أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أسعدنا تسجيلك وانضمامك لنا

ونأمل من الله أن تنشر لنا كل مالديك

من إبداعات ومشاركات جديده

لتضعها لنا في هذا القالب المميز

نكرر الترحيب بك

وننتظر جديدك المبدع

مع خالص شكري وتقديري

ENAMILS

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
 الإسلام و الدستور ( ج3 ) 580_im11 ENAMILS  الإسلام و الدستور ( ج3 ) 580_im11

المواضيع الأخيرة

» مدونة القوانين الجزائرية - محدثة يوميا -
 الإسلام و الدستور ( ج3 ) I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 27, 2014 5:08 pm من طرف abumohamed

»  شركة التوصية بالاسهم -_-
 الإسلام و الدستور ( ج3 ) I_icon_minitimeالجمعة فبراير 21, 2014 5:39 pm من طرف Admin

» مكتبة دروس
 الإسلام و الدستور ( ج3 ) I_icon_minitimeالإثنين يناير 13, 2014 9:40 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب مصادر الإلتزام لـ علي علي سليمان !
 الإسلام و الدستور ( ج3 ) I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 19, 2013 8:52 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري
 الإسلام و الدستور ( ج3 ) I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:58 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري للدكتورة نادية فضيل
 الإسلام و الدستور ( ج3 ) I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:51 pm من طرف Admin

» تحميل كتاب القانون التجاري الجزائري للأستاذ عبد القادر البقيرات
 الإسلام و الدستور ( ج3 ) I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 30, 2013 3:46 pm من طرف Admin

» بحث حول المقاولة التجارية
 الإسلام و الدستور ( ج3 ) I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 23, 2013 8:46 pm من طرف happy girl

» كتاب الدكتور سعيد بوشعير مدخل الى العلوم القانونية ادخل وحمله
 الإسلام و الدستور ( ج3 ) I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 06, 2013 10:49 am من طرف As Pique

» الدفاتر التجارية:
 الإسلام و الدستور ( ج3 ) I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 04, 2013 7:37 pm من طرف salouma

ENAMILS


كتاب السنهوري


    الإسلام و الدستور ( ج3 )

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 6322
    نقاط : 17825
    تاريخ التسجيل : 28/06/2013
    العمر : 33

     الإسلام و الدستور ( ج3 ) Empty الإسلام و الدستور ( ج3 )

    مُساهمة من طرف Admin السبت أغسطس 03, 2013 5:36 pm




    القسم الثاني: في حقوق تبعة الدولة العثمانية العمومية:
    ويحـوي هذا القسم على المواد من (Cool إلى (26)، وقـد نصت المادة الحـادية عشر على أن دين الدولة العثمانيـة هو دين الإسـلام، ومع المحافظة على هذا الأساس تكون حرية جميع الأديان المعروفة في الدولة العثمانية، وكافة الامتيازات الممنوحة إلى الجماعات المختلفة تحت حماية الدولة، على شرط أن لا تخل براحة الناس ولا بالآداب العامة.
    ونصت المادة الثامنة عشر على أن اللسان التركي هو اللسان الرسمي للدولة، وهذا مما يؤخذ على هذا الدستور، لأن الدولة العثمانية لم تكن تمثل القومية التركية، وإنما تمثل الأمة الإسلامية وهي دولة الخـلافـة فكان الأولى أن تكون اللغة الرسمية هي لغة القرآن الكريم.
    القسم الثالث: في وكلاء الدولة:
    ويحـوي هذا القـسم المواد من رقم (27) إلى رقم (38) وينظم هذا القـسم أوضـاع المسـؤولين في الدولة (الوكـلاء) وهم رؤساء المصـالح الحكومية، وفي مقدمتهم منصبا الصدر الأعظم، وشيخ الإسلام .
    القسم الرابع: في المأمورين:
    ويحوي هذا القسم المواد من رقم (39) إلى رقـم (41)، وينظم هذا القسم أوضاع المأمورين المنتخـبين للمأموريات من تعيين وعزل وما يتعلق بذلك.
    القسم الخامس: في المجلس العمومي:
    ويحـوي هذا القسم المواد من رقم (40) إلى رقم (59)، ويحـدد هذا القسم المجلس العمومي بأنه مكون من هيئتين، إحداهما: هيئة الأعيان، والأخرى هيئة المبعوثان، وينظم أوضاع المجلس وأعضاءه، وما يناقش فيه، وكيف يناقش.
    القسم السادس: في هيئة الأعيان:
    ويحوي هذا القـسم المواد من رقم( 60) إلى رقم (64) وينظم هذا القسم، عدد أعضاء الهيئة، وشروط العضوية، ومرتبات الأعضاء وأعمال الهيئة.
    القسم السابع: في هيئة المبعوثان:
    ويحـوي هذا القـسم المواد من رقم (65) إلى رقم (80)، وينظم هذا القسم عدد أعضاء الهيئة، وكيفية الانتخاب، وشروط العضوية ومدة العضوية، ومرتبات الأعضاء، وكيفية عمل الهيئة ومحاكمة أعضائها.
    القسم الثامن: في المحاكم:
    ويحـوي هذا القسم المواد من رقم (81) إلى رقم (91)، وينظم هذا القسم، طريقة المحاكـمات، وأوضاع القضاة، وتنظيم أمور القضاء والتقاضي.
    ومما يؤخـذ على هذا الدستـور أيضـا مـا ورد فـيه من النص على ازدواجية القضاء، وذلك بفصل القضاء الشرعي عن القضاء النظامي أو القانوني، حيث كان هناك محاكم شرعية، ومحاكم نظامية، وقد وكل إلى هذه الأخيرة تطبيق القوانين المنقولة من القوانين الفرنسية، وعين بها قضاة أعدوا لذلك، وضاق نطاق المحاكم الشرعية حتى قصر اختصاصها على مسائل الأحوال الشخصية للمسلمين ( ) .
    القسم التاسع: في الديوان العالي:
    ويحوي هذا القسم المواد من رقم (92) إلى رقم (95)، وينظم تشكيل الديوان العالي ومهامه واختصاصاته.
    القسم العاشر : في الأمور المالية:
    ويحوي هذا القسم المواد من رقم (96) إلى رقم (107)، وينظم الأمور المالية للدولة، والميزانية العامة، والمحاسبة.
    القسم الحادي عشر : في الولايات:
    ويحـوي هذا القـسم المواد من رقم (108) إلى رقم (112)، وينظمها شـؤون إدارة الولايات، وأعضـاء مـجـالس الإدارة في مـراكـز الولايات، والأولوية، والأقضية، وأمور البلديات.
    القسم الثاني عشر : في مواد شتى:
    ويحوي هذا القسم المواد من رقم (113) إلى رقم (119)، وينظم أمور لا تدخل تحت أي من الأقـسـام السـابقـة، مثل حـالات فـرض الأحكام العرفية، وإلزامية التعليم الأولي، وكيفية تعديل الدستور، وتفسير أحكامه.
    ذلك عرض موجـز لمحـتويات الدستور، ويظهر جليا تأثر هيكله بالهياكل الدستورية في الدول الغربية، من حيث التقسيمات، وما يجب أن يحـويه الدستور؛ ويرجـع ذلك إلى أن فكرة إصدار هذا الدستور كانت نتيجة لضغوط الدول الأوربية، وفي هذا الصدد يذكر ساندي في دراسته عن عملية تدوين الدستور في الدول الإسلامية أن الحاجة إلى التقنين سواء في الميدان الدستوري أو المجالات القانونية الأخرى قد ظهرت في العالم الإسلامي نتيـجة للنفوذ الغربي، ويضيف بأن الحاجة إلى وضع الدستور في الدول الإسلامية قد نشأت من الرغبة في تقليد المعايير الغربية ( ) .
    كما يذكر بعض المؤرخين أن مضمون الدستور العثماني كان متأثرا بالدساتير الأوروبية وأنه قد صيغ على نمط الدستورين البلجيكي الصادر عام 1830هـ والروسي الصادر عام 1850م ( ) .
    ولكن الدستور باعتباره من أوائل الدساتير المدونة للدول الإسلامية يعتبر من الوقائع الدستورية المهمة في العهود الإسلامية التي تلت عصر الراشدين باعتبار أولويته على الرغم من المآخذ التي أخذت عليه التي ذكرنا طرفا منها.
    ويجـدر أن ننبه هنا إلى أن مـا تمارسه الدولة الحـديثة من أعمال وسلطات، قد مارسته الدولة الإسلامية الأولى فعلا، فالسلطات التشريعية والتنفيـذية والقضـائيـة كـانت معـروفـة في ذلك الوقت ونظمت هذه السلطات، وقعدت القواعد الضابطة لها، في ضوء المبادئ الأصولية والفقهية التي تولى شرحها وبيانها بعد ذلك العلماء المسلمون، ولكن دون استخدام التعبيرات المعروفة الآن، فهذه التعبيرات الحديثة متأثرة بالنظم الدستورية الغربية المعاصرة، كما أن ما يعده العلماء المعاصرون من مسائل دستورية بطبعها هي موجودة فعلا في التراث الدستوري الإسلامي، ولكن باختلاف المصطلحات، والعبرة ليست بالأسماء ولكن بالمسميات، ولعل هذا الأمر اتضح من خـلال تتبع بعض الأمور الدستورية في هذا البحث.
    3 - التجربة الدستورية السعودية:
    في الوقت الذي تمكن فـيـه الغـرب من السـيطرة على البـلاد الإسلامية، وغرز مخالبه في مختلف أجزائها، وأحاط بها من كل جانب، وما نتج عنه من تغلب عسكري وسياسي وثقافي وتشريعي على البلاد الإسلامية، وفي الوقت الذي انتشرت في البلاد الإسلامية الاتجاهات الدستورية المستوردة المنبتة الصلة عن حضارة الأمة وتاريخها كان هناك اتجاه دستوري إسـلامي أصيل برز في الجـزيرة العربية، حـاملا لواء الشريعة الإسلامية الحقة وداعيا إليها، هذا الاتجاه الذي يأخذ بنظام الإسلام الدستوري، ويطبق شرع الله ومنهجـه في أمور الحياة، " ففي ظروف الهزيمة الشاملة للمسلمين أمام الغـزوة الأوربية التي لم يكن احتلالها العسكري هو أخطر أسلحـتها بل محـاولة إقناع المسلمين بأن الإسلام قـد انتهى عصره، وأن التغريب هو حتمية التاريخ، فـاستطاع السعوديون (بالله ثم) بدعوة محمد بن عبد الوهاب تأخير التغريب مائة عام ( ) "، وأثبتوا للعالم أنه بالرجوع إلى المنبع الصافي الكتاب والسنة يمكن تحويل هذا الدين إلى واقـع معاش في شتى نواحي الحياة، وأثبتوا للمسلمين إمكانية تطبيق الإسلام شريعة وعقيدة، وإمكانية قيام مجد المسلمين مرة أخرى على ما قام عليه المجد الأول، وأن الاستسلام للحلول المستوردة لا يؤدي بحال إلى تقدم الأمة ونمائها، بل يؤدي إلى تبعيتها وتأخرها وأثبتوا كذلك مصداقية الحل الإسلامي وصلاحيته لهذا العصر ولكل عصر وأنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
    وبالرغم من الهزيمة التي لحقت بالدولة السعودية في عهدها الأول، والمؤامرات الدولية التي حيكت ضدها، إلا أنها استطاعت - بفضل الله - ثم بتمسكها بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهج حياة، بعد مرور قرن على التجربة الأولى وكان قرنا حاسما في تاريخ المسلمين، فلم يقتصر الأمر على اسـتمـرار الزحف الغـربي على بلاد المسلمين وسـقوط البـلاد الإسلامية في يد الاستعمار، بل إن الشك بدأ يغزو الطبقة المثقفة المسلمة في صلاحية الاتجـاه الإسـلامي، بحيث استسلموا للحلول الغربية المستوردة في شتى مناحي الحياة، كما حدث في تركيا وغيرها من بلاد المسلمين، وتأكدت الاتجاهات التغريبية في مطلع القرن العشرين، حيث فتح باب التغريب على مصراعيه، وإذا بالسعوديين يهبون مرة أخرى بقيادة عبد العزيز فيطرحون الحل الإسلامي وينتصرون، بل إن نصرهم هو النصر الوحيد على الساحة الإسلامية إن لم نقل في العالم الثالث حتى النصف الثاني من القرن العشرين، فاستطاعوا وحدهم إقامة كيان مستقل عن السيطرة الاستعمارية الغربية ( ) ذلك أن الدولة السعودية اتخـذت الكتـاب والسنة مصدر التشـريع والحكم، ودعت وعملت على الحفاظ على كيان الأمة، والاستمساك بمبدأ وحدتها، كما استمرت في الدعوة واتصال النشاط العلمي والحضاري، ونشر الثقافة الإسلامية ( ) .
    قام الملك عبد العزيز رحمه الله " ليقيم دولة إسلامية كبرى وهي المملكة العربية السعودية، مملكة العقيدة المنجية، ومملكة الشريعة المنظمة، ومملكة الوحدة الراسخة، ومملكة الأمن المكين الواعد، ومملكة البناء والعمران، ومملكة القوة والسلام، ومملكة الوزن الدولي المؤثر والموقر " ( ) وقد " استقى الملك عبد العزيز فكره السياسي من أصول: العقيدة، والشريعة، والوحدة، كما استقاها من أنهار العقيدة والشريعة والوحدة، هذه الينابيع هي: الشورى، والمصلحة العامة، والموقع " ( ) .
    وقد " طبق الملك عبد العزيز - رحمه الله - منهج الإسلام في مجالات القضاء والإعلام " ( ) وكافة مجالات الحياة واستمر هذا من بعده منهجا للدولة السعودية، ممثلا الاتجاه الدستوري الإسلامي الأصيل في العصر الحديث، مما يثبت صلاحية الاتجاه الإسلامي مرة أخرى، ويضع المسلمين أمام مسؤولياتهم في انحرافهم عن هذا الاتجاه الذي أثبت صلاحيته في هذا العصر، رغم كل الظروف وكل المؤامرات، بل هو الحل الوحيد الناجح للبلاد الإسلامية؛ لأن الحل الوحيد المرتبط بحضارة الأمة وتاريخها وظروفها ومشاعر أفرادها، وفي هذا الخصوص يقول الملك عبد العزيز رحمه الله: " إن العرب في هذا الزمن تأخروا كثيرا، وليس لهم من المجد شيء، فوسائل القوة كلها بيد غيرهم، وإذا لم يرجع العرب للأصل الذي نشأ عليه أولهم فما هم ببالغين شيئا إلا أن يشاء الله " ( ) وقال رحمه الله " أما نحن فلا عز لنا إلا بالإسلام، ولا سلام لنا إلا التمسك به، وإذا حافظنا عليه حافظنا على عزنا وسلاحنا، وإذا أضعناه ضيعنا أنفسنا وبؤنا بغضب من الله " ( ) ويقول كذلك: " أما الحياة التي تسير على غير الدين فهي كالمطر الذي يقع على الأرض السبخـة فلا يجدي ولا يثمر، إن الدين الإسلامي الصحيح في نظري هو أساس الرقي ومن اعترضنا في ديننا أو وطننا قـاتلناه حتى ولو كـان أهل الأرض " ( ) . فالمملكة العربية السـعودية قـامت على أساس من الإسلام ودعوته، فالإسلام والدعـوة إليه كانا الأساس لقيام هذه الدولة ونشأتها، واستمر التطور التنظيمي للمملكة على أساس المواءمة بين الأسس الإسلامية ومتطلبات العصر، فنشأ النظام الدستوري والمؤسسات الدستورية في المملكة العربية السعودية على أساس الشريعة الإسلامية، فاتباع النهج الإسلامي في المملكة ليس وليد تغيرات وظروف معينة، بل هو ناشئ مع نشوء هذه المملكة.
    ويجري العمل في المملكة العربية السعودية على أساس أن نصوص القرآن والسنة تسمو فوق النصوص الوضعية الأخرى، بمعنى أنه لا يجوز للدولة إصدار نظام يتعارض مع نصوص القرآن والسنة، سواء أكان هذا النظام ضمن النظام الأساسي أو النظم العادية، ومن المعروف أن القرآن الكريم والسنة المطهرة يهدفان إلى تحقيق العدل والمساواة ونفي الحرج، وهذه هي الأهداف التي تحاول الدساتير - في جميع أنحـاء العالم - تحقيقها، وقد حددت نصوص القرآن والسنة وسائل لبلوغ هذه الأهداف منها: التشاور، والتعاون، والاجتهاد ( ) .
    والعمل في المملكة قائم على أساس أنه يمكن وضع أي قاعدة قانونية في نظامها الأساسي أو نظمها العـادية، إذا كان هدف هذه القاعدة المصلحة العامة، وبشرط عدم تعارضها مع نصوص القرآن والسنة، وهذا هو التطبيق السليم للشريعة الإسلامية ( ) .
    وقد نشأت معظم القواعد القانونية في المملكة عن طريق الاجتهاد، لبروز الحاجة العملية إليها، ولم تتقل من أنظمة أخرى ( ) .
    ذلك كله يجعل النظام القانوني في المملكة متميزا عن غيره من الأنظمة القانونية في البلاد الإسلامية، في موضوعاته، وخصائصه، ولغته، وطرق البحث فيه، فمن المعروف أن البلاد الإسلامية الأخرى تأثرت بالنظم القانونية الغربية، فكانت بداية انطلاقتها منقطعة عن ماضيها القانوني، بينما سارت المملكة العربية السعودية نحو بناء نظام قانوني متصل بالماضي، تتعايش فيه الحلول الجديدة للمشاكل العصرية مع التراث الفقهي الشرعي القديم، وتعتبر تجريه المملكة هذه الحل العملي السليم لعلاقة الشريعة الإسلامية بالقانون الحديث، وهذا الحل لم يكن ممكنا لو لم توجد في الشريعة الإسلامية مبادئ ووسائل ذاتية تسمح بإيجاد حلول جديدة للمشكلات المستجدة ( ) .
    ومن المعروف أن أحكام الدستور قد تكون مدونة في وثيقة تسمى الدستور أو النظام الأساسي، أو عدة وثائق، وقد تكون غير مدونة كذلك، فقد عرف التاريخ القديم والحديث دولا كبيرة ذات نظم دستورية عريقة ولم يكن لها دستور مدون، مثل الدولة الإسلامية في عصورها المتقدمة، ونجد في العصر الحـديث بريطانيا - وهي من الدول العظمى في هذا العصر لها نظام دستوري، وأحكام دستورية واضحة، بالرغم من عدم تدوينها في وثيقة الدستور؛ وذلك لأن مناط وجود الدستور هو سيادة أحكامه، لأهميتها. من بين سائر الأحكام القانونية الأخرى، فـإذا تحققت هذه السيادة، وهذا السمو لأحكام الدستور، فلا يؤثر بعد ذلك تدوين هذه الأحكام أو عدم تدوينها، أو جمعها في وثيقة واحدة أو تفريقها في عدة وثائق، والقواعد الدستورية في المملكة العربية السعودية طبقا للنظام الدستوري الإسلامي تنقسم إلى قسمين، هما: الأحكام الثابتة، والأحكام المتغيرة، فـالأحكام الثابتة هي نصوص القرآن والسنة، وما أجمع عليه علماء المسلمين من أحكام، وما كان من مبادئ الإسلام العامة في الشؤون الدستورية، كالشورى، والعدالة، والتعاون.. أما الأحكام غير الثابتة فهي الأحكام المستنبطة عن طريق الاجـتهاد، والأحكام المتعلقة بالأسـاليب والوسائل والأنظمة والتفصيلات، التي تختلف تبعا لاختلاف ظروف الزمان والمكان، والمرجع في استنباط هذه الأحكام والأمور الدستورية هو الشريعة الإسلامية، وعلماء الشريعة هم المرجع لمعرفة الأحكام الشرعية عند الاشتباه.
    فالأحكام الثابتة موجودة في مصادرها وهي القرآن والسنة، ولا يجوز أن يخالفها أي حكم آخر مهما كانت درجته وأهميته.
    وسنستعرض هنا المؤسسات والوثائق الدستورية في المملكة العربية السـعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز رحمـه الله، هذه المؤسسـات والوثائق ذات العـلاقـة بالشؤون الدستورية التي مصدرها الاجتهاد وتتغير حـسب المصلحـة وظروف الزمان والمكان، ويعكس هذا الاستعراض مدى اهتمام الدولة السعودية منذ نشأتها بالجانب الدستوري ومـؤسسـاته واهتمام قـيـادتهـا بذلك حـتى قـبل أن يتم توحـيـدها، والاستعراض التالي يوضح لنا التاريخ الدستوري لهذه البلاد.
    أ - إنشاء الهـيئة التأسيسية:
    أمر الملك عبد العزيز رحمه الله في وقت مبكر - قبل اكتمال توحيد المملكة - بتكوين هيئة تأسيسية مكونة من ثلاثة عشر عضوا، وكان من مهام هذه الهيئـة، وضع المواد الأساسية لتشكيلات الحكومة، وهي ما سميت بالتعليمات الأساسية، أو النظام الأساسي، أي الدستور ( ) وكان ذلك في عام 1344م وفي نفس العام وأثناء عمل الهيئة أصدر الملك أمرا بإنشاء مجلس الشورى العام ( ) .
    وقد عقدت الهيئة التأسيسية عدة اجتماعات، وفي خـلال سبعة أشهر، وضعت المواد الأساسية لنظام الحكم والإدارة، وبعد عرضها على الملك صدرت مقترنة بموافقته عليها في 21 / 2 / 1345هـ ( ) .
    وقد اشتملت هذه التعليمات الأساسية ( ) على تسعة أقسام، هي:
    - القسم الأول: المملكة وشكل الدولة والعاصمة واللغة.
    - القسم الثاني: إدارة المملكة والأحكام النيابية العامة ومسؤولية الإدارة.
    - القسم الثالث: يختص بأمور المملكة.
    - القسم الرابع: يختص بالمجالس كمجلس الشورى.
    - القسم الخامس: يختص بديوان المحاسبات.
    - القسم السادس: يختص بالمفتشية العامة.
    - القسم السابع: يختص بالمأمورين.
    - القسم الثامن: يختص بالمجالس العمودية بالبلدية.
    - القسم التاسع: يختص بلجان الإدارة للبلديات ( ) .
    تعتبر هذه التعليمات دستورا كاملا، بالنسبة لدولة ناشئة، ومن الواضح أنها لم تفصل بين السلطات الثلاث، كما هو الوضع في الدساتير الحديثة، ولكن تركيز هذه السلطات مقيد بأحكام الشريعة، كما نصت على ذلك المادة الخامسة من التعليمات، كما أن النص في المادة الثانية على أن الدولة ملكية شورية إسلامية يجعل الأحكام تكون دائما منطبقة مع الكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة وسلف الأمة، كما نصت على ذلك المادة السادسة من التعليمات، ولم تتعرض هذه المواد لتفصيلات ترد أحيانا في بعض الدساتير الحديثة؛ لأنه أحال على الشريعة الإسلامية، وقد كفلت الشريعة الإسلامية كفالة تامة كل ما يحتاجه المجتمع، ولم تتعرض هذه التعليمات إلى استقلال السلطة القضائية؛ لأنه من المعروف بداهة، وضع النظام القضائي في الإسلام، واستقلال القضاة، ومركزهم في الدولة من الأمور الواضحة المقررة منذ العهد النبوي وعهد الخلفاء الراشدين، وهي أمور لم تصل إليها النظم القانونية الحديثة إلا منذ أقل من قـرنين من الزمان، بل إن القضاء في الإسلام فوق جميع السلطات بما فيها الرئيس الأعلى للدولة، وتاريخ القضاء في الإسلام خير شاهد على ذلك.
    لقـد جـرى على هذا النظام تعديلات عدة تبـعا لتطور الظروف والأحوال ولعل أهم هذه التعديلات تعديل نظام مجلس الشورى، حيث وافق الملك عبد العزيز على مشروع نظام مجلس الشورى المقدم من قبل لجنة التفتيش والإصلاح، وحل المجلس القديم في 7 / 1 / 1346هـ وبعد يومين من حل المجلس صدر النظام الجديد، وعين أعضاؤه الجدد ( ) .
    ب - مجلس الشورى:
    كـان الملك عبد العزيز رحمه الله قد أصدر بلاغا بإنشاء مجلس الشورى العام، وعندما صدرت التعليمات الأساسية، في 21 / 2 / 1345هـ، نصت في القسم الرابع منها على تأليف مجلس الشورى من النائب العام ومستشاريه وستة أعضاء. وعندما قـدمت لجنة التفتيش والإصلاح مشروع نظام مجلس الشورى الجديد ( ) وافق عليه الملك، وحل المجلس القـديم في 7/ 6 / 1346هـ. وتألف المجلس - وفق نظامـه الجـديد - من ثمانية أعضاء برئاسة النائب العام، وأعطى للمجلس صلاحيات واسعة، من بينها النظر في القرارات الصادرة من السلطة التنفيذية، حيث تعرض على المجلس على شكل مشروع، لإبداء رأيه فـيـه، كمـا أجـاز النظام للمجلس أن يلفت نظر الحكومة عند وقـوع خطأ في تطبيق القوانين والأنظمة ( ) .
    ومن اختصاصات المجلس ما يلي:
    1 - موازنات دوائر الحكومة.
    2 - الرخص في الشروع في عمل مشاريع اقتصادية وعمرانية.
    3 - الامتيازات والمشاريع المالية والاقتصادية.
    4 - نزع الملكية للمنافع العمومية.
    5 - سن القوانين والأنظمة.
    6 - الموازنات التي تضاف إلى موازنات الدوائر في بحر السنة.
    7 - النفقات العارضة التي تعرض لدوائر الحكومة في بحر السنة، إذا زاد المطلوب عن مائة جنيه.
    8 - قرارات استخدام الموظفين الأجانب.
    9 - العقود مع الشركات أو التجار لمشتري أو بيع لوازم دوائر الحكومة إذا زاد المبلغ عن مائتي جنيه ( ) .
    وطرأت تعديلات لهذا النظام صدرت بأمر ملكي على شكل نظام جديد عام 1374هـ، وهذه التعديلات فـيما يتعلق في الأمور الشكلية للمجلس حيث لم يطرأ تعديلات أو إضافـات مهمة على اختصاصات وصلاحيات المجلس وفق نظامه السابق ( ) .

    ولقد مارس المجلس صلاحياته وقام بمسؤولياته وفقا لنظامه الذي صدر عام 1347هـ ( ) وخلال ربع قرن مارس المجلس صلاحيات وسلطات اقتربت كثيرا من السلطات التشريعية، فلم يسن نظام في تلك الفترة إلا بعد دراسته ومناقشته في المجلس ( ) وفي ذلك يقول الملك عبد العزيز رحمه الله: " لقد أمرت أن، لا يسن نظام في البلاد ويجرى العمل به قبل أن يعرض على مجلسكم من قبل النيابة العامة، وتنقحونه بمنتهى حرية الرأي، على الشكل الذي يكون منه الفائدة لهذه البلاد وقـاصديها من حجـاج بيت الله الحـرام، إنكم لتعلمون أن أساس نظامنا وأحكامنا هو الشرع الإسلامي، وأنتم في تلك الدائرة أحرار في سن كل نظام وإقرار العمل الذي ترونه موافقا لصالح البلاد على شرط أن لا يكون مخالفا للشريعة الإسلامية " ( ) .
    وعندمـا تكون مـجلس الوزراء سنة 1373هـ اسـتـدعت الظروف التنظيمية للدولة أن تشمل سلطاته بعض الاختصاصات التي كان يزاولها مجلس الشورى ( ) .
    ب - مجلس الوزراء:
    بقي العمل بالنظام الأساسي السابق ذكره وما جرى عليه من تعديلات حـتى صـدر نظام مـجلس الوزراء، حـيث تولى هذا المجلس السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية وتسمى في المملكة السلطة التنظيمية، وتعتبر معظم القواعد الدستورية في المملكة موجودة في نظام مجلس الوزراء الصادر بالمرسوم الملكي رقم 38 وتاريخ 22 / 10 / 1377هـ ( ) وتتميز بأنها لم تدون في وثيقة واحدة، وأن بعضها تكون عن طريق العرف أو العادة وأنها مرنة ( ) حيث إن هذا النظام على الرغم من تسميته نظام مجلس الوزراء إلا أنه في حقيقته نظام أساس، ويقابل الدستور في الدول الأخرى، ووفقا لهذا النظام يعتبر الملك ومجلس الوزراء السلطة التشريعية ويعتبر مجلس الوزراء وما يتبعه من أجهزة إدارية السلطة التنفيذية، وهو ما يستفاد من المواد (7، 25، 119) من نظام المجلس ( ) .
    وقـد أدخلت على هذا النظام منذ صدوره بعض التعديلات التي لم تغير من جـوهره شيئا، منها على سبيل المثال: المرسوم الملكي رقم3 / 6 / 3121 في 26 / 12 / 1378هـ بتـعـديل المادة (13) وبمقـتضى هذا التعديل، يجوز في الحالات الاستثنائية انعقاد المجلس انعقادا صحيحا بحضور نصف أعضائه بدلا من الثلثين، وكذلك المرسوم الملكي رقم 14 في 14 / 7 / 1387هـ، بتعديل المادتين (7)، (Cool، وبمقتضى هذا التعديل أصبح جلالة الملك هو رئيس مجلس الوزراء ( ) .
    د - التنظيمات الجديدة:
    استمر العمل بنظام مجلس الوزراء المشار إليه في الفقرة السابقة وتعديلاته نظاما أساسيا أو دستورا بالمعنى الخاص أو الفني للدستور إلى أن أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز الأنظمة الجديدة، وهي: النظام الأساسي للحكم، ونظام مجلس الشورى، ونظام المناطق، التي تعتبر إتماما لحلقة البناء الدستوري في المملكة العربية السعودية وخلاصة لتجربة إسلامية فذة عرفها التاريخ الحديث، وسنلقي الضوء في الفقرات التالية على هذه التنظيمات الجديدة.

    هـ - النظام الأساسي للحكم:
    صدر هذا النظام بموجب الأمر الملكي ذي الرقم أ /90 المؤرخ في 27 / 8 / 1412هـ ويقع هذا النظام في ثلاث وثمانين مادة ينظمها تسعة أبواب ( ) وجاء النظام بلغة دقيقة وعبارات منتقاة شاملة وهو يعكس اقتناع المجتمع السعودي بالإسلام عقيدة وشريعة، ويعتبر هذا النظام كما قال خادم المحرمين الشريفين في كلمته عند صدور التنظيمات الجديدة: " إن هذه الأنظمة الثلاثة إنما هي توثيق لشيء قائم وصياغة لأمر واقع معمول به ( ) "وعماد النظام الأساسي ومصدره هو الشريعة الإسلامية حيث اهتدى هذا النظام بشريعة الإسـلام في تحديد طبيعة الدولة ومقاصدها ومسؤولياتها وتحديد العلاقة بين الحاكم والمحكوم والتي تقوم على الأخوة والتناصح والموالاة والتعاون ( ) .
    إذن فمسألة صدور هذه الأنظمة في وثائق إنما هي من باب التنظيم وهي مسألة تقنينية بحتة تطلبتها ظروف العصر، وإلا فإن المملكة لم تعرف ما يسمى بالفراغ الدستوري كما مر معنا في الاستعراض السابق.
    ويعتبر النظام الأساسي للحكم في المملكة دستورا للملكة العربية السعودية بالمعنى الخاص للدستور؛ لتوافر المعايير القانونية الشكلية منها والموضوعية في هذا النظام وانطباقها عليه، إلا أنه على الرغم من ذلك فإنه لا يعتبر المرجع الأساسي الحاكم لغيره، بل هو نص محكوم بغيره، ويؤخذ هذا من نصوص مواد النظام، كما جاء في المواد الأولى، والسابعة، والثامنة والأربعين حيث ورد فيها: إن ( المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة، دينهما الإسلام، ودستورها كتاب الله وسنة رسوله  .... ).
    وهذا يرجع إلى خصوصية المملكة وتميزها في كل شؤونها حتى إن هذا التميز أصبح واضحا في لغتها ومصطلحاتها القانونية التي تميزها عن غيرها؛ نتيجة لارتباطها بالإسلام عقيدة وشريعة، فنظمها كلها وحتى النظام الأساسي هي أحكام اجتهادية محكومة بالشريعة الإسلامية مستظلة بهديها.
    وـ نظام مجلس الشورى الجديد:
    صـدر هذا النظام بموجب الأمـر الملكي ذي الرقم أ / 91 المؤرخ في 27 / 8 / 1412هـ وقد جاء هذا النظام ليـحل محل نظام مجلس الشورى الصادر عام 1347هـ وقـد صدر هذا النظام في ثلاثين مادة ( ) يهدف المجلس إلى إبداء الرأي في سياسات الدولة ومناقشة خططها ودراسة الأنظمـة والمعاهدات والاتفاقـات والامتيـازات، وترفـع قـرارات المجلس لرئيس مـجلس الوزراء الذي يحيلها إلى مـجلس الوزراء لدراستها فـإذا اتفقت وجهتا نظر المجلسين صدرت بعد موافقة الملك عليها، وإن تباينت وجهات النظر فللملك إقرار ما يراه.
    وارتباط نظام المجلس بالإسلام يبدو جليا فـالمادة الأولى صادرة عن الآيات الدالة على الشورى من القرآن الكريم والاقتداء برسول الله  كما نصت على أن يمارس المجلس مهامه وفقا لنظامه وللنظام الأساسي للحكم ملتزما بكتاب الله وسنة رسوله، محافظا على روابط الأخوة والتعاون على البر والتقوى، وصدور هذا النظام ما هو إلا تحديث وتطوير للوضع القائم؛ استجابة لمتطلبات المرحلة، وقد صدر الأمر الكريم ذو الرقم أ / 15 المؤرخ في 3 / 3 / 1414هـ بإصدار اللائحة الداخلية لمجلس الشورى، ولائحة حقوق أعضاء المجلس، وقواعد تنظيم الشؤون المالية والوظيفية للمجلس، وقواعد التحقيق والمحاكمة لأعضاء المجلس.
    ز - نظام المناطق:
    صـدر هذا النظام بموجب الأمـر الملكي ذي الرقم أ / 92 المؤرخ في27 / 8 / 1412هـ وجـاء في أربعين مادة ( ) ويهدف هذا النظام إلى دعم التنمية، والمحافظة على الأمن والنظام، وكفالة حقوق المواطنين وحرياتهم، في إطار الشريعة الإسلامية، كما ورد في المادة الأولى من النظام، وقد نشـأ بموجب هذا النظام مـجلس في كل منطقة يحـدد احتـيـاجـاتها ومشاريعها ويدرس مخططاتها التنظيمية ومتابعة وتنفيذ ما يخص المنطقة من خطة التنمية والموازنة والتنسيق في ذلك.
    كـمـا صـدر الأمـر الملكي ذو الرقم أ / 21 المؤرخ في 30 / 3 / 1414هـ بتعديل بعض مواد هذا النظام التي لم تغير من جوهره شيئا.
    ح - نظام مجلس الوزراء الجديد:
    ووفـقا لهذه التنظيمات الجـديدة كان لا بد من تعديل نظام مجلس الوزراء السابق ليتفق مع هذه التنظيمات فصدر الأمر الملكي ذو الرقم أ / 13 والمؤرخ في 3 / 3 / 1414هـ القـاضي بإصـدار نظام مـجلس الوزراء بصيغته الجديدة وذلك في اثنين وثلاثين مادة ( ) .
    كما صدر الأمر السامي ذو الرقم أ / 14 المؤرخ 3 / 3 / 1414هـ بتحديد مدة من يشغل مرتبة وزير والمرتبة الممتازة من موظفي الدولة، وبهذا يكتمل عقد منظومة الأحكام الدستورية في المملكة العربية السعودية في عصرها الحديث.
    من خـلال هذا الاستعراض التاريخي لأبرز المعالم الدستـورية في تاريخ المملكة الحـديث يتـضح ارتبـاط النظام الدسـتـوري في المملكة بالإسلام من خلال هيمنة الشريعة الإسلامية على كافـة الأحكام والنظم، بما فيها النظم الدستورية، وأن أيا من مجلس الشورى، ومجلس الوزراء لا يملك حق إصدار قرار أو حكم معين يخالف الشريعة الإسلامية، كما أن السلطة التنفيذية لا تستطيع الخـروج عن أحكام الشريعـة في تنفيذها للأنظمة؛ لالتزام الأنظمة أساسا بالشريعة الإسلامية، ولعدم شرعية أي نظام يخـالف حكما شرعيا، كما أن السلطة القضائية ملزمة بالحكم بالشريعة الإسلامية، ولا يجوز لها الحكم بأي حكم يخالف الشريعة مهما كان مصدره، وبهذا تضرب المملكة مثالا رائعا للتطبيق السليم للشريعة الإسلامية في نظامها الدستوري في العصر الحديث، بحيث لا يتعارض مع التقدم والتنمية الشاملة لكل مرافق الحياة، فـالنموذج الدستوري السعودي يعتبر النموذج الدستوري الإسلامي الوحيد الذي استطاع تحقيق النجاح والتقدم في هذا العصر، دون ميل إلى التشريعات الغربية أو التأثر بها، ودون التحجر العقيم الذي يرفضه الإسلام، ودون الفوضوية والارتجال في التطبيق.
    ط - عناصر النظام الدستوري السعودي:
    نستنتج من الفقرات السابقة أن النظام الدستوري السعودي يتكون من العناصر التالية:
    1 - نصوص عامة في الكتاب والسنة تؤصل للنظام الدستوري في الدولة المسلمة.
    2 - أعراف دستورية استقرت وهي مستمدة من تلك النصوص العامة ومستهدية بوقائع دستورية للدولة الإسلامية في عهودها السابقة.
    3 - وثائق دستورية دعت الحـاجـة إلى تدوينها إما على شكل نظم أو معاهدات أو التزامات أو قواعد نظامية معينة أو غير ذلك من أشكال تجمعها صفة الدستورية بالمعنى الفني أو الخاص للدستور.
    4 - مؤسسات دستورية تتفاعل مع الواقع والعصر وتستجيب لمتطلباتهما وفق الثوابت الإسلامية التي تنطلق وتلتزم بها هذه البلاد.
    ي - النظام الدستوري في المملكة وحقوق الأفراد:
    من المعروف أن حقوق الأفراد من الأركان الرئيسة للدستور، والمملكة العربية السعودية بهدي من الشريعة الإسلامية لم تغفل هذا الجانب، بل أولته جل عنايتها واهتمامها وضمنت للأفراد كل حقوقهم التي يجب أن يتمتعوا بها في ظل الشريعة الإسلامية، يتضح ذلك من التطبيق العملي الملموس في المملكة، وقد أوجزت المملكة ذلك في مذكرتها حول شريعة حقوق الإنسان في الإسلام وتطبيقها في المملكة، الموجهة للهيئات الدولية المختصة ( ) وقد أجملت تلك الحقوق بالنقاط التالية:
    أ - كرامة الإنسان.
    ب - عدم التمييز في الكرامة وفي الحقوق الأساسية بين إنسان وآخر.
    جـ - النداء بوحدة الأسرة الإنسانية.
    د - الدعوة إلى التعارف والتعاون على الخير، وتقديم جميع أنواع البر إلى جميع بني الإنسان.
    هـ - عدم إكراه الإنسان على تغيير عقيدته.
    و - حرمة العدوان على مال الإنسان ودمه.
    ز - حصانة البيت لحماية حرية الإنسان.
    ح - التكافل فيما بين أبناء المجتمع، وفي حق كل إنسان بالحياة الكريمة والتحرر من الحاجة، والفقر، بفرض حق معلوم في أموال القادرين، ليصرف لذوي الحاجة على اختلاف حاجاتهم.
    ط - إيجاب العلم على كل مسلم.
    ي - فرض العقوبة على الممتنعين عن التعلم أو التعليم مما لم تصل إليه بعد حقوق الإنسان في أية دولة.
    ك - فرض الحـجر الصحي في حـالات الأمراض المعدية، وقـد عرفـته الدولة الإسلامية منذ أربعة عشر قرنا، عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوا عليه، وإذا وقع وأنتم بأرض فلا تخرجوا منها فرارا منه} ( ) ( ) .
    ل - النصوص الأخـرى من القرآن والسنة بشأن الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية والثقافية ( ) .
    وغير ذلك مما لم تصل إليه بعد نصوص " الإعلان العالمي لحقوق الإنسـان "، ولا نصوص " الميثاق الدولي الخـاص بالحـقوق الاقـتصادية والاجتماعية والثقافية للإنسان"، بل ظلت هذه النصوص مجرد توصيات أدبية لا ضمان لها من الضمانات التشريعية لا على المستوى الدولي ولا الإقليمي، وهذه أولى تحفظات ( ) المملكة على الميثاقين، لذلك كله تحرص المملكة على ألا تهبط بهذه الحقوق إلى مستوى التوصيات التي لا ضامن لها، وأن يبقى العمل على أساس الشريعة الإسلامية لما اتخذته الشريعة من ضمانات وإجراءات قامت المملكة بتنفيذها على أوسع نطاق وبكل طاقة.
    وقد سأل فـريق من كبار رجال القانون والفكر في أوروبا في ندوة علميـة لهم مع فـريق من كـبار علمـاء المملكة العـربيـة السـعودية في اجتماعهم في الرياض سنة 1392هـ، سألوا عن عدم وضع المملكة دستورا لها في ذلك الوقت - يقصدون دستورا مدونا - فأجابهم الفريق السعودي: " بأن الغرض من وضع النظام الأساسي وإعلانه في العصور الحديثة إنما كان من أجل تحديد سلطه رئيس الدولة وتصرفـاته بحدود حقوق الإنسان الأساسية، وأحكام الحقوق المعلنة الوضعية؛ وذلك ليقضي على السلطة المطلقة التي كانت لرؤساء الدول على شعوبهم وليقضي على الزعم الذي يزعمه أولئك بأنهم خلفاء الله في أرضه، وأنهم إنما يستمدون سلطاتهم منه، ولكن رئيس الدولة في الدولة التي تطبق فيها شريعة الله الإسلامية مثل المملكة العربيـة السعـودية فإن سلطاته مـحـدودة بحـدود وأحكام الشريعة في أحكامها الأساسية، وفي أحكامها التفصيلية مثل أي رئيس دولة ذات دستور وقوانين، وأن ولايته إنما يستمدها من مبايعة الشعب له ولا يدعي أبدا أنه خليفة الله في الأرض، وإنما يستمد ولايته منه ولذلك لا ينبغي إساءة فهم تطبيق شريعة الله لديه، بما عرف في الغرب سابقا من الحكم (الثيوقراطي)، وأن الحاكم فيه هو خليفة الله في الأرض، وأنه لا شيء يحـد من سلطاته، فكل ذلك لا يتفق مع مفهوم الحكم في الدولة التي يقوم حكمهما على الشريعة الإسلامية، ولذلك لا مانع من إعلان نظام أساسي يستمد مبادئه مع شريعة القرآن) ( ) وهذا ما تم بالفعل من خلال المسيرة الدستورية للمملكة.
    ك - النظام الدستوري الإسلامي في المملكة وأثره في الأنظمة والمؤسسات:
    أدى التزام الملكة العربية السعودية بالنظام الدستوري الإسلامي، إلى أن تكون كـافـة النظم ملتزمة بالإسلام، كما أدى إلى أن تكون كافـة الاستراتيجيات، والسياسات، والأهداف، منبثقة من الإسلام، فإذا نظر الباحث إلى استراتيـجية التنمية في المملكة يجد أن أهم مبدأين تستند إليها هما:
    1 - المحافظة على القيم الدينية والأخلاقية للإسلام.
    2 - ضمان الدفاع عن الدين والوطن ( ) .
    ويقع على عاتق كل مصلحـة حكومية واجب إلزامي بمساندة هذه المبادئ ودعمها، كما أن البعض يتعين عليه القيام بدور محدد في هذا الصدد، فتعتبر وزارة الداخلية مسؤولة عن تطبيق الشريعة الإسلامية، كما أن الخدمات القضائية مسؤولة عن تنفيذ النظم وتوفير الخدمات القانونية في القضايا المدنية والمعاملات، وتعتبر وزارة الحج مسؤولة عن حماية مصالح الحـجاج، وتنظيم المرافق اللازمة لملايين الحـجـاج الذين يفدون إلى الأماكن المقدسة كل سنة، كما أن وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد مسؤولة عن بناء وصيانة المساجد واستثمار أموال الأوقاف لفائدة المجتمع، وهناك أيضا هيئات ومجـالس دينية متخصصة، تتلقى دعما تاما من الدولة وأموالا؛ لتقديم الإرشاد الديني إلى كل المواطنين ( ) وتقوم بدور فعال في الحياة العامة في المملكة، ومنها المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وهيئة كبار العلماء، ومجلس الدعوة والإرشاد، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، إضافة إلى الاضطلاع بمهمة الدعوة إلى الله في أنحاء العالم، وما يترتب على ذلك من إيفاد للدعاة إلى أصقاع الأرض، والدعم المادي والمعنوي لمؤسسات الدعوة في الداخل والخارج، كما يوجد في المملكة ثلاث جامعات متـخصصة في التعليم الإسلامي، من أهدافها إعداد الكوادر المتـخصصة في العلوم الشرعية، كالقضاء، والدعوة، والتعليم الإسلامي، بالإضافة إلى أقسام وكليات أخرى على المستوى الجامعي، وكذلك تشجيع البحوث والترجمة في المجالات الإسلامية وغرس الروح الإسلامية ورسالة الإسلام ( ) .
    ونعرض هنا لبعض الأنظمة والسياسات التي تنظم المجتمع وشؤون الدولة في المملكة العربية السعودية؛ لبيان مدى أثر الالتزام بالنظام الدستوري الإسلامي في هذه الأنظمة، ومنها على سبيل المثال:
    1 - النظام القضائي:
    يقوم النظام القضائي في المملكة العربية السعودية، على أصلين هما كتاب الله تعالى وسنة نبيـه  وما يتبعهما من أصول معتبرة، فيها يكون الفصل بين المنازعات، والرجوع عند التحاكم، وانبثق من ذلك تنظيم القضاء في المملكة، وفقا لما يلي:
    أ - طرق الإثبات الموضحة في الشريعة الإسلامية.
    ب - الاجتهاد القضائي في ظل ذلك.
    جـ - الاستدراك الضابط للاجتهاد القضائي، وتضطلع به جهتان:
    - هيئة التمييز.
    - مجلس القضاء الأعلى.
    وكان لتطبيق القضاء الإسلامي القائم على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية دعم للأمن الداخلي والاستقرار الاجتماعي بالمملكة ( ) .
    2 - سياسة التعليم:
    السياسة التعليمية للملكة هي الخطوط العامة التي تقوم عليها عملية التربية والتعليم، أداء للواجب في تعريف الفرد بربه ودينه وإقامة سلوكه على شرعه، والسياسة التعليمية في المملكة تنبثق من الإسلام الذي تدين به الأمـة، وهي جزء أساسي من السيـاسـة العامة للدولة، وتقوم هذه السياسة على أسس منها:
    أ - الإيمان بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد  نبيا ورسولا.
    ب - التصور الإسلامي الكامل للكون والإنسان والحياة، وأن الوجود كله خاضع لما سنه الله تعالى؛ ليقوم كل مخلوق بوظيفته دون خلل أو اضطراب.
    جـ - الحياة الدنيا مرحلة إنتاج وعمل، يستثمر فيها المسلم طاقاته عن إيمان بالحـيـاة الأبدية الخـالدة في الدار الآخـرة، فـاليـوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل.
    د - الرسالة المحمـدية هي المنهج الأقوم للحيـاة الفاضلة التي تحـقق السعادة لبني الإنسـان وتنقذ البشرية مما ترددت فيـه من فـسـاد وشقاء.
    هـ - طلب العلم فرض على كل فرد ومسلم، ونشره وتيسيره في مختلف المراحل واجب على الدولة بقدر وسعها وإمكاناتها.
    و - العلوم الدينية أساسية في جميع سنوات التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي بفروعه، والثقافة الإسلامية مادة أساسية في جميع سنوات التعليم العالي.
    ز - الثقة الكاملة بمقومات الأمة الإسلامية وأنها خير أمة أخـرجت للناس، والإيمان بوحـدتها على اختلاف أجناسها وألوانها، وتباين ديارها: { •  • •     } ( ).
    حـ - التضامن الإسلامي في سبيل جمع كلمة المسلمين وتعاونهم ودرء الأخطار عنهم.
    ط - شخصية المملكة العربية السعودية متميزة بما خصها الله به من حراسة مقدسات الإسلام، وحفاظها على مهبط الوحي، واتخاذها الإسلام عقيدة، وعبادة، وشريعة، ودستور حـياة واستشعار مسؤوليتها العظيمة في قيادة البشرية وهدايتها إلى الخير.
    ي - الدعوة إلى الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها بالحكمة والموعظة الحسنة، ومن واجبات الدولة والأفراد وذلك هداية للعالمين، وإخراجا لهم من الظلمات إلى النور، وارتفاعا بالبشر في مجال العقيدة إلى مستوى الفكر الإسلامي ( ) .
    3 - السياسة الإعلامية:
    جاء في التمهيد لهذه السياسة على أنها تنبثق من الإسلام الذي تدين به الأمة عقيدة وشريعة، وتهدف إلى ترسيخ الإيمان بالله  في النفوس، والنهوض بالمستوى الفكري والحضاري والوجداني للمواطنين، وإلى معالجة المشكلات الاجتماعية وغيرها، وإلى تعميق مفهوم الطاعة له ولرسوله ولأولي الأمر، والحض على احترام النظام وتنفيذه عن قناعة ( ).
    وجاء في المادة الأولى من هذه السياسة، النص على أن يلتزم الإعلام السعودي بالإسلام، وأن يحافظ على عقيدة السلف الصالح، وأن يستبعد من وسائله كل ما يناقض شرع الله ( ) .
    كما جاء في المادة الثانية والعشرون النص على أن الإعلام السعودي يؤكد أن الدعوة إلى الله بين المسلمين وغيرهم قائمة دائمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولذلك فهو يقوم بنصيبه في أداء هذا الواجب الجليل سالكا في دعوته إلى الله سبل الحكمة والموعظة الحسنة معتمدا على مخاطبة الفكر ومبتعدا عن كل ما من شأنه أن يثير حفائظ الآخرين.
    ومن هذه الأمثلة الثـلاثة يتضح الأثر الكبـير للنظام الدستوري الإسلامي الذي تنتهجـه المملكة العربيـة السـعودية، على نظمها، وسياساتها، ومؤسساتها وانطلاقها من الإسلام وارتباطها به؛ لكونه مصدرا وحيدا للتشريع في الدولة.
    * * *

    الخاتمة
    أهم موضوعات الكتاب والنتائج
    التي توصل إليها الباحث
    الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
    أما بعد:
    فقد تم في هذا الكتاب استعراض موضوع ( الإسلام والدستور ) من خلال رؤية إسلامية لهذا الموضوع، الذي يعتبر من المواضيع المهمة التي يجب أن تحظى بمزيد من العناية والبحث؛ لما يترتب عليه من نتائج خطيرة لها تأثير كبير في مسيرة الأمة، حيث يمكن القول بأن النظام الدستوري المطبق في مرحلة من مراحل التاريخ، أو في دولة من الدول، يترك آثاره وسماته على تلك المرحلة، أو في تلك الدولة، وتظهر سماته جلية في شتى مناحي الحياة سواء أكانت ثقافـية، أم اجـتماعية، أم اقتصادية، أم سياسية، أم غيرها.
    ونستعرض فيما يلي ما تمت دراسته في هذا الكتاب بشكل موجز، وما تم التوصل إليه من نتائج :
    1 - تعرض الباب الأول للمصطلحات الرئيسة لهذا البحث وهي: القانون، والدستور، والدولة، حيث تم تعريف القانون، وتبيين ضرورة وجوده، وذكر تقسيماته وفروعه بشكل موجز، ومنها الدستور، الذي نوقش في فصل مستقل وبشكل أكثر تفصيلا؛ لأنه محـور هذه الدراسة، حيث تم تعريفه، وتحديد أنواعه، وأساليب نشأته ونهايته، ومصادره ومقوماته الأساسية.
    وفي فصل مستقل من الباب الأول، ثم تعريف الدولة، وذكر أركانها، ومقومات الدولة القانونية، وضمانات تحقيق هذه المقومات، وأنواع الدول، وذلك وفقا لما استقر عليه الفقه القانوني المعاصر.
    2 - وفي البـاب الثـاني تم بحث الدستـور في الإسـلام، حـيث عرفـنا الدستور في النظام الإسلامي، وحقيقته، وتقسيم القواعد الدستورية في النظام الإسلامي إلى قسمين: ثابتة، ومتغيرة، فـالثابتة ما وردت بنص ثابت من الكتاب، أو السنة، أو الإجماع، والمتغيرة هي تلك التي تختص بمرحلة زمنيـة معينة، وهي في الغـالب تكون من الوسائل، كتحديد كيفية الشورى مثلا.
    3 - وبالنسبة لتدوين الدستور في النظام الإسلامي اتضح أن المهم في النظام الإسلامي المضمون قـبل الشكل، وتدوين الدستور في وثيقة واحدة أمر شكلي، فليس هناك ما يمنع من تدوينه، وكذلك ليس هناك ما يلزم تدوينه في وثيقة واحدة.
    4 - وأرى أنه من المستحسن عدم تدوين الأحكام الدستورية الثابتة في دستور أي دولة إسلامية؛ لأن الدولة الإسلامية ملزمة أصلا باتباعها، ويكتفي بالنص على أن الإسلام دين الدولة، وأن الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للتشريع، ويكون التدوين للأحكام المتغيرة، وفـقا لظروف وضع الدستور المكانية والزمانية، التي يمكن تعديلها تبعا لتغير الظروف، وهذا لا يكون ممكنا بالنسبة للأحكام الثابتة.
    5 - وفي أساليب نشأة الدساتير في النظام الإسلامي اتضح أن تحـديد أساليب نشأة الدستور عموما بأساليب معينة أمر غير سليم؛ لأن ذلك يتحدد وفقا لظروف تساعد على هذه النشأة، وبالنسبة للدستور في ظل النظام الإسلامي فـإن الأمر يختلف عنه في النظم الغربية، والأساليب المتبعة في النظام الإسلامي تختلف عنها في تلك النظم: نتيـجـة لاخـتلاف الظروف المحيطة، وقـد ينشـأ الدستور في دولة إسلامية معينة بأسلوب متشابه شكلا لأحد الأساليب المتبعة في النظم الغربية، ولكنه يختلف عنه مضمونا لتباين النظامين، فـحصر أساليب النشأة للدساتير بما عليه الحـال في النظم الغربية، والقول بأن الدستور في ظل النظام الإسلامي لا بد أن ينشأ وفقها قول غير صحـيح، وكذلك تحـديد أحد هذه الأساليب دون غيره والقول بأنه وحـده هو الذي يناسب النظم الإسلامية قول غير صحيح كذلك، بل ذلك متروك لظروف كل دولة إسلامية على حدة ومتطلبات عصرها.
    6 - وفي أساليب نهاية الدساتير في ظل النظام الإسلامي، اتضح أن هذه الأساليب ليس ضروريا أن تتفق مع أساليب نهاية الدساتير في النظم الغـربيـة؛ لاخـتـلاف النظام الإسـلامي عن تلك النظم، فـقد تنهى بأسلوب نشـأتها نفسه، أو أي أسلوب يضمن عدم انتهاك حـقوق الأفراد، هذا بالنسبة للأساليب العادية، أما الأسلوب الثوري فـهذا لا يوجد نظيره في الإسلام؛ لأن المسلمين ملتزمون بدستورهم بحكم إيمانهم وعقيدتهم، وتطبيق الدستور - في أي حال - دين ملتزمون به.
    7 - وعند البحث في مصادر الدستور في الإسلام اتضح اختلاف فقهاء الدستور المسلمين في ذلك على آراء ثلاثة، هي:
    أ - القرآن ثم السنة - وفـق شروط معينة - ثم التشـريع الصادر من أولي الأمر دون غيرها من المصادر.
    ب - مصادر الأحكام في الشريعة الإسلامية.
    جـ - مصادر الأحكام في الشريعة الإسلامية، مضافا إليها المصادر المأخوذ بها في القانون الوضعي وفق الشريعة الإسلامية.
    وقد تبين لي أن مصادر الدستور الإسلامي هي القرآن الكريم والسنة النبـوية الصـحـيـحـة (بدون شرط)، والإجمـاع في حـالة توافـر أركـانه، والاجتهاد.
    8 - في خصائص الدستور الإسلامي تبين أن أهمها:
    أ - تميز أسلوب النشأة.
    ب - اختلاف درجة السمو للدستور الإسلامي عن غيره من الدساتير.
    جـ - تميزه بالثبات والمرونة معا.
    د - الشرعية مقابل الدستورية في النظم الأخرى.
    هـ - تميز المصدر.
    و - حرية التدوين، فليس هناك إلزام بالتدوين أو عدمه، ومرد ذلك للظروف والمصلحة.
    9 - عند البحث في التطبيقات الدستورية في التاريخ الإسلامي تبين:
    أ - اكتمال أركان الدولة الإسلامية في عهد الرسول  .
    ب - اكتمال مقومات الدولة القانونية كذلك في العهد النبوي، مع وجود الضمانات الكافية لتحقيق هذه المقومات.
    جـ - تم عرض بعض التطبيقات الد

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 9:08 pm