أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
دروس في القانون الجنائي الجزائري 580_im11 ENAMILS دروس في القانون الجنائي الجزائري 580_im11

المواضيع الأخيرة

» مدونة القوانين الجزائرية - محدثة يوميا -
دروس في القانون الجنائي الجزائري I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed

»  شركة التوصية بالاسهم -_-
دروس في القانون الجنائي الجزائري I_icon_minitimeالجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin

» مكتبة دروس
دروس في القانون الجنائي الجزائري I_icon_minitimeالإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
دروس في القانون الجنائي الجزائري I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
دروس في القانون الجنائي الجزائري I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
دروس في القانون الجنائي الجزائري I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
دروس في القانون الجنائي الجزائري I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin

» بحث حول المقاولة التجارية
دروس في القانون الجنائي الجزائري I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl

» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
دروس في القانون الجنائي الجزائري I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique

» الدفاتر التجارية:
دروس في القانون الجنائي الجزائري I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma

ENAMILS


كتاب السنهوري


    دروس في القانون الجنائي الجزائري

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

    دروس في القانون الجنائي الجزائري Empty دروس في القانون الجنائي الجزائري

    مُساهمة من طرف Admin الخميس يوليو 25, 2013 2:26 pm


    محاضرات في قانون العقوبات
    سنة ثانية علوم قانونية وإدارية

    القانون الجنائي
    قانون العقوبات
    يعتبر قانون العقوبات من أهم فروع القانون، وتبدو هذه الأهمية في المصالح والحقوق التي يحميها، والغاية التي يرد تجسيدها، وهي مصالح الجماعة التي يرى المشرع أنها جديرة بمثل تلك الحماية القانونية خاصة الحماية الجنائية منها، تحقيقا لأمن واستقرار وسكينة الجماعة وإقامة العدل بين أفرادها، عن طريق ما تقرره القوانين العقابية من وسائل قهر وإلزام وردع، باعتبارها أداة السلطة في التجريم والعقاب استعمالا لحق الجماعة في العقاب، بتجريم كل سلوك ترى فيه إخلالا بأمنها واستقرارها وطمأنينتها وسكينتها – يحكم قانون العقوبات مبدأ هام وهو ((مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات))، يقضي بأنها لا جريمة ولا عقوبة إلا بمقتضى نص تشريعي، سابق في وجوده على ارتكاب الواقعة المجرمة فيجرمها ويعاقب عليها-، ومواجهة من تسول له نفسه الخروج على نظامها بمحاولة الاعتداء عليه، وتقرير جزاءات جنائية تتناسب مع خطورة وجسامة الجريمة باعتبار الجزاء الجنائي ضرورة اجتماعية تكفل احترام أوامر القانون ونواهيه، بسلوك المخاطب بالقاعدة الجنائية مسلكا لا يتعارض مع أوامر القانون ونواهيه، عن طريق ما تقرره من جزاءات جنائية، بل غنها أشد حاجة لها لازدياد المصالح الاجتماعية تجديدا وتطورا، وضرورة فرض حماية جنائية لها هذا من جهة، ومن جهة أخرى تبدو الحاجة لها نظرا لتطور الأساليب المتبعة في ارتكاب الجريمة واستفادها من التطور الذي طرأ في المجتمعات في مختلف الميادين.
    ولقد مر القانون الجنائي عبر تطوره بمراحل مختلفة، كل مرحلة لها طابعها الخاص المميز لها، إذ عرف الفكر الجنائي تطورا كبير، فلم يعد ينظر لقانون العقوبات بأنه قواعد قانونية الغرض منها فقط ردع المجرمين وتوقيع أشد العقوبات عليهم، بل إنه أصبح ينظر لهذا القانون من خلال الدور الإصلاحي والوقائي الذي يلعبه، حيث يقوم بمكافحة الجريمة ليس بتوقيع العقاب على مرتكبيها فحسب، بل العمل إيجابيا على عدم وقوعها بواسطة التدابير الأمنية والوقائية التي تلعب دورا كبيرا ومهما في الوقاية من الجريمة بمنع وقوعها، وهو موقف تبنته التشريعات الجنائية الحديثة، ومن بينها التشريع الجنائي الجزائري الذي نظم في قانون العقوبات تلك التدابير وكرس حكمها الوقائي في المادة 4 في فقرتيها الأولى والرابعة منه، فتنص الفقرة الأولى ((يكون جزاء الجرائم بتطبيق العقوبات وتكون الوقاية منها باتخاذ تدابير أمن))، وتنص الفقرة الرابعة ((إن لتدابير الأمن هدف وقائي)). 1
    مفهوم قانون العقوبات: إذا كان قانون العقوبات يحتل مركزا متميزا في المنظومة القانونية لكل دولة، فيعتبر ركيزة أساسية فيها، وباعتباره ظاهرة اجتماعية كغيره من القوانين المشكلة لبناء تلك المنظومة القانونية في أي مجتمع، يعرف قانون العقوبات بأنه مجموعة القواعد القانونية المحددة للأفعال التي تعتبر جرائم في نظر المشرع، وتبين العقوبات المقررة لها، ويحدد قواعد المسؤولية الجزائية والعقاب على السلوكات التي يأتيها الإنسان. 2
    -------------------
    1 2008 ، ص 01 - - عبد الله اوهايبيه، شرح قانون العقوبات الجزائري "القسم العام"، محاضرة بكلية الحقوق، جامعة الجزائر، 2007
    2 - عبد الله اوهايبيه، مرجع سابق، ص 03

    القسم الأول: الجريمة

    الجريمة هي اعتداء على المصلحة العامة و اعتداء على الدولة و على النظام العام أكثر من الفرد و هنا يلجأ إلى القضاء فهي اعتداء على ا?تمع أكثر من اعتداء على المصلحة الخاصة, فالدولة تحمي أموال و أرواح الناس ويتدخل المجتمع ويحدد أنواع الجرائم (حسب مفهومها الحديث) فالسلطة هي تعاقب وليس الفرد على العكس في السابق الفرد يأخذ حقه بنفسه لكن هذا ولد الفوضى في المجتمع.

    النظرية العامة للجريمة:

    هناك مجموعة من التعريفات ( من الفقه ):
    التعريف الأول: الجريمة هي فعل غير مشروع صادر عن إرادة جنائية يقرر القانون عقوبة أو تدبير الأمن.
    التعريف الثاني: الجريمة هي كل سلوك خارجي إيجابيا كان أم سلبيا حرمه القانون وقرر له عقابا إذا صدر عن إنسان مسئول.
    ونستنتج من هذان التعريفان أن لكل جريمة ثلاثة أركان
    1/ أن يكون الفعل غير مشروع طبقا لقانون العقوبات والقوانين المكملة لقانون العقوبات مثل: جريمة التهريب نجدها في قانون الجمارك. فالقوانين المكملة مثلها مثل: قانون العقوبات ويسمى هذا الركن " الركن الشرعي" والركن القانوني ( وحتى تكون جريمة يجب أن تكون مخالفة لقانون العقوبات )
    2/ أن يرتكب الجاني فعل مادي فالجريمة هي فعل ويجب أن تكون مبنية على الركن المادي وقد يكون هذا الفعل
    إيجابيا أو سلبيا.
    الفعل الإيجابي => كالقتل، السرقة......إلخ.
    الفعل السلبي => الأم التي تمتنع عن إرضاع ابنها وتتسبب في قتله.
    الممرضة التي لا تعطي الدواء للمريض في وقته.
    3/ الركن المعنوي: الجريمة لابد أن تصدر عن إرادة جنائية ( له علاقة نفسية بين الفعل وصاحبه ). ويتحمل نتائج الجريمة لأنها صادرة عن إرادة الجاني فهي مرتبطة بإرادة الفرد (المجنون مثلا يقوم بجريمة هنا لا يسأل لأنه ليس لديه إرادة كذلك الطفل القاصر، الشخص المكره ) أي أن الفرد يقصد ارتكاب الجريمة ومخالفة القانون.
    - وإذا تخلف أحد الأركان الثلاثة فلا تقوم جريمة في بعض الأحيان تحيط بالجريمة بعض الظروف وهي لا تأثر في الجريمة وإنما تؤثر في تخفيف العقوبة أو تشديدها. وتسمى ظروف مخففة أو مشددة السرقة ( جريمة قائمة ) والليل (ظروف مشددة ).
    فالركن يؤثر على قيام الجريمة أما الظروف فهي لا تؤثر فيها.

    الفرق بين الجريمة الجنائية والجريمة التأديبية:

    الجريمة التأديبية: => تتمثل في تقصير أو خطأ يقع من موظف عام أو أي شخص ينتمي إلى مهنة معينة بواجبات وظيفته.
    الجريمة الجنائية: => وهو إخلال بقانون العقوبات والقوانين المكملة له (مقصورة ومحددة في قانون العقوبات والقوانين المكملة ) ولا يستطيع المشرع حصر الأخطاء الوظيفية وإنما يحدد الجرائم.
    يختلفان من حيث الجزاء:
    الجريمة عقوبتها الحبس أو الغرامة.
    الخطأ الوظيفي عقوبة العزل أو الخصم.
    في بعض الأحيان هناك الفعل الواحد يشكل جريمتين (جريمة إدارية وجنائية) كالرشوة (ارتكب خطأ إداري /وفي قانون العقوبات الذي يعاقب الشخص المرتشي).

    الفرق بين الجريمة الجنائية والجريمة المدنية:

    الجريمة المدنية: (تسمى الخطأ المدني) وهو مصدر من مصادر الالتزامات القاعدة العامة ( 124 من القانون المدني) حيث لا يمكن حصر الأخطاء المدنية. « كل من تسبب في ضرر للغير عليه بالتعويض » والأخطاء الجنائية محصورة في قانون العقوبات والقوانين المكملة له. الشخص في الخطأ المدني يرفع دعوى مدنية
    أمام القضاء المدني للمطالبة بالتعويض.
    أما في الخطأ الجنائي: ترفع دعوى جنائية أو عمومية أمام القضاء الجنائي للمطالبة بتوقيع العقوبة أو الجزاء وتكون عن طريق النيابة العامة.
    * الفعل الواحد قد يشكل جريمتين مدنية وجنائية كالسرقة فالمتهم يتابع أمام القضاء المدني والقضاء الجنائي.
    وعلى العموم فإنه يجب توفر ثلاثة أركان بالتئامها حتى تقوم الجريمة: الركن الشرعي (القانوني)، والركن المادي، والركن المعنوي
    1 - فلا جريمة دون نص قانوني يحدد مواصفات الفعل الذي يعتبره القانون جرما إذ لا جريمة بغير قانون وبدون النص القانوني يبقى الفعل مباحا.
    2 - كما لابد أن تتبلور الجريمة ماديا وتتخذ شكلا معينا حتى تصبح من الممكن تطبيق النص القانوني اُلمجرِم عليها فالركن المادي هو المظهر الخارجي لنشاط الجانبي والذي يتمثل في السلوك الإجرامي محل العقاب.
    3 - ولكن الركن المادي لا يكفي لإسناد المسؤولية للشخص (الجانبي) بل يجب أن يكون هذا الشخص قد اتجه بإرادة حرة وبمعرفة تامة إلى إظهار الجريمة إلى حيز الوجود أي لابد أن تتوافر لديه نية الجريمة أو أن تكون الجريمة قد حصلت بخطأ منه.
    هذه الأركان الثلاثة تدعى بالأركان العامة للجريمة التي يجب توافرها في كل جريمة

    الفصل الأول: الركن الشرعي (الركن القانوني)

    نذهب إلى ما ذهب إليه الأستاذ فتوح عبد الله الشاذلي من اعتبار الصفة الغير المشروعة للسلوك ركنا من أركان الجريمة والتي مصدرها نص التجريم الذي يضفي هذه الصفة على ماديات معينة مع انتفاء الأسباب التي ترفع عن هذه الماديات الإجرامية صفتها الغير مشروعة.
    وبمعنى آخر أن الصفة غير المشروعة للسلوك كركن من أركان الجريمة تفترض أمرين 02 هما:
    1 - أحدهما إيجابي: وجود نص جنائي يضفي على السلوك الصفة الغير مشروعة ويحدد الجزاء الذي يستحقه مرتكب السلوك.
    2 - الثاني سلبي: يتمثل في انتفاء الأسباب التي تبيح السلوك وتجرده من هذه الصفة وترده إلى الأصل العام في الأشياء وهو الإباحة.

