مقدمة
يعتبر القانون الدولي الخاص هو ذلك القانون الذي يعنى تنظيم الحياة الخاصة الدولية بتحديد القواعد الواجبة التطبيق على العلاقات ذات العنصر الأجنبي
فالمجتمع الدولي يتكون من مجموعة من الدول تتمتع بالسيادة ولدا تضع كل دولة من الدول القواعد الوطنية التي تنظم الحياة الخاصة الدولية يتلاءم مع مصالحها السياسية و الاقتصادية الاجتماعية الأخلاقية ففي ظل غياب سلطة فوق هده الدول تتولى تنظيم العلاقات التي تتم على المستوى الدولي فان قانون دولي خاص يعد قانونا وطنيا .
وينصرف لفظ دولي إلى وصف العلاقة القانونية التي تتم بين الأفراد الدول والعناصر المكونة لها.
ولقد أثارت هده المسالة عدة إشكاليات خاصة فيما يتعلق بتنازع القوانين والدي هو التزاحم الذي يكون بين قانونين أو أكثر من اجل حكم العلاقة القانونية أي مفاضلة واختيار رأس القوانين لحكم العلاقة التي موضوع نزاعها ذو عنصر أجنبي فلو باع جزائري إلى ألماني شقته الكائنة بانجلترا بعقد تم في الجزائر فان العلاقة تكون متصلة بكل من الجزائر وألمانيا عن طريق أطرافها كما تكون متصلة ببريطانيا عن طريق محلها و بالجزائر عن السبب المنشئ لها وهده الصلة تكفي لترشيح قانون كل من هذه الدول لحكم العلاقة وبعبارة أخرى فان قانون القاضي المطروح عليه النزاع لا يستطيع الانفراد بحكم موضوع العلاقة أن قد تكون أكثر ارتباط بأحد القوانين الأخرى المتصلة بها عن طريق كل عنصر من عناصرها.
المبحث التمهيدي:التطور التاريخي لتنازع القوانين
وهنا نقوم بدراسة أهم التطورات التي ساعدت على توضيح السبل التي أدت إلى إيجاد طريقة لإنهاء النزاعات ذات العنصر الأجنبي في ظل ما يعرف بالمجاملات الدولية و كانت هده هي البداية لتنازع القوانين حيث ندرس هده التطورات قبل صدور التقنين المدني (المطلب الأول)و كذلك بعد صدور هدا الأخير(المطلب الثاني)
المطلب الأول : قبل صدور التقنين المدني الفر نسي
نتعرض في هده المرحلة التاريخية لثلاث مدارس كان لها الفضل في وضع الأسس الأولى في بناء نظرية تنازع القوانين.
1. المدرسة الايطالية للأحوال :
قام بتحليل القوانين (الأحوال) ليعطي لها بحسب طبيعتها مجالها’ و استعان في دلك ببعض نصوص القانون الروماني وباعتبارات المنطق القانوني المجرد ومقتضيات التجارة(1) فتوصل الفقه الايطالي للأحوال إلى تجميع الكثير من العلاقات القانونية في فئات مسندة بحيث أن كل فئة منها تخضع لقانون معين.
فمثلا ميز بين الإجراءات والموضوع بحيث اخضع الأولى لقانون القاضي و الثانية لقانون آخر يمكن ان يكون قانونا أجنبيا و دلك بحسب المسالة التي يثور بشأنها النزاع(2) كذلك اخضع العقد سواء من حيث شكله أو من حيث موضوعه لقانون بلد الإبرام بالإضافة إلى الجرائم أخضعها لقانون مكان وقوعها .
اعتبرت هده المدرسة الأولى التي ساهمت في حل مشكلة تنازع القوانين في تاريخ هدا الأخير. و يظهر فضلها خصوصا في ابتداعها لما يسمى بالفئات المسندة وإخضاع كل فئة منها لقانون معين.و لا تزال القوانين الحديثة تاخد بدلك .
2. المدرسة الفرنسية :
تميزت فرنسا في القرن السادس عشر ببروز فقيهين عظيمين هما : "ديمولان" الذي يرجع الفضل إليه لابتداع فكرة التكييف , و "دارجنتريه " فله الفضل في حل مشكلة تنازع القوانين فقد أقام نظرية عامة لتنازع القوانين حاول من خلالها وضع الحلول المختلفة لمشكلة التنازع.فقد رد الحلول المختلفة لتنازع القوانين إلى أفكار عامة تتجمع في مبدا عام هو عينية الأحوال , واستثناء عليه مبدأ شخصية الأحوال (أي امتدادها). فيكون بدلك خالف المدرة الايطالية التي اتبعت المنهج التحليلي المتمثل في معالجة مسائل تنازع الأحوال واحدة واحدة دون محاولة ربط بينهما.
3. المدرسة الهولندية :
فحسب هده المدرسة ليست للقوانين السيادة إلا على الإقليم الذي أصدرها ومن ثم فان مبدأ إقليمية القوانين لا ينبغي أن يرد عليه أي استثناء لان قبول الاستثناء يعني قبول تطبيق قانون أجنبي على الإقليم وفي دلك اعتداء على سيادته.
1- د.اعراب بلقاسم.القانون الدولي الخاص الجزائري(تنازع القوانين). الجزء الاول. دار هومة. 2004. ص48
2- د.اعراب بلقاسم. نفس المرجع.ص48
فتبنى الفقهاء الهولنديين تقسيم دارجنتيه للأحوال إلى أحوال عينية و أحوال مختلطة إلا أنهم اختلفوا عنه في تحديد مضمون كل قسم . و لقد استطاعوا أن يجعلوها تستوعب ما أغفلته مدرسة دارجنتريه من الأحوال مثل الأحوال المتعلقة بالشكل و الأحوال المتعلقة بالموضوع...الخ.
المطلب الثاني : بعد صدور التقنين المدني الفر نسي
1. فقه مانشيني : ((Mancini
يقوم فقه مانشيني في تنازع القوانين على مبدأ شخصية القوانين أي امتدادها ’ فالشخص يجب أن يخضع لقانون الدولة التي ينتمي إليها بجنسيتها سواء أكان داخل إقليمها أم خارجه ’ فقانون كل دولة قد وضع حسب هدا الفقه لرعاياها ومن اجلهم ة ولدلك يجب أن يتبعهم أينما كانوا داخل إقليمهم أم خارجه(1).
نلاحظ أن فقه مانشيني يشبه فقه دارجنتريه من حيث المنهج المتبع لحل مشكلة تنازع القوانين . فكل منهما لم يعالج مسائل التنازع واحدة واحدة دون محاولة ربط بينهما ’ مثل ما فعلت مدرسة الأحوال بل وضع كل منهما مبدأ عاما ترجع إليه مختلف المسائل مع ورود استثناءات عليه .فالمبدأ العام عند دارجنتريه هو إقليمية القوانين. و المبدأ العام عند مانشيني هو شخصية القوانين فكلاهما قد أقام بدلك نظرية تنازع القوانين.
2. فقه سافيني (1861- 1779 Savigny) :
عرض سافيني فقهه في تنازع القوانين في الجزء الثامن من كتابه"القانون الرماني"الذي نشره سنة 1849
لم يتبع سافيني طريقة المدرسة الايطالية للأحوال في تحليل القوانين لتحديد مجال تطبيق كل منها كما انه لم يضع مبدأ معين يقسم وفقه القوانين إلى قوانين إقليمية و إلى قوانين ممتدة ليحدد به مجالها .بل اتبع طريقة منفردة تتمثل في تحليل الروابط القانونية لإسناد كل منها إلى قانون معين حسب طبيعتها . فأراد بدلك أن تكون حلوه عالمية (2). فتوصل إلى حلول منها :
• طبق على الشخص فيما يخص أهليته و حالته لقانون موطنه
• طبق على العلاقات المتعلقة بالمال قانون موقع المال سواء كان منقولا أو عقار.
• اخضع الالتزامات التعاقدية لقانون مكان تنفيذ هدا الأخير.
1- د.اعراب بلقاسم. نفس المرجع ص 57
2- د.اعراب بلقاسم. نفس المرجع ص 6
3. فقه بييه (Pillet) :
يرى هدا الفقيه بان تنازع القوانين ما هو إلا تنازع بين السيادات أي الأمر يتعلق ببيان إلى أي حد يمكن أن تنحي سيادة الدولة أمام سيادة دولة أخرى ’ فقسم الفقيه القوانين إلى مجموعتين : مجموعة هدفها حماية الفرد ’ ومجموعة هدفها حماية النظام و الأمن العام.
بالنسبة للمجموعة الأولى فان خاصية الدوام هي التي تحقق هدفها المتمثل في حماية الفرد لأنها تجعلها تتبعه حتى خارج الإقليم. أما بالنسبة للمجموعة الثانية فان خاصية العموم التي تحقق هدفها لأنها تجعلها تطبق على كل من في إقليم من وطنيين و أجانب.
فحسب هدا الفقيه ينبغي لتحديد الخاصية التي نضحي بها بالنسبة لكل قانون النظر إلى الهدف الذي أراد المشرع تحقيقه ’ فان كان هدفه حماية الفرد ضحينا بخاصية العموم ’ وآدا كان هدفه حماية المجتمع ضحينا بخاصية الدوام .ففي الحالة الأولى يكون القانون ممتدا وفي الحالة الثانية يكون القانون إقليميا.
4. فقه بارتن (bartin) :
يعتمد بارتن في حلوله لمشكلة تنازع القوانين على القانون الداخلي باعتبار ان القانون الدولي الخاص ما هو الا انعكاس للقانون الداخلي على الصعيد الدولي. فينبغي تحليل العلاقات القانونية وفقا للقانون الداخلي لتحديد النظم القانونية التي تندرج تحتها ’ ثم القيام بتحديد طبيعة هده النظم لمعرفة القانون الواجب التطبيق على كل منها ’ وهدا ما اسماه بعملية التكييف التي وضع نظريته حولها واشتهر بها(1).
5. فقه نبواييه (Nipoyet) :
يقوم فقه نبواييه على مبدأ الإقليمية الذي تبرره اعتبارات وطنية بحتة. فيرى إن الهدف الرئيسي من قاعدة الإسناد الفرنسية هو حماية المصالح الفرنسية . ولدلك ينبغي أن نتخير من قواعد تنازع القوانين المختلفة ما يتفق و مصالح فرنسا بصرف النظر عما ادا كانت هده القواعد مقبولة و صالحة لحل تنازع القوانين عند مختلف الدول من عدمه.
د.اعراب بلقاسم. نفس المرجع ص 6.
المبحث الأول:ماهية قاعدة الإسناد.
قواعد الإسناد هي التي تتولى حل مشكلة التنازع و حل هده المشكلة يتم عادة بإعمال قواعد معينة تسمى بقواعد الإسنادRègles de conflit (Rattachements)
تتكون قاعدة الإسناد من مجموعة من العناصر (المطلب الأول) و تتميز بخصائص تعطيها صفة الشمولية (المطلب الثاني)التي تتناغم مع طبيعة القواعد الدولية الخاص
المطلب الأول:عناصر قاعدة الإسناد.
قاعدة الإسناد هي عبارة عن قاعدة قانونية يضعها المشرع الوطني و هدفها إرشاد القاضي إلى القانون الواجب التطبيق على مسألة القانونية المشتملة العنصر الأجنبي(1)
و تتكون قاعدة الإسناد من ثلاث عناصر جوهرية ندرسها تباعا،الفئة المسندة،ضابط الإسناد والقانون المسند إليه و هي عناصر لا يكتمل وجود قاعدة الإسناد ادا تخلف أحدها.
الفرع الأول:الفكرة المسندة.La Notion Rattachée
كون إن المراكز و العلاقات التي تتضمن عنصر أجنبي لا يمكن حصرها ،حيث يستحيل وضع لكل علاقة قاعدة إسناد ،المر الذي دفع بالمشرع إلى تصنيف هده العلاقات إلى فئات معينة حيث تكون متقاربة و متشابهة حتى يتم ربط العلاقة او كل فئة بضابط خاص يسندها إلى قانون معين.
لقد عمد كل مشرع إلى تصنيف هده الفئات على حسب الفكرة التي تدور حولها العلاقة.فقد عمد المشرع المصري مثلا جمع المراكز القانونية المتعلقة بكسب الملكية و الحيازة و تقرير الحقوق العينية في فكرة مسندة واحدة و هي فكرة مركز الأموال(2)، والملاحظ أن الفكرة المسندة فكرة قانونية بمعنى أنها تستمد مفهومها من أحكام القانون و ما يستنتج من دلك نتيجة هامة و هي أن تحديد مضمون الفكرة المسندة تعد مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض(3).
و يتم تصنيف الفكرة المسندة أو الفئة على أسس فنية و هي مختلفة من تشريع لأخر فمثلا المشرع المصري أخد الفكرة المسندة لكافة آثار الزواج في فكرة واحدة و أخضعها لقانون الجنسية وقت الزواج ،أما المشرع الفرنسي فرق بين اللأثار الشخصية و المالية للزواج ،حيث أن الآثار المالية له تخص فكرة موضوع العقود و تخضع لقانون إرادة المتعاقدين.
1-أعراب بلقاسم،القانون الدولي الخاص الجزائري،الجزء الأول،تنازع القوانين،طبعة2004،دار هومة،الجزائر،ص67.
2-هشام علي صادق و حفيظة السيد الحداد،دروس في القانون الدولي الخاص،الكتاب الثاني،تنازع القوانين،دار المطبوعات الجامعية ،مصر،ص 12.
3-جمال محمود الكردي، تنازع القوانين،دار النهضة العربية،2006،مصر،ص.38
الفرع الثاني:ضابط الإسنادCritère de Rattachement.
بعد أن يتم تصنيف كل العلاقات و المراكز القانونية ذات العنصر الأجنبي إلى فئات، وجب ربط كل منها إلى قانون معين و هو ما يسمى بضابط الإسناد، حيث ضابط الاختيار و التفضيل بين القوانين ذات الصلة بالعلاقة المفروضة (1 ).
يأخذ ضابط الإسناد كما عبر عنه جانب من الفقه «قطب القاعدة» الوصلة بين الفكرة المسندة و القانون الواجب التطبيق.
1-تحديد ضابط الإسناد:
يتم تحديد أو تصنيف المراكز القانونية المتضمنة عنصر أجنبي إلى فئات أو طوائف تتضمن المراكز القانونية المتشابهة و إسناد كل طائفة إلى قانون معين .هده الطريقة تسمى بطريقةSavigny و التي عمل بها تلقائيا في المحاكم مند قرون،حيث قام Savignyبتوضيح محتوى هده العملية بطريقة جد واضحة، و بناء قاعدة الإسناد تقوم على: "ادا أوجب على القاضي أن يحلل تساؤل قضائي لأي نوع ،يجب عليه تطبيق القانون المعني بالعنصر"(2) و هنا المقصود بالعنصر ضابط الإسناد.
أ-عنصر التحديد:في كل العلاقات القانونية عناصر التحديد تجتمع في أربع(4)مجموعات (3):
-الشخصLa Personne:حيث توجد طريقتين للإسناد بنظام قانوني و هما الموطن و الجنسية.
-الشيءLa Chose:و هنا العنصر يتحدد بكل بساطة بموقع الحالة المادية للشيء(عقار)أو الحالة القانونية(ميناء ربط السفن).
-الحدثL’événement:عقود قانونية، تصرفات قانونية.
• العقود القانونية:و تجد مصدرها في الإرادة الشخصية(عقود) و من هنا من الطبيعي ترك هده الإرادة أمر التحديد.
1-صلاح الدين جمال الدين، القانون الدولي الخاص، الجنسية و تنازع القوانين، دراسة مقارنة، دار الفكر الجامعي، 2006 مصر، ص261
2-Voir : Pierre Mayer, Droit International Privé, 5eme édition, Montchrestien, 1996, France, p84 « Si le juge (ou plus généralement l’organe étatique) doit résoudre une question de droit de tel type, il doit appliquer la loi désignée par tel élément ».
3-Jean Durrupé, Droit international Privé,13eme édition, Mémentos, Dalloz,1999,France, p67.
• التصرفات القانونية:فالتحديد بسيط أي مكان أو المنشئ للفعل (مكان وقوع الضرر)
-المحيط L’environnement :أي كل من الشكل و الإجراءات،أي أن هدا المحيط الذي يربط التظاهرة الخارجية للعلاقة القانونية كالحجز من طرف المحكمة أو السلطة، و عنصر التحديد في هدا المحل يلزم.
في هدا الصدد أي عندما يتعلق الأمر بالشكلية فتكون خاضعة إلى قانون مكان إجراء أو إتمام هدا التصرف، حيث أن الغرض من الشكلية اليوم هو التيسير على أصحاب العلاقة(1).فشكلية العقود تحدد بقانون المكان الذي تتم فيه،أما للإجراءات فتحدد بقانون محاكم الحجز(loi du tribunal saisi )(2).
هناك تقسيم آخر يصب في نفس المنحى و الذي يأخذ ضابط الإسناد تركيزه منه، ودلك من خلال:
• الأطراف و المعبر عنها بأشخاص العلاقة كجنسية الأفراد.
• المحل أو الأطراف كما الحقوق العينية (موقع المال هو الضابط).
• السبب أو الواقعة المنشئة للعلاقة أو الرابطة بين الأطراف.
على هدا النحو فاختيار ضابط الإسناد لا يتم بصفة عفوية بل يأخذ من العنصر الذي يمثل مركز ثقل العلاقة محل النزاع كما أن لاختيار ضابط الإسناد في كل دولة خلفية سياسية , تاريخية, فالدول المصدرة للسكان تأخذ بالجنسية كضابط إسناد لها, أما الدول المستقبلة للسكان فتأخذ بالموطن ضابط إسناد لها .
حيث أن المشرع يختار ضابط الإسناد من العنصر المهيمن على العلاقة على النحو السابق ، يؤدي كما أراد الفقيهSavigny إلى تمكين أطراف العلاقة ذات الطابع الدولي من التوقع مسبقا بالقانون الذي ستخضع له علاقتهم و هو ما يتفق في النهاية و مقتضيات الحياة الخاصة الدولية من ضرورة العلم المسبق القانون الذي يحكم معاملات الأفراد فيها(3).
ب- أساليب الإسناد:يسعى المشرع إلى تحقيق العدالة مما يجعله يبحث عن إيجاد عدة أسليب لصياغة قاعدة الإسناد و هنا أفرز دلك وجود عدة أنواع أو طرق للإسناد.فالقاضي يحدد و لا يختار النظام القانوني ادا كانت القاعدة تتضمن ظرف إسناد تسمى قاعدة التنازع المتعددة و ادا كانت تشير مباشرة إلى تطبيق قانون معين بالذات ليس عن طريق ظرف إسناد تسمى قاعدة أحادية (4)،أو بالإسناد البسيط أو المركب.
1-ممدوح عبد الكريم،القانون الدولي الخاص،قواعد الإسناد الر الثقافة للنشر و التوزيع،2005 ،لبنان،ص54.
2- Jean Durrupé, op.cit, p68.
3-جمال محمود الكردي، المرجع السابق، ص42.
4-ممدوح عبد الكريم،نفس المرجع،ص55.
• الإسناد البسيطLe rattachement Simple- :
هو الأكثر شيوعا حيث تتضمن قاعدة الإسناد ضابطا واحدا للإسناد و هو ما يدل على تكريس النظام الاجتماعي أو الديني ، كما جاء القانون المصري التي تنص المادة 13 منه على:"يسري قانون الدولة التي ينتمي إليها الزواج وقت انعقاد الزواج على الآثار التي يرتبها عقد الزواج بما في دلك من آثار بالنسبة للمال"(1).
• الإسناد المركب Le Rattachement Complexe-:
في هده الحالة يكون النص يحمل أكثر من أسلوب أو بالمعنى الأصح أكثر من طريقة لإسناد القاعدة القانونية نذكرها كالآتي :-
-الإسناد الموزع(Rattachement Distibutif): و فيه يستخدم المشرع معيارا واحدا لاختيار القانون واجب التطبيق كالجنسية أو الموطن إلا أنه يسمح باستخدام هدا الضابط بالنسبة لكل طرف على حدى، وهو ما يظهر واضحا في نص المادة 12 من القانون المصري بشأن الشروط الموضوعية الإيجابية لزواج (2).
فحسب المادة فضابط الإسناد هو وحيد و المتعلق بضابط الجنسية بالنسبة لكل من الزوجين إلا أنه ذا صفة مركبة كون أن تطبيق الضابط قد يؤدي إلى قانونين مختلفين في حالة اختلاف جنسية الزوجين.
-الإسناد التخييري(Rattachement Alternatif): و هو وجود معيار اختياري في ضابط الإسناد و هنا يكون الهدف منه تحقيق المصالح الخاصة للأفراد المتعاملين في حقل التجارة الدولية بإتاحة الفرصة أمامهم من خلال اختيار القانون المناسب و الملائم لحكم علاقتهم و هو ما يؤدي إلى صحة العلاقة أو المركز القانوني.
و من الأمثلة ما جاء في نص المادة 20من القانون المصري :"العقود ما بين الأحياء تخضع في شكلها لقانون البلد الذي تمت فيه،و يجوز أيضا أن يخضع للقانون الذي يسري على أحكامها الموضوعية ،كما يجوز أن تخضع لقانون موطن المتعاقدين أو قانونيهما الوطني المشترك"(2).
إلا أن هده الضوابط وردة متسلسلة أو مترادفة و الحكمة من دلك هي التقيد بهدا الترتيب أي العمل بالتدريج فالأصل هو الأخذ بالضابط الرئيسي ثم يلي العمل بباقي الضوابط الاحتياطية الأخرى.
1-صلاح الدين جمال الدين،المرجع السبق،ص265
2-حفيظة السيد الحداد،المرجع السابق،ص26.
الفرع الثالث:القانون المسند إليه Le droit Applicable.
يعتبر هو العنصر الأخير في قاعدة الإسناد، حيث يكون بعدما تم تحديد الفئة المسندة و ضابط الإسناد الملائم أين نكون قد تعرفنا على القانون الواجب التطبيق، و يأخذ منحيين إما قانون القاضي أو القانون الأجنبي.
ويشترط في القانون المسند إليه إن يكون تابع لدولة مكتملة العناصر التي يحددها القانون الدولي العام, من شعب وإقليم وسلطة وسيادة, وتكون معترف بها دوليا.ومن طرف دولة القاضي خاصة وبالتالي تخرج كل العادات والتقاليد التي تحكم مجموعة متنقلة أو التي يعمل بها في القبائل المتفرقة.
والقانون المسند إليه ليس دائما قانونا أجنبيا, فقد تشير قاعدة الإسناد أن القانون الوطني هو المختص, المادة 13 من القانون المدني الجزائري التي تنص على العلاقة الزوجية التي يكون احد أطرافها جزائريا.فإذا كان القانون المسند إليه هو القانون الأجنبي لا بد من تحديد نطاقه, لأن كل الدول قوانينها تتضمن قواعد موضوعية (تحل مشاكل رعايا الدولة), وقواعد تنازع تحل المشاكل ذات العنصر الأجنبي.
المطلب الثاني: خصائص قاعدة الإسناد.
تتميز قواعد الإسناد أو قواعد تنازع القوانين، باعتبارها ابرز الوسائل التي يستخدمها القانون الدولي الخاص لتنظيم العلاقات الخاصة الدولية، لمجموعة من الخصائص الجوهرية والتي نتناولها من خلال الفروع التالية:
الفرع الأول:قواعد الإسناد قواعد غير مباشرة.
نقصد بان قاعدة الإسناد هي قاعدة غير مباشرة دلك أنها لا تنطبق مباشرة على موضوع النزاع وإنما دورها مقتصر على تحديد القانون الواجب التطبيق على النزاع في العلاقة الدولية ذات النصر الأجنبي
ولقد شبه جانب من الفقه الفرنسي قواعد الإسناد بمكتب الاستعلامات في محطة السكة الحديدية فكما تقتصر مهمة هدا المكتب على الإشارة إلى رصيف القطار الذي يرغب المسافر في استقلاله فكذلك تنحصر وظيفة هده القواعد في الإشارة إلى القانون الواجب التطبيق على النزاع (1)
(1)- حفيظة السيد الحداد، المرجع السابق ، ص 31
الفرع الثاني:قواعد الإسناد قواعد مزدوجة الجانب.
إن من خصائص قاعدة الإسناد أنها مزدوجة الجانب أي أنها قد تشير باختصاص القانون الوطني للقاضي المعروض أمامه النزاع وقد تشير إلى تطبيق القانون الأجنبي بالرغم من أن الغالبية العظمى من قانون الإسناد تعد قواعد مزدوجة الجانب إلا انه من الملاحظ انه بالرغم من تأييد كثير من الفقهاء لهذه الخاصية فقد وجه من الفقهاء القدامى من طالب بوجوب اقصارمهمة قاعدة الإسناد الوطنية على تحديد ما إذا كان القانون الوطني واجب التطبيق أم لا أي أن تكون قاعدة الإسناد كغيرها من القواعد القانونية مفردة الجانب احتراما لإرادة المشرع الأجنبي في تحديد نطاق تطبيق القوانين التي يصدرها فضلا عن عدم اختصاص المشرع الوطني بتحديد نطاق القوانين الأجنبية غير أن هدا الرأي يتنافى مع قاعدة الإسناد المفاضلة والاختيار للقانون الأصلح فانه لايعطي لنا وسيلة لحل تنازع القوانين في الحالة التي تعطي فيها عدة قوانين أجنبية لنفسها الاختصاص بحكم النزاع والملاحظة انه ليست كل قواعد قانون دولي خاص تتوفر على هده الخاصية فقواعد الاختصاص الوطنية لاتقوم بتعيين المحكمة الواجب رفع النزاع إليها ،إذ أن دلك يعد تدخلا غير مقبول في تحديد اختصاص مرفق القضاء في الدولة الأجنبية فالقاضي لا يأتمر إلا بأوامر مشرعة الوطني ولا يخضع لأية قاعدة بها مشرع أجنبي فيما يخص تحديد اختصاصه (1).في فرنسا الاجتهاد القضائي لم يتردد على إعمال ازدواج قواعد الإسناد حتى بعض القواعد التي تظهر على أنها أحادية ،في حين أن المادة 3فقرة3 من القانون المدني الفرنسي(2)، و التي تفسر في المحاكم ب:"حالة و أهلية الأشخاص تحدد بقانونهم الوطني" ينعدم فيها الازدواج، لكن القضاء الفرنسي قد جعل من المادة 03 قاعدة مزدوجة آخذا بمفهوم المخالفة أن القوانين الشخصية للأجانب والتي تحكم حالتهم وأهليتهم تتبعهم أيضا إذا أقاموا في فرنسا.
الفرع الثالث:قواعد الإسناد غير محددة المضمون .
فقاعدة الإسناد لاتقوم بتحديد قانون دولة معينة لحكم العلاقة ذات الطابع الدولي فهي تتكفل بالربط بشكل مجرد يبني طائفة معنية من العلاقات أو المراكز القانونية ذات الطابع الدولي واحد القوانين الذي من المفترض أن تحكمه
فقاعدة الإسناد الخاصة بالأهلية مثلا تقتصر على اقتطاع هده الأهلية لقانون جنسية الشخص فادا ثار خلاف بشان أهلية شخص فرنسي الجنسية خضعت أهليته للقانون الفرنسي وإذا كان انجليزي الجنسية خضعت أهليته للقانون الانجليزي
(1)- صلاح الدين جمال الدين، المرجع السابق، ص 256.
2-Voir : «Les lois concernant l’état et la capacité des personnes régissent les français, même résident en pays étranger », Pierre Mayer, op.cit, p87.
الفرع الرابع:قواعد الإسناد محايدة ومجردة.
تهدف قواعد الإسناد إلى تحقيق العدالة في ظل القانون الدولي الخاص حيث يقتصر دورها على تحديد القانون الأقرب صلة بالمركز القانون ودلك بصرف النظر عن مضمون هدا القانون وآثار تطبيقه(1)
حيت يضع مشرع قاعدة الإسناد قاعدة محايدة أو موضوعة دون مصلحة خاصة للدولة أو لأحد أطراف العلاقة التي تعرض للفصل فيها .
الفرع الخامس: قاعدة الإسناد قاعدة وطنية.
تعتبر قاعدة الإسناد الوسيلة الأساسية التي يستخدمها القانون الدولي الخاص للكشف عن القانون الواجب التطبيق على العلاقة ذات العنصر الأجنبي فلكل دولة قواعد خاصة بها من صنع المشرع الوطني والتي بدورها تختلف من دولة إلى أخرى حسب المصالح السياسية و الاقتصادية والاجتماعية ولا يخفى عنا أن قاعدة الإسناد تستمد وجودها من المعاهدات التي توقع عليها الدولة أو تنظم إليها و التي يجب أن تتماشى مع المبادئ الدستورية داخل الدولة .
ولقد أثارت هده المسألة جدلا كبير في الفقه الألماني بعد صدور الدستور الألماني 1949 متضمنا الكثير من المبادئ الدستورية التي من أهمها مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة و التي كانت بعض قواعد الإسناد الألمانية المتضمنة في قواعد القانون الدولي الخاص الألماني الصادر في 1896 تخالفها بنصها على تطبيق قانون جنسية الزوج في العديد من الحالات .
وعلى الرغم من إدراك الفقه الألماني لهده الحقيقة مبكرا فان المسالة لم تعرض على القضاء للفصل فيها بطريقة مباشرة إلا في عام 1971.(2)
(1) - حفيظة السيد الحداد، المرجع السابق، ص 33 .
(2)- حفيظة السيد الحداد ، المرجع نفسه، ص 29.
المبحث الثاني:إعمال قاعدة الإسناد.
بعدما يقوم المشرع الوطني من تصنيف الفئات للعلاقات و المراكز ذات العنصر الأجنبي وضع ضوابط الإسناد يتم الكشف عن القانون الواجب التطبيق يثور إشكال آخر و هو مدى إلزامية القاضي بتطبيقه و سندرس دلك من حلال القضاء الفرنسي(المطلب الأول) والقضاء الجزائري(المطلب الثاني).
المطلب الأول:إلزام القاض بالرجوع الى قواعد الإسناد.
نقوم بدراسة مدى هدا اللإلتزام في كل من القضاء الجزائري و الفرنسي.
الفرع الأول: إلزام القاضي بتطبيق قواعد الإسناد في القضاء الفرنسي
إن طبيعة القانون الأجنبي أمام القاضي الفرنسي, يرتبط ارتباطا وثيقا بمدى إلزام القاضي الفرنسي بتطبيق قاعدة الإسناد الفرنسية, وكذلك مدى إلزامه بالبحث عن مضمون القانون الأجنبي, ويتجلى ذلك من خلال 04 مراحل:
01- قرار بيسبال في 12/05/ 1959 تختلف إلزامية القاضي الفرنسي بالأخذ بقاعدة الإسناد باختلاف النتائج التي تؤدي إليها هذه الأخيرة
جاء مصادقا بما حكم به قضاة الموضوع في قضية طلاق بالفصل الجسدي لزوج اسباني تطبيقا للقانون الفرنسي في حين أن الأشخاص خاضعين للقانون الوطني الاسباني . فالطلاق على حسب المحكمة فان القواعد الفرنسية ليس لها طابع أو صفة النظام العام في هدا الصدد ومن المؤكد أن القاضي كان لديه القدرة على التطبيق المباشر و التلقائي لقاعدة الإسناد. (1)
أ- إذا كانت قاعدة الإسناد تؤدي إلى تطبيق القانون الفرنسي: فان القاضي الفرنسي مجبر على الأخذ بقاعدة الإسناد الوطنية.
ب- إذا أدت قاعدة الإسناد إلى تطبيق قانون أجنبي: فالقاضي غير ملزم بتطبيقها, إلا إذا تمسك بها الأطراف
02- قرار مادام شول في: 18/10/1988 وقرار ريبوح : هنا محكمة النقض الفرنسية ألزمت القاضي الفرنسي بتطبيق قاعدة الإسناد حتى ولو أدت إلى تطبيق قانون أجنبي.
03- قرار كوفيكو في: 04/12/1990 وقرار صاركيس في: 10/12/1991: وهنا عدل القضاء الفرنسي عن موقف قرار شول, حيث تميزت هذه المرحلة بتفريقها بين نوعين من الحقوق:
أ- الحقوق التي لا يمكن التصرف فيها: وهي المتعلقة بالأحوال الشخصية, فالقاضي فيها ملزم بالأخذ بقاعدة الإسناد حتى ولو أدت إلى تطبيق القانون الأجنبي.
ب- الحقوق التي لا يمكن التصرف فيها كالالتزامات التعاقدية وغيرها: وهنا كذلك نفرق بين نوعين من قواعد الإسناد:
* قاعدة الإسناد الوطنية التي نص عليها المشرع: هنا القاضي له حرية الاختيار في تطبيقها.
* قاعدة الإسناد ذات المنشأ التعاقدي كالمعاهدات: هنا القاضي ملزم بتطبيقها, اذا لم يتفق الأطراف على قانون الإرادة
1-Pierre Mayer, op.cit,p 10
04- مرحلة قرار شركة ميتيال في: 26/05/1999: هنا لا بد من معرفة طبيعة القانون الأجنبي, هل هو من قبيل المسائل الواقعية أم نطبقه بوصفه قانون؟ ففي هذا القرار, القاضي غير ملزم بتطبيق قاعدة الإسناد من تلقاء نفسه(القانون الأجنبي), إلا إذا تمسك الأطراف بها, لكن باستثناء الأحوال الشخصية فهو ملزم بتطبيق قاعدة الإسناد, حتى ولو لم يتمسك الأطراف بها, لأنها تعتبر من مسائل القانون وليس من مسائل الواقع, وهي حساسة, لان لكل دولة خصوصياتها في هذه المسائل, لذلك وجب أن يطبق فيها القانون الأجنبي
* إثبات مضمون القانون الأجنبي في القضاء الفرنسي:
كذلك مر القضاء الفرنسي بــ 04 مراحل:
01- قرار لوتور في: 25/05/1948:
وهنا القاضي غير ملزم بالبحث عن مضمون القانون الأجنبي من تلقاء نفسه, وعبء الإثبات يكون على عاتق الأطراف, بمعنى أن القانون الأجنبي في هذه المرحلة هو مسالة واقع وليس قانون.
02- قرار عبادو في : 27/01/1998:يلزم القاضي بالبحث عن مضمون القانون الأجنبي, في حالة تطبيقه لقاعدة الإسناد في الحقوق التي لا يمكن التصرف فيها, اما في حالة الحقوق التي يمكن التصرف فيها, فإذا تمسك الأطراف بقاعدة الإسناد, فهم الملزمون بإثبات القانون الأجنبي.
03- قرار لافازا في: 24/12/1998:
القاضي ملزم بالبحث عن مضمون القانون الأجنبي في كل الأحوال حتى وان كان الرجوع إلى قاعدة الإسناد بتمسك من الأطراف.
04- قرار 26/05/1999:
القاضي ملزم فقط بإثبات القانون الأجنبي إذا أشارت قاعدة التنازع إلى تطبيق القانون الأجنبي المتعلق بالحقوق التي لا يمكن التصرف فيها, وما دون ذلك فهي مسائل من الواقع, فمن يدعي القانون الأجنبي عبء الإثبات يكون عليه
الفرع الثاني: إلزام القاضي بتطبيق قواعد الإسناد في القضاء الجزائري
لما نتفحص القانون المدني الجزائري لا نجد نصا يفصل في هذا الأمر, لكن وجد بهذا الصدد رأيين فقهيين:
أ- يقول هذا الرأي: انه باستقراء نصوص قواعد التنازع من نص المادة 09 إلى نص المادة 24, في صياغتها يتبين لنا إنها قاعدة آمرة أي وجوبا القاضي ملزم بها.
ب- أما الرأي الثاني: يقول أن القاضي غير ملزم , وحجته في ذلك هو نص المادة 233/05 الفقرة الخامسة من قانون الإجراءات المدنية, وهذا ما كرسه القضاء الجزائري, إذ انه إذا كانت قاعدة التنازع الوطنية تشير إلى تطبيق قانون أجنبي متعلق بالأحوال الشخصية فهو ملزم بها ولو لم يتمسك الإطراف بها, لأنها تعتبر من مسائل القانون, والقاضي نفسه ملزم كذلك بالبحث عن مضمون هذا القانون الأجنبي, أما إذا كانت المسالة من الواقع , فالقاضي غير ملزم بتطبيق قواعد الإسناد, إلا إذا تمسك الإطراف بها, و عبء الإثبات يقع على الطرف الذي يدعي إعمال القانون الأجنبي, لان هذا النص الأجنبي في هذه الحالة يعامل معاملة الوقائع المتعلقة بالدعوى.
المطلب الثاني:تطبيقات قاعدة الإسناد في القانون الجزائري.
لم ينص القانون المدني الجزائري و لا حتى المحكمة العليا عن مدى إلزام القاضي بتطبيق قواعد التنازع ،إلا أنه يستخلص من صياغة النصوص أنها لا توحي أن تطبيقها يتوقف على إرادة الأطراف ،فقد استعمل المشرع عبارات(يسري ،يطبق،يرجع ،يخضع..) و هي صيغة آمرة يطبقها القاضي تلقائيا و هو ما يدل على الاعتماد على "صراحة النصوص القانونية".
الفرع الأول:في القانون المدني.
نقوم بدراسة بعض المواد من الأمر75-58المؤرخ في 13/10/75المعدل و المتمم بالقانون07-05المؤرخ في 13/5/07 حيث وردة المواد في الكتاب الأول المتضمن الحكام العامة، الباب الأول المتضمن أثار القوانين و تطبيقاتها، و وردت المواد المتعلق بتنازع القوانين من حيث المكان في الفصل الثاني و دلك من المواد 9الى غاية 24.
- المادة 9:من هده المادة يتضح أن المشرع اعتمد على قانون القاضي.
-المادة10:تم جمع المسائل المتعلقة بالأهلية و الحالة المدنية للأشخاص في فئة(فئة الأحوال الشخصية)و قد أسندها إلى جنسيتهم(ضابط الإسناد) و بالتالي القاضي يطبق قانون الجنسية للأشخاص المذكورة (القانون المسند)،وهوضابط بسيطة،
-المادة11:بالنسبة للشروط الموضوعية الخاصة بصحة الزواج (فئة الإسناد)و هده الشروط خاضعة للقانون الوطني لكل من الزوجين أي الجنسية(ضابط الإسناد)و هو ضابط مركب حيث أنه إسناد موزع ففيه احتمال اختلاف جنسية الزوجين.
-المادة 12:بالنسبة للآثار الشخصية و المالية و التي يرتبها عقد الزواج(فئة إسناد) و الضابط هو الجنسية التي ينتميان إليها وقت الزواج.أما الفقرة الثانية من نفس المادة تحص انحلال الزواج و الانفصال الجسماني حيث يطبق الفانون الوطني وقت رفع الدعوى و في الفقرتين تم استعمال الإسناد البسيط.
-المادةمكرر13:المتعلقة بمسألة النسب (فئة الإسناد) فتكون جنسية الأب وقت ميلاد الطفل (ضابط الإسناد)،و في حالة وفاة الأب قبل ميلاد الطفل فيأخذ جنسية الأب وقت الوفاة،وهنا ضابط الإسناد هو مركب توزيعي لوجود احتمالين للفئة المسندة.
-المادة16:بالنسبة للمسائل المتعلقة بالميراث، الوصية، التصرفات القانونية التي تنفد بعد الموت (فئة الإسناد) فهي خاضعة لقانون جنسية الهالك أو الموصي أو مصدر التصرف وقت الموت(ضابط الإسناد).
-المادة17:خضوع تكيف المال(عقار أو منقول)إلى قانون الدولة التي يوجد فيها العقار وهنا أسلوب الإسناد البسيط.
-المادة 20:الالتزامات الغير التعاقدية (الواقعة القانونية )خاضعة للبلد الذي وقع فيها الفعل المنشئ للالتزام(ضابط مكان وقوع الفعل).
-المادة21مكرر:بالنسبة للإجراءات فهي خاضعة لقانون الدولة أي مكان مباشرة الإجراءات،كذلك بالنسبة لقواعد الاختصاص فتكون في مكان رفع الدعوى.
الفرع الثاني:قرارات المحكمة العليا في بعض القضايا.
قضية رقم63219بين(ف ش)و(ك ف) (1):قررت المحكمة العليا مايلي:
حيث الأمر يتعلق بميراث جزائري مسلم توفي و تاركا أرث، و قد قرر المجلس القضائي بتطبيق القانون الفرنسي، فقد تعرض للنقض حيث كان فيه خطأ في تطبيق القانون و خرق أحكام الشريعة الإسلامية حيث يجب تطبيق المادة 16من القانون المدني و الأخذ في هده المسألة بقانون جنسية الهالك أو الموصي أو من صدر منه التصرف وقت الموت.
قضية رقم107604بين (الوكيل القضائي للخزينة الفرنسية) و(ع م)(2):
و الأمر متعلق بتأمين من المسؤولية من طرف الخزينة الفرنسية بصفتها مسؤولية مدنيا عن حادث مرور أدى إلى أضرار بالغة بالضحية و من المقرر قانونا أنه يسري على الالتزامات غير العقدية قانون البلد الذي وقع فيه الفعل المنشئ للالتزام فقد كان قضاة المجلس على صواب عندما اعتبروا أن القانون الواجب التطبيق هو القانون الفرنسي.
1-قرار بتاريخ 17/10/1990،الأمر 75-58المؤرخ في 26/09/1975 المعدل و المتمم المتعلق بالقانون المدني ، طبعة2008/2009،منشورات بيرتي،ص5.
2-قرار بتاريخ27/04/1994،المرجع نفسه،ص7.
الخاتمة.
من هنا يتبين أن قواعد الإسناد هي وسيلة القاضي التي يلجا إليها من اجل حل النزاعات ذات العنصر الأجنبي, وان هذه القواعد رغم أنها لا تفصل في النزاع, لكنها تعتبر المفتاح لحل اللغز القانوني المتمثل في كيفية فض النزاع ذو العنصر الأجنبي بوجود القانون الواجب التطبيق, وهي ليست قواعد موضوعية تفصل في النزاع, حيث نخلص إلى أنها وضعت لإرشاده حتى لا يحيد عن الغاية التي وضعها المشرع من خلالها, ومن هنا يمكن القول أن القاضي ملزم بالرجوع إلى قواعد الإسناد في قانونه على النحو المبين أعلاه, لكن إذا أشارت هذه الأخيرة إلى قواعد إسناد أجنبية , فالرأي الراجح هو أننا لا نستطيع إجبار القاضي على الاطلاع على قوانين الدولة الأجنبية, وإنما الخصوم هم الملزمون بإثبات مضمون القانون الأجنبي الواجب التطبيق, لكنه ملزم بتطبيق قاعدة التنازع الأجنبية إذا كانت متعلقة بمسالة الأحوال الشخصية , باعتبارها من النظام العام و لكل دولة خصوصياتها ودياناتها في هذا المجال.
قائمة المراجع
• المراجع بالعربية:
1-أعراب بلقاسم،القانون الدولي الخاص الجزائري،تنازع القوانين،الطبعة 2004،دار هومه،الجزائر.
2-حفيظة السيد الحداد، القانون الدولي الخاص،تنازع القوانين،الكتاب الأول،منشورات الحلبي للحقوق،2002،مصر.
3-جمال محمود الكردي، تنازع القوانين، دار النهضة العربية، 2006، مصر.
4-صلاح الدين جمال الدين، الجنسية و تنازع القوانين، دراسة مقارنة،دار الفكر الجامعي،2008،مصر.
5-ممدوح عبد الكريم، القانون الدولي الخاص،تنازع القوانين،دار الثقافة للنشر والتوزيع،2005،لبنان.
6-هشام علي صادق و حفيظة السيد،دروس في القانون الدولي الخاص،الكتاب الثاني، تنازع القوانين،دار المكتبة الجامعيةـ2003،مصر.
7-الأمر75-58المؤرخ في26/09/1975 المتضمن القانون المدني الجزائري المعدل و المتمم.
• المراجع بالفرنسية:
8-Jean Derrupé,Droit International Privé,13 eme Edition,Mémontos,Dalloz ,1999, France.
9-Pierre Mayer, Droit International Prive, 5 eme Edition, Monchrestien,1996, France
الفهرس
المقدمة........................................... ...................................1
المبحث التمهيدي:تنازع القوانين.......................................... ........2
المبحث الأول:ماهية قاعدة الإسناد........................................... ......7
المطلب الأول:عناصر قاعدة الإسناد........................................... ....7
الفرع الأول:الفكرة المسندة........................................... ..............7
الفرع الثاني:ضابط الإسناد........................................... .............8
الفرع الثالث:القانون المسند إليه.............................................. ...11
المطلب الثاني:خصائص قاعدة الإسناد..........................................1 1
الفرع الأول:قاعدة غير مباشرة............................................ ......11
الفرع الثاني:قاعدة غير محددة المضمون.......................................12
الفرع الثالث:قاعدة مزدوجة .................................................. ...12
الفرع الرابع:قاعدة محايدة و مجردة............................................. 12
الفرع الخامس:قاعدة وطنية............................................. .........13
المبحث الثاني:إعمال قاعدة الإسناد........................................... ...14
المطلب الأول:إلزام القاضي بالرجوع إلى قاعدة الإسناد........................15
الفرع الأول:في القضاء الفرنسي........................................... ......15
الفرع الثاني:في القضاء الجزائري.......................................... .....16
المطلب الثاني:تطبيقات قاعدة الإسناد في القانون الجزائري....................17
الفرع الأول: في القانون المدني الجزائري.......................................17
الفرع الثاني: قرارات المحكمة العليا في بعض القضايا.........................18
الخاتمة:.......................................... ...................................19
قائمة المراجع........................................... ............................20
الفهرس............................................ ..................................21
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma