أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
 الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية  580_im11 ENAMILS  الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية  580_im11

المواضيع الأخيرة

» مدونة القوانين الجزائرية - محدثة يوميا -
 الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية  I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed

»  شركة التوصية بالاسهم -_-
 الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية  I_icon_minitimeالجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin

» مكتبة دروس
 الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية  I_icon_minitimeالإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
 الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية  I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
 الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية  I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
 الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية  I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
 الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية  I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin

» بحث حول المقاولة التجارية
 الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية  I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl

» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
 الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية  I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique

» الدفاتر التجارية:
 الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية  I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma

ENAMILS


كتاب السنهوري


    الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

     الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية  Empty الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أغسطس 08, 2013 1:34 am




    عنوان المذكــرة : الاستشكال فــي تنفــيذ الاحكـــام الجزائـــــية


    مقدمــة :

    المبدأ في الأحكــام عامة أنها قابـلة للتنفيذ بمجـرد اكتسـابها لقوة الشيء المقضي فيه،والتنفيذ بهذا المفهوم يعنى به وضع مقتضيات الحكم موضوع التنفيذ بإجراءات عملية ليرتب آثاره المادية و القانونية في مواجهة المحكوم عليه .
    و التنفيذ هو الأثر القانوني للحكم الذي هو محصلة قواعد قانونية ينبغي مراعاتها سواء في مرحلة المحاكمة أو مرحلة التنفيذ و إن مخالفة هذه القواعد تستوجب إعطاء المنفذ عليه الوسيلة القانونية لدرء هذه المخالفة تطبيقا لمبدأ الشرعية في نطاق الإجراءات الجزائية و في نطاق تنفيذ الجزاءات كذلك .
    إن هذه الوسيلة القانونية تتيح للمنفذ ضده أن يوجه نقدا أمام القضاء في مواجهة الحكم ذاته لما يراه فيه من مخالفة لقواعد القانون أو لمقتضيات العدالةو ذلك عن طريق المنازعة في تنفيذ هذا الحكم بالاستناد إلى عيب في التنفيذ من أجل الحيلولة دون تنفيذه كليا أو جزئيا أو تعديل هذا التنفيذ أو إرجاءه و يطلق على المنازعات التي تثار أمام القضاء الجزائي بخصوص تنفيذ الحكم الصادر تعبير " الإشكالات في تنفيذ الأحكام الجزائية " و هي ما يعبر عنها في القانون الفرنسي بتعبير :
    إن الاستشكال في التنفيذ هو وسيلة احتياطية في يد المحكوم عليه بها يتلافى آثار الحكم أو يعدل فيها أو يؤجل الخضوع لها بل أكثر من ذلك هو إحدى الضمانات التي توفر حماية فعالة لحقوق الإنسان في الإجراءات الجزائية فمن حق الإنسان أن يفصل في أمره بواسطة القاضي المختص و أن ينفذ الحكم الصادر ضده وفقا للمضمون الذي صدر به من القاضي و كذلك وفقا للقواعد و الضوابط التي ينظم بها القانون هذا التنفيذ .
    و قد نص قانون التحقيق الجنائي الفرنسي القديم على انه تختص النيابة العامة دون غيرها في تنفيذ الأحكام الجزائية و ذلك في المواد 01، 197، 332 و لكن لم يتضمن أي نص يتعلق بالمنازعات التي تثار بمناسبة تنفيذ الأحكام ما عدا من تضمنت المواد 518 و ما بعدها في القسم السادس من الفصل الرابع من الباب الأول تحت عنوان معرفة شخصية المحكوم عليه الهارب و إعادة محاكمته ، إذ نصت بأن المحكمة الناظرة في ذلك هي المحكمة مصدرة الحكم و قد طبق القضاء هذه النصوص قياسا في حالة المحكوم عليه تحـت اسم آخــر غير اسمه.
    و قـد كـان أول تنــظيم الإشـكال في التنـفيذ في قانون الإجــراءات الجـزائـية code de procedure penal الصادر في 31-12-57 المنشور بالجريدة الرسمية في 08-11-58و ذلك في مواده من 710-712 و التي بينت المحكمة المختصة بنظره و الأحكام المتعلقة باتصال المحكمة بدعوى الإشكال و الفصل فيها إلا أنها لم تحدد موضوع الاستشكال في التنفيذ مما ترك اللبس قائما في تحديد ما يعد استشكالا و ما لا يعد كذلك .و في القانون الجزائري نجد أن القواعد الإجرائية المتعلقة بالتنفيذ العقابي متفرقة في نصوص مبعثرة بين قانون الإجراءات الجزائية و قانون تنظيم السجون و إعادة تربية المساجين الملغى بموجب القانون رقم 05-04 المؤرخ 06-02-05 المتضمن قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين و هذا الأخـير عالج الاستشكال في التنفيذ تحت تسمية النزاعـات العارضـة وذلك في المادة 03 من الأمر 72-02 و التي حلت محلها المادة 14 من القانون 05-04 بنصها " ترفع النزاعات العارضة المتعلقة بتنفيذ الأحكام الجزائية بموجب طلب أمام الجهة القضائية التي أصدرت الحكم أو القرار و يرفع هذا الطلب من النائب العام أو وكيل الجمهورية ، أو من قاضي تطبيق العقوبات أو المحكوم عليه أو محاميه ، و في حالة رفع الطلب من قاضي تطبيق العقوبات ، أو المحكوم عليه يرسل الطلب إلى النائب العام أو وكيل الجمهورية للاطلاع و تقديم التماساته المكتوبة في غضون ثمانية أيام.
    تختص الجهة القضائية التي أصدرت الحكم بتصحيح الأخطاء المادية الواردة فيه و تختص غرفة الاتهام بتصحيح الأخطاء المادية، و الفصل في الطلبات العارضة المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات.
    يجوز للجهة القضائية الناظرة في الطلب أن تأمر بوقف تنفيذ الحكم أو باتخاذ كل تدبير تراه لازما ريثما تفصـــلفي النزاع و ذلك ما لم يكن المحكوم عليه محبوسا..." .
    أما في القانون الإجراءات الجزائية فقد استخدم المشرع مصطلح الإشكال في تنفيذ صراحة في المادة 371 مـــنه و المتعلقة بالنزاع الحاصل بشأن هوية المحكوم عليه بنصها على أن الفصل في هذه النزاعات و الصعوبات يتم وفقا للقواعد المقررة في مادة إشكالات التنفيذ .
    و قد عرف هذا الموضوع القديم الجديد جدلا فقهيا و قضائيا في تحديد مفاهيمه و ضبط حدوده ، و مجاله و ذلك بسبب القصور التشريعي الذي لم يحقق اكتفاءا لدى القانونيين عموما و القضاة خصوصا مما جعله محط أنظار الدارسين لإرساء قواعده و الإلمام بأحكامه. و هو ما حاولنا تبيانه من خلال اللجوء إلى المراجع المصرية و العربية عموما لنقص في المراجع النظرية الجزائرية المتناولة لهذا الموضوع وذلك بالبحث و محاولة الإجابة عن الإشكالات التالية :
    - ما هو الإشكال في التنفيذ؟
    - ما هي أسباب الاستشكال في التنفيذ ؟
    - ما هي الإجراءات رفعه و الفصل فيه ؟
    - ما هي طبيعة الأحكام الصادرة فيه ، و ما مدى إمكانية الطعن فيه ؟
    و لمعرفة نظام الاستشكال في التنفيذ كان لزوما التطرق لنظرية الإشكال في التنفيذ من خلال بحث مفهومها و مضمونها و ذلك كي يتسنى لنا البحث في إجراء الاستشكال في التنفيذ و معرفة أسبابه و شروطه و غير ذلك من الأحكام الإجرائية التي تنظمه ، و لذلك ستكون دراستنا لهذا الموضوع من خلال الخطة التالية :
    الفصل الأول: مضمون الإشكال في التنفيذ و مجاله
    المبحث الأول: مضمون الإشكال في التنفيذ
    المبحث الثاني:مجال الاستشكال في التنفيذ الأحكام الجزائية
    الفصل الثاني: أحكام الاستشكال في التنفيذ
    المبحث الأول: الاختصاص بالاستشكال في التنفيذ و كيفية نظره
    المبحث الثاني: الحكم الفاصل في

    الفصل الأول : مضمون الاشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية و مجاله

    سوف نتعرض في هذا الفصل إلى شروح الفقه و كذا القضاء في ما يتعلق بالإشكال في التنفيذ و ذلك عن طريق إعطاء تعريف واضح و دقيق له و ذلك هو موضوع المبحث الأول و تحديد مجاله في المبحث الثاني على النحو التالي :

    المبحث الأول : مضمون الإشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية

    لتحديد مضمون الاستشكال في التنفيذ لابد من العروج على مختلف التعريفات التي قال بها الفقه و القضاء لتبيان العناصر الأساسية له و بالتالي البحث في التكيف القانوني له و كذا تمييزه عن غيره من النظم الشبيهة له .

    المطلب الأول : تعريف الإشكال في التنفيذ

    الفرع الأول : تعريف الإشكال في التنفيذ

    كغيره من التشريعات المقارنة جاء قانون الإجراءات الجزائية الجزائري خلوا من أي تعريف للإشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية ، و لذلك حاول مل من الفقه و القضاء إعطاء تعريف له و قد ذهب جانب من الفقه إلى تعريفه بأنه :
    - " منازعة قانونية أو قضائية أثناء التنفيذ تتضمن ادعاءات يبديها المحكوم عليه أو الغير لو صحت لأثرت في التنفيذ إذ يترتب على الحكم فيها أن يصبح التنفيذ جائزا أو غير جائز صحيحا أو باطلا".كما عرف بأنه : " منازعة تتعلق بالقوة التنفيذية للحكم ، فهي تشمل كل دفع بإنكار قوة الحكم في التنفيذ تتسع تبعا لذلك للوقائع التي تحول قانونا دون التنفيذ ، أو تستوجب تأجيله أو تعديله".و أيضا قيل فيه بأنه : " عوارض قانونية تعترض التنفيذ، و تتضمن ادعاءات أمام القضاء تتعلق بالتنفيذ ، بحيث لو صحت لأثرت فيه إيجابا أو سلبا إذ يترتب على الحكم في الإشكال أن يكون التنفيذ جائزا أو غير جائز ، صحيحا أو باطلا يمكن الاستمرار فيه ، أو يجب وقفه أو الحد منه ".
    كما و قد عرفه الأستاذ محمود نجيب حسني بأنه :" نزاع في شأن القوة التنفيذية للحكم من حيث وجود هذه القوة أو من حيث الكيفية التي يتعين أن يجري بها التنفيذ" .
    لكن و بالنظر إلى هذه التعريفات نجد أنها تحصر الاستشكال في التنفيذ في المنازعات المتعلقة بالحكم في حد ذاته بينما يرى الدكتور أحمد كبيش و نوافقه في رأيه أن الاستشكال في التنفيذ يتسع ليشمل منازعات متعلقة بالتنفيذ دون أن تتضمن نعيا على السند التنفيذي أي الحكم كتنفيذ العقوبة على غير المحكوم عليه أو النزاع حول أهلية المحكوم عليه كإصابته بالجنون قبل أو أثناء التنفيذ أو التنفيذ بغير العقوبة المحكوم بها سواء من حيث نوعها أو كمها أو عدم تطبيق قاعدة جب العقوبات أو قاعدة عدم تجاوز العقوبات السالبة للحرية حدودا معينة و على هذا النحو ذهب القضاء المصري إلى القول بأن الاستشكال في التنفيذ ليس إلا نزاع حول تنفيذ الحكم و ذلك بسبب عيب في إجراءات التنفيذ و إما بسبب أن الحكم غير واجب التنفيذ في ذاته أو بسبب أن تنفيذ الحكم بغير ما حكم به في منطوقه أو بسبب تنفيذ الحكم على غير المحكوم عليه.
    و قد استقر القضاء على أن الاستشكال في التنفيذ لا يعتبر نعيا على الحكم بل نعيا على التنفيذ ذاته و ينبني على ذلك انه إذا كان الإشكال مرفوعا من المحكوم عليه فان سببه يجب أن يكون حاصلا بعد صدور هذا الحكم ذلك أن الأصل هو أن الاستشكال لا يجدي إلا إذا كان مبناه وقائع لاحقة على صدور الحكم تتعلق بالتنفيذ و ليس لعيوب في الحكم إذ أن هذه الأخيرة تمس بحق الحكم محل الاستشكال.
    و مما سبق فانه حتى نكون بصدد منازعة في التنفيذ يجب لذلك توافر عنصرين أساسيين:
    1- أن يتعلق الأمر بنزاع قضائي :
    فالإشكال هو نزاع بين شخص المعني بالتنفيذ و بين السلطة القائمة بالتنفيذ فإذا تبين له وجود خطأ في التنفيذ عرضه على النيابة فان أنكرت عليه حقه استشكل فيه أمام القضاء و ليس لسلطة التنفيذ أي اختصاص في الفصل في النزاع هذا و إلا أصبحت الخصم و الحكم و هو ما لا يستقيم ، و قد جرى العمل في فرنسا على أن المنفذ ضده وجب عليه أن رأى طارئا في التنفيذ أن يعرضه بداءة على النيابة فان لم تجبه إلى طلبه استشكل في الأمر أمام القضاء ليفصل فيه .
    2- أن يتعلق النزاع بشرعية تنفيذ الحكم الجزائي :
    يجب أن يناقش المستشكل شروط صحة التنفيذ و أن يهدف إلى تأجيله ، منعه أو تعديله ليكون الاستشكال هو الوسيلة القانونية لإصلاح أي خطأ يقع في التنفيذ .
    و من الحالات التي استقر على أنها تدخل ضمن الاستشكال في التنفيذ :
    - ادعاء المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية بانقضاء هذه العقوبة .
    - إغفال تطبيق العقوبة الأشد عند تعدد الجرائم و صدور عدة أحكام من محاكم مختلفة عن جرائم متعددة .
    - النزاع حول تقادم العقوبة لسبب لاحق على الحكم بالإدانة .
    الفرع الثاني : أنواع منازعات الاستشكال في التنفيذ
    تنقسم منازعات الاستشكال في التنفيذ إلى نوعين :
    أ‌- الاستشكال الوقتي : و يريد من ورائه المستشكل وقف تنفيذ الحكم مؤقتا لغاية الفصل في موضوع النزاع بحكم نهائي ، و قد ذهبت محكمة النقض المصرية إلى أنه :" ... لا يرد الإشكال إلا على تنفيذ حكم يطلب وقفه مؤقتا حتى يفصل في النزاع نهائيا من محكمة الموضوع إذا كان باب الطعن في ذلك الحكم ما زال مفتوحا فإذا كان الطعن بالنقض في الحكم المستشكل في تنفيذه قد انتهى بالقضاء برفضه فانه لا يكون ثمة وجه لنظر الطعن في الحكم الصادر في الإشكال لعدم الجدوى منه بصيرورة الحكم المستشكل في تنفيذ نهائيا.
    لأنه إذا أصبح الحكم نهائيا باستنفاذه كل طرق الطعن العادية و غير العادية أصبح الاستشكال الوقتي في غير محله و تقضي المحكمة برفضه و جاز تنفيذ هذا الحكم .
    ب- الاستشكال النهائي : يريد المستشكل في تنفيذ الحكم وقف تنفيذه نهائيا و لا عبرة باستنفاذه لطرق الطعن من عدمها ، فالغرض من هذا الإشكال هو وقف تنفيذ الحكم نهائيا أو تعديل تنفيذه ،و مثاله الاستشكال في حكم انقضت فيه العقوبة بمضي المدة أو أن الحكم صدر بعد انقضاء الدعوى العمومية أو إعمال مبدأ الجب أو كان تنفيذ الحكم على غير المحكوم عليه و يختلف الإشكال النهائي عن الإشكال الوقتي في أن الفصل فيه لا يتوقف على الإيقاف المؤقت للتنفيذ بل يمس صحته أو جوازه، فتمتد بذلك سلطة محكمة الإشكال إلى منع تنفيذ الحكم أو تصحيح هذا التنفيذ .