    المبحث الأول: أهمية وعناصر الركن الشرعي
    المطلب الأول: أهمية الركن الشرعي

    - الركن الشرعي يحدد الماديات التي يصبغ عليها الشارع الصفة الغير مشروعة وهذه الماديات (موضوع التكييف القانوني) هي جوهر الركن المادي.
    - بالنسبة للركن المعنوي ففي جوهر العلاقة بين شخصية المجرم وماديات الجريمة هاته العلاقة محل للوم القانون وأساس هذا اللوم هو الصفة الغير مشروعة لهذه الماديات فكان ينبغي لشخصية المجرم أن لا تكون على علاقة بهاا، وبالتالي فالتحقق من توافر الركن الشرعي للجريمة سابق حتما عن التحقق من توافر الركن المعنوي.

    المطلب الثاني: عناصر الركن الشرعي:

    له عنصران:
    أ- خضوع الفعل لنص التجريم (وفقا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات أو تدابير الأمن)
    - مصدر الصفة الغير مشروعة جنائيا للسلوك هو نص التجريم الذي يتضمنه قانون العقوبات والقوانين المكملة له، والذي يجرم السلوك ويحدد له عقابا أو تدابير أمن، فهو مصدر مشروعية السلوك.
    - واشتراط خضوع الفعل لنص التجريم يعني حصر مصادر التجريم والعقاب في النصوص التشريعية، ولهذا الحصر يقوم مبدأ أساسي وهو "مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات أو تدابير الأمن"، ومؤداه أن الجريمة لا ينشئها إلا نص قانوني وأن العقوبة لا يقرها غير نص قانوني (المادة 04 ق.ع.ج) "لا جريمة ولا عقوبة أو تدابير أمن إلا بغير قانون".
    - غير أن وجود النص القانوني المنشئ للجريمة غير كافٍِ لذاته حتى يخضع له السلوك بل يجب أن يكون هذا النص نافذا وقت ارتكاب الجريمة (السلوك) وساريا في المكان الذي ارتكب فيه وعلى شخص مرتكبيه.
    ب- مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات أو تدابير الأمن:
    يعتبر من المبادئ الأساسية التي تقوم عليها التشريعات العقابية الحديقة، ويعرفه الأستاذ نجيب حسني وفتوح عبد الله بأنه " حصر عدم المشروعية الجنائية في نصوص القانون الجنائي التي تحدد الجرائم والعقوبات" . 1
    وبما أن القانون عمل المشرع فإن الاختصاص في التجريم وتحديد العقوبات ينحصر في المشرع دون القاضي وأن اختصاص القاضي الجنائي ينحصر في تطبيق العقوبة المقررة في النص الجنائي وتجريم الأفعال الموجودة في النص الجنائي ويجرمها

    المبحث الثاني: مفهوم مبدأ الشرعية
    المطلب الأول: أسس مبدأ الشرعية

    -1 الفصل بين السلطات: (وهي السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية) فالدستور حدد صلاحيات ومهام كل سلطة على حدى.
    -2 بناء وتكريس دولة القانون: أي أن القانون يعلو على الجميع وكل أفراد ا?تمع يخضعون له بغض النظر عن المركز الذي يحتله الفرد.

    المطلب الثاني: أهمية مبدأ الشرعية

    1 - حماية الحقوق والحريات الفردية: هذا المبدأ يرسم حدود بين ما يعتبره المشرع الجنائي سلوكات جديرة بالتجريم والعقاب وهي الاستثناء وبين السلوكات التي لا تعتبر كذلك، فمن يأتي فعلا لم يجرمه القانون فهو طبقا لمبدأ الشرعية بأمان من المسؤولية الجنائية تجسيدا لقاعدة الأصل في الأشياء الإباحة والإعمال لهذا المبدأ يضفي نوعا من الأمان والارتياح لدى أفراد المجتمع.
    1- تحقيق فكرة الردع العام: ومعنى الردع هو تحذير الأفراد وتخويفهم مسبقا من النتائج المترتبة على إتيان سلوك جرمه القانون وحدد له عقوبة، وبالتالي تتحقق فكرة الردع التي تعتبر وسيلة للوقاية من وقوع الجرائم وضمان فعال للمحافظة على أمن واستقرار المجتمع.
    ولا يقتصر مبدأ الشرعية على حماية الأبرياء وإنما يحمي أيضا الجناة من تعسف القضاة بإلزام القاضي الحكم بالعقوبة التي جاء بها نص التجريم. 2
    -------------------
    1 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، كلية الحقوق والعلوم السياسية ، جامعة زيان عاشور، الجلفة، 2008 / 2009
    -عمر خوري، شرح قانون العقوبات –القسم العام- كلية الحقوق، جامعة الجزائر، 2007 / 2008
    2 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق / عمر خوري، شرح قانون العقوبات –القسم العام، مرجع سابق،ص 18

    المطلب الثالث: نتائج مبدأ الشرعية

    1 - قاعدة عدم رجعية النص الجنائي (إلا ما كان أصلح للمتهم "استثناءًا") :لمعاقبة شخص لابد أن تكون الجريمة قد حددت أركانها بموجب قانون مطبق وقت ارتكابها، ولا يجوز معاقبة شخص على فعل كان مباحًا وقت ارتكابه ثم صدر قانون يجرمه.
    2 - حصر مصادر التجريم والعقاب في نصوص تشريعية مكتوبة: وهذا استبعاد كافة المصادر المألوفة في فروع القوانين الأخرى (كالعرف، ومبادئ القانون الطبيعي...)، والنص التشريعي المكتوب هو الصادر عن البرلمان أو رئيس الجمهورية، أو السلطة التنفيذية في مجال المخالفات (لوائح تنظيمية).
    3 - حصر القياس في تفسير النصوص التجريم: ليس للقاضي أن يقيس فعلا لم يرد نص بتجريمه على فعل ورد نص بتجريمه فيقرر الأول عقوبة الثاني (قياس).
    هذا لا يمنع إمكانية خضوع النص التجريمي للتفسير الضيق أي البحث عن المعنى الذي يرمي إليه المشرع من وراء الألفاظ المستعملة في النص ويجب على القاضي أن يلتزم بحرفية النص الجنائي حتى لا يجرم فعلا لم يقصده المشرع.
    4 - قاعدة الشك تفسر لصالح المتهم: في حالة وجود غموض في النص الجنائي واستحال على القاضي تحديد التفسير وتساوت في نظره وجوه متعددة، في هذه الحالة الشك يفسر لصالح المتهم والمجال الرئيسي لتطبيق هذه القاعدة الإثبات في المواد الجنائية، حيث إذا تعادلت أدلة الإدانة مع البراءة رجح الثانية، لأن الإدانة تبنى على اليقين والأصل في الإثبات البراءة. 1
    -------------------
    1 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق / عمر خوري، شرح قانون العقوبات –القسم العام، مرجع سابق،ص 18

    المبحث الثالث: مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات أو تدابير الأمن (موضوع بحث)

    إن الاتجاه الغالب بين الفقهاء لم يرِد الجريمة إلى أركان عامة ثلاث وهي الركن الشرعي والمادي والمعنوي، ولعل من أهمها الركن الشرعي فله أهمية واضحة في بناء الجريمة، إذ لا وجود لها إذا انتقى هذا الركن ولا حاجة للبحث في أركان أخرى، فهو الصفة غير المشروعة للسلوك والتي هي تعارض بين هذا السلوك والقانون، وهذه الصفة لها مصدر ينشأها وهو النص القانوني الجنائي (نص التجر يم) الذي يتضمنه قانون العقوبات والقوانين المكملة له والذي يجرِم السلوك ويحدد له عقابا أو تدبير أمن، فهو مصدر عدم مشروعية السلوك ، غير أن هذه الصفة غير مستقرة إذ هي قابلة للزوال والنفي إذا خضع السلوك لسبب من أسباب الإباحة وبالتالي يغدو السلوك أو الفعل مشروعا.
    إن اشتراط خضوع الفعل لنص التجريم يعني حصر مصادر التجريم و العقاب في النصوص التشريعية ولهذا الحصر يقوم مبدأ أساسي وهو مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات.

    المطلب الأول: مفهوم مبدأ الشرعية

    تتطلب دراسة هذا المبدأ تحديد معناه واستخلاص النتائج المترتبة على الأخذ به .
    1 - التعريف بالمبدأ:
    يسود في الدول القانونية مبدأ الشرعية وفحواه سيادة القانون وخضوع الجميع له حكاما ومحكومين، وسيادة القانون في مجال التجريم والعقاب تعني وجوب حصر ا لجرائم والعقوبات في القانون المكتوب وذلك بتحديد الأفعال التي تعد جرائم وبيان أركانها من جهة ثم العقوبات المقرة لها ونوعها ومد?ا من جهة أخرى وقد صيغ هذا المبدأ بعبارة موجزة جريمة ولا عقوبة إلا بنص.
    كما يعرفه الأستاذان محمود نجيب حسن وفتوح عبد الله الشاذلي بأنه "حصر عدم المشروعية الجنائية في نصوص القانون الجنائي التي تحدد الجرائم والعقوبا ت"، وبما أن القانون من عمل المشرع ذلك أن بيان الجرائم والعقوبات منوط له وحده فلا يملك القاضي إلا تطبيق النص والتقيد بكافة الشروط التي جاءها التحديد الجريمة وتوقيع العقاب ولي س له أن يعاقب على فعل لم يقرر له المشرع عقابا ولا ينطق بعقوبة غير منصوص عليها في القانون حتى ولو كان هذا الفعل مخالف للعدالة أو يتناقض مع النظام العام والآداب العامة.
    2 - تاريخ المبدأ:
    لقد كان من اللازم أن يظهر هذا المبدأ من زمن بعيد لأن انعدامه يعني الفوضى والظلم وعد الارتياح، إذ أن أفعال كل إنسان يمكن أن تعتبر جرائم وهو لا يعلم كما يمكن أن يعاقب على ما لم يعلم وذلك كله لا يساهم بشيء في تخفيف الإجرام والظلم فضلا عن إبطاله.
    أ- ظهور المبدأ في الشريعة الإسلامي:
    لقد كان الشريعة لإسلامية السباقة في الإقرار بمبدأ الشرعية والأدلة على تقرير المبدأ فيها كثيرة سواء في نصوصها الأصلية أو قواعدها العامة، ومن هذه النصوص قوله تعالى ((وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)) 1 .
    -------------------
    1 - سورة الإسراء الآية 05

    ومن القواعد العامة للمبدأ الشرعي: الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم ولا حرمة لأفعال العقلاء قبل ورود نص.
    ولا يمكن أن يثور شك حول تطبيق المبدأ على الجرائم ذات العقوبة المقدرة وهي جرائم الحدود والقصاص لأن نصوصها في القرآن والسنة معروفة.
    وإذا كانت الجرائم ذات العقوبة المقدرة قد حددت تحديدا دقيقا وتاما من حيث التجريم والعقوبة في مصادر الشريعة الإسلامية فإنه لم يحصل ذلك بالنسبة لجرائم التعزير التي ترك أمر تحديدها لولي الأمر أو للقاضي بما يتلائم مع كل عصر.
    ب- ظهور المبدأ في القوانين الوضعية:
    يربط بعض المؤرخين وبعض رجال القانون ظهور هذا المبدأ بنهضة أوربا في القرن 18 م وما كان لأراء فلاسفة هذا القرن من تأثير عظيم هز أوربا وساهم على هدم الآراء القديمة وانتشار الأفكار النيرة الداعية إلى احترام حقوق الإنسان والتي توجت بانتصار الثورة الفرنسية.
    فأوروبا قبل هذه الفترة ابتداءا من القرون الوسطى عانت الكثير من ظلم وتحكم القضاة سواء في التجريم أو في العقاب، فاشتد نقد الفلاسفة والمفكرين أمثال مونتيسيكيو وبيكاريا وغيرهم ا... وظهر صراع حاد أسفر على ظهور هذا المبدأ.
    كما ظهر هذا المبدأ في الولايات المتحدة الأمريكية في إعلان حقوق الإنسان سنة 1774 م كما تقرر في قانون العقوبات النمساوي سنة 1787 م، ثم أكدت الثورة الفرنسية عل يه في إعلان حقوق الإنسان لسنة 1789 م، وقد دأبت النصوص بعد ذلك في أوربا على الأخذ به، فنص عليه دستور الجمهورية الفرنسية بعد سقوط الملكية في المادة 14 سنة 1793 م وأعيد النص في قانون نابليون.
    وانتشر المبدأ بعد ذلك فنصت عليه الدول في دساتيرها وقوانينها العقابية وأيدته المؤتمرات الدولية وتبنته الأمم المتحدة في إعلان حقوق الإنسان سنة 1948 ( 1 )
    3 - تقييم مبدأ الشرعية:
    انقسم الرأي حول هذا المبدأ إلى فريق ين: فريق يأخذ بهذا المبدأ معتمدا على مزاياه وفوائده، وفريق آخر ينبذ هذا المبدأ وينتقده مركزا على عيوب ه. وسنتعرض فيما يلي إلى رأي كل فريق وحججه ونقر في الأخير ما نواه أصوب وسنبدأ برأي الفريق المؤيد.
    بالنسبة للفريق المؤيد والذي يمثل أغلب الفقه وأغلب القوانين والذي يرى أن هذا المبدأ يمثل سياجا يحمي الفرد من تعسف السلطة، كما انه يبرر عقاب السلطة للأفراد إذا خالفوا القانون، ومن جهة ثانية فإن هذا المبدأ يشعر الناس بأنهم سواسية أمام القانون.
    -------------------
    1 - عبد الله سليمان، شرح قانون العقوبات الجزائري، القسم العام، الجزء الأول "الجريمة"، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة 05 ، الجزائر، 2006 ، ص: 73 - 76
    - منصور رحماني، الوجيز في القانون الجنائي العام، دار العلوم، 2006 ،ص 126 - 129

    ومن جهة أخرى يضع هذا المبدأ حدا لتحكم القضاة في التجريم والعقاب، كما أنه يفصل بين السلطات المهتمة بشأن الجريمة مما يؤدي في الأخير إلى تحقيق العدالة ولا يسمح بتعدي سلطة على سلطة أخرى.
    فالسلطة ا لتشريعية مهمتها وضع التشريع بوضوح فعليها أن تحدد كل جريمة بعناصرها وظروفها المكنونة لها والعقوبات المقدرة لها بوضوح أيض ا. و أما السلطة القضائية فمهمتها تطبيق ذلك التشريع بحسب الوقائع المعروضة وتحكم بالإدانة أو البراءة، وأما السلطة التنفيذية فليس لها أن تعا قب أحدا إلا بما حكم به القاضي ونشير إلى أن القانون قد أعطى الحق للإدارة في التدخل بدل القضاء في بعض الحالات، وذلك لا يعتبر تدخلا أو تداخلا بين السلطات ما دام القانون هو الذي أجازه في حدود معينة وله العدول عن ذلك.
    وأما الفريق الناقد فقد اعتد في نقده على سلبيات هذا المبدأ حتى أن بعض القوانين الحديثة نبذته من تشريعاتها 1926 م والتشريع الألماني لسنة 1935 والتشريع الدنماركي والصيني. - المطبقة مثل التشريع السوفياتي لسنة 1922 ولعل أهم الانتقادات الموجهة لهذا المبدأ بحسب رؤية هذا الفريق هي:
    - يحصر هذا المبدأ الجرائم والعقوبات في نطاق القانون مما يؤدي به إلى الجمود.
    - لا يمكن أن ينص القانون هذا على جميع ما قد يقع من جرائم وعقوبات.
    - عند وقوع جرائم لم ينص عليها القانون، فإن القاضي ليس له أن يقيس أو يفسر إلا في نطاق ضيق جدا (البحث عن إرادة المشرع الحقيقية).
    لم يسلِم الفقه لهذه الانتقادات وظل متمسكا بمبدأ الشرعية محاولا تجاوز هذه الانتقادات التي وجهت للمبدأ فجمود النص يمكن التخلص منه بمرونة يلجأ لها المشرع في عبارات يحقق لهاا التوازن بين مصلحة المجتمع وحقوق الأفراد، فلا تكن ضيقة تجعل مهمة القاضي مقتصرة على التطبيق الحرفي لها فت جعله عاجزا في أن يجد فيها الوسيلة لمحامية المجتمع من الأفعال الضارة به ولا تكون واسعة فتتيح له إهدار حقوق الأفراد، وهو ما أشار إليه المؤتمر الدولي الرابع للقانون الجنائي المنعقد بباريس سنة 1937 م 1
    وعلى العموم فلكي نصون المبدأ ونحترمه يقتضي هذا من المشرع في أن يكون فطنا وحريصا على سد الثغرات القانونية التي قد يستفيد منها المجرمين للإفلات من العقاب وحتى يستطيع النص الجنائي أن يبسط سلطانهم عليه.
    والذي يجب أن يقال بعد الذي تقدم قوله في هذا هو أن الأخذ ?ذا المبدأ يترتب عنه بعض النتائج والتي نوجزها فيما يلي:
    - بحصر مصادر التجريم والعقاب في النصوص التشريعية نتيجة لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات فإن القاعدة الجنائية هنا مصدرها الوحيد هو القانون المكتوب وعليه فإن المصادر الأخرى مستبعدة في نطاق القوانين الجنائية.
    -------------------
    1 - عبد الله سليمان، مرجع سابق، ص: 80
    2 - منصور رحماني، مرجع سابق، ص: 131 - 132

    - التزام التفسير الكاشف للنصوص أي أن تفسير النصوص الجنائية قو امها البحث عن إرادة المشرع ويبقى تفسير القاضي في الحدود التي لا تصل إلى حد خلق الجرائم أو العقوبات.
    - لا يجوز للقاضي أن يجرم فعلا لم يرد نص بتجريمه قياسا على فعل ورد نص بتجريمه بحجة تشابه الفعلين أو بكون العقاب في الحالتين يحقق نفس المصلحة الاجتماعية مما يقت ضي تقرير الثاني على الأول ، لأن في ذلك اعتداء صريح على مبدأ الشرعية.
    - إن القاضي بتفسيره النص الجنائي إنما يسعى إلى الكشف عن إرادة المشرع لا عن مصلحة المتهم ولكن النص قد يشوبه لبس يجعل من تفسيره أمرا صعبا وأدى تأويله إلى وجود تساوي بين مصلحة المتهم وإرادة ا لمشرع يرى البعض هنا أن قاعدة الشك يفسر لمصلحة المتهم، أما آخرون فيرون أن الامتناع عن تطبيق النص في هذه الحالة ليس تطبيقا لقاعدة الشك يفسر لمصلحة المتهم وإنما تطبيق لقاعدة أعم وأشمل هي قاعدة الشرعية، إذ يتعارض مبدأ الشرعية مع تطبيق نص غامض يستحيل تفسيره، وع لى أي حال فقد أصبح مثل هذا الفرض باستحالة تفسير النص أمرا نادرا، ذلك أن المشرع يعير اهتماما كبيرا لوضوح النص، ويبقى ا?ال الأساسي
    لتطبيق هذه القاعدة هو الإثبات حين تتعادل أدلة الإدانة مع أدلة البراءة عندها يتعين تغليب أدلة البراءة تطبيقا لقاعدة أخرى "الأصل في الإنسان البراءة". 1
    4 - موقف المشرع الجزائري من مبدأ الشرعية:
    يؤكد المشرع الجزائري على احترام المبدأ والعمل بمقتضاه من خلال النصوص الدستورية ونصوص قانون العقوبات أيضا.
    أ- في الدستور:
    - أكد الدستور الجزائري لسنة 1989 و 1996 في عدة نصوص منها على احترام مبدأ الشرعية وهو بذلك يرتفع من مجرد مبدأ قانوني إلى مبدأ دستوري يستفيد من كل الضمانات التي يمنحها الدستور لمبادئه ومن المواد:
    المادة 28 - 29 : كل المواطنين سواسية أمام القانون -
    - المادة 42 - 45 : كل شخص يعتبر بريئا حتى تثبت جهة قضائية نظامية إدانته مع كافة الضمانات التي يطبقها القانون.
    - المادة 43 - 46 : لا إدانة إلا بمقتضى قانون صادر قبل ارتكاب الفعل االمجرم.
    - المادة 44 - 47 : لا يتابع أحد أو يقف أو يحتجز إلا في الحالات المحددة بالقانون وطبقا للأشكال التي نص عليها.
    - المادة 131 - 140 : أساس القضاء مبادئ الشرعية والمساواة، الكل سواسية أ مام القضاء وهو في متناول الجميع وجسده احترام القانون.
    - المادة 133 - 142 : تخضع العقوبات الجزائية إلى مبدأي الشرعية الشخصية.
    ---------------------
    1 - عبد الله سليمان، مرجع سابق، ص: 85 - 87

    ب- في قانون العقوبات:
    أما في قانون العقوبات فقد نصت المادة 01 على مضمون مبدأ الشرعية بنصها "لا جريمة ولا عقوبة أو تدابير أمن بغير قانو ن" وتأكيدا لمبدأ الشرعية فقد جاءت النصوص اللاحقة لتدعم مضمون المادة الأولى فنصت المادة 02 على مبدأ عدم الرجعية وهو من أهم المبادئ الداعمة لمبدأ الشرعية "لا يسري قانون العقوبات على الماضي إلا ما كان منه أقل شدة".
    ونصت المادة 03 على تحديد نطاق قانون العقوبات "يطبق قانون العقوبات على كافة الجرائم التي ترتكب في أراضي الجمهورية كما يطبق على الجرائم التي ترتكب في الخارج إذا كانت تدخل في اختصاص المحاكم الجزائية طبقا لأحكام قانون الإجراءات الجزائية".

    المطلب الثاني: نطاق تطبيق مبدأ الشرعية 1

    يطبق هذا المبدأ على تعريف الجرائم وعلى تحديد العقوبات وتدابير الأمن والتي تطبق على الشخص مرتكب الفعل المجرم مع مراعاة انتفاء سبب من أسباب الإباحة.
    1 - من حيث تعريف الجريمة:
    عملا بمبدأ الشرعية ليس كل الأعمال المخالفة للنظام العام مهما بلغت خطورتها تعرض مرتكبيها للعقاب بصفة تلقائية، وإنما يتعرض منها للعقاب ما هو مجرم بنص فحسب، ومن ثم لا تشكل جريمة تستوجب العقاب إلا الأعمال المنصوص والمعاقب عليها بنص سواء صيغ في شكل قانون (بالنسبة للجنايات والجن ح) أو في شكل لائحة تنظيمية (بالنسبة للمخالفات).
    ويقتضي مبدأ الشرعية أن تكون الجريمة محددة و أن يكون التجريم واضحًا، كما يقتضي التفسير الضيق للن ص( والذي أشرنا إليه سابقا.
    2 - من حيث تحديد العقوبة:
    مثلما أشرنا سابقا أنه لا جريمة إلا بنص فلا عقوبة أيضا إلا بنص، والقاعدتان مكملتان وملزمتان لبعضهما البعض إذ أنه من الضروري أن يكون المرء على دراية ليس ف قط بأن فعل ما مجرم بل يجب أيضا أن يعلم بالعقوبة التي يتعرض إليها لو أتى ذلك الفعل، ومن ثم يتعين على المشرع أن يتولى بنفسه التنصيص على عقوبة معينة لكل تجريم يقيمه.
    غير أنه من الجائز أن يقضي القاضي بعقوبة تفوق الحد الأقصى المقرر قانونا، يحدث هذا عند توافر شروط العود، كما يجوز له أيضا أن يترل عن الحد الأدنى المقرر قانونا إذا ما أسعف المتهم بالظروف المخففة.
    3 - من حيث اتخاذ تدابير الأمن:
    يقتضي مبدأ الشرعية من ناحية أخرى أن يكون الفرد على دراية مسبقة بنوع تدبير الأمن الذي يعرِضه إليه تصرفه وأن يكون تدبير الأم ن موقوفا على معاينة مسبقة لحالة الخطورة، أي احتمال قوي لارتكاب جريمة مستقبلا،
    ------------------------
    1 - أحسن بوسقيعة، مرجع سابق، ص 66 - 76

    كما لا يجوز للقاضي أن يلجأ إلا لتدابير الأمن المنصوص عليها صراحة في القانون، غير أن الطابع الوقائي والعلاجي لتدبير الأمن يفرض تلطيف مبدأ الشرعية وهكذا فإذا كان ليس للقاضي أن يلجأ إلا لتدابير الأمن المنصوص عليها صراحة في القانون، فليس للمشرع أن يحدد بدقة لكل تصرف تدبير أمن معين كما هو الحال بالنسبة للعقوبات، فبالنسبة للأحداث مثلا فإن تدابير التربية التي تطبق عليهم لا علاقة لها بالجريمة المرتكبة وإنما تأخذ بالحسبان السن فحسب.
    أما إذ ا تعلق الأمر بفئة من تدابير الأمن التي تسبب إزعاجا للأفراد فيتعين أن تكون محددة بنص صريح مع تعيين الحالة الخطيرة التي ينطبق عليها ومن هذا القبيل تدابير الأمن الشخصية والعينية حيث لا يجوز الحكم بها إلا في الحالات المحددة صراحة في القانون.
    وفي الأخير إن لهذ ا المبدأ أهمية بالغة بحيث أنه ضمانة لحقوق المواطنين وحرياتهم أمام تحكم القضاة أو تعسف الإدارة، فهو تعبير عن سيادة القانون ودعم لمبدأ الفصل بين السلطات ولا عجب في أن الكثير من دساتير بعض الدول قد نصت عليه واعتبرته مبدأ دستوري.
    غير أن حصر مصادر التجريم والعق اب في نص التجريم وفقا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات وتدابير الأمن غير كافٍِ لإنشاء الجريمة حتى يخضع له السلوك بل يجب أن يكون النص الجنائي التجريمي نفسه صالحا للتطبيق على الفعل المرتكب، هذه الصلاحية التي تتأكد من خلال مراعاة النص لحدود تطبيقه من حيث الزمان والمكان .

    المبحث الرابع: نطاق سريان النص الجنائي
    المطلب الأول: سريان النص الجنائي من حيث الزمان
    الفرع الأول: قاعدة عدم رجعية النص الجنائي الموضوعي

    - تعريف القاعدة
    الأصل أن النصوص الجنائية لا تسري بأثر رجعي بحيث تطبق النص فقط على الأفعال التي وقعت منذ لحظة العمل به إلى غاية إلغائه أو تعديله، ولا يطبق على الأفعال التي سبقت صدوره.
    - مبررات القاعدة
    - لا يعاقب الشخص على فعل كان مباحا وقت ارتكابه ثم جرمه القانون الجديد.
    - لا يجوز تطبيق عقوبة أشد من تلك التي كانت مقرة وقت ارتكاب الفعل.
    - نطاق تطبيق القاعدة: (عدم الرجعية): يتوقف تطبيق القاعدة على عنصرين 1
    أ- تحديد وقت العمل بالقانون الجديد (المرجع الدستور) يسري القانون من يوم نشره في الجريدة الرسمية بعد مرور 24 ساعة بالنسبة للجزائر العاصمة والولايات الأخرى بعد 24 ساعة من تاريخ وصول الجريدة الرسمية إلى الدائرة.
    - الإلغاء:
    - الإلغاء الضمني: أحكام القانون الجديد يلغي صراحة مخالفة لأحكام القانون الجديد.
    - الإلغاء الصريح: القانون الجديد يلغي صراحة القانون القديم.
    ب- تحديد وقت ارتكاب الجريمة: يكمن في تحديد وقت ارتكاب الفعل لا وقت تحقق النتيجة.
    - بالنسبة للجرائم الوقتية: لا تثير أي إشكال في تحديد وقت ارتكاب الجريمة (الفعل) لكن الإشكال في بعض الجرائم وهي:
    - الجريمة المستمرة: التي يقوم ركنها المادي على عنصر الدوام والاستمرارية "جريمة إخفاء أشياء مسروقة". تعتبر أنها ارتكبت في ظل القانون الجديد على الرغم من أن البدء في تنفيذها كان في ظل القانون القديم ما دام الجاني استمر في تنفيذها في ظل القانون الجديد.
    - جريمة الاعتياد: التي يقوم ركنها المادي على تكرار الفعل المعاقب عليه لقيام الجريمة إذ يكفي أن يقع أحد هذه الأفعال في ظل القانون الجديد حتى نطبقه على هذه الجريمة "كجريمة الاعتياد على التسول"
    - الجريمة المتتابعة: التي يقع ركنها المادي في شكل دفعات رغم وحدة المشروع الإجرامي، يكفي أن تقع أحد هاته الدفعات في ظل القانون الجديد حتى نطبقه على هذه الجريمة.

    الفرع الثاني: الاستثناءات الواردة على قاعدة عدم الرجعية (القانون الأصلح للمتهم)

    حسب المادة 02 من ق ع " لا يسري قانون العقوبات على الماضي إلا ما كان منه أقل شدة". ونعني بالاستثناء رجعية القانون الجديد الأصلح للمتهم على وقائع ارتكبت في ظل القانون القديم.
    ---------------------------------
    1 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق / عمر خوري، شرح قانون العقوبات –القسم العام، مرجع سابق،ص 21

    ولتطبيق القانون الأصلح للمتهم لا بد من توافر الشروط التالية:
    الشرط 01 : التأكد من أن القانون الجديد هو الأصلح للمتهم:
    وهذه المهمة مسندة للقاضي الجنائي يقوم بالمقارنة بين القانون القديم (الذي وقعت في ظله الجريمة وتم إلغائه) وبين القانون الجديد الذي تجري في ظله المحاكمة، والضوابط التي يلجأ إليها لتحديد القانون الجديد هل هو أصلح للمتهم أم لا وهي:
    أ- من حيث التجريم:
    - إذا ألغى القانون الجديد نص التجريم (أصبح الفعل مباحا)؛
    - إذا أدخل القانون الجديد سببا من أسباب الإباحة أو مانعا من موانع العقاب لم تكن موجودة في ظل القانون القديم؛
    - إذا أضاف القانون الجديد ركنا من أركان الجريمة لم يكن موجودا في ظل القانون القديم (كاشتراط ركن الاعتياد)؛
    - إذا ألغى القانون الجديد ظرفا مشددا للعقاب أو إذا أضاف ظرفا مخففا.
    ب- من حيث العقاب:
    -القاعدة العامة: أن القانون يكون أصلح للمتهم إذا خفف من العقوبة.
    - إذا أخذ القانونان بنفس العقوبة، فيكون القانون الجديد أصلح للمتهم إذا جاء بعقوبة أخف، فإذا خفض من الحد الأدنى أو من الحد الأقصى أومن الحدين معا فهو الأصلح للمتهم.
    يثور الإشكال في حالة ما إذا خفض القانون الجديد من الحد الأدنى ورفع من الحد الأقصى أو العكس هنا يجب المقارنة بين القانون القديم والجديد على أسس موضوعية وواقعية، فإذا رأى القاضي بأن المتهم يستحق وجدير بتخفيف العقوبة عليه فيطبق القانون الذي خفض من الحد الأدنى، أما إذا رأى القاضي أن المتهم يستحق عقوبة
    مشددة فيطبق القانون الذي خفف من الحد الأقصى.
    إذا قرر القانون القديم عقوبتين على سبيل الوجوب وجاء القانون الجديد وقررهما على سبيل الجواز فإن هذا الأخير يكون أصلح للمتهم . 1
    الشرط 02 : صدور القانون الجديد قبل الحكم نهائيا في الدعوى:
    كي يستفيد المتهم من القانون الأصلح له يجب أن يكون هذا القانون الجديد قد صدر قبل الحكم نهائيا في الدعوى العمومية، والحكم الثاني هو الحكم الذي لا يقبل الطعن فيه سواء بالطرق العادية أو الغير العادية، وعلة هذا الشرط في المحافظة على الاستقرار القانوني واحترام حجية الشيء المقضي به.
    فإذا لم تحرك الدعوى العمومية أو أنها حركت وصدر فيها حكم ابتدائي وجب على المحكمة الناظرة في الدعوى أن تطبق القانون الأصلح للمتهم من تلقاء نفسها (محكمة، مجلس، محكمة العليا).
    -------------------------
    1 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق

    أما إذا أصبح الحكم باتا وقت صدور القانون الجديد فإنه يمتنع سريانه على الفعل الذي تم الفصل فيه ولو كان هذا القانون فعلا أصلحا للمتهم..
    - الاستفادة من القانون الأصلح بعد صدور حكم بات: إذا صدر قانون جديد بعد حكم بات يجعل الفعل مباحا ! الذي حكم من أجله المجرم، فهل يستفيد المحكوم عليه من هذا القانون ؟
    - لم يتضمن قانون العقوبات الجزائري والقوانين المكملة إشارة لهذه الحالة ولكن بالرجوع إلى آراء الفقه الجنائي التي تجمع على استفادة المتهم من القانون الجديد الذي يلغي تجريم الفعل الذي صدر بشأنه حكم بات على المتهم.
    - لا مصلحة للمجتمع في عقاب شخص عن فعل أصبح مباحا في نظره.
    الشرط 03 : أن لا يكون القانون القديم من القوانين المحددة الفترة
    القانون المحدد الفترة هو القانون الذي يضعه المشرع لمواجهة ظروف استثنائية طارئة كالحرائق، الزلازل، حصار، حرب... وإن كان التشريع الجزائري لا يتضمن النص على حكم هذا النوع من القوانين فإن غالبية الفقه الجنائي ترى أن القانون الأصلح للمتهم لا يجوز تطبيقه على حالات وأوضاع نظمها القانون المؤقت واستقت مدة العمل به.
    وهذا حتى لا تضيع الحكمة من وجود هذا القانون والمتمثلة في مجابهة أوضاع استثنائية، وأن من يخرق هذه القوانين يكون جديرا بالعقاب حتى بعد انقضاء العمل ?ا.
    ب- التطبيق الفوري لقوانين الإجراءات أو قوانين الشكل والإجراءات وقاعدة عدم الرجعية: هي تلك القوانين المتعلقة بالتنظيم القضائي والاختصاص وسير الدعوى الجنائية وتنفيذ العقوبات فتطبق هذه القوانين بصفة استثنائية فور نفاذها من أجل وقائع ارتكبت قبل صدورها ما دام لم يصدر فيها حكم نهائي، وأهمية ذلك أنها تعتبر أفضل من القانون القديم وأنها تهدف إلى سير أحسن للعدالة. غير أن هذا التطبيق للقانون الجديد محكوم بشرطين:
    - لا يطبق القانون الجديد فورًا كلما وجد لصالح المتهم المتابع أو المحكوم عليه حق مكتسب.
    - أن لا يؤدي تطبيق القانون الجديد إلى إبطال الإجراءات التي تمت صحيحة في ظل القانون القديم. 1
    -----------------------------
    1 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق

    .../... يتبـــــــــع


    عدل سابقا من قبل Admin في الإثنين 05 أبريل 2010, 10:46 am عدل 1 مرات

    Admin
    المدير




    رد: دروس في قانون العقوبات الجزائري_ الجزء الأول
    من طرف Admin في الإثنين 05 أبريل 2010, 10:06 am


    المطلب الثاني: سريان النص الجنائي من حيث المكان

    لقيام الركن الشرعي يجب أن يكون النص الجنائي ساري المفعول قبل ارتكاب السلوك المجرم غير أن هذا غير كافي إذ لا بد من تحديد المكان الذي وقعت فيه هذه الجريمة لتحديد القانون الواجب التطبيق، وهو ما يطلق عليه : بسريان النص الجنائي من حيث المكان والذي تحكمه 04 مبادئ 1

    الفرع الأول: مبدأ الإقليمية

    ولا يمتد سلطان هذا القانون خارج الحدود الوطنية، إذن فالقاعدة الجنائية الوطنية حسب هذا المبدأ لها شقان:
    - شق إيجابي: يعني أن لكل جريمة تقع في إقليم الدولة تخضع لتشريعها العقابي بغض النظر عن جنسية الجاني أو المصلحة المعتدى عليها.
    - شق سلبي: أن النص الإيجابي –كأصل- لا سلطان له على ما قد يقع خارج الإقليم الوطني من جرائم.
    - تطبيق مبدأ الإقليمية النص الجنائي: نصت المادة 03 من قانون العقوبات " يطبق قانون العقوبات على كافة ! ونحدد مكان ارتكاب الجريمة ؟ ! الجرائم التي ترتكب في أراضي الجمهورية" ، ما المقصود بأراضي الجمهورية ؟
    أولا: تحديد إقليم الدولة: حسب المادة 12 من دستور 1996 يتكون إليم الدولة من ثلاثة عناصر:
    - إقليم بري: المساحة الأرضية التي تباشر الدولة عليها سيادتها والمحددة مع الدول المجاورة ويضم الأنهار والبحيرات والمضايق...
    - إقليم بحري: هو جزء من البحر العام يتصل بشواطئ الدولة ويعتبر امتدادا لإقليمها البري ويختلف تحديده من دولة لأخرى (الجزائر 12 ميل)
    - إقليم جوي: طبقات الهواء التي تعلو كلا من الإقليم البري والبحري
    ثانيا: تحديد مكان ارتكاب الجريمة
    يتكون الركن المادي من ثلاثة عناصر، فموضوع الركن المادي بعاصره الثلاث في أحد الأقاليم المذكورة سابقا سهل علينا تحديد القانون الواجب تطبيقه وهو قانون الدولة التي وقعت فيها الجريمة سواء على إقليمها البري، البحري، الجوي.
    لكن الإشكال: في حالة وقوع أحد عناصر الركن المادي في إقليم (السلوك) والآخر (النتيجة) في إقليم آخر.
    لقد وضع المشرع الجزائري حلا لهذا الإشكال في المادة 586 من ق ا ج : "تعد مرتكبة في الإقليم الجزائري كل جريمة يكون عمل من الأعمال المميزة لأحد أركانها المكونة لها قد تم في الجزائر".
    - الجرائم التي تعد مرتكبة في الإقليم الجزائري: إضافة إلى الحالة المذكورة في المادة 586 من ق ا ج : يمكن أن تعد جرائم مرتكبة في الإقليم الجزائري:
    أ- الجنح والجنايات التي ترتكب على ظهر السفن وعلى متن الطائرات:
    - على ظهر السفن: المادة 590 نستخلص منها حالتين يطبق عليها ق ع ج:
    -----------------------------
    1 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق

    - السفينة التي تحمل راية جزائرية أيًا كان تواجدها.
    - السفينة التي تحمل راية أجنبية في ميناء البحرية الجزائرية ويطبق حكم هذه المادة على السفن التجارية.
    - على متن الطائرات: المادة 591 نستخلص منها حالتين يطبق عليها ق ع ج:
    - الطائرات التي تحمل راية أجنبية مهما كانت جنسية الجاني أو المجني عليه ومهما كانت الأجواء التي تحلق فيهاالطائرة.
    - الطائرات التي تحمل راية أجنبية إذا كان الجاني أو االمجني عليه أو أن الطائرة هبطت بإحدى المطارات الجزائرية بعد ارتكاب الجريمة.
    - حالة الاشتراك: المنصوص عليها في المادة 06 من ق ا ج ويشترط لتطبيق هذا الحكم:
    - أن يكون افعل معاقبا عليه بالجزائر وفي القطر الذي ارتكبت فيه (قاعدة ثنائية التجريم).
    - أن تكون الواقعة الموصوفة بأنها جناية أو جنحة قد ثبت ارتكابها بقرار نهائي من الجهة القضائية الأجنبية.
    الاستثناءات الواردة على مبدأ الإقليمية
    هناك أشخاص لا يسري عليهم النص الجنائي الوطني رغم ارتكابهم الجرائم داخل إقليم الدولة وذلك لتمتعهم بحصانة وهذه الحصانة قد يكون مصدرها القانون الداخلي أو الخارجي.

    الفرع الثاني: المبادئ الاحتياطية

    لقد أثبتت الضرورات العملية في مكافحة الإجرام أن مبدأ الإقليمية غير كافٍ لضبط جميع أنواع الجرائم التي يتعدى نطاقها إقليم الدولة، مما أدى بالمشرع إلى الأخذ بمبادئ أخرى مكملة لمبدأ الإقليمية وهي:
    أولا: مبدأ الشخصية
    يعني أن يطق النص الجنائي على كل من يحمل الجنسية الجزائرية ولو ارتكب جريمة خارج إقليمها وذالك في حالة عودته إلى الجزائر وعلة ذالك حتى لا تكون الجزائر موطنًا للخارجين عن القانون الذي يسيئون إلى الجزائر بارتكابهم جرائم في الخارج.
    1 -: تطبيق مبدأ الشخصية في القانون الجزائري
    بالنسبة للجنايات: نصت عليها المادة 582 من ق ا ج وتشترط لتطبيق المبدأ بالنسبة للجنايات:
    - أن توصف الجريمة بجانية وفق القانون الجزائري بغض النظر عن وصفها في قانون الدولة التي وقعت فيها.
    - أن يكون مرتكبها جزائري الجنسية (أصلية أو مكتسبة (المادة 584 ق ا ج ) )؛
    - أن ترتكب الجناية خارج إقليم الدولة؛
    - أن يعود الجاني إلى الجزائر (لا تجوز محاكمته غيابيا)؛
    - أن لا يكون قد حكم على الجاني ?ائيا بالخارج أو قضى العقوبة أو سقطت بالتقادم أو بالعفو عنها (عدم محاكمة الشخص مرتين).
    ---------------------
    1 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في قانون العقوبات ، مرجع سابق

    بالنسبة للجنح: المادة 583 من ق ا ج
    - يجب أن تكون الجريمة موصوفة بجنحة في القانون الجزائري والقانون الأجنبي في نفس الوقت؛
    - بالنسبة للجنح التي ترتكب ضد الأشخاص فلا يجوز تحريك الدعوى العمومية إلا بناءً على شكوى قدمها المجني عليه أو بناءً من السلطات المختصة للدولة التي وقعت فيها الجنحة إلى النيابة العامة على مستوى الجزائر العاصمة؛
    - نفس الشروط المذكورة بالنسبة للجنايات.
    ثانيا: مبدأ عينية النص الجنائي
    معناه تطبيق النص الجنائي على كل شخص يحمل جنسية أجنبية ارتكب في الخارج جريمة تمس بالمصالح الأساسية للدولة الجزائرية بشرط أن يتم القبض عليه في الجزائر أو أن تحصل عليه عن طريق تسليمه من طرف الدولة التي وقعت فيها الجريمة (المادة 588 من ق ا ج ).
    شروط تطبيق مبدأ العينية:
    لتطبيق مبدأ العينية لا بد من توافر الشروط التالية:
    -1 أن يرتكب الجاني جناية أو جنحة تمس بمصلحة أساسية للدولة الجزائرية؛
    -2 أن يتمتع الجاني بجنسية أجنبية؛
    -3 أن تقع هذه الجناية أو الجنحة خارج إقليم الجزائر؛
    -4 أن يتم القبض على الجاني في الجزائر أو أن تحصل عليه الجزائر عن طريق تسليمه من طرف الدولة التي وقعت فيها الجريمة؛
    -5 ألا يكون قد حكم على الجاني ?ائيا أو قضى العقوبة أو سقطت بالتقادم. 1
    ثالثا: مبدأ العالمية
    معناه تطبيق النص الجنائي على كل شخص يحمل جنسية أجنبية ارتكب جريمة ضد الإنسانية في الخارج وتم القبض عليه في الجزائر (كجرائم الحرب، الإرهاب، ... إلخ).
    ------------------
    1 - عمر خوري، شرح قانون العقوبات –القسم العام، مرجع سابق،ص 34

    مبدأ خضوع الفعل لسبب من أسباب الإباحة:
    انتفاء سبب من أسباب الإباحة عنصر يقوم عليه الركن الشرعي للجريمة، فإذ توافرت أحد أسباب الإباحة خرج الفعل عن نطاق نص التجريم وانتفت الصفة غير المشروعة عنه وردته إلى أصله وهو المشروعية بعدما كان مجرما وعلة ذلك أن انتفاء علة التجريم لا يحمِل الفعل معنى العدوان إذا ما أرتكب في ظروف معينة ما يبرر إباحته (كالشخص الذي يقتل دفاعًا عن النفس، الجراحة للتطبيب...).
    تعريف الإباحة: ظروف مادية أو موضوعية تلحق لسبب من أسباب الإباحة يعد فعلا مشروعا ويترتب على ذلك اعتبار كل مساهم في ارتكاب الجريمة بصفة فاعل أصلي أو شريك بريئا لسريان هاته الأسباب عليه. 1
    التفرقة بين أسباب الإباحة وما يشتبه بها:
    1- التمييز بين أسباب الإباحة وموانع المسؤولية الجنائية:
    الأولى تتعلق بالركن الشرعي للجريمة وتؤثر في وجود هاته الأخيرة، في حين أن الثانية تتعلق بالركن المعنوي لها ولا تؤثر في وجودها فتقوم الجريمة الجنائية حتى بوجودها غير أنه لا تقوم المسؤولية الجنائية ولا يستفيد منها إلا من توافرت فيه مع إمكانية قيام المسؤولية المدنية في الأضرار التي سببتها الجريمة.
    2 - التمييز بين أسباب الإباحة وموانع العقاب:
    وتعرف بأسباب الإعفاء من العقاب وهي لا تتعلق بأركان الجريمة حيث يقتصر أثرها على إعفاء الجاني من العقوبة فقط.
    أسباب الإباحة
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 32

    دروس في القانون الجنائي الجزائري Empty رد: دروس في القانون الجنائي الجزائري

    مُساهمة من طرف Admin الخميس يوليو 25, 2013 2:28 pm


    المبحث الثاني: الأعذار القانونية للعقوبة
    المطلب الأول الأعذار المشددة

    إن الظروف المشددة هي وقائع تزيد من جسامة الجريمة المرتكبة، ويترتب عنها رفع العقوبة الموقعة، وهي ظروف ينص عليها المشرع وتتوقف على إرادته، ويطبق عليها مبدأ الشرعية بدقة فحالاتها وآثارها محددة بوضوح من طرف القانون. 1

    الفرع الأول: الظروف المشددة الخاصة

    وهي نوعان الظروف الواقعية والظروف الشخصية:
    أ- الظروف المشددة الواقعية: وهي تلك التي تتصل بالوقائع الخارجية التي رافقت الجريمة، وهذه الظروف تغلط إجرام الفعل، ومن هذا القبيل حمل السلاح والليل واستعمال العنف والسكن المسكون في جريمة القتل وتختلف أهمية التغليط باختلاف طبيعة وعدد هذه الظروف، وهكذا إذا تمت السرقة المعاقب عليها في المادة 350 ق.ع بالحبس من سنة إلى 5 سنوات، بظروف الليل وحده تشدد العقوبة فتصبح الحبس من 5 إلى 10 سنوات (المادة 354 )، وإذا تمت بظرفي الليل واستعمال العنف تشدد أكثر فتصبح السجن من 10 إلى 20 سنة (المادة 353 )، ويكفي أحيانا ظرف واحد لكي تغلظ العقوبة إلى أقصاها كحمل السلاح مثلا في جريمة السرقة التي تتحول معه العقوبة إلى السجن المؤبد ( المادة 351 ق.ع)، بعدما كانت الإعدام قبل تعديل قانون العقوبات في 2006 . ( 2 )
    ب- الظروف المشددة الشخصية: وهي ظروف ذاتية تتصل بالصفة الشخصية للفاعل أو الشريك، ومن شأنها تغليظ إذناب من تتصل به، ومن هذا القبيل صفة الأصل أو الفرع بالنسبة للضحية في جرائم العنف (المادتان 267 و 272 ق.ع) والإخلال بالحياء (المواد 334 ،337 ، و 37 مكرر)، صفة القاضي والموظف السامي وموظف أمانة الضبط ، والضابط العمومي وعضو الشرطة القضائية في جرائم الفساد (المادة 48 من قانون مكافحة الفساد)، وصفة الموظف بالنسبة للجرائم التي يرتكبها من هو مكلف بمراقبتها أو ضبطها (المادة 143 ق.ع) فإذا توافرت مثل هذه الظروف يعاقب الجاني بعقوبة تتجاوز الحد الأقصى المقر قانونا للجريمة العادية. 3

    الفرع الثاني: الظروف المشددة العامة

    ينص قانون العقوبات على العود في الجنايات والجنح بالنسبة للشخص الطبيعي في المواد من 54 مكرر إلى 54 مكرر 3، ويمكن تقسيم حالات العود في الجنايات والجنح إلى أربع وهي:
    أ- العود من جناية أو من جنحة مشددة (عقوبتها تفوق 5 سنوات حبسا) إلى جناية:
    وهي الحالة المنصوص عليها في المادة 54 مكرر، ويشترط فيها لتحقيق العود أن تكون الجريمة الأولى جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون بالحبس لمدة تفوق 5 سنوات، كما هو الحال بالنسبة لجنح السرقة المنصوص عليها في المواد 350 مكرر و 352 و 354 والمعاقب عليها على التوالي بالحبس من سنتين إلى 10 سنوات وبالحبس من 5 إلى 10 سنوات. والشرط الثاني لتحقيق العود هو أن تكون الجريمة الثانية جناية أيا كانت طبيعتها.
    -------------------------------------------
    1 - بن شيخ لحسين، مبادئ القانون الجزائي العام، دار هومة للطبع والنشر، الجزائر، 2000 ،ص: 177
    2 - أحسن بوسقيعة، الوجيز في القانون الجزائي العام، دار هومة، الطبعة الخامسة، الجزائر،سنة 2007 ، ص: 310
    3 - أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص: 310

    والعود في هذه الحالة عود عام ومؤبد فهو عام لأن القانون لا يشترط فيه تماثلا بين الجناية أو الجنحة التي سبق الحكم فيها والجناية الجديدة، وهو مؤبد لأن القانون لا يشترط مدة معينة بين الحكم النهائي البات والجريمة الجديدة.
    وهكذا فإذا ما سبق الحكم على شخص بخمس سنوات سجنا من أجل السرقة الموصوفة ثم بعد عشرين سنة ارتكب جناية القتل، ففي مثل هذه الحالة يجوز تطبيق أحكام العود علي.
    ولقد نصت المادة 54 مكرر على آثار تطبيق العود في هذه الحالة، وميزت بين ثلاث فرضيات : 1
    - إذا كانت الجناية الجديدة قد أدت إلى إزهاق روح إنسان، تكون العقوبة المقرة هي الإعدام.
    - إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقرة قانونا للجناية الجديدة 20 سنة سجنا يصبح حدها الأقصى السجن المؤبد.
    - إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقرة قانونا للجناية الجديدة يساوي أو يقل عن 10 سنوات سجنا، يرفع الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية إلى الضعف.
    ب- العود من جناية أو من جنحة مشددة (عقوبتها تفوق 5 سنوات حبسا) إلى جنحة مشددة:
    وهي الحالة المنصوص عليها في المادة 54 مكرر 1، ويشترط فيها لتحقيق العود أن تكون الجريمة الأولى جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون بالحبس لمدة تفوق 5 سنوات، كما في الحالة السابقة، وأن تكون الجريمة الثانية جنحة معاقبا عليها بنفس العقوبة، أي بالحبس لمدة تفوق 5 سنوات.
    ويشترط لتحقيقها توافر ثلاثة شروط، وهي:
    - أن يكون الحكم الأول صادرا لارتكاب جناية أو جنحة مشددة تفوق عقوبتها 5 سنوات، ولا يهم مقدار العقوبة المقضي بها، وهنا يكمن الاختلاف الأول مع ما كانت تنص عليه المادة 55 الملغاة التي كانت تشترط أن تكون العقوبة المقضي بها عقوبة جنحية بسبب وجود عذر قانوني أو ظروف مخففة على أن لا تقل مدة الحبس المقضي بها عن سنة.
    - أن تكون الجريمة الجديدة جنحة مشددة الحد الأقصى لعقوبتها يزيد عن 5 سنوات، ولا يهم بعد ذلك طبيعة ونوعية هذه الجنحة، فالعود في هذه الحالة عام لا يشترط فيه القانون تماثلا بين الجريمة التي سبق الحكم فيها نهائيا والجنحة التي تلتها.
    - أن تقع الجريمة الجديدة خلال العشر 10 سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة، وهنا يكمن الاختلاف الثاني مع ما كانت تنص عليه المادة 55 الملغاة التي كانت تشترط مضي 5 سنوات من تاريخ انقضاء العقوبة الأولى أو سقوطها بالتقادم.
    -------------------------
    - أحسن بوسقيعة، مرجع السابق، ص: 315 - 316

    والعود في هذه الحالة عود مؤقت وليس دائما، كما هو الحال بالنسبة للعود من جناية أو جنحة مشددة إلى جناية التي يعتبر فيها الشخص عائدا مهما كان الزمن الفاصل بين الحكم والجريمة الجديدة. 1
    ويؤدي العود في هذه الحالة وجوبا إلى رفع الحد الأقصى لعقوبة الحبس والغرامة إلى الضعف، وكان جوازيا في ظل المادة 55 الملغاة.
    ج- العود من جناية أو من جنحة مشددة (عقوبتها تفوق 5 سنوات حبسا) إلى جنحة بسيطة (عقوبتها لا تفوق 5 سنوات):
    وهي الحالة المنصوص عليها في المادة 54 مكرر 2، ويشترط فيها لتحقيق العود أن تكون الجريمة الأولى جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون بالحبس لمدة تفوق 5 سنوات، كما في الحالة السابقة، وأن تكون الجريمة الثانية جنحة ما يعاقب عليها القانون بعقوبة الحبس حدها الأقصى لا يتجاوز 5 سنوات حبسا.
    ولتحقق العود في هذه الحالة توافر ثلاثة شروط وهي : 2
    - أن يكون الحكم الأول صادرا لارتكاب جناية أو جنحة مشددة تفوق عقوبتها 5 سنوات، ولا يهم مقدار العقوبة المقضي بها.
    - أن تكون الجريمة الجديدة جنحة من الجنح التي يعاقب عليها القانون بعقوبة حدها الأقصى يساوي أو يقل عن 5 سنوات، فالعود في هذه الحالة عام لا يشترط فيها القانون تماثلا بين الجريمة التي سبق الحكم فيها نهائيا والجنحة التي تلتها.
    - أن تقع الجريمة الجديدة خلال 5 سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة.
    والعود في هذه الحالة عود مؤقت وليس دائما، على غرار الحالة الثانية المنصوص عليها في المادة 54 مكرر 2 وخلافا للحالة الأولى المنصوص عليها في المادة 54 -1 التي يعتبر فيها الشخص عائدا مهما كان الزمن الفاصل بين الحكم السابق والجريمة.
    وأثار العود في حالة المادة 54 - مكرر 2 يؤدي وجوبا إلى رفع الحد الأقصى لعقوبتي الحبس والغرامة إلى الضعف، وكان الأمر جوازيا في ظل التشريع السابق.
    د- العود من جنحة بسيطة إلى نفس الجنحة أو إلى جنحة مماثلة:
    وهي الحالة المنصوص عليها في المادة 54 - مكرر 3 يعد العود في هذه الحالة "عودا صغيرا". ويشترط لتحقيق توافر ثلاثة شروط وهي: 3
    - أن تكون الجريمة الأول جنحة بسيطة عقوبتها لا تتجاوز 5 سنوات، ولا يهم مقدار العقوبة المقضي بها.
    - أن تكون الجريمة الثانية نفس الجنحة أو جنحة مماثلة لها، فالعود في هذه الحالة خاص يشترط فيه القانون تماثلا بين الجنحة التي سبق الحكم فيها نهائيا والجنحة التي تلتها.
    -----------------------------
    1 - أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص: 317
    2 - أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص: 319
    3 - أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص: 320 - 321

    - أن تقع الجريمة الجديدة خلال الخمس 5 سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة.
    والعود في هذه الحالة عود مؤقت وليس دائما، على غرار الحالة الثالثة المنصوص عليها في المادة 54 مكرر 3 .
    ومن آثار العود في المادة 54 مكرر 3 يؤدي وجوبا إلى رفع الحد الأقصى لعقوبتي الحبس والغرامة وكان الأمر جوازيا في ظل التشريع السابق.

    المطلب الثاني: الأعذار المخففة

    نص قانون العقوبات الجزائري على فئتين من الأعذار القانون المخففة:
    - أعذار الاستفزاز التي أشارت إليها المادة 52 ونصت عليها المواد من 277 إلى 283 .
    - وعذر صغر السن المنصوص عليه في المواد من 49 إلى 51 .

    الفرع الأول: أعذار الاستفزاز

    حالات الاستفزاز هي خمس حالات وهي:
    1- وقوع ضرب شديد على الأشخاص: يستفيد من العذر مرتكب جرائم القتل والضرب والجرح إذا دفعه إلى ارتكابها اعتداء وقع عليه.
    2- التلبس بالزنا: يستفيد من العذر مرتكب جرائم القتل والضرب والجرح الواقع من الزوجة على زوجة أو على
    شريكه لحظة مفاجأته في حالة التلبس بالزنا (المادة 279 ).
    3 - الإخلاء بالحياء بالعنف: في حالة ارتكاب وقوع إخلاء بالحياء عليه بالعنف (المادة 280 ).
    4- الإخلاء بالحياء على قاصر لم يتجاوز 16 سنة: يستفيد من العذر كل من ارتكب جرائم الضرب والجرح إذا دفعه إليها مفاجأة بالغ في حالة تلبس بالإخلاء بالحياء على قاصر لم يتجاوز عمره 16 سنة (المادة 181 )
    5- التسلق أو تحطيم أسوار أو حيطان الأماكن المسكونة أو ملحقاتها أثناء النهار: يستفيد من عذر الاستفزاز مرتكب جرائم القتل والضرب والجرح الواقع من صاحب المكان على المعتدي إذا ارتكبها لدفع تسلق أو ثقب أسوار أو حيطان أو تحطيم مداخل المنازل أو الأماكن المسكونة أو ملحقاتها، وكان ذلك أثناء النهار (المادة 278 ).

    الفرع الثاني: عذر صغر السن

    يعد صغر السن الصورة الثانية للأعذار القانونية المخففة، ويقصد هنا بصغير السن: القاصر الذي تجاوز سن الثالثة عشرة ولم يكمل سن الثامنة عشر (الفقرة الثالثة من المادة 49 ) أما القاصر الذي لم يتجاوز سنه الثالثة عشرة 13 وإن بلغها فلا يطبق عليه إلا تدابير الحماية أو التربية.
    ويترتب على صغر السن تخفيض العقوبات على النحو التالي:
    - الحبس من 10 إلى 20 سنة بالنسبة للجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد.
    - الحبس لمدة تساوي نصف العقوبة المقرة قانونا للبالغ بالنسبة للجنايات المعاقب عليها بالسجن المؤقت.
    -------------------------
    1 - أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص: 283 - 286

    - الحبس لمدة تساوي نصف العقوبة المقررة قانونا للبالغ بالنسبة للجنح المعاقب عليها بالحبس، غير أنه لا يجوز الحكم بالحبس على القصر المتهمين بجنحتي التسول والتشرد المنصوص والمعاقب عليهما بالمادتين 195 و 196 وإنما تطبق عليهما تدابير الحماية والتهذيب (المادة 196 مكر).
    - التوبيخ أو الغرامة بالنسبة للمخالفات (المادة 51 ).

    الفرع الثالث: الأعذار المخففة الأخرى

    علاوة على الحالات المذكورة آنفا نص قانون العقوبات على أعذار مخففة أخرى، ويتعلق الأمر ب:
    1- عذر المبلغ: يستفيد المبلغ عن الجنايات والجنح ضد أمن دولة بتخفيض العقوبة درجة واحدة إذا حصل الإبلاغ بعد انتهاء تنفيذ الجريمة أو الشروع فيها ولكن قبل البدء في المتابعات، وكذا من مكن القبض على الجناة بعد بدء المتابعات (الفقرتان الثانية والثالثة من المادة 92 ).
    كما نصت بعض القوانين الخاصة على مثل هذا العذر، كما هو الحال بالنسبة للقانون المؤرخ في 19 - 07 - 2003 المتعلق بالجرائم ذات الصلة بالأسلحة الكيماوية والقانون المؤرخ في 25 - 12 - 2004 المتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية والأمر المؤرخ في 23 - 08 - 2005 المتعلق بمكافحة التهريب والقانون المؤرخ في 20 - 02 - 2006 المتعلق بالوقاية من الفساد.
    2- عذر التوبة: يستفيد من تخفيض العقوبة مرتكب جناية الخطف أو الحبس أو الحجز التعسفي الذي يفرج طواعية عن الضحية (المادة 294 - 1 ق.ع ) ، ويختلف مقدار التخفيض بحسب موعد الإفراج.
    إذا وقع الإفراج قبل عشرة أيام من ارتكاب الجريمة وقبل الشروع في المتابعة الجزائية تخفض عقوبة الإعدام إلى الحبس من سنتين إلى 5 سنوات، وتخفض عقوبة السجن المؤقت إلى الحبس من 6 أشهر إلى سنتين. أما إذا وقع الإفراج بعد عشرة أيام من ارتكاب الجريمة وبعد الشروع في المتابعة الجزائية فتنخفض عقوبة الإعدام إلى الحبس من 5 إلى 10 سنوات، وتخفض عقوبة السجن المؤبد والسجن المؤقت إلى الحبس من سنتين إلى 5 سنوات (الفقرتان 2 و 3 من المادة 294 ق.ع ). 1
    المطلب الثالث: الأعذار المعفية

    أجازت المادة 52 ق.ع ، في حالات محددة في القانون على سبيل الحصر إعفاء المتهم من العقوبة رغم قيام الجريمة، وهو ما يسمى بنظام الإعفاء من العقوبة.
    وهو نظام يمحو المسؤولية القانون عن الجاني رغم ثبوت إذنابه، ومن ثم يعفى الجاني من العقاب ليس بسبب انعدام الخطأ وإنما لاعتبارات وثيقة الصلة بالسياسة الجنائية وبالمنفعة الاجتماعية.
    ومن حالات الإعفاء ما يلي: 2
    --------------------------
    1 - أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص: 288 - 290
    2 - أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص: 279 - 281

    الفرع الأول: عذر المبلغ

    ويتعلق الأمر هنا أساسا بمن ساهم في مشروع الجريمة ثم يقدم خدمة للمجتمع بأن يبلغ العدالة عن الجريمة المزمع ارتكابها أو عن هوية المتورطين فيها، ولقاء هذه الخدمة رأى المشرع أن يكافأ المبلغ عن طائفة من الجرائم لاسيما تلك التي يصعب الكشف عنها.

    الفرع الثاني: عذر القرابة العائلية

    ومن هذا القبيل ما نصت عليه المادة 91 ق.ع في فقرتها الأخيرة التي أعفت الأقارب والأصهار إلى الدرجة الثالثة من العقوبة المقرة لجريمة عدم التبليغ عن جرائم الخيانة والتجسس وغيرها من النشاطات التي يكون من طبيعتها الإضرار بالدفاع الوطني، وكذا جرائم إخفاء أو إتلاف أو اختلاس الأشياء والأدوات التي استعملت أو ستستعمل في ارتكاب هذه الجرائم أو من شأنها تسهيل البحث عن الجرائم أو اكتشافها.

    الفرع الثالث: عذر التوبة

    وهو عذر مقرر لمن أنبه ضميره فصحا بعد الجريمة وانصرف إلى محو أثرها بأن أبلغ السلطات العمومية المختصة أو استحباب لطلبها قبل نفاذ الجريمة.

    الفرع الرابع: الحالة الخاصة بالمخدرات والمؤثرات العقلية

    أجازت المادة 8 - 2 من القانون المؤرخ في 25 - 12- 2004 المتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية للجهة القضائية المختصة الحكم بالإعفاء من العقوبة لصالح المستهلك والحائز من أجل الاستعمال الشخصي بشروط:
    - أن يثبت بواسطة خبرة طبية مختصة أن حالته الصحية تستوجب علاجا طبيا؛
    - صدور أمر قاضي التحقيق أو قاضي الأحداث يقضي بإخضاعه لعلاج مزيل للتسمم تصاحبه جميع تدابير المتابعة الطبية وإعادة التكييف الملائم لحالته؛
    - صدور حكم من الجهة القضائية المختصة بإلزامه بالخضوع لعلاج مزيل للتسمم.

    المبحث الثالث: نظام وقف تنفيذ العقوبة
    المطلب الأول: تعريف نظام وقف تنفيذ العقوبة

    تتجه الأفكار الحديثة إلى محاولة إصلاح المحكوم عليه بشتى الطرق التي يؤمل منها تحقيق هذه الغاية، ومن الطرق التي سمح بها القانون وأخضعها للسلطة التقديرية للقاضي "نظام وقف التنفيذ". ويقوم هذا النظام على مجرد تهديد المحكوم عليه بتنفيذ الحكم الصادر عليه بالحبس أو الغرامة إذا اقترف جريمة جديدة خلال مدة محددة تكون بمثابة فترة للتجربة فإذا ما اجتاز المحكوم عليه هذه الفترة بنجاح (دون أن يقع في الجريمة ثانية) سقط الحكم الصادر ضده واعتبر كأن لم يكن.
    والحكمة من تعليق تنفيذ الحكم تعود إلى تقدير القاضي واقتناعه بأن المحكوم عليه ليس خطر على المجتمع وأنه قادر على اجتياز فترة التجربة دون الوقوع في الإجرام ثانية وقد يستند في ذلك إلى ماضيه الحسن والظروف العامة التي تحيط به وتدعو إلى الاطمئنان إليه والثقة به، وهو يرى أن المصلحة تقتضي إبعاد المحكوم عليه عن جو السجون والاختلاط بالمجرمين ولذلك فإن النطق بالعقوبة والتهديد بإنزالها به هو وحده كاف لإحداث التأثير النفسي القادر على منع المحكوم عليه من العودة للإجرام وقد نصت المادة 592 إجراءات جزائية على هذا النظام على النحو التالي:
    "يجوز للمجالس القضائية وللمحاكم في حالة الحكم بالحبس أو الغرامة إذا لم يكن المحكوم عليه قد سبق الحكم عليه بالحبس لجناية أو جنحة من جرائم القانون العام أن تأمر في حكمها نفسه بقرار مسبب بإيقاف تنفيذ العقوبة". 1

    المطلب الثاني: شروط تطبيق نظام وقف تنفيذ العقوبة

    بينت المادة 592 هذه الشروط وهي شروط تتعلق بالمحكوم عليه من جهة وأخرى تتعلق بالعقوبة المراد إيقاف تنفيذها.

    الفرع الأول: الشروط التي تتعلق بالمحكوم عليه

    لا يسمح القانون للقاضي بتقرير وقف تنفيذ العقوبة التي حكم بها على الجاني إذا كان هذا الجاني ذا سوابق قضائية تفيد خطورته، فلا يستفيد من هذا النظام من كان قد سبق الحكم عليه بالحبس لجناية أو جنحة من جرائم القانون العام فالمجرم الذي سبق الحكم عليه بالحبس في جناية أو جنحة من جرائم القانون العام ثم ارتكب جريمة جديدة استوجبت الحكم بالحبس أو الغرامة ، لا يستحق الاستفادة من نظام وقف التنفيذ كونه غير أهل للثقة بعد أن
    برهن أنه لم يرتدع من الحكم السابق ومن باب أولى، أن لا يستفيد من هذا النظام من كان قد سبق الحكم عليه لعقوبة أشد من عقوبة الحبس، كعقوبة السجن المؤقت أو المؤبد.
    ومن جهة أخرى لا يعد سابقة قضائية تمنع تطبيق هذا النظام الأحكام الماضية الصادرة على المحكوم عليه في مواد المخالفات ولو كانت أحكاما تتضمن عقوبات بالحبس كما أن لا تأثير للأحكام السابقة الصادرة بعقوبات الغرامة ولو كانت في مواد الجنح ففي هاتين الحالتين يجوز للقاضي أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة دون أن يعير اهتماما لسوابق الجاني المذكورة.
    -------------------
    1 - عبد الله سليمان، مرجع سابق، ص: 495 - 496

    الفرع الثاني: الشروط من حيث العقوبة المراد توقيف تنفيذها

    يشترط في العقوبة لكي يمكن الأمر بتوقيفها أن تكون حبسا أو غرامة بغض النظر عن نوع الجريمة التي تقابلها فإذا كانت العقوبة أشد من الحبس فلا يجوز إيقافها، وعليه يعد غير شرعي – كما تقول الغرفة الجنائية بالمحكمة العليا -
    منع وقف التنفيذ من أجل عقوبة السجن، ولم يحدد القانون مدة للحبس أو حدادا أقصى للغرامة، فكل حبس وكل غرامة يجوز فيها وقف التنفيذ.
    وهكذا فإن نظام وقف التنفيذ هو نظام مقرر لطائفة من المحكوم عليهم ممن ليست لديهم سوابق قضائية أو من الذين لديهم سوابق قضائية ولكنها ليست على قدر من الخطورة والذين لم تستدع جرائمهم الجديدة ضرورة الحكم عليهم بعقوبة هي أشد من الحبس أو الغرامة.
    وإذا ما توافر هذا الشرطان: ماضٍ لا ينبئ بخطورة وحكم لا يتعدى الحبس أو الغرامة، جاز للمحكمة إيقاف تنفيذ العقوبة المحكوم بها على الجاني بقرار مسبب ويعني ذلك إلتزام القاضي الذي يعلن وقف تنفيذ العقوبة بذكر الأسباب التي تبر قراره، وعلة ذلك هو أن تنفيذ الأحكام يكون عادة هو الأصل وأن إيقاف التنفيذ هو خروج على الأصل فيتعين على القاضي تقديم تفسير لهذا الخروج ولا رقابة للمحكمة العليا على استعمال للمحكمة العليا على استعمال الموضوع سلطتها التقديرية طالما بقيت في الحدود الممنوحة لها قانونا علما بأن هذا الحق لا تملكه المحكمة العليا لأنها محكمة قانون وليست محكمة موضوع. 1
    هذا ولا يلتزم القاضي بإيقاف التنفيذ ولو توافرت شروطه وطلبه المحكوم عليه وذلك لأن إيقاف التنفيذ ليس حقًا وجي على القاضي أن يحكم به إذا ما توافرت شروطه وإنما هو شأن من شؤون القاضي يخضع لسلطته التقديرية، فالقانون لم يقيد القاضي أو يلزمه باستعماله بل رخص له بذلك وترك له الحرية في التطبيق. وللقاضي الحق بمنح هذا النظام وفرضه على المحكوم عليه وإن لم يطلبه، وذلك لأن نظام "إيقاف التنفيذ" تفريد في العقاب لا يترك لتقدير المحكوم عليه الذي لا يجوز له فرضه بعد أن قدر القاضي ملاءمته له، ويجوز الحكم بوقف التنفيذ سواء كان المحكوم عليه حاضرا أم غائبا.
    ولم يعد الحكم بإيقاف التنفيذ حقا مكتسبًا للمحكوم عليه إذ يجوز مراجعته وإلغاءه إذا طرحت القضية مرة أخرى للتقاضي، فقد قضت المحكمة العليا بأنه "فيما يخص إيقاف التنفيذ الذي استفاد به المتهم على مستوى المحكمة فلا يمكن اعتبار ذلك حقا مكتسبا، فبمجرد استئناف النيابة لا يتقيد المجلس بحكم المحكمة ومن حقه أن يلغي إيقاف التنفيذ ولو ذلك حتى ولو لم يكن المتهم ذا سوابق قضائية".
    وتفسير ذلك أن الدعوى انتقلت إلى المجلس القضائي برمتها، وللمجلس كامل الحرية في استعمال سلطته التقديرية كمحكمة موضوع دون أن يتقيد بأحكام المحكمة التي قررت وقف التنفيذ، ولا يطلب من المجلس تسبيبًا لإلغائه الحكم بوقف التنفيذ، فالمجلس كما يرى القضاء- ليس مجبرًا على الإدلاء بأي سبب خاص لإلغاء الحكم الخاص بوقف تنفيذ العقوبة ، فالتسبيب مطلوب عند منح وقف التنفيذ لا عند إلغائه. وعلى عكس ذلك يجوز للمجلس أن يأمر بتنفيذ العقوبة، حتى ولو أن حكم المحكمة يأمر بتنفيذها عندما تحال القضية عليه . 2
    ----------------------------
    1 - عبد الله سليمان، مرجع سابق، ص: 497
    2 - عبد الله سليمان، مرجع سابق، ص: 498

    المطلب الثالث: آثار نظام وقف تنفيذ العقوبة

    يمكننا أن نميز بين مرحلتين في محاولة لبيان أثر الحكم مع وقف التنفيذ وهما المرحلة الأولى وهي مرحلة التجربة والمرحلة الثانية وهي مرحلة نجاح المحكوم عليه بعد التجربة.

    الفرع الأول: المرحلة الأولى

    في هذه المرحلة يوقف الحكم بوقف التنفيذ تنفيذ العقوبات الأصلية فقط، فلا يمتد هذا التوقيف ليشمل غيرها من العقوبات، فالمادة 592 إجراءات تشير إلى ذلك صراحة بقولها: يجوز للمجالس القضائية وللمحاكم في حلة الحكم بالحبس أو الغرامة أن تأمر في حكمها نفسه بقرار مسبب بإيقاف تنفيذ العقوبة الأصلية.
    فالعقوبات التي يجوز إيقافها هي العقوبات الأصلية محصورة في نوعين هما: الحبس، والغرامة وعلى ذلك فلا يجوز وقف تنفيذ عقوبات أصلية أشد من الحبس كالسجن المؤقت أو المؤبد أو الإعدام.
    وقد بينت المادة 595 إجراءات جزائية العقوبات التي لا يجوز إيقافها حيث تنص "لا يمتد إيقاف العقوبة إلى دفع مصاريف الدعوى أو التعويضات كما لا يمتد أيضا إلى العقوبات التبعية أو عدم الأهلية الناتجة عن حكم الإدانة".
    وبالتالي فإن العقوبات التي يجوز إيقافها هي عقوبات الحبس أو الغرامة، وأنه لا يجوز أن يمتد الإيقاف ليتناول العقوبات الأخرى التي قد ينص عليها الحكم الموقوف كمصاريف الدعوى التي هي حق للخزانة العامة، والتعويضات التي هي حق للآخرين ويضيف النص أنه لا يجوز إيقاف العقوبات التبعية أو عدم الأهلية الناتجة عن حكم الإدانة، وهو ما يثير التساؤل حول أن العقوبات التبعية أو عدم الأهلية هي عقوبات لا تتعلق إلا بعقوبة الجناية فكيف يمكن أن تتعلق بالحبس أو الغرامة، ولذلك فإن الصياغة الصحيحة تستدعي أن تبدل العقوبات التكميلية بالعقوبات التبعية إذ يجوز أن يحكم بالحبس أو الغرامة مع إضافة عقوبة تكميلية، ويوقف العقوبة الأصلية (حبسًا أو غرامة) تبقى العقوبة التكميلية سارية المفعول. 1
    وكي لا تخلط فكرة الغرامة الجمركية بالغرامة الجزائية التي يحكم كعقوبة في مواد الجنح والمخالفات، يبين الاجتهاد القضائي بحق بان الغرامات الجمركية هي تعويضات مدنية لا يجوز وقف تنفيذها، كما لا يجوز أيضا وبوجه عام وقف تنفيذ الغرامات غير الجنائية (الغرامة المدنية والغرامة التأديبية والغرامة الضريبية. 2
    ---------------------------------
    1 - عبد الله سليمان، مرجع سابق، ص: 502
    2 - عبد الله سليمان، المرجع سابق، ص: 503
    الفرع الثاني: المرحلة الثانية

    و في حالة نجاح التجربة يسقط حكم الإدانة الموقوف نهائيا ويصبح كأن لم يكن وتنتهي عندئذ جميع آثاره بما فيها العقوبات التكميلية التي جاءت فيه، ويعد المحكوم عليه عندئذ وكأنه لم يحكم عليه أصلا، فهو بمثابة رد اعتبار بقوة القانون ومن الطبيعي أن تزول قوة الحكم و يعد سابقة في العود. 1
    وفي الختام نرى يبقى للمشرع ضمن التجريد والعموميات من حيث الواقع إذ لا يستطيع وليس بمقدوره أن يحدد سلفا عقوبة كل شخص ارتكب الجريمة لأنه ببساطة لا يعرفه ولا يعرف ظروفه فالمشرع يكتفي بتحديد العقوبة التي يعتقد أنها عادلة وملائمة وفي ذهنه. وبتالي يلجأ المشرع إلى القاضي لتكملة الطريق فيعهد إليه بتحديد العقاب الملائم.
    فمن خلال السلطة التقديرية للقاضي يستطيع أن يحكم ويقدر العقوبة تبعًا لاقتناعه وضميره، ولا يخضع للرقابة في استعمال سلطته التقديرية إلا من حيث التزامه بالحدود القانونية المنصوص عليها والتي تتمثل في التطبيق السليم للقانون فهو ملزم بنوع العقوبة المقرة قانونا، وعليه أن يحترم مجال سلطته فلا يتعدى الحد الأقصى بلا قانون، ولا يهبط عن الحد الأدنى إلا بتوافر أسباب التخفيف.
    وفيما يخص الأعذار القانونية التي يستند إليها القاضي لتخفيف العقوبة هناك جسدتها المادة 52 من ق.ع بالقول << الأعذار هي حالات محددة في القانون على سبيل الحصر يترتب عليها مع قيام الجريمة والمسؤولية إما عدم عقاب المتهم إذا كانت أعذار معفية، وإما تخفيف العقوبة إذا كانت مخففة>>. ويفهم من هذه المادة أن القاضي لا يجوز له أن يتجاوز هذا العذر حال قيامه، وذلك بخلاف الظروف المخففة.
    أما فيما يخص نضام وقف تنفيذ العقوبة يمكننا أن نميز بين مرحلتين في محاولة لبيان أثر الحكم مع وقف التنفيذ وهما المرحلة الأولى وهي مرحلة التجربة وفي هذه المرحلة يوقف الحكم بوقف التنفيذ تنفيذ العقوبات الأصلية فقط، فلا يمتد هذا التوقيف ليشمل غيرها من العقوبات والمرحلة الثانية وهي مرحلة نجاح المحكوم عليه بعد التجربة و هي حالة نجاح التجربة يسقط حكم الإدانة الموقوف نهئيا ويصبح كأن لم يكن.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 6:45 pm