الفصل الثاني: الركن المادي للجريمة
هو كل ما يدخل في كيان الجريمة يكون له مظهر ملموس وطبيعة مادية نتيجة للتغير الذي يحدثه في العالم الخارجي.
المبحث الأول: عناصر الركن المادي 1
المطلب الأول: السلوك أو الفعل الإجرامي
هو ذلك النشاط المادي الخارجي للجريمة ويتسبب في إحداث ا?ني عليه ضرر فهو حركة الجاني الاختيارية والتي يترتب عليها تغيير في العالم الخارجي في نفسية الجاني عليه أو في الأموال أو في الممتلكات. وتخذ السلوك الإجرامي إحدى الصورتين:
أ- سلوك إيجابي: حركة عضوية إرادية (الإدراك والتمييز وحرية الاختيار) يقوم ?ا الجاني لارتكاب الجريمة (يد، لسان...).
ب- سلوك سلبي (الامتناع)(جرائم سلبية): بالرجوع إلى قانون العقوبات نلاحظ أن المشرع وضع التزامات وواجبات على عاتق بعض الأشخاص.
يقوم السلوك السلبي عندما يمتنع الشخص عن القيام بالتزام أو واجب فرضه القانون (قاضي، شهادة...)، ويشترط القانون أن يكون في استطاعة الشخص الممتنع القيام بذلك الواجب أو الالتزام وأن مصدر هذا الامتناع هو الإرادة.
-طبيعة السلوك الإجرامي: يختلف من جريمة إلى أخرى ومن نوع إلى آخر
المطلب الثاني: النتيجة
هي التغيير الذي يلحق بالعالم الخارجي والذي يتسبب فيه السلوك الإجرام ي. واختلف الفقهاء حول مدلول النتيجة، فهناك رأي يأخذ بالمدلول المادي، ورأي بالمدلول القانوني.
أ- المدلول المادي للنتيجة: وفقا له فالنتيجة هي التغيير المادي والملموس الذي يحدث في العالم الخارجي كأثر مباشر للسلوك الإجرامي وهذا التغيير يمس الأشخاص والأموال مثلاً جريمة قتل النتيجة هي إزهاق روح إنسان حي، جريمة السرقة النتيجة هي انتقال حيازة المال المنقول إلى الجاني.
تبعا للمدلول المادي الجريمة تنقسم إلى:حمل سلاح بدون رخصة.
- جرائم مادية: يكون لهذا النوع من الجرائم نتيجة مادية ملموسة (قتل، سرقة، ضرب، نصب،...).
- جرائم شكلية: (جرائم السلوك المحض) لا يشترط المشرع لقيام الركن المادي تحقق النتيجة مثل حمل سلاح دون رخصة.
ب- المدلول القانوني للنتيجة: النتيجة هي كل اعتداء يقع على مصلحة أو حق يميه القانون مثلاً جريمة القتل النتيجة هي المساس بحق الشخص في الحياة، جريمة السرقة النتيجة هي المساس بحق الشخص في الملكية والحيازة...
-------------------
1 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق
تبعا للمدلول القانوني الجريمة تنقسم إلى:
- جرائم الضرر(تقابلها الجريمة المادية): هي وقوع الاعتداء فع ً لا على الحق او المصلحة المحمية قانونًا (قتل، ضرب، سرقة...).
- جرائم الخطر (تقابلها جرائم شكلية): كحمل السلاح بدون رخصة ، وهو سلوك يمثل في حد ذاته خطر يهدد الأشخاص والأموال.
موقف المشرع الجزائري: بالرجوع إلى قانون العقوبات الجزائري نلاحظ أن المشرع الجزائري أخذ صراحة بالمدلول المادي للنتيجة وهذا ما نستخلصه من المادة 254 من ق ع ج بقولها "القتل هو إزهاق روح إنسان عمدًا".
المطلب الثالث: العلاقة السببية
لقيام الركن المادي للجريمة لا يكفي وقوع السلوك الإجرامي من الجاني وتحقق النتيجة الضارة بل لابد أن تنسب هذه النتيجة إلى السلوك الإجرامي أي أن تقوم بينهما علاقة سببية بمعنى أن ارتكاب السلوك الإجرامي هو الذي أدى وحده إلى حدوث النتيجة.
أهمية العلاقة السببية أنها هي التي تساهم في تحديد نطاق المسؤولية الجنائية، حيث تستبعد هذه المسؤولية في حالة عدم قيام العلاقة السببية بين السلوك والنتيجة، ويسأل الجاني في هذه الحالة على الشروع في الجريمة (جرائم عمدية)، أما الجرائم غير العمدية فلا تقوم المسؤولية الجنائية أصلا.
تحديد معيار العلاقة السببية: إذا كان السلوك الإجرامي هو وحده الذي أدى إلى حدوث النتيجة فلا يكون هناك أي إشكال في قيام العلاقة السببية بين السلوك والنتيجة كمن يطلق رصاصة متعمدًا فتصيب ا?ني عليه فيتوفى في الحال، هنا تقوم العلاقة السببية بين إطلاق الرصاصة (السلوك) والوفاة (النتيجة).
الإشكال: عند تدخل عوامل أخرى إلى جانب السلوك الإجرامي في حدوث النتيجة، هل تقوم العلاقة السببية بين الفعل والنتيجة كون الفعل أحد العوامل المساهمة في حدوث النتيجة؟ أم يجب أن يكون لهذا الفعل أهمية خاصة؟ وبالتالي : انقسم الفقه إلى ثلاثة نظريات 1
1 - نظرية السبب المباشر: العوامل التي تشترك في إحداث النتيجة تتفاوت فيما بينها من حيث تأثيرها في حدوث النتيجة، منها من له دور مباشر وفعال في حدوثها ومنها من له دور ثانوي ومساعد.
يقضي المنطق إسناد النتيجة إلى أقوالها أي العامل الذي كان له الدور المباشر في حدوث النتيجة، فلا يسأل الجاني إلا إذا كانت النتيجة متصلة اتصالا مباشرًا بسلوكه.
نقد: تحصر العلاقة السببية في نطاق ضيق مما يؤدي إلا إفلات بعض الجناة من العقاب ?رد أ?م قاموا بدور أقل من دور العوامل الأخرى التي ساهمت في إحداث النتيجة.
--------------------
1 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق
2 - نظرية تعادل الأسباب: جميع العوامل التي تشترك في إحداث النتيجة هي متعادلة دون ترجيح عامل على آخر من ناحية القوة أو التأثير في إحداث النتيجة، ولما كان سلوك الجاني من بين هذه العوامل تجب مسائلته .ووفقا لهذه النظرية يعتبر الضرب سببا للوفاة .
ووضعوا معيارًا سهلا لمعرفة ما إذا كانت النتيجة تستند إلى السلوك الجاني أولا، وهو سؤال: هل كان حدوث النتيجة ممكنًا لو تخلف السلوك الجاني؟.
- لا قامت العلاقة السببية بين السلوك والنتيجة.
- نعم انقطعت العلاقة السببية بين السلوك والنتيجة.
نقد: تحمل الجاني النتيجة ?رد كون سلوكه أحد العوامل التي ساهمت في حدوثها (إصابة خفيفة وخطا طبي).
3 - نظرية السبب الملائم: (تتوسط النظريتين السابقتين)
يرو أن سلوك الجاني يعد سبا ملائما متى كانت العوامل التي تدخلت إلى جانبه في حدوث النتيجة مألوفة ومتوقعة وفقا للرأي العادي للأمور ، أما إذا كانت العوامل شاذة غير مألوفة وفقا للمجرى العادي للأمور فإن العلاقة السببية بين سلوك الجاني والنتيجة تنقطع ولا يسأل الجاني عن النتيجة التي حدثت.
لتحديد ما إذا كانت العوامل التي ساهمت في حدوث النتيجة مألوفة أم شاذة يرى أنصار هذه النظرية الأخذ بمعيار العلم والتوقع، فما أحاط به العلم فهو مألوف، وما لم يحط به العلم فهو شاذ. وعليه يكون سلوك الجاني سببًا ملائمًا كلما كانت النتيجة متوقعة من قبل الجاني.
موقف المشرع الجزائري:
لا يوجد نص صريح في قانون العقوبات الجزائري يفيد بأن المشرع الجزائري أخذ بواحدة من النظريات الثلاثة أو بكلها، لذا يجب الرجوع إلى الاجتهاد القضائي.