    المطلب الثاني : تكييف الإشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية

    لقد أثار البحث في التكييف القانوني لدعوى الإشكال في التنفيذ جدلا فقهيا واسعا حول الخانة الواجب وضعها فيه و ما إذا كانت هذه الدعوى عمومية أو أنها تكميلية و إن كان الفقه قد اجمع على أنها دعوى قضائية و يسايره في ذلك المشرع الجزائري و سوف نعرض لذلك في التالي :
    الفرع الأول : التكييف الفقهي للإشكال في التنفيذ
    من الفقه من اعتبر دعوى الإشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية دعوى عمومية و منهم من يراها دعوى تكميلية و آخرين اعتبروها الصورة الأساسية لخصومة التنفيذ .
    1- اعتبار دعوى الإشكال في التنفيذ دعوى عمومية :
    إن الدعوى العمومية هي وسيلة القانونية لتقرير الحق في العقاب توصلا لاستيفائه بمعرفة السلطة القضائية و بصدور الحكم فيها يكون واجب التنفيذ ، ما لم يحل دون ذلك سبب قانوني ، إلا أن الغاية من العقاب لا تقف عند مجرد وصول المجتمع لحقه في مجازاة الجاني و إنما تمتد إلى إعادة تربيته ، و حمايته انطلاقا من فكرة الدفاع الاجتماعي ولذلك فانه لا يمكن فصل الإجراءات القضائية السابقة للتنفيذ عن إجراءات التنفيذ ذاتها بمعنى أن الدعوى العمومية تبدأ من وقت وقوع الجريمة إلى غاية الانتهاء من التنفيذ ، فيكون تكييف الإشكال في التنفيذ على انه مرحلة من مراحل الدعوى العمومية يهدف إلى الفصل في صحة التنفيذ ، مما يجعله وسيلة لضمان سير الدعوى في إجراءاتها الأخيرة على الوجه المطابق للقانون و قد انتقد هذا الرأي على أساس أن الدعوى العمومية تبدأ بتحريكها و تنتهي بإصدار الحكم البات فيها دون أن يدخل فيها لا الأعمال السابقة على التحريك لا اللاحقة لصدور الحكم إضافة إلى اختلاف إجراءات و غاية مرحلة التنفيذ وطبيعتها على مرحلتي التحقيق و المحاكمة و على ذلك فدعوى الإشكال في التنفيذ ليست امتداد للدعوى العمومية.
    2- الإشكال في التنفيذ دعوى جزائية تكميلية :
    الإشكـال في التنفيذ دعـوى جزائية تكميلية لها ذاتيتها المستقلـة تهدف إلى تجنب التنفيذ الجزائي المعيب وتختص بها المحاكم الجزائية و تطبق عليها الإجراءات الجزائية ، كما أنها دعوى من طبيعة خاصة و ذلك انطلاقا من انه في مرحلة التنفيذ تبدأ خصومة جزائية جديدة يطلق عليها تعبير خصومة التنفيذ ، وقد أخذت تعليمات النيابة المصرية بهذا الرأي في المادة 1542 بنصها على أن الإشكال في التنفيذ دعوى جنائية تكميلية لا تهدف إلى تغيير مضمون الحكم[3] و قد سارت محكمة النقض الفرنسية على ذات النهج عندما أطلقت عليها تعـبير " l’accessoire de l’action public ".
    3- اعتبار دعوى الإشكال في التنفيذ هي الصورة الأساسية لخصومة التنفيذ :
    يرى أصحاب هذا الرأي أن الإشكال في التنفيذ هو الصورة المتممة لخصومة التنفيذ في الإجراءات الجنائية و يسلم أصحاب هذا الاتجاه إلى أن إجراءات هذه الدعوى أمام المحكمة تخضع لقانون الإجراءات الجزائية حيث انه لا يوجد تفصيل للإجراءات الواجب إتباعها في رفع الاستشكال و نظره.

    الفرع الثاني :التكييف القانوني لدعوى الإشكال في التنفيذ :

    تنص المادة 14 ف 4 من قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج على انه تختص الجهة القضائية مصدرة الحكم المستشكل فيه بنظره ما يوحي أنها ستتبع الإجراءات الجزائية المعتادة التي تخضع لها الدعوى العمومية ، و من ثم فانه يمكن اعتبار دعوى الإشكال في التنفيذ دعوى قضائية لها طبيعتها خاصة ، فهي دعوى جزائية تكميلية حسب ما ذهب إليه الاجتهاد الفرنسي ، و ما يستشف من قراءة المادة 14 من قانون تنظيم السجون ، و إن كان هناك من يرى بأنها دعوى تبعية تجنبا لعبارة "تكميلية" التي توحي بأنها تهدف إلى تكملة نقص ورد في الدعوى الأصلية .

    المطلب الثالث : تمييز الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية عن من النظم المشابهة له .

    سيتم تمييز الاستشكال في التنفيذ عن الطعن في الحكم أو دعوى التفسير و ذلك في الفرع الأول ، و كذا تمييزه عن العقبات المادية التي تعترض التنفيذ في الفرع الثاني .

    الفرع الأول : الاستشكال في التنفيذ و تصحيح الخطأ المادي أو تفسير الغموض الذي ينطوي عليه الحكم أو الطعن في الحكم .

    1- الاستشكال في التنفيذ و تصحيح الخطأ المادي :
    نصت المادة 14 من ق 05-04 المتعلق بتنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين في فقرتيه الرابعة و الخامسة على انه تختص الجهة القضائية مصدرة الحكم بتصحيح الأخطاء المادية الواردة فيه ، كما وتختص غرفة الاتهام بتصحيح الأخطاء المادية و الفصل في الطلبات العارضة المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة عن محكمة الجنايات و الخطأ المادي هو ذلك الخطأ الذي لا يرتب أي اثر قانوني ، فلا يؤدي إلى البطلان ، و لا يترتب على تصحيحه أي تغير في المعنى المقصود المعبر عنه ، هذا و يجوز تصحيحه في أي وقت و لو بعد أن يصبح الحكم نهائي حائز لقوة الشيء المقضي فيه. و قد قيل في نفس المعنى أن " الدعوى بطلب تصحيح الخطأ المادي في الحكم تستكمل تكوين السند و إعداده للتنفيذ فهي منازعات قانونية في التنفيذ لو صحت لا ثرت فيه " .
    و من أمثلة الخطأ المادي : الخطأ في اسم المتهم ، الخطأ في تاريخ الجلسة أو تاريخ الواقعة ، و الخطأ الناتج عن السهو في تشطيب بيانات زائدة في مطبوع، أو الصياغة المشوشة للحكم نتيجة استعمال مطبوعات قديمة ما دامت ورقة الأسئلة سليمة من أي عيب .أو الخطأ في رقم مادة قانون العقوبات المطبق للإدانة مادام النص الواجب التطبيق فعلا يقرر العقوبة نفسها حسب م 502 ق اج ج و هذا ما أكدته المحكمة العليا في قراراتها و تكون السلطة المختصة بالتصحيح هي المحكمة أو الجهة التي أصدرت الأمر بتصحيحهأو إلى غرفة الاتهام فيما يتعلق بأحكام محكمة الجنايات على غرار الإشكال في التنفيذ و تتحدد سلطة الجهة المختصة بالتصحيح في تصحيح الخطأ المادي البحت دون أن يمتد ذلك إلى ما من شأنه التحايل على الحكم في منطوقه و أسبابه.
    و لذلك فقد ذهب البعض إلى نفي صفة الاستشكال في التنفيذ عن المنازعات المتعلقة بتصحيح ما ورد بالحكم من أخطاء مادية على أساس أنها تتعلق بمسائل سابقة عن مرحلة التنفيذ عكس الإشكال في التنفيذ الذي هو نعي على إجراءات تنفيذ الحكم.
    بينما هناك من يرى أن ما يميز الإشكال في التنفيذ هو صفة النزاع الذي ينشأ بين الشخص المراد التنفيذ عليه و بين السلطة التي تتولاه، فإذا نشأ هذا النزاع بسبب الخطأ المادي في الحكم فانه يدخل في المعنى العام للاستشكال كما لو كان هذا الخطأ يشكل عقبة أو حائلا أمام تنفيذ الحكم و مثاله ما ذهبت إليه محكمة عزابه التابعة لمجلس قضاء سكيكدة في الأمر التصحيحي الصادر بتاريخ 18-05-08 تحت رقم 01778 الذي قضى بوضع المتهم ب خ بمستشفى واد العثمانية بميلة بدلا من وضعه بمستشفى الحروش بموجب الحكم بالحجز قضائيا بمستشفى الأمراض العقلية الصادر عن نفس المحكمة بتاريخ 11-05-08 و ذلك بناء على طلب من النيابة العامة و هنا نرى بأنه من المفروض أن يتم التصحيح بموجب حكم تصحيحي بناء على دعوى الاستشكال في التنفيذ بدلا من الأمر بالتصحيح .
    2- الاستشكال في التنفيذ و تفسير الحكم :
    قد يحوي الحكم الجزائي في منطوقة غموضا بحيث يحتمل أكثر من معنى كأن يكون صادرا بالحبس مطلقا دون تبيان مدته أو أن يغفل ذكر المتهم المقصود بالإدانة و حصل ذلك يثير منازعة في تفسيره ، و لم يرد نص في قانون الإجراءات الجزائي الجزائري و لا قانون تنظيم السجون ينظم دعوى تفسير الحكم الغامض على غرار القوانين الفرنسية و المصرية ، و إن استقر الفقه على قيام المحكمة مصدرة الحكم بتفسيره و هو ما جرى به العمل في القضاء الجزائري . و قد أخذ الفقه المصري بهذا الحل استنادا إلى المادة 192 من قانون المرافعات التي تقضي " يجوز للمحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو إبهام ...".
    و يجب أن لا يمس التفسير حجة الحكم و ذلك بان لا يعدل أو يضيف أو ينقص فيه ، و بناءا على ذلك يعد خاطئا الحكم التفسيري الذي يضيف سببا لم يكون موجودا في الحكم الأصلي و منه فان دعوى التفسير تتعلق باستكمال السند التنفيذي بتوضيح ما شابه من غموض و هو متعلق بالحكم ذاته ، أما دعوى الاستشكال في التنفيذ فهي منازعة قانونية تتعلق بالتنفيذ ، و لكن قد يتحول الغموض في منطوق الحكم إلى إشكال في التنفيذ إذا أثير أثناء تنفيذ الحكم و نشأ بشأنه نزاع بين المعني بالتنفيذ و السلطة التي تتولاه ما يجعله خاضعا لدعوى الإشكال في التنفيذ لا دعوى التفسير .
    3- الاستشكال في التنفيذ و الطعن في الحكم :
    سبق القول بان الاستشكال في التنفيذ هو نعي على التنفيذ ذاته و ليس نعيا على الحكم الذي يتم التنفيذ بموجبه عكس طرق الطعن التي تمثل نعيا على الحكم ذاته لأنها إجراءات تسمح بفحص جديد للدعوى التي صدر فيها الحكم بغية إلغائه أو تعديلهتداركا للعيوب التي تفقده صحته .
    و الاستشكال في التنفيذ ليس طريقا للطعن في الحكم بل هو وسيلة للطعن في التنفيذ للحيلولة دونه أو إرجائه أو تعديله فهو يستهـدف استظهار عيوب التنفيذ و ذلك بجعله متفقا مع القانون عكس الطعن في الحكم الذي يناقش صحة الحكم ذاته وصولا لجعله متفقا مع القانون .
    إن دعوى الاستشكال في التنفيذ تتميز عن الطعن في الحكم من حيث أن هذا الأخير هو مرحلة من المراحل التي تمر بها الدعوى الجنائية الأصلية و تهدف إلى تعديل مضمون الحكم أما دعوى الاستشكال في التنفيذ فهي دعوى تكميلية لا تستند إلى تعييب الحكم سواء لخطأ في القانون أو الواقع كما لا يجب أن تمس بالحكم سواء بالتعديل أو التضييق أو التوسيع في مضمونه . كما انه لا يجب أن يستند إلى وقائع أو أسباب سابقة على صدور الحكم و ذلك إذا كانت الدعوى مرفوعة من المحكوم عليه ، أما إذا كان المستشكل من غير المحكوم عليه فله أن يبني إشكاله على أسباب سابقة لصدور الحكم على أساس أنه لم يكن طرفا في الدعوى التي صدر فيها الحكم المستشكل فيه و بالتالي لم يكن في وسعه إبداء دفوعه أثناء سير الدعوى و لا يستطيع الطعن في الحكم لأنه لم يصدر ضده.
    و يمكن تلخيص ما سبق بيانه في أن :
    1- طرق الطعن لها مواعيد معينة فإذا فاتت هذه المواعيد تحصن الحكم و سقط الحق في التمسك بالطعن عكس الاستشكال في التنفيذ فليس له ميعاد معين .
    2- لا يترتب على دعوى الاستشكال في التنفيذ طرح موضوع الحكم المستشكل فيه للنقاش و الفصل فيه من جديد على عكس الطعن في الحكم و الذي يوجب إعادة طرح الموضوع و ذلك للفصل فيه .
    3- لا يجوز للمحكمة الناظرة في الإشكال التعرض للحكم بالتعديل أو البحث في صحته او بطلانه لما في ذلك من مساس بحجيته ، و قد قضت في هذا الصدد محكمة النقض الفرنسية بتأييد حكم المحكمة الصادر بعدم اختصاصها بدعوى الاستشكال في التنفيذ لان الطلب المقدم إليها لم يكن يهدف إلى الاستشكال في التنفيذ و إنما إلى تعديل حكم نهائي لم يكن المدعى طرفا فيه.
    4- الطعن في الحكم الجزائي مقصور على إطراف الخصومة الجزائية أما الاستشكال في التنفيذ فهو حق للمحكوم عليه و كذا الغير المضار من تنفيذ الحكم رغم عدم جواز طعنه في الحكم المستشكل في تنفيذه .

    الفرع الثاني : تمييز الاستشكال في التنفيذ عن العقبات المادية

    ان الاستشكال في التنفيذ هو نزاع قضائي يتعلق بشرعية تنفيذ الحكم ، فمن حق المعني بالأمر الاعتراض على التنفيذ بخصوص مسألة قانونية مخالفة للشرعية فإذا اصطنع عقبة أو صعوبة مادية في مواجهة التنفيذ دون صحة الادعاء بحق قانوني عد ذلك محض عمل من أعمال التعدي و التي ينظر إليها على أساس أنها صعوبات مادية لا قانونية و هذه الأخيرة تذللها القوة الجبرية بناء على ما للأحكام من قوة تنفيذية ، و قد نص المشرع الجزائري على أن النيابة باعتبارها ممثل الحق العام هي من يباشر تنفيذ أحكام القضاء و لها عند اللزوم اللجوء إلى القوة العمومية في سبيل ذلك وفق ما نصت عليه المادة 29 من قانون الإجراءات الجزائية ، والمادة 10 من قانون تنظيم السجون في فقرتيها الثالثة التي تنص على أن النائب العام أو وكيل الجمهورية لهما تسخير القوة العمومية لتنفيذ الأحكام الجزائية و تقابلها في ذلك المادة 710 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسية و كذا المادة 462 من قانون الإجراءات الجنائية المصري.

    المبحث الثاني : مجال الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية

    ينحصر مجال الاستشكال في التنفيذ إما فــي النــزاع حــول وجود حكم قابل للتنفـيذ أو حول مدى اتفاق التنفيذ مع الحكم أو في النزاع حول اتفاق التنفيذ مع قواعد القانون المنظمة له .

    المطلب الأول : الاستشكال حول وجود حكم قابل للتنفيذ

    استنادا إلى مبدأ الشرعية فانه لا عقوبة و لا تدبير أمن إلا بمقتضى القانونو ذلك من طرف جهة قضائية مختصة و لا توقع إلا بموجب أحكام قضائية معللة على أساس انه لا يجوز التنفيذ إلا بمقتضى سند تنفيذي
    و قد عرف السند التنفيذي بأنه كل حكم أو قرار مشمول بالقوة التنفيذية و ينقسم إلى سند محدد و هو الذي يحدد المحكوم به من حيث النوع أو الكم و لا يتغير تحديده عند التنفيذ و آخر غير محدد في نوعه أو كمه، و سند مركبو سند بسيط و هناك سند التنفيذ الشرطيو تقسم من حيث صحة الإجراءات إلى سندات صحيحة و أخرى معيبة وهذا العيب يجعلها باطلة أو معدومةو بالتالي فان مفترضات التنفيذ الصحيح وجود حكم قابل للتنفيذ و أي نزاع حول وجود هذا الحكم أو حول قابليته للتنفيذ يدخل ضمن مجال الاستشكال في التنفيذ.

    الفرع الأول : النزاع حول وجود حكم

    قد يتم التنفيذ بدون سند تنفيذي أو حكم صحيح مستوف لخصائصه الأساسية و هنا للمنفذ ضده الاستشكال في هذا التنفيذ على أساس انه يتم بدون حكم و لذلك فإن أول ما يندرج ضمن مجال الإشكال في التنفيذ الادعاء بعدم وجود حكم و من ابرز صوره :
    1- انعدام الحكم :
    الحكم المنعدم هو الحكم الصادر من غير احد خصائصه الأساسية و هو لا يقبل التصحيح و لا يجوز حجية الشيء المقضي فيه و لا يحول دون مباشرة الدعوى العمومية من جديد و يترتب بقوة القانون ، و لكل ذي مصلحة التمسك به
    و النزاع الذي يثور في هذه الحالة لا يعد خروجا على القاعدة التي تقضي بان الاستشكال لا يمكن أن يمس سندا حاز حجية الشيء المقضي فيه لأنه ليس هناك حكم أصلا " فما دام الحكم منعدما فلا يمكن أن يدب فيه دبيب الحياة بالإقدام على تنفيذه و يكفي لإظهار انعدامه التصدي بالاعتراض على الإجراء المتخذ في سبيل تنفيذه"، و يكون الحكم منعدما إذا اصدر ممن ليس له ولاية القضاء ، أو كان صادرا في واقعه لم ترفع بها الدعوى أمام المحكمة أو كان مزورا أو صادرا ضد متوفى.. و بالتالي فان شرعت النيابة في تنفيذه أو استمرت فيه فإن التنفيذ يكون بغير سند و يمكن الاستشكال فيه و نميز بين الحكم المنعدم و الحكم الباطل في أن هذا الأخير معيب إجرائيا و الاعتراض عليه يكون بطرق الطعن المقررة قانونا إذ لا يمكن أن يكون سببا للاستشكال في التنفيذ لما في ذلك من مساس بحجية الحكم
    2- فقد السند التنفيذي :
    رأينا سابقا ان عدم وجود الحكم من الناحية القانونية يعد من ابرز الحالات التي تدخل في مجال الاستشكال في التنفيذ و لكن هل يمكن الاستشكال في التنفيذ لعدم وجوده ماديا ؟
    إن اغلب الآراء الفقهية تفيد أن الوجود المادي للسند التنفيذي شرط لتنفيذه فليس للنيابة العامة أن تنفذ الحكم متى تبين فقدان نسخته الأصلية أو صورته الرسمية ، و قد نص قانون الإجراءات الجزائية في المادتين 538 ، 539 صراحة على حالة فقد النسخة الأصلية للحكم قبل تنفيذه و قرر بأن النسخة الرسمية تعتبر بمثابة النسخة الأصلية و تقوم مقامها في التنفيذ .
    و ذلك بعد الحصول على النسخة الرسمية ممن كانت في حوزته بناء على أمر من رئيس الجهة القضائية التي أصدرت الحكم، فإذا لم توجد هذه النسخة الرسمية أعيدت المحاكمة من النقطة التي تبين فيها فقد الأوراق و هذا ما ذهبت إليه المادة 541 من ق اج ج ، فإن شرعت النيابة في التنفيذ دون نسخة أصلية أو صورة رسمية للحكم حق للمنفذ ضده الاستشكال للحصول على حكم بعدم جواز التنفيذ لحصوله بغير سند ، على أن هذا الحكم لا يحول دون التنفيذ من جديد متى حصلت النيابة العامة على صورة رسمية من الحكم قبل سقوط العقوبة بمضي المدة.
    3- سقوط العقوبة بالتقادم أو العفو :
    يعد النزاع حول سقوط العقوبة بمضي المدة أو بسبب العفو الصادر من رئيس الجمهورية إشكالا في التنفيذ لانقضاء مفعول السند التنفيذي .
    و التقادم في القانون الجزائري جاء في المواد 612 الى 616 من ق اج ج و التي تنص على أن الجنايات تتقادم عقوبتها بمضي عشرين سنة من اليوم الذي يصبح في الحكم نهائيا و بمضي 05سنوات في الجنح و اذا زادت عقوبة الحبس عن 5 سنوات فتكون مدة التقادم مساوية لمدة العقوبة ، و بمضي سنتين في المخالفات ، ولا تخضع للتقادم العقوبات التي لا تقبل بطبيعتها تنفيذا ماديا كالحرمان من الحقوق او العقوبات المحكوم بها في الجنايات و الجنح الموصوفة بأنها أفعال إرهابية و تخريبية و تلك المتعلقة بالجريمة المنظمة و الرشوة غير انه اذا كان الحكم غير نهائي فانه يسقط بالمدة المقيدة لتقادم الدعوى ما لم تكن هذه الأخيرة غير خاضعة للتقادم م 08 مكرر ق اج ج و يؤدي تقادم العقوبة الى عدم إمكان تنفيذها
    وعلى ذلك فإذا ما أريد التنفيذ بحكم متقادم كان التنفيذ غير قانوني ، و يصلح أن يكون سببا للاستشكال في التنفيذ للمعني بالأمر .
    وقد نصت المادة 06 من ق اج ج على انه تنقضي الدعوى العمومية الرامية إلى تطبيق العقوبة بالعفو الشامل وهذا الأخير يترتب عليه إزالة الصفة الإجرامية عن الفعل المجرم فهو يمحو آثار الحكم محوا تاما و هو ما كرسته م 628-2 ق اج ج .
    أما العفو عن العقوبة فهو إنهاء الالتزام بتنفيذها إزاء من صدر ضده حكم بات و ذلك بموجب قرار رئيس الجمهورية .
    فإذا تعرض المحكوم عليه للتنفيذ رغم سقوط العقوبة بالتقادم أو بالعفو الشامل أو العفو عن العقوبة جاز له أن يستشكل في التنفيذ لتخلف سنده.
    4- سقوط الحكم الغيابي و الحكم بالتخلف عن الحضور :
    الحكم الغيابي هو الذي يصدر ضد المتهم المتخلف عن الحضور في مادة الجنح و المخالفات و الذي لم يسلم إليه التكليف بالحضور شخصيا طبقا لنص المادة 346 من ق اج ، و لا تسري مواعيد المعارضة فيه أو الاستئناف إلا بعد تبليغه طبقا للمادة 418 ق ج.
    أما الحكم بالتخلف عن الحضور فهو الذي يصدر ضد المتهم المتخلف عن الحضور أمام محكمة الجنايات وفقا لأحكام المادة 317 و ما بعدها من قانون الإجراءات الجزائية ، و لا يجوز الطعن فيه بطريق المعارضة لأنه يسقط بقوة القانون بمجرد إلقاء القبض على المحكوم عليه أو تسليمه نفسه إلى السلطات المختصة.
    فإذا صدر حكم غيابي ثم لم يبلغ خلال المدة المقررة لسقوط الدعوى الجزائية فان ذلك يستتبع بالضرورة سقوطه فإذا باشرت النيابة إجراءات التنفيذ بموجب حكم سقط لانقضاء الدعوى العمومية فان هذا التنفيذ يستند إلى سند غير قانوني حق معه للمنفذ ضده الاستشكال فيه أمام محكمة الاشكال و نفس الشيء يقال بالنسبة للحكم الصادر بالتخلف عن الحضور .
    5- إلغاء الحكم من محكمة الطعن :
    إذا طعن في الحكم بأي طريق من طرق الطعن و تم إلغاؤه من طرف المحكمة المختصة ، فان وجوده القانوني يزول منذ لحظة إلغائه و بالتالي فان تنفيذه او الاستمرار فيه يكون بغير سند و يمكن الاستشكال فيه .

    الفرع الثاني : النزاع حول قابلية الحكم للتنفيذ

    من موجبات صحة التنفيذ أن يكون هناك حكم صحيح و أن يكون هذا الحكم قابلا للتنفيذ لحظة إجرائهفإذا ثار نزاع حول قابلية الحكم للتنفيذ يفصل فيه وفقا للقواعد المنظمة لدعوى الاستشكال في التنفيذ ، و من أهم تطبيقاته مايلي :
    1- صدور قانون أصلح للمتهم :
    لا يسري قانون العقوبات على الماضي إلا ما كان من اقل شدة حسب نص م 02 ق ع فإذا صدر قانون اصلح للمتهم قبل أن يصبح الحكم الصادر ضده باتا تعين تطبيق القانون الأصلح له، ذلك معناه أن صدور قانون اصلح للمتهم بعد الحكم الصادر بإدانته يعد واقعة لاحقة للحكم تجيز للمحكوم ضده الاستشكال لوقف تنفيذه الى حين الفصل في الطعن .
    كما أن صدور قانون يلغي نص التجريم الذي بموجبه صدر الحكم يجعله غير قابل للتنفيذ و قد نص المشرع المصري على انه يوقف تنفيذ الحكم بصدور قانون جديد يجعل الفعل غير مجرم و ذلك في المادة 05ف03 من قانون العقوبات المصري و الذي تقابله المادة 112 ف04 من قانون الفرنسي الجديد. فإن شرع في التنفيذ أو استمر فيه أمكن الاستشكال فيه لأنه يكون تنفيذا بغير سند .
    2- التنفيذ بموجب حكم لم يكتسب القوة التنفيذية :
    لا يجوز التنفيذ إلا بموجب حكم بات أي لا يقبل الطعن سواء بالطرق العادية أو غير العادية ، فإذا لم يكن الحكم باتا لعدم انقضاء مواعيد الطعن أو لعدم الفصل فيه إذا رفع أو لم يكن من الأحكام الواجبة التنفيذ رغم المعارضة أوالاستئناف كان التنفيذ بموجبه غير مطابق للقانون لعدم اكتسابه القوة التنفيذية، و جاز للمعني بالأمر الاستشكال فيه من اجل وقف تنفيذه .
    3- اذا كانت القوة التنفيذية للحكم معلقة على شرط :
    و يقصد بها حالة وقف تنفيذ العقوبة طبقا للمادة 592 من ق أج ج و وقف التنفيذ معلق على شرط و هو عدم ارتكاب المحكوم عليه لجناية أو جنحة من جنح القانون العام توقع عليه من اجلها عقوبة السجن أو الحبس و ذلك مدة 5 سنوات من صدور الحكم الأول فلا يجوز تنفيذ هذا الحكم إلا إذا الغي وقف التنفيذ ، و خلال فترة الإيقاف لا يعد الحكم قابلا للتنفيذ و قد قضت محكمة النقض الفرنسية على انه يعد من حالات الإشكال في التنفيذ و تنطبق عليها إجراءاته و عليه فإذا ما أريد تنفيذ العقوبة التي قضي بإيقاف تنفيذها رغم عدم إلغائه كان للمحكوم عليه أن يستشكل في التنفيذ استنادا إلى إيقاف القوة التنفيذية للحكم .
    4- تنفيذ حكم الإعدام قبل رفض طلب العفو :
    تنص المادة 155 من قانون تنظيم السجون على انه لا تنفذ عقوبة الإعدام إلا بعد رفض طلب العفو فقد علق المشرع الجزائري تنفيذ الحكم على تقديم طلب العفو إلى رئيس الجمهورية فإذا ما قامت النيابة بالتنفيذ قبل رفع الطلب بالعفو لرئيس الجمهورية ، أو قبل أن يصدر هذا الأخير أمره بالعفو أو الرفض كان للمحكوم عليه أن يستشكل في هذا التنفيذ ، و على قاضي الاستشكال أن يأمر بوقفه إلى غاية استكمال الإجراء المنصوص عليه.
    5- تعدد السندات التنفيذية :
    أ- الاستشكال في التنفيذ المتعلق بالحكم الواجب التنفيذ:
    إذا صدر على الشخص الواحد اكثر من حكم عن جريمة واحدة فان الحكم البات هو الحكم الذي يصير قيد التنفيذ قبل غيره و إذا قام نزاع بين النيابة و المنفذ ضده حول تحديد الحكم الواجب التنفيذ فان ذلك يصلح إشكالا للتنفيذ و إذا رأى القاضي أن النيابة أخطأت في تحديد الحكم الواجب التنفيذ قضى بتنفيذ الحكم الواجب التنفيذ طبقا للقانون.
    و كذلك فانه إذا تعددت السندات التنفيذية لشخص واحد لواقعة واحدة و صار كل سند حائزا لقوة الشيء المقضي فيه فان الحكم الأسبق في التاريخ من حيث صيرورته باتا يكون هو السند الواجب التنفيذ و تكون الأحكام التالية بعده باطلة على اعتبار أنها انصبت على وقائع سبق الفصل فيها و قد قضت المحكمة العليا في هذا الصدد بان هذه الحالة مجال لتدخل النائب العام لإبطال الحكم الثاني عن طريق الطعن لصالح القانون طبقا لمقتضيات م 530 ق اج ج
    ب- الاستشكال في التنفيذ المتعلق بالعقوبة في حد ذاتها (جب العقوبة و ضمها ) :
    نصت الفقرة الأولى من المادة 35 ق ع على انه " إذا صدرت عدة أحكام سالبة للحرية بسبب تعدد المحاكمات فان العقوبة الأشد وحدها هي التي تنفذ " بمعنى أن تتعدد المتابعات و أن تصدر المحكمة عقوبـة عن كل جريمة، وتنـفذ منـها فقــط العقوبـة الأشـــدو لا يجوز ضمها و يستوي أن تكون العقوبات المحكوم بها من طبيعة جنحية أو جنائية أو كلتيهما، باستثناء ما نصت عليه المادتين 189 ق ع و 593 ق اج ج .
    و يؤول الاختصاص في تنفيذ العقوبة الأشد إلى النيابة العامة لأنها السلطة المخولة بالتنفيذ حسب المادة 09 ق ت س و ذلك من تلقاء نفسها دونما حاجة إلى عرض الأمر على جهات الحكم ، فإذا ما سهت النيابة عن تطبيق العقوبة الأشد أو أثير نزاع حول ذلك تعلق الأمر بإشكال في التنفيذ و هنا للمنفذ ضده حق الاستشكال فيه أمام الجهة المختصة للفصل فيه وفقا لما نصت عليه المادة 14 من قانون تنظيم السجون.و ليس لهذه الجهة الحق في التصريح بعدم اختصاصها كما انه ليس للنيابة ان تحل محلهاو تأمر الجهة المختصة في الاستشكال بجب العقوبات و بتنفيذ العقوبة الأشد المحكوم بها و بالتالي تسقط العقوبات الأخرى.
    و قد أضاف المشرع الفقرة الأخيرة للمادة 14 من القانون رقم 05 04 المتعلق بتنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين و التي تنص " ترفع طلبات دمج العقوبات أو ضمها بنفس الإجراءات المحددة في الفقرة السابقة من هذه المادة أمام آخر جهة قضائية أصدرت العقوبة السالبة للحرية " تأكيدا منه على أن طلبات الدمج و الضم هي أحد أسباب الاستشكال في التنفيذ و تخضع لكافة الإجراءات المتعلقة بهذا النظام .
    أما فيما يتعلق بضم العقوبات فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 35 من ق ع على انه إذا كانت العقوبات المحكوم بها من طبيعة واحد فان يجوز للقاضي أن يأمر بضمها كلها ، أو بعضها في نطاق الحد الأقصى المقرر قانونا للجريمة الأشد ، و يشكل ذلك خروجا على القاعة العامة في جب العقوبات ، و يقصد بالضم جمع العقوبات بإضافةمدة الحبس المقضي بها سابقا إلى العقوبات المقضي بها لاحقا و تنفيذ جميعها الواحدة تلو الأخرى، و بتطبيق الضم نكون أمام حالتين :
    · الحالة الأولى : أن تتعدد المتابعات أمام الجهة القضائية نفسها فيكون لجهة الحكم عند الفصل في آخر دعوى تعرض عليها أن تقضي بجمع العقوبة التي تنطق بها مع ما سبق لها أن حكمت به ، و ذلك وفقا للشروط المنصوص عليها في م 35-2 ق عو هي : تعدد الجرائم و صدور عدة أحكام السالبة للحرية ، و وحدة العقوبة من حيث طبيعتها ، فإذا كانت من طبيعة مختلفة كأن تكون إحداها عقوبة جنائية و الأخرى جنحية وقضي فيها بالضم فان ذلك خرق لأحكام المادة 35-2 من قانون العقوبات و ترتب على ذلك البطلانو يقضي القاضي بموجب أمر مسبب بضم كل العقوبات المحكوم بها أو بعض منها ، و تحديد العقوبة التي يجب تنفيذها ، و التي لا يجوز ان تكون مدتها اكثر من الحد الأقصى المقرر قانونا للجريمة الأشد .
    · الحالة الثانية : أن تعدد المتابعات و يتم الفصل فيها جميعا دون ضمها ، ففي حالة إغفال الجهة الأخيرة الفصل في الضم فانه للنيابة العامة أو المحكوم عليه الاستشكال في التنفيذ و ذلك عن طريق رفع طلب الضم إلى الجهة المختصة وفقا للإجراءات السابق ذكرها ، و إذا كان تطبيق المادة 35-2 جوازي للقاضي فان هناك حالات يجب الحكم فيها بالضم و ذلك في مواد المخالفات سواء في الأمر بالحبس او الغرامة وفقا لما نصت عليه المادة 38 ق ع و بالعقوبات المالية ما لم يقرر القاضي خلاف ذلك بنص صريح رفقا للمادة 36 ق ع و قد أضفت الفقرة 2 من المادة 14 من قانون تنظيم السجون نوع من الوضوح على المادة 35-2 ق ع عندما حددت المحكمة المختصة بالأمر بجمع العقوبات.

    المطلب الثاني : الاستشكال حول مدى اتفاق التنفيذ مع الحكم

    الفرع الأول : الاستشكال حول شخصية المحكوم عليه

    إعمالا لمبدأ شخصية العقوبة ، فانه لا تنفذ هذه الأخيرة إلا على من صدر الحكم في شأنه إلا انه قد يقع التنفيذ على غير المحكوم عليه كأن يكون هناك تشابه في الأسماء أو انتحال صفة الغير ، فإذا حدث ذلك تعين دفع هذا التنفيذ الخاطئ عن طريق دعوى الإشكال في التنفيذ، و تعد هذه الصورة من أهم صور الاستشكال في التنفيذ و قد نص المشرع الجزائري في المادة 569 ف1من قانون الإجراءات الجزائية على انه إذا تم إمساك هارب متابع أو حصل في أية حالة أخرى أن كانت هوية المحكوم عليه محل نزاع يفصل فيه وفق القواعد المقررة في مادة إشكالات التنفيذ وتكون الجلسة علنية . و بالتالي فانه إذا وقع التنفيذ على غير المحكوم عليه كان له أن يستشكل في ذلك لوقوعه على غير ذي صفة ، و بالرجوع إلى نص المادة 596 السالفة الذكر فانه يجوز لغير المحكوم عليه رفع الإشكال على أساس أن النزاع في شخصية المحكوم عليه لا يثيره إلا غير المحكوم عليه .
    و من صور النزاع حول شخصية المحكوم عليه ما يلي:
    1- أن يتخذ المتهم أثناء إجراءات سير الدعوى اسم شخص آخر و يصدر ضده الحكم بالاسم المنتحل :
    فنكون أمام محكوم عليه حقيقي و هو الذي قدم للمحاكمة و تنصرف إليه آثار الحكم و محكوم عليه ظاهر و هو صاحب الاسم المنتحل و الذي لم يكن طرفا في الدعوى مما يجعله غير ذي صفة إذا ما أراد الطعن في الحكم و يعتبر ورود اسمه في الحكم خطأ ماديا يمكن طلب تصحيحه كما يمكن الاستشكال فيه.
    2- أن يمثل أمام المحكمة شخص غير المتهم :
    سواء اتخذ لنفسه اسما كاسم المتهم أو نسب هذا الاسم إليه فيصدر الحكم على غير المتهم الحقيقي و يكون غير موجود بالنسبة للمتهم الحقيقي، فإذا شرعت النيابة العامة في التنفيذ سواء على المتهم أو على من حمل اسمه جاز لهما الاستشكال في تنفيذ الحكم .
    كما أن له الاستشكال في التنفيذ إذا حركت الدعوى ضد المتهم الحقيقي و لكن كلف بالحضور شخص آخر يتشابه معه في الاسم و اللقب .

    الفرع الثاني : مدى تعلق التنفيذ بأهلية المحكوم عليه

    يجب أن يكون المحكوم عليه في حالة صحية تسمح له بتلقي التنفيذ العقابي أي أن يكون لديه أهلية التنفيذ و التي يجب أن تتوفر عند ابتداء هذا الأخير و تظل قائمة حتى انتهائه و من أهم الصور المتعلقة بأهلية التنفيذ إصابة المحكوم عليه بمرض أو جنون أو كان المحكوم عليه امرأة حاملا أو مرضعة .
    1- إصابة المحكوم عليه بمرض أو جنون :
    يجب أن تتوفر لدى المحكوم عليه الكفاءة العقلية و الجسمية التي تسمح له باستيعاب و تحمل العقوبة و على ذلك فإذا ما ثبت إصابة المحكوم عليه بمرض خطير يهدد حياته أو كان التنفيذ يزيد في خطورته و لم يكن قد أودع الحبس جاز له أن يستشكل في تنفيذ الحكم إذا ما باشرته النيابة و أن يؤسس هذا الإشكال على الخطر الذي يتهدده سبب التنفيذ و ما يترتب على ذلك من ضرر جسيم يصعب تفاديه ، و للجهة المختصة أن تأمر بوقف التنفيذ.
    و قد جعل المشرع إصابة المحكوم عليه بمرض خطير احد حالات التأجيل الجوازي المؤقت في المادتين 15 و16 من قانون تنظيم السجون، و ذلك بعد ثبوت هذه الإصابة عن طريق تقرير طبي لطبيب مسخر من طرف النيابة و لم يشر المشرع الجزائري إلى حالة الجنون كسب لتأجيل تنفيذ العقوبة السالبة للحرية و لكن بالرجوع إلى نص المادة 61 من قانون تنظيم السجون و التي تفرض على النيابة الأمر بوضع المحكوم عليه المصاب بجنون في مستشفى الأمراض العقلية بناء على مقرر يصدر عن النائب العام نستنتج أن نية المشرع اتجهت إلى اعتباره احد صور المرض الخطير.
    هذا و قد نصت المادة 155 على حالة الجنون كسبب وجوبي لتأجيل تنفيذ عقوبة الإعدام مما يجعل الإشكال المبني على هذه الحالة ممكنا .
    2-المحكوم عليها حامل أو مرضعة :
    يؤجل تنفيذ العقوبة الصادرة ضد حامل أو مرضعة إذا كان محكوما عليها بعقوبة سالبة للحرية و تعد هذه الحالة احد حالات تأجيل التنفيذ ألجوازي بموجب مقرر يتخذه النائب العام أو وزير العدل حسب الأحوال و ذلك إلى حين ما بعد وضع الحمل بشهرين كاملين إذا ولد الجنين ميتا و إلى 24 شهرا إذا ولد الجنين حيا (م 16-7 ،17-1 من قانون تنظيم السجون).
    و إذا كان محكوم عليها بعقوبة الإعدام فإنها لا تنفذ و تعبر أحد حالات تأجيل التنفيذ الو جوبي و ذلك بنص المادة 15 من قانون تنظيم السجون.
    و علة أرجاء التنفيذ هي إنقاذ الجنين لعدم إذنابه تطبيقا لمبدأ شخصية العقوبة وإذا ما أرادت النيابة مباشرة التنفيذ قدمت المحكوم عليها إشكالا في ذلك تأسيسا على نص المادة 13 من قانون السجون و على المحكمة المختصة إذا ما ثبت لها صحة الادعاء أن تأمر بوقف التنفيذ إلى حين انتهاء الأجل الممنوح للمحكوم عليها في هذه الحالة .

    المطلب الثالث : الاستشكال حول اتفاق التنفيذ مع قواعد القانون

    لا يكون التنفيذ سليما إلا إذا كانت العقوبة المنفذة هي ذاتها المحكوم بها من حيث مقدارها ويجب أن لا يخالف الضوابط الإجرائية المقتضاة قانونا تماشيا و مبدأ الشرعية فإذا كان التنفيذ معيبا لا يتفق و مواضيع القانون الخاصة به تعلق الأمر بإشكال في التنفيذ .
    و تطبيقات الاستشكال حول مخالفة التنفيذ للضوابط التي حددها القانون عديدة نذكر منها

    الفرع الأول : النزاع حول مقدار العقوبة

    إن الجزاء المقرر وفقا للمادة 4 من قانون العقوبات يحوي صورتين : العقوبة و تدبير الأمن، و تناولت المواد من 05 إلى 26 تصنيف كل منهماوان كان قانون 05-04 قد أشار إلى كيفية تنفيذ العقوبة السالبة للحرية أو عقوبة الإعدام فانه لم يتطرق إلى كيفية تنفيذ العقوبات التكميلية و التبعية و تدابير الأمن رغم أن قانون 72-02 الملغى نص في
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

     الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية  Empty رد: الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية

    مُساهمة من طرف Admin الخميس أغسطس 08, 2013 1:35 am




    الفصــل الثــاني: أحكام الاستشكال في التنفيذ:

    تعرفنا سابقا على مفهوم الإشكال في التنفيذ من خلال تعريفه و البحث في مجاله و أسبابه و انتهينا إلى أنه دعوى قضائية تهدف إلى الفصل في مدى مطابقة التنفيذ للأحكام القانونية و الإجرائية المقتضاة و للوصول إلى ذلك وجب مراعاة الأصول المقررة لانعقاد ولاية القضاء في نظرها و كذا القواعد اللازمة لقبولها ، و ذلك سيكون عن طريق البحث في الجهة المختصة بنظر الاستشكال في التنفيذ وكذا الحكم الصادر في الاستشكال في التنفيذ و طرق الطعن فيه.
    و سوف نخصص لكل موضوع في الموضوعات مبحثا على الشكل التالي:

    المبحـــث الأول: الاختصاص بالاستشكال في التنفيذ و كيفية نظره:

    المبدأ هو أن الاختصاص بنظر الاستشكال في التنفيذ ينعقد للجهة القضائية مصدرة الحكم على أساس أن دعوى الإشكال في التنفيذ هي دعوى عمومية تكميلية و لصحة هذه الدعوى يشترط توافر الصفة و المصلحة في المستشكل في التنفيذ و ذلك لقبول النظر فيها.
    و لتفصيل ذلك سوف نتناول اختصاص الجهات القضائية بنظر الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية و من يناط بذلك من استثناءات و ذلك في مطلب أول و في المطلب الثاني نتطرق لشروط قبول دعوى الاستشكال في التنفيذ و أخيرا نتعرض لآثار رفع الاستشكال في التنفيذ.

    المطلـــب الأول : الجهة المختصة بنظر الإشكال في التنفيذ:

    إن دعوى الاستشكال في التنفيذ هي دعوى عمومية تكميلية تخضع لضوابط الاختصاص الجزائي، فالمبدأ هو أن المحكمة المختصة بالاستشكال في التنفيذ هي المحكمة مصدرة الحكم و هو ما بينته معظم التشريعات مع بعض الاستثناءات التي تخرج عن هذا المبدأ و هو ما سنعرض له في الآتي:

    الفــرع الأول: المحكمة ذات الاختصاص العام:

    أثارت إشكالات التنفيذ في الأحكام الجزائية نوعا من الصعوبات و الجدل فقها و قضاء ، خاصة عندما يريد المستشكل رفع إشكاله لدى القضاء الجزائي أو المدني و يثور النزاع حول أيهما المختص؟ هل هو القضاء الجزائي مصدر الحكم المستشكل فيه أم القضاء المدني؟.
    و قد انقسمت الآراء الفقهية بين من يرى أن النيابة العامة هي القائمة على التنفيذو هي من يملك سلطة حل كل المنازعات التي تثور بشأن ذلك، و انتقد هذا الرأي على أساس أنها بهذه الصفة تصبح خصما يباشر التنفيذ لصالحه و لا يجوز أن يكون الخصم حكما و قد عدل من هذا الرأي لمخالفته للعدالة. و من يرى بأن المحكمة المختصة بذلك هي المحكمة المدنية لما لها من الولاية العامة، و لكن انتقد جارو هذا الرأي على أساس أن المحكمتين الجزائية و المدنية هما قسمان في المحكمة نفسها و لا أفضلية لإحداهما على الأخرى فليس لإحداهما سلطة أعلى في سلم التوزيع القضائي لينعقد الإجماع على أن الاختصاص بالإشكال في التنفيذ يكون للمحكمة مصدرة الحكم و هو ما ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية و التي استقرت على أن الاختصاص يكون للمحكمة التي أصدرت الحكم
    و قد أسندت معظم القوانين الحديثة الاختصاص في نظر الاستشكال في التنفيذ إلى المحكمة مصدرة الحكم، و قد نصت المادة 524 من قانون الإجراءات الجنائية المصري قبل تعديله بالقانون رقم 170 سنة 1981 على أن" كل إشكال في التنفيذ يرفع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم...." و نصت المادة 710 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي على أن كل إشكال قضائي في التنفيذ يرفع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم، و كذا نفس المبدأ سار عليه المشرع الجزائري الذي نص في المادة 14 من قانون تنظيم السجون على أن: ترفع النزاعات العارضة المتعلقة بتنفيذ الأحكام الجزائية بموجب طلب أحكام الجهة القضائية التي أصدرت الحكم أو القرار. و نصت المادة 371 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه " إذا تعلقت الصعوبة المثارة في التنفيذ بالمصاريف القضائية و الرسوم يرفع الأمر إلى الجهة القضائية التي أصدرت الحكم في الموضوع، وذلك وفقا للقواعد المقررة في مادة إشكالات التنفيذ لكي تستكمل حكمها في الموضوع" .
    1- الاختصاص في نظر الاستشكال في تنفيذ الأحكام و القرارات الصادرة في مادة المخالفات و الجنح:
    إذا تعلق الأمر بتنفيذ حكم صادر عن قسم المخالفات أو الجنح اختص هذا الأخير بنظره سواء استأنف أو لم يستأنف فيه و لم يفصل في الاستئناف بعد، و إذا كان الاستشكال متعلقا بقرار صادر عن الغرفة الجزائية اختصت هذه الأخيرة بنظره و هو ما قررته المحكمة العليا بقولها« متى كان من المقرر قانونا أن النزاعات العارضة المتعلقة بتنفيذ الأحكام الجزائية ترفع أمام الجهة القضائية التي أصدرت الحكم ، و من ثم فإن قضاة المجلس الذين قضوا بعدم الاختصاص في طلب المتهم بضم الأحكام الجزائية الصادرة عنهم لم يعتمدوا أساسا قانونيا صحيحا ».
    و إذا كانت الحالة التي يعدل فيها القرار الحكم المستأنف ، أو يلغيه أو يتصدى من جديد لا تطرح أي صعوبة ، فإنها تثار عندما يكون القرار مؤيدا لحكم الدرجة الأولى و إن كان هناك من يرى أنه و تماشيا و المبدأ المقرر فإن الاختصاص ينعقد لمحكمة الدرجة الثانية ، و لكن هناك من يتجه إلى أن الحكم الابتدائي المؤيد من المحكمة الإستئنافية يظل قائما و منتجا لآثاره من و قت صدوره. و تختص في هذه الحالة محكمة أول درجة بالفصل في إشكالات التنفيذ التي تثور بمناسبة تنفيذ هذا الحكم.
    - و قد قضت محكمة النقض المصرية بأنه « متى كان المتهم قد قضي عليه ابتدائيا غيابيا بالحبس شهرين فعارض و حكم بالتأييد في المعارضة و تأيد هذا الحكم إستئنافيا فإن الإختصاص في طلب إلغاء وقف تنفيذ العفوية إنما يكون لمحكمة الدرجة الأولى ..
    - و في حالة تعدد السندات التنفيذية حول واقعة واحدة فإن الحكم الحائز قوة الأمر المقضي فيه قبل غيره من الأحكام الصادرة في ذات الموضوع هو الواجب النفاذ و تكون المحكمة مصدرته هي المختصة بنظر النزاعات العارضة في شأن تنفيذه، و أساس ذلك أن الحكم الصادر في واقعة سبق الفصل قبل متهم معين هو حكم باطل لتعارضه وحجية الشيء المقضي فيه و هو ما ذهبت إليه المحكمة العليا من أنه متى صدر حكمان متتاليان ضد نفس المتهمين في ذات الواقعة تعين إبطال الثاني لصالح القانون وانه متى ثبت أن المتهم الواحد كان موضوع حكمين جزائيين متتالين من اجل ذات الواقعة وللسبب نفسه تعين إبطال الحكم الثاني لسبق صدور حكم بات في القضية.
    - أما بالنسبة للإشكال في تنفيذ القرارات الصادرة بعد الطعن بالنقض في الحكم أو القرار ، فذهب جانب من الفقه إلى أنه إذا انتهت جهة النقض إلى عدم جواز الطعن قانونا، أو إلى عدم قبوله لعدم توافر شروطه كان قرارها تأكيدا لما انتهت إليه محكمة الموضوع ، و لا يعد سندا تنفيذيا في ذاته ، إذ لا يمكن التنفيذ بمقتضاه ، و بالتالي لا يصلح أساسا للإشكال في التنفيذ ، و يتعين رفع هذا الأخير إلى المحكمة التي كانت تختص به لو لم يطعن فيه بطريق النقض والحكم ذاته يطبق في حالة النقض و الإحالة لأن الحكم أو القرار المطعون فيه يصبح منعدما ، فإن قامت النيابة بالتنفيذ بمقتضاه انعقد الاختصاص بنظر الاستشكال للمحكمة التي أصدرته لاستناد التنفيذ عليه.
    و على فرض وجود إشكال في تنفيذ قرار المحكمة العليا فانه لا يخرج عن كونه طلب تصحيح خطا مادي و هنا تختص الغرفة الجنائية التي صدر عنها القرار الخاطئ بتصحيحه و هو ما استقرت عليه المحكمة العليا في قراراتها فيجوز لأي طرف في الدعوى أن يقدم للمجلس الأعلى ( المحكمة العليا) عريضة يلتمس فيها تصحيح الخطأ المادي الذي حصل في منطوق قرار سابق و متى ثبت و أنه حصل خطأ في قرار صدر عن المجلس الأعلى ( المحكمة العليا) و طلب النائب العام تصحيحه تعين على الغرفة الجنائية التي صدر عنها القرار الخاطئ أن تستجيب لطلبه و أن تصحح الخطأ الذي حصل في قرار مستقل و يجوز للمجلـس الأعلـى ( المحكمة العليا) أن يصحح قراره القاضي خطأ بعدم قبول الطعن شكلا متى ثبت له أن تهاون كاتب الضبط هو الذي كان سببا في عدم إيداع مذكرة النقض في الأجل المحدد قانونا
    2- الاختصاص في نظر الاستشكال في تنفيذ الأحكام و القرارات الصادرة في مادة الأحداث:
    أسند المشرع الفرنسي الاختصاص بكافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ العقوبات أو التدابير المحكوم بها في مواجهة الحدث من اختصاص قاضي الأحداث و تنظر هذه الإشكالات وفقا لقواعد خاصة تقتضيها خصوصية القسم و الموضوع بينما ذهب المشرع المصري مذهبا مغايرا في اعتبار أن رئيس محكمة الأحداث التي يجري التنفيذ بدائرتها هو المختص في نظر أي استشكال يثار عند تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الحدث سواء كانت صادرة عن محكمة الأحداث أو عن المحكمة الاستئنافية ، وسواء كانت صادرة في جناية أو جنحة و يتفق هذا الرأي و الضرورات العملية من إنشاء محاكم خاصة للأحداث تتولى الحكم و الإشراف على تنفيذ الأحكام و التدابير الموقعة عليهم.
    و بالرجوع إلى القانون الجزائري فنجد أن المادة 485 ق إ ج ج نصت على « يكون مختصا إقليميا في الفصل في جميع المسائل العارضة و دعاوى تغيير التدابير في مادة الإفراج تحت المراقبة ، و الإيداع و الحضانة
    1- قاضي الأحداث أو قسم الأحداث الذي سبق و أن فصل أصلا في النزاع .
    2- قاصي الأحداث أو قسم الأحداث الذي يقع في دائرته موطن والدي الحدث أو موطن صاحب العمل أو المؤسسة أو المنظمة التي سلم إليها الحدث بأمر من القضاء ، كذلك إلى قاضي أحداث أو قسم أحداث المكان الذي يوجد به الحدث فعلا مودعا أو محبوسا ، و ذلك بتفويض من قاضي الأحداث أو قسم الأحداث الذي فصل أصلا في النزاع .
    إلا أنه فيما يتعلق بالجنايات فإن قسم الأحداث المختص بمقر المجلس القضائي لا يجوز له أن يفوض اختصاصه إلا لقسم مختص بمقر مجلس قضائي آخر ، فإذا كانت القضية تقتضي السرعة جاز لقاضي الأحداث الموجود في المكان الذي يوجد به الحدث مودعا أو محبوسا أن يأمر باتخاذ التدابير المؤقتة » ، و قد عرفت المسائل العارضة حسب هذه المادة بأنها ظرف جديد يطرأ أثناء تنفيذ الإجراءات أو التدابير المتخذة من طرف القاضي تستلزم إعادة النظر في التدبير الأصلي و هو معنى يقترب كثيرا من مفهوم الإشكال في التنفيذ إن لم نقل أن المشرع قصد بها (أي المسائل العارضة) الإشكالات في تنفيذ الأحكام و لكن على نطاق ضيق يخص فقط التدابير على أساس قابليتها للمراجعة وفقا لحالة الحدث و مدى استجابته لهذه التدابير المتخذة في شأنه و هو ما لا يظهر إلا أثناء التنفيذ فتستدعي مصلحة الحدث إذا ما كان مكان التنفيذ ليس هو مكان صدور الحكم أن يعرض الأمر على أقرب قاضي أحداث له، و الذي هو قاضي الأحداث المتواجد بدائرته مكان التنفيذ و لكن لا ينعقد هذا الاختصاص إلا بعد تفويض من قاضي الأحداث مصدر الحكم، و إذا ما تعلق الأمر بالجنايات فيجب إلى جانب التفويض أن تكون الجهة المفوضة هي قسم الأحداث بمحكمة مقر مجلس قضائي آخر، إلا أنه في أحوال الاستعجال يجوز لقاضي الأحداث بمكان وجود الحدث مودعا أو محبوسا فقط بأن يأمر باتخاذ ما لزم من التدابير الوقتية إلى حين عرض الملف على صاحب الاختصاص ، و قد أضافت المادة 487 ق إ ج أنه يجوز لقاضي الأحداث عند الاقتضاء أن يأمر إذا ما طرأت مسالة عارضة أو دعوى متعلقة بتغيير نظام الإيداع أو الحضانة باتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان وجود شخص الحدث تحت سلطته، و له أن يأمر بمقتضى قرار مسبب بنقل الحدث الذي يتجاوز عمره الثالث عشر إلى أحد السجون، و حبسه فيه مؤقتا طبقا للأوضاع المقررة في المادة 456 ق إ ج ج ، و بمقارنة هذا النص بالمادة 14 من قانون تنظيم السجون التي أجازت للجهة المختصة في نظر الإشكال ان تأمر بوقف التنفيذ مؤقتا ، أو أن تأمر باتخاذ أي تدبير تراه مناسبا، نجد أن المشرع قد خرج عن الهدف المبتغى من نظرية الإشكال في التنفيذ فالغاية من الاستشكال هي وقف التنفيذ المعيب أو الخاطئ فإذا ما تعلق الأمر بالتدبير المتخذ في شان الحدث فالمفروض أن يستبدل التدبير محل المسالة العارضة بتدبير أكثر حماية و أكثر تناسبا مع وضعية الحدث و نفسيته إلى حين الفصل في هذه الأخيرة لا أن ينتقل من تدبير حماية إلى حبس مؤقت ؟هذا من جهة و من جهة أخرى فإنه من المقرر قانونا أن الحبس المؤقت هو إجراء استثنائي يعرف بأنه سلب حرية المتهم مدة من الزمن تحددها مقتضيات التحقيق و مصلحته وفق ضوابط يقررها القانون، فكيف يمكن الأمر بحبس المحكوم عليه نهائيا مؤقتا ؟ خاصة إذا تعلق الأمر بحدث استفاد بحكم اتخذ بشأنه أحد التدابير المنصوص عليها بالمادة 444 ق إ ج ج . تطبيقا للمبادئ العامة في القانون فيكون نص المادة 487 ق إ ج في غير محله، يجب تعديله.

    الفــرع الثــاني: الاستثناءات الواردة على القاعدة العامة في تحديد الاختصاص :

    أولا: اختصاص غرفة الاتهام في الاستشكال في التنفيذ:
    لقد منح المشرع الجزائري اختصاصا استثنائيا لغرفة الاتهام بنظر أو الفصل في النزاعات العارضة وفق ما نصت عليه المادة 14 من قانون تنظيم السجون في فقرتها الخامسة بينما تعلقت الفقرة الأخيرة منها بضم العقوبات وجبها و تأثيرها على الاجتهاد القضائي و الذي استقر على إسناد الاختصاص فيه لغرفة الاتهام إذا ما تعلق بالأحكام الجنائية
    عن الاختصاص بالاستشكال في تنفيذ الأحكام الجنائية:
    لقد نصت المادة 524 من قانون الإجراءات الجنائية المصري المعدل بالقانون رقم 170 لسنة 1981 على أن تختص محكمة الجنايات بنظر الإشكالات المترتبة على تنفيذ أحكامها و هو ما سار عليه القضاء الفرنسي قبل تعديل قانون الإجراءات الجزائية و ذلك بسبب الصعوبات العملية التي تثيرها الطبيعة المؤقتة لمحاكم الجنايات لا سيما عند حدوث نزاع في غير أدوار الانعقاد أين تم إسناد الاختصاص في الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجنائية لغرفة الاتهام و ذلك في المادة 710 ق إ ج و هو ما يتماشى و الاتجاه العام القاضي بأنه كلما كانت هناك مسألة فرعية ناشئة عن حكم صادر عن محكمة الجنايات ، فإنها تحال إلى غرفة الاتهام للفصل فيها ( م 366 و 373 ق إ ج ف).
    و قد تبنى المشرع الجزائري ما توصل إليه المشرع الفرنسي فنص في المادة 14 ف 5من قانون تنظيم السجون على أنه " تختص غرفة الاتهام بتصحيح الأخطاء المادية ، و الفصل في الطلبات العارضة المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة عن محكمة الجنايات"
    و غرفة الاتهام تختص بالاستشكال في تنفيذ أي حكم صادر عن محكمة الجنايات مهما كان نوعه ، فقد تصدر محكمة الجنايات حكما في جناية كما قد يكون في جنحة أو في مخالفة ففي جميع هذه الأحوال و غيرها من الجرائم المرتبطة و جرائم الجلسات ، و كذا الجنايات المعاد تكييفها إلى جنحة أو مخالفة تعرض الإشكالات في تنفيذ هذه الأحكام على غرفة الاتهام ، آية ذلك أن المشرع قد استخدم عبارة « إذا كان الحكم صادرا عن محكمة الجنايات.،و إطلاقه النص بهذه الصيغة يفيد أن كل حكم صادر من محكمة الجنايات مهما كان أمره يعرض الاستشكال فيه على غرفة الاتهام، و هو ما أكدته المحكمة العليا بقولها « إن غرفة الاتهام لما قضت بعدم اختصاصها في طلبات النيابة الرامية إلى الفصل في الهوية الحقيقة للمتهم قد أخطأت في تطبيق القانون لأنها الجهة القضائية المختصة للفصل في الإشكال الناجم عن تنفيذ الأحكام الجنائية» و لم يحدد المشرع غرفة الاتهام المختصة محليا بنظر الحكم المستشكل في تنفيذه لذلك ذهب رأي للقول بأن غرفة الاتهام التي يجري بدائرتها التنفيذ هي المختصة و لو لم تقع في دائرة محكمة الجنايات مصدرة الحكم ، و ذلك حماية لمصلحة المستشكل، بينما يذهب رأي ثان إلى أن الغرفة المختصة هي التي تقع في دائرة محكمة الجنايات مصدرة الحكم المستشكل في تنفيذه و هو التفسير الأقرب إلى الصواب لأن الاتجاه العام في باب الاختصاص بالاستشكال في التنفيذ هو إسناده للجهة مصدرة الحكم وكذلك تسهيلا و تسييرا لمجريات نظر الملف إذ يكون من الأيسر في هذه الحالـة الرجوع إلى ملف القضية المحفوظ على مستوى المجلس .
    و تفصل غرفة الاتهام في الحكم المستشكل في تنفيذه بصفتها جهة حكم لأنها تعتبر بديل عن محكمة الجنايات و يعلل هذا الرأي صياغة المادة 310 من ق إ ج ج التي نصت في فقرتها الأخيرة و ما قبل الأخيرة على انه « إذا كانت الإدانة لا تتناول جميع الجرائم موضوع المتابعة او لم تكن إلا عن جرائم جرى عليها تعديل الوصف القانوني للوقائع موضوع الاتهام ، سواء أكان ذلك أثناء سير التحقيق أو كان وقت النطق بالحكم ، و كذلك في حالة إخراج متهمين معينين من الدعوى تعين على المحكمة أن تقضي بحكم مسبب بإعفاء المحكوم عليه من جزء من المصاريف التي تترتب مباشرة على الجريمة التي نجمت عنها الإدانة في الموضوع ، و تعين المحكمة نفسها مقدار المصاريف التي اعفي منها المحكوم عليه، و تضع هذه المصاريف على عاتق الخزينة أو المدعي المدني حسب الظروف فان خلا حكم المحكمة من تطبيق الفقرة السابقة فصلت غرفة الاتهام في هذه النقطة» .
    الا أن الملاحظ أنه في الاجتهاد الأخير للمحكمة العليا المؤرخ في 17-09-2008 في الملف رقم468699 فهرس 04445-08 قرار غير منشور جاء كمايلي: ((...فيكون من صلاحيات النيابة العامة المكلفة قانونا بموجب المادة 10 من نفس القانون بمتابعة تنفيذ الأحكام الجزائية أن تنفذ العقوبة الأشد وحدها و بقوة القانون طبقا للمادة 35 فقرة الأولى من قانون العقوبات.
    و إذا رأت النيابة العامة بأنه توجد حالة من حالات ضم العقوبات و ليس دمجها طبقا للفقرة الثانية من المادة 35 ق ع مثل صدور حكم يقضي بعقوبة سالبة للحرية من أجل جرم الفرار طبقا للمادة 188 و189 ق ع و التي تضم للعقوبات الأخرى، فعليها أن تعرض الطلب على آخر جهة قضائية التي أصدرت العقوبة السالبة للحرية حتى و لو تعلق الأمر بمحكمة الجنايات التي تفصل فيه بدون اشتراك المحلفين..)). غير أننا نرى أن ما جاء به هذا القرار لا يستقيم و منطق العمل القضائي و ذلك لسببين الأول هو مناقضته لاجتهادات سابقة جعلت من اختصاص غرفة الاتهام الفصل في طلبات الضم إذا تعلق الأمر بحكم جنائي و الثاني هو أن محكمة الجنايات لا تنعقد يوميا بل في دورات محددة و مسألة البت في طلبات ضم العقوبات قد لا تنتظر متى كانت بمثابة إشكالات في التنفيذ الأمر الذي يستدعي عرض القضايا من هذه الشاكلة على غرفة الاتهام توسيعا لمفهوم المادة 14 من قانون تنظيم السجون التي أناطت بهذه الأخيرة الفصل في الطلبات العارضة إذا كان مصدرها حكم جنائي،والأهم من ذلك هو مخالفته لنص القانون وخاصة المادة 14من ق ت س.
    عن الاختصاص بجب العقوبات و ضمها:
    لقد وضعت المادة 35 من قانون العقوبات في فقرتها الأولى مبدأ جب العقوبات أو دمجها أي عدم ضمها بعضها ببعض و تنفذ العقوبة السالبة للحرية الأشد المحكوم بها وحدها سواء كانت العقوبة المحكوم بها من طبيعة جنحية أو جنائية. و يؤول الفصل في النزاع إلى آخر جهة قضائية أصدرت حكما يقضي بعقوبة سالبة للحرية فإذا كان هناك حكم صادر عن محكمة الجنايات فيرجع الاختصاص إلى غرفة الاتهام لنفس المجلس القضائي و هو ما استقر عليه اجتهاد المحكمة العليا بقولها «إن المحكمة الجنائية لما أغفلت الفصل في طلب دمج العقوبات ليتعلق الأمر بإشكال في التنفيذ يؤول اختصاص الفصل فيه إلى غرفة الاتهام طبقا للمادة 09-04 من قانون تنظيم السجون و بعدم فصلها في الإشكال الحاصل تكون قد خالفت القانون»كما انه لا يجوز رفض طلب دمج العقوبات على أساس عدم توافر عناصر المادة 35 من قانون العقوبات دون تبيان ما هي هذه العناصر لأن غرفة الاتهام مجبرة على الفصل في الطلب بقرار مسبب"و أيضا ما نص عليه قرار المحكمة العليا في الملف رقم 20285بأن:« غرفة الاتهام مختصة بالإصلاحات، و الطلبات العارضة المتعلقة بالتنفيذ و الناجمة عن الأحكام الصادرة عن المحاكم الجنائية و لما تبين في قضية الحال أن غرفة الاتهام صرحت بعدم اختصاصها فيما يخص طلب دمج العقوبات دون الإشارة إلى أي نص قانوني فإنها خالفت القانون مادام الأمر يتعلق بنزاعات عارضة متعلقة بأحكام جزائية صادرة عن محكمة الجنايات».
    و جاء في قرار آخر « أنه متى ثبت أن هناك إشكال في تنفيذ العقوبة على المحكوم عليه بسبب الحكم عليه بالحبس لمدة 04 أشهر ثم السجن لمدة 12 سنة ، فإن قضاة غرفة الإتهام عندما صرحوا بعدم الاختصاص يكونوا قد خالفوا القانون و عرضوا قرارهم للنقض و البطلان»
    كما أنه « إذا صدرت عدة أحكام سالبة للحرية بسبب تعدد المحاكمات فإن العقوبة الأشد هي وحدها التي تنفذ و من ثم فإن القضاء بما يخالف ذلك يعد خطأ في تطبيق القانون ، و لما كان من الثابت في قضية الحال أن المتهم حكم عليه بعدة عقوبات ، و غرفة الاتهام برفضها لطلب ضم العقوبات و تطبيق أشدها تكون قد خرقت القانون».
    إلا أنه و بالرجوع إلى المادة 14 من ق ت س في فقرتها الأخيرة المعدلة للمادة09 المذكورة آنفا نجد أنها تنص على أن طلبات دمج أو ضم العقوبات ترفع أمام آخر جهة قضائية أصدرت العقوبات السالبة للحرية بمعنى أن المشرع استثنى طلبات الضم و الجب من النزاعات العارضة و أخضعها فقط لإجراءاتها و قرر بأن الاختصاص في نظرها يكون لآخر جهة أصدرت حكم الإدانة أي لمحكمة الجنايات باعتبارها آخر جهة قضائية أصدرت العقوبة السالبة للحرية مما يطرح عدة تساؤلات حول كيفية طرح طلب الضم على محكمة الجنايات بين دورات الانعقاد ؟ و كذا ماذا عن المبدأ المقرر بأن كافة النزاعات العارضة و الخاصة بالأحكام الجنائية الصادرة أمام المحكمة الجنائية يؤول الاختصاص بالفصل فيها لغرفة الاتهام ؟ و قد كان على المشرع أن يفرق بين طلبات الضم و الدمج إذا ما تعلق الأمر بحكم جزائي و هنا تعرض على آخر جهة مصدرة للحكم المستشكل فيه و بين طلبات الضم و الدمج إذا ما تعلق الأمر بحكم صادر عن محكمة الجنايات و التي يختص بالفصل في شأنها وفق إجراءات الاستشكال في التنفيذ غرفة الاتهام .
    ثانيا: اختصاص المحاكم المدنية بالاستشكال في التنفيذ:
    لقد منح المشرع المصري بموجب المادة 527 من قانون الإجراءات الجنائية الاختصاص للمحاكم المدنية في نظر الإشكالات التي تثور حول تنفيذ أي حكم جنائي و اشترط لذلك ثلاثة شروط أولها شرط في شخص المستشكل بأن يكون غير محكوم عليه ، و ثانيها شرط في الحكم المنفذ بأن يكون من الأحكام المالية ، و ثالثها شرط في طريقة التنفيذ بأن يقع بالطريق المدني على الأموال
    أما المشرع الجزائري فقد أسند في المواد: 02-03 ق إ ج الاختصاص في نظر الدعوى المدنية استثناءا إلى القضاء الجزائي ، و أخضعها للقواعد التي تحكم الدعوى العمومية ، و أسند للقضاء المدني النظر في الدعوى الجزائية كاستثناء ضيق في الفقرة الرابعة من المادة 31 إ م و أجاز التنفيذ عن طريق الإكراه البدني فيما يتعلق بالمصاريف القضائيةو الرسوم و التعويضات و الغرامات و ذلك في المواد 597 و ما بعدها ق إ ج ، فما هي الجهة المختصة بنظر الأشكال في تنفيذ الحكم الجزائي في شقه المدني أو الحكم الصادر عن محكمة مدنية القاضي بعقوبة جزائية ؟ أو الإكراه البدني هل هي المحكمة الجزائية حسب م 14 ق ت من أ م توجد نصوص أخرى تنظم الاختصاص في هذه الحالة و هو ما سوف نحاول الإجابة عنه من خلال النقاط التالية:
    أولا: الاختصاص عند الاستشكال في تنفيذ الحكم الجزائي في شقه المدني و الحكم الجزائي الصادر عن محكمة مدنية .
    الأصل أن يختص القضاء المدني بالدعوى المدنية ، غير أن تبعية هذه الأخيرة للدعوى العمومية من حيث المنشأ الواحد و هو الجريمة جعلت المشرع الجزائري يسند الاختصاص في نظرها استثناءا للقضاء المدني ، و أخضعها من حيث الإجراءات المتبعة بشأنها و من حيث مصيرها لقانون الإجراءات الجزائية.
    و نظرا لأن التشريعات لم تحدد المحكمة المختصة بالفصل في الإشكال الذي يثور بمناسبة تنفيذ الأحكام الصادرة في الدعوى المدنية من القضاء الجزائي ، انقسم الفقه إلى اتجاهين
    الاتجاه الأول : يرى أن القاعدة المتعلقة بإسناد الاختصاص بالاستشكال في التنفيذ للمحكمة التي أصدرت الحكم تطبق على الحكم الجزائي بشقيه المدني والجزائي ، فإذا أثيرت مسالة لم ينظمها المشرع بنص خاص ، تعين ردها إلى الأصل العام ، و القول أن المحكمة التي أصدرت الحكم في الدعوى المدنية تكون مختصة بإشكالات تنفيذها، إذا لم يورد المشرع نصا على خلاف ذلك.
    الاتجاه الثاني: يرى أن المحكمة المختصة بنظر الاستشكال في تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى المدنية التبعية هي المحكمة المدنية و ذلك للأسباب التالية:
    1- أن اختصاص المحكمة الجزائية بنظر الإشكال سببه أن هذا الأخير من توابع الدعوى العمومية ، فهو فرع يتبع أصله ، أما الدعوى المدنية ، فلا تنظرها المحكمة الجزائية إلا استثناءا من الأصل ، و الإشكال في التنفيذ الخاص بالحكم الصادر فيها ليس من توابع الدعوى الجنائية.
    2- أن تبعية الدعوى المدنية للدعوى العمومية أجلها أن يصدر الحكم فيها ، فإذا صدر الحكم الفاصل في الدعوى المدنية كان له استقلاله عن الحكم الفاصل في الدعوى الجزائية ، فالوحدة بين الدعويين تنتهي بصدور الحكم و استنفاذ طرق الطعن فيه ، إضافة إلى أن الحكم في شقه المدني يقرر حقوقا مدنية خالصة ،وينفذ بالطرق المدنية ، مما يوجب اختصاص المحكمة المدنية بإشكالات تنفيذه.
    3- أن إشكالات التنفيذ في الأحكام المدنية الصادرة في الدعوى المدنية عن المحاكم الجزائية لا يمكن ان تثير منازعات ذات طبيعة غير مدنية ، و إنما كل ما يتصور أن تثيره هي منازعات مدنية تختص بها المحكمة المدنية بحسب طبيعتها الأصلية و هي الأقدر على الفصل فيها و بمطابقة أسانيد هذا الرأي مع ما قرره المشرع الجزائري في هذا الصدد نجد النتائج التالية:
    1- أن تبعية الدعوى المدنية للدعوى العمومية لا تفقدها طبيعتها الخاصة فهي تتعلق بحق مدني ، و تخضع لقواعد و أحكام القانون المدني ، و نصت المادة (10 ق إ ج ) على أن تقادم الدعوى المدنية يكون وفق أحكام القانون المدني و نصت المادة 17 ق إ ج على أن تقادم العقوبات المدنية التي صدرت بمقتضى أحكام جزائية ، و اكتسبت قوة الشيء المقضي به بصفة نهائية وفق قواعد القانون المدني ، كما يجوز للمدعي المدني المضرور من الجريمة التنازل عن حقه المدني في أي مرحلة كانت عليها الدعوى
    2- أن المشرع لم يورد أي نص خاص بكيفية تنفيذ الحكم في شقه المدني عدا ما نصت عليه المادة 599 ق إ ج بأنه يجوز تنفيذ الأحكام الصادرة بالإدانة ، و برد ما يلزم رده و التعويضات المدنية ، و المصاريف القضائية بطريق الإكراه البدني بغض النظر عن المتابعات على الأموال حسب ما هو منصوص عليه بالمادة 597 ، و التي نصت في الفقرة الثانية على أن يعتبر مستخرج الحكم بالعقوبة سندا يسوغ بمقتضاه متابعة استخلاص الأداء بكافة الطرق القانونية من مال المحكوم عليه ، فالنصين يفيدان أن التنفيذ على الأموال يكون وفق طرق التنفيذ المدنية.
    3- أن نص المادة 14 المنظم للإشكال في التنفيذ وارد في قانون تنظيم السجون ، و هذا الأخير يتعلق بتنفيذ العقوبات السالبة للحرية ، و عقوبة الإعدام دون غيرها، مما يرجح أن نية المشرع اتجهت إلى تخصيص نظرية الإشكال في التنفيذ للأحكام الجزائية في الشق الفاصل في الدعوى العمومية.
    و هي النتائج التي تتفق مع الأسانيد التي بنى عليها الفقه و القضاء المقارن اختصاص المحكمة المدنية عند الاستشكال في تنفيذ الحكم في شقه المدني ، مما يجعلنا نميل لتطبيق هذا الحكم في التشريع الجزائري فيختص به رئيس المحكمة باعتباره قاضي الإشكال في التنفيذ ، وفقا للقواعد المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية لاسيما المادة 183 فقرة 02 منه ، و إذا ما تعلق الأمر بتفسير الحكم ، أو تصحيح خطئه المادي عرض ذلك على الجهة الجزائية التي أصدرت الحكم أصلا كونها الأقدر على ذلك.
    و هو المبدأ الذي قررته المحكمة العليا في قرارها القاضي بأن الغموض الذي يكتنف الأحكام القضائية يجوز رفعه عن طريق دعوى تفسيرية تختص بها الجهة القضائية التي أصدرته دون غيرها ، و لما قامت المحكمة المدنية بتفسير حكم جزائي في شقه المدني يعتبر حكمها المذكور غير سليم، و مخالفا للقانون يستوجب معه نقض القرار الذي أيده و إبطاله كليا دون إحالة.
    أما عن الإشكال في تنفيذ الحكم الصادر عن المحكمة المدنية ، والقاضي بعقوبة جزائية فيما يتعلق بجرائم الجلسات وفقا للمادة 31-4 ق إ م ، فقد أختلف في ذلك فقهيا ، فذهب رأي إلى أن عقد الإختصاص للمحكمة المدنية لإصدار عقوبة جزائية استثناء القصد منه المحافظة على قدسية القضاء و مكانته و القول بأن الأشكال في هذه الحالة ينعقد للمحكمة المدنية يعد استثناء على الاستثناء و هو غير مقبول و من ثم ينعقد الاختصاص للمحكمة الجزائية أما الرأي الثاني فيعقد الاختصاص للمحكمة المدنية على أساس التقيد بالنص.
    و دون ترجيح لأي من الرأيين نشير إلى ما تضمنته المواد 567- 571 ق إ ج فيما يتعلق بجرائم الجلسات حيث كرست المبدأ العام في الاختصاص كما يلي:
    إذا تعلق الأمر بجناية مهما كان نوع الجلسة و مكانها يحرر الرئيس محضرا و بعد استجواب الجاني يحيله مع أوراق الدعوى لوكيل الجمهورية الذي يطلب افتتاح تحقيق نهائي ( م 571 ق إ ج ) .
    إذا تعلق الأمر بجنحة أو مخالفة ارتكبت في جلسة محكمة جنايات فصلت فيها هذه الأخيرة تطبيقا لقاعدة " من يملك الكل يملك الجزء "
    - إذا تعلق الأمر بجنحة أو مخالفة ارتكبت في جلسة مجلس قضائي يحرر الرئيس محضرا عنها و يحيله إلى وكيل الجمهورية مع جواز الأمر بالقبض على المتهم إذا كانت الجنحة معاقب عليها بعقوبة الحبس الذي تزيد مدته عن الستة أشهر تطبيقا لمبدأ التقاضي على درجتين.
    - إذا تعلق الأمر بجنحة أو مخالفة ارتكبت في جلسة محكمة ناظرة في قضايا الجنح و المخالفات فصلت فيها استنادا إلى الاختصاص الأصيل في ذلك.
    - فوفقا لهذه الأحكام لا يجوز للمحكمة المدنية أن تفصل في جرائم الجلسات لعدم اختصاصها إلا في حالة الاستثناء الوحيد الذي قررته المادة 31-4 ق إ ج م.
    وبالرجوع إلى م 144 ق ع المعدلة بموجب القانون رقم: 01-09 المؤرخ في: 26 يونيو 2001 نجدها أفردت حكما خاصا بإهانة القاضي فنصت على أن من أهان قاضيا أثناء تأدية وظيفته أو بمناسبة تأديتها بقصد المساس بشرفه أو باعتباره أو بالاحترام الواجب لسلطته يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين و بغرامة من 5000 إلى 500.000 د ج أو إحدى هاتين العقوبتين و إذا وقعت الاهانة في جلسة محكمة أو مجلس قضائي تكون العقوبة من سنة إلى سنتين، و هو ما يطرح التساؤل عن النص الواجب التطبيق فإذا عملنا بقاعدة النص الأحدث يكون نص المادة 144 ق ع هو الواجب التطبيق مما يعني عدم إمكانية تطبيق المادة 31 - 4 ق إ م لتعارضها مع المبادئ العامة في الاختصاص و مع المادة 144 ق ع المتعلقة بإهانة قاضي.
    ثانيا : الاختصاص عند الاستشكال في تنفيذ الإكراه البدني.
    سبق و ان بينا بأن الإكراه البدني ليس إلا وسيلة من وسائل التنفيذ الجبري ، غرضها الوحيد تأمين التنفيذ و قد نظمه المشرع في المواد: 597 إلى 611 ق إ ج و أناط بوكيل الجمهورية سلطة الإشراف على التنفيذ عن طريقه و أسند لرئيس المحكمة الاختصاص في الفصل في النزاع الذي قد يحصل بسبب ذلك من خلال نص المادة (607 ق إ ج) التي جاءت صيغتها كالآتي " إذا حصل نزاع سيق المحكوم عليه بالإكراه البدني المقبوض عليه أو المحبوس إلى رئيس المحكمة التي بدائرتها محل القبض عليه أو حبسه.
    فإذا كان النزاع يتعلق بصحة إجراءات الإكراه البدني قام رجل القضاء المذكور بالفصل فيه على وجه الاستعجال ، و يكون قراره واجب النفاذ رغم الاستئناف .
    و في حالة وجود نزاع في مسألة فرعية تستلزم تفسيرا تطبق أحكام المادة 15 من قانون تنفيذ الأحكام الجزائية".
    و يأخذ على هذا النص عدم الوضوح إذ أن الفقرة الأولى جاءت عامة يفهم منها أن كل نزاع متعلق بالتنفيذ بواسطة الإكراه البدني ، يختص بنظره رئيس المحكمة، و في الفقرتين الثانية و الثالثة نميز بين حالتين حسب نوعية النزاع:
    1- إذا كان النزاع متعلقا بصحة إجراءات الإكراه البدني يفصل فيه رئيس المحكمة على وجه الاستعجال بموجب قرار واجب النفاذ رغم الاستئناف .
    2- إذا كان النزاع متعلقا بمسألة فرعية تستلزم تفسيرا فإنه أحال إلى المادة 15 من قانون تنفيذ الأحكام الجزائية،رغم عدم وجود قانون بهذا الاسم، و على فرض أنه يقصد قانون تنظيم السجون فإن المادة 15 تتعلق بالتأجيل المؤقت لتنفيذ عقوبة الحرمان من الحرية فيما يخص الأشخاص الذين لم يكونوا محبوسين عندما يصبح القرار الصادر عليهم نهائيا، و لم يحرمهم القانون من حق الاستفادة من هذا التأجيل، فيكون التساؤل ما الذي عناه المشرع بالمسألة الفرعية ؟
    سيما و أن النص بالغة الفرنسية أو رد عبارة " في حالة وجود نزاع عارض" ، و إذا تم تأجيل التنفيذ بصدد المسألة الفرعية فما هي الجهة المختصة بالتفسير : هل يبقى رئيس المحكمة أم تحال إلى الجهة القضائية التي أصدرت الحكم المتضمن الإكراه البدني لتفسيرها؟
    رغم غموض النص في هذا الصدد إلا أنه بالرجوع إلى المادة 371 ق إ ج التي نصت على أن تصفى المصاريف والرسوم بالحكم ، و يجوز لكل ذي مصلحة في حالة عدم وجود قرار بتطبيق المواد 367 وما يليها أو وجود صعوبات في تنفيذ حكم الإدانة بالمصاريف ، و الرسوم أن يرفع الأمر إلى الجهة القضائية التي أصدرت الحكم في الموضوع و ذلك وفقا للقواعد المقررة في مادة إشكالات التنفيذ لكي تستكمل حكمها في هذه النقطة يستفاد أن ما تعلق بالتنفيذ عن طريق الإكراه البدني إذا ما أثار صعوبات في ذلك يكون إشكالا في التنفيذ تفصل فيه آخر جهة قضائية وفقا للقواعد المقررة في النزاعات العارضة ، و هو ما يتماشى مع ما نصت عليه المادة 607 ق إ ج في فقرتها الأخيرة التي اعتبرت أي مسالة فرعية ( أو نزاع عارض في النص الفرنسي) يستوجب تفسيرا لا بد فيه من وقف التنفيذ ، و طالما أن المستقر عليه فقها و قضاءا أن تفسير الحكم مناط بالجهة القضائية التي فصلت فيه وفقا لما سبق و أن بيناه ، فإن الاختصاص بنظر هذه المسالة الفرعية يكون للجهة القضائية مصدره الحكم أو غرفة الاتهام تطبيقا للقواعد المنصوص عليها في المادة 14 ق ت س ، و يدعم رأينا هذا قرار المحكمة العليا الذي جاء في إحدى حيثياته « إذا كان يتعين على كل جهة قضائية جزائية أن تحدد مدة الإكراه البدني فإن إغفال الفصل فيه لا يؤثر على صحة القرار إذ يمكن بمقتضى المادة 371 ق إ ج لكل ذي مصلحة في حالة عدم تحديد مدة الإكراه البدني أن يرفع الأمر إلى الجهة القضائية التي أصدرت الحكم في الموضوع لكي تستكمل حكمها في هذه النقطة ، و قد نص المشرع الفرنسي على تطبيق القاعدة العامة في تحديد الإختصاص بالفصل في الإشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية،سواء تعلق الإشكال بتنفيذ العقوبات بالمعنى الحقيقي للكلمة، أو تعلق بتنفيذ الإكراه البدني الذي يوقع بدلا من الغرامة ».

    المطلب الثاني: شروط الاستشكال في التنفيذ و إجراءاتـه

    يجب أن تتوافر في المستشكل في تنفيذ الحكم الصادر بشأنه جملة من الشروط و الخاصة بالمصلحة و الصفة إذا لا يمكن قبول الدعوى ممن ليس له الصفة في رفعها و يكون في تنفيذ النيابة اعتداء على مصلحته واحد حقوق وعلى ذلك سنقسم هذا المطلب إلى فرعين نبحث في أولهما عن الطرف الذي له حق رفع الدعوى وفي الثاني نبين طريق الاستشكال أمام المحاكم المختصة

    الفرع الأول : شروط دعوى الاستشكال في تنفيذ الأحكام الجزائية:

    *الصفة في الاستشكال: حددت المادة 04 من ق ت س الأطراف التي يحق لها الاستشكال في التنفيذ و هم النائب العام أو وكيل الجمهورية ، قاضي تطبيق العقوبات ، المحكوم عليه أو محاميه و لم يتطرق المشرع الجزائري إلى الغير المستشكل في الحكم.
    أما المشرع الفرنسي فقد نص في المادة 711 على أن : « تنعقد المحكمة بناءا على طلب النيابة العامة أو الطرف المعني بالأمر في غرفة المشورة ...»
    أ: النيابة العامة: للنائب العام على مستوى المجلس القضائي أو وكيل الجمهورية على مستوى المحكمة أن يرفع الإشكال من تلقاء نفسه و هو ما أقره المشرعين الجزائري و الفرنسي بينما خالفهم في ذلك المشرع المصري الذي لم يخول النيابة الإسشتكال في تنفيذ الحكم انطلاقا من أنها هي المنفذ للأحكام الصادرة في الدعوى الجزائية و هو ما لا يتفق و الاعتراف لها بالحق في الإستشكال في التنفيذ فضلا عن انه ألزمها إرجاء التنفيذ في بعض الحالات و خولها السلطة التقديرية في هذا الإرجاء في حالات أخرى ما لا يدع وجها لتخويلها صفة الإشكال في التنفيذ كما أن النيابة العامة إذا رأت أنها أخطأت في التنفيذ فلها أن تمتنع نهائيا التنفيذ أو تقوم بتصحيحه ، و لا تقع عليها مسؤولية عند الامتناع عن التنفيذ الخاطئ أو تصحيح خطئها، أما إذا رأت أن التنفيذ يحتاج إلى تفسير الحكم الغامض أو تصحيح الخطأ المادي الذي يشوبه فيجوز لها أن تلجأ للمحكمة لطلب التفسير أو التصحيح دون أن يعتبر ذلك إشكال في التنفيذإلا أن المنهج الذي سار عليه كل من المشرعين الفرنسي و الجزائري كان أكثر توفيقا من اتجاه المشرع المصري إذ يبرر منح النيابة الصفة في رفع الإشكال حينما يلتبس عليها الأمر في تنفيذ حكم، و ترى أن التنفيذ قد يثير صعوبات معينة كالخلاف في اسم أو شخص المحكوم عليه فتلجأ إلى المحكمة للفصل في النزاع.
    ب: قاضي تطبيق العقوبات : إن اتجاه المشرع في منحه الصفة في رفع الاستشكال إتجاه صائب يحقق إحدى ضمانات التنفيذ لأنه خول صلاحية الاستشكال كلما وجد تنفيذا خاطئا برفع الأمر إلى القاضي المختص ليقرر حكم القانون فيه .
    ج: المحكوم عليه: للمحكوم عليه الصفة في الاستشكال في التنفيذ لأنه هو المعتدى عليه بالتنفيذ في حقه خطأ كما أنه يمس مصلحة عامة هي الحرية الفردية التي يجب على القانون حمايتها ، و كمال صيانة الحق يستتبع إيقاف التنفيذ الخاطئ.
    د: المحامي : لقد أجاز المشرع المصري للوكيل بمقتضى وكالة خاصة الاستشكال في تنفيذ الحكم الجزائي عكس المشرع الجزائري الذي أجاز للوكيل فقط إذا كان محاميا ، كما شدد الفقه بالنسبة لوكالة المحامي التي يجب أن تكون متعلقة بالإشكال في التنفيذ ، فإذا كانت هذه الأخيرة عامة و رفع المحامي الإشكال يكون خارجا عن حدود الوكالة[42]، أما التشريع الجزائري فلم يشترط ذلك إذ نصت المادة 04 من قانون 90-04 المتعلق بالمحاماة على أنه « ... للمحامي ... أن يقوم بكل طعن ، و أن يتنازل ، أو يعترف بحق من الحقوق ، و يعفى من تقديم أي سند توكيل ، تكون وكالته وكالة قانونية عامة ».
    ذ: الاستشكال المرفوع من الغير: لم يقرر المشرع الجزائري الصفة للغير في الاستشكال في الأحكام الجزائية إلا أن استقراء المادة 596 ق إ ج المتعلق بالنزاع في شخصية المحكوم عليه يفترض انه يمكن أن يكون المستشكل هو غير المحكوم عليه مما يعني جواز رفع الأشكال من قبله إذا كان التنفيذ يمس بأحد حقوقه ، كما يجوز لأحد الوالدين أو الولي رفعه إذا ما تعلق ذلك بتنفيذ الأحكام الصادرة بشان الأحداث.
    و قد فسرت محكمة النقض الفرنسية عبارة "الطرف ذي الشأن " Le partie intéresse الواردة في المادة 711 من ق إ ج ج ف على أنها تشمل مالكي الفندق - و هم ليسوا أطرافا في الخصومة الجزائية – إذا مس التنفيذ حقا أو مركزا قانونيا لهم
    * المصلحة في الإستشكال :
    توجب دعوى الإشكال أن يكون للمستشكل مصلحة جدية من وراء إشكاله و المصلحة هي الفائدة العملية التي تعود على المستشكل إذا حكم له بطلبه ، فإذا قدرت المحكمة انعدام أي فائدة وراء الحكم له في الإشكال قضت بعدم القبول ، و توافر المصلحة من عدمه مسألة تقديرية لقضاة محكمة الموضوع، فهي من يقدر على ضوء طلبات المستشكل و على ضوء الحكم المستشكل فيه و على ضوء كافة الوقائع و الظروف مدى توافرها من عدمه. و يجب لقيام المصلحة أن يكون هناك نزاع بين المنفذ عليه ، و السلطة القائمة على التنفيذ لأن الاعتداء بالتنفيذ الخاطئ هو الذي يوجد الحق في دفعه ، و ألا يكون التنفيذ قد تم، و لكن ليس من اللازم أن يكون قد شرع فيه فعلا و وقع الاعتداء الخاطئ و لا يخرج ذلك عن إحدى الحالات التالية:
    أ- أن يرفع الإشكال قبل البدء في التنفيذ
    لا يشترط لقبول الاستشكال أن يكون تنفيذ الحكم قد بدأ فعلا ، فيكفي أن يكون المستشكل مهددا في حقه به لأن هدف القيام بالاستشكال هو دفع الضرر الذي يمكن أن يقع عند البدء في التنفيذ ، أو لأن الإشكال يبنى على إعتبارات تتعلق بذات السند المراد التنفيذ بمقتضاه لذلك فإن مجرد الأعمال التحضيرية التي تهدف للوصول بالتنفيذ إلى غايته تجيز للمنفذ ضده رفع الإشكال و تعتبر هنا المصلحة متوافرة فمثلا إذا أعلن غير المحكوم عليه بحكم غيابي سيصيبه تنفيذه بدل المحكوم عليه الحقيقي جاز له الاستشكال في ذلك و يكون مقبولا منه ، إذ ليس من المصلحة في شيء أن نفرض عليه الإنتظار حتى يقع عليه التنفيذ الخاطئ ، ثم نبيح له بعدها رفع الإشكال ، في حين أن رفعه في ذلك الوقت يحقق كمال صيانة الحق فمصلحته في تدارك ذلك التنفيذ قائمة بمجرد تبليغه بالحكم الغيابي.
    ب- ألا يرفع الإشكال بعد تمام التنفيذ:
    يشترط لقبول الاستشكال في التنفيذ ألا يكون التنفيذ قد انتهى لحظة رفع الدعوى، و ذلك تأسيسا على أن تمام التنفيذ ينفي توافر المصلحة في رفع الدعوى.
    و قد فرق الفقه بين الحالة التي لا يمكن فيها إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التنفيذ و الحالة التي يمكن فيها ذلك ففي الحالة الأولى لا يقبل الاستشكال لانتفاء المصلحة كما لو أن الحكم صادرا بعقوبة سالبة للحرية و تم تنفيذه على المحكوم عليه ، أما في الحالة الثانية فلا يمنع الأمر من قبول الدعوى على أساس أن إتمام التنفيذ لا يحول دون توافر المصلحة كما لو نفذ حكم إغلاق محل ثم قضي بوقف التنفيذ فيعاد فتح ذلك المحل أما إذا كان التنفيذ قد تم و انتهى فلا جدوى من قبول الإشكال و الفصل فيه ، و لا يكون أمام المعتدى عليه بالتنفيذ الخاطئ إلا باللجوء إلى رفع دعوى تعويضية إن كان لها محل و توافرت شروطها و في القضاء الفرنسي ، حكمت محكمة النقض بان المصلحة في الاستشكال يمكن أن تتوافر رغم تمام التنفيذ و قد نقضت الحكم الصادر عن محكمة الإشكال و الذي يقضي برفض دعوى متعلقة بنزاع حول تنفيذ العقوبات المتعددة ، و تطبيق قاعدة عدم الجمع بين العقوبات تأسيسا على أنها كانت قد إنقضت بالتقادم لحظة تقديم الطلب ، و أسست قرارها على أنه رغم عدم جواز إجراء التنفيذ بعد التقادم إلا أن المستشكل كانت له مصلحة في طلب تطبيق قاعدة عدم الجمع بين العقوبات إذ من شان تطبيق هذه القاعدة في الحالة المعروضة أن يمنح المحكوم عليه شروطا أفضل لرد اعتباره.
    و يتجه الفقه المصري لإعتبار أن المصلحة في الاستشكال في التنفيذ تنتفي إذا صار الحكم باتا، إذ يصبح واجب التنفيذ بما لا يدع مجالا لإيقاف تنفيذه عن طريق الإشكال أو إذا كان الحكم معدوما أو ملغى بسبب القضاء بنقض و قد قضي بأنه « لما كان الطعن بالنقض في الحكم المستشكل في تنفيذه قد انتهى بالقضاء برفضه ، فإنه لا يكون ثمة وجه لنظر الطعن في الحكم الصادر في الإشكال لعدم الجدوى منه بصيرورة الحكم المستشكل في تنفيذه نهائيا» .
    و مع ذلك نقول انه قد تتوافر المصلحة في الاستشكال رغم كون الحكم المستشكل في تنفيذه نهائيا كما لو قصد منه تعديل أو وقف تنفيذه .
    ج- تمام التنفيذ بعد رفع الإشكال في التنفيذ و قبل الحكم فيه:
    يرى اتجاه فقهي أنه لا مصلحة في رفع الاستشكال في التنفيذ إلى المحكمة المختصة بعد تمامه و ذلك بسبب انتهاء التنفيذ و استحالة تنفيذ الحكم الصادر في الاستشكال.
    بينما يذهب رأي آخر إلى أن القاعدة العامة أن الأحكام مقررة للحقوق و ليست منشئة لها و أن العبرة في قبول الدعوى هي بتوافر شروطها وقت رفعها بغض النظر عما يطرأ بعد ذلك على هذه الشروط من تغيير وقت صدور الحكم و أن قابلية الحكم للتنفيذ أو عدم قابليته له ليست شرطا من شروطه إذ هي مسالة لاحقة لصدوره، وتتوقف على عوامل خارجية عنه.

    الفـرع الثـاني: كيفية إجراء الاستشكال في التنفيذ:

    تختلف إجراءات رفع دعوى الاستشكال في التنفيذ باختلاف الجهة المختصة بنظرها .
    فبالنسبة للجهات القضائية الجزائية فان النزاعات العارضة ترفع إليها بموجب طلب، و في حالة رفع الطلب من قاضي تطبيق العقوبات ، أو المحكوم عليه فإنه يرفع إلى النائب العام أو وكيل الجمهورية للإطلاع عليه و تقديم التماساته المكتوبة في غضون ثمانية أيام
    ولم تحدد مواعيد معينة لرفع الإشكال في التنفيذ، كما فعل المشرع بالنسبة للطعن في الأحكام، و لذلك يمكن تقديمه في أي وقت طالما توفرت المصلحة على النحو السابق بيانه.
    أما فيما يتعلق بكيفية رفع الإشكال فقد قرر المشرعين الفرنسي و الجزائري بأن يرفع عن طريق طلب يقدم إلى المحكمة المختصة، و لم يبين كيفية تسجيل الطلب فهل يكون أمام أمانة الضبط كما هو الحال في الطعون؟ أم يجب عرضه على النيابة وفقا لإجراءات رفع الدعوى الجزائية عن طريق الاستدعاء المباشر و أمام سكوت النصوص التشريعية فإنه بالرجوع للمبادئ العامة نفرق بين حالتين:
    أ: حالة تقديم الطلب من النيابة العامة : هنا تكلف الخصوم للحضور مباشرة أمام المحكمة ال

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 11:29 pm