أتقدم في هذه العجالة بهذا البحث المختصر في الطرق التي يعتمد عليها القاضي في القضاء ، ولطول هذا الموضوع وتشعبه وقد يحتاج ذلك الى مؤلف ضخم وقد ألفت فيه عدة مؤلفات لذا فإنني سوف أعرض لهذه الطرق عرضاً سريعاً واسأل الله أن لا يكون هذا العرض مخلا ، وسوف أقسمه لعدة حلقات
ولعلي أقوم بربط القارئ الكريم بعد عرض الجانب الفقهي لعلي أقوم بربطه بالجانب النظامي في ذلك فيما يخص نظام المرافعات الشرعية بالمملكة العربية السعودية .
وتقديما للموضوع أقول وبالله التوفيق :
تعريف الدعوى: الدعوى لغة، قول يقصد به الإنسان إيجاب حق على غيره أو هي الطلب والتمني، قال تعالى: ( ولهم ما يدَّعون )(1)،وتجمع على دعاوى ودعاوي. وشرعاً: إخبار بحق للإنسان على غيره عند الحاكم. (2)
وركنها: هو قول الرجل: لي على فلان، أو قبل فلان كذا، أو قضيت حق فلان، أو أبرأني عن حقه، ونحوها .(3)
فإذا جاء المدعي إلى المحكمة مع خصمه سأله القاضي عن موضوع الدعوى، فإذا كانت الدعوى صحيحة، بأن كانت على خصم حاضر واستوفت شروطها، طلب القاضي من المدعى عليه جوابه عن الدعوى.
فإن أقر المدعى عليه بموضوع الدعوى،وإلا طلب القاضي من المدعي إثبات حقه .
وللقضاء في إثبات الحق طرقا عدة وهي ما يعرف بطرق الإثبات .
والكلام هنا يتعلق بهذه الطرق وتقسيماتها ، وتعريف كل قسم وذكر حكمه مع الإشارة إلى ما تضمنه نظام المرافعات الشرعية بهذا الخصوص .
طرق الإثبات :
* الطريق الأول : الشهادة .
تعريفها /
لغة: خبر قاطع.وهي بمعنى الحضور ومنه قوله تعالى ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه )(4)
وشرعاً: لها عدة تعريفات لدى المذاهب وأجمعها ( إخبار صادق لإثبات حق بلفظ الشهادة في مجلس القضاء.(5)
والأصل في الشهادة قبل الإجماع: الكتاب والسنة.
أما الكتاب فقوله تعالى: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين، فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء}.(6)،وأما السنة فمثل قوله صلّى الله عليه وسلم لمدعٍ: «شاهداك أو يمينه».(7)، وخبر في السنة: «أنه صلّى الله عليه وسلم سئل عن الشهادة، فقال للسائل: ترى الشمس؟ قال: نعم، فقال: على مثلها فاشهد، أو دع».(
والشهادة هي في المرتبة الأولى في الإثبات في الفقه الإسلامي حيث أن لها حجية مطلقة أمام القضاء في جميع الوقائع والحوادث ولم تقيد بمجال معين ، وحكمها أنه يجب على القاضي القضاء بموجبها بعد توافر شروطها .
كما لا يجوز للشهود كتمانها إذا طالبهم المدعي بها، لقوله تعالى: {ولا يأب الشهداء إذا ما دُعوا}(9).
لذا فقد كان المسلمون يقومون بالشهادة امتثالا لهذا الأمر الكريم واحتسابا للأجر من الله تعالى ،ونظرا لأهمية الشهادة وأدائها فإن بعض القوانين في بعض الدول ـ بغض النظر عن هذا الرأي ـ قد جعلت غرامة مالية في حالة ما إذا امتنع الشاهد من المثول أمام المحاكم لأداء الشهادة.