يأخذ القضاء القضاء في الجزائر ?ذه النظريات بحسب القضايا المطروحة أمام جهة الحكم، حيث يختلف الأمر باختلاف نوع الجريمة.
المبحث الثاني: الشروع في الجريمة (المحاولة)
تمر الجريمة قبل ارتكابها بعدة مراحل
- المرحلة 01 : التفكير في الجريمة والتخطيط والعزم على ارتكا?ا (لا يعاقب عليها القانون ما لم تظهر الأفكار في شكل أفعال مادية).
- المرحلة 02 : التحضير، أي إعداد الوسائل التي تستعمل لارتكاب الجريمة (الأصل أن القانون لا يعاقب عليها إلا في حالات خاصة كالسلاح بدون ترخيص).
- المرحلة 03 : البدء في التنفيذ، الشروع في الجريمة (يعاقب عليها القانون).
- المرحلة 04 : استنفاذ الجاني كل نشاطه الإجرامي وتحقق النتيجة وتكون بصدد جريمة تامة. 1
المطلب الأول: أركان الشروع في الجريمة
انصراف إرادة الجاني للتنفيذ الفعلي للجريمة ولكن في بداية الأمر لا تتحقق النتيجة بسبب تدخل عوامل خارجية
مستقلة عن إرادة الجاني، نص المادة 30 من ق ع ج على الشروع ونستخلص منها أن الشروع في الجريمة باعتبارها سلوكا إجراميا يقوم على ركنيين:
أولا: الركن المادي للشروع
لقيامه لابد من توافر عنصران اثنان:
1 - البدء في تنفيذ الفعل: الإشكال: ما اللذي الذي يميز بين البدء في التنفيذ الذي يعد شروعا معاقبا عليه وبين المراحل التي تسبق الشروع (التفكير والتخطيط والتحضير) والتي لا عقاب عليها؟! .
لمعالجة الإشكال انقسم الفقه إلى مذهبين المادي والشخصي: 2
أ- المذهب المادي: معيار الشروع هو البدء الفعلي في تنفيذ الركن المادي أما المراحل التي تسبق البدء الفعلي في
التنفيذ تعد ثانوية ولا يعاقب عليها القانون مثلا جريمة الشروع في القتل عندما يطلق الجاني العيار الناري على ا?ني
عليه، أما تصويب السلاح فيعتبر عملا تحضيريا، أما السرقة يعتبر الجاني أنه شرع فيها عندما يضع يده المال المملوك
للغير، أما تسلق الجدار وكسر الباب والخزانة تعتبر أعمالا تحضيرية لا عقاب عليها.
نقد: حصر الشروع ووسع الأعمال التحضيرية مما لا يحقق حماية كافية للأشخاص والأموال.
نتيجة هذه الانتقادات أضاف أنصار المذهب المادي فكرة الظروف المشددة، فكلما توفرت ظروف مشددة أعتبر الجاني أنه شارعا في تنفيذ الجريمة (مثال: جريمة السرقة، كسر، ظرف الليل، مفاتيح مصطنعة، تسلق...إلخ)
ب- المذهب الشخصي: اهتموا بإرادة الجاني لأنها التي تتجه إلى ارتكاب الجريمة باعتبارها منبع الخطر الذي يهدد المجتمع.
---------------
1 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق
2 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق
يقوم الشروع وفقا لهذه النظرية عندما يبدأ الشخص في تنفيذ فعل لا لبس فبيه يؤدي حا ً لا ومباشرة إلى ارتكاب الركن المادي على الرغم من أن هذا الفعل لا يدخل في تكوين الركن المادي، مثلا: شخص يصوب سلاح تجاه الجاني عليه.
نقد: وسع من نطاق الشروع وضيق من نطاق الأعمال التحضيرية، مما يؤدي إلى تحمل الجاني المسؤولية الجنائية في أغلب الحالات.
موقف المشرع الجزائري:
بالرجوع للمادة 30 نستخلص أنه أخذ بالمذهب الشخصي استماله عبارة أفعال لا لبس فيها تؤدي بالجاني مباشرة إلى ارتكاب الجريمة، أما أخذه بالمذهب المادي فلا نقاش في ذلك.
2 - وقف التنفيذ أو خيبة أثره لأسباب خارجة عن إرادة الجاني: لقيام جريمة الشروع يشترط القانون أن يتم وقف التنفيذ أو خيبة أثره لأسباب خارجة عن إرادة الجاني أي يجب أن لا يعدل الجاني بمحض إرادته، وفي هذا الصدد سندرس صور الشروع والعدول والجريمة المستحيلة.
أ- صور الشروع: له صورتان:
أ- 1- الجريمة الموقوفة: (الشروع الناقص): تتحقق عندما يبدأ الجاني في سلوكه الإجرامي ولا يكتمل كل نشاطه أي أن يوقف السلوك الإجرامي مثال: كان يمسك الغير بيد الجاني أثناء محاولته إطلاق عيار ناري...
أ- 2- الجريمة الخائبة (شروع تام): يكتمل فيها السلوك الإجرامي للجاني ولا تتحقق النتيجة لأسباب لا دخل لارادته فيها.
عقاب الجريمتين واحد ونفس الدرجة. 1
ب- العدول: اتجهت كثير من التشريعات الجنائية إلى خلق حافز لحث الجاني على عدم المضي في مشروعه الإجرامي حتى نهايته، فنصت على إعفائه من العقاب إذا كان العدول اختياريا.
ب- 1- العدول الاختياري: عندما يكون تلقائيا وبمحض إرادة الفاعل وبدافع من نفسه، وعليه لا تقوم المسؤولية الجزائية ولا يعاقب الجاني (لا يمكن تصور العدول الاختياري إلا في الجريمة الموقوفة)
ب- 2- العدول الاضطراري: تتدخل عوامل خارجية تدفع الجاني إلى وقف نشاطه أو تجول دون تحقيق النتيجة (كالشروع الناقص) ويعاقب عليه القانون.
ب- 3- العدول المختلط: هو نتيجة تداخل إرادة الجاني مع عوامل خارجية لم تكن في الحسبان فدفعته إلى تغليب جانب العدول (كاللص الذي يدخل مترلا للرقة فيسمع صوت التلفاز معتقدا أن هل المترل استيقظوا فيعل عن إتمام الجريمة).
-----------------
1 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق
يذهب اغلب الفقه أن العدول المختلط هو عدول اضطراري لأن العدول لا يكون اختياريا إلا إذا كان راجعا لإرادة الجاني مما ستوجب العقاب عليه. 1
ج- الجريمة المستحيلة: يبدأ الجاني في تنفيذ سلوكه الإجرامي وستنفذ كل نشاطه ويبذل كل ما بوسعه لتحقيق النتيجة غير أن هذه الأخيرة مستحيلة التحقيق بسبب انعدام محل الجريمة أو بسبب الوسيلة المستعملة، حتى ولو كرر الجاني نشاطه، وهي تشبه الجريمة الخائبة (مشروع تام) في استنفاذ الجاني كافة نشاطه ولكن النتيجة لا تتحقق وتختلف عنها الجريمة الخائبة ممكنة الوقوع لو كرر الجاني فعله في ظروف أخرى أما الجريمة المستحيلة فهي غير ممكنة الوقوع أصلا (استحالة مطلقة). ...ترجع أسباب الاستحالة إما لعدم صلاحية الوسيلة المستعملة أو انعدام المحل الجريمة)
خلاف: حول العقاب على الجريمة المستحيلة.
رأي 01 : عدم العقاب (أنصار المذهب المادي في الشروع) حجتهم أن الشروع في الجريمة يستلزم البدء في تنفيذها فإذا كان تنفيذ الجريمة مستحيلا فإن البدء فيها يكون مستحي ً لا أيضًا (لم يذكرها المشرع في صور الشروع).
رأي 02 : التمييز بين الاستحالة المطلقة والنسبية، الأولى لا عقاب عليها (انعدام محل الجريمة، وسيلة المستعملة غير صالحة) . النسبية العقاب فيها واجب (محل الجريمة موجود ولكن الجاني أخطأ في التنفيذ أو تدخل عوامل خارجية حالت دون ذلك).
رأي 03 : التمييز بين الاستحالة المادية والقانونية: فعقاب على الأولى دون الثانية.
رأي 04 : وجود العقاب على الجريمة المستحيلة (أصحاب المذهب الشخصي).
موقف المشرع الجزائري:
يميل إلى الرأي 04 لأن جميع صور الاستحالة ما هي إلا صور من الجريمة الخائبة استعمال فيها تحقق النتيجة لسبب خارج عن إرادة الفاعل والمنصوص عليها في المادة 30 من ق ع ج ما دام المشرع أخذ بالمذهب الشخصي.
المطلب الثاني: الركن المعنوي للشروع
والمتمثل في القصد الجنائي وهو انصراف إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع علمه بعناصرها القانونية، والركن المعنوي في الشروع هو نفسه الركن المعنوي في الجريمة التامة.
عقاب الشروع: اتفقت كل التشريعات على العقاب على الشروع ولكنها اختلفت من حيث مقدار العقوبة.
المشرع الجزائري: سوى بين الشروع والجريمة التامة من حيث العقاب (المادة 30 و 31 من ق ع ج)
- جنايات: القاعدة أن الشروع في الجنايات معاقب عليه دائما (المادة 30 من ق ع ج).
- الجنح: القاعدة أن الشروع في الجنح غير معاقب عليه إلا بنص خاص (المادة 31 فقرة 01 من ق ع ج).
- المخالفات: لا عقاب على الشروع في المخالفات لتفاهتها من جهة ولعدم انطوائها على خطر يبرر التجريم
من جهة أخرى (المادة 31 فقرة 02 من قع ج). 2
---------------
1 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق
2 - إسماعيل بن حفاف، محاضرة في القانون الجنائي ، مرجع سابق
المبحث الثالث: تقسيم الجريمة بالنظر إلى الركن المادي
المطلب الأول: الجرائم الإيجابية والجرائم السلبية
بالنظر إلى الفعل أو السلوك الإجرامي كأحد عناصر الركن المادي، تكون الجريمة إيجابية إذا وقعت بسلوك إيجابي كجريمة القتل أو السرقة أو الضرب أو السب والقذف أو التزوير...إلخ.
وتكون الجريمة سلبية إذا وقعت بفعل أو سلوك سلبي أي امتناع عن القيام بالتزام أو واجب يفرضه قانون العقوبات كامتناع الشاهد عن أداء الشهادة أو امتناع القاضي في الفصل في القضايا المعروضة أمامه. ونميز في الجرائم السلبية بين الجريمة السلبية البحتة وبين الجريمة الايجابية بالامتناع كامتناع الأمن عن إرضاع طفلها مما أدى إلى وفاته. 1
المطلب الثاني: الجرائم الوقتية والجرائم المستمرة
يقوم هذا التقسيم على أساس الفترة الزمنية التي يتطلبها ارتكاب الجريمة فالجريمة المستمرة فهي التي يتصف ركنها المادي بالدوام والاستمرار بحيث يستمر الاعتداء على الحق أو المصلحة المحمية قانونا ويكون هذا الاستمرار راجع إلى الإرادة المدركة والحرة للجاني مثل إخفاء الأشياء المسروقة أو جريمة التزوير.
النتائج المتربة على هذا التقسيم
- من حيث تقادم الدعوى العمومية: لقد حدد المشرع الجزائري مدة تقادم الدعوى العمومية في المواد 6 و 7 و 8 من قانون الإجراءات الجزائية، حيث تختلف هذه المدة باختلاف نوع الجريمة، فهي 10 سنوات في الجنايات و 3سنوات في الجنح وسنتين 02 في المخالفات.
بالنسبة للجرائم المؤقتة، نبدأ في حساب مدة التقادم من اليوم التالي لوقوع الجريمة. اما بالنسبة للجرائم المستمرة، فنبدأ من اليوم التالي لانتهاء حالة الاستمرار.
- من حيث الاختصاص: إن تحديد وقت ارتكاب الجريمة لا يثير أي إشكال في الجرائم الوقتية، ما دام أن وقت اكتمال العناصر المكونة للركن المادي محددة، وعليه فالقانون الواجب التطبيق هو القانون الذي وقعت في ظله الجريمة.
أما في الجرائم المستمرة، يبدأ الجاني في تنفيذ الجريمة في ظل قانون ثم يستمر في التنفيذ في ظل قانون جديد وممكن أن تتعاقب عدة قوانين أثناء تنفيذ الجريمة، فما هو القانون الواجب التطبيق ؟.
يطلق القانون الجديد سواء كان أصلحا أو أسوء للمتهم.
فيما يخص تحديد مكان وقوع الجريمة، يطبق على الجريمة المؤقتة قانون الإقليم الذي وقعت فيه، أما الجريمة المستمرة فيطلق عليها قانون الإقليم الذي انتهت فيه حالة الاستمرار كإخفاء الأشياء المسروقة أو اكتشاف الجريمة كما في التزوير. 2
--------------------------
1 - عمر خوري، شرح قانون العقوبات –القسم العام، مرجع سابق،ص 69
2 - عمر خوري، شرح قانون العقوبات –القسم العام، مرجع سابق،ص 70
المطلب الثالث: الجرائم البسيطة وجرائم الاعتياد
الجريمة البسيطة هي التي يتكون ركنها المادي من سلوك إجرامي واحد، أي يكفي إتيان الجاني هذا الفعل مرة واحدة لقيام الجريمة كالقتل والضرب والسرقة...إلخ.
أما جرائم الاعتياد فهي التي يتصف ركنها المادي بتكرار الفعل أكثر من مرة واحدة، حيث يشكل هذا التكرار حالة الاعتياد التي يتطلبها المشرع لقيام الجريمة أي يشترط القانون توافر ركن رابع إلى جانب الأركان الثلاثة المعروفة (الشرعي-المادي-المعنوي) كالاعتياد على التسول.
النتائج المتربة على هذا التقسيم:
- من حيث مدة التقادم: نحسب مدة التقادم في الجرائم البسيطة من اليوم التالي لارتكاب الجريمة. أما جرائم الاعتياد فتحسب المدة من اليوم التالي لارتكاب آخر فعل مكون للركن المادي
- من حيث الاختصاص: القانون الواجب التطبيق في الجرائم البسيطة هو القانون الذي وقعت في ظله الجريمة .
أما في جرائم الاعتياد، فالقانون الواجب التطبيق هو القانون الذي وقع في ظله آخر فعل مكون للجريمة على الرغم من أن أول فعل وقع في ظل قانون قديم. 1
المطلب الرابع: الجرائم المركبة والجرائم المتتابعة
تكون الجريمة مركبة عندما يشترط فيها القانون وقوع فعل إلى جانب الجريمة الأصلية بحيث يصبح عنصرا من عناصر هذه الجريمة أو ظرفا مشددا للعقوبة، فمثلا في الجريمة سرقة المنازل يشترط القانون وقوع جريمة أخرى إلى جانب السرقة وهي انتهاك حرمة المسكن أو توافر ظرف مشدد للسرقة كظرف الليل أو التسلق أو الكسر أو استعمال مفاتيح مصطنعة أو تعدد الجناة، وفي جريمة النصب يشترط القانون من الجاني ارتكاب جريمة أخرى إلى جانب الاستيلاء على مال مملوك للغير والتي تتمثل في استعمال طرق احتيالية لمخادعة صاحب المال. وتعتبر الجريمة المركبة جريمة واحدة على الرغم من تعدد الأفعال ويقر لها القانون عقوبة واحدة.
أما الجريمة المتتابعة فتقوم عندما يرتكب الجاني الجريمة في شكل دفعات وكل دفعة تعتبر اعتداء على نفس الحق أو المصلحة المحمية قانونا، ومثال ذلك سرقة مترل في شكل دفعات، والعقوبة المقرة للجريمة المتتابعة هي نفسها العقوبة المقررة لدفعة واحدة منها.
النتائج المترتبة على هذا التقسيم:
- من حيث مدة التقادم: بالنسبة للجريمة المركبة تتقادم الدعوى العمومية فيها ابتداء من اليوم التالي لارتكابها .
أما الجريمة المتتابعة فتتقادم الدعوى العمومية فيها ابتداء من اليوم التالي لارتكاب آخر دفعة.
- من حيث الاختصاص: القانون الواجب التطبيق هو القانون الذي وقعت في ظله الجريمة المرتكبة. أما الجرائم المتتابعة فيطبق عليها دائما القانون الذي وقعت في ظله آخر دفعة سواء كا أصلحا أو أسوء للمتهم. 2
------------------------
1 - عمر خوري، شرح قانون العقوبات –القسم العام، مرجع سابق،ص 71
2 - عمر خوري، شرح قانون العقوبات –القسم العام، مرجع سابق،ص 71 - 72
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma