خطة البحث
مقدمة
المبحث الأول:مفهوم القرار الإداري المطلب الأول:تعريف القرار الإداري
الفرع الأول:التعريف الفقهي
الفرع الثاني:التعريف القضائي
الفرع الثالث:خصائص القرار الإداري
المطلب الثاني:تصنيف القرارات الإدارية
الفرع الأول:باعتبار مداها
الفرع الثاني:باعتبار تركيبها
الفرع الثالث:باعتبار خضوعها لرقابة القضاء
المبحث الثاني:أركان القرار الإداري
المطلب الأول:الأركان الشكلية
الفرع الأول:الشكل
الفرع الثاني:الإختصاص
المطلب الثاني:الأركان الموضوعية
الفرع الأول:السبب
الفرع الثاني:المحل
الفرع الثالث:الغاية خاتمة
مقدمة:
تملك الإدارة امتيازات السلطة العامة، ومن أهم مظاهر هذه الامتيازات، إقدام الإدارة على استخدام سلطتها في أن تفرض بإرادتها المنفردة قرارات تُرتب لهل حقوقاً والتزامات في مواجهة الغير، دون حاجةٍ إلى الحصول على رضائهم أو موافقتهم، فهذه السلطة في التصرف الإداري من جانبٍ واحد، تُعتبر من أهم مظاهر السلطة العامة للإدارة، وتُعدُّ أحد الفوارق الجوهرية بيت أساليب النشاط أو التصرفات القانونية في مجال القانونين العام والخاص.
فالأصل العام أن الإرادة المنفردة لا ترتب آثاراً إلا في حق من أصدرها، ومن ثم يُعد العقد هو الصورة الأساسية التصرفات القانونية الإرادية في مجال القانون الخاص.
أما في مجال القانون العام فإن المظهر الجلي والواضح من مظاهر امتيازات السلطة العامة هو منح الإدارة إصدار القرارات الإدارية التي لها قوة مُلزمة قانوناً، بإرادتها المنفردة، لدرجة أن مجلس الدولة الفرنسي اعتبرها القاعدة الرئيسية للقانون العام.
وتُشكل دراسة القرار الإداري أهمية مميزة، من جهتين، من حيث أن القرارات الإدارية تُشكل أحد أركان ودعائم القانون الإداري، وتُعد من أنجح الوسائل في ممارسة الإدارة لنشاطها.
كما انه من جهةٍ أخرى تُشكل القرارات الإدارية مجالاً رحباً لممارسة الرقابة القضائية على أعمل الإدارة، بل كانت وما تزال القرارات الإدارية تُشكل محوراً لمعظم المنازعات والقضايا المعروضة على القضاء الإداري، وتُعتبر مصدراً ثرياً وغنياً لاجتهادات القضاء الإداري.والإشكال :ما فحوى القرار الإداري؟ وما هي أنواعه؟وما مدى تأثير أركانه على مشروعية القرار؟
المبحث الأول: مفهوم القرار الإداري
المطلب الأول:تعريف القرار الإداري
الفرع الأول: التعريف الفقهي
اختلف الفقه الإداري في إعطاء تعريف للقرار الإداري، ولكن هذا الاختلاف لا يعدو كونه في إطار الجزئيات، أما ما يتعلق بجوهر ماهية القرار الإداري فإنه لا يبدو أن هناك اختلاف بين الفقهاء.
فيُعرف العميد هوريو القرار الإداري بأنه" تصريحٌ وحيد الطرف عن الإرادة صادرٌ عن سلطة إدارية مختصة بصيغة النفاذ بقصد إحداث أثر قانوني" بينما يُعرفه الأستاذ فالين بأنه كل عمل حقوقي وحيد الطرف صادر عن رجل الإدارة المختص، وقابلٌ بحد ذاته أن يُحدث آثاراً قانونية (1) .
أما في الفقه العربي فيُعرفه الدكتور سليمان الطماوي بأنه كل عملٍ صادر من فرد أو هيئة تابعة للإدارة أثناء أداء وظيفتها، وعرَّف الفقيه عبد الغني بسيوني عبد الله، القرار الإداري بأنه عملٌ قانوني نهائي يصدر من سلطة إدارية وطنية بإرادتها المنفردة وتترتب عليه آثار قانونية معينة .
الفرع الثاني:التعريف القضائي استقر القضاء الإداري لفترةٍ طويلة على اعتماد تعريف القرار الإداري.
بأنه إفصاح الإدارة في الشكل الذي يتطلبه القانون، عن إرادتها عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث مركز قانوني متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً، وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة في المجتمع معينين بصفاتهم لا بدواتهم (2).
ــــــــــــــــــــ
(1)مازن راضي ليلو، الوجيز في القانون الإداري، الطبعة الخامسة، دار المطبوعات مصر، 2004، ص158 (2)سليمان محمد الطماوي،الوجيز في القانون الإداري،دار الفكر العربي ، مصر 1996 ص 252
الفرع الثالث:خصائص القرار الإداري
ويتضح من التعريف السابق أن هناك عدة شروط يجب توافرها لنكون أمام قرار إداري وهي :
* أن يصدر القرار من سلطة إدارية وطنية .
* أن يصدر بالإرادة المنفردة للإدارة .
* ترتيب القرار لأثار قانونية .
أولاً : أن يصدر القرار من سلطة إدارية وطنية :
يشترط في القرار الإداري أن يصدر من سلطة إدارية وطنية سواء أكانت داخل حدود الدولة أو خارجها من دون النظر إلى مركزية السلطة أو عدم مركزيتها ، ولنكون أمام قرار إداري ينبغي أن يصدر هذا القرار من شخص عام له الصفة الإدارية وقت إصداره ولا عبرة بتغير صفته بعد ذلك وهو ما يميز القرار الإداري عن الأعمال التشريعية والقضائية(1) .
ثانياً : صدور القرار بالإدارة المنفردة للإدارة:
يجب أن يصدر القرار من جانب الإدارة وحدها , وهو ما يميز القرار الإداري عن العقد الإداري الذي يصدر باتفاق أرادتين سواء أكانت هاتين الإرادتين لشخصين من أشخاص القانون العام أو كان أحدها لشخص من أشخاص القانون الخاص .
والقول بضرورة أن يكون العمل الإداري صادراً من جانب الإدارة وحدها ليكتسب صفة القرار الإداري لا يعني أنه يجب أن يصدر من فرد واحد , فقد يشترك في تكوينه أكثر من فرد كل منهم يعمل في مرحلة من مراحل تكوينه لأن الجميع يعملون لحساب جهة إدارية واحدة (2)
ـــــــــــــــ
(1):عمار عوابدي،نظرية القرار الإداري،دار هومة،الجزائر،2003 ، ص23-26
(2): محمد الصغير بعلي،القرارات الإدارية،دار العلوم للنشر،الجزائر،2005 ، ص15
ثالثاً : ترتيب القرار لآثار قانونية :
لكي يكون القرار إدارياً يجب أن يرتب آثاراً قانونية وذلك بإنشاء أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني معين , فإذا لم يترتب على العمل الإداري ذلك فإنه لا يعد قراراً إدارياً .
وبناءً على ذلك فإن الأعمال التمهيدية والتقارير والمذكرات التحضيرية التي تسبق اتخاذ القرار لا تعد قرارات إدارية ونجد أنه من المناسب أن نبين مضمون بعض هذه الأعمال :
أ- الأعمال التمهيدية والتحضيرية : وهي مجموعة من القرارات التي تتخذها الإدارة وتتضمن رغبات واستشارات وتحقيقات تمهيدا لإصدار قرار إداري وهذه الأعمال لا تولد آثاراً قانونية ولا يجوز الطعن فيها بالإلغاء(1) .
ب- المنشورات والأوامر المصلحية : وهي الأعمال التي تتضمن تعليمات وتوجيهات صادرة من رئيس الدائرة إلى مرؤوسيه لتفسير القوانين أو اللوائح وكيفية تطبيقها وتنفيذها , ما دامت هذه المنشورات لم تتعد هذا المضمون أما إذا تضمنت أحداث آثار في مراكز الأفراد فأنها تصبح قرارات إدارية يقبل الطعن فيها بالإلغاء .
ج- الأعمال اللاحقة لصدور القرار : الأصل أن هذه الأعمال لا ترتب آثراً قانونياً لأنها أما أن تكون بمثابة إجراءات تنفيذية لقرارات سابقة فلا يقبل الطعن فيها بالإلغاء لأنها تنصب على تسهيل تنفيذ القرار الإداري السابق , ولا تشير إلى قرارات مستقبلة فلا يكون الأثر المترتب عليها حالاً.
د- الإجراءات الداخلية : وتشمل إجراءات التنظيم للمرافق العامة التي تضمن حسن سيرها بانتظام واطراد , والإجراءات التي يتخذها الرؤساء الإداريون في مواجهة موظفيهم المتعلقة بتقسيم العمل في المرفق وتبصير الموظفين بالطريق الأمثل لممارسة وظائفهم(2) .