وهذا مالا خلاف فيه بين الفقهاء في وجوب تحمل الشهادة وأدائها ، وهذا في حقوق العباد أما في حقوق الله تعالى فقد ميز الفقهاء في ذلك بين الحدود وغيرها ، فالحدود لا تجب فيها الشهادة بل إن الستر فيها أفضل لصيانة عرض المسلم ، ولا يخفى حديث هزّال الذي حمل ماعزا بالاعتراف عند النبي فقال له النبي ( لو سترته بثوبك لكان خيرا لك )(10)، كما أنه ورد عن النبي أنه لقن المقر في الحدود بالرجوع كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم.
وللشهادة شروط سوف نجملها فيما يلي :
أن يكون الشاهد مسلما فلا تقبل شهادة الكافر ، على تفصيل في شهادة الكافر في بعض المواضع (11)،وأن يكون عاقلاً فلا تقبل شهادة المجنون ولا الصبي الصغير(12)،وأن يكون بالغاً فلا تقبل شهادة الصبي المميز وهذا عند الجمهور وقال الملكية والحنابلة في رواية تقبل في الجراح على مثله(13)، وأن يكون حراً على تفصيل بن المذاهب ، وكونه رشيدا فلا تقبل شهادة المحجور عليه لسفه أو عقل ، وكونه بصيرا ناطقاً ضابطاً عدلاً على خلاف بين الفقهاء في ذلك(14)، وألا يكون محدودا في قذف واختلفوا في قبولها بعد توبته(15)، وألا يكون الشاهد متهما ، ويتحقق ذلك في أمور عدة منها القرابة والخصومة والعداوة وما يستبعد أمره كشهادة البدوي على القروي في المعاملات ونحو ذلك مما هو محل تهمة .
وهناك شروط أخرى ذكرها الفقهاء ليس المقام مقام تفصيل فيها مثل كون الشاهد عالما بالمشهود به وكون الشهادة على علم ويقين واشتراط العدد واتفاق الشهادات مع بعضها وأن يؤديها بلفظ ( أشهد ) على خلاف ، وأن يسبق الشهادة الإنكار(16).
وللفقهاء كلام كثير في نصاب الشهادة في كل موطن بحسبه فمنها ما يشترط فيها شهادة رجلين ومنها رجل وامرأتان ومنها أربعة شهود وهناك شاهد ويمين ، ومنها ما تصح فيه شهادة النساء منفردات في حالات معينة ذكرها الفقهاء تراجع في مظانها.
وسوف أتعرض في المرة القادمة الى الجانب النظامي في ذلك
وصل الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
-----------------------------------------------------------
(1) سورة يس:57/36
(2) الدر المختار: 437/4، تكملة فتح القدير: 137/6، اللباب شرح الكتاب: 26/4، مغني المحتاج: 461/4، المغني: 271/9.
(3) البدائع: 222/6
(4) سورة البقرة 185
(5) فتح القدير: 2/6، الدر المختار: 385/4، الشرح الكبير للدر دير: 164/4، مغني المحتاج: 426/4
(6) سورة البقرة:282/2
(7) رواه البخاري ومسلم عن الأشعث بن قيس
( رواه البيهقي والحاكم وصحح إسناده وتعقبه الذهبي، فقال: « بل هو حديث واه » وأخرجه ابن عدي بإسناد ضعيف عن ابن عباس (سبل السلام: 130/4، نصب الراية: 82/4) .
(9) البقرة:282/2
(10) النسائي وأبو داود والحاكم وقال حديث صحيح الإسناد كما رواه عبد الرزاق في مصنفه والطبراني في معجمه ومالك في الموطأ
(11) بدائع الصنائع 6/280 تحفة المحتاج 10/211 حاشية الدسوقي 4/165 المغني 10/144
(12) كما سبق في (2)
(13) بدائع الصنائع 6/267 حاشية الدسوقي 4/165 حاشية قليوبي وعميرة 4/318
(14) بدائع الصنائع 6/286 و268و 270 و271 وتحفة المحتاج 10/211و212 وحاشية الدسوقي 5/167و165 والمغني 10/170و 171
(15) بدائع الصنائع 6/271 المغني 10/178 حاشية الدسوقي 4/173 الموطأ 449
(16) يراجع المراجع السابقة في ذلك
ولعلي أقوم بربط القارئ الكريم بعد عرض الجانب الفقهي لعلي أقوم بربطه بالجانب النظامي في ذلك فيما يخص نظام المرافعات الشرعية بالمملكة العربية السعودية .
وتقديما للموضوع أقول وبالله التوفيق :
تعريف الدعوى: الدعوى لغة، قول يقصد به الإنسان إيجاب حق على غيره أو هي الطلب والتمني، قال تعالى: ( ولهم ما يدَّعون )(1)،وتجمع على دعاوى ودعاوي. وشرعاً: إخبار بحق للإنسان على غيره عند الحاكم. (2)
وركنها: هو قول الرجل: لي على فلان، أو قبل فلان كذا، أو قضيت حق فلان، أو أبرأني عن حقه، ونحوها .(3)
فإذا جاء المدعي إلى المحكمة مع خصمه سأله القاضي عن موضوع الدعوى، فإذا كانت الدعوى صحيحة، بأن كانت على خصم حاضر واستوفت شروطها، طلب القاضي من المدعى عليه جوابه عن الدعوى.
فإن أقر المدعى عليه بموضوع الدعوى،وإلا طلب القاضي من المدعي إثبات حقه .
وللقضاء في إثبات الحق طرقا عدة وهي ما يعرف بطرق الإثبات .
والكلام هنا يتعلق بهذه الطرق وتقسيماتها ، وتعريف كل قسم وذكر حكمه مع الإشارة إلى ما تضمنه نظام المرافعات الشرعية بهذا الخصوص .
طرق الإثبات :
* الطريق الأول : الشهادة .
تعريفها /
لغة: خبر قاطع.وهي بمعنى الحضور ومنه قوله تعالى ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه )(4)
وشرعاً: لها عدة تعريفات لدى المذاهب وأجمعها ( إخبار صادق لإثبات حق بلفظ الشهادة في مجلس القضاء.(5)
والأصل في الشهادة قبل الإجماع: الكتاب والسنة.
أما الكتاب فقوله تعالى: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين، فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء}.(6)،وأما السنة فمثل قوله صلّى الله عليه وسلم لمدعٍ: «شاهداك أو يمينه».(7)، وخبر في السنة: «أنه صلّى الله عليه وسلم سئل عن الشهادة، فقال للسائل: ترى الشمس؟ قال: نعم، فقال: على مثلها فاشهد، أو دع».(
والشهادة هي في المرتبة الأولى في الإثبات في الفقه الإسلامي حيث أن لها حجية مطلقة أمام القضاء في جميع الوقائع والحوادث ولم تقيد بمجال معين ، وحكمها أنه يجب على القاضي القضاء بموجبها بعد توافر شروطها .
كما لا يجوز للشهود كتمانها إذا طالبهم المدعي بها، لقوله تعالى: {ولا يأب الشهداء إذا ما دُعوا}(9).
لذا فقد كان المسلمون يقومون بالشهادة امتثالا لهذا الأمر الكريم واحتسابا للأجر من الله تعالى ،ونظرا لأهمية الشهادة وأدائها فإن بعض القوانين في بعض الدول ـ بغض النظر عن هذا الرأي ـ قد جعلت غرامة مالية في حالة ما إذا امتنع الشاهد من المثول أمام المحاكم لأداء الشهادة.
وهذا مالا خلاف فيه بين الفقهاء في وجوب تحمل الشهادة وأدائها ، وهذا في حقوق العباد أما في حقوق الله تعالى فقد ميز الفقهاء في ذلك بين الحدود وغيرها ، فالحدود لا تجب فيها الشهادة بل إن الستر فيها أفضل لصيانة عرض المسلم ، ولا يخفى حديث هزّال الذي حمل ماعزا بالاعتراف عند النبي فقال له النبي ( لو سترته بثوبك لكان خيرا لك )(10)، كما أنه ورد عن النبي أنه لقن المقر في الحدود بالرجوع كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم.
وللشهادة شروط سوف نجملها فيما يلي :
أن يكون الشاهد مسلما فلا تقبل شهادة الكافر ، على تفصيل في شهادة الكافر في بعض المواضع (11)،وأن يكون عاقلاً فلا تقبل شهادة المجنون ولا الصبي الصغير(12)،وأن يكون بالغاً فلا تقبل شهادة الصبي المميز وهذا عند الجمهور وقال الملكية والحنابلة في رواية تقبل في الجراح على مثله(13)، وأن يكون حراً على تفصيل بن المذاهب ، وكونه رشيدا فلا تقبل شهادة المحجور عليه لسفه أو عقل ، وكونه بصيرا ناطقاً ضابطاً عدلاً على خلاف بين الفقهاء في ذلك(14)، وألا يكون محدودا في قذف واختلفوا في قبولها بعد توبته(15)، وألا يكون الشاهد متهما ، ويتحقق ذلك في أمور عدة منها القرابة والخصومة والعداوة وما يستبعد أمره كشهادة البدوي على القروي في المعاملات ونحو ذلك مما هو محل تهمة .
وهناك شروط أخرى ذكرها الفقهاء ليس المقام مقام تفصيل فيها مثل كون الشاهد عالما بالمشهود به وكون الشهادة على علم ويقين واشتراط العدد واتفاق الشهادات مع بعضها وأن يؤديها بلفظ ( أشهد ) على خلاف ، وأن يسبق الشهادة الإنكار(16).
وللفقهاء كلام كثير في نصاب الشهادة في كل موطن بحسبه فمنها ما يشترط فيها شهادة رجلين ومنها رجل وامرأتان ومنها أربعة شهود وهناك شاهد ويمين ، ومنها ما تصح فيه شهادة النساء منفردات في حالات معينة ذكرها الفقهاء تراجع في مظانها.
وسوف أتعرض في المرة القادمة الى الجانب النظامي في ذلك
وصل الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
-----------------------------------------------------------
(1) سورة يس:57/36
(2) الدر المختار: 437/4، تكملة فتح القدير: 137/6، اللباب شرح الكتاب: 26/4، مغني المحتاج: 461/4، المغني: 271/9.
(3) البدائع: 222/6
(4) سورة البقرة 185
(5) فتح القدير: 2/6، الدر المختار: 385/4، الشرح الكبير للدر دير: 164/4، مغني المحتاج: 426/4
(6) سورة البقرة:282/2
(7) رواه البخاري ومسلم عن الأشعث بن قيس
( رواه البيهقي والحاكم وصحح إسناده وتعقبه الذهبي، فقال: « بل هو حديث واه » وأخرجه ابن عدي بإسناد ضعيف عن ابن عباس (سبل السلام: 130/4، نصب الراية: 82/4) .
(9) البقرة:282/2
(10) النسائي وأبو داود والحاكم وقال حديث صحيح الإسناد كما رواه عبد الرزاق في مصنفه والطبراني في معجمه ومالك في الموطأ
(11) بدائع الصنائع 6/280 تحفة المحتاج 10/211 حاشية الدسوقي 4/165 المغني 10/144
(12) كما سبق في (2)
(13) بدائع الصنائع 6/267 حاشية الدسوقي 4/165 حاشية قليوبي وعميرة 4/318
(14) بدائع الصنائع 6/286 و268و 270 و271 وتحفة المحتاج 10/211و212 وحاشية الدسوقي 5/167و165 والمغني 10/170و 171
(15) بدائع الصنائع 6/271 المغني 10/178 حاشية الدسوقي 4/173 الموطأ 449
(16) يراجع المراجع السابقة في ذلك
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma