممن مارس الصلة الجنسية مع الزوجة، بل يجوز أن يصدر عن أي شخص وقد يصدر عن الزوج نفسه فإذا أكره الزوج زوجته على الدعارة لم يكن الزنا متوافر بفعلها ولا عبرة بالبواعث في تحديد عناصر القصد فليس بشرط أن يكون باعث الزوجة إلى فعلها هو إشباع الشهوة، فقد يكون الانتقام من الزوج بالإساءة إلى سمعته وقد يكون كسب المال، إذا كانت تهدف إلى تقاضي أجر ممن تتصل به وقد يكون الإنجاب إذا كان الزوج عقيما وسعت إلى الحمل عن طريق هذه الصلة غير المشروعة(75).

    ويرى المستشار أحمد محمود خليل في كتابه جريمة الزنا في الشريعتين الإسلامية والمسيحية والقوانين الوضعية أن : " القصد الجنائي هو انصراف إرادة الفاعل إلى كل جزئية من جزئيات الفعل المادي لجريمة الزنا كما وصفه القانون ، ولما كان الركن المادي لجريمة الزنا المكون لها والذي يجب أن تنصرف إليه إرادة الفاعل في كل جزئية من جزئياته يقوم على فعل الوقاع وتوفر صفة الزوجية في المرأة التي جرى الوطء معها أو في الرجل الذي باشر هذا الفعل ، فيجب لتوافر القصد الجنائي أن يكون علم الجاني قد انصرف إلى كل من العنصرين فيرتكب الفعل وهو يعرف بوجودهما، فيتحقق القصد الجنائي في حق الزوجة باتصالها الجنسي غير المشروع مع أي رجل كان غير زوجها وهي عالمة بأنها متزوجة وكونها تأتي هذا العمل بإرادتها الحرة .

    والعلم المطلوب بصدد القصد الجنائي هو العلم اليقين شأن الأدلة الجنائية، فإذا ما انتفي اليقين أو تطرق إليه الشك فقد هذا الركن وجوده فلا عقاب على الزوجة إذا ثبت أنها ارتكبت الزنا وهي تعتقد أنها حرة من رابطة الزواج، كما لو اعتقدت أنها مطلقة أو أن زوجها الغائب قد مات ولا تقوم الجريمة إذا ما أنعدم القصد الجنائي كما إذا ثبت أن الوطء قد حصل على غير رضا الزوجة نتيجة قوة أو تهديد أو غلط أو غيره من الأشياء المعدمة للرضا طبقا للقواعد العامة في هذا الشأن، فإذا تسلل رجل إلى مخدع امرأة فسلمت له نفسها ظنا منها أنه زوجها فإن الواقعة تكون قد حصلت مباغتة على غير رضاها فلا ترتكب الزنا لأن إرادتها لم تنصرف إلى الاستسلام لوقاع شخص غير زوجها بل أنها تكون ضحية جناية اغتصاب وإذا ما واقع رجل امرأة مجنونة متزوجة فإنه لا يسأل جنائيا بوصفه شريكا في جريمة الزنا لأن جريمة الزنا تقوم أصلا على أساس الإخلال بعهد الزوجية من جانب أحد طرفي عقد الزواج.
    ولما كانت الزوجة هنا لا تعد مرتكبة لجريمة الزنا لتخلف قصدها الجنائي أي قصد الإخلال بالأمانة الزوجية فإنه لا مسؤولية على الشريك في جريمة الزنا، وإن كان يسأل على جريمة الاغتصاب على اعتبار أن حالة الجنون لدى المرأة من شأنها أن تجعل الوقاع معها قد تم دون رضاها(76).

    ثالثا: العوامل المؤثرة على القصد الجنائي
     الإكراه : إن جريمة الزنا كغيرها من الجرائم العمدية لابد لقيامها من توافر القصد الجنائي وعلى هذا لا عقاب على الزوجة إذا وطئت بإكراه ، وكذلك الزوج إذا كان ضحية لإكراه لا يمكنه التغلب عليه ، والإكراه ينقسم إلى قسمين :
    - إكراه مادي
    - وإكراه أدبي .
    - فالإكراه المادي: موجه إلى الجسم .
    - والإكراه الأدبي: هو الذي يعدم الإرادة بدون المساس بالجسم كالتهديد بالقتل أو إفشاء أسرار .

     الغـلط : هو العلم غير المتطابق مع الحقيقة الواقعية لحدث ما أو لواقعة معينة فهو علم بغير الواقع فإذا اعتقدت الزوجة بسبب صحيح أنها مطلقة أو أن زوجها قد توفي فلا عقاب عليها إذا اتصلت جنسيا بشخص آخر أو تزوجت بزوج ثاني.

     حالة السكر: تنص المادة 621 عقوبات مصري على أنه لا عقاب على من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل لغيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أيا كان نوعها إذا أخذها قهرا عنه أو على غير علم منه ، فإن كان فاعل جريمة الزنا في حالة سكر لم يفقده الشعور والاختيار تقررت مسئووليته عن جريمة الزنا.

     حالة الجنون: تنص المادة 62 عقوبات مصري على أنه: " لا عقاب على من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل لجنون أو عاهة في العقل ".

    ونصت المادة 42 عقوبات مصري على انه: " إذا كان فاعل الجريمة غير معاقب بسبب من سبب الإباحة أو لعدم وجود القصد الجنائي أو لأحوال أخرى خاصة، وجبت مع ذلك معاقبة الشريك بالعقوبة المنصوص عليها فتطبق هذه المادة باعتبار الرجل الذي يواقع مجنونة متزوجة مسؤولا عن هذا الوقاع، رغم أن المجنونة لا تستحق العقاب لسبب خاص بها وهو انعدام الأهلية اللازمة لتحمل المسؤولية الجزائية، وليس بوصفه شريكا في الزنا، لأن المجنونة ليس طرفا أصليا فيه ولا تحرك الدعوى ضدها بل يعاقب على أساس جريمة الاغتصاب(77).

    هذه هي الأركان والشروط التي وضعها المشرع الجزائري لقيام جريمة الزنا سوءا في الزوج الزاني أو الزوجة الزانية وهذا على خلاف المشرع الجزائري الذي سوى في شروط وأركان جريمة الزنا بين الزوجين أي الزوج والزوجة فإن القانون الفرنسي القديم قبل تعديله سنة1975 والقانون المصري يفرق بين أركان جريمة زنا الزوج وبين أركان جريمة زنا الزوجة ، وبالإضافة إلى الأركان السابق بيانها يضيف القانون الفرنسي القديم والقانون المصري ركن حصول الزنا في منزل الزوجية .

    جريمة زنا الزوج: حصول الزنا في منزل الزوجية
    يتعين لإدانة الزوج بالزنا أن يثبت أنه اتصل جنسيا بامرأة غير زوجته وأن يثبت ارتباطه بعقد صحيح بامرأة غير من اتصل بها ويتعين أن يتوافر لديه القصد الجنائي وينتفي القصد لدى الزوج إذا اعتقد أن صلة الزوجية باطلة أو اعتقد أنها انحلت بالطلاق أو الوفاة وينتفي القصد كذلك إذا اعتقد أنه يتصل بزوجته كما لو كان ضريرا وحلت إمرأة محل زوجته فاتصل بها معتقدا أنها زوجته ، ولما كان الزنا أحد أركانه فإنه يتعين علم الزوج بأن المكان الذي يأتي فيه فعله هو منزل الزوجية(78).

    1. المقصود بمنزل الزوجية: لا يقتصر منزل الزوجية على المسكن الذي يقيم الزوجان فيه عادة أو في أوقات معينة كمسكن في الريف أو في مصيف أو مشتى، بل يشمل كل محل يقيم فيه الزوج ولو لم تكن الزوجة مقيمة معه فيه فعلا ويكون للزوج وحده دعوة زوجته للإقامة معه فيه وللزوجة حق الدخول فيه شرعا ويلتزم زوجها بقبولها فيه ولما كان الزوج هو الملزم بإعداد منزل الزوجية واستقبال زوجته فيه فإن كل مكان خصصه الزوج لإقامته يعتبر منزل الزوجية ولو كانت الزوجة لا تقيم فيه فعلا .

    وعليه فإذا زنى الزوج في مثل هذا المسكن فإنه يحق عليه العقاب إذ الحكمة التي توخاها المشرع وهي صيانة الزوجة الشرعية من الإهانة المحتملة التي تلحقها بخيانة زوجها لها في منزل الزوجية(79).
    وبناء عليه لا يقبل من المتهم الدفع بأن زوجته لا تقيم معه في المنزل الذي يزني فيه مع خليلته وأنه كان يسكن مع زوجته منزلا آخر ولا يهم في هذا الصدد أن يحتاط الزوج ويحرر عقد الإيجار باسم خليلته أو باسم شخص آخر متى ثبت أن الزوج هو المستأجر الحقيقي ، كما لو كان هو الذي قام بتأثيثه أو بدفع أجرته وللمحكمة في ذلك سلطة تقديرية.
    ولكن لا يعتبر منزل الزوجية المنزل المملوك للخليلة أو الذي استأجرته بمالها وأثثته بمنقولاتها وتتحمل نفقاته ولو كان الزوج مقيم فيه فعلا، وكذلك لا يعتبر منزل الزوجية المسكن المؤقت الذي يلتقي فيه الزوج بخليلته مهما تكرر تردده عليه فلا يرتكب الزوج جريمة الزنا في غرفة استأجرها باسمه في فندق مادام أنه لم يسكن فيها بصفة مستمرة فيعتبر نزيل مؤقت وللمحكمة أن تقدر ما إذا كان للمحل صفة الدوام بحيث يعتبر مسكنا للزوجية مستشهدة في ذلك بمدة الإقامة .
    ولما كان للزوجة أن تساكن زوجها في عدة الطلاق الرجعي فارتكاب الزوج جريمة الزنا أثناء العدة في منزل الزوجية يوقعه تحت طائلة العقاب(80).
    وعلى هذا أكدت محكمة النقض المصرية في أحد قراراتها أن :
    " للزوجة أن تساكن زوجها حيث ما سكن فلها من تلقاء نفسها أن تدخل أي مسكن يتخذه كما للزوج أن يطلبها للإقامة به ومن ثم فإنه يعتبر في حكم المادة 277 عقوبات مصري منزل للزوجية أي مسكن يتخذه الزوج ولو لم تكن الزوجة مقيمة به فعلا وعليه فإذا زنى الزوج في مثل هذا المسكن فإنه يحق عليه العقاب إذ الحكمة التي توخاها المشرع هي صيانة الزوجة الشرعية من الإهانة المحتملة التي تلحقها لخيانة زوجها لها في منزل الزوجية تكون متوافرة في هذه الحالة "(81).
    فغرفة الفندق تعتبر منزلا للزوجية إذ استأجر غرفة مفروشة في فندق للإقامة بها حتى يعثر على مسكن دائم تعتبر مسكنا للزوجية إذا مارس فيها جريمة الزنا ولكن يجب ان تكون لهذه الحجرة صفة الاستمرار بصفة نسبية فإذا كان الزوج قد استأجرها عرضا لقضاء ليلة فيها لمباشرة جريمة الزنا فإنها لا تعتبر منزلا للزوجية فالعبرة بالقصد الجنائي من استئجار الحجرة وتخصيصها الفعلي .

    2. مالا يعتبر مسكنا للزوجية: لا يعتبر مسكنا للزوجية الشقة المفروشة التي يستأجرها الزوج سرا لهذا الغرض في غفلة من زوجته ودون أن تكون هناك ثمة حاجة لها إلا لمباشرة جريمة الزنا على فترات متقطعة سواء كانت حجرة بفندق يتردد عليها من حين لآخر مع أنثى أو شقة مفروشة لهذا الغرض .
    كذلك لا يعتبر مسكنا الأرملة أو المطلقة التي يتردد عليها الزوج من حين لآخر لارتكاب الفحشاء معها فيه .

    وكذلك لا يعتبر مسكنا للزوجية المسكن الذي تمتلكه الأنثى أو تستأجره باسمها وتؤثثه بمفروشاتها وتنفق عليه من مالها الخاص وأن دور الزوج هو مجرد التردد عليها من حين



    3. إثبات صفة المسكن : يجوز للزوجة أن تثبت صفة المكان بكافة طرق الإثبات كالبينة أو القرائن فيمكنها استخراج شهادة من الشهر العقاري بها بيانات إثبات تاريخ تأجير الشقة ويمكنها أن تحصل على تصريح المحكمة لاستخراج شهادة من مرفقي المياه والإنارة تفيد أن عداد المياه أو الإنارة للشقة باسمه ويمكنها دعوة الجيران للشهادة خاصة حارس العقار ولكن لا يقبل من الزوج الاحتجاج بأن عقد الإيجار ليس باسمه متى ثبت من شهادة الشهود أنه المستأجر الحقيقي والمتردد على العين وان الاسم المحرر به عقد الإيجار مجرد اسم مستتر لشخص مسخر لهذا الغرض ويمكن الاستدلال على ذلك بشهادة صاحب محل الأثاث أو استخراج صورة فاتورة الشراء باسم الزوج ، كذلك لا يقبل من الزوج القول بأن الأثاث ملك للزوجة وأن الشقة مملوكة لها مادام الثابت أنه أعطاها المبالغ اللازمة للشراء وأنها وإن كانت تنفق على العين إلا أن ذلك من مال الزوج الخاص(82).


    المطلب الثاني: أركان جريمة الزنا في الشريعة الإسلامية
    كما كان اختلاف فقهاء الشريعة الإسلامية في تعريف جريمة الزنا فإنهم أيضا اختلفوا في تحديد أركانها فمنهم من يرى أن للزنا ركنين وهما الوطء المحرم والقصد الجنائي ومنهم من يرى أن للزنا ركن واحد وهو الوطء المحرم وهذا ما ذهب إليه الحنفية أما الفريق الثالث والمتمثل في جمهور الفقهاء فيرون أن جريمة الزنا ثلاثة أركان ويقصدون الوطء المحرم والفاعلان (الزاني والزانية ) بالإضافة إلى القصد الجنائي وسنقوم بدراسة أركان جريمة الزنا وفقا للأركان التي حددها الجمهور أي لجريمة الزنا أركان ثلاثة .

    الفـــرع الأول: الوطء المحـرم
    أولا: تعريف الوطء
    الوطء هو إيلاج الرجل عضو ذكورته في فرج المرأة مقدار اختفاء الحشفة(83). أو قدرها بين الشفرين. إذا فالوطء يكون في الفرج كما الميل في المكحلة والرشاء في البئر وإدخال الحشفة أو قدرها يعتبر زنا ولو دخل الذكر في هواء الفرج ولم يمس جدره، كما أنه يعتبر زنا سواء حدث إنزال أم لم يحدث(84)، والقاعدة العامة هي أن الوطء المحرم المعتبر زنا هو الذي يحدث في غير ملك فكل وطء من هذا النوع عقوبته الحد ما لم يكن مانع شرعي من هذه العقوبة(85)، فلا يعتبر وطء الصبي والمجنون زنا وهذا باتفاق جميع الفقهاء(86)، وقد حدد بعض الفقهاء شروط يجب أن تتوفر في الذكر الذي هو آلة الإيلاج وهي :
    1- أن يكون ذكرا آدميا واضح الذكورة .
    2- أن يكون متصلا .
    3- أن يكون أصليا .
    4- ويشترط أن يكون صحيحا كما لا يؤثر أن يكون ملفوفا في خرقة مثلا (87).
    كما أنه لا يشترط لقيام الوطء فعل إيجابي من طرف الرجل كما لو كان مستلقيا وقامت المرأة بإدخال ذكره في فرجها فيلزمهما الحد في هذه الحالة أيضا(88).
    وإذا لم يكن الوطء على الصفة السابقة أي إيلاج الحشفة وتغيبها في الفرج فلا يعتبر زنا يعاقب عليه شرعا بالحد وإنما يعتبر معصية يعاقب عليها بعقوبة تعزيرية حتى لو كانت المعصية في حد ذاتها مقدمة من مقدمات الزنا كالإيلاج بين الفخذين أو الخلوة بالمرأة الأجنبية، وكالعناق والقبلة والنوم مع الأجنبية في فراش واحد(89) فكل هذه الأفعال وإن كانت من مقدمات الزنا إلا أنها لا تعتبر كذلك ولا يستوجب فيها الحد وإنما تحدد لها عقوبة تعزيرية، وهذا ما جاء في السيرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ففي حديث عن أبي هريرة قال: " جاء ماعز بن مالك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: الأبعد قد زنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم وما يدريك ما الزنا ؟ ثم أمر به فطرد، وأخرج، ثم أتاه الثانية فقال يا رسول الله إن الأبعد قد زنا فقال: ويلك وما يدريك ما الزنا؟ فطرد وأخرج ثم أتاه الثالثة فقال يا رسول الله أن الأبعد قد زنا قال ويلك ، وما يدريك ما الزنا ؟ قال الرابعة، فقال رسول الله إن الأبعد قد زنا فقال ويلك، وما يدريك ما الزنا قال أدخلت وأخرجت، قال نعم فأمر به أن يرجم .

    وجاء أيضا عن وهب بن جرير قال عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لماعز بن مالك " لعلك قبلت أوغمزت أو نظرت، قال: لا، قال: أفَنكْتها ؟(90) قال نعم، قال فعند ذلك أمر برجمه ".(91)
    وجاء أيضا عن عبد الله " أن رجل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني عالجت(92) إمرأة من أقصى المدينة فأصبت منها مادُن أن أمسّها فأنا هذا فأقم عليّ ما شئت، فقال عمر قد ستر الله عليك لو سترت على نفسك ، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ، فانطلق الرجل فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلا فدعاه فتلا عليه (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل) إلى آخر الآية فقال رجل من القوم يا رسول الله أله خاصة أم للناس ؟ فقال للناس كافة ".
    الملاحظ من هذه الأحاديث أن الشريعة الإسلامية جعلت الوطء في غير حلال زنا أما ما دونه من مقدمات فلا يعتبر زنا وعليه فهي تعاقب عليه بعقوبة تعزيرية. إذ أن الشريعة تعتبر الفعل في الحالتين جريمة تامة ، ولا تعتبر الوطء جريمة تامة وما دون ذلك شروعا في الجريمة ، بل هوأيضا جريمة قائمة بذاتها.
    إلا أن هناك نوع من الوطء يعتبر محرما شرعا ولكنه لا يعتبر زنا لأن التحريم في هذه الحالة عارض ، كوطء الرجل زوجته الحائض أو النفساء أو الصائمة أو المُحَرَمة أو التي ظاهر منها فكل ذلك محرم لكنه لا يعتبر زنا(93). فإذا كان الوطء بين الرجل والمرأة في غير حل قام الركن المادي للجريمة إلا أن هناك صور أخرى من الوطء فهل تعتبر زنا؟ وسنتطرق فيما يلي إلى هذه الصور بأكثر من التفصيل .
    ثانيا: الصور المختلفة للوطء
    1 . الوطء في الدبر:
    إتفق الأئمة الثلاثة مالك والشافعي واحمد على أن الوطء في الدبر هو وطء محرم كالوطء في القبل سواء تم في أنثى أو رجل ويشاركهم في هذا الرأي محمد وأبو يوسف من أصحاب أبي حنيفة ، وقد استدلوا على ما ذهبوا إليه بقوله تعالى - والخطاب موجه لقوم لوط :" إِنَكُمْ لَتــَأُتُــونَ الفَـــاحِشَةَ " وقوله : " إِنَكُـــمْ لَـــتَــأُتُـونَ الِـرجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ الِنسَاءِ " وقوله " واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم " وقوله تعالى:"وَالَلذَاِن َيــأْتِــيَانِهـَا مِنْكُمْ فــَآذُوهُمَــا " فجعل سبحانه وتعالى الوطء في الدبر فاحشة ، والوطء في القبل فاحشة فسمى أحدهما بما يسمى به الآخر(94)، وروى أبو موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا أتى الرجل رجلاً فهما زانيان ، وإذا أتت المرأة فهما زانيتان ".(95)
    أما الإمام أبو حنيفة فلا يعتبر الوطء في الدبر زنا سواء كان ذكرا أم انثى وحجته في ذلك أن الوطء في القبل يسمى زنا والوطء في الدبر يسمى لواطا فضلا عن أن الزنا يؤدي إلى اختلاط الأنساب وتضييع الأولاد وليس الأمر كذلك في اللواط كما أن العقوبة تُشرع دائما لما تغلب وجوده والزنا وحده هو الغالب بعكس اللواط كما أن اللواط لا يجب فيه حد الزنا ، بل تستوجب فيه عقوبة تعزيرية ويسجن فاعله حتى يموت أو يتوب، ولو اعتاد اللواط قتله الإمام.(96)

    2. وطء الزوجة في دبرها:
    من المتفق عليه أن وطء الزوجة في دبرها لا يعاقب عليه بالحد لأن الزوجة محل للوطء ولأن الرجل يملك وطء زوجته، وإنما يعتبر الزوج في هذه الحالة مرتكبا لمعصية يعاقب عليها بعقوبة تعزيرية(97).

    3. وطء الأموات :
    لقد إختلف الفقهاء في وطء الأموات فقد رأى أبو حنيفة أن وطء المرأة الأجنبية الميتة لا يعتبر زنا وكذلك إستدخال المرأة ذكر الأجنبي الميت في فرجها. وهذا ما درج نحوه راي من الشافعية والحنابلة ، والقائلون بهذا يوجبون التعزيز وحجتهم في ذلك أن عضو الميت مستهلك ، ولأنه عمل تعافه النفس ولا يشتهى عادة .
    أما الرأي الثاني من مذهب الشافعي وأحمد فيعتبر الفعل زنا يجب فيه الحد إذا لم يكن بين زوجين لأنه وطء محرم بل هو أ عظم من الزنا وأكثر إثما كونه هتك حرمة الميت أما مالك فيرى أن من أتى ميتة في قبلها أو دبرها حال كونها غير زوج له فإنه يعتبر زانيا ويعاقب بعقوبة الزنا لإلتذاذه بذلك الفعل .أما إذا وطء الرجل زوجته فلا حد عليه، وكذلك بالنسبة لإدخال المرأة ذكر ميت غير زوجها في فرجها فإنها تعزر وهذا لإنعدام اللذة(98).

    4. وطء النائمة:
    النائم مرفوع عنه القلم ، فلو زنا بنائمه أو استدخلت إمرأة ذكر نائم في فرجها فلا حد عليه، لأن القلم مرفوع عنه وهذا مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: " رفع القلم عن ثلاثة، عن المجنون حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ ،وعن الصبي حتى يحتلم. " وعليه فإذا زنا الرجل بنائمة فالحد عليه لا عليها، أما إذا كانت متفاوقة فالحد عليهما معا وإذا استدخلت إمرأة ذكر نائم في فرجها فلا حد عليه والحد عليها(99).

    5. وطء البهائم :
    إذا وطء الرجل بهيمته أو إن مكنت المرأة حيوانا منها (قردا، كلبا)ففي الموضوع ثلاثة آراء:
     فقال بعض الفقهاء أن وطء البهائم لا يعتبر زنا وإنما يعاقب عليه مرتكبه بعقوبة تعزيرية(100) وأصحاب هذا الرأي هم المالكية والحنفية ،وهذا ما ذهب إليه كذلك بعض من الشافعية والحنابلة .

     أما الرأي الثاني ويمثله فريق آخر من الشافعية والحنابلة فيعتبرون الفعل زنا ولكنه يعاقب عليه بالقتل في كل الأحوال وسند هذا الرأي ما روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم " من أتى بهيمة فأقتلوه واقتلوا البهيمة " وهو حديث لا يصححه الكثيرون(101).
     أما الرأي الثالث ويمثله فريق آخر من الشافعية فيعتبرون الفعل زنا قياسا عن إتيان الرجل المرأة ويجعلون عقوبة المحصن الرجم وعقوبـة غير المحصـن الجلد والتغريب(102).

    6. الوطء بالإكراه:
    من المتفق عليه انه لا حد على مكرهة على زنا مصداقا لقوله تعالى: وَ قَـدْ فَـصَلَ لَـكُمْ مَـا حَرَمَ عَــلَـيْــكُمْ إِلا َمَــا اضْطَــرَرْتُمْ إِلَيْــهِ  الأنعام 155، وكذلك قوله تعالى: فَمَنْ إضْطُرَ غَيْرَ بَـاغٍ وَلاَ عَــادٍ فَــلاَ إِثْمٌ عَـلَيْهِ  البقرة 173، كذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"عفى لأمتي عن الخطأ والنسيان وما أستكرهو عليه".(103)

    كما أنه من المتفق عليه أنه لا فرق بين الإكراه بالإلجاء(104)، وبين الإكراه بالتهديد فقد استكرهت امرأة على عهد الرسول فدرء عنها الحد, كما أنه جاءت امرأة على عهد عمر رضي الله عنه استسقت راعيا فأبى أن يسقيها إلا أن تمكنه من نفسها. فقال لعلي ما ترى فيها ؟ قال إنها مضطرة. فأعطاها شيئا وتركها.
    أما إذا أكره الرجل على الزنا فعليه الحد وهو الرأي المرجوح في مذهب: مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد, وحجة أصحاب هذا الرأي أن المرأة تكره لأن وظيفتها التمكين أما الرجل فلا يكره مادام ينتشر, لأن الانتشار دليل الطواعية, ومقتضى هذا الرأي أنه إذا لم يكن انتشارا وثبت الإكراه فلا حد أما الرأي الراجح في هذه المذاهب أنه لا حد على الرجل إذا أكره لأن الإكراه يتساوى أمامه الرجل والمرأة, فإذا لم يجب عليها الحد لم يجب عليه. ولأن الانتشار قد يكون طبعا وهو دليل على الفحولية أكثر مما هو دليل على الطواعية(105).
    وإذا مكنت المرأة مكرها من نفسها دون أن يقع عليها الإكراه فعليها الحد دونه ,لأن فعلها زنا, ولأنها ليست مكرهة والعبرة من إعفاء الرجل هو إكراهه على الفعل, أما المرأة فليس لها أن تستفيد من ظرف الرجل فهو ظرف خاص به, وهذا مسلم به في جميع المذاهب .
    7. وطء من وجب عليه القصاص:
    إذا وطئ رجل امرأة كان له عليها حق القصاص اعتبر زانيا ووجب عليه الحد وذلك لأن استحقاقه القصاص عليها إذا أباح له قتلها فإنه لا يبح له فرجها أو الاستمتاع بها .

    8. وطء الصغير والمجنون امرأة أجنبية :
    لا حد على الصغير أو المجنون في وطء المرأة الأجنبية لعدم أهليتها، إذ الصغير لا يؤخذ بالحد إلا بعد بلوغه, والمجنون لا يؤخذ به إلا حال إفقاته، على أن الصغير يعزر على الفعل إن كان مميزاً .أما فيما يخص المرأة التي يطؤها الصبي أو المجنون,فرأي أبو حنيفة أن لا حد عليها ولو كانت مطاوعة وإنما عليها التعزيز, أما مالك فيوافق أبي حنيفة في حالة ما إذا كان الواطئ صبيا ولا يوافقه إذا كان الفاعل مجنونا لأن المرأة تنال لذة من المجنون ولا تنالها من الصبي أما الإمام الشافعي فيرى أن تحد المرأة في الحالتين ولو لم يعاقب الصبي والمجنون ,وقد وجد رأيان في مذهب أحمد أحدهما يتفق مع مذهب الشافعي ,والثاني يفرق كمذهب مالك بين ما إذا كان الواطئ صبيا أو مجنونا وبري أصحاب هذا الرأي الثاني أن لا تحد المرأة إذا طاوعت المجنون ولا تحد إذا وطئها صبي لم يبلغ سنهٌ عشر سنوات, فإذا بلغ هذه السن حدت(106)
    9. وطء العاقل البالغ صغيرة أو مجنونة:
    قد اختلف أصحاب المذاهب أيضا في وطء العاقل البالغ لصغيرة أو مجنونة, فيرى مالك أن الواطئ يحد لإتيان المجنونة الكبيرة, وتحد كذلك لإتيان الصغيرة مجنونة كانت أو غير مجنونة كلما أمكنه وطؤها ولو كان الوطء غير ممكن لغيره, فإذا لم يكن وطء الصغيرة ممكنا للواطئ فلا حد عليه وإنما يعزر علي الفعل ,أما أبا حنيفة فيرى أن العاقل البالغ إذا زنى بمجنونة أو صغيرة وجب عليه الحد لأن فعله يعد زنا, ولأن العذر من جانبها لا يوجب سقوط الحد من جانبه ,ويرى الشافعيون حد العاقل البالغ إذا زنى بمجنونة أو صغيرة مادام الوطء قد حدث فعلا ولا يقيدون العقوبة بأي قيد, وفي مذهب أحمد رأيان يتفق أحدهما مع مذهب الشافعي, أما الثاني فيخالفه في حالة وطء مجنونة أو صغيرة مادام الوطء قد حدث فعلا و لا يقيدون العقوبة بأي قيد ,وفي مذهب أحمد رأيان يتفق أحدهما مع مذهب الشافعي, أما الثاني فيخالفه في حالة وطء الصغيرة مجنونة أو غير مجنونة ويفرق أصحاب هذا الرأي بين ما إذا كانت الصغيرة ممكن وطؤها أولا يمكن ,فإن كان الوطء ممكنا فهو زنا يوجب الحد لأنها كالكبيرة في ذلك, وإن كانت الصغيرة لا تصلح للوطء فلا حد على من وطئها وإنما عليه التعزيز وبعض أصحاب هذا الرأي يحدد سن الصغيرة التي لا تصلح للوطء بتسع سنوات, وحجتهم أن الصغيرة لا تشتهي في هذه السن وأن وطأها يشبه ما لو أدخل إصبعه في فرجها(107).
    ثالثا: بقاء البكارة
    خصصنا عنصرا لهذه المسألة كونها ذات أهمية بما كان خاصة إذا علمنا أن الوطء أو الركن المادي للزنا يكون بإبلاج الرجل عضو ذكورية في فرج المرأة فهل إذا بقيت البكارة يتحقق الركن المادي للزنا أم أن الركن المادي للزنا يتحقق بالرغم من عدم تمزيق البكارة ؟.
    يرى كل من: أبي حنيفة والشافعي وأحمد أنه إذا شهد أربعة على امرأة بالزنا وشهد ثقات من النساء بأنها عذراء فلا حد عليها للشبهه ولا حد على الشهود(108).

    إلا أن مالكا يرى أن الحد على المرأة, لأن المثبت مقدم عنده عن النافي ولأن من المحتمل أن يحصل الوطء دون أن يترتب عليه إزالة البكارة(109).
    إلا أن ابن حزم له رأي خاص في هذه المسألة فيرى أن الحكم يختلف بحسب ما يقرر النساء على طبيعة العذرية, فإن قلن أنها عذرا يبطلها إيلاح الحشفة أيقنا بكذب الشهود وأنهم وهموا, فلا يحل إنفاذ الحكم بشهادتهم .وإن قلن إنها عذرا واغلة في داخل الفرج لا بيطلها إيلاح الحشفة فقد أمكن صدق الشهود إذ بإيلاج الحشفة يجب الحد فيقام الحد عليها لأنه لم يتقن كذب الشهود ولا وهمهم(110).

    الفــرع الثــاني:الزانــي والزانيــة
    يعتبر الزاني والزانية أو الفاعل والمفعول فيه الركن الثاني في جريمة الزنا وهذا عند جمهور الفقهاء في الشريعة الإسلامية وليتحقق هذا الركن يجب توفير شروط نفصلها فيما يلي:
     أولاً: العقــل والتكليـف
    إذْ لا حد على الصبي ولا على المجنون وهذا لإرتفاع التكليف عنهما كما أنه من شروط تطبيق العقوبة العقل فالمجنون لا يخاطب بالشريعة لفقدان عقله أو نقصه وهذا مصداقا لقوله صلي الله عليه وسلم: "رفع القلم علي ثلاث الصبي حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق". وإن فعالاها فلا يجب عليهما الحد المقدر شرعًا بل يؤدبهما وليهما, ولو طاوعت امرأة صبيًا أو مجنونا فلا حد عليهما عند أبي حنيفة لأن الجناية لم تتكامل لعدم تكليف الواطئ بينما ذهب الجمهور إلى أنها تحد بحدها المناسب محصنة أو غيرها(111)
     ثانيا: الإختيـــــــــار
    وهو متفق عليه بالنسبة للمرأة ومختلف فيه بالنسبة للرجل, فأتفق الفقهاء على أن المفعول به إذا اكره على الزنى فلا حد عليه واختلفوا في الرجل على رأيين:
    الرأي الأول :
    إن أكره لا حد عليه إلا إذا حصل إنتشار لأنه لا يكون إلا بشهوة و اختيار, فهو دليل على الطواعية فإذا وجد الإنتشار انتقى الإكراه.
    الرأي الثاني:
    مفاده أنه لا حد على المكره لقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكر هوا عليه ", ولأن الانتشار مما تقتضيه الطبيعة بالملامسة فلا منافاة بينه وبين الإكراه(112).
     ثالثا:الإلتزام بالأحكـام (113)
    فالمسلم يقام عليه الحد قطعا وأما الحربي والذمي الذي لا عهد له فلا يقام عليهما الحد قطعا إلا أن يدخل حربيان دار الإسلام تسللا ويزنيان فقد انفرد أبو يوسف بالقول بإقامة الحد عليهما أما المستأمن فقد اختلف فيه :
    فذهب الحنيفة والشافعية والحنابلة إلى أنه لا يقام عليه حد الزنا لعدم التزامه الأحكام فيما يتعلق بحقوق الله تعالى والتي منها حد الزنا أما بعض الشافعية فيرون قيام الحد عليه لأنه يلتزم بالأحكام ومنها حكم الزنا(114).
    الفـــرع الثــالث: القصــد الجنائي
    يشترط في جريمة الزنا أن يتوفر لدى الزانى أو الزانية نية العمد أو القصد الجنائي, ويعتبر القصد الجنائي متوافر إذا مكنت الزانية نفسها وهي تعلم أن من بطأها محرم عليها إلا أنه قد لا يتوافر القصد الجنائي في جريمة الزنا في أمرين :
     أولهما: أن يزنى الشخص وهولا يعلم أن الزني محرم.
     ثانيهما: أن يخطئ الشخص في زوجته ويجامع أجنبية عنه .
    ونتطرق إلى هذين الاستثنائيين فيما يلي بأكثر تفصيل.
    أولا: الجهل بالتحريم
    الأصل في الشريعة الإسلامية أنه لا يحتج في دار الإسلام بجهل الأحكام ,فلا يقبل من أحد أن يحتج بجهل التحريم ,وبالتالي إنعدام القصد الجنائي .
    ولكن استثناء من هذه القاعدة نجد الفقهاء يبحون الاحتجاج بجهل الأحكام ممن لم تتيسر له ظروف العلم بالأحكام ,كمسلم قريب العهد بالإسلام لم ينشأ في دار الإسلام وتحتمل ظروفه أن يجهل التحريم أو مجنون أفاق وزنى قبل أن يعلم بتحريم الزنا ففي هاتين الحالتين وأمثالهما يكون الجهل بأحكام علة انعدام القصد الجنائي(115)، وهذا ما جاء في المهذب ( إن زنى رجل بامرأة وادعى أنه لم يعلم بجريمته, فإن كان نشأ فيما بين المسلمين لم يقبل قوله لأننا نعلم كذبه,وأن كان قريب العهد بالإسلام أو نشأ في بادية بعيدا عن المسلمين أو كان مجنونا فأفاق وزنا قبل أن يعلم الأحكام فلم يجب عليه الحد ) وجاء في المبسوط ( إذا زنى الزانى فقال عندي هذا حلال, لم يدرء عنـه الحد, لأنه علمنا بكذبه فالزنا حرام في الأديان كلها(116).
    ويبدو مما سبق أن هناك نوعين ممن يدعون جهل التحريم يجب التفريق بينهما.
    1-النـــوع الأول :
    يحتمل أن يجهل التحريم, وهم حديثي العهد بالإسلام, والناشئ ببادية بعيدة عن المسلمين والمجنون الذي أفاق ولا يعلم بالأحكام, وهذا النوع يسقط عنه الحد .
    2-النــوع الثانـي:
    وهذا لا يحتمل الجهل بالتحريم بالنسبة لهم ,وهم المسلمين وأهل العلم والذميين, وهذا النوع يجب عليه الحد .
    ثانيا: الخطأ في الشخص
    إذا وطء الشخص امرأة زفة أليه غير زوجته وقيل هذه زوجتك فلا حد عليه, و إن لم يقل له هذه زوجتك ووجدها على فراشه وظنها أنها امرأته فوطئها، أو دعا زوجته فجاءته غيرها فظنها المدعوة فوطئها. أو أشتبه ذلك عليه فلا حد عليه(117)، أو كمن وجدت في فراشها رجلا فمكنته معتقدة أنه زوجها، أو كمن تزوجت ولها زوج آخر كتمته عن زوجها الأخير فلا مسؤولية على الزوج الأخير ما دام لا يعلم بالزواج الأول وكمن مكنت مطلقها طلاقا بائنا وهي لا تعلم أنه طلقها ، كما أنه يشترط أن يعاصر القصد الجنائي إتيان الفعل المحرم ، فمن قصد أن يزني بامرأة ثم تصادف أن وجدها في فراشه فأتاها على أنها امرأته لا يعتبر زانيا لانعدام القصد الجنائي وقت الفعل كذلك لو قصد إتيان امرأة أجنبية فأخطأها وأتى امرأته فإنه لا يعتبر زانيا ولو كان يعتقد انه يأتي الأجنبية لأن الوطء الذي حدث غير محرم(118).
    أما الإمام أبو حنيفة فيرى : أن عليه الحد لأنه بعد طول عشرة زوجته لا تشتبه عليه حتى ولو كان أعمى لأن امرأته لا تخفى عليه بعد طول الصحبة فهو يعرفها بالحس والنفس والرائحة والصوت(119).






    بعد دراستنا لماهية جريمة الزنا والتطور التاريخي لها وأركانها في القانون والشريعة في الفصل الأول، ننتقل إلى دراسة متابعتها من طرف النيابة العامة بعد توافر شروطها وأركانها في القانون وأيضا طريقة عرض فعل الزنا كجريمة أخلاقية على أولي الأمر بعد توفر الشروط الخاصة بها في الشريعة، تحت تسمية المتابعة في الشريعة، وهذا في المبحث الأول .

    أما المبحث الثاني فنقتصر فيه على دراسة إثبات جريمة الزنا في القانون والشريعة لننتقل في الأخير إلى دراسة جزائها في القانون والشريعة في المبحث الثالث.

    وباعتبار أن جريمة الزنا تتميز عن بقية الجرائم الأخلاقية كونها تخضع لشروط خاصة بها تعد قيدا على تحريك الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة ذات الاختصاص الأصيل في هذا الشأن، ولكون المتابعة فيها ذات أهمية بمكان، يلعب فيها الضحية وهو الزوج المجني عليه دورا بارزا وهاما في تحريكها، وهو الأمر الذي يختلف عن المتابعة في الشريعة الإسلامية كونها لا تبرز أكثر بهذا المصطلح مقارنة بالقانون. ولكون الشريعة تركز في مضمونها على جانب الجزاء أكثر من المتابعة، ارتأينا أن نخصص مطلبا نتحدث فيه بإسهاب عن المتابعة في القانون ومطلبا آخر نخصصه للحديث عن المتابعة و في الشريعة الإسلامية.
    المبحث الأول: متابعة جريمة الزنا في القانون والشريعة
    يتطلب منا دراسة هذا المبحث تقسيمه إلى مطلبين رئيسين، نتحدث في المطلب الأول عن متابعة جريمة الزنا في القانون وأما المطلب الثاني فنخصصه لدراسة المتابعة في الشريعة الإسلامية.

    المطلب الأول: متابعة جريمة الزنا في القانون
    إن الدعوى العمومية هي طلب ناشئ عن الجريمة موجه إلى السلطات القضائية لإقرار حق الدولة في العقاب. ولا تقتصر تلك السلطات كما هو الشأن في الدعوى المدنية على قضاة الحكم وإنما تشمل كذلك سلطات التحقيق. والأصل أن يتم رفعها من النيابة العامة، إلا أن القانون خول ذلك استثناء لبعض الجهات نظرا للطبيعة الخاصة للجريمة أحيانا كالجرائم ذات الطابع المالي أو المتعلقة بالجمارك أو جريمة الزنا وغيرها.
    وللدعوى العمومية طرفان: مدعى وهو النيابة العامة ومدعى عليه وهو المتهم وإذا كان المتهم خصما حقيقيا باعتبار أنه يسعى إلى تحقيق مصلحة شخصية لتبرير صحته، فإن النيابة العامة تسعى إلى الكشف عن الحقيقة بشأن الجريمة وذلك لإقرار سلطة الدولة في العقاب بإدانة المتهم أو براءته، ومن المسلم به أن الدعوى العمومية تخص المجتمع ممثلة في الدولة وبالتالي فليس للنيابة العامة بعد أن تحرك الدعوى أن تتنازل عنها أو تتصرف فيها أو تتصالح بشأنها مع المتهم وباعتبار أنها ضرورية لإمكان معاقبة الجاني فلا عقوبة بغير دعوى عمومية.
    ويعد تحريكا للدعوى العمومية طلب وكيل الجمهورية من قاضي التحقيق افتتاح أو إجراء تحقيق وتكليف المتهم بالحضور أمام محكمة الجنح والمخالفات من طرف النيابة العامة.
    ومتى حركت الدعوى العمومية فإن مباشرتها أو استعمالها يشمل بالإضافة إلى تحريكها متابعة السير فيها أمام سلطات التحقيق أو جهات الحكم حتى يقضى فيها بحكم بات.
    ومن أوجه ذلك رفع الدعوى أمام المحكمة وتقديم الطلبات من النيابة العامة وطعنها في الأحكام.
    ويطلق تعبير الخصومة الجزائية علي الدعوى العمومية إذا حركت ضد شخص معين إلا أن الدعوى العمومية قد تتحرك، دون أن تنشأ الخصومة الجزائية متى تعذر إسناد الجريمة إلى شخص معين(120).
     "يمكن تعريف الدعوى الجزائية بأنها: الالتجاء إلى السلطة القضائية للوصول إلى إثبات حصول فعل معاقب عليه قانونا وإقامة الدليل على مرتكبه وتوقيع الجزاء عليه ". قرار صادر في:31/5/1966 غرفة جنائية. نشرة العدالة سنة 1966، 1967، ص 318.
     "تقام الدعوى الجزائية أو العمومية من قبل النيابة العامة بإسم المجتمع ولصالحه قصد توقيع الجزاء على مرتكب الجريمة"
    قرار صادر في : 11/6/1960 غرفة الجنح والمخالفات، قضية رقم 62489، المجلة القضائية للمحكمة العليا، عدد 4، سنة 92، صفحة 203.
     " يقصد بتحريك الدعوى العمومية أو الجزائية بداية السير فيها ورفعها إلى قاضي التحقيق لتحقيقها أو للمحكمة للفصل فيها الأصل أن النيابة العامة حرة في تحريك الدعوى العمومية أو عدم تحريكها ما لم ينص القانون صراحة على خلاف ذلك "
    قرار :20/3/1984 الغرفة الجنائية الثانية في الطعن رقم 26790، المجلة القضائية للمحكمة العليا، عدد2 سنة 1990، ص 263، وقرار صادر في: 24/7/90 من الغرفة الجنائية الأولى في الطعن رقم :77193.
     " إذا كانت المادة الأولى من قانون الإجراءات الجزائية تخول للنيابة العامة حق تحريك ومباشرة الدعوى الجزائية لتطبيق العقوبات، إلا أنه لا يجوز لها أن تتصرف فيها كما تشاء وأن تتنازل عنها بعد إقامتها باسم المجتمع".
    قرار صادر في :13/1/1981 الغرفة الجنائية الأولى في الطعن رقم :24409.
    والقاعدة العامة أن النيابة العامة هي المختصة بتحريك الدعوى العمومية واستعمالها بوصفها سلطة الاتهام، وهي في ذلك تمثل المجتمع في ممارسة حقه في الكشف عن الجريمة القائمة.
    وقد صدر في هذا الشأن قرارا مفاده: أن المدعي في الخصومة الجزائية هو قاضي النيابة العامة إذ هو الذي يحرك الدعوى العمومية ويباشرها نيابة عن المجتمع لذلك سمي بالمدعي بالحق العام أو النائب العام عن الهيأة الاجتماعية، وتشكل النيابة العام هيأة قضائية غير قابلة للتجزئة يمكن لأعضائها أن يتناوبوا فيما بينها(121).

    لكن القانون يقيد سلطة النيابة في تحريك الدعوى العمومية في بعض الأحوال، فيستلزم صدور شكوى أو إذن أو طلب، كما يخول لمحكمة الجنايات حق تحريك الدعوى العمومية بالنسبة للجرائم التي تقع في الجلسات، ويسمح للمضرور من الجريمة تحريك الدعوى العمومية(122).

    وتتوقف دراستنا في هذا الشأن على القيد المتمثل في الشكوى باعتبارها محور دراستنا والذي يعد ذا أهمية بمكان في متابعة المذنب في جريمة الزنا كما سيتم بيانه لاحقا: فما هي الشكوى إذن ؟ .
    الشكوى هي البلاغ والإخطار الذي يقدمه المجني عليه إلى السلطات المختصة طالبا تحريك الدعوى العمومية بشأن جريمة معينة قيد المشرع تحريكها على شكوى المجني عليه. وقد أطلق المشرع الجزائري كلمة شكوى فضلا عن ذلك على البلاغ المقدم من المضرور من الجريمة جناية كانت أو جنحة إلى قاضي التحقيق والمصحوب بالإدعاء المدني على قاعدة المادة 72 ق ا ج .
    والشكوى هنا وسيلة للإدعاء المدني، ويمكن أن تستأنف الدعوى العمومية سيرها دونها عن طريق النيابة العامة، أما الشكوى التي نحن بصددها هي قيد على سلطة النيابة بشأن جرائم معينة.
    وقد استلزم القانون تقديم الشكوى من المجني عليه تاركا ذلك لتقديره ولذلك فهي حق شخصي يمارسه بنفسه أو بوكيل خاص عن جريمة معينة سابقة عن التوكيل. فلكل جريمة تقديرها لدى المجني عليه. وينقضي هذا الحق بوفاة المجني عليه ولو لم يصفح عن الجاني أو لم يعلم بالجريمة وإذا تعدد من يتطلب القانون شكواهم بشأن جريمة واحدة فيكفي أن يشكو أحدهم، عدا جريمة الزنا فإنها نظرا لطبيعتها الخاصة تستلزم شكوى المجني عليه، وإذا تعددت الجرائم فإنه يتعين أن يشكو المجني عليه في كل منها.
    أما إذا كان المجني عليه غير آهل لتقديم الشكوى قدمها ممثله القانوني. وإذا اشترط القانون صفة معينة في مقدم الشكوى كصفة الزوج بالنسبة لجريمة الزنا واستلزم رابطة معينة بين مقدم الشكوى وبين المتهم كالمصاهرة، وجب توافر هاته الصفة أو الرابطة وقت تقديم الشكوى، فلو طلق الزوج زوجته طلاقا بائنا قبل تقديم الشكوى سقط حقه في تقديمها أما إذا حدث الطلاق بعد تقديم الشكوى، فإنه لا يحول دون الحكم على الزوج الزاني، والأصل أن الشكوى تقدم ضد المتهم لاتخاذ الإجراءات ضد شخصه لكن المتهم يكون غير معلوم بالرغم من وقوع الجريمة على المجني عليه، فلا يحول ذلك دون تقديم الشكوى دون اعتبار لشخص من يسفر اتخاذ الإجراءات عن إسناد التهمة إليه، وعندما يتضح شخص المتهم، فإنه ينبغي تقديم الشكوى بالرغبة في السير في الإجـراءات ضـده(123).
    ويرى جانب من الفقه أن الشكوى هي الوسيلة القانونية التي تجعل من الجريمة موضوعة تحت تصرف النيابة العامة لأجل متابعة الجاني على فعل الزنا فهو يجد أن القانون المصري والفرنسي خاليا من تحديد تعريفها وقد كانا يخلطان بين هذا المصطلح وغيره من المصطلحات، فالمشرع المصري سمي البلاغ المصحوب بالإدعاء بالحقوق المدنية شكوى والمشرع الفرنسي استعمل مصطلح الشكوى في محل الطلب في مواضع عدة.
    ولكن تعريف الشكوى بالمعنى التالي: " هي البلاغ الذي يقدمه المجني عليه إلى السلطة المختصة طالبا فيه تحريك الدعوى العمومية ضد متهم معين بجريمة تقيد القانون حرية النيابة في تحريك الدعوى على توافر هذا الإجراء " ومن قبيل الجرائم التي يشترط فيها الشكوى مراعاة لمصلحة المجني عليه بصفته فردا في الأسرة هي جريمة الزنا المنصوص عليها في المادة 339 قانون عقوبات جزائري(124).
    هاته الأخيرة التي يعرفها الدكتور طارق سرور على أنها اتصال جنسي كامل من شخص متزوج سواء كان رجلا أو امرأة بغير زوجه ، فهي جريمة قد ترتكب من الزوج إذا اتصل جنسيا بغير زوجته ، وقد ترتكب من الزوجة إذا ما اتصلت جنسيا بشخص غير زوجها .

    ولما كان الزنا فعلا ينطوي على فداحة الخيانة الزوجية التي دنست العلاقة بين الزوجين فإن تجريمه فيه حماية للعائلة وللمجتمع تبع ذلك(125).

    وتقديم الشكوى هو إجراء جوهري يجب أن يتخذه الزوج أو الزوجة أمام الجهات المختصة يعبر فيه عن إرادته في تحريك الدعوى الجزائية ضد الزوجة الزانية، فتعتبر

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

    مذكرة تخرج جريمة الزنا . Empty رد: مذكرة تخرج جريمة الزنا .

    مُساهمة من طرف Admin الأربعاء أغسطس 07, 2013 7:56 pm


    جريمة الزنا من الجرائم التي قيد فيها المشرع حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجزائية، فلا يجوز للنيابة العامة تحريكها بمناسبة ارتكاب هاته الجريمة من تلقاء نفسها وعلى هذا التقييد، حرص المشرع على مصلحة الزوجة أو الزوج الذي قد يصيبه ضرر من رفع الدعوى الجزائية ومصلحة العائلة وسمعتها، فله كامل الحرية في تقدير مدى ملاءمة تحريكها بعد أن يوازن بين الفائدة المنتظرة منها وبين الضرر الذين قد ينشأ عن ذلك.
    فالشكوى هي حق شخصي للزوج وحده، مما يقتضي انقضاء الحق في الشكوى في حالة وفاته، فلا ينتقل إلى الورثة حتى ولو كان قد قرر تقديم الشكوى قبل وفاته(126).

    وبالرجوع إلى تعريف الأستاذ: بن وارث .م لجريمة الزنا بأنها العلاقة الجنسية التي يرتكبها الزوج أو الزوجة مع أي شخص آخر بشرط تقديم شكاية من الزوج المضرور، نجد ان هذه الجريمة تتقيد بشكوى كشرط لمتابعة الزوج الزاني، ويعد تقديم هاته الشكوى من الزوج المضرور والإصرار على هذه الشكاية ركن مادي في نظره لأنه بدون هذه الشكاية المسبقة لا يمكن أن تتحرك الدعوى العمومية، وكما أن سحب الشكوى يضع حدا لممارسة الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة، وذلك في أية حالة كانت عليها الدعوى، وأكثر من ذلك وحتى في حالة صدور الحكم بالإدانة، فصفح الزوج المضرور يضع حدا لتنفيذ العقوبة(127).

    ويرى جانب آخر من الفقه إلى أن جريمة الزنا تمس المجتمع بأكمله في صميم نظمه الاجتماعية القائمة على النواة الأولى للمجتمع وهي الأسرة، ولأن من أهم أغراض المجتمع المحافظة على العائلات والحرص على بقائها وكيانها من الرذيلة واختلاط الأسباب، لذا كان من أهم الأحكام الخاصة بزنا الزوجة أو المرأة إخضاع تحريك الدعوى الجزائية الناشئة عن هذه الجريمة لشكوى الزوج أو الولي على المرأة غير المتزوجة، لأن الزوج أدرى الناس بحال أسرته وأعلم بمصلحته، هل هي في التبليغ عن من خانته، أم في العفو والنسيان في جميع مراحل الدعوى، ومن هذا ما نصت عليه المادة 284 ق ع أردني والمادة 273 قانون إجراءات جنائية مصري، وهذا بدوره يشكل قيدا على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية ضد الزوجة أو المرأة الزانية، وهو استثناء من القاعدة التي تجعل النيابة العامة صاحبة الاختصاص العام في كافة الجرائم(128).
    ولقد آثار هذا القيد خلافا بين شراح القانون الجنائي حول طبيعة الزنا. هل هي جريمة شخصية تصيب الزوج المثلوم شرفه فقط ، أم أنها جريمة يصل ضررها إلى المجتمع بصفة عامة .

    ففي القانون الأردني الزنا جريمة عامة تمس المجتمع بأسره ولا يقتصر ضررها على الزوج الذي جرح في شرفه وعواطفه بل تتعدى إلى عائلة المرأة وسمعة هذه العائلة فهي من الجرائم العمومية ذات صفة خاصة بها .

    أما المشرع المصري فقد اعتبرها جريمة ضد الزوج، لهذا ترك المشرع الأمر بيده وحده دون غيره إن شاء صفح وعفا وأسدل الستار علي الجريمة حفاظا على كيان العائلة وخاصة إذا كان هناك أولاد. وهنا يجب على المجتمع – ممثلا بالنيابة العامة – أن يغمض عينه ويصم أذنيه عن سماع أي بلاغ عن الجريمة من أي شخص أخر اذا كانت الجريمة لم تؤثر على الزوج فلن يضار بها مخلوق آخر. وان عفا الزوج عن زوجته فليس هناك مصلحة ظاهرة للمجتمع باعتبارها آثمة.

    لكن إذا قدر الزوج أن هذه الزوجة لا سبيل لإصلاحها ابلغ شكواه إلى النيابة العامة التي تسترد صلاحياتها المقيدة وتتحرك لرفع الدعوى العمومية بناء على طلبه وله حتى بعد التبليغ الحق أن يعدل عن رأيه ويتنازل عن شكواه فتسقط الدعوى لأن الزوج هو افضل شخص يوازن ويقدر سمعته وسمعة أولاده وعائلته. ويجب أن تتوفر صفة الزوج مقدم الشكوى باعتباره مازال زوجا للمتهمة بجريمة الزنا. وهذه الصفة يجب التأكد منها وقت تقدمه بالشكوى لان طلاقه من المتهمة بعد الجريمة يحول بينه وبين تقديم الشكوى ضدها وإذا مات فلا يرثه أحد في حق الشكوى لأنه حق شخصي بحت(129).

    ويشير الفقيه إلى الطلاق البائن دون الرجعي الذي يبقي العلاقة وصفة الزوج خلال مدة العدة وتجدر الإشارة هنا إلى أن المشرع الأردني قد زاد عن الموقف المصري في تقديم الشكوى ضد المرأة الزانية، حيث منح الأب أو الولي هذا الحق، ويعود سبب ذلك أن الزوج يمكنه التخلص من عار زوجته بالطلاق، في حين أن الأب أو الولي سيتحملان العار مدى الحياة، وهذا القيد على حرية النيابة العامة ليس من مستحدثات القوانين الجديدة بل يعود مصدره إلى القانون الروماني الذي كان يعتبر شكوى زوج الزانية حقا لصيقا بالزوج.
    ثم جاء بعد ذلك قانون جوليا واعتبر الزنا جريمة اجتماعية وفرق بين ثلاث أنواع من الاتهام :
    1- اتهام الزوج.
    2- اتهام العائلة.
    3- اتهام الأجانب.
    إلا أن قسطنطين ألغى فيما بعد قانون الأجانب وصار الاتهام من حق العائلة والزوج فقط وكان للزوج علاوة عن التبليغ، الحق أن يحمل لواء الاتهام وهو الذي يتولي الدعوى العمومية وينزل بزوجته العقاب المنصوص عليه قانونا .

    ثم جاء القانون الفرنسي الصادر عام 1880 وحدد هذا الحق وجعله قاصرا على الزوج واعتبر الزنا جريمة خاصة فوكل إلى الزوج أمر معاقبة الزوجة بشكوى تقدمها النيابة العامة واستمر العمل على هذا المنوال حتى رفع المشرع الفرنسي الزنا من مصاف الجرائم المعاقب عليها(130).

    ويرى رأي فقهي أن جريمة الزنا من جرائم الشكوى كما هو معلوم ولكن القيد الذي يغل يد النيابة العامة لا يزول إلا إذا تقدم الزوج المجني عليه بشكوى، يجب أن يتخذ فيها الزوج الشاكي صفة المدعي بالحق الشخصي، فإذا أسقط الزوج الشاكي حقه في تقديم الشكوى بأن لم يتقدم بها خلال ثلاثة أشهر أو تقدم بها خلال تلك المدة ثم تنازل عنها فان الدعوى العمومية تنقضي في هذه الحالة(131).
    وما يؤكد أن هذا الحق شخصي، ما ذهب إليه بعض الفقه من أن صاحب الحق في تقديم الشكوى هو المجني عليه في الجريمة التي يتطلب فيها القانون تقديم شكوى، ومن أجل هذا فتحديد صاحب الحق في الشكوى يدور مع تحديد المجني عليه في الجريمة المعنية هذه وجودا وعدما.

    وإذا كان المجني عليه في الجريمة هو من وقع عليه العدوان فيها خاصة في شخصه، ماله، شرفه وحريته فإنه يتبين أنه المجني عليه المباشر في جرائم بعينها وهي الجرائم الواقعة على حقوق الإنسان المادية أو المعنوية ذلك لأن المجني عليه في جميع الجرائم
    هو المجتمع، ومع ذلك فإن المجتمع لا يفيدنا شيئا في تحديد صاحب الحق في الشكوى لأن المجتمع هو المجني عليه غير المباشر في جميع الجرائم(132).

    والجرائم التي يتوقف تحريك الدعوى العمومية فيها على شكوى المجني عليه أو ردها المشرع اللبناني حصرا في قانون العقوبات وفي غيره من القوانين الخاصة، وبالرغم من أن القانون يعبر في كثير من الأحيان عن صاحب الشكوى بتعبيرات عديدة إلا أنه واضح وجلي أنه يقصد من أصابه العدوان في الجريمة أي المجني عليه فيها وان جريمة الزنا وجرائم الذم والقدح والتحقير المنصوص عليها بالمواد :588 ،583 ، 586 قانون لبناني لا يكفي فيها مجرد شكوى المجني عليه بل لابد أن يصيبه من الجريمة ضرر ولهذا يشترط القانون أن تتضمن الشكوى إدعاء بالحق المدني(133).
    لذلك جعل المشرع المقام الأول في جريمة الزنا للصالح الخاص، فإن آثر الزوج المجني عليه التغاضي، تغاضى المجتمع عن حقه. ونصت المادة 273 قانون مصري: "لا يجوز محاكمة الزانية إلا بناء على دعوى زوجها "، وأيضا الزوج لا ترفع عليه الدعوى إلا بناء على شكوى من زوجته، فإذا لم يقدم الزوج أو الزوجة شكوى فلا تملك النيابة العامة أن تحقق أو ترفع الدعوى ولا تملك الضبطية القضائية اتخاذ أي إجراء .

    والشكوى هي إجراء يباشر من شخص معين هو المجني عليه في جرائم محدودة يعبر به عن إرادته الصحيحة والصريحة في رفع الدعوى الجنائية لإثبات المسؤولية الجنائية وتوقيع العقوبة القانونية بالنسبة للمشكو منه وأي إجراء اتخذ من النيابة العامة مخالفا لهذه الإجراءات يكون جزاؤه البطلان، أما مرحلة جمع الاستدلالات التي يقوم بها الضباط القضائيين فيجوز فيها اتخاذ الإجراءات حتى ولو لم يتقدم الشاكي بشكواه .وهي بمثابة إجراءات ضبط الجرائم والمكلف بها رجال الشرطة لا غير .

    فتقدم الشكوى ضد الزوج أو الزوجة وعندئذ تحرك النيابة الدعوى ضد الزوج الخائن وضد الشريك أو الشريكة، ولو لم يذكره المشتكي في بلاغه. وذلك لأن المشرع وضع قواعد الزنا وجعل الشريك أو الشريكة تابعا للزوج أو الزوجة. أما إذا بلغ ضد الشريك وحده فإن ذلك لا يكفي بل قد يعتبر تنازلا عن رفع الدعوى فيستفيد بذلك الشريك. إذ لا يمكن رفع الدعوى عليه وحده وسيتم توضيح ذلك في الجزئية المخصصة لها(134).

    ولما كانت النيابة العامة هي صاحبة الحق في رفع الدعوى الجزائية ضد أي متهم فإنه في جريمة الزنا تغل .يدها عن ممارسة هذا الحق إلا بعد موافقة الزوج في حالة ما إذا كانت الزوجة هي الزانية أو بعد موافقة الزوجة إذا كان الزوج هو الزاني، لذلك جعل المشرع تحريك الدعوى متوقفا على شكوى الزوج والدعوى هنا هي الشكوى، ونجد أن القانون خول للزوج العفو عنها بعد صدور الحكم النهائي بإدانتها بشرط أن يقبل معاشرتها مرة أخرى، وهو ما ورد في القانون المغربي وهذا القيد الموضوع على النيابة هو استثناء على حريتها في تحريك الدعوى العمومية وقد يثور التساؤل بشأن مبررات هذا الاستثناء، وهل الزنا جريمة شخصية تمس من أصيب بضررها فقط أم أنها جريمة عامة يصل ضررها إلى المجتمع عامة ؟.
    هذا التساؤل آثار جد ل كبير بين فقهاء القانون والحكم والراجح أن الزنا جريمة عامة أي اجتماعية لا تمس شخص المجني عليه فقط بل المجتمع إلى جانبه، وجاء في إحدى الأحكام :
    " أن جريمة الزنا ولو أنها من الجرائم العمومية إلا أن لها صفة وخصوصية تمتاز بها عن الجرائم الأخرى فالزوج بتنازله عن شكواه يمكنه أن يسقط الدعوى ".
    ويقول الأستاذ الدكتور القللي في هذا الخصوص أن جريمة الزنا تصيب العائلة في الصميم والعائلة نواة المجتمع، ولما ترك المجتمع الأمر للزوج المجني عليه إن شاء صفح وإن شاء أبلغ شكواه إلى النيابة العامة التي تسترد بدورها حريتها لرفع الدعوى العمومية بناء على طلب الزوج وإذ قامت النيابة العامة برفع الدعوى من تلقاء نفسها بدون تبليغ من الزوج كان تصرفها باطلا ولا يصححه دخول الزوج بعد ذلك بصفة مدعى مدني أمام المحكمة، إلا إذا صاحب الزنا فعل آخر كالفعل الفاضح العلني، فالنيابة حق تحريك الدعوى عن هذا الفعل الأخير والذي سيتم بيانه كمسألة ارتباط بينه وبين الزنا لاحقا بمناسبة الحديث عن التعدد في الجرائم(135).
    وهو الرأي الذي أيده جانب آخر من الفقه على أنه لا يجوز للنيابة العامة استثناء من القاعدة العامة تحريك الدعوى العمومية أو السير في التحقيق في جريمة زنا الزوجة إلا بناء على شكوى من الزوج، إلا أنه يجوز جمع الاستدلالات قبل الشكوى غير أنه لا يجوز اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى وإلا كان الإجراء باطلا.
    وإذا رفعت الدعوى فعلى المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم قبولها للبطلان في الإجراءات ولا تصحح هذه الإجراءات أن يرضى بعد ذلك بالسير في الدعوى من له حق تقديم الشكوى أو أن يطلب قبوله مدعيا بالحق المدني وإنما يلزم إعادة الإجراءات من جديد .
    ولا يفهم من ذلك أن جريمة الزنا جريمة شخصية فقط بل هي اجتماعية أيضا تمس المجتمع عندما أخل بعهد وميثاق الزوجية. وتوجد أيضا مصلحة الأولاد في التغاضي عن الجريمة والتي يهيمن عليها الزوج. لذا رأى المشرع تقديم مصلحة الفرد على مصلحة الجماعة فقضى بأنه لا يجوز محاكمة الزانية إلا بناء على شكوى زوجها(136).

    ويرى الفقه الفرنسي أن تعليق رفع الدعوى الجزائية على شكوى في بعض الجرائم هو استثناء من قاعدة حرية النيابة العامة في مباشرة الدعوى. لذا إذا ما أثيرت جريمة أخرى مرتبطة بجريمة الزنا يكون للنيابة العامة أن تسير في الدعوى إلى الجريمة الأخرى، إذ الأمر فيها لا يخص المجني عليه وحده وإنما يعتدي به على حق الآخرين، لذا لا يجوز التوسع في هذا المبدأ(137).

    إن تعليق القانون محاكمة الزانية على شكوى الزوج المجني عليه، لا يفهم منه أن جريمة الزنا هي جريمة شخصية لا تعني غير الزوج المجروحة عواطفه وشرفه بل هي جريمة اجتماعية تمس المجتمع بأسره لأن فيها إخلال بعهد الزواج الذي هو من الأسس التي يقوم عليها النظام الاجتماعي وإلى جانب المصلحة العامة التي تتطلب العقاب على جريمة الزنا توجد مصلحة العائلة والأولاد كما سبق الإشارة في التغاضي عن الجريمة والتي يهيمن علي الزوج، لذا قضى المشرع، أنه لا يجوز محاكمة الزانية إلا بناء على شكوى زوجها، بحيث إذا سكت الزوج عن الشكوى وجب على الهيئة الاجتماعية أن تصم آذانها عن سماع أي بلاغ عن الجريمة من أي شخص آخر وهو مبدأ استثنائي لمبدأ " حرية النيابة في رفع الدعوى العمومية لتحقيق العقاب على الوقائع الجنائية "(138).
    كل هذا يقودنا إلى اعتبار جريمة الزنا المنسوبة إلى الزوجين أو إلى أحدهما من أخطر الجرائم المدمرة للحياة الزوجية و المهدمة لبناء نظام الأسرة وباعتبار هذه الجريمة تمس بكيان المجتمع فإن العقوبة عليها – كما يذهب أحد الفقهاء ومتابعة فاعليها لا تستلزم تقديم شكوى مسبقة من أحد .
    وبالرجوع إلى نفس المادة 339 قانون عقوبات جزائري / فقرتها الأخيرة نجدها تنص على أنه: " لا تتخذ إجراءات المتابعة إلا بناء على شكوى الزوج المضرور وأن صفح هذا الأخير يضع حدا لكل متابعة " وعليه فإن الأستاذ عبد العزيز سعد يعتقد أن بيان شروط قيام جريمة الزنا بين الزوجين وشروط تقديم الشكوى والتنازل عنها وبيان وسائل إثبات هذه الجريمة وحالات الاشتراك فيها وظروف التشديد بشأنها يحتم علينا أن نقسم الموضوع إلى عدة فقرات وعليه فإن الجزء الذي يهمنا هنا هو شروط تقديم الشكوى.
    فمن الحالات التي قيد فيها القانون سلطة النيابة العامة في تحريك الدعوى الجزائية ومباشرتها وتقديمها إلى المحاكم، وأوكل سلطة تحريكها إلى من وقع عليه فعل الاعتداء، وأوقف تحريكها على ضرورة توفر شروط سبق الشكوى لمن يعنيه أمرها ونجد هذه الحالة وهي حالة اقتراف جريمة الزنا، لذا يعتقد الأستاذ سعد أنه من الواجب أن نحاول بحث شرط تقديم الشكوى وكيفية تقديمها:

    الفرع الأول: شروط تقديم الشكوى
    بعد أن تناولت المادة 339 ع جريمة الزنا وقررت عقوبة كل من الزوج والزوجة أشارت في فقرتها الرابعة إلى أن: " إجراءات المتابعة لا تجوز لوكيل الجمهورية اتخاذها إلا استنادا إلى شكوى الزوج المضرور " وهو الأمر الذي لا يجوز معه لوكيل الجمهورية أو للنائب العام أن يقوم بأي إجراء من إجراءات إثارة أو إقامة دعوى جريمة الزنا من تلقاء نفسه كما هو الحال بالنسبة إلى الدعاوى الجزائية الأخرى، بل إن إقامة مثل هذه الدعوى يتوقف على شكوى مسبقة من الزوج الذي مسه عار الجريمة، وسبب تقييد سلطة النيابة العامة في مباشرة الدعوى العامة المتعلقة بجريمة الزنا مصدره تغليب مصلحة الأسرة ومراعاة شرفها على المصلحة العامة.
    وإذا تم تقديم الزوج المتهم إلى المحكمة وذلك قبل توافر شروط تقديم الشكوى من الشخص المعني إلى الجهة المكلفة قانونا يتلقى الشكاوي ينتج عنه القضاء بعدم قبول الدعوى ورد الملف إلى النيابة العامة إلى أن تتمكن من الحصول على الشكوى أو تقرر حفظ الملف لديها.
    وإذا قضت المحكمة في دعوى الزنا دون أن تكون قد تحققت من وجود ما يدل على تقديم الشكوى بالملف فإن حكمها سيكون معيبا ومخالفا للقانون ويتعين بعد ذلك إلغاؤه ونقضه (139).


    وهو ما ذهب إليه الدكتور محمد صبحي نجم من أنه توجد كثير من التشريعات التي تتوسط بين الشريعة الإسلامية التي تعاقب على الزنا مهما كان سواء ارتكب من محصن أو غير محصن مع التفرقة في الحد المقرر، وبين تشريعات أخرى كالقانون الإنجليزي الذي لا يعاقب على الزنا مهما وقع مقتصرا على الحكم بالفرقة أو الطلاق، وهذه الوسطية اقتصرت على معاقبة الفعل الذي يحصل من شخص متزوج على اعتباران في ذلك انتهاكا لحرمة عقد الزواج باعتباره أهم وأقدس عقد يبرمه الزوج في حياته ولا يجوز في ذات الوقت تحريك الدعوى إلا بناء على شكوى من المجني عليه الذي له أن يتنازل عن الدعوى في أي لحظة كانت بحيث تنقضي الدعوى بهذا التنازل، وهذا لا يعني أن جريمة الزنا شخصية لاتهم سوى الزوج الممسوس شرفه، بل تعتبر جريمة تصيب المجتمع والأسرة التي تعتبر إحدى ركائزه، ولكن نظرا لأن الزوج هو أقرب من يتأذى وأولاده وعائلته فقد رأى المشرع أنه يوجب رضاء الزوج على تحريك الدعوى العمومية، وهو ما أخذ به المشرع الجزائري(140).

    وهو الرأي الذي أيده جانب آخر من الفقه بتفصيل، وتبيان حالات تقديم الشكوى، فإذا كان الزوج هو الفاعل الأصلي لا تتم المتابعة إلا بناء على شكوى زوجته وإذا كانت الزوجة هي الفاعل الأصلي لا تتم المتابعة إلا بناء على شكوى زوجها وإذا كان المتهمان كلاهما متزوج تصح المتابعة بناء علي شكوى أحد الزوجين ويكون كلاهما فاعـلا أصليا(141).

    Mise en mouvement de l'action publique:
    Le Ministère ne peut exercer l action publique que s il est saisi
    D’ une plainte de l époux off oncé ( art 336 et 339 )(142). la plainte doit être 0signer par son auteur ou par son fondé de pouvoir(143). mais l’accomplissement de ses formalité n’est pas requis a peine de nullité , il suffit que l’époux reste ait manifesté son intention formelle de provoquer le châtiment du coupable pour que l’ action publique soit intentér égulièrement (144).
    Le procureur de la republique saisi d’une plainte pour adultère , pour se comporté une matière ordinaire il apprécie librement la suite a donné , aussi aie s’il croit devoir poursuivre , la procédure a adopté (citation directe ou information après le jugement ou l’ arrêt , il a la faculté d’interjectetr appelle ou de se pourvoi en cassation sans le concours du plaignant(145).


    أولا: شكـل الشكوى
    لا يشترط القانون شكلا معينا في الشكوى، وبخصوص الجهة التي تقدم إليها فقد تكون النيابة العامة بوصفها السلطة المختصة بهذا الإجراء أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي بوصفه السلطة التي عهد بإجراءاتها رفع الدعوى الجزائية(146).
    ويستوي في الشكوى أن تقدم كتابة أو شفاهة والمهم أن تدل على رغبة المجني عليه اتخاذ الإجراءات الجزائية قبل المتهم(147).
    وبالرجوع إلى القانون الأردني أو المصري نجده أنه لم يشترط شكلا خاصا ولا أوضاعا محددة للشكوى فقد تكون كتابية أو شفوية أو بتوقيع الشاكي أو الزوج أو الولي وقد تكون بغير توقيع ما دام أن المعني المقصود منها واضح وأنها صادرة من المجني عليه أو الولي كما أن القانون لم يشترط في الشكوى أن تشمل على بيان وقائع الزنا واقعة واقعة لأن الغرض من تبليغ النيابة هو الحصول على مساعدتها في إثبات عناصر الجريمة والأصل في الشكـوى بـلاغ كتابي يقدمه الزوج المطعون في شرفه أو وكيله الخاص سواء كان محاميا أو لا (148).

    وإذا تمت الشكوى شفاهة فإن ذلك لا يفقدها قيمتها القانونية، وفي رأي المؤلف أن الأفضل أن تكون مكتوبة حتى تكون سندا أمام القاضي عند الحكم في الدعوى لكن ليس هناك ما يمنع من توجه الزوج إلى قسم الشرطة وبلاغ الضابط بالواقعة وطلب تحقيق وعرض الأمر على النيابة عندئذ يفتح الضابط محضرا يثبت به حضور الزوج ومضمون بلاغه الشفهي، وفي ذلك عوضا عن البلاغ الكتابي من الزوج أو وكيله الخاص(149).

    كما أن عدم اشترط تقديمها إلى جهة معينة يستوي معه تقديمها إلى وكيل الجمهورية مباشرة أو إلى أحد مأموري أو ضباط الشرطة القضائية على النحو السابق ذكره.
    ويرى الأستاذ عبد العزيز سعد أنه حبذا لو حدد المشرع أصلا معينا لتقديم الشكوى حتى لا تبقى موضوعا لتجريم محل مساومة، ومع ذلك فإن هذه الشكوى ستتقادم بتقادم وقائع الجريمة وفق المادة 8 ق ا م مما يتعلق بتقادم الدعوى العامة أو بانقضائها وسقوطها بالتقادم مع مرور 03 سنوات(150).

    كما يجوز للزوج أن يقدم شكواه بعريضة إذا كان مسافرا، ويجب أن تكون الشكوى ممضاة من طرف الشاكي أو من قبل وكيل معتمد أو مفوض، ولا تخضع الشكوى إلى أية إجراءات شكلية معينة إذ يكفي أن يفصح الزوج المضرور عن نيته في تسليط العقوبة على الجاني.(151)

    ولا يشترط في الشكوى أن تكون ملمة بكافة التفاصيل الدقيقة بل يكفي أن يذكر بها مجمل الواقعة وتاريخها ومكانها والرغبة الصريحة في تحريك الدعوى العمومية، كما لا يشترط أن يدعي الزوج مدنيا أمام الشرطة أو النيابة لتحرك دعواه، إذ يكفي مجرد الشكوى التي تعتبر إذنا للنيابة لمباشرة الدعوى العمومية، ولا تقوم مقام الشكوى مجرد مسارعة الزوج إلى تطليق زوجته أو رفعه دعوى مدنية عليها أو على شريكها، أو رفع دعوى اللعان أمام المحكمة الشرعية بإنكار نسب الطفل الذي ولدته الزانية(152).

    ثانيا: طرفا الشكوى
    أ‌- ممن تقدم الشكوى :
    تقدم الشكوى من الزوج المجني عليه ويجوز أن ينوب عنه في ذلك وكيل بتوكيل خاص عن الواقعة التي حدثت ولا يجوز أن يكون التوكيل مقدما عن الزنا الذي قد يقع في المستقبل وهذا الحق هو شخصي للزوج فإذا مات فإنه لا ينتقل إلى ورثته ولكن. ما لحكم إذا كان الزوج قاصرا أو محجورا عليه ؟. نفرق هنا بين ما إذا كان مميزا وما إذا كان الزوج قاصرا أو محجورا عليه ؟.
    الرأي الراجح هو أن نفرق بين تمييزه من عدمه، فإذا كان مميزا فله التبليغ وإذا كان غير مميز فالتبليغ لوليه لأن الولاية على النفس.

    أما المحجور عليه فإذا كان الحجر لسفه أو لحكم بعقوبة جنائية فان ذلك لا يؤثر علي حقه في التبليغ بنفسه لأن سبب الحجر لا يؤثر على تقديره من حيث صحة التبليغ أو عدمه وليس للقيم عليه إلا حق رفع الدعوى المدنية، حيث لا يمكن للمحجور عليه رفعها أما إذا كان الحجر لجنون أو عته فهو كالصبي غير المميز(153).

    وإذا كانت الشكوى في جريمة الزنا حق شخصي للزوج، فإن توفي هذا الأخير قبل البلاغ سقطت الدعوى العمومية، إلا أن الزوج وكما سبق الإشارة إليه يجوز له أن يوكل غيره في ذلك بتوكيل خاص بواقعة الزنا لاحقا لحدوثها ولا يجوز للزوج أن يوكل غيره مقدما توكيلا عاما في التبليغ عن زوجته إذا ارتكبت الجريمة أثناء غيابه، وإلا عد تنازلا عن حق أصيل له بصفته زوج.

    وبالرجوع إلى نص المادة 5/1 ق ا ج مصري نجدها تنص:" إذا كان المجني عليه في الجريمة لم يبلغ 15 سنة كاملة أو كان مصابا بعاهة في عقله تقدم الشكوى ممن له الوصاية عليه "، وطبقا لأحكام الشريعة الإسلامية يجوز للزوج متى زاد سنة على ثلاثة عشر سنة أن يقيم دعوى الزنا على زوجته، ولا يؤثر في الدعوى كونه قاصرا، وقد حكم أن يكفي السير في دعوى الزنا أن يقدم البلاغ من ولي أمر الزوج خصوصا إذا حضر الزوج نفسه بالجلسة وأبدى البلاغ(154).
    والوكيل الخاص هو الشخص الذي يمنحه الزوج توكيلا خاصا في الشهر العقاري يفوضه فيه صراحة بان يشكو الزانية إلى الشرطة أو النيابة طالبا محاكمتها صراحة عن جريمة الزنا التي ارتكبتها.
    ولا يجوز للزوج أن يوكل غيره مقدما قبل حدوث الزنا في اتخاذ إجراءات الشكوى إذ ما زنت زوجته مستقبلا في غيابه بل يجب أن يكون التوكيل لاحقا على الجريمة أو معاصرا لها(155).


    وبالرجوع إلى نص المادة 339 ق ع جزائري فإنه يبدو من ظاهر الفقرة الأخيرة أنه لا يجوز تقديم هذه الشكوى إلا من الزوج المضرور شخصيا، غير أنه إذا كان هذا الزوج مجنونا أو تعذر عليه تقديم الشكوى إلى من هو أهل لتلقيها فإنه حسب الأستاذ عبد العزيز سعد لا مانع من أن يقدمها ممثله القانوني حتى لا يفلت الزوج الزاني من العقاب بسبب تعذر أو استحالة تقديم الشكوى من الزوج المضرور(156).
    ويذهب رأي إلى القول أنه إذا كان الزوج هو الفاعل الأصلي لا تتم المتابعة إلا بناء على شكوى زوجته.
    وإذا كانت الزوجة هي الفاعل الأصلي لا تتم المتابعة على شكوى زوجها وإذا كان المتهمان كلاهما متزوج تصح المتابعة بناء على شكوى أحد الزوجين، ويكون كلاهما فاعلا أصليا.
    وطالما أن المشرع جعل جنحة الزنا جريمة ذات طابع خاص تهم الزوج المضرور دون سواه فلا تقع المتابعة إذا صدرت عن والد الزوج المضرور أو أخيه أو أخته أو أي قريب آخر، كما لا يجوز للنيابة العامة أن تباشر المتابعة القضائية من تلقاء نفسها، غير أنه لا يجوز للزوج المضرور أن يوكل غيره لتقديم الشكوى على أن تكون الوكالة خاصة بهذا الموضوع دون سواه على النحو السالف ذكره(157).
    ب‌- ضد من تقدم الشكوى :
    تقدم الشكوى ضد الزوجة الزانية أو الزوج الزاني وضد المرأة الزانية وشريكها
    فعندما تقدم الشكوى ضد الزوج أو الزوجة إذا زنا أحدهما يعتبر كل منهما فاعلا اصليا وتقدم أيضا ضد الشريك أو الخليلة ويعتبران شريكان في فراش الزوجية وحرمتها وعندئذ تحرك النيابة العامة الدعوى العمومية ضد الخائن منها وضد الشريك حتى ولو لم يذكره الشاكي في شكواه وهذا ما ورد في القانون الأردني(158).
    ومن خلال ما سبق نستنتج أن طرفا الشكوى هما:

    01- الشاكي: وهو الزوج المجني عليه أو وكيله الخاص
    فللزوج حق شخصي يتمثل في الشكوى التي لا تنتقل إلا بالميراث وينقضي بوفاته ولا يخلفه ورثته وإذا انقضي الحق بالوفاة انقضت الدعوى العمومية ضد الزوجة إلا أن هذا الحق كما سبق تبيانه يمكن للزوج أن يوكله للغير بتوكيل خاص دون أن يكون معلقا علي شرط. ولا يصح أن يكون التوكيل عاما كالتوكيلات القضائية الممنوحة للمحامين لمباشرة القضايا.

    02- المشكوفي حقها: (الزوجة الزانية ) وهي التي تقدم ضدها الشكوى، فإذا كان الزوج متزوجا من اثنين فإنه يكفي تقديم الشكوى ضد إحداهما.

    ولكن إذا تعلق الأمر بالشريك فالمشرع لم يتطلب تقديم شكوى ضده لمحاكمته، ومن ثم إذا قبل بجواز مباشرة النيابة العامة للدعوى ضده وحده ، فان ذلك يتعارض مع الهدف من ضرورة تقديم الشكوى، إذ ستثار الفضيحة بطريق غير مباشر، من أجل ذلك قيل أن جريمة الزنا لا تتجزأ وان الفضيحة لا تتجزأ وبالتالي إذا آثر الزوج السكوت، فلا يجوز للنيابة العامة مباشرة الدعوى ضد الشريك وحده، ولكن إذا تقدم الزوج بالشكوى بوشرت الدعوى العمومية ضد الزانية وشريكها(159).
    ثالثا: شروط صحة الشكوى
    إن تقديم الشكوى من الشخص الذي يتعين تقديمها منه يخضع لجملة من الشروط تتمثل في:
    1- صدور الشكوى من المجني عليه: وحده فقط أو وكيله الخاص بتوكيل تم إبرامه بعد وقوع الجريمة أو وقت وقوعها لا قبلها .
    2- تقديم الشكوى إلى الشرطة أو النيابة: حتى ولو كانت مختصة محليا بتحقيق الواقعة المهم أنها كشفت عن النية في تقديم الشكوى. وتكون الشكوى عديمة الأثر إذا قدمت إلى جهة إدارية وإذا كانت الواقعة في حالة تلبس فللزوج أن يقدمها لمن يكون متواجد بمسرح الجريمة أو الحادث من رجال الضبط القضائي.
    3- وضوح الشكوى في الكشف عن نية الزوج: وعدم غموضها أو إيهامها، فلا بد أن نشير إلى أن واقعة الزنا ومرتكبيها وتاريخ ذلك ومكانه ورغبة الزوج المؤكدة في تحقيق الواقعة وتحريك الدعوى العمومية .
    4- مراعاة مدة تقديم الشكوى في التشريعات: التي تتطلب مدة في تقديمها كما هو الحال في التشريع المصري والمحـدد بمدة 3 اشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها(160).
    وبالرجوع إلى قانون عقوبات الجزائري لا نجده ينص على مدة تقديمها، مما يجعل ذلك محكوما بمدة تقادم الجنحة المقدرة ب 3 سنوات .
    5- ألا يكون الزوج قد رضى مقدما بالزنا: الزوج الذي يرضى مقدما بزنا زوجته، لما يراه في ذلك من وسيلة ارتزاق وعيش لا يعد في الحقيقة زوجا لأنه تنازل عن أهم حقوقه وهو انفراده بزوجته والسمــاح لغيره أن يشاركه فيها على نحو غير مشروع يأباه الدين والقانون والأخلاق سوية، عندئذ لا يجوز أن يمنح الحق في الشكوى(161).

    ويشترط في الشكوى أن تكون غير معلقة على شرط وإلا كانت باطلة ولا يعتد بها ويجب أن يصفح الزوج أو ولي الشاكي عن نيتهما في أن تنال الزوجة العقاب، وتنص المادة 284 ق عقوبات أردني أنه:" لا تقبل الشكوى بعد مرور 3 أشهر اعتبارا من اليوم الذي يصل فيه خبر الجريمة إلى الزوج أو الولي " وهو نفس النهج الذي نهجه المشرع المغربي كما سبق بيانه.
    ويشترط في الشكوى أيضا أن تكون باتـة(162)

    رابعا: الجهة التي توجه إليها الشكوى
    يجب أن توجه الشكوى إلى النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي، أما في حالة التلبس بالزنا، فلقد نصت المادة 139 ا.ج مصري على أنه : " فيما عدا الأحوال المنصوص عليها في المادة 219 من هذا القانون فإنه إذا كانت الجريمة المتلبس بها مما يتوقف رفع الدعوى عنها على شكوى فلا يجوز القبض على المتهم إلا إذا صرح بالشكوى من يملك تقديمها، ويجوز في هذه الحالة أن تكون الشكوى لمن يكون حاضرا من رجال السلطة العامة فحالة التلبس تجيز اتخاذ إجراءات خاصة بجمع الأدلة كسماع الشهود والمعاينة ولكنها لا تجيز اتخاذ الإجراءات الخاصة بشخص المتهم أو بحصانة مسكنه، كما لا تجيز رفع الدعوى الجزائية إلى المحكمة، وان تقدم الشكوى خلال 3 أشهر من يوم على المجني عليه بالجريمة ومرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، فإذا كان علمه قاصر على الجريمة دون مرتكبيها فلا يبدأ سريان هذا الميعاد، وإذا تبين انقضاء المدة قبل تقديم الشكوى فيجب على النيابة العمومية حفظها ويترتب على عدم تقديم الشكوى أو تقديمها بعد الميعاد أن النيابة لا تملك اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق اللهم إلا في حالة التلبس، فإن جاوزت النيابة العامة ذلك ورفعت الدعوى قبل تقديم الشكوى تعين على المحكمة من تلقاء نفسها أن تقضي بعدم قبولها، ويجب على محكمة الموضوع أن تضمن حكمها أن الدعوى رفعت بناء على شكوى من المجني عليه وإلا إذا كان حكما معيبا قابلا للنقض(163).

    إن تقديم الشكوى إلى السلطة المؤهلة قانونا لتلقيها سواء ضبطية قضائية أو النيابة العامة، يفتح الباب أمام بداية متابعة المشكو منه خاصة إذا رفعت هاته الشكوى من له الصفة في رفعها على النحو الذي تم تفصيله وسيتم بيانه لاحقا.

    وعلى إثر ذلك يرفع القيد الذي كان يغل يد النيابة العامة التي تعد صاحبة الاختصاص الأصيل في تحريك الدعاوى العمومية، والتي قيدها المشرع في جريمة الزنا على شكوى الزوج المضرور، وبالرجوع إلى القانون الأردني نجد أن المتابعة في جريمة الزنا ينبني على فرضيات أهمها:
    - أن يقع الزنا من غير متزوج مع امرأة غير متزوجة، وهنا تشكل جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات الأردني والشريعة الإسلامية .
    - أن يقع الزنا من رجل غير متزوج مع امرأة متزوجة، وهنا تقوم جريمة الزنا فتعتبر زانية ويكون الزاني بها شريكها .
    - أن يقع الزنا من متزوج مع امرأة غير متزوجة وهنا تقع جريمة الزنا من الزوج فيعتبر زانيا بشرط أن ترتكب الجريمة في منزل الزوجية ويكون من زنا بها شريكة له.
    - أن يقع الزنا من متزوج مع امرأة متزوجة وفي هذا الغرض يكون الرجل زانيا شرط أن يقع الفعل بمنزل الزوجية ، والمرأة زانية فإن وقع الفعل في غير منزل الزوجية كانت المرأة زانية وكان الرجل مجرد شريك لها.
    وهذه الافتراضات لا نجد لها مثيلا في القانون الجزائري في المادة 339 من ق.ع، إذ وبالرجوع إلى هذه المادة نجد أن:
    - يقع الزنا من امرأة متزوج مع رجل سواء متزوج أو غير متزوج المهم علمه بزواجها.
    - يقع الزنا من رجل متزوج مع امرأة متزوجة أو غير متزوجة وتسمى شريكته .

    وقد صدر في هذا الشأن قرار عن المحكمة العليا جاء فيه: " تطبق نفس العقوبة على من ارتكب الزنا مع امرأة يعلم أنها متزوجة " جنائي 24/02/1987 ، المجلة القضائية 89 عدد 3 صفحة 285(164).

    و يتصرف وكيل الجمهورية في الشكوى من أجل جريمة الزنا مثلها مثل باقي الجرائم فله ملاءمة المتابعة، وله اختيار طريق المتابعة " تلبس، تحقيق، استدعاء، مباشر " وله كامل السلطة في استعمال طرق الطعن عند صدور الحكم أو القرار القضائي.
    ولوكيل الجمهورية أن يتابع الشريك إذا لم تشمله شكوى الزوج المضرور (165).

    خامسا: مسألة علم المجني عليه في جريمة الزنا وسقوط حقه في الشكوى
    إن جريمة الزنا جريمة وقتية تكون متتابعة الأفعال وحينئذ تكون أفعال الزنا المتتابعة في رباط زمني متصل جريمة واحدة في نظر المشرع يبدأ سريان ميعاد سقوط الحق في الشكوى من يوم العلم بمبدأ العلاقة الآثمة لا من يوم انتهاء أفعال التتابع.
    ولما كانت المادة 3 ق.ا.ج مصري بعد أن علقت الدعوى الجنائية في جريمة الزنا المنصوص عليها في المادتين :274، 275 ق.ع على شكوى الزوج مضت في فقرتها الأخيرة على أنه لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبيها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. وقد صدر قرار عن محكمة النقض مفاده أنه: "من المقرر أن علم المجني عليه بجريمة الزنا الذي يبدأ سريان ميعاد السقوط يجب أن يكون علما يقينيا لا ظنيا ولا افتراضيا فلا يجري الميعاد في حق الزوج إلا من اليوم الذي ثبت فيه قيام هذا العلم اليقيني ".
    في هذا الشأن صدر قرار آخر عن محكمة النقض جاء فيه: " لما كانت محكمة الموضوع قد استخلصت من عناصر الدعوى أن زنا الطاعنة لم يكن بعلم زوجها ورضائه مما لا يسقط حقه في طلب محاكمتها، ولم تعتد المحكمة لما ساقته من شواهد على توافر هذا الرضاء بعد أن ثبت لديها أن هذا الدفاع لم يكن إلا قولا مرسلا غير مؤيد بدليل، بل أن البين من المفردات أن هذا الدفاع يفحصه الواقع ولا يسنده إذ أقرت الطاعنة في تحقيق النيابة أنها رزقت بطفليها من زوجها على فراش الزوجية.(166)

    يترتب على سقوط الحق في الشكوى سواء بسكوت المجني عليه أو وفاته أو تنازله، سقوط الدعوى الجنائية معناه يستحيل على النيابة العامة أن ترفع الدعوى أو تستمر في مباشرتها وكذلك يجب على المحكمة إذا كانت الدعوى قد رفعت أمامها أن تحكم بانقضاء الدعوى بسبب انقضاء الحق في الشكوى، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها في أي حالة كانت عليها الدعوى لتعلق هذا الدفع بالنظام العام، فإذا كان ذلك هو الأثر القانوني في خصوص الدعوى الجزائية فما هو أثر انقضاء الحق في الشكوى على الدعوى المدنية ؟.






    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

    مذكرة تخرج جريمة الزنا . Empty رد: مذكرة تخرج جريمة الزنا .

    مُساهمة من طرف Admin الأربعاء أغسطس 07, 2013 7:58 pm



    إن الإجابة على هذا التساؤل سيتم بيانه في الجزئية المخصصة له عند الحديث عن الدعوى المدنية التبعية.

    الفرع الثاني: وحدة الشكوى وتعددهـــا

    1. وضع المشكلة:عندما تكون هناك عدة جرائم أو عدة متهمين أو عدة مجني عليهم يتطلب القانون لتحريك الدعوى بالنسبة لبعضهم تقديم شكوى ولا يتطلب ذلك بالنسبة للبعض الآخر فماذا يكون الحل ؟.

    التعدد هنا هو إما تعدد الجرائم أو تعدد المتهمين أو تعدد المجني عليهم، والمبدأ الذي يحكم حالة تعدد الجرائم مخالف لمبدأ تعدد المتهمين أو المجني عليهم فالمبدأ منها هو تعدد الشكاوي بتعدد الجرائم، بحيث يقتصر شرط الشكوى على الجريمة التي تتعلق بها دون سائر الجرائم أما في الحالة الثانية فالمبدأ هو عدم قابلية الشكوى للتجزئة أو عدم شخصية الشكوى ومعناه : يكفي أن تقدم الشكوى ضد أحد المتهمين أو من أحد المجني عليهم لكي ينصرف أثرها بالنسبة لسائر المتهمين أو المجني عليهم(167).


    ولعل الحكمة التي يريدها القانون من تعدد الشكاوي بتعدد الجرائم هو تمييز هاته الجرائم عن بعضها لما يكتنفها من تباين واضح فيما بينهما من جهة وحتى يسهل عمل النيابة لأجل القيام بدورها واختصاصها الأصيل في تحريك الدعوى العمومية، وللحفاظ على القيد الذي يضعه المشرع على الجرائم التي تعلو فيها المصلحة الشخصية.
    أما عدم تجزئة الشكوى بتعدد الفاعلين أو بتعدد المجني عليهم فان ذلك لا يحول دون معرفة الجريمة التي أتاها هؤلاء المجرمين أو ارتكبت ضد هؤلاء المجرمين وإنما تكفي شكوى واحدة من المجني عليهم ضد المتهمين فيها لتمكين الدعوى العمومية من السير بانتظام. وهذا ما سنتناوله بشيء من التفصيل في الجزئية المخصصة لهذا البحث .

    أولا: حـــــــالة تعــــــدد المتهــمين
    إذا تعدد المتهمين فلا يلزم تقديم الشكوى ضدهم جميعا ومن باب أو لا إذا كان القانون لا يتطلب الشكوى بالنسبة لبعض المساهمين في الجريمة فإن النيابة تستطيع أن تسير في الدعوى دون انتظار تقديم الشكوى ضده، إلا أنه وعلى الخصوص فإن جريمة الزنا لا يجوز اتخاذ الإجراءات حيال شريك الزوجة الزانية قبل تقديم الشكوى، لأن اتخاذ الإجراءات قبل أحد المتهمين لابد أن يكون فاضحا لإثم الآخر قبل بلاغ زوجه، ومتى قدمت الشكوى تعين على النيابة أن تسير في الدعوى قبل جميع المساهمين ولو لم يذكروا في الشكوى أو طلب المجني صراحة عدم السير في الدعوى قبل أيهما . فلا هو ولا النيابة يملكان حق التنازل عنها(168).

    ولقد نصت المادة 104 قانون إجراءات مصري ليبي:" إذا تعدد المتهمون وكانت الشكوى مقدمة ضد أحدهم تعتبر أنها مقدمة ضد الباقي ". وهو مبدأ يتفق مع القواعد العامة ولا يوجد في قانون الأصول اللبناني ما يحول دون الأخذ به.

    بيدا أن مقتضى القاعدة السابقة أن يكون المتهمون جميعا في مركز قانوني واحد بمعنى الشكوى تشرط تحريك الدعوى العمومية بآرائهم جميعا، أما إذا تفاوتت مراكزهم بان كانت الشكوى شرط للبعض منهم دون البعض الآخر، كان للنيابة أن تحرك الدعوى على من لم يشترط القانون لرفع الدعوى عليه وجوب تقديم شكوى دون أن تتقيد حريتها في ذلك بضرورة تقديم شكوى ضد الباقين.

    ثــــانـيـا: حـــــــالة تعـــــدد الجـــــــرائم
    لا صعوبة في بيان الحكم إذا كان حقيقيا بين الجرائم. فالمبدأ الذي تم بيانه أن كل جريمة تستقل عن الأخرى بشروطها من حيث تحريك الدعوى فعند اتهام شخص باقتراف جريمتي ذم وإحداث عاهة دائمة في حق الآخرين فمن حق النيابة أن تحرك الدعوى العمومية عن جريمة إحداث العاهة المستديمة لكن ليس من حقها ذلك في صدد الذم إلا إذا تقدم المجني عليه بشكواه فيما يخص هذه الجريمة.
    لكن التعدد قد يكون غير حقيقي أي معنوي وحكمي في القانون. كما أن وحدة الجرائم ليست دائما في القانون وحدة حقيقية، فثمة ارتباط بين الجرائم " بسيطا كان أو وثيقا لا يقبل التجزئة " يجعل هذه الوحدة قائمة في القانون حكما. فما هو الوضع بالنسبة لاشتراط الشكوى في إحداها ؟ فهل نأخذ بالوضع الفعلي من حيث تعدد الجرائم ؟ أم نأخذ بالوضع القانوني من حيث اتخاذها وحدة حكميه.
    إن هذا يقودنا إلى الحديث عن التعدد الحقيقي أو التعدد المادي من جهة ثم إلى التعدد الصوري أو التعدد المعنوي من جهة أخرى وهو الامر الذي سنتطرق إليه بشرح واف أثناء حديثنا عن التعدد الحقيقي والتعدد الصوري للجرائم:

    أ‌- التعدد الحقيقي أو التعدد المادي لجريمة الزنا:
    القاعدة أن الارتباط بنوعيه بسيطا كان أم وثيقا بين الجرائم " أي الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بتعبير القانون المصري في المادة 32 قانون عقوبات " هذا الارتباط بنوعيه لا تأثير له على حرية النيابة المطلقة في مباشرة الدعوى العمومية بالنسبة للجريمة المرتكبة ولو كانت مرتبطة بجريمة أخرى حرية النيابة فيها مقيدة لأنها معلقة على شكوى المجني عليه.
    ومثل الارتباط البسيط أو الإجرائي وقوع جريمتين مختلفتين على مجني عليه واحد . فإذا فرضنا أن وقعت جريمة إيذاء مفضي إلى عاهة مستديمة وجريمة ذم على شخص واحد كان على النيابة العامة أن تسير في إجراءات دعوى الإيذاء دون انتظار شكوى من المجني عليه في جريمة الذم.

    ومثل الارتباط الوثيق الذي لا يقبل التجزئة أو الارتباط الموضوعي ارتكاب الشريك في الزنا جريمة إحداث عاهة مستديمة أو إيذاء مفضي إلى الوفاة أو قتل مقصود من أجل أن يفر من عقوبة الزنا الناتجة عن ارتكاب جريمة الزنا . في هذه الحالة يوجد ارتباط وثيق بين الجريمتين يجعل من الصعب التفرقة بين جريمة وأخرى لارتباطهما بغرض واحد.
    فإذا لم يتقدم المجني عليه بشكوى في جريمة الزنا فإن هذا لا يمنع النيابة العامة من ان تسير في إجراءات العاهة المستديمة أو غيرها من الجنايات بشرط ألا تتعرض أثناء نظر الدعوى لجريمة الزنا طالما أن الزوج لم يتقدم بشكوى فيها(169).
    وهو ما ذهب إليه رأي فقهي بتعبير أن " النيابة العامة في هذا التعدد لها أن تقيم الدعوى الجنائية بالنسبة لباقي الجرائم وتترك جريمة الزنا لعدم تقديم شكوى بشأنها.

    وفي قضاء محكمة ورد انه: " لما كانت جريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة وإدارة محل لها اللتان رفعت بهما الدعوى الجنائية وأدينا الطاعنان بهما مستقلتين في أركانهما وكافة عناصرهما القانونية عن جريمة الزنا فلا ضير على النيابة العامة إن هي باشرت حقها القانوني في الاتهام وقامت بتحريك الدعوى الجنائية عنهما ورفعها تحقيقا لرسالتها، ولا يصح أن النعي على الحكم قبوله الدعوى الجنائية والفصل فيها بغير بحث جريمة الزنا التي لم تكن موضع بحث أمام المحكمة لاستقلال الأوصاف القانونية للأفعال الأخرى التي أقيمت بها في الدعوى الجنائية عن تلك الجريمة "(170).

    ب – التعدد الصوري أو التعدد المعنوي لجريمة الزنا:
    إن التعدد المعنوي لا يعدوا أن يكون تعددا في الأوصاف القانونية لفعل واحد وهو يثير الصعوبة في نطاق الأصول الجزائية بصدد جريمة الزنا بالنظر إلى ما لها من طبيعة خاصة يمنع طرحها علي القضاء تحت وصف آخر.

    وهكذا فإن أمكن وصف الفعل المكون لجريمة الزنا أنه فعل ينطوي على فحشاء أو تهتك فلا تستطيع النيابة أن تقدم الدعوى بوصف الفحشاء أو التهتك وتغفل الوصف الآخر، ذلك لأنها بهذا الشكل إنما تطرح على القضاء ذات الدعوى الممنوعة من تحريكها إلا بشكوى من المجني عليه(171).



    إلا أن هناك رأي على النقيض من هذا الرأي يرى أنه إذا تعدد الأوصاف فالعبرة بالوصف الأشد فإذا كان الوصف القانوني الأشد هو لجريمة الزنا، تعين على النيابة العامة عدم تحريك الدعوى الجنائية إلا إذا قدمت الشكوى لأن هذه الجريمة هي التي سيحكم بعقوبتها القاضي. أما إذا كانت جريمة الزنا هي ذات الوصف الأخف فلا قيد على النيابة وتستطيع مباشرة الدعوى العمومية دون أن يتوقف ذلك على شكوى من الزوج.
    ومثال الحالة الأولى: " جريمة الزنا مع الفعل الفاضح " فالأمر يحتاج إلى شكوى الزوج لأن الجريمة الأولى أشد من جريمة الزنا.
    ومثال الحالة الثانية: " الزوج الذي يغتصب أنثى كرها بمنزل الزوجية، فالاغتصاب هو الجريمة الأولى هي الأشد ولا يحتاج إلى شكوى(172).

    إلا أن الرأي الراجح هو استواء أن تكون الجريمة التي تتقيد حرية النيابة بشأنها ذات عقوبة أشد أو أخف من عقوبة الجريمة الأخرى، كما قضى في مصر أن رفع دعوى التزوير عقد زواج لإخفاء زنا امرأة متزوجة لا يتوقف على شكوى الزوج المجني عليه حالة أن عقوبة التزوير أشد من عقوبة الزنا، وتجوز معاقبة الزاني عن جريمة دخول منزل بقصد ارتكاب جريمة الزنا وارتكابها فعلا ولو لم تقدم الشكوى عن هذه الأخيرة ذات العقوبة الأشد.

    ولا يقال هنا أن العقوبة التي يقضي بها تنصرف إلى الزنا حيث يوجب القانون عند تعدد الجرائم الحكم بالعقوبة الأشد طبقا للمادة 32 عقوبات جزائري، لان مناط هذه القاعدة أن تكون الجريمتان قائمتان فلم تنقض أحدهما أو تتقيد بشأنها حرية النيابة وإلا انفك هذا الارتباط وجاز السير في الجريمة الأخرى(173).

    ويرى رأي أن غل يد النيابة العامة في الجريمة التي يتطلب القانون تحريك الدعوى العمومية فيها فإن ذلك لا يطرح أمثال هذه الجريمة وحدها بل إنه كما سبق بيانه يثور البحث عن حقها في تحريك الدعوى الجنائية في حالة ارتكاب الجاني فعلا واحدا تقوم به جريمتان " تعدد معنوي " أحدهما يعلق القانون على تحريكها تقديم شكوى أخرى لا يتطلب القانون ذلك وإذا وقعت جريمة الزنا في مكان عام ليلا تقوم جريمة الزنا وجريمة الفعل الفاضح العلني ففي هذه الحالة لا يجوز إقامة الدعوى من أجل الجريمة الأخرى المرتبطة ارتباطا لا يقبل التجزئة إذا أن البحث في هذه الجريمة يقتضي لزوما البحث في واقعة الزنا.

    أما إذا ارتكبت أكثر من جريمة " حالة تعدد معنوي " وكانت بعضها لا تستلزم تقديم شكوى، كما لو قامت الزوجة وشريكها بتزوير عقد زواج لإخفاء جريمة الزنا أو جريمتي الزنا والاعتياد على ممارسة الدعارة، يكون للنيابة العامة حق تحريك الدعوى الجنائية عن الجريمة التي لا تتطلب شكوى دون أن يمتد حقها في تحريك الدعوى على الجريمة الأخرى ، ذلك أن الجريمة الأخرى مستقلة في أركانها وكافة عناصرها ضد أحدهم: الزوجة أو شريكها " حتى تعتبـر مقدمـة ضد الآخر، فلا يملك الشاكي أن يبدي رغبته في محاكمة مساهم دون آخر(174).

    ثـــالثــا: حـــــــالة تعــــدد المجـــني عليهـــــم
    إن تقديم الشكوى من أحد المجني عليهم ينصرف أثره إلى الباقين لأن المبدأ الذي يحكم هذه الصورة هو عدم قابلية الشكوى للتجزئة.
    فإذ وقعت جريمة ذم على عدة أشخاص وقدم أحد المجني عليهم شكوى ضد الجرم المقترف أعتبر هذا العمل بمثابة " نيابة قانونية " عن سائر أصحاب الحق وامتدت آثاره إليهم جميعا وبهذا تسترد النيابة حريتها في حريتها في رفع الدعوى، وهذا الحكم نصت عليه المادة 04 قانون إجراءات مصري وليبي.
    ومع هذا هناك استثناء على هذا المبدأ خاص بجريمة الزنا طبقا للمادة 489 ق.عقوبات لبناني، وهو أن تتضمن الشكوى صراحة اتهام الشريك وإلا كانت غير مقبولة(175).
    وتطبيق المادة (4) المذكورة أعلاه في خصوصية جريمة الزنا بتقديم الشكوى ضد الزوجة المتهمة والمقصود بالمتهمين في نص المادة هو من يستلزم القانون وجوب تقديم شكوى ضدهم لتحريك الدعوى، على أن تطبيق هذا النص يؤدي إلى إجازة رفع الدعوى العمومية على الشريك غير المتزوج إذ لا يشترط القانون تقديم الشكوى إلا بصدد رفع الدعوى العمومية على الزوجة الزانية ".
    لكن ذلك لا يحقق الحكمة من تعليق رفع الدعوى العمومية في الزنا على شكوى المجني عليه إذ أمكن إثارة موضوع الزنا قبل الشريك وحده، ولذا قيل أن جريمة الزنا لا تتجزأ فيرتبط مصير الشريك بمصير الزوجة الزانية، فإن آثر الزوج المجني عليه السكوت سترا للفضيحة ورعاية لمصلحة العائلة، استبعاد الشريك تبعا للزوجة، فلا تقبل شكوى الزوج قبل الشريك وحده(176).

    الفــــرع الثالـث:الآثار التي يرتبهـا القانون على ضرورة تقديـم الشكـوى

    يرتب تطلب الشكوى مجموعة من الآثار قبل تقديمها تختلف عن تلك التي تترتب بمجرد تقديم الشكوى، فتكون لاحقة لها، لذا يتطلب منا دراسة هذه الجزئية تناول المرحلة السابقة على تقديم الشكوى ثم المرحلة اللاحقة لها.


    اولا: قبل تقديم الشكوى: لا يكون في مقدور النيابة العامة اتخاذ أي إجراء من إجراءات الدعوى قبل تقديمها، فتمتنع النيابة العامة عن مباشرة أي عمل من أعمال الاتهام أو التحقيق سواء بنفسها أو بواسطة أحد مأموري الضبط المنتدبين لذلك من طرفها ولكن عدم تقديم شكوى لا يمنع من اتخاذ الإجراءات السابقة على تحريك الدعوى وإجراءات جمع الاستدلالات(177).
    إلا أن رأي آخر يذهب بخلاف ذلك ، سـواء قدمت الشكوى من المجني عليه شخصيا أو ممثله القانوني فإن حرية النيابة العامة مقيدة مطلقا، فإذا باشرت تحقيقا أوليا فإنه يعتبر باطلا قانونا ولو تم تقديم الشكوى بعد ذلك، ولا يصحح هذا الإجراء الباطل إلا بإعادته من جديد وإذا رفعت الدعوى على المتهم دون حصول شكوى هنا يجب على المحكمة أن تحكم بعدم قبول الدعوى وهذا الجزاء متعلق بالنظام العام ومن ثمة تستطيع المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها كما أن لجميع الخصوم أن يتمسكوا به في أي حالة كانت عليها الدعوى(178).

    ثانيا:بعد تقديم الشكوى : إذا قدم المجني عليه شكواه "صحيحة شكلا وموضوعا" وروعيت شروط تقديمها، عادت للنيابة العامة سلطتها في تقدير ملاءمة تحريك الدعوى والسير في إجراءاتها ويعني هذا أن تقديم الشكوى لا يترتب عليه بالضرورة قيام النيابة بتحريك الدعوى، وإنما يترتب عليه استطاعتها هذا التحريك، إذ ما قررت إعمالا منها لسلطتها في تقدير ملاءمة الملاحقة، أن يلاحق بالوقائع المجرمة أو المتهمين، وإمكان النيابة أن ترفع الدعوى إلى المحكمة أو قاضي التحقيق وإذ رأت التصرف فيها بالحفظ فإن النيابة تكون قد تصرفت في حدود سلطتها الأصلية .

    وقد استثنى المشرع المصري جريمة " الزنا " بمعنى أنه لا يجوز اتخاذ أي إجراء تتحرك به الدعوى فيها أو حتى إجراءات جمع الاستدلالات إلا بناء على شكوى الزوج المجني عليه وهذا للطبيعة الخاصة لجريمة الزنا.
    ويترك القانون للمجني عليه في الجرائم التي تتطلب شكوى نصيبا من تقدير ملاءمة تحريك الدعوى العمومية بها، فلا يجيز مباشرة إجراءات هذه الدعوى إلا بناء على شكواه ويعطيه بالمثل حق العدول على هذه الشكوى إن رأى في هذا العدول مصلحته، فعلق الاستمرار في مباشرة الدعوى على تقديره، ولذلك قيل " سحب الشكوى التي كانت متطلبة لاتخاذ الملاحقة، يؤدي إلى انقضاء الدعوى العمومية ".
    وعلى هذا الحكم نصت الفقرة الثالثة من المادة 06 قانون إجراءات فرنسي كما تضمنته المادة العاشرة من القانون المصري التي تقرر حق من قدم الشكوى في أن تتنازل عنها في أي وقت إلى أن يصدر في الدعوى حكم نهائي بات، والتنازل في هذه الحالة هو تنازل عن الشكوى لا عن الحق فيها. ولهذه فانه يعتبر من قبيل سحبها، ويختلف عن التنازل عن الحق في الشكوى والذي يكون سابقا علي تقديمها، ويترتب عليه انقضاء الحق في تقديمها وامتناع تحريك الدعوى العمومية بالتالي علي النيابة العامة.

    والأصل أن الحق في سحب الشكوى أو التنازل عنها يظل قائما حتى صدور حكم بات في موضوع الدعوى وان سحبها أو التنازل عنها لا يؤثر علي تنفيذ العقوبة المحكوم بها، ويستثني المشرع المصري من هذا الحكم الأخير حالتين تتمثل أولاهما في إقراره بحق زوج المرأة الزانية في أن يوقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها عليه برضائه معاشرتها له.

    وتتمثل الثانية في تخويله المجني عليه في جريمة السرقة بين الأصول والفروع والأزواج الحق في أن يقف تنفيذ الحكم النهائي علي الجاني في أي وقت يشاء.
    ويقصد بالجاني في هذا النص من تجمعه بالمجني عليه صلة قرابة أو زوجية دون غيره من المحكوم عليهم في الجريمة ذاتها(179).

    ومن الآثار التي تخلفها تقديم الشكوى:
    01. ينبني على شرط تقديم الشكوى في الزنا انه يجب أن يوضح أن رفع الدعوى كان بناء على شكوى ممن له الحق تقديمها، وإلا عيب الحكم ولزوم الشكوى قاعدة جوهرية متعلقة بالنظام العام، يجوز التمسك بمخالفتها في أي مرحلة عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، وتقضي المحكمة بعدم قبول الدعوى من تلقاء نفسها(180).
    02. اذا لم يوقف الزوج الدعوى صراحة او ضمنا وصدر حكم في الدعوى، فللنيابة ان تطعن فيه بجميع اوجه الطعن القانونية من استئناف والطعن بالنقض ولو لم يتدخل الزوج.
    03. لا يجوز محاكمة شريك الزانية إلا إذا قدم الزوج شكواه ضد الزوجة، فمحاكمته مرتبطة بمحاكمة الزوجة ارتباطا غير قابل للتجزئة لأن القانون إذ علق محاكمة الزوجة على شكوى زوجها فقد أراد بذلك تجنب الفضيحة والمحافظة على سلامة العائلة.


    وإذا قدم الزوج شكواه ضد الزوجة فقط ولم يذكر الشريك كان للنيابة حق البحث عن الشريك ومحاكمته مع الزوجة الزانية ولم لم يكن مذكور الاسم في الشكوى، وليس للزوج أن يطب محاكمة الشريك وحده دون الزوجة فان فعل ذلك لا يتقبل محاكمة أي منهما. ويستفيد الشريك من كل دفع تدفع به الزوجة طالما انه لم يصدر في الدعوى حكم نهائي.

    أ‌- وفاة الزوج المجني عليه بعد تقديم الشكوى:
    بالرجوع الى قانون الاجراءات الجزائية المصري نجده ينص اذا حدثت الوفاة بعد تقديم الشكوى فلا تؤثر على سير الدعوى لذلك لاتكون وفاة الزوج مانعة من محاكمة الزوجة).
    واستثناء أجاز المشرع لكل من أولاد الزوج الشاكي من الزوج المشكو منه التنازل عن الشكوى ، وتنقضي بها الدعوى العمومية، بشرط ان يكون الولد من نفس الزوجة، واذا كان من زوجة اخرى فلا يصح تنازله عن جريمة زنا زوجة ابيه، وكذا الحال في جريمة زنا الزوجة، فلا يصح تنازل ابن زوجته عن الجريمة(181).

    فاذا توفي الزوج أثناء سير الدعوى الذي بدأ فيها بناء على شكواه، فان ذلك لايؤثر على الدعوى العمومية، غير ان بعض الشراح يذهب إلى ما ذهبت اليه المحاكم الفرنسية من ان الدعوى العمومية في جريمة الزنا خاضعة لارادة الزوج ومحتاجة لتأييده صراحة أو ضمنا في جميع مراحل الدعوى، ويترتب على وفاة الزوج سقوط الدعوى العمومية لانه بتقديم الزوج لشكواه زال العائق الذي كان يمنع النيابة من مباشرة الدعوى العمومية فتعود اليها كامل حريتها، وليسـت في حـاجة بعد ذلك لتاييد الزوج أو تدخله في الدعوى(182).

    وهو الرأي الذي ايده الدكتور أحسن بوسقيعة، اذ بعد تردد القضاء الفرنسي في مسالة وفاة الزوج المضرور بعد تقديمة الشكوى وأثر ذلك على بقاء الدعوى العمومية قائمة، انتهى الى عدم تاثره وبرر ذلك على أساس ان الجريمة تمس المجتمع كله وبالنتيجة تخل بالنظام العام، وهذا يتفق وقيم المجتمع الجزائرى.

    ب‌- وفاة الزوجة الزانية قبل صدور الحكم النهائي ضدها:
    إذا وأن توفيت الزوجة قبل صدور الحكم النهائي ضدها، فان التساؤل يدور حول موقف الشريك في دعوى الزنا، فهل يعتبر الموت كالحكم النهائي، مؤديا الى انفصال حظه عن حظها ومصيره عن مصيرها فتسير الدعوى ضده كما لو كانت موجودة تماما. ام انه بالرغم من الموت مازال حظه مرتبطا بحظها. ويستفيد بالتالي من سقوط الدعوى ضدها بوفاتها.
    وعند تشعب واختلاف الفقهاء نقف عند الرأي الغالب القائل: "بأن وفاة الزوجة قبل صدور الحكم النهائي ضدها يستلزم سقوط الدعوى قبلها وقبل شريكها في آن واحد وتفسير ذلك هو براءة المرأة قبل الحكم النهائي وهو ما ايده القضاء المصري". وراي اخر قال: " بأن موت الزوجة لايمنع من استمرار الدعوى ضد الشريك، لان القاعدة العامة ان موت الفاعل الاصلي، لايؤثر على الشريك. ولايوجد لتلك القاعدة استثناء ات في باب الزنا.

    أما إذا توفي الزوج المذنب قبل تقديم الشكوى، فلا يجوز متابعة الشريك، وتتوقف المتابعة إذا وافته المنية بعد تقديم الشكوى،" وهو الرأي الأكثر منطقية(183).

    ت‌- طلاق الزوج بعد تقديم الشكوى:
    تثور مسألة طلاق الزوج زوجته بعد الزنا، فإذا كان الطلاق رجعي فالزوج يستطيع أن يبلغ في فترة العدة عن الزنا المرتكبة قبل الطلاق لأن الطلاق الرجعي بواحدة أو بإثنتين لاترفع أحكام الزواج ولاتزيل ملك الزوج قبل مضي العدة، بل يعتبر الزواج قائما ما دامت المرأة في العدة، فإذا إنقضت العدة في الطلاق الرجعي أو كان الطلاق بائنا من أول الأمر سقط حقه في التبليغ لأن الطلاق الرجعي يصبح بائنا بينونة صغرى متى إنقضت العدة قبل مراجعة زوجته، والبائن يحل عقد الزواج ويرفع أحكامه.
    وتمتنع على الزوج بعد عدة الطلاق الرجعي أو بعد الطلاق البائن بنوعيه أن يبلغ عن زنا زوجته، لأن التبليغ يجب أن يكون من الزوج، ولايعتبر الرجل زوجا إلا إذا كانت تربطه بزوجته علاقة زوجية صحيحة قائمة فعلا (184).
    ومفاد ذلك أنه لا تقبل الشكوى بعد الطلاق من أجل وقائع متابعة عن الحكم بالطلاق ذلك أن الشاكي لم يعد له صفة الزوج والزوجة التي تتطلبها المادة 339ق ا ج ولكن الشكوى المقدمة قبل الطلاق تستمر إلى ما بعد الحكم بالطلاق(185).
    فإذا طلق الزوج زوجته بعد تقديم الشكوى، فلا يكون مانع من الحكم عليها في جريمة الزنا إذ لايشترط أن تستمر علاقة الزوجية بعد تقديم الشكوى(186).















    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

    مذكرة تخرج جريمة الزنا . Empty رد: مذكرة تخرج جريمة الزنا .

    مُساهمة من طرف Admin الأربعاء أغسطس 07, 2013 8:00 pm




    Pardon après condamnation:
    L’orsque le jugement est devenu définitif le désistement n’est plus recevable. Toutefois l’article 337 accorde au mari un droit exceptionnel, il peut arrêter l’effet de la condamnation en consentant à reprendre sa femme. C’est un véritable (droit de grâce) que lui confère la loi. Aussi admet-on que la femme est seulement dispensée d’exécuter la peine comme s’il s’agissait d’une grâce accordée par le chef d’état. La condamnation n’est pas effacée.
    Le droit de pardon concédé au mari ne peut s’exercer qu’en faveur de sa femme, non en faveur du complice qui, s’il est condamné doit exécuter sa peine.(187)
    La disposition de l’article 337 a un caractère exceptionnel, le droit de pardon appartient au mari seul, et ne peut être reconnu à la femme qui a provoqué la condamnation de son mari.
    Effet du décès de l’époux offensé :
    Apres quelques hésitations, la jurisprudence parait admettre que si l’époux outragé meurt après avoir dénoncé l’adultère de son conjoint, le ministère publique peut continuer les poursuite. En effet les articles 336 et 339 exigent seulement qu’une plainte ait été portée.
    Dès que la plainte est portée, le ministère public exerce librement l’action publique, et s’agissant d’un délit qui intéresse l’ordre public, la répression en demeure possible malgré le décès du plaignant.(188)

    Effet du divorce :
    Le divorce ayant pour effet de dissoudre le mariage, les époux divorcés reprennent leur entière liberté. Les relations qu’ils peuvent entretenir désormais avec des tiers ne peuvent être considérées comme constitutives d’un adultère.
    De plus, même pour les faits antérieurs au jugement du divorce, la plainte en adultère ne serait être admise : le plaignant n’a plus la qualité de (mari) ou de (femme) exigée par les articles 336 et 339 du code pénal.
    Mais si une plainte avait été portée avant que le divorce eût été prononcé la poursuite ne serait pas arrêtée par le jugement du divorce.(189)

    ثـــالثا : الــدفوع التي تدفــع بـها دعـوى الزنـــــا
    تستطيع الزوجة أن تدفع شكوى الزوج ضدها بعدة دفوع يترتب على قبولها من جهة المحكمة وقف الدعوى العمومية وهذه الدفوع هي:

    1- سبق ارتكاب الزوج جريمة الزنا:
    يترتب عليه عدم سماع دعواه على زوجته الزانية بشرط أن يكون زنا الزوج سابق
    على زنا زوجته، مع صدور حكم نهائي في الجريمة التي ارتكبها.
    وليس للزوج الحق أن يدفع شكوى زوجته بدفع سبق ارتكابها لجريمة الزنا، إذ أن هذا الدفع مقرر لها وحدها في حالة الزنا إذ لها أن تدفع شكوى زوجها ضدها بسبق ارتكابه لجريمة الزنا.

    2- مضي مدة ثلاثة أشهر على علم الزوج بالجريمة دون شكوى منه:
    وهذا في القانون المصري لأن مرور هذه المدة على علمه تعتبر دليل قاطع على تنازله عن الشكوى، فإذا ما تقدم بشكواه بعد ذلك كان لزوجته أن تدفع بسقوط حقه في الشكوى، وكان على المحكمة أن تقضي بعدم قبول الدعوى والبراءة.

    3- تنازل الزوج المجني عليه عن شكواه:
    وذلك في أي حالة كانت عليها الدعوى وقبل الفصل فيها نهائيا، فتسقط الدعوى تبعا لهذا التنازل، وإذا تعدد المجني عليهم لا يعتبر التنازل مقبولا إلا إذا صدر من جميع من قدموا الشكوى، والتنازل بالنسبة لأحد المتهمين يعد تنازلا بالنسبة للباقين.

    4- رضا الزوج مقدما بزنا زوجته:
    اختلف الفقهاء في ذلك ومدى تأثيره على الدعوى العمومية فمنهم من رأى أن هذه الجريمة تصيب المجتمع، وإن رضاءه لا يعدو أن يكون ظرفا مخففا ومنهم من رأى أن الجريمة تصيب أولاد الزوج ورضاه لمحو الجريمة.

    5- عفو الزوج بعد الحكم بالعقوبة:
    بالرجوع إلى قانون العقوبات المصري نجده ينص على أنه للزوج أن يعفو عن زوجته الزانية حتى بعد دخولها السجن فيطلق سراحها منه بشرط أن يرتضى معاشرتها مرة أخرى ومن جديد ويترتب على هذا العفو وقف تنفيذ الحكم، وهذا تشجيعا على إعادة السلام العائلي والمحافظة على الأسرة من أن تنفصم، ويرى أغلب الفقهاء أنه لا يقبل العفو من الزوج إذا كان طلق زوجته، لأن طلاقه لها لا يمنعه إمكان معاشرتها من جديد ولكن يقبل منه العفو إذ راجع زوجته أو عقد عليها من جديد(190).


    وهي نفس الدفوع التي يراها كل من الدكتور عبد الحميد الشواربي علي اعتبارها انها اسباب خاصة تدفع بها دعوي الزنا، والدكتور عبد الحكم فودة والذي يسميها الحالات التي لا يجوز فيها رفع شكوي. ويضيف اليها حالة هامة تتمثل في الطلاق البائن قبل المحاكمة، وقد سبق الحديث عن هذه الجزئية.
    وبالرجوع إلى قانون العقوبات الجزائري، فإننا لا نجد لهذه الدفوع نظيرا فيه عدا الدفع المتعلق بتنازل الزوج المجني عليه عن شكواه، كون أن هذا التنازل يعد بمثابة صفح عن الزوج الجاني، وان هذا الصفح الصادر من الزوج المضرور كما جاء في الفقرة الأخيرة من المادة 339 عقوبات، يضع حدا لكل متابعة.
    وأما بخصوص عفو الزوج بعد الحكم بالعقوبة فان المادة المذكورة لم تبين ذلك صراحة، عكس ما كانت عليه قبل تعديل قانون العقوبات سنة 1982 وهو الأمر الذي سيتم توضيحه لاحقا.

    6- رضا الزوج المجني عليه بزنا زوجه:
    لقد علق المشرع متابعة إجراءات الدعوى على شكوى من طرف الزوج المجني عليه المصاب في شرفه والموضوع الذي أثار نقاشا وخلافا بين فقهاء القانون الجنائي ومضمونه:
    - هل يحق للزوج المجني عليه في جريمة الزنا أن يشكو زوجته طالما أنه قد رضى لها بالزنا، بل ودفعها إلى ذلك ؟.
    - وفي رأي الأستاذ الدكتور محمد مصطفى: " أن الزنا إذا وقع كان للزوج المجني عليه الحق في طلب رفع الدعوى ولا يوجد في القانون نص يحرمه من هذا الحق ولا يحول دون معاقبة الزانية متى قدمت الشكوى.
    - وفي رأي الأستاذ محمد صبحي نجم، وتعقيبا على الدكتور محمود مصطفى: " أنه يؤيد حكم القضاء الذي لا يعطي الحق للزوج الذي رضى لزوجته أن تزني أن يطالب محاكمتها لأنه لا يصلح أن يظل زوجها لتهاونه بأهم أحق له وهو حق الاستمتاع وحده بزوجته بواسطة عقد الزواج الصحيح علاوة على أن هذا الزوج الاسمي وليس الحقيقي ليس عنده كرامة الزوج فقد تنازل وفرط في شرفه وعرضه. ونتيجة لذلك لم يظل له أي حق من حقوق الزوجية سوى ورقة عقد الزواج، وزوجته فتعتبر في حكم المطلقة فلا يجوزله أن يشتكي زوجته خوفا من أن يستغل الزوج الاسمي هذا الحق لأهوائه ونزواته ويدفع زوجته للدعارة ويؤيد هذا الرأي القانون الإيطالي، حيث نص في مادته: 561. " على عدم معاقبة الزوجة إذا كان الزوج هو الذي حرضها على الدعارة أو استفاد من كل ذلك بأي وسيلة كانت".



    والتساؤل المطروح: هل الرضا يبيح الزنا ؟، إن رضا المجني عليه لا يبيح الفعل بل أنه رضاء يخالف النظام العام، إضافة إلى أن محله حق من الحقوق الزوجية التي لا يملك الزوج أو الزوجة التصرف فيها أو التنازل عنها(191).

    إلا أن هناك اتجاه فقه وضعي يرى أن رضا الزوج وهو المجني عليه في نظر القانون يبيح الفعل ويمنع العقوبة، وبخاصة وان الدعوى الجنائية في جريمة الزنا لا يجوز أن ترفع إلا بناءا على شكوى من الزوج المجني عليه أو من يمثله، ومن هذا المنطلق نشأ خلاف شكلي وموضوعي بين علماء القانون حول حق الزوج المجني عليه في شكوى زوجته إذا كان قد رضى بالزنا عند وقوعه.

    ومن شراح القانون من يرى ان رضاء المجني عليه بالجريمة عند وقوعها لا يبرر ارتكابها ولا يحول دون المعاقبة عليها ومنهم من يرى أن ذلك الرأي لا يؤخذ على إطلاقه لأن رضاء المجني عليه من أسباب الإباحة إذا كان الحق المعتدى عليه مما يجوز للمجني عليه التصرف فيه، إلا أن حقوق الزوجية ليست من الحقوق التي يجوز التنازل عنها لتعلقها بالنظام العام.

    ونلاحظ من مجمل هذه المناقشات التي يتناولها فقهاء القانون الجنائي أن جريمة الزنا هي حق خاص للمجني عليه وهو الزوج أو الزوجة وبالتالي فإن سكوت الزوج عن زنا زوجته يمنع العقاب لأن ذلك مبرر بمنع الدعوى أصلا. فضلا على ما يتجه إليه البعض الآخر من أن رضاء المجني عليه يعتبر من أسباب الإباحة.

    وإذا كان هذا الفريق يميز بين أنواع الجرائم ويعطي للحقوق الزوجية مكانة خاصة من حيث عدم جواز التنازل عنه لارتباطها بالنظام العام، فإن هذا الاتجاه لا يعتبر من الاتجاه العام الذي يسير فيه شراح القانون حول الشاهد الكبير في جريمة الزنا في حالة رضا الزوج .
    ولاشك أن مثل هذه الاتجاهات القانونية مرفوضة أصلا من الناحية الشكلية والموضوعية. فالزنا لا يجوز أن يكون حقا خاصا للطرف الآخر في الزواج وأن إقرار مثل هذه المقدمة الذي يقود إلى ذلك الإشكال القانوني حول إباحة الفعل في حالة الموافقة من الطرف الآخـر(192).

     مسألة الشريك المتزوج أو الشريكة المتزوجة:
    إذا افترضنا أن شريك الزوجة المتهمة بالزنا متزوج، فهل يشترط إذن زوجة هذا الشريك المتزوج لرفع الدعوى عليه ؟. وكذا الحال بالنسبة لشريكة الزوج الزاني إذا كانت متزوجة، فهل يشترط إذن زوجها لرفع الدعوى عليها ؟.
    فيما يتعلق بدعوى الزنا المرفوعة ضد الزوجة لا يشترط لرفعها على الشريك المتزوج إذن زوجته لأنه معتبر شريكا لفاعلة أصلية لجريمة الزنا.
    أما فيما يتعلق برفع دعوى الزنا عليه باعتباره زوجا زانيا أي فاعلا اصليا فلا بد من إذن زوجته. أما من زنا معها فتعتبر شريكة له ولا يلزم لرفع الدعوى عليها إذن من زوجها(193).

    Fin de non recevoir:
    Outre le désistement, certaines fins de non-recevoir sont communes à l’adultère du mari et à celui de la femme :
    - la nullité du mariage.(194)
    - la per******ion.
    - La chose jugée.
    - La réconciliation.
    - Le décès du conjoint coupable.(195)
    - Adultère du mari.
    - Connivence du mari.
    Au contraire, l’adultère de l’autre conjoint n’est une fin de non-recevoir que si les poursuites punitives ont été dirigées contre la femme. De plus, on a parfois soutenu que la connivence du mari à l’inconduite de sa femme constitue une fin de non-recevoir aux poursuites.(196)
    الفــرع الـرابـع: التنــازل عن الشــكوى
    يمكن للمجني عليه أن يتنازل عن شكواه بسحبها وفق المادة 316 قا.ج، وهو ما يتفق مع حكمتها فقد تبدوا أن المصلحة في ذلك، ويكون التنازل من المجني عليه باعتباره صاحب الحق في الشكوى، أو ممن ينوب عنه أو يمثله قانونا.

    وبخصوص جريمة الزنا فإن التنازل لا ينتج أثره في الصفح عن الزوج الزاني إلا إذا كان المجني عليه لازال حسب ما ورد في نفس المادة 339اج زوجا فإذا انقضت رابطة الزوجية بالطلاق فلا يملك أن يتنازل عن الدعوى العمومية وحق التنازل كالحق في الشكوى من الحقوق الشخصية التي تنقضي بوفاة المجني عليه ولا تنتقل إلى الورثة(197).

    أولا: شـــكــــل التنـــازل
    يستوي أن يكون مكتوبا أو شفويا ولا يلزم أمام القضاء أو النيابة أو الضبط القضائي، فقد يتضمنه خطاب إلى الزوجة أو أحد أقاربها ويكون التنازل الصريح بألفاظ دالة على ذلك، وأما الضمني بعبارات لا تدل عليه بذاته ويستخلص من تصرفات صادرة من المجني عليه، تنم على إعراض صاحب الشكوى عن شكواه بمعاشرة الزوج لزوجه بعد ارتكابه الزنا، والقاضي يقدر حسب ظروف الدعوى، والتنازل لا يفيد مجرد لرجوع الزوجة إلى منزل الزوجية، وقررت محكمة النقض المصرية أن مجرد رفع دعوى الطاعة على الزوجة الزانية ليس دليلا على التنازل عن الشكوى لأنه أظهر ما يفيد وأن الزوج يريد اعتقال زوجته في منزله لمراقبتها.


    إن المجني عليه ليس له الحق في تقديم شكواه إلا إذا وقعت الجريمة فعلا فلا يمكن أن يتصور التنازل عن جريمة مستقبله، وقد قضى بأن سماح الزوج لزوجته بارتكاب الزنا يسلبه حق الشكوى. إذ يعد في حكم التنازل عنها والواقع أن هذا الرضاء لا يبيح جريمة الزنا وليس انتفاؤه شرطا فيها لأنها اعتداء على كيان الأسرة لا على حق الزوج فقط، كما أن هذا الرضاء سابق على الجريمة مصدرها الحق في الشكوى. فلا يعتبر تنازلا عنها ولا يخول النيابة أو غيرها رفع الدعوى من تلقاء نفسه، وللمجني عليه أن يتنازل عن الشكوى التي قدمها في أي وقت حتى تنقضي الدعوى العمومية بحكم بات أو بغيره من الأسباب.

    ثـــانيـا: آثــــار التنـــــازل
    والسؤال الذي يمكن طرحه في هذه الحالة، ما هي آثار تنازل الشاكي عن شكواه. اذا تنازل المجني عليه قبل تقديم الشكوى انقضى حقه في تقديمها وامتنع تحريك الدعوى العمومية بالنسبة للجريمة أو المتهم الذي استلزم القانون بشأنها تقديم الشكوى.

    وإذا حدث التنازل بعد تقديم الشكوى فإنه يؤدي إلى انقضاء الدعوى العمومية فتحفظ النيابة العامة القضية إذا كانت قد بدأت في تحريك الدعوى العمومية، ويأمر قاضي التحقيق بالا وجه للمتابعة أو تقضي المحكمة بذلك، ولكن هذا التنازل لا يؤثر على حق المجني عليه المضرور في الإدعاء أمام المحكمة المدنية التبعية، فتستمر المحكمة الجنائية في نظرها رغم انقضاء الدعوى المدنية ما لم يتنازل المجني عليه عن الحق المدني أيضا.

    فهل يمكن أن يستفيد المتهمين جميعهم من هذا التنازل ؟.

    إن التنازل عن الشكوى لا يستفيد منه جميع المتهمين الذين يستلزم القانون تقديم الشكوى ضدهم لإمكان تحريك الدعوى قِـبلهم. وإنما يقتصر على من يحدده المجني عليه فقد يعدو مثلا وأن مصلحة الأسرة وروابطها العائلية تقتضي التنازل عن الشكوى بالنسبة لبعض أقربائه دون الآخر فإنهم لا يستفيدون من هذا التنازل فمن ساهم معه الأخ في سرقة مال أخيه لا يستفيد من تنازل الأخ عن شكواه بالنسبة لأخيه.

    وأما بخصوص موضوعنا المتعلق بجريمة الزنا فإن لإعمال هذه القاعدة من شأنه أن تستمر الدعوى العمومية قبل الشريك وفي ذلك نشير للفضيحة التي أراد الزوج سترها ويكون الحكم بشأنها غير مباشر للزوج الذي عدى بمنئى عن كل شبهة إجرام.

    ولذا استقر القضاء والفقه على أنه كلما انقضت الدعوى العمومية بالنسبة للزوج انقضت بالنسبة للشريك وأن ذلك يجعل هذا الأخير يستفيد بما استفاد الزوج الزاني من الدفوع كالدفع بالتنازل وإن لم يدفع به هذا الأخير والدفع بانقضاء الدعوى العمومية بوفاة الزوج الزاني ويظل هذا الارتباط قائما بين الزوج والشريك حتى تنقضي الدعوى العمومية بحكم بات بالنسبة لأحدهما أو لكليهما. وهذا كله خلال المرحلة السابقة على صدور الحكم البات، فما هو حال التنازل بعد صدورهذا الحكم البات ؟(198).






    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

    مذكرة تخرج جريمة الزنا . Empty رد: مذكرة تخرج جريمة الزنا .

    مُساهمة من طرف Admin الأربعاء أغسطس 07, 2013 8:00 pm



    متى صدر الحكم باتا انقضت الدعوى العمومية ووجب تنفيذ العقوبة المقضي بها ولذلك لا يملك المجني عليه التنازل عن تنفيذ العقوبة وكان المشرع الجزائري قبل إلغاء المادة 340 ق.ع عام 1982 بموجب القانون 82/4 يجيز للزوج الشاكي في جريمة الزنا حق الصفح عن زوجة المشتكى منه حتى ولو بعد الحكم، وكان الصفح في مثل هذه الحالة يوقف آثار الحكم بالنسبة للزوج الذي صدر الصفح لصالحه دون الشريك(199).

    فلا يستفيد الشريك بذلك لإنتفاء حكمته فقد افتضحت الجريمة وصار الحكم فيها باتا فضلا عن ارتباط مصيره بمصير الزوج الزاني ينتهي بالحكم البات، ولا يشترط لصفح الزوج أن يرمي لمعاشرة زوجته(200).

    وإذا كان آثار الصفح أو التنازل عن الشكوى ينحصر على الخصوص في انقضاء الدعوى العمومية وفق أحكام المادة 6 ق.ا.ج واعتبارها كأن لم تكن لمن صدر الصفح لصالحه ولشريكه. فإن ذلك مرده إلى أن التنازل يعتبر تصرفا إراديا من جانب واحد لا يجوز الرجوع عنه ولا تحرك الدعوى بعده من جديد وإلا حكمت المحكمة بانقضائها.
    وهذا هو المعنى الذي تضمنته الفقرة الأخيرة من المادة 339 المعدلة بالقانون رقم: 82/04 المؤرخ في: 13/02/1982 بعد إلغاء المادة 346 والتي نصت على أنه: " لا تتخذ إجراءات المتابعة إلا بناء على شكوى الزوج المضرور وأن صفح هذا الأخير يضع حدا لكل متابعة، وأغفلت عمدا الكلام عن الصفح الذي يقع بعد الحكم حيث لم يعد
    معقولا، ولا ممكنا وليس له أي أثره "(201).

    الفـــرع الــخامـس: الدعــوى المدنيــة التبعيــة
    بخصوص التنازل عن دعوى الزنا، يذهب رأي أبعد من ذلك، إذ لا يعتبر نظره إلى الدعوى الجنائية فحسب بل يتعداه إلى الدعوى المدنية، فيرى أنه في دعوى الزنا لا تقوم الدعوى لمجرد أن يتقدم المجني عليه بشكواه، بل لابد طبقا للمادة 489 عقوبات لبناني أن يتخذ فيها موقف المدعى بالحق المدني، وأن الشكوى ضد الشريك في الزنا لا تقبل استقلالا وإنما لابد أن تكون الشكوى شاملة الزوج والشريك معا، ومعناه أن المشرع قد خرج على مبدأ " عدم تجزئة الشكوى " عند تعدد المتهمين.
    وعلى هذا فإن التنازل عن الشكوى لا يسقط الدعوى العمومية وحدها وإنما يسقط معها الدعوى المدنية كما أن هذا التنازل لا يستفيد منه الزوج وحده وإنما يشمل الزوج والشريك معا.
    وكل هذا لا يعد تطبيقا لفكرة عدم تجزئة شكوى أو التنازل في جريمة الزنا وهناك حكم يفيد التنازل ضمنا عن الشكوى في جريمة الزنا وذلك في الحالتين:
    الأولى: هي حالة رضاء الزوج مقدما بالزنا.
    الثانية: هي رضائه معاشرة زوجته وقبوله الحياة المشركة معها بعد واقعة الزنا(202).
    وبشأن استفادة الشريك من تنازل الزوج المجني عليه فيؤيد الرأي السابق للدكتور عبد الحميد الشواربي على اعتبار أن التنازل لا يتجزأ، ولا يملك مقدم الشكوى التنازل عن الدعوى ضد الزوجة بينما يبقيها ضد الشريك أو العكس.

    وبخصوص تبعية الدعوى المدنية للدعوى الجزائية فإن هناك رأي على النقيض من الرأي السابق يرى أن انقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل لا تؤثر على الدعوى المدنية إذ يجوز للمضرور رفعها أمام المحكمة المدنية للمطالبة بالتعويض عن الفعل الصادر ويظل التنازل قائما حتى قبل النطق بالحكم النهائي وسنتناول ذلك في الجزئية الخاصة بتبعية الدعوى المدنية والتي سيتم شرحها لاحقا(203).

    أما عن سقوط الحق في التنازل فكما أن حق الشكوى يسقط بالوفاة فإن حق الشاكي في تنازله عن دعوى الزنا يكون بالوفاة ولاينتقل إلى الورثة، غير أنه أستثنيت من ذلك دعوى الزنا فلكل من أولاد الزوج الشاكي ان يتنازلوا عن الشكوى فتنقضي الدعوى الجنائية إلا ان ذلك لم يرد في نص المادة 339 قانون عقوبات جزائري الذي إقتصر على صفح الزوج المضرور وحده بقولها: " وأن صفح هذا الأخير يضع حدا لكل متابعة ".

    وإذا رفعت دعوى الزنا صحيحة على الزوجة وعلى شريكها للأوضاع التي يتطلبها القانون في جريمة الزنا فإن غياب الزوجة الزانية أثناء المحاكمة لا يصح أن يترتب عليه تأخير محاكمة المتهم معها، وإدانة الشريك نهائيا جائز ولو كان الحكم على الزوجة عند معارضتها أو من تنازل الزوج عن المحاكمة لا يصح إلا عند قيام سبب الاستفادة بالفعل أما مجرد التقدير والاحتمال فلا يصح(204).





    Effet du désistement de époux offensé:
    Le mari peut, en tout état de cause, se désister de sa plainte et mettre ainsi fin aux poursuites, même si elles sont exercées par le ministère public.
    Ce droit résulte de l’article 6. al.3 du code de procédure pénale ainsi que de l’article 337 al. 2 du code pénal qui accorde au mari la faculté de faire cesser les effets d’une condamnation déjà prononcée. A fortiori a-t-il le droit de s’opposer à la continuation des poursuites commencées sur sa plainte(205).
    Bien qu’aucun ****e analogue à l’article 337 al.2, du code pénal n’autorise la femme à se désister de la plainte portée par elle contre son mari, il n’est pas douteux qu’elle a également le droit d’arrêter les poursuites qu’elle a provoquées. Si le mari, pour rétablir la paix dans le ménage, et souvent dans l’intérêt des enfants, peut empêcher le ministère public de continuer les poursuites, la femme doit avoir la même faculté(206).
    Le désistement peut être exprès ou tacite. Il est exprès lorsque époux outragé déclare formellement retirer sa plainte. Il est tacite si une réconciliation est intervenue entre les époux après le dépôt de la plainte, quel qu’en ait été la durée. Les tribunaux en ce cas, apprécient souverainement si, en effet, il y’a eu réconciliation(207).
    Le désistement est possible tant que le jugement de condamnation n’est pas devenu définitif(208) . Il éteint l’action publique, tout délit disparaît par suite, le complice a bénéficié aussi bien que l’auteur principal(209) .




    أولا: مســـألة تـــرك المــــدعي لـــــدعواه المدنيـــة
    تعتبر إجراءات الترك مجسدة في عدم حضور المدعي المدني أمام المحكمة بغير عذر مقبول رغم إعلانه لشخصه أو عدم إرساله وكيلا عنه وكذلك عدم إبدائه طلباته في الجلسة أي أن ترك الدعوى المدنية تبرز من خلال الموقف السلبي الذي يقفه المدعي بحق المجني المتمثل في عدم حضوره بغير عذر رغم إعلانه لشخصه أو حضوره ولكن دون أن يبدي طلباته بالجلسة.
    وبما أن التنازل هو تصرف إرادي يفصح فيه المدعي عن رغبته في عدم السير في المطالبة بالتعويض. لابد أن يصدر عن من هو أهل بطبيعة الحال ويكون غالبا التنازل نتيجة لصالح المدعي المدني مع المتهم. إلا أن المعروف أن التنازل والترك لا يمنعان من الاستمرار في الدعوى الجزائية لان هذه الدعوى لا تنقضي بتنازل المدعي المدني عن التعويض أو تركه لدعواه.
    وقد يستفاد الترك ضمنا كما إذا أفصحت المجني عليها من أنها قد تقاضت حقوقها كاملة من زوجها الطاعن، فان ذلك يفيد نزولها عن ادعائها لحقوقها المدنية ويصبح الحكم في الدعوى المدنية غير ذي موضوع. والترك ليس له ميعاد إذ يجوز أن يكون في أي حالة كانت عليها الدعوى مادام لم يصدر فيها حكم نهائي ولم يشترط القانون شكلا خاصا للادعاء بالحقوق المدنية. وكذا لم يشترط شكلا للتنازل عن هذا الادعاء إذ يكفي أن يظهر المدعي رغبته في ترك دعواه سواء بإعلان رسالته إلى المتهم أو بتقريره شفهيا بالجلسة أو خطاب، ويجب إظهار هذه الرغبة صراحة فلا يستفاد مثلا من مجرد عدم حضور المدعي في الجلسة.

    ثـانيـــا: ترك الدعوى المدنيــة لا يؤثر على الــدعوى الـجزائية
    متي تحركت الدعوى العمومية تحريكا صحيحا ظلت قائمة ولو طرأت علي الدعوى المدنية ما يؤثر فيها، إذ أن هذا التأثير لا يعود سلبا علي الدعوى الجزائية ومن ثم فان ترك المدعي بالحقوق المدنية لدعواه واثبات الحكم بهذا الترك يستتبع القضاء بتبرئة الطاعن من الجريمة بعد أن توافرت أركانها. ويستوي في ذلك أن تكون الدعوى الجزائية قد حركت بمعرفة النيابة العامة أو عن طريق المجني بالحق المدني أو حتى في الجرائم التي علق فيها القانون تحريك الدعوى الجزائية علي شكوى من المجني عليه.

    ثــــالثـــا: ترك الـــدعـــوى المدنيـــة ومدى اعتباره تنازلا عن الشكوى، في الجرائم التي يتوقف تحريك
    الدعوى العمومية فيها علي شكوى من المجني عليه
    فهل إذا قام المجني عليه بتحريك الدعوى - وهي بمثابة شكوى - ثم حرك دعواه المدنية فهل يعني هذا الترك انه قد تنازل عن الشكوى ؟
    تمت الإجابة عن ذلك من محكمة النقض المصرية في أحدث أحكامها بقولها:" إن ترك الدعوى المدنية لا يؤثر على الدعوى الجزائية، ويستوي في ذلك أن تكون الدعوى الجزائية قد حركت بمعرفة النيابة العامة أو عن طريق المدعي بالحق المدني. بل أنه حتى في الجرائم التي علق فيها القانون تحريك الدعوى الجزائية فان تركه لدعواه لا يؤثر علي الدعوى الجزائية، وكذا الحكم لو كان المجني عليه قد قدم الشكوى وحرك الدعوى الجزائية بالطريق المباشر بصحيفة واحدة .ذلك لان ترك الدعوى المدنية خلاف التنازل عن الشكوى، فهو لا يتضمنه كما لا يستوجبه وهو بوصفه تنازلا عن إجراءات الدعوى المدنية يجب أن يقدر بقدره بحيث لا ينسحب إلى غيره من إجراءات الدعوى الجزائية وان الترك هو فحص لأثر قانوني يقتصر على ما ورد بشأن إجراءات الدعوى المدنية دون غيرها، فلا يعدم دلالتها كورقة تنطوي على تعبير على إرادة المجني عليه في التقدم بشكواه يكفي لحمل الدعوى الجزائية على متابعة سيرها وحدها باعتبارها صاحبة الولاية الأصلية عليها، ومن ثم تظل الدعوى الجزائية قائمة ومن حق المحكمة بل



    يتبع






      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 11:05 am