ـــــــــــــــــــ
(1):محمد الصغير بعلي، مرجع سابق،ص10-11
(2): نفس المرجع، ص12-13
المطلب الثاني:تصنيف القرارات الإدارية تنقسم القرارات الإدارية إلى أنواع متعددة ودلك حسب الزاوية التي ينظر منها إلى القرار الإداري أو حسب الأساس الدي يقوم عليه التصنيف، فمن حيث التكوين توجد قرارات بسيطة وأخرى مركبة ومن حيث مداها هناك الفردية وهناك التنظيمية وسندكر فيما يلي أهم التصنيفات.
الفرع الأول:من حيث تركيبها تنقسم القرارات الإدارية من هذه الجهة إلى قسمين الأول القرارات البسيطة و القرارات المركبة فالبسيطة هي تلك التي تتميز بكيان مستقل وتستند إلي عملية قانونية واحده غير مرتبطة بعمل قانوني أخر كالقرار الصادر بتعين موظف أو ترقيته أو نقلة وهي الصورة الأكثر شيوعاً في القرارات الإدارية، أما النوع الثاني فيسمى بالقرارات المركبة وهي تلك القرارات التي تدخل في عملية قانونية مركبة تتم من عدة مراحل ومن هذه القرارات قرار نزع الملكية للمنفعة العامة و قرار إرساء المزاد أو إجراء المناقصة في العقود الإدارية. فالقرار الإداري الصادر بنزع الملكية للمنفعة العامة تصاحبه أعمال إدارية أخرى قد تكون سابقة أو معاصرة أو لاحقه له وتتم على مراحل متعددة تبدأ بتقرير المنفعة العامة للعقار موضوع نزع الملكية ثم أعداد كشوف الحصر لها وأخيراً صدور قرار نقل الملكية أو تقرير المنفعة العامة .
ولهذا التقسيم أهمية تاريخية في فرنسا إذ أن القرارات التي تدخل في تكوين عمل إداري مركب كانت لا تقبل الطعن فيها بدعوى الإلغاء إمام مجلس الدولة تطبيقا لنظرية الدعوى الموازية على أساس أن القانون قد نظم لصاحب الشأن طريقا قضائيا أخر يستطيع به تحقيق ما توفره دعوى الإلغاء من مزايا وقد تخلى مجلس الدولة عن هذه النظرية بصورة تدريجية عندما سمح بالطعن بالإلغاء استقلالا في الأعمال القابلة للانفصال عن العملية المركبة ولو انه مازال يأخذ بها في دائرة ضيقة .
ومن جانب أخر تظهر أهمية هذا التقسيم في أن القرارات البسيطة يمكن الطعن فيها بالإلغاء باعتبارها قرارات إدارية نهائيه أما في حالة القرارات المركبة فلا يجوز الطعن بالقرارات التمهيدية أو التحضيرية التي تتطلب تصديق جهات إدارية أخرى ولا يمكن الطعن بالإلغاء إلا بالقرار الإداري النهائي نتاج العملية المركبة.
ومع ذلك فقد سمح القضاء الإداري كما بينا بفصل القرار الإداري الذي يساهم في عملية مركبة وفق ما يسمي بالأعمال القابلة للانفصال وقبل الطعن فيها بصفة مستقلة وبشروط معينة (1).
ــــــــــــــــــــ
(1):مازن راضي ليلو،مرجع سابق،ص171
الفرع الثاني:باعتبار مداها تنقسم القرارات الإدارية من حيث مداها إلى قرارات تنظيمية أو لوائح وقرارات فردية ويعد هذا التقسيم من أهم تقسيمات القرارات الإدارية لما يترتب عليه من نتائج تتعلق بالنظام القانوني الذي يخضع له كل من القرارات التنظيمية والقرارات الفردية.
أولا:القرارات التنظيمية :هي تلك القرارات التي تحتوي على قواعد عامة مجردة تسري على جميع الأفراد الذين تنطبق عليهم الشروط التي وردت في القاعدة القانونية وعمومية
المراكز القانونية التي يتضمنها القرار التنظيمي لا تعني أنها تنطبق على كافة الأشخاص في المجتمع،فهي تخاطب فرد أو مجموعة أفراد في المجتمع معينين بصفاتهم لا بدواتهم.
والقرارات التنظيمية هي في حقيقتها تشريع ثانوي يقوم إلى جانب التشريع العادي، إلا أنه يصدر عن الإدارة ،وعلى ذلك فهو تشريع ثانوي يطبق على كل من يستوفي شروطا معينة تضعها القاعدة مسبقا ولا تستنفذ اللائحة موضوعها بتطبيقها ،بل تظل قائمة لتطبق مستقبلا. (1)
ثانياً : القرارات الفردية:
وهي القرارات التي تنشئ مراكز قانونية خاصة بحالات فردية تتصل بفرد معين بالذات أو أفراداً معينين بذواتهم و تستنفذ موضوعها بمجرد تطبيقها مرة واحدة . ( ) مثل القرار الصادر بتعيين موظف عام أو ترقية عدد من الموظفين .
ويظهر الاختلاف بين القرارات التنظيمية أو اللوائح والقرارات الفردية فيما يلي :
1. تسري القرارات الفردية على فرد معين بالذات أو أفراد أو حالات معينة بالذات , بينما تتضمن القرارات التنظيمية قواعد عامة مجردة تطبق على كل من تتوافر فيهم شروط معينة دون أن يتم تحديد هؤلاء الأشخاص مقدماً بذواتهم أو أسمائهم .
2. يسري القرار الفردي من تاريخ إعلان صاحب الشأن به كقاعدة عامة , في حين يبدأ سريان القرارات الإدارية التنظيمية من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية .
3. تملك الإدارة الحق في تعديل القرارات التنظيمية أو إلغائها أو سحبها دون أن يكون لأحد الحق بالتمسك بحقوق مكتسبة , على اعتبار أنها تنظم قواعد عامة , في حين تخضع الإدارة في سحبها وإلغائها أو تعديلها للقرارات الإدارية الفردية لشروط معينة حددها القانون (2) .
ــــــــــــــــــ
(1):مازن راضي ليلو،مرجع سابق،ص178-179. (2): محمد الصغير بعلي ، مرجع سابق ، ص34-35
الفرع الثالث:باعتبار خضوعها للرقابة
تنقسم القرارات الإدارية من زاوية خضوعها لرقابة القضاء إلى قرارات تخضع لرقابة القضاء وهذا هو الأصل ، وقرارات لا تخضع لرقابة القضاء وهي القرارات المتعلقة بأعمال السيادة أو تلك التي منعت التشريعات الطعن فيها أمام القضاء.
أولاً : القرارات الخاضعة لرقابة القضاء
تعد رقابة القضاء على أعمال الإدارة أهم وأجدى صور الرقابة والأكثر ضماناً لحقوق الأفراد وحرياتهم لما تتميز به الرقابة القضائية من استقلال وما تتمتع به أحكام القضاء من قوة وحجية تلزم الجميع بتنفيذها و احترامها.
والأصل أن تخضع جميع القرارات الإدارية النهائية لرقابة القضاء أعمالاً لمبدأ المشروعية . ومن المستقر وجود نوعين من نظم الرقابة القضائية على أعمال الإدارة الأول يسمى القضاء الموحد والدي تنحصر الرقابة القضائية فيه في نطاق ضيق من جانب القضاء يتمثل أساسا في التعويض عن الأضرار التي قد تنتج من جراء تطبيق القرارات الإدارية .
ومقتضاه أن تختص جهة قضائية واحدة بالنظر في جميع المنازعات التي تنشأ بين الأفراد أنفسهم أو بينهم وبين الإدارة أو بين الهيئات الإدارية نفسها.
وهذا النظام يتميز بأنه أكثر اتفاقاً مع مبدأ المشروعة إذ يخضع الأفراد والإدارة إلى قضاء واحد وقانون واحد مما لا يسمح بمنح الإدارة أي امتيازات في مواجهة الأفراد (1) .أما نظام القضاء المزدوج فيقوم على أساس وجود جهتين قضائيتين مستقلتين، جهة القضاء العادي وتختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين الأفراد أو بينهم وبين الإدارة
ووفقاً لهذا النظام تخضع جميع القرارات الإدارية لرقابة القضاء الإداري إلغاءً وتعويضاً , إلا في استثناءات معينة تتعلق بأعمال السيادة والقرارات التي حصنها المشرع من رقابة القضاء(2)
ــــــــــــــ
(1):مازن راضي ليلو،مرجع سابق، ص173
(2)عمار عوابدي مرجع سابق،ص136-137
ثانياً : القرارات المحصنة
إدا كان الأصل هو خضوع القرارات الإدارية للرقابة فان مستلزمات المصلحة العامة قد تقتضي التخفيف من صرامة هذا المبدأ فتسمح بموازنة مبدأ المشروعية من خلال نظرية السلطة التقديرية والظروف الاستثنائية .
ومنه وكاستثناء من دلك هناك طائفة من القرارات تم إخراجها من مجال التغطية القضائية بصفة كلية وتحصينها إما بموجب نصوص قانونية أو اجتهادات قضائية هده القرارات تسمى بالقرارات السيادية مثل القرارات الرئاسية والحكومية إلا أن الدول تبالغ أحيانا في استعاد الكثير من القرارات الإدارية من الخضوع للطعن أمام القضاء للاعتبار مختلفة .
ولاشك أن هذا الاتجاه خطير من المشرع لأن تحصينه للقرارات الإدارية من الطعن ،يجرد الأفراد من ضمانة مهمة في مواجهة تعسف الإدارة (1).
ـــــــــــــــ
(1):عمار عوابدي، مرجع سابق ص139
المبحث الثاني:أركان القرار الإداري
يقوم أي قرار إداري على أركان أساسية حتى يكون القرار مشروعا فإدا انعدم ركن من الأركان اعتبر القرار معيبا هده الأركان منقسمة إلى قسمين :أركان شكلية و أركان موضوعية
المطلب الأول:الأركان الشكلية
الفرع الأول:الشكل
يقصد بالشكل في القرار الإداري المظهر الخارجي الذي يبدو فيه القرار والإجراءات التي تُتبع في إصداره، وتهدف الشكليات إلى ضمان حسن سيرالمرافق العامة من ناحية، وضمان حقوق الأفراد من ناحية أخرى، كما أنها تشكل ضمانةً للإدارة نفسها تمنعها من الارتجالية والتسرع وتهديد حقوق الأفراد وحرياتهم، باتخاذ قرارات غير مدروسة، أي أنها ليست مجرد روتين أو عقبات أو إجراءات إدارية لا قيمة لها.(1)
وكما يقول الفقيه الألماني إيهرينغ فإن الشكليات والإجراءات تُعد الأخت التوأم للحرية وهي العدو اللدود للتحكم والاستبداد.
ولكن يجب التنويه إلى أن التشدد في موضوع الإجراءات قد يؤدي إلى تسهيل عمليات من قِبل أصحاب العلاقة أو إلى التدخلات من قِبل الهيئات السياسية أو الاقتصادية، كما قد ينجم عنه الإبطاء الشديد في سير المرافق العامة.
ورغم ذلك فإن إخضاع السلطات الإدارية لبعض الإجراءات الشكلية يشكل ضمانةً قوية للأفراد.(2)
والأصل أن القرار الإداري لا يخضع لشكلٍ معين إلا إذا نصّ القانون على خلاف ذلك بأن استلزم كتابته أو احتواءه على بياناتٍ معينة كذكر السبب مثلاً، أو استوجب اتخاذ إجراءات محددة كأخذ رأي هيئة، أو إجراء التحقيق اللازم.
ولا يؤدي عيب الشكل إلى بطلان القرار الإداري إلا إذا نصّ المشرع صراحةً على البطلان في حالة عدم استيفاء الشكل المطلوب، أو إذا كان عيب الشكل جسيماً أو جوهرياً بحيث أن تلافيه كان يمكن أن يؤثر في مضمون القرار أو يغير من جوهره.(3)
ــــــــــــــــــ
(1): محمد الصغير بعلي،مرجع سابق،ص77-79
(2):محمد عبد الله الديلمي،نظرية القرار الإداري،دار الثقافة للنشر،الأردن،2001 ،ص89
أما مسائل الإجراءات والشكليات الثانوية التي لا تؤثر في سلامة القرار موضوعياً والمُقررة لمصلحة الإدارة فلا تُرتب البطلان، وذلك من باب عدم المبالغة في التمسك بالشكليات.
الفرع الثاني:الإختصاص
إن توزيع الاختصاصات بين الجهات الإدارية من الأفكار الأساسية التي يقوم عليها نظام القانون العام ويراعى فيها مصلحة الإدارة التي تستدعي أن يتم تقسيم العمل حتى يتفرغ كل موظف لأداء المهام المناطة به على أفضل وجه , كما أن قواعد الاختصاص تحقق مصلحة الأفراد من حيث أنه يسهل توجه الأفراد إلى أقسام الإدارة المختلفة ويساهم في تحديد المسؤولية الناتجة عن ممارسة الإدارة لوظيفتها . (1)
ويقصد بالاختصاص القدرة على مباشرة عمل إداري معين أو تحديد مجموعة الأعمال والتصرفات التي يكون للإدارة أن تمارسها قانوناً وعلى وجه يعتد به .
والقاعدة أن يتم تحديد اختصاصات كل عضو إداري بموجب القوانين والأنظمة ولا يجوز تجاوز هذه الاختصاصات و إلا اعتبر القرار الصادر من هذا العضو باطلاً .
وقواعد الاختصاص تتعلق بالنظام العام , لذلك لا يجوز لصاحب الاختصاص أن يتفق مع الأفراد على تعديل تلك القواعد , و إلا فإن القرار الصادر مخالفاً لهذه القواعد يكون معيباً بعيب عدم الاختصاص القانوني (2)
والقواعد القانونية المتعلقة بالاختصاص يمكن حصرها بالعناصر الآتية :
* قواعد الاختصاص من حيث الأشخاص : يشترط لصحة القرار الإداري أن يصدر من الشخص أو الهيئة المنوط بها إصداره , فلا يملك هذا الشخص أو تلك الجهة نقل اختصاصها للغير إلا في الأحوال التي يجيزها القانون بناءً على تفويض أو حل قانوني صحيح و إلا كان القرار الصادر مشوباً بعيب عدم الاختصاص(3)
ــــــــــــ
(1):محمد الصغير بعلي،مرجع سابق،ص50-51
(2):محمد عبد الله الديلمي،مرجع سابق، ص93-94
(3):مازن راضي ليلو،مرجع سابق،ص 162
* قواعد الاختصاص من حيث الموضوع : يحدد القانون اختصاصات كل موظف أو جهة إدارية بموضوعات معينة فإذا تجاوز هذا الموظف أو الإدارة اختصاصاته تلك فتعدى على اختصاصات جهة أخرى , تحقق عيب عدم الاختصاص , ويكون هذا الاعتداء أما من جهة إدارية على اختصاصات جهة إدارية أخرى موازية أو مساوية لها , أو من جهة إدارية دنياً على اختصاصات جهة إدارية عليا أو من جهة أخرى إدارية عليا على اختصاصات جهة أدنى منها, أو اعتداء السلطة المركزية على اختصاصات الهيئات اللامركزية .
* قواعد الاختصاص حيث المكان : يتم من خلالها تحديد النطاق المكاني الذي يجوز لرجل الإدارة أن يباشر اختصاصه فيه , فإذا تجاوز هذا النطاق , فإن قراراته كون مشوبة بعيب عدم الاختصاص , وهذا العيب قليل الحدوث في العمل لأن المشرع كثيراً ما يحدد وبدقة النطاق المكاني الذي يجوز لرجل الإدارة أن يمارس اختصاصه فيه وغالباً ما يتقيد الأخير بحدود هذا الاختصاص ولا يتعداه .
* قواعد الاختصاص من حيث الزمان : وذلك بأن يتم تحديد فترة زمنية معينة يكون لرجل الإدارة أن يباشر اختصاصه فيها , فإذا أصدر قرار خارج النطاق الزمني المقرر لممارسته , كما لو أصدر رجل الإدارة قراراً إدارياً قبل صدور قرار تعيينه أو بعد قبول استقالته أو فصله من الوظيفة أو إحالته على التقاعد .
كذلك إذا حدد المشرع مدة معينة لممارسته اختصاص معين أو لإصدار قرار محدد فإن القرار الإداري الصادر بعد انتهاء المدة الزمنية المعينة لإصداره يعد باطلاً ومعيباً بعدم الاختصاص إذا اشترط المشرع ذلك , فإن لم يفعل فقد درج القضاء الإداري في فرنسا ومصر على عدم ترتيب البطلان (1)
ومخالفة قواعد الاختصاص أما أن تكون في صورة إيجابية أو في صورة سلبية , فتكون المخالفة إيجابية عندما يصدر الموظف أو الجهة الإدارية قراراً من اختصاص موظف آخر أو جهة إدارية أخرى .
وتكون المخالفة سلبية عندما يرفض الموظف أو الإدارة إصدار قرار معين ظناً منهما بأن القرار غير داخل في ضمن اختصاصاتهما .
ـــــــــــــــــ
(1):مازن راضي ليلو،مرجع سابق، ص163-164
المطلب الثاني:الأركان الموضوعية
الفرع الأول:السبــب
سبب القرار الإداري هو الحالة الواقعية أو القانونية التي تسبق القرار وتدفع الإدارة لإصداره , فالسبب عنصر خارجي موضوعي يبرر للإدارة التدخل بإصدار القرار وليس عنصراً نفسياً داخلياً لدى من إصدار القرار .
فالأصل أن الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها استناداً إلى قرينة المشروعية التي تفترض أن قرارات الإدارة تصدر بناءً على سبب مشروع وعلى صاحب الشأن إثبات العكس, أما إذا أفصحت الإدارة عن هذا السبب من تلقاء ذاتها فإنه يجب أن يكون صحيحاً وحقيقياً ما لم تكن الإدارة ملزمة بذكر سبب القرار قانوناً(1) .
وقد استقر القضاء على ضرورة توفر شرطين في سبب القرار الإداري :
* أن يكون سبب القرار قائماً وموجوداً حتى تاريخ اتخاذ القرار , ويتفرع من هذا الشرط ضرورتان الأولى أن تكون الحالة الواقعية أو القانونية موجودة فعلاً وإلا كان القرار الإداري معيباً في سببه , والثاني يجب أن يستمر وجودها حتى صدور القرار فإذا وجدت الظروف الموضوعية لإصدار القرار إلا أنها زالت قبل إصداره فإن القرار يكون معيباً في سببه وصدر في هذه الحالة .
* أن يكون السبب مشروعاً , وتظهر أهمية هذا الشرط في حالة السلطة المقيدة للإدارة،عندما يحدد المشرع أسباباً معينة يجب أن تستند إليها الإدارة في لإصدار بعض قراراتها ، فإذا استندت الإدارة في إصدار قرارها إلى أسباب غير تلك التي حددها المشرع فإن قراراها يكون مستحقاً للإلغاء لعدم مشروعية السبب(2).
ــــــــــــــ
(1):محمد الصغير بعلي،مرجع سابق، ص
(2):مازن راضي ليلو،مرجع سابق، ص165-166
الفرع الثاني : المحـل
يقصد بمحل القرار الإداري الأثر الحال والمباشر الذي يحدثه القرار مباشرة سواء بإنشاء مركز قانوني أو تعديله أو إنهائه .
ويجب أن يكون محل القرار ممكناً وجائزاً من الناحية القانونية , فإذا كان القرار معيباً في فحواه أو مضمونه بأن كان الأثر القانوني المترتب على القرار غير جائز أو مخالف للقانون أياً كان مصدره دستورياً أو تشريعياً أو لائحياً أو عرفاً أو مبادئ عامة للقانون , ففي هذه الحالات يكون غير مشروع ويكون القرار بالتالي باطلاً .
ومخالفة القرار للقواعد القانونية تتخذ صوراً متعددة وهي :
* المخالفة المباشرة للقاعدة القانونية: وتتحقق هذه عندما تتجاهل الإدارة القاعدة القانونية وتتصرف كأنها غير موجودة , وقد تكون هذه المخالفة عمدية , كما قد تكون غير عمدية نتيجة عدم علم الإدارة بوجود القاعد القانونية بسبب تعاقب التشريعات وعدم مواكبة الإدارة للنافذ منها .
* الخطأ في تفسير القاعدة القانونية : وتتحقق هذه الحالة عندما تخطأ الإدارة في تفسير القاعدة القانونية فتعطي معنى غير المعنى الذي قصده المشرع .
والخطأ في تفسير القاعدة القانونية أما أن يكون غير متعمد من جانب الإدارة فيقع بسبب غموض القاعدة القانونية وعدم وضوحها , واحتمال تأويلها إلى معان عدة, وقد يكون متعمداً حين تكون القاعدة القانونية المدعى بمخالفتها من الوضوح بحيث لا تحتمل الخطأ في التفسير , ولكن الإدارة تتعمد التفسير الخاطئ فيختلط عيب المحل في هذه الحالة بعيب الغاية .
* الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية : ويحصل هذا الخطأ في حالة مباشرة الإدارة للسلطة التي منحها القانون إياها , بالنسبة لغير الحالات التي نص عليها القانون أو دون أن تتوفر الشروط التي حددها القانون لمباشرتها (1).
" ومثال ذلك أن يصدر الرئيس الإداري جزاءاً تأديبياً بمعاقبة أحد الموظفين دون أن يرتكب خطأ يجيز هذا الجزاء"(2).
ـــــــــــــــــ
(1):محمد الصغير بعلي،مرجع سابق،ص81-82
(2):مازن راضي ليلو،مرجع سابق، ص 168
الفرع الثالث: الغاية
يقصد بالغاية من القرار الإداري الهدف الذي يسعى هذا القرار إلى تحقيقه والغاية عنصر نفسي داخلي لدى مصدر القرار ، فالهدف من إصدار قرار بتعيين موظف هو لتحقيق استمرار سير العمل في المرفق الذي تم تعيينه فيه والهدف من لإصدار قرارات الضبط الإداري هو حماية النظام العام.
وغاية القرارات الإدارية كافة تتمثل في تحقيق المصلحة العامة للمجتمع،فإذا انحرفت الإدارة في استعمال سلطتها هذه بإصدار قرار لتحقيق أهداف تتعارض مع المصلحة العامة فإن قراراها يكون مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، ويعد هذا العيب من أسباب الطعن بالإلغاء التي ترد على القرار الإداري (1).
والأصل أن كل قرار إداري يستهدف تحقيق المصلحة العامة، ويفترض فيه ذلك وعلى من يدعي خلاف ذلك الإثبات وعيب الانحراف بالسلطة أو الغاية عيب قصدي أو عمدي يتعلق بنية مصدر القرار الذي يجب أن يكون سيء النية يعلم أنه يسعى إلى غاية بعيدة عن المصلحة العامة أو غير تلك التي حددها القانون .
ولأن هذا العيب يتصل بالبواعث النفسية الخفية لجهة الإدارة ، وإثباته يتطلب أن يبحث القضاء في وجود هذه البواعث وهو أمر بعيد المنال , فقد أضفى القضاء على هذا العيب الصفة الاحتياطية فلا يبحث في وجوده طالما أن هناك عيب آخر شاب القرار الإداري، مثل عدم الاختصاص أو عيب الشكل أو مخالفة القانون (2).
ويمكن تحديد الغاية من القرار الإداري وفقاً لثلاثة اعتبارات
* استهداف المصلحة العامة : السلطة التي تتمتع بها الإدارة ليست غاية في ذاتها إنما هي وسيلة لتحقيق الغاية المتمثلة بالمصلحة العامة , فإذا حادت الإدارة عن هذا الهدف لتحقيق مصالح شخصية لا تمت للمصلحة العامة بصلة كمحاباة الغير أو تحقيق غرض سياسي أو استخدام السلطة بقصد الانتقام فإن قراراتها تكون معيبة وقابلة للإلغاء (3).
ــــــــــــــ
(1):محمد الصغير بعلي،مرجع سابق، ص84-85
(2):مازن راضي ليلو،مرجع سابق،ص 169-170
* احترم قاعدة تخصيص الأهداف : على الرغم من أن الإدارة تستهدف تحقيق المصلحة العامة دائماً فقد يحدد المشرع للإدارة هدفاً خاصاً يجب أن تسعى قراراها لتحقيقه وإذا ما خالفت هذا الهدف فإن قراراتها يكون معيباً بإساءة استعمال السلطة ولو تذرعت الإدارة بأنها قد قصدت تحقيق المصلحة العامة , وهذا ما يعرف بمبدأ تخصيص الأهداف ومثال ذلك قرارات الضبط الإداري التي حدد لها القانون أهدافاً ثلاثة لا يجوز للإدارة مخالفتها وهي المحافظة على الأمن العام و السكينة العامة والصحة العامة , فإذا خالفت الإدارة هذه الأهداف في قرارات الضبط الإداري فإن قرارها هذا يكون معيباً وجديراً بالإلغاء(1).
*احترام الإجراءات المقررة : يتعين على الإدارة احترام الإجراءات التي بينها القانون لتحقيق الهدف الذي تسعى إليه , فإذا انحرفت الإدارة في الإجراءات الإدارية اللازمة لإصدار قرار معين بإجراءات أخرى لتحقيق الهدف الذي تسعي إليه فإن تصرفها هذا يكون مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة في صورة الانحراف بالإجراءات .
وتلجأ الإدارة إلى هذا الأسلوب أما لأنها تعتقد أن الإجراء الذي اتبعته لا يؤدي لتحقيق أهدافها أو أنها سعت إلى التهرب من الإجراءات المطولة أو الشكليات المعقدة , ومثال ذلك أن تلجأ الإدارة إلى الاستيلاء المؤقت على العقارات بدلاً من سيرها في طريق إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة تفادياً لطول إجراءات نزع الملكية , أو أن تقرر الإدارة ندب موظف وهي تستهدف في الحقيقة معاقبته فتلجأ إلى قرار الندب لتجريده من ضمانات التأديب (1)
خاتمة:
وكخاتمة لهدا الموضوع نقول أن قوة الدولة وصلابتها لا تكمن في مدى قوة ونجاعة ترسانتها الحربية فحسب بل في قوة إدارتها العامة وحسن تنظيمها،والقرار الإداري هو وسيلة إيجابية في يد السلطة الإدارية في مواجهة الغير وهدا دون الحصول على موافقتهم لكن كل هدا يجب أن يتم دون الخروج عن نطما يحدده القانون وعدم استعمال هده الإمتيازات(امتيازات السلطة العامة)من أجل تحقيق أهداف غير مشروعة وحتى لا يكون القرار نقمة على الأفراد وأداة تعسفية في يد الإدارة لمواجهة الغير بها.
ـــــــــــــــــــــ
(1):مازن راضي ليلو،مرجع سابق، ص171
قائمة المراجع:
1 -مازن راضي ليلو،الوجيز في القانون الإداري،الطبعة الخامسة،دار المطبوعات،مصر،2004.
2-محمد الصغير بعلي،القرارات الإدارية،دار العلوم للنشر،الجزائر،2005.
3-محمد عبد الله الديلمي،تحول القرار الإداري،دار الثقافة للنشر،الأردن،2001
4-سليمان محمد الطماوي،الوجيز في القانون الإداري ،دار الفكر العربي للنشر،مصر،1996.
5-عمار عوابدي،نظرية القرار الإداري،دار هومة،الجزائر،2003
مقدمة
المبحث الأول:مفهوم القرار الإداري المطلب الأول:تعريف القرار الإداري
الفرع الأول:التعريف الفقهي
الفرع الثاني:التعريف القضائي
الفرع الثالث:خصائص القرار الإداري
المطلب الثاني:تصنيف القرارات الإدارية
الفرع الأول:باعتبار مداها
الفرع الثاني:باعتبار تركيبها
الفرع الثالث:باعتبار خضوعها لرقابة القضاء
المبحث الثاني:أركان القرار الإداري
المطلب الأول:الأركان الشكلية
الفرع الأول:الشكل
الفرع الثاني:الإختصاص
المطلب الثاني:الأركان الموضوعية
الفرع الأول:السبب
الفرع الثاني:المحل
الفرع الثالث:الغاية خاتمة
مقدمة:
تملك الإدارة امتيازات السلطة العامة، ومن أهم مظاهر هذه الامتيازات، إقدام الإدارة على استخدام سلطتها في أن تفرض بإرادتها المنفردة قرارات تُرتب لهل حقوقاً والتزامات في مواجهة الغير، دون حاجةٍ إلى الحصول على رضائهم أو موافقتهم، فهذه السلطة في التصرف الإداري من جانبٍ واحد، تُعتبر من أهم مظاهر السلطة العامة للإدارة، وتُعدُّ أحد الفوارق الجوهرية بيت أساليب النشاط أو التصرفات القانونية في مجال القانونين العام والخاص.
فالأصل العام أن الإرادة المنفردة لا ترتب آثاراً إلا في حق من أصدرها، ومن ثم يُعد العقد هو الصورة الأساسية التصرفات القانونية الإرادية في مجال القانون الخاص.
أما في مجال القانون العام فإن المظهر الجلي والواضح من مظاهر امتيازات السلطة العامة هو منح الإدارة إصدار القرارات الإدارية التي لها قوة مُلزمة قانوناً، بإرادتها المنفردة، لدرجة أن مجلس الدولة الفرنسي اعتبرها القاعدة الرئيسية للقانون العام.
وتُشكل دراسة القرار الإداري أهمية مميزة، من جهتين، من حيث أن القرارات الإدارية تُشكل أحد أركان ودعائم القانون الإداري، وتُعد من أنجح الوسائل في ممارسة الإدارة لنشاطها.
كما انه من جهةٍ أخرى تُشكل القرارات الإدارية مجالاً رحباً لممارسة الرقابة القضائية على أعمل الإدارة، بل كانت وما تزال القرارات الإدارية تُشكل محوراً لمعظم المنازعات والقضايا المعروضة على القضاء الإداري، وتُعتبر مصدراً ثرياً وغنياً لاجتهادات القضاء الإداري.والإشكال :ما فحوى القرار الإداري؟ وما هي أنواعه؟وما مدى تأثير أركانه على مشروعية القرار؟
المبحث الأول: مفهوم القرار الإداري
المطلب الأول:تعريف القرار الإداري
الفرع الأول: التعريف الفقهي
اختلف الفقه الإداري في إعطاء تعريف للقرار الإداري، ولكن هذا الاختلاف لا يعدو كونه في إطار الجزئيات، أما ما يتعلق بجوهر ماهية القرار الإداري فإنه لا يبدو أن هناك اختلاف بين الفقهاء.
فيُعرف العميد هوريو القرار الإداري بأنه" تصريحٌ وحيد الطرف عن الإرادة صادرٌ عن سلطة إدارية مختصة بصيغة النفاذ بقصد إحداث أثر قانوني" بينما يُعرفه الأستاذ فالين بأنه كل عمل حقوقي وحيد الطرف صادر عن رجل الإدارة المختص، وقابلٌ بحد ذاته أن يُحدث آثاراً قانونية (1) .
أما في الفقه العربي فيُعرفه الدكتور سليمان الطماوي بأنه كل عملٍ صادر من فرد أو هيئة تابعة للإدارة أثناء أداء وظيفتها، وعرَّف الفقيه عبد الغني بسيوني عبد الله، القرار الإداري بأنه عملٌ قانوني نهائي يصدر من سلطة إدارية وطنية بإرادتها المنفردة وتترتب عليه آثار قانونية معينة .
الفرع الثاني:التعريف القضائي استقر القضاء الإداري لفترةٍ طويلة على اعتماد تعريف القرار الإداري.
بأنه إفصاح الإدارة في الشكل الذي يتطلبه القانون، عن إرادتها عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث مركز قانوني متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً، وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة في المجتمع معينين بصفاتهم لا بدواتهم (2).
ــــــــــــــــــــ
(1)مازن راضي ليلو، الوجيز في القانون الإداري، الطبعة الخامسة، دار المطبوعات مصر، 2004، ص158 (2)سليمان محمد الطماوي،الوجيز في القانون الإداري،دار الفكر العربي ، مصر 1996 ص 252
الفرع الثالث:خصائص القرار الإداري
ويتضح من التعريف السابق أن هناك عدة شروط يجب توافرها لنكون أمام قرار إداري وهي :
* أن يصدر القرار من سلطة إدارية وطنية .
* أن يصدر بالإرادة المنفردة للإدارة .
* ترتيب القرار لأثار قانونية .
أولاً : أن يصدر القرار من سلطة إدارية وطنية :
يشترط في القرار الإداري أن يصدر من سلطة إدارية وطنية سواء أكانت داخل حدود الدولة أو خارجها من دون النظر إلى مركزية السلطة أو عدم مركزيتها ، ولنكون أمام قرار إداري ينبغي أن يصدر هذا القرار من شخص عام له الصفة الإدارية وقت إصداره ولا عبرة بتغير صفته بعد ذلك وهو ما يميز القرار الإداري عن الأعمال التشريعية والقضائية(1) .
ثانياً : صدور القرار بالإدارة المنفردة للإدارة:
يجب أن يصدر القرار من جانب الإدارة وحدها , وهو ما يميز القرار الإداري عن العقد الإداري الذي يصدر باتفاق أرادتين سواء أكانت هاتين الإرادتين لشخصين من أشخاص القانون العام أو كان أحدها لشخص من أشخاص القانون الخاص .
والقول بضرورة أن يكون العمل الإداري صادراً من جانب الإدارة وحدها ليكتسب صفة القرار الإداري لا يعني أنه يجب أن يصدر من فرد واحد , فقد يشترك في تكوينه أكثر من فرد كل منهم يعمل في مرحلة من مراحل تكوينه لأن الجميع يعملون لحساب جهة إدارية واحدة (2)
ـــــــــــــــ
(1):عمار عوابدي،نظرية القرار الإداري،دار هومة،الجزائر،2003 ، ص23-26
(2): محمد الصغير بعلي،القرارات الإدارية،دار العلوم للنشر،الجزائر،2005 ، ص15
ثالثاً : ترتيب القرار لآثار قانونية :
لكي يكون القرار إدارياً يجب أن يرتب آثاراً قانونية وذلك بإنشاء أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني معين , فإذا لم يترتب على العمل الإداري ذلك فإنه لا يعد قراراً إدارياً .
وبناءً على ذلك فإن الأعمال التمهيدية والتقارير والمذكرات التحضيرية التي تسبق اتخاذ القرار لا تعد قرارات إدارية ونجد أنه من المناسب أن نبين مضمون بعض هذه الأعمال :
أ- الأعمال التمهيدية والتحضيرية : وهي مجموعة من القرارات التي تتخذها الإدارة وتتضمن رغبات واستشارات وتحقيقات تمهيدا لإصدار قرار إداري وهذه الأعمال لا تولد آثاراً قانونية ولا يجوز الطعن فيها بالإلغاء(1) .
ب- المنشورات والأوامر المصلحية : وهي الأعمال التي تتضمن تعليمات وتوجيهات صادرة من رئيس الدائرة إلى مرؤوسيه لتفسير القوانين أو اللوائح وكيفية تطبيقها وتنفيذها , ما دامت هذه المنشورات لم تتعد هذا المضمون أما إذا تضمنت أحداث آثار في مراكز الأفراد فأنها تصبح قرارات إدارية يقبل الطعن فيها بالإلغاء .
ج- الأعمال اللاحقة لصدور القرار : الأصل أن هذه الأعمال لا ترتب آثراً قانونياً لأنها أما أن تكون بمثابة إجراءات تنفيذية لقرارات سابقة فلا يقبل الطعن فيها بالإلغاء لأنها تنصب على تسهيل تنفيذ القرار الإداري السابق , ولا تشير إلى قرارات مستقبلة فلا يكون الأثر المترتب عليها حالاً.
د- الإجراءات الداخلية : وتشمل إجراءات التنظيم للمرافق العامة التي تضمن حسن سيرها بانتظام واطراد , والإجراءات التي يتخذها الرؤساء الإداريون في مواجهة موظفيهم المتعلقة بتقسيم العمل في المرفق وتبصير الموظفين بالطريق الأمثل لممارسة وظائفهم(2) .
ـــــــــــــــــــ
(1):محمد الصغير بعلي، مرجع سابق،ص10-11
(2): نفس المرجع، ص12-13
المطلب الثاني:تصنيف القرارات الإدارية تنقسم القرارات الإدارية إلى أنواع متعددة ودلك حسب الزاوية التي ينظر منها إلى القرار الإداري أو حسب الأساس الدي يقوم عليه التصنيف، فمن حيث التكوين توجد قرارات بسيطة وأخرى مركبة ومن حيث مداها هناك الفردية وهناك التنظيمية وسندكر فيما يلي أهم التصنيفات.
الفرع الأول:من حيث تركيبها تنقسم القرارات الإدارية من هذه الجهة إلى قسمين الأول القرارات البسيطة و القرارات المركبة فالبسيطة هي تلك التي تتميز بكيان مستقل وتستند إلي عملية قانونية واحده غير مرتبطة بعمل قانوني أخر كالقرار الصادر بتعين موظف أو ترقيته أو نقلة وهي الصورة الأكثر شيوعاً في القرارات الإدارية، أما النوع الثاني فيسمى بالقرارات المركبة وهي تلك القرارات التي تدخل في عملية قانونية مركبة تتم من عدة مراحل ومن هذه القرارات قرار نزع الملكية للمنفعة العامة و قرار إرساء المزاد أو إجراء المناقصة في العقود الإدارية. فالقرار الإداري الصادر بنزع الملكية للمنفعة العامة تصاحبه أعمال إدارية أخرى قد تكون سابقة أو معاصرة أو لاحقه له وتتم على مراحل متعددة تبدأ بتقرير المنفعة العامة للعقار موضوع نزع الملكية ثم أعداد كشوف الحصر لها وأخيراً صدور قرار نقل الملكية أو تقرير المنفعة العامة .
ولهذا التقسيم أهمية تاريخية في فرنسا إذ أن القرارات التي تدخل في تكوين عمل إداري مركب كانت لا تقبل الطعن فيها بدعوى الإلغاء إمام مجلس الدولة تطبيقا لنظرية الدعوى الموازية على أساس أن القانون قد نظم لصاحب الشأن طريقا قضائيا أخر يستطيع به تحقيق ما توفره دعوى الإلغاء من مزايا وقد تخلى مجلس الدولة عن هذه النظرية بصورة تدريجية عندما سمح بالطعن بالإلغاء استقلالا في الأعمال القابلة للانفصال عن العملية المركبة ولو انه مازال يأخذ بها في دائرة ضيقة .
ومن جانب أخر تظهر أهمية هذا التقسيم في أن القرارات البسيطة يمكن الطعن فيها بالإلغاء باعتبارها قرارات إدارية نهائيه أما في حالة القرارات المركبة فلا يجوز الطعن بالقرارات التمهيدية أو التحضيرية التي تتطلب تصديق جهات إدارية أخرى ولا يمكن الطعن بالإلغاء إلا بالقرار الإداري النهائي نتاج العملية المركبة.
ومع ذلك فقد سمح القضاء الإداري كما بينا بفصل القرار الإداري الذي يساهم في عملية مركبة وفق ما يسمي بالأعمال القابلة للانفصال وقبل الطعن فيها بصفة مستقلة وبشروط معينة (1).
ــــــــــــــــــــ
(1):مازن راضي ليلو،مرجع سابق،ص171
الفرع الثاني:باعتبار مداها تنقسم القرارات الإدارية من حيث مداها إلى قرارات تنظيمية أو لوائح وقرارات فردية ويعد هذا التقسيم من أهم تقسيمات القرارات الإدارية لما يترتب عليه من نتائج تتعلق بالنظام القانوني الذي يخضع له كل من القرارات التنظيمية والقرارات الفردية.
أولا:القرارات التنظيمية :هي تلك القرارات التي تحتوي على قواعد عامة مجردة تسري على جميع الأفراد الذين تنطبق عليهم الشروط التي وردت في القاعدة القانونية وعمومية
المراكز القانونية التي يتضمنها القرار التنظيمي لا تعني أنها تنطبق على كافة الأشخاص في المجتمع،فهي تخاطب فرد أو مجموعة أفراد في المجتمع معينين بصفاتهم لا بدواتهم.
والقرارات التنظيمية هي في حقيقتها تشريع ثانوي يقوم إلى جانب التشريع العادي، إلا أنه يصدر عن الإدارة ،وعلى ذلك فهو تشريع ثانوي يطبق على كل من يستوفي شروطا معينة تضعها القاعدة مسبقا ولا تستنفذ اللائحة موضوعها بتطبيقها ،بل تظل قائمة لتطبق مستقبلا. (1)
ثانياً : القرارات الفردية:
وهي القرارات التي تنشئ مراكز قانونية خاصة بحالات فردية تتصل بفرد معين بالذات أو أفراداً معينين بذواتهم و تستنفذ موضوعها بمجرد تطبيقها مرة واحدة . ( ) مثل القرار الصادر بتعيين موظف عام أو ترقية عدد من الموظفين .
ويظهر الاختلاف بين القرارات التنظيمية أو اللوائح والقرارات الفردية فيما يلي :
1. تسري القرارات الفردية على فرد معين بالذات أو أفراد أو حالات معينة بالذات , بينما تتضمن القرارات التنظيمية قواعد عامة مجردة تطبق على كل من تتوافر فيهم شروط معينة دون أن يتم تحديد هؤلاء الأشخاص مقدماً بذواتهم أو أسمائهم .
2. يسري القرار الفردي من تاريخ إعلان صاحب الشأن به كقاعدة عامة , في حين يبدأ سريان القرارات الإدارية التنظيمية من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية .
3. تملك الإدارة الحق في تعديل القرارات التنظيمية أو إلغائها أو سحبها دون أن يكون لأحد الحق بالتمسك بحقوق مكتسبة , على اعتبار أنها تنظم قواعد عامة , في حين تخضع الإدارة في سحبها وإلغائها أو تعديلها للقرارات الإدارية الفردية لشروط معينة حددها القانون (2) .
ــــــــــــــــــ
(1):مازن راضي ليلو،مرجع سابق،ص178-179. (2): محمد الصغير بعلي ، مرجع سابق ، ص34-35
الفرع الثالث:باعتبار خضوعها للرقابة
تنقسم القرارات الإدارية من زاوية خضوعها لرقابة القضاء إلى قرارات تخضع لرقابة القضاء وهذا هو الأصل ، وقرارات لا تخضع لرقابة القضاء وهي القرارات المتعلقة بأعمال السيادة أو تلك التي منعت التشريعات الطعن فيها أمام القضاء.
أولاً : القرارات الخاضعة لرقابة القضاء
تعد رقابة القضاء على أعمال الإدارة أهم وأجدى صور الرقابة والأكثر ضماناً لحقوق الأفراد وحرياتهم لما تتميز به الرقابة القضائية من استقلال وما تتمتع به أحكام القضاء من قوة وحجية تلزم الجميع بتنفيذها و احترامها.
والأصل أن تخضع جميع القرارات الإدارية النهائية لرقابة القضاء أعمالاً لمبدأ المشروعية . ومن المستقر وجود نوعين من نظم الرقابة القضائية على أعمال الإدارة الأول يسمى القضاء الموحد والدي تنحصر الرقابة القضائية فيه في نطاق ضيق من جانب القضاء يتمثل أساسا في التعويض عن الأضرار التي قد تنتج من جراء تطبيق القرارات الإدارية .
ومقتضاه أن تختص جهة قضائية واحدة بالنظر في جميع المنازعات التي تنشأ بين الأفراد أنفسهم أو بينهم وبين الإدارة أو بين الهيئات الإدارية نفسها.
وهذا النظام يتميز بأنه أكثر اتفاقاً مع مبدأ المشروعة إذ يخضع الأفراد والإدارة إلى قضاء واحد وقانون واحد مما لا يسمح بمنح الإدارة أي امتيازات في مواجهة الأفراد (1) .أما نظام القضاء المزدوج فيقوم على أساس وجود جهتين قضائيتين مستقلتين، جهة القضاء العادي وتختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين الأفراد أو بينهم وبين الإدارة
ووفقاً لهذا النظام تخضع جميع القرارات الإدارية لرقابة القضاء الإداري إلغاءً وتعويضاً , إلا في استثناءات معينة تتعلق بأعمال السيادة والقرارات التي حصنها المشرع من رقابة القضاء(2)
ــــــــــــــ
(1):مازن راضي ليلو،مرجع سابق، ص173
(2)عمار عوابدي مرجع سابق،ص136-137
ثانياً : القرارات المحصنة
إدا كان الأصل هو خضوع القرارات الإدارية للرقابة فان مستلزمات المصلحة العامة قد تقتضي التخفيف من صرامة هذا المبدأ فتسمح بموازنة مبدأ المشروعية من خلال نظرية السلطة التقديرية والظروف الاستثنائية .
ومنه وكاستثناء من دلك هناك طائفة من القرارات تم إخراجها من مجال التغطية القضائية بصفة كلية وتحصينها إما بموجب نصوص قانونية أو اجتهادات قضائية هده القرارات تسمى بالقرارات السيادية مثل القرارات الرئاسية والحكومية إلا أن الدول تبالغ أحيانا في استعاد الكثير من القرارات الإدارية من الخضوع للطعن أمام القضاء للاعتبار مختلفة .
ولاشك أن هذا الاتجاه خطير من المشرع لأن تحصينه للقرارات الإدارية من الطعن ،يجرد الأفراد من ضمانة مهمة في مواجهة تعسف الإدارة (1).
ـــــــــــــــ
(1):عمار عوابدي، مرجع سابق ص139
المبحث الثاني:أركان القرار الإداري
يقوم أي قرار إداري على أركان أساسية حتى يكون القرار مشروعا فإدا انعدم ركن من الأركان اعتبر القرار معيبا هده الأركان منقسمة إلى قسمين :أركان شكلية و أركان موضوعية
المطلب الأول:الأركان الشكلية
الفرع الأول:الشكل
يقصد بالشكل في القرار الإداري المظهر الخارجي الذي يبدو فيه القرار والإجراءات التي تُتبع في إصداره، وتهدف الشكليات إلى ضمان حسن سيرالمرافق العامة من ناحية، وضمان حقوق الأفراد من ناحية أخرى، كما أنها تشكل ضمانةً للإدارة نفسها تمنعها من الارتجالية والتسرع وتهديد حقوق الأفراد وحرياتهم، باتخاذ قرارات غير مدروسة، أي أنها ليست مجرد روتين أو عقبات أو إجراءات إدارية لا قيمة لها.(1)
وكما يقول الفقيه الألماني إيهرينغ فإن الشكليات والإجراءات تُعد الأخت التوأم للحرية وهي العدو اللدود للتحكم والاستبداد.
ولكن يجب التنويه إلى أن التشدد في موضوع الإجراءات قد يؤدي إلى تسهيل عمليات من قِبل أصحاب العلاقة أو إلى التدخلات من قِبل الهيئات السياسية أو الاقتصادية، كما قد ينجم عنه الإبطاء الشديد في سير المرافق العامة.
ورغم ذلك فإن إخضاع السلطات الإدارية لبعض الإجراءات الشكلية يشكل ضمانةً قوية للأفراد.(2)
والأصل أن القرار الإداري لا يخضع لشكلٍ معين إلا إذا نصّ القانون على خلاف ذلك بأن استلزم كتابته أو احتواءه على بياناتٍ معينة كذكر السبب مثلاً، أو استوجب اتخاذ إجراءات محددة كأخذ رأي هيئة، أو إجراء التحقيق اللازم.
ولا يؤدي عيب الشكل إلى بطلان القرار الإداري إلا إذا نصّ المشرع صراحةً على البطلان في حالة عدم استيفاء الشكل المطلوب، أو إذا كان عيب الشكل جسيماً أو جوهرياً بحيث أن تلافيه كان يمكن أن يؤثر في مضمون القرار أو يغير من جوهره.(3)
ــــــــــــــــــ
(1): محمد الصغير بعلي،مرجع سابق،ص77-79
(2):محمد عبد الله الديلمي،نظرية القرار الإداري،دار الثقافة للنشر،الأردن،2001 ،ص89
أما مسائل الإجراءات والشكليات الثانوية التي لا تؤثر في سلامة القرار موضوعياً والمُقررة لمصلحة الإدارة فلا تُرتب البطلان، وذلك من باب عدم المبالغة في التمسك بالشكليات.
الفرع الثاني:الإختصاص
إن توزيع الاختصاصات بين الجهات الإدارية من الأفكار الأساسية التي يقوم عليها نظام القانون العام ويراعى فيها مصلحة الإدارة التي تستدعي أن يتم تقسيم العمل حتى يتفرغ كل موظف لأداء المهام المناطة به على أفضل وجه , كما أن قواعد الاختصاص تحقق مصلحة الأفراد من حيث أنه يسهل توجه الأفراد إلى أقسام الإدارة المختلفة ويساهم في تحديد المسؤولية الناتجة عن ممارسة الإدارة لوظيفتها . (1)
ويقصد بالاختصاص القدرة على مباشرة عمل إداري معين أو تحديد مجموعة الأعمال والتصرفات التي يكون للإدارة أن تمارسها قانوناً وعلى وجه يعتد به .
والقاعدة أن يتم تحديد اختصاصات كل عضو إداري بموجب القوانين والأنظمة ولا يجوز تجاوز هذه الاختصاصات و إلا اعتبر القرار الصادر من هذا العضو باطلاً .
وقواعد الاختصاص تتعلق بالنظام العام , لذلك لا يجوز لصاحب الاختصاص أن يتفق مع الأفراد على تعديل تلك القواعد , و إلا فإن القرار الصادر مخالفاً لهذه القواعد يكون معيباً بعيب عدم الاختصاص القانوني (2)
والقواعد القانونية المتعلقة بالاختصاص يمكن حصرها بالعناصر الآتية :
* قواعد الاختصاص من حيث الأشخاص : يشترط لصحة القرار الإداري أن يصدر من الشخص أو الهيئة المنوط بها إصداره , فلا يملك هذا الشخص أو تلك الجهة نقل اختصاصها للغير إلا في الأحوال التي يجيزها القانون بناءً على تفويض أو حل قانوني صحيح و إلا كان القرار الصادر مشوباً بعيب عدم الاختصاص(3)
ــــــــــــ
(1):محمد الصغير بعلي،مرجع سابق،ص50-51
(2):محمد عبد الله الديلمي،مرجع سابق، ص93-94
(3):مازن راضي ليلو،مرجع سابق،ص 162
* قواعد الاختصاص من حيث الموضوع : يحدد القانون اختصاصات كل موظف أو جهة إدارية بموضوعات معينة فإذا تجاوز هذا الموظف أو الإدارة اختصاصاته تلك فتعدى على اختصاصات جهة أخرى , تحقق عيب عدم الاختصاص , ويكون هذا الاعتداء أما من جهة إدارية على اختصاصات جهة إدارية أخرى موازية أو مساوية لها , أو من جهة إدارية دنياً على اختصاصات جهة إدارية عليا أو من جهة أخرى إدارية عليا على اختصاصات جهة أدنى منها, أو اعتداء السلطة المركزية على اختصاصات الهيئات اللامركزية .
* قواعد الاختصاص حيث المكان : يتم من خلالها تحديد النطاق المكاني الذي يجوز لرجل الإدارة أن يباشر اختصاصه فيه , فإذا تجاوز هذا النطاق , فإن قراراته كون مشوبة بعيب عدم الاختصاص , وهذا العيب قليل الحدوث في العمل لأن المشرع كثيراً ما يحدد وبدقة النطاق المكاني الذي يجوز لرجل الإدارة أن يمارس اختصاصه فيه وغالباً ما يتقيد الأخير بحدود هذا الاختصاص ولا يتعداه .
* قواعد الاختصاص من حيث الزمان : وذلك بأن يتم تحديد فترة زمنية معينة يكون لرجل الإدارة أن يباشر اختصاصه فيها , فإذا أصدر قرار خارج النطاق الزمني المقرر لممارسته , كما لو أصدر رجل الإدارة قراراً إدارياً قبل صدور قرار تعيينه أو بعد قبول استقالته أو فصله من الوظيفة أو إحالته على التقاعد .
كذلك إذا حدد المشرع مدة معينة لممارسته اختصاص معين أو لإصدار قرار محدد فإن القرار الإداري الصادر بعد انتهاء المدة الزمنية المعينة لإصداره يعد باطلاً ومعيباً بعدم الاختصاص إذا اشترط المشرع ذلك , فإن لم يفعل فقد درج القضاء الإداري في فرنسا ومصر على عدم ترتيب البطلان (1)
ومخالفة قواعد الاختصاص أما أن تكون في صورة إيجابية أو في صورة سلبية , فتكون المخالفة إيجابية عندما يصدر الموظف أو الجهة الإدارية قراراً من اختصاص موظف آخر أو جهة إدارية أخرى .
وتكون المخالفة سلبية عندما يرفض الموظف أو الإدارة إصدار قرار معين ظناً منهما بأن القرار غير داخل في ضمن اختصاصاتهما .
ـــــــــــــــــ
(1):مازن راضي ليلو،مرجع سابق، ص163-164
المطلب الثاني:الأركان الموضوعية
الفرع الأول:السبــب
سبب القرار الإداري هو الحالة الواقعية أو القانونية التي تسبق القرار وتدفع الإدارة لإصداره , فالسبب عنصر خارجي موضوعي يبرر للإدارة التدخل بإصدار القرار وليس عنصراً نفسياً داخلياً لدى من إصدار القرار .
فالأصل أن الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها استناداً إلى قرينة المشروعية التي تفترض أن قرارات الإدارة تصدر بناءً على سبب مشروع وعلى صاحب الشأن إثبات العكس, أما إذا أفصحت الإدارة عن هذا السبب من تلقاء ذاتها فإنه يجب أن يكون صحيحاً وحقيقياً ما لم تكن الإدارة ملزمة بذكر سبب القرار قانوناً(1) .
وقد استقر القضاء على ضرورة توفر شرطين في سبب القرار الإداري :
* أن يكون سبب القرار قائماً وموجوداً حتى تاريخ اتخاذ القرار , ويتفرع من هذا الشرط ضرورتان الأولى أن تكون الحالة الواقعية أو القانونية موجودة فعلاً وإلا كان القرار الإداري معيباً في سببه , والثاني يجب أن يستمر وجودها حتى صدور القرار فإذا وجدت الظروف الموضوعية لإصدار القرار إلا أنها زالت قبل إصداره فإن القرار يكون معيباً في سببه وصدر في هذه الحالة .
* أن يكون السبب مشروعاً , وتظهر أهمية هذا الشرط في حالة السلطة المقيدة للإدارة،عندما يحدد المشرع أسباباً معينة يجب أن تستند إليها الإدارة في لإصدار بعض قراراتها ، فإذا استندت الإدارة في إصدار قرارها إلى أسباب غير تلك التي حددها المشرع فإن قراراها يكون مستحقاً للإلغاء لعدم مشروعية السبب(2).
ــــــــــــــ
(1):محمد الصغير بعلي،مرجع سابق، ص
(2):مازن راضي ليلو،مرجع سابق، ص165-166
الفرع الثاني : المحـل
يقصد بمحل القرار الإداري الأثر الحال والمباشر الذي يحدثه القرار مباشرة سواء بإنشاء مركز قانوني أو تعديله أو إنهائه .
ويجب أن يكون محل القرار ممكناً وجائزاً من الناحية القانونية , فإذا كان القرار معيباً في فحواه أو مضمونه بأن كان الأثر القانوني المترتب على القرار غير جائز أو مخالف للقانون أياً كان مصدره دستورياً أو تشريعياً أو لائحياً أو عرفاً أو مبادئ عامة للقانون , ففي هذه الحالات يكون غير مشروع ويكون القرار بالتالي باطلاً .
ومخالفة القرار للقواعد القانونية تتخذ صوراً متعددة وهي :
* المخالفة المباشرة للقاعدة القانونية: وتتحقق هذه عندما تتجاهل الإدارة القاعدة القانونية وتتصرف كأنها غير موجودة , وقد تكون هذه المخالفة عمدية , كما قد تكون غير عمدية نتيجة عدم علم الإدارة بوجود القاعد القانونية بسبب تعاقب التشريعات وعدم مواكبة الإدارة للنافذ منها .
* الخطأ في تفسير القاعدة القانونية : وتتحقق هذه الحالة عندما تخطأ الإدارة في تفسير القاعدة القانونية فتعطي معنى غير المعنى الذي قصده المشرع .
والخطأ في تفسير القاعدة القانونية أما أن يكون غير متعمد من جانب الإدارة فيقع بسبب غموض القاعدة القانونية وعدم وضوحها , واحتمال تأويلها إلى معان عدة, وقد يكون متعمداً حين تكون القاعدة القانونية المدعى بمخالفتها من الوضوح بحيث لا تحتمل الخطأ في التفسير , ولكن الإدارة تتعمد التفسير الخاطئ فيختلط عيب المحل في هذه الحالة بعيب الغاية .
* الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية : ويحصل هذا الخطأ في حالة مباشرة الإدارة للسلطة التي منحها القانون إياها , بالنسبة لغير الحالات التي نص عليها القانون أو دون أن تتوفر الشروط التي حددها القانون لمباشرتها (1).
" ومثال ذلك أن يصدر الرئيس الإداري جزاءاً تأديبياً بمعاقبة أحد الموظفين دون أن يرتكب خطأ يجيز هذا الجزاء"(2).
ـــــــــــــــــ
(1):محمد الصغير بعلي،مرجع سابق،ص81-82
(2):مازن راضي ليلو،مرجع سابق، ص 168
الفرع الثالث: الغاية
يقصد بالغاية من القرار الإداري الهدف الذي يسعى هذا القرار إلى تحقيقه والغاية عنصر نفسي داخلي لدى مصدر القرار ، فالهدف من إصدار قرار بتعيين موظف هو لتحقيق استمرار سير العمل في المرفق الذي تم تعيينه فيه والهدف من لإصدار قرارات الضبط الإداري هو حماية النظام العام.
وغاية القرارات الإدارية كافة تتمثل في تحقيق المصلحة العامة للمجتمع،فإذا انحرفت الإدارة في استعمال سلطتها هذه بإصدار قرار لتحقيق أهداف تتعارض مع المصلحة العامة فإن قراراها يكون مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، ويعد هذا العيب من أسباب الطعن بالإلغاء التي ترد على القرار الإداري (1).
والأصل أن كل قرار إداري يستهدف تحقيق المصلحة العامة، ويفترض فيه ذلك وعلى من يدعي خلاف ذلك الإثبات وعيب الانحراف بالسلطة أو الغاية عيب قصدي أو عمدي يتعلق بنية مصدر القرار الذي يجب أن يكون سيء النية يعلم أنه يسعى إلى غاية بعيدة عن المصلحة العامة أو غير تلك التي حددها القانون .
ولأن هذا العيب يتصل بالبواعث النفسية الخفية لجهة الإدارة ، وإثباته يتطلب أن يبحث القضاء في وجود هذه البواعث وهو أمر بعيد المنال , فقد أضفى القضاء على هذا العيب الصفة الاحتياطية فلا يبحث في وجوده طالما أن هناك عيب آخر شاب القرار الإداري، مثل عدم الاختصاص أو عيب الشكل أو مخالفة القانون (2).
ويمكن تحديد الغاية من القرار الإداري وفقاً لثلاثة اعتبارات
* استهداف المصلحة العامة : السلطة التي تتمتع بها الإدارة ليست غاية في ذاتها إنما هي وسيلة لتحقيق الغاية المتمثلة بالمصلحة العامة , فإذا حادت الإدارة عن هذا الهدف لتحقيق مصالح شخصية لا تمت للمصلحة العامة بصلة كمحاباة الغير أو تحقيق غرض سياسي أو استخدام السلطة بقصد الانتقام فإن قراراتها تكون معيبة وقابلة للإلغاء (3).
ــــــــــــــ
(1):محمد الصغير بعلي،مرجع سابق، ص84-85
(2):مازن راضي ليلو،مرجع سابق،ص 169-170
* احترم قاعدة تخصيص الأهداف : على الرغم من أن الإدارة تستهدف تحقيق المصلحة العامة دائماً فقد يحدد المشرع للإدارة هدفاً خاصاً يجب أن تسعى قراراها لتحقيقه وإذا ما خالفت هذا الهدف فإن قراراتها يكون معيباً بإساءة استعمال السلطة ولو تذرعت الإدارة بأنها قد قصدت تحقيق المصلحة العامة , وهذا ما يعرف بمبدأ تخصيص الأهداف ومثال ذلك قرارات الضبط الإداري التي حدد لها القانون أهدافاً ثلاثة لا يجوز للإدارة مخالفتها وهي المحافظة على الأمن العام و السكينة العامة والصحة العامة , فإذا خالفت الإدارة هذه الأهداف في قرارات الضبط الإداري فإن قرارها هذا يكون معيباً وجديراً بالإلغاء(1).
*احترام الإجراءات المقررة : يتعين على الإدارة احترام الإجراءات التي بينها القانون لتحقيق الهدف الذي تسعى إليه , فإذا انحرفت الإدارة في الإجراءات الإدارية اللازمة لإصدار قرار معين بإجراءات أخرى لتحقيق الهدف الذي تسعي إليه فإن تصرفها هذا يكون مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة في صورة الانحراف بالإجراءات .
وتلجأ الإدارة إلى هذا الأسلوب أما لأنها تعتقد أن الإجراء الذي اتبعته لا يؤدي لتحقيق أهدافها أو أنها سعت إلى التهرب من الإجراءات المطولة أو الشكليات المعقدة , ومثال ذلك أن تلجأ الإدارة إلى الاستيلاء المؤقت على العقارات بدلاً من سيرها في طريق إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة تفادياً لطول إجراءات نزع الملكية , أو أن تقرر الإدارة ندب موظف وهي تستهدف في الحقيقة معاقبته فتلجأ إلى قرار الندب لتجريده من ضمانات التأديب (1)
خاتمة:
وكخاتمة لهدا الموضوع نقول أن قوة الدولة وصلابتها لا تكمن في مدى قوة ونجاعة ترسانتها الحربية فحسب بل في قوة إدارتها العامة وحسن تنظيمها،والقرار الإداري هو وسيلة إيجابية في يد السلطة الإدارية في مواجهة الغير وهدا دون الحصول على موافقتهم لكن كل هدا يجب أن يتم دون الخروج عن نطما يحدده القانون وعدم استعمال هده الإمتيازات(امتيازات السلطة العامة)من أجل تحقيق أهداف غير مشروعة وحتى لا يكون القرار نقمة على الأفراد وأداة تعسفية في يد الإدارة لمواجهة الغير بها.
ـــــــــــــــــــــ
(1):مازن راضي ليلو،مرجع سابق، ص171
قائمة المراجع:
1 -مازن راضي ليلو،الوجيز في القانون الإداري،الطبعة الخامسة،دار المطبوعات،مصر،2004.
2-محمد الصغير بعلي،القرارات الإدارية،دار العلوم للنشر،الجزائر،2005.
3-محمد عبد الله الديلمي،تحول القرار الإداري،دار الثقافة للنشر،الأردن،2001
4-سليمان محمد الطماوي،الوجيز في القانون الإداري ،دار الفكر العربي للنشر،مصر،1996.
5-عمار عوابدي،نظرية القرار الإداري،دار هومة،الجزائر،2003
السبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed
» شركة التوصية بالاسهم -_-
الجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin
» مكتبة دروس
الإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
الخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
السبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
السبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin
» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
السبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin
» بحث حول المقاولة التجارية
السبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl
» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
الأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique
» الدفاتر التجارية:
الجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